مفهوم قيادة المدرسة الذكية وأهدافها ومقوماتها ومستقبلها

املي بالله

نائبة المدير العام
مفهوم قيادة المدرسة الذكية وأهدافها ومقوماتها ومستقبلها

تطلع المدرسة بدور محوري في العملية التربوية برمتها، وقد تطور كثيرا مفهوم المدرسة التي هي منظمة تربوية تعليمية من النمط التقليدي الى نمط آخر يتسم بديناميكية التفاعل مع الوسط المحيط بطريقة ذكية وفعالة، المقال التالي للكاتب زيد ابو زيد يتناول مفهوم قيادة المدرسية الذكية ، وأنواع الذكاء وعناصر المدرسة الذكية وأنماطها ومستقبلها.
يقول زيد ابو زيد إن أمنية أي منظمة من منظمات التعلم في هذا العالم وبخاصة المدارس ،هي أن تبذل كل الجهود لأجل أن تكون ما يفترض أن تكون عليه بصورة طبيعية غير مصطنعة، أي منظمات تعلم ذات صبغة إنسانية لا ماكنات جامدة لا روح فيها ولا مشاعر، وهذا يحتم بالضرورة مشاركة الجميع باتخاذ القرارات بشكل طبيعي والمشاركة في تنفيذها بروح من التعاون والالتزام التام .
إن المدارس كمنظمات تعلم تعكس الطبيعتين العضوية والديناميكية لها ، وهي توضح فكرة جاردنر عن الذكاء المتعدد، وعن التفكير الحالي حول طبيعة المنظمات لتقدم وجهة نظر جديدة لتطوير المدارس والمؤسسات وتحسين قدراتها والإرتقاء بها إلى الصورة المثلى المنشودة.
إن الروح التي يجب أن تتلبس منظمة التعلم للإرتقاء بدورها تفترض بالضرورة صورة أكثر ديناميكية للمدرسة ، مما يفترض وجود تسعة أنواع من الذكاء ، يشكل إتحادها معاً إنتقالاً بالمدرسة خطوات إلى الأمام لتحقق أهدافها بسهولة .
إن هذه الأفكار الجديدة تؤثر على الأهداف والعمليات والتي بدورها لها انعكاسها على قيادة المدرسة لتصنع منها مدرسة ذكية.
إلى جانب أن المدرسة الذكية منظمة تعليمية تم ابتداعها على أساس أساليب تدريس وإدارة جديدة تسرع لحاق الطلاب بعصر المعلومات، وأهم عناصر المدرسة الذكية هي: ذكاء متعدد ،بيئة تدريس من أجل التعلم، نظم وسياسات ، إدارة مدرسية جديدة، إدخال مهارات وتقنيات تعليمية وتوجيهية متطورة، قيادة إدارية تحويلية “كاريزما ، حفز إيحائي ،إعتبار مفرد للإنسان داخل منظمة التعلم ” ،وما زالت عملية اختبار هذه العناصر وإعادة هندستها لتحقيق كفاءة وفاعلية هذه المدرسة مستمرة في أعلى المستويات القيادية في كل قطر يعتمد هذه التجربة.
وتنفذ عملية التدريس والتعليم وفقًاً لحاجات الطلاب وقدراتهم ومستوياتهم الدراسية المختلفة،ويتبنى المعلمين تدريس مناهج ومقررات تلبي حاجات الطلاب ومتطلبات المراحل المختلفة، كما يتم اختيار مدير المدرسة من القيادات التربوية البارزة، يساعده فريق من الأساتذة ممن لديهم قدرات مهنية ممتازة. ويشارك المعلمون وأولياء أمور الطلاب مع الطلاب أنفسهم في اختيار البرامج الدراسية، ويشاركون معهم في تنفيذ بعض الأنشطة المدرسية الصفية واللاصفية المهمة، كالخروج في رحلات دراسية وغيرها.
