وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لله"*9*

المنسي

الاعضاء
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم



وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لله"


يا صاحبي إن قد سمعت بمصرعي فانصح لنفسك واعتبر بتجاربي
عن زرّ ‏ ‏عن ‏ ‏عبد الله بن مسعود رضي الله عنه‏ ‏قال‏ ‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم: ‏"يخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان‏, سفهاء الأحلام, يقولون من خير قول الناس, يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم, يمرقون ‏من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ‏فمن لقيهم فليقتلهم فإن قتلهم أجر عند الله لمن قتلهم" رواه ابن ماجه وأصله في الصحيحين. قال السندي في شرحه لابن ماجه: قوله "أحداث الأسنان" أي صغار الأسنان فإن حداثة السن محل للفساد عادة. قوله "سفهاء الأحلام" ‏ضعفاء العقول. "‏يقولون من خير قول الناس" أي يقولون قولا هو من خير قول الناس أي ظاهراً قيل أريد بذلك قولهم لا حكم إلا لله حين التحكيم, ولذلك قال علي رضي الله تعالى عنه في حربهم: كلمة حق أريد بها باطل. وقيل: ومثله دعاؤهم إلى كتاب الله. وبالجملة فالمراد أنهم يتكلمون ببعض الأقوال التي هي من خيار قول الناس في الظاهر. ‏قوله "لا يجاوز تراقيهم" ‏أي حلوقهم بالصعود إلى محل القبول أو النزول إلى القلوب ليؤثر في قلوبهم. قوله: "يمرقون" ‏كيخرجون لفظا ومعنى. قوله: "من الرميَّة"هي الرمية يرميها الرامي على الصيد. قوله: "فإن قتلهم أجر" أي ذو أجر.

وقال علي رضي الله عنه: إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً، فوالله لأن أخر من السماء، أحب إلي من أن أكذب عليه، وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم، فإن الحرب خدعة، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سيخرج قوم في آخر الزمان، أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة" رواه البخاري.

قال شيخ الإسلام: "قال الله تعالى وتقدس: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون . واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون. ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون. ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم. يوم تبيض وجوه وتسود وجوه". قال ابن عباس وغيره: تبيض وجوه أهل السنة والجماعة, وتسود وجوه أهل البدعة والفرقة: "فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون. وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون"(آل عمران:106).

وفي الترمذي عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في الخوارج أنهم "كلاب أهل النار" وقرأ هذه الآية: "يوم تبيض وجوه وتسود وجوه". قال الإمام أحمد بن حنبل: صح الحديث في الخوارج من عشرة أوجه. وقد خرجها مسلم في صحيحه, وخرج البخاري طائفة منها. قال النبي صلى الله عليه وسلم "يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم, وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم, يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم, يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية _وفي رواية_ يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان".

والخوارج هم أول من كفّر المسلمين. يكفرون بالذنوب, ويكفرون من خالفهم في بدعتهم, ويستحلون دمه وماله. وهذه حال أهل البدع يبتدعون بدعة, ويكفرون من خالفهم فيها. وأهل السنة والجماعة يتبعون الكتاب والسنة ويطيعون الله ورسوله, فيتبعون الحق, ويرحمون الخلق......ولا يجوز تكفير المسلم بذنب فعله ولا بخطأ أخطأ فيه, كالمسائل التي تنازع فيها أهل القبلة, فإن الله تعالى قال: "آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله, لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير"(البقرة: 285) وقد ثبت في الصحيح أن الله تعالى أجاب هذا الدعاء وغفر للمؤمنين خطأهم.

والخوارج المارقون الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتالهم؛ قاتلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أحد الخلفاء الراشدين. واتفق على قتالهم أئمة الدين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم. ولم يكفرهم علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وغيرهما من الصحابة, بل جعلوهم مسلمين مع قتالهم, ولم يقاتلهم علي حتى سفكوا الدم الحرام وأغاروا على أموال المسلمين, فقاتلهم لدفع ظلمهم وبغيهم لا لأنهم كفار. ولهذا لم يسب حريمهم ولم يغنم أموالهم.
وإذا كان هؤلاء الذين ثبت ضلالهم بالنص والإجماع لم يكفروا مع أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بقتالهم, فكيف بالطوائف المختلفين الذين اشتبه عليهم الحق في مسائل غلط فيها من هو أعلم منهم؟ فلا يحل لأحد من هذه الطوائف أن تكفر الأخرى ولا تستحل دمها ومالها, وإن كانت فيها بدعة محققة, فكيف إذا كانت المكفرة لها مبتدعة أيضا؟ وقد تكون بدعة هؤلاء أغلظ وقد تكون بدعة هؤلاء أغلظ, والغالب أنهم جميعا جهّال بحقائق ما يختلفون فيه.
والأصل أن دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم محرمة من بعضهم على بعض, لا تحل إلا بإذن الله ورسوله. قال النبي صلى الله عليه وسلم لما خطبهم في حجة الوداع: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا" وقال صلى الله عليه وسلم "كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعرضه". وقال صلى الله عليه وسلم: "من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فهو المسلم له ذمة الله ورسوله" وقال: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار" قيل: يا رسول الله هذا القاتل, فما بال المقتول؟ قال: "إنه أراد قتل صاحبه" وقال: "لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض" وقال: "إذا قال المسلم لأخيه يا كافر! فقد باء بها أحدهما" وهذه الأحاديث كلها في الصحاح...." وكتب كلاماً رائقاً طويلاً في بيان منهج أهل السنة في التعامل مع الفتن(64).


