تيسير فقه الصيام

من أكل أو شرب ناسيًا

من أكل أو شرب ناسيًا
لقد جاء الحكم النبوي بشأن الصائم الذي ينسى فيأكل أو يشرب وهو غير ذاكر لصومه، فلم يُعتبر أكلُه ولا شربُه في حال النسيان قاطعًا لصومه، بل هو رزقٌ ساقه الله إليه، وصومه صحيح.. يقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "من أكل أو شرب ناسيًا فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه" (رواه الجماعة عن أبي هريرة)، وفي لفظ: "إذا أكل الصائم ناسيًا، أو شرب ناسيًا، فإنما هو رزق ساقه الله إليه، ولا قضاء عليه" (رواه الدارقطني في سننه-178/2 وقال: إسناد صحيح، رواته كلهم ثقات).. وفي لفظ: "من أفطر يومًا من رمضان ناسيًا فلا قضاء عليه ولا كفارة".
 
حكم من جامع ناسيًا؟ هل يلحق بمن أكل أو شرب ناسيًا؟

حكم من جامع ناسيًا؟ هل يلحق بمن أكل أو شرب ناسيًا؟
الظاهر ذلك بمقتضى القياس، ولدخوله تحت عموم رفع المؤاخذة عن الناسي ولحديث:"من أفطر يومًا من رمضان" فظاهره يشمل المُجامِع، وإن كان من المستبعد- ولا سيما في صوم الفرض- أن ينسى الرجل وزوجته أو كلاهما ويقع الجماع نسيانًا!!
 
هل يفطر الجاهل بالتحريم؟

هل يفطر الجاهل بالتحريم؟
من أكل أو شرب أو جامع جاهلاً بتحريم ذلك على الصائم فإن كان قريب عهد بإسلام أو نشأ ببادية بعيدة بحيث يخفى عليه كون هذا مفطرًا لم يفطر؛ لأنه لا يأثم، فأشبه الناسي الذي ثبت فيه النص، وإن كان مخالطًا للمسلمين بحيث لا يخفى عليه تحريمه أفطر لأنه مقصر.
 
هل يفطر المكره؟

هل يفطر المكره؟
لا يفطر المكرَه على الفطر، سواء أدخل المُكرِه الطعامَ إلى جوفه بغير فعل من الصائم أم أُكرِه الصائم على أن يأكله هو بنفسه على الصحيح، لحديث: "إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه" (رواه ابن ماجه والحاكم والبيهقي بأسانيد صحيحة من رواية ابن عباس، كما قال النووي في المجموع - 309/6).. هذا ما رجحه الإمام النووي من مذهب الشافعي، وقال الأئمة الثلاثة: يبطل صومه، وإن كان مكرهًا.
 
استعمال السواك ومعجون الأسنان للصائم


استعمال السواك ومعجون الأسنان للصائم
السواك قبل الزوال مستحب كما هو دائمًا، وبعد الزوال اختلف الفقهاء، فقال بعضهم: يكره الاستياك للصائم بعد الزوال، وحجته في ذلك أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك"، وقد جاء عن بعض الصحابة أنه قال: "رأيت النبي- صلى الله عليه وسلم- يتسوَّك ما لا يحصى وهو صائم" فالسواك في الصيام مستحب في كل الأوقات في أول النهار وفي آخره كما هو مستحب قبل الصيام وبعد الصيام، فهو سنة أوصى بها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وقال:"السواك مطهرة للفم مرضاة للرب" (رواه النسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، ورواه البخاري معلقًا مجزومًا)، ولم يفرق بين الصوم وغيره.

أما معجون الأسنان فينبغي التحوط في استعماله بألا يدخل شيء منه إلى الجوف، وهذا الذي يدخل إلى الجوف مفطر عند أكثر العلماء؛ ولذا فالأولى أن يجتنب المسلم ذلك ويؤخره إلى ما بعد الإفطار.
 
تعجيل الإفطار


ما يستحب للصائم
1- تعجيل الإفطار
ويستحب للصائم تعجيل الإفطار، فقد رغَّب في ذلك رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بقوله وفعله.. ففي الصحيحين أنه- صلى الله عليه وسلم- قال:"لا يزال الناس بخير ما عجَّلوا الفطر" (متفق عليه من حديث سهل بن سعد، كما في اللؤلؤ والمرجان -668).
 
السحور وتأخيره

2- السحور وتأخيره
ومما سنَّه النبي- صلى الله عليه وسلم- للصائم أن يتسحر، وأن يؤخر السحور
ولذلك قال: "تسحروا فإن في السحور بركة" (متفق عليه، اللؤلؤ والمرجان -665).

 
التنزه عن اللغو والرفث والجهل والسبِّ

3- التنزه عن اللغو والرفث والجهل والسبِّ
وينبغي للصائم أن يزداد حرصًا على التنزه عن اللغو والرفث والصخب والجهل والسبّ والشتم، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "الصيام جنة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب (وفي رواية: ولا يجهل) فإن سابَّه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم" (متفق عليه، اللؤلؤ والمرجان -706،707.
 
قيام ليالي رمضان وصلاة التراويح


4- قيام ليالي رمضان وصلاة التراويح
فرض الله تعالى صيام أيام رمضان، وسن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قيام لياليه.. فعن أبي هريرة قال: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يرغِّب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة، ثم يقول: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه" (متفق عليه، اللؤلؤ والمرجان -435)، ومعنى (إيمانًا): أي تصديقًا بوعد الله تعالى، ومعنى (احتسابًا): أي طلبًا لوجه الله تعالى وثوابه، ومن صلى التراويح كما ينبغي فقد قام رمضان.
 
