جميع دواوين الشعر العربى على مر العصور (( خالد الطيب ونور حياتى ))

  • تاريخ البدء
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> شديدٌ ما أضرَّ بها الغَرامُ
شديدٌ ما أضرَّ بها الغَرامُ
رقم القصيدة : 22427
-----------------------------------
شديدٌ ما أضرَّ بها الغَرامُ
وأَضْناها لِشقْوَتها السّقامُ
وما کنفروت بصَبْوتها ولكنْ
كذلكم المحبُّ المستهام
تشاكَيْنا الهوى زمناً طويلاً
فأَدْمُعَنا وأَدْمُعُها سِجام
قريبة ما تذوب على طلول
عفت حتى معاليها رمام
سقى الله الديارَ حياً كدمعي
لها فيها انسكاب وانسجام
وبات الغيث منهلاًّ عليها
تسيل به الأباطح والأكام
حسبتُ بها المطيَّ فقال صحبي
أضرّ بهذه النوقِ المقامُ
وبرّح بالنياق نوى ً شطونٌ
وأشجان تراشُ لها سهام
فلا رنداً تشمّ ولا تماماً
وأين الرّند منها والثّمام
مفارقة أَحبَّتُها بنجد
عليك الصَّبر يومئذٍ حرام
تقرُّ لأَعْيُني تلك المغاني
وهاتيك المنازل والخيام
إذا ذُكِرَتْ لنا فاضَتْ عيون
وأضرمَ مهجة الصبّ الضرام
لعمرك يا أميمة إنَّ طرفي
على العبرات أوقفه الغرام
أشيمُ البرق يبكيني ابتساماً
وقد يُبكي الشجيَّ الابتسام
تَبَسَّم ضاحكاً فكأنَّ سُعدى
فليس بغيره کفتخر الأنام
يلوحُ فينْجَلي طَوْراً ويخفى
كما جُلِيَتْ مضاربه الحسام
أما وهواك يمنحني سقامي
ومنك البرءُ أجْمَعُ والسقام
لقد بلغ الهوى منّي مناه
ولم يبلغْ مآربه الملام
على الأحداق لا بيضٌ حدادٌ
يشقُّ بها حشى ً ويقدُّ هام
سلي السُّمر المثقَّفة َ العوالي
أتفتكُ مثل ما فتك القوام
أبيتُ أرعى النجمَ فيه
بطرفٍ لا يلمُّ به منام
يذكّرني حَمامُ الأَيْكِ إلْفاً
ألا لا فارقَ الإلْفَ الحَمامُ
وهاتفة ٍ إذا هتفت بشجوي
أقول لها ومثلك لا يلام
فنوحي ما بدا لكِ أنْ تنوحي
فلا عيبٌ عليك ولا منام
بذلتُ لباخل في الحبّ نفسي
ولَذَّ لي الصبابة ُ والهيام
منعتُ رضابه حرصاً عليه
ففاض الريُّ واتَّقد الأوام
وفي طيِّ الجوانح لو نَشَرْنا
بها المطويَّ طال لنا كلام
أرى الأيام أوّلُها عناءٌ
وعقباها إذا کنقرضَتْ أثام
عناءٌ إنْ تأمَّلها لبيبٌ
وما يشقى بها إلا الكرام
لذاك الأكرمون تُزادُ عَنها
فتمنها ويعطاها اللئام
نَزَلْنا من جميل أبي جميل
بحيث القصد يبلغُ والمرام
فثمَّ العروة ُ الوثقى وإنّا
لنا بالعروة الوثقى کعتصام
إذا نزلَ المروع لديه أمسى
يضيم به الخطوب ولا يضام
جوادٌ لا يجود به زمانٌ
ولا يستنتج الدهر العقام
أشيمُ بروقه في كلّ يوممٍ
وما كلُّ بوارقه تشام
إذا افتخر الأنامِ على النسق الأعالي
فذاك البدء فيه والختام
تيقَّظَ للمكارم والعطايا
وأعينُ غيره عنها نيام
مكانكَ من عرانين المعالي
مكانٌ لا ينال ولا يرام
وما جودُ الروائح والغوادي
فإنَّ الجودَ جودك والسلام
بنفسي من لدى حربٍ وسِلْمٍ
هو الضرغام والقرم الهمام
تُراعُ به ألوفٌ وهُوَ فَردٌ
وليسَ يروعه العددُ اللَّهام
ومن عَظُمتْ له في المجد نفسٌ
أهِينَتْ عنده الخِطَطُ العظام
صُدوعٌ ما هنالك والتئام
وما ضلَّتْ وأنتَ لها إمام
كأنَّك في بني الدنيا أبوها
وَراعٍ أنْتَ والدنيا سَوام
إذا کفتخَر الأنامِ وكان فيهم
محلّ الأمن والبلد الحرام
لكلٍّ في جماك له طوافٌ
وتقبيلٌ لكفِّك واستلام
تعودُ بوجهك الظلماءُ صبحاً
ويستسقى بطلعتك الغمام
ويشرقُ من جمالك كلُّ فجٍ
كما قَد أَشْرَقَ البَدر التّمام
فداؤك من عرفتَ وأنت تدري
فخيرٌ من حياتهم الحمام
أناسٌ حاوَلوا ما أَنتَ فيه
وما سَلكُوا طريقك واستقاموا
لقد تخلوا وجدتَّ وأنتَ فينا
كما کنهلَّت عزاليه الرّكام
وما كلٌّ بمندورٍ ببخلٍ
ولا كلٌّ على بخلٍ يلام
تميل بنا بمدحتك القوافي
كما مالت بشاربها المدام
ولولا أنتُ تنفقها لكانتْ
بوائِرَ لا تُباع ولا تُسام
نزورك سيدي في كلِّ عامٍ
إذا مَا مرَّ عامٌ جاءَ عام
تُخَبِرُّ أنَّنا ولأنت أدرى
صيامٌ منذ وافانا الصيام

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> لهذي النُّوقِ تنحطُّ كلالا
لهذي النُّوقِ تنحطُّ كلالا
رقم القصيدة : 22428
-----------------------------------
لهذي النُّوقِ تنحطُّ كلالا
وَتَجُوبُ البيد حِلاً وکرتحالا
نَحِلَتْ حتى کنبرت أعْظُمُها
والهوى يُنْقِبُ أهليه نكالا
كلَّما شامت سناً من بارق
قذفت لوعتها دمعاً مذالا
أصبحَتْ تَفْرِي فَيافيها سُرى ً
وتحاكي بکقتحام کلآل رالا
فترفَّقْ أيُّها الحادي بها
فلقدْ أورثها الوجدُ خبالا
لستُ أنسى وقفة ً في رامة
لم يدع منها النوى إلاّ خيالا
ووشتْ عن كلِّ صبٍّ عبرة ٌ
فكفتْ عبرته الواشي المقالا
وأساة لحشى ً مكلومة ٍ
جَرَحَتْها حَذَقُ الغيد نصالا
يا مهاة َ الجزع أنتنَّ له
سالباتٌ قَلْبَه المضنى جمالا
يا أخلاّئي تناءى زمن
مَرَّ لي فيكم وصالاً وانفصالا
وليالٍ ما احتلى أنسها
أصبحتْ في وجنة الأيام خسالا
نقل الواشي إليكم خبراً
لم يكن يقبل ما قال احتمالا
يتمنّى سلوتي لكنَّه
يتمنّى وأبي أرماً محالا
لا تلمني لائمي في صبوتي
فالهوى ما زال للعقل عقالا
فاتركاني والهوى إنّي فتى ً
غالني دونكمُ الوجد اغتيالا
من ظباءِ الرَّمل ظبيٌ إنْ رنا
سَلَّ من جَفْنَيه صمصاماً وصالا
ظبية ُ الخدر الّتي لما جفت
أدلالاً كان منها أمْ ملالا
هل وَفَتْ مديونها مستغرماً
يشتكي منها وإنْ أوفتْ مطالا
لو أباحَتْني جنى مرشفها
لشفتْ من ريقها الداء العضالا
يا رعى الله نُزولاً بالحمى
عثرة َ المغرمِ فيهم لنْ تقالا
حَلّلوا ظُلماً حراماً مثلما
حرّموا في شرعهم شيئاً حلالا
فاصطبر يا قلبُ يوماً ربّما
أصبحَ الخلَّبُ بعد اليأس خالا
كم يُريني الدَّهر جدّاً هازلاً
فأريه من ظبا عزمي جدالا
إنْ يكُنْ في الناس محمودٌ فلا
غير محمود مقالاً وفعالا
فتفاءل بکسمه في سَيْبه
فکسْمه كان لمن يرجوه فالا
إنْ تحاولْ شَخْصَه تَلْقَ على ً
صَحِبَ العِزَّ يميناً وشمالا
لا يرجّى غيره في شدَّة ٍ
أو ترجو بوجود البحر کلا
ليثُ غابٍ وسحابٌ صيّبٌ
حيث تلقاه نوالاً ونزالا
كرمٌ يخجاُ هتّان الحيا
وعُلى ً تُورثُ أعداه الوبالا
ويدٌ ما کنقبضت عن سائل
بل كَفَتْ في سَيبها العافي السؤالا
صارمُ الله الذي لم يخشَ من
حادث الدهر انثلاماً وانفلالا
ولكمْ أجدى فأسدى كرماً
مِنناً طوَّقَ فيهنَّ الرّجالا
صنعته المعروف مغروزٌ به
لا يجود الجود حتّى أنْ يقالا
كم وَرَدْنا فَضْلَه من مَوْردٍ
فَوَجَدْناه نميراً وزلالا
منَحَ الله به يا حبذا
مِنَحٌ من جانب الله تعالى
قل لحسّاد معاليه اقصروا
لم تَزَل أَيديه في المجد طوالا
يتمنَّون مع العجز العلى
وإذا قاموا لها قاموا كسالى
ليس من يذخرْ جميلاً في الورى
كالذي يذخر للأخطار مالا
لا ولا من صَلُبَتْ راحته
كالذي يقطرُ جوداً ونوالا
آل بيت الوحي ما زلنا على
فضلكم يا سادة الدنيا عيالا
ما برحتم مُذ خُلِقتُم سادة ً
تكشفون الغيَّ عنّا والضلالا
لا يغالي فيكم المادح إنْ
أطنب المادح في المدح وغالى
أيّها البَدرُ الذي زاد سَناً
زادك الله سَناءً وكمالا
هاك من عَبْدك نَظماً إنَّه
ينظمُ الشّعر بعلياك کرتجالا
كلّما ضقتُ به ذرعاً أرى
يوسع الفضلَ على الفكر مجالا
وآهنا باالعيد الذي عوَّدْتَنا
لثمَ كفَّيك التي تكفي نوالا
ملكٌ أنتَ بنا أمْ ملكٌ
ما وَجَدْنا لك في الناس مثالا
كيفَ أقضي شكر أيديك التي
حمَّلتني منك أحمالاً ثقالا
لا عَدِمنا فيك يا بحر الندى
أيدياً تولي وفضلاً يتوالى

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> وغادة لو بروحي بعثُ رؤيتها
وغادة لو بروحي بعثُ رؤيتها
رقم القصيدة : 22429
-----------------------------------
وغادة لو بروحي بعثُ رؤيتها
لكنتُ والله غيرَ مغبونِ
ما البَدرَ والغصن أحلى من شمائلها
كأنَّها من بناتِ الحور والعينِ

شعراء الجزيرة العربية >> طاهر زمخشري >> في الأصيل
في الأصيل
رقم القصيدة : 2243
-----------------------------------
أقبلَتْ في الأصيل والبسمْةُ العذراءُ في ثَغْرِهَا تُنيرُ صباحَا
وعلى قدِّها من الهَيف الراقص حسانةٌ تجيد المزاحا
غادةٌ .. زانها التورُّدُ في الخدِّ وناغت بالعطر منه الإقاحا
أتلَعتْ جيدَها وفيها من الإغراء ما يكسر العيون الصحاحا
وأماطت لثامها عن جمالٍ زاده الظُّرف رِقّةً ومَراحا
وتغنت بطرفها واستدارت بعد أن رف هدبُها صدَّاحا
جاذبَتْني الهوى بهمسة أجفان تجيد الإعراب والإفصاحا
عن فتون الدلال، عن سطوة الحسن، وعن خافق سَبَتْه فناحا
وانبرت ترسل الحديث أغاريدًا، أذابت في رجْعها الأرواحا
قيدتني ولم أكن أعرف القيد ولكن حملْتُه مرتاحا
****
أقبلتْ في الأصيل، والخصلة الرعناء تلتف بالمحيَّا وشاحا
فإذا بالصباح يضحك بالإسفار، والليل قد غفا واستراحا
عند مجرى السنا ليرتشف العطر وقد مدَّ بالظلال جناحا
في فتونٍ يعابث النور بالسحر بلحظٍ قد أشهرتْه سلاحا
والتعابير باللحاظ سهام فتحت في الضلوع منا جراحا
والفؤاد المجروح من حرقة اللوعة عانى وما تشكَّى وباحا
واللقاءُ المقدور كان على الدرب قطعناه غُدوةً ورواحا
لحظة واختفت وراء المسافات وما زال شوقنا مِلْحاحا
وعلى جسرِ وجْدِنا في دروب الحب نرجو لوَصْلِنا أن يُتاحا
فنذوق الهوى ، وننعم بالنجوى وبالصفو نُترعُ الأقداحا
****

