الغزل في الشعر أنواعه وخصائصه وعناصره

املي بالله

نائبة المدير العام
موضوع: الغزل في الشعر أنواعه وخصائصه وعناصره

الغزل فن رقيق وجميل إنْ تأملتَه تعاظمتِ الحاجةُ في نفسكَ لمعرفة أسراره ومكنوناته وطفقتَ تسأل عن أسبابه وأحداثه وأيامه . ناقش أنواعه وخصائصه وعناصره ، ثم ادعم رأيك بالشواهد المناسبة .
الغزل لغةً بفتح الزاي من فعل غَزَلَ , ومعناه أبْرَمَ , لذا سمّوا مغزلَ الثياب المَبْرمَ . وقيل : معناه استدار , ولهذا المعنى سموا الشمسَ غزالةً لاستدارتها . ومنه أُخذ الاصطلاح وهو التشبيبُ بالمرأة وإمالةُ قلبها وإبرامٌ وإحكامٌ له
لم يكن الغزل موضوعاً عارضاً في الشعر العربي , بدايةً , تداخلَ مع عدّة موضوعاتٍ , فوجدناه في مقدمات القصائد كقصائد المثقب العبدي , وفي فخرهم كقصائد عنترة , يقول المثقب مفتتحاً قصيدته :
أفاطمُ قبلَ بَيْنِكِ متّعيني ... ومَنْعُكِ ما سألتِ كأنْ تَبِيْني
لقد عرف العرب الغزل بآياته الحقيقية والخيالية , وعمّقوه في نسيج قصائدهم وحكوا حكاياته شعراً بكامل انفعالاتهم وحرارة مشاعرهم التي تحلت بحلية الأخلاق وسوية السلوك فصار بذلك جزءاً أساسياً من ذلك النسيج الشعري .
فإذا وصلنا إلى العصر الإسلامي وجدنا أن تعاليم الدين الحنيف قد حدّت بشكل واضح من غزل الشعراء رغم أنَّ رسول الله قد أجاز شيئاً منه حين أشار إلى أنه : في الأنصار قوم غزَّل . والواضح أنه أراد أن يكون للغزل طبعة إسلامية صرفة على ألا يكون فيه تعرُّض إلى المرأة المسلمة وخَدْشٌ لحيائها , وقد رأينا أبياتاً غزلية قد تغلغلت في تضاعيف قصائد الشعراء المسلمين الذين هجوا المشركين , كما رأينا بعضاً منها في شعر فتوحاتهم , وغير ذلك .
ولمّا انقضى ذلك العصر , وتوسعت فتوحات الإسلام وخالط المسلمون الكثير من الأقوام دخلت إلى عاداتهم النظرةُ المتحررةُ للمرأة وأخذت تشقّ طريقها في أعمالهم الشعرية والنثرية ، فاستقلت قصيدة الغزل , وصار على النقاد أن يقسموا الغزل إلى أنواع يُعرفُ بها ، فقالوا غزلٌ صريح وغزل عفيف ، ثم درسوا خصائصهما فوجدوا أن شعراء الغزل عَدَلوا في هذا الغرض الشعري عن الأوزان العروضية القصيرة كالخفيف والوافر والسريع وكلها تناسب الشعر الغنائي ، واستعملوا الألفاظ السهلة الرشيقة الحضرية الخالية من طابع البداوة والخشونة . كما اتجهوا نحو المعاني الرقيقة العذبة فجاء شعرهم مفعماً بأحاسيس الحب ولوعة القلوب وطهارة النفوس ولمحات الحزن واليأس .
أما الغزل الصريح فيمتاز بدقة تصويره لواقع الحياة والحال بين الشاعر ومحبوبته , وقد يتحول إلى حوار بينهما كقول عمر بن أبي ربيعة :
فلمّا تفاوَضْنا الحديثَ وأسفرتْ ... وجوهٌ زهاها الحسنُ أنْ تتقنَّعا
كما نلحظ الجرأة والاعتداد بالنفس مع البراعة في مخاطبة النساء , فأصبح لذلك شعرهم قريباً لدى العامة تردده أحياناً غناءً يقول عمر :
قالتِ الكُبرى أتعرفنَ الفتى ؟ ... قالتِ الوسطى : نَعمْ هذا عُمر .
بينما نلحظ في الغزل العفيف العفة وصدق الصبابة والموسيقا الحزينة وسيطرة العاطفة على مجمل القصيدة مع جو من اليأس والكآبة نتيجة فراق الحبيب يقول مجنون ليلى :
وقد يجمعُ اللهُ الشتيتين بعدما ... يظنانِ كلَّ الظَنِّ أنْ لا تلاقيا
إن هذا الوجد الدفين المكتوي بنار الفراق يدفع الشاعر إلى ذكر اسم محبوبته وتكراره صراحة . يقول كثير عزة :
وما كنتُ أدري قبلَ عزّةَ ما البُكا ؟ ... ولا موجعاتِ القلبِ حتى تولّت
فنحن نلاحظ أن تغيرا قد طرأ على موضوع الغزل لكن هذا التغيير لم يكن في الجوهر بل بقي في الشكل والأسلوب .
 
الغزل في الشعر أنواعه وخصائصه وعناصره
 
عودة
أعلى