التحديات التي يواجهها التعليم الجامعي

املي بالله

نائبة المدير العام
د. أحمد يماني، مدير جامعة الأمير سلطان لمجلة "التنمية الإدارية":

أبرز التحديات التي يواجهها التعليم الجامعي هي توافق التخصصات والتأهيل وبناء القدرات المعرفية والمهارية مع متطلبات واقع العمل

التحديات التي يواجهها التعليم الجامعي


أجرى الحوار: عبد العزيز الهدلق




* أنشأنا وحدة مختصة بصعوبات التعلم الجامعي بالتعاون مع مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة ومنظمة اليونسكو تعتبر الأولى من نوعها في الشرق الأوسط.
* الجامعة ترتبط بعلاقات أكاديمية بعدد من الجامعات والكليات العالمية المتميزة تشمل إعداد برامج أكاديمية مشتركة وعقد دورات وورش مشتركة لتقويم برامج الجامعة
* مناهج الجامعة تجمع بين الدراسة النظرية والتطبيق العملي من خلال برنامج التدريب التعاوني والذي يقوم الطلاب من خلاله بتطبيق ما تعلموه في كبريات الشركات والبنوك قبل التخرج
أكد د. أحمد اليماني، مدير جامعة الأمير سلطان أن الجامعة تسعى دائمًا إلى تطوير وتحديث برامجها وإغناء تجربتها الأكاديمية لمصلحة طلابها وطالباتها، بما يتوافق مع متطلبات سوق العمل المتجددة، وأنها من أجل تحقيق هذه الغاية ارتبطت بعلاقات أكاديمية بعدد من الجامعات والكليات العالمية المتميزة، مشيراً إلى حرص الجامعة على اختيار التخصصات المطلوبة أكثر من غيرها في سوق العمل، وخاصة البرامج الأكاديمية التي تتناسب مع خصوصية المرأة السعودية.
وقال د. اليماني في حواره مع مجلة "التنمية الإدارية" إن العالم كله الآن ، ومن ضمنه المملكة العربية السعودية ، يشهد ثورة في التعليم سواء من حيث الكم أو من حيث الكيف، ، لافتاً إلى أن المملكة شهدت في السنوات الأخيرة قفزات تنموية ضخمة لا بد أن تواكبها نهضة في التعليم من أجل الحفاظ على مكتسباتها، ولضمان أن تحافظ على وتيرة نموها ومسار تقدمها.
وتطرق د. أحمد اليماني في حواره إلى المعايير التي تتبعها الجامعة في تصميم وتطوير مناهجها وبرامجها العلمية، وأهم التحديات التي تواجه التعليم الجامعي في المملكة في هذه المرحلة،وأبرز ملامح خطط الجامعة نحو تحقيق اقتصاد المعرفة، وغير ذلك من الموضوعات التي ترتبط بطبيعة الدراسة في جامعة الأمير سلطان والأهداف التي تسعى لتحقيقها.
وفيما يلي نص الحوار:


· ما هي المعايير التي تعتمدون عليها في اختيار الكفاءات التدريسية للعمل في الجامعة؟ وهل تواجهكم صعوبات في هذا الشأن؟

- من أهم المعايير التي تراعيها الجامعة في اختيار أعضاء هيئة التدريس بها، الكفاءة والتجربة والخبرة في جامعات مرموقة، إضافة إلى أننا نحرص على التنويع في أعضاء هيئة التدريس، باستقطابهم من جنسيات مختلفة وخلفيات وبيئات أكاديمية متنوعة؛ لما لذلك من انعكاس إيجابي على التحصيل العلمي للطالب، وعلى تطوير البيئة الأكاديمية لأننا بذلك نستفيد من إيجابيات الأنظمة الأكاديمية المختلفة.

أما ما يتعلق بالصعوبات، فلا شك أن لكل ما تقدم ثمنه، فاستقطاب عضو هيئة التدريس المتميز الذي يحقق المعايير التي تطمح لها الجامعة تترتب عليه صعوبات عديدة: إدارية واجتماعية وثقافية ومالية في ظل التنافس الشديد على أعضاء هيئة التدريس ذوي الكفاءة، وخاصة في التخصصات المطلوبة بشدة في سوق العمل، مما يكلف الجامعة مبالغ كبيرة (قد تصل أحيانًا إلى ما بين 60- 70% من ميزانية الجامعة).

