وجوب الولى فى نكاح المراءة

ياسر المنياوى

شخصية هامة
قال ابن قدامة في المغني
مَسْأَلَةٌ ؛ قَالَ ( وَإِذَا زَوَّجَهَا مَنْ غَيْرُهُ أَوْلَى مِنْهُ ، وَهُوَ حَاضِرٌ ، وَلَمْ يَعْضُلْهَا ، فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ ) .
هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَشْتَمِلُ عَلَى أَحْكَامٍ ثَلَاثَةٍ ؛
أَحَدُهَا ،
أَنَّهُ إذَا زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ الْأَبْعَدُ ، مَعَ حُضُورِ الْوَلِيِّ الْأَقْرَبِ ، فَأَجَابَتْهُ إلَى تَزْوِيجِهَا مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ ، لَمْ يَصِحَّ .
وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ مَالِكٌ : يَصِحُّ ؛ لِأَنَّ هَذَا وَلِيٌّ ، فَصَحَّ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِإِذْنِهَا كَالْأَقْرَبِ .
وَلَنَا ، أَنَّ هَذَا مُسْتَحِقٌّ بِالتَّعْصِيبِ ، فَلَمْ يَثْبُتْ لِلْأَبْعَدِ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ ، كَالْمِيرَاثِ ، وَبِهَذَا فَارَقَ الْقَرِيبُ الْبَعِيدَ
. الْحُكْمُ الثَّانِي ،
أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ يَقَعُ فَاسِدًا ، لَا يَقِفُ عَلَى الْإِجَازَةِ ، وَلَا يَصِيرُ بِالْإِجَازَةِ صَحِيحًا ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إذَا زُوِّجَ الْأَجْنَبِيُّ أَوْ زُوِّجَتْ الْمَرْأَةُ الْمُعْتَبَرُ إذْنُهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا ، أَوْ تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ ، فَالنِّكَاحُ فِي هَذَا كُلِّهِ بَاطِلٌ ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ .
نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي مَوَاضِعَ .
وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ ، وَأَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي ثَوْرٍ .
وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى ، أَنَّهُ يَقِفُ عَلَى الْإِجَازَةِ ؛ فَإِنْ أَجَازَهُ جَازَ ، وَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ فَسَدَ .
قَالَ أَحْمَدُ ، فِي صَغِيرٍ زَوَّجَهُ عَمُّهُ : فَإِنْ رَضِيَ بِهِ فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ ، جَازَ ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ ، فَسَخَ وَإِذَا زُوِّجَتْ الْيَتِيمَةُ ، فَلَهَا الْخِيَارُ إذَا بَلَغَتْ .
وَقَالَ : إذَا زُوِّجَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ ، ثُمَّ عَلِمَ السَّيِّدُ ، فَإِنْ شَاءَ أَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ فَالطَّلَاقُ بِيَدِ السَّيِّدِ ، فَإِنْ أَذِنَ فِي التَّزْوِيجِ فَالطَّلَاقُ بِيَدِ الْعَبْدِ .
وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ ، فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ يُعْتَبَرُ فِيهَا الْإِذْنُ .
وَرُوِيَ ذَلِكَ فِي النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَنْ ابْنِ سِيرِينَ ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ ، وَإِسْحَاقَ ، وَأَبِي يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٍ ؛ لِمَا رُوِيَ { أَنَّ جَارِيَةً بِكْرًا أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ لَهُ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ ، فَخَيَّرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ، وَابْنُ مَاجَهْ .
وَرُوِيَ { أَنَّ فَتَاةً جَاءَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : إنَّ أَبِي زَوَّجَنِي مِنْ ابْنِ أَخِيهِ ، لِيَرْفَعَ بِي خَسِيسَتَهُ .
قَالَ : فَجَعَلَ الْأَمْرَ إلَيْهَا .
فَقَالَتْ : قَدْ أَجَزْت مَا صَنَعَ أَبِي ، وَلَكِنِّي أَرَدْت أَنْ أَعْلَمَ أَنَّ لِلنِّسَاءِ مِنْ الْأَمْرِ شَيْئًا .
} رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالنَّسَائِيُّ .
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ : { أَرَدْت أَنْ يَعْلَمَ النِّسَاءُ أَنْ لَيْسَ إلَى الْآبَاءِ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ } .
وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ يَقِفُ عَلَى الْفَسْخِ ، فَوَقَفَ عَلَى الْإِجَازَةِ ، كَالْوَصِيَّةِ وَلَنَا ، قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ } وَقَالَ : { إذَا نَكَحَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ ، فَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ } ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ، وَابْنُ مَاجَهْ .
إلَّا أَنَّ أَبَا دَاوُد قَالَ : هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ عُمَرَ وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ لَا تَثْبُتُ فِيهِ أَحْكَامُهُ ؛ مِنْ الطَّلَاقِ ، وَالْخُلْعِ ، وَاللِّعَانِ ، وَالتَّوَارُثِ ، وَغَيْرِهَا ، فَلَمْ يَنْعَقِدْ ، كَنِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ .
فَأَمَّا حَدِيثُ الْمَرْأَةِ الَّتِي خَيَّرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ مُرْسَلٌ عَنْ عِكْرِمَةَ ، رَوَاهُ النَّاسُ كَذَلِكَ ، وَلَمْ يَذْكُرُوا ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَهُ أَبُودَاوُد ثُمَّ يَحْتَمِلُ أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ هِيَ الَّتِي قَالَتْ : زَوَّجَنِي مِنْ ابْنِ أَخِيهِ لِيَرْفَعَ بِي خَسِيسَتَهُ .
فَخَيَّرَهَا لِتَزْوِيجِهَا مِنْ غَيْرِ كُفْئِهَا ، وَهَذَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ وَلَا يُبْطِلُ النِّكَاحَ ، وَالْوَصِيَّةُ يَتَرَاخَى فِيهَا الْقَبُولُ ، وَتَجُوزُ بَعْدَ الْمَوْتِ ، فَهِيَ مَعْدُولٌ بِهَا عَنْ سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ ، وَلَا تَفْرِيعَ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لِوُضُوحِهَا .
فَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ، فَإِنَّ الشَّهَادَةَ تُعْتَبَرُ فِي الْعَقْدِ ؛ لِأَنَّهَا شَرْطٌ لَهُ ، فَيُعْتَبَرُ وُجُودُهَا مَعَهُ ، كَالْقَبُولِ ، وَلَا تُعْتَبَرُ فِي الْإِجَازَةِ ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِعَقْدٍ ، وَلِأَنَّهَا إذَا وُجِدَتْ ، اسْتَنَدَ الْمِلْكُ إلَى حَالَةِ الْعَقْدِ ، حَتَّى لَوْ كَانَ فِي الْعَقْدِ نَمَاءُ مِلْكٍ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ ، لَا مِنْ حِينِ الْإِجَازَةِ ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْإِجَازَةِ ، لَمْ يَرِثْهُ الْآخَرُ ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ تَمَامِ الْعَقْدِ وَصِحَّتِهِ وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ ، إنْ كَانَ مِمَّا لَوْ رُفِعَ إلَى الْحَاكِمِ أَجَازَهُ ، وَرِثَهُ الْآخَرُ ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَلْزَمُهُ

