الموهوبون والمتميزون

املي بالله

نائبة المدير العام
مقدمـــــة ..

إن الثروة البشريــة هي الثروة الحقيقية لأي مجتمع من المجتمعات و يعتبر المتفوقون على رأس تلك الثروة نظرا لأهميتهم في مواجهة تحديات العصر الحديث مما دفع بالمهتمين بشؤون علم النفس و التربية بالكشف عن المتفوقين و من لديهم تفكير ابتكاري و ذلك بهدف رعايتهم و العناية بهم و تحقيق أفضل الوسائل البيئية الممكنة لاستثمار تفوقهم و ، فهم كوادر المستقبل لقيادة بلادهم في جميع المجالات العلمية و التقنية و الإنتاجية و الخدمية ، و عليهم ترهن الدول في سباقها للحاق بركب التطور ، في عصر أصبح يمثل امتلاك التقائه فيه جوهر الصراع و المنافسة بين أقطابه القوية ، و تلك التي تسعى لتجد لنفسها مكاناً تحت الشمس .

وبهذا الصدد تعددت توجهات صاحب السمو الشيخ
زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة نحو الاهتم بالشباب باعتبارهم أغلى ثروة تمتلكهاإلى ضرورة العمل على توفير فرص التعلم و التدريب
و المنافسة لهم و رعاية المتفوقين منهم .

و من هنا تقع على النظام التعليمي مسؤولية اكتشاف هذه البراعم المتميزة و رعايتها ، لإعداد كوادر مبدعين و المبتكرين القادرين على قيادة مشاريع البناء و الإصلاح و التطور .

* تعريف التفوق ..

ظهرت عدة تعريفات لتوضيح مفهوم التفوق نظرا لأن مفهوم التفوق مفهوم نسبي يختلف باختلاف المكان و الزمان و أيضا تختلف المنبئات أو المؤشرات التي يعتمد عليها و نسرد هنا تعرفين للتفوق أحدهما غربي و الآخر عربي .

أولا : تعريف الجمعية الوطنية للدراسات التربوية بأمريكا و الذي عرف التفوق بأنه :-

هو الذي يظهر أداء مرموقا بصفة مستمرة في أي مجال من المجالات ذات الأهمية .

ثانياً : تعريف الدكتور عبد السلام عبد الغفار الذي عرف التفوق بأنه :-

هو من وصل أداؤه إلى مستوى أعلى من مستوى العاديين في المجالات التي تعتبر عن المستوى العقلي و الوظيفي للفرد بشرط أن يكون المجال موضع تقدير الجماعة .

a و هذا التعريف له ثلاث جوانب :

1. يرى أن التفوق هو من وصل فعلا إلى مستوى معين في أدائه بمعنى أن مؤشر التفوق هو المنجزات الفعلية .

2. أن يكون هذا المستوى أعلى من مستوى العاديين .

3. أن يكون هذا الأداء في مجال عقلي تقدره الجماعة التي يعيش فيها الفرد و يكون التحصيل الدراسي هنا هو المؤشر الرئيسي لتحديد المتفوقين .

و هذا التعريف لا يصلح لا على الناضجين فقط أما المتفوق بالنسبة للطفل فهو من لديه الاستعداد العقلي ما قد يمكنه في مستقبل حياته من الوصول إلى مستويات أداء مرتفعة في مجال معين من المجالات التي تقدرها الجماعة إن توفرت له الظروف المناسبة .

و من وجهة النظر العامة يكون التعريف الإجرائي المقترح للطالب المتفوق بأنه :-

" هو الطالب الذي لديه من الاستعدادات العقلية ما قد تمكنه من الوصول إلى مستوى أداء ذهني أو عملي أعلى من مستوى العاديين و بصفة مستمرة "

* صفات و خصائص المتفوقين .

تعد المعرفة الجيدة بالخصائص العامة للمتفوقين على درجة كبيرة من الأهمية لكافة العاملين بالحقل التربوي ، فهي تسهل عملية اكتشافهم ، و تحديد جوانب التميز لديهم و من أهم هذه السمات :

1. أن المتفوقين يتميزون بتكوين جسمي و حالة صحية عامة و معدل نمو أفضل من الأطفال العاديين .

2. لديهم قوة ملاحظة واعية و تركيز انتباه لفترة أطول من غيرهم .

