ويسألونك عن الروح.........

المنسي

الاعضاء


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



ويسألونك عن الروح.........





الروح

تعريف الروح :


قال الله تعالى في سورة الإسراء 85 { ويسألونك عن الروح قل الروح من أمرِ ربي وما أوتيتم من العلم إلاّ قليلاً }



وأما معرفة كنه الروح : فقد خاض قديماً كثير من علماء الإسلام والفلاسفة في محاولة معرفة كنه الروح , فلم يجدوا لها لوناً ولا رائحة ولا شكلاً , ووقفوا حائرين عاجزين عن إدراكه ، واعتبروها قوة خارقة يصبح الجماد بها حياً يحسُ ويشعرُ . وقال الإمام حامد الغزالي رحمه الله في كتابه الإحياء الروح هي " جسم لطيف منبعه تجويف القلب الجسماني ، فينشر بواسطة العروق الضوارب إلى سائر أجزاء البدن ، وجريانه في البدن ، وفيضان أنوار الحياة والحس والبصر والسمع والشم منها على أعضائها ، يضاهي فيضان النور من السراج الذي يدار في زوايا البيت ، فإنه لا ينتهي إلى جزء من البيت إلاَّ ويستنير به ، والحياة مثالها النور الحاصل في الحيطان ، والروح مثالها السراج ، وسريان الروح وحركته في الباطن ، مثال حركة السراج في جوانب البيت بتحريك محركه ، والأطباء إذا أطلقوا لفظ الروح أرادوا به هذا المعنى . ثم قال أيضا : هو اللطيفة العالمة المدركة من الإنسان .[1]


قال الإمام فخر الدين الرازي رحمـه الله : إذا دخلت الروح الجسد سمي نفساً , وبها تحسُ النفسُ وتشعرُ وتبصرُ وتسمعُ وتشمُ وتذوقُ . وقال ابن سينا : إن الروح تمنح الجسد المادي ، بواسطة النفس كل ما يتخيل ويفكر ويذكر .

نجد وفاقاً بين الإمام الغزالي و الرازي وابن سينا في تعريف الروح .



وقال الإمام القرافي في كتابه الأجوبة الفاخرة : إن الروح اسم الريح التي بين الخافقين ، يقال لها :

1 - ريح وروح لغتان . وكذلك في الجمع : رياح وأرواح .


2- واسم لجبريل عليــه السلام ، وهو المسمى بروح القدس.



3 - والروح الذي بمعنى النفس المقومة للجسم الحيواني .



والحقيقة نحن مادة لا ندرك الاَّ المادة الملموسة , وكل ما لا سبيل لرؤيته وإدراكه و نحس به ونؤمن بوجوده , نقول عنه شيء مثالي أو حِسِّي أو شعوري , والحس والشعور لا يدركان في الأبصـار لكونهما من عالم المثال والمعاني .. ليس للروح كيفية خاصة تتصف بها , بل هي من المحسوسات وليست من الملموسات ، وما نراه من أرواحٍ في منامنا ، كأرواحِ الآباء فإننا نتخيلُها حسب تصورنا المادي الملموس .

وهي أمر الله يحول كل شيء جامد إلى حي فيه الحس والشعور والحركة ، وقد سأل اليهود محمداً رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن الروح ، ولم يجبهم من عند نفسه ، فنزل عليه وحي الله بقوله في سورة الإسراء 85 ( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمرِ ربي وما أوتيتم مـن العلم الاّ قليلا ) كان السؤال عن ماهية الروح ، فأجاب الله أن علمها عنده ، ولا أحد يعلمها غيره , وقد علمنا ما نحتاج إليه من علم الروح، وهو الأمر بالخلق ، والإعجاز ، وقوله تعالى :{ وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً }.


