خروج عن الموضوع

  • تاريخ البدء
من رياح تجوب الصحارى
تفتّش عن مطر ,
أنفس تتبارى مع الوجد
أبدأ شوقي القديم
وأختار : من حقل قلبي : النخيل الذي مال
أزرعه في صخوري
ويلذعني صمته
وانتظاري الذي طال .
فأخاتل ,
أبدأ ــ مع من يشاء ــ حواري .
ماذا سيبقى من القلب
بعد الذي مرّ
هل أكتفي بالذي صار
أم ألزم ــ الآن ــ داري ؟
من يصدّق منهم بأنّ الليالي لياليه
أنّ النهار نهاري ؟
ثم يكذب لا يستحي !
ثم يكذب . . يقبض مالا
وما ثمني ؟ !
ثم يصنع شوكا يحيط برأسي
ونعشا ثقيلا على الظهر . . أحمله
ثم يبصرني . . أحمل ــ الآن ــ : سنبلة للمحبة ,
سنبلة للتسامح , سنبلة للأخوة , سنبلة للجوار .
ويراقبني !
أخرج ــ الآن ــ من جسدي
وافتّش في كل ركن
وأخرج . . من بينهم , في الظلام
وأخرج , يتبعني القلب , يخرج من صدره شبه عار
ومن كل ما يعرفون .
من نجمة في مداراتهم سرقت من مداري ,
من رذاذ الصباح
ومن بسمات الملاح
ومن رقية للجراح ,
من دموع تسيل على وجنة من خشوع
ومن حيرة في عيون صغاري ,
ومن ثلجهم فوق ناري ,
من حنيني الذي باح ,
من رياضي وحيّي وداري .
من سقوط القنوط ,
ثم من غفوة ونعاس
وأبدأ : حريّتي واختياري
فأنا بشر !
من شموخي ومن طاقتي
ثم من بعث روح الفتى . . بعد كل احتضار ,
ومحاولتي أن أقوم
ومن نهضتي . . بعد كل انهيار .
أخرج ــ الآن ــ من شبهتي واثقا من خيالي
وأكسر ــ عند الخروج ــ جراري .
أخرج ــ الآن ــ من : دارنا , دارهم
من : دروب الغروب , حروب الكروب , سلام الملام
وقرب الأفول
ومن قيدهم والسوار ,
من ظلام
وأنتظر الفجر
أرحل في الفجر أو قبله بقليل
وأهرب , يحملني طيف ساعي البريد إلى الفجر
يارب , يارب , سترك , سترك
هذا هو الفجر , والفجر هذا نهاري .
أهرب من : معرض لبكائي طويلا على بابها
وأمام شبابيكها ,
إفتحي الباب , أرجوك ,
سوف يأكلني الذئب ,
وأنا خائف ووحيد
ولا أملك المال كي أشتري حرسا , وأخاف . .
. . ولم تفتح الباب , وانصرف الذئب حين رآني وحيدا وأبكي .
ثم أهرب من فرس تصهل الوقت
من رغبة في الصباح ( صباحهم )
ثم من خصر من تتلوّى
ومن وتر نازف
من نسيج وخيط تناسل , من نخلة تتذابل إذ تتمايل
من قسوة في التماثيل ,
من غرور
ومن شرف باذخ في النقود
ومن : شرّ ما في شرودي وفقري وغربتنا
ثم من : مجد شعري وعاري .
ثم من ذكريات ألوّنها بالمسرّات
سلّيت نفسي قليلا
ومن فتحة في جداري
وأين الأشعة ؟
أشهق , كنت , وأبحث عنها
ومن دوختي ودواري .
ثم من دفئها . . همسة للنعاس اللذيذ
حنين لطائرة
ثم من هاتف بالشعار .
ثم من سرب غيم يلوح على الأفق
هاجر حتى يقيس المسافة بيني وبيني
وبين الذي كان يغتابني , كان يغتالني . . في جواري .
من شظايا تلوح , تطير إليّ رذاذا
ومن بحّة الناي
من صمت صوت
ومن صوت صمت
ومن آهتي وانكساري .
ثم من نزهة في مقابر عمري
ومن عشب صدر يجفّ
ومن خطبتي في جموع حياتي
ومن قرع طبلي وزاري .
وأغمغم . . . هل قلت شيئا ؟ !
ومن شبحي , هيكلي , وعظامي وريشي
ومن فرحتي وانتصاري .
