طهارة المريض؟

خالدالطيب

شخصية هامة
طهارة المريض؟

سـ1/ ما القاعدة التي ينبني عليها طهارة المريض وصلاته مع توضيح ذلك بالأمثلة والأدلة ؟جـ/ أقول:- القاعدة هي:- لا واجب مع العجز ولا محرم مع الضرورة, وهي منبثقة من قاعدة:- رفع الحرج, ودليل ذلك قوله تعالى  لا يكلف الله نفساً إلا وسعها  وقوله تعالى  لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها  وقال تعالى  يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر  وقال تعالى  مايريد الله ليجعل عليكم من حرج  وقوله تعالى  ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم  وقال الله تعالى  يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفاً  وقال عليه الصلاة والسلام (( ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم ))"متفق عليه" وقال عليه الصلاة والسلام لعمران بن حصين (( صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنبٍ ))"رواه البخاري" وعند البيهقي أن النبي  دخل على مريض يعوده فرآه يصلي على وسادة فرمى بها وقال (( صل على الأرض إن استطعت وإلا فأوم إيماءً واجعل سجودك أخفض من ركوعك )) وهذا أصل متفق عليه, وبيانه أن يقال:- إن الأصل هو وجوب القيام بكل أجزاء الواجب شرعاً, لكن قد تعرض للإنسان حالة لا يستطيع العبد معها أن يقوم بالواجب إما كلاً أو بعضاً, فتأتي هذه القاعدة القاضية بأن ما عجز عنه العبد فإنه يسقط عنه, فيسقط كله إن كان عاجزاً عنه كله, وإما أن يسقط عنه المقدار الذي يعجز عنه فقط, وهذا من رحمة الله تعالى وبناءً عليه فأي شيء من الواجبات يعجز عنه المريض فإنه يسقط عنه أو يسقط عنه ما يعجز عنه فقط, بمعنى أنه لا يطالب به شرعاً ولكن ينبغي في حال النظر إلى هذه القاعدة أن يتقي العبد ربه ولا يكذب في ذلك بقصد إراحة نفسه من عناء فعل الواجب, فإنه جل وعلا لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء وهو العالم بما تكنه الصدور, وعلى هذا الأصل يخرج الفقهاء طهارة المريض وصلاته وبيانه في مسائل:-
المسألة الأولى :- الأصل أنه يجب على المريض أن يتطهر الطهارة الكاملة بالماء, إن كان قادراً على ذلك سواءً بنفسه أو بغيره, فنحن نطالبه أولاً عند الطهارة أن يستعمل الماء لأنه الأصل, لكن إن كان عادماً للماء عدماً حقيقياً أو كان استعمال الماء يزيد في مرضه أو يؤخر برؤه فإنه ينتقل عنه إلى الطهارة الترابية وهي التيمم, لأن الله تعالى يقول  فلم تجدوا ماءً فتيمموا
 وقد تقرر أنه إذا تعذر الأصل يصار إلى البدل, لكن إن كان العجز عن استعمال الماء في بعض أعضاء الطهارة فقط دون بعض، فإنه يسقط عنه ما يعجز عنه ويتيمم له، وعليه استعمال الماء في الأعضاء الباقية، والله أعلم .
المسألة الثانية :- إن كان الماء موجوداً في المستشفى ولكنه عاجز عن الإتيان به لبعده, ولم يكن عنده من يأتي به, ولم يعاونه الممرضون في ذلك لاشتغالهم أو لعدم اهتمامهم, فإنه يسقط عنه وجوب الطهارة المائية وينتقل عنها إلى الطهارة الترابية فيتيمم ويصلي ولا إعادة عليه, ولو قدر على الماء في الوقت, ذلك لأن الواجبات تسقط بالعجز .
المسألة الثالثة :- إن كان المريض عاجزاً عن الطهارتين المائية والترابية فإنهما يسقطان عنه ويصلي على حسب حاله ولا إعادة عليه ولكن هذه الصورة نادرة جداً وإنما ذكرناها من باب التفريع ذلك لأن الطهارة من الواجبات وقد تقرر لنا أن الواجبات تسقط بالعجز, وهو هنا عاجز عن كلا الطهارتين فسقطت عنه لأنه لا واجب مع العجز .
المسألة الرابعة :- إن كان فراش المريض أو ثيابه أو بدنه قد تلوثت بالنجاسة فإن الواجب عليه أن يزيل ذلك قبل الدخول في الصلاة لأن إزالة النجاسة شرط من شروط صحة الصلاة, ولكن لو كان عاجزاً عن إزالة هذه النجاسة جاز له الصلاة على حالته التي هو عليها لقوله تعالى  فاتقوا الله ما استطعتم  ولا يجوز له تأخير الصلاة عن وقتها بأي حالٍ من الأحوال بسبب عجزه عن إزالة هذه النجاسة فإن المتقرر شرعاً أن الواجبات تسقط بالعجز .
المسألة الخامسة :- من به جروح في شيء من أعضاء وضوءه فإن الواجب عليه حال الوضوء أن يغسلها, هذا أولاً ولكن هذا الوجوب مقيد بالاستطاعة, فإن لم يستطع فإنه يبل يده بالماء ويمسحها مسحاً, فإن لم يستطع أيضاً فإنه يكمل وضوءه على أعضائه الصحيحة ويترك ذلك الجزء المجروح ويتيمم في آخر الوضوء بنيته, فالأول الغسل, والثاني المسح, والثالث التيمم له, وكل ذلك على وجه البدل, أي لا تنتقل إلى الثانية إلا إذا عجزت عن الأولى ولا تنتقل إلى الثالثة إلا إذا عجزت عن الثانية لأنه لا ينتقل إلى البدل إلا إذا تعذر أصله والواجبات تسقط بالعجز والله أعلم .
المسألة السادسة :- الأصل في صلاة المريض أنه يطالب بكل ما يطالب به الصحيح فيجب عليه أن يصلي قائماً بقيامٍ كامل ويركع ويسجد ركوعاً كاملاً وسجوداً كاملاً لكن هذا مع القدرة على ذلك فإن كان عاجزاً عن القيام فيصلي قاعداً وإن كان عاجزاً عن القعود فيصلي مضطجعاً ويكون على جنبه الأيمن مستقبل القبلة, لحديث عمران السابق, وإن كان يستطيع الركوع والسجود تامين فيجب عليه ذلك وإلا فيؤمي بهما ويجعل سجوده أخفض من ركوعه, وكل ذلك لأن الواجبات تسقط بالعجز عنها .
المسألة السابعة :- يجب على المريض أن يستقبل القبلة لأنه من جملة شروط الصلاة، لكن هذا الوجوب ليس مطلقاً بل هو مقيد بالاستطاعة، فإن كان المريض مستطيعاً و مطيقاً له فيجب عليه ذلك، وإن كان عاجزاً عن الاستقبال فإنه يسقط عنه ويصلي على حسب حاله ولاشيء عليه إلا ذلك لأن الواجبات تسقط بالعجز والله أعلم.وعلى ذلك فقس، وهذه القاعدة هي الأصل الذي منه ينطلق أهل العلم في إجابة أي سؤال من الأسئلة الخاصة بطهارة أو صلاة أحدٍ من المرضى فاجعلها نصب عينيك فإنها أم الباب في هذه الأسئلة و الأجوبة و الله أعلى و أعلم .

 
طهارة المريض؟
 
الوسوم
المريض؟ طهارة
عودة
أعلى