صلة الرحم في الاسلام

Dr.HAYA

من الاعضاء المؤسسين
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

تاريخ النشر: الجمعة 06 مايو 2011
أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رجلاً قال: يا رسول الله! إنَّ لي قرابةً، أَصِلُهم ويقطعوني، وأُحْسِنُ إليهم وَيُسيئون إليَّ، وأَحْلُمُ عنهم ويجهلون عليَّ، فقال: «لئن كنت كما قُلت، فكأنما تُسِفُّهم المَلَّ، ولا يزالُ معك من الله ظهيرٌ عليهم، ما دُمت على ذلك)، (أخرجه مسلم).

هذا الحديث حديث صحيح، أخرجه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب البر والصلة والآداب، باب: صلة الرحم وتحريم قطيعتها.

ونتعلَّم من هذا الحديث الشريف دروساً كثيرة منها: وجوب صلة
الأرحام
وبيان منزلتها وفضلها، فمن المعلوم أن ديننا الإسلامي قد اهتم بأمر صلة الأرحام وحث عليها، وأكد على ضرورة المحافظة عليها والعناية بأمرها، حتى جعلها مرتبة متقدمة من مراتب الإيمان بجانب بر الوالدين، كما جاءت الوصية بها أيضاً بعد تقوى الله كما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (سورة النساء، الآية- 1)، كما نصت الأحاديث الشريفة على فضلها وحسن الاستمساك بها، لما يترتب على ذلك من سعة في الرزق وطول في العمر وسعادة في الدنيا ونعيم في الآخرة لقوله- صلى الله عليه وسلم-: (من أحبَّ أن يُبسط له في رزقه، ويُنْسأَ له في أثره، فليصل رحمه)، (متفق عليه)، وقال أيضاً: (ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها) (أخرجه البخاري)، كما ورد أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيراً أو ليصمت)، (متفق عليه)، هذا ما كان يدعو إليه رسولنا- صلى الله عليه وسلم- حيث كان يأمر بصلة الأرحام
،ويرغب فيها في جميع الأحوال، ومن الجدير بالذكر أن صلة الرحم تكون بالمال، وبالعون على الحاجة، وبدفع الضرر، وبطلاقة الوجه، وبالدعاء، والمعنى الجامع: إيصال ما أمكن من الخير، ودفع ما أمكن من الشر بحسب الطاقة.





لقد بين رسولنا- صلى الله عليه وسلم- ما لصلة
الأرحام
من مكانة رفيعة وآثار طيبة في المجتمع الإسلامي سواء أكانت بالكلمة الطيبة، أو بالمساعدة والمعونة، أو بالرعاية والتقدير، لما جاء في الحديث الشريف: (كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالاً من نخلٍ، وكان أحبُّ أمواله إليه بَيْرَحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يدخلها، ويشرب من ماء فيها طيب، فلما نزلت هذه الآية: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ}، (سورة آل عمران، الآية- 92)، قام أبو طلحة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إن الله تبارك وتعالى يقول: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} وإن أحبَّ مالي إليَّ بَيْرَحَاءُ، وإنها صدقةٌ لله تعالى، أرجو برَّها وذُخْرها عند الله تعالى، فَضَعْها يا رسول الله حيث أراك الله، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: بَخٍ! ذلك مالٌ رابحٌ، ذلك مالٌ رابحٌ! وقد سمعتُ ما قُلتَ، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين» فقال أبو طلحة: أفعلُ يا رسول الله، فَقَسَمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه)، (متفق عليه)، ولما جاء في الحديث الشريف: (أن أعرابياً عرض لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو في سفر، فأخذ بخطام ناقته أو بزمامها، ثم قال يا رسول الله: أو يا محمد: أخبرني بما يُقربني من الجنة ويباعدني من النار، قال: فكف النبي- صلى الله عليه وسلم- ثم نظر في أصحابه، ثم قال: «لقد وفق أو لقد هدى» قال: «كيف قلت؟ قال: فأعادها، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم: «تعبد الله لا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم» (أخرجه الشيخان).

إن قاطع الرحم يطارده الشؤم حيثما كان، كيف لا وقد عصى الله ورسوله؟! فهو معذب من الداخل بتأنيب ضميره، وهو مطارد في كل مكان بنظرات الحقد والاحتقار، هذا في الدنيا، أما في الآخرة، فلا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً، وصدق رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذ يقول: (والذي بعثني بالحق، لا يقبل الله صدقة من رجل، وله قرابة محتاجون إلى صدقته، ويصرفها إلى غيرهم، والذي نفسي بيده لا ينظر الله إليه يوم القيامة)، (أخرجه الطبراني).

كما جاءت النصوص الشرعية محذرة قاطع الرحم بسوء المصير كما في قوله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ *أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}، (سورة محمد، الآيتان 22- 23)، ولما ورد أيضاً من أحاديث شريفة رواها الصحابة الكرام- رضي الله عنهم أجمعين- منها قوله- صلى الله عليه وسلم-: (لا يدخل الجنة قاطع)، (أخرجه الشيخان) أي قاطع رحم، وقوله- صلى الله عليه وسلم- أيضاً: (الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله)، (أخرجه الشيخان). ... باقي المقال

والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته


 
الوسوم
الاسلام الرحم صلة في
عودة
أعلى