الى كل سوري شريف

ahmed shrkat

موقوف
لن يكونَ الصمتُ حكمة في الوقت الذي تملكُ فيه قلماً وحنجرة .. للكلمة في هذه الأوقات صهيلُ خيل .. وحزمُ سيف .. وقوةُ رصاصة .

ماذا نريد ؟ هل نعرف تماماً جواب هذا السؤال ؟

صديقٌ لي يهمس في أذني : أنت مصابٌ " بمتلازمة ستوكهولم " .. أنـــت تتعاطف " كما كل أفراد الشعب " مع سجانك .

يا أيها الصديق العزيز الذي سأحميه بصدري العاري من رصاصات أية جهة كانتْ .. أنا لم أعشْ يوماً فوق هذه الأرض إلا وأنا حرٌّ عزيز .. لماذا تعيد على مسامعي كل يوم قصصاً مضتْ وكان لها ظروفها الخاصة .. لماذا تحكي لي حكايا ثمانينية وتبطّنها بحقدك الدفين وضغينتك العمياء .. إنها حكايا قديمة تروى للأولاد ليناموا .. هم أهلي كما هم أهلك أيها الصديق .

أنا منافق ؟ .. أنت مزاود ؟ .. كيف أصبحنا نُخوّن بعضنا البعض ونتبادل تهم العمالة ؟ .. إنها الأرض .. ألا تريد مصلحةُ أرضك ؟ .. ألا أريد أنا أيضاً مصلحة أرضي ؟ .. على ماذا نختلف إذاً ؟

صديقٌ آخر يهمس لي : أنت كاتب .. كل كتاب العالم كانوا ثائرين .. عليك أن تتعاطف مع المستضعفين .. مع الأبرياء .

نعم يا صديقي هم أبرياء .. أبرياء منك ومن غيبوبتك .. يا من تستخدم دماءهم الطاهرة لنثر وسكب دماء أكثر .. رحمهم الله ألف رحمة .

الأرض تخور .. والجباه تنزف .. والدماء تسيل .. والوطن ؟ .. الوطن .. الوطن .. تلك المفردة التي تستخدمها في كل عباراتك المُحرّضة .. الوطن يا صديقي الآن لم يعد يحتمل المزيد من شاعريتك وكلماتك التي تـنتقيها نفسكَ المنوَّمة .. نفسك التي تجرؤ على اتهام شعب بأكمله بأنه مريض .. نفسك التي تُناشد الحريم .. وتستجدي الأولاد .. وتُثرثر في العتمة .

ماذا تريد ؟ أعود وأقول لك هل تعرف تماماً جواب هذا السؤال ؟ وإذا كنت تعرف الإجابة فهل يستدعي الأمر كل هذه النار التي تُضرمها ؟

لنا تاريخ مجيد .. ونشيدنا يُلهم أنفاسنا .. أبتْ أن تذل النفوس الكرام .. عبّر عن نفسكَ بحضارة .. بعيداً عن الفوضى .. بعيداً عن التخريب .. لكلّ نظام فوق رقعة هذه الأرض أخطاء معينة .. والحرية المُطلقة في جميع أنظمة الأرض يا صديقي هي ضرب من ضروب الخيال .. ومشهد سينمائي يفوق الجمال .. وفصلٌ بديع في رواية كاتب مُثقلٍ بالأغلال .

بيدي قلمي .. وبيدك معولك .. أريد الكثير من الحرية مثلك .. لكنني أغار على أرضي أكثر وأكثر .. وأخشى على نسماتها الآمنة من رائحة البارود والغاز .

رسالة قصيرة على إحدى القنوات الفضائية : " يا نساء حلب .. أين رجالكن ؟ "

أي نوع من الرجال تريدون ؟ رجال يحبون العمل ويبنون بلدهم بالجهد والنشاط ؟ .. رجال يعشقون الحياة ويتطلعون لغد أفضل لأطفالهم ؟ رجال فهموا حكاياتكم جيداً ولم يغمضْ لهم جفن ولم يغيبوا عن الوعي ؟ ألهذا السبب دُمّرت العديد من حافلاتهم على طرق السفر ؟ ألهذا السبب يتعرضون لشتائمكم وخُبثكم المعجون بالكسل ؟ .. تسألون عنهم ؟ هؤلاء الرجال أعداء الكسل .. إنهم أعداء الضغينة .. أعداء التوسل والتذلل والتخفي والتواري والغباء .

لملمْ شتاتك يا صديقي .. أفِقْ .. وهاتِ يدَك .. وستنبتُ لنا في الغد أهدابٌ جديدة .. وقلوبٌ جريئة .. وعقول حكيمة ترفضُ إملاءات الحفاة العراة .. ودروب وحدائق ترفض أن تُشرقَ فوقها شموس خُلبيّة .

لنستبدل مَن دعوتَهم " بالمُصفّقين " فهم من صُنعنا .. ولنا .. ولنراقب ونحاسب مَن دعوتَهم " بالكَتَبَة " ولنقتص من قتلة شهدائنا .. ولنصرخ بملء حناجرنا في وجه الخطأ .. بعيداً عن الفوضى .. بعيداً عن التهور .. ولنعرف تماماً ما نريد .

ولنعرف أيضاً أن هنالك جبلٌ صامد .. وقلعةٌ خالدة .. ونهر سخيّ .. وشعبٌ أبيّ .. ومنّا الوليد .. ومنّا الرشيد .. وشبابٌ حرّ مكافح ملؤه الوعي .. وطفلةٌ في عُمر التاسعة تجتاز في الليل الدروبَ وحدَها .. ونساء جميلات تخفقُ قلوبهنّ بالحُب والأمل .. وأرضٌ مُباركة .

هؤلاء يا صديقي أكبر من أي مطلب تسعى للحصول عليه بالفوضى ..

هاتِ يدَك .
 
الى كل سوري شريف
 
الوسوم
سوري شريف
عودة
أعلى