انتهى

وفي الموسـوعة الفقهية
حُكْمُ إنْكَاحِ الْوَلِيِّ الْأَبْعَدِ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ

ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ
إلَى أَنَّهُ إذَا زَوَّجَ الْمَرْأَةَ الْوَلِيُّ الْأَبْعَدُ مَعَ حُضُورِ الْوَلِيِّ الْأَقْرَبِ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ الْأَقْرَبِ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ ; لِأَنَّ الْوَلِيَّ الْأَقْرَبَ اسْتَحَقَّ الْوِلَايَةَ بِالتَّعْصِيبِ فَلَمْ تَثْبُتْ لِلْأَبْعَدِ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ كَالْمِيرَاثِ .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ
إلَى أَنَّ إنْكَاحَ الْوَلِيِّ الْأَبْعَدِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ الْأَقْرَبِ فَلَهُ الِاعْتِرَاضُ وَالْفَسْخُ مَا لَمْ يَرْضَ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً كَقَبْضِهِ الْمَهْرَ مَثَلًا , وَمَا لَمْ يَسْكُتْ حَتَّى تَلِدَ أَوْ تَحْبَلَ . فَإِنْ رَضِيَ الْوَلِيُّ الْأَقْرَبُ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً , أَوْ سَكَتَ حَتَّى تَلِدَ أَوْ تَحْبَلَ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الِاعْتِرَاضِ وَالْفَسْخِ , وَذَلِكَ لِئَلَّا يَضِيعَ الْوَلَدُ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَ أَبَوَيْهِ , فَإِنَّ بَقَاءَهُمَا مُجْتَمِعَيْنِ عَلَى تَرْبِيَتِهِ أَحْفَظُ لَهُ .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ
إلَى أَنَّ النِّكَاحَ يَكُونُ صَحِيحًا إذَا عَقَدَهُ الْأَبْعَدُ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَقْرَبُ مُجْبِرًا , فَإِنْ كَانَ مُجْبِرًا - وَهُوَ عِنْدَهُمْ الْأَبُ وَوَصِيُّهُ - فَلَا يَصِحُّ تَزْوِيجُ الْوَلِيِّ الْأَبْعَدِ
 
· الدكتور رياض بن محمد المسيميري
[font=&quot]
[/font]
[font=&quot]مقدمة[/font][font=&quot] : [/font][font=&quot]
الحمد لله ، وأصلي وأسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعد :

فقد شرع الله تعالى النكاح بين الجنسين لحكم عديدة ، وفوائد خارجة عن نطاق الحصر ، فمن أهمها :

[/font]
[font=&quot]1-[/font][font=&quot] استمرار الجنس البشري ، لعمارة الأرض ، وتحقيق الهدف الأول من خلق البشر وهو عبودية البارئ سبحانه وإفراده بالوحدانية والألوهية .

[/font]
[font=&quot]2-[/font][font=&quot] إشباعُ الغريزة الفطرية لدى الذكور والإناث – بطريقة شرعية سليمة ، بعيدة عن الإسفاف الخُلقي ، والوصال البهيمي ، والذي كثيراً ما يحصل لدى أرباب الشهوات الحيوانية ، وأصحاب الانتكاسات الجبلية الدنيئة .

[/font]
[font=&quot]3-[/font][font=&quot] امتحان وابتلاء العباد بإتاحة مجالين للالتقاء بين الذكور والإناث إحداهما : شرعية ، نزيهة عبر الزواج الشرعي النظيف .

