علوم القرآن الكريم( المستوى الأول والثاني والثالث)

النشأة والتعريف
‏ ‏
أ ـ تمهيد
‏ القرآن الكريم هو معجزة الإسلام الخالدة. أنزله الله على رسولنا محمد صلىالله عليه وسلم ليخرج الناس من الظلمات إلى النور. ويهديهم إلى الصراط المستقيم. فكان صلوات الله وسلامه عليه يبلغه لصحابته -وهم عرب خُلَّص - فيفهمونه بسليقتهم، وإذا التبس عليهم فهم آية من الآيات سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها. ‏
‎‎ روى الشيخان وغيرهما عن ابن مسعود قال: لما نزلت هذه الآية {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } شق ذلك على الناس، فقالوا: يا رسول الله، وأينا لا يظلم نفسه؟ قال: (إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح {إن الشرك لظلم عظيم } إنما هو الشرك ) . ‏
‎‎ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر لهم بعض الآيات. ‏
‎‎ وأخرج مسلم وغيره عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة } ألا إن القوة الرمي . ‏
‎‎ وحرص الصحابة على تلقي القرآن الكريم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظه وفهمه، وكان ذلك شرفا لهم. ‏
‎‎ عن أنس رضي الله عنه قال: "كان الرجل منا إذا قرأ البقرة وآل عمران جَدّ فينا ": أي عظم. وحرصوا كذلك على العمل به والوقوف عند أحكامه. ‏
‎‎ روي عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه قال: "حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن، كعثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود، وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا " أخرجه بنحوه الإمام أحمد في مسنده. ‏
‎‎ ولم يأذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابة شيء عنه سوى القرآن، خشية أن يلتبس القرآن بغيره. ‏
‎‎ روى مسلم عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه. وحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار . ‏
‎‎ ولئن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أذن لبعض صحابته بعد ذلك في كتابة الحديث، فإن ما يتصل بالقرآن ظل يعتمد على الرواية بالتلقين في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. ‏
‎‎ ولما جاءت خلافة عثمان رضي الله عنه اقتضت الدواعي -التي سنذكرها في فصل قادم - إلى جمع المسلمين على مصحف واحد، وتم ذلك في عهده، وسمي بالمصحف الإمام، وأرسلت نسخ منه إلى الأمصار، وسميت كتابته بالرسم العثماني، نسبة إليه، ويعتبر هذا بداية لعلم رسم القرآن. ‏
‎‎ ثم كانت خلافة علي رضي الله عنه، فوضع أبو الأسود الدؤلي بأمره قواعد النحو، صيانة لسلامة النطق، وضبطا للقرآن الكريم، ويعتبر هذا كذلك بداية لـ "علم إعراب القرآن ". ‏
‎‎ واستمر الصحابة يتناقلون معاني القرآن وتفسير بعض آياته على تفاوت فيما بينهم، لتفاوت قدرتهم على الفهم، وتفاوت ملازمتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وتناقل عنهم ذلك تلاميذهم من التابعين. ‏
‎‎ ومن أشهر المفسرين من الصحابة: الخلفاء الأربعة، وابن مسعود، وابن عباس، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري، وعبد الله بن الزبير. ‏
‎‎ وقد كثرت الرواية في التفسيرعن: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب. وما روي عنهم لا يتضمن تفسيرا كاملا للقرآن، وإنما يقتصر على معاني بعض الآيات، بتفسير غامضها، وتوضيح مجملها. ‏
‎‎ أما التابعون، فاشتهر منهم جماعة، أخذوا عن الصحابة، واجتهدوا في تفسير بعض الآيات. ‏
‎‎ فاشتهر من تلاميذ ابن عباس بمكة: سعيد بن جبير، ومجاهد، وعكرمة مولى ابن عباس، وطاووس بن كيسان اليماني، وعطاء بن أبي رباح. ‏
‎‎ واشتهر من تلاميذ عبد الله بن مسعود بالعراق: علقمة بن قيس، ومسروق، والأسود بن يزيد، وعامر الشعبي، والحسن البصري، وقتادة بن دعامة السدوسي. ‏
‎‎ قال ابن تيمية: وأما التفسير، فأعلم الناس به أهل مكة، لأنهم أصحاب ابن عباس، كمجاهد، وعطاء بن أبي رباح، وعكرمة مولى ابن عباس، وغيرهم من أصحاب ابن عباس، كطاووس، وأبي الشعثاء، وسعيد بن جبير وأمثالهم. وكذلك أهل الكوفة من أصحاب عبد الله بن مسعود. وعلماء أهل المدينة في التفسير، مثل: زيد بن أسلم الذي أخذ عنه مالك التفسير، وأخذ عنه أيضا ابنه عبد الرحمن، وعبد الله بن وهب. ‏
‎‎ والذي روي عن هؤلاء جميعا يتناول: علم التفسير، وعلم غريب القرآن، وعلم أسباب النزول، وعلم المكي والمدني، وعلم الناسخ والمنسوخ، ولكن هذا كله ظل معتمدا على الرواية بالتلقين. ‏
ب ـ النشأة والتدوين :‏
‏ جاء عصر التدوين في القرن الثاني، وبدأ تدوين الحديث بأبوابه المتنوعة، وشمل ذلك ما يتعلق بالتفسير، وجمع بعض العلماء ما روي من تفسير للقرآن الكريم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو عن الصحابة، أو عن التابعين. ‏
‎‎ واشتهر منهم: يزيد بن هارون السلمي المتوفى سنة 117 هـ، وشعبة ابن الحجاج المتوفى سنة 160 هـ، ووكيع بن الجراح المتوفى سنة 197 هـ، وسفيان بن عيينة المتوفى سنة 198 هـ، وعبد الرزاق بن همام المتوفى سنة 211 هـ. ‏
‎‎ وهؤلاء جميعا كانوا من أئمة الحديث، فكان جمعهم للتفسير جمعا لباب من أبوابه، ولم يصلنا من تفاسيرهم شيء مكتوب، سوى مخطوطة تفسير عبد الرزاق بن همام. ‏
‎‎ ثم نهج نهجهم بعد ذلك جماعة من العلماء وضعوا تفسيرا متكاملا للقرآن وفق ترتيب آياته، واشتهر منهم ابن جرير الطبري المتوفى سنة 310 هـ. ‏
