الحمل الأول وكيفية التعامل معه من قبل الزوجين

smile

شخصية هامة
الحالة النفسية للحامل



عدا السعادة والفرح الذي تشعر به المرأة التي تنوي الحمل للمرة الأولى، فقد تعاني أيضاً من الخوف من الحمل ومن الوضع (رُهاب المخاض Tocophobia).

ويفضل، بل يجب، أن تراجع المرأة الطبيب قبل الحمل، وذلك لتهيئتها نفسياً، وللتأكد من أنها لا تعاني من إضطرابات نفسية وجسدية وعصبية. وفي حال معاناة المرأة من القلق والإكتئاب والذهان، قبل الحمل، فقد تشتد حدة هذه الإضطرابات، أثناء فترة الحمل، وما بعدها كذلك. لذا يجب إعلام طبيب المرأة الموشكة على الحمل، إن كانت مصابة بأمراض نفسية أو داء السكري أو الصرع وأمراض أخرى لا مجال لذكرها هنا. فلداء السكري تأثير سلبي على صحة الجنين، باستطاعتنا تجنبه في حال السيطرة على المرض... كذلك هناك بعض العقاقير المضادة للتشنجات (الصرع) التي قد تشوه الجنين، وباستطاعة الطبيب إستبدالها بأدوية لا تشكل خطراً على الجنين. كذلك الأمر بالنسبة للأدوية المضادة للاكتئاب، إذ من الممكن وصف أدوية معينة مضادة للاكتئاب لا تشكل خطراً على الجنين.

وقد تعاني (تصاب) المرأة في فترة الحمل من مشاكل جسدية ونفسية قد يستلزم الأمر شرحها للزوجة وشرح بعضها للزوج، ويجب على الزوج أن يدعم زوجته طوال فترة الحمل، وفي أثناء الوضع، وأن يمنحها الحب والحنان.

وبإستطاعة الزوجين ممارسة الجنس أثناء فترة الحمل بأكملها بحرية دون قيود، شريطة أن لا يشكل ذلك ضغطاً مباشراً وشديداً على بطن الزوجة، وخصوصاً في حالة الحمل بتوأم. أما في حال معاناة الزوجة من النزيف، أثناء فترة الحمل، أو في حال كون المشيمة تقع على فتحة عنق الرحم Placenta Previa فيجب الإمتناع عن ممارسة الجنس مطلقاً.

وهناك بعض النساء اللواتي تضعف لديهن الرغبة الجنسية أثناء الحمل، والبعض الآخر تزداد عندهن هذه الرغبة، وهذا أيضاً ينطبق على الزوج. وهناك العديد من الرجال الذين يشمئزون من ممارسة الجنس في حال معاناة الحامل من التقيؤ الشديد والمستمر، بينما يكثر العديد من الرجال من ممارسة الجنس أثناء فترة الحمل.

وتمتد فترة الحمل الطبيعية الى تسعة شهور، تقسم بدورها الى ثلاث مراحل، كل مرحلة مكونة من ثلاثة شهور Trimester. وقد دلت الدراسات على أنه في الثلاثة شهور الأولى قد تعاني عشرة في المئة من الحوامل من القلق والإكتئاب الطفيف، أما في الثلاثة أشهر الأخيرة فقد يعانين من القلق على سلامة الجنين ومن الخوف من الوضع.

وكما ذكرنا سابقاً، فإن الحب والحنان المقدم من قبل الزوج لزوجته يساعدها بشكل ملحوظ على التغلب على الإضطرابات النفسية والجسدية التي قد تحدث خلال فترة الحمل، بينما قد يؤدي عدم الإنسجام بين الزوجين بحالة المرأة النفسية الى الأسوأ والخوف من المجهول.