وأخراهما : محرمة ، دنسة عبر السفاح الجاهلي القذر ليتبين أهل العفة من أهل الفجور ، وطُلّاب الفضيلة من دهاقنة الرذيلة !

هذه بعض الحكم النبيلة لشريعة النكاح على سبيل الإشارة والتمثيل لا الحصر والاستقصاء .

بيد أنّ الشارع الحكيم وضع شروطاً وضوابط لكثير من العبادات والمعاملات ، والأحوال الاجتماعية والأسرية لتتحقق تلك الحكم والأهداف الرفيعة التي شرعت من أجلها الشرائع الإسلامية كافة ..

والنكاح أحرى وأولى من غيره بشروطه الخاصة ، وضوابطه المحكمة لتعلقه بأكثر الأشياء حساسية بين الذكور والإناث وهي رابطة الوصال الفطري ، واللقاء الغريزي .

ومن الشروط التي وقع فيها الخلاف بين العلماء ، شرط الولي في النكاح فأحببت بحث هذا الموضوع ولمّ أطرافه إفادة للجميع ووصولاً إلى الحق والله المستعان .

[/font]
[font=&quot]تعريف الولي لغةً[/font][font=&quot] :[/font][font=&quot]

قال الفيومي : ص 258 : " ... ووليتُ الأَمْرَ أّليه ، بكسرتين وِلاية بالكسر ، وتولّيتُهُ ، وَوَلِيتُ البَلَدَ وعليه .

ووليتُ على الصبي والمرأة ، فالفاعلُ والٍ ، والجمع : وُلاة والصبي والمرأة مَوْلىً عليه .

والوليُّ : فعيل بمعنى فاعل من وليه إذا قام به ...

وقال ابن فارس : وكلُّ من وَلَيَ أَمْرَ أَحدٍ ، فهو وليهُ ..

[/font]
[font=&quot]تعريفُ الولي في الاصطلاح العلمي[/font][font=&quot] :[/font][font=&quot]

قال الشوكاني في النيل ( 6/ 120 ) :" الوليُّ : هو الأقرب من العصبة من النسب ثم من السبب ثم من عصبته ، وليس لذوي السهام ولا لذوي الأرحام من الأولياء ،فإذا لم يكن ثمّ ولي أو كان موجوداً وعضل انتقل الأمر إلى السلطان" .


[/font]
 
[font=&quot]وقال الماوردي في الإقناع ( 1/ 124 ) : " أولى النّاس بإنكاح المرأة أبوها ثم[/font][font=&quot] أبوه – أي جدها لأبيها – ثم أخوها ثم بنوه ثم الأقرب فالأقرب من عصبتها ثم معتقها ثم عصبته ثم السلطان فهو ولي من لا ولي لها[/font][font=&quot] " [/font]
[font=&quot] [/font]
[font=&quot] وقال ابن حزم في المُحلى ( 9/ 451 ) : " ولا يحلُّ للمرأة نكاحٌ ، ثيباً كانت أو بكراً إلا بإذن وليها: الأب ، أو الإخوة أو الجدّ أو الأعمام أو بني الأعمام وإن بعدوا ، والأقرب فالأقرب أولى ، وليس ولد المرأة وليا لها .. " [/font]
[font=&quot] [/font]
[font=&quot] [/font][font=&quot]أهميةُ الولي في النكاح[/font][font=&quot] :[/font][font=&quot][/font]
[font=&quot] [/font]
[font=&quot] من أعظم التدابير الشرعية التي وضعها الشارع الحكيم لصيانة المرأة اشتراط الولي في نكاحها لما في ذلك من الحفاظ التام لمستقبل المرأة وكرامتها ، فضلاً عن مراعاة مجامع الحياء في شخصيتها وقطع الطريق على الانتهازيين ، والاستغلاليين من الرجال لئلَا يهتبلوا الفرصة السانحة ، الناجمة من الضعف الجبلي لدى عموم النساء فتقع المرأة ضحية باردة في أيدي العابثين !! . [/font]
[font=&quot] [/font]
[font=&quot] ناهيك أنّ النكاح قضية ذات ارتباط وثيق بالفروج وهو ما أراد الإسلام تجنيب المرأة مغبة الخوض في حيثياته ومناقشاته مراعاة لمشاعرها العفوية ، وطبيعتها الأنثوية . [/font]
[font=&quot] [/font]
[font=&quot] [/font][font=&quot]اختلاف العلماء في اشتراط الولي على[/font][font=&quot] قولين[/font][font=&quot] : [/font][font=&quot][/font]
[font=&quot] [/font]
[font=&quot] [/font][font=&quot]أولاً[/font][font=&quot] :[/font][font=&quot] ذهب جمهورُ أهلِ العلم سلفاً وخلفاً إلى اشتراط الولي في النكاح ، وقالوا : لا يصحُّ النكاحُ إلا بولي بل نقل الحافظ ابن حجر عن ابن المنذر قوله : إنّه لا يُعرف عن أحد من الصحابة خلاف ذلك " ( الفتح 9/ 187 ) . [/font]
[font=&quot] [/font]
[font=&quot] واستدلوا بما يلي : [/font]
[font=&quot] [/font]
[font=&quot] [/font][font=&quot]أولاً : من القرآن الكريم[/font][font=&quot] : [/font][font=&quot][/font]
[font=&quot] [/font]
[font=&quot] 1/ قوله تعالى : " ولا تُنكحوا المشركين حتى يؤمنوا .. " البقرة : قال الحافظ في الفتح ( 9/ 184 ) : " ووجه الاحتجاج من الآية والتي بعدها أنّه تعالى خاطب بالنكاح الرجال ، ولم يخاطب به النساء فكأنه قال : لا تُنكحوا أيها الأولياء مولياتكم للمشركين " وقال ابن كثير ( 1/ 377 ):" لا تُزوِّجوا الرجالَ المشركين النساء المؤمنات " 77 وقال القرطبي في الجامع ( 3/ 49 ) : " وفي هذه الآية دليل بالنصّ على أنه لا نكاح إلا بولي" [/font]
[font=&quot] [/font]
[font=&quot] 2/ قوله تعالى : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن ... " الآية . [/font]
[font=&quot] [/font]
[font=&quot] ووجه الدلالة من الآية : قولُه خطاباً للأولياء : ( فلا تعضلوهن ) وهذا الإسناد في الخطاب للأولياء دال على أنّ الأمر موكلٌ إليهم في التزويج لا إلى مولياتهم . [/font]
[font=&quot] [/font]
[font=&quot] قال البخاري في الصحيح (9/ 182) : فدخل فيه الثيب وكذلك البكر " قلت : ولهذه الآية سبب نزول أخرجه الشيخان وهذا لفظ البخاري قال : عن الحسن قال : ( فلا تعضلوهن ) [/font]
[font=&quot] [/font]
[font=&quot] قال : حدثني مَعْقِلُ بن يَسَار ، أنّها نزلت فيه قال : زوّجتُ أُختاً لي من رجل فطلّقها ، حتى إذا انقضت عدتُها جاء يخطُبها ، فقلتُ له : زوّجتُك وأفرشتُك وأكرمتُك فطلقتها ثم جئت تخطبُها ، لا والله لا تعود إليك أبداً ، وكان رجلاً لا بأس به ، وكانت المرأةُ تريدُ أن ترجع إليه فأنزل الله هذه الآية : ( فلا تعضلوهن ) فقلتُ : الآن أفعلُ يا رسول الله قال : فزوّجها إياه" . [/font]
[font=&quot] [/font]
[font=&quot] [/font]
[font=&quot] [/font]
 
