وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لله"*3*

المنسي

الاعضاء
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم

وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لله"

من السلفية في شيء تصيّد عثرات أهل العلم, وإشاعتها على سبيل التّنقّص والشماتة, واستباحة أعراض أهل السنة بغيبتهم وأخذهم بالظّنّ, واعتساف كلامهم, والتحزّب لذات التحزّب, أوالتحزّب هرباً من التحزّب "هو سمّاكم المسلمين" (الحج: 78) والبذاء والإقذاع في الإنكار كيف وذلك على أمور يسوغ فيها الخلاف؟! _ولا يعني هذا ترك الرد على الغلط والخطأ, بل ولا بأس من التسمية إن دعت الحاجة, وسبيل السلف الرد والاحتساب فيه مع ضوابطه المعتبرة_.
أفاطمُ ماللنبع قد أجّ ماؤه وقد كان قبل اليوم عذباً وصافيا
وليس من السلفية في شيء التفريط في حقوق شهادة أن لا إله إلا الله, فيُخرجُ منها أهلها, ويُغفل عظيم حقها وحق أهلها. ولا التفريط في حقوق شهادة أن محمداً رسول الله, فيميّع السنة, ويدخل فيها من وما ليس منها.

وليس من السلفيّة في شيء تطويع أدلة الوحي لهوى السّاسة والسلاطين, وليس من السلفية في شيء تمييع الدين القويم, وتلويث المنهج النقي أو تبديله إما لرغبة حاكم أو حزب أو جمهور, كما قال السفيانان رحمهما الله: "من نجا من فتنة البدع وفتنة السلطان فقد نجا من الشر كلّه"(13).

أيا مبتغي الفردوس عجّل بصارمٍ وكن صادق الإقبال عند التلاقيا
عن تحي عشت العزّ في كل لحظة وإن كانت الأخرى ستلقى المراقيا
واعلم أن هذا الدين محارب من زنادقة دخلوه ليهدموه وينقضوا أساساته وأعمدته ويُبدّلوا مادته من الداخل, ولا زال لهم أفراخ تقتات على لوثات مصنفاتهم الخبيثة, وتقيئها في نوادي الفكر, ومجالس الحوار, ونشرات الثقافة, وقنوات الأثير! وقد فرّخ بعض بيضهم, فبعض الناس أضلته شبهاتهم وتخطّفت قلبه لمّا أعرض عن تعظيم الآثار, وكفى بالخذلان عقوبة, وممن كان له دور في إثارة الشبه وإضلال الأمة:

إبراهيم النظام؛ وهو مزدكي زنديق, على ما قاله العلماء, تظاهر بالإسلام, وتلبس الاعتزال, وبث شبهه بين الناس. ومنهم عدوّ الإسلام المتسمي به ابن الراوندي الذي ألف لليهود كتاباً أسماه الدامغ, يزعم أنه يرد به على القرآن العظيم, أخزاه الله.

ومنهم غيلان الدمشقي, القدري, ويقال: إنه قد أخذ عقيدته من يوحنا أو سوسن الدمشقيين النصرانيين, وهو الذي ناظره الإمام الأوزاعي, ثم أفتى بقتله, فقتله هشام بن عبدالملك.

ومنهم معبد الجهني, وهو أوّل من قال بنفي القدر, وهو الذي توعده ابن عباس رضي الله عنهما أن لو قبض عليه _بعد ما عمي_ أن يعضّ أنفه حتى يقطعه, وأن يدق عنقه, غضباً لله تعالى. وقد قتله الحجاج بن يوسف عام 128.

ومنهم الجعد بن درهم, وهو أول من أظهر القول بخلق القرآن, وقد أخذ هذه العقيدة الضالة من اليهود, ويقال: إنه قد أخذ قالته من أبان بن سمعان, الذي أخذها عن طالوت ابن أخت لبيد بن الأعصم وختنه, الذي سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم, فما أنتنها من سلسلة ضلال! وأقبِح به من سند كفر, وقد قتله خالد القسري _قصّاب الزنادقة_ عام 128 بناء على فتاوى العلماء.

شكر الضحية كل صاحب سنة لله درك من أخي قـربان
وهو مؤدب آخر خلفاء بني أمية مروان بن محمد الذي لقب بالجعدي.

وكان من تلاميذ الجعدِ الجهمُ بن صفوان إمام نفاة الصفات, وهو جبريٌّ في القدر.

