فضل أبي بكر الصديق والرد على الطاعنين فيه

نغم

من الاعضاء المؤسسين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


فضل أبي بكر الصديق والرد على الطاعنين فيه


من معتقد أهل السنة الاعتراف بخلافة الخلفاء الراشدين، وأن ترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الخلافة، فأول الخلفاء هو أبو بكر رضي الله عنه، ثم عمر ، ثم عثمان ،
ثم علي

هؤلاء هم الخلفاء الراشدون الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم باتباعهم، وسماهم الخلفاء في قوله صلى الله عليه وسلم: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدي شهادة نبوية لهؤلاء أنهم خلفاء، وأنهم راشدون،
وأنهم مهديون،

أي: على الهدى المستقيم، وعلى الصراط المستقيم الذي سألوا الله أن يهديهم إياه، ونحن نسأله أيضاً، ولا شك أن هذه الشهادة النبوية تثبت أن الذين تولوا بعده هم خلفاء،

ولا شك أن أولهم أبو بكر رضي الله عنه.

وسيرة أبي بكر رضي الله عنه هي أحسن السير

حيث إنه اقتدى بالنبي صلى الله عليه وسلم في كل ما يفعل، فأنفذ جيش أسامة أول ما تولى، وبعث الجيوش لقتال المرتدين، فانتصر الإسلام بعدما كان العرب قد رموا أهل المدينة عن قوس العداوة خلال ما يقرب من ثلاثة أشهر، فأرسل جيشاً لقتال بعض المرتدين،

فهدى الله طيئاً ومن معهم، فلما رأت منهم قبائل العرب الذين حولهم ذلك انضموا إليهم، ولم يمض إلا شهران أو ثلاثة أشهر حتى بعث أبو بكر ستة عشر أميراً أو سبعة عشر لقتال المرتدين البعيدين، فتراجعوا كلهم وانضموا إلى الإسلام أوليس ذلك دليلاً على حنكته وفراسته وقوته في القيام بأمر الله تعالى؟ أوليس دليلاً على أن الله تعالى وفقه وسدد به وهدى به ونصر به الإسلام؟


فضل أبي بكر الصديق والرد على الطاعنين فيه


استشهاد الرافضة بحديث الغدير للطعن في خلافة أبي بكر والرد عليهم





الرافضة يطعنون في أبي بكر،
ويدعون أن علياً هو الإمام،

ويستشهدون على ذلك بأحاديث ضعيفة أو موضوعة يسمونه حديث الغدير مع أن أكثره كذب، ويقولون فيه: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كنت مولاه فـعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاده

ونقول: هذا صحيح، ونحن نقول: إن منزلة علي من النبي صلى الله عليه وسلم كمنزلة هارون من موسى،
وأنه مولى المسلمين، وكذلك نقول: إن أبا بكر وسائر الخلفاء، وسائر الصحابة هم موالي المسلمين، وليست الولاية إلا ما تقتضي المحبة،
فإذا كان علي ولياً للمؤمنين وولياً للنبي صلى الله عليه وسلم،
والنبي صلى الله عيله وسلم مولى للمؤمنين أيضاً،
فكذلك بقية الصحابة، فليس هناك دليل على أن علياً اختص بالولاية دون غيره، ودعاؤه صلى الله عليه وسلم بقوله: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه دعاء صحيح إذا ثبت، ونحن نواليه ونحبه، ولكن لا نفرط في حبه، ولا نجعله أحق بالولاية وبالخلافة من أبي بكر وغيره من الصحابة، بل نجعلهم كلهم أهل ولاية وأهل محبة وأهل ترضٍ، فنترضى عنهم جميعاً، ونجعل لهم حقاً علينا بأن نحبهم ونواليهم.


استشهاد الرافضة بما حصل بين فاطمة وأبي بكر للطعن في خلافته والرد عليهم





وطعن الرافضة في أبي بكر بأنه لم يعط فاطمة حقها من ميراث أبيها،
الله أكبر! هذا هو الذي طعنوا عليه فيه، وتحاملوا عليه تحاملاً شديداً،
وأنكروا قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا نورث، ما تركنا صدقة أنكروا ذلك كله مع ثبوته بطرق كثيرة،
وزعموا أن أبا بكر قد كذب في ذلك مع أنه لم ينفرد به،
وجعلوا النبي صلى الله عليه وسلم بذلك مهتماً لأمر الدنيا،
وكأن الدنيا أكبر همه مع أنه يقول:ما لي وللدنيا! إنما أنا كراكب قال في ظل دوحة،



ومع ما ثبت عن الحارث بن أبي ضرار وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم ما خلف ديناراً ولا درهماً ولا عبداً ولا أمة ولا شيئاً إلا سلاحه وعتاده وأرضاً جعلها صدقة.

