العنف في وسائل الاتصال المرئية وعلاقته بجنوح الأحداث

املي بالله

نائبة المدير العام
العنف في وسائل الاتصال المرئية وعلاقته بجنوح الأحداث
عنيت الدراسة بالتعرف على طبيعة العلاقة بين العنف المعروض في وسائل الاتصال وجنوح الأحداث من خلال مقابلة عينة من الأحداث الجانحين المودعين في دار إصلاح الأحداث في بغداد ، وتكونت العينة من (300) حدث منهم (150) حدثاً مرتكباً لجنح عنيفة و(150) حدثاً مرتكباً لجنح غير عنيفة .
وابتدأت الدراسة بالمشاكل التي تواجه دراسة موضوع العنف في وسائل الاتصال وحددتها ثلاث محاور هي : مشكلة المصطلح
(عنف – عدوان) ومشكلة المنهج ومشكلة التأثير ، ثم استعرضت ابرز تفسيرات (عنف الاتصال) ونماذج مختارة من التفسيرات الاجتماعية للجنوح تحاول تقريب وتفسير صور الجنوح في العراق ، ثم تناولت الدراسة أهم عوامل الجنوح الاجتماعية وارتباطها بموضوع العنف .

وفي الجانب الميداني استعملت الدراسة منهج تحليل المضمون للتأكد من احدى فرضياتها التي تقول ان العنف مرتفع في وسائل الاتصال المرئية (تلفزيون – فيديو – سينما – العاب كمبيوتر) والتي تم اثباتها عندما ظهر ارتفاع واضح في نسب العنف المعروض في هذه الوسائل ، واستعملت الدراسة اسلوب استمارة المقابلة مع افراد العينة للحصول على معلومات تخص المحاور الرئيسية للاستمارة التي ركزت على اركان العلاقة بين الأحداث والعنف في وسائل الاتصال المرئية ، فضلا عن المعلومات التي تتعلق بالحدث وجنحته فتناولت الاستمارة (الركن الاول) المؤثر في العلاقة وهو ابرز العوامل الاجتماعية التي تؤثر في الحدث وجنوحه (تفكك اسري – جماعة الاصدقاء – تسرب دراسي – عمل مبكر) وارتباط هذه العوامل بالعنف ومشاهدته في وسائل الاتصال المرئية ، وتبين بان هناك اسهاماً واضحاً لعاملي التسرب الدراسي والعمل المبكر اللذين ارتفعت نسبتهما قياسا بالعاملين الاخرين ، أذ كان (88%) من الأحداث يعملون و(82%) منهم متسربون دراسيا وانتقلت الدراسة الى الركن الثاني في العلاقة وهو (حجم المشاهدة وطبيعتها) وتبين ارتفاع في ساعات المشاهدة التي يقضيها الأحداث امام وسائل الاتصال المرئية ، وكان الحجم الاكبر في هذه المشاهدة للافلام والبرامج والالعاب ذات الطابع العنيف والتي احتلت المراتب الاولى في تفضيلات الأحداث للمشاهدة واللعب .
هذا الارتفاع في حجم المشاهدة ونوعيتها خلف نوعاً من العلاقة الودية الوجدانية مع (ابطال) هذه الافلام والالعاب الذين اصبحوا نماذج محببة ومقربة للاحداث ، واصبحوا كاصدقاء وجدانيين لهم ويظهر ذلك من خلال تعلقهم بهذه الشخصيات وحبهم لها وحديثهم عنها وعن اخبارها وتقليدهم لها والشعور بالفخر والسعادة عندما يشبه الحدث باحد (ابطال) الافلام والالعاب الذي يظهر حبه له من خلال تطبيق احد مظاهر سلوكه العنيف في بعض المواقف التي تواجه ، كما ان هذه العلاقة بين (الحدث والبطل) تنمو وتتطور ويزداد عمق تاثيرها باستمرار تعرض الحدث لمشاهد العنف الذي يقدمه بطله المفضل وبتكرار هذه الشخصية في بعض الالعاب الكمبيوترية (العنيفة) التي يمارسها الحدث وعندها تدخل في مرحلة من مراحل تطبيق السلوك العنيف
ويمكن ملاحظة انعكاس العنف المشاهد في وسائل الاتصال على سلوك الحدث ومشاعره فيما يأتي :
اشارت الدراسة الى انعكاس (العنف الاتصالي) على بروز سلوك ومشاعر تتسم بالعنف من الأحداث ، وظهر ذلك من خلال الفروقات في اجابات الأحداث المرتكبين لجنح عنيفة عن الأحداث المرتكبين للجنح الغير عنيفة .
مظاهر الانعكاس على سلوك الأحداث ظهرت في :
زيادة في المشاجرات واستعمال الشتائم ، الاندفاع في مشاهدة الافلام الجنسية ، ممارسة الالعاب العنيفة ، زيادة مناقشة افلام العنف وتفضيلها ، تقليد ابطال افلام والعاب العنف ، زيادة اللعب بالالعاب الكمبيوترية العنيفة .
وعلى صعيد انعكاسها على مشاعر الأحداث فقد ظهرت في :
زيادة الشعور بالفخر عندما يشبه بالبطل العنيف ، الوقوف الى جانب البطل المجرم في الافلام، الانزعاج من قطع اللقطات المثيرة ، الشعور بالحقد والكراهية عند الخسارة بالالعاب، اعتبار الضرب مظهراً للرجولة واخيرا تنبه الدراسة الى اهمية التفاعل بين العوامل الاجتماعية والنفسية للحدث والعنف المتزايد الذي يشاهده في حياته اليومية وفي وسائل الاتصال المرئية التي هي احدى المرايا التي تعكس واقع هذه الحياة ، وان الضغوط التي تمارس على الحدث نتيجة المشاكل والصعوبات التي يواجهها تدفعه الى ترجيح كفة استعمال العنف الذي تقدمه وسائل الاتصال على انه سلوك اعتيادي مقبول وطريقة من طرائق مواجهة المشاكل وتحقيق الاهداف وبالتالي تزداد احتمالية ارتكابه للسلوك الجانح .
 
عودة
أعلى