شعراء العصر الاموى

املي بالله

نائبة المدير العام
ذو الرمــة ..

غيلان بن عقبة بن نهيس بن مسعود العدوي، من

مضر "ذو الرُمَّة" أحد

شعراء العصروأقام بالبادية واختلف إلى اليمامة والبصرة كثيراً، تميز ذو

الرمة بإجادته للتشبيه، وغلب على شعره التشبيب والبكاء والأطلال،

وذهب في ذلك مذهب الجاهليين، عشق "مية" المنقرية فأكثر من قول الشعر فيها، كما عشق الصحراء والطبيعة فتضمن شعره الكثير من ملامحها.

قال عنه أبو عمرو بن العلاء:

فتح الشعر بامرئ القيس وختم بذي الرمة،

وقال جرير: لو خرس ذو الرمة بعد قصيدته..

مابال عينيك منها الماء يَنسَكِبُ" لكان أشعر الناس.

ويقول في هذه القصيدة


ما بالُ عَينِكَ مِنها الماءُ يَنسَكِبُ

كَأَنَّهُ مِن كُلى مَفرِيَّة سَرِبُ

وَفراءَ غَرفِيَّة أَثأى خَوارِزُها

مُشَلشِلٌ ضَيَّعَتهُ بَينَها الكُتَبُ

أَستَحدَثَ الرَكبُ عَن أَشياعِهِم خَبَرا

أَم راجَعَ القَلبَ مِن أَطرابِهِ طَرَبُ

مِن دِمنَة نَسَفَت عَنها الصَبا سُفَعا

كَما تُنَشَّرُ بَعدَ الطَيَّةِ الكُتُبُ

سَيلا مِنَ الدِعصِ أَغشَتهُ مَعارِفَها

نَكباءُ تَسحَبُ أَعلاه َيَنسَحِبُ

لا بَل هُوَ الشَوقُ مِن دارٍ تَخَوَّنَها

مَرّا سَحابٌ وَمَرّا بارِحٌ تَرِبُ

يَبدو لِعَينَيكَ مِنها وَهيَ مُزمِنَةٌ

نُؤيٌ وَمُستَوقَدٌ بال وَمُحتَطَبُ

إِلى لَوائِحَ مِن أَطلالِ أَحوِيَةٍ

كَأَنَّها خِلَلٌ مَوشِيَّةٌ قُشُبُ

هام ذو الرمة عشقاً بـ "ميّة" المنقرية واشتهر
بقصائده التي تغنى فيها بعشقه لها، وأصبحت ملهمته منذ اليوم الذي رآها
فيه، وتبدأ حكاية ذو الرمة مع مي عندما استسقى ماء من يدها ذات يوم
فسمعها تقول:

يامن يرى برقا يمر حينـا
زمزم رعدا وانتحى يمينـا
كأن فـي حافاتـه حنينـا
أو صوت خيل ضمر يردينا

قال في عشقه لها:


إِذا غَيَّرَ النَأيُ المُحِبّينَ لَم يَكَد
رَسيسُ الهَوى مِن حُبِّ مَيَّةَ يَبرَحُ
فَلا القُربُ يُدني مِن هَواها مَلالَةً
وَلا حُبُّها إِن تَنزِحِ الدَارُ يَنزَحُ
إِذا خَطَرَت مِن ذِكرِ مَيَّةَ خَطرَةٌ
عَلى النَفسِ كادَت في فُؤَادِكَ تَجرَحُ

سبب لقبه...

يقال عن سبب تسميته "بذي الرُمًًّة"
أنه عندما استسقى "مية" ماء
فقامت واتته بالماء وكانت على كتفه رُمًًّة – قطعة من حبل – فقالت
أشرب يا ذا الرُّمًّة، فلقب بذلك.

ويقال أنه سمي بذي الرُمًًّة أيضاً بسبب بيت شعر قاله في
إحدى قصائده جاء فيه ..