‎‎ وهكذا بدأ التفسير أولا بالنقل عن طريق التلقي والرواية، ثم كان تدوينه على أنه باب من أبواب الحديث، ثم دُوِّن على استقلال وانفراد، وتتابع التفسير بالمأثور، ثم التفسير بالرأي. ‏
‎‎ وبإزاء علم التفسير كان التأليف الموضوعي في موضوعات تتصل بالقرآن، ولا يستغني المفسر عنها. ‏
‎‎ فألف عليّ بن المديني شيخ البخاري المتوفى سنة 234 هـ في أسباب النزول. ‏
‎‎ وألف أبو عبيد القاسم بن سلام المتوفى سنة 224 هـ في الناسخ والمنسوخ، وفي القراءات. ‏
‎‎ وألف ابن قتيبة المتوفى سنة 276 هـ في مشكل القرآن. ‏
‎‎ وهؤلاء من علماء القرن الثالث الهجري. ‏
‎‎ وألف محمد بن خلف بن المرزبان المتوفى سنة 309 هـ "الحاوي في علوم القرآن ". ‏
‎‎ وألف أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري المتوفى سنة 328 هـ في علوم القرآن. ‏
‎‎ وألف أبو بكر السجستاني المتوفى 330 هـ في غريب القرآن. ‏
‎‎ وألف محمد بن علي الأدفوي المتوفى سنة 388 هـ الاستغناء في علوم القرآن. وهؤلاء جميعاً من علماء القرن الرابع الهجري . ‏
‎‎ ثم تتابع التأليف بعد ذلك. ‏
‎‎ فألف أبو بكر الباقلاني المتوفى سنة 403 هـ في إعجاز القرآن، وعلي بن إبراهيم بن سعيد الحوفي المتوفى سنة 430 هـ في إعراب القرآن. ‏
‎‎ وألف الماوردي المتوفى سنة 450 هـ في أمثال القرآن. ‏
‎‎ وألف العز بن عبد السلام المتوفى سنة 660 هـ في مجاز القرآن. ‏
‎‎ وألف علم الدين السخاوي المتوفى سنة 643 هـ في علم القرآن. ‏
‎‎ وألف شيخ الإسلام ابن تيمية في: (جزء مقدمة في التفسير ). ‏
‎‎ وألف ابن القيم المتوفى سنة 751 هـ في أقسام القرآن. ‏
‎‎ ولم يكن نصيب علوم القرآن من التأليف في عصر النهضة الحديثة أقل من العلوم الأخرى. فقد اتجه المتصلون بحركة الفكر الإسلامي اتجاها سديدا في معالجة الموضوعات القرآنية بأسلوب العصر، مثل كتاب: إعجاز القرآن لمصطفى صادق الرافعي، وكتابي: التصوير الفني في القرآن، و مشاهد القيامة في القرآن لسيد قطب، وترجمة القرآن للشيخ محمد مصطفى المراغي، وبحث فيها لمحب الدين الخطيب، ومسألة ترجمة القرآن لمصطفى صبري، والنبأ العظيم للدكتور محمد عبد الله دراز. ‏
‎‎ وهذه المؤلفات يتناول كل مؤلف منها نوعا من علوم القرآن، وبحثا من مباحثه المتصلة به. ‏
‎‎ هذا على صعيد التأليف الموضوعي في علوم القرآن، أما المصنفات الشمولية التي استوعبت علوم القرآن فهناك على امتداد تاريخ التأليف في العلوم الإسلامية مصنفات شهيرة، في هذا الباب، وهذه أشهرها: ‏
ج ـ أشهر المؤلفات :‏
‏ لعل من أوائل من جمع علوم القرآن في مصنف الإمام ابن الجوزي، المتوفى سنة 579 هـ في كتابه "فنون الأفنان في عجائب علوم القرآن ". ‏
‎‎ ثم جاء بدر الدين الزركشي المتوفى سنة 794 هـ وألف كتابا وافيا سماه "البرهان في علوم القرآن ". ‏
‎‎ ثم أضاف إليه بعض الزيادات جلال الدين البلقيني المتوفى سنة 824 هـ في كتابه "مواقع العلوم من مواقع النجوم ". ‏
‎‎ ثم ألف جلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911هـ كتابه الشهير "الإتقان في علوم القرآن ". ‏
‎‎ وألف الشيخ طاهر الجزائري كتابا سماه التبيان في علوم القرآن. ‏
‎‎ وألف الشيخ محمد علي سلامة كتابه "منهج الفرقان في علوم القرآن " تناول فيه المباحث المقررة بكلية أصول الدين بمصر تخصص الدعوة والإرشاد. ‏
‎‎ وتلاه الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني فألف كتابه "مناهل العرفان في علوم القرآن ". ‏
‎‎ وصدر أخيرا "مباحث في علوم القرآن " للدكتور صبحي الصالح. ‏
‎‎ ‏"ومباحث في علوم القرآن " للشيخ مناع القطان. وهذه المباحث جميعها وما شابهها هي التي تعرف بعلوم القرآن، حتى صارت عَلَمًا على هذا العلم المعروف بهذا الاسم. ‏
د ـ التعريف.‏
‏ علوم القرآن: مركب من كلمتين تركيباً إضافياً
‎‎ فالعلوم: جمع علم، والعلم: الفهم والإدراك. ثم نقل بمعنى: المسائل المختلفة المضبوطة ضبطا علميا. ‏
‎‎ والقرآن: هو كلام الله المنزل على رسوله المتعبد بتلاوته، المعجز. ‏
‎‎ والمراد بعلوم القرآن: العلم الذي يتناول الأبحاث المتعلقة بالقرآن من حيث معرفة أسباب النزول، وجمع القرآن وترتيبه، ومعرفة المكي والمدني، والناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه، إلى غير ذلك مما له صلة بالقرآن. ‏
‎‎ وقد يسمى هذا العلم بأصول التفسير، لأنه يتناول المباحث التي لا بد للمفسر من معرفتها للاستناد إليها في تفسير القرآن. ‏


فضل قراءة القرآن الكريم وتدبره
فضل القرآن الكريم على سائر الكلام :‏
‏ القرآن الكريم هو : كلام الله العظيم وصراطه المستقيم، وهو أساس رسالة التوحيد، وحجة الرسول الدامغة وآيته الكبرى، وهو المصدر القويم للتشريع، ومنهل الحكمة والهداية، وهو الرحمة المسداة للناس، والنور المبين للأمة، والمحجة البيضاء التي لا يزيغ عنها إلا هالك. ‏
‎‎ قال الله عز وجل : {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم } [الإسراء]. وقال صلى الله عليه وسلم: (فضل كلام الله سبحانه وتعالى على سائر الكلام كفضل الله تعالى على خلقه ) رواه الترمذي وقال حسن غريب، وضعفه الألباني. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن هذا القرآن مأدبة الله، فتعلموا من مأدبته ما استطعتم، إن هذا القرآن حبل الله، وهو النور المبين، والشفاء النافع، لمن تمسك به، ونجاة لمن تبعه، ولا يعوج فيقوّم، ولايزيغ فيستعتب، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق عن كثرة الرد، فاتلوه، فإن الله يأجركم على تلاوته بكلِّ حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول ألم حرف، ولكن ألف عشر، ولام عشر، وميم عشر ) رواه الدارقطني والحاكم وصححه، وتعقبه الذهبي بأن فيه راوه ضعيف. ‏