وقال شيخ الإسلام: "وقد استفاضت الأحاديث الصحيحة في وصفهم وذمهم والأمر بقتلهم عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال الإمام أحمد بن حنبل: صحّ الحديث في الخوارج من عشرة أوجه. وقد روى مسلم في صحيحه حديثهم من عشرة أوجه, كأنها التي أشار إليها أحمد بن حنبل فإن مسلماً أخذ عن أحمد. وقد روى البخاري حديثهم من عدة أوجه.

وهؤلاء أولهم قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا محمد! اعدل فإنك لم تعدل!..."(65). وقال رحمه الله: "الخوارج لهم خاصيتان؛ الخروج عن السنة, والتكفير بالذنوب"(66).

وبحمد الله فقد حفظ الله للأمة بعلمائها الربانيين الناصحين, خرّج الإمام مسلم في صحيحه عن يزيد الفقير أنه قال:" كنت قد شغفني رأي من رأي الخوارج، فخرجنا في عصابة ذوي عدد نريد أن نحج، ثم نخرج على الناس، قال: فمررنا على المدينة، فإذا جابر بن عبد الله رضي الله عنه يُحدِّث القوم، جالس إلى سارية، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ;. قال يزيد: فإذا هو قد ذكر الجهنميين، قال: فقلت له: يا صاحب رسول الله، ما هذا الذي تحدثون به؟! والله يقول: "إنك من تدخل النار فقد أخزيته" (آل عمران: 192) ويقول: "كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها" (السجدة: 20) فما هذا الذي تقولون؟! فقال جابر: أتقرأ القرآن؟! قلت: نعم. قال: فهل سمعت بمقام محمد صلى الله عليه وسلم _يعني الذي يبعثه الله فيه_ قلت: نعم. قال: فإنه مقام محمد صلى الله عليه وسلم المحمود، الذي يُخرج الله به من يخرج. قال يزيد: ثم نعت وضع الصراط, ومرَّ الناس عليه. قال: وأخاف أن لا أكون أحفظ ذلك. قال: غير أنه قد زعم أن قوماً يخرجون من النار بعد أن يكونوا فيها. قال: يعني فيخرجون كأنهم عيدان السماسم. قال: فيدخلون نهراً من أنهار الجنة، فيغتسلون فيه فيخرجون كأنهم القراطيس. قال يزيد: فرجعنا فقلنا: ويحكم! أتُرون الشيخ يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! قال: فرجعنا، فلا والله ما خرج منا غير رجل واحد"(67).

وقد كتب الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله رسالة بيّن فيها قصة الخوارج مستوفاة, وقال في آخرها: "فعلى من نصح نفسه, وأراد نجاتها أن يعرف طريقة هؤلاء القوم وأن يجتنبها, ولا يغتر بكثرة صلاتهم وصيامهم وقراءتهم..."(68). قلت: وقد دون الحافظ ابن كثير رحمه الله أخبارهم في البداية والنهاية, وسجّل عليهم بواقعهم وجرائمهم وخروجهم على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالسلاح, وذكر طرفاً من خطبهم المليئة بالعاطفة والحماس, المضادة لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.

وللشيخ الدكتور ناصر العقل كتب وبحوث قيمة, درس فيها فكرهم ومنهجهم وسماتهم وبيان خطرهم, جديرة بالعناية فشكر الله له. ومما كتبه: "...وأهمّ سماتهم في نظري ما يلي:
1- قلة الفقه في الدين، أي ضعف العلم الشرعي، أو أخذ العلم علي غير نهج سليم.
2- الغلو في الدين والتنطع، أي التشدد في الدين.
3- الغيرة غير المتزنة (العاطفة بلا علم ولا حكمة).
4- الابتعاد عن العلماء، وجفوتهم، وترك التلقي عنهم والاقتداء بهم.
5- التعالم والغرور، والتعالي على العلماء والناس.
6- حداثة السن، وقلة التجارب.
7- شيوع المنكرات والفساد والظلم في المجتمع، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو التقصير فيه .
8- النقمة على الواقع وأهله.
9- تحدي الخصوم، واستفزازهم للشباب والدعاة (المكر الكبَّار) وكيدهم للدين وأهله.(69).
10- قلة الصبر، وضعف الحكمة في الدعوة .
11- أخذ العلم عن غير أهله، ومن غير أهله، أو على غير منهج سليم "(70).