عجبت لمن يدعو الناس جهرة إلى النار واشتق اسمه من جهنم
وقد قتله سلم بن أحوز رحمه الله بناء على فتاوى العلماء.

من تلاميذ الجهم أحمد بن أبي دؤاد رأس فتنة القول بخلق القرآن. ومن تلاميذ الجهم بن صفوان بشر المرّيسي؛ وهو يهودي ابن يهودي دخل نفاقاً بشهادة أمِّه؛ حيث قالت: ما دخل دينكم إلا ليفسده, وهو جهمي في الصفات, قدري في القدر, وكان ينكر العلم, وهو الذي ناظره عبدالعزيز الكناني, ورد عليه الإمام الدارمي.

ومنهم محمد بن الحسن النصيري, مدّعي الألوهية, من زعماء النصيرية في جبال اللاذقية، كان يلقب بالمهدي تارة، وتارة يدعى علي بن أبي طالب فاطر السموات والأرض، خرج بالنصيرية فدخلوا جبلة فقتلوا خلقًا من أهلها، وخرجوا يقولون: لا إله إلا علي، ولا حجاب إلا محمد، ولا باب إلا سلمان، وأمر أصحابه بهدم المساجد، واتخاذها خمارات، وكانوا يقولون لمن يأسرونه من المسلمين: قل لا إله إلا علي، واسجد لإلهك المهدي الذي يحيي ويميت، حتى يحقن دمك، فجرّدت إليهم العساكر، فقتل منهم جمع كبير، ونامت فتنتهم.

ومنهم ابن سينا فيلسوف الزنادقة قال ابن القيم عنه: كان ابن سينا كما أخبر عن نفسه قال: أنا وأبي من أهل دعوة الحاكم، فكان من القرامطة الباطنية الذين لا يؤمنون بمعيد ولا معاد، ولا رب خالق ولا رسول مبعوث جاء من عند الله تعالى.

ومنهم النصير الطوسي ولهذا الخبيث مصنفات, قال عنه ابن القيم :ولما انتهت النوبة إلى نصير الشرك والكفر المُلْحد وزير الملاحدة: النصير الطوسي، وزير هولاكو، شفا نفسه من أتباع الرسول وأهل دينه، فعرضهم على السيف، حتى شفا إخوانه من الملاحدة، واشتفى هو، فقتل الخليفة والقضاة والفقهاء والمحدثين، واستبقى الفلاسفة والمنجمين، والطبائعيين والسحرة.

ولا زالت عقائد أولئك الفجرة تُتداول في بعض الهيئات العلمية والجامعات الإسلامية على أنها فكر حرّ مستنير من أئمة كبار للمسلمين! هذا وللأسف فبعض متأخري الصّوفية قد أدركتهم موجات كفر وإلحاد, فصار منهم حلولية _يرون حلول الخالق في المخلوق!_ على عقيدة والحلاج وأتباعه القائل: وما الكلب والخنزير إلا إلهنا...! وما في الجبة إلا الله! وسبحاني سبحاني! واتحادية_يرون الخلق مظاهر للخالق!_ على عقيدة ابن عربي وابن سبعين والقونوي والتلمساني وابن الفارض, قال ابن عربي: من عبد الصنم فقد عبد الصمد! وقال أحد المريدين لشيخ ضلالة يؤصل لهم مذهب الاتحادية ويقرره في نفوسهم: يا شيخ أردت أن أقضي حاجتي فتذكرت قولك: إن الأرض وكل شيء هو الله! فكيف أصنع؟ فقال ذلك الإبليسي الزنديق: وربك أيش إذاً!! الكلّ ربك!!. تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً, وسبحان الله عما يصفون, والآخر يقول مقرراً ومؤصلاً في نفوس الأغرار شرك الربوبية والألوهية معاً: لا يدخل مصر حبة شعير واحدة إلا بإذن السيد البدوي!. وفي قرة العيون للشيخ عبدالرحمن بن حسن: "وأعظم آلهة القبوريين في مصر أحمد البدوي".

وينبغي التنبّه الى اختراق المتصوفة من قبل بعض القبوريين, الذين جعلوهم يتبنّون خرافاتهم وشركياتهم؛ كخرافة التوسل والوساطة والسرّ ونحو تلك الوثنيات (14).