3. لديهم ثقة واعتماد على النفس و مثابرة و إصرار و تحمل المسؤولية و قوة إدارة و عزيمة .

4. أكثر ثباتاً انفعالياً من العاديين .

5. لديهم سعة فهم و تقيم للمعلومات و الحقائق تقيما ثقافيا .

6. لديهم القدرة على القيادة و المبادرة في أوجه النشاط الاجتماعي .

7. أكثر قدرة على التركيز و الاسترجاع أكثر من غيرهم .

8. أكثر تعددا و تنوعا في الميول من غيرهم من العاديين .

9. يقبلون على النشاط الثقافي أكثر من غيرهم .

10. يحصلون على مستوى ذكاء عام مرتفع بالإضافة إلى تحصيل دراسي أعلى في الظروف العادية ..

11. لديهم واقعية للعمل و الإنتاج أكبر من غيرهم .

12. أظهرت الدراسات البيئية و خاصة الأسرة حيث أثبتت أن أسرة المتفوقين كانت معظمها أسر متوسطة متفاهمة و مستقرة مع انخفاض التوتر في العلاقات بين أفرادها .

13. قدرات عقلية عالية و تتمثل في :

o إيجاد حلول غير مألوفة للمشكلات خصوصاً الرياضة و المنطق .

o قدرة عالية على تنظيم الأفكار و إنتاج أفكار جديدة .

o قدرة على التعميم .

o الارتفاع في معدلات الإنجاز و التحصيل .

المؤشرات و الأساليب التي من خلالها نتعرف على المتفوقين : -

v اختبارات الذكاء الابتكاري .

v اختبارات الذكاء .

v السجلات الدراسية .

v قوائم ملاحظة المدرسين .

v اختبارات الذكاء الاجتماعية .

v البحث الاجتماعي .

v التقرير الطبي .

v المقابلات الفردية للمتفوقين .

v المسؤولين عن الاكتشاف المبكر : ولي أمر – المعلم – الأخصائي الاجتماعي .

من الذي يكتشف الموهوب :

ليس من السهل اكتشاف الموهوبين مبكرا إلا إذا تضاربت جهود مجموعة من المحيطين بالموهوب منذ الصغر و من هؤلاء :

1. أولياء الأمور و الذين عليهم دور كبير في ملاحظة سلوك أبنائهم و مدى تواصل الصفات السابق ذكرها مع الاهتمام بتنمية الإيجابيات من السلوك و تدعيمها .

2. المعلمون من خلال الأسئلة الذكية و الكثيرة و التي قد يبديها تلاميذهم و التي تنم عن تفكير منظم لحل المشكلات و المباشرة على الوصول إلى الحل الصحيح و كذلك من خلال درجاتهم التحصيلية .

3. الأخصائيين النفسيين من خلال استخدامهم للاختبارات التي تقيس القدرات العقلية خاصة للتلاميذ و الحاصلين على درجات تحصيلية عالية .



مشكلات المتفوقين :

أثبتت الدراسات التي أجريت على المتفوقين أنهم يتمتعون بقدرة عالية على مواجهة المشكلات الشخصية و الأزمات و المواقف الضاغطة ، و بطبيعة الحال يختلف ذلك تبعاً لظروف كل منهم ، و بشكل عام لدى المحيطين بالمتفوق على سبيل المثال والديه و المعلمين ، و إدارة المدرسة ، بظاهرة التفوق و ما قد يعيقها من مشكلات ، زادت قدراتهم على تقديم العون المناسب في الوقت المناسب و من هذه المشاكل :

1. مشكلات مصدرها الأسرة ، و تأتي من سلبية موقف الأبوين من الطفل المتفوق و تجاهلهم له و فقدان الثقة بقدراته في الاعتماد على النفس و حل المشكلات التي تواجهه ، و يتعدى الأمر ذلك على عدم فهم الأبوين لطبيعة تفوق الطفل .

2. مشكلات مصدرها المدرسة ، و أهما التأخر أو الخطأ في تحديد مستوى قدرات التفوق العقلي و معاقبة السلوك الاستكشافي التنقيبي لدى المتفوقين و الافتقار إلى المعلم الجيد القادر على تشخيص قدرات التفوق و اكتشافها في الوقت المناسب و طبقاً لطبيعتها ، و عدم مناسبة المحتوى التدريسي .