لا شك أن التطور العلمي المذهل الذي حققه الإنسان في القرن العشرين قد أثر بفاعلية علي أسلوب الحياة في كافة المجتمعات المعاصرة. وقد ساهمت تكنولوجيا الإتصالات تحديداً في هذا التطور المعاصر عن طريق تسهيل سرعة الحصول علي المعلومات وسرعة معالجتها واستدعائها وتخزينها واستخدامها في كافة العمليات الحسابية والإحصائية والتحليلية لمواجهة متطلبات الحياة المعاصرة مما أدي أيضا إلي سرعة إنجاز المهام والأعمال وسرعة تحقيق الأهداف، ومع بداية القرن الحادي والعشرين أصبح لزاماً علي كافة المؤسسات المختلفة أن توفق أوضاعها مع الحياة العصرية التي تتطلبها تكنولوجيا المعلومات، لذلك ومن هذا المنطلق أصبحت تكنولوجيا المعلومات بكافة أشكالها السلاح الحقيقي لمواجهة التحديات العديدة التي تواجهنا كأفراد وكمنظمات ، وكمجتمعات ، وبالتالي الاقتصاديات الوطنية، وأصبح التطور التكنولوجي هدفا قوميا واحتياجاً حقيقياً لنمو المجتمع وتحسين قدرات أفراده وحسن استخدام موارده وحمايتها.
ومن هنا ظهر مفهوم المدرسة الذكية كأساس لتطوير التعليم ،وإنشاء مجتمع متكامل ومتجانس من الطلبة وأولياء الأمور والمعلمين والمدرسة وكذلك بين المدارس بعضها البعض ارتكازاً على تكنولوجيا المعلومات والإتصالات لتحديث العملية التعليمية التعلمية ووسائل الإيضاح والتربية بشكل عام وبالتالي تخريج أجيال أكثر مهارة .
كما أن مفهوم المدرسة الذكية يعتمد على القطاع الخاص في تقديم الأجهزة والمعدات والوسائط المتعددة والدعم الفني لخدمة المدارس والمنشآت التعليمية مما يغذى الاقتصاد الوطني بالشركات المتخصصة التي تقدم خدماتها بشكل احترافي متميز لخدمة المشروع،بحكم الشراكة المجتمعية، مما يزيد من فرص العمل الجديدة ويخفف من البطالة.
و يحتوي مفهوم المدرسة الذكية علي المزايا الفلسفية الآتية :-
1- تقديم وسائل تعليم أفضل وطرق تدريس أكثر تقدما.
2- تطوير مهارات وفكر الطلاب من خلال البحث عن المعلومات وإستدعائها بإستخدام تكنولوجيا الإتصالات والمعلومات والإنترنت في أي مجال أو مادة تعليمية.
3- إمكانية تقديم دراسات وأنشطة جديدة مثل تصميم مواقع الإنترنت والجرافيك والبرمجة, وذلك بالنسبة لكافة مستويات التعليم ، والذي يمكن أن يمثل أيضا مصدراً إيراديا للمنشأة التعليمية.
4- إمكانية إتصال أولياء الأمور بالمدرسين والحصول علي التقارير والدرجات والتقديرات وكذلك الشهادات, وذلك من خلال الإنترنت أو من خلال أجهزة كمبيوتر في المدرسة يتم تخصيصها لهذا الغرض
5- تطوير فكر ومهارات المعلم وكذلك أساليب الشرح لجعل الدروس أكثر فاعلية وإثارة لملكات الفهم والإبداع لدى الطلاب .
6- إقامة إتصال دائم بين المدارس وبعضها لتبادل المعلومات والأبحاث ودعم روح المنافسة العلمية والثقافية لدى الطلبة . كما يمكن إقامة مسابقات علمية وثقافية باستخدام الإنترنت مما يدعم سهولة تدفق المعلومات بين كافة أطراف العملية التعليمية وتحسين الاتصال ودعم التفاعل فيما بينهم.
7- الاتصال الدائم بالعالم من خلال شبكة الإنترنت بالمدارس يتيح سهولة وسرعة الاطلاع على واستقطاب المعلومات والأبحاث والأخبار الجديدة المتاحة فضلا عن كفاءة الاستخدام الأمثل في خدمة العملية التعليمية والتربوية.
8- الاعتماد على الشركات الوطنية المتخصصة في توريد الأجهزة والمعدات والدعم الفني للمدارس الذكية ينشط ويسرع اقتحام الإنتاج الوطني لمجال صناعة البرمجيات وأدوات التكنولوجيا الفائقة بما يدره هذا المجال الواعد من قيمة مضافة عالية ويتيحه من تطوير لقدرات مجالات الإنتاج الأخرى .