إذاً: بأي شيء ينتقدون أبا بكر ويقولون: إنه منع فاطمة حقها من ميراث أبيها؟ ويجاب عليهم من عدة وجوه:
أولاً: الرسل لا يورثون.

ثانياً: ليست الدنيا ذات أهمية عندهم حتى يخلفوها لأولادهم، ويقولون: لهم أن يرثوا، ولهم أن يأخذوا.

ثالثاً: أن الأرض التي جعلها صدقة قد صار علي رضي الله عنه هو المتولي عليها بعد موت فاطمة. وبكل حال فهذا أكبر ما طعنوا فيه، ولما طعنوا فيه بأنه حرم فاطمة من ميراثها، أخذوا يجمعون عليه الأكاذيب ويلفقون عليه، ويعيبونه بكل عيب، فيقولون: إنه قاتل المسلمين، وكذبوا! فهو ما قاتل إلا من ارتد،

فبالرغم من أنهم يقولون: لا إله إلا الله محمد رسول الله، إلا أنهم فرقوا بين الصلاة والزكاة لذلك فلم يكونوا مقرين بالشهادة حق الإقرار، فلأجل ذلك رأى قتالهم وسماهم مرتدين. ويقولون: إنه أقر خالد بن الوليد على القتال،

ويكفرون خالداً بذلك، فنقول: إن أبا بكر ما أقره إلا وقد رآه أهلاً للقتال، لأن خالداً لم يكن قريباً له ولا صهراً له، بل هو سيف الله كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم، فماذا نقموا عليه حتى يسبوه ويلعنوه ويشتموه؟! قاتلهم الله.




بعض أقوال النبي وأفعاله الدالة على أحقية أبي بكر بالخلافة



النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل أبا بكر رضي الله عنه خليفته في الصلاة حين قال: مروا أبا بكر فليصل بالناس أوليس تقديمه في الصلاة دليلاً على أفضليته؟
وأهليته للإمامة وللصلاة؟ كذلك أيضاً هو دليل على ميزته وعلى كفاءته, وفيه إشارة إلى أنه سيخلفه ويقوم مقامه.



والنبي عليه الصلاة والسلام أمر أن تسد النوافذ التي فتحت على المسجد إلا باب أبي بكر فلا يسد،

وذلك إشارة إلى أنه سيتولى الأمر، وسيكثر دخوله وخروجه إلى المسجد وذلك إشارة إلى أن له أحقية في المسجد وفي الولاية.

وقال عليه الصلاة والسلام: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر فبدأ بـأبي بكر مما يدل على أنه الذي يتولى بعده، وهذا ما وقع، ثم تولى بعده عمر .


إذاً: فهذه إشارات واضحة إلى أن أبا بكر رضي الله عنه هو الخليفة بعده. كذلك أيضاً من الإشارات ما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم: رأيت أني على قليب فنزعت منها ما شاء الله أن أنزع، فأخذها أبو بكر فنزع منها ذنوباً أو ذنوبين وفي نزعه ضعف، والله يغفر له، فاستحالت غرباً فأخذها ابن الخطاب فلم أر عبقرياً من الناس يفري فريه حتى روي الناس وضربوا بعطن وفيه إشارة إلى قصر فترة أبي بكر حيث قال: ذنوباً أو ذنوبين،

أما خلافة عمر فقد امتدت طويلاً، وفي عصره فتحت بلاد كثيرة، وذلك بلا شك دليل على أنهما خليفتان بعده.

وهكذا الرؤيا التي رآها بعض الصحابة في الدلو الذي تدلى من السماء فشرب منه النبي صلى الله عليه وسلم ثم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم انتضح منه على علي، وهو إشارة إلى أنهم الذين يتولون بعده.


ومن أصرح الإشارات قوله صلى الله عليه وسلم: لو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر. فـأبو بكر رضي الله عنه هو الخليفة الراشد، وهو الذي تولى أمور المسلمين، وهو الذي سار بهم سيرة حسنة، ولم يول الخلافة لأولاده ولا لأقاربه، ولم يحاب فيها، وكذلك أيضاً في حالة ولايته لم يول الأمير الفلاني أو العلاني، ولم يولهم لأجل قرابتهم له، ولا لأجل محاباة، وإنما اختار الولاة والقادة الذين فيهم الأهلية وفيهم الكفاءة، حتى ولو لم يكونوا من قريش، فكانت توليته لـخالد بن الوليد ولغيره من الأمراء لما فيهم من الأهلية.