وَغَيرَ مَرضوخِ القَفا مَوتودِ أَشعَثَ باقي رُمَّةِ التَقليدِ

وقيل أيضاً انه عندما كان صغيراً كان يصيبه فزع، فكتبت له تميمة،
فعلقها بحبل فلقب بذلك ذا الرُُّمًًّة، ورواية أخرى أن والدته جاءت إلى
الحصين بن عبدة بن نعيم العدوي، فقالت له يا أبا الخليل، إن ابني هذا
يروع بالليل، فأكتب لي معاذة أعلقها على عنقه، ثم جاء أنها مرت مع
ابنها لبعض حوائجها بالحصين وهو جالس في ملأ من أصحابه ومواليه،
فدنت منه فسلمت عليه، وقالت: يا أبا الخليل ألا تسمع قول غيلان
وشعره؟ قال: بلى، فتقدم فأنشده، وكانت المعاذة مشدودة على يساره في
حبل أسود، فقال الحصين : أحسن ذو الرُّمًّة، فغلبت عليه

قضى ذو الرمة حياته في الصحراء والتي أثرت كثيراً في أساليبه الشعرية،
فكان من أروع الشعراء في وصف الطبيعة والصحراء.

وَداويَّةٍ جَردآءَ جَدّاءَ جَثَّمَت

بِها هَبَواتُ الصَيفِ مِن كُلِّ جانِبِ

سبارِيتَ يَخلو سَمعُ مُجتازِ خَرقِها

مِنَ الصَوتِ إِلاّ مِن ضُباحِ الثَعالِبِ

عَلى أَنَّهُ فِيها إِذا شآءَ سامِعٌ

عِرارُ الظَليمِ وَاِختِلاسُ النَوازِبِ

إِذا اِئتَجَّ رَضراضُ الحَصى مِن وَديقَةٍ

تُلاقي وُجوهَ القَومِ دونَ العَصائِبِ




وفاته

توفي ذو الرمة بأصبهان، وقيل بالبادية عام 117هـ - 735م





 
الفـرزدق ..

الفرزدق هو همام بن غالب بن صعصعة التميمي الدارمي وكنيته أبو فراس . وهو من سلالة مضر بن نزار . شاعر من النبلاء و عظيم الأثر في اللغة وسمي الفرزدق لضخامة وتجهم وجهه.

ولد في كاظمة في الكويت نشأ في البصرة و نبغ في الشعر منذ صغره

من شعراء الطبقة الأولى من الأمويين ، ومن نبلاء قومه وسادتهم ، يقال أنه لم يكن يجلس لوجبة وحده أبدا ، وكان يجير من استجار بقبر أبيه ، وجده صعصعة كان محيي الموؤودات وهن البنات التي كانت تدفن قبل الإسلام في الجاهلية . وكان الفرزدق كثير الهجاء ، إذ أنَّه اشتهر بالنقائض التي بينه وبين جرير الشاعر . حيث تبادل الهجاء هو وجرير طيلة نصف قرن حتى توفي جرير سنة 732 م.

تنقل بين الأمراء والولاة يمدحهم ثم يهجوهم ثم يمدحهم .

كانت للفرزدق مواقف محمودة في الذود عن آل البيت ، وكان ينشد بين أيدي الخلفاء قاعدا . يقول أهل اللغة:

لولا شعر الفرزدق لذهب ثلث العربية

إذا مت فابكيني بما أنا أهله فكل جميل قلته فيّ يصدق

وكم قائل مات الفرزدق والندى وقائلة مات الندى والفرزدق

وقال ..

إنّ الذي سمك السماءَ بنى لنا بيتاً دعائمُـهُ أعـزُّ وأطـولُ
بيتاً بناه لنا المليكُ ومـا بنـىحكمُ السمـاء فإنـه لا يُنقَـلُ
حُلَلُ الملوكِ لباسُنا في أهلنـاوالسابِغاتُ إلى الوغى نتسربلُ
أحلامنا ترنُ الجبـالَ رزانـةًوتخالنا جِنّـا إذا مـا نجهـلُ
إنَّ استراقكَ يا جريرُ قصائـديمثل ادّعاء سوى أبيك تنقَّـلُ
ضربت عليك العنكبوتُ بنسجهاوقضى عليك به الكتابُ المنزلُ
إنّ الزحـام لغيركـم فتحيّنـواوِرْدَ العشيِّ إليه يخلو المنهلُ



 
قطري ابن الفجاءة ..