أما كيف يمكن الإنتقال بمنظمة التعلم (المدرسة) لتصبح مدرسة ذكية ، فلا بد من تحديد الأهداف الرئيسة التالية :-
1- وجود تسعة أنواع من الذكاء ، يشكل إتحادها معاً إنتقالاً بالمدرسة خطوات إلى الأمام لتحقق أهدافها.
2- تطوير المنشأة التعليمية (منظمة التعلم).
3- إرساء قاعدة للتطوير المستمر للمناهج التعليمية
4- تطوير فكر ومهارات المعلم وبالتالي أساليب الشرح
5- تطوير مهارات الطلبة في استقطاب المعلومات واستخدامها
6- تأمين التواصل والتعاون المستمر بين أولياء أمور الطلبة والمؤسسات التعليمية.
ولتحقيق هذه الأهداف ينبغي التدرج في خطوات تراكمية وإنتشارية تتضمن الآتي:
مخاطبة جوهر العملية التعليمية التعلمية ،بما يضمن الفعالية والتطوير باستخدام الأسلوب الذي يستعمل من خلاله مفهوم ” الذكاء ” بطريقة غير مباشرة لصعوبة قياسه ، فهو يخص مدى القدرات بأكملها التي تنمو المدرسة من خلالها وتتطور لتعظيم فعاليتها ،إنها تتضمن استعمال الحكمة ،و التبصر ، والحدس والخبرة وكذلك المعرفة والمهارات والفهم .
وكذلك تحويل العملية التعليمية إلي عملية ترتكز على تعليم الحاسوب والموضوعات المتعلقة بالحاسوب مثل الانترنت ، ولاشك أن التطور في تطبيق التعليم المبني علي استخدام الكمبيوتر بكافة المستويات التعليمية والاستفادة من التطورات الحديثة في تقنية الكمبيوتر كوسيلة لتحسين العملية التعليمية لمختلف المواد الدراسية مثل الرياضيات والعلوم واللغة الإنجليزية سوف ينمي القدرات الابتكارية التي عانينا كثيرا من وأدها بمناهج الحفظ والاستظهار التقليدية .
ولايقتصر مشروع المدرسة الذكية علي تزويد المدارس بما تحتاجه من أجهزة الكمبيوتر وملحقاته ليعتاد الطلبة علي استخدام والتفاعل مع الكمبيوتر بل الأهم من ذلك تطوير المناهج وإبداع البرامج التعليمية في صورة إسطوانات ليزر أو مواقع ويب أو مزيج منهما وتزويد المدرسين ببرامج تدريبية في التكنولوجيا والتعليم وأساليب الشرح الحديثة مما يدعم انتشار تكنولوجيا المعلومات وتوظيفها بشكل سليم في تطوير منظومة التعليم ككل ونجاح مفهوم المدرسة الذكية .
 
وتأتي خطوات إنشاء الشبكات اللازمة لربط الأنظمة الداخلية للمدارس المختلفة والربط بين المدرسة والمعلمين والآباء والطلبة والمجتمع بالإضافة للربط بين المدرسة وشبكة مدرسة أخري بل والجهات الإشرافية وفق الاحتياجات لتيسر ترابط أطراف العملية التعليمية وتعاونهم الناجح فضلا عن الاستفادة من موارد الكمبيوتر المتاحة في المدارس الذكية لخدمات المجتمع في ساعات ما بعد الدراسة مما يجعل المدرسة مجتمعا تقنيا متكاملا لخدمة المجتمع.
ولقد أصبح بديهيا أن نجاح أى مؤسسة أو منشأة اقتصادية يقاس أولا بقدرة الإدارة على حسن إستخدام الموارد لتحقيق الأهداف بكفاءة وإتقان وذلك لا يتحقق إلا باتباع والاعتماد على أحدث أساليب الإدارة لإنجاز المهام والأعمال وبالتالي لابد من الاعتماد على تكنولوجيا المعلومات في الإدارة المدرسية تطبيقا لمفهوم مشروع المدرسة الذكية كي يتحقق الحلم الواعد.