ومن قلّد دينه الرجال هلك. وصدّق ضلال من استدرجه بقوله عن أصحابه: طريقهمُ بادي السلامة مهيعُ...! ولسان حاله: وما أنا إلا من غزيّة إن غوت..!



"بَرَاءَةُ الدَّعْوَةِ السَّلَفِيِّةِ مِنْ التَّكْفِيرِ بِغَيْرِ حَقٍّ"
تهمةُ الدعوة السلفية بالتكفير بالعموم وهو ما يسميه بعضهم بتكفير المجتمعات الإسلامية قديمة قدم الدعوة نفسها, وتكاد تكون هذه الفرية هي أول الفِرَى كما أنها من أكبرها كذلك, وقد نفاها الإمام عن نفسه وعن دعوته كذلك تلاميذه وأئمة الدعوة من بعده.

قال الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: "وأما الكذب والبهتان فمثل قولهم أننا نكفّر بالعموم, ونوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه....ومثل هذا وأضعاف أضعافه, فكل هذا من الكذب والبهتان الذي يصدون به الناس عن دين الله ورسوله"(71). وقال الإمام أيضاً: وأما القول بأنا نكفر بالعموم, فذلك من بهتان الأعداء الذين يصدون به عن هذا الدين, ونقول سبحانك هذا بهتان عظيم" (72).

وقال أيضاً رحمه الله موضحّاً من يكفّر ومن لا يكفّر: "فإن قال قائلهم: إنهم يكفرون بالعموم, فنقول: سبحانك هذا بهتان عظيم, الذي نكفر الذي يشهد أن التوحيد دين الله ودين رسوله, وأن دعوة غير الله باطلة, ثم بعد هذا يكفر أهل التوحيد ويسميهم خوارج, ويتبيّن مع أهل القبب على أهل التوحيد" (73). قلت: وفي هذا النص من الإمام الرد على الطرفين؛ من اتهموه بالتكفير بالعموم, ومن اتهموه بعدم التكفير بإطلاق, فالشيخ هنا قد كفّر من زايل أهل التوحيد, ووالى أهل الإشراك وعبّاد القبور, وتولاهم ضد الموحدين وناصرهم عليهم, وأن هذا مكفر مخرج من الملة حتى وإن زعم أن التوحيد حق, لأنه قد نقضه بفعله وردته. وللشيخ في مثل هذه كلام كثير وأمثلة وفيرة, ولكم عانى من أمثال أولئك, حتى جاهدهم بلسانه وبنانه وسيفه معه إخوانه على طريق الحق, حتى نصرهم الله, رحمهم الله تعالى.

وقال الشيخ عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في فضح ذلك التخرص والتخوض في الباطل: "وأما ما يكذب علينا ستراً للحق, وتلبيساً على الخلق, بأننا نكفر الناس على الإطلاق من أهل زماننا ....فجوابنا سبحانك هذا بهتان عظيم, فمن روى عنا شيئا من ذلك أو نسبه إلينا فقد كذب علينا وافترى" (74).

وسئل ابنا مجدد الدعوة والشيخ حمد بن ناصر عما قيل من تكفيرهم لبعض المتقدمين فأجابوا: "ما ذكرت أننا نكفر ناساً من المتقدمين وغيرهم فهذا من البهتان الذي أشاعه عنّا أعداؤنا ليجتالوا به الناس عن الصراط المستقيم.....ونحن لا نكفر إلا رجلاً عرف الحقّ فأنكره بعدما قامت عليه الحجة" (75). وفي موضع آخر حين سئلوا: هل تعتقدون كفر أهل الأرض على الإطلاق؟ أجابوا: "....أما تكفير أهل الأرض كلهم فنحن نبرأ إلى الله منه من هذا".