فنشهد بأن أبا بكر أهل للخلافة، وأن الله تعالى عندما اختاره ولياً وخليفة فإن ذلك عين المصلحة، وأنه هو الذي ثبت الله به الإسلام ورد به المسلمين بعد أن كادوا يخرجون من الإسلام، فلأجل ذلك سمي بـالصديق الذي هو أول من صدق، والذي فتح الله تعالى به قلوب العباد، ورزقهم الإنابة إليه والثبات على دينه.

استخلاف أبي بكر إن لم يكن نصاً فهو بإشارة واضحة





قال الشارح رحمه الله تعالى:



[واحتج من قال: لم يستخلف، بالخبر المأثور عن عبد الله بن عمر عن عمر رضي الله عنهما أنه قال: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني -يعني: أبا بكر - وإلا أستخلف فلم يستخلف من هو خير مني -يعني: رسول الله صلى الله عليه وسلم-،
قال عبد الله: فعرفت أنه حين ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مستخلف. وبما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها سئلت: من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخلفاً لو استخلف؟.

والظاهر -والله أعلم- أن المراد أنه لم يستخلف بعده بعهد مكتوب، ولو كتب عهداً لكتبه لـأبي بكر ، بل قد أراد كتابته ثم تركه،


وقال

: يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر فكان هذا أبلغ من مجرد العهد،

فإن النبي صلى الله عليه وسلم دل المسلمين على استخلاف أبي بكر ، وأرشدهم إليه بأمور متعددة من أقواله وأفعاله، وأخبر بخلافته إخبار راض بذلك حامد له، وعزم على أن يكتب بذلك عهداً، ثم علم أن المسلمين يجتمعون عليه فترك الكتابة اكتفاء بذلك، ثم عزم على ذلك في مرضه يوم الخميس،
ثم لما حصل لبعضهم شك: هل ذلك القول من جهة المرض أو هو قول يجب اتباعه؟ ترك الكتابة اكتفاء بما علم أن الله يختاره والمؤمنون من خلافة أبي بكر ، فلو كان التعريض مما يشتبه على الأمة لبينه بياناً قاطعاً للعذر، لكن لما دلهم دلالات متعددة على أن أبا بكر المتعين، وفهموا ذلك حصل المقصود

فضل أبي بكر الصديق والرد على الطاعنين فيه


ولهذا قال عمر رضي الله عنه في خطبته التي خطبها بمحضر من المهاجرين والأنصار:
أنت خيرنا وسيدنا وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكر ذلك منهم أحد،
ولا قال أحد من الصحابة: إن غير أبي بكر من المهاجرين أحق بالخلافة منه، ولم ينازع أحد في خلافته إلا بعض الأنصار طمعاً في أن يكون من الأنصار أمير ومن المهاجرين أمير، وهذا مما ثبت بالنصوص المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم بطلانه، ثم الأنصار كلهم بايعوا أبا بكر إلا سعد بن عبادة لكونه هو الذي كان يطلب الولاية،

ولم يقل أحد من الصحابة قط: إن النبي صلى الله عليه وسلم نص على غير أبي بكر ، لا علي ولا العباس ولا غيرهما كما قد قال أهل البدع،

وروى ابن بطة بإسناده أن عمر بن عبد العزيز بعث محمد بن الزبير الحنظلي إلى الحسن فقال:

هل كان النبي صلى الله عليه وسلم استخلف أبا بكر ؟ فقال: أوفي شك صاحبك؟ نعم والله الذي لا إله إلا هو استخلفه، لهو كان أتقى لله من أن يتوثب عليها]. قد تقدم القول الأول أن خلافة أبي بكر رضي الله عنه كانت بالنص، وهذا قول ثان أنها بالإشارة،
فهما قولان للعلماء: فالذين قالوا: إنها بالنص، استدلوا بقوله: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر فإن هذا نص على أن أبا بكر بعده، واستدلوا أيضاً بقوله للمرأة التي قالت:أرأيت إن أتيت فلم أجدك؟ فقال: ائتي أبا بكر

فإن هذا نص أنه هو الذي يتولى الولاية بعده، واستدلوا بأنه أمره بأن يؤم الجماعة وأن يصلي بهم، وهذا نص بأنه هو الذي يكون إماماً متبعاً إذا اتبعوه في الصلاة، ولهذا قالوا: رضينا لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا.