وفي رأينا أن أي منظومة إلكترونية تتعامل مع الجانب التعليمي والمدرسة الذكية لابد أن تنقسم إلي شقين:-
1- شق إداري
2- شق تعليمي
ويقوم الشق التعليمي للمنظومة بخدمة المدرسين عن طريق إطلاق قدراتهم الإبداعية لشرح المواد والمناهج والإشراف على عملية استقطاب المعلومات التي يقوم بها الطلبة. ويبدع الطالب أيضا في أساليب العثور على المعلومات المخزنة بسيرفر المدرسة أو بالإنترنت وربط تلك المعلومات بعضها ببعض واستخدامها على أرض الواقع وذلك تحت الإشراف المباشر للمعلم و/أو أولياء الأمور.
وهنا لا بد من العودة لتركيز الاهتمام على استخدام المدارس الذكية لتسعة أنواع من الذكاء في نفس الوقت على الأقل في عملية مخاطبة جوهر عملية التعلم ، التعليم ، لضمان الفعالية والتطوير .
إن الأسلوب الذي يستعمل من خلاله مفهوم ” الذكاء ” ليس مباشرا لأنه لا يمكن معاينته بسهولة ويصعب قياسه ، فهو يخص مدى القدرات بأكملها التي تنمو المدرسة عليها وتتطور لتعظيم فعاليتها ،إنها تتضمن استعمال الحكمة ، التبصر ، الحدس والخبرة وكذلك المعرفة والمهارات والفهم . هذه الذكاءات تزود بشيء يشبه الوقود ، الماء والزيت في السيارة ،و سوف يكون لها وظائف منفصلة إلا أنها تحتاج إلى العمل معا حتى تنجح .
وهذا وصف للذكاءات التسعة :
1- الذكاء السياقي ( البيئي).
وهو مقدرة المدرسة على رؤية نفسها من خلال علاقتها بالمجتمع الواسع والعالم التي هي جزء منه ، فهي المقدرة التي تمكن المدرسة من قراءة وضعها العام بحيث لا تكون طاغية ولا مستبعدة بل قادرة على الإستجابة للجانبيين السلبي والإيجابي .
ويتبين ذلك من خلال الاستجابة الترحيبية للزوار ، الأفكار الجديدة والأحداث في البيئة القريبة وأيضاً تتمثل في المقدرة على التنظيم الذاتي و هذا يختلف عن الاستقلال الداخلي فهو المقدرة التي تحتاجها المدرسة لتوفق بين قراراتها واتجاهاتها وبين سياقها . وأبعد من ذلك يتمثل في مقدرة المدرسة على أن تكون مرنة وتعمل بصورة مفتوحة في مدى من المنظورات والاستماع للآخرين وبخاصة في المجتمع المحلي بينما هي لا تفقد رؤيتها لهدفها الجوهري وغاياتها . هو الذكاء الذي يضمن تفاعل المدرسة مع مجتمعها بتقاليده ومفاهيمه على قواعد التعاون والمشاركة والانفتاح والاستفادة من إمكانيات هذا المجتمع لتطوير المدرسة مع الأخذ بعين الاعتبار حاجة المدرسة إلى حلول من داخلها إلى الحلول التي تجلبها من المجتمع .
المدارس الذكية تعرف الرسائل التي انبثقت عن دراسات تطوير المدرسة ، على سبيل المثال هي تعرف أنه لا يوجد مخططات مرسومة أو إصلاحات سريعة فهي تشبه المدارس الأخرى في عدة نواحي إلا أنها تنفرد بأنها لا تعتمد كلياً على الحلول التي تأتي من الخارج بل تطور بنفسها استراتيجيات لحل المشكلات . وفي الوقت نفسه تدرك حساسية الحاجة للعمل بالتضامن وليس المنافسة مع المدارس الأخرى وذلك من أجل التعلم معهم ومنهم .