[font=&quot]قال الحافظ : ( الفتح 9/ 187) :" وهي أصرحُ دليل على اعتبار الولي ، وإلا لما[/font][font=&quot] كان لعضله معنى ، ولأنها لو كان لها أن تُزوّج نفسها لم تحتج إلى أخيها ، ومن كان أمرُه إليه لا يُقالُ : إنّ غيرَه منعه منه[/font][font=&quot]"

وقال القرطبيُ (الجامع 3/105) : " ففي الآية : دليلُ على أنّه لا يجوزُ النكاحُ بغير ولي لأنّ أُختَ معقل كانت ثيباً ، ولو كان الأمرُ إليها دون وليها لزوّجت نفسها ، ولم تحتج إلى وليها معقل فالخطاب إذاً في قوله تعالى : ( فلا تعضلوهن ) للأولياء ، وأنّ الأمر إليهم في التزويج مع رضاهن "

وقال الإمام الطبري في تفسيره ( 2/ 488) : " وفي هذه الآية الدلالةُ الواضحة على صحة قول من قال : لا نكاح إلا بولي من العصبة وذلك لأنّ الله – تعالى ذكره – منع الوليّ من عضل المرأة إن أرادت النكاح ونهاه عن ذلك ، فلو كان للمرأة إنكاح نفسها بغير إنكاح وليها إياها ، أو كان لها تولية من أرادت توليته في إنكاحها لم يكن لنهي وليها عن عضلها معنى مفهوم .. "

3- قوله تعالى : ( وأنكحوا الأيامى منكم ، والصالحين من عبادكم وإماءكم .. )

قال القرطبي : " فلم يخاطبْ تعالى بالنكاح غير الرجال ، ولو كان إلى النساء لذكرهن "

وقال ابن سعدي في تفسيره ( 5/ 414) : " يأمرُ تعالى الأولياء والأسياد بإنكاح من تحت ولايتهم من الأيامى وهم : من لا أزواج لهم من رجال ونساء ، ثيبات وأبكار "

وقال السيوطي في :( الاكليل ص 193) : " وأنكحوا الأيامى منكم " فيها الأمر بالإنكاح فاستدل به الشافعي على اعتبار الولي ، لأنّ الخطاب له ، وعدم اسقلال المرأة به "

وقال ابن حزم في المحلي ( 9/ 451) : " وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين .. " وهذا خطاب للأولياء لا للنساء" .

4/ قوله تعالى : " فانكحوهن بإذن أهلهن " [ النساء : 52 ]

قال القرطبي في الجامع ( 3/49) : " وممّا يدل على هذا أيضاً من الكتاب – أي اشتراط الولي – قوله تعالى " فانكحوهن بإذن أهلهن " فلم يخاطب تعالى بالنكاح غير الرجال ولو كان إلى النساء لذكرهن "

قال البغوي في ( المعالم : 1/416) : " فانكحوهن " يعني الإماء " بإذن أهلهن " أي مواليهن " .