هو جعونة بن مازن بن يزيد الكناني المازني التميمي أبو نعامة. شاعر
الخوارج وفارسها وخطيبها والخليفة المسمّى أمير المؤمنين في أصحابه ،
وكان من رؤساء الأزارقة وأبطالهم.

من أهل قطر بقرب البحرين كان قد استفحل أمره في زمن مصعب بن
الزبير ، لما ولي العراق نيابة عن أخيه عبد الله بن الزبير. وبقي قطري
ثلاث عشرة سنة، يقاتل ويسلَّم عليه بالخلافة وإمارة المؤمنين والحجاج
يسير إليه جيشاً إثر جيش ، وهو يردهم ويظهر عليهم. وكانت كنيته في
الحرب نعامة و( نعامة فرسه ) وفي السلم أبو محمد. قال صاحب سنا
المهتدي في وصفه : كان طامة كبرى وصاعقة من صواعق الدنيا في
الشجاعة والقوة وله مع المهالبة وقائع مدهشة، وكان عربياً مقيماً
مغرماً وسيداً عزيزاً وشعره في الحماسة كثير. له شعر في كتاب شعر
الخوارج..

من اشهر قصائدة ..

أَقولُ لَها وَقَد طارَت شَعاعاً مِنَ الأَبطالِ وَيحَكِ لَن تُراعي

فَإِنَّكِ لَو سَأَلتِ بَقاءَ يَومٍ عَلى الأَجَلِ الَّذي لَكِ لَم تُطاعي

فَصَبراً في مَجالِ المَوتِ صَبراً فَما نَيلُ الخُلودِ بِمُستَطاعِ

وَلا ثَوبُ البَقاءِ بِثَوبِ عِزٍّ فَيُطوى عَن أَخي الخَنعِ اليُراعُ

سَبيلُ المَوتِ غايَةُ كُلِّ حَيٍّ فَداعِيَهُ لِأَهلِ الأَرضِ داعي

وَمَن لا يُعتَبَط يَسأَم وَيَهرَم وَتُسلِمهُ المَنونُ إِلى اِنقِطاعِ

وَما لِلمَرءِ خَيرٌ في حَياةٍ إِذا ما عُدَّ مِن سَقَطِ المَتاعِ



كما له شعر يبث به الشجاعة في نفسه ويطرد عنها الخوف حين ملاقاته
جند بني أمية، وهو إن كان لا يخجل من الاعتراف بخوفه -خاصة حين
يكون المهلب بن أبي صفرة على رأس الجيش الأموي- فإنه يتسجمع
شجاعته ليتغلب بها على خوفه ذاك،

أَلَم يَأتِها أَنّي لَعِبتُ بِخالِدٍ وَجاوَزتُ حَدَّ اللُعبِ لَولا المُهَلَّبُ
وَأَنا أَخَذنا مالَهُ وَسِلاحَهُ وَسُقنا لَهُ نيرانَها تَتَلَهَّبُ
فَلَم يَبقَ مِنهُ غَيرُ مُهجَةِ نَفسِهِ وَقَد كانَ مِنهُ المَوتُ شَبراً وَأَقرَبُ
وَلكِن مُنينا بِالمُهَلَّبِ إِنَّهُ شَجىً قاتِلٌ في داخِلِ الحَلقِ مُنشَبُ

ويقول ..

أَلا قُل لِبُشرَ إِن بِشَراً مُصَبَّحٌ

بِخَيلٍ كَأَمثالِ السَراحينَ شُزَّبِ

يُقَحِّمُها عَمرو القَنا وَعُبَيدَةٌ

مُفدىً خِلالَ النَقعِ بِالأُمِ وَالأَبِ

هُنالِكَ لا تَبكي عَجوزٌ عَلى اِبنِها

فَأَبشِر بِجَدعٍ لِلأُنوفِ مُوَعَّبِ

أَلَم تَرَنا وَاللَهُ بالِغُ أَمرِهِ

وَمَن غالَبَ الأَقدارَ بِالشَرِّ يُغلَبُ

رَجِعنا إِلى الأَهوازِ وَالخَيلُ عُكَّفٌ

عَلى الخَيرِ ما لَم تَرمِنا بِالمُهَلَّبِ
 
جميل بثينة ..