يدل هذا أن علم الإنسان قاصر عن إدراك المعنى الحقيقي للروح ، ولا يمنع أنْ يَعْلَمَهُ الإنسانُ إذا شاء الله له ذلك ، وبقيت الروحُ سرَّ الله ، عجز الإنسان عن إدراكه إلى يومنا هذا ، وهي معجزة الله سبحانه الدالة على قدرته وعظمته ، بقوله تعالى في سورة يس 82 : ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كـن فيكون )


النفس الإنسانية

قال تعالى ( ونفس وما سواها ) فالنفس في الإنسان هي صورته وهواه ورغباته وشهوته ، وهي التركيبات وسائر الصفات الإدراكية , تتحد النفس مع الجسد المادي وترتبط به ، وبها يتلذذ البدن المادي و يحس ويشعر , وهي غير الجسد المادي ، وهـي أثر من آثار الروح ، والروح هي التي تمنح النفس القوة لأداء خواصها , بأمر الله تعالى ،كما عرفها الإمام فخر الدين الرازي رحمه الله : إذا دخلت الروح الجسد سمي نفساً , وبها تحس النفس وتشعر وتبصر وتسمع وتشم وتذوق , ولا يختلف هذا التعريف عن تعريف الإمام ابن سينا رحمه الله . فإنها لا تنفصل عن الروح , ولكنها تتحد بها ، وتصبح مع الروح شيئاً واحداً , وفي الأصل هي غير الروح ,قال الله تعالى في سورة الزمر 42 ( الله يتوفى الأنفس حين موتها , والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى ) والتوفي هنا الأخذ والإمساك , والإرسال هو الإطلاق , وفي ذلك بيان في المغايرة بين النفس والبدن , والمغايرة بين الروح والنفس يقول أبو علي مسكويه ( المتوفي 421 هـ) النفس هي : ( قوة إلهية غير جسمانية ) .

وقال الإمام حامد الغزالي رحمه الله: النفس لطيفة ربانية ) والمراد من القوة الإلهية أنها تستمد قوتها من الله , وبإرادته سبحانه تؤدي وظيفتها عن طريق الروح , وهي مرتبطة بالبدن لا تفارقه إلا بمشيئة الله , وهذا الربط بين النفس والبـدن لا يمكن التحكم فيـه , فالنفس متعلقة بالبدن وتتغيير بتغيره , من حيث الصحة والمرض .

وعبر الفلاسفة عن النفس بما يلي : فقالوا : ربما وجد أن الفارق ، بين الحي والميت ، بحسب ظاهر الحس ، هو النَّفَسُ الذي يتنفسُ به الإنسانُ ما دام حياً ,فإذا فقده الحي مات وفقد حياته ..

أو أن النفسَ هي ما يحتبسُ البدن من الدم الساري في أعضائه وتحت الجلد ..

أو أن النفس الإنسانية هي الأجزاء الأصلية ، المجتمعة في النطفة ، التي يطرق عليها التطور ، من طور لآخر ، حتى يصير إنساناً , وتلك الأجزاء باقـية في البنية البدنية مدى الحياة , وربما ظن أن النفس لا يعتريها التغيير والبطلان وأن الإنسانية باقية ببقائها , لا تنالها الحدثان و الإنعدام ..

أنكر الماديون والمؤمنون بالله من الفلاسفة : تجرد النفس من المادة , واستدلوا عليها بالأبحاث العلمية ، بقولهم : إن سلسلة الأعصاب تؤدى الإدراكات إلى العضو المركزي ، وهو الجزء الدماغي ، على التوالي وبنهاية السرعة , ففي ذلك مجموعة متحدة ، ذات وضع واحد لا يتمَّيز أجزاؤها , ولا يدرك بطلان بعضها , وهذا الواحد المتحصل ، هو نفسنا التي نشاهدها ونعبر عنها بلفظ أنا .