وقال العلّامة البيضاوي في تفسيره ( 1/ 210) " فانكحوهن بإذن أهلهن " يريد أربابهن واعتبار إذنهم مطلقاً .. "

[/font]
[font=&quot]الأدلة من السنة[/font][font=&quot]

1- روى أبو داود وغيرُه من حديث أبي بردة عن أبيه – أبي موسى الأشعري- : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا نكاح إلا بولي " ( أبو داود 2085) ( الترمذي : 1102) ( ابن ماجه : 1880) ( ابن حبان : 4075) وصححه ، ( الحاكم : 2710) وصححه كذلك .

قلتُ : وقد أُختلف في وصله وإرساله ، ورجّح الترمذي وصله كما استوفى الحافظ ابن حجر طرق الحديث عند شرحه لأبواب كتاب النكاح في ( الفتح : 9/184) .

قال الترمذي : والعملُ في هذا الباب على حديث النبي صلى الله عليه وسلم " لا نكاح إلا بولي " عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم عمر ابن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وعبد الله بن عباس ، وأبو هريرة وغيرهم ، وهكذا رُوي عن بعض فقهاء التابعين أنهم يقولون:" لا نكاح إلا بولي" منهم سعيد بن المسيب ، والحسن البصري ، وشُريح , وإبراهيم النخعي وعمر بن عبدالعزيز وغيرهم .

وبهذا القول يقول سفيان الثوري, والأوزاعي ، ومالك, وعبد الله بن المبارك والشافعي, وأحمد , وإسحاق .

وقال ابن رشد الحفيد في ( بداية المجتهد 2/10) :" ذهب مالك إلى أنه لا يكون النكاح إلا بولي وأنها شرط في الصحة"

وقال البغوي في شرح السُنّة ( 9/40) : " والعمل على حديث النبي صلى الله عليه وسلم " لا نكاح إلا بولي " عند عامة أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم "

ونقل الحافظُ عن ابن المنذر في ( الفتح 9/187) قوله : " إنّه لا يُعرف عن أحد من الصحابة خلاف ذلك "

قال شعيب في حاشيته على شرح السُنّة للبغوي (9/41) " وقد جعل الإمام الطحاوي في معاني الآثار (2/4) أبا يوسف ، ومحمد بن الحسن في عداد من يقول إنّه لا يجوز تزويج المرأة نفسها إلا بإذن وليها "

قلت : وكذا نسب القول إليهما الجصاص الحنفي في تفسيره (1/401)

2- روى الترمذي وغيره عن عائشة – رضي الله عنها – (( أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أيّما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فإن دخل بها فلها مهر المثل بما استحل من فرجها فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له ))

( الترمذي 1108) وحسّنه ، وقال الحافظُ : " وصحّحه أبو عوانه وابنُ خزيمة ، وابنُ حبان والحاكم " [ الفتح 9/184]

[/font]
[font=&quot]ثانياً : قولُ أبي حنيفة[/font][font=&quot]
قال الحافظ في الفتح ( 9/187) :" وذهب أبو حنيفة إلى انه لا يُشترط الولي أصلاً ، ويجوز أن تُزوِّج المرأةُ نفسها ولو بغير إذن وليها إذا تزوجت كفؤاً ، واحتج بالقياس على البيع فإنها تستقل به ، وحمل الأحاديث الواردة في اشتراط الولي على الصغيرة وخصّ بهذا القياس عمومها- وهو عمل سائغ في الأصول وهو جواز تخصيص العموم بالقياس - لكنّ حديث معقل المذكور رفع هذا القياس "

وقال ابنُ عابدين في حاشيته ( 3/55) " وأمّا حديث " أيّما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل" . وحسّنه الترمذي وحديث " لا نكاح إلا بولي " رواه أبو داود وغيره فمعارض بقوله صلى الله عليه وسلم " الأيّمُ أحقُّ بنفسها من وليها " رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ومالك في الموطأ .

والأيّمُ من لا زوج لها بكراً أو لا ، فإنّه ليس للولي إلا مباشرة العقد إذا رضيت ،وقد جعلها أحقُّ منه به ، ويترجح هذا بقوة السند والإتفاق على صحته بخلاف الحديثين الأولين فإنهما ضعيفان أو حسنان ، أو يجمع بالتخصيص, أو بأنّ النفي للكمال أو بأنّ يراد بالولي من يتوقف على إذنه- أي لا نكاح إلا بمن له ولاية- لينفى نكاح الكافر للمسلمة والمعتوه والعبد والأمة .. "

قلتُ : وقد ذهب إلى هذا القول زُفر، والشعبي, والزهري, ومحمدُ بن سيرين, وقتادة ( انظر الجصاص 1/401 ) .

هذا وقد ذهب الجصاص الحنفي في تفسيره (1/ 400) إلى الاستدلال بأية الجمهور لتأييد مذهب أبي حنيفة فقال : " ولا تعضلوهن " معناه : لا تمنعوهن أو لا تضيقوا عليهن في التزويج وقد دلت الآية من وجوه على جواز النكاح إذا عقدت على نفسها بغير ولي ولا إذن وليها :

أحدهما : إضافة العقد إليها من غير شرط إذن الولي .


[/font]
 
· الثاني : نهيه عن العضل إذا تراضى الزوجان
[font=&quot].

