التربية بـ"لغة الحُب" و فن استخدامها مع طلاب التربية الفكرية ..!!

خالدالطيب

شخصية هامة
التربية بـ"لغة الحُب" و فن استخدامها مع طلاب التربية الفكرية ..!!


بقلم أ. نذير خالد الزاير

مشرف برنامج الدمج بمدرسة الجبيل المتوسطة

مشرف بمجلة احتياجات خاصة

توجد في داخلنا طاقة يُمكن أن تتحدى الكون ، و تقهر كل حروب الدُنيا .. إنّها "الحُب" و نستطيع أن نستخدمها في التعليم ، كما في ضوء هذا السياق سنستخدم مسمى جديد في هذه المقالة هو "التربية بالحُب " بهدف جعله أحد الإستراتجيات الرائدة في تعليم طلاب التربية الخاصة اليوم وتلاميذ التربية الفكرية تحديداً ؛ حيث إن هذا النوع يُعتبر علاجاً نفسياً ، الحُب ليس جريمةً أو عيباً ، و لكن علينا أن نتحرّر منه قليلاً لنوجهه للآخر الذي يحتاج أن ينمو و يرتقي بجوانب من جسده و سلوكه و شخصيته .. إنه الإنسان سواء أكان من العاديين أو من الأشخاص ذوي الإعاقة .


و هنا يطرأ سؤال غاية في الأهمية ، وهو كيف يمكن لنا تفعيل طاقة الحب تربوياً وتوجيهها من أجل الارتقاء بتلاميذ التربية الفكرية بوجه خاص أو بأي إنسان من فئات التربية الخاصة بوجه عام ؟! قبل الإجابة على السؤال المهم ننتقل بك أخي القارئ / أختي القارئة لتقريب الفكرة لأذهانكما إلى موقف ميداني تعرّض له أحد معلمي التربية الفكرية في بداية خدمته:


" ذهب معلّم تربية خاصة في أول سنة له في التدريس إلى الفصل الملحق بالمدرسة العادية بهدف تبادل خبرات ومعارف بمجال التدريس وجلس بين التلاميذ ، لم يُعر المعلِّم المستجد أي اهتمام لأحد التلاميذ الذي يقرب منه ـ و لديه متلازمة اسبرجر ـ ، فقط جلس ليستمع مع التلاميذ لإحدى الحصَص الدراسية والتي كان يعرضها معلم الفصل بأسلوب مبسّط لهم ، و إذ به يجد التلميذ القريب منه والذي مدوّن بملفه أن لديه متلازمة اسبرجر يضغط بقدمه على حذائه ويُظهر سلوكيات يؤذي نفسه بها مما يعيق شرح المعلِّم ، ابتسم المعلّم المستجد ثم أبعد قدمه عنه فعاد للضغط من جديد ، بدأ في توبيخه – لم يكن ليعرف كيف يمكن أن يتعامل معه؟! فلم يكن قد اكتسب خبرات تربوية عملية بعد...!– لم يهدأ التلميذ أيضاً ،


قرّر المعلم المستجد أن ينسحب بهدوء من الفصل وبعد نهاية الدوام الرسمي عاد المعلم المستجد إلى منزله آخذاً على نفسه علاج الموضوع برغم أن المدرسة لا يوجد بها معلم للتدريبات السلوكية أو اختصاصي نفسي، بدأ في قراءة بعض المراجع الخاصة والدراسات والأبحاث في علم النفس وتحديداً العلاج النفسي واستشار عدداً من ذوي الاختصاص والاهتمام ، وَ فكّر أنه لا بد أن يتم عمل تفريغ انفعالي لهذا التلميذ من عدوان – على اعتبار أن ما قام به التلميذ عبارة عن سلوك عدواني


وفي الأسبوع التالي ذهب للمدرسة تملأُه بعض الثقة مما اطلع عليه فقد رأى في نفسه معالجاً نفسياً رغم أنه مازال طالباً !! قام بمصافحة هذا التلميذ وضغط على يديه بشدة ثم طلب منه أن يبادله نفس القسوة وَ نفس الشِّدة على اعتبار أنه يريد تفريغ طاقته الانفعالية قبل كل شيء .. والواقع أن ما كان يقوم به لا يمت للعلاج النفسي بصلة .


ومرت فترة عرف فيها أن العدوان لا يزال بمثله بل بالحب والرفق ، فهذا التلميذ ذو الإعاقة ليس عدوانياً بل هو إنسان يطلب منا اهتماماً واحتراماً .. جلس بجوارهفي المرة الأولى وكأنه مجرد جماد أو غير موجود ، والآن وبعد زمن اعترف بأمانة أنه كان هو العدواني منذ البداية وأنه هو الذي كان محتاجاً لتعديل السلوك ، وقف متعجباً من نفسه كيف وقع في هذا الخطأ ، و لكنه أيضاً التمس لنفسه العذر فقد كان في بداية خدمته مشواره في الميدان "


نستفيد من القصة أن ( معلّم / معلمة التربية الفكرية سيبقيان متعلمين حتى من تلاميذهما مهما وصلا بدرجتهما العلمية ، و هذا هو شعار كل معلّم ومربٍ فاضل يحمل رسالة ) هكذا بالحُب يتغيّر كل شيء ويصبح المستحيل ممكناً ، و على ذلك يمكن أن نُسمّي الحب فناً ، نعم .. بالحب كل شيء ممكن ..


ما يهمنا أنه بنهاية تقبلّه لهذا الطالب دون قيود أو شروط ، أعطاه من وقته و جهده ، وأصرّ أن يُساعده بحبه فتغير ، وشعر أن هُناك إنساناً يُريد منه أن يكون أفضل فكان .


و على ضوء ماسبق .. يجدر ذكر جملة مختصرة لمقال كتبته خلال دراستي في جامعة الملك سعود عبر رسالة الجامعة بعنوان ( إنسانية المعوّق ) وهي " ألاّ نتعامل مع المعاق بإعاقته ابتداءً بل أن نتعامل معه كإنسان ومبدأ الإنسانية هو ما يُشعرنا بالمسؤولية تجاه حسن معاملته "


"همسة ":


نستفيد نحن ذوي الاختصاص في التربية الخاصة أسلوباً جديداً نستطيع أن نطلق عليه في ميدان التربية الخاصة " التربية بلغة الحب " .

 
0021.gif
 
الوسوم
منتديات. شبكة. العربية. العامة
عودة
أعلى