2- الذكاء الاستراتيجي:-
ذكاء قائم على رؤية واضحة ومحددة ، يتضمن نتائج أدب الفاعلية المدرسية ، إن وضوح الأهداف والمعايير المراد تحقيقها أمر هام وأن هذه الأهداف والغايات تحتاج إلى مشاركة من الجميع . من خلال استعمال هذا النوع من الذكاء ، والمدرسة ستكون قادرة على تخطيط الأعمال التي تحتاج إليها من أجل التطوير ، ولديها القدرة على وضع رؤيتها محل التنفيذ ، وهذا يتضمن القدرة على تعميم خطة فيها أولويات طويلة المدى للتطوير ، تكون تحت المتابعة والمراجعة المنظمة في ضوء معلومات سياقية جديدة . هذا النوع من الخطط إنمائي بطبيعته ولهذا السبب يكون للمدرسة توجه للتخطيط الذي يمكنها من استشعار التغيير والتعامل معه . ( هوب ويل ) يراجع كتاب ( مايكل ماك ماستر ) والذي يقول فيه أنه في البيئة سريعة التغيير لا يستجيب التوجه التقليدي بصورة سريعة وفاعلة فالمستقبل غير الأكيد قد يجعل من الاستراتيجية الحاليسة تهديداً لإطالة العمر .
نحن بحاجة إلى إستراتيجية تهتم بالتأسيس للمستقبل ليس بمجرد التكيف مع ما حدث . والذكاء الاستراتيجي يدور حول الاستجابة المناسبة للحاضر وصناعة المستقبل واستشعار النتائج .
3- الذكاء الأكاديمي :- وهو ذكاء يعتمد المعارف والتعليم عالي الجودة والبحث العلمي،ويهتم بالقيمة المعتمدة على الدراسة مرتفعة المستوى ( الجودة ) والعلم . وهذا الذكاء يجسد مفهوم القيمة المضافة ومواصفات التعليم والتعلم الفعال والتدريس والأهمية الأساسية للتوقعات العالية . أي ذكاء يتميز بنزوعه إلى تشجيع إرتباط الطلاب لتدرس تعلمهم وتضع قيمة لتساؤلات الطلبة من خلال عمليات الاستقصاء ( البحث ) وتشجيع الانجازات والتطبيقات مرتفعة المستوى .
إن الذكاء الأكاديمي يقيَم ويطوَر تعلَم المعلمين لأنه يميز مدى ارتباطه المعقد مع تعلم الطلاب . إن الذكاء الأكاديمي كذلك يشجع فعالية الكادر والطلاب بعبارة أخرى ما يسمى عامل ” من يقدر – من يعمل ” .
4- الذكاء التأملي :- هو أن تعكس على المسلمات، وهذا يشمل جوهر مهارات وعمليات المراقبة والانعكاس على تقييم فعالية المدرسة بشكل عام ، وبشكل خاص تقدم وإنجاز التلاميذ . إن التأمل في تقدم وإنجاز التلاميذ هو اهتمام مركزي يرتبط بصورة وثيقة من الذكاء الأكاديمي الذي هو تتمة للقدرة الانعكاسية وهو إدراك لمخاطر انخفاض التوقعات الخاصة بالطلاب من ناحية وكذلك شعور بالرضا الذاتي – على نتائج امتحانات جيدة نوعاً ما – من ناحية أخرى من خلال جمع ، تحليل ، تفسير واستعمال نطاق من المعلومات فتكون المدرسة قادرة على الحكم على فعاليتها من خلال توظيف الذكاء السياقي وتستطيع تخطيط التطويرات من خلال استخدام الذكاء الاستراتيجي . إن البيابدنات المستخدمة تنعكس على تعليم الطلاب وتتضمن ليس فقط المعلومات الاحصائية والبيانات الأخرى التي تمَ جمعها رسمياً بل أيضاً البيانات التي تمَ تكوينها والتي هي أكثر صعوبة للتقييم حيث تتطلب أو تحتاج دليل لتغيير افتراض وإثبات الحكم بصورة قاطعة . إن المدرسة الذكية مريحة وماهرة في قدرتها على تبسيط التعلم واستعمال الأدلة ووضعها في خدمة طلابها والمنظمة ككل. القدرة على مراقبة الأداء ارتباطاً بمسلمات الإنجاز لتقييم التقدم .