قال : " ونظيرُ هذه الآية في جواز النكاح بغير ولي قوله تعالى : " فإن طلّقها فلا تحل له من بعد تنكح زوجاً غيره ، فإن طلّقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا "

قد حوى الدلالة من وجهين على ما ذكرنا ، أحدهما : إضافته عقد النكاح إليها في قوله : " حتى تنكح زوجاً غيره " والثاني : " فلا جناح عليهما أن يتراجعا " فنسب التراجع إليهما من غير ذكر الولي " .

وقال : " ومن دلائل القرآن على ذلك قوله تعالى " فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف "

فجاز فعلها في نفسها من غير شرط الولي ، وفي إثبات شرط الولي في صحة العقد نفي لموجب الآية .

واستدل الجصّاصُ للأحناف كذلك ، بحديث سهل بن سعد الساعدي في قصة الواهبة الذي رواه الشيخان ولفظ مسلم : جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله جئت أهب لك نفسي فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصّعد النظر إليها وصوّبه ثم طأطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه ، فلمّا رأت المرأة أنّه لم يقض فيها شيئاً جلست ، فقام رجل من أصحابه فقال : يا رسول الله إن لم تكن لك بها حاجة فزوجنيها .. . الحديث وفي آخره قوله عليه السلام ... ((اذهب فقد ملّكتكها بما معك من القرآن ))

قال الجصّاصُ : " ولم يسألها هل لها وليٌ أم لا ؟ ولم يشترط الولي في جواز عقدها " أنظر : الجصاص 1/410 .

قلت : ويحسنُ قبل سوق بقية الأقوال والترجيح بينها تعريف " الأيم " لما لهذه اللفظة من أهمية في إدراك وجوه الخلاف بين الأئمة في هذه المسألة [/font]
 
[font=&quot]
[/font]
[font=&quot]تعريف الأيم لغة[/font][font=&quot] : [/font][font=&quot]

قال الفيومي في المصباح ( ص 13 ) : " الأيم " : العَزَب : رجلاً كان أو امرأة ، قال الصنعاني : وسواء تزوج من قبل أو لم يتزوج فيقال : رجل أيّم وامرأة ايّم ..

وقال ابن السكيت أيضاً : فلانة أيّم إذا لم يكن لها زوج بكراً كانت أو ثيباً ، ويقال أيضاً : أيمة للأنثى ...

وتأيم : مكث زماناً لا يتزوج ، والحرب مأيمة ؛ لأنّ الرجال تقتل فيها فتبقى النساء بلا أزواج ، ورجل أيمان ماتت امرأته ، وامرأة أيمى مات زوجها ، والجمع فيهما أيامى .

وقال السندي في حاشيته (6/84) : " الأَيِّم ، بفتح ، فتشديد تحتية مكسورة في الأصل : من لا زوج لها بكراً كانت أو ثيباً .

وقال الزرقاني : في شرحه على الموطأ ( 3/164) : " الأَيِّم " بكسر التحتية لغة : من لا زوج له رجلاً كان أو امرأة ، بكراً أو ثيباً " .

3 / قول آخر لمالك : أنّ اشتراط الولي سُنّة لا فرض .

قال ابن رشد الحفيد في البداية ( 2/ 10) عن مالك " أنه يجوز للمرأة غير الشريفة أن تستخلف رجلاً من الناس على إنكاحها ، وكان يستحب أن تقدم الثيب وليها ليعقد عليها فكأنّه عنده من شروط التمام لا من شروط الصحة "

4/ قول داود الظاهري :

قال ابن رشد (2/10) " وفرّق داود بين البكر والثيّب فقال باشتراط الولي في البكر وعدم اشتراطه في الثيب "

قلت : ولعل مستنده في الحديث المشهور : " لا تنكح البكر حتى تستأذن ولا الأيّم حتى تستأمر "

5/ قول أبي ثور :

قال الشوكاني في النيل ( 6/119) : " قال أبو ثور : يجوز لها أن تزوّج نفسها بإذن وليها أخذاً بمفهوم قوله : أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها "

[/font]
[font=&quot]الترجيحُ والمناقشة[/font][font=&quot] :[/font][font=&quot]

وبالنّظر في أدلة أهل العلم في هذه المسألة يترجح رأي الجمهور بلا ريب لصراحة الأدلة وقوتها ، ولإجماع الصحابة على القول بوجوب اشتراط الولي في النكاح كما هو ظاهر قول ابن المنذر.

قال ابنُ عبد البر في ( التمهيد 19/ 90) : " فقد صرح الكتاب والسُنّة بأن لا نكاح إلا بولي فلا معنى لما خالفهما "

[/font]
[font=&quot]الجواب عن أدلة الحنفية[/font][font=&quot] :[/font][font=&quot]

1- أما حديث : " الأيِّم أحقُّ بنفسها من وليها " فمحمول على اشتراط تصريحها بالموافقة على النكاح لا مجرد السكوت كالبكر بدليل سياق الحديث ، والأحاديث المشابهة في وجوب التفريق بين البكر والثيب من حيث قبولهما النكاح لا من حيث اشتراط الولي بدليل أنّ أخت معقل بن يسار – الذي فيه نزلت آية المنع من العضل – كانت ثيباً.

