التعليم في الاردن لطلاب عرب 48

smile

شخصية هامة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,
هذه دراسة مُهمة لباحثين من الوسط العربي حول التعليم خارج البلاد وخصوصاً في الاردن , وذلكَ بسبب الاسئلة الكثيرة التيَ تُطرح حول هذا الموضوع في القسم الاكاديمي ولما في من مصلحة للطلاب ..

يعتبر المواطنون العرب في إسرائيل التعليم الجامعي الأكاديمي عاملا حيويا في صراعهم القومي والسياسي، وعاملا مساعدا في استيعابهم في سوق العمل الإسرائيلي، إضافة الى المساهمة في الحراك الاجتماعي والثقافي والاقتصادي. هذه الطموحات تبرز عند كثير من الطلاب خريجي المدارس الثانوية العربية الذين ينوون دراسة مواضيع ومهن مستقلة ذات القيمة والهيبة الاجتماعية ، مثل الطب والمحاماة والهندسة. إن تعلم موضوع ومهنة مستقلة في الجامعة تحرر الطلاب العرب من الإتكالية للوظائف التي لها علاقة بمهنة التدريس ووظائف خدمة الجمهور. على هذا الاساس فالأكاديميون في المجتمع العربي يشعرون بانهم حملة رسالة واصحاب مسؤولية تجاه مجتمعهم، والمجتمع المحيط بهم يتوقع منهم الكثير، على الأغلب في مجال القيادة الإجتماعية والقومية التي تمثل صراع الأقلية العربية من أجل المساواة التامة في الدولة.


إن تطور التعليم العالي في المجتمع العربي في اسرائيل ناتج من عدة عوامل اساسية، ولكن بصورة كبيرة من الإزدياد السريع بأعداد الطلاب والطالبات العرب الذين يلتحقون بالجامعات الاسرائيلية والكليات الاكاديمية والجامعات العالمية في خارج البلاد، وخصوصا الزيادة الملحوظة في عدد الطلاب والطالبات العرب من إسرائيل والذين يدرسون في جامعات ومعاهد المملكة الاردنية الهاشمية. إستنادا الى معطيات مجلس التعليم العالي الاردني فإن عدد الطلاب الذين يدرسون في الجامعات الاردنية في السنة الدراسية 2004-2005 بلغ حوالي 1.654 طالبا وطالبة. ومن المتوقع أن يكون هذا العدد قد تضاعف في السنة الدراسية 2006-2007.


في هذه المقالة نحاول أن نظهر قسما من النتائج الاولية لبحثنا الميداني عن ظاهرة دراسة الطلاب العرب في جامعات المملكة الاردنية الهاشمية ومحاولة تحليل هذه الظاهرة سوسيولوجيا وأنثروبولوجيا وتربويا. لأجل ذلك قمنا بإجراء مقابلات عديدة مع طلاب عرب من البلاد يدرسون في الجامعات الاردنية ومع بعض من خريجي وخريجات جامعات اردنية عادوا الى البلاد بعد دراستهم في الاردن. تجدر الإشارة بأننا نقوم حاليا بإجراء بحث ميداني شامل عن هذه الظاهرة، حيث يشمل البحث الميداني عينة بشرية كبيرة من الطلاب والطالبات الذين يدرسون في الجامعات الاردنية المختلفة. ونحن بصد نشر نتائج البحث عند اتمامه مع نهاية السنة الحالية بمشيئة الله. نستعرض الان بعضا من نتائج المقابلات: التي اجريناها مع طلاب وطالبات في الشهر الماضي:

