الزرع يسقى في شعبان ليثمر في رمضان..

  • تاريخ البدء

ايفےـلےـين

من الاعضاء المؤسسين

46.gif




يتقلب المؤمن في هذا الزمان، ويمد الله تعالى له في الأجل،
وكل يوم يعيشه في هذه الدنيا يراه غنيمةً يتزود منه لأخرته،
ويقدّم فيه من الأعمال الصالحة ما استطاعته نفسه ، وتحمله جهده .

وها نحن في شهر شعبان، و ربما نكون عن فضله غافلين ، أو جاهلين ، ولنا مع هذا الشهر المبارك وقفات ننظر فيها حال رسولنا وقدوتنا صلى الله عليه وسلم ، مع ذكر بعض فضائله وأحكامه.
قال ابن حجر رحمه الله : سمّي شعبان بهذا الاسم لانشغال الناس فيه بطلب المياه ، أو لانشغالهم بالغارات والغزوات بعد خروج شهر رجب .. الحرام ، وقيل غيرُ ذلك .
روى البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى عائشة رضي الله عنها وعن أبيها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياما منه في شعبان .
قال الشيخ محمّد بن عثيمين -رحمه الله تعالى- :
ولهذا ينبغي للإنسان أن يكثر من الصوم في شعبان تأسيا برسول الله صلى الله عليه وسلم واحتسابا لثواب الله عز وجل فان الله يقول: ( لقد كان لكم في رسول الله أسوه حسنه لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا )
إما أن يصومَ يوما ويفطرَ يوما، أو أياما ويفطرَ أياما، أو أياماً كثيرةً متتابعة حتى يبقى يوم أو يومان على رمضان ثم يفطر؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يصوم شهرا كاملا إلا شهر رمضان

( انتهى كلامه ) .

عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت يا رسول الله:

لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال ((ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم)) .
قال أهل العلم : هذا الحديث تضمن معنيين مهمين:

أحدهما:
أن الأعمال ترفع وتعرض على رب العالمين.
وثانيهما:

أنه شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان.
قال أهل العلم :

رفع الأعمال إلى الله تعالى أنواع ثلاثة كما دلت عليه الأحاديث الشريفة :
هناك رفع لعمل اليوم والليلة وهذا كل يوم وليلة يُــرفع إليه سبحانه عملُ الليل قبل عمل النهار وعملُ النهار قبل عمل الليل ، وهناك رفع لأعمال الأسبوع وذلك كل اثنين ... وخميس ، وهناك رفع لأعمال السنة وذلك يكون في شعبان ، والله تعالى أعلم .


وأما كون شعبان تغفل الناس فيه عنه، فإن ذلك بسبب أنه بين شهرين عظيمين، وهما الشهر الحرام رجب، وشهر الصيام رمضان، فاشتغل الناس بهما عنه، فصار مغفولاً عنه، وكثير من الناس يظن أن صيام رجب أفضل من صيام شعبان لأن رجب شهر محرم، وهذا ليس بصحيح، فإن صيام شعبان أفضل من صيام رجب للأحاديث المتقدمة.


وفي قوله: ((يغفل الناس عنه، بين رجب ورمضان))

إشارة إلى أن بعض ما يشتهر فضلُه من الأزمان أو الأماكن أو حتى الأشخاص قد يكون غيره أفضل منه إما مطلقا أو لخصوصية فيه، لا يتفطن لها أكثر الناس، فيشتغلون بالمشهور عندهم عنه، ويفوتون تحصيل فضيلة ما ليس بمشهور عندهم، لذا كان الفقه في الدين خيراً يختص الله تعالى به من يشاء من عباده ، فلما كان الناس يشتغلون بغير شعبان عن شعبان فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعمره بالطاعة وبالصيام، ويقول لأسامة لما رآه مستفهماً عن سبب الإكثار من الصيام في شعبان،
( ذاك شهر يغفل الناس فيه عنه بين رجب ورمضان ) .

ولذلك قال أهل العلم:و هذا فيه دليل على استحباب عمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة، وأن ذلك محبوب لله عز وجل، ولذا كان طائفة من السلف يستحبون إحياء ما بين العشاءين بالصلاة ويقولون: هي ساعة غفلة .وقد فعل ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم .


ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان ، شُرع فيه ما يشرع في رمضان من الصيام وقراءة القران، ليحصل التأهب لتلقي رمضان وتتروض النفوس بذلك على طاعة الرحمن، ولهذه المعاني المتقدمة وغيرها كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الصيام في هذا الشهر المبارك، ويغتنم وقت غفلة الناس وهو من؟ هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، أفليس جديراً بنا ونحن أهل الخطايا والتقصير أن نحرص على مثل ما حرص عليه نبينا صلى الله عليه وسلم
كان السلف عليهم رحمة الله تعالى يجدّون في شعبان، ويتهيأون فيه لرمضان .
قال سلمة بن كهيل: كان يقال لشهر شعبان شهر القرّاء.
وكان عمرو بن قيس إذا دخل شهر شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القران.
قال أبو بكر البلخي: شهر رجب شهر الزرع، وشهر شعبان شهر سقي الزرع، وشهر رمضان شهر حصاد الزرع.
وقال أيضا: مثل شهر رجب كالريح، ومثل شعبان مثل الغيم، ومثل رمضان مثل المطر، ومن لم يزرع ويغرس في رجب، ولم يسق في شعبان فكيف يريد أن يحصد في رمضان، وها قد الأيام والغفلة شعار الأنام .
كان حال نبينا صلى الله عليه وسلم وحال سلفنا الصالح في هذا الشهر وغيره حال الخائف المشفق على نفسه والراجي رحمة ربه ، فما هو موقعنا من هذه الأعمال والدرجات:

مضى رجب وما أحسنتُ فيـه وهذا شهر شـعبان المبـارك
فيـا من ضيع الأوقـات جهلا بحرمتها أفق واحـذر بوارك
فسـوف تفـارق اللذات قهـرا ويخلى الموت قهرا منك دارك
تدارك ما استطعت من الخطايا بتوبة مخلص واجعل مـدارك
على طلب السـلامة من جحيم فخير ذوي الجرائم من تدارك

ثمةَ أمورٍ ينبغي التنبيه عليها ونحن نعيش أيام شعبان ، ونستقبل عن قريب رمضان المبارك أسأل الله تعالى أن يبلغني وإياكم إياه ، وأن يعيننا على الصيام والقيام :


أولاً :
عليك أخي بكثرة الدعاء أن يبلغك الله تعالى شهر رمضان المبارك ، فمن بلغه فقد حاز خيراً كثيراً ، كيف لا ! وهو شهر الخيرات والبركات والرحمات ومن صامه وقامه إيماناً واحتساباً غفر الله تعالى له ما تقدم من ذنبه فا للهم بلغنا رمضان وارزقنا الإيمان والاحتساب .

ثانياً :
حريُ بالمؤمن الفطن أن يبادر إلى صيام أكثرَ شهر ِ شعبانَ أو بعضَه اقتداءً بالحبيب صلى الله عليه وسلم .

ثالثاً :
من كان عليه قضاء من رمضان الفائت فليبادر إلى صيامه فإن أخّــر القضاء لما بعد رمضان من غير عذر أثم وعليه الكفارة .

رابعاً :
لا يجوز صيام يوم الشك وهو اليوم وهو اليوم الذي يُشَك أنه رمضان أو شعبان فالنص وارد عن رسول الله بتحريم صومه وقال : " من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم " ، وفي الصحيحين من حديث ابن عمر وعن أبيه- أن النبي قال : (( لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجلاً كان يصوم صوماً فليصم )) .

خامساً :
يجب على المسلم الالتزام بسنة النبي صلى الله عليه وسلم والحذر من الابتداع في الدين ، فالله تعالى قال : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) .
ومن هنا فإني أبيّن لإخواني بدعية تخصيص ليلة النصف من شعبان بالقيام أو تخصيص نهارها بالصيام ، وما ورد في ذلك من أحاديث فهي غير ثابتة .

سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عن ليلة النصف من شعبان ؟ وهل لها صلاة خاصة ؟
فأجاب :ليلة النصف من شعبان ليس فيها حديث صحيح .. كل الأحاديث الواردة فيها موضوعة وضعيفة لا أصل لها وهي ليلة ليس لها خصوصية ، لا قراءة ولا صلاة خاصة ولا جماعة .. وما قاله بعض العلماء أن لها خصوصية فهو قول ضعيف فلا يجوز أن تخص بشيء وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ). هذا هو الصواب وبالله التوفيق .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :
وهنا أشياء ينبغي التنبيه عليها مما يعتقده الناس في شعبان أو يقومون به من عمل، فمن ذلك قيامُ ليله النصف من شعبان وصيامُ نهاره فهذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حديث يصح الاعتماد عليه في تخصيصها بقيام لا مطلقا ولا مقيدا بعدد ، ولا بصيام نهار ها ، والله تعالى أعلم .

 
ايفو
يعطيكي العافية
جزاك الله خير وجعله بميزان حسناتك
دمتي بكل خير غاليتي
 
الوسوم
الزرع رمضان.. شعبان في ليثمر يسقى
عودة
أعلى