وهذه المنافسة في الحقيقة ليست فقط على المستوى المحلي بل على المستوى الإقليمي وأحيانًاً العالمي، نظرًا لقوة التوجه إلى التعليم العالي في المنطقة، وخاصة بالمملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة بهدف دعم مسيرة التنمية واقتصاديات المعرفة.
 
أضف إلى ذلك سعي الجامعة للتميز في البرامج العلمية وفي الأنشطة البحثية وفي وظيفتها الثالثة التي لا تقل أهمية، وهي برامج خدمة المجتمع الذي ساهم في إنشاء هذه الجامعة..جامعة الأمير سلطان، بالإضافة إلى الأنشطة اللا صفية التي توليها الجامعة اهتمامًا كبيرًا؛ مما يسهم في بناء القدرات المهارية للطالب والطالبة، وينعكس إيجابًا على مخرجات الجامعة؛ مما يحتم على الجامعة الالتزام بتوفير كادر تدريس بنسبة تفوق النسبة العالمية للتناسب العددي بين أعضاء هيئة التدريس والطلاب، حيث إن متوسط النسبة العالمية هي عضو هيئة تدريس واحد لكل 12 طالبًا، أما في جامعة الأمير سلطان فالنسبة هي ما بين 10:1 و11:1.

· ما هي المعايير التي تتبعها الجامعة في تصميم وتطوير مناهجها وبرامجها العلمية؟

- الجامعة تسعى دائمًا إلى تطوير وتحديث برامجها وإغناء تجربتها الأكاديمية لمصلحة طلابها وطالباتها، بما يتوافق مع متطلبات سوق العمل المتجددة. ومن أجل تحقيق هذه الغاية فقد ارتبطت بعلاقات أكاديمية بعدد من الجامعات والكليات العالمية المتميزة، من بينها جامعة أكسفورد البريطانية وجامعة كانسس الأمريكية وكذلك كلية لاند مارك الأمريكية المتخصصة بصعوبات التعلم.

وتشمل برامج التعاون مع هذه الجامعات إعداد برامج أكاديمية مشتركة تساير التطور المستمر في مناهج التعليم، وعقد دورات وورش مشتركة لتقويم برامج الجامعة، ومتابعة ما يجد في هذا الجانب بالاشتراك مع هذه الجامعات.

وكان من ثمرة برامج التعاون والارتباط الأكاديمي مع هذه الجامعات إنشاء وحدة مختصة بصعوبات التعلم الجامعي بجامعة الأمير سلطان بالتعاون مع مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة ومنظمة اليونسكو تشرف عليها كلية لاند مارك الأمريكية المتخصصة في برامج صعوبة التعلم لطلاب المرحلة الجامعية، تعتبر الأولى من نوعها في الشرق الأوسط.

هذا إضافة إلى حرص الجامعة على اختيار التخصصات المطلوبة أكثر من غيرها في سوق العمل، وخاصة البرامج الأكاديمية التي تتناسب مع خصوصية المرأة السعودية، بالإضافة إلى الاتصال الدائم بالفاعلين في قطاع الأعمال سواء من خلال رجال الأعمال الأعضاء في مجلس أمناء الجامعة أو الزيارات المتبادلة بين مسؤولي الجامعة وقادة كبريات الشركات، كما أن هناك البحوث التي تجريها الجامعة بالتعاون مع هذا القطاع لملاءمة برامجها مع حاجة سوق العمل، وبناء علاقة قوية بين الجامعة ومجتمع الأعمال، بالإضافة إلى وجود مجالس استشارية بالكليات يشارك بها بعض المسؤولين التنفيذيين في الشركات والمؤسسات، وخاصة الجهات الموظفة لخريجي جامعة الأمير سلطان لمراجعة الخطط الأكاديمية بشكل دوري لمواءمة البرامج لاحتياجات سوق العمل المتغيرة وفق متطلبات التنمية الاقتصادية الوطنية.

