إلى اللقاء ربما نلتقي في الجنة

املي بالله

نائبة المدير العام
( إلى اللقاء .. ربما نلتقي في الجنة)





كان هذا نص الرسالة التي قام عدنان بإرسالها إلى جوالات بعض الذين يشكلون له أهميةٌ في حياته .

*أمه: لم يكن هناك أحد يقرأ لها الرسالة

*حبيبته : كانت نائمة حين وصل المسج

*أخوه الملتزم: ابتسم وهو يخبر أخوانه في الله الجالسين معه :

يبدو أن أخي عرف أخيرًا طريق الهداية , هذا المسج لا يكتبه إلا من باع الدنيا وقرر الذهاب للجهاد .

*صديقته التي لا تعيش بدون حزن كتبت رداً : أي جنة ونحن نركض فوق رصيف من البكاء ؟

*أحد أصدقائه: كان جواله مفصول لعدم السداد

*صديق آخر: جواله مغلق

كان عليه أن لا يثق باهتمام الآخرين به حين قرر أمراً مهماً .
وحده ناصر .. الصديق الأكثر قرباً وصدقاً .. شعر أن الرسالة كانت قراراً اتخذه عدنان لنهاية حياته
فمنذ فترة وأحاديث عدنان يسيطر عليها الموت , يتحدث كثيراً عن قصص الانتحار التي يقرأها بالصحف
يجعل من نفسه طبيباً نفسياً ليحلل أسباب انتحارهم ,
لم يكن مقتنعاً بما يرد في الخبر من أن سبب الانتحار مرض نفسي ,
كان يقول : لا أحد يقترب من الموت إلا لسببٍ عظيم .
كان يهتم بالطريقة التي نُفذ بها الانتحار , ويخبر ناصر : أن الأكثر شجاعةً من هؤلاء المنتحرين هو من يرمي جسده من فوق بنايةٍ عالية ,
لن يكون له خيار آخر سوى الوقوع ولن تتعاطف معه الريح لتعود به إلى الأعلى .
أما من يختار المسدس فإنه سيعيش لحظات من الخوف قبل أن تصل الرصاصة إلى مكانها
وربما تسبب ذلك الخوف في أن تتجه الرصاصة إلى مكان آخر لا يمنحه الموت ,
ومن يختار الحبل لن يأتي موته دون أن تمر عليه لحظات تسكنها رغبة التراجع ,
سيشعر بالألم حول عنقه وستحاول يديه أن تبعد ذلك الحبل .
لم يكن أمام ناصر سوى الإنصات لأحاديثه والوقوف معه أمام البناية التي في آخر الحارة وهي في طور الإنشاء
ليخمن عدنان كم من الوقت يستغرق الوقوع من الأعلى ؟

اتجه إلى شقة عدنان , وهو في طريقه إليها كانت دموعه تحاول الركض على خديه , لم يكن يريد أن يفقد صديقه
بهذه الطريقة , عليه أن يصل بسرعة ليخبره أن في الحياة مكان جميل ربما لم يصل إليه .
كانت خطواته ثقيلة , فالخطوات التي تقودنا إلى شيء سيء تحمل قلقنا وخوفنا بصعوبة , تحاول أن تكون بطيئة لتمنحنا وقتاً أكثر
في الحياة بدون شيء مزعج .
لم يكن أمامه حين وصل إلى الشقة وشاهد بابها مفتوحاً سوى تخيلٌ فظيع برؤية صديقه وهو معلق بسقف الغرفة , تجمدت أطرافه ,
لم يكن قادراً على أن يكون الشاهد الأول لرحيل صديقه .
خطواتٌ بطيئة تتجاوز الباب لتدخل إلى الصالة , كان كل شيءٍ مرتب بشكل أنيق كعادة عدنان ,
لم تكن هناك فوضى في المكان تثير الدهشة , الشيء الملفت للنظر هي تلك الأوراق الموضوعة بشكل متسلسل من بداية الصالة إلى غرفة نومه , وكأنه أراد أن يمنح أول من يكتشف نهايته فرصة لقراءة أشياءه .