جميل بن عبد الله بن معمر العذري القضاعي، أبو عمرو.
شاعر من عشاق العرب، افتتن ببثينة من فتيات قومه خطبها إلى أبيها فرده وزوجها من رجل آخر.، فتناقل الناس أخبارهما.
شعره يذوب رقة، أقل ما فيه المدح، وأكثره في النسيب والغزل والفخر.
كانت منازل بني عذرة في وادي القرى من أعمال المدينة ورحلوا إلى أطراف الشام الجنوبية. فقصد جميل مصر وافداً على عبد العزيز بن مروان، فأكرمه وأمر له بمنزل فأقام قليلاً ومات فيه


من شعره ..

ارحَمِيني، فقد بلِيتُ، فحَسبي بعضُ ذا الداءِ، يا بثينة ُ، حسبي!
لامني فيكِ، يا بُثينة ُ، صَحبي، لا تلوموا ، قد أقرحَ الحبُّ قلبي!
زعمَ الناسُ أنّ دائيَ طِبّي، أنتِ، والله، يا بُثينة ُ، طِبّي!


وقال ..

إنّ المنازلَ هيّجتْ أطرابي واستعْجَمَتْ آياتُها بجوابي
قفراً تلوح بذي اللُّجَينِ، كأنّها أنضاءُ رسمٍ، أو سطورُ كتابِ
لمّا وقفتُ بها القَلوصَ، تبادرتْ مني الدموعُ، لفرقة ِ الأحبابِ
وذكرتُ عصراً، يا بثينة ُ ، شاقني وذكرتُ أيّامي، وشرخَ شبابي
/

حلفتُ، لِكيما تَعلمِيني صادقاً، وللصدقُ خيرٌ في الأمرِ وأنجحُ
لتكليمُ يومٍ من بثينة َ واحدٍ ألذُّ من الدنيا، لديّ وأملحُ
من الدهرِ لو أخلو بكُنّ، وإنما أُعالِجُ قلباً طامحاً، حيثُ يطمحُ
ترى البزلَ يكرهنَ الرياحَ إذا جرتْ وبثنة ُ، إن هبتْ بها الريحُ تفرحُ
بذي أُشَرٍ، كالأقحُوانِ، يزينُه ندى الطّلّ، إلاّ أنّهُ هو أملَح


قد أورثتِ قلبي ..

لقد أورَثَتْ قلبي وكان مصححا بثينةُ صدغا يوم طار رداؤها

إذ خَطَرَتْ من ذكر بثنة خطرةٌ عصتني شؤون العين فانهلّ ماؤها

فإن لم أزرها عادني الشوق والهوى وعاود قلبي من بثينة داؤها

وكيف بنفس أنتِ هيّجتِ سقمها ويمنع منها يا بثين شفاؤها

لقد كنت أرجو أن تجودي بنائل فأخلف نفسي من جداك رجاؤها

فلو أن نفسي يا بثين تطيعني لقد طال عنكم صبرها وعزاؤها

ولكن عصتني واستبدّت بأمرها فأنتِ هواها يا بثين وشاؤها

فأحيي –هداك الله- نفساً مريضةً طويلاً بكم تهْيامُها وعناؤها
 
الاخطــل ..

هو غياث بن غوث التغلبي لقبه الأخطل وكنيته أبو مالك. شاعر أموي، ولد في الحيرة أيام عشرين للهجرة، من أب تغلبي فقير. اتجه منذ صباه إلى شعر الهجاء، ولهذا اتصل به يزيد حين أقدم شاعر من الأنصار على هجائه وهجاء والده والتشبيب بأخته والتحدث عن غراميات معها، وطلب منه أن يهجو الأنصار.




