كيف تتبع رسول الله

خالدالطيب

شخصية هامة
كيف تتبع رسول الله

هديُهُ صَلى الله عَليه وسَلمْ في الأذان وأذكاره :

1- سَنَّ التأذين بترجيع وبغير ترجيعٍ ، وشَرعَ الإقامة مَثنى وفُرادى ، ولم يُفرِد كلمةَ " قد قامتالصلاةُ " البتة .

2- وشرع لأمته أن يقول السامعُ كما يقول المؤذن إلا في لفظ " حيَّ على الصلاةِ ، وحيَّ على الفلاحِ " فصحَّ عنه إبدالهُما بـ " لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَ باللهِ " .

3- وأخبر أنه من قال حين يسمعُ الأذان : " وأنا أشهدُ أنْ لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ ، وأنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ ، رَضيتُ بالله رباً وبالإسلامِ ديناً وبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً " من قال ذلك غُفر له ذنبَه . [مسلم ].

4- وشرع للسامع أن يُصلي على النبي صَلى الله عَليه وسَلمْ بعد فراغه من إجابة المؤذن وأن يقول : " اللَّهُمَّ رَبَّ هذه الدعوةِ التَّامَّةِ والصَّلاةِ القائمةِ آتِ مُحَمَّداً الوسيلة والفضيلة ، وابعثْهُ مقاماً محموداً الذي وعدته" [البخاري] .

5- وأخبر أن الدُّعاءَ لا يُرد بين الأذان والإقامةِ .




* هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فيِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ:



1ـ كان إذا دخل الخلاء قال: ((اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث)) ، وإذا خرج يقول: ((غفرانك)) [صحيح الترمذي].

2ـ وكان أكثر ما يبول وهو قاعد.

3ـ وكان يستنجي بالماء تارةً، ويستجمر بالأحجار تارةً، ويجمع بينهما تارةً.

4ـ وكان يستنجي ويستجمر بشماله.

5ـ وكان إذا استنجى بالماء ضرب يده بعد ذلك على الأرض.

6ـ وكان إذا ذهب في سفره للحاجة انطلق حتى يتوارى عن أصحابه.

7ـ وكان يستتر بالهدف تارةً وبحائش النخل تارة، وبشجر الوادي تارةً.

8ـ وكان يرتاد لبوله الموضعَ الدَّمِث اللين الرخو ـ من الأرض ـ.

9ـ وكان إذا جلس لحاجته لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض.

10ـ وكان إذا سلم عليه أحد وهو يبول لم يرد عليه.


* هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فيِ الْوُضُوءِ:

1ـ كان يتوضأ لكل صلاة في غالب أحيانه، وربما صلى الصلوات بوضوء واحد.

2ـ وكان يتوضأ بالْمُدِّ تارةً، وبثلثيه تارةً، وبأزيد منه تارةً.

3ـ وكان من أيسر الناس صَبًّا لماء الوضوء ويحذر أمته من الإسراف فيه.

4ـ وكان يتوضأ مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثًا ثلاثًا، وفي بعض الأعضاء مرتين وبعضها ثلاثًا، ولم يتجاوز الثلاث قطُّ.

5ـ وكان يتمضمض ويستنشق تارةً بغَرفة، وتارةً بغَرفتين، وتارةً بثلاث، وكان يصل بين المضمضة والاستنشاق.

6ـ وكان يستنشق باليمين ويستنثر باليسرى.

7ـ ولم يتوضأ إلا تمضمض واستنشق.

8ـ وكان يمسح رأسهُ كلَّه، وتارةً يقبل بيديه ويدبر.

9ـ وكان إذا مسح على ناصيته كَمَّلَ على العمامة.

10ـ وكان يمسح أذنيه ـ ظاهرهما وباطنهما ـ مع رأسه.

11ـ وكان يغسل رجليه إذا لم يكونا في خفين ولا جوربين.

12ـ وكان وضوؤه مرتبًا متواليًا ولم يُخِل به مرة واحدة.

13ـ وكان يبدأ وضوءه بالتسمية، ويقول في آخره: ((أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوَّابين واجعلني من المتطهرين)) [صحيح الترمذي]، ويقول: ((سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك)) [صحيح النسائي].

14ـ ولم يقل في أوله: نويت رفع الحدث ولا استباحة الصلاة لا هو ولا أحد من أصحابه البتة.

15ـ ولم يكن يتجاوز المرفقين والكعبين.

16ـ ولم يكن يعتاد تنشيف أعضائه.

17ـ وكان يخلل لحيته أحيانًا، ولم يواظب على ذلك.

18ـ وكان يخلل بين الأصابع ولم يكن يحافظ على ذلك.

19ـ ولم يكن من هديه أن يُصبَّ عليه الماء كلما توضأ، ولكن تارة يصب على نفسه، وربما عاونه من يصب عليه أحيانًا لحاجة.


* هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فيِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيِنْ:

1ـ صح عنه أنه مسح في الحضر والسفر، وَوَقَّتَ للمقيم يومًا وليلة، وللمسافر ثلاثةَ أيام ولياليهن.

2ـ وكان يمسح ظاهر الخفين، ومسح على الجوربين، ومسح على العمامة مقتصرًا عليها، ومع الناصية.

3ـ ولم يكن يتكلف ضد الحالة التي عليها قدماه، بل إن كانتا في الخفين مسح، وإن كانتا مكشوفتين غسل.


* هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فيِ التَّيَمُّمِ:

1ـ كان يتيمم بالأرض التي يصلي عليها ترابًا كانت أو سبخة أو رملاً، ويقول: ((حيثما أدركت رجلاً من أمتي الصلاةُ فعنده مسجدُهُ وطهورُهُ)) [صحيح ـ الإرواء].

2ـ ولم يكن يحمل التراب في السفر الطويل، ولا أمر به.

3ـ ولم يصح عنه التيمم لكل صلاة، ولا أمر به، بل أطلق التيمم وجعله قائمًا مقام الوضوء.

4ـ وكان يتيمم بضربة واحدة للوجه والكفين.

 
* هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فيِ الاِسْتِفْتَاحِ وَالْقِرَاءَةِ:
1ـ كان إذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر، ولم يقل شيئًا قبلها، ولا تلفظ بالنية البتة.

2ـ وكان يرفع يديه معها ممدودتين الأصابع مستقبلاً بهما القبلة إلى فروغ أذنيه ـ و إلى منكبيه ـ؛ ثم يضع اليمنى على ظهر اليسرى.

3ـ وكان يستفتح تارة بـ: ((اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والْبَرَدِ، اللهم نقني من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوبُ الأبيضُ من الدَّنس))
وتارة يقول: ((وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا مسلمًا وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا أول المسلمين))

4ـ وكان يقول بعد الاستفتاح: ((أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)) ثم يقرأ الفاتحة.(1)

5ـ وكان له سكتتان: سكتة بين التكبيرة والقراءة، واختلف في الثانية، فروي بعد الفاتحة وروي قبل الركوع.

6ـ فإذا فرغ من قراءة الفاتحة أخذ في سورة غيرها، وكان يطيلها تارةً، ويخففها لعارض من سفر أو غيره، ويتوسط فيها غالبًا.

7ـ وكان يقرأ في الفجر بنحو ستين آية إلى مائة، وصلاَّها بسورة ((ق))، وصلاَّها بسورة ((الروم))، وصلاَّها بسورة {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}، وصلاَّها بسورة: {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ} في الركعتين كلتيهما، وصلاها بـ((المعوذتين))، وكان في السفر، وصلاهَّا فاستفتح سورة ((المؤمنون)) حتى إذا بلغ ذكر موسى وهارون في الركعة الأولى أخذته سعلة فركع.

8ـ وكان يصليها يوم الجمعة بـ {أَلَمْ} السجدة، و{هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ}.

9ـ وأما الظهر فكان يطيل قراءتها أحيانًا، وأما العصر فعلى النصف من قراءة الظهر إذا طالت، وبقدرها إذا قصرت.

10ـ وأما المغرب فصلاها مرة بـ((الطور))، ومرة بـ((المرسلات)).

11ـ وأما العشاء فقرأ فيها بـ{وَالتِّينِ}، ووقَّت لمعاذ فيها بـ {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}، و{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}، و{وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}، ونحوها، وأنكر عليه قراءته فيها بـ((البقرة)).

12ـ وكان من هديه قراءة السورة كاملة وربما قرأها في الركعتين، وربما قرأ أول السورة، وأما قراءة أواخر السورة وأوساطها فلم يحفظ عنه.

وأما قراءة السورتين في ركعة فكان يفعله في النافلة، وأما قراءة سورة واحدة في الركعتين معًا فقلما كان يفعله وكان لا يعين سورة في الصلاة بعينها لا يقرأ إلا بها إلا في الجمعة والعيدين.

13ـ وقنت في الفجر بعد الركوع شهرًا ثم ترك، وكان قنوته لعارض، فلما زال تركه، فكان هديه القنوت في النوازل خاصة، ولم يكن يخصه بالفجر.





* هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فيِ كَيْفِيَّةِ الصَّلاَةِ:

1ـ كان يطيل الركعة الأولى على الثانية من كل صلاة.

2ـ وكان إذا فرغ من القراءة سكت بقدر ما يترادُّ إليه نفسه ثم رفع يديه وكبر راكعًا، ووضع كفيه على ركبتيه كالقابض عليهما، ووتَّر يديه فنحاهما على جنبيه، وبسط ظهره ومده واعتدل فلم ينصب رأسه ولم يخفضه، بل حيال ظهره.

3ـ وكان يقول: ((سبحان ربي العظيم)) وتارة يقول في ذلك: ((سبحان اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي)) ، وكان يقول أيضًا: ((سبوح قدوس رب الملائكة والروح)) .

4ـ وكان ركوعه المعتاد مقدار عشرة تسبيحات، وسجوده كذلك، وتارةً يجعل الركوع والسجود بقدر القيام، ولكن كان يفعله أحيانًا في صلاة الليل وحده، فهديه الغالب في الصلاة تعديل الصلاة وتناسبها.

