مهاجرة الهجرتين ومصليه القبلتين

المنسي

الاعضاء
مهاجرة الهجرتين ومصليه القبلتين



مهاجرة الهجرتين ومصليه القبلتين

ما أكثر الكتب والأبحاث التي تتحدث عن النساء في الإسلام، اللواتي وقفن خلف رسول الهداية محمد عليه الصلاة والسلام وإلى جانبه في أيام المحن والشدائد
ومن هؤلاء.. أسماء بنت عميس رضي الله عنها إحدى الصحابيات اللاتي رفعن بحق لواء الإسلام ونذرت نفسها في سبيل الله والحاصلة على وسام الإيمان من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي العالمة العاقلة الصابرة المتعبدة، صاحبة البصيرة في تأويل الرؤيا.
1 نسبتها:
هي أسماء بنت عميس بن معد (وقيل) معبد بن متيم بن الحارث الحثمي وأمها خولة (وقيل هند) بنت عون بن زهير الحارث الكناني أسلمت في بداية دين الحق والإيمان وقبل أن يدخل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بمكة.
هاجرت إلى أرض الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه .. فأقامت معه في منزل متواضع تتحمل مرارة الغربة القاسية ولوعتها،
وقد كانت الصحابية الجليلة أسماء ومن معها من المهاجرات.. داعيات إلى الله تعالى، قولاً وعملاً وسلوكاً، وتلك هي نتائج هجرة الحبشة وآثارها ومعطياتها وبركاتها.
وتعود أسماء بصحبة زوجها وأبنائها وقد زادتها هجرتها إلى أرض الحبشة إيماناً فوق إيمانها وطاعة لرب العباد عز وجل وتكون بشرى من رسول الله عليه الصلاة والسلام أن أسماها (هجرة بعد هجرة)
وذلك عندما ذهبت أسماء إلى رسول الله صلوات الله عليه وسلم تشكو إليه مقالة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لها، عندما قال: يا حبشية .. سبقناكم بالهجرة.
فقالت له أسماء بنت عميس أي لعمري لقد صدقت، كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يطعم جائعكم ويعلم جاهلكم، وكنا البعداء الطرداء.
عندها قال رسول الهدى عليه السلام: للناس هجرة واحدة، ولكم هجرتان.. هاجرتم إلى النجاشي وهاجرتم إليّ.
فقد صادف عودتها مع زوجها إلى الحجاز نفس اليوم الذي بُلغ الرسول عليه الصلاة والسلام انتصار المسلمين في وقعة (خيبر) فقال
: ما أدري بأيهما أسر أكثر (بفتح خيبر أم بقدوم جعفر).
وكانت أسماء تحب الرسول عليه الصلاة والسلام ومعلقة به وبآل البيت جميعاً والدليل أنها سمت ثلاثة من أبناءها باسم الرسول محمد صلوات الله عليه (محمد الكبير ابن جعفر بن أبي طالب، ومحمد بن أبي بكر، ومحمد الصغير ابن علي بن أبي طالب).
ويظهر حبها للرسول الكريم في إخلاصها لابنته فاطمة الزهراء رضوان الله عليها، حيث يقال إنها موجودة إلى جانب فاطمة يوم زفافها بناء على وصية مسبقة كانت قد تلقتها من أمها خديجة بنت خويلد رضي الله عنها عندما أدركتها الوفاة،
كما كانت موجودة عند احتضار فاطمة الزهراء، وهي التي غسلتها بيديها بعد موتها بناء على وصيتها، ويقال أن أسماء منعت عائشة أم المؤمنين زوجة رسول الله من الدخول على الزهراء في مرضها الأخير وعند موتها لأن الزهراء كانت قد أوصتها بذلك.

2 أزواجها:


تزوجت ثلاثة رجال، إثنان منهم من الخلفاء الراشدين والثالث ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الزوج الأول: جعفر بن أبي طالب رضوان الله عليه ولدت له عبدالله، ومحمد وعون استشهد في وقعة مؤتة (السنة الثامنة للهجرة)، دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمل لها نبأ استشاده فقال لها:
(يا أسماء!!.. أين بنو جعفر؟).
وجاءت بهم إليه، فضمهم وشمهم؟ ثم ذرفت عيناه بالدموع وهو يبكي بكاء شديداً.. فقد قتل جعفر ذو الجناحين.. وقال: (ألا على مثل جعفر فلتبك الباكية) ثم قال لأهله (أصنعوا لآل جعفر طعاماً) فسن بذلك سنة جديدة لا تزال متبعة في أوساط المسلمين إلى يومنا هذا.
وأتى الرسول في منامه جعفراً يطير بجناحين فقال: رأيت جعفراً يطير إلى الجنة مع الملائكة، ولذلك أصبح يقال عنه جعفر الطيار.
الزوج الثاني: الخليفة الأول أبو بكر الصديق رضي الله عنه بعد وفاة زوجته أم رومان رضي الله عنها ولدت له محمد بن أبي أبكر، وقد أحبها الصديق إلى حد جعله يوصي بأن تتولى هي غسله عند مماته.
الزوج الثالث: الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجه بعد وفاة زوجته فاطمة الزهراء رضي الله عنها ولدت له محمد الصغير ويحيى.
وقد قالت عن زواجها من الإمام علي كرم الله وجهه أنه أحق بها من غيرها ليساعدها في تربية أبنائها الثلاثة من أخيه جعفر الطيار وابن الخليفة الأول أبو بكر الصديق (محمداً) الذي أصبح ربيباً لعلي كرم الله وجهه.
فهي أكرم الناس أصهاراً فمن أصهارها، النبي عليه الصلاة والسلام تزوج شقيقتها لأمها (ميمونة بنت الحارث).
وتزوج حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه (سلمى) أختها من أبيها.
وتزوج العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه (لبابة) أختها من أمها وأبيها.
ومن شقيقاتها، العصماء أم خالد بن الوليد رضي الله عنه.
فقد كانت (أسماء) راوية للحديث وروت عن النبي صلوات الله عليه حوالي ستين حديثاً، أغلبها مسنداً إسناداً صحيحاً.
ومن الأحاديث التي روتها وسببت خلافاً شديداً بين الرواة الآخرين الحديث القائل بأن الله سبحانه وتعالى قد حبس الشمس عن المغيب لئلا تفوت صلاة العصر على النبي وابن عمه علي اللذين كانا يغطان في قيلولة،
وهي أول الصحابيات التي علمت أن الرسول صلى الله عليه وسلم استجاب له رب السموات والأرض بالتوجه في صلاته شطر المسجد الحرام بعد أن كانت قبلة المسلمين شطر المسجد الأقصى في الخامس عشر من شعبان السنة الثانية للهجرة.
ويروى ابن سعد في طبقاته: أن عليا كرم الله وجه شاهد موقفاً غريباً.. إذ أن ولداً لأخيه جعفر يتشاجر مع محمد بن أبي بكر، وكل منهما يتفاخر على الآخر ويقول:
أنا أكرم منك، وأبي خير من أبيك.
فلم يدر ماذا يقول لهما.. وكيف يصلح بينهما بحيث يرضي عواطفهما معاً.. فما كان منه إلا استدعى أمهما أسماء رضي الله عنها وقال لها:
اقض بينهما .. وبفكر حاضر وحكمة بالغة من الأم الحنون قالت:
ما رأيت شاباً من العرب خيراً من جعفر، ولا رأيت كهلاً خيراً من أبي بكر.
فقال الإمام علي كرم الله وجهه.. ما تركت لنا شيئاً يا أسماء!!
وبذكاء حاد وشجاعة نادرة وأدب جم، قالت:
إن ثلاثة إن أخسهم لخيار.. ومعني هذا أن أزواجها الثلاثة كانوا من خير الأخيار.
وكانت الفاجعة الكبيرة في حياتها مقتل زوجها الخليفة على كرم الله وجهه غدراً فلم يعد لديها الصبر في احتمال المصائب والفواجع فآثرت على نفسها وكتمت أحزانها.. وطوت آلامها.. إلى أن أسلمت روحها الطاهرة لبارئها عز وجل، راضية بما أتاها الله من آلام وامتحان،
فرضي الله تعالى عن الطاهرة المؤمنة المتعبدة، الأم الرؤوم الحنون،
ولا نغالي ولا نعدو الحقيقة إذا قلنا: أنه لا يوجد في حياة الإنسان ما هو أهم وأعظم في المنظور الإسلامي في بناء يشيده الإنسان في حياته،
ألا وهو الأسرة المؤمنة بالله ورسوله والمؤمنين
وهذا ما كان للصحابية الجليلة أسماء بنت عُميس
صاحبة الهجرتين.. ومصلية القبلتين.


 
مهاجرة الهجرتين ومصليه القبلتين
 
الوسوم
القبلتين الهجرتين مهاجرة ومصليه
عودة
أعلى