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> عفا الله عن ذاك الحبيب وإنْ جنى
عفا الله عن ذاك الحبيب وإنْ جنى
رقم القصيدة : 22430
-----------------------------------
عفا الله عن ذاك الحبيب وإنْ جنى
دعاني به المشتاقُ في صدِّه العنا
قَسا قَلْبُه في قول واشٍ وحاسدٍ
وعهدي به رطب المحبّة ليّنا
من الغيد فتّاك بقدٍّ ومقلة
إذا لاح وسنانُ النواظر بالسنا
ففي لحظه استكفى عن الضرب بالظبا
وفي قدّه استغنى عن الطعن بالقنا
فأَينَ غصونُ البان منه إذا انثنى
وأينَ الظباء العُفر منه إذا رنا
فيا سالبي صَبري على البعد والنوى
ويا مُلبسي ثوباً من السُّقم والضنى
لقد فتنتني منك عينٌ كحيلة ٌ
وما خُلِقت عيناك إلاّ لتفتنا
وليلٍ بإرغام الرقيب سهرته
كأنَّ علينا للكواكب أعينا
نَعْمنا به من لذّة العيش ليلة
وقد طافت الأقداح من طرب بنا
فمنْ كأس راح للمسرات تحتسي
ومن ورد خدٍّ ما هنالك يجتنى
إلى أنْ ذوى روض الدجى بصباحه
وبدَّلَ من وردِ البنفسج سوسنا
أعدْ ذكر هاتيك الليالي وإنْ مضت
ولم تَكُ بعد اليوم راجعة لنا
إذا ما جرت تلك الأحاديث بيننا
أَمالَ عليها غصنَه البانُ وکنحنى
وإنْ عرض اللاّحي ولام على الهوى
فصرّح بمن تهوى ودَعْني من الكنى
إلى الله أشكو من تجنّيه شادناً
أَحِلُّ مكاناً في الحشى فتمكّنا
أشيرُ إلى بدرِ الدجنّة طالعاً
وإيّاه يعني بالإشارة من عنى
ويا ويحَ قلبي كيفَ يرمين أعينٌ
تعلَّمنَ مرمى الصيد ثم رميننا
خليليَّ هلْ أحظى بها سنة َ الكرى
لعلَّ خيالاً يطرقُ العينَ موهنا
فما أنا لولا النازحون بمهرقٍ
فُرادى دموع ينحدرنَ ولا ثُنا
رعَيْتُ لهم عهداً وإن شطّت النوى
بهم وکستبين الودُّ بالصدق معلنا
وإنّي لأرعى للمودَّة حقّها
ولا يهدمنَّ الودَّ عندي من بنى
ولا خير في ودّ امرئٍ إنْ تلوّنت
بيَ الحال من ريْب الزمان تلوُّنا
حبيبٌ إليَّ الدهرَ من لا يريبني
ويرعى مودّات الأخلاّءِ بيننا
وكلّ جواد يقتني المال للندى
وينفق يوم الجود أنفس ما اقتنى
لئن كنت أغنى الناس عن سائر الورى
فما لي عن سلمان في حالة غنى
إذا هَتَفَ الداعي مجيباً بکسمه
زجرتُ به طيراً من السعد أيمنا
تأمَّلتُ بالأشراف حسناً ومنظراً
فلم أرَ أبهى من سناه وأحسنا
بأكرمهم كفّاً وأوفرهم ندى ً
وأرفعِهم قَدَراً وأمنعِهم بِنا
وكم حدَّثوا يوم الندى بحديثه
فقلتُ أحاديث الكلام إلى هنا
وما زال يروي الشعر عن مكرماته
حديث المعالي عن علاه معنعنا
بكلّ قصيدٍ يحسُد العقد نظمها
تفنَّنَ فيها المادحون تفنّنا
بروحي من لا زال منذُ عَرَفْتُه
إذا ما أساءَ الدهرُ بالحرّ أحسنا
نبا لا نبا عنّي بجانب ودّه
ومن لي به لو كان بالوَرْدِ قد دنا
وبي فيه من حُرِّ الكلام وجَزله
مقالٌ من العتبى وعتبٌ تضمَّنا
إذا برزت لي حجة في عتابه
أعادت فصيح النطق بالصدق ألكنا
أبا مصطفى إني وانْ كنتأخرساً
فما زال كلّي في ثنائك أسنا
أبا مصطفى أمّا رضاك فمُنْيَتي
ومن عَجَبٍ فيك المنيَّة والمنى
إذا كان عزّي من لدنك ورفعتي
فلا ترتضِ لي موطن الذل موطنا
ألستُ امرأً أنزلتُ فيك مقاصدي
بمنزلة تستوجب الحمد والثنا
وشكرانُ ما أوليتنيه من النّدى
لمتخذِ المعروف في البرّ ديدنا
وما كان ظنّي فيك تصغي لكاذب
وتقبل قول الزور من ولد الزنا
فتبدلني بعد المودَّة ِ بالقلى
وتغضب ظلماً قبلَ أنْ تتبينا
وأنْتَ الذي جَرَّبتني وَبَلْوتَني
وأَنْتَ الذي في الناس تعرف من أنا
أبيٌّ أشمُّ الأنف غيرُ مداهن
قريب من الحسنى بعيدٌ عن الخنا
صددت وأيم الله لا عن جناية
وما كان لا والله صدّك هيّنا
أبنْ واستبن أمراً تحيط بعلمه
لعلك أنْ تَستكشِفَ العذر بيننا
وهبني مسيئاً ما يزعمونني
بلائقة ٍ منهم فكن أنتَ محسناً
وسرَّ إذنْ نفسي ودع عنك مامضى
فلا زلتَ مسروراً ولا زلتَ في هَنا
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> نزلوا بحيثُ السَّفحُ من نعمانِ
نزلوا بحيثُ السَّفحُ من نعمانِ
رقم القصيدة : 22431
-----------------------------------
نزلوا بحيثُ السَّفحُ من نعمانِ
حَيْثُ الهوى وملاعبُ الغِزلانِ
هامَ الفؤاد بهم وزادَ صبابة ً
يا شدَّ ما يلقى من الهيمان
يا ليتَهم علموا على بُعدِ النوى
ماذا ألاقي بعدهم وأعاين
كيفَ السلوُّ ولي فؤادٌ مغرمٌ
في مَعزِلٍ مني عن السُّلوان
أصبوا إلى وادي العقيق وأدفعي
لشبيهة ٌ وأبيك بالعقيان
وبمهجتي نارٌ تشبُّ من الجوى
إنّ الجوى لمهيّجُ النيران
لا تكثرا عذلي فإنَّ مسامعي
صُمَّت عن اللاّحي إذا يلحاني
يا صاحبيّ ترفّقا إنّي أرى
فيما أعاني غيرَ ما تريان
هذا الفؤادُ وهذه أُعلاقُه
ضاق الغرام به عن الكتمان
فَعَلَ کدِّكاري بي لأيام مَضَتْ
ما تفعل الصهباءُ بالنشوان
أيامَ كنتُ لهوتُ في زمن الصبا
وطرِبْتُ بين مَثالِثٍ ومثاني
أَيامَ نادَمْتُ البدور طوالعاً
والشمسُ تشرق من بروج دنان
راحٌ إذا علَّ النديمُ بكاسها
ما للهموم عليه من سلطان
بَرَزَتْ لنا منها السُّقاة بقَرقَفٍ
قد كُلِّلت بالدُّرِ والمرجان
ويُديرها أحوى أغنَّ إذا رنا
سحرَ العقول بناظر وسنان
ومُهَفْهَفِ الأعطافِ خِلْتُ قِوامَه
من خَوْط بانٍ يا له من بان
في روضة ٍ تزهو بمنهلِّ الحيا
بتنوُّع الأشكال والألوان
وتأَرَّجَتْ فيها بأنفاس الصِّبا
زهر الرُّبا بالرَّوْح والرَّيحان
تترنَّم الأوتار في نغماتها
من غيرِ ألفاظٍ أَتَتْ لمعاني
فكأنَّما تلك القيانُ حمائمُ
تُملي عليك غرائب الألحان
زمنَ الشبيبة مُذْ فَقَدْتُك لم أجِدْ
لِلّهو عندي والهوى بمكان
فارقتُ مذ فارقتُ عَصْرَكَ أوجهاً
طلعتْ علينا كالبدور حسانِ
تسطو على العشّاق من لحظاتها
بصوارمٍ مشحوذة وسِنان
وصحوتُ من شكر الشباب وغيهِ
وأرحتُ من قد لامني ولحاني
وعرفتُ إذ حلَّ المشيبُ بعارضي
أنَّ الهوى سببٌ لكلّ هوان
كانَ النسيبُ شقيقَ روحي والهوى
في مهجتي وقراره بجناني
فهجرته هجرَ الخليلِ خليله
من بعدِ ما قد حلَّني وجفائي
وأَخَذْتُ أُنْشِدُ في الثناء قصائدي
بالسيّد السَنَد العظِيم الشان
قَلَّدْتُه غُرَرَ الثناء قلائداً
ما لم تكَنْ لقلائد العقيان
أشفي الصُّدورَ بمدحه، ومديحه
كالماء ينقعُ غلَّة الظمآن
إنَّ المناقبَ والمعاليَ كلَّها
بِعَليّ هذا العالم الإنساني
وإذا تعرَّضنا لجود يمينه
عرضتْ لنا بالعارض الهتّان
شملتْ مكارمه العفاة فلم تجد
غلاّ غريقاً منه بالإحسان
مُتَفَرِّدٌ بالمجدِ واحدُ عصرِهِ
ما في الرجالِ لمجدِهِ من ثان
إنْ عُدَّتِ الأعيان من ساداتها
أبْصَرتْ عينَ أولئك الأعيان
هذا النقيب الهاشميُّ ويا لَه
إنسانُ عين العِزّ من إنسان
هذا عليُّ القَدْرِ وکبنُ علائِه
المنتمي شَرَفاً إلى عدنان
كم شنَّفَتْ أذناً مناقبُه التي
تُلِيَتْ محاسِنُها بكلّ لسان
وإذا شَهِدْتَ جمالَه وجلالَه
أَبْصَرْتَ ما لا تسمع الأُذُنان
لو يدَّعي فيه الفخارُ مُفاخِرٌ
ما احتاج يومئذٍ إلى برهان
حازوا الرئاسة والسيادة والعلى
أبناء عبد القادر الكيلاني
شيخُ الطريقة والحقيقة مقتدى
أهل التقى والدين والعرفان
مَن أوتيَ الحِكَمَ التي قد أَعْجَزَتْ
لقمانَ عمّا جاء عن لقمان
كشفتِ له الأسرار وهي غوامضٌ
دَقَّتْ على الأفكار والأذهان
غوثُ الصَّريخ المستجير ببابه
لا مُعرَضٌ عنهُ ولا متواني
مذْ فاز حيّاً في كرامة ربّه
ومن الكرامة فاز بالرضوان
ومن المواهب لا يزالُ مريده
يعطي مزيد الأمن والايمان
من زارَ مرقَده الشريفَ أَمدَّه
بالرّوح من إمداده الروحاني
لا يستطيع الملحدون بزعمهم
إنكارَ ما شهدتْ به الثقلان
وإذا الفتى شَمِلَتْه منه عناية
أَغْنَتْ عن الأنصار والأعوان
هو قطب دائرة يدور مدارها
أبد الزمان ومنتهى الدَوَران
بعوارفٍ ومعارفٍ ولطائفٍ
تُجلى القلوب بها من الأدران
مولاي أنتَ وأنتَ غاية ُ مطلبي
وإليك منتَجعي وعنك بياني
قد حُزْتَ من شهر الصيام ثوابَه
وغنمت فيه الأجر من رمضان
فَليَهْنَكَ العيدُ السَّعيدُ بعوْدِهِ
وکسلم ودُم فينا أبا سلمان