5- الذكاء التربوي ( علم أصول التدريس ) :- الوعي بالعلاقة بين التعلم والتعليم وفهم أهم استراتيجياتها ،و هذا الذكاء يتمثل من خلال المدرسة التي ترى نفسها كمنظمة للتعلم ، إنها تؤكد أن التعلم والتعليم يجب أن يتمَ اختبارهما بانتظام وتطويرهما وإلا أصبحت تقليدية وجامدة . إن بعد الذكاء هذا يعي العلاقة الديناميكية بين التعلم والتعليم ولهذا يتفهم فكرة ” مناسبة الهدف ” عند تقرير أكثر الإستراتيجيات مناسبة أو ملاءمة للاستخدام . إنها تتفهم ديناميكية العلاقة بين التفكير ، التعلم ، التعليم وبالتالي أهمية تطوير مهارات التفكير .
إذا كان على المعلمين تمكين المتعلمين من تطوير إدراكهم في مجال تعليمهم سوف يحتاجون أيضاً إلى تظطوير إدراكهم في مجال تعلمهم على قدم المساواة مع تطوير استراتيجيات أصول التدريس ” .
6- ذكاء جماعة الزملاء :القدرة على العمل التشاركي و التعاون بروح الفريق،ويهتم بقدرة الكادر على العمل مع بعضهم البعض و خاصة لتطوير ممارساتهم في الحصة الصفية .هناك تعارف على اهمية الحاجة لدعم تعلم الطلاب بصورة مستمرة و بعدة طرق مختلفة، و لتدعيم الذكاء الطلابي يجب ان نفهم انه بما ان الافراد يستطيعون التمييز فإن مجموع الاجزاء سيكون اكبر من الكل اذا عمل الكادر مجتمعا لتحسين و تطوير ممترسة بعضهم البعض . ان ذكاء مجموعة من الزملاء ينبثق من فهم العلاقة بين تعلم المعلمين و تطوير المدرسة و الاهتمامات في اطار من القدرة التي تمكن المعلمين من ان يكونوا وكلاء التغيير .
ان المنافع التي تعود على المدرسة ككل في هذه الناحية من الذكاء وردت في مقالة كتبها (رولاند بارث )1990 فهو يؤمن ان عدد المخرجات يرتبط بمجموع الزملاء:
“وان القرارات تميل لان تكون افضل و تطبيق هذه القرارات هو الافضل ، هناك نسب مرتفعة من الثقة و المعنويات بين البالغين ، و ان تعلم البالغين يزداد احتمال ادامته . هناك بعض الادلة التي تشير الى ارتفاع الانجازات و الدافعية لدى الطلاب و ادلة تشير الى انه عند مشاركة البالغين و تعاونهم فإن الطلاب يفعلون ذلك ايضا ”
7- الذكاء الانفعالي : فهم مشاركة الاخرين لاثارة دافعيتهم للتعليم ،وهو ان تعمل مع قدرة المدرسة للسماح للمشاعر لدى الطلاب و الكادر ان يتم امتلاكها و ان تتكون و ان يعبر عنها و ان تحترم . (هاورد جاردنر ) (1983) ميز بين الذكاء الداخلي و الذكاء في العلاقات بين الافراد . فالذكاء في العلاقات بين الفراد هو القدرة على فهم الغير ويثير دافعيتهم و يشير الى كيفية العمل باتنسيق معهم اما الذكاء الداخلي فهو القدرة التي تدور في داخل الفرد و هي القدرة على تكوين نموذج دقيق للذات و ان تكون قادرا على استعمال هذا النموذج للادارة بفاعلية في الحياة ( جولمان ،1998) يجادل بأن الذكاء الانفعالي هو القدرة الحيوية على التعلم و هي مميز اساسي للقيادة المؤثرة وهو يتضمن ادراك الذات ، تنظيم الذات ، الدافعية ، تفهم مشاعر الاخرين ، المهارات الاجتماعية إن كل هذه المظاهر تواجه التعلم و التعليم و توضح الارتباط مع الذكاء الاكاديمي .
8- الذكاء الروحي : الكاء القائم على الاحساس بالروح و قيم المجتمع و روحانيته و اهميته لإثارة الابداع .
ان اطار البحث الوطني يتطلب من المدارس توضيح كيف تخطط لتنمية روحانية الطلبة .