· ما هي أهم التحديات التي تواجه التعليم الجامعي في المملكة في هذه المرحلة؟

- أعتقد أن من أبرز التحديات التي يواجهها التعليم الجامعي في هذه المرحلة، وخاصة مع الانفتاح الكبير في إنشاء الجامعات والكليات الحكومية والأهلية، وتعدد البرامج الأكاديمية، هي توافق التخصصات والتأهيل وبناء القدرات المعرفية والمهارية وثقافة العمل بما يتناسب مع متطلبات واقع العمل؛ لأن واقع خطط التنمية الوطنية قد عانت وتعاني من الانفصام الكبير بين مخرجات التعليم والحاجة الفعلية لسوق العمل مما ضاعف من أعداد خريجي الجامعات لدينا رغم حاجة السوق المتزايدة إلى الكوادر البشرية المؤهلة من الجنسين، بالإضافة إلى ما سبق أن أشرت إليه من قوة المنافسة على استقطاب أعضاء هيئة التدريس المؤهلين في ظل ازدياد الطلب بشكل كبير على هذه الفئة المميزة، ليس فقط في المملكة بل في المنطقة، وخاصة في التخصصات المطلوبة بشدة في سوق العمل، إضافة إلى أن مؤسسات التعليم الجامعي ـ من أجل أن تكون مؤسسات ذات ثقل علمي وبحثي، وتؤدي دورها التنموي ـ تحتاج إلى مراكمة خبرات على مدى زمني طويل، إضافة إلى إقامة بنية تحتية قوية مما يتطلب توفر موارد مالية كبيرة.

· ما هي أبرز ملامح خطط الجامعة نحو تحقيق اقتصاد المعرفة؟

- أعتقد أن وجود جامعة الأمير سلطان نفسه يعتبر تجسيدًا ودعمًا ومساهمة في اقتصاد المعرفة؛ لأن وظيفة الجامعة بطبيعتها يجب أن تكون إنتاج رأس المال المعرفي. وجامعة الأمير سلطان هي أول جامعة سعودية غير ربحية أنشئت من أجل الإسهام في التنمية الوطنية من خلال تخريج كوادر وطنية مؤهلة ومدربة. وفيما يخص إسهام الجامعة في تشكيل بنية تحتية لتكنولوجيا المعلومات فإن الجامعة تضم كلية لعلوم الحاسب الآلي ونظم المعلومات، إضافة إلى أن الجامعة تسعى من خلال برامجها وأنشطتها الصفية واللاصفية التي تهدف إلى بناء قدرات الطلاب والطالبات المعرفية والمهارية وإلى تهيئة بيئة محفزة للإبداع والابتكار وهما اللذان يشكلان البنية الأساسية لاقتصاد المعرفة.

وبما أن اقتصاد المعرفة يقوم على توافر المعلومات وكفاءة توظيفها من خلال الخبرة الفنية، فإن الجامعة اعتمدت اللغة الإنجليزية كلغة تدريس بها، لأنها تعتبر لغة المعرفة والاقتصاد في هذا العصر، كما أن مناهجها تجمع بين الدراسة النظرية والتطبيق العملي من خلال برنامج التدريب التعاوني بهدف بناء ثقافة العمل والذي يقوم الطلاب من خلاله بتطبيق ما تعلموه في كبريات الشركات والبنوك قبل التخرج.