5ـ وكان يرفع رأسه قائلاً: ((سمع الله لمن حمده)) [ق]، ويرفع يديه ويقيم صلبه، وكذلك إذا رفع رأسه من السجود، وقال: ((لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود)) [صحيح أبي داود].
فإذا استوى قال: ((ربنا ولك الحمد))، وربما قال: ((ربنا لك الحمد))، وربما قال: ((اللهم ربنا لك الحمد)).

6ـ وكان يطيل هذا الركن بقدر الركوع، ويقول فيه: ((اللهم ربنا ولك الحمد ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد))

7ـ ثم كان يكبر ويخر ساجدًا، ولا يرفع يديه، وكان يضع ركبتيه ثم يديه بعدهما، ثم جبهته وأنفه،وكان يسجد على جبهته وأنفه دون كور العمامة، وكان يسجد على الأرض كثيرًا، وعلى الماء والطين، وعلى الخمرة المتخذة من خوص النخل، وعلى الحصير المتخذ منه، وعلى الفروة المدبوغة.

8ـ وكان إذا سجد مكَّن جبهته وأنفه من الأرض، ونحَّى يديه عن جنبيه، وجافاهما حتى يُرى بياض إبطه.

9ـ وكان يضع يده حذو منكبيه وأذنيه ويعتدل في سجوده، ويستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة،ويبسط كفيه وأصابعه، ولا يفرج بينهما ولا يقبضهما.

10ـ وكان يقول: ((سبحانك اللهم ربنا وبحمد، اللهم اغفر لي)) ، ويقول: ((سبوح قدوس رب الملائكة والروح))

11ـ ثم يرفع رأسه مكبرًا غير رافع يديه، ثم يجلس مفترشًا يفرش اليسرى ويجلس عليها، وينصب اليمنى ويضع يديه على فخذيه، ويجعل مرفقيه على فخذيه، وطرف يده على ركبته، ويقبض اثنتين من أصابعه ويحلق حلقة، ثم يرفع إصبعه يدعو بها ويحركها، ثم يقول: ((اللهم اغفر لي، وارحمني، واجبرني، واهدني، وارزقني)) [صحيح الترمذي].

12ـ وكان هديه صلى الله عليه وسلم إطالة هذا الركن بقدر السجود.

13ـ ثم ينهض على صدور قدميه، معتمدًا على فخذيه، فإذا نهض افتتح القراءة، ولم يسكت كما يسكت عند الاستفتاح، ثم يصلي الثانية كالأولى إلا في أربعة أشياء: السكوت، والاستفتاح، وتكبيرة الإحرام، وتطويلها فكان يطيل الركعة الأولى على الثانية وربما كان يطيلها حتى لا يسمع وقع قدم.

14ـ فإذا جلس للتشهد وضع يده اليسرى على فخذه الأيسر، ويده اليمنى على فخذه الأيمن، وأشار بالسبابة، وكان لا ينصبها نصبًا، ولا ينيمها بل يحنيها شيئًا يسيرًا ويحركها، ويقبض الخنصر والبنصر، ويحلق الوسطى مع الإبهام ويرفع السبابة يدعو بها ويرمي ببصره إليها.

15ـ وكان يتشهد دائمًا في هذه الجلسة ويعلم أصحابه أن يقولوا: ((التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله)) وكان يخففه جدًا كأنه يصلي على الرُّضف ـ وهي الحجارة المحماة ـ ثم كان ينهض مكبرًا على صدور قدميه وعلى ركبتيه معتمدًا على فخذيه، وكان يرفع يده في هذا الموضع، ثم يقرأ الفاتحة وحدها وربما قرأ في الركعتين الأخريين بشيء فوق الفاتحة.

16ـ وكان صلى الله عليه وسلم إذا جلس في التشهد الأخير، جلس متوركًا، وكان يفضي بوركه إلى الأرض، ويخرج قدمه من ناحية واحدة. [صحيح أبي داود].
ويجعل اليسرى تحت فخذه وساقه [م] وينصب اليمنى، وربما فرشها أحيانًا.
ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، وضم أصابعه الثلاث ونصب السبابة.
وكان يدعو في صلاته فيقول: ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم))
ثم كان يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره كذلك.

17ـ وأمر المصلي أن يستتر ولو بسهم أو عصا، وكان يركز الحربة في السفر والبرية فيصلي إليها فتكون سترته. وكان يعرض راحلته فيصلي إليها، وكان يأخذ الرَّحل فيعدله ويصلي إلى آخرته.

18ـ وكان إذا صلى إلى جدار جعل بينه وبينه قدر ممر الشاة، ولم يكن يتباعد منه، بل أمر بالقرب من السترة.


* هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فيِ أفعاله في الصَّلاةِ ..

1ـ لم يكن من هديه الالتفات في الصلاة، وكان يفعله أحيانًا لعارض.

2ـ ولم يكن من هديه تغميض عينيه في الصلاة.

3ـ وكان إذا قام في الصلاة طأطأ رأسه، وكان يدخل في الصلاة وهو يريد إطالتها فيسمع بكاء الصبي فيخففها مخافة أن يَشُقَّ على أمه.

4ـ وكان يصلي الفرض وهو حامل أُمامة بنت ابنته على عاتقه، إذا قام حملها وإذا ركع وسجد وضعها.

5ـ وكان يصلي فيجيء الحسن أو الحسين فيركب ظهرَه، فيطيل السجدة كراهية أن يلقيه عن ظهره.

6ـ وكان يصلي فتجيء عائشة فيمشي فيفتح لها الباب، ثم يرجع إلى مصلاه.

7ـ وكان يرد السلام في الصلاة بالإشارة.

8ـ وكان ينفخ في صلاته، وكان يبكي فيها، وينحنح لحاجة.

9ـ وكان يصلي حافيًا تارة، ومنتعلاً أخرى، وأمر بالصلاة في النَّعل مخالفة لليهود.

10ـ وكان يصلي في الثوب الواحد تارةً وفي الثوبين تارةً وهو أكثر.


* هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فيِ أَفْعَالِهِ بَعْدَ الصَّلاَةِ:

1ـ كان إذا سَلَّمَ استغفر ثلاثًا، ثم قال: ((اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام))، ولم يمكث مستقبل القبلة إلا مقدار ما يقول ذلك، بل يسرع الانتقال إلى المأمومين، وكان ينفتل عن يمينه وعن يساره.

2ـ وكان إذا صلى الفجر جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس.

3ـ وكان يقول دبر كل صلاة مكتوبة: ((لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد)) ((ولا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون)).


4ـ وندب أمته أن يقولوا دبر كل صلاة مكتوبة: سبحان الله ثلاثًا وثلاثين، والحمد لله ثلاثًا وثلاثين، والله أكبر ثلاثًا وثلاثين، والله أكبر ثلاثًا وثلاثين، وتمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.

* * *
 
* هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فيِ الْعُمْرَةِ:
1ـ اعتمر أربع مرات؛ إحداها: عمرة الحديبية، فَصَدَّهُ المشركون عن البيت، فنحر وحلق حيث صُدَّ، وحلَّ. والثانية: عمرة القضاء؛ حيث قضاها في العام المقبل. والثالثة: عمرته التي قرنها مع حجته. والرابعة عمرته من الجِعْرَانة.

2ـ ولم يكن في عُمره عمرة واحدة خارجًا من مكة، وإنما كانت كلها داخلاً إلى مكة.

3ـ ولم يحفظ عنه أنه اعتمر في السنة إلا مرة واحدة، ولم يعتمر في سنة مرتين. [صحيح الترغيب].

4ـ وكانت عُمُرُه كلها في أشهر الحج.

5ـ وقال: ((عمرة في رمضان تعدل حجة)).


* هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فيِ الْحِجِّ:

1ـ لما فُرِضَ الحج بادر إليه من غير تأخير ولم يحج إلا حجة واحدة، وحج قارنًا.

2ـ وأهل بالنسك بعد صلاة الظهر ثم لبى فقال: ((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك))، ورفع صوته بهذه التلبية حتى سمعها أصحابه وأمرهم بأمر الله أن يرفعوا أصواتهم بها. ولزم تلبيته والناس يزيدون فيها وينقصون ولا ينكر عليهم.

3ـ وخيَّر أصحابه عند الإحرام بين الأنساك الثلاثة، ثم ندبهم عند دنوهم من مكة إلى فسخ الحج والقران إلى العمرة لمن لم يكن معه هدي.

4ـ وكان حجه على رَحْل؛ لا في محمل ولا هودج وزاملته تحته أي: طعامه ومتاعه.
فلما كان بمكة أمر أمرًا حتمًا من لا هدي معه أن يجعلها عمرة ويحلَّ من إحرامه، ومن معه هدي أن يقيم على إحرامه، ثم نهض إلى أن نزل بذي طوى، فبات بها ليلة الأحد لأربع خلون من ذي الحجة وصلى بها الصبح، ثم اغتسل من يومه، ودخل مكة نهارًا من أعلاها من الثنية العليا التي تشرف على الحجون.

فلما دخل المسجد عَمَد إلى البيت، ولم يركع تحية المسجد، فلما حاذى الحجر الأسود استلمه، ولم يزاحم عليه، ثم أخذ عن يمينه، وجعل البيت عن يساره، ولم يدع عند الباب بدعاء ولا تحت الميزاب ولا عند ظهر الكعبة وأركانها، وحفظ عنه بين الركنين: ((ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)) ولم يوقت للطواف ذكرًا معينًا غير هذا.

ورمل في طوافه هذا الثلاثة الأشواط الأُول، وكان يسرع في مشيه، ويقارب بين خطاه، واضطبع بردائه فجعل طرفيه على أحد كتفيه وأبدى كتفه الأخرى ومنكبه.
وكلما حاذى الحجر الأسود أشار إليه أو استلمه بمجِّنهِ وقَبَّل المجنَّ ـ وهو عصا محنية الرأس ـ وقال: ((الله أكبر)).

واستلم الركن اليماني ولم يقبله ولم يقبل يده عند استلامه.فلما فرغ من طوافه، جاء خلف المقام، فقرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} [البقرة:125]، فصلى ركعتين، والمقام بينه وبين البيت؛ قرأ فيهما بعد الفاتحة بسورتي الإخلاص ـ وهما: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، فلما فرغ من صلاته ذهب إلى زمزم فشرب منها وصب على رأسه، ثم أقبل إلى الحجر الأسود فاستلمه.