تم اصدار كتيب كجزء من مشروع عن القيم و الرؤى ( بيرنز و لامونت ) ورد فيه :
الروحانية هي مصدر الابداع المتاح لنا . انها تحضر ذلك الكم من الحياة فيها ومضة لاستقصاء الافكار ، الرؤى ، وجهات نظر تعاطف مع الاتفراد ، تعبير فني ، محاولة جادة ، لعب ، انها تفتح المجال امامنا للحياة و امام بعضنا البعض . فالروحانية هي حبل الوصل الذي يمر خلال حياتنا و يجلب لنا الامل ، العطف ، الامتنان ، التشجيع ، السلام و الاحساس بهدف و معنى كل يوم و عند الوصول وراء عالم المحسوسات فإن ذلك يقودنا الى البحث و الثبات في القيم غير محكومين بالنجاح المادي .
الذكاء الروحي يتمثل في القيم الاساسية للحياة و تطوير كل اعضاء المجتمع المدرسي ، فكل واحد ينظر له على انه مهم و يجب ان يشارك في شيء ما . هذا الذكاء يميز الحاجات لتحقيق التوازن بين مشاكل الحياة في المجتمع المدرسي مع اوقات السلام او السكينة و الفرصة لتكوين على اتصال مع القضايا المهمة و ان هذه القيم ستكون ضمن خبراتنا التي هي غير ملموسة و غير قابلة للقياس و كذلك تهتم بالقدرة غلى احداث او تفعيل التعلم بصورة معمقة .
9- الذكاء الاخلاقي
و هذا النوع يعني معرفة اهمية حقوق الطلاب و حاجاتهم و ذلك يتضمن ادخال الطلاب الطلاب في القرارات حول تعلمهم . هذا الذكاء يدمج المبادئ الواضحة للقيم و المعتقدات في اطار اعلان تعليمات اهداف المدرسة وهي تهتم بالطريقة التي توصل بها المدرسة اهدافها و مبائها الاخلاقية كالعادة و الانصاف و الشمولية و هذا يتمثل من خلال الاهتمام بتأمين وسيلة للطلاب ليكون لديهم منهاج واسع و متوازن و الاهتمام باستعمال و توزيع المصادر .
ان مفهوم التفويض تظهر اهميته من خلال نتيجة مفادها ان دعم التعلم له قيمة عالية و ان هناك فهم لطبيعة المتعلمين و تفهم رغباتهم .
ان المدارس ذات الذكاء الاخلاقي لديها درجة تقييم ذاتي مرتفعة كمنظمة و هذا يختلف عن الرضا الذاتي و هي نادرا ما تشعر بالرضا الكامل عن اعمالها و يكون في الغالب لديها افكار حول كيفية قيامها في المرة المقبلة .
قيادة المدرسة الذكية
ان انواع الذكاء التسعة تتضمن على الاقل ثلاث مفاهيم مهمة لقيادة المدرسة :
أ‌. انها مترابطة .
ب‌. تتضمن الحد الاقصى من التأثير عند استخدامها مجتمعة .
ت‌. كل واحد يمكن تطويره و تحسينه .
ان التحدي الذي يواجهه قيادي المدرسة هو تأسيس فهم جماعي عن مدى الذكاءات المستخدمة و تعرف تلك التي تحتاج لتطوير ابعد .
مستقبل المدرسة الذكية :-
إن الجدل حول فائدة استخدام التقنيات التعليمية أو ضرورتها في التعليم العام لم يحسم بعد، لكن الذي لايختلف عليه اثنان هو ذلك التحدي الكبير الذي يواجه مدارسنا اليوم، وهو كيف تتغير المدارس لتواجه متطلبات المستقبل، بما في ذلك تسخير التقنيات المختلفة تسخيراً فاعلاً، وتحتل موقعاً فيما يسمى “طريق المعلومات السريع”يقول البروفيسور لاري كيوبان من جامعة ستانفورد بولاية كليفورنيا: “إن التقنيات الجديدة لاتغير المدارس، بل يجب أن تتغير المدارس لكي تتمكن من استخدام التقنيات الجديدة بصورة فعالة” ، بمعنى، أن مدارسنا يجب أن تشتمل على بنية تحتية جيدة ، ونظام مرن، وإدارة وفاعلة، كي تكون مهيأة لاستخدام التقنيات التعليمية بفاعلية، وليس مجاراة للآخرين.