قال الشافعي : " والثيب والبكر لا تنكح واحدة منهما بغير ولي إلا أنّ الثيب لا ينكحُها أبٌ ولا غيره إلا بأمرها ، وينكح الأب البكر من بناته بغير أمرها لأنّه أحقُّ بها من الثيب " [ التمهيد : 19/ 95 ] .

2- وأما الاستدلال بآية منع العضل على جواز النكاح بلا ولي فهو غاية في الغرابة !!

ذلك أن معقلاً أدرى بدلالة الآية من الأحناف وقد صرّح أنّه قد امتثل التوجيه القرآني وزوّج أخته بعد معرفته للحكم فقال : " الآن أفعل يا رسول الله " ولو كان الأمر ليس إليه لما قال : " الآن أفعل " !

3- وأما قوله تعالى : " حتى تنكح زوجاً غيره " فهذه الآيةُ في المُطلّقة ثلاثاً، أنّها لا تحل لزوجها الأول حتى تنكح زوجاً غيره ، أي يطأها ، فالنكاح هنا يراد به الجماع لا التزويج .

وقد نقل القرطبي عن النحاس قوله : " وأهل العلم على أنّ النكاح هاهنا الجماع " أنظر : ( الجامع : 3/98 ) .

وأما نسبة التراجع إليها بقوله " فلا جناح عليهما أن يتراجعا " فهذا صحيح لكن مشروط بإقامة حدود الله ،ومن حدود الله اشتراط الولي في النكاح فقال سبحانه: " فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله " .

4- وأما قوله تعالى : " فلا جُناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف "

فالمراد كما قال القاسمي – رحمه الله – في محاسن التأويل 1/571 " فيما فَعَلَن في أنفسهن " من التعرض للخُطاب والتزين ، " بالمعروف " أي بوجه لا ينكره الشرع وفيه إشارة إلى أنهن لو فعلن ما ينكره الشرع فعليهم أن يكفوهن عن ذلك وإلا فعليهم الجناح "

[/font]
 
[font=&quot]
5- وأمّا الجواب عن حديث الواهبة فمن وجوه :

* أمّا هبتها نفسها للنبي- صلى الله عليه وسلم- فإنّ الواهبات أنفسهن من خصائصه عليه السلام ويختلفن في نكاحهن عن النكاح المعروف .

* وأمّا تزوجها من الصحابي فإنّها قد وكلّت النبي صلى الله عليه وسلم في تزويجها ، ويدلُ عليه قوله عليه السلام " ملكتكها بما معك من القرآن "

قال ابن القيم في حاشيته ( 6/ 101 ) : " فإنّ الموهوبة كانت تحل لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جعلت أمرها إليه فزوجها بالولاية " .

[/font]
[font=&quot]الجواب عن قول الإمام مالك[/font][font=&quot] :[/font][font=&quot]

وأمّا الجواب عن قول الإمام مالك في الرواية الأخرى ، فأقول إنّ التفريق بين الشريفة والوضيعة في مسألة الولي تفريق يعوزه الدليل فلا يُعوّل عليه سيما والمشهور عنه موافقته للجمهور كما تقدم .

[/font]
[font=&quot]الجواب عن قول داود[/font][font=&quot] : [/font][font=&quot]

وأما قول داود فغاية ما يحتج له به حديث الاستئذان في حقّ البكر والاستئمار في حق الثيب وقد تقدم أنّ التفريق هو في كيفية معرفة جواب كل منهما فيكتفي من البكر بالصمت ، وأمّا الثيب فيشترط الكلام الصريح وهو ما يُعبّر عنه بالاستئمار والله أعلم .

ثم إنّ أدلة اشتراط الولي لم تفرّق بين البكر والثيب كما حكاه الشوكاني في معرض ردّه على الظاهرية كما في نيل الأوطار ( 6/ 120) .

[/font]
[font=&quot]الجواب عن قول أبي ثور[/font][font=&quot] : [/font][font=&quot]

قال الشوكاني : : ويجاب عن ذلك بحديث أبي هريرة المذكور أي : قوله صلى الله عليه وسلم : " لا تزوج المرأة المرأة ، ولا تزوج المرأة نفسها ، فإنَ الزانية هي التي تزوج نفسها " ذكر هذا في النيل ( 6/120 ) .

وقال : أيضاً : في (6/ 125) : " وتُعقب بأنّ إذن الولي لا يصحُّ إلا لمن ينوب عنه ، والمرأة لا تنوب عنه في ذلك لأنّ الحق لها ، ولو أذن لها في إنكاح نفسها صارت كمن أذن لها في البيع من نفسها ولا يصح" .

[/font]
[font=&quot]الخلاصة[/font][font=&quot]

والخلاصة أنّ إناطة تزويج المرأة للولي ليس فيه هضم لحقوقها ، أو حطٌ من مكانتها بل العكس هو الصحيح ، إذ لا يخفى لكلّ من تأمل بموضوعية وإنصاف أنّ كل ما في الأمر صيانة المرأة المجبولة على الحياء عن التبذل ، وصفاقة الوجه ، وحفظها من الاحتكاك المباشر بالرجال الأجانب ، سيما في موضوعات حساسة كهذه ، ذات علاقة وثيقة بالفروج ، كما أن من مقاصد الشارع في هذه القضية صون المرأة عن الاستغفال ، أو الاستغلال إذ أنّ الموافقة على الزواج من رجل ما يستدعي بحثاً وسؤالاً عن دينه وأخلاقه ووضعه الاجتماعي ، وهذا يتطلب طرقاً لأبواب الغير واتصالاً بذوي العلاقة المباشرة بالخاطب وتلك لعمري أمور تعفّ عن خوضها ذوات الخدور المحصنات .

