أصغر فاتح في التاريخ الإسلامي - محمد بن القاسم الثقفي

نغم السماء

من الاعضاء المؤسسين



أصغر فاتح في التاريخ الإسلامي - محمد بن القاسم الثقفي

انها سيرة بطل شاب من أعظم الأبطال في التاريخ الإسلامي، هو فاتح
بلاد السند والبنجاب، وقد أودع الله بين جنبيه نفسًا بعيدة المطامح
لخدمة الإسلام، وبلاد السند والبنجاب "بلاد باكستان الحالية"، هو
محمد بن القاسم الثقفي مؤسس أول دولة إسلامية في الهند، ولذلك
يبقى اسمه شامخًا في سجل الفاتحين الأبطال.
أصغر فاتح في التاريخ الإسلامي - محمد بن القاسم الثقفي


مولده ونشأته
ولد محمد بن القاسم الثقفي سنة 72هـ بمدينة الطائف في أسرة معروفة،
فقد كان جده محمد بن الحكم من كبار ثقيف، وفي سنة 75هـ صار
الحجاج بن يوسف الثقفي واليًا عامًّا على العراق والولايات الشرقية
التابعة للدولة الأموية في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان. فعيّن
الحجاج عمّه القاسم واليًّا على مدينة البصرة، فانتقل الطفل محمد بن
القاسم إلى البصرة، ولما شيد الحجاج مدينة واسط وصارت معسكرًا
لجنده الذين يعتمد عليهم في الحروب، وامتلأت بسكانها الجدد،
وفيها نشأ وترعرع محمد بن القاسم وتدرب على الجندية، والفروسية
فلقن فنون الحرب، وأساليب القتال حتى أصبح من القادة المعروفين
وهو لم يتجاوز بعد 17 عامًا من العمر.
أصغر فاتح في التاريخ الإسلامي - محمد بن القاسم الثقفي


صفاته
بدت على محمد بن القاسم أمارات النجابة والشجاعة وحسن التدبير
في الحرب منذ نعومة أظفاره، مما جعل الحجاج بن يوسف الثقفي
يعينه أميرًا على ثغر السند وهو لم يتجاوز 17 عامًا، وكان محمد بن
القاسم راجح الميزان في التفكير والتدبير، وفي العدل والكرم، إذا قورن
بكثير من الأبطال، وهم لا يكادون يبلغون مداه في الفروسية والبطولة،
ولقد شهد له بذلك الأصدقاء والأعداء، وقد سحر الهنود بعدالته
وسماحته، فتعلقوا به تعلقًا شديدًا.

وكان من دأب محمد بن القاسم الثقفي أن يجنح إلى الصلح والسلم ما
وسعه ذلك، وقد أوصاه بذلك الحجاج بن يوسف الثقفي: "إذا أردت أن
تحتفظ بالبلاد فكن رحيمًا بالناس، ولتكن سخيًا في معاملة من أحسنوا
إليك، وحاول أن تفهم عدوك، وكن شفوقًا مع من يعارضك، وأفضل
ما أوصيك به أن يعرف الناس شجاعتك، وأنك لا تخاف الحرب والقتال
". وكان محمد بن القاسم يتصف بالتواضع الرفيع، فكان في جيشه من
يكبر أباه سنًّا وقدرًا، فلم تجنح نفسه معهم إلى الزهو والمباهاة،
ولكنه لم يكن يقطع أمرًا إلا بمشورتهم، بنى المساجد في كل مكان
يغزوه، وعمل على نشر الثقافة الإسلامية مبسطة ميسرة.


أصغر فاتح في التاريخ الإسلامي - محمد بن القاسم الثقفي


فتح بلاد السند
استولى قراصنة السند من الديبل بعلم من ملكهم "داهر" في عام 90هـ
على ثماني عشرة سفينة بكل ما فيها من الهدايا والبحارة والنساء
المسلمات، اللائي عمل آباؤهم بالتجارة وماتوا في سرنديب وسيلان
، وصرخت مسلمة من بني يربوع "وا حجاج وا حجاج"، وطار
الخبر للحجاج باستغاثتها فنادى من وراء الجبال والبحار "لبيك لبيك"
، وحاول الحجاج بن يوسف الثقفي استرداد النساء والبحارة بالطرق
السلمية، ولكن داهر اعتذر بأنه لا سلطان له على القراصنة، فثارت
ثائرة الحجاج فأعد الحجاج جيشًا تلو الآخر الأول أولهما بقيادة
"عبد الله بن نهبان" فاستشهد، ثم أرسل الحجاج
"بديل بن طهفة البجلي" ففاز بالشهادة دون أن يصل إلى أمر حاسم.
أصغر فاتح في التاريخ الإسلامي - محمد بن القاسم الثقفي



فاستشاط الحجاج غضبًا بعد أن رأى قواده يتساقطون شهيدًا وراء
شهيد، فأقسم ليفتحن هذه البلاد، وينشر الإسلام في ربوعها، وقرر
القيام بحملة منظمة، ووافق الخليفة الوليد بن عبد الملك، وبعد أن
تعهد له الحجاج أن يرد إلى خزينة الدولة ضعف ما ينفقه
على فتح بلاد السند.