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> كم دمٍ فيك أيُّها الرّيمُ طلاّ
كم دمٍ فيك أيُّها الرّيمُ طلاّ
رقم القصيدة : 22432
-----------------------------------
كم دمٍ فيك أيُّها الرّيمُ طلاّ
وفؤادٍ بجمرة ِ الوجد يصلى
فأناسٌ بخمرِ عَينيك صَرعى
وأناسٌ بسَيْف جفنيكَ قتلى
قلْ لعينيك إنَّها قتلتنا
أَحسِني بالمتيّمِ الصبِّ قتلا
ولك الله من حبيبٍ ملولٍ
غير أنَّ الهوى به لن يملاّ
يا عزيزاً أذلُّ طوعاً لديه
والهوى يترك الأعزَّ الأذلا
إنْ تعجلْ بالهجر منك عذابي
أو تُؤاخِذْ متيْمّيك فمهلا
وإذا ما کسْتَحْلَيْتَ أنتَ تلافي
كان عندي وريقِك العذب أحلى
لايملَّ العذابَ فيك معنّى
وسواك الذي يملُّ ويقلى
يتراءى لعاذلي أنَّني أسْمَعُ
نصحاً له وأقبلُ عذلا
يأمرُ القلبَ بالسلوّ ومنْ لي
بفؤادٍ يُرضيه أنْ يتسلّى
خَلِّني والهوى بآرام سَلْعٍ
يا خَليلي ولا عدمتُك خلاً
ربَّ طيفٍ من آل ميٍّ طروقٍ
زارَ وهناً فقلت أهلاً وسهلا
إنَّ من أَرسَلَتْك من بعد منعٍ
قد أساءتْ قطعاً وأحْسَنْتَ وصلا
بعثَتْ طيفَها ولم تَتَناءى
عن مزاري إلاّ دلالاً وبخلا
فَلَقْد كاد أنْ يَبُلَّ غليلي
ذلك الطيف في الكرى أو بلاً
نَظَرَتْ أعْيُني منازلَ في الجزع
فأَرْسَلْتُ دمعَها المستهلاّ
لم أُكْفِكْفْ دَمعي بفضلِ ردائي
بادّكار الأحباب حتى کبتلا
فسقيتِ الغمام يا دار ظيماء
موقراتٌ نسيمُها المعتلاّ
طالما كنتُ فيك والعيش غضٌ
وعروسٌ من المدامة تجلى
أشْرَبُ الرَّاح من مراشف ألمى
جاعلاً لي تفاحَ خدَّيه نقلا
فکبكِ عَنّي عَهْدَ الصّبا أو تباكَ
لبكائي والصبُّ بالدمع أولى
أينَ ذاك الهوى وكيف تقضّى
كان خمراً فما له صار خلاّ
صاحبي هذه المطيُّ الّتي
سارت عشاءً تجوبُ وعراً وسهلا
زادَها الوجْدُ غُلَّة ً والنوى وَجْـ
وجداً وفرقة ُ الشَّملِ غلاّ
تَتَلَظّى كأنَّها في حَشاها
جمراتٌ تذوبُ منها وتصلى
وغدتْ بعدَ طيّها الأرض طياً
آكلاتٍ أخفافها البيدُ أكلا
أرتاها تبغي النَّدى من عليٍّ
فَنَداه لم يُبْقِ في النفس سؤلا
ساد أقرانه وكان غلاما
ثم سادَ الجميعَ إذ صار كهلا
وانتضته يدُ العلى مشرفيّاً
صَقَلَتْه قَينُ السِيادة صقلا
فأراعَ الزمانَ منه جمالٌ
وجلا كلَّ غيهب إذ تجلّى
غمرَ الناس بالجميل فقلنا
هكذا هكذا الكرامُ وإلاّ
بأيادٍ تكون في المحْل خِصباً
في زمان يصيرّ الخطب محلا
باذلاً كلَّ ما يروق ويحلو
لا مُملاً ولا ملولاً بذلا
والفتى الهاشميّ إنْ جاد أغنا
ك وإنْ أجزلَ العطاءَ استقلا
ربَّما خلْتَه لفرطِ نَداه
مُكثِراً وهو عند ذاك مُقِلاّ
وسواءٌ لديه في حالتيه
كَثُرَ المالُ عِنده أو قلاّ
آلُ بيتً إنْ كنتَ لم تدرِ ماهم
فکسأَلِ البيتَ عنهمُ والمصلّى
بأبي أنتَ من سلالة ِ طه
أشْرَفُ الكائنات عقلا ونقلا
سَيِّدٌ لا يمينه تَقْبَلُ القَبض
ولا طبعهُ يلائم بخلا
وبما قد سبقتَ من جاء بعداً
سيّدي قَدْ أدْرَكْتَ من كان قبلا
ما تعالتْ قومٌ إلى المجد إلاّ
كنتَ أعلى منهم وأنتَ الأعلى
طيّب الفرع طيّب الذات تخشى
سطوات الظبا وترجى نيلا
وإذا كنتَ أطيب الناس فرعاً
كنتَ لاشك أطيبَ الناس أصلا
يا عليَّ الجناب وابنَ عليٍّ
والمعالي لم ترض غيرك بَعلا
قد بلوناك يومَ لا الغيثُ ينهلُّ
فَشِمناك عارضاً منهلا
ووجدناك للجميع ملاذاً
يَرتجيك الجميعُ جُوداً وفضلا
والأماني تُلقي ببابك رحلاً
كلَّ يوم تمضي وتملأُ رحلا
وتلاقي حلاحلاً جعل الله
علاه على البريّة ظلاّ
ربّما كان في الأوائل مثلاً
لك واليوم لم نجد لك مثلا
أنتَ ذاتٌ لدى كلّ يوم
ترتقي منصباً وتعلو محلاّ
أنتَ في كلّ موضعٍ ومكانٍ
آية ٌ من جميل ذكرك تتلى
فإذا قُلتُ في مديحك شيئاً
قيلَ لي أنتَ أصدقُ الناس قولا
فتقبَّلْ مولاي فيك ثنائي
وليَ الفخرُ إنْ تكنْ لي مولى
وتكرَّمْ بأَخْذِه ولَكَ الفَضلُ
وما زِلْتَ للفضائل أهلا
لا تزال الأيام في كلّ حولٍ
لكَ عيداً ودمتَ حولاً فحولا
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> شامَ برقاً راعهُ مبتسما
شامَ برقاً راعهُ مبتسما
رقم القصيدة : 22433
-----------------------------------
شامَ برقاً راعهُ مبتسما
عَن يَمين الجَزْع شرقيّ الحمى
فبكى ممّا به من لَوْعة ٍ
لا بكتْ أَعْيُنُهُ إلاّ دما
دَنِفٌ قد لَعِبَ الوجد به
ورماه البين فيمن قد رمى
وقضى الحبُّ عليه أنَّه
لا يزال الدهر صبّاً مغرما
رحمة ً للصبّ لو يشكو الجوى
في الهوى يوماً إلى من رحما
عبرة يا سعد قد أهرقتها
ليتها بلَّت من القلب ظما
وإلى الله فؤاد كلّما
کضطرم البرق اليماني کضطرما
يا خليليَّ کسعداني إنَّني
لم أَجدْ لي مسعداً غيرَكما
إنَّ للدار سقى الدارَ الحيا
أَرْسُماً لم تُبق مني أرْسُما
أينَ أقمارَك غابت فَقَضَت
أَن تُرينا كلّ فج مظلما
ولياليَّ بسلعٍ أجتلي
كلَّ عذب اللفظ حلويّ اللمى
كنتُ ذقتُ الصَّبر شهداً فيهم
ثم ذقتُ الشهد فيهم علقما
كان حبلي بهمُ متّصلاً
فَرُمي بالقَطع حتى کنصرما
لا تسلْ عن دمع حال طالما
سال في آثارهم وکنسجما
زعم الناقل سلواني لكم
كَذِبَ الناقل فيما زعما
عجباً من عاذلٍ يعذلني
في هواكم أبعينيهِ عمى
انقضى العهد فما لي بعده
آكلٌ كفّى عليه ندما
أتشافى في عسى لا في عسى
يشتفي القلب ولا في ربّما
يَعْلَمُ الجاهل وَجدي فيكم
كيف لا يعلم أمراً علما
لا رعى الله زماني إنَّه
كان لا يرعى لحرٍّ ذمما
كلَّ يوم أنا من أرزائه
شاهدٌ رُزْءاً يشيبُ الِلّمَما
يبتليني صابراً لم يلفني
فاغراً فيه من الشكوى فما
أتّقي أسهمه من حيثُ لا
تتّقي الأدرعُ تلك الأسْهُما
وإذا مارسني، مارسني
حجراً صمّاء صلاً صَيْلما
وسواءٌ بعد أن جَرَّبني
أقدمَ الدهرُ إذنْ أمْ أحجما
فليجئني الدهرُ فيما يشتهي
أنا لا أشكو لداءٍ ألما
وحريٌّ أنْ تراني بالغاً
بعليّ القدر أسباب السما
أرتقي فيه العلى لم أتخذ
مدحه للمجد إلاّ سلّما
فقوافيّ إليه ترتمي
بالأماني فلنعمَ المرتمى
علويّ الجدّ علويّ السَّنا
دوحة ٌ طالت وفرعٌ نجما
سيّدٌ من هاشمٍ راحته
تُخْجِلُ الغيثَ إذا الغيث همى
من رسول الله من جوهره
ذلك النور الذي قد جُسّما
أو تُجادِلْه تُجادِلْ ضَيْغَما
يا له من نعمة ٍ في نقمة ٍ
إنْ رمى أصمى وإنْ فاض طمى
كلّما داويت آلامي به
حسمَ الداءُ به فانحسما
قَسَماً بالغُرّ من أجداده
أترى أعظمَ منهم مقسما
أنا أستشفي ولكنْ مِنْهُمُ
بشِفاءٍ لم يغادرْ سقما
رضيَ اللَّه تعالى عنهُمُ
وإذا صلّى عليهم سَلّما
أنفقوا الأعمار في طاعته
وفضوها صوّماً أو قوَّما
إنَّما يرحمنا الله بهمْ
رحمة ً تدفعُ عنّا النقما
ثِقَتي فيهم وفيهم عِصْمَتي
فازَ من يغدو بهم معتصما
وهُمُ ذخريَ في آخِرَتي
يومَ لا أملكُ فيه دِرهما
يا سماءً للعلى أنظمُ في
مدحهِ غرَّ لاقوافي أنجما
أنتَ أنت اليوم فيها سيّدٌ
يُتّقى بأساً ويُرجى كرما
لا أرى وجدان من لا يرتجى
للندى والبأس إلاّ عدما
أنتَ فذُّ المجد في الناس وإنْ
كنتَ والبدرَ المنيرَ تؤما
اتقضى الصَّومُ جميلاً ومضى
قادمٌ كلُّ على ما قدّما
أقبلَ العيدُ نهنّيك به
يا أبا سلمان هُنّيت بما
كان فيه من ثوابٍ دائمٍ
عَظُم الأجر به إذْ عظما
حُزتَ أجر الصوم فکسلم وکبق لي
أبداً تولي الغنى والمغنما
منعاً في البرّ في أعيادها
لا تزال الدهرِ برّاً منعما
مسبغاً فيها عَلَيْنا نِعَماً
أَسْبَغَ الله عليك النِعما
أيُّها الممدوح فينا ولنا
بُدىء المدح به واختُتِما