فضل أبي بكر الصديق والرد على الطاعنين فيه


أي: من قدمه لديننا إماماً، إلى آخر الأدلة التي سبقت. هذا القول الأول. أما القول الثاني: وهو أنه لم يستخلف، وإنما أشار إشارات،
فيقولون: إن عمر رضي الله عنه قال:
إن لم أستخلف فلم يستخلف من هو خير مني
يعني: رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: فهذا عمر شهد أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستخلف، فنقول: لم يستخلف بالنص لأنه لم يقل: أيها الناس! بايعوا أبا بكر فهو خليفتي عليكم، لكن قد عزم على أن يكتب له كتاباً وقال لـعائشة : ادعي لي أخاك وأباك أكتب كتاباً حتى لا يختلفوا عليه

ثم إنه ترك الكتاب وقال: يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر فلم يقل: خليفتي أبو بكر مقالاً صريحاً، ولم يقل: بايعوه بعدي قولاً صريحاً، إنما هي أقوال عامة فيها نوع من الإشارة، ومجموع تلك الإشارات يصبح دليلاً صريحاً واضحاً لا خلاف فيه.

فضل أبي بكر الصديق والرد على الطاعنين فيه


كذلك أيضاً سمعنا كلام الحسن لما قيل له: هل استخلف النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر؟

فقال: هو أورع من أن يتوثب عليها، يعني: ليس بمحب للولاية ولا راغباً فيها، ولكن لما اجتمعت عليه كلمة المسلمين، ولما جاءت هذه الإشارات من النبي عليه الصلاة والسلام باستخلافه قبلها، وإلا فهو ورع وزاهد وخائف لا يمكن أن يقبلها بدون أن يكون أهلاً لها، وبدون أن يرضاه لها أهل الولاية وأهل الحل والعقد من الصحابة،

هذا معنى قوله:

يتوثب عليها. فبلا شك أنه صلى الله عليه وسلم أشار هذه الإشارات التي تدل على أن أبا بكر أحق بالخلافة، ثم لما اجتمعت عليه الإشارات وكانت واضحة رأى عمر رضي الله عنه أنه أحق بالخلافة فبايعه وبايعه الصحابة كلهم. وخلاصة ما جرى في أول يوم من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم،

وقبل بيعة أبي بكر: أن الأنصار اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة، وكادوا أن يبايعوا واحداً منهم وهو سعد بن عبادة، فلما سمع بهم عمر رضي الله عنه وأبو بكر وأبو عبيدة ذهبوا إليهم،
ثم خطبهم أبو بكر رضي الله عنه وقال لهم: الخلافة في قريش كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما قالوا:منا أمير ومنكم أمير أي: نؤمر أميراً على الأنصار، وأميركم منكم يا معشر المهاجرين!

فقال أبو بكر وعمر: بل الإمارة في قريش ثم قال أبو بكر: نحن الأمراء وأنتم الوزراء فلما أقنعوهم بكلام النبي صلى الله عليه وسلم وبإشارته تمت البيعة في نفس السقيفة،

فبايعوه واجتمعوا عليه، ولم يتخلف منهم أحد، أما سعد بن عبادة رضي الله عنه فإنه لم يبايع في تلك الساعة رجاء أن يكون له حظ من الولاية، ولكنه بايع بعد ذلك بيعة مختار راضٍ،



كذلك أيضاً علي رضي الله عنه قيل:


إنه تأخر عن البيعة ثم بعد ذلك بايع، والصحيح أنه لم يتأخر، بل بايع باختياره وبطوعه وبما علمه من أهلية أبي بكر وأحقيته بهذه الخلافة.



ثم حصل من خلافته رضي الله عنه من الأهلية ومن ضبط الأمور وإحكامها غاية الإحكام، فرأوا أن الله تعالى اختاره للمسلمين في ذلك الوقت الحرج الذي كانوا فيه أشد احتياجاً إلى خليفة قوي يقيم فيهم أمر الله تعالى، ويرتب أمورهم ترتيباً محكماً، فهذا ما يسره الله لهم في ذلك الوقت، وما أنعم به عليهم.


