مفهوم الاعلام التربوي

مفهوم الأعلام التربوي:
دخل مصطلح " الأعلام التربوي" الكتابات العلمية التربوية حديثا عندما بدأت المنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) تستخدمه في أواخر السبعينات للدلالة علي التطور الذي طرأ علي نظم المعلومات التربوية وأساليب توثيقها وتصنيفها والاستفادة منها (محمد منير سعد الدين ، 1995،9).

ولما كانت المعالجة العلمية لآي موضوع تقتضي العناية بتحديد مسميات الألفاظ والمفاهيم المستخدمة ، ولما كانت مشكلة التعريفات تبرز دائما لتفرض نفسها بإلحاح ، ولما كان المناطقة قد اشترطوا لتعريفاتهم أن تكون مانعة جامعه أي أن يكون التعريف محددا وشاملا .
لذا نجد لزاما علينا البدا بتحديد المفاهيم أوالتعريفات لكل من الأعلام والاتصال والتربية والتعليم ، وفي النهاية لنصل إلي تعريف الأعلام التربوي.

1- الأعلام Mass communication
1-المعني اللغوي للأعلام :
علم الشئ بالكسرة يعلمه (علما) عرفة وستعلمه الخبر (فأعلمه) إياه. (محمد بن أبى بكر الرازي ، د.ت، ص452) .
والأعلام مصدر الفعل الرباعي المزيد (اعلم) ومجرد الثلاثي (علم) ومن مشتقات مادة (ع.ل.م) . أعلام ، إعلام ، وعلامات ، ومعلم ، وعالم ، وعالم ، ومعلوم ، ومعلومات ، واستعلم ، والعالمين التعليم . ويعني الأعلام في اللغة : الأخبار والأبناء والتعليم والأعلام بالشئ إظهار حقيقته ونقل العلم به الي الغير ، فلا بد للأعلام بكل أشكاله من علم وحقيقة ثم نقل هذا العلم وإبراز تلك الحقيقة للغير أوالجمهور (الناس علي وجه العموم) . (محمد حمد خضر ، 1987، ص9-15) .

2- المعني الاصطلاحي للأعلام :
لقد اختلفت تعريفات الأعلام باختلاف ثقافة وغرض وهدف من يعرفه ، وأيضا باختلاف التخصص ، وقد ظهرت تعريفات عديدة للإعلام تناقلت من كونه وسيلة أوأداة أوعملية أوفن أوأسلوب أوكعلم. ونشير فيما يلي بعض هذه التعريفات .

فهناك من عرف الأعلام علي انه عملية دينامية تهدف تزويد الناس بالأخبار الصحيحة والمعلومات الدقيقة والحقائق الثابتة ، والتي تساعدهم علي تكوين رأي صائب في واقعة أومشكلة يعبر تعبيرا موضوعيا عن عقلية الجماهير واتجاهاتهم وميولهم (محمد حمد خضر ، 1987، 11: 12) وهناك من يري الأعلام هوتقديم الأخبار والمعلومات الرقيقة الصادقة للناس ، والحقائق التي تساعدهم علي إدراك ما يجري حولهم ، وتكوين أراء صائبة في كل ما يهمهم من أمور ، ويتم ذلك من خلال وبواسطة وسائل تحمل للناس هذه المعلومات والحقائق والأخبار يطلق عليها وسائل الاتصال بالجماهير وهي وسائل لا تقتصر علي الإعلام فقط بل تقوم بالإعلان والتعليم والترويج . (كرم شلبي ، 1989 ،ص292) .

كما أن الأعلام عملية دينامية تهدف إلي توعية وتثقيف وتعليم وإقناع مختلف فئات الجماهير التي تستقبل مواد مختلفة وتتابع فقراته وبرامجه ويجب أن يكون هناك فكرة محدودة دور حول معني معين يهدف مرسلها إلي توصيلها إلي تلك الجماهير .
وتتسم هذه العملية الدينامية بأنها ترتكز علي الصدق والصراحة ومخاطبة عقول الجماهير وعواطفهم السامية والارتقاء بمستور الرأي ، ويقوم الأعلام علي التنوير والتثقيف مستخدما أسلوب الشرح والتفسير والجدل المنطقي (محمد حمد خضر ، 1987، 11-12) .

ومما سبق يمكن أن نستنتج أن :
الأعلام نشاط اتصالي تنسحب علية كافة مقومات النشاط ألاتصالي ومكوناته هي :
مصدر المعلومات ، الرسائل الإعلامية ، الوسائل الإعلامية ، جمهور المتلقين والمستقبلين وترجيح الأثر الإعلامي ، كما يتسم الأعلام بالصدق والدقة والصراحة وعرض الحقائق والأخبار دون تحريف ، ويتصف كذلك بأنه التعبير الموضوعي لعقلية وروح وميول واتجاهات الجماهير ، وليس نشاطا ذاتيا .

كذلك يسعى الأعلام إلي محاربة التحيزات والخرافات ، ويعمل علي تنوير الأذهان وتثقيف العقول ، ويستهدف الأعلام الشرح والتبسيط والتوضيح للحقائق والوقائع ، أيضا يترتب علي الجهود الإعلامية تأثير فعلي في عقلية الجمهور ومستويات تفكيره وإدراكه ويؤدي ذلك إلي إحداث اليقظة والنمو والتكيف الحضاري . كما يتأثر الرأي العام بالجهود الإعلامية ، وتزداد أهميه الأعلام كلما ازداد المجتمع تعقيدا وتقدمت المدينة وارتفع المستوي الفكري والثقافي والتعليمي لأفراد المجتمع (عاطف عدلي العبد ، 1989، ص8:9) .

2- الاتصال Communication
1-المعني اللغوي للاتصال :
الاتصال كلمة مشتقة من مصدر الفعل (وصل) الذي يحمل منعني رئيسي وهوالربط بين شخصين وذلك عكس الانفصال والقطع والبعد ، والربط يعني إيجاد علاقة من نوع معين تربط الطرفين (مصطفي حجازي ، 1982، ص19) ووصل الشئ بالشئ أنهاه إلية وأبلغه إياه .
والاتصال يقال بينهما وصلة وما اتصل بالشئ فنقول وصلني الخبر ووصل إلي الخبر (المعجم الوسيط ، 1985 ، ص1079 : 1080) .

وهنا يبين لنا الاشتقاق اللغوي كم هي معبرة اللغة العربية عن المعني الحقيقي للاتصال وظيفيا وإنسانيا ، كما نلمس كم تتقارب المعاني ودلالاتها لكلمتي إنسان (من أنس ألف) واتصال (وصل ، جمع وربط) (مصطفي حجازي ، 1982 ، ص19) .
 
المعني الاصطلاحي للاتصال:
لقد تناول العديد من العلماء والمتخصصين الأجانب والعرب تعريف الاتصال وتباينت وجهات النظر وتقاربت أحيانا ، بل وتكررت مرات كثيرة ، ونورد فيما يلي بعض تعريفات الاتصال .

يرجع اصل كلمة اتصال Communicationإلي الكلمة اللاتينية “communis” ومعناهاCommon أي مشترك أوعام وبالتالي فإن الاتصال كعملية يتضمن المشاركة أوالتفاهم حول شئ أوفكرة أوإحساس أواتجاه أوسلوك أوفعل ما .

ويعد الاتصال من السمات الإنسانية الأساسية سواء كان في شكل صور أم موسيقي ، وسواء أكان إتصالا فعليا أم مستترا ، إعلاميا أم إقناعنا ، مخيفا أم مسليا ، واضحا أم غامضا ، مقصودا أم عشوائيا ، داخليا أم مع أشخاص آخرين ، فالأنصال إذن هوالقناة التي تربطنا بالإنسانية ، وهوالذي يمهد لكل ما نقوم به من أفعال (حسن عماد مكاوي ، 1998) .