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> تبيَّنَ حقٌ للعباد وباطلُ
تبيَّنَ حقٌ للعباد وباطلُ
رقم القصيدة : 22434
-----------------------------------
تبيَّنَ حقٌ للعباد وباطلُ
ونِلْتَ بحمد الله أَنْتَ نائلُ
وما حاق مكر السَّوء بأهلهِ
وبعد فما يدريك ما الله فاعل
لقد نقلوا عنك الذي هو لم يكن
فأدحضَ منقولٌ وكذّب ناقل
وجاؤوا بما لم يَقْبَل العقلُ مثلَه
ولا يرتضيه في الحقيقة عاقل
شهودٌ كأسنان الحمار فبعضهم
لبعض وإنْ يأْبَ الغبيُّ أماثل
أراذلُ قومٍ ساءَ ما شهدوا به
وما ضَرَّتِ الأشرافَ تلك الأراذل
أتوكَ بتزوير على حين غفلة
وأنتَ عن التزوير إذ ذاك غافل
وقُلْتَ وقال الخصم ما قال وادّعى
وهل يستوي يا قوم قسُّ وباقل
أقام على بطلانه بدليله
دليلاً وللحقّ الصريح دلائل
ولو كان يستجديك فوق آدعائه
لَجُدْتّ به فضلاً وما أنْتَ باخل
ولو أنَّه يبغي إليك وسيلة ً
لما خيَّبته في الرجال الوسائل
ولكن بسُوءِ الحظّ يثني عنانه
إلى حيث يشقى عنده من يحاول
وإلاّ لما أمسى يعضّ بنانه
يعنّفه لاحٍ ويخزيه عاذل
ولا راح محروماً مناهلَ فضلكم
وكيف وأنْتُم في النوال مناهل
لقد نزع الأشهاد من كل فرقة
ولا بأس فالقرن المنازع باسل
وقد زيَّنَ الشيطانُ أعماله له
على أنَّه لم يدرِ ما الله عامل
وأعملتِ الأهواء فيه كما اشتهت
فلا دخلته بعد هذا العوامل
ومن جهله ألقى إلى الزور نفسه
وجاءَ بما لم يأته اليوم جاهل
وأنّى له بالشاهد العدل يرتضى
ويقدم في إشهاده ويجادل
أيشهدُ ديّوثٌ ويقبلُ قوله
وهل قال في هذا من الناس قائل
وإقرارُ حربيٍّ على غير نفسه
فلا هو مقبول ولا أنت قابل
لدى حَكَمِ عدلٍ بدين محمد
وإنْ لم يكنْ عدلٌ فربُّك عادل
ومن ذا قضى بالظنّ يوماً على امرئٍ
وحسَبُك حكمُ الله قاضٍ وفاصل
وعارٍ من التدبير والعقل والحجى
وإنْ كان قد زرَّت عليه الغلائل
رأى الرأيَ بعد المال قتلاً لنفسه
على المال حرصاً فهو لا شك قاتل
كما كان ما قد كان منه وغرَّهُ
نصيحٌ مداجٍ، أو عدوٌ مناضل
ووافق رأياً فاسداً فأماله
وكلٌّ عن الإقبال بالصلْح مائل
إذا لم يكن عونٌ من الله للفتى
فكلُّ معينٍ ما عدا الله خاذل
ضلالاًلقوم يكنِزُون كنوزَهم
لأبنائهم والله بالرّزق كافل
لقد شقيتْ منهم على سوءِ ظنهم
أواخرهم فيما جَنَتْه الأوائل
ولم يدر مالٌ أودعَ الأرض طالعٌ
لعمرك أمْ حتفٌ من الله نازل
ستهلِكُ قومٌ حسرة ً وتأسُّفاً
عليه وأطماع النفوس قواتل
تعجّل في الدنيا عقوبة َ طامع
ومن نكبات المرء ما هو آجل
إذا شام برقاً خلباً ظنَّ أنَّه
مخايل لا بل كذّبته المخايل
وما كلُّ برقٍ لاحٍ في الجو ممطرٌ
ولا كلُّ قطر لو تأمَّلت وابل
وكم غرَّ ظمآناً سرابٌ بِقيعَة ٍ
وأغناه طيفٌ في الكرى وهو زائل
تَنَاوَلَ بالآمال منك مرامَه
وأنّى له منك المُنى والتناوُل
وقد شنَّ غارات الدَّعاوى جميعها
إليكَ ولم تُشْغِلْه عنك الشواغل
ولو حكموا من قبلها في جنونه
وعاقَتْه عما كان منه السلاسل
لما ذهبت أمواله وتقلبتْ
به الحال فيما يبتغي ويحاول
ولا دَنَّسَ العرضَ النقيَّ بشاهدٍ
من العار لم يغسله من بعد غاسل
لقد خاب مسعاه وطال وقوفه
على مطلب ما تحته اليوم طائل
وما حصل المعتوهُ ظنّاً يظنُّه
فلا العرض موفور ولا المال حاصل
فيا شدَّ ما لاقيت من سوءِ ظنه
ومن فعله فيها وما هو فاعل
وتكذيب دعواه وتخجيله بها
ألا ثكلت أمَّ الكذوب الثوالك
تحمَّلتَ أعباءَ المشقّة للسُّرى
وكلُّ نجيب للمشقّة حامل
وأقبلتَ إقبالَ السَّعادة كلّها
علينا كما وافى من الغيث هاطل
يشيرون بالأيدي إليك وإنما
تشير إلى هذا الجناب الأنامل
ليهنك حكم الله يمضي غراره
مضاء حسام ارْهَفْته الصياقل
تبَّرأتَ مما ثيل فيك براءة ً
من الله إشهادٌ عليه الأفاضل
تبَّرأتَ من تلك الرذائل نائباً
وحاشاك أنْ يدنو إليك الرذائل
وما تسلك الأوهام فيها حقيقة
ولا حملت يوماً عليها المحامل
نعمنا بك الأيام وهي قليلة
لديك وأيام السرور قلائل
وأَمْسَتْ دمشق الشام تشتاق طلعة ً
لوجهك مثل البدر والبدر كامل
وإنَّك منها بالسرور لقادم
وإنك عنّا بالفخار لراحل
لأمر يريد الله كشف عمائه
تجابُ له بيدٌ وتطوى مراحل
فمن مبلغٌ عنّي دمشقَ وأهلها
بشارة ما قد ضَمنَّتها الرسائل
عَدَتْ منكم فينا عوادٍ عوادلٌ
وسارت لنا فيكم قوافٍ قوافل
وأصبحَ من ناواكمُ بعدَ صيته
كئيباً وأمّا ذكرهُ فهو خامل
تناهى إلى عَيٍّ فقصرَّ دُونه
وعند النتاهي يقصر المتطاول

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ما ودّع الصبُّ المشوقُ وما قلى
ما ودّع الصبُّ المشوقُ وما قلى
رقم القصيدة : 22435
-----------------------------------
ما ودّع الصبُّ المشوقُ وما قلى
رشأً أغنَّ من السوائح أكحلا
يرنو فيُرْسِلُ من سهامِ لِحاظِه
سهماً يصادف من مشوقٍ مقتلا
خذ ما تراه عن المتيَّمِ في الهوى
خبرُ الصبابة مجملاً ومفصّلا
ما آمن الواشي آية ِ صبوتي
حتى رأى دمعي بحبّك مرسلا
لا زال يكثر بالملامة عاذلي
إنَّ المتيَّمَ بالملامَة مُبتلى
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> زماني على رغم الحسود مسالمي
زماني على رغم الحسود مسالمي
رقم القصيدة : 22436
-----------------------------------
زماني على رغم الحسود مسالمي
وإنْ كان يُخَشى سطوة ً فعزائمي
ولي همّة فوق السماء وعفَّة ٌ
تريني الغنى ، والعزّ عبدي وخادمي
ونحن أناسٌ من قريش أكابرٌ
لبسنا المعالي قبل خلع التمائم
وربة ُ قَفر قد سلكت فجاجها
فأمسيت أطوي بيدها بالمناسم
وصَحْبي من البيض الحِداد مُهِنَّدٌ
تعوَّد يومَ الحرب حزَّ الغلاصم
عذلتُ على حبّيكِ يا ابنة يعربٍ
ولم يخلُ صبٌّ من عذول ولائم
جَرَحْتِ بلحظيك الفوادَ صبابة ً
وجرح الهوى لم يلتئم بالمراهم
فهل من صَباً تصبو النفوس لريّها
فتحمل تسليمي إلى أمّ سالم
تذكَّرْتُ عهدي بالحمى ليلة النقا
وما أنا من عهدي به غير حالم
تقدَّمَ لي فيها عهودٌ قديمة ٌ
فواصبوتي من عهدها المتقادم
أروم بأنفاس النسيم خمودها
وهل تحمد النيران مرُّ النسائم
ومن لي بهاتيك الديار عشية
أروّي ثراها بالدموع السواجم
إذا جئْتُما تلك المعالم فکقرآ
سلامي على تلك الرُّبا والمعالم
معاهدُ آرام ومغنى صبابة
تصادُ بها الآساد في لحطة باغم
يُؤَرِقني فيه الحَمامُ ونَوْحُه
وما كان وَجدي مثلَ وَجْد الحمائم
رعى الله سكّان الغَضا فلَطالما
أَذابوا بنار الوَجْد مهجة َ هائم
همُ أثموا في قتلي وتجنَّبوا
وقد حمَّلوني بعدها وزر آثم
فيا ليت قاضي الحبّ يعدل بيننا
فينتصف المظلوم من كل ظالم
وقائلة ٍ ما لي أراك بأرضنا
حَلَلْت مَحلّ السرّ من صدر كاتم
تلوم ووجه الليل إذ ذاك عابسٌ
وللبرق في أطرافه ثغر باسم
ذَريني فما وجدي ثكلتك نافع
وما الضرّ والسرّاء يوماً بدائم
لئن نام حظّي يا أميمُ عن العلى
فعزمي كما تدرينَهُ غير نائم
إذا كنتُ واليت الشهاب أبا الثنا
فلستُ أَبالي بالزمان المخاصم
من السادة الغرّ الكرام مهذب
مكرٌّ على أمواله بالمكارم
موارد فضل للأنام وحكمة
على وردها للناس ألف مزاحم
فتى ً صاغ أيديه المهيمنُ للورى
نقيعاً لظمآن وورداً لحائم
يخبّر عن إحسانه بِشْرُ وجهه
ووبل العطايا بعد برق المباسم
وما الجود والمعروف إلاّ سجيّة
يزين بها الباري سجايا الأكارم
يمدّ إليه كفّه وفد راغب
ويقرع عنه خصمه سنّ نادم
فإن جحد الحساد فضلك والنهى
إذنْ مزجت بالشهد سمّ الأراقم
فهل لك في فرسانهم من مبارز
وهل لك في أبطالهم من مصادم
وكم من جهول رام بحثك صائلاً
فهابَ وما للكلب بأس الضراغم
وأعظمُ جهلٍ جهلهم قدرك الذي
يُعدُّ ويرجى للأمور العظائم
نَشَرْتَ الهدى والعلم من بعد طيّه
وکحْيَيْتَ عِلْمَ الدين بين العوالم
وشيدتَ ما أعيا حسودك هدمهُ
وما كان باني المكرمات كهادم
خَطَبْتَ وخاطَبْتَ العُفاة بسُؤْلهم
فَأَنْسَيْتَنا أَخبار قُسٍّ وحاتم
فصاحة نطق يسبق الماء جريه
وها هو أمضى من شفير الصوارم
سأتلو على عَلياك غرَّ قصائدي
وكم ناثر مثلي لديك وناظم
يهزّ صناديد الرجال نشيدها
فتغدو على ذكراك مِيلَ العمائم
وحسبي فدتكْ النفسُ جوداً ونائلاً
إذا لحظتني منك عين المراحم
وكم منّة ٍ أسديتَ لي فملكتني
سلِ الرَّوض ما جادت هتان الغمائم
وأَوْلَيْتَني باللُّطف أعظمَ نعمة ٍ
فأصبحتُ في نعماك فوق النعائم
أَمَتُّ بك الأعداء قهراً بغيظها
وطعنُ لساني مثل طعن لهازمي

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أيُّها الدارُ لقد نلتِ الحبورا
أيُّها الدارُ لقد نلتِ الحبورا
رقم القصيدة : 22437
-----------------------------------
أيُّها الدارُ لقد نلتِ الحبورا
وبلغتِ اليوم مقداراً كبيرا
يا عرين المجد يا ركن العلى
قد حوى غابك ضرغاماً هصورا
تستفيد الوفد من أفضاله
جوهر الإفضال والجود الغزيرا
إن يكنْ للدهر جدوى كفِّهِ
ما رأت عينٌ على الأرض فقيرا
فسقاك الله يا ساحاتها
من ندى راحته غيثاً مطيرا
فهو الفرد وأمّا فَضْلُهُ
كان للمعروف والحسنى كثيرا
لم يزل يغمرنا نائلهُ
ومحيّاه لنا يشرق نورا
مشكلات العلم فيه اتضَّحتْ
بخفايا العلم تلقاه خبيرا
أيّ دارٍ حلَّها أرَّختها
حازت الدار بمحمود السرورا