علامات وأعراض الحمل



إن أول علامة من علامات الحمل الأولى، وأول سبب يدعو معظم النساء الحوامل لمراجعة الطبيب، هو تأخر الحيض. فإذا كانت المرأة نشطة جنسياً (أي أنها تمارس الجنس) وتأخرت دورة الطمث لديها ما يعادل الأسبوع أو أكثر، فإن ذلك يعتبر مؤشراً إفتراضياً للحمل.

وقد يلاحظ أيضاً إحتقان الثديين (الثدي الحافل) ومعاناة المرأة الحامل من الغثيان مصحوباً أحياناً بتقيؤ. وسبب إحتقان الثديين هو إرتفاع مستوى هرموني الإستروجين Oestrogen والبروجسترون Progesterone. وأستطيع تلخيص التغيرات التي تطرأ على الثديين أثناء فترة الحمل، بما يلي:

• الثلث الأول من الحمل: تشعر المرأة في المراحل المبكرة من الحمل بألم في منطقة الثدي، وخصوصاً عند اللمس.

• الثلث الثاني: تلاحظ المرأة ان ثدييها بدءا بالتضخم، وعادة يزداد حجم الثدي بمقدار يتراوح بين كوب الى ثلاثة أكواب. كذلك يلاحظ تضاعف حجم الحلمة واتساع مساحة الهالة Areola الكائنة حول الحلمة. ويتحول لون الجلد في منطقة الثدي من القرنفلي إلى البني الداكن.

• الثلث الأخير: ويبدأ الثدي في أواخر الثلث الأخير من الحمل بإنتاج سائل أصفر اللون يسمى "اللباء" Colostrum، وهو سائل غني بالمواد الغذائية والأجسام المضادة Antibodies. ويقوم اللباء بتزويد الوليد بالأملاح الضرورية والأجسام المضادة للأمراض المعدية. كذلك يلاحظ وجود نتوءات (حبيبات) دقيقة في منطقة الهالة، تدعى "درنات مونتوجومري" Montogomery Tubercles. وهي عبارة عن غدد تقوم أثناء الرضاعة بإفراز زيت خاص لتسهيل عملية مص الوليد لحلمة والدته، والتي تصبح بدورها أكثر ليونة.

وقد يكون الهرمون المنشط المنسلي المشيمي البشري Human Chorionic Gonadotropin (hCG) والإستروجين التي تبدأ المشيمة بإنتاجهما بكميات متزايدة، بعشرة أيام بعد الإخصاب Fertilization هما السبب في تطور الغثيان والتقيؤ. ويلاحظ أن معظم الحوامل يعانين في مرحلة الحمل المبكرة من الغثيان والتقيؤ، وغالباً ما تختفي هذه الظاهرة في نهاية الثلاثة شهور الأولى. وتعالج هذه الظاهرة بأن تتناول الحامل فطوراً مكوناً من قطعة صغيرة من الخبز المحمص، أو قطعة من البسكوت، والإكثار من وجبات الطعام الخفيفة، وتجنب شرب الماء مباشرة بعد تناول الطعام، لأن ذلك قد يزيد من إحتمال التقيؤ. ولا توصف الأدوية المضادة للتقيؤ، إلا في حال معاناة الحامل من الجفاف نتيجة فقدان السوائل عن طريق التقيؤ (ومع ذلك فإن القرار الأول والأخير بهذا الخصوص عائداً للطبيب، كل حالة حسب شدتها).

كذلك يقوم هرمون الـ- hCG بحث الجسم الأصفر Luteum Corpus الموجود في المبيض Ovary على الإستمرار في إنتاج كميات كبيرة من الإستروجين والبروجسترون بهدف الحفاظ على الحمل. فنلاحظ أن العديد من النساء يعانين من التعب والإرهاق في هذه الفترة. وتشعر أحياناً الحامل بتضخم بطنها (إنتفاخ) في مراحل الحمل المبكرة. وبعد غياب الحيض بأسبوعين، نستطيع القول إن المرأة حامل في أسبوعها السادس.

