شرح حديث [ سأل موسى ربه : ما أدنى أهل الجنة منزلة ؟

ايفےـلےـين

من الاعضاء المؤسسين
بسم الله و الصلاة و السلام على سيدنا محمد رسول الله و على آله وصحبه وسلم ..
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته



(( عن الشعبي : أنه سمع المغيرة بن شعبة على المنبر ، يرفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : سأل موسى ربه : ما أدنى أهل الجنة منزلة ؟ قال : هو رجل يجيء بعدما أدخل أهل الجنة الجنة ، فيقال له : ادخل الجنة ، فيقول : أي رب كيف و قد أخذ الناس منازلهم و أخذوا أخذاتهم ؟ فيقال له : أترضى أن يكون لك مثل ملك ملك من ملوك الدنيا ؟ فيقول : رضيت رب ، فيقول : لك ذلك و مثله ، و مثله ، و مثله ، و مثله ، فقال في الخامسة : رضيت رب ، فيقول : هذا لك و عشرة أمثاله ، و لك ما اشتهت نفسك و لذت عينك ، فيقول : رضيت رب .
قال _ موسى _ : رب فأعلاهم منزلة ؟ قال : أولئك الذين أردت ، غرست كرامتهم بيدي ، و ختمت عليها ، فلم تر عين ، و لم تسمع أذن ، و لم يخطر على قلب بشر . ))

قال : و مصداقه في كتاب الله عز وجل :
{ فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين }


تخريجه


رواه مسلم : كتاب الايمان باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها ...



غريبه


أخذاتهم : منازلهم التي أعدها الله لهم و أكرمهم بها .
الدين أردت : الذين اصطفيت .



معناه


هذا الكرم الإلهي العظيم جاءنا العلم به بسبب سيدنا موسى على نبينا و عليه الصلاة و السلام ، إذ سأل ربه عن أدنى أهل الجنة منزلة فيها ، و عن أعلاهم منزلة فيها .
فأما أدناهم منزلة فيها : فرجل أمر بدخول الجنة ، فلم ير مكانا له فيها ، حسبما رأى و خيل إليه ، كما جاء في رواية ابن مسعود : " ... يقول الله تبارك و تعالى له : اذهب فادخل الجنة ، فيأتيها فيخيل إليه أنها ملأى ، فيرجع .... "
و يتكرر منه ذلك مرتين ، ثم يقول الله تعالى له [ اذهب فادخل الجنة ، فإن لك مثل الدنيا و عشرة امثالها ، أو : إن لك عشرة أمثال الدنيا ] .
و الفرق بين هذين اللفظين يسير : مثل الدنيا و عشرة امثالها فيكون مجموع حظه من الجنة أحد عشر مثلا للدنيا ،
أو : لك عشرة أمثال الدنيا فهي عشرة أمثال فقط لا أحد عشر .
لكن الفرق بينهما و بين الحديث المشروح كبير ، فلفظه بعد أن وعد ربه خمس مرات من أمثال الدنيا ، قال : " هذا لك " أي : الأمثال الخمسة " و عشرة امثاله " فإذا أعدنا الضمير على الأمثلة الخمسة كان حاصل ذلك الخمسة الأمثال معطوفا عليها عشرة أمثال ، فالجميع خمسة و خمسون مثلا !.
و لا يستكثر على فضل الله و جوده شيء ، لكن المراد تحقيق فهم الرواية .
و هل يقرب من جود الله جود ! و هل يليق بعاقل أن يتقاعس عن طلب الجنة و عن الجد في طلبها ؟ اللهم وفقنا لذلك يا أكرم الأكرمين
و قد جاءت رواية ابن مسعود هذه صريحة في أن هذا فضل الله على آخر أهل النار خروجا منها ، و هو آخر أهل الجنة دخولا اياها .
و يزيده الله من فضله فيقول " لك ما اشتهت نفسك ، و لذت نفسك ":


{ و فيها ما تشتهيه الأنفس و تلذ الأعين }


و لذلك يقول هذا الإنسان : " ما أعطي أحد مثل ما أعطيت !! " كما في صحيح مسلم .
و المراد : الأنفس و الأعين الطيبة التي قالت لها ملائكة الرحمن حين دخولها الجنة :

{ طبتم فادخلوها خالدين

طابوا فلا يشتهون إلا طيبا يتلاءم مع طيب الجنة دار الكرامة ، فصارت انفسا و اعينا جنانية لا أرضية دنيوية .
أما اعلى أهل الجنة منزلة : فكان جواب الله تعالى لكليمه موسى عليه الصلاة و السلام مجملا لا تفصيل فيه ، سوى أنه دله على رفعة مكانتهم لديه : " أولئك الذين أردت ، غرست كرامتهم بيدي "
ففرق كبير بين من يوصف إكرامهم و بين من لا يوصف ، لعظمه .
و فرق كبير بين من يقول الله له : " لك ما اشتهت نفسك و لذت عينك " و بين من يقول في وصف كرامتهم " لم تر عين ، و لم تسمع أذن ، و لم يخطر على قلب بشر " .
و ليس المراد : أن كرامتهم تخطر على قلب غير البشر كالملائكة ، لا ، بل المراد عموم النفي ، من بشر ، أو ملك ، أو نبي مرسل .


و الله سبحانه و تعالى هو المسؤول و المرجو أن يكرمنا بما هو اهله دون سابقة حساب أو عذاب أو عتاب ، إنه هو أهل التقوى و أهل المغفرة .


 
الوسوم
أدنى أهل الجنة حديث ربه سأل شرح منزلة موسى
عودة
أعلى