فتهيب الأخطل ثم قبل لعدة أسباب،

أهمها أنه أموي الهوى وطالب شهرة وطالب مال.





وهكذا انفتح باب المجد أمامه، فأطلق لسانه في هجاء الأنصار ونعتهم بأنهم يهود، وبأنهم فلاحون، يشربون الخمر، وضرب على وتر حساس فجعلهم دون قريش مكانة وشرفا، وأثار ما كان بين القحطانية والعدنانية من عداء، وجعل اللؤم تحت عمائم الأنصار، وأمضهم في نصيحته حين ثناهم عن طلب المجد لأنهم ليسوا من أهله،




ووصمهم بالجبن في القتال فقال :






لعن الإله بني اليهود عصابة بالجزع بين جلاجل وصرار



قوم إذا هدر العصير رأيتهم حمرا عيونهم كجمـر النـار


ذهبت قريش بالمكارم والعلا واللؤم تحت عمائم الأنصـار

فذروا المعالي لستم من أهلها وخذوا مساحيكم بني النـجار
















وكانت هذه المناسبة سبيله إلى الاتصال ببني أمية وخاصة بعبد الملك بن مروان حتى أصبح شاعرهم الناطق باسمهم، والمروج لسياستهم. والمدافع عنهم وكان يمثل قبيلته تغلب في الوقت نفسه، فيتغنى بأمجادها، ويهجو أعداءها القيسية، ويشد النزاع القبلي بين تغلب وقبائل قيس إلى عجلة السياسة الأموية، ومما سهل عليه ذلك كون بني تغلب حلفاء للأمويين، بينما القيسية أعداء الخلافة.




وفاته ..

التحم الهجاء بين الأخطل وجرير حتى مات أبو مالك ( الأخطل) في خلافة الوليد بن عبد الملك سنة 92 هـ = 718 م.




من أروع قصائده ...

شربنا فمتنا ميتة ً جاهلية ً...مضى أهلُها، لمْ يَعْرفوا ما محمّدُ
ثلاثة َ أيامٍ، فلما تنبهت... حشاشاتُ أنفاسٍ، أتتنا ترددُ
حَيينا حياة ً، لمْ تكُنْ مِنْ قِيامَة ... ٍعلينا، ولا حشرٌ أتاناهُ موعدُ
حياة َ مِراضٍ، حوْلُهمْ بعدَما صَحَوا... من الناس شتى عاذلونَ وعودُ
وقلنا لساقينا: عليكَ، فعدْ بنا ... إلى مثلها بالأمسِ، فالعودُ أحمدُ
فجاء بها، كأنّما في إنائِهِ ... بها الكوْكبُ المِرّيخُ، تصفو وتُزْبِدُت
فوح بماءٍ يشبهُ الطيبَ طيبهُ ... إذا ما تعاطَتْ كأسَها مِنْ يدٍ يَدُ
تميتُ وتحي بعد موتٍ، وموتها ... لذيذٌ، ومحياها ألذُّ وأحمدُ




 
الشاعر الكميت الأسدي ( رحمه الله )

( 60 هـ ـ 126 هـ )

اسمه ونسبه :

الكميت بن زيد الأسدي ، وينتهي نسبه إلى مُضَر بن نزار بن عدنان ، وهو من شعراء الكوفة في القرن الأوّل الهجري .

ولادته ونشأته :

ولد الكميت في سنة ( 60 هـ ) ، عاش عيشة مرضية ، سعيداً في دنياه ، داعياً إلى سنن الهدى ، فعاش حتى أتيحت له الشهادة في الكوفة ، في خلافة مروان بن محمد سنة ( 126 هـ ) بعد عام واحد من خلافته .
وكان ذكياً حاضر الجواب منذ صغره ، كاتباً حسن الخط ، خطيب بني أسد ، فقيهاً متضلعاً بالفقه ، فارساً ، شجاعاً ، سخياً ، حافظاً للقرآن ، وهو أول من ناظر في التشيع مجاهراً بذلك .