ثم خرج إلى الصفا فلما قرب منه قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ، اللَّهِ} [البقرة: 159]. ((أبدأ بما بدأ الله به))، ثم رقى عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره وقال: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده)). ثم دعا بين ذلك. وقال مثل هذا ثلاث مرات.
ثم نزل إلى المروة يمشي فلما انصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى إذا جاوز الوادي وأصعد مشى ـ وذلك بين الميلين الأخضرين وابتدأ سعيه ماشيًا ثم أتمه راكبًا لما كثر عليه الناس.
وكان إذا وصل إلى المروة رقى عليها، واستقبل البيت، وكبَّر الله ووحده وفعل كما فعل على الصفا.

فلما أكمل سعيه عند المروة، أمر كلَّ من لا هدي معه أن يحلَّ الحلَّ كله حتمًا ولا بد، قارنًا كان أو مفردًا.
ولم يحل هو من أجل هديه وقال: ((لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة)).
ودعا للمحلقين بالمغفرة ثلاثًا، وللمقصرين مرة.
وكان يصلي مدة مقامه بمكة إلى يوم التروية بمنزله بظاهر مكة بالمسلمين يقصر الصلاة.
فلما كان يوم التروية ضحى توجه بمن معه إلى منى، فأحرم بالحج من كان أحل منهم من رحالهم.
فلما وصل إلى منى نزل بها وصلى بها الظهر والعصر وبات بها فلما طلعت الشمس سار منها إلى عرفة ـ ومن أصحابه الملبي والمكبر وهو يسمع ذلك ولا ينكر على أحد ـ فوجد القبة قد ضربت له بنمرة بأمره ـ ونمرة ليست من عرفة وهي قرية شرقي عرفة ـ فنزل بها، حتى إذا زالت الشمس أمر بناقته القصواء فرُحِلت، ثم سار حتى أتى بطن الوادي من أرض عُرنة، فخطب الناس وهو على راحلته خطبة واحدة عظيمة قرر فيها قواعد الإسلام، وهدم فيها قواعد الشرك والجاهلية وقرر فيها تحريم المحرمات التي اتفقت الملل على تحريمها، ووضع أمور الجاهلية وربا الجاهلية تحت قدميه، وأوصاهم بالنساء خيرًا، وأوصى الأمة بالاعتصام بكتاب الله واستنطقهم واستشهد الله عليهم أنه قد بلغ وأدى ونصح.


فلما أتم الخطبة أمر بلالاً فأذن، ثم أقام الصلاة فصلى الظهر ركعتين أسر فيهما بالقراءة ـ وكان يوم الجمعة ـ ثم أقام فصلى العصر ركعتين ومعه أهل مكة ولم يأمرهم بالإتمام ولا بترك الجمع.
فلما فرغ من صلاته ركب حتى أتى الموقف ولما شك الناس في صيامه يوم عرفه أرسلت إليه ميمونة بحلاب وهو واقف في الموقف، فشرب منه والناس ينظرون، ووقف في ذيل الجبل عند الصخرات، واستقبل القبلة، وجعل حَبْلَ المشاة بين يديه، وكان على بعيره. فأخذ في الدعاء والتضرع والابتهال إلى غروب الشمس.

وأمر الناس أن يرفعوا عن بطن عُرَنة وقال: ((وقفت ها هنا وعرفة كلها موقف)).
وكان في دعائه رافعًا يديه إلى صدره كاستطعام المسكين وقال: ((خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)) [صحيح الترمذي].

فلما غربت الشمس واستحكم غروبها بحيث ذهبت الصفرة، أفاض من عرفة بالسكينة مردفًا أسامة بن زيد خلفه، وضم إليه زمام ناقته حتى إن رأسها ليصيب طرف رحله وهو يقول: ((أيها الناس عليكم بالسكينة؛ فإن البر ليس بالإيضاع))، أي: ليس بالإسراع.

وأفاض من طريق المأزين، ودخل عرفة من طريق ضَبّ. ثم جعل يسير العَنَق وهو ـ السير بين السريع والبطيء ـ فإذا وجد متسعًا أسرع.
وكان يلبي في مسيره ولم يقطع التلبية، ونزل أثناء الطريق فبال وتوضأ وضوءًا خفيفًا ثم سار ولم يصل حتى أتى مزدلفة فتوضأ وضوء الصلاة ثم أمر بالأذان ثم أقام، فصلى المغرب قبل حطِّ الرحال وتبريك الجمال، فلما حطوا رحالهم أمر فأقيمت الصلاة ثم صلى العشاء بإقامة بلا أذان، ولم يصل بينهما شيئًا.

ثم نام حتى أصبح، ولم يحي تلك الليلة.
وأذن في تلك الليلة عند غياب القمر لضعفة أهله أن يتقدموا إلى منى قبل طلوع الفجر، وأمرهم ألا يرموا حتى تطلع الشمس.
فلما طلع الفجر صلاَّها في أول الوقت بأذان وإقامة، ثم ركب حتى أتى موقفه عند المشعر الحرام وأعلم الناس أن مزدلفة كلها موقف، فاستقبل القبلة وأخذ في الدعاء والتضرع والتكبير والتهليل والذكر حتى أسفر جدًا، ثم سار من مزدلفة قبل طلوع الشمس مردفًا للفضل بن عباس.
وفي طريقه أمر ابن عباس أن يلقط له حصى الجمار، سبع حصيات؛ فجعل ينفضهن في كفه ويقول: ((بأمثال هؤلاء فارموا، وإياكم والغلو في الدين ..)).

فلما أتى بطن مُحَسِّر أسرع السير، وسلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى حتى أتى منى وهو يلبي حتى شرع في الرمي، فرمى جمرة العقبة راكبًا بعد طلوع الشمس، من أسفل الوادي وجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه. يكبر مع كل حصاة.
ثم رجع منى فخطب الناس خطبة بليغة أعلمهم فيها بحرمة يوم النحر وفضله وحرمة مكة وأمرهم بالسمع والطاعة لمن قادهم بكتاب الله، وعلمهم مناسكهم. ثم انصرف إلى المنحر بمنى فنحر ثلاثًا وستين بدنة بيده، وكان ينحرها قائمة معقولة يدها اليسرى، ثم أمسك وأمر عليًا أن ينحر ما بقي من المائة، ثم أمر عليًا أن يتصدق بها في المساكين وألا يعطي الجزار في جزارتها شيئًا منها.

وأعلمهم أن منى كلها منحر، وفجاج مكة طريق ومنحر.
فلما أكمل نحره استدعى بالحلاق فحلق رأسه فبدأ بالشق الأيمن فأعطاه أبا طلحة ثم الأيسر، فدفع شعره إلى أبي طلحة وقال: ((اقسمه بين الناس)).
ودعا للمحلقين بالمغفرة ثلاثًا، وللمقصرين مرة. وطيبته عائشة قبل أن يحل.
ثم أفاض إلى مكة قبل الظهر راكبًا فطاف طواف الإفاضة ولم يطف غيره ولم يسع معه. ولم يرمل فيه ولا في طواف الوداع وإنما رمل في القدوم فقط.
ثم أتى زمزم بعد أن قضى طوافه وهم يسقون، فناولوه الدلو فشرب وهو قائم.
ثم رجع إلى منى فبات بها، واختلف أين صلى الظهر يومئذ؛ فنقل ابن عمر أنه صلى الظهر بمنى، وقال جابر وعائشة صلاه بمكة.


فلما أصبح انتظر زوال الشمس فلما زالت مشى من رحله إلى الجمار، ولم يركب، فبدأ بالجمرة الأولى التي تلي مسجد الخيف، فرماها بسبع حصيات، يقول مع كل حصاة: ((الله أكبر)).
ثم تقدم على الجمرة أمامها حتى أسهل، فقام مستقبل القبلة ثم رفع يديه ودعا دعاء طويلاً بقدر سورة البقرة.

ثم أتى إلى الجمرة الوسطى فرماها كذلك، ثم انحدر ذات اليسار مما يلي الوادي، فوقف مستقبل القبلة رافعًا يديه قريبًا من وقوفه الأول.

ثم أتى الجمرة الثالثة وهي العقبة فاستبطن الوادي واستعرض الجمرة فجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه فرماها بسبع حصيات كذلك.
فلما أكمل الرمي رجع ولم يقف عندها.
وغالب الظن أنه كان يرمي قبل أن يصلي الظهر ثم يرجع فيصلي. وأذن للعباس بالمبيت بمكة ليالي منى أجل سقايته.

ولم يتعجل في يومين بل تأخر حتى أكمل رمي أيام التشريق الثلاثة، وأفاض بعد الظهر إلى المحصَّب، فصل الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ورقد رقدة ثم نهض إلى مكة فطاف للوداع ليلاً سحرًا، ولم يرمل في هذا الطواف، ورخص لصفية لما حاضت فلم تطف للوداع.
وأعمر عائشة تلك الليلة من التنعيم تطييبًا لنفسها بصحبة أخيها عبد الرحمن فلما فرغت من عمرتها ليلاً نادى بالرحيل في أصحابه، فارتحل الناس.
 
هَدْيُهُ صَلى الله عَليه وسَلمْ في الدَّعـوةِ :

1- وكان يدعو إلى الله ليلاً ونهاراً وسِراً وجهاراً ، وأقام بمكة ثلاث سنين من أوَّل نُبُوَّته يدعو إلى الله مُستخفياً ، ولما أُنزل عليه {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} [الحجر : 94] صَدع بأمر الله ، لا تأخذه في الله لومة لائم، فدعا إلى الله الكبير والصغير والحرَّ والعبدَ ، والذكر والأنثى ، والجنَّ والإنْسَ .

2- ولما اشتدَّ على أصحابِه العذابُ بمكةَ أذن لهم بالهجرة إلى الحبشة .

3- وخرج إلى الطائف رجاء أن ينصروه ، ودعاهم إلى الله ، فلم ير مؤيداً ولا ناصراً ، وآذوهُ أشد الأذى ، ونالُوا مِنْهُ ما لم يَنَلْهُ من قَوْمِه ، وأخرجوه إلى مكة ، فدخلها في جوارِ مُطعم بن عَدي .