[/font]
[font=&quot]الأحكام المترتبة على تزويج المرأة[/font][font=&quot] نفسها بلا ولي[/font][font=&quot] : [/font][font=&quot]

ذكر أهل العلم أحكاماً تترتب على تزويج المرأة نفسها بلا ولي – طبقاً – لاختلافهم في اشتراط الولي من عدمه ، وقد ذهب جماهير أهل العلم إلى بطلان النكاح بلا ولي ، ووجوب فسخه .

[/font]
[font=&quot]المالكية[/font][font=&quot] : [/font][font=&quot]

قال ابن جزي في القوانين (1/133) : " الباب الثالث في الولي ، وفيه أربع مسائل : المسألة الأولى : في حكمة وهو شرط واجب خلافاً لأبي حنيفة ،فلا تعقد المرأة النكاح على نفسها ولا على غيرها بكراً كانت أو ثيباً أو دنية رشيدة أو سفيهة ، حرة أو أمة , أذن لها وليها أم لم يأذن فإن وقع فسخ قبل الدخول وبعده ، وإن أطال وولدت الأولاد ، ولا حدّ في الدخول للشبهة وفيه الصداق المُسمّى" .

[/font]
[font=&quot]الشافعية[/font][font=&quot] : [/font][font=&quot]

قال الشافعي وأصحابُه : إنّ النكاح بغير ولي باطل مفسوخ أبداً وفسخه بغير طلاق ، ولم يفرقوا بين الدنية الحال ، وبين الشريفة لإجماع العلماء على أنْ لا فرق بينهما في الدماء .. التمهيد 19/95 .

قال في روضة الطالبين ( 7/51) " إذا وطئ في نكاح بلا ولي وجب مهر المثل ، ولا يعتقد تحريمه أو إباحته باجتهاد أو تقليد أو حسبان مجرد لشبهة اختلاف العلماء ، ولكن معتقد التحريم يعزر".


[/font]
 
·
الحنابلة :

قال ابن قدامة في المغني ( 7/ 5) : " النكاح لا يصح إلا بولي ولا تملك المرأة تزويج نفسها ولا غيرها ، ولا توكيل غير وليها في تزويجها فإن فعلت لم يصح النكاح .

روي هذا عن عمر, وعلي, وابن مسعود, وابن عباس, وأبي هريرة, وعائشة -رضي الله عنهم- وإليه ذهب سعيد بن المسيب, والحسن, وعمر بن عبد العزيز وجابر بن زيد, والثوري, وابن أبي ليلى, وابن شبرمة, وابن المبارك, وعبيد الله العنبري, والشافعي, وإسحاق, وأبو عبيد .

مفاسد الزواج بلا ولي :

* نشاة العلاقات المحرمة:

لا يخفى أن تَرْكَ الحبل على الغارب للفتاة أو المرأة لتُزِّوجُ نفسها بنفسها ، سيفتحُ البابَ على مصرعيه لنشأة العلاقات الآثمة بين الجنسين ، فكل فتاة صاحبت فتى أو امرأة صادقت رجلاً فاكتشف أمرهما سيبادران إلى الإدعاء بأنهما متزوجان !!

بل سيبادر كلُّ عاشقين إلى أقرب مأذون شرعي لإضفاء الصفة الشرعية على علاقتهما بلا علم الوالدين أو الأقارب أو الأولياء طالما أن القضية لا تستدعي أكثر من جرّة قلم على ورقة المأذون الشرعي .

ولربما غاب هاجس الشعور بالذنب من أعماق ضمائر العُشَّاق طالما أنهم يمتثلون مذهباً فقهياً مهما كان بعيداً عن النصّ وروح الشريعة الغراء !

* تصدّعُ العلاقات الأُسرية :

فإذا كانت الفتاة قادرة على اتخاذ قرار تزويج نفسها بنفسها حتى وإن رفض أبوها أو وليها فإنّ ذلك إيذان بنشأة الكراهة والشعور بالغبن لدى الأب الذي أجهد نفسه وبذل نفيس وقته وخلاصة خبرته لتربية بُنيته فإذا هي خارجة عن طوعه ، متمردة على إرادته ، مستقلة بنفسها ، حرة في تصرفاتها !

* نشأة عصابات الانتهازيين وتُجّار الأعراض :

ولا شك أنّ هذه العصابات الانتهازية ، وهؤلاء التجار الصانعون لتجاراتهم ، وامبروطوريات أموالهم على الاستغلال المشين لن يجدوا بيئة أحسن ، ولا مناخاً أجمل من بيئة تستقل فيها الفتاة الغيداء ،والبنت الشماء برأيها وحياتها بعيداً عن شفقة الأب الرحوم والأم الروؤم .

وختاماُ
أسأل الله أن يرنا الحق ويهدنا لإتباعه ويرنا الباطل ويوفقنا لإجتنابه وأن يحفظ شبابنا وفتياتنا ويرزقنا وإياهم الستر والعفاف في الدنيا والآخرة إنه جواد كريم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
 
وجوب الولى فى نكاح المراءة
 
الوسوم
المراءة الولى فى نكاح وجوب
عودة
أعلى