وبالإضافة إلى الحاجة إلى تغيير المدارس، فإن الحاجة تبدو ماسة أيضاً للاهتمام بالمعلمين الذين هم حجر الزاوية في العملية التعليمية. وإذا كان هدف المدرسة – أي مدرسة – هو بناء الإنسان عقدياً ومعرفياً، ووجدانياً ومهارياً وسلوكياً، فلا مناص من النظر إلى التعليم على أنه يقوم على أساس علاقات إنسانية مؤثرة، ومن ثم ضرورة التركيز على المعلمين وتطوير أدائهم التدريسي، وتعريفهم بالاحتياجات الإنسانية المتجددة للتلاميذ، وسبل إشباع تلك الاحتياجات بما يمنحهم الاستقرار العاطفي والنمو العقلي والقوة البدنية، وهذا ما تقصر عن تحقيقه الأجهزة التقنية المتطورة وحدها.
ودور المعلمين في ظل استخدام التقنية التعليمية – بما في ذلك الصفوف الذكية، والمناهج الإلكترونية – سيكون أكبر وأكثر فاعلية.
كما يجب النظر في مدرسة المستقبل إلى برامج الحاسوب والإنترنت على أنها وسائل معينة على التعلم الذاتي، ولا يمكن الاستغناء معها عن المعلمين؛ بل إن النظرة العلمية تجعل المستقبل مشرقاً أمام المعلمين الجيدين، يقول بيل جيتس (رئيس ومؤسس شركة ميكروسوفت): “إن مستقبل التدريس – وخلافاً لبعض المهن – يبدو مشرقاً للغاية. فمع تحسين الابتكارات الحديثة، المطرد لمستويات المعيشة، كانت هناك –دائماً- زيادة في نسبة القوة العاملة المخصصة للتدريس، وسوف يزدهر المربون الذي يضفون الحيوية والإبداع إلى فصول الدراسة، وسيصادف النجاح أيضاً المدرسين الذين يقيمون علاقات قوية مع الأطفال، بالنظر إلى أن الأطفال يحبون الفصول التي يدرس بها بالغون يعرفون أنهم يهتمون بهم اهتماماً حقيقياً، ولقد عرفنا جميعاً مدرسين تركوا تأثيراً مختلفاً… إلخ” .
لاشك أن التقنيات العلمية والتعليمية غيرت كثيراً في حياتنا، ووفرت كثيراً من الوقت والجهد. ولا شك أن الحاسبات الآلية وسيلة جيدة للتعليم والتعلم، ولكنها ليست الوسيلة الوحيدة، كما أنها ليست -دائماً- الوسيلة الأفضل. لذا، فمن الحكمة وضع استخدام الحاسب الآلي في التعليم (العام) في موضعه، وعدم إعطائه أكثر من حجمه، ومراقبة آثاره الإيجابية والسلبية على المتعلمين والمعلمين، والعملية التعليمية على حد سواء.
لقد أصبح إيقاع السرعة والتغير السمة البارزة لهذا العصر. وإذا كان هذا الإيقاع يفرض على الاقتصاديين والسياسيين يقظة مستمرة، وسعياً إلى التفكير الدؤوب فإنه مفروض على التربويين من باب أولى. إن الحاجة إلى التطوير والإصلاح التربوي أصبحت أكثر إلحاحاً من ذي قبل، ولكنها في الوقت نفسه أصبحت أكثر حاجة للتخطيط السليم المبني على التقويم الصحيح للواقع التعليمي، والتقييم الفعلي للمؤثرات المختلفة والشفافية التي تربط بينهما.
إن طموح التربويين للارتقاء بمستوى التعليم يزداد يوماً بعد يوم. وإن هذا الطموح هو الوقود الذي يبقي شمعة التفكير والعمل مضيئة باستمرار. وعند ترجمة هذه الطموحات إلى أفكار عملية ينبغي ألا تغيب عن الأنظار الأهداف الأساسية للتعليم، وما تنبني عليه تلك الأهداف من الأسس الدينية والمبادئ .
 
عودة
أعلى