4- وظل يدعو عشر سنين جهراً ، يوافي المواسم كُل عامٍ ، يتبع الحُجاج في منازلهم ، وفي المواسم بعُكاظ ومجنة وذي المجاز ، حتى إنه ليسأل عن القبائل ومنازلها قبيلةً قبيلة .

5- ثُمَّ لقي عند العقبة ستةَ نفرٍ كلهم من الخزرج ، فدعاهم إلى الإسلام ، فأسلمُوا ثم رجعوا إلى المدينة ، فدعوا الناس إلى الإسلام ففشا فيها حتى لم يبق دارٌ إلا وقد دخلها الإسلام .

6- ولما كان العامُ المقبل جاء منهم اثنا عشر رجُلاً ، فواعدهم بيعة العقبة ، فبايعوه على السمع والطاعة والنفقة ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأن يقولوا في الله لا تأخذهم فيه لومةُ لائمٍ ، وأن ينًروه ويمنعوه مما يمنعون منه أنْفُسَهم وأزواجهُم وأبناءهم ولهم الجنةُ ، ثم انصرفُوا إلى المدينة ، وبعث معهم ابن أُمِّ مكتومٍ ، ومُصعب بن عمير يُعلمان القرآن ، ويدعوان الله ، فأسلم على يديهما بشرٌ كثير ، منهم أُسَيْدُ بنُ حَضَيْرٍ ، وسعدُ بنُ مُعَاد .

7- ثم أذن صَلى الله عَليه وسَلمْ للمسلمين في الهجرة إلى المدينة ، فبادر الناسُ ، ثم تبعهم هو وصاحبه .

8- وآخى بين المهاجرين والأنصار ، وكان تسعين رجلاً .


هَدْيُهُ صَلى الله عَليه وسَلمْ في الأمَانِ والصُّلْحِ ومُعَاملَةِ الرُّسُلِ :

1- ثبت عنه صَلى الله عَليه وسَلمْ أنه قال : " ذِمّـَةُ المُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بها أدْنَاهُم " [البخاري ومسلم] ، وقال : " مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ ، فَلا يَحُلَّنَّ عُقْدَةً وَلاَ يَشُدَّهَا حَتَّى يَمْضِي أَمَدُهُ ، أَوْ يَنْبِذَ إِلَيْهِم عَلَى سَوَاء " [أبي داود والترمذي] .

2- وقال : " مَن أَمَّنَ رَجُلاً عَلَى نَفْسِهِ فَقَتَلَهُ ، فَأنَا بَرِيءٌ مِنَ القاتِلِ " ابن ماجه .

3- ولما قدم عليه رسولاً مُسيلمة ، فتكلما بما قالا ، قال : " لَوْلاَ أَنَّ الرُّسَلَ لا تُقْتَل ، لَضَرَبْتُ أَعناقَكُما " فَجَرت سُنَّتُه أَنْ لاَ يُقتلَ رسولٌ " أبي داود .

4- وكان لا يحبس الرسول عنده إذا اختار دينه ، بل يرُدُّهُ .

5- وكان إذا عاهد أعداؤه واحداً من أصحابه على عهد لا يضُرُّ بالمسلمين بغير رضاه أمضاه .

6- وصالح قريشاً على وضع الحرب عشر سنين على أن من جاءه مُسلماً ردَّهُ ، ومن جاءهم من عنده لا يردُّونه فنسخ اللهُ ذلك في حقِّ النساء ، وأمر بامتحانهن ، فمن علموا أنها مؤمنةٌ لم تُرد .

7- وأمر المسلمين أ، يردُّوا على من ارتدت امرأته مهرها إذا عاقبوا ، بأن يجب عليهم مهر المهاجرة ، فيردونه إلى من ارتدَّت امرأته .

8- وكان لا يمنعهُم أن يأخذوا من أتى إليه من الرِّجال ، ولا يُكرهه على العود ، ولا يأمره به ، وإذا قتل منهم أو أخذ مالاً وقد فضل عن يده ، ولمَّـا يلحق بهم لم يُنكر عليه ذلك ، ولم يَضمنه لهم .

9- وصالح أهل خيبر لما ظهر عليهم على أن يُجليهم منها ، ولهم ما حملت ركابهم ، ولرسول الله صَلى الله عَليه وسَلمْ الصفراءُ والبيضاءُ والسلاحُ .

10- وصالحهم على الأرض على الشَّطر من كل ما يخرج منها ولهم الشطرُ ، وعلى أن يُرهم فيها ماشاء ، وكان يبعث كل عامٍ من يُخرصُ عليهم الثمار ، فينظُر كم يجني منها ، فيضمِّنهم نصيب المسلمين ويتصرفون فيها .

هَدْيُهُ صَلى الله عَليه وسَلمْ في دعوةِ الملوك وإرسال الرُّسُل والكُتُبِ إليهم :

1- لما رجع من الحديبية كتب إلى ملوك الأرض ، وأرسل إليهم رُسله ، فكتب إلى ملك الرُّوم ، وبعث إليه ، وهمَّ بالإسلامِ وكاد ولم يفعل .
2- وبعث إلى النجاشي ، فأسلم .
3- وبعث أبا موسى الأشعري ومعاذ بن جبلٍ إلى اليمن ، فأسلم عامةُ أهلها طوعاً من غير قتالٍ .


هَدْيُهُ صَلى الله عَليه وسَلمْ في مُعَامَلَةِ المُنَافِقِينَ :

1- كان يقبل علانيتهم ويكل سرائرهم إلى الله ، ويُجاهدهم بالحُجةِ ، ويُعرض عنهم ، ويُغلظ عليهم ، ويُبلِّغ بالقول البليغ إلى نُفُوسهم .
2- وترك قتلهم ، تأليفاً للقلوب ، وقال : " لا ، يتحدّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّداً يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ " [البخاري ومسلم].

 
هَدْيُهُ صَلى الله عَليه وسَلمْ في الزَّكَاةِ :

1- هديه فيها أكملُ الهدي في وقتها وقدرها ونِصابها ، ومن تجبُ عليه ومَصرِفها ، راعى فيها مصلحة أرباب الأموال ومصلحة المساكين ، ففرض في أموال الأغنياء ما يكفي الفقراء من غير إجحافٍ .

2- وكان إذا علم من الرجل أنه من أهلها أعطاه وإن سأله منها من لا يعرف حاله أعطاه بعد أن يُخبره أنه لا حظَّ فيها لغـنيٍ ولا لقويٍ مُكتسبٍ .

3- وكان من هديه تفريقها على المستحقين في بلد المال ، وما فضُل عنهم منها حُمل إليه ففرَّقَه .

4- ولم يكن يبعثهم إلاَّ إلى أهل الأموال الظاهرة من المواشي والزروع والثمار .

5- وكان يبعث الخارص يخرص على أهل النخيل ثمر نخيلهم ، وعلى أهل الكروم كرومهم ، وينظر كم يجيء منه وسقاً ، فيحسب عليهم من الزكاةِ بقدره ، والخرص : الحزر والتخمين .

6- ولم يكُن من هديه أخذُها من الخيل ولا الرقيق ، ولا البغال ولا الحمير ، ولا الخُضروات ولا الفواكه التي لا تُكال ولا تُدخر ، إلا العنب والرُّطب ، فلم يفرق بين رُطبه ويابسه .

7- ولم يكن من هديه أخذُ كرائم الأموال ، بل وسطه .

8- وكان ينهي المتصدق أن يشتري صدقته وكان يُبيح للغني أن يأكل منها إذا أهداها إليه الفقير .

9- وكان يستدينُ لمصالح المسلمين على الصدقة أحياناً ، وكان يستسلفُ الصدقة من أربابها أحياناً .

10- وكان إذا جاء الرجُلُ بالزكاة دعا له ، يقول : " اللُّهُمَّ بارك فيه وفي إبله " ، وتارة يقول : " اللهم صَلِّ عليه " [البخاري ومسلم] .

هَدْيُهُ صَلى الله عَليه وسَلمْ في زكاة الفطر :

1- فَرَضَ زكاةَ الفطر صاعاً من تمرٍ أو شعيرٍ أو أقطٍ أو زبيب .

2- وكان من هديه إخراجها قبل صلاةِ العيد ، وقال : " مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ وكاةٌ مَقْبُولة ، ومَنْ أَدَّاها بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدقَاتِ " أبي داود .

3- وكان من هديه تخصيص المساكين بها ، ولم يكن يقسمها على الأصناف الثمانية .


هَدْيُهُ صَلى الله عَليه وسَلمْ في صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ :

1- كان أعظم الناس صدقةً بما مَلَكَتْ يده وكان لا يستكثر شيئاً أعطاه الله ، ولا يستقله .

2- وكان لا يسألُه أحدٌ شيئاً عنده إلا أعطاه قليلاً كان أو كثيراً .

3- وكان سُروره وفرحه بما يعطيه أعظم من سرور الآخذ بما أخذه .

4- وكان إذا عرض له مُحتاجٌ آثرهُ على نفسه تارةً بطعامه ، وتارةً بلباسه .

5- وكان من خالطه لا يملك نفسه من السماحة .

6- وكان يُنوعُ في أصناف إعطائه وصدفته .
فتارةً بالهدية ، وتارةً بالصدقة ، وتارةً بالهبةِ ، وتارةً بشراء الشيءِ ثم يُعطي البائع السَّلعةَ والثمن ، وتارةً يقترضُ الشيءِ ثم يُعطي البائع السِّلعَةَ والثمنَ ، وتارةً يقترضُ الشيء فيرُدُّ أكثر منه ، وتارةً يقبلُ الهدية ويُكافئُ عليها بأكثر منها .

 
هديُهُ صَلى الله عَليه وسَلمْ في السَّفَرِ:(1)


- كان يستحبُّ الخروجَ للسفرِ أوَّل النهارِ ، وفي يومِ الخميسِ .
- وكان يكرهُ للمسافرِ وحْدَهُ أنْ يسيرَ بالليلِ ، وَيَكْرَهُ السفرَ للواحدِ .
وأَمَرَ المسافرينَ إذا كانوا ثلاثةً أَنْ يُؤَمِّرُوا أَحَدَهُم .