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> مالها تطوي فيافي الأرض سيرا
مالها تطوي فيافي الأرض سيرا
رقم القصيدة : 22438
-----------------------------------
مالها تطوي فيافي الأرض سيرا
وتخدُّ البِيدَ قَفْرأ ثم قَفْرا
أتراها ذَكَرَت أحبابها
فطوى فيها المغارَ الشوقُ قَسرا
فلهذا لعبَ الوجدُ بها
فترى أعينها بالدَّمع عبرى
كلّما علَّلها الحادي بمن
سكنوا سلعاً أحبَّت منه ذكرا
وعلامات الهوى بيّنَة ٌ
ليس يخفي الشوقُ من ذي العشق سترا
ذكرتْ من خيَّموا بالمنحنى
فجرَت أَدْمُعُها شفعاً ووترا
كلُّ غصنٍ ما بدا إلاّ أرى
حاملاً من صَنْعَة الخلاّق بدرا
وإذا يرنو إلى مشتاقِهِ
سلَّ سيفَ اللّحظ عنواناً وكرّا
شربتْ من ريقه قامته
فانثنَتْ من ذلك السلسال سكرى
وبقلبي ذلك القدّ الذي
بقناه طعنَ القلب وأفرى
وعلى عارضه من حطّهِ
كَتَبَ الرَّيحانُ فوق الخد سطرا
أيها الممزجُ دمعي بدمي
إنّني لم أستطِع بالهجر صبرا
إنْ تكنْ عيناك أنكرنَ دمي
فبه خدّاك عمداً قد أقرّا
عسليُّ اللّون حلويُّ اللمى
لم جرَّعتَ أخا الأشجان مرّا
وأمينأ كنْ إذا ما لامني
إنَّ في أُذْني عن الّلوام وقرا
ما يفيد الّلوم في مستغرم
عدَّما يأسره العذّال كفرا
كيفَ أنسيت ليالينا التي
قد تقضّت فَرَحاً منّا وبشرى
إذ أمنّا ساحة َ الواشي بنا
حيثُ لمْ نشربْ سوى ريقك خمرا
وزمانٍ قَدْ نَهَبْنا شَطْرَه
ما حسبنا غيره في الدّهر عمرا
لا أبالي بزمانٍ جائرٍ
كان عسراً كلُّه أمْ كان يسرا
إنَّ محمود السجايا قد غدا
في صروف الدهر لي عوناً وذخرا
لو أُفِيضَت أَبْحرٌ من علمِه
ونداه صار هذا البر بحرا
إنّه لوْ لم يكن بحراً لما
قذفتْ ألفاظه للناس درا
لو تفكَّرتَ به قلتَ له
في علاك الله قد أودعَ سرّا
أيُّ معنى غامضٍ تَسأَلُه
وهو لم يكشف عن المضمون سترا
وعويصاتِ علومٍ أشكلن
زَحْزَحَتْ عنها له الآراء خدرا
هبة الله الذي أَوْهَبَه
من علومٍ جاوزت حداً وحصرا
ما سمعنا خبراً عمّن مضى
لم يحطْ فيه على الترتيب خبرا
ركنُ هذا الدّين فيه قائم
ولكسر العلم قد أصبح جبرا
يَرِدُ العافون من تيّارِهِ
شرحَ الله له بالدين صدرا
يُوضِحُ المبهم في آرائه
ويرى الأشياء قبل العين فكرا
بذكاء كحسامٍ باترٍ
أوْ كزند حيثما يقدح أورى
رزنٌ لو لم يكن إحلاله
فوقَ هذي الأرض فينا ما استقرا
ولطيف لو معاني خلقه
عصرت كانت لنا شهداً وخمرا
وإذا تصغي إلى ما عنده
من بيان خلته للذهن سحرا
وهَدى الله به الناس إلى
طرق الحقّ وأبدي فيه أمرا
وإذا ما ذكر الله لنا
وجلَ القلبُ به لو كان صخرا
بلسانٍ كان بقراط النهى
عِلَلَ النَّفْسِ بذاك الوعظ أبرا
وكريمٍ من مَعالي ذاتِهِ
وإذا يمَّمْتَه في حاجة
زاد في ملقاك إكراماً وبشرا
أيّها النحرير في هذا الورى
والذي فاق بني ذا العصر طرا
منذُ شاهَدْتُك شاهَدْتُ المنى
وأياديك مدى الأيام تترى
وبإحسانِكَ رِقي مالكٌ
قبلَ عرفاتك لي قد كنت حرّا
هاكَ منّي بنتَ فكر أُبْرِزَتْ
ليس تبغي غير مرضاتك مهرا
هاكَها عَذراء في أوصافكم
سيّدي وکقبل من المسكين عذرا
وکعذُرِ العبدَ على تقصيره
ـ إنها في مَدْحكم ـ حمداً وشكرا
وکرغم الحاسد في نيل العلى
وَلْيَمُتْ خَصْمُك إرغاماً وقهرا
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> كُفّ الملامَ فما يُفيدُ ملامي
كُفّ الملامَ فما يُفيدُ ملامي
رقم القصيدة : 22439
-----------------------------------
كُفّ الملامَ فما يُفيدُ ملامي
الداءُ دائى والسقام سقامي
جسدٌ تعوَّدهَ الضنى وحشاشة
مُلِئَت بلاعج صبوة وغرام
حتى إذا حار الطبيب بعلَّتي
وقف القياس بها على الإيهام
لم يدر ما مرض الفؤاد وما الذي
أخفيته عنه من الآلام
قد أنحلتْ جسمي بتذكار الغضا
نارُ الغضا وتشبَّثتْ بعظامي
من لي بأيام الغوير وحبّذا
أيام ذاك الربع من أيّام
أيام لم أقطع بها صلة الهوى
فكأنما هو من ذوي الأرحام
في روضة رضعت أفاويق الحيا
وهمى عليها المستهلّ الهامي
غنّاء إنْ غنَّتْ حمائم دوحها
رَقَصَتْ لها الأغصان بالأكمام
أصغي إلى نَغَم القيان وأرتوي
منْ ريق ممتزج بريق الجام
وإذا أُخَذْتُ الكأس قلت لصاحبي
العيش في دنياك كأس مدام
أيّام كنتُ أمنتُ طارقة النوى
وظنِنْتُ أنّ الدهر من خدامي
مرَّتْ كما مرَّ الخيال من الكرى
ما أشبهَ الأيام بالأحلام
لله أَرْبعنا التي في رامة
كانت أجلّ مطالبي ومرامي
يا مسرح الآرام من وادي الحمى
هل عودة يا مسرح الآرام
لي فيك مُنيَة عاشق ذي صبوة
معلومة وتهتّكٍ وهيام
لما رأَتْ نُوق التَرَحُّلِ قد دَنَتْ
ورأت على صرف النوى أقدامي
نثرت عليَّ من المدامع لؤلؤاً
أبهى وأبهجَ من بديع نظامي
إنْ لامني فيك العذول جهالة
فالصبّ في شغلٍ عن اللّوّام
كم ليلة ٍ قد بتُّ بعدكَ في جوى ً
أرعى نجوم الليل رعي سوام
أرجو الصباح ولا صباح كأنه
كرمٌ يرجّى من أكفِّ لئام
ما كان أطيبَ من مواصلة الكرى
لو يسمحُ النائي بطيف منام
هَطَلَتْ لأرْبُعك الدوارس عبرتي
فكأنها يا ميُّ صَوْبَ غمام
وبَلَلْتُ من تلك الرسوم أُوامها
هذا وما بلَّ البكاء أوامي
تلك المواقف لم يكنْ تذكارها
في القلب يا ظمياءُ غيرَ ضرام
وأكادُ أَقطعُ حَسرة ً وتلهُّفاً
منّي على أيّامها إبهامي
بالله يا نسماتِ نجدٍ بلّغي
دارَ السلام تحيّتي وسلامي
وأخلّة ً حلفَ الزمانُ بأنَّهم
وَجْهُ الزّمان وغُرَّة الأيام
أقسمتُ إنَّ القلب لا يسلوهم
وبرزتُ بالأيمان والأقسام
قومُ رميتُ بسهمٍ بين منهم
فأصابَ هذا القلبَ ذاك الرامي
هل ترجعنَّ الدارُ ثمَّة بعدهم
والربعُ ربعي والخيام خيامي
وأرى سناءَ أبي الثناء كأنَّه
صبحٌ تبلَّجَ من خلال ظلام
قَرمٌ له في الفضل أوفرُ قسمة
والفضل كالأرزاق في الأقسام
فَخَرَتْ شريعَتُنا بمفْخَرِ سيّدٍ
فخر الشرائع فيه والأحكام
إنَّ الذي آوى إليه من الورى
آوى إلى علم من الأعلام
جبلٌ أظلّ على الأنام ولم يكنْ
قُلَلُ الجبالِ الشُّمِّ كالآكام
وله وإنْ رغمتْ أنوفٌ شمخٌ
مجدٌ إذا عدَّ الأماجد سامي
من قاسه بسواه من أقرانه
قاسَ النُّضار لجهله برغام
إنْ أبصرتْ عيناك حين يجادل الخصمَ
الخصمَ الألدَّ وحان حينُ خصام
فهناك تُبْصِرُ هيبة ً نبوّية ً
تصنع الرؤوس مواضع الأقدام
ببلاغة ٍ مقرونة ٍ بفصاحة ٍ
ترمي فصيح القوم بالإعجام
تَقِفُ العقول حواسراً من دُونها
ما بين إقدامٍ إلى إجحام
من كلّ مشكلة يحيّر فهمها
دقَّت على الأفكار والأفهام
عذراء ما كشفت لغير جنابه
من قبل عن مُرط لها ولثام
ولقد رأيتُ لسانه مع أَنَّه
كالشهد أمضى من شفير حسام
ولقد رأيت جنانه كلسانه
وكلاهما إذ ذاك كالصمصام
حُجَجٌ يروع بهنّ من أفكاره
بَرَزَتْ بروز الأسْدِ من آجام
حازَ النّهاية في الفضائل كلّها
حتى من الإحسان والإكرام
لو لامس الصخرَ الأصمَّ تفجَّرت
من كفّه بسوابغ الإنعام
ردْ ذلك البحر الخضمَّ فإنّه
وأبيك بحرٌ بالمكارم طامي
سلْ ما تشاء تنلْ مرامك كلَّه
عن كشف إبهام ونيل حطام
وکبشِرْ بمترعة الغدير بمائها
إنْ شِمْتَ بارق ثغره البسّام
أقلامه افتخرتْ على سمر القنا
فرأيت كلّ الفخر للأقلام
خطٌّ يَسُرُّ الناظرين ولم يزلْ
في العين أحسن من عذار غلام
وكأنّما نظم النجوم قلائداً
في الكتب مشرقة مدى الأيام
فيها لمن طلب الحقيقة موردٌ
يشفي الصدور بها ويروي الظامي
ما أظْهَرَ الباري حقيقة َ فضله
إلاّ ليظهر قوَّة َ الإسلام
الله أكبر أنت أكبر آية ٍ
ظهرتْ بأكبر آية لأنام
أرضتَ أقوام الهدى وبعثتَ في
ذاك الرضى غيظاً إلى أقوام
بمباحثٍ للحق في ميدانها
إحجامُ كلّ سميدع مقدام
ولكم عددتُ لك الجميل ولذَّ لي
خطّي غداة عَدَدْتها وكلامي
أنّى أعدُّ وإن رقمت محاسناً
كنهاية الأعداد والأرقام
لكن رأيت لك المديحَ مثوبة ً
فمحوتُ في إثباتها آثامي
لك في قلوب المؤمنين محبَّة ٌ
مزجتْ مع الأرواح في الأجسام
شكراً لأنْعُمك السَّوالف إنَّها
رفعتْ برغم الحاسدين مقامي
إنّي عَقَدْتُ بذيل فضلك ذِمَّة ً
إنْ حلَّت الأيام عقدَ ذمامي
إنْ تسألنْ عنّي فإنّي لم أزل
بمشقَّة الإنجاد والإتْهام
أصبحتُ كالجمل الذَّلول تقودني
هذي النوى قسراً بغير زمام

شعراء الجزيرة العربية >> طاهر زمخشري >> على باب الهوى
على باب الهوى
رقم القصيدة : 2244
-----------------------------------
على باب الهوى وقف الجمالُ
وفي كبدي بفتنته اشتعالُ
مددتُ يدي إليه أسِرُّ شيئًا
فأجبرني على البوح انفعال
فقلت له بطرفٍ لا يداري
وفي إغضائه ارتسم السؤال
أريدكَ كالسنا يعطي حياةً
بصمت لا يضارعه المقال
أريدك كالنسيم متى تأنَّى
وأسرى طاب بالعطر النوال
أريدك جدولاً ينساب عذبًا
وترقص من ترقرقه الظلال
أريدك في شغاف النفس وقدًا
ولكنَّ الزنادَ له ذبال
يُمِدُّ بصيصه عقلي وحسي
بريٍّ ما لدافقه مثال
فهل يرضيك أن يخبو ذبالي
ويطويني بقبضته الزوال؟

