الاختلاف على تربية الاولاد

املي بالله

نائبة المدير العام
كثيرا ما يصبح الأطفال حقل مبارزة ونزاع على السلطة بين الأب والأم، فنجد أن الأم تتمسك بأن تكون المسئول الأول والمباشر عن تربية الطفل، وذلك لخصوصية العلاقة بينهما واعتماد الطفل على الأم في التغذية وفي الرعاية اليومية، مما يعطيها مجالا أوسع للتواجد معه وتلقينه كل صغيرة وكبيرة .

ومن جانب آخر نجد أن الأب الذي اعتاد أن تكون كلمته الأولى والأخيرة في العائلة يعاني ويبحث عن وسيلة لكي يجد مكانا في حياة الطفل بحكم مسئوليته الكبيرة عن العائلة وكونه رأس البيت. وهنا يقع الصراع الذي ينعكس سلبيا على الطفل وعلى العائلة بأكملها.


إن نظرة كلا الطرفين سواء الأب أو الأم ستكون حتما مختلفة وذلك بسبب الفروقات العاطفية والنفسية لكل منهما، وهذا الاختلاف بين الرجل والمرأة يخلق تقييما مختلفا للأمور، وطريقة التعامل مع الطفل مختلفة أيضا، فتتكون هناك تناقضات في النظرة إلى القيم والمبادئ. وفي وضع أسس للتعامل مع الطفل وتربيته بطريقة ترضي الطرفين. وحيث أن الطفل عاجز تماما عن التعبير عن هذا التناقض فإنه يلجأ عادة إلى أسلوب الخداع والتحايل الذي يؤثر سلبيا على سلوكه في المستقبل، فبذكائه يستطيع أن يحصل على مبتغاه من الطرف الأكثر لينا، ويلعب لعبة شد الحبل في جعل الوالدين يتسابقان لإرضائه أحيانا حتى ولو على حساب علاقتهما يبعضهما.


إذا ما دور الأب في التنشئة وكيف يحقق النجاح في مساعدة الأم دون الدخول في صراع السلطة:


- أولا يحتاج الأب أن يدرك أن دوره لا يقتصر على إعطاء الأوامر وممارسة الأبوة من بعيد، فالتعامل اليومي مع الطفل والمشاركة في تفاصيل حياته من طعام ودراسة ولعب، يخلق نوعا من العلاقة الودية التي تعطيه الفرصة لتوجيه طفله بمحبة ويجد القبول من الطفل. وهنا يمكن أن يكون للأب دور مؤثر في تربية أطفاله بطريقة غير مباشرة أو قاسية، ويكون للقدوة هنا تأثير كبير في التربية.


- التفاهم المشترك الودي بين الأب والأم على كيفية التعامل مع رغبات الطفل سواء الرغبات الصحيحة أو الرغبات الضارة كالسهر ومشاهدة التلفازن لفترات طويلة، وفرض رأيه المستمر على الوالدين، فهذا التفاهم المسبق لكيفية التعامل مع الطفل يجنب الوالدين الكثير من الخلافات، ويجعل موقفهما قويا وواحدا أمام الطفل.


- إن الأب الذي يغيب عن البيت لفترات طويلة قد يجد صعوبة في فهم بعض التفاصيل اليومية للطفل، فمحاولة التدخل في هذا الأمر قد يزيد الموضوع سوءا، فعلى الأب أن يتنازل ويسأل الأم عن الطريقة الأفضل التي يجب أن يتعامل بها مع أطفاله. وعن الأمور التي تحصل في غيابه ليكون على اطلاع كامل بتطور أطفاله عاطفيا وسلوكيا، وذلك يسهل عليه مهمة الاتصال الصحيح بهم.


- على الأب أن يتجنب تماما الخلاف مع الأم أمام الطفل أو توجيه اللوم لها، لأن هذا الوضع يخلق جوا من التهاون وعدم الاحترام للأم، مما يضعها في مأزق وخصوصا عند غياب الأب للعمل، حيث تفقد سلطتها على الأولاد بسبب موقفه منها.

- يواجه الأبوان عادة مشكلات مع الأولاد يستعصى عليهم حلها بمفردهم، لذلك فمن الحكمة أن يتوجه الأبوان لاستشارة أحد المختصين في التربية، وأن يعملا معا على تخطي المشكلة يدا بيد، وذلك لأن المشورة تأتي بثمر جيد في مثل هذه الحالات، وعدم الشعور بالحرج من طلب الاستشارة، لأن الإنسان لا يستطيع أن يكون ملما بكل الأمور.


وأخيرا .. فإن التأكيد على تربية الطفل إنما تعني مسيرة من العمل الجاد والتفاهم بين الأب والأم على كيفية التعامل مع هذا الطفل ليكون فردا نافعا لأهله ولمجتمعه ووطنه، وهنا يقاس نجاح الأب ونجاح الأم، إن القدرة على إنشاء جيل صحيح هي المقياس الصحيح للنجاح.
 
0030.gif
 
عودة
أعلى