كما أن الاتصال عملية يقوم بها الشخص في ظرف ما ، بنقل رسالة ما ، تحمل المعلومات أوالآراء أوالاتجاهات أوالمشاعر إلي الآخرين لهدف ما عن طريق الموز بغض النظر عما قد يعترضها من تشويش (صالح خليل أبواصبع ، 1999) .

كما يعرف الاتصال علي انه " العملية الاجتماعية التي يتم بمقتضاها تبادل المعلومات والآراء والأفكار في رموز دالة بين الأفراد أوالجماعات داخل المجتمع " ، وبين الثقافات المختلفة لتحقيق أهداف معينة ( محمد عبد الحميد ، 1998)

وعلي ذلك فإن الاتصال كعملية تعني سلسلة من العمليات أوالأحداث المستمرة المتحركة دائما تجاه هدف ، ذلك أن الاتصال ليس كيانا جامدا أوثابتا في دنيا الزمان والمكان ، ولكنه عملية ديناميكية يتم استخدامها لنقلل المعاني والقيم الثقافية والخبرات المشتركة .

3- التربية “ Education "
1- المعني اللغوي للتربية :
التربية : تعني علي المستوي اللغوي من خلال إعادتها إلي أصول لغوية ثلاثة وهي :
(ربا) و(ربي) و(رب)
فالأصل الأول : ربا ، يربو ( بمعني نما ، ينمو) .
الأصل الثاني : ربي ، يربي بوزن خفي يخفي ، ومعناه نشأ وترعرع .
الأصل الثالث : رب يرب ( بمعني أصلحه وتولي أمره وقام علية ورعاه ) .
( عبد الرحمن الباني ، 1983 ، 7 ) .

2- المعني الاصطلاحي للتربية :
التربية يتغير أسلوبها من مجتمع لأخر ، لأن لكل مجتمع نظامه الاجتماعي وفلسفته الخاصة وأسلوب حياته وفق أهداف ومبادئ وقيم خاصة بهذا المجتمع ( نازلي صالح أحمد ، 1983 ،6 ) وفي هذا الإطار نجد من يعرف التربية بوجه عام بأنها عملية تكيف الفرد الإنساني مع بيئته التي يعيش فيها ، وهي تعني مساعدة الفرد أوإعداده لكي يتكيف بنجاح مع بيئته ، وعملية التكيف هذه تأتي من خلال عمليات التفاعل التي تتم بطرق مباشرة أوغير مباشرة بين الفرد وبيئته ( ثابت كامل حكيم ، 1993 51 ) .



ويمكن النظر إلي مفهوم التربية من زاوية الدور الذي تقوم به في نقل التراث الثقافي ، فهي أذن وسيلة المجتمع للمحافظة علي تراثه الثقافي ، وهي في ذات الوقت وسيلة المجتمع لنشر الجديد والمستحدث وتدعيمه بين الأجيال والناشئين ، ومن ثم تصبح التربية عاملا من عوامل التغيير ، وتكون بذلك هي تلك الأداة التي يستخدمها الإنسان وتميزه عن سائر الحيوانات الأخرى (براتر اندرسل ، د.ت ،11) .

والتربية هي عملية تشكيل وإعداد أفراد إنسانيين في مجتمع معين في زمان ومكان معينين حتى يستطيعوا أن يكتسبوا المهارات والقيم والاتجاهات وأنماط السلوك المختلفة التي تيسر لهم التعامل مع البيئة الاجتماعية التي ينشئون أفرادا فيها ومع البيئة المادية أيضا ، وهذا يعني أن التربية من عملية تنمية للأفراد الإنسانيين يقوم بها أفراد إنسانيون ، وهي بذلك تقوم علي أساسين التلميذ والوسيلة التربوية التي تشكل طبيعته الإنسانية (محمد لبيب النجيحي ، 1976 ،10 ) .

وهذا التعريف ينطلق من كون التربية عملية تطبيع اجتماعي تهدف إلي اكتساب الصفة الإنسانية التي يتميز بها الإنسان عن سائر الحيوانات .

والتربية كعملية فردية بمعناها الواسع وبصورتها غير المقصودة قد وجدت بظهور أول كائن حي لدية القدرة علي التعلم ، وكعملية اجتماعية ، فإنها وجدت منذ أن كان لدي الأعضاء نفس القدرة من خلال ترابطهم في جماعات ، أي أن الإنسان قد مارس عملية التربية من خلال حياته الطويلة علي الأرض (منير المرسى سرحان ، 1987 ،31) .

وعلي هذا فإن التربية في أصلها " عملية تنشئة اجتماعية " تهدف إلي اكتساب الأفراد لثقافة مجتمعهم وعن طريق هذه العملية يكتسب الفرد الكفاية الإنتاجية والصفات السلوكية التي تؤهله للحياة في مجتمعة (محمود أبوزيد ، 1996، 2) .

وهنا تصبح التربية مجهودا تطبيقيا يهدف إلي ترجمه فلسفة المجتمع إلي مفاهيم وعادات واتجاهات ومهارات وسلوكيات لدي الأفراد ، كما تهدف إلي إحداث تعديل علي مستوي المؤسسات الاجتماعية حتى تتدعم هذه الاتجاهات والمهارات .
 
الأعلام التعليمي ... والاتصال التربوي
لم يظهر مصطلح " الأعلام التربوي " علي سطح الكتابات العلمية التربوية إلا حديثا حين بدأت المنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم تستخدم في أواخر السبعينات للدلالة علي التطور الذي طرأ علي نظم المعلومات التربوية وأساليب توثيقها وتصنيفها والافاده منها (مصطفي رجب ، 1989 ،8) .

وحين تعظم دور وسائل وامكانيه استخدامها في كل من التعليم الرسمي وغير الرسمي بما يمكن أن يسهم في حل مشكلات الكم والكيف التي بات يئن منها الحقل التعليمي والتربوي ، فضلا عن تنوع وتباين هذه الوسائل في طبيعتها وأسلوبها ، وبالتالي ما تقدمه من أساليب وطرق عدة للتعليم وما يمكن أن يتولد عن هذا التنوع من مزايا تخدم الطلاب والمعلمين (إبراهيم المسلمى ، د.ت ، 11) .

ومن ثم جاءت ضرورة التفكير في هذا الموضوع ، وضبط برنامج عمل للوصول بالمدرسة إلي مزيد من التفتح علي ما تقدمه قنوات الأعلام والاتصال من معارف غزيرة متنوعة والحيلولة دون تجاهل المدرسة لهذه المعارف في عصر طغت فيه وسائل الاتصال علي المدرسة ، وخلقت للتلاميذ محيطا لا تنسجم أشكاله ومحتوياته في أغلب الأحيان مع تصورات المدرسة ومحتويات برامجها (مصطفي المصمودى ، 1982 ، 171) .

لقد بقيت المدرسة حتى أوائل هذا القرن ، حتى في المجتمعات الصناعية المصدر الأول للمعرفة والمدرس ( الموزع الشرعي ) لهذه المعرفة ، واعتمد الفرد نتيجة لذلك علي المدرسة كمصدر لمعرفة العالم ولتنمية قدرته علي السيطرة علي أنماط من السلوك تمكنه من أن يحتل مكانه فيه ، أما اليوم فان اغلبيه المجتمعات تشهد تنافسا مكشوفا أومستترا بين النظامين التربوي والإعلامي ، وهذا التنافس يولد تناقضات بل صعوبات خطيرة في عقل الإنسان
فالنظام التربوي يقوم علي قيم النظام والطريقة وعلي البرمجة وعلي المجهود الشخصي والتركيز وعلي المنافسة ، وهوبهذا يتعارض مع نظام الاتصال الذي يهتم بالجديد وبالموضوعات المتعددة ويقدم ما يسهل فهمه ، ويعكس الاضطرابات في العالم ، وينمي قيم اللذة والمتعة ، وهذا التناقض مقبول في الدولة الغنية حيث تسود قاعدة البذخ والإسراف لكنه لا يناسب ظروف الدول النامية ، ومع هذا فإن وسائل الأعلام والاتصال في واقعها امكانيه كبيرة وطاقة ضخمة بغير نظير في نقل المعارف والمعلومات في المجتمعات جميعا (شون ماكبرايد ، 1981 ، 166) .