فهم لم يكفروا بإطلاق, ولم يمتنعوا من التكفير بإطلاق, بل بالحق والإنصاف, لا بالظلم والاعتساف, وبيّنوا أحكام قيام الحجة الرسالية من عدمها, والتوابع التطبيقية لذلك, قال الشيخ عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: "ولكن في أزمنة الفترات وغلبة الجهل, لا يكفر الشخص المعين بذلك _أي سؤال الميت والاستغاثة به_ حتى تقوم عليه الحجة بالرسالة ويبين له ويعرف أن هذا هو الشرك الأكبر الذي حرمه الله ورسوله, فإذا بلغته الحجة وتليت عليه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية, ثم أصرّ على شركه فهو كافر, بخلاف من فعل ذلك جهالة منه, ولم ينه عن ذلك, فالجاهل فعله كفر, ولكن لا يُحكم بكفره إلا بعد بلوغ الحجة إليه, فإذا قامت عليه الحجة ثم أصرّ على شركه فقد كفر ولو كان يشهد أن لا إله إلا الله, وأن محمداً رسول الله, ويصلي ويزكي ويؤمن بالأصول الستة" (76). قلت: وفي كتاب (الأصنام) للكلبي نماذج كثيرة من عبادة وتأله العرب من دعاء واستغاثة وحج وغيره, التي لم تنف عنهم الكفر لعدم التوحيد والإخلاص.

وقال الشيخ حمد بن ناصر بن معمر: "من كان من أهل الجاهلية_أي جاهلية كثير من الناس البعيدين عن حواضر الإسلام قبل دعوة الإمام المجدد وبخاصة في نجد_ عاملاً بالإسلام تاركاً الشرك فهو مسلم, وأما من كان يعبد الأوثان ومات على ذلك قبل ظهور هذا الدين_أي الإسلام الذي جدّده الإمام وأظهره الله على يديه_ فهذا ظاهره الكفر, وإن كان يحتمل انه لم تقم عليه الحجة الرسالية, لجهله وعدم وجود من ينبهه, لأنا نحكم على الظاهر, وأما الحكم على الباطن فذلك إلى الله, والله تعالى لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه كما قال تعالى: "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً" (الإسراء: 15) وأما من مات منهم مجهول الحال فإنا لا نتعرض له, ولا نحكم بكفره ولا بإسلامه وليس ذلك مما كلف به" (77). وقال الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن في رد تلك الفرية: "هذه العبارة تدل على تهور في الكذب, ووقاحة تامة, وفي الحديث: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى؛ إذا لم تستح فاصنع ما شئت" رواه البخاري" (78).

وقال الشيخ السهسواني في دحض ذلك الإفك وغيره: "الجواب على هذه الأقوال كلها أنها على طولها وكثرتها كاذبة خبيثة, فلا تعجبك كثرة الخبيث" (79).

وتأمل الرسالة التي خطها يراع الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن لأحد من تلوّث ببدعة الخوارج والتكفير بغير حق, وفيها: "....ولقد أخبرتهم ببراءة الشيخ من هذا المعتقد والمذهب, وأنه لا يكفر إلا بما أجمع المسلمون على تكفير فاعله من الشرك الأكبر والكفر بآيات الله ورسله أو بشيء منها بعد قيام الحجة وبلوغها المعتبر .....وأما التكفير بهذه الأمور التي ظننتموها من مكفرات أهل الإسلام, فهذا مذهب الحرورية المارقين الخارجين على علي بن أبي طالب أمير المؤمنين, ومن معه من الصحابة" (80). وقال الشيخ عثمان الشاوي رحمه الله _أحد قضاة الإخوان الذين دخلوا مكة مع خالد بن لؤي في عهد الملك عبدالعزيز رحمهم الله_: "إنا لم نكفر بالعموم, ولا نكفّر إلا من قام الدليل القاطع على كفره, بصرفه حق الله لغيره, ودعائه والتجائه إلى ما لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً فضلاً عن غيره..."(81).

وممن افترى على الدعوة السلفية متهماً أئمتها بأنهم يكفرون بالعموم؛ ابن عفالق, والقباني, وابن سحيم, ومحمد القادري, وحسن الشطّي, والحداد, وعثمان بن منصور, واللكنهوري, والزهاوي, ودحلان, والشيعي المعاصر محمد جواد مغنية, في قافلة سوء, تلقي قالات الزور, وتقذف صحائف البهتان, وتنفخ في بوق تشويه الدعوة, وتخويف العامة منها. "إن ربك لبالمرصاد" (الفجر:14) "والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً" (الأحزاب: 58) " إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كلّ خوان كفور" (الحج: 38) "وإن جندنا لهم الغالبون" (الصافات: 173) "ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز" (الحج: 40) "وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين وكفى بربك هادياً ونصيراً" (الفرقان: 31). وكان من أوائل أولئك المفترين ابن سحيم, وقد رد عليه الإمام في عدة رسائل (82) وإن تعجب فعجبٌ ترديد بعض القوم في هذا الزمان لمفترياته!.


 
[بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز

وفي انتظار جديدك الأروع والمميز

لك مني أجمل التحيات
 
وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لله"*9*
 
الوسوم
وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لله9
عودة
أعلى