· كيف يمكن توفير بيئة محفزة للبحث العلمي في الجامعة؟

- كما نعلم فإن وظائف الجامعة الثلاث هي: التعليم والبحث، بالإضافة إلى وظيفتها الثالثة، وهي خدمة المجتمع. لذا، ما من شك في أن المنتج الأساسي للجامعات هو المعرفة، وأن وظيفتها الأولى هي العمل على خلق جو ملائم للإنتاج المعرفي والإبداع العلمي. وفي هذا الإطار في إن جامعة الأمير سلطان تفخر بإنشاء واحتضان (مركز الأمير سلمان للبحوث والترجمة) الذي يعمل على إثراء روح البحث العلمي بين أعضاء هيئة التدريس، وتشجيع الابتكار والإبداع واكتشاف المواهب بين الطلاب والطالبات منذ وقت مبكر. وقد سجل – في بداية نشأته – نجاحًا كبيرًا عندما فاز بإنجاز محور التكلفة والتمويل في الخطة الشاملة للتعليم العالي بالمملكة (مشروع آفاق) في مسابقة تقدمت لها العديد من الجامعات ومراكز البحوث وبيوت الخبرة. وكان من آخر مشاريع المركز إطلاق مسابقة الباحث الناشئ برعاية شركة مايكروسوفت، وهي مسابقة مفتوحة لكافة طلاب جامعات المملكة، كما نظم المركز العديد من ورش العمل وحلقات البحث في مجالات مختلفة. هذا بالإضافة إلى قسم الترجمة الذي يهتم بترجمة الكتب المتخصصة ذات العلاقة بالتخصصات التي تقدمها جامعة الأمير سلطان. وضمن الخطة الإستراتيجية لهذا القسم المشاركة في المسابقات الدولية في الترجمة مثل جائزة خادم الحرمين الشريفين للترجمة.

كما أن الجامعة تسعى دائمًا إلى إغناء تجربتها بالتواصل مع خبراء وباحثين من داخل المملكة وخارجها لتبادل الخبرات بينهم وبين طلابها وأعضاء هيئة التدريس بها، وفي هذا الإطار تنظم الجامعة العديد من الأنشطة الأكاديمية وشبه الأكاديمية وورش العمل التي تغطي مجالات معرفية مختلفة.
 
كيف يمكن أن تكون مراكز البحوث والدراسات أقرب إلى متخذي القرارات ودعماً للقياديين في إصدار القرارات الإستراتيجية والهامة؟

- من المسلم به أن أي قرار يتم اتخاذه في العالم المعاصر يجب أن يكون قرارًا معرفيًا (بمعنى أن يكون قائمًا على أساس متين من المعرفة) فالعالم أصبح من التعقيد وتشابك المصالح بحيث لم يعد مقبولاً فيه أن تكون القرارات ذات طابع ارتجالي؛ لأن أي قرار يتم اتخاذه في بلد ما أو في قطاع ما سيؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على مجتمعات وبلدان وقطاعات أخرى. وهذا يضع مسؤولية كبيرة على عاتق متخذي القرارات والجامعات ومراكز البحوث على حد سواء. أضف إلى ذلك أن القرارات الآن ـ سواء كانت قرارات سياسية أو غيرها ـ أصبحت ذات أبعاد اقتصادية، والبحث العلمي هو منطلق وموجه أي تنمية اقتصادية ناجحة، ففي هذا العصر الذي أصبحت اقتصاديات المعرفة فيه من أهم القطاعات الاقتصادية لا شك أن منطلق أي تنمية يبدأ من التعليم والتنمية البشرية. فإذا تجاوزنا ما تتطلبه التنمية من تخطيط دقيق وتحليل معمق وقدرة على الابتكار وكلها منتجات تعليمية؛ فإننا وبنظرة إلى أي نشاط اقتصادي يمكن أن يمارسه الإنسان الآن نجد أنه لكي يكون مجديًا وقابلاً للبقاء في عصر القرية الكونية الواحدة والمنافسة المفتوحة لا بد أن يقوم على ركيزتين أساسيتين: هما التكنولوجيا والعنصر البشري المؤهل والمدرب، وكل منهما منتج تعليمي.

لأجل ذلك كله يجب أن تكون هناك علاقة وثيقة بين القادة وصناع القرار وبين مراكز البحوث، سواء من جهة تمويل مشاريع البحث ورعايتها، أو من جهة وضع مخرجات البحوث موضع التطبيق لضمان انعكاسات إيجابية للقرارات. والحقيقة أن في ذلك كسبًا مزدوجًا، فبهذه العلاقة، نضمن قرارات صائبة قائمة على دراسات معمقة، وفي نفس الوقت نسهم في تطور البحث العلمي، وبهذين الأمرين تطورت اقتصاديات الدول المتقدمة، وتقدم إنتاجها العلمي في مسارين متوازيين.

