الرياضيات في رياض الأطفال

smile

شخصية هامة
تعرض هذه المقالة أهمية تعليم الرياضيات لأطفال الروضات بالشكل الملائم والمحفزّ، وتبرز أهمية دور المربية في إغناء تعلّم الأطفال وتطوير تفكيرهم الرياضي.
أن تعليم الرياضيات الجيد يعني التحدي والفرح، وليس الضغط والفرض. عملية تعلّم الرياضيات في جيل الطفولة المبكرة أوسع وأعمق من مجرد تدرّب على عمليتي العدّ والجمع. إنّ مرحلة الروضة هي مرحلة عمرية مناسبة من أجل إثارة اهتمام الأطفال في العدّ، والتصنيف، وبناء الأشكال، وتتبّع الأنماط، وفي القياس والتقدير؛ وذلك من خلال لعب الأطفال وتشجيعهم على وصف العالم المحيط بهم والتفكير به.

هناك أربعة دوافع لتعليم الرياضيات في جيل الروضة، من أهمها أنّ الأطفال في هذه المرحلة يمتلكون دافعيّة ذاتيّة للتعلّم، وهم يظهرون اهتمامًا تلقائيًا في التعامل مع القياس والعدّ، وفي التأمّل بالأشكال وبنائها، لكنهم بحاجة إلى وساطة البالغ ومساعدته من أجل الارتقاء بمستوى هذا الاهتمام والخبرة البحثية إلى الإدراك والمعرفة الرياضية التي سترتبط فيما بعد مع الرياضيات التي يتعلّمها الطفل في المدرسة.

أطفال الرياض والرياضيات

تختلف أفكار الأطفال وطريقة تفكيرهم عن طريقة تفكير البالغين. يوضح ذلك المثال الآتي: طلب أحد الباحثين من "بريندا" أن تعدّ ست بنّورات، قام بعدها بتغطيتها، ومن ثم عرض عليها بنورة اخرى وسألها: كم بنّورة يوجد؟ فأجابته: بنّورة واحدة.أشار الباحث إلى أنّه توجد ست بنّورات مخباة، فأجابته "بريندا" بحدة :" لكني لا ارى ست بنّورات!". ماذا يخبرنا هذا الموقف؟ بالنسبة لبريندا لا وجود للعدد اذا لم ترَ عيناها أشياء يمكن عدّها. من هنا، على مربية أطفال الروضة ان تدرك طرائق تفكير الطفل في هذه السّن، وأن تغني تفكيره بالتسميات والتفسيرات التي يمكن أن يفهمها.

ما يميّز أيضاً الأطفال في هذه السّن هو أنهم يدركون العالم من حولهم على نحوٍ شمولي وغير مجزّأ. يحتّم ذلك على المربية أن تغني وتطوّر معرفة الطفل وخبراته في مرحلة تعلّم الرياضيات، وما يسبقها من مراحل تمهيدية من خلال فعاليات متنوعة، تنمي النواحي الفكرية والعاطفية والجسدية لدى الطفل، وترتبط بكل ما يعيشه خلال تواجده اليومي في الرّوضة (لا حصرًا في فعالية واحدة أو فترة محدّدة من النّهار).


دور المربيات

أنّ التعليم الجيّد يكون عادة عرضيّا وغير رسمي، لكن لا يعني ذلك أنّه غير مخطط أو غير منهجي. إنّ دور المربّية "التّعليمي" مركّب جدا، فعليها أوّلا أن تهيّئ بيئةً غنيةَ تدفع الطفل إلى استكشافات في عالم الرياضيات، كأن تشمل هذه البيئة مثلا على عدد وافٍ من المكعبات المختلفة الأحجام، وعلى ركن ألعابٍ يمثّل مركزًا تجاريًا، وعلى وحدات قياس ووسائل إيضاح. من ناحية أخرى، على المربية أن تواكب نشاط الأطفال، وأن تتدخل عند الضرورة من أجل مساعدتهم في بناء القاعدة المعرفية اللاّزمة من أجل تعلّم الرّياضيات.

من خلال المراقبة يمكن أن تلاحظ المربية حدوث تطوّر في عمليات التفكير الرياضي لدى الأطفال من خلال لعبهم أو الحديث بينهم. من المهمّ عندها أن تدع الأطفال وشأنهم، وأن تكتفي بالمراقبة، وبتسجيل الملاحظات، على أن تعود إلى الحديث لاحقا مع الأطفال لتتفحّص معهم ما كان. نورد على سبيل المثال الموقف التالي:



سمعت إحدى المعلمات طفلتين تتناقشان حول من تملك برج المكعبات الأعلى، وقد راقبتهما وهما تقيسان طول البرجين بجسديهما. بعد ذلك طلبت المربية من الطفلتين أن تفسّرا ما قامتا به أمام باقي الأطفال؛ ثم توجهت إلى الأطفال سائلةً ما إذا كانت لديهم اقتراحات اخرى لقياس ارتفاع البرجين. أصغت المربية إلى الأطفال وهم يقترحون طرقًا مختلفة للقياس مثل: استعمال حبل أو سلسلة مكعبات متصلة، أو شريط قماشي وما شابه.إنّ مرافقة المربية للأطفال وهم يتعلّمون من خلال تجاربهم، وتعزيز مشاركتهم وتفاعلهم، قد ساعد الأطفال في تطوير قدراتهم على الاستنتاج الرّياضي.

وعلى نحوٍ مفصّل، خبرةً في روضة تتّبع نهج "ريجيو إميليا" التربوي[1]، وهي خبرة تعليمية استثنائية توضّح عمق التزام الأطفال بعمليّة التّعلّم وتعلّمهم، ودور المربية في المراقبة، وتوثيق التقدم، والتدخل الحذر ( للمزيد، راجع/ي النّص الكامل للمقالة).

طريقة أخرى من أجل تطوير المعرفة الرياضية لدى الأطفال، هي تخطيط الفعاليات والألعاب التي تتعامل مع الرياضيات بشكل مباشر وعرضها على الأطفال، مثل: الألعاب التي تتطلّب بطاقات عدّ ( لعبة الحرب مثًلا) أو الألعاب التي تستخدم فيها لوحة كبيرة مثل لعبة السلالم والحيّات، وغيرها. ترافق المربية الأطفال في لعبهم،وتعمل على تعزيز أفكارهم الرياضية ومصطلحاتهم من خلال طرح أسئلة، مثل: " هل جربت هذه الطريقة؟" أو "ماذا برأيك سيحدث لو...؟" او "هل تستطيع أن..."
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
الوسوم
الاطـفـَال الرياضيات رياض
عودة
أعلى