3. هناك أيضا مشكلات مصدرها ذاتي يتعلق بطبيعة نفسه ، و بعضها اجتماعي و الآخر يتعلق بمشكلات الضغط النفسي و الإجهاد الناتج عن التحديات العقلية التي يدخلها الفرد المتفوق في مجال اختبار قدراته و إثبات ذاته وشخصيته .



إن قضية الموهوبين و الفائقين هي قضية تربوية بالأساس ، و مسألة اكتشافها و تنميتها في جانبها الأول تتعلق بالمدرسة و المعلم و المناهج الدراسية و العلمية و التربوية ككل ، ثم يأتي المناخ الاجتماعي في مرحلة و مرتبة لاحقة . و دون المدرسة الجيدة المؤهلة لاكتشاف أصحاب القدرات الخاصة ، و دون معلم و مسؤول متفان و مستعد لبذل الجهد اللازم ، و دون المنهج الدراسي المتطور و الجيد ، دون كل ذلك فهو إهدار للطاقات العقلية و القدرات غير العادية لدى الذين يمتلكونها .



المناهج و أساليب التدريس و دورها في تنمية التفوق و الإبداع :

أسفرت الدراسات التربوية و النفسية عن عدد من التوصيات التي ينبغي مراعاتها عند بناء المنهج ، و أثناء عمليات التدريس و التعلم ، و هي في جملتها تساعد على تنمية القدرات الإبداعية لدى المتفوق ، و يشمل :

Ø تخطيط المناهج الدراسية بما يساعد على تنمية التفكير و الإبداع .

Ø تخصيص وزن نسبي مناسب لتدريس عمليات و مهارات التفكير و التفكير الإبداعي بصفة خاصة ، و احتسابها جانباً أساسياً من أهداف التعلم في كافة المواد الدراسية .

Ø أن يتقبل المعلمون الأفكار التي يطرحها المتفوقون و أن يتجنبوا أساليب القمع و الاستهزاء .

Ø الابتعاد عن أساليب الغرس و التلقين و فرض الأفكار و مساعدة الطلاب على الوصول إلى المعلومات و الأفكار بأنفسهم .

Ø التركيز على أساليب التدريس المفتوح كالمناقشة و العصف الذهني و المشروعات و العمل بنظام المجموعات.

Ø التركيز على حل المشكلات باستخدام خطوات التفكير العلمي .

Ø تنمية مهارات التفكير العلمي لدى التلاميذ ( الملاحظة ، التصنيف ، استخدام التعريفات الإجرائية ، استخدام الأرقام ، الاستنتاج و التحليل ، التقويم ....الخ )

Ø تنمية قدرات التلاميذ على التفكير الناقد و النقد البناء و النقد الذاتي .

Ø توفير الإمكانات المادية للتلاميذ لتطبيق و تنفيذ أفكارهم علمياً .

Ø مكافأة التلاميذ المتفوقين و تقديم الجوائز المناسبة لهم .

Ø توفير الكوادر المؤهلة من مشرفين و مرشدين للكشف عن المتفوقين و رعايتهم .

Ø تشجيع المتعلمين على الاستكشاف و استخدام المختبرات و جمع المعلومات ميدانياً .

Ø تنظيم المسابقات و الندوات العلمية ( مثل أولمبياد العلوم ) .

Ø توفير مجالات متنوعة من الأنشطة المدرسية لإشباع ميول المتفوقين في مجالات مثل الكتابة و الخطابة والشعر و الموسيقى و الرسم والتصوير و الديكور و التصميم الهندسي فضلا عن الأنشطة الرياضية بمختلف أنواعهــــا .

طرق تدريس و أساليب التعليم المناسبة لفئة المتفوقين :-

ينبغي أن تهدف طرائق التدريس و أساليب التعليم المستخدمة مع الطلبة المتفوقين إلى :

v تحويل المتعلم المتفوق إلى المشاركة بصورة فعالة في كل عمليات التعلم و حفزه لتكون هذه المشاركة نابعة من دافعيته الذاتية .

v إعداد الشخصية القادرة على الإبداع و حل المشكلات و التعامل مع المواقف الجديدة .

v إعداد الشخصية الباحثة التي تتميز بقدرة عالية على الملاحظة و اكتشاف المشكلات و إيجاد الحلول و البدائل واتخاذ أفضل القرارات .

v مساعدة المتعلم الاستمرار في مواصلة و تطوير أدائه المتميز ، و إكسابه القدرة على تقويم نفسه ذاتياً و تقبل نصائح الخبراء.

v مساعدة المتعلم على اكتساب صفات العلماء و الأبطال مثل المثابرة و الصبر و تكرار المحاولة و عدم اليأس و الثقة بالنفس و الموضوعية و الصدق و التخطيط الجيد لبلوغ الهدف المنشود .



