توقف عن الإستماع بلسانك‏

رولا

الاعضاء
توقف عن الإستماع بلسانك

العالم العربي " ظاهرة الصوتية " بامتياز .. حتى التعامل مع طفلك يحولك من أستاذ له بفعل الأمر الواقع إلى مجرد تلميذ ، وهذه هي المدرسة الغربية في التربية .. ولا أقول هذا من منطلق العقدة الدونية المعتادة التي اعتدنا عليها في كل أمورنا .. بل من منطلق انتقاء الأفضل والمناسب وهذا ليس غيبآ .. فالثقافات هي مقايضات سلوكية وحضارية .. نشتري ما نريد نحن .. ونبيع ما نريد نحن بفهمنا وتفكيرنا وقرارنا . لا مجال هنا للإطالة لأن المقالة أصلآ طويلة ولن تجدمن يستطيع إكمال قراءتها بعد أن تحولنا إلى قراءة البرقيات الثقافية كما يريدنا الغرب ليس لتفريغنا من محتوياتنا ومضاميننا .. لأننا – والحق يقال – نكاد لا نملك إلا تاريخآ مزورآ يصنع فيه كل واحد منا أجداده وسلفه على مزاجه أو كما يقال " غب الطلب ".

وما البرامج الحوارية الرائجة هذه الأيام إلا واحدة من نماذج الإستماع باللسان حيث يتحول المقدم المفترض أن يكون محايدآ إلى طرف ويكاد يملي على الضيف ما يود الإستماع إليه أو ما يناسب خط وتوجهات محطته .. أضافة إلى الأساليب الديماغوجية والإتصالات المدروسة من قطاع الطرق .. التي تنتهي بالملتقي إلى التشويش وعدم فهم أي شيء . والأدهى من ذلك أن النشرات الإخبارية أصبحت تلخص بمقدمة مثلها مثل افتتاحيات الصحف . ويجرنا الحديث عن الفهم والتفهم والتفاهم إلى الحديث عن الثقافة التحصيلية ومصادرها .. فلقد كانت الكلمة المطبوعة في كتاب كالنقش على الحجر .. بينما الكلمة الضوئية عبر الانترنت ومواقع الإتصالات سرعان ما تمحى ويبدو أن هذا هو الهدف أن نمحو كل ما نقرأه بعد لحظات ، وهذا لا ينطبق على المثل القائل : " أن الثقافة هي ما تتذكره بعد أن تنسى كل شيء " ، أي أن هناك ما يعلق في ذاكرتك ولو كان بسيطآ من القافة الورقية ، بينما لا يبقى شيء من الثقافة الضوئية.

والإنصات الفعّال خطوة ضرورية في التربية الإيجابية لا غنى للمربي عنها.فكما أنّنا نخصّص أوقاتاً لشراء ما يحتاجه أبناؤنا، وللاهتمام بصحة أبدانهم ونظافتهم، فكذلك نحتاج إلى تخصيص وقتٍ للإنصات لهم مهما قلّ هذا الوقت ..

فن الاستماع: وصفة أخلاقيّة
في حياتنا، ومنذ صغرنا نتعلّم كيف نتصل مع الناس الآخرين بالوسائل المتعددة، من الحديث والكتابة والقراءة، ويتم التركيز على هذه المهارات في المناهج المدرسية بكثافة، لكن بقيت وسيلة اتصال لم نعرها أي اهتمام، مع أنها من أهم الوسائل ، ألا وهي الاستماع
لا بد لكل إنسان أن يقضي معظم حياته في هذه الوسائل الاتصالية الأربع: الحديث، الكتابة، القراءة، والاستماع، لأنّ ظروف الحياة هي التي تفرض هذاالأمر عليه ..
ويعدّ الاستماعُ أهمَّ وسيلة اتصاليّة، فحتى تفهم الناس من حولك لا بد أن تستمع إ ليهم، وتستمع بكل صدق، لا يكفي فقط أن تستمع وأنت تجهّز الردّ عليهم أو تحاول إدارة دفة الحديث، فهذا لا يسمى استماعاً على الإطلاق

هل تستمع لتتفهّم أم لتتكلّم؟
في كتاب ستيفن كوفي (العادات السبع لأكثر الناس إنتاجية) تحدّث الكاتب عن أب يجد أن علاقته بابنه ليست على ما يرام، فقال لستيفن: لا أستطيع أن أفهم ابني، فهو لا يريد الاستماع إليّ أبداً
رد ستيفن: دعني أرتّب ما قلته للتوّ: أنت لا تفهم ابنك لأنه لا يريد الاستماع إليه
اجاب : هذا صحيح
ستيفن: دعني أجرّب مرة أخرى: أنت لا تفهم ابنك لأنه -هو- لا يريد الاستماع إليك أنت؟
وبصبر كاد ينفذ قال : هذا ما قلته ! أجل
ستيفن: أعتقد أنّك كي تفهم شخصاً آخر فأنت بحاجة لأن تستمع له، أليس كذلك؟
قال الأب: أوه (تعبيراً عن صدمته)

فترة صمت طويلة……….. ثم قال ستيفن :
إن هذا الأب نموذج صغير لكثير من الناس، الذين يردّدون في أنفسهم أو أمامنا: إنّني لا أفهمه، إنه لا يستمع إلي! والمفروض أنّك تستمع له لا أن يستمع لك
إن عدم معرفتنا بأهمية مهارة الاستماع يؤدّي بدوره لحدوث الكثير من سوء الفهم، الذي يؤدي بدوره إلى تضييع الأوقات والجهود والأموال والعلاقات التي كنّا نرجو ازدهارها. ولو لاحظت مثلاً المشكلات الزوجية، لرأيتَ أنّها عادة ما تنشأ عن قصور في مهارة الاستماع لاسيّما عند الزوج. وإذا كان هذا القصور مشتركاً بين الزوجين تتأزم العلاقة بينهما كثيراً. لأنهما لا يحسنان الاستماع لبعضهما، لا يستطيعان فهم بعضهما. الكلّ يريد أن يتحدث لكي يفهم الطرف الآخر! لكن لا يريد أحدُهم الاستماع ( تابع برامج التوك شو حتى لا تفهم) ! خصوصآ الحوارات اللبنانية التي ستشعل بلا شك حربآ أهلية إذا عرفنا كيف تبدأ فلن نعرف بالتأكيد كيف تنتهي .. ويبدو أن الفضائيات تتعمد إلغاء فهم المشاهد أو المستمع وتفريفه حتى تضع فيه ما تشاء ..
كلام بالمناسبة
إن الاستماع ليس مهارة فحسب، بل هو "وصفة" أخلاقية يجب أن نتعلّمها، إننا نستمع لغيرنا لا لأننا نريد مصلحة منهم، لكن لكي نبني علاقات وطيدة معهم
 
رولا
موضوعك هادف ورائع
انما خلق الله لنا اذنين ولسان واحد لنسمع اكثر مما نتكلم
أحترامى
 
الوسوم
الإستماع بلسانك‏ بوقف
عودة
أعلى