إذاً: عرفنا بذلك أن خلافة أبي بكر وإن لم تكن نصاً فإنها بإشارات واضحة مجموعها يصبح نصاً قوياً.



تقديم الصحابة لأبي بكر دليل على أحقيته بالخلافة




قال الشارح رحمه الله:

[وفي الجملة: فجميع من نقل عنه أنه طلب تولية غير أبي بكر لم يذكر حجة دينية شرعية، ولا ذكر أن غير أبي بكر أفضل منه،
أو أحق بها، وإنما نشأ من حب قبيلته وقومه فقط،
وهم كانوا يعلمون فضل أبي بكر رضي الله عنه،
وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم له،
ففي الصحيحين عنعمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل فأتيته فقلت:
أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة ، قلت: من الرجال؟ قال: أبوها، قلت: ثم من؟ قال: عمر ، وعد رجالاً.



وفيهما أيضاً عن أبي الدرداء قال: كنت جالساً عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر آخذاً بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبتيه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
أما صاحبكم فقد غامر، فسلم وقال: إنه كان بيني وبين ابن الخطاب شيء فأسرعت إليه، ثم ندمت فسألته أن يغفر لي، فأبى علي، فأقبلت إليك، فقال: يغفر الله لك يا أبا بكر ! ثلاثاً، ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فسأل: أثم هو؟ فقالوا: لا، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم عليه، فجعل وجه النبي صلى الله عليه وسلم يتمعر حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال: يا رسول الله! والله أنا كنت أظلم مرتين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت، وقال أبو بكر : صدقت، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي؟ مرتين، فما أوذي بعدها ومعنى غامر: غاضب وخاصم، ويضيق هذا المختصر عن ذكر فضائله.

فضل أبي بكر الصديق والرد على الطاعنين فيه


وفي الصحيحين أيضاً عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات وأبو بكر بالسنح -فذكرت الحديث-
إلى أن قالت: واجتمع الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة فقالوا: منا أمير ومنكم أمير، فذهب إليه أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح ، فذهب عمر يتكلم فأسكته أبو بكر ، وكان عمر يقول: والله ما أردت بذلك إلا أني هيئت في نفسي كلاماً قد أعجبني خشيت ألا يبلغه أبو بكر ، ثم تكلم أبو بكر فتكلم أبلغ الناس، وقال في كلامه: نحن الأمراء وأنتم الوزراء، فقال حباب بن المنذر : لا والله لا نفعل، منا أمير ومنكم أمير، فقال أبو بكر : لا، ولكنا الأمراء وأنتم الوزراء، هم أوسط العرب وأعزهم أحساباً، فبايعوا عمر أو أبا عبيدة بن الجراح ، فقال عمر: بل نبايعك، فأنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ عمر بيده فبايعه وبايعه الناس، فقال قائل: قتلتم سعداً! فقال عمر: قتله الله! والسنح: العالية، وهي حديقة من حدائق المدينة معروفة بها].

معلوم أن التقديم يدل على الفضل، والاختيار يدل على الأهلية، فهم ما قدموا أبا بكر إلا لفضيلته، ولا اختاروه خليفة إلا لأهليته وكفاءته، وكونه كفئاً لهذه الولاية لذلك أجمعوا عليه، وقد نزه الله الأمة أن تجتمع على ضلالة، وقد ذكر العلماء في كتب الأصول الفقهية أن إجماع الأمة حجة قاطعة،

والرافضة يعترفون أن الإجماع حجة، ولكنهم هاهنا خالفوا معتقدهم،

فنقول لهم: من الذي خالف في بيعة أبي بكر ؟
سموا لنا شخصاً لم يرض بهذه البيعة فيما بعد؟

علي رضي الله عنه -الذي هو الإمام عندكم- قد بايعه، وجاهد معه، وصار مستشاراً له، وصار قريناً له في كل حاله وتدبيراته، يرجع كل منهما إلى قول الآخر، ولم ينقل عنه أنه سخط بيعته ولا أنكرها، فهو من جملة من بايع، وأما سعد بن عبادة الأنصاري فقد كان تهيأ لأجل أن يكون أميراً على الأنصار، ولكن لما تمت البيعة لـأبي بكر رضي الله عنه قام بعد ذلك وبايع، وبقي كسائر المقتدين بـأبي بكر ، فبقي كآحاد الرعية.