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يا ليلة ً في الليالي
يا ليلة ً في الليالي
رقم القصيدة : 22440
-----------------------------------
يا ليلة ً في الليالي
حميدة ً بالوصال
مرَّتْ بمن أنا أهوى
مرورَ طيف الخيال
لما رأى سوء حالي
وَرَق لي ورثى لي
بَكَيْتُ منه عَلَيْه
يا سَعْدُ حتى بكى لي
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> لِمَنْ أَيْنُقٌ يا سَعْدُ تُرْقِلَ أو تخدي
لِمَنْ أَيْنُقٌ يا سَعْدُ تُرْقِلَ أو تخدي
رقم القصيدة : 22441
-----------------------------------
لِمَنْ أَيْنُقٌ يا سَعْدُ تُرْقِلَ أو تخدي
تغورُ في غور وتنجدُ في نجد
حَوَانٍ كأمثال القسيّ سهامها
أعاريب ترمي بالسرى غرض القصد
لهم فتكاتُ البيض والبيض شُرَّعٌ
بأغبر من وقع الحوادث مسودّ
صوادٍ إلى ورد المنون ومالهم
من العِزّ إلاّ كلّ صافية الوِرْد
جحاجحة ٌ شمُّ العرانين هتَّفٌ
بكلّ بعيد الغور ملتهب الزند
على مثل معوجّ الحنايا ضوامر
طَوَيْنَ الفيافي كيف ما شئن بالأيدي
أقول لحاديها رويدك إنّها
بقايا عظام قد تعقّفن بالجلد
زجرت المطايا غير وانٍ فسر بها
على ضعفها لا بالذميل ولا الوخد
أَلَسْتَ تراها في رسومٍ دوارسٍ
لها وقفة المأسور قُيّد في قيد
وما ذاك إلاّ من غرامٍ تُجِنُّه
وما كان أنْ يَخْفى عليك بما تبدي
وإلاّ فما بال المطِيّ يروعُها
ريسُ جوى ً يعدو وداءُ هوى ً يُعدي
وشامتْ وميض البرق ليلاً فراعها
سنا البارق النجيّ وقداً على وقد
وعاودها ذكر الغَميم فأصبَحتْ
تلوذُ بماء الدّمع من حرقة الوجد
فسيقَ إليها الشوقُ من كلّ وجهة
وليس لها في ذلك الشوق من بُدِّ
وقد فارقت من بعد لمياء أوجهاً
يسيل لها دمع العيون على الخد
وساءَ زمانٌ بعد أن سرّها بهم
فماذا يلاقي الحرُّ في الزمن الوغد
ويوشك أنْ تقضِي أسى ً وتلهّفاً
على فائت لا يستمالُ إلى الردّ
سقى الله من عينيّ أكنافَ حاجر
إذا هي تستجدي السحاب فما تجدي
وَرَعياً لأيام مضت في عِراصِها
تؤلفُ بين الظبي والأسدِ الورد
قضينا بها اللّذات حتى تصرَّمتْ
وكنّا ولا نظم الجمان من العقد
سلام على تلك الديار وإنْ عَفَت
منازلُ أحبابي وعهدُ بني ودّي
فمن مبلغٌ عنّي الأحبَّة َ أنّني
حليف الهوى فيهم على القرب والبعد
ذكرتُهُم والوجُد في القلب كامن
عليهم كمونَ النار في الحجر الصلد
فهل ذكروا عهد الهوى يوم قَوَّضوا
وهل عَلموا أَنّي مقيمٌ على العهد
وما اكتحلت عيناي بالغمض بعدهم
كما اكتحلت بالغمض أعينهم بعدي
وما رُحْتُ أشكو لو حَظِيْتُ بقربهم
زماناً رماني بالقطيعة والصدّ
أما وعليّ القَدْر وهي أليَّة ٌ
رفعتُ بها قدري وشدتُّ بها مجدي
لقد سدّ ما بيني وبين خطوبه
فهل كان ذو القرنين في ذلك السدّ
أراني أسارير الزمان إذا بدا
ومنه متى حانت إليَّ التفاتَة ٌ
فلا نحسَ للأيام في نظر السعد
كريمٌ إذا کستعطفت نائِلَ بّرِة ِ
وقد تعطف المولى الكريم على العبد
إذا شاء في الدنيا أراني بفضله
مشافهة ما قيل في جنّة الخلد
وأمَّنني والحادثات تريبني
فأَصْبحَتُ أشكو في لظى ً شدة البرد
وقامَ إلى جَدواه يهدي عفاته
ولا ينكر المعروف بالقائم المهدي
يلوحُ عليه نور آل محمد
كما لاح إفرندٌ من لاصارم الهندي
يكاد يدلّ الناسَ ضوءُ جبينه
على النَسَب المرفوع والحسب المعدي
نتيجة آباءٍ كرامٍ أَئِمَّة ٍ
هداة ٍ بأمر الله تهدي إلى الرشد
ربوا في جحور المجد حتى ترعرعوا
وفوق جياد الخيل والضُمَّرِ الجُرْد
فلي فيهم عقد الولاء وكيف لا
ولم يخلقوا إلاَّ أولي الحلّ والعقد
إذا ما أتى في هل أتى بعض وصفهم
قَرَأْتُ على أجداثهم سورة الحمد
على أنَّني فيهم ربيبٌ وإنَّني
أعيش بجدواهم من المهد للحد
وما أنا في بغداد لولا جميلهم
لدى منهلِ عذب ولا عيشة رغد
فبورك من لا زال يُورثني الغنى
وذكَّرني أيَّام داود ذي الأيدي
وهب أنه البحرُ الخصمُّ لآملٍ
فهل وَقَفَتْ منه العقول على حد
له بارق الغيث المُلِثِّ وما له
لعمرُ أبيك الخير جلجلة الرعد
وما أشبهتك المرسلات بوبلها
بما لكَ من جَدوى ً وما لكَ من رفد
أَغَظْتُ بك الحسّادَ حتّى وجَدْتَني
ملأتُ بها صدرَ الزمان من الحقد
سلمتَ أبا سلمان للناس كلّها
ولا رُوّعَتْ منْك البرية في فقد
ولا حُرِم الرّاجون فيما تُنِيلُه
مكارم تُسْتَحلى مذاقتُها عندي
فداؤك نفسي والأنام بأسرها
وما أنا من يفديك من بينهم وحدي
لتعلوا على الأَشراف أبناءُ هاشم
وتقضي على علاّتها إرَب المجد
وما زالت مرَّ السَّخط مستعذبَ الندى
فآونة ً تُجدي وآونة تردي
كأنَّك شمسٌ في السماء وإنّما
بضُرُّ ضياءُ الشمس بالحَدَقِ الرُّمد
شهدتُ بأنَّ لا ربّ غيره
وأنَّ ندى كفَّيْك أحلى من الشهد
لقد عادك العيد المبارك بالهنا
فبشَّرْته من بعد ذلك بالعود
إلَيك فمُهديها إليكَ قوافياً
محاسن تروى لا عن القد والنهد
ربيب أياديك الّتي يستميحها
وشاعرك المعروف بالهزل والجد

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ما غاب بدرُ دجى ً منكم ولا غربا
ما غاب بدرُ دجى ً منكم ولا غربا
رقم القصيدة : 22442
-----------------------------------
ما غاب بدرُ دجى ً منكم ولا غربا
إلاّ وأشْرَقَ بَدْرٌ كان محتجبا
لا ينزع الله مجداً كان مُعطيَه
آلَ النبيّ ولا فضلاً ولا أدبا
الكاشفون ظلام الخطب ما برحوا
بيضَ الوجوه وإنْ صالوا فبيض ظبا
من كلّ أبلجَ يزهو بهجة وسناً
تخاله بضياء الصبح منتقبا
قد أنفقوا في سبيل الله ما ملكوا
واستسهلوا في طلاب العزِّ ما صعبا
هم الجبال کشمخرَّت رفعة ً وعُلى ً
هُم الجبال وأما غيرهم فرُبا
أَبناءُ جدٍّ فما تدنو نفوسهُم
من الدنيّة لا جدّاً ولا لعبا
عارونَ من كلِّ ما يزري ملابسه
يكسوهم الحسنُ أبراداً لهم قُشُبا
ومُنْيَة ً قد حثَثْناها فتحسبها
نجائباً لا وجى ً تشكو ولا لغبا
إلى عليٍّ عليِّ القدر مرجعها
نقيبُ أشراف غرّ السادة النجبا
الواهب المال جمّاً غير مكتوث
والمستقلّ مع الإكثار ما وهبا
يريك وفر العطايا من مكارمه
يوم النوال، وإنْ عاديتَه العطبا
قد شرّف الله فرعاً للنبيّ سما
إلى السماء إلى أنْ طاول الشهبا
لِمْ لَمْ يشرَّفْ على الدنيا بأجمعها
من كان أشرفَ هذي الكائنات إبا
هذا هو المجد مجدٌ غير مكتسب
وإنّما هو ميراثٌ، أباً فأبا
من راح يَحكيهم بين الورى نشباً
فليس يحكيهم بين الورى نسباً
أنتم رؤوس بني الدنيا وسادتها
إنْ عُدَّ رأسُ سواكم لاغتدى ذنبا
لكم خوارق عادات متى ظهرت
على العوالم كادت تخرق الحجبا
رقّت شمائلك اللاّتي ترقّ لنا
حتّى كأنَّك مخلوقٌ نسيم صبا
وفيك والدّهر يخشى من حوادثه
ويُرتجى رَهَباً إذ ذاك أَو رغَبَا
صلابة َ قطُّ ما لانت لحادثة
وقد تلين خطوب الدهر ما صلبا
وعزمة ٍ مثل وري الزند لمستْ
موجاً من اليمّ أضحى موجه لهبا
تجنّب البخل بالطبع الكريم كما
تجنّب الهجر والفحشاء واجتنبا
فنال ما نال آباءٌ له سلفت
ندبٌ إلى الشرف الأعلى قد انتدبا
إنْ كان آباؤه بالجود قد ذهبوا
فقد أَعاد بهذا الجود ما ذهبا
فکنظر لأيديه إنْ جادت أنامله
بالصِيبِ الهامل الهامي ترى عجبا
أينَ الكواكب من تلك الماقب إذْ
تزهو كما قد زهتْ بالقطر زهر ربا
تلك المزايا كنظم العقد لو تليتْ
على الرّواسي لهزَّتْ عطفها طربا
يرضى العلاء متى يرضى على أَحَدٍ
ويغضب الدهر أحياناً إذا غضبا
قد بلّغت نعم العافين أنعمه
فلم تدع لهمُ في غيره إربا
يقول نائله الوافي لوافده
قد فار جالب آمالي بما جلبا
أكرمْ بسيّد قومٍ لا يزال له
مكارمٌ تركت ما حاز منتهبا
نَوْءُ السحائب منهلٌ على يَده
فلا فقدنا به الأنواء والسحبا
الكاسب الحمد في جود وبذل ندى ً
يرى لكلّ امرئٍ في الدهر ما كسبا
نهزُّ غُصناً رطيباً كلّ آونة
يساقط الذهب الإبريز لا الرطبا
فما وجَدْتُ إلى أيامة سبباً
إلاّ وجدتُ إلى نيل الغنى سببا
وحبذا القرم في أيام دولته
حَلَبْتُ ضرع مرام قط ما حُلبا
بمثله كانت الأيام توعدنا
فحان ميعاد ذاك الوعد واقتربا
حتى أجابته إذ نادى مآربه
بمنصب لو دعاه غيره لأبى
موقفٌ للمعالي ما ابتغى طلباً
إلاّ وأدرك بالتوفيق ما طلبا
سبّاقُ غاياتِ قَوم لا لحاق له
وكم جرى إثْرَه من سابقٍ فكبا
مُذ كنتَ أَنتَ نقيباً سيِّداً سنداً
أوضحتَ آثار تلك السادة النقبا
أضحكتَ بعدّ بكاء المجد طلعته
وقد تبسّمَ مجدٌ بعدما انتحبا
أحييتَ ما مات من فضلٍ ومن أدبٍ
فلتفتخر في معاني مدحك الأدبا
يا آلَ بيتِ رسول الله إنَّ لكم
عليَّ فضلاً حباني الجاه والنشبا
وأيدياً أوجبت شكري لأنعمها
فاليوم أقضي لكم بالمدح ما وجبا
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أنعمْ عليَّ بشيءٍ أستعين به
أنعمْ عليَّ بشيءٍ أستعين به
رقم القصيدة : 22443
-----------------------------------
أنعمْ عليَّ بشيءٍ أستعين به
على المسير لعلَّ الله يَشفيني
أقضي بنعماك أوقاتاً أعيش بها
وإن أمتْ فهي تكفيني لتكفيني