ويكون فحص البول والدم للحمل إيجابياً. وتمتد فترة الحمل الى 280 يوماً من أول يوم في الحيض الأخير (وذلك في حال كون الدورة منتظمة كل 28 يوماً). ويعتبر تقدم أو تأخر الوضع (الولادة) بأسبوعين تقريباً ظاهرة طبيعية، وقد يتكون على جبهة الحامل طفح جلدي يسمى كلف الحمل (قناع الحمل) وهو أيضاً ظاهرة طبيعية، وهو عبارة عن صباغ Pigment بني اللون، ويلاحظ تزايد الصباغ أيضاً حول الحلمتين.

وتعاني الحامل أيضاً من كثرة التبول، وسبب ذلك هو ضغط الرحم النامي على المثانة، من جهة، وزيادة عمل الكلى أثناء الحمل من جهة أخرى، وخصوصاً أثناء الإستلقاء والنوم. إضافة إلى أن ضغط الرحم النامي على المثانة قد يؤدي أيضاً إلى معاناة المرأة الحامل من سلس البول (عدم التحكم بالبول)، لذلك يجب أن تهتم بنظافتها العامة وتستبدل ثيابها الداخلية مرات عدة يومياً.

وأما بالنسبة لزيادة وزن الحامل أستطيع القول إن ذلك عائد لأسباب عدة (إضافة الى زيادة وزن الجنين)، إذ أنه في الأيام الأخيرة من الحمل يزيد وزن كل ثدي على حدا نحو 227 غراماً، إضافة الى تجمع نحو 3625 غراماً من الشحوم في أماكن أخرى من الجسم. وأما المشيمة فيبلغ وزنها نحو 481 غراماً، ويزيد وزن عضلة الرحم نحو 915 غراماً، إضافة الى احتواء تجويف الرحم على 920 غراماً من السائل الأمنيوني Amniotic Fluid. وتزيد كمية الدم والسائل اللمفاوي في جسم المرأة الحامل بنحو 3624 غراماً.

وتأسيساً على ما تقدم أستطيع القول إن المرأة الحامل يزيد وزنها في أواخر فترة الحمل بما يتراوح بين 9966 و 12684 غراماً. غير أن ذلك يعتمد على وزن وصحة المرأة قبل الحمل.



الصداع



والنساء الحوامل معرضات للإصابة بالصداع مثلهن مثل باقي النساء من غير الحوامل، وعادة لا يدعو الصداع أثناء فترة الحمل للقلق. ومع ذلك هناك بعض الحالات المرضية التي قد تحدث أثناء فترة الحمل (تخص فترة الحمل) تكون مصحوبة بصداع متفاوت الشدة.

وأبرز هذه الحالات ارتفاع ضغط الدم الشرياني المرتبط بمرض "مقدمة الارتعاج" Pre-eclampsia و"الارتعاج" Eclampsia (التشنج الحملي). والإصابة بهاتين الحالتين قد تؤدي الى معاناة الحامل من صداع شديد مصحوب بتشنجات خطيرة، تشكل خطراً على الأم وجنينها. وعادة تحدث هاتان الحالتان بعد الأسبوع الثاني عشر من الحمل. وأما "الارتعاج" فقد يحصل أيضاً خلال أيام عدة بعد الولادة. وتعرف "مقدمة الارتعاج" بأنها أحد مضاعفات الحمل، وتتميز بارتفاع ضغط الدم الشرياني، ووجود زلال في البول Proteinuria. واما في حال حدوث تشنجات وسبات Coma (حالة شديدة من فقدان الوعي) إضافة الى ما سبق تسمى الحالة "ارتعاج".

مما جاء سابقاً (عدا الفحص الروتيني) يجب فحص ضغط الدم الشرياني في حال معاناة المرأة الحامل من الصداع، وعدم الانتظار للزيارة المقبلة.

وفي حال عدم وجود سبب خطير لمعاناة الحامل من الصداع يمكن استخدام عقار Paracetamol.