وعلي ضوء ذلك ما هوالاتصال التربوي كمصطلح يعد أحد القضايا التي يثيرها مصطلح الأعلام التربوي من منطلق التداخل بينهما ، مثله في ذلك مثل ما يشيرة مصطلح الأعلام التعليمي ؟ (حسن خليل ، 1999، 4) .

يهدف الاتصال التربوي إلي التحكم في سلوك الفرد عن طريق تنظيم بيئته ، ومسألة التحكم في سلوك الأفراد تأخذ منحنيين من مناحي البحث والمناقشة أولهما : منحي فلسفي ، يبحث ويناقش مدي سلامة تحديد سلوك الأفراد والتحكم فيه مع كفالة حريتهم الشخصية وحقهم في اتخاذ القرارات . والمنحي الثاني : علمي يبحث ويناقش إمكانية توصل العلم إلي درجة التحكم في سلوك الأفراد في ظل تعقد وتشابك العوامل المؤثرة فيه ، التي تجعل التنبؤ الدقيق بهذا السلوك صعبا أن لم يكن مستحيلا في الوقت الحاضر .

وعلي ضوء ذلك يمكن تعريف الاتصال التربوي علي أنه " نقل للأفكار والمعلومات التربوية والتعليمية بصفة خاصة من الناظر أومدير المدرسة إلي المعلم والعكس أومن الناظر والمدير إلي مجموعه من المعلمين إلي مجموعه أخرى سواء بالأسلوب الكتابي أوالشفهي أووسائل أخرى مختلفة بحيث يتحقق الفهم المتبادل بين آسرة المدرسة وينتج عنة اقتناع من جانب المتصل به مما يؤدي إلي وحدة الهدف والجهود ، بحيث تتحقق في النهاية المدرسة وفلسفتها التربوية والتعليمية ( نفس المرجع السابق) .

الإعلام ... والاتصال التربوي
من خلال العرض السابق نلاحظ الفرق بين كل من الإعلام التعليمي والاتصال التربوي وذلك يسمح لنا بالانتقال إلي أن نلاحظ الفرق بين كل من الإعلام والاتصال التربوي .

الأعلام وحيد الاتجاه : نشر أخبار ، برنامج إذاعي أوتليفزيوني ، أوملصق ، أومطبوعة الخ ينتقل معلومات ويهدف إلي التأثير علي الجمهور ولكنه لا يتأثر باستجاباتهم (علي الأقل لحظة البث ) ولا يترك مجالا لإرجاع الأثر إلا بشكل بعدي ، أي أن الأعلام تقنيا يخلومن التفاعل المباشر ، ذلك ما يميز الاتصال عنه ، فهويتصف بالمواجهة والتفاعل وتبادل التأثير علي أننا يحسن أن نتذكر أن أي أنباء يدعي القدرة علي التأثير والتفاعل أوأن المثل الأعلى للأنباء هوخلق تفاعل من الجمهور ولوعن بعد (مصطفي حجازي ، 1982،19) .

هذا وقد اتخذت الجمهور من اجل التوازن بين التعليم والأعلام أشكالا مختلفة ، فالبعض ينظر إلي وسائل الإعلام علي إنها مصدر للمعرفة والمعاصرة ، في حين ينصرف التعليم إلي نقل التراث والتقاليد المتراكمة عبر الأجيال ، بيد أن البعض الأخر يتمني قيام المدرسة بتكريس جهودها لزيادة الوعي الاجتماعي السليم عند الأفراد ، وأعدادهم لشغل مناصب مسئولة ، وللإسهام في التنمية الاقتصادية للأمة في حين يضع الأعلام نفسه في خدمة الترويج وملء وقت الفراغ إلي جانب تشجيع التبادل والتفاهم الدولي ، وهناك من يري أن علي المدرسة مقابل الجلبة والضوضاء التي يثيرها الإعلام أن يكون ملاذا أمينا يتيح الهدوء والتأمل والتدريب العقلي والتكامل . (إبراهيم عبد الله المسلمي ، د.ت ،ص12) .

الإعلام ... والاتصال
إن كلمة إعلام إنما تعني أساسا ( الأخبار) وتقديم معلومات To Information أي أن اعلم ويتضح فيها وجود اتجاه واحد من مرسل Sender ووجود رسالة إعلامية massage (أخبار معلومات) إلي مستقبل Receiver كمونولوج monologue أي حديث من طرف واحد ، وإذا كان المصطلح يعني نقل المعلومات والأخبار فهوفي ذات الوقت يشمل أية إشارات أوعلامات أوأصوات وكل ما يمكن تلقيه أواختزانه .

وهو بهذا المعني اقرب إلي مصطلح Data أي البيانات أوالمعلومات وما نصطلح علي تسميته قاعدة المعلومات أوالبيانات التي نجمعها information gathering وتخزينها restoring في العقول الإلكترونية Computer واسترجاعها Regaining متي شئنا ؛ وهو يشمل أيضا تقديم الأخبار والمعلومات الدقيقة الصادقة للناس وللحقائق التي تساعدهم علي أدراك ما يجري حولهم وتكوين آراء صائبة في كل ما يهمهم من أمور ، أويتم ذلك من خلال وبواسطة وسائل تحمل للناس هذه المعلومات والحقائق والأخبار .
يمكن بذلك أن نصل إلي القول بأن الأعلام هوتقديم الأفكار والآراء والتوجيهات المختلفة إلي جانب المعلومات والبيانات بحيث تكون النتيجة المتوقعة والمخطط لها مسبقا أن تعلم الجماهير مستقبل الرسالة الإعلامية ، كافة الحقائق ومن كافة جوانبها ، بحيث يكون في استطاعتهم تكوين أراء وأفكار يفترض أنها صائبة بحيث يتحركون ويتصرفون علي أساسها من اجل تحقيق التقدم والنمووالخير لأنفسهم والمجتمع الذي يعيشون فيه .

أما كلمة اتصال Communication في ذاتها تعني " نقل معلومات من اجل نشرها وذيوعها عن طريق المشاركة " فالكلمة ذاتها أيضا مشتقة من الكلمة اللاتينية Communis ومعناها مشترك ، وهذا يعني وجود رسالة مشتركة ، كما تعني الكلمة أوالمصطلح استخدام اللغة أوأي رموز غير منطوقة لتوصيل معلومات ونشرها من اجل أقامه تفاعل اجتماعي Social Interaction (عبد المجيد شكري ، 1996) .

علي أيه حال :
فان أيسر أسلوب لفض الاشتباك بين الاصطلاحيين بعد ذيوع مصطلح إعلام وتفوقه بصورة أوبأخرى علي مصطلح اتصال الذي كاد أن يتخلى عن مكانة لمصطلح إعلام بالرغم من أن الأعلام جزء من وظائف الاتصال ، فقد أصبح من المقبول استخدام مصطلح أعلام الأكثر شيوعا عندنا ، بشرط أن يحتفظ ذلك المفهوم الشائع بكافة الأبعاد التي تميز الاتصال ووسائل الاتصال الجماهيري، من حيث هواتصال قائم علي المشاركة وان يتسع حق الأعلام ليشمل كافة عناصر الحق في الاتصال .