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> من لصبٍّ متَيِّمٍ مستهامِ
من لصبٍّ متَيِّمٍ مستهامِ
رقم القصيدة : 22444
-----------------------------------
من لصبٍّ متَيِّمٍ مستهامِ
دَنِفٍ من صبابة ِ وغَرامِ
لامَه اللائمون في الحّب جهلاً
وهو في معزل عن اللوّام
لا تلوما على الهوى دنفَ القلب
فما للهوى وما للملام
كيف يصحو من سُكرة الوجد صبٌّ
تاه في سكره بغير مدام
ورَمَته فغادرته صريعاً
يا لقومي لواحظُ الآرام
جرَّدت أَعين الظباء سيوفاً
وَرَمَتْنا ألحاظها بسهام
لستُ أنسى منازل اللهو كانت
مشرقات بكلّ بدر تمام
تنجلي أكؤسَ من الراح فيها
يضحك الروض من بكاء الغمام
بين آسٍ ونرجسٍ وبهارٍ
وهزارٍ وبلبلٍ ويمام
ومليحٍ مهفهف القدّ ساجي الطَّرف
عذب الرضاب لدن القوام
وبورحي ذاك الغرير المفدّى
فيه وجدي وصبوتي وهيامي
شَهِدَتْ واوُ صَدغه مذ تبّدى
أنَّ الامَ العذار أحسن لام
يمزج الراح من لماه
لشفاني من علَّتي وسقامي
ربَّ ليلٍ أطعتُ فيه التصابي
باختلاسي مسرَّة َ الأيام
بَرَزَتْ في الظلام شمس الحمّيا
فَمَحَتْ بالضياء جُنْحَ الظلام
فکنتشقنا نوافج المسك لما
من مُعيدٌ عليَّ أيّام لهوٍ
أعقبتنا عن وصلها بانصرام
وزمان مضى وعيشٍ تقضّى
ما أرى عوده ولو في المنام
مرَّ والدهرُ فيه طلق المحيّا
كمرور الخيال في الحلام
لو تبلُّ الدموع غُلَّة صبٍّ
بلّ دمعي يوم الغميم أوامي
يوم حان النوى فسالت دموع
لم أَخَلْها إلاّ کنسجام ركام
وتلظَّت حشاشة اوْقَدوها
آل ميٍّ من بينهم بضرام
كلّما نسّمت رياح صباها
قلت يا ريح بلِّغيها سرمي
سقيت دارهم أحبَّة َ قلبي
من دموعي بمثل صوب الغمام
إنَّ أيامنا على القرب منهم
صدعتْ بالفراق بعد التئام
ذمّة ٌ قد وفيتُ فيها لديهم
وعلى الحرِّ أنْ يفي بالذمام
لو تراني من بعدهم وادّكاري
ماضيات العصور والعوام
أتلهّى تعلُّلاً بالأماني
بنثار أقول أو بنظام
فإذا قلتُ في الكرام قصيداً
ذقتُ فيها حلاوة الإنسجام
زان شعري وزان نظمي ونثري
صِدقُ مدحي للسادة الأعلام
وإذا رمت في الرجال كريماً
إنّما أعرف المكارم منه
من كريم الأخلاق نجل الكرام
قسم الفضل في الرجال فأضحى
حظُّه منه وافر الأقسام
لو تغّنى الحمام بالمداح فيه
أرقص البانَ في غناء الحمام
طاهر لا يشوبه دنس الآثـ
ـام فما لاث قطّ بالآثام
لو تأملتَ في علوم حراها
قلتَ هاتيك منحة الإلهام
أوتي الفضل والكمال غلاماً
يا له الله سيّداً من غلام
ثابت الجأش لا يُراع لأمرٍ
ثابت عند زلَّة ِ الأٌدام
إنَّ فيه والحمد لله ما يرفع
قدر العلوم بين النام
فطنة تدرك الغوامض علماً
حجبت عن مدارك الأفهام
أدبٌ رائعٌ وعلمٌ غزيرٌ
أينَ منه الأزهار في الأكمام
فإذا ما سمعت منه كلاماً
كان ذاك الكلام حرّ الكلام
يا شفاء الصدور من عللِ
الجهلِ ويا برءها من الآلام
يا رفيع العماد يا کبن عليٍّ
ياابن عالي الذرا عليَّ المقام
أنتَ غيثٌ على العفاة هطول
أنت بحر من المكارم طامي
آل بيت النبيّ لا زال فيكم
ثقتي في ولائكم واعتصامي
قد سرت منكم بنا نفخاتٌ
سريان الأرواح في الأجسام
قد أعدوا لكلّ أمر عظيم
وکستعدوا للنقض والإبرام
دامَ مجدٌ لهم وللناس مجد
ما سواهم وما له من دوام
شيّدوها مبانياً للمعالي
ما بناها مشيّد الأهرام
طهّر الله ذاتكم واصطفاكم
حجة للإسلام في الإسلام
علقتْ فيكم المطالب منّا
منذ كنتم وما علقتم بذام
كلُّ فرد منكم إمامٌ لعصر
أرضعته أمُّ العلى بلبان
قد عهدناه قبل عهد الفطام
فلئِنْ سار فيكم ذكر شعري
اخذاً بالإنسجام والإتهام
فبكم عِصْمتي وفيكم فخاري
وبلوغ المنى ونيل الحطام
إنْ كتمت الثناء حيناً عليكم
ضاق صدري به عن الاكتتام
فابق في نعمة ٍ علينا من الله
مفيضاً سوابغ الإنعام
واهنا يا سيدي بعيد سعيد
عائد بالسرور في كل عام
أترجّى الفتوح في المدح فيكم
بأفتتاحي بمدحكم واختتامي

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> لمن الرّكبُ حنيفاً وذميلا
لمن الرّكبُ حنيفاً وذميلا
رقم القصيدة : 22445
-----------------------------------
لمن الرّكبُ حنيفاً وذميلا
يَقْطَعُ البيدَ حُزوناً وسُهولا
يتساقون أفاويق الكرى
ويعَانون السُّرى ميلاً فميلا
فوق أنضاءٍ فرت أخفافها
شقق البيد صعوداً ونزولا
كلّما مرَّتْ برَسْمٍ دارسٍ
هملت أدمعُ عينيها همولا
وإذا ما کنتَشَقَتْها شمالا
فكما قد شربت راحاً شمولا
أتراها ذكرت في ذي الغضا
زمناً مرَّ بمن تهوى عجولا
بدَّلت بالوصول هجراً وبما
نعمتْ بؤساً وبالريّ غليلا
قَصُرَت أيّامنا في رامة
ورباها فذكرناها طويلا
قد رَعَيْناها رياضاً أزهَرَتْ
وبكيناها رسومأً وطلولا
أينَ يا سَعْدُ ديارٌ دَرَسَتْ
وأحباءٌ بها كانوا نزولا
بدورٌ أشرفتْ أرجاؤها
لقيتْ بعد تلاقينا أفولا
أرسلُ الطرفَ فما لي لا أرى
ناظراً أحوى ولا خدّاً أسيلا
قد ذكرنا عهدَكم من بعدكم
فتحرَّقنا بكاءً وعويلا
شدَّ ما لاقيتُ من هِجرانكم
يوم أزمعتم عن الحيِّ رحيلا
واعتقلتم من قدود سمراً
واتخذتم حدقَ الغيد نصولا
أَيُّ ذكرى قد ذكرناكم بها
وكذا فليذكرِ الخلُّ الخليلا
تورثُ القلب التهاباً والحشا
حرقاً والدمع مجرى ً ومسيلا
فسقى أطلالَكُم من عَبْرَة ٍ
لم نكن نبعثها إلاّ سيولا
مغرمٌ في قبضة ِ الوجد شجٍ
لا يرى يوماً إلى الصَّبر سبيلا
وَثَنَتْه عَن مَلامٍ فيكم
طاعة ُ الحبِّ التي تعصي العذولا
قد تركْتُم في عذابٍ جَسَداً
فأَخّذْتُم قلبه أخذاً وبيلا
عَلِلّونا بنسيمٍ منكم
عَلَّ يشفينا وإنْ كان عليلا
وانصفونا من خيالٍ طارقٍ
زارنا ليلاً فما أغنى فتيلا
فأعيدوه لنا ثانية ً
وليكنْ منكم وما كان رسولا
إيّ ودينِ الحبِّ لولا سربكم
ما استباحت أعين الغيد قتيلا
ما أخو الحزم سوى من يتّقي
الشاذنَ الألْعَسَ والطرف الكحيلا
ذَلَّ عبدُ الحبّ من مُسْتَعبَدٍ
كم عزيز ترك الحبُّ ذليلا
لا رعى الله زماناً أملي
فيه يحكيني سقاماً ونحولا
إنْ يسؤني الدهر في أحداثه
سرَّني عبدالغني الدهر طولا
عارضٌ ممطرنا من سيبه
كلّ يوم وابل المزن هطولا
فتأمل في البرايا هل تجدْ
من يضاهيه جمالاً وجميلا
عارفٌ بالفضل معطٍ حقَّه
بين قومٍ تحسب الفضل فضولا
طالما استسقيته من ظمأٍ
فسَقاني من نَداه سلسبيلا
أليْسَ الدهرَ بأفعالٍ له
غرراً أشرقَ فيها وحجولا
خير ما يطرب فيه موقف
يَملأُ الأرض صهيلاً وصليلا
يوم لا تُشْرِق إلاّ بدمٍ
مرهفاتٌ تتشكّاه فلولا
وبحرِّ الطعن أطراف القنا
والمواضي البيض كادت أن تسيلا
يا إماماً في العلى فليقتدِ
بعد ذاك الجبل في الآتين جيلا
لا مثيل لك في الناس وإنْ
كنتَ للبدر نظيراً ومثيلا
ما سواك اليوم في ساداتها
من يجير الجار أو يحمي النزيلا
ولئنْ كان قؤولٌ فيهمُ
لم تكنْ بينهم إلاّ فعولا
وإذا ما زكّيتْ أنسابها
كنتَ أزكاها فروعاً وأصولا
لم تكنْ بالغة ً منك على ً
طاوَلَتْ أعلى الجبال الشمّ طولا
ولقد أنزلتَ أعلى منزلٍ
في مقام يُرْجِعُ الطرفَ كليلا
وأبى مجدك إلاّ أن ترى
أيُّها القرمُ مُغيثاً ومُنيلا
أَفأَنْتَ الغيثُ ينْهَلُّ فما
تركت أنواؤه روضاً محيلا
إنَّ للإحسان والحسنى معاً
فيك يا مولاي حالاً لن تحولا
ينقضي جيلٌ ويستودِعُها
بعد ذاك الجبل في الآتين جبلا
أَيَّ نعمائك أقضي حقَّها
فلقد حملتني حملاً ثقيلا
نبَّهتْ حظّيَ من رقدَتِهِ
بعد أنْ أرقدة الدهر خمولا
كلُّ يوم بالغٌ منك منى ً
وعطاءً من عطاياك جزيلا
وإذا ما هجرت هاجرة
كنتَ ظلاً يُتّقى فيه ظليلا
ولقدْ ملَّتْ يدي من أخذها
منك ما تولى وماكنتَ ملولا
فكأنّي روضة ٌ باكرها
صيّبٌ أو صادَفتْ منك قبولا
وحَرِيٌّ بعدَها أنْ أنثني
ساحباً فيك من الفخر ذيولا
فابق للأعياد عيداً والنّدى
منهلاً عذباً وللوفد مقيلا
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يا أيُّها القمر المنيـ
يا أيُّها القمر المنيـ
رقم القصيدة : 22446
-----------------------------------
يا أيُّها القمر المنيـ
ـرُ وأيُّها الغصنُ الرطيبُ
إنّي لأعجب من هواك
وإنَّه أمرٌ عجيب
تدمى بعبرتها العيون
به وتحترق القلوب
ما لي دَعَوتُك أَنْ تصيخَ
فلا تصيخ ولا تجيب
إنْ كان ذنبي أَنَّني
أهوى هواك فلا أتوب
يا بدرُ ما نال الأفولُ
مناه منك ولا الغروب
زُرني إذا غفل الرقيب
وربَّما غفل الرقيبُ
وکعطِفْ على مضنى ً يُراعُ
إذا جفوتَ ويستريب
صبٍّ بمهجته أصيبَ
فدمْعُه أبداً صبيب
هل تدري ما تحت الضلوع
فإنّها كبدٌ تذوب
ويلاه كيفَ أصابني
من ليس لي منه نصيب
عجز الطبيب وأيُّ داءٍ
في الفؤاد له وجيب
كيفَ الدواء من الهوى
في الحبّ إنْ عجز الطبيب
من كان عِلَّتَه الحبيبُ
فما له إلاّ الحبيب