عن اسباب السفر والدراسة في الأردن: تشير النتائج الاولية للمقابلات التي اجريناها مع طلاب وطالبات يدرسون في الاردن ان هناك اسبابا كثيرة لسفرهم الى الاردن بعد انهاء دراستهم الثانوية. فكما هو متبع في نظريات الهجرة والهجرة المؤقتة permanent and temperoral immigration فإنه توجد عوامل جذب pull factors من الدولة التي يتم الهجرة اليها، وعوامل طرد push factors من الدولة التي يتم الهجرة منها مؤقتا لهدف تكملة التعليم العالي. ان نتائج المقابلات تظهر ان العوامل للسفر الى الاردن لغرض الدراسة نابعة على الأغلب من عوامل طرد اكثر من عوامل الجذب. ان العامل الاساسي الطارد للطلاب العرب الى الاردن هو سياسة القبول الصعبة للجامعات الاسرائيلية ،وخصوصا لمواضيع مستقلة وذات هيبة اجتماعية والتي ما زال لها طلب في سوق العمل في البلاد ، مثل الطب والصيدلة والمهن الطبية المختلفة. فالقبول لهذه المواضيع يتطلب كما هو معروف علامات عالية في البجروت وعلامات عالية واحيانا خيالية في امتحان البسيخومتري ومقابلة شخصية تعتبر من العراقيل الصعبة للطلاب في الاونة الاخيرة وتحديد الجيل للقبول. هذه العقبات والعراقيل لا يجدها الطالب المنتسب لنفس المواضيع في الجامعات الاردنية. فمن أجل القبول لكلية الصيدلة في الجامعة الاردنية يحتاج الطالب الى معدل ما فوق 85 في البجروت(بدون بونوس)، واظهار انه قد تعلم 4-5 وحدات تعليمية في المواضيع العلمية والنجاح في امتحانين للحاسوب واللغة الانجليزية. لا توجد شروط لامتحان بسيخومتري، ولا تحديد لجيل الطالب، كما هو متبع في جامعات البلاد، فانهم لا يحتاجون للانتظار سنة او سنتين او ثلاثة من اجل الحصول على القبول اذا اوفوا طبعا بشروط القبول.

وهناك من الطلاب من صرح بأن سفرهم الى الاردن للدراسة نابع من القرب الجغرافي للاردن من البلاد . أخرون قالوا ان اللغة والثقافة العربية ، وخصوصا الطالبات، كانت من بين العوامل للسفر الى الاردن للدراسة بجامعاتها. وتجدر الاشارة بأن قسما لا باس به من الطلاب سافر الى الاردن لتكملة تعليمهم العالي لنيل شهادة الماجستير والدكتوراة في مواضيع الشريعة والفقه الاسلامي والتي لا توجد في جامعات البلاد، ودراستها في دولة عربية اسلامية تكون على درجة عالية من المستوى التعليمي والمعرفي. وقسم اخر من الطلاب قد فضل الدراسة في الاردن بسبب منحة دراسية، أو كما تعرف بمكرمة ملكية، حصلوا عليها من احد الاحزاب الفاعلة على الساحة المحلية والتي تربطها علاقات ثقافية مع المسؤولين في هذا الميدان في المملكة الاردنية الهاشمية.


مستوى التعليم: تقسم الجامعات الاردنية عامة الى جامعات حكومية وجامعات أهلية. ومستوى التعليم في الجامعات الاهلية عال جدا. فالطلاب العرب يفضلون الدراسة في الجامعات الاهلية ذات المستوى العالي والتي لها مكانة أكاديمية عالمية واعتراف من مجلس التعليم العالي في اسرائيل. أغلبية الطلاب يدّعون ان مستوى التعليم في الجامعات الاردنية عال جدا، إلا أنهم ينتقدون اساليب وطرق التعليم في الجامعات الأردنية، وذلك انها تعتمد كثيرا على الاساليب التقليدية من الحفظ والبصم والايداع البنكي للمعلومات، واهمال الجوانب العملية والميدانية والتطبيقية والتحليلية المهمة لبعض المواضيع مثل مواضيع العلاج بالنطق والمواضيع الطبية. ليس غريبا بان الطلاب الذين لم يخططوا لدراستهم مسبقا قد قاموا بتغيير موضوع الدراسة في الجامعة اكثر من مرتين بالمعدل. ولكن اغلب الطلاب يقرّون ان علاقات المحاضرين بهم كانت وطيدة ومبنية على الاحترام المتبادل، وبأن المحاضرين في الجامعات الاردنية على مستوى عال من المعرفة والأكاديمية، وذلك ان معظمهم من خريجي جامعات اوروبية وامريكية. ان لغة اغلب المساقات التعليمية في الجامعات الأردنية، وخصوصا المساقات العلمية هي اللغة الانجليزية. فليس غريبا ان يصرّح معظم الطلاب المبحوثين ان لغتهم الانجليزية تقوّت على حساب اللغة العبرية. وبسبب الاهتمام بالعلم والتعليم النظري ومكانته عامة في الجامعات وفي المجتمع الأردني، فقد زادت اهمية القراءة والمطالعة وشراء الكتب عند اغلب الطلاب العرب من اسرائيل الذين يدرسون في الجامعات الاردنية.