بل لعل الجمع بين الاصطلاحين يكون هوالأنسب للوصول إلي درجة كبيرة من التوافق بينهما فتقول الاتصال الإعلامي الذي يعني اليوم بالضرورة الاتصال الجماهيري ، والحقيقة تقول انه مهما فرض اصطلاح إعلام نفسه علي الساحة الاتصالية والمعرفية ، فقد بقي مفهوم ومعني الاتصال هوالمسيطر علية ولم يعد منطوق اللفظ هوالذي يفرض نفسه ، بل مضمون اللفظ هوالذي يحدد هوية المصطلح .
 
الإعلام ... والتربية
أما الإعلام التربوي فيشتمل علي بقية وسائل الإعلام العامة في إطار من المهام التربوية للعملية التربوية والبحث العلمي التربوي وتعتبر أجهزه الإعلام وهي مؤسسة اجتماعية لها من حقوق مؤسسة أخرى في سعيها في البقاء والتكيف من خلال اكتمال أدائها الوظيفي كوحدة من النظام الثقافي المتكامل في المجتمع وبالتالي فإن عليها أيضا واجبات ينبغي لها أن تقوم بها غير أن تلك الواجبات مهما تتسع فلا ينبغي أن تعمل علي تحويل وسائل الإعلام عن وظائفها التقليدية كالإعلام والتثقيف والتحليل والشرح والترفيه إلي رسالة جديدة هي التربية والتعليم (نوال عمر ، 1986 ، 1) .

وعلي هذا فلا يجب التطلع إلي استخدامها استخداما مباشرا وحتى لوأمكن حدوث هذا فإن النتائج لن تكون طيبة بالنظر إلي الفروق الجوهرية بين المدرسة كنظام تربوي مؤسس ووسائل الإعلام بما فيها من كغايات متفاوتة القدرات وما لها من أساليب وتقنيات خاصة بها . وإذا كان لوسائل الإعلام إمكانية القيام بدور تربوي وذلك من خلال طرح محتوي إعلامي في إطار تربوي يسعى إلي تكريس وتعميق قيم المجتمع الخلقية مما يعتبر ذلك نوعا من الإعلام التربوي .

أما إذا اقتصر ما تقدمة من محتوي علي أهداف الترويح والترفيه والإشارة لاعتبارات تتعلق بأهداف كل مؤسسة إعلامية علي حدة خلوا من أي التزام تربوي وأخلاقي أصبح ذلك النوع من الإعلام غير تربوي بل قد يصبح هذا الشكل خطرا علي العملية التربوية ذاتها .(نفس المرجع السابق) .

هذا ويعتبر الإعلام التربوي اخطر صورة معاصرة لتوثيق وتنسيق التعاون بين التعليم والإعلام ، وان كان هناك خلاف حول مفهومه ، فهل هوالإعلام عن الجهود التربوية ؟ أوبمعني أخر، هل هوأنشطة العلاقات العامة التي تمارسها أجهزة التربية للإعلام بما تقوم به لتسويق جهودها ؟ أم هوالاستفادة من علوم الاتصال وتقنياته من اجل الوصول إلي أهداف التربية ؟

ولعل أساس هذا الخلاف هوجوهر هذا الإعلام النوعي والمحيط الذي يجب أن يشمله هذا المصطلح وهل هذا المحيط هوالحقل التعليمي بوسائله الضيقة والمتخصصة أم المجتمع بصفة عامة والواجبات التربوية لوسائل الإعلام ، وقد افرز لنا هذا الخلاف مفاهيم عدة بعضها ينظر إلي الإعلام التربوي من منظور أعم واشمل ويتجاوز تلك البيانات والمعلومات التي تبثها وسائل الإعلام بقصد استخدامها في النظام التعليمي والبعض الأخر يقتصرة علي الإعلام التعليمي (إبراهيم المسلمى ، د.ت ، 12-1) .
 
الإعلام التربوي ... ونظم المعلومات التربوية:
هناك وجهة نظر تنطلق من المعلومات التربوية من خلال منظومة متكاملة لهذه المعلومات تظهر فيها البني والهياكل والمكونات والعلاقات والتفاعلات والمخرجات في إطار واضح ومتكامل للأهداف وبوسائل متعددة لتحقيقها في إطار شامل يجمع كل عناصر هذه المجموعة . وقد أشار أصحاب هذا الاتجاه إلي أن التركيز إلي أن التركيز هنا يكون علي معلومات تربوية تنقل وترسل إلي فئات متخصصة تربويا علي الأخص وللعامة من خلال استخدام طرق متعددة ومتنوعة لهذا النقل والتوصيل مع محاولة الاستفادة من طبيعة الاتصال كعملية مردودة الاتجاه ( احمد روحي ، 1995، 73 ) .

ووجهة النظر هذه تري أن الإعلام التربوي هوالإعلام عن الجهود التربوية ويعرف الإعلام التربوي علي انه (التطور الذي طرأ علي نظم المعلومات التربوية وأساليب توثيقها وتصنيفها والاستفادة منها) . (محمد منير سعد الدين ، 1995 ، 9) .

وفي هذا الإطار عرف الإعلام التربوي علي انه " في معناه الضيق هوخدمة فئات معينة من العاملين في ميدان التعليم بينهم المخططون والباحثون والأخصائيون والموجهون ومصمموالمناهج والمختصون في اقتصاديات التعليم وفي شئونه الإدارية " ومن مظاهر الإعلام التربوي بهذا المفهوم جمع الوثائق والبيانات الإحصائية وغيرها من المعلومات ومعالجتها فهرسة وتحليلا وتلخيصا وترجمة ونقلها إلي الباحثين والإداريين وغيرهم لاستخدامها بأشكال مختلفة كالببلوجرافيات والمستخلصات والمذكرات التأليفية والإجابة عن الأسئلة بمساعدة كتب المراجع وبنوك المعلومات وتزويد المستفيدين منها بالترجمات والصور والوثائق المطلوبة .

أما بمفهومه الواسع فيشمل زيادة علي كل ذلك مختلف أنواع مرافق المعلومات التي تكون أساسا في خدمة التلاميذ والطلبة والمعلمين والاساتذه أهمها طبقا المكتبات المدرسية ومراكز الوسائل التربوية والمكتبات الجامعية والتليفزيون المدرسي، علاوة علي أنواع أخرى من مرافق الإعلام لا تقتصر علي خدمة الطلبة والأساتذة ، وأنما يمثل هؤلاء صنفا مهما من مستعمليها ، كالمكتبات العمومية والوطنية ومراكز التوثيق الوطنية والمختصة ( عبد العزيز عبيد ، 1982 ، 38 : 39 ) .

ويرتكز هذا الفهم للإعلام التربوي علي نظم المعلومات التربوية والذي يوفر المادة الخام والمحتوي للإعلام التربوي .

هذا النظام للمعلومات التربوية والذي يشار أليه علي انه مجموعة من الأجزاء المرتبطة داخل علاقات منظمه تهدف جميعها إلي تحقيق هدف واحد أومجموعه من الأهداف التي تتمركز حول توفير المعلومات التربوية الوظيفية واستخدامها لخدمة التجديد والتطوير التربوي في مختلف القطاعات .

وعلي ذلك فإن نظام المعلومات التربوية هونظام فرعي أوجزئي داخل كل دولة عربية يختص بتجميع وتنظيم وتشغيل وتحليل وإرسال المعلومات التربوية إلي مركز اتخاذ القرار ومواقع المستفيدين بما يتفق واحتياجاتهم من حيث الشمول والنوعية وفي التوقيت المناسب (محي الدين عبد الحق إمام ، 1982 ، 126 ) .

وتتطلب عملية الإعلام بهذه المعلومات التربوية مجموعه من الوظائف مثل جمع المعلومات من مصادرها ومعالجة هذه المعلومات بوسائل وأشكال المعالجة المختلفة ، كذلك تخزينها والاحتفاظ بها كرصيد معرفي واسترجاعها عن الحاجة ثم تأتي نهاية هذه الوظائف وأهمها وهي الإعلام عن المعلومات التربوية وتقديمها وإيصالها إلي مجموعات المستفيدين والمستخدمين لها ، ويتم ذلك في إطار منظومة الإعلام والمعلومات التربوية ( احمد روحي ، 1995 ، 74) .