فضائل تلاوة القرآن الكريم وتعلمه وتعليمه:‏
‏ - أثنى الله عز وجل على التالين لكتاب الله فقال: {إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرّاً وعلانية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور } [فاطر: 29-30] . ‏
‎‎ - وقال صلى الله عليه وسلم: (اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه ) رواه مسلم. ‏
‎‎ - وقال صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترُجَّة، ريحها طيب وطعمها طيب ) رواه البخاري ومسلم. ‏
‎‎ - ولاشك أن الجامع بين تعلم القرآن وتعليمه هو أكثر كمالاً لأنه مكمِّل لنفسه ولغيره، جامع بين النفع القاصر على نفسه والنفع المتعدي إلى غيره، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه ) رواه البخاري. ‏
فضائل حفظ القرآن الكريم:‏
‏ - ميّز الله عز وجل القرآن الكريم عن سائر الكتب بأن تعهد بحفظه، قال تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } [الحجر: 9]. ‏
‎‎ - ولقد يسّر الله سبحانه وتعالى تلاوة القرآن وحفظه لعباده فقال تعالى: {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر } [القمر: 17]. فنجد الطفل الصغير والأعجمي وغيرهما، يقبل على حفظ القرآن، فييسر الله له ذلك، رغم أنه لا يعرف من العربية ولا الكتابة شيئاً . ‏
‎‎ - ولقد حثّ الإسلام على حفظ شيء من القرآن ولو كان يسيراً، وأن يجتهد في الزيادة عليه، وشبّه النبي صلى الله عليه وسلم قلب الرجل الذي لا يحفظ شيئاً من القرآن بالبيت الخرب الخالي من العمران، المهدم الأركان .. قال صلى الله عليه وسلم: (إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب ) رواه الترمذي وقال حسن صحيح، وصححه السيوطي. ‏
فضائل أهل القرآن الكريم وتفضليهم على غيرهم :‏
‏ أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على الدائمين على تلاوة القرآن ودراسته، العاكفين على تدبر معانيه وتعلم أحكامه ، حتى سماهم أهل الله وخاصته . ‏
‎‎ - قال صلى الله عليه وسلم: (أهل القرآن هم أهل الله وخاصته ) رواه أحمد والنسائي وابن ماجه، وصححه الحافظ العراقي والسيوطي. ‏
‎‎ - وقال صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه ) رواه البخاري. ‏
‎‎ - وقال صلى الله عليه وسلم: (إن من إجلال الله تعالى: إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط ) رواه أبو داود، وحسنه النووي والسيوطي. ‏
‎‎ - وعن جابر رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد ثم يقول : (أيهما أكثر أخذاً للقرآن ؟ فإن أُشير إلى أحدهما قدّمه في اللحد) رواه البخاري. ‏
تدبر القرآن الكريم ومعانيه وأحكامه :‏
‏ - ينبغي عند قراءة القرآن أن يتدبّر القارئ ويتأمل في معاني القرآن وأحكامه، لأن هذا هو المقصود الأعظم والمطلوب الأهم، وبه تنشرح الصدور وتستنير القلوب، قال تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته } [سورة ص: 29]. ‏
‎‎ - وصفة ذلك: أن يشغل قلبه بالتفكر في معنى ما يلفظ به، فيعرف معنى كل آية، ويتأمل الأوامر والنواهي، فإن كان مما قصر عنه فيما مضى اعتذر واستغفر، وإذا مرّ بآية رحمة استبشر وسأل، أو عذاب أشفق وتعوّذ، أو تنزيه نزّه وعظّم، أو دعاء تضرّع وطلب. ‏
‎‎ - قال حذيفة رضي الله عنه: "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة فقرأها … إذا مرّ بآية فيها تسبيح سبّح، وإذا مرّ بسؤال سأل، وإذا مرّ بتعوِّذ تعوّذ " رواه البخاري. ‏
فضائل ختم القرآن ، وفي كم يختم ؟‏
‏ - يستحب اغتنام ختم القرآن والدعاء عقبه لأنه من مظان إجابة الدعاء. ‏
‎‎ - قال قتادة : "كان أنس بن مالك رضي الله عنه إذا ختم القرآن جمع أهله ودعا ". رواه الدارمي. ‏
‎‎ - وأما المدة التي يختم بها القرآن فتختلف باختلاف الأشخاص، ولكن ينبغي للقارئ أن يختم في السنة مرتين إن لم يقدر على الزيادة. ‏
‎‎ - عن مكحول قال: "كان أقوياء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأون القرآن في سبع، وبعضهم في شهر، وبعضهم في شهرين، وبعضهم في أكثر من ذلك ". ‏
‎‎ - وكره العلماء أن يختم في أقل من ثلاث ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث ) رواه أبو داود والترمذي وصححه. ‏
‎‎ - وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص: (اقرأ القرآن في شهر ) قال: إني أجد قوة. قال: (اقرأه في عشر ) قال: إني أجد قوة. قال: (اقرأ في سبع ولا تزد على ذلك ) رواه البخاري ومسلم. ‏

علوم القرآن الكريم

‎‎ هجر القرآن الكريم
أ- التحذير من هجره:‏
‏ جاءت النصوص الكريمة من الكتاب والسنة ترشد الأمة إلى تعاهد القرآن بالتلاوة والتدبر، وتحذر كل الحذر من التقصير في حقِّه، أو هجران تلاوته والعمل به.‏
‎‎ ولقد حكى الله عز وجل شكوى الرسول الله صلى الله عليه وسلم لربه هجران قومه للقرآن فقال سبحانه: {وقال الرسول ياربِّ إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا } [الفرقان: 30].‏