· كيف تنظرون لهذا التوسع في افتتاح جامعات وكليات حكومية وأهلية في مختلف مناطق المملكة، وما تأثيره على المستوى العلمي للتعليم العالي؟

- أعتقد أن العالم كله الآن ـ ومن ضمنه المملكة العربية السعودية ـ يشهد ثورة في التعليم سواء من حيث الكم أو من حيث الكيف. ومن أسباب ذلك ازدياد الطلب على التعليم، نتيجة زيادة السكان، والإقبال على التعليم من مختلف شرائح المجتمع نظرًا لانحسار الأمية، يضاف إلى ذلك ما سبقت الإشارة إليه من أن الاقتصاد الآن أصبح اقتصادًا معرفيًا، لم يعد فيه مكان لغير المتعلمين ولا حتى لأنصاف المتعلمين.

والمملكة ـ بفضل الله ـ شهدت في السنوات الأخيرة قفزات تنموية ضخمة لا بد أن تواكبها نهضة في التعليم من أجل الحفاظ على مكتسباتها، ولضمان أن تحافظ على وتيرة نموها ومسار تقدمها.

هذا إضافة إلى أنه مع مرور الوقت وتغير الأوضاع، وهبوب عواصف العولمة على كل البلدان؛ فإن التعليم ـ كغيره من المجالات الأخرى ـ يحتاج إلى تطوير مستمر، وإلى مزيد من جودة المخرجات ليتواءم مع هذه المتغيرات الجديدة، ويواكب الحاجة المتجددة لسوق العمل إلى المزيد من الكوادر المؤهلة والمدربة. وهذا طبعًا يتطلب توسعًا في التعليم الحكومي، كما يستدعي وجود جامعات أهلية تكمل دور الجامعات الحكومية وتنافسها مما يؤدي إلى النهوض بهذا القطاع، خاصة أن أغلب الجامعات العالمية المتميزة هي جامعات أهلية غير ربحية، ومن بينها جامعة هارفارد وجامعة إستانفورد وجامعة ييل وجامعة برينستون وغيرها من الجامعات الشهيرة. وقد أدركت قيادتنا الرشيدة هذه الحقيقة ففتحت باب المنافسة في هذا المجال للقطاع الأهلي، وأعتقد أنها كانت خطوة حكيمة ستكون لها آثارها الإيجابية لاحقًا على بيئة التعليم، وبالتالي على التنمية في اقتصاديات المعرفة بالمملكة. كما أن تعدد الجامعات بلا شك يخلق روح المنافسة، مما ينعكس إيجابًا على جودة التعليم الجامعي ـ من خلال قانون "البقاء للأفضل" ـ وتحقيق المواءمة بين المخرجات وسوق العمل، بالإضافة إلى إعطاء الطالب والطالبة من سعوديين ووافدين فرصة اختيار الجامعة والتخصص الذي يتناسب مع رغبته وميوله.