التكاليف الاقتصادية: ما من شك ان تكاليف ومصاريف التعليم في الجامعات الاردنية باهظة جدا استنادا الى ما صرّح به معظم الطلاب الذين تم اجراء المقابلة معهم. وهي تفوق مصاريف الدراسة في الجامعات الاسرائيلية وحتى في الجامعات الاوروبية. ان رسوم التعليم في الجامعات الاهلية عالية جدا، والذين ينتسبون اليها هم على الأغلب من ذوي الطبقات الاجتماعية المقتدرة والمتمكنة اقتصاديا. فليس غريبا ان ينتسب الى هذه الجامعات طلاب عرب من دول الخليج، مثل الكويت والسعودية. ان رسوم الدراسة في الجامعة مرهونة بعدد الساعات المعتمدة ومتعلقة بموضوع الدراسة. فمثلا من يدرس موضوع الصيدلة، فان ساعة الدراسة المعتمدة تكلف 70 دينارا. فالسنة الاولى في تخصص الصيدلة تحتاج الى 40 ساعة معتمدة ، وعلى هذا الاساس فان السنة في تخصص الصيدلة تحتاج الى رسوم جامعي قرابة 2.800 دينار بالمعدل، وهو أعلى بكثير من رسوم التعليم في الجامعات الاسرائيلية. ان معدل الرسوم الجامعية في الجامعات الاردنية يبلغ 2.000 دينار. وعلى الرغم من مستوى المعيشة المنخفض نسبيا للحياة في إسرائيل، إلا أن الطالب يحتاج الى مصروف شهري يغطي مصاريفه اليومية واجرة السكن ورسوم المكتبة والإنترنت والسفر، ما يكلفه قرابة 2.500 دينار سنويا، وهذا متعلق بالطبع بالمدينة التي تتواجد فيها الجامعة، فعمان مثلا تختلف عن اربد بهذا الخصوص. لا ننسى مصاريف السفر من اسرائيل الى الاردن ، حيث مصاريف السفر ورسوم المعابر والخ. اجمالا استنادا الى نتائج المقابلات نقول بان تكاليف التعليم في الجامعات الاردنية عالية جدا، وخصوصا للطلاب الذين يدرسون الطب(250 دينار للساعة المعتمدة) والصيدلة، مقارنة لتكاليف التعليم في الجامعات الاسرائيلية أو حتى في الجامعات الالمانية. على الرغم من ذلك فان رسوم التعليم العالية والمصاريف المقرونة بحياة الطلاب العرب في الأردن، إلا أنها لا تكون عقبة امام الطلاب بمواصلة الهجرة المؤقتة الى الاردن بهدف التعليم والدراسة والعودة مع شهادات ذات قيمة عالية. تجدر الاشارة ان قسما من الطلاب لا بأس به يحصل على منحة دراسية لتغطية رسوم التعليم. ومن الطلاب ايضا من يحصل على تخفيض في رسوم التعليم اذا ما تفوّق في دراسته وحصل على معدلات عالية. فليس غريبا ان الطلاب العرب يحاولون استغلال هذه المنح وبالتالي يرتفع مستوى التعليم في الجامعة نفسها.


التكيّف الاجتماعي: لقد أجمع الطلاب الذين قابلناهم بان المجتمع الاردني رغم الثقافة والحضارة العربية المشتركة، يحمل اراءا مسبقة ومقولبات عن العرب في إسرائيل، أو كما يطلقون عليهم عرب 48. فقسم كبير من المجتمع المحلي يحمل افكارا مسبقة عنهم، على أنهم عرب يهود أو يتحلون بصفات وسمات وتصرفات اسرائيلية. على هذا الاساس يقضي أغلب طلاب عرب 48 معظم اوقاتهم مع بعضهم البعض، في مساكن الطلبة او في اللقاءات او في الحفلات والمطاعم والالعاب الرياضية المشتركة، وهي تكون فرصة جيدة للتعارف والتقارب المحلي ولو خارج البلاد. فهم يكوّنون مجتمعا عربيا صغيرا خاصا بهم في الاردن. يجمع الطلاب ان لغتهم العربية قد تقوّت وتطهّرت من الدخيل العبري، ولو ان اللهجات الاردنية صعبة نسبيا لهم. معظم الطلاب لا ينخرطون في المجالات والفعاليات السياسية. معظم الطلاب قالوا انهم يستمتعون باجواء الحياة الاجتماعية وخصوصا انهم بدولة عربية تتمتع بالامان والنظام وسلطة تطبيق القانون، رغم التباين الاجتماعي والاقتصادي بين الناس في المجتمع الاردني. اجمالا نقول ان الطلاب العرب لا يواجهون صعوبات بالتكيف الاجتماعي ولا يمرّون بصدمة حضارية، كما يحصل للمهاجر الى دولة اجنبية جديدة، إلا أن الرأي المسبق عن العرب في اسرائيل هو ما يضايقهم ويسبب لهم المصاعب وخصوصا عند وصولهم وبداية اندماجهم في المجتمع.


استنتاج:ان التعليم العالي في المجتمع العربي يجب ان يتكّيف مع احتياجات المجتمع وطلباته، وإلا فان التخطيط للدراسة العليا ان لم يكن شاملا وكاملا فانه يبقى فارغ الفعالية. ان المجتمع العربي يرسل طلابه باعداد كبيرة للدراسة الى الاردن في الاونة الأخيرة، والتعليم العالي بحد ذاته هو خطوة مهمة لكل مجتمع يسعى للنجاح والازدهار. ان تلبية احتياجات سوق العمل في المجتمع العربي في اسرائيل تظهر اهمية التوجيه التربوي الناجح، والذي يجب ان يكون جزءا لا يتجزأ من المدرسة. صحيح ان الفرد هو صاحب المسؤولية الاخير في اتخاذ القرار المهني الخاص به، ولكن يجب على هذا الفرد ان يمر بتوجيه لمعرفة مواهبه وقدراته وميوله قبل ان يتخذ قرارا بالنسبة لتعليمه ودراسته العليا. في هذه المقالة لم نتعرض لمواضيع الاعتراف بالشهادة من الجامعة الاردنية والعمل وقضية الاستيعاب في سوق العمل في البلاد، حيث سنتطرق لها لاحقا في بحثنا الشامل. ان مهمة المدرسة ان تقدم للطالب مجالا واسعا من الخيارات المتعلقة بالوظائف المتوفرة في سوق العمل وحالة الاجور واخيرا في حاجات المجتمع في البلاد. ان الهدف من التعليم العالي يجب ان يكون في ضوء حاجات المجتمع العربي الملّحة والعاجلة ولكن تحت مراقبة وارشاد. ان سفر الطلاب الى الاردن لغرض الدراسة والتعليم بهذه الاعداد الكبيرة وبدون تخطيط مسبق، يعتبر قضية ملحّة بحاجة لان نواصل معها ببحثنا الشامل. ان عودة الالاف من الاكاديميين العرب خريجي الجامعات الاردنية الى وطنهم في السنوات القادمة، لا يمكن استيعابها مباشرة بهذه الكمية. وهنا نطرح الاسئلة: هل كان سفر هؤلاء الطلاب الى الاردن ضمن تخطيط مسبق؟ وهل يقوم على اسس علمية واضحة؟ وهل خطط المجتمع العربي، وخصوصا الأحزاب العربية التي تمنح عددا كبيرا منهم المنح الدراسية، لعودتهم بجانب التخطيط لابتعاثهم؟

رغم ان التعليم العالي هو الوسيلة للتطور والتنوير وهو غاية المنى، ورغم ان التعليم هو رسالة تربوية وحضارية سامية، الا ان الوظيفة والمحددات الاقتصادية مهمة هي الاخرى. ان التخطيط التربوي السليم والتوجيه الدراسي للطلاب يجب ان يكون عن طريق مؤسسات تربوية مؤهلة ومسؤولة، ولا يجب ان يكون ارتجالا واضحا بدون تخطيط او تقليد، حيث تظهر نتائج ذلك منعكسة في اشكال الخريجين لا يحتاجهم مجتمعهم، بينما نعاني من العجز في بعض التخصصات التي تشتد اليها الحاجة. واخيرا لا نريد تسونامي من شهادات من نوع واحد بدون تخطيط وبدون سياسة رشيدة لتلبية الاحتياجات، إنما نريد شهادات تتوزّع على مختلف التخصصات وتكون انعكاسا لخطط تنمية اقتصادية من اجل انجاحها ومن اجل ازدهار التعليم في المجتمع العربي في نفس الوقت. والى اللقاء في نتائج الدراسة الشاملة بمشيئة


منقول للفائدة !!
 
هذا تقرير من احد الطالبات التي درسن في الاردن وقد رايتُ ان انقله هُنا لانه يحتوي على تجربة شخصية لشخصٌ عايش الواقع ومر بهذه التجربة :


طالبه في كلية الصحافة والاعلام - جامعة اليرموك

أصبحت الأردن الدولة العربية المسلمة الشقيقة تستقبلنا بالمئات والألوف للدراسة في جامعاتها بعد أن يصعب علينا استيفاء الشروط العنصرية للقبول في الجامعات الإسرائيلية. ويدرس أغلبية الطلاب في العاصمة عمان وآخرون في إربد والزرقاء وغيرها من المدن الأردنية. تستقبلنا الجامعات الحكومية والمتخصصة على حد سواء، والمنح الدراسية أو المقاعد المخصصة لطلاب عرب ال48 آخذة في الازدياد.


وكانت البداية ... تعجيز الطالب العربي في إسرائيل من الحصول على العلامة المطلوبة في امتحان قياس الذكاء (البسيخومتري) والتضييق عليه، رفع معدلات القبول لأغلبية التخصصات، رفع الحد الأدنى للعمر ل- 21 سنة فما فوق كشرط للقبول في العديد من التخصصات، العجز عن تسديد القسط الجامعي باهظ الثمن: تعددت الأسباب والهم واحد، وكان حريّ أن يكون الالتحاق بالجامعة حلما ورديا يتحقق لصاحبه بالقليل من الجهد ، لا أن يكون همّا جاثما على صدور الطلاب العرب.

نجد أنفسنا بين نارين: إما أن نتنازل عن مهنة المستقبل التي طالما حلمنا بها منذ الطفولة، أو أن نبحث عنه في جامعات خارج البلاد. لهذا يفضل معظمنا الأردن اعتقادا بأنها غربة اخف من الأخرى- إذا ما قارناها مع دول غرب أوروبا أو أمريكا – لأنها وطن شقيق نشاطره اللغة والدين والتاريخ إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن أكثر من نصف سكان الأردن فلسطينيو الأصل.
بتشجيع من جهات عدة وبواسطة تقديم المنح والإعانات المادية للكثير من طلاب عرب ال48، أصبحت الأردن الحل الأنسب والملجأ الأقرب للكثيرين.

وفي الأردن: من نكون؟

نبحث عن هوية لنا فنضيع بين الأسماء والمسميات، يطلقون علينا «عرب ال48» أو «عرب إسا» كما يروق لبعضهم أن يمازحنا. يعاقبنا البعض بتسميتنا «عرب إسرائيل» وكأن ارتباطنا بمسمى (إسرائيل) تهمة قائمة لنا بحد ذاتها نعاقب عليها حتى إشعار آخر. ويكرمنا ويجبر بخاطرنا من يرى فينا وينادينا «المرابطون» وهم قلة.
بعيدون عن العروبة، مهملون للإسلام، متحضرون، متطبعون، فاقدون للعادات والتقاليد، أم عرب مسلمون متطورون ومنفتحون؟ كلٌ ينظر إلينا نظرة ينفرد بها عن غيره حتى لا يكاد المرء أن يـُجمِع على نظرة موحدة تجاهنا، فنحن،جميع طلاب العرب ، جئنا لندرس في الأردن، دمنا واحد ولكن اختلفت تسميتنا.
وبين ضياع الهوية وضياع التعريف الموحد لذاتنا يبقى المجال مفتوحا إمام كل واحد منا أن يعرف نفسه ويعكس للآخرين الصورة التي يريدها.
وهنا تكمن المشكلة الأساسية: فكل طالب منا يمثل شريحة طلاب عرب ال48 بأكملها، وهنالك من يمثل هذه الشريحة بكل خير وطيب وهنالك من يشوه سمعة الجميع بتصرفاته الطائشة.
والعديد من طلابنا وطالباتنا يصبحون من خيرة الطلاب في الجامعة، يحافظون على اجتهادهم ويشدون العزم على الثبات على تحقيق الهدف الذي جاءوا من أجله، يتفوقون في تخصصاتهم مهما صعبت ويركزون في دراساتهم ليحصلوا على شهادات الامتياز وليكونوا من اوائل الطلبة في أقسامهم وكلياتهم. وتراهم يرتادون المصليات في الكليات ويحافظون على الصلاة في مسجد الجامعة، ويشاركون في النشاطات والفعاليات المختلفة في الجامعة وبذلك يثبتون وجود عرب ال48. يكتبون في صحيفة الجامعة ويشاركون في فرقتها الموسيقية ويفرضون حضورهم مهما قلوا.
ولكن للأسف فان البعض غير مدرك للمسؤولية الجماعية الملقاة على عاتقه، فهنالك الكثيرون ممن يتصرفون بطيش ولا مبالاة، فلا يحلو لهم إلا حمل الحقائب المكتوب عليها باللغة العبرية والتمختر بها في الجامعة، ولا يسعهم إلا ارتداء الملابس التي طبعت عليها أحرف عبرية واضحة وصريحة وكأن هذا المشهد سيكون هينا على زملائنا الطلاب الفلسطينيين المهجرين من المخيمات الفلسطينية التي تعيش تحت خط الفقر في الأردن، وكم سيكون مشهدا صعبا أن يرى أخاه العربي الفلسطيني يلبس ما يصنعه (العدو) حسب رأيه.
وفي الأماكن العامة يحلو للبعض أن يدندن باللغة العبرية متباهيا بنفسه وبمهاراته اللغوية، مستهترا بعقول المحيطين به كأن أمه ولدته ناطقا بالعبرية ولم يمض حياته من الصف الثاني حتى الثاني عشر يتعلمها حتى فقهها!! وهناك بعض من بناتنا من تعتقد ان الغربة ربما تزيدها إحساسا بالأمان أن أخبارها لن تصل لأهلها كونها تبعد مئات الكيلو مترات عنهم، فتميل عن طريق الصواب لتسرح وتمرح بحرية وما هو إلا تأخر وقد فاق تحررها هذا تحرر الغربيات والعياذ بالله! ويختلط الحابل بالنابل ويصبح الصالح أخا للطالح!
عدا عن أن معظم طلاب ال48 يفضلون التقوقع وعدم الاندماج مع الآخرين، ففي السكن يسكنون مع بعضهم وفي الجامعة يجلسون مع بعضهم البعض وغيرها من السلوكيات التي من شأنها أن تزيد اغترابهم.
نحن حاملون للجواز الإسرائيلي، ناطقون بالعبرية، ضعيفون بلغتنا الأم، ولا يقتصر الأمر على هذا فما يزيد الطين بله أن الناظر إلى أغلبيتنا يميزهم دون أن يدندنوا عبريتهم كيف لا وهم يتعمدون حتى أن يلبسوا بطريقة مختلفة على الرغم من أن الكثير من العرب يحاكي الغرب في طريقة لبسه إلا أن «ستايل» عرب ال48 مميز، فالشعر الشوكي للشباب كأنما احدهم أصابته القشعريرة والزينة المبهرجة التي طفح بها الكيل لدى البنات تدل عليهن من بين الألوف.

ايجابيات التعلم في الأردن:
*البعض منا فضل الأردن على غيرها من الدول لأنها تنطق بالعربية التي نسعى جاهدين للحفاظ عليها كجزء لا يتجزأ من هويتنا، فبينما يتعلم الطلاب في إسرائيل بالعبرية ، ندرس في الأردن بعض المواد التعليمية بالعربية حيث هنالك في كل جامعة مساقات جامعية إجبارية لتتخرج من أي تخصص كان مهما بعد عن العربية – من ضمن هذه المساقات مساقات لغة عربية وبطبيعة أن اللغة الرسمية في الأردن هي العربية فان مستواها هناك يفوق بكثير ما درسناه طوال حياتنا المدرسية من اللغة العربية وهذه فائدة عظيمة: أن نتعلم قواعد العربية ومفرداتها، ونكون بذلك قد عززنا لغتنا الأم وأفشلنا من أراد طمس معالمها.
* غالبية الجامعات الأردنية تدرس تخصصاتها باللغة الانجليزية، فيتخرج الطالب متقنا للغة العالمية ويستطيع أن يعمل في أي دولة أجنبية ويتواصل بالانجليزية ببراعة.
* ومن أجمل ايجابيات التعليم في الأردن، حسب رأيي، التعرف على الطلاب من الدول العربية. وهل كنا نحلم مرة أن نلقى من يكلمنا باللهجة السورية واللبنانية؟ وان نتناول الطعام على مائدة خليجية؟ ونتحلى بالحلويات المصرية؟
ففي رحاب الجامعة يتسنى لك التعرف على المصري والسوري والخليجي والليبي واللبناني والعراقي. وتتاح لك الفرصة للتعرف على عاداتهم وتقاليدهم ومأكولاتهم ولهجاتهم، وتسمع عن اهتماماتهم بالقضية الفلسطينية وتهتم بقضاياهم.
وهنالك أيضا الطلاب الاندونيسيين والأفريقيين الذين قطعوا المسافات الطويلة ليتعلموا علوم الشريعة الإسلامية وقبلها العربية، يدهشك تمسكهم الجميل بالدين الإسلامي ومدى حبهم له فتزداد حماسا وإقبالا على التعلم وتحمد الله على اللغة العربية.
*يدهشك تمسك الأغلبية بديننا الإسلامي الحنيف، فالكل مسلمون من حولك والجوامع منتشرة في كل مكان، والمصليات للطلاب وللطالبات في كل طابق من كل كلية، والشعارات الدينية والآيات معلقة على جوانب الطريق وفي جميع المحال التجارية وعلى أبواب العمارات السكنية وحتى في المصاعد!!! حتى أسماء المحال التجارية والشوارع والعمارات تيمنا بالصحابة والتابعين تشعرك بأنك تعيش إسلامك من جديد فلا حواجز ولا قيود ولا محتلين!
يحاول البعض منا أن يمحو الأفكار المسبقة والخاطئة عنا من رؤوس العرب، ويسعى إلى تضييق الهوة للتقرب من الطلاب العرب وإقناعهم بأننا متمسكون بعاداتنا وتقاليدنا وبأننا على الشريعة الإسلامية مهما أراد لنا الكثيرون الابتعاد عنها وبان لنا من العروبة اصالتنا بالرغم من عيشنا في دوله يهوديه والأردن مهما خالفنا سياستها الجديدة في السعي نحو التطبيع فهي في النهاية.
احتضنت الاردن الملايين من الفلسطينيين الذين هجروا إليها فلا بد أن تتحمل الفلسطينيين الذين يجدون فيها ملاذا للتعليم وتمنحهم المنح والإعانات المادية، فالحري بنا أن نحترم هذه الدولة وبعدها كل البعد عن التأمرك والتغرب فعلينا احترام أهلها وعاداتهم وقيمهم الاجتماعية، كما علينا مراعاة شعورهم وعدم التلفظ والتصرف بما من شأنه عدم احترام مضيفنا، ولنتذكر دائما بأنه لولا أن الله من علينا بالتعليم في الأردن لكنا تغربنا في بلاد الغرب وغرقنا بالمعاصي أو بقينا في البلاد وتعلمنا ما لا يرضي خواطرنا ونحاول أن نثبت للأشقاء العرب أننا لا زلنا ملتزمين بديننا الحنيف ولا زلنا نرى في قضية فلسطين قضيتنا الأولى وهمنا الأول .وأخيرا أدعو جميع طلاب ال48 في الأردن أن يتوحدوا ويحسنوا التصرف لان ذلك مسؤولية جماعية ملقاة على أكتافنا جميعا، لكي نستطيع ان نذيب الحاجز بيننا وبين بقية العرب، فليست الغربة فحسب مشكلتنا بل دعونا لا ننسى أننا مواطنون من الدرجة الثانية على ارض وطننا، وهكذا نحن بين نارين: في إسرائيل لسنا إسرائيليين بما فيه الكفاية لنحصل على حقوق مساوية كمواطني الدولة.
وفي الأردن لسنا عربا بما فيه الكفاية ونتهم بالتطبع بعادات اليهود. يذكرني هذا الموضوع تماما بإخواننا في جزر القمر فهم مسلمون وناطقون بالعربية وفخورون بذلك لكن الأمة المسلمة لا تعيرهم أدنى اهتمام!
علينا جميعا أن نحاول بقدر الإمكان ان نعكس الصورة الحسنه عنا كأقلية، عن طريق التمسك بديننا الحنيف في الغربة التي من شانها ان تزيدنا ورعا وتعلقا بالدين لا أن تنحل أخلاقنا لأننا لا رقيب علينا ولا حسيب! وان لا ننسى أن الهدف الأساسي من مجيئنا إلى الأردن هو التثقف والتعلم ولنعمل على تحقيق هذا الهدف في كل لحظة لنا هناك .

اُمنياتي لكم بالتوفيق !
 
ايجابيات التعلم في الأردن:
*البعض منا فضل الأردن على غيرها من الدول لأنها تنطق بالعربية التي نسعى جاهدين للحفاظ عليها كجزء لا يتجزأ من هويتنا، فبينما يتعلم الطلاب في إسرائيل بالعبرية ، ندرس في الأردن بعض المواد التعليمية بالعربية حيث هنالك في كل جامعة مساقات جامعية إجبارية لتتخرج من أي تخصص كان مهما بعد عن العربية – من ضمن هذه المساقات مساقات لغة عربية وبطبيعة أن اللغة الرسمية في الأردن هي العربية فان مستواها هناك يفوق بكثير ما درسناه طوال حياتنا المدرسية من اللغة العربية وهذه فائدة عظيمة: أن نتعلم قواعد العربية ومفرداتها، ونكون بذلك قد عززنا لغتنا الأم وأفشلنا من أراد طمس معالمها.
* غالبية الجامعات الأردنية تدرس تخصصاتها باللغة الانجليزية، فيتخرج الطالب متقنا للغة العالمية ويستطيع أن يعمل في أي دولة أجنبية ويتواصل بالانجليزية ببراعة.
* ومن أجمل ايجابيات التعليم في الأردن، حسب رأيي، التعرف على الطلاب من الدول العربية. وهل كنا نحلم مرة أن نلقى من يكلمنا باللهجة السورية واللبنانية؟ وان نتناول الطعام على مائدة خليجية؟ ونتحلى بالحلويات المصرية؟
ففي رحاب الجامعة يتسنى لك التعرف على المصري والسوري والخليجي والليبي واللبناني والعراقي. وتتاح لك الفرصة للتعرف على عاداتهم وتقاليدهم ومأكولاتهم ولهجاتهم، وتسمع عن اهتماماتهم بالقضية الفلسطينية وتهتم بقضاياهم.
وهنالك أيضا الطلاب الاندونيسيين والأفريقيين الذين قطعوا المسافات الطويلة ليتعلموا علوم الشريعة الإسلامية وقبلها العربية، يدهشك تمسكهم الجميل بالدين الإسلامي ومدى حبهم له فتزداد حماسا وإقبالا على التعلم وتحمد الله على اللغة العربية.
*يدهشك تمسك الأغلبية بديننا الإسلامي الحنيف، فالكل مسلمون من حولك والجوامع منتشرة في كل مكان، والمصليات للطلاب وللطالبات في كل طابق من كل كلية، والشعارات الدينية والآيات معلقة على جوانب الطريق وفي جميع المحال التجارية وعلى أبواب العمارات السكنية وحتى في المصاعد!!! حتى أسماء المحال التجارية والشوارع والعمارات تيمنا بالصحابة والتابعين تشعرك بأنك تعيش إسلامك من جديد فلا حواجز ولا قيود ولا محتلين!
 
الوسوم
48 الاردن التعليم طلاب عرب
عودة
أعلى