ثم قالوا : النفس التي يقام الدليل على تجردها من طريق المشاهدة الباطنية هي في الحقيقة : مجموعة من خواص طبيعية (فطرية ) وهي الإدراكات العصبية التي هي نتائج حاصلة من التأثير والتأثـر المتقابلين بين جزء المادة الخارجية وجـزء المركب العصـبي ، ووحدتها وحـدة اجتماعية لاوحدة واقعية حقيقية …

وقد بينا أنها من عالم المعاني , وإذا قال : أنا أو نفسي ، فإنه قال الصواب ، وغير مخطىء البتـة , وهي حقيقة لاشك بوجودها , لكونه عنى ذلك الجسد المادي الحي ، بما فيه من حواس وإدراكات , وقد قال الله تعالى : ( ونفس وما سواها ) فإنه تعالى عنى بقوله الكائن الحي مجموعه النفس والبدن ، وبقوله أيضا ( كل نفس ذائقة الموت ) وذا يدل على أن من قال نفسي ، وأراد حقيقته هو , فهو على صواب ..

وكل ماورد آنفاً من تفسيرات للنفس ، إنما هي تفسير تنسجم مع تفكير الإنسان المادي المحض ، وقد أوردت الآراء بياناً لها لا تحقيقاً لماهيتها .

وأما حقيقتها من حيث الماهية ، فقد تاه العلماء قديماً وحديثًا دون الوصول إلى ماهيتها , فقد قال الإمام الغزالي رحمه ( هي لطيفة ربانية ) مما يؤيد أن النفس من عالم المحسوسات ، فإنك تنسب الأمور المعنوية إلى نفسك ..

والأمور النفسية : هي الشعور , والغفلة والنسيان والذاكرة , والذهول والصحوة , هذه كلها صفات نفسية غير ملموسـة ولا مادية ولا ترى بالعين . ونرى أنفسنا أحيانا ننسب النسيان إلى النفس فنقول نسيت نفسي , وشعرت بنفسي , وغفلت عن نفسي وذهـلت عنها , هذه مجازات عن الحالات النفسية مختلفة , والإرتياب والخوف والقلق , والسرور والسعادة من حالات النفس , فالنفس إحساس وشعور ، يشعر ويحس الإنسان به ، ويعبر عنها بأنا , ومن ذلك قال الله تعالى في سورة يسن :{ كل نفس ذائقة الموت } .

نفهم من هذه الآية الكريمة ، أن النفس التي تموت ، هي التي يفقد الجسد المادي حركته وحسه وشعوره ، كما مرَّ معنا ، أن الإنسان مركب من ثلاثة عناصر رئيسية ، وهي الـروح ، والنفس ، والمادة , كلها مرتبطة ببعضها ارتباطاً وثيقًا ، لا يستغني إحداها عن الآخر في هذه الحياة , فالنفس تستمد قوتها من الروح ، والجسد يتمتع بحياته بالنفس ، فإذا انسلخت الروح عن الجسد ، توقفت النفس ، وفقد الجسد حياته قال سبحانه ( ونفسٍ وما سَوَّاها فَألهَمَها فُجُورَها وتقواها ) نفهم مما ذكرناه آنفاً ، أن الروح هي القوة الواهبة للجسد سر الحياة ..


وأذكر على ذلك مثلاً مادياً ، لعله يقرب إلى أذهاننا فهم صفة النفس : القوة الكهربائية كامنة في جهاز المولد لها ، وتنتقل تلك القوة إلى ما يحتاجه الإنسان في حياته ، بواسطة أسلاك متصلة بأجهزة خاصة ، لتحويل تلك القوة حسب الحاجة المطلوبـة ، فمثلاً جهاز التبريد ، يقوم في دوره بتحويل تلك الطاقة إلى برودة ، ثم تصل نفس الطاقة إلى جهاز الحرارة فيعطي ناراً وحرارة ، وإلى جهاز اللآلات المروحية يحول الطاقة إلى دوران الآلات ، وكذا مصابيح الإضاءة ، فإذا توقف المولد للطاقة توقفت جميع الأجهزة الأخرى ، وأصبحت عديمة النفع والفائدة .

