السلامة الغذائية والأمراض المنقولة عن طريق الأغذية

Dr.HAYA

من الاعضاء المؤسسين
ما فتئت مسألة السلامة الغذائية تزداد أهمية من زاوية الصحة العمومية. وتقوم الحكومات في شتى أرجاء العالم بتكثيف جهودها من أجل تحسين السلامة الغذائية. وتأتي هذه الجهود استجابة لتزايد عدد المشاكل المرتبطة بالسلامة الغذائية وتزايد مشاعر القلق التي يبديها المستهلكون.
تعريف الأمراض المنقولة عن طريق الأغذية: الأمراض المنقولة عن طريق الأغذية هي أمراض معدية أو سامة تتسبّب فيها كائنات تدخل الجسم عن طريق الأغذية المستهلكة. والجدير بالذكر أنّ كل شخص معرّض لمخاطر الإصابة بهذه الأمراض.
استشراء الأمراض المنقولة عن طريق الأغذية: تُعد الأمراض المنقولة عن طريق الأغذية من المشاكل الصحية العمومية التي تتزايد انتشاراً واستفحالاً في البلدان المتقدمة والبلدان النامية على حد سواء.
  • من الصعب تقييم معدلات وقوع الأمراض المنقولة عن طريق الأغذية على الصعيد العالمي، غير أنّ التقارير تشير إلى أنّ أمراض الإسهال أودت، في عام 2005 وحده، بحياة 8ر1 ملايين نسمة. ويمكن عزو جزء كبير من تلك الوفيات إلى تلوّث الأغذية ومياه الشرب. كما أنّ الإسهال من الأسباب الرئيسية الكامنة وراء سوء تغذية الرضّع وصغار الأطفال.
  • تشير التقارير إلى أنّ نسبة الأشخاص الذين يعانون سنوياً من الأمراض المنقولة عن طريق الأغذية في البلدان الصناعية تبلغ نحو 30%. كما تشير التقديرات إلى أنّ الولايات المتحدة، مثلاً، تشهد حدوث حوالي 76 مليون حالة من تلك الأمراض كل عام تؤدي إلى 000 325 إحالة إلى المستشفيات و5000 حالة وفاة.
  • من المعروف، على الرغم من عدم توافر الوثائق ذات الصلة، أنّ البلدان النامية تنوء بعبء المشكلة بسبب انتشار طائفة واسعة من الأمراض المنقولة عن طريق الأغذية فيها، بما في ذلك الأمراض الناجمة عن الطفيليات. ويوحي ارتفاع معدلات انتشار أمراض الإسهال في كثير من البلدان النامية بوجود مشاكل كبرى في ميدان السلامة الغذائية.
  • إذا كانت الأمراض المنقولة عن طريق الأغذية تحدث بشكل متفرّق ولا يُبلّغ عن حدوثها في غالب الأحيان، فإنّ فاشيات هذه الأمراض قد تتخذ أبعاداً هائلة. فقد شهدت الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1994، على سبيل المثال، وقوع فاشية من فاشيات داء السلمونيلات بسبب مثلّجات ملوّثة، ممّا أدّى إلى إصابة 000 224 نسمة. كما أدّت إحدى فاشيات التهاب الكبد a حدثت في عام 1988 جرّاء استهلاك محار ملوّث (بطلينوس) إلى إصابة نحو 000 300 شخص في الصين.
أهمّ الأمراض المكروبية المنقولة عن طريق الأغذية

  • داء السلمونيلات من المشاكل الكبيرة في معظم البلدان. وجرثومة السلمونيلة هي التي تتسبّب في حدوث هذا المرض التي تظهر أعراضه في شكل حمى وصداع وغثيان وتقيّؤ وألم في البطن وإسهال. ومن الأغذية المرتبطة بفاشيات داء السلومنيلات البيض ولحم الدواجن وغيره من اللحوم واللبن النيئ والشوكولاتة.
  • داء العطائف من أنواع العدوى المنتشرة على نطاق واسع. وهذا المرض ناجم عن فصيلة معيّنة من جنس العطائف، علماً بأنّ عدد حالات هذا المرض المبلّع عنها في بعض البلدان يتجاوز عدد حالات داء السلمونيلات. وتحدث الحالات المرضية، أساساً، جرّاء استهلاك أغذية مثل اللبن النيئ أو لحم الدواجن النيئ أو غير المطهو بشكل جيّد ومياه الشرب. ومن الآثار الصحية الوخيمة الناجمة عن هذا المرض ألم البطن المبرح والحمى والغثيان والإسهال. وقد تؤدّي العدوى، في 2% إلى 10% من الحالات، إلى حدوث مشاكل صحية مزمنة، بما في ذلك الالتهاب المفصلي التفاعلي والاضطرابات العصبية.
  • إنّ أنواع العدوى الناجمة عن الإشريكية القولونية المسبّبة للنزف المعوي ( الإشريكية القولونية 0157) وداء الليستريات من أهمّ الأمراض المنقولة عن طريق الأغذية التي ظهرت خلال العقود الماضية. وعلى رغم من انخفاض معدلات وقوع هذه الأمراض نسبياً، فإنّ آثارها الصحية الوخيمة، والفتاكة في بعض الأحيان، خصوصاً بين الرضّع والأطفال والمسنين، تجعلها من أخطر الأمراض المنقولة عن طريق الأغذية.
  • الكوليرا من أهمّ المشكلات الصحية العمومية الكبرى في البلدان النامية، وهي تتسبّب أيضاً في حدوث خسائر اقتصادية ضخمة. وينجم هذا المرض عن جرثومة تُدعى الضمة الكوليرية. ويمكن للعدوى، بالإضافة إلى المياه، الانتقال عبر الأغذية الملوّثة. وقد تسبّبت أغذية مختلفة منها الأرز والخضر وعصيدة الدُخن وأنواع مختلفة من ثمار البحر في وقوع فاشيات من الكوليرا. ومن الممكن أن تتسبّب أعراض المرض، مثل الألم البطني والتقيّؤ والإسهال المائي الغزير في حدوث تجفاف وخيم قد يؤدي إلى الوفاة في حال عدم تعويض السوائل والأملاح المفقودة.
المشكلات الأخرى المرتبطة بالسلامة الغذائية: بعض الأمثلة الهامة

  • تتسبّب الذيفانات الطبيعية، مثل الذيفانات الفطرية والذيفانات البيولوجية البحرية والغليكوزيدات المنتجة لسيانيد الهيدروجين والذيفانات الموجودة في الفطريات السامة في حدوث حالات تسمّم وخيمة بشكل دوري. وتوجد الذيفانات الفطرية، مثل الفلاتوكسين والأوكراتوكسين a، بكميات يمكن تقديرها في كثير من الأغذية الرئيسية؛ ولا يزال الغموض يكتنف الآثار الصحية الناجمة عن التعرّض لهذه المواد على المدى الطويل.
  • العوامل غير المألوفة، مثل العامل المتسبّب في الاعتلال الدماغي الإسفنجي البقري (أو "جنون البقر") والمرتبط بداء كروتزفيلد-جاكوب اللانموذجي الذي يصيب الآدميين. ومن أهمّ سُبل انتقال العامل الممرض إلى البشر تناول مشتقات لحوم البقر التي تحتوي على نُسج دماغية.
  • الملوثات العضوية الثابتة هي مواد مركّبة تتراكم في البيئة وفي جسم الإنسان. ومن الأمثلة المعروفة مركبات الديوكسين ومركبات ثنائي الفينيل المتعدد الكلور. وتُفرز مركبات الديوكسين من مشتقات بعض العمليات الصناعية وعمليات ترميد النفايات. وقد يؤدّي التعرّض للملوثات العضوية الثابتة إلى حدوث طائفة متنوعة من الآثار الضائرة لدى البشر.
  • الفلزات، مثل الرصاص والزئبق، تتسبّب في إصابة الرضّع والأطفال بأضرار عصبية. كما يمكن أن يؤدّي التعرّض للكادميوم إلى حدوث أضرار في الكلى تصيب المسنين عادة. ويمكن للفلزات (والملوثات العضوية الثابتة) تلويث الأغذية من خلال تلوّث الهواء والمياه والتربة.
التكاليف المرتبطة بالأمراض المنقولة عن طريق الأغذية

  • يضع تلوّث الأغذية عبئاً اجتماعياً واقتصادياً فادحاً على كاهل المجتمعات ونُظمها الصحية. وتشير التقديرات إلى أنّ تكاليف الأمراض الناجمة عن العوامل الممرضة الرئيسية في الولايات المتحدة الأمريكية لا تقلّ عن 35 مليار دولار أمريكي في السنة (1997)، علماً بأنّ تلك التكاليف تتعلّق بالمجال الطبي والخسائر الإنتاجية. كما أدّت عودة ظهور الكوليرا في بيرو في عام 1991 إلى حدوث خسائر في صادرات الأسماك ومشتقات الصيد بلغت قيمتها ذلك العام 500 مليون دولار أمريكي.
التحديات المطروحة في مجال السلامة الغذائية والتطورات التي شهدها هذا المجال

لا بد من إجراء تقييم دقيق لسلامة الأغذية المشتقة من التكنولوجيا البيولوجية. ومن الضروري، لتوفير الأساس العلمي للقرارات المتعلقة بالصحة البشرية، وضع وإقرار أساليب وسياسات جديدة على الصعيد الدولي بغية تقييم تلك الأغذية. وينبغي أن تنظر عملية التقييم في المنافع الصحية والآثار الصحية السلبية المحتملة. وتُعد المحاصيل التي يتم تحويرها لمقاومة الهوام أو الأغذية التي تُنزع منها المستأرجات والأغذية المزوّدة بالعناصر المغذية الأساسية من الأمثلة على تلك المنافع، في حين يرى البعض أنّ واصمات مضادات المكروبات في بعض الأغذية المحوّرة جينياً من الأمثلة على الآثار السلبية المذكورة. ويمثّل الوزن بين المخاطر المحتملة والمنافع المتوقعة جانباً هاماً من عملية تقييم الأغذية المشتقة من التكنولوجيا البيولوجية التي لم تحظ بكثير من الاهتمام في الماضي. ومن العقبات الأخرى التي لا تزال قائمة على المستويين الوطني والدولي انعدام الإبلاغ الواضح عن أسس تقييم السلامة في هذا المجال.
وقد تؤدي التغيرات التي تطرأ على ممارسات تربية الحيوانات وتغذيتها، في حال عدم رصدها وتقييمها بشكل سليم، إلى عواقب وخيمة فيما يخص السلامة الغذائية. فقد تبيّن، على سبيل المثال، أنّ زيادة استخدام لحوم الحيوانات المجترة وعظامها كمكمّلات غذائية لتربية الماشية من الأمور التي أسهمت في ظهور الاعتلال الدماغي الإسفنجي البقري.
وقد بعثت إضافة مستويات قليلة من المضادات الحيوية إلى أغذية الحيوانات من أجل تعزيز نموها المخاوف إزاء انتقال المقاومة لتلك المضادات إلى العوامل الممرضة التي تصيب الإنسان من خلال هذه الممارسة.
وتسهم ممارسات الزراعة المكثّفة الحديثة في زيادة توافر المنتجات الغذائية بأسعار معقولة، كما يمكن تحسين جودة الإمدادات الغذائية وزيادة كمياتها وتعزيز مأمونيتها باستخدام المضافات الغذائية. غير أنّ من الضروري إجراء عمليات المراقبة اللازمة لضمان استخدامها بطرق سليمة ومأمونة على طول السلسلة الغذائية بأكملها. ومن الضروري أيضاً استعراض مبيدات الهوام والأدوية البيطرية والمضافات الغذائية وإقرار صلاحيتها قبل تسويقها والاستمرار في رصدها لضمان استعمالها بطرق مأمونة.
ومن التحديات المطروحة الأخرى، التي يجب مواجهتها للمساعدة على ضمان السلامة الغذائية، عولمة التجارة الغذائية والتوسّع العمراني والتغيّرات الطارئة على أنماط الحياة والرحلات الدولية وتلوّث البيئة والتلوّث المتعمّد والكوارث الطبيعية والكوارث التي يتسبّب فيها الإنسان. وقد أصبحت سلسلة إنتاج الأغذية أكثر تعقيداً ممّا يتيح تربة خصبة للتلوّث ونمو العوامل الممرضة. وعليه فإنّ كثيراً من فاشيات الأمراض المنقولة عن طريق الأغذية التي كانت فيما مضى محصورة في مجتمعات محلية صغيرة قد تتخذ الآن أبعاداً عالمية.
الاتجاهات المستقبلية لمسألة السلامة الغذائية في منظمة الصحة العالمية

تعكف منظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع أصحاب المصلحة الآخرين، على وضع سياسات من شأنها تعزيز السلامة الغذائية. وتغطي هذه السياسات السلسلة الغذائية بأكملها من مرحلة الإنتاج إلى مرحلة الاستهلاك وتستند إلى مختلف الخبرات المتوافرة.
وتشمل الجهود التي تبذلها إدارة السلامة الغذائية التابعة لمنظمة الصحة العالمية وبرامج المنظمة وإداراتها الأخرى تعزيز نُظم السلامة الغذائية والترويج لانتهاج ممارسات إنتاجية جيدة وتلقين بائعي الأغذية والمستهلكين مبادئ مناولة الأغذية بالطرق المناسبة. ومن أهم التدخلات للوقاية من الأمراض المنقولة عن طريق الأغذية تثقيف المستهلكين وتعليم مناولي الأغذية كيفية مناولة الأغذية بطرق مأمونة.
  • وتعمل منظمة الصحة العالمية على تشجيع ترصد الأمراض ذات الأولوية المنقولة عن طريق الأغذية بالطرق المختبرية لدى البشر والحيوانات على الصعيد القطري، فضلاً عن رصد العوامل الممرضة في الأغذية. وتعمل المنظمة أيضاً، بالتعاون مع الدول الأعضاء فيها، على وضع دلائل متفق عليها دولياً لجمع المعطيات في البلدان. كما تعكف المنظمة على تجميع قواعد المعطيات الخاصة بالفاشيات وعمليات الترصد ذات الصلة وعلى توسيع نطاق قدرتها على ترصد الأوبئة ليشمل فاشيات الأمراض المنقولة عن طريق الأغذية.
  • تنكب منظمة الصحة العالمية على توسيع نطاق شبكتها العالمية للمؤسسات الشريكة من أجل رصد التلوّث الكيميائي للإمدادات الغذائية، وبخاصة في البلدان النامية.
  • تنكب منظمة الصحة العالمية على الترويج لاستخدام جميع التكنولوجيات الغذائية التي من شأنها الإسهام في تحسين الصحة العمومية، مثل البسترة وتشعيع الأغذية والتخمير.
  • اتخذت منظمة الصحة العالمية مبادرة جديدة هامة من أجل تعزيز الأساس العلمي للأنشطة الخاصة بالسلامة الغذائية وذلك من خلال إنشاء الهيئة الاستشارية المشتركة بينها وبين منظمة الأغذية والزراعة والمعنية بتقييم المخاطر المكروبيولوجية في الأغذية.
  • تعمل منظمة الصحة العالمية على تعزيز مشاركتها في الأنشطة التي تضطلع بها هيئة الدستور الغذائي المشتركة بينها وبين منظمة الأغذية والزراعة والتي تُعتبر معاييرها ودلائلها وتوصياتها المرجع الدولي فيما يخص شروط السلامة الغذائية التي تحددها منظمة التجارة العالمية. وقد استهلت منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة استعراضاً وافياً للدستور الغذائي اعتباراً من عام 2002.
  • لقد أصبحت التكنولوجيا البيولوجية من أهمّ القضايا التي تستأثر باهتمام الجمهور في البلدان المتقدمة والبلدان النامية على حد سواء. وستعقد منظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة، سلسلة من مشاورات الخبراء لتقييم مأمونية الأغذية المشتقة من النباتات المحوّرة جينياً والمكروبات والحيوانات وتقييم الجوانب التغذوية ذات الصلة. كما أنّها تعمل على إنشاء قاعدة معارف تركّز على توسيع عملية تقييم المخاطر والمنافع وغير ذلك من الاعتبارات المرتبطة بإنتاج الأغذية المشتقة من التكنولوجيا البيولوجية واستهلاكها
 
e3.gif
 
الوسوم
الأغذية السلامة الغذائية المنقولة طريق عن والأمراض
عودة
أعلى