‎‎ وتوعّد الله سبحانه الذين يعرضون عنه فقال: {وقد آتيناك من لدنا ذكراً * من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزراً * خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا } [طه: 99-101] . ثم صوّر حالة ذلك المعرض يوم القيامة فقال: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا * ونحشره يوم القيامة أعمى } [طه: 123-124].‏
ب- أنواع هجر القرآن :‏
1.هجر سماعه وتلاوته:‏
‏ - لا يوجد على وجه البسيطة كتاب يحرم هجره، ويجب تعاهده وتلاوته إلا القرآن الكريم، فإن هذا من خصائصه التي لا يشاركه فيها أي كتاب.‏
‎‎ - وقد أثنى الله عز وجل على الذين يتعاهدون كتاب ربهم بالتلاوة فقال: {من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون }
[آل عمران: 113].‏
‎‎ - وحتى لا يقع الناس في هجران القرآن، فقد بحث العلماء مسألة: في كم يقرأ القرآن، وقالوا: "يكره للرجل أن يمر عليه أربعون يوماً لا يقرأ فيها القرآن ".‏
‎2.هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه:‏
‏ - يحرم هجر العمل بالقرآن الكريم، لأن القرآن إنما نزل لتحليل حلاله وتحريم حرامه والوقوف عند حدوده.‏
‎‎ فلا يجوز ترك العمل بالقرآن، فإن العمل به هو المقصود الأهم والمطلوب الأعظم من إنزاله.‏
‎3.هجر تحكيمه والتحاكم إليه:‏
‏ - أنزل الله عز وجل كتابه الكريم حتى يحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، ونهاهم سبحانه عن تحكيم أو تحاكم إلى غير القرآن.‏
‎‎ - فالقرآن الكريم هو دستور المسلمين، وهو الحكم فيما اختلفوا فيه من أمور دينهم ودنياهم، فلا يجوز هجره لابتغاء الحكم في غيره.‏
4.هجر تدبره وتفهمه وتعقل معانيه:‏
‏ - تدبر القرآن الكريم وتعقل معانيه مطلب شرعي، دعا إليه القرآن وحثّت عليه السنة، وعمل به الصحابة والتابعون ومن بعدهم، قال تعالى:{كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته } [ص: 29]. وقال أيضاً: {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها } [محمد: 24].‏
‎‎ وعليه فلا يجوز هجر تدبره وتأمل معانيه وأحكامه.‏
‎5.هجر الاستشفاء به والتداوي به في أمراض القلوب والأبدان:‏
‏ وردت نصوص كثيرة في أن القرآن الكريم شفاء، قال تعالى: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين } [الإسراء: 82]. وقال: {قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء } ‏
‏[فصلت: 44].‏
‎‎ وفي سنة الرسول صلى الله عليه وسلم صور تطبيقية عديدة للتداوي بالقرآن، سواء كان دواء للأبدان، أو للنفوس .‏
‎‎ - وهجر الاستشفاء بالقرآن خلاف السنة، فهو مذموم وممقوت. ‏
 
آداب تلاوة القرآن
‎‎ أ- آداب قارئ القرآن :‏
‏ ينبغي لقارئ القرآن أن يتأدب بالآداب التالية:‏
1.الإخلاص :‏
أن يريد بقراءته وجميع عباداته وجه الله عز وجل ، والتقرب إليه دون شيء آخر، من مال، أو رياسة، أو وجاهة، أو ارتفاع على أقرانه، أو ثناء عند الناس، أو صرف وجوه الناس إليه، أو غير ذلك مما سوى التقرب إلى الله تعالى.
‎‎ - قال تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة } [البينة: 5].‏
‎‎ - وقال صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ) رواه البخاري ومسلم.‏
‎2.تعظيم القرآن وتكريمه:‏
‏ يجب تعظيم القرآن الكريم وتنزيهه وصيانته وعدم الاستخفاف به، ومن مظاهر تعظيمه وتكريمه:‏
‎‎ - اجتناب الضحك والحديث في أثناء القراءة، إلا كلاماً يضطر إليه .‏
‎‎ - عدم مس المصحف لمن كان به حدث أكبر من جنابة أو حيض.‏
‎‎ - عدم توسده.‏
‎‎ - عدم بيعه لغير المسلم.‏
‎‎ - عدم السفر به إلى بلاد الكفر إذا خيف وقوعه في أيدي من لا يراعي حرمته.‏
‎‎ - منع المجنون والصبي الذي لا يميز من مسه مخافة انتهاك حرمته.‏
‎‎ - إلى غير ذلك مما يتنافى مع حرمته وتعظيمه.‏
3. تعاهد القرآن وتكرار ختمه:‏
- يستحب الإكثار من قراءة القرآن وتلاوته ، فقد قال تعالى مثنياً على من كان ذلك دأبه:
{يتلون آيات الله آناء الليل } [آل عمران: 113].‏
‎‎ وقال صلى الله عليه وسلم (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها ) رواه الدارمي الترمذي، وقال حسن صحيح .‏
‎‎ - ويستحب إذا فرغ من ختم القرآن أن يشرع في أخرى عقيب الختمة، وكان ذلك دأب السلف الصالح.‏
‎4.تدبره وتفهمه وتعقل معانيه:‏
‏ ‎- ‏ينبغي قراءة القرآن بالتدبر والتفهم، قال تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته } [ص: 29].‏
‎‎ - والمؤمن العاقل إذا تلا القرآن استعرض معانيه، فكان كالمرآة يرى بها ما حَسُن من فعله وما قَبُح، فما حذّره مولاه حَذِره، وما خوّفه به من عقابه خافه، وما رغّب فيه مولاه رَغِب فيه ورجاه.‏
‎‎ - وقراءة القليل مع التدبر والتفكر فيه أفضل من قراءة الكثير من غير تدبر ولا تفكر. قال رجل لابن عباس: إني سريع القراءة، إني أقرأ القرآن في ثلاث؟ فقال ابن عباس: لأَن أقرا البقرة في ليلة فأتدبرها وأرتلها أحب إليّ من أن أقرأ كما تقول.‏
5.العمل به واتباع أوامره واجتناب نواهيه:‏
‏ ‎- ‏ إن المقصود الأهم من إنزال القرآن الكريم هو العمل به، وذلك باتباع ما يأمر به، واجتناب ما ينهى عنه.‏
‎‎ - فلا يليق بالمسلم أن يقيم حروف القرآن، ويضِّيع أحكامه وحدوده. إنه بذلك يتعرّض لسخط الله وغضبه.‏
‎‎ قال أنس رضى الله عنه: ربّ تالٍ للقرآن والقرآن يلعنه.
6. تعليمه وإقراؤه للناس:‏
‏ - تعليم القرآن لمن لا يعلمه من أفضل القربات والطاعات، وقد رتَّب الله عز وجل عليه الأجر الكثير، وأثنى النبي صلى الله عليه وسلم على معلِّم القرآن، وجعله خير الناس وأفضلهم، قال صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه ) رواه البخاري.