مثل هذه الأحاديث دليل على فضيلة أبي بكر ،

وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحبه ويقدمه،
فهذا عمرو بن العاص من أكابر قريش وأهل الفضل فيهم لما عينه النبي صلى الله عليه وسلم أميراً على سرية ذات السلاسل، قبل أن يخرج جاء إليه وقال: أي الناس أحب إليك؟ من الناس كلهم، فأخبره بأنه يحب عائشة وذلك لفضيلتها ولفضيلة أبيها، فسأله عن أحب الرجال إليه، فقال: أبوها وهذا بلا شك دليل على تقديمه في المحبة،

فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه ويقدمه فإن ذلك دليل على فضيلته وأهليته، وبعده ذكر عمر وسمى بعده رجالاً، ولا شك أن محبته صلى الله عليه وسلم ما حصلت إلا لكونه أهلاً لأن يكون محبوباً كما ذكر في الأحاديث الأخرى.

فضل أبي بكر الصديق والرد على الطاعنين فيه


وفي الحديث الثاني أنه صلى الله عليه وسلم قال: هل أنتم تاركوا لي صاحبي؟ إني قلت: إني رسول الله إليكم، فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدقت، وواساني بماله ونفسه
هكذا شهد له النبي صلى الله عليه وسلم وذلك لأنه أول من أسلم من الرجال،
هذا هو القول الصحيح.

فضل أبي بكر الصديق والرد على الطاعنين فيه


يقول أبو الخطاب في عقيدته المشهورة، وهو عالم من علماء الحنابلة، يقال له:

محفوظ بن أحمد الكلوذاني له عقيدة في نظم عقيدة أهل السنة يقول فيها: قالوا فمن بعد النبي خليفة قلت الموحد قبل كل موحد حاميه في يوم العريش ومن له في الغار مسعد يا له من مسعد فشهد بأنه الموحد قبل كل موحد وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم لما دعاه لم يتلعثم ولم يتوقف، بل بمجرد ما عرض عليه الإسلام بايع ولم ينتظر،
ولم يقل: أمهلني، ولا سأنظر في أمري، وكان رجلاً كاملاً من بين الرجال، فلذلك هو أول من أسلم من الرجال، فلما قال الناس: كذبت، قال أبو بكر : صدقت، أنت الصادق فلذلك سمي بالصديق.

وفي حديث السقيفة أنه لما سمع باجتماع الأنصار في سقيفة بني ساعدة جاء ومعه عمر وأبو عبيدة فخطبهم وقال: نحن الأمراء وأنتم الوزراء لما طلبوا أن يكون منهم أمير، فقال: لكم الوزارة ولكم الإشارة، أما الإمارة ففي قريش لأن النبي صلى الله عليه وسلم نص على ذلك بقوله: إن هذا الأمر في قريش يعني: الولاية، فرضوا بذلك، ولما قال: بايعوا أبا عبيدة أو عمر ، يقول عمر : إنه لم يقل كلمة تؤلمني إلا هذه الكلمة، ما كنت أحب أن أكون والياً على قوم فيهم أبو بكر ، لما هو فيه من الأهلية، فقد قدموه لصحبته، وقدموه لمحبة النبي صلى الله عليه وسلم له، وقدموه لقربه منه، ولكونه صهره، وقدموه لكونه صاحبه في السفر، وصاحبه في الغار، وغير ذلك من الفضائل، وقدموه أيضاً لفضائله التي نص عليها الله سبحانه في كتابه، كما في قول الله تعالى: إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا [التوبة:40]، وكذلك أنزل فيه قوله تعالى: وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى وَلَسَوْفَ يَرْضَى [الليل:17-21]،

وغير ذلك من فضائله الكثيرة، ومن أراد أن يتوسع في ذكر فضائله فليرجع إلى ترجمته وإلى ما كتب عنه العلماء، ومن أهمها وأشهرها كتاب فضائل الصحابة للإمام أحمد، وقد اشتمل على فضائل الخلفاء الراشدين وغيرهم.
 
نغووومه معلومات رائعه ومفيده
يا رتي لو تقسمي الموضوع لاقسام
لانه طويل جدا بكون الاقبال والفائدة اكتررر
 
نغم الغالية
مشكورة علي المجهود - يعطيكي العافية
تقبلي مروري المتواضع
 
تسلم يا عاشق على مرورك الكريم
لقد اضاءت ردودك صفحتى
 
شكرا لمرورك العطر على موضوعى يا
صغير بس خطير
 
الوسوم
أبي الصديق الطاعنين بكر على فضل فيه والرد
عودة
أعلى