الورقة الأولى :

خالية من أي عبارة , لم يكن بها سوى دوائر كبيرة متداخلة ببعضها , مرسوم بوسطها رجل يلتف حول عنقه حبل ومسدس يتجه إلى رأس ذلك الرجل

الورقة الثانية :

أصدقائي الأنذال : ألم تلاحظوا أن لحظاتنا مع بعضنا تشبه مسرحية رديئة , تحمل سيناريو مشتت وأداء سيء من أبطال تلك المسرحية , لم نفعل شيئاً ونحن معاً يجعل الآخرين والحياة يصفقوا لنا ؟

ورقة أخرى :

حبيبتي : لا ادري لماذا هذا القلب لا يتحدث كثيراً حين تكونين معي , مع أن بداخله الشيء الكثير , كنت أحاول تجاوز حاجز صمت كلمات حبي لكني فشلت , أدركت أخيراً أن اللحظات الثمينة التي تجمعني بك تحتاج إلى شيء يجعلنا نغرق دون أن نشعر بالآخرين من حولنا , لكن الحزن يسرق مني الكلام يغطي لغتي الجميلة برداءٍ ثقيل تجد كلماتي معه صعوبة في الظهور ,
فأنا حزين لأني لم استطع أن أكون كما كنت في أحلامي, تلك الأحلام التي تسقينا العطش ونحن نعتقد أنها تروينا , لم يتحقق شيئا منها كلها تذهب مع أول لحظات الصحو لأظل امضغ واقعي التعيس .
نادم لأني لم أمنحك حديثاً يجعل مشاعرك تسافر وتسافر دون أن تبحث عن استقرار , ونادم لأني لم اخلق كلمات تطعن صدرك بحب .
المؤسف أنه لم يعد هناك فرصة أخرى للمحاولة

ورقة ممزقةٌ أطرافها :

مادام هناك افتراضية لوجود احتمال سيء , هذا يعني إمكانية ظهوره في أي لحظة
وأنا كل احتمالات حياتي تتجه إلى السيئ
تفووووه عليك حياة

ورقة أخرى :

المتسولون والفقراء في هذه الحياة يرضون بما يجود به الآخرين من ببقايا أكلهم وبقايا ثيابهم الرديئة , نحن بشكل أو بآخر نشبهم فنحن متسولون للحياة نركض خلفها دائماً ,
حتى وهي تجود علينا بأشيائها السيئة من ألم وحزن وفقد إلا أننا نظل نركض ونركض

ورقة أخيرة :
(نعم أنا عدنان عبد الرحيم اكتب هذه الورقة وأنا بكامل قواي العقلية , حتى لا يقوم أفراد المباحث الجنائية ورجال الشرطة بمجهود في البحث عن غريمي لن تكون نهايته سوى التعب :
بقرار ورغبة منى غادرت الحياة , لست مريضاً نفسياً , وليس هناك من حرضني على القيام بذلك .
أردت أن اختار نهايتي , و أتذوق طعم الموت , فطعم الحياة لم يكن بالنسبة لي لذيذاً .
ولست كالبقية أحاول البحث عن مزيد من الحياة مع أنهم يدركون انه لا خلود في هذه الحياة ,
فما قيمتها مادامت ستجف منا ؟

عليكم وعلى حياتكم السلام).


كانت تلك الورقة الأخيرة , وحين وصل الغرفة لم يجده بداخلها تذكر سؤاله الدائم عن زمن السقوط من أعلى تلك البناية و حديثه عن شجاعة من يختار السقوط من الأعلى , اتجه مباشرةً إلى تلك البناية , كانت سيارة صديقه قريبة منها , اقترب من البناية وجده هناك جالساً يبكي ويصيح :

(أنا جبـــآن جبـــآن .. خفت من الموت .)

لم يذهب إليه , تركه يبكي , فهو مطمئن الآن من أن صديقه لن ينهي حياته بيديه سينتظر اليوم الذي كتب له الله فيه المغادرة ليغادر.

فمن يخاف من شيءٍ لا يقترب منه مجدداً !!!











:
:
:
:
:
:






فكرة التعاطي مع الموت كخيار متوفر "مرعبة "

عرفته صغيرة كمصطلح لم تجب أمي عن تساؤلاتي حوله .. وحين انطق باسمه كانت تقول "شوفي العصفور اللي يطير هناك" وتمضي بحديث غيره
أمي التي آمنت به كحق .. ولكنها ترفض أن يمس شئ هو لها
تهشه عنا ما استطاعت
تسميه بمسميــآت آخرى كلها لاتشبه جفاف احرف "موت"
كبرنا واصبحت فكرة التعاطي مع الموت كخيار متوفر "مرعبة أكثر"




كيف سيأتي ؟

وعلى أي حال سنموت؟

يأتينا أم نأتي إليه ؟

يؤلم ؟

نواجهه ؟

نستسلم له ؟

سأرتاح ؟ ... أم ستظل رغبة العوده تطاردني ؟

أي الميتات وجعاً ؟.. وأيها أفضل ؟






يارب ارحمنـــآ برحمتك وأحسن خواتمنــآ ولاتمتنــآ إلا وأنت راضِ عنآ ....






م ـمـآ راق لي
 
مشكورة يا بحورة ما قصرت يعطيك العااافية
نــ ــنـــ تـ ــظـ ــر جــ ــد يــ ــد كــ
 
الوسوم
إلى الجنة اللقاء ربما في نلتقي
عودة
أعلى