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أقولُ لعبد المحسن اليومَ منشدا
أقولُ لعبد المحسن اليومَ منشدا
رقم القصيدة : 22447
-----------------------------------
أقولُ لعبد المحسن اليومَ منشدا
له ما أَراه في الحقيقة مُرْشِدا
سَعَيْتَ فلمْ تَحْصَل على طائل به
تسرُّ صديقاً أو تسيء به العدى
وقال لك التوفيق لو كنت سامعاً
وراءك ما تبغي من الفضل والندى
وقد خاب ساعٍ أبصرَ البحر خلفه
إلى جرعة يروي بنهلتها الصدى
وأَنْفَقْتَ مالاً لو قنعت ببعضه
إذنْ لكفاك العمر مرعى ً وموردا
فما نلتَ ماحاولتَ إذ ذاك مغوراً
ولا حُزتَ ما امَّلْتَ إذ ذاك منجدا
وكم أملٍ يشقى به من يرومه
وأمنيَّة ٍ يلقى الفتى دونها الردى
فأهلاً وسهلاً بعد غيبتك التي
قضيت بها الأيام لكنّها سدى
ولُذْ بالأشمّ القَيْل إمّا مقيله
فظلٌّ وأمّا ما حواه فللندى
بعذب الندى مُرّ العداوة قادر
عَفُوٌّ عن الجاني وإنْ جار وکعتدى
أخ طالما تفدى بأنفس ماله
وأقسم لو أنصفت كنت له الفدا
ولو كنتَ ممن شدَّ عضداً بأزره
بَلَغْتَ لعمرُ الله عزّاً وسؤدداً
ولو كنتَ ذا باعٍ طويل جَعَلْتَه
بيمناك سيفاً لا يزال مجرّدا
وإنّك ما تختار غير رضائه
كمن راح يختار الضلال على الهدى
على أنَّه إن لم لك مسعدا
فهيهات أنْ تلقى من الناس مسعدا
يقيك اتّقاء السابغات سهامها
متى تَرَمْكَ الأرزاء سهماً مسدّدا
وإنَّك إن تُولِ القطيعة َ مثلَه
قطعتَ لعمري من يديك بها يدا
ولا تسلم الأطماع من بعد هذه
إلى مستحيلات الأماني مِقْوَدا
ومن سفهٍ بغيُ کمرىء ٍ وارتكابه
من البغي ما إنْ أصْلَحَ الدهر أفسدا
وعش مثل ماتهوى بظلّ جنابه
ترى العيش أهنا ما رأيتَ وأرغدا

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أيُّها السَّيدُ صبراً
أيُّها السَّيدُ صبراً
رقم القصيدة : 22448
-----------------------------------
أيُّها السَّيدُ صبراً
في المصيبات الملمَّة
قد مضت زوجك للأخرى
وأمضى الله حكمه
وكذاك الناس تمضي
أمّة ً من بعد أمَّه
أيُّ شخص لم ترعه
الحادثاتُ المدلهمّه
وزعيم القوم ما ريـ
ـع وغالى الموت حمّه
كم أصابَ الحتفُ منّا
كلّما سدّد سهمه
رحمة ُ الله عليها
رحمة ً تنزل جمّة
جاوَرَتْ ربّاً كريماً
لنعيم ولِنعْمَه
قل لها وکدْعُ وأرّخَ
أنتِ في الجنّات رحمه

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> لا تلمْ مغرماً رآك فهاما
لا تلمْ مغرماً رآك فهاما
رقم القصيدة : 22449
-----------------------------------
لا تلمْ مغرماً رآك فهاما
كلُّ صبٍّ تركتهُ مستهاما
لو رآك العذول يوماً بعيني
تَرَكَ العذل في الهوى والملاما
يا غلاماً نهاية الحسن فيه
ما رأت مثله العيون غلاما
تاركٌ في الأحشاء ناراً وفي الأجفان
دَمْعاً وفي القلوب غراما
أتراني أبلُّ فيك غليلاً
أَمْ تراني أنال منك مراما
كلّما قلت أنتَ برؤٌ لقلبي
بَعَثَتْ لي منك العيون سقاما
وبوحيٍ من سحر عينيك يوحي
لفؤادي صبابة وغراما
عمرك الله هذه كبدي الحرّى
تشكّت إلى لماك الأواما
فاسقني من رحيق ريقك صرفاً
لا يريني كأس المدام مداما
حام خالٌ على زلالٍ برودٍ
هو في فيك فکصطلاها ضراما
أطمَعَتْه في فيك أطماعُنا فيك
فما نال بردَها والسلاما
أوَلَمْ تخشَ يا مليحُ من الله
بقتلي من غير ذنب أثاما
فالأمانَ من سحر عينيك
فقد جَرَّدَتْ علينا حساما
لستُ أدري وقد تَثَنَّيْتُ تيهاً
أقضيباً هَزَزْتَه أمْ قواما
ما هَصَرنا إلاّ قوامك غصناً
ونظرنا إلاكّ بدراً تماما
لم تَدُمْ لذة ٌ لعَيْني بمرآك
فما للهوى بصبّك داما
فإذا مرَّ بي ادكّارك يوماً
قَعَدَ الوَجْدُ بالفؤاد وقاما
فأجرني من مثل هجرك إنّي
لا أرى العيش جفوة ً وانصرما
بل أعدُّ اليوم الذي أنتَ تجفو
فيه دهراً ويوم هجرك عالما
أينَ منك الآرام في مسرح السرب
إذا قلتُ تشبه الآراما
يا غزالاً يرعى سويدا فؤادي
لا الخزامى بحاجر والثماما
صرعتْ مقلتاك بالسحر أقوا
ماً وداوَتْ من دائها أقواما
كم سَهِرتُ الدجى بأعين صبٍّ
أمطرت مزنها فكان ركاما
والتمستُ الكرى لطرفي بطرفي
فرأيتُ الكرى عليَّ حراما
يا خليليَّ خَلِّياني من اللوم
فإنّي لا أسمع اللوَّاما
واتحفاني بطبيب أخبار نجدٍ
وصِفا لي ربوعها والخياما
واذكرا لي من اعلراق شهاب
الدين نثراً في مدحه ونظاما
فبذكر الكرام تنتعش الرو
ح انتعاشاً فتطربُ الأجساما
سادَ ساداتِ عَصْرِه ولأمرٍ
فاخر التبرُ والنضارُ الرغاما
لم يزلْ للعلاء والمجد أقسا
ماً وللعلم والنهى أقساما
فَعَلا في سماء كلّ فخارٍ
فتعالى علاؤه وتسامى
خارق فكره من العلم ما لم
يقبل الخرق قبلُ والالتئاما
فأرى الناس ما سواه وهاداً
مذْ أرينا علومه الأعلاما
يا إماماً للمسلمين هُماماً
بأبي ذلك الإمام الهماما
إنّما أنتَ رحمة ٌ رحمَ الله
بها المسلمين والإسلاما
يكشف الله فيك عن مشكلات
العلم سرّاً ويرفع الإيهاما
بكلام يشفي الصدور من الجهل
شفاءً ويبرىء الأسقاما
فكأنَّ العلومَ توحى إلى قلبك
في السرّ يقظة ً ومناما
جلّ مجدٌ حَوَيْتَه أنْ يضاهى
وكمال رُزِقْتَه أنْ يُراما
قَصُرَتْ دون ما بَلَغْتَ الأعالي
عُلوماً أُلهِمتَها إلهاما
لم ينالوا أخفافها وتسنّمتَ
برغم الأنوف منها السناما
قد رأيناك يوم جدٍّ وهزلٍ
قد بهرت الأفكار والأفهاما
فاقتطفنا من الرياض ورداً
وسمعنا من الداري كلاما
وانتشقنا نشيم رقّة ِ لفظ
كنسيم الصَّبا ونشر الخزامى
حججٌ منك توضح الحقّ حتى
أفحمتْ كلَّ ملحدٍ إفحاما
نبَّهَتْ بعد رقّة الجهل قوماً
لم يكونوا من قبل إلا نياما
محقتْ ظلمة الضلالة والغيّ
كما بمحق الضياءُ الظلاما
يمنه البيض خطّ أقلامك السمر
بلاغاً أنْ تسبق الأقلاما
أنتَ مقدامها إذا أصبح
ـدام فيها لا يحسن الإقداما
أنتَ أعلى من أنْ يقالَ كريمٌ
فالأمانَ الأمانَ من سحر عينيك
تغمرُ الناس بالجميل وصَوْبُ
المزن يسقي البطاح والآكاما
فإذا عدَّتِ الأماجد يوماً
كنتَ بدءاً لها وكنتَ الختاما
 
العصر العباسي >> البحتري >> زعم الغراب منبىء الأنباء
زعم الغراب منبىء الأنباء
رقم القصيدة : 2245
-----------------------------------
زَعَمَ الغُرَابُ مُنَبّىءُ الأنْبَاءِ،
أنّ الأحِبّةَ آذَنُوا بِتَنَاءِ
فاثلِجْ بِبَرْدِ الدّمعِ صَدراً وَاغراً،
وَجوَانِحاً مَسْجُورَةَ الرّمْضَاءِ
لا تَأمُرَنّي بالعَزَاءِ، وَقَدْ ترَى
أثَرَ الخَلِيطِ، ولاتَ حِينَ عَزَاءِ
قَصَرَ الفِرَاقُ عن السّلُوّ عَزِيمَتي،
وَأطالَ في تِلْكَ الرّسومِ بُكائي
زِدْني اشْتِياقاً بالمُدامِ، وَغَنّني،
أعْزِزْ عَليّ بِفُرْقَةِ القُرَنَاءِ
فَلَعَلّني ألْقى الرّدى، فَيُريحَني،
عَمّا قَلِيلٍ، منْ جَوى البُرَحاءِ
أخَذَتْ ظُهُورُ الصّالِحِيّةِ زِينَةً
عَجَباً مِنَ الصّفْرَاءِ والحَمْرَاء
نَسَجَ الرّبيعُ لِرَبْعِها دِيبَاجَةً،
مِنْ جَوْهَرِ الأنْوَارِ بالأنْوَاءِ
بَكَتِ السّماءُ بِها رَذَاذَ دُموعِها،
فَغَدَتْ تَبَسَّمُ عن نُجُومِ سَمَاءِ
في حُلّةٍ خَضْرَاءَ نَمْنَمَ وَشيَها
حَوْكُ الرّبِيعِ، وَحِلَةٍ صَفْرَاءِ
فاشْرَبْ على زَهرِ الرّياضِ يَشوبُهُ
زَهْرُ الخُدودِ، وَزَهرَةُ الصّهباءِ
مِنْ قَهْوَةٍ تُنْسي الهُومَ وَتبعَثُ الـ
ـشّوْقَ الّذي قدْ ضَلّ في الأحْشَاءِ
يُخْفي الزّجاجَةَ لَوْنُها، فَكَأنّهَا
في الكَفِّ قائِمَةٌ بغَيرِ إناءِ
وَلهَا نَسيمٌ كالرّياضِ، تنَفّسَتْ
في أوْجُهِ الأرْوَاحِ، وَالأنْداءِ
وَفَوَاقِعٌ مِثلُ الدّموعِ، ترَدّدَتْ
في صَحْنِ خَدّ الكاعِبِ الحسْناءَ
يَسْقِيكَها رَشَأٌ يَكادُ يرُدّهَا
سَكرَى بِفَتْرَةِ مُقْلَةٍ حَوْرَاءِ
يَسْعَى بها، وَبِمثِلِها مِنْ طَرْفِهِ،
عَوْداً وَأبْداءً على النُّدَماءِ
مَا للجَزِيرَةِ وَالشّآمِ تَبَدّلا،
بَعْدَ يابنِ يوسَفُ، ظُلْمةً بيضَاءِ
نضب الفُرَاتُ، وكان بحْراً زاخِراً،
وَاسْوَدّ وَجْهُ الرَّقّةِ البَيْضَاءِ
وَلَقَدْ تَرَى بأبي سَعِيدٍ مَرّةً
مَلْقَى الرّحالِ، وَمَوْسِمَ الشