هل تحب رسول الله صلى الله عليه وسلم حقاً؟

ايفےـلےـين

من الاعضاء المؤسسين
عندما تريد أن تعرف محبة شخص ما في نفسك فانظر إلى قلبك وتصرفك حين يُنتقَص من قدره، أو يقع أحد في عرضه.

إيمان العبد لا يكمل حتى يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحب إليه من كل أحد، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (فوالذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من والده وولده)، ‏وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (‏لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين)[رواهما البخاري].

وكيف لا يُحَب أفضل خلق الله من اصطفاه من بين الناس أجمعين، وفضلَّه على المرسلين، وجعله خاتم للنبيين، وأنزل عليه الكتاب المبين الذي أخبر فيه الله - عز وجل - أنّ محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رحمة للعالمين، وأنه على خلق عظيم, بل هو: "أعظم الرجال قدراً، وأعلاهم فخراً، وأكملهم عقلاً، وأغزرهم علماً، وأجلهم رأياً وعزماً وحزماً، وأكملهم خلقاً، وأوسعهم رحمة، وأشدهم شفقة، وأهداهم وأتقاهم‏، وهو قطب دائرة الكمال، وإليه المنتهى في أوصاف الرجال، ألا وهو رجل العالم على الإطلاق، يعرف ذلك أولياؤه وأعداؤه.... وهو: " خاتم الرسل، وسيد ولد آدم - صلى الله عليه وسلم - ولكن الذين كفروا لا يعقلون"‏[تفسير السعدي: سورة الزخرف 31].

وعندما يعجز أعداء الله في مدافعة دعوة الرسل، ودفع محجتهم؛ يلجأون إلى الاستهزاء والسخرية: فلما حاجّ موسى - عليه الصلاة والسلام - فرعون - لعنه الله - بعد أن سأله تعنتاً عن رب العالمين فأجابه موسى - عليه الصلاة والسلام - بما أفحمه به، فلم يدر جواباً فقال فرعون عندها: (( إني لأظنك يا موسى مسحوراً ))[سورة الإسراء]، وهكذا يعامل الكافرون رسل الله منذ نوح - عليه السلام - إلى نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ الذي كان قبل أن يُبعَث الصادق الأمين، وبعد أن بُعث سماه قومه بالكاذب والساحر، والكاهن والشاعر كما حكى القرآن قول الكافرين: (( بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر فليأتنا كما أُرسل الأولون ))[سورة الأنبياء] كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا خلاف ما يعتقدون كما أخبرنا - من يعلم ما في الصدور - ((قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنه لا يكذبونك ولكن الظالمين بآت الله يجحدون))[سورة الأنعام].

إن الاستهزاء بالرسول - صلى الله عليه وسلم - ومحاولة النيل منه قديمة قدَمَ بعثته، فهو - عليه الصلاة والسلام - يخبر أنّ: (أشدّ الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل)[رواه الترمذي وغيره]، وهو خير الأنبياء بأبي هو وأمي.

وإنّ ما ينشر هنا وهناك من حين لآخر لمحاولة تفريغ حسد متأصل في نفوس الكافرين؛ لم ولن يضير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئاً بل: (( لا يحيق المكر السيء إلا بأهله)), وقد أخبر الله - عز وجل - النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - أنه - سبحانه وتعالى - سيكفيه المستهزئين حيث قال: (( إنا كفيناك المستهزئين )‏)، قال السعدي - رحمه الله تعالى -: " بك وبما جئت به، وهذا وعد من الله لرسوله، أن لا يضره المستهزئون، وأن يكفيه الله إياهم بما شاء من أنواع العقوبة، وقد فعل - تعالى-، فإنه ما تظاهر أحد بالاستهزاء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبما جاء به إلا أهلكه الله وقتله شر قتلة (( ‏ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون )‏)‏: لك من التكذيب والاستهزاء، فنحن قادرون على استئصالهم بالعذاب، والتعجيل لهم بما يستحقون، ولكن الله يمهلهم ولا يهملهم‏".