والروح هي السر الإلهي الذي يمنح عن طريق الأعصاب القوة ، إلى كل من الإدراكات العقلية ، فيفكر الإنسان ، ويتذكر ، وينسى، ويحب ، ويشتهي ، ويكره ، وإلى جهاز البصر فترى العين ، ومسام الحواس ، فيحس الجلد ويشعر ، وغير ذلك مما يحتاجه الجسد المادي لاستكمال الحياة ، ونستطيع أن نعبر عن هذه الأفعال كلهاوالصفات بالنفس ، فالنفس ترى بالعين ، وتسمع بالأذن ، وتحس بواسطة مسام الجلـد ، تتذوق بواسطة الخلايا الموجودة في اللسان ، تلك الأحاسيس والشعور والإدراكات العقلية ، بمجموعها غير ماديـة ، و تسمى بالنفس الإنسانية ، فإذا أخذ الله الروح وخلي الجسد منها ، انقطعت تلك الطاقة عن الأسلاك العصبية ، وفقدت تلك الحواس ، فماتت النفس ، التي عبر الله عنها بقوله في سورة آل عمران 185{ كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيمة }

وقال أيضاً في سورة ق 21 { وجاءت كل نفسٍ معها سائق وشهيد } وفي سورة المدثر 38 { كل نفس بما كسبت رهينة } وفي سورة القيامة 2 {ولا أقسم بالنفس اللوامة } وفي سورة الفجر 27 { يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية } وفي سورة آل عمران 145{ وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلاً } وكذا آية 161{ ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لايظلمون } وفي سورة المائدة 32 { أنه من قتل نفسا بغير نفس أوفساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً } فعن طريق النفس ينصرف الإنسان إلى مشاغله البدنية وأمانيه المادية , وقد قضىبما تقدم أن النفس أمر مغاير لصورة ( ماهية ) الماديات لما يشاهد من مغايرةِ خواص نفسه وآثارها ,لخواص الأمور المادية وآثارها, ونرى اللذائذ المادية الجسدية , لها تأثيرها في النفس , ولا ينكر أحد أن العوامل المادية الداعية إلى تحريك النفس للميل إلى تلبية حاجة الجسد المادي لها تأثير كبير عليها , فترتقي وتنحط بقدر انشغالها في تلبية متطلبات الجسم المادي , أو انصرافها إلى الإنشغال في سلوك ومنهج الروح بالطاعة والعبادة لله , وبسمو الفضيلة والأخلاقيات السامية ,,

مراتب النفس :

إن النفس تنخفض إنحطاطاً بالمعصية والإصرار على الخطيئة ، وترتقي بالطاعة والعبادة لله علوا وسمواً في مراتبها في هذه الحياة ، عند ربها سبحانه ، وبلا شك إن النفس واحدة ، لا تتعدد ولا تتنوع ، ولها مراتب تنتقل فيها من انحطاط ودنو إلى علو وسمو ، وبالعكس .

وبناء على ذلك اعتبر الإسلام للنفس ثلاث حالات وهي : النفس الأمارة ، والنفس اللوامة ، والنفس المطمئنة ، سوف نذكرها بنوع من التفصيل بإذن الله .

واعتبرهـا الفيلسوف اليوناني أفلاطون ( Plato ) ثلاثة أنفس 1) وهي :

1 - النفس العاقلة , ومكانها الرأس , وفضيلتها الحكمة

2 - النفس الغضبية , ومكانها الصدر وفضيلتها الشجاعة

3 -النفس الشهوانية , ومكانها البطن , وفضيلتها العفة .



البحث طويل جدا
نقلت لكم بعض ما جاء فيه

 
ويسألونك عن الروح.........
 
الوسوم
الروح عن ويسألونك
عودة
أعلى