ويري مصطفي رجب " أن الفهم التقليدي لمصطلح الإعلام التربوي والذي كان بتعمد النظر إلية علي انه تلك البيانات الخاصة بالعملية التربوية وطرق تبويبها وفهرستها ونشرها " هذا الفهم من وجهة نظرة يوصد الباب إمام محاولة اختراق الحاجز الذي تتستر وراءه وسائل الإعلام بدعوى الحرية فتقدم بدعوى الترفيه بعض الإسفاف والهبوط ( مصطفي رجب 1989 ، 8 ).

الإعلام التربوي ... وتقنيات الاتصال
وهناك نظرة أخرى ترى أن الإعلام التربوي هوالاستفادة من علوم الاتصال وتقنياته من اجل الوصول إلي أهداف التربية ، وعلي هذا فقد عرف الإعلام التربوي علي انه " الاستفادة من التقدم في تقنيات الاتصال وعلومه لتحقيق أهداف التربية " وهذا ما يتبناه بعض الباحثين في دول الخليج العربية (حمود البدر ، 1992 ،41 ،58 ) .

وبالنسبة لبعض الفوائد التي يمكن تحقيقها من خلال استخدام علوم الاتصال في المجال التربوي فنذكر منها : أنها تقلل من المشكلات الناجمة عن الاتساع الكلي للطلب علي التربية ، وتقلل من حدة نقص المعلمين ونقص كفاءتهم ، وتقلل من حده التفاوت بين مخرجات التعليم ، وتساعد في حل مشكلة إعادة تدريب المعلمين وتعزيز معلوماتهم ، وتساعد علي تركيز التلاميذ وعدم تشتيت الذهن ، كما يمكن عن طريقها التكرار والتوثيق ، فإذا ما أحسن استخدام وسائل الإعلام في الميدان التربوي ، فإن الإعلام يحظى بخبرة وغزارة علم التربويين ، وستحظى التربية بحيوية وتجدد وتنوع وسائل وتقنية الاتصال بما يساعد علي تحقيق أهداف المجتمع . ( نفس المرجع السابق، 78 : 79 ) .

وأشير إليه أيضا علي انه " نظام إعلامي يخدم الجوانب التربوية عن طريق تسخير الوسائل الإعلامية ، بما وصلت إليه من تقنيات عالية في إيصال المعلومة لنقل الأسس والمفاهيم التربوية التي من شأنها تعديل السلوك والاتجاهات لدى المجتمع والوقوف في وجه التدخلات الإعلامية . ( عبد الرحمان الشاعر ، 1992 ، 10 ) .

وفي هذا الإطار تستفيد التربية استفادة كبيرة من تقنيات الاتصال تتمثل في إثراء الخبرات المقدمة ، وتحاشى الوقوع في اللفظية ، وتنمى تقنيات الاتصال قدرات الطلاب علي التأمل ودقة الملاحظة وأتباع التفكير العلمي ، كما يتم تعديل مؤثرات مختلفة إلي تعديل السلوك تكوين الاتجاهات المرغوبة ، كما أنذ هناك فوائد لهذا الاستخدام في التعليم الفني والتدريب المهني ، كما يمد المدرس ببرامج مدروسة ومقننة . ( احمد روحي ، 1995،70 ) .

ويمكن مما سبق القول بأنه من الضروري وضع فلسفة واستراتيجية مجددة يقوم عليها استخدام تقنيات الاتصال في التربية ، ولا بد من مراعاة مبدأ الشمول والمرونة والمشاركة عند استخدام الاتصال في التربية ، كما انه لا بد من تحديد الأهداف وتحويلها لاهداف إجرائية خلال خطة محددة وإجراءات واضحة ، ومن الضروري توفر عنصر التدريب في هذا الاستخدام والتخطيط الجيد ، والإدارة الواعية وتوفر نظام جيد للتقييم والتقويم بغرض التطوير ومراجعة الأداء ، كما انه من الضروري وضع سياسة ثابتة تتضح فيها الأدوار والمهام وكافة العناصر اللازمة للقيام بالعمل علي الوجه الأكمل . ( نفس المرجع السابق ) .
وعلي هذا فإن الأعلام التربوي من وجهة النظر هذه يعتبر المحاولة الجادة للاستفادة من تقنيات الاتصال وعلومه من اجل تحقيق أهداف التربية من غير تفريط في جدية التربية وأصالتها أوإفراط في سيطرة فنون الاتصال أثارته عليها .

الإعلام التربوي ... والنشاط المدرسي
وأحيانا كثيرة يحدث نوع من الخلط بين مفهوم الإعلام التربوي ومفهوم النشاط الإعلامي في صوره المختلفة داخل المدرسة مثل الصحافة المدرسية ولإذاعة المدرسية والمسرح المدرسي الذي يستهدف بالدرجة الأولى الكشف عن المهارات الطلابية في هذه المجالات وتنميتها بين الطلاب ، بجانب التعريف ببعض صور الممارسة في الأعداد والتنفيذ لصور هذا النشاط لبعض الطلاب وليس للكل داخل المؤسسة التعليمية ، وهوما يندرج تحت مسميات الصحافة المدرسية والإذاعة المدرسية ، وكذلك النشاط المسرحي بالمدرسة . لكنها لم تجتمع تحت مسمي واحد يشير الي ممارسة صور النشاط الإعلامي داخل جدران المؤسسة التعليمية .( محمد عبد الحميد ، 1995 ، 16 )

وفي إطار هذه النظرية الضيقة للإعلام التربوي هناك من يعرفه بأنه " كل الوسائل التي تستخدم داخل الحقل التعليمي في إعلام جماهير الطلاب وغيرهم بقضايا ومشكلات الحقل أوالمجتمع ومنها إذاعة المدرسة ، صحافة المدرسة ، أحاديث القادة " .
( جمال أبوالوفا ومحمد حسن رسمي ، 1992 ، 188 ) .

وحيث انه يوجد اختلاف بين مفهوم الأعلام التربوي ومفهوم النشاط الإعلامي إلا انه يتصور وجود إعلام غير تربوي ليس في إطار السياسات الإعلامية والتربوية الموضوعة وإنما في الواقع الفعلي لممارسة هذه السياسات وبخاصة عبر وسائل الإعلام العامة .

ويفترض من التعريف السابق للإعلام التربوي التعريف الذي يرى ان الإعلام التربوي يقصد به " التعبير الموضوعي عن عقلية جماهير الحقل التعليمي وروحها وميولها واتجاهاتها في نفس الوقت ، حيث ان موضوعيته تعني ان يكون معبرا تعبيرا صادقا عن تلك الجماهير ويشمل إذاعة وصحافة مدرسية وغيرها . ( جمال أبوالوفا ، 1993، 85 ) .

وعرف الإعلام التربوي أيضا علي انه " نشاط تربوي غير منهجي يساعد علي ربط الطلبة بالحياة والخروج بهم من روتين الفصل والمدرسة الي رحابة الحياة بكل أوجهها ، كما يصقل مواهب الطلبة وقدراتهم ويؤهلهم للعمل والانخراط في سبيل الحياة .
( البحرين : وزارة التربية والتعليم ، 1991 ، 144 ) .

كجزء من المجتمع الأكبر الذي لا تناسبه هذه الوسائل المدرسية المحدودة كما انه يدخل في إطار الإعلام المتخصص شكلا ومضمونا .
 