· كجامعة أهلية كيف توائمون بين جودة التعليم وتحقيق الربحية؟

- الحقيقة أن جامعة الأمير سلطان مؤسسة غير ربحية، تتبع مؤسسة الرياض الخيرية للعلوم، فهي إذن جامعة خيرية لا تهدف إلى الربح المادي، بمعنى أنه لا يوجد مجلس إدارة ينتظر عوائد استثماراته فيها، بل الفائض يستخدم في التطوير والتحديث المستمر بهدف خدمة الوطن والمواطن من خلال تأهيل كوادر ذات كفاءة عالية تستطيع أن تسهم بفعالية في التنمية الوطنية، والرسوم التي تأخذها الجامعة من الطلاب تصرف في النشاط الإداري للجامعة، وعلى مشاريعها التطويرية والبرامج المختلفة التي تنفذها لصالح طلابها ـ مثل برنامج الرحلات الدولية ـ ولصالح المجتمع ـ مثل برنامج الأمير سلمان للتعليم من أجل التوظيف ـ هذا إضافة إلى إنفاقها على منح الموهوبين التي تقدمها للطلاب المتفوقين في الثانوية العامة، والذين تعفيهم الجامعة من الرسوم الدراسية وتمنحهم رواتب شهرية من خلال برنامج الأمير سلمان للمنح التعليمية.. هذا من ناحية، أما من جهة جودة التعليم في الجامعات الخاصة فإن من المعروف أن الجامعات الخاصة عادة ما تكون من أفضل الجامعات على مستوى العالم. وجامعة الأمير سلطان لا تساوم أبدًا فيما يؤثر على المعايير الأكاديمية، أو يؤثر على مستوى الطلبة التعليمي والتأهيلي. كما أن لوزارة التعليم العالي جهودًا جيدة في ضمان جودة التعليم من خلال الخطة الوطنية الإستراتيجية لتطوير التعليم العالي التي أعدتها الوزارة منذ وقت قريب، والتي كان من أهم محاورها برنامج ضمان الجودة في التعليم العالي بشقيه الحكومي والأهلي، الذي بدأت الوزارة توليه ما يستحق من عناية تضمن جودة مدخلات التعليم الجامعي، والتحقق من جودة المخرجات وضبطها، وذلك بإنشاء المركز الوطني للقياس والتقويم، كما بدأت الوزارة تهتم بتحقيق الاعتماد الأكاديمي للجامعات عن طريق إنشاء الهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمي التي تضع معايير الجودة في التعليم وتراقب تطبيقها. وقد كانت جامعة الأمير سلطان أول جامعة سعودية، حكومية أو أهلية تقوم بتطبيق معايير الاعتماد الأكاديمي التجريبي بالتعاون مع الهيئة الوطنية للاعتماد الأكاديمي.

· ارتفاع الرسوم الدراسية في الجامعات الأهلية يقصر خدماتها التعليمة على شريحة محددة في المجتمع، ما هو رأيكم في هذا الموضوع؟

- سبق أن أشرت إلى أن جامعة الأمير سلطان مؤسسة غير ربحية، ولكن رهان التميز، ومواكبة أحدث التطورات في البرامج التعليمية، إضافة إلى ما تنفقه الجامعة لصالح طلبتها على البرامج اللا صفية التي هي جزء مهم من تأهيل وبناء شخصية الطالب والطالبة، مثل الرحلات الدولية وإقامة الأنشطة المشتركة مع الجامعات الأخرى المحلية والعالمية، فضلاً عن برامج التحديث والتطوير المستمرة بالجامعة، مثل تحديث المعامل والمنشآت المعمارية، وتحديث شبكة المعلومات، وتحويل الجامعة إلى بيئة رقمية. كل ذلك يقتضي من الجامعة أن تأخذ رسومًا من طلابها، وتعتبرها إسهامًا منهم في تطوير جامعتهم.
 
وقد أنشأت الجامعة برنامج الأمير سلمان للمنح التعليمية من أجل أن يستفيد منه الطلاب غير القادرين على دفع الرسوم الجامعية، فهو يعطي منحًا شاملة لأوائل الثانوية العامة من البنين والبنات على مستوى المملكة ومنطقة الرياض، بالإضافة إلى أن الجامعة تحصل على أكبر نسبة من منح وزارة التعليم العالي ضمن مشروع خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الداخلي، وهناك جهات أخرى في القطاع الأهلي يتم التنسيق معها لتقديم منح لبعض طلبة الجامعة، بالإضافة إلى المنح الخيرية ومنح شهداء الواجب. ومع كل هذا فإن رسوم الدراسة السنوية في جامعة الأمير سلطان أخفض بكثير من رسوم نظيراتها من الجامعات التي تقدم نفس المستوى الذي تقدمه جامعة الأمير سلطان في أمريكا وأوروبا ومنطقة الخليج، وحتى من بعض الجامعات في الداخل.

وأنا أؤكد لك أنه من خلال هذه البرامج استطاعت جامعة الأمير سلطان أن تستقطب طلابًا متميزين من مختلف شرائح المجتمع، ومن كافة مناطق المملكة. وتصل نسبة الطلاب والطالبات الحاصلين على منح دراسية ضمن برنامج الأمير سلمان للمنح التعليمية إلى حوالي 50% من طلاب وطالبات الجامعة.