الطريدة . . أيّ الشباك تخاف ؟
. . ستسقط فيها ؟
ترى وتداهن ثم تسالم ثم تحارب ثم تداري .
ثم من طحلب في مياه العشيرة ,
وغيوم سأجمعها في الممرّ إلى عرَق نازف ودم بيننا
وكثير من العيش والملح , كسرة خبز , وبعض النبيذ .
ثم من حرس , جرس في الخطا
ثم من لوحة وإطار .
يا أخي وصديقي وتلميذ روحي , ومن يأكل ــ الآن ــ من طبقي , لقمتي , في العشاء الأخير ,
هل ترى ــ الآن ــ مال العدوّ ؟ !
تآمرت ضدّي ! !
خسرت رهاني عليك .
ثم من حامل للخرائط , يتعب
ممّا تكثّف حتى يحيط بقلبي
ومن مائهم وبخاري .
المرايا تراني , أراها تراني
وتسخر من واقف خلف بابي وخلف جداري .
وأعلم . . وجهي قميصي , وبنطال هذا ( الخواجا ) إزاري .
ثم من نبتة وبذار ,
وريح غبار ,
ومن صاحب لا يصون . .
. . هل قلت كان يخون ؟
ومن صادق لا أماري .
ثم من واقفين ,
يحرسون السواتر
من سلكهم شائك
ثم من جمرك وحدود
ومن قدح وثمالته
مكتب وكراسي مصفوفة
ونمارق
من صوتها دافىء دافق ووديع المعاني
ومن طاعة وائتمار ,
سلة وثمار ,
طولها واختصاري ,
شكّها واختباري ,
من خرائطها وخطوط التطاول فيها خطوط التعارض .
من عيون الإضاءة تقدح ,
من مسّ جن ونار ,
مقعد هالك وبساط قديم
ومن غفلتي , أمنياتي
ومن آنسات ينادمن طفلا يئن من الجوع والخوف
لا , لا أصدّق ما لا أصدّق
من هودج وقوافل بدو
ومن ضيقهم بالهوى واصطباري ,
وأزيز السهام
ومن كتب كنت , أو , سوف أقرؤها
شعرة تحجب الشمس في الحاجب الذهبي
ومن أبجدية ثرثرة
أحرف سوف تبقى على ريشة القلم البكر
من معجم للتفاهة
من أسطر كالحبال على ورق كالرمال
ومن عابر يعبر النظرات إلى الليل
ثم من لسعة أيقظتني .
. ملؤؤني كلاما وأفرغت نفسي
وعادوا . .
ملؤؤني كلاما وأفرغت نفسي
أنا لا أطيق الذي لا يطاق
أنا من بني آدم .
ثم من هاتف سوف يسألها عن غيابي
ومن بحثها في الخرائط
ثم من همهماتي وذعري
ومن ظلمها واعتذاري ,
نومها وفراري ,
وقتها وانتظاري ,
ضوئها وشراري ,
غرغرات الغريق يرى الموت مزدوجا بين روحين في جسد
ويحب الحياة الممات
ومن طيفها زارنا قبل يومين مرتعشا لا يردّ السلام
ومن وجع الكلمات
ومن آهة تتلصّص من فتحة الشفتين
ومن ظهر من قوّسته الكتابة حتى تقوّس
يطلق سهما فسهما
ومن عصر عولمة وعوالم ترقص :
تردح فيها الحداثات
تهتزّ بعض الثقافات , بعض الحضارات
من جمع بعض الوجوه القديمة في عيد ميلاد طفل
ومن جمع بعض ( الكروش ) العظيمة في مهرجان الوليمة
من , ثم من : ألف بيت وبيت كتبت وأكتب
أبني بيوتا
وأرحل , أخرج , أهرب من
ثم من : (فاعلن ) لا يمل الغناء ,
و ( فعولن ) يساعده
ويغنّي لمن ؟ !
لو تركت لإيقاعه ما يشاء , لأسرف حتى أجنّ
ولأخرجني ــ في الحقيقة أو في الخيالات ــ من كلّ شيء
وأكثر ممّا ذكرت . . ومن
كل هذا المكان وهذا الزمن .

نص رقم 58 من كتابي / ديواني : كيف نكون ؟ عبدالله سعد اللحيدان . طبعة بيروت 2010
 
لقد استمتعت بقراءة هذا الشعر الرائع كل الشكر لجهودك الرائعة في منتدانا
 
الوسوم
الموضوع خروج عن
عودة
أعلى