الإعلام التربوي ... والإعلام التعليمي:
ومثلما كان الاختلاف بشأن ما يعنيه مصطلح الإعلام التربوي ومدلولاته المختلفة كان الاختلاف المثار بالنسبة لمفهوم الإعلام التعليمي وهل هوقاصر علي ما تبثه رسائل الإعلام داخل الحقل التعليمي أم يتسع ليشمل البرامج التعليمية الموجهة في الإذاعة المسموعة والمرئية ، وكذلك الصفحات والأبواب والأركان المتخصصة في الجرائد اليومية والأسبوعية ، كذلك هناك من يخلط بين مصطلحي الإعلام التربوي والإعلام التعليمي ، فيطلقون لفظ الإعلام التربوي علي العملية الإعلامية داخل الحقل التعليمي فضلا عن الدراسات والأبحاث التي تناولت البرامج التعليمية في الإذاعة والتليفزيون تحت مسمى الإعلام التربوي .
وهذا الخلط قد يكون ناجم عن الخلط بين كلمتي التربية Education والتعليم Instruction بل ان الكلمة الأولي كثيرا ما تترجم الي العربية مرة بالتعليم ومرة بالتربية، كما تستخدم كثيرا بمعني التربية لتشير الي التعليم وعلي أساس ان التعليم نوع من أنواع التربية ولكنها التربية الرسمية التي تتم داخل المؤسسات التعليمية ، بينما تتم التربية داخل تلك المؤسسات وخارجها وبرزت هذه النظرة من خلال الزحف التكنولوجي الهائل والحديث في كافة مناحي الحياة ، وضرورة أن تستخدم التربية منجزات عصرها ، حيث إنها من المفترض ان تتأثر بأدوات ومنجزات عصرها الذي تعيش فيه .
وفي إطار هذه النظرة أشار البعض الي ان استخدام وسائل الأعلام في التعليم له مردودة حيث أكدت بحوث " ولبور شرام " “ Wilber schramm” علي جدوي استخدام التليفزيون التعليمي ، حيث ان هذا الجهاز له إمكانات واستخدامات تربوية .
( نور الدين عبد الجواد ، 1984 ، 200 ) .
ومن الأشكال المختلفة لهذا الاستخدام والتي أنتجت أشكال من البرامج التعليمية الناتجة عن تكنولوجيا الإعلام " التعليم الذاتي والتعليم بالمراسلة " والتعليم عن بعد والتعليم المبرمج 000 إلخ ، كذلك الجامعات . ( ماجي الحلواني ، 1987 ، 125 ) .
ويعرف إبراهيم المسلمي الإعلام التعليمي علي انه " جزء من الإعلام التربوي الأعم والأشمل " .
يقصد به كافة المواد التعليمية المعدة خصيصا لفئة معينة ، التي تبثها وسائل الإعلام المختلفة سواء داخل الحقل التعليمي كالإذاعة المدرسية والصحافة المدرسية أوخارجها علي المستوي الجماهيري كالبرامج التعليمية المسموعة والمرئية الموجهة للطلاب بمختلف المراحل التعليمية والصفحات والأبواب والأركان التعليمية المتخصصة في الصحف اليومية والأسبوعية حتى وان قرأها جمهور عام بقصد الإعلام والتثبيت والشرح والتحليل ومعاونه المؤسسة التعليمية ( إبراهيم المسلمي ، د.ت ، 17 ) .

علي ايه حال هناك وجهتي نظر فيما يتعلق بمصطلح الإعلام التعليمي :
الأولي :
تقصر الإعلام التعليمي علي كل الوسائل التي تستخدم داخل الحقل التعليمي في إعلام جماهير وأطراف العملية التعليمية بقضايا ومستجدات وأحداث ومشكلات الحقل التعليمي ومن هذه الوسائل الصحافة المدرسية ، الإذاعة المدرسية وغيرها .

الثانية :
تضيف الي هذه الوسائل الإعلامية المدرسية ما تبثه الإذاعة المسموعة والمرئية من برامج تعليمية متخصصة وكذلك ما تنشره الصحف والمجلات العامة من صفحات وأبواب وركان تعليمية متخصصة .
ويأتي مفهوم " مصطفي رجب " متمشيا مع وجهة النظر الثانية حيث يحصره في الصحف والمجلات التي تصدر متجهة الي المعلمين والطلاب وغيرهم من عناصر العملية التعليمية مضافا الي ذلك البرامج التعليمية المسموعة والمرئية ( مصطفي رجب ، 1989، 8 ) .

الرؤية الصحيحة لمفهوم الإعلام التربوي:
ويري مصطفي رجب ان إطلاق مصطلح " الإعلام التربوي " يشمل الواجبات التربوية لوسائل الإعلام العامة يمكن ان يكون اقرب الي الصواب واكثر إفادة للعملية التربوية والبحث العلمي التربوي وبخاصة أجهزة الإعلام ( مصطفي رجب ، 1989 ، 8 ) ولا شك ان هذه النظرة الشاملة لمفهوم الإعلام التربوي لها جانبان :

الأولى :
ان وسائل الإعلام علي اختلافها مؤسسة اجتماعية لها من الحقوق ما لآيه مؤسسة أخرى في المجتمع كالأسرة والمدرسة والمسجد والأندية وغيرها وهي ولا شك وسيط تربوي قوي وبالتالي فعليها واجبات ينبغي القيام بها الي جانب وظائفها الأخرى التقليدية ، يضاف الي ذلك سعيها الدائب للبقاء والقوة والتكيف من خلال اكتمال وفاعلية دورها الوظيفي كوحدة في النظام الثقافي المتكامل في المجتمع .