وفي السنوات الثلاثين الأخيرة بدأ الغرب يسمح للزوج الدخول لغرفة الولادة ومشاهدة عملية ولادة زوجته. وبعدها بسنوات قليلة بدأ عدد من المستشفيات في الدول العربية اتباع هذا الأسلوب. وقد علل العديد من مؤيدي هذه الرخصة بأنها تجعل الرجل يحس بآلام ومعاناة زوجته أثناء الولادة، مما يعزز في تقديره وإحترامه لها.

غير أنه سُجلت حالات عدة أدت الى ردة فعل معاكسة لدى الرجل من الناحية الجنسية. وقد عانى الكثير من الرجال من فقدانهم لرغبتهم الجنسية بعد مشاهدتهم لعملية الولادة. لذلك ينصح عدد من الأطباء بتهيئة الزوج وتقييمه نفسياً قبل حضور عملية الولادة. وفي حال وجود أدنى شك بأن الزوج غير مهيىء لذلك يجب أن يُمنع من حضور عملية الوضع.

ذُهان النفاس

وخلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة من الحمل ترتفع نسبة هرموني الأوستروجين والبروجسترون في دم الحامل إرتفاعاً كبيراً، بينما تنخفض نسبة هذه الهرمونات إنخفاضاً مفاجئاً بعد الولادة مباشرة.

ونتيجة لعدم التوازن هذا، قد تتطور عند الأم بعد الولادة أحد ثلاثة أنواع من الإضطرابات النفسية، هي: "حزن النفاس" و "اكتئاب النفاس" و "ذهان النفاس". وأخطر هذه الإضطرابات هو ذهان النفاس Psychosis Postpartum.

ويعرف ذهان النفاس بأنه نشوء أعراض ذهانية عند الأم، خلال الأسبوعين أو الأربعة أسابيع، التي تلي الولادة، وهو نادر الحدوث إذ تبلغ نسبة الإصابة به واحد من ألف ولادة.

وتعاني المريضة خلال هذا المرض من الأعراض الذهانية والعاطفية التالية: حزن، فرح مرضي Elation، الشعور بالذنب لعدم قيامها بواجباتها تجاه وليدها، الإرهاق، عدم الشعور بملذات الحياة Anhedonia، عدم إنتظام النوم، عدم التركيز والهلوسة Hallucinations (وهو عبارة عن إدراك حسي غير قائم على أساس أو تأثير منبهات خارجية – الحواس الخمسة – فمثلاً سماع المريض لصوت يتكلم معه، بينما في الحقيقة لا يوجد هناك أحد يتكلم، أو رؤيته لحيوانات دون وجودها الفعلي). وضلالات Delusions (وهي عبارة عن معتقدات خاطئة، يتمسك بها المريض بإيمان واقتناع راسخين، ولا يشاركه في معتقداته الخاطئة هذه أشخاص آخرون من الخلفية الثقافية والاجتماعية نفسها. ويتمسك المريض بهذه المعتقدات الخاطئة رغم كل الدلائل والبراهين المعارضة لها). وأفكار إنتحارية، أو حتى الانتحار، وقد تقوم بإيذاء وليدها. لذلك يجب أخذ الحذر والحيطة، ووضع الأم تحت المراقبة الشديدة. ويجب إدخالها الى المستشفى إذا كانت تشكل خطراً على حياتها أو حياة وليدها.

وأود أن أعاود وأكرر أن الحب والحنان والعطف المقدمة من قبل الزوج أو الأهل للمرأة أثناء الحمل وبعده، تلعب دوراً كبيراً في التخلص من مثل هذه الحالات النفسية. كذلك فإن عدم الانسجام بين الزوجين، أو الظروف النفسية الصعبة أثناء الحمل تلعب دورها في الإصابة بمثل هذه الحالات (إضافة إلى التغيرات الهرمونية).
 
الوسوم
الاول التعامل الحمل الزوجين قبل كيفية
عودة
أعلى