و بشكل عام هناك ثلاث استراتيجيات للتدريس تتلاءم مع احتياجات المتفوقين و تساعد في تنمية مواهبهم :

[ حل المشكلات .

[ الاكتشاف .

[ العصف الذهني .

[ التعلم الذاتي .

حل المشكلات :

توفر هذه الطريقة للمتفوق أيا كان مجاله تفوقه ، نوعاً من التحدي الذي يستثير طاقاته الإبداعية عقلية كانت أو عضلية أو فنية ...الخ .

العصف الذهني :

تستهدف هذه الطريقة اختبار أفضل الحلول لمشكلة ما ، و ذلك من خلال الإدلاء بأكبر قدر ممكن من الأفكار والمقترحات ، ثم تنافس كل منها بصورة موضوعية ناقدة ، واختيار أمثلها أو أفضلها ، و عادة تتضمن جلسات العصف الذهني مجموعة من المتفوقين ما بين ( 10 إلى 15 ) يقودهم معلم ذو دراية كافية بهذه الطريقة .

طريقة الاكتشاف :

و هي من أكثر المداخل فاعلية في تنمية التفكير العلمي لدى التلاميذ ، حيث تتيح لهم ممارسة طرق البحث العلمي التي يمارسها العلماء بصورة مبسطة ، وتتيح لهم فرصة الاكتشاف بأنفسهم ، و هنا يسلك المتعلم سلوك العالم الصغير في بحثه المنظم ، و سعيه الدؤوب للوصول إلى نتائج مقبولة لحل المشكلة ، فهو من جهة يشعر بالمشكلة ، و يحدد أبعادها ، و يجمع معلومات عنها ، و يضع فروضاً و يجري ملاحظات ميدانية ، و تجارب معملية ، و قياسات و اختبارات ، و يتوصل إلى النتائج ، و تدعم طريقة الاكتشاف قدرة المتعلم على التعلم بنفسه ، و الثقة بالنفس .

و يتمثل دور المعلم هنا في مساعدة الطالب على تحديد مشكلات جديرة بالاهتمام ترتبط بالمنهج من جهة ، و بالبيئة المحلية من جهة أخرى ، و يوجههم إلى كيفية دراستها .

التعلم الذاتي :

هو أحد الاتجاهات الحديثة التي تسعى المناهج الحديثة لإكسابها للطلاب .. و يأتي هذا المدخل تلبية لمتطلبات الثورة العلمية و التكنولوجية المعاصرة ، فالمعارف تتسارع و تنمو بصورة غير مسبوقة ، و النظام التعليمي أيا كانت إمكانياته لن يتمكن من تقديم كل المعارف لطلابه ، و من هنا تصبح مسؤولية التعلم الاستزادة من التعلم مسؤولية يتحملها كل فرد لتطويره علميا و مهنياً بصورة مستمرة .....

الخاتمة :

لايستطيع احد أن يجادل في ان وزارة التربية والتعليم في دولة الامارات تحاول بجدية اجتياز مناطق الضعف وسد الثغرات التي كشفت عنها التجارب والممارسات خلال مسيرة التعليم في الدولة .

قائمة المراجع والمصادر :

- الجبوري محمود (1984) من الموهوبون ولماذا نرعاهم ؟ رسالة الخليج العربي العدد14 .

- راشد د. علي - مفاهيم ومباديء تربوية - دار الفكر العربي - القاهرة -1993م .

- عبد العزيز السرطاوي ، زيدان 1999م تربية الأطفال المتفوقين والموهوبين في المدارس العادية - الامارات - العين - دار الكتاب الجامعي .

- أبو اصبع ، نجمة خليل ، ماذا أعددنا للموهوبين ؟ مكتب أم القيوين التعليمي ، 1998م

- الطحان - د. خالد - تربية المتفوقين عقليا في الدول العربية - المنظمة الغربية للتربية والعلوم والثقافة -1984م .

 
عودة
أعلى