الثاني :
ان التربية الإعلامية لا يمكن ان تتم بشكل مقصود مباشر كالبرامج التعليمية الموجهة وما يحدث داخل المدرسة ، وانما يمكن ان تتم من خلال بث القيم التربوية والأخلاقية في محتوي الرسالة الإعلامية بحيث يكون تأثيرها في المتلقي متدرجا وغير مباشر حتى يؤتي ثماره .
وعلي أساس من هذا الفهم فإن أي محتوي يقدم من خلال وسائل الإعلام الجماهيرية وفي إطار ملتزم بأهداف التربية في المجتمع وبقيم المجتمع ومبادئه يمكن اعتبار هذا النوع من الأعلام " إعلاما تربويا " أما إذا كان غير ذلك أي غير ملتزم اصبح إعلاما غير تربويا .
وهذا المعني يحمل في طياته اتهاما مرفوضا من جانب الأجهزة الإعلامية ، فحيث يكون هناك إعلام تربوي له خصائصه وسماته ، يكون أيضا هناك إعلاما غير تربوي عندما يفتقد الي الخصائص والسمات التي يعددها بعض الباحثين في أدبياتهم ، وهوما لا يتصور وجوده في إطار السياسات الإعلامية والتربوية .
ويعرف الإعلام التربوي بأنه " استخدام كافة أساليب التكنولوجيا الاتصالية الحديثة المسموعة والمرئية والمنشورة واللقاءات الميدانية لتوعية المواطن ومدة بكافة الآراء والمعلومات والخبرات والاتجاهات والمعتقدات " التي من شأنها ان تمس ناحية من النواحي التربوية أوالاجتماعية أوالتعليمية ، وكذلك التناول الإعلامي للمشكلات الاجتماعية والظواهر المرضية بشكل مباشر من خلال الاتصال الشخصي أوغير المباشر من خلال الاتصال الجماهيري . ( حسني الجبالي ، 1993 ، 165 ) .
وهذا المفهوم الواسع للإعلام التربوي يختلف عن هذا المفهوم الضيق الذي يقصره علي تلك المواد المعقدة خصيصا لأغراض تربوية ونفسية سواء أكانت مذاعة أم مرئية أم منشورة .
والإعلام التربوي يقصد به " نوعا من الثقافة التربوية الهادفة الموجهة للجماهير بمختلف نوعياتهم ويمكن ان يكتفي هذا الإعلام بمعالجة بعض القضايا والمشكلات التربوية مثل قضايا المعوقين " ومتضمنات هذا الإعلام التربوي انه إعلام من حيث ضرورة نشر موضوعاته عن طريقه كافة ألوان المواد المطبوعة والمسموعة والمرئية ، وما يناسب الحالات والأعمار المختلفة منها ، وهذا الإعلام تربويا لانه يهدف الي غايات تربوية منشودة لخدمة بعض قضايا التربية والتعليم والإسهام في تربية أبناء وأفراد المجتمع بما يؤدي الي صالح الأفراد وتقدم المجتمع . ( ثابت كامل حكيم ، 1993 ، 126 ) .
ولا شك ان هذا المفهوم يأخذ في اعتباره الدور الخطير الذي تمارسه وسائل الإعلام تجاه المجتمع ومدى مساهمة هذه الأجهزة نحوخدمة قضايا التربية وتربية المواطنين ، انطلاقا من ان التربية الصحيحة والإعلام الصحيح لابد ان يلتقيا في منتصف الطريق ولتحقيق غايات منسقة تسهم في تقدم المجتمع وأفراده .
أما د. إبراهيم المسلمي فقد عرف الإعلام التربوي بأنه " هوفرع من الإعلام المتخصص ولكنه يتميز بأنه إعلام أعم وأشمل وهوإعلام موجة وهادف وموضوعي يقصد به إعداد رسائل واقعية هادفة وموجهة ، تبث من خلال وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمطبوعة وتقنياتها المختلفة الي الجماهير علي اختلاف أعمارهم وبيئاتهم وثقافتهم ، بما يسهم في عملية إدماجهم وتكيفهم مع مجتمعهم الذي يعيشون فيه ، ويؤدي الي رقيهم وتنميتهم وتطويرهم وتربيتهم التربية الصحيحة في إطار الوسط الاجتماعي العام ، وبما يتفق مع النسق القيمي والأخلاقي في المجتمع وتحقيق رسالة الإعلام والتربية معا . ( إبراهيم المسلمي ، د.ن، 16 ) .
وهنا تظهر أهميه الإعلام التربوي في مجالات التثقيف ومساندة عملية التنمية الشاملة وترشيد القيم الإيجابية وغرس قيم جديدة تتطلبها هذه المرحلة لمواجهة التحديات التي تتطلب إنسانا واعيا متطورا منتجا .
وتعرف علياء رمضان بأنه " الإعلام التربوي هوتوظيف وسائل الإعلام العامة سواء صحافة أوإذاعة أوتليفزيون في خدمة أهداف التربية " .
ويؤكد محي الدين اللاذقاني علي النظرة الشمولية للإعلام التربوي فيقول " ان التسميات الكثيرة التي يزخر بها معجم الإعلام الحديث كالإعلام الاقتصادي والزراعي والعسكري ما هي في الواقع إلا فرع من شجرة كبيرة في شجرة الإعلام التربوي بمعناه الشمولي لا التبسيطي الذي يجعل منه معلما أخر ويستطرد قائلا : انه من الأولي بالأعلام التربوي ان يطور وسائلة واساليبة وان يدرس بعمق يتناسب مع أهميته بين بقية فروع الإعلام في وقت يميل فيه الي التخصص " . ( محي الدين اللاذقاني ، 1978 ، 12 : 14 ) .
ويري ان الإعلام التربوي يأتي أولا وسابقا لفروع الإعلام الأخرى لان القائمين علي الإعلام الحديث يطبقون منذ وقت طويل احدث الأساليب النفسية للتأثير علي الرأي العام مستفيدين في ذلك من أخر منجزات ثورة الاتصال بالجماهير التي تتيح لهم وضع خطط إعلامية دعائية للأطفال والشباب . ( نفس المرجع السابق ) .
وهكذا اختلفت المفاهيم بالنسبة للإعلام التربوي بين مفهوم اعم واشمل يؤكد ما للإعلام من قيمة تربوية وتأثير في تكوين الفكر ، ويؤكد علي ضرورة الجمع بين الإعلام والتربية كنظام شامل يحوي التربية المدرسية واللامدرسية ، النظامية واللانظامية ، تربية الناشئين والكبار لان هذه الحلقات تتكامل وتترابط لاعداد الشخصية الإنسانية السوية المنتجة والإيجابية المبتكرة حتى تكون وسائل الإعلام اكثر أثمارا وإيجابية ، وبين إعلام محدود وضيق وقاصر علي البيانات والمعلومات الخاصة بالعملية والنظام التعليمي .