علمه وفضله :

قال محمد العيساوي الجمحي : الكميت أول من أدخل الجدل المنطقي في الشعر العربي فهو مجدد بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى ، وشعره ليس عاطفياً كبقية الشعراء ، بل إن شعره شعر مذهبي ، ذهني عقلي .
فهو شاعر يناضل عن فكرة عقائدية معينة ، وعن مبدء واضح ، ومنهج صحيح ، ودعوته هذه قد آمن بها ، وكرَّس لها حياته وجهده ، وتحمل في سبيلها الأذى ومات بسببها .
وقال أبو الفرج : شاعر ، مقدَّم ، عالم بلغات العرب ، خبير بأيامها ، من شعراء مضر وألسنتها المتعصبين ، ومن العلماء بالمثالب والأيام المفاخرين بها ، كان في أيام بني أمية ، ولم يدرك العباسية ، وكان معروفاً بالتشيع لبني هاشم ، مشهوراً بذلك [ الغدير 2 / 286 ] .
وقال الفرزدق له : أنت والله أشعر من مضى وأشعر من بقي .
وسُئل معاذ الهرَّاء : من أشعر الناس ؟ قال : أمن الجاهليين أم من الإسلاميين ؟
قالوا : بل من الجاهليين ، قال : امرؤ القيس ، وزهير ، وعبيد بن الأبرص .
قالوا : فمن الإسلاميين ؟ قال : الفرزدق ، وجرير ، والأخطل ، والراعي .
قال : فقيل له : يا أبا محمد ما رأيناك ذكرت الكميت فيمن ذكرت ؟ قال : ذاك أشعر الأولين والآخرين
ولاؤه لأهل البيت ( عليهم السلام ) :

كانت جُلُّ أشعار الكميت في مدح أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وذلك في زمن الدولة الأموية التي كانت تغدق الأموال لشراء الألسن والشعراء ، والمديح والثـناء .
ومع ذلك نرى أن الكميت قد لوى وجهه عنهم إلى أناس مضطهدين مقهورين ، ويقاسي من جرَّاء ذلك الخوف والاختفاء ، تتقاذف به المفاوز والحزون ، فليس من الممكن أن يكون ما يتحرَّاه إلا خاصة في من يتولاهم لا توجد عند غيرهم .
بعض نوادره :

1 - حينما كان الكميت ينشد الشعر وهو صغير ، مر به الفرزدق ، فقال له الفرزدق : أيَسُرُّك أني أبوك ؟
قال : لا ، ولكن يسرُّني أن تكون أمِّي ! فَحَصِرَ الفرزدق فأقبل على جلسائه ، وقال : ما مرَّ بي مثلُ هذا قَطٌّ .


2 - كان الكميت مختفياً عند أبي الوضاح ، فسقط غراب على الحائط ونعب ، فقال الكميت لأبي الوضاح : إني لمأخوذ ، وإن حائطك لساقط ، فقال : سبحان الله ! هذا ما لا يكون إن شاء الله تعالى .

وكان الكميت خبيراً بالزجر – الكهانة – فقال له : لا بدَّ أن تحوِّلني ، فخرج به إلى بني علقمة – وكانوا يتشيعون – فأقام فيهم ، ولم يصبح حتى سقط الحائط الذي سقط عليه الغراب .
شهادته :

استشهد الكميت ( رحمه الله ) في الكوفة في خلافة مروان بن محمد سنة ( 126 هـ ) ، وكان السبب في ذلك أنه ( رحمه الله ) مدح يوسف بن عمر ، بعد عزل خالد القسري عن العراق في قصيدة قال فيها :
خَرجتَ لهم تُمسِي البراحَ وَلَم تَكُنكَمَن حِصنُهُ فيه الرتاجُ المضَّببُوَمَا خَالدٌ يَستَطعِمُ المَاءَ فَاغِراًبِعَدلِكَ والدَّاعِي إِلَى المَوتِ يَنعبُ
وكان الجند على رأس يوسف متعصبين لخالد ، فوضعوا نعال سيوفهم في بطن الكميت ( رحمه الله ) ، فُوْجِ
وروي عن المستهل بن الكميت أنه قال :