- وكان إذا رَكِبَ راحلَته كَبَّر ثلاثاً ، ثم قال : " سُبْحَانَ الَّذِي ,سخر لَنَا هَذا وَمَا كُنَّا لهُ مُقْرِنينَ وَإِنَّا إلى رَبِّنَا لمُنْقَلِبون " ، ثم يقول : " اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ في سفَري هذا البِرَّ والتقوى ، ومن العملِ مَا ترضى ، اللَّهُمَّ هَوِّن عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَه ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصاحبُ في السفرِ ، والخليفةُ في الأهلِ ، اللَّهُمَّ اصْحَبْنا في سَفَرِنا واخْلُفْنَا في أَهْلِنا " [مسلم] ، وكان إذا رَجَعَ مِنَ السَّفرِ زادَ : " آيبون تَائِبونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِربِّنا حَامِدون " [مسلم] .


- وكان إذا علا الثنايا كبَّر ، وإذا هَبَطَ الأودية سبحَ وقال له رجل : إني أريدُ سَفراً ، قال : " أُوصيك بتقوى الله والتكبير على كُلِّ شَرَفٍ " [الترمذي وابن ماجه] .

- وكان إذا بدا له الفجر في السفر قال : " سَمَّعَ ساَمِعٌ بِحَمْدِ الله وحُسْنِ بَلائِه عَلَيْنَا ، رَبَّنَا صَاحِبْنَا وأَفْضِلْ عَلَيْنَا عَائِذاً باللهِ مِنَ النَّارِ " [مسلم] .

- وكان إذا ودع أصحابه في السفر يقول لأحَدِهِم : " أَسْتَوْدِعُ اللهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَك وخَوَاتِيمَ أَعْمَالِكَ " [أبي داود والترمذي] .

وقال : "إِذَا نَزَلَ أَحَدُكُم مَنْزِلاً ، فليقل : " أعُوذُ بِكَلِماتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ " ، فَإِنَّهُ لا يَضُرُّهُ شَيءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْهُ [مسلم] .

- وَكَانَ يَأمُرُ المُسَافِرَ إِذا قَضَى نَهْمَتَهُ مِنْ سَفَرِهِ أَنْ يُعَجِّلَ الرجوعَ إِلَى أَهْلِهِ .

- وَكَانَ يَنْهَى المَرْأةَ أن تُسَافِرَ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ ، وَلَوْ مَسَافَةَ بَرِيدٍ (2) ، وَيَنْهَى أَنْ يُسَفَرَ بالقُرْآنِ إِلى أَرْضِ العَدُوِّ مَخَافَةَ أَنتْ يَنَلَهُ العَدُوُّ .

- وَمَنَعَ مِنْ إقامةِ المسلمِ بَيْنَ المشركين إذا قَدِرَ على الهجرة ، وقال : " أَنَا بريءٌ مِنْ كُلِّ مسلمٍ يُقيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ المشركينَ " [أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه] ، وقال : " مَنْ جَامعَ المشركَ وسَكَنَ مَعَهُ فَهُوَ مِثْلُهُ " [أبي داود] .

- وكان سَفَرُهُ أربعةَ أسفارٍ : سفرٌ للهجرةِ ، وسَفَرٌ للجهادِ ـ وهو أكثرُها ، وسفرٌ للعمرةِ ، وسفرٌ للحجِ .

- وكان يقصرٌ الرُّباعيةَ في سفرِهِ ، فيُصليها ركعتين مِنْ حين يخرُج إلى أَنْ يرجعَ ، وكان يقتصرُ على الفرضِ ما عَداَ الوترِ وسُنَّةِ الفجرِ .


- ولم يَحُد لأمته مسافة محدودةً للقصر والفطر .
- ولم يكُن من هديه الجمع راكباً في سفره ، ولا الجمعُ حال نزوله ، وإنما كان الجمعُ إذا جدَّ به السيرُ ، وإذا سار على عقيب الصلاة ، وكان إذا ارتحل قبل أن تزيغَ الشمسُ أخَّر الظهر إلى وقتِ العصر ثم نزل فجمع بينهُما ، فإن زالت الشمسُ قبل أن يرتحل صَلَّى الظهر ثم ركب ، وكان إذا أعجله السيرُ أخَّر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاءِ في وقتِ العشاء .

- وكان يُصَلِّي التطوع بالليل والنهار على راحلته في السفر قبل أي وجهٍ توجهت به ، فيركعُ ويسجدُ عليها إيماءً ، ويجعلُ سجودَه أخفضَ من ركوعِه .

وسافر في رمضان وأفطر وخيَّر الصحابة بين الأمرين .

- وكان يَلْبَسُ الخفافَ في السفرِ دائماً أو أغلب أحواله .

ونَهَى أن يطرُقَ الرجلُ أهلَهُ ليلاً إذا طالتُ غَيْبَتُه عَنْهُم .

وقال : " لا تَصْحَبُ المَلائِكةُ رُفْقَةً فيها كَلْبٌ ولا جَرَسٌ " [مسلم] .

- وكان إذا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدأَ بالمسجد فركع فيه ركعتين ، وكان يُلقَّى بالولدان من أهل بيته .

وكان يعتنقُ القادمَ من سفرِه ، ويقبِّلُهُ إذا كان مِنْ أَهْلِهِ .


(1) زاد المعاد ( 1/444) .

(2) البريد : ما يقارب أثني عشر ميلاً .
 
هَدْيُهُ صَلى الله عَليه وسَلمْ في صَومِ رَمَضَانَ :
1- كان من هديه أنه لا يدخل في صوم رمضان إلا برؤيةٍ مُحققةٍ ، أو بشهادة شاهدِ ، فإن لم يكُن رؤيةٌ ولا شهادةٌ أكمل عدَّةَ شعبانَ ثلاثين .

2- وكان إذا حال ليلةَ الثلاثين دون منظره سحابٌ أكملَ شعبان ثلاثين ، ولم يكن يصوم يوم الإغمام ، ولا أَمَرَ به .

3- وكان من هديه الخروج منه بشهادة اثنين .

4- وكان إذا شهد شاهدان برؤيته بعد خروج وقت العيد أفطر وأمرهم بالفطر ، وصلى العيد بعد الغد في وقتها .

5- وكان يعجل الفطر ، ويحثُ عليه ، ويتسحر ويحثُّ عليه ، ويؤخِّرُه ويرغبُ في تأخيره .

6- وكان يفطر قبل أن يُصلي ، وكان فطره على رُطباتٍ إن وجدها ، فإن لم يجدها ، فعلى تمرات ، فإن لم يجد فعلى حسواتٍ من ماءٍ .

7- وكان يقولُ إذا أفطر : " ذَهَبَ الظَّمَأُ ، وابتَلَّتِ العُرُوقُ ، وثَبَتَ الأجْرُ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى " أبي داود .

8- وكان من هديه في شهر رمضان الإكثارُ من أنواع العبادة ، وكان جبريلُ يُدارسُه القرآن في رمضان .

9- وكان يُكْثر فيه من الصدقة والإحسان وتلاوةِ القرآن والصلاة والذكر والاعتكاف .

10- وكان يخُصُّه من العبادات بما لا يخُصُّ به غيره ، حتى إنه ليُواصل فيه أحياناً ، وكان ينهي أصحابه عن الوصال ، وأَذِنَ فيه إلى السَّحَرِ .

هَدْيُهُ صَلى الله عَليه وسَلمْ في ما يُحظَرُ وَمَا يُبَاحُ في الصَّوْمِ :

1- نَهَى الصائمَ عن الرَّفث والصخب والسِّبابِ ، وجواب السِّبَاب ، وأَمَره أنْ يقول لمن سابه : إني صائمٌ .

2- وسافر في رمضان فصام وأفطر ، وخيَّر أصحابه بين الأمرين .

3- وكان يأمرهم بالفطر إذا دنوا من العدو .

4- ولم يكُن من هديه تقديرُ المسافةِ التي يُفْطِرُ فيها الصائم بِحَدٍّ .

5- وكان الصحابةُ حينَ يُنشئون السفر يفطرون من غير اعتبار مجاوزةِ البيوت ، ويخبرون أن ذلك هَدْيُهُ وسُنته صَلى الله عَليه وسَلمْ .

6- وكان يُدركه الفجرُ وهو جُنُبٌ من أهله ، فيغتسل بعد الفجر ويصومُ .

7- وكان يُقبِّلُ بعض أزواجه وهو صائمٌ في رمضان .

8- وكان يستاكُ وهو صائمٌ ، ويتمضمض ويستنشق وهو صائمٌ ، وكان يَصُبُّ على رأسه الماء وهو صائمٌ .

9- وكان من هديه إسقاطُ القضاءِ عمن أكل أو شرب ناسياً .

10- ورخَّص للمريض والمسافر أن يفطُرا ويقضيا ، والحاملُ والمرضعُ إذا خافتا على أنفُسِهما كذلك .


هَدْيُهُ صَلى الله عَليه وسَلمْ في صَوْمِ التَّطَوُّعِ :

1- كان هديه فيه أكمل الهدي ، وأعظم تحصيل للمقصود وأسهلَه على النفوس فكان يصومُ حتى يُقالَ : لا يُفْطِرُ ، وَيُفْطِرُ حَتَّى يُقال : لا يَصوم . وما استكمل صيام شهرٍ غير رمضانَ ، وما كان يَصُوم في شهرٍ أكثر مما كان يصوم في شعبان ، ولم يكُن يخرجُ عن شهرٍ حتى يصُومَ منه .

2- وكان من هديه كَراهيةُ تخصيص يوم الجُمعةِ بالصوم ، وكان يتحـرَّى صيامَ الاثنين والخميس .

3- وكان لا يُفطرُ أيَّامَ البيض في حضرٍ ولا سفرٍ .

4- وكان يصوم من غُرةِ كل شهرٍ ثلاثة أيام .

5- وقال في ستة شوال : " صِيَامُهَا مَعَ رَمَضانَ يَعْدِلُ صِيَامَ الدَّهْرِ " [مسلم] . وكان يتحرى صوم عاشوراء على سائر الأيام .