الإعلام التربوي والتربية الإعلامية:
أما عن التربية الإعلامية فتعرف بأنها " جميع الجهود والأنشطة الإعلامية الداعية والهادفة التي تبثها وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية " والتي تساعد علي بناء الإنسان وإعداده من جميع النواحي ( أخلاقية ، عقلية ، روحية ، اجتماعية واقتصادية ) ليتمكن من أداء رسالته نحومجتمعة وتعمير الكون باعتباره خليفة الله في الارض . ( إبراهيم سليمان ، 1993، 9 ) .
فالتربية الإعلامية لا يمكن ان تتم بشكل مقصود مباشر ، وانما يمكن ان تتم من خلال بث القيم التربوية والأخلاقية في محتوي الرسالة الإعلامية بحيث يكون تأثيرها في المتلقي متدرجا وغير مباشر حتى تؤتى ثمارها .
وهذا الفهم يدعوالي الاقتراب من التساؤل الثاني ، حيث يمكن النظر الي الوجه المقابل من القضية وهوالإعلام التربوي ، فمن المفترض ان وسائل الإعلام تبتعد عن تقديم تربية وتعليم بشكل مقصود تاركة ذلك لوسائل الإعلام التربوية المتخصصة .
وهذا الافتراض يقود الي تحسن المحتوي العادي لوسائل الإعلام العامة ، فإذا كان هذا المحتوي مقدما داخل إطار ملتزم بأهداف التربية في المجتمع وبقيم المجتمع المختلفة جاز اعتبار هذا النوع من الإعلام ( إعلاما تربويا ) طبقا لفهم الباحث أما إذا كان ذلك المحتوي ( الذي غالبا ما يهدف الي الترويج والترفيه أوالإثارة لاعتبارات تتعلق بأهداف كل مؤسسة إعلامية علي حدة ) خلوا من أي التزام تربوي أوأخلاقي ، أصبح ذلك النوع بهذا الشكل خطرا علي العملية التربوية ذاتها . ( محمد منير سعد الدين ، 1995 ،15 ) .
ومن ثم فالتربية الإعلامية اعم واشمل من الأعلام التربوي الذي يهتم بنشر بيانات صحيحة وقابله للاستخدام تتعلق بجميع أنواع فرص التدريب والمتطلبات التربوية الحالية والمستقبلية ، ويشمل ذلك محتويات المناهج وظروف ومشكلات الحياة الطلابية ، وإذا كان الإعلام التربوي يمكن تعريفه علي انه " ذلك النظام المتكامل المتناسق من وسائل الإعلام الذي يوظف في تحقيق رسالة التربية ( الجسمية ، العقلية ، الاجتماعية والاستهلاكيةالخ بما يحقق التنمية الشاملة للفرد ) .
فان التربية الإعلامية يمكن تعريفها علي أنها " ذلك النظام أوالنسق التربوي المسئول عن تنمية الحس الإعلامي لدي المواطنين في مراحل العمر المختلفة " وهذه التربية قيمتها في تثقيف الفرد إعلاميا .( عبد الوهاب محمد كامل ، 1992،159 : 160 ) .
ويقدم د. إسماعيل دياب مفهوما واسعا للتربية الإعلامية اعم واشمل من مفهوم الإعلام التربوي والذي غالبا ما يعني من وجهة نظرة نشر معلومات وبيانات عن النظام التربوي أوقضية تربوية وغيرها ( كما في الإعلام التجاري والعسكري وغير ذلك ) .أما التربية الإعلامية في رأيه فهي اعم واشمل من ذلك حيث تنصرف الي ايه جهود إعلامية محققة لاهداف التربية .( إسماعيل محمد دياب ، 1992، 11 ) .
وهكذا فان الإعلام التربوي اعم واشمل من الإعلام التعليمي ، والتربية الإعلامية اعم واشمل من الإعلام التربوي بحيث يمكن القول بأن ايه معلومات تحتويها الرسالة الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية والتي تساعد علي بناء الإنسان تمثل جزء من التربية الإعلامية ، وبالتالي فان أي جهود إعلامية محققة لاهداف التربية يمكن ان يطلق عليها تربية إعلامية ، علي انه من الملاحظ ان الفاصل بين الإعلام التربوي الأعم والأشمل وبين التربية الإعلامية يكاد يكون من الصعب تمييزه خاصة إذا كان الهدف المشترك هوالمساعدة علي بناء الإنسان وتحقيق رسالة التربية .
( إبراهيم المسلمي ، د.ت، 18 ) .
وهكذا وفي ضوء العرض السابق لمفهومي التعليم والإعلام التربوي والمفاهيم المتصلة بهما ، فقد خلص الفصل الي ان التربية والتعليم كمفهومين يتصلان اتصالا وثيقا ، وان كانت التربية اعم واشمل من التعليم الذي يمثل النمط الرئيسي للتربية أي تلك التربية المقصودة التي تتم داخل مؤسسات تعليمية أقامتها الدولة خصيصا لغرض التربية والتعليم ، فالتعليم يعتبر جزء من التربية وليس العكس ، كما اتضح تعدد وتنوع المفاهيم المختلفة للتربية حين تحدث عن هذا المفهوم أفراد ذوي تخصصات واتجاهات مختلفة .
وكما كان الحال بالنسبة لمفهوم التربية كان الحال أيضا بالنسبة لمفهوم التعليم ، فليس هناك تعريف جامع مانع للتعليم ، فهناك من يساويه بالتعليم المدرسي ( أي المدرسة ) وهناك من يتناوله علي انه دراسة في الحياة ( أي الخبرة ) أي لا يشمل مراحل الدراسة المقصودة في المدرسة فحسب ، بل يمتد الي ابعد من ذلك بكثير بحيث يشمل ما يسمي بالتعليم المستمر أي الذي يستمر باستمرار حياة الإنسان .( نفس المرجع السابق ) .
وبالنسبة لمفهوم الإعلام التربوي فما زال في حاجة الي تأصيل ، وما زال هناك خلاف حول هذا المفهوم ، فهل هوالإعلام عن الجهود التربوية للاستفادة منها ؟ أم هوالاستفادة من علوم الاتصال وتقنياته من اجل الوصول الي أهداف التربية ؟
إلا انه من المتفق علية هوان الإعلام التربوي يعتبر اظهر صورة معاصرة لتوثيق وتنسيق التعاون بين التعليم والإعلام بعد تزايد إدراك الدور الخطير الذي يمكن ان يقوم به الإعلام تجاه التعليم ومعاونه المدرسة في أدائها لرسالتها ، كما تبين ان مفهوم الإعلام التربوي اعم واشمل من الإعلام التعليمي ، وان التربية الإعلامية اعم واشمل من الإعلام التربوي وان كانت جميعها تلتقي عند نقطة واحدة وهدف مشترك هوالمساعدة علي بناء الإنسان وتحقيق رسالة التربية الخاصة مع تعاظم التقنيات الحديثة في مجال الاتصال وما يتطلب ذلك من دور اكبر للتربية الإعلامية لتنمية الحس الإعلامي لدي الأفراد ومساعدتهم علي أدراك وانتقاء والتعرض للمفيد من الرسائل الإعلامية والتمييز من خلال الخبرات والمهارات المكتسبة بين الغث والسمين .
 
الاتصال قاسم مشترك بين الإعلام والتربية:
مما سبق نجد ان التربية في جوهرها عملية اتصال ، والإعلام بكل انواعة سواء إعلام عام " صحافة وإذاعة وتليفزيون " أم إعلام تعليمي بشقية " صحافة مدرسيه وأذاعه مدرسية أوبرامج تليفزيونية لخدمة العملية التعليمية أوصفحات متخصصة للتعليم في بعض الصحف والمجلات أم إعلام تربوي بكل تعريفاته ومفاهيمه وما يشمله من صحافة تربوية وإذاعة تربوية وتليفزيون تربوي " في جوهرة أيضا عملية اتصال .
وان التربية عملية توجيهية والإعلام كذلك بكل أنواعه السابقة عملية توجيهية وإذا كان الأمر علي هذا الوضع فبين الإعلام والتربية وسائط مشتركة هي " الاتصال ، عملياته ، ووسائله وبينهما مجالات عمل وأهداف مشتركة . فكلاهما يتعامل مع المجتمع ويهدف لخدمته ويمكن ان تتحقق هذه الخدمة عندما يسير الإعلام والتربية في تآزر وتعاون وتغذي فيه التربية الإعلام ، ويغذي فيه الإعلام التربية في إطار قيم وأهداف هذا المجتمع . ( نور الدين عبد الجواد ، 1984 ، 183 ) .
وعلي الرغم مما قيل عن العلاقة التنافسية بين الإعلام والتربية ، وأيضا الاختلاف والفوارق بين العمليتين الإعلامية والتربوية والتعليمية إلا انهما يشتركان في صفات أخرى تؤكد الترابط بينهما " فإذا تحققت الاستجابة لكل منها فالنتيجة تعني حدوث تغيير في السلوك لدي المستقبل ومن تحصيل الحاصل لهذه الصفة ان يكون من صفتها ان كلا منهما عملية اتصال فيها العناصر الأساسية لهذه العملية .( السعودية ، 1984،233 : 234 ) والتي تتمثل في المرسل : القائم بالاتصال التربوي أم الإعلامي وقد يكون شخصا عاديا أومعنويا ( مؤسسة / شركة / وزارة الخ )
والمستقبل " المتلقي" ونعني به المتلقي الذي يتلقي الرسالة الإعلامية أوالتربوية سواء كان المتلقي فردا أم جماعة أم مؤسسة أم جمهور أم جماهير ، والرسالة ويقصد بها المعلومات أوالآراء أوالمشاعر أوالاتجاهات التي يرغب القائم بالاتصال بنقلها الي المستقبل عبر الرموز التي قد تكون صوتية مثل الكلام ، أوصورية مثل الكتابة أوحركية مثل الإشارات أوان تكون خليطا من أشكال الرموز هذه. والهدف ان عملية الاتصال سواء في الاتصال الإعلامي أوفي الاتصال التربوي يجريها القائم بالاتصال لهدف ما قد يكون للتأثير في أفكار أومشاعر أواتجاهات أوأراء المتلقيين للرسالة الإعلامية أوالتربوية .

الوسيلة :
حيث ان الرسالة سواء كانت تربوية أوإعلامية يتم نقلها عن طريق وسيلة ما ، وفي حالة الاتصال الشخصي يتم نقلها عن طريق الشفوي ، وفي حالة الاتصال الجماهيري قد يتم نقلها عبر الكتاب أوالمجلة أوالجريدة أوالإذاعة أوالتليفزيون أوالسينما . وكل هذا يتم في إطار سياق أوظروف الذي تتم فيه عملية الاتصال سواء اتصال تربوي أم اتصال إعلامي إذ انه لا يتم في فراغ ولكنة يتم في بيئة اجتماعية وثقافية واقتصادية وبيئية وغيرها .
( صالح خليل أبواصبع ، 1999 ) .
مما سبق يتضح ان الاتصال همزة الوصل بين الإعلام بكل انواعة والتربية بكل أنواعها .
 
عودة
أعلى