قال العلامة صالح آل الشيخ في كتابه (هذه مفاهيمنا): "وقد جادلت يوماً
ببلدٍ إفريقي أحد المفتونين من كبار العلماء المُحَبَّذين لعبادة القبور والسدنةِ حولها في حالهم، ومعنى العبادة، ومفهوم الشهادتين، فقال: أنا أعلم أنكم على الحق ولكن(سيب) الناس تعيش!".


وللعلم فليس كل المتصوفة يقولون بذلك الكفر, بل هو عند فئة قليلة نسبة إلى جمهورهم الذي يبرأ إلى الله من هذه الأمور, وبعض هؤلاء يحسن الظن ببعض الزنادقة وأئمة الضلال وهو لا يعلم حقيقة مقالاتهم الفاجرة. فمن المتصوفة أهل علم ودين وورع وفضل, انتسبوا جهلاً لطريقة دون سبيل نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم, التي اجتمع فيها كل الخير بحذافيره, ومنهم زنادقة كفرة, أخبث من نطفة إبليس, وأكفر من اليهود والنصارى, وبين هؤلاء وأولئك طوائف.

ذكرت ذلك إيقاظاً لبعض من أحسن الظن بمن لا يستحقه, وليُحذر من تلك المذاهب الخبيثة والنحل الرديئة, وليعلم المحب أن دين الفلاسفة والزنادقة والباطنية والقبورية والحلولية والاتحادية مباين لدين المرسلين, ومزايل لملة محمد وإبراهيم عليهم الصلاة والتسليم, ومناقض لدين المسلمين, وأن بعض من ينتسب إلى الإسلام قد تشرب ذلك الضلال والوثنية, ولقد قابلت بعضاً منهم وصرّحوا بذلك, فما أعظم واجب أهل الحق, وأخطر مسؤوليتهم, وأكبر أمانتهم في كشف الباطل وبيان الحق.

وبالجملة فلا بد من البيان والدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة, والجدال بالتي هي أحسن, ونشر التوحيد, والتحذير من ضده, بكل طريقة ممكنة, لرفع الجهل عن الأمة, ونشر إرث النبوة فيها.

ولسان حال بعض الغيورين على ثوابت الإسلام ومحكمات الإيمان والقرآن:

كم من هموم أحرقت كبدي التي بـجوانـحي لكنن أتجلدُ
أواه قلبي لا تبح سري الذي أكنـنته قلباً حـزيناً يكمدُ
لكنما اللوعات حين أوارها تجثوا على القلب القوي فيهمدُ
تتهشّم الأضلاع من رجع الصدى من أنّة مكـلومة تتردّدُ
يا مقلتي ما عدت أقوى صابراً جودي ببحر زاخر يتمددُ
بحر خضم سخّنت أمواجه من نار كبدي والضلوع تقددُ
لكن نقول: دع البكاء على الأطلال والدِّمَنِ....وأصلح نفسك وثنِّ بمن حولك وأتبعهم بمن تطيق من عباد الله (15).
أبشر أخا الإسلام فالنصر قادم وإن أجلب الكفار كل النواديا
تلك مهمات المقال وهذا أوان الشروع في التفصيل, على قلة البضاعة, ولكن من باب المشاركة في نقل كلام أهل العلم والله من وراء القصد, وهو الموفق, وعليه التكلان.

وعناصره على النحو التالي:

1-المقدمة.

2_عظمة التوحيد, وخطر الشرك.

3-تعظيم السنة, وذم البدعة.

4_الأمر بالاجتماع والنهي عن الاختلاف والفرقة.

5_جادة علماء السنة واحدة.

6_الوسطية دين المسلمين.

7_خطر التكفير بغير حق, وخبث مذهب الخوارج.

8_براءة الدعوة السلفية من التكفير بغير حق.

9_لزوم بيعة السلطان المسلم, وتحريم الخروج عليه.

10_خطر القول بعدم تكفير المعيّن بإطلاق, وخبث مذهب المرجئة.

11_الولاء والبراء, شرط الإيمان.

12_براءة الدعوة السلفية من عدم تكفير المعيّن بإطلاق.

13_مسألة العذر بالجهل في أمور الشرك الأكبر.

14_شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

15_الخاتمة.









 
وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لله"*3*
 
الوسوم
وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لله3
عودة
أعلى