حضرت أبي عند الموت وهو يجود بنفسه ، ثم أفاق ففتح عينه ثم قال ( رحمه الله ) : ( اللهم آل محمد ، اللهم آل محمد ، اللهم آل محمد ) ، ثلاثاً .
وروي أيضاً أنه ( رحمه الله ) قال لولده المستهل : إذا متُّ فامضِ بي إلى موضع يقال ( مكران ) ، فادفنِّي فيه ، فدفن الكميت ( رحمه الله ) في ذلك الموضع ، وكان أوَّل من دفن فيه ، وهي مقبرة بني أسد .
ؤُوهُ بها ، وقالوا : أتنشد الأمير ولم تستأمره ؟ فلم يزل ينزف الدم حتى مات ( رحمه الله ) .


من أروع قصائده ..

"طربت وما شوقا إلى البيض أطرب "

"ولا لعبا مني وذو الشيب يلعب"


"ولم يلهني دارا ولا رسم منزل"

"ولم يتطرّبني بنان مخضّب"


"ولا أنا ممن يزجر الطير همه "

"أصاح غراب أم تعرض ثعلب"


"ولا السانحات البارحات عشية"

"أمر سليم القرن أم مر أغضب"


"ولكن إلى أهل الفضائل والنهى "

"وخير بني حواء والخير يطلب"


"إلى النفر البيض الذين بحبهم"

"إلى الله فيما نالني أتقرب"


"بني هاشم رهط النبي فإنني"

"بهم ولهم مرارا أرضى وأغضب"


"خفضت لهم مني جناحي مودة"

"إلى كنف عطفاه أهل ومرحب"


"وكنت لهم من هؤلاء وهؤلا "

"محبا على إني أذم وأغضب"


"وأرمي وأرمي بالعداوة أهلها"

"واني لأوذى فيهم وأؤنب"


"فما ساءني قول امرئ ذي عداوة "

"بعوراء فيهم يتحديني فاجذب"


"فقل للذي في ظل عمياء جونة "

"ترى الجور عدلا أين لا أين تذهب"


"بأي كتاب أم بأية سنة"

"ترى حبهم عارا علي وتحسب"


"أأسلم ما تأتي به من عداوة "

"وبغض لهم لا جبر بل هو أشجب"


"ستقرع منها سن خزيان نادم "

"إذا اليوم ضم الناكثين العصبصب"


"فمالي إلا آل أحمد شيعة "

"وما لي إلا مشعب الحق مشعب"


"ومن غيرهم أرضى لنفسي شيعة"

" ومن بعدهم لا من أجل وأرجب"


"أريب رجالا منهم وتريبني"

"خلائق مما أحدثوهن أريب"


"إليكم ذوي آل النبي تطلعت"

"نوازع من قلبي ظماء واليب "


"فاني عن الأمر الذي تكرهونه"

"بقولي وفعلي ما استطعت لا جنب"


"يشيرون إلي بالأيدي وقولهم "

"ألا خاب هذا والمشيرون أخيب"


"فطائفة قد كفرتني بحبكم "

"وطائفة قالوا مسيء ومذنب"


"فما ساءني تكفير هاتيك منهم "

"ولا عيب هاتيك التي هي أعيب"


"يعيبوني من خبّهم وضلالهم "

" على حبكم بل يسخرون وأعجب"


"وقالوا ترابي هواه ورأيه"

"بذلك أدعى فيهم وألقب"


"على ذاك إجريّاي فيكم ضريبتي"

"ولو جمعوا طرا علي واجلبوا"


"وأحمل أحقاد الأقارب فيكم"

"وينصب لي في الأبعدين فانصب"


"بخاتمكم غصبا تجور أمورهم"

"فلم أر غصبا مثله يتغصب"


"وجدنا لكم في آل حاميم آية"

"تأولها منا تقي ومعرب"


"وفي غيرها آيا وآيا تتابعت "

"لكم نصب فيها لذي الشك منصب"


"بحقكم أمست قريش تقودنا"

"وبالفذ منها والرّديفين نركب"


 
شعراء العصر الاموى
 
الوسوم
الاموى العصر شعراء
عودة
أعلى