· ما هي العقبات التي يواجهها مسؤولو الجامعات السعودية في هذه المرحلة؟

- أعتقد أن من أبرز العقبات التي يواجهها مسؤولو الجامعات الآن هو الملاءمة بين توفير البيئة الأكاديمية المميزة ـ بما فيها عضو هيئة التدريس المميز ـ و تقديم التعليم بتكلفة معقولة، وقد سبقت الإجابة على مضمون هذا السؤال ضمن السؤال رقم (3).

· ما هي أبرز التوجهات الحديثة في التعليم الجامعي؟ وهل تواكب جامعة الأمير سلطان هذه التوجهات؟

- أعتقد أن من أبرز ملامح التوجهات الحديثة في التعليم الجامعي ما يلي:

1. انحسار المساحة الفاصلة بين الأكاديمي والفني في التعليم، فقد أصبح هناك توجه عالمي إلى ربط الأكاديمي بالمهني والإعلاء من قيمة التدريب العملي، والابتعاد ـ قدر المستطاع ـ عن النظري المجرد.

2. مسايرة المعايير الدولية بما يتيح الاندماج في الاقتصاد العالمي والانفتاح على الثقافات والحضارات الأخرى.

3. الاهتمام بالأستاذ الجامعي وتنميته باعتباره محور العملية التعليمية.

4. ربط التعليم بالتنمية بأبعادها المختلفة، بحيث يكون التعليم انعكاسًا للحاجات التنموية للشعوب، إضافة إلى ارتباطه الوثيق بالاتجاهات المتجددة لسوق العمل. فكما هو معلوم فإن الكثير من البلدان المتقدمة تعطي عناية فائقة لدراسة سوق العمل والتعرف على حاجته، ومن ثم تصميم البرامج وفتح التخصصات التي تسد هذه الحاجة، وهذا ما حرصنا عليه في جامعة الأمير سلطان، فبناءً على دراسة واقع سوق العمل المحلية وحاجاتها الحالية والمستقبلية تم اختيار التخصصات التي تدرس بالجامعة.

· التعاون مع الجامعات العالمية ذات العراقة والسمعة الكبيرة والاستفادة من خبراتها له أثره الإيجابي على تطور العملية التعليمية الجامعية المحلية، فما هي جهودكم في هذا الإطار؟

- سبق أن أشرت إلى أن لنا ارتباطات أكاديمية بالعديد من الجامعات، من بينها جامعة أكسفورد البريطانية، وجامعة كانسس الأمريكية وكلية لاند مارك لصعوبات التعليم الجامعي، وكلية إنسياد العالمية لإدارة الأعمال، وجامعة نجويا باليابان وجامعة سيمونز بأمريكا وغيرها. وتشمل هذه الاتفاقيات تبادل الطلاب وزيارات أعضاء هيئة التدريس، وإمكانية أن يمضي طالب جامعة الأمير سلطان عاماً دراسياً كاملاً أو عامين في إحدى هذه الجامعات ليأخذ شهادة مشتركة من الجامعتين. كما تنظم الجامعة الكثير من الأنشطة السنوية بالتعاون مع العديد من الجامعات الأخرى بأمريكا وألمانيا والصين واليابان وأستراليا وغيرها.

ومن ذلك برنامج جامعة الأمير سلطان للرحلات الدولية المجانية الذي يشمل رحلة طلابية كل صيف إلى إحدى كبريات الجامعات العالمية لإتاحة المزيد من الاحتكاك ببيئات أكاديمية متطورة ومتميزة للطلاب، وتعريفهم على ثقافات متعددة، خدمة لحوار الحضارات والفهم المشترك بين الثقافات؛ حيث تم حتى الآن تسيير رحلات إلى عدد من الجامعات، من بينها جامعة كانسس بالولايات المتحدة الأمريكية، وهامبورغ الألمانية وفودان الصينية، وستكون رحلة صيف هذا العام إلى جامعة نوجويا باليابان.

ولا يخفى أن كل ما سبق يصب في تطوير البيئة الأكاديمية للجامعة، كما ستكون له آثاره الإيجابية في بناء شخصية الطالب والطالبة الجامعية وتأهيلهما العلمي والثقافي والقيادي.
 
عودة
أعلى