شهر رمضان واحة ايمان

  • تاريخ البدء

خالدالطيب

شخصية هامة
شهر رمضان واحة ايمان
الشيخ حسين الطويل





ما من شكّ أنّ مسألة التّرويح عن النّفس حاجة تقتضيها الطبيعة البشريّة؛ من أجل تجديد النّشاط واستعادة الحيويّة بشكل فعّال لمستقبل الأيّام.
وفي غمار الحياة التي تحتاج إلى تغيير وتجدّد مستمر، لانطلاقة الإنسان في رحابها المترامي الأطراف، فإنّها تفرض عليه السّعي والجدّ الحثيثين؛ لتحصيل معاشه له ولعياله، وتحمّل تقلّباتها بثبات وإرادة صلبين مهما كانت الظّروف والمعوِّقات.
وكما أنّ الإنسان السؤول هو نفسه يحتاج إلى التّرفيه والتّرويح عمّا كابده وعاناه، فكذلك أهلوه هم الاخرون يحتاجون إلى مثل ذلك التّرفيه، ومن هنا وحرصًا على تجديد وتنشيط وتأهيل دعائم المجتمع وركائزه، فقد كانت الإجازات الممنوحة للموظفين والطلاب على حدّ سواء.
وممّا لا ريب فيه فإنّ للإسلام دوره الرّافد والمعزّز لكلّ ما من شأنه أنْ ينهض بالإنسان – أفرادًا ومجتمعات -، ويدفعهم نحو التّحليق في عالم الإبداع؛ لبلوغ الغاية التي من أجلها خُلقوا.
وكي يمشي الفرد المسلم في خطّ يستظلّ فيه بظلال الإسلام الوارفة، فقد رسم خاتمُ الأديان الأفق، ودشّن القواعد، وشيّد الحدود، وأنشأ السلالم التي من خلالها يمكن أنْ يرتقي الفرد إلى علياء الإنسانيّة من منظور منطقيّ يتماشى وروح الشريعة الغرّاء إذ قال أمير المؤمنين عليه السلام): "روّحوا أنفسكم ببديع الحكمة، فإنّها تكلّ كما تكلّ الأبدان"1)، وذلك للتزوّد من تلك المحطّات إلى بلوغ غاية وهدف الخَلَق
﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾2).
وانطلاقًا من القبس العلويّ المنير الذي يحثّ على أنْ "خذ الحكمة أنّى كانت، فإنّ الحكمة ضالة كلّ مؤمن" 3) يجدر استثمار كلّ مراحل الحياة فيما يعود على بني الإنسان بالصّالح والمفيد، لا أنْ يتسكّع في مواضع الابتذال، ومواطن الشّبهات، وكأنّما إجازته وفترة ترويحه الممنوحة له هي إجازة عن كلّ ما يمتّ إليه بِصِلة العقيدة والمبدأ كما يجري ذلك عند البعض في الإجازات الصيفيّة حيث يطلقون العنان لأنفسهم، ولمَن يلوذ بهم من دون وازع ولا رادع في بعض محطّات التّرفيه المغلّف بطابع الانطلاق والتّحرّر؛ ليترجموا ويردّدوا بكلّ صخب خلِّ صيفك على كيفك) قافزين على كلّ الخطوط الحمراء لما ينتمون إليه من عقيدة، ومبادئ، وتعاليم!
لا ريب أنّ الجسم يتعب، والرّوح تملّ في معترك هذه الحياة المتداعية التي وُجد عليها الإنسان؛ وما ذاك إلا ليُمتحن، ولِيُغربل غربلة، ولكنّه ومع كلّ ذلك قد أُهدي الطّريق؛ لكي يجعل دنياه مزرعة اخرته، كما قد أُعطي عقلاً؛ ليزن به الأمور
﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾4)، بل وجُعلت له على طول الخطّ والطّريق محطّات تزويد بالطّاقة التي ربما تُستنزف في بعض المواقع التي تُصيبه بتقهقر وتراجع على مستوى الأداء في الطّاعة، أو على مستوى التّمسّك بالعقيدة والمنهج.
لقد أهدى الإسلام معتنقيه واحات تأهيل ورفد فيها من الزّاد والعتاد - إلى عيش الحياة ويوم المعاد - ما يمكّنهم من إعادة واسترجاع ما افتقدوه – وبشكل أكثر حيويّة – في تقلبّات سِنِيّ عمرهم؛ لِيَفِدوا غدًا على ربّهم وهم ينشرون بين أيديهم وأعينهم لواءً منقوش عليه بماء الذهب
﴿وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾5).

إنّ الواحات تتعدّد، وتتنوّع في رحاب الإسلام، ولكلّ واحدة منها لون من ألوان السمو، وطيف من أطياف الشموخ، ولها امتيازها الخاص الذي يبقى - مهما طال الطريق، أو قصُر - يُنعش الذّاكرة نحو رحاب الطّاعة، كما ولها طعمها الذي يصرّ على البقاء في النفس والرّوح ما لم تتغبّش الرّؤية، ويذوي الانشداد إلى تعاليم القران، ومبادئ الال عليهم السلام).
 
الوسوم
ايمان رمضان شهر واحة
عودة
أعلى