وقد وقع اختيار الحجاج على محمد بن القاسم الثقفي ليقود
الجيش الإسلامي، لما رآه فيه من حزم وبسالة وفدائية، فجهزه
بكل ما يحتاج إليه في ميدان القتال من عتاد، وتحرك البطل محمد
بن القاسم بجيشه المكون من عشرين ألف مقاتل من خيرة الأبطال
وصفوة الجنود، واجتاز الجيش حدود إيران سنة 90هـ إلى الهند،
وبرزت مواهب محمد بن القاسم الفذة في القيادة وإدارة المعارك،
فحفر الخنادق ورفع الرايات والأعلام ونصب المنجنيقات، ومن بينها
منجنيق يقال له: العروس كان يقوم بتشغيله خمسمائة تقذف منه
الصخور إلى داخل الحصون فيدكها دكًّا.
أصغر فاتح في التاريخ الإسلامي - محمد بن القاسم الثقفي



وبعد ذلك اتجه نحو بلاد السند، فبدأ بفتح مدينة بعد مدينة لمدة سنتين
، ثم زحف إلى الديبل فخندق الجيش بخيوله وأعلامه واستعد لمقاتلة
الجيش السندي بقيادة الملك "الراجة داهر" حاكم الإقليم، في معركة
مصيرية سنة 92هـ، وكان النصر للحق على الباطل، فقد انتصر المسلمون
، وقتل ملك السند في الميدان، وسقطت العاصمة السندية في أيدي المسلمين
، واستمر محمد بن القاسم في فتوحاته لبقية أجزاء بلاد السند ليطهرها
من الوثنية المشركة، فنجح في بسط سلطانه على إقليم السند، وفتح
مدينة الديبل في باكستان، وامتدت فتوحاته إلى ملتان في جنوب إقليم
البنجاب، وانتهت فتوحاته سنة 96هـ عند الملقان وهي أقصى ما وصل
إليه محمد بن القاسم من ناحية الشمال فرفرف عليها علم الإسلام
وخرجت من الظلمات إلى النور، وبذلك قامت أول دولة إسلامية
في بلاد السند والبنجاب "باكستان الحالية".
قالوا عنه
قال حمزة الحنفي فيه:

إن المروءة والسماحة والندى لمحمد بن القاسم بن محمد

ساس الجيوش لسبع عشرة حجّة يا قرب ذلك سؤددا من مولد


أصغر فاتح في التاريخ الإسلامي - محمد بن القاسم الثقفي



وفاته
إن العين لتدمع دمعات حزينة حين تُفَجُؤك نهاية محمد بن القاسم الثقفي
الأليمة، فلو كان البطل الشهيد قد لاقى مصيره في معترك السيوف
لكان مصرعه مدعاة ارتياح لمن يقدرون البطولة، ولكنه يذهب ضحية
للحقد فتختلق الأكاذيب ضده لتلطخ بسوادها المنكر صحيفة بيضاء
ساطعة بنور الفضيلة والكرامة والإباء، ويمضي الشهيد إلى ربه
صابرًا محتسبًا، فلم يكن للبطل من ذنب لدى الخليفة سليمان بن عبد
الملك إلا أنه ابن عم غريمه الحجاج بن يوسف الثقفي، فانتقم الخليفة
سليمان من الحجاج الذي عزله من قبل عن الخلافة في
شخص محمد بن القاسم.
أصغر فاتح في التاريخ الإسلامي - محمد بن القاسم الثقفي
ووصل محمد بن القاسم إلى العراق، بعد أن ادعت ابنة داهر ملك السند
الذي قتله محمد بن القاسم أن محمد راودها عن نفسها ونالها قسرًا،
فأرسله والي العراق صالح بن عبد الرحمن مقيدًا بالسلاسل إلى سجن
مدينة واسط، وهناك عذبه شهورًا بشتى أنواع التعذيب حتى مات البطل
الفاتح في سنة 95 للهجرة، فخرجت الجموع الحاشدة لتوديعه باكية حزينة
، لم يكن العرب وحدهم يبكون على مصيره، بل أهل السند من المسلمين،
وحتى البرهميين والبوذيين، كانون يذرفون الدموع الغزيرة، وصوره
الهنود بالحصى على جدرانهم ليبقى شخصه ماثلاً للعيون، وجذعوا
لفراقه جزعًا شديدًا، مات محمد بن القاسم ولم يبلغ الرابعة والعشرين
من عمره بعد أن فتح الفتوح وقاد الجيوش وضم الباكستان العظيمة إلى
رقعة الإسلام فاستضاء بجهاده وبمن جاء بعده مائة مليون مسلم
 
الوسوم
أصغر الإسلامي التاريخ الثقفي القاسم بن فاتح في محمد
عودة
أعلى