‎‎ - وقد تسابق أهل الخير والصلاح إلى هذا الفضل ، فبنوا المدارس لتعليم وتحفيظ القرآن الكريم، وأنفقوا الأموال الطائلة لتسهيل تعلم القرآن وحفظه على الناس، وتيسير سبله.‏
‎‎ - وقد هيأ الله سبحانه وتعالى في كل عصر وفي كل مصر من يحمل لواء تعليم القرآن الكريم وتدريسه، مصداقاً لقوله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } [الحجر: 9]. وهذا مظهر من مظاهر حفظه.‏

ب- آداب تلاوة القرآن :‏
‏ ينبغي لقارئ القرآن أن يستحضر في نفسه أنه يناجي الله تعالى فيراعي الأدب مع القرآن ومع كلامه سبحانه، فمن الآداب التي ينبغي مراعاتها وتعاهدها:‏
‎‎1. الطهارة:‏
‏ - يستحب لمن أراد قراءة القرآن من ليل أونهار أن يتطهر لذلك وأن يستاك، لأن في ذلك تعظيماً للقرآن الذي هو كلام الله عز وجل، ولأن الملائكة تدنو منه عند تلاوته للقرآن.
‎‎ - ويجوز له أن يقرأ من غير طهارة، لكن لايمس المصحف بل يقرأ من حفظه.‏
‎‎ - أما الجنب والحائض فإنه يحرم عليهما قراءة القرآن، سواء كان آية أو أقل منها، ويرخص للحائض عند الضرورة، كخوف نسيان أو في مقام التعليم أن تقرأ القرآن وتحمله مع وجود حائل كالقفازين. ‏
‎‎ - ويباح للجنب أو الحائض إذا ظهرت عند عدم وجود الماء التيمم وقراءة القرآن والصلاة.‏
‎2. القراءة في مكان ملائم:‏
‎- ‏ يستحب أن تكون القراءة في مكان نظيف مختار، وأفضل الأماكن المسجد، لكونه جامعاً للنظافة وشرف البقعة. وتكره القراءة في مكان مستقذر، كأماكن قضاء الحاجة والمزابل ونحو ذلك.‏
- ويستحب عند القراءة أن يستقبل القبلة.‏
3.‏ الاستعاذة والبسملة:‏
‏ إذا أراد الشروع في القراءة فإنه يستحب له أن يستعيذ، لقوله تعالى: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم } [النحل: 98]. أي: إذا أردت القراءة.‏
‎‎ - وصفة الاستعاذة المختارة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.‏
‎‎ ومن استعاذ بغيرها من الصيغ الواردة فجائز. ‏
‎‎ ويجهر بالاستعاذة إذا كان بحضرة من يسمعه، لأن الجهر بالتعوذ إظهار شعار القراءة، وحتى ينصت السامع للقراءة من أولها لئلا يفوته منها شيء.‏
‎‎ - وإذا قطع القراءة أو فصلها بفاصل وطال استأنف الاستعاذة. ‏
‎‎ - وأن يقول بعدها: بسم الله الرحمن الرحيم
‎‎ - ويستحب أن يحافظ على قراءة البسملة في أول كل سورة سوى براءة.‏
4. ومن آداب التلاوة: ‏
‎‎ حضور القلب، والخشوع والتدبر للمقروء.‏
‏ ‎- ‏وأن يقرأ القرآن جالساً متخشعاً بسكينة ووقار مطرقاً رأسه، ولو قرأ قائماً أو مضطجعاً أو على فراشه أو على غير ذلك من الأحوال جاز وله أجر، ولكن ذلك خلاف الأَولى.‏
‎- ويستحب أن يُحضر قلبه الحزن عند القراءة وأن يتباكى، وأن يتأمل مافيه من التهديد والوعيد الشديد والمواثيق والعهود، ثم يتأمل تقصيره في ذلك، قال تعالى: {الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشآءُ ومن يضلل الله فماله من هاد } [الزمر: 23].‏
‎‎ فإن لم يحضره حزن وبكاء، فليبك على فقد ذلك، فإنه من أعظم المصائب.‏
‎‎ - وقد ذم الله عز وجل من استمع القرآن فلم يخشع له قلبه فقال: {أفمن هذا الحديث تعجبون * وتضحكون ولا تبكون }. [النجم: 59-60] . ‏
‎5. الترتيل والتجويد:‏
‏ ‎- ‏يستحب للقارئ أن يرتل قراءته؛ لما فيه من التدبر والتفكر، ولأنه أقرب إلى الإجلال والتوقير، وأشد تأثيراً في القلب، قال تعالى: {ورتل القرآن ترتيلا }. [المزمل: 4]. ‏
‎‎ - وقراءة جزء بترتيل أفضل من قراءة جزأين في قدر ذلك الزمان بلا ترتيل .‏
‎‎ - قال رجل لابن مسعود: "إني قرأت المفصل في ركعة ، فقال ابن مسعود: هذّاً كهَذّ الشّعر؟ لقد عرفت النظائر التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن بينهن، فذكر عشرين سورة من المفصل، سورتين سورتين في كل ركعة ". متفق عليه وهذا لفظ مسلم.‏
‎6. تحسين الصوت بالقرآن:‏
‏ ‎- ‏يستحب تحسين الصوت بالقراءة وتزيينها، فإن لم يكن حسن الصوت فليحسنه ما استطاع، قال صلى الله عليه وسلم: (زيِّنوا القرآن بأصواتكم ) رواه أبو داود والنسائي وأحمد وصححه.‏
‎‎ - وقال البراء رضي الله عنه: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في العشاء بالتين والزيتون ، فما سمعت أحداً أحسن صوتاً منه " رواه البخاري ومسلم.‏
‎‎ - ويستحب طلب القراءة من حسن الصوت والإصغاء إليها ، قال ابن مسعود رضى الله عنه : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : (اقرأ عليَّ القرآن "فقلت " يارسول الله ، أقرأ عليك وعليك أُنزل، قال: "إني أحب أن أسمعه من غيري ). رواه البخاري ومسلم.‏
‎‎ وكان جماعة من الصحابة رضي الله عنهم يطلبون ممن صوته حسنٌ قراءة القرآن .‏
‎‎ - وينبغي لمن رزقه الله حسن الصوت بالقرآن أن يعلم أن الله عز وجل قد خصّه بخير عظيم، وليجعل مراده حين يقرأ للناس أن ينتبه أهل الغفلة من غفلتهم، فيرغبوا فيما رغبهم الله عز وجل، وينتهوا عما نهاهم، وبهذا ينتفع بحسن صوته وينتفع الناس به.‏
7. السجود عند آيات السجود:‏
‏ ‎- ‏يسن للقارئ والمستمع أن يسجد للتلاوة كلما مرّ بسجدة، وسواء كان في الصلاة أو غيرها، فإنه بذلك يرضي رّبه عز وجل، ويغيظ عدّوه الشيطان.‏
‎‎ قال صلى الله عليه وسلم: (إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد، اعتزل الشيطان يبكي ويقول: يا ويلتى، أُمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأُمرت بالسجود فعصيته فلي النار ) رواه مسلم.‏
‎- وفي القرآن خمس عشرة سجدة، وردت في السور التالية: الأعراف:206، والرعد: 105، والنحل: 50، والإسراء: 109، ومريم: 58، وفي الحج سجدتان: 18-77، والفرقان: 60، والنمل: 26، والسجدة: 15، وص: 24، وفصلت: 38، والنجم: 62، والانشقاق: 21، والعلق: 19.‏
‎- ويستحب لمن يسجد للتلاوة: أن يسبح ثلاث مرات (سبحان ربي الأعلى ) ثم يقول: (اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوّره، وشق سمعه وبصره، بحوله وقوته، تبارك الله أحسن الخالقين ). رواه مسلم . ‏
‎- ويقول: (اللهم اكتب لي بها عندك أجراً ، واجعلها لي عندك ذخراً، وضع عني بها وزراً، واقبلها مني كما قبلتها من عبدك داود ). رواه الترمذي ، وحسنه الألباني.‏
‎8. الدعاء عند التلاوة:‏
‎- ‏يستحب للقارئ إذا مرّ بآية رحمة أن يسأل الله تعالى من فضله، وإذا مرّ بآية عذاب أن يستعيذ بالله من الشر ومن العذاب، أو يقول: اللهم إني أسألك العافية أو أسألك المعافاة من كل مكروه، أو نحو ذلك. وإذا مرّ بآية تنزيه لله تعالى نزّهه فقال: سبحانه وتعالى، أو تبارك وتعالى، أوجلت عظمة ربنا.‏
‎‎ قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: (صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة .. فقلت يركع عند المئة ، ثم مضى ، فقلت يصلي بها، ثم افتتح آل عمران فقرأها ، ثم افتتح النساء فقرأها ، يقرأ مترسلاً إذا مرّ بآية فيها تسبيح سبّح، وإذا مرّ بسؤال سأل، وإذا مرّ بتعوذ تعوّذ ) رواه البخاري. ‏

مراجع المستوى الأول
1. مباحث في علوم القرآن . مناع القطان .مكتبة المعارف - الرياض .ط8 -1401هـ
2. قواعد في علوم التجويد .عبد العزيز القارئ. مكتبة الدار -المدينة .ط - 1401هـ
3. فضائل القرآن الكريم في السنة المطهرة .محمد موسى نصر .المكتبة الإسلامية -عمان الأردن .
4. أصول في التفسير .الشيخ محمد بن عثيمين . دار ابن الجوزي -الدمام.
 
المستوى الثاني
نزول القرآن
أ ـ كيفية نزوله:‏
1.بداية نزوله: نزل القرآن أول ما نزل على رسول الله صلى الله وسلم في ليلة القدر في رمضان ، قال تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر }.
[القدر: 1]، وقال أيضاً: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين * فيها يفرق كل أمر حكيم } [الدخان: 3-4]. وقال أيضاً: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان }. [البقرة: 185]. وكان عمر النبي صلى الله عليه وسلم أول ما نزل عليه الوحي أربعين سنة على المشهور، وهي السن التي يكون بها بلوغ الرشد، وكمال العقل، وتمام الإدراك.‏
2. ‎ مَنْ نزل به؟ الذي نزل بالقرآن من الله تعالى إلى النبي صلى الله عليه وسلم هو جبريل عليه السلام، أحد الملائكة المقربين الكرام، قال تعالى: {وإنه لتنزيل رب العالمين* نزل به الروح الأمين* على قلبك لتكون من المنذرين* بلسان عربي مبين } [الشعراء: 192-195]. وقال أيضاً: {قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين }. [النحل: 102]. ‏
‎‎ وقد كان لجبريل عليه السلام من الصفات الحميدة العظيمة من القوة والقرب من الله تعالى والمكانة والأمانة والحسن والطهارة، ما جعله أهلاً لأن يكون رسول الله بوحيه إلى رسله عليهم السلام.
ب ـ أول ما نزل من القرآن :‏
- أول ما نزل من القرآن على وجه الإطلاق قطعاً: الآيات الخمس الأولى من سورة العلق، وهي قوله تعالى {اقرأ باسم ربك الذي خلق(1) خلق الإنسان من علق(2) اقرأ وربك الأكرم(3) الذي علم بالقلم(4) علم الإنسان ما لم يعلم(5) }.‏
‎- عن عائشة رضي الله عنها قالت في بدء الوحي: حتى جاءه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال: اقرأ . فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أنا بقارئ .. الحديث، وفيه: ثم قال: {اقرأ باسم ربك الذي خلق } إلى قوله:{علم الإنسان ما لم يعلم }) أخرجه البخاري ومسلم.‏
جـ ـ آخر ما نزل :‏
- آخر ما نزل من القرآن قوله سبحانه: {واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون } [البقرة: 281]. ‏
‎‎ وكان بين نزولها وبين موت النبي صلى الله عليه وسلم تسع ليال.‏
د- أنواع نزول القرآن :‏
‏ ينقسم نزول القرآن إلى قسمين: ابتدائي، وسببي.‏
1. ابتدائي: وهو ما لم يتقدم نزوله سبب يقتضيه، وهوغالب آيات القرآن، ومنه: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن }. [البقرة: 185]، وغير ذلك.‏
‎2. سببي: وهو ما تقدم نزوله سبب يقتضيه، وهو أقسام:‏
‎ أ- أن يكون إجابة عن سؤال، مثل: قوله تعالى: {يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج }. [البقرة: 189]. ‏
‎ ب- أن يكون بياناً وإيضاحاً عن الحوادث والنوازل، مثل: قوله تعالى: {ولئن سألتهم ليقولون إنما كنا نخوض ونلعب } [التوبة: 65]. نزلت في رجل من المنافقين قال في غزوة تبوك في مجلس: "ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء فقال رجل في المجلس كذبن ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أرغب بطوناً، ولا أكذب ألسنة، ولا أجبن عند اللقاء، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فقال رجل في المجلس كذبت ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن، فجاء الرجل يعتذر إلى النبي صلى الله عليه وسلم" أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه.‏
‎ ج- أن يكون لمعرفة حكم واقعة من الوقائع ، مثل قوله تعالى: {قد سمع الله قول التي تجادلك في وزجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير }. ‏
‏[المجادلة: 1] .‏

حفظ القرآن وكتابته وجمعه
أ ـ تمهيد.
يطلق جمع القرآن ويراد به عند العلماء أحد معنيين.
المعنى الأول: جمعه بمعنى حفظه. وجماع القرآن: حفاظه، وهذا هو الذي ورد في قوله تعالى في خطابه لنبيه صلى الله عليه وسلم، وقد كان يحرك شفتيه ولسانه بالقرآن إذا نزل عليه قبل فراغ جبريل من قراءة الوحي حرصا على أن يحفظه {لا تحرك به لسانك لتعجل به* إن علينا جمعه وقرآنه* فإذا قرأناه فاتبع قرآنه* ثم إن علينا بيانه } [القيامة:16-19]. فعن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة ، فكان يحرك به لسانه وشفتيه مخافة أن ينفلت منه ، يريد أن يحفظه ، فأنزل الله {لا تحرك به لسانك لتعجل به* إن علينا جمعه وقرآنه } [القيامة: 16-17]. قال: يقول إن علينا أن نجمعه في صدرك ثم نقرأه {فإذا قرأناه } يقول: إذا أنزلناه عليك {فاتبع قرآنه } فاستمع له وأنصت {ثم إن علينا بيانه } أن نبينه بلسانك. وفي لفظ: علينا أن نقرأه، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إذا أتاه جبريل أطرق ـ وفي لفظ: استمع ـ فإذا ذهب قرأه كما وعد الله.
المعنى الثاني: جمع القرآن بمعنى كتابته كله، مفرق الآيات والسور، أو مرتب الآيات فقط، وكل سورة في صحيفة على حدة، أو مرتب الآيات والسور في صحائف مجتمعة تضم السور جميعا، وقد رتب إحداها بعد الأخرى.
ب ـ جمع القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم :
1 - جمع القرآن بمعنى حفظه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مولعا بالوحي، يترقب نزوله عليه بشوق، فيحفظه ويفهمه، مصداقا لوعد الله {إن علينا جمعه وقرآنه } فكان بذلك أول الحفّاظ، ولصحابته فيه الأسوة الحسنة، شغفا بأصل الدين ومصدر الرسالة، وقد نزل القرآن في بضع وعشرين سنة، فربما نزلت الآية المفردة، وربما نزلت آيات عدة إلى عشر، وكلما نزلت آية حفظت في الصدور، ووعتها القلوب، والأمة العربية كانت بسجيتها قوية الذاكرة، تستعيض عن أميتها في كتابة أخبارها وأشعارها وأنسابها بسجل صدورها.
ومن أشهر الحفاظ في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من ذكر في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ، وأبي بن كعب ). وهؤلاء الأربعة: اثنان من المهاجرين هما: عبد الله بن مسعود، وسالم، واثنان من الأنصار هما: معاذ، وأبي. رواه الحاكم والترمذي، وقال حسن صحيح، وصححه السيوطي.
ـ وعن قتادة قال: سألت أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال أربعة، كلهم من الأنصار: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد، قلت: من أبو زيد ؟ قال: أحد عمومتي.
ـ وروي من طريق ثابت عن أنس كذلك قال: "مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة : أبو الدرادء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو يزيد ". وذكر هؤلاء الحفاظ السبعة أو الثمانية، لا يعني الحصر، فإن النصوص الواردة في كتب السير والسنن تدل على أن الصحابة كانوا يتنافسون في حفظ القرآن، ويُحَفِّظونه أزواجهم وأولادهم. ويقرؤون به في صلواتهم بجوف الليل، حتى يسمع لهم دوي كدوي النحل، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر على بيوت الأنصار، ويستمع إلى ندى أصواتهم بالقراءة في بيوتهم، فعن أبي موسى الأشعري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: (لو رأيتني البارحة وأنا أستمع لقراءتك ؟ لقد أعطيت مزمارا من مزامير آل داود ) رواه مسلم.
ـ وعن عبد الله بن عمرو قال: "جمعت القرآن، فقرأت به كل ليلة، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (اقرأه في شهر )" رواه أحمد وصححه السيوطي في بعض الروايات.
من هذه النصوص يتبين لنا أن حفظة القرآن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا جمعا غفيرا، فإن الاعتماد على الحفظ في النقل من خصائص هذا الأمة. قال ابن الجزري شيخ القراء في عصره: "إن الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور، لا على خط المصاحف والكتب أشرف خصيصة من الله تعالى لهذه الأمة ".
ج ـ جمع القرآن بمعنى كتابته على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم :
اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم كتَّابا للوحي من أجلاء الصحابة. كعلي، ومعاوية، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، تنزل الآية فيأمرهم بكتابتها، ويرشدهم إلى موضعها من سورتها، حتى تظاهر الكتابة في السطور الجمع في الصدور، كما كان بعض الصحابة يكتبون ما ينزل من القرآن ابتداء من أنفسهم، دون أن يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم، فيحفظونه في العسب، واللخاف، والكرانيف، والرقاع، والأقتاب، وقطع الأديم، والأكتاف.
وهذا يدل على مدى المشقة التي كان يتحملها الصحابة في كتابة القرآن، حيث لم تتيسر لهم أدوات الكتابة إلا بهذه الوسائل، فأضافوا الكتابة إلى الحفظ. وكان جبريل يعارض رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقرآن كل سنة في ليالي رمضان. عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة ) متفق عليه. وكان الصحابة يعرضون على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لديهم من القرآن حفظا وكتابة كذلك.
ولم تكن هذه الكتابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مجتمعة في مصحف عام، بل عند هذا ما ليس عند ذاك، وقد نقل العلماء أن نفرا، منهم علي بن أبي طالب، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن مسعود قد جمعوا القرآن كله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر العلماء أن زيد بن ثابت كان عرضه متأخرا عن الجميع.
وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن محفوظ في الصدور، ومكتوب في الصحف على نحو ما سبق، مفرق الآيات والسور، أو مرتب الآيات فقط، وكل سورة في صحيفة على حدة، بالأحرف السبعة الواردة. ولم يجمع في مصحف عام، حيث كان الوحي يتنزل تباعا فيحفظه القراء، ويكتبه الكتَبَة، ولم تدع الحاجة إلى تدوينه في مصحف واحد، لأنه عليه الصلاة والسلام كان يترقب نزول الوحي من حين لآخر، وقد يكون منه الناسخ لشيء نزل من قبل، وكتابة القرآن لم يكن ترتيبها بترتيب النزول بل تكتب الآية بعد نزولها، حيث يشير صلى الله عليه وسلم إلى موضع كتابتها بين آية كذا وآية كذا في سورة كذا، ولو جمع القرآن كله بين دفتي مصحف واحد لأدى هذا إلى تجديد الكتابة كلما نزل شيء من الوحي. قال الزركشي: "وإنما لم يكتب في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مصحف لئلا يفضي إلى تغييره في كل وقت، فلهذا تأخرت كتابته إلى أن أكمل نزول القرآن بموته صلى الله عليه وسلم ".
 
المستوى الثالث

الناسخ والمنسوخ
‎‎
أ - تعريف النسخ لغة واصطلاحاً: ‏
‎‎ - يأتي النسخ في اللغة بمعنيين: أحدهما: الرفع والإزالة، يقال: نسخت الشمس الظل. والثاني: النقل والتحويل، يقال: نسخت الكتاب إذا نقلت ما فيه.‏
‎‎ - ومعناه في الاصطلاح: رفع الحكم الثابت بخطاب متقدم بخطاب متراخ (متأخر ) عنه.‏
ب - ما يقع فيه النسخ: ‏
‎‎ يقع النسخ في الأحكام الفرعية العملية من الأوامر والنواهي، وأما العقائد، وأمهات الأخلاق والفضائل كالبر والصدق والأمانة والعدل، وأصول العبادات والمعاملات، كالصلاة والصيام والزكاة، وكذا مدلولات الأخبار المحضة، كل ذلك لايقع فيه نسخ.‏
ج- طرق معرفة الناسخ والمنسوخ: ‏
‎‎1. النقل الصريح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن صحابي، كحديث: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها " رواه مسلم.‏
‎‎2. إجماع الأمة على أن هذا ناسخ وهذا منسوخ.‏
‎‎3. معرفة المتقدم من المتأخر من جهة التاريخ.‏
د- أقسام النسخ في القرآن: ‏
‎‎ ينقسم النسخ في القرآن إلى ثلاثة أقسام:‏
‎‎1. نسخ التلاوة والحكم معاً: مثاله قول عائشة رضي الله عنها: "كان فيما أنزل عشر رضعات معلومات يحرمن ، فنسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن " رواه مسلم.‏
‎‎2. نسخ الحكم وبقاء التلاوة: وهذا القسم هو الذي اهتم به العلماء، وألفت فيه الكتب، وذكر المؤلفون فيه الآيات المتعددة.‏
‎‎3. نسخ التلاوة وبقاء الحكم: مثاله: آية الرجم وهي: {الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم }، فحكم الرجم للثيب الزاني ثابت، ولكن هذه الآية منسوخ تلاوتها فليست من القرآن.‏
هـ - حكمة النسخ:‏
‏ للنسخ حكم كثيرة منها:‏
‎1. مراعاة مصالح العباد.‏
‎2. الترتيب والتدرج في التشريع حسب تطور الدعوة وتطور حال الناس.‏
‎3. ابتلاء المكلف واختباره بالامتثال وعدمه.‏
‎4. إرادة الخير للأمة والتيسير عليها.‏

التعريف بالقراء السبعة وذكر رواتهم
‎‎ القراء السبعة الذين أجمعت الأمة على تواتر قراءاتهم هم:‏
‎ أ- أبو عمرو بن العلاء البصري: وهو زبان بن العلاء بن عمار المازني البصري، اشتهر بكنيته، وهو إمام القراءة بالبصرة، توفي سنة 154هـ.‏
‎‎ وراوياه هما:‏
‎1. الدوري: هو حفص بن عمر الدوري النحوي البغدادي توفي سنة 246هـ.‏
‎2. السوسي: وهو صالح بن زياد السوسي، توفي سنة 261هـ.‏
‎ ب- ابن كثير المكي: هو عبد الله بن كثير المكي التابعي، إمام أهل مكة في القراءة، توفي سنة 120هـ.‏
‎‎ وراوياه هما:‏
‎1. البزي: هو أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي بزة المؤذن، توفي سنة 250هـ.‏
‎2. قنبل: هو محمد بن عبد الرحمن بن خالد المكي، وقنبل لقبه، توفي سنة 291هـ.‏
‎ ج- نافع المدني: هو نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم المدني، توفي بالمدينة سنة 169هـ. وراوياه هما:‏
1. قالون: هو عيسى بن مينا، وقالون لقبه، مات سنة 220هـ.‏
‎2. ورش: هو عثمان بن سعيد المصري، وورش لقبه، مات سنة 197هـ.‏
د- ابن عامر الشامي: هوعبد الله بن عامر اليحصبي القاضي التابعي، توفي سنة 118هـ. وراوياه هما:‏
1. هشام: هو هشام بن عمار الدمشقي المتوفي في سنة 245هـ.‏
2. ابن ذكوان: هو عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان الدمشقي، المتوفى سنة 242هـ.‏
‎ هـ- عاصم الكوفي: هو عاصم بن أبي النجود التابعي، المتوفى سنة 128هـ.‏
‎‎ وراوياه هما:‏
‎1. شعبة: هو أبوبكر شعبة بن عباس بن سالم الكوفي، مات سنة 193هـ.‏
‎2. حفص: حفص بن سليمان بن المغيرة البزاز الكوفي، مات سنة 180هـ.‏
‎ و- حمزة الكوفي: هو حمزة بن حبيب بن عمارة الزيات الفرضي، توفي سنة 156هـ.‏
‎‎ وراوياه هما:‏
‎1. خلف: هو خلف بن هشام البزاز البغدادي، توفي سنة 229هـ.‏
‎2. خلاد: هو خلاد بن خالد الصيرفي الكوفي، توفي سنة 220هـ.‏
‎ ز- الكسائي الكوفي: هو علي بن حمزة الكسائي النحوي، توفي سنة 189هـ.‏
‎‎ وراوياه هما:‏
1. أبو الحارث: هو الليث بن خالد البغدادي، المتوفي سنة 240هـ.‏
2. حفص الدوري: هو الراوي عن أبي عمرو البصري السابق. ‏

إعجاز القرآن وأنواعه
أ- تعريف المعجزة:‏
- العجز: نقيض الحزم، وعجز عن الأمر: إذا قصر عنه.‏
‎- والمعجزة: أمر خارق للعادة مقرون بالتحدي سالم من المعارضة يظهره الله على يد رسله.‏
ب- القرآن معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم الكبرى :‏
‏ جعل الله سبحانه وتعالى معجزة رسول الله صلى الله عليه وسلم متميزة عن سائر معجزات الأنبياء السابقين لحكم جليلة ندرك بعضها، ومن ذلك:‏
1. مواءمة طبيعة الرسالة: فإن الأنبياء السابقين كانوا يبعثون إلى أمم خاصة وقبائل خاصة ولفترة زمنية محدودة، بخلاف خاتم الرسل فإنه بُعث إلى الناس كافة، فناسب أن تكون معجزاته ثابتة دائمة لا تنتهي بوفاة الرسول، بل تبقى حجة على الأجيال اللاحقة إلى قيام الساعة.‏
2. كون القرآن الكريم المعجزة الخالدة: فالقرآن الكريم هو المعجزة، وهو مصدر أحكام الشريعة في آن واحدٍ، فآية تصديق الرسالة في الرسالة نفسها، وليس في معجزات الأنبياء السابقين ما يستنبط منها حكم تشريعي
 
الوسوم
الأول القرآن الكريم المستوى علوم والثالث والثاني
عودة
أعلى