وحبنا واتباعنا لنبينا محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - وإيماننا يحتم علينا أن ننكر هذا الفعل الذي هو من أعظم المنكرات، بل هو الكفر - إن صدر من مسلم -، ولا خلاف في ذلك بين عامة العلماء حيث يقررون: "أنّ من استهزأ بشيء من سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - كفر إجماعاً " فكيف بمن يسخر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟

إنّ الانتصار لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبدأ منذ سماع مثل هذه المنكرات بالغيرة على عرض خير الورى - صلى الله عليه وسلم -، فتتأجج في القلب نيران الغضب, وتغلي في العروق الدماء, ويتكدر صفو العيش, ثم لا بد من عمل شيء ولو باللسان، بل حتى ولو بالقلب فذلك أضعف الإيمان، ألم تسمع قول النبي الحبيب الكريم - صلى الله عليه وسلم -: (من رد عن عرض أخيه المسلم كان حقاً على الله - عز وجل - أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة)[رواه أحمد]، فلعل الله أن يكتب لمن غضب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفوز العظيم يوم القيامة.

وإنما لم تحرك - هذه الأفعال القبيحة من هؤلاء الكفرة - مشاعر بعض المسلمين لأنهم حُجبوا بالشهوات كما قال النووي - رحمه الله تعالى -‏: " فيه تلميح ـ أي حديث حب النبي - صلى الله عليه وسلم - المتقدم إلى قضية النفس الأمارة والمطمئنة، فإنّ من رجّح جانب المطمئنة كان حبه للنبي - صلى الله عليه وسلم - راجحاً، ومن رجّح جانب الأمارة كان حكمه بالعكس "‏[نقله الحافظ ابن حجر في الفتح].

إونّ من أعظم الجرائم التي يرتكبها من يدعي - حقوق الإنسان واحترام الأديان - أن يؤذي المسلمين في نبيهم بل يؤذي الله - عز وجل - قبل ذلك، لأنّ: "من آذاه بشيء - أي رسول الله صلى الله عليه وسلم - فقد آذى الله، كما أن من أطاعه فقد أطاع الله "[تفسير ابن كثير]، والله - عز وجل - يقول: (( إنّ الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة )) قال الشيخ عبد الرحمن السعدي - رحمه الله تعالى -: "وهذا يشمل كل أذية قولية أو فعلية، من سبٍ وشتمٍ، أو تنقصٍ له أو لدينه، أو ما يعود إليه بالأذى (لعنهم الله في الدنيا والآخرة) أي‏: أبعدهم وطردهم، ومن لعنهم في الدنيا أنه يحتم قتل من شتم الرسول وآذاه‏".

إنّ الإنسان مفطور على محبة نفسه بل محبته لغيره، وهذا ناتج عن وجود رغبة وسعادة يشعر بها تتحقق له من ذلك الحب، فإذا كان ذلك كذلك فانظر وأقرأ بقلبك الكلام النفيس الذي سطره ابن حجر في فتح الباري حيث يقول - رحمه الله رحمة واسعة -: "فإذا تأمل العبد النفع الحاصل له من جهة الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي أخرجه من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، إما بالمباشرة وإما بالسبب؛ علم أنه سبب بقاء نفسه؛ البقاء الأبدي في النعيم السرمدي، وعلم أنّ نفعه بذلك أعظم من جميع وجوه الانتفاعات، فاستحق لذلك أن يكون حظه من محبته - صلى الله عليه وسلم - أوفر من غيره، لأن النفع الذي يثير المحبة حاصل منه - صلى الله عليه وسلم - أكثر من غيره، ولكن الناس يتفاوتون في ذلك بحسب استحضار ذلك والغفلة عنه".

اللهم اجعلنا من أنصار دينك الذابّين عن عرض أوليائك، الرادين عن حرماتك، المتبعين لشرعك, اللهم اجمعنا بنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - في الفردوس الأعلى.​
 
الوسوم
الله تحب حقاً؟ رسول صلى عليه هل وسلم
عودة
أعلى