اغتنام أيام رمضان في الذكر والطاعة والجود

5- اغتنام أيام رمضان في الذكر والطاعة والجود
رمضان موسم من مواسم الخير، تضاعف فيه الحسنات، وتُرجى فيه المغفرة، وتزداد فيه الرغبة في الخير، والمحروم حقًّا من حُرم في هذا الشهر رحمة الله عز وجل، وإنما تُنال رحمة الله تعالى بالإقبال عليه، والاجتهاد في ذكره وشكره، وحسن عبادته.
 
الدعاء طوال النهار وخصوصًا عند الإفطار

6- الدعاء طوال النهار وخصوصًا عند الإفطار

يستحب للصائم أن يرطِّب لسانه بذكر الله ودعائه طوال يوم صومه، فإن الصوم يجعله في حالة روحية تقرِّبه من الله تعالى، وتجعله في مظنَّة الاستجابة لدعائه.

والذكر والدعاء مطلوب من الصائم طوال نهاره، ولكنه مطلوبٌ بصورة خاصة عند الإفطار، وأولى ما يقوله الصائم عند فطره ما رواه ابن عمر قال: كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يقول إذا أفطر: "ذهب الظمأ وابتلَّت العروق وثبت الأجر إن شاء الله تعالى".
 
الاجتهاد في العشر الأواخر

7- الاجتهاد في العشر الأواخر
صحَّت الأحاديث عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أنه كان يجتهد في العشر الأواخر من رمضان ما لا يجتهد في غيرها (رواه أحمد ومسلم والترمذي عن عائشة: كما في صحيح الجامع الصغير -4910)، وقالت عائشة: "كان إذا دخل العشر شدَّ مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله" (رواه الستة إلا الترمذي عن عائشة، المصدر السابق -4713، وانظر: اللؤلؤ والمرجان -730).
 
المفطرات في مجال التداوي


المفطرات في مجال التداوي



قرر مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي أن الأمور الآتية ليست من المفطرات:
1- قطرة العين، أو قطرة الأذن، أو غسول الأذن، أو قطرة الأنف، أو بخاخ الأنف، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
2- الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان لعلاج الذبحة الصدرية وغيرها إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
3- ما يدخل المهبل (فرج المرأة) من تحاميل (لبوس)، أو غسول، أو منظار مهبلي، أو إصبع للفحص الطبي.
4- إدخال المنظار أو اللولب ونحوهما إلى الرحم.
5- ما يدخل الإحليل (أي مجرى البول الظاهر للذكر والأنثى) من قسطرة (أنبوب دقيق) أو منظار، أو مادة ظليلة على الأشعة، أو دواء، أو محلول لغسل المثانة.
6- حفر السن، أو قلع الضرس، أو تنظيف الأسنان، أو السواك وفرشاة الأسنان، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
7- المضمضة، والغرغرة، وبخاخ العلاج الموضعي للفم إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
8- الحقن العلاجية الجلدية أو العضلية أو الوريدية، باستثناء السوائل والحقن المغذية.
9- غاز الأكسجين.
10- غازات التخدير (البنج) ما لم يُعطَ المريض سوائل (محاليل) مغذية.
11- ما يدخل الجسم امتصاصًا من الجلد، كالدهونات والمراهم واللصقات العلاجية الجلدية المحملة بالمواد الدوائية أو الكيميائية.
12- إدخال قثطرة (أنبوب دقيق) في الشرايين لتصوير أو علاج أوعية القلب أو غيره من الأعضاء.
13- إدخال منظار من خلال جدار البطن لفحص الأحشاء أو إجراء عملية جراحية عليها.
14- أخذ عينات (خزعات) من الكبد أو غيره من الأعضاء ما لم تكن مصحوبة بإعطاء محاليل.
15- منظار المعدة إذا لم يصاحبه إدخال سوائل (محاليل) أو مواد أخرى.
16- دخول أي أداة أو مواد علاجية إلى الدماغ أو النخاع الشوكي.
17- القيء غير المتعمد بخلاف المتعمد (الاستقاءة).
وأوصى المجمع أنه على الطبيب المسلم أن ينصح المريض بتأجيل ما لا يضر تأجيله إلى ما بعد الإفطار من صور المعالجات المذكورة فيما سبق.. انتهى.
وقد زادت الندوة الفقهية الطبية التاسعة أمورًا على أنها ليست من المفطرات بإجماع أعضائها:
1- التبرع بالدم، سواءٌ للمنقول منه أو المنقول إليه.
وزادت بالأغلبية الأمور التالية:
1- قطرة الأنف، وبخاخ الأنف، وبخاخ الربو.
2- ما يدخل الشرج من حقنة شرجية، أو تحاميل (لبوس) أو منظار، أو إصبع طبيب فاحص.
3- العمليات الجراحية بالتخدير العام، إذا كان المريض نوى الصيام من الليل.
4- الحقن المستعملة في علاج الفشل الكلوي حقنًا في الصفاق (الباريتون)، أو بالكلية الاصطناعية.
5- منظار المعدة إذا لم يصاحبه إدخال سوائل أو مواد أخرى.. انتهى.
والحقن المغذية مثل الجلوكوز اختلف فيها فقهاء العصر على أنه لا يحتاج إليها إلا المريض مرضًا شديدًا يباح معه الفطر.
 
تيسير فقه الصيام
 
الوسوم
الصيام تيسير فقه
عودة
أعلى