6- وقال في يوم عرفة : " صِيَامُه يُكَفِّرُ السَّنَةَ الماضِية والبَاقِيَةَ " [مسلم] . وكان من هديه إفطار يوم عرفة بعرفة .

7- ولم يكن من هديه صيام الدهر ، بل قال : " مَنْ صامَ الدَّهْرَ لاصَامَ وَلاَ أَفْطَرَ " [النسائي] .

8- وكان أحياناً ينوي صَوْمَ التَّطوعِ ثم يُفْطِر ، وكانَ يدْخُلُ عَلَى أَهْلِهِ فيقول : " هَلْ عِنْدَكُم شَيءٌ ؟ " فإن قالوا : لاَ ، قال : " إِنِّي إذاً صائِمٌ " [مسلم] .

9- وقال : " إِذَا دُعي أَحَدُكم إِلى طَعَامٍ وَهُوَ صائمٌ فَلْيَقُلْ : إِنِّي صَائِمٌ " [مسلم] .



هَدْيُهُ صَلى الله عَليه وسَلمْ في الاعْتِكَافِ :
1- كانَ يعتكفُ العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل ، وتركه مرةً فقضاه في شوال .

2- واعتكف مرةً في العشر الأول ، ثم الأوسط ، ثم العشر الأواخر يلتمسُ ليلةً القدرِ ، ثم تبين له أنها في العشر الأواخر ، فداوم على الاعتكاف حتى لحق بربِّه عز وجل .

3- ولم يفعله إلاَّ مَعَ الصَّـوْمِ .

4- وكان يأمُرُ فيُضرب له في المسجد يخلو فيه .

5- وكان إذا أراد الاعتكاف صًلى الفجر ثُم دخله .

6- وكان إذا اعتكف طُرح له فراشه وسريره في مُعتكفه ، وكان يدخُلُ قُبته وحده .

7- وكان لا يدخلُ بيته إلا لحاجة الإنسان .

8- وكان يُخرج رأسَه إلى بيت عائشة فتُرَجِّلُه وهي حائضٌ .

9- وكان بعضُ أزواجِه تزورُه وهو مُعتكفٌ ، فإذا قامت تذهبُ قام معها يقلبُها وكان ذلك ليلاً .

10- ولم يكُن يُباشرُ امرأةً من نسائِه وهو معتكفٌ لا بقُبلةٍ ولا غيرها .

11- وكان يعتكف كُلَّ سنةٍ عشرةَ أيامٍ ، فَلَما كان العامُ الذي قُبض فيه اعتكف عشرين يوماً .



 
هديُهُ صَلى الله عَليه وسَلمْ في الطِّبِّ والتَّداوي وَعيادة المَرضى (1) :

- كان من هديه فعل التداوي في نفسه ، والأمرُ به لمن أصابهُ مرضٌ من أهله وأصحابه .
- وقال : "مَا أَنْزَلَ اللهُ مِنْ دَاءٍ إِلاَّ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً " [البخاري] ، وقال : " ياعبادَ اللهِ تَدَاووْا " [أبي داود والترمذي وابن ماجه] .

- وكان علاجُه للمرض ثلاثة أنواع : أحدها بالأدويةِ الطبيعية ، والثاني : بالأدوية الإلهية ، والثالث : بالمركبِ من الأمرين .

- ونهى عن التداوي بالخمر، ونهى عن التداوي بالخبيث .

- وكان يعودُ من مرض من أصحابه ، وعاد غلاماً كان يخدمه من أهل الكتاب ، وعاد عمَّه وهو مشركٌ ، وعرض عليهما السلام ، فأسلمَ اليهوديُّ ولم يُسْلِمْ عمُّه .

- وكان يدنو من المريض ويجلسُ عند رأسه ويسأله عن حاله .

- ولم يكن من هديه أن يخصَّ يوماً من الأيام بعيادة المريضِ ، ولا وقتاً من الأوقاتِ ، وشرع لأمته عيادةَ المرضى ليلاً ونهاراً ، وفي سائرِ الأوقاتِ .



(1) زاد المعاد ( 4/9) .


هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فيِ الْعِلاَحِ بالأَدْوِيَةِ الطَّبِيعِيةِ
1ـ قال صلى الله عليه وسلم: ((إنما الحمى ـ أو شدة الحمى ـ من فَيْحِ جَهَنَّمَ؛ فَأَبِردُوهَا بالماء)) .
2ـ وقال: ((إذا حُمَّ أحدكم فليسنّ(1) عليه الماء البارد ثلاث ليال من السَّحر)).
3ـ وكان إذا حُمَّ دعا بقربة من ماء فأفرغها على رأسه فاغتسل.
وَذُكِرَتْ الحُمى عنده ذات مرة، فسبها رجل، فقال: ((لا تسبها؛ فإنها تنفي الذنوب كما تنفي النارُ خبثَ الحديد)) [صحيح ابن ماجه].
4ـ وأتاه رجل فقال: إن أخي يشتكي بطنه ـ وفي رواية: استطلق بطنه ـ فقال: ((اسقه عسلاً)) ، وكان يشربه بالماء على الريق.
5ـ واشتكى قوم اجتووا المدينة من داء الاستسقاء، فقال: ((لو خرجتم إلى إبل الصدقة فشربتم من أبوالها وألبانها)) ففعلوا وصحوا
والجوى: داء من أدواء الجوف، والاستسقاء: مرض يسبب انتفاخ البطن.
6ـ ولما جرح في أحد أخذت فاطمة قطعة حصير فأحرقتها حتى إذا صارت رمادًا ألصقته بالجرح؛ فاستمسك الدم.
وبعث إلى أبي بن كعب طبيبًا فقطع له عِرْقًا وكواه عليه. وقال: ((الشفاء في ثلاث: شربة عسل، وشرطة مجحم، وكية نار، وأنهى أمتي عن الكي)) ، وقال: ((وما أحب أن أكتوي)) إشارة إلى أن يؤخر الأخذ به حتى تدفع الضرورة إليه، لما فيه من استعجال الألم الشديد.
7ـ وَاحْتَجَمَ صلى الله عليه وسلم وأعطى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ، وقال: ((إن خير ما تحتجمون فيه يوم سبع عشرة، ويوم تسع عشرة، ويوم إحدى وعشرين)) [صحيح الجامع]، وقال: ((خير ما تداويتم به الحجامة)) واحتجم وهو مُحْرِمٌ في رأسه لصداع، واحتجم في وركه من وثء(1)ٍ كان به.
وكان يحتجم ثلاثًا: واحدة على كَاهِلِهِ واثنتين على الأخدعين(2)
واحتكم على الكاهل ثلاثًا لَمَّا أَكَلَ من الشَّاة المسمومة، وأمر أصحابه بالحجامة.
8ـ وما شكى إليه أحد وجعًا في رأسه إلا قال له: ((احتجم))، ولا شكى إليه وجعًا في رجليه إلا قال له: ((اختضب بالحناء)) [صحيح أبي داود].
9ـ وفي سنن الترمذي عن سلمى أم رافع خادمة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: وكان لا يصيبه قرحة ولا شوكة إلا وضع عليها الحناء [صحيح ابن ماجه].
10ـ وقال: ((دواء عرق النسا ألية شاة تشرب على الريق في كل يوم جزء)) [صحيح ابن ماجه].
وعرق النسا: وجع يبتدئ من مفصل الورك، وينزل من خلف على الفخذ.
11ـ وقال في علاج يبس الطبع واحتياجه إلى ما يمشيه ويلينه: ((عليكم بالسنا والسنوت؛ فإن فيهما شفاء من كل داء إلا السام)) وهو الموت [صحيح ابن ماجه].
والسنا: نبت حجازي. أما السنوت: ففيه أقوال كثيرة؛ منها: أنه العسل، أو العسل الذي يكون في زِقاق السمن.
12ـ وقال: ((خير أكحالكم الإثمد: يجلو البصر، وينبت الشعر)) [صحيح أبي داود]. والإثمد: هو الكحل الأسود.
13ـ وقال: ((من تَصَبَّحَ بسبع تمرات من تمر العالية لم يضره ذلك اليوم سُمُّ ولا سِحْرٌ))
14ـ وقال: ((لا تكرهوا مرضاكم على الطعام والشراب، فإن الله يطعمهم ويسقيهم)) [صحيح الترمذي].
15ـ وحمى صهيبًا من التَّمر، وأنكر عليه أَكْلَهُ وهو أرمد، وأقَرَّه على تمرات يسيره، وحمى عليًّا من الرُّطب لما أصابه الرَّمد.
16ـ وقال: ((إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه؛ فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء)).
17ـ وقال: ((التلبينة مَجَمَّةٌ لفؤاد المريض تذهب ببعض الحزن))
والتلبينة حساء متخذ من دقيق الشعير بنخالته.
18ـ وقال: ((عليكم بهذه الحبة السوادء؛ فإن فيها شفاء من كل داء إلا السَّام))
19ـ وقال: ((فِرَّ من المجذوم كما تفر من الأسد)) ، وقال: ((لا يوردن ممرض على مصح))
20ـ وكان في وفد ثقيف رجل مجذوم، فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم: ((ارجع فقد بايعناك))
 
هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فيِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ
* هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فيِ الطَّعَامِ:

1ـ كان لا يرد موجودًا ولا يتكلف مفقودًا، فما قرب إليه شيء من الطيبات إلا أَكَلَهُ إلا أن تعافه نفسه؛ فيتركه من غير تحريم، ولا يحمل نفسه عليه على كُرْهٍ، وما عاب طَعَامًا قَطُّ، إن اشتهاه أكله وإلا تركه، كما ترك أكل الضَّبِّ لمّا لم يعتده.

2ـ وكان يأكل ما تيسر، فإن أعوزه صبر، حتى إنه ليربط على بطنه الْحَجَرَ من الجوع، ويرى الهلال والهلال والهلال ولا يوقَد في بيته نار.

3ـ ولم يكن من هديه حبس النفس على نوع واحد من الأغذية لا يتعداه إلى ما سواه.

4ـ وأَكَل الحلوى وَالْعَسَلَ، وكان يحبهما، وَأَكَلَ لحم الْجَزُورِ، والضأن، والدجاج، ولحم الْحُبَّارَى، ولحم حمار الوحش، والأرنب، وطعام البحر، وأَكَلَ الشِّواء، وأكل الرُّطَبَ والتَّمرَ، وأكل الثَّرِيدَ؛ وهو: الخبز باللحم، وأكل الخبز بالزيت، وأكل القثاء بالرطب، وأكل الدُّباء المطبوخة وكان يحبها، وأكل القديد، وأكل التَّمر بالزبد.

5ـ وكان يحب اللحم، وأحبه إليه الذراع ومقدم الشاة.

6ـ وكان يأكل من فاكهة بلده عند مجيئها ولا يحتمي عنها.

7ـ وكان معظم مطعمه يوضع على الأرض في السفرة. وكان يأمر بالأكل باليمين، وينهى عن الأكل بالشمال، ويقول: ((إن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله))

8ـ وكان يأكل بأصابعه الثلاث، ويلعقها إذا فرغ.

9ـ وكان لا يأكل متكئًا ـ والاتكاء على ثلاثة أنواع؛ أحدها: الاتكاء على الجنب، والثاني: التربع، والثالث: الاتكاء على إحدى يديه وأكله بالأخرى، والثلاث مذمومة ـ، وكان يأكل وهو مُقْعٍ، ـ والإقعاء: أن يجلس على أليتيه ناصبًا ساقيه ـ وقال: ((إنما أجلس كما يجلس العبد وآكل كما يأكل العبد)) [السلسلة الصحيحة].

10ـ وكان إذا وضع يده في الطعام قال: ((بسم الله))، ويأمر الآكل بالتسمية، وقال: ((إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى، فإن نسي أن يذكر اسم الله في أوله؛ فليقل: بسم الله في أوَّلَهِ وآخره)). [صحيح الترمذي].

11ـ وقال: ((إن الشيطان ليستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله عليه))

12ـ وكان يتحدث على طعامه، ويكرر على أضيافه عرض الأكل عليهم مرارًا؛ كما يفعله أهلُ الْكَرَمِ.

13ـ وكان إذا رُفِعَ الطعام من بين يديه يقول: ((الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه غير مَكْفيٍّ ولا مُوَدَّعٍ ولا مُستغنىً عنه ربُّنا))

14ـ وكان يقول: ((الحمد لله الذي أطعم وأسقى وسوَّغه وجعل له مخرجًا)) [صحيح أبي داود].

15ـ وقال: من أكل طعامًا فقال: ((الحمد لله الذي أطعمني هذا من غير حول مني ولا قوة، غفر الله له ما تقدم من ذنبه)). [صحيح الترمذي].

16ـ وكان إذا أكل عند قوم لم يخرج حتى يدعو لهم، ويقول: ((أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وَصَلَّتْ عليكم الملائكة)) [صحيح أبي داود].

17ـ وكان يدعو لمن يضيف المساكين ويثني عليهم.

18ـ وكان لا يأنف من مؤاكلة أحدٍ صغيرًا كان أو كبيرًا، حرًّا أو عبدًا، أعرابيًّا أو مهاجرًا.

وكان إذا قُرِّب إليه طعامٌ وهو صائم، قال: ((إني صائم)) ، وَأَمَرَ من قُرِّبَ إليه الطعام وهو صائم أن يصلي؛ أي: يدعو لمن قدمه، وإن كان مفطرًا أن يأكل منه.

19ـ وكان إذا دُعِيَ لطعام وتبعه أحدٌ أعلمَ به رَبَّ المنزلِ، وقال: ((إن هذا تَبِعَنَا؛ فإن شئت تأذن له، وإن شئت رجع))

20ـ وأمر من شَكَوْا إليه أنهم لا يشبعون أن يجتمعوا على طعامهم ولا يتفرقوا، وأن يذكروا اسم الله عليه يُبارك لهم فيه.

21ـ وقال: ((ما ملأ آدمي وعاءً شرًا من بطنٍ، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه؛ فإن كان لا بد فاعلاً، فثلث لطعامه، وثلث لِشَرَابِه، وثلث لِنَفَسِه)) [صحيح ابن ماجه].

22ـ ودخل منزله ليلة، فالتمس طعامًا فلم يجده، فقال: ((اللهم أطعم من أطعمني، واسق من سقاني)).


* هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فيِ الشَّرَابِ:
1ـ كان هديه في الشراب من أكمل هدي يحفظ به الصحة، وكان أحب الشراب إليه الحلو البارد. وكان يشرب اللبن خالصًا تارة، ومشوبًا بالماء أخرى، ويقول: ((اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه، فإنه ليس شيئًا يجزي من الطعام والشراب إلا اللبن)) [صحيح الترمذي].

2ـ ولم يكن من هديه أن يشرب على طعامه، وكان ينبذ له أول الليل ويشربه إذا أصبح يومه ذلك والليلة التي تجيء والغد والليلة الأخرى، والغد إلى العصر؛ فإن بقي منه شيء سقاه الخادم أو أمر به فصُبَّ.
(والنبيذ: هو ما يطرح فيه تَمْرٌ يُحَلِّيهِ. ولم يكن يشربه بعد ثلاث خوفًا من تغيره إلى الإسكار).

3ـ وكان من هديه المعتاد الشرب قاعدًا، وزجر عن الشرب قائمًا، وشرب مرة قائمًا، فقيل: لعذر، وقيل: نسخ لنهيه، وقيل: لجواز الأمر منه والنهي للكراهة.

4ـ وكان يتنفس في الشراب ثلاثًا، ويقول: ((إنه أروى وأمرأ، وأبرأ)) (ومعنى تنفسه في الشراب: إبانته القدح عن فيه وتنفسه خارجه كما جاء في قوله: ((إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في القدح ولكن ليُبِن الإناء عن فيه)) [صحيح ابن ماجه]، ونهى أن يُشرب من ثلمة القدح، ومن فيِّ السقاء. (والثلمة: الفرجة والشق).

5ـ وكان يسمي إذا شرب ويحمد الله إذا فرغ وقال: ((إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة يحمده عليها، ويشرب الشَّربة يحمده عليها))

6ـ وكان يُسْتَعْذَب له الماء (وهو الطيب الذي لا ملوحة فيه) ويختار الْبَائِتَ منه.

7ـ وكان إذا شرب ناول من على يمينه وإن كان مَنْ على يساره أكبر منه.

8ـ وأمر بتخمير الإناء (أي تغطيته)، وإيكائه ولو أن يعرض عليه عودًا، وأن يذكر اسم الله عند ذلك. (والإيكاء: ربط فتحة الوعاء وشدُّها).
 
هديُهُ صَلى الله عَليه وسَلمْ في النومِ والاستيقَاظِ والرُؤى :



1- كان ينامُ على الفراشِ تارةً ، وعلى النِّطَع تارةً ، وعلى الحصير تارةً ، وعلى الأرض تارةً ، وعلى السرير تارةً ، وكان فراشُه أدمَاً حشْوُه لِيْفٌ ، وكذا وسادَتُهُ .
2- ولم يكُن يأخذ من النوم فوق القدر المحتاج إليه ، ولا يمنعُ نفسهُ من القدر المحتاج إليه .
3- وكان ينامُ أوَّلَ الليل ويقومُ آخرَه ، وربما سِهِرَ أوَّل الليل في مصالح المسلمين .
4- وكان إذا عَرَّسَ بليلٍ اضطجع على شِقِّهِ الأيمن ، وإذا عرَّس قُبيل الصبح نَصَبَ ذراعه ووضع رأسه على كفِّه .

5- وكان إذا نام لم يوقظوه حتى يكون هو الذي يستيقظ ، وكانت تنامُ عيناهُ ولا ينامُ قلبُه .

6) وكان إذا أوى إلى فراشه للنوم قال : " باسمكَ اللَّهُمَّ أَحْيَا وأموتُ " [البخاري] ، وكان يجمعُ كفَّيْهِ ثم ينفُثُ فيهما ، وكان يقرأُ فيهما : المعوذتينِ والإخلاص ، ثم يمسح بِهما ما استطاع من جسدِه ، يبدأ بهما على رأسِه ووجهِه ، وما أقبل من جسده ، يفعلُ ذلك ثلاث مراتٍ . [البخاري] .
7- وكان ينامُ على شقهِ الأيمن ، ويضعُ يده تحت خَدِّه الأيمن ، ثم يقول : " اللَّهُمَّ قِني عَذَابَكَ يوْم تَبْعثُ عِبادَكَ " [أبي داود والترمذي] . وقال لبعض أصحابه : " إذا أتيتَ مَضْجَعَكَ فتوضَأ وضُوءك للصلاة ثم اضطجع على شِقِّكَ الأيمن ثُمَّ قُلْ : اللَّهُمَّ إني أسلمتُ نفسي إليك ، ووجَّهتُ وَجْهِي إليكَ ، وفَوَّضْتُ أَمْري إليكَ ، وألجأتُ ظهري إليك ، رغبةً ورهبةً إليك ، لا ملجأَ ولا منْجَى مِنْكَ إلاَّ إليكَ ، آمنتُ بِكتَابِكَ الذي أنزلتَ ، وبنبيكَ الذي أرسلتَ ، واجْعَلْهُنَّ آخِرَ كلامِكَ ، فإن مِتَّ مِنْ ليلتِك مِتَّ على الفِطْرَةِ " [البخاري ومسلم] .

8- وكان إذا قام من الليل قال : " اللَّهُمَّ رَبَّ جبريل ، وميكائيل ، وإسرافيل فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، أنتَ تحكمُ بيْنَ عبادِك فِيْمَا كانوا فيه يختلفون ، اهْدِني لما اخْتُلِفَ فيه من الحقِّ بإذنك ، إنك تهدي من تشاءُ إلى صراطٍ مستقيم " [مسلم] .
9- وكان إذا انتبه من نومه قال : " الحَمْدُ للهِ الَّذي أحْياناً بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُور " ، ويتسوك ، وربما قرأ العشر آيات من آخر آل عمران [البخاري ومسلم] .
10- وكان يستيقظ إذا صاحَ الصارخُ ـ وهو الدِّكُ ، فيحمدُ اللهَ ويكبِّرُه ويُهَلِّلُه ويدْعُوه .

11- وقال : " الرُّؤيا الصالحةُ من الله ، والحلمُ من الشيطانِ ، فمن رّأى رُؤيا يكرَهُ منها شيئاً ، فلينْفُث عن يسارِه ثلاثاً ، وليتعوَّذ بالله من الشيطانِ ، فإنها لا تضرُّه ، ولا يُخبر بها أحداً ، وإن رَأَى رُؤيا حسنةً ، فليَستَبشر ، ولا يُخبر بها إلا من يُحبُّ " [البخاري ومسلم] ، وأمَرَ من رأى ما يكرَهُ أن يتحول عن جنبه الذي كان عليه ، وأنْ يُصلِّي .



هَدْيُهُ صَلى الله عَليه وسَلمْ في العِيْدَيْنِ (1):

1- كان يُصلي العيدين في المصلي ، وكان يلبسُ أجملَ ثيابِه .

2- وكان يأكلُ في عيد الفطر قبل خروجه تمراتٍ ، ويأكلهن وِتراً ، وأما في الأضحى فكان يطعمُ حتى يرجعَ من المصلى ، فيأكلُ من أُضحيته ، وكان يؤخِّرُ صلاةَ عيد الفطر ويعجِّلُ الأضحى .

3- وكان يخرجُ ماشياً ، والعَنَزَةُ تُحمل بين يديه فإذا وصل نُصبت ليُصلي إليها .

4- وكان إذا انتهى إلى المصلى أخذ في الصلاة بغير أذانٍ ولا إقامةٍ ، ولا يقول : الصلاةُ جامعةٌ ، ولم يكُن هو ولا أصحابُه يُصلون إذا انتهوا إلى المصلَّى شيئاً قبلها ولا بعدها .

5- وكان يبدأُ بالصلاة قبل الخُطبةِ ، يُصلي ركعتين ، يُكبِّر في الأولى سبعاً مُتوالية بتكبيرة الإحرام ، يسكُتُ بين كُلِّ تكبيرتين سكتةً يسيرة ، ولم يُحفظْ عنه ذكرٌ معينٌ بين التكبيرات ، فإذا أَتَّمَّم التكبير أخذ في القراءة ، فإذا فرغ كبَّرَ وركع ، ثم يكبر في الثانية خمساً متوالية ، ثم يأخذ في القراءة ، فإذا انصرف خطب في الناس وهم جلوسٌ على صفوفهم ، فيعظُهم ويامرهم وينهاهم ، وكان يقرأ بـ "ق" و "اقْتَرَبَتِ" كاملتين ، وتارةً بـ " سَبَّحَ" و "الغَاشَيَة" .

6- وكان يخطبُ على الأرضِ ، ولم يكن هناك منبرٌ .

7- ورخَّصَ في عدم الجلوس للخطبة ، وأن يجتزئوا بصلاةِ العيدِ عن الجُمُعةِ إذا وقع العيدُ يومها .

8- وكان يخالف الطريق يوم العيد .
 
هَدْيُهُ صَلى الله عَليه وسَلمْ في الهَدَايا :

1- أَهْدّى الغَنَمَ ، وأهدى الإبل ، وأهدى عن نسائه البقر وأهدى في مُقامه ، وفي حجَّته ، وفي عمرته .

2- وكانت سنته تقليد الغنم دون إشعارها ، وإذا بعث بهديه وهو مقيم لم يحرُم عليه منه شيء كان منه حلالاً

3- وكان إذا أهدى الإبل قلَّدها وَأشْعرها ، فيشُقُّ صفحة سَنَامها الأيمن يسيراً ، حتى يسيل الدَّمُ .

4- وإذا بعث بهدي أمرَ رسولَهُ إذا أشرف على عَطَبٍ شيءٌ منه أن ينحره ، ثم يصبغ نعله في دمه ، ثم يجعله على صفحته ، ولا يأكلُ منه ولا أحدٌ من رُفقته ، ثم يقسم لحمَهُ .

5- وكان يُشرِّكُ بين أصحابه في الهدي : البدنةُ عن سبعةٍ ، والبقرةُ عن سبعةٍ .

6- وأباحَ لسائق الهدي ركوبه بالمعروف إذا احتاج حتى يَجد غيره .

7- وكان هديه نحر الإبل قياماً ، معقولةَ يدها اليسرى ، وكان يُسمي الله عند نحره ، ويُكبر .

8- وكان يذبحُ نُسُكه بيده ، وربما وكَّل في بعضه .

9- وكان إذا ذَبَحَ الغنم وضع قدمه على صِفاحها ، ثم سَمَّى وكَبَّر ونَحَرَ .

10- وأباح لأمته أن يأكُلوا من هداياهم وضحاياهُم ويتزوَّدُوا منها .

11- كان رُبما قسَّم لُحومَ الهدي ، ورُبَّما قال "مَنْ شَاءَ اقْتَطَعَ " .

12- وكان من هديه ذبحُ هدي العُمرة عند المروة ، وهدي القران بمنىً . ولم ينحر هديه قط إلا بعد أن حلَّ ، ولم ينحره ـ أيضاً ـ إلاَّ بعد طلوع الشمس وبعد الرمي ، ولم يُرخِّص في النحر قبل طلوع الشمس البتَّةَ .


هَدْيُهُ صَلى الله عَليه وسَلمْ في الأَضَاحي :

1- لـم يكن يدع الأضحية ، وكان يُضحي بكبشين ، وكان ينحرُهما بعد صلاة العيد ، وقال : " كُلُّ أيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ " [المسند] .

2- وأخبر أنَّ من " ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاةِ فَلَيْسَ مِنَ النُّسُكِ في شِيءٍ ، وإنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لأَهْلِهِ " [البخاري ومسلم] .

3- وأمرهم أن يذبحوا الجذع من الضأن ـ وهو ما أتمَّ ستةَ أشهرٍ ـ والثَّنِيَّ مِمَّا سِواهُ ـ والثني من الإبِل : مَا استكمل خمس سنين ، ومن البقر : ما دخل في السنة الثالثة .

4- وكان من هديه اختيارُ الأضحية واستحسانُها وسلامتُها من العيوبِ ، ونَهَى أن يُضحَّي بمقطوعةِ الأُذن ومكسورةِ القرن ، والعوراء ، والعرجاءِ الكسيرة والجعفاءِ . وأَمَر أن تُستشرف العينُ والأُذُنُ ـ أي : يُنظر إلى سلامتها .

5- وأمر من أرادَ التضحية ألاَّ يأخذ من شعره وبشره شيئاً إذا دخل العشر .

6- وكان من هديه أن يُضحي بالمُصلى .

7- وكان من هديه أن الشاةَ تُجزئُ ل بيته ولو كثُر عددهم .



هَدْيُهُ صَلى الله عَليه وسَلمْ في العَقِيقَة

1) صَحَّ عنه : " كُلُّ غَلاَمٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْم الشَّايع ، وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ وَيُسَمَّى " [أبي داود والترمذي و النسائي ] .

2) وقال : " عَنِ الغُلاَمِ شَاتَانِ ، وَعَنِ الجَارِيَةِ شَاةٌ " [أبي داود والنسائي] .


هَدْيُهُ صَلى الله عَليه وسَلمْ في بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ وتَعَامُلاَتِهِ:

1- باعَ صَلى الله عَليه وسَلمْ واشترى ، وكان شراؤه أكثر من بيعه بعد الرسالةِ . وآجر واستأجر ، ووكَّل ، وكان توكيلُه أكثرَ مِنْ تَوكُّلِهِ .

2- واشترى بالثمن الحالَّ والمؤجَّل ، وتَشَفَّعَ وشُفِّع إليه ، واستدانَ بِرَهْنٍ وبغير رَهنٍ ، واستعار .

3- ووهبَ واتَّهَبَ ، وأَهدى وقبل الهدية وأثاب عليها ، وإن لم يُردها اعتذر إلى مُهديها ، وكانت الملوك تُهدي إليه ، فيقبلُ هداياهم ، ويَقسمُها بين أصحابه .

4- وكان أحسن الناس معاملةً ، وكان إذا استسلف من أحدٍ سلفاً قضى خيراً منه ، ودعا له بالبركة في أهله وماله واقترض بعيراً فجاءَ صاحبُه يتقاضاهُ ، فأغلظ للنبي صَلى الله عَليه وسَلمْ فهمَّ به أصحابه فقال : " دَعُوهُ ، فإنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالاً " [البخاري ومسلم] .

5- كان لا تزيدُه شِدَّةُ الجهلِ عليه إلا حلماً ، وأمر من اشتدَّ غضبُه أن يُطفيَ جمرة الغضب بالوضوء ، وبالقعود إن كان قائماً ، والاستعاذةِ بالله من الشيطان .

6- وكان لا يتكبر على أحدٍ ، بل يتواضع لأصحابه ويبذلُ السلامَ للصغير والكبير .

7- وكان يُمازحُ ويقول في مزاحه الحقَّ ، ويورِّي ولا يقولُ في توريتِه إلا الحقَّ .

8- وسابق بنفسه على الإقدامِ ، وخَصَفَ نعلَه بيده ، ورفع ثوبه بيده ، ورقع دلوه ، وحلب شاته ، وفلى ثوبه ، وخدم أهله ونفسه ، وحمل مع أصحابه اللَّبِنَ في بناءِ المسجد .

9- وكان أشرح الخلقِ صدراً ، وأطيبهَم نفساً .

10- وما وما خُيِّر بين أمرين إلا اختار أيسرَهما ما لم يكُن مأثماً .

11- ولم يكن ينتصرُ من مظلمةٍ ظُلمها قط ما لم يُنتهك من محارم الله شيءٌ ، فإذا انتُهكت محارم الله لم يقم لغضبه شيءٌ .

12- وكان يُشيرُ ويستشيرُ ، ويعودُ المريضَ ، ويشهدُ الجنازةَ ، ويجيبُ الدعوةَ ، ويمشي مع الأرملةَ والمسكين والضعيف في قضاءِ حوائجهم .

13- وكان يدعو لمن تقرَّب إليه بما يحبُّ ، وقال : " من صُنع إليه معروفٌ فقال لفاعله : جزاكَ اللهُ خيراً ، فقد أبلغَ في الثناءِ " [الترمذي] .

 
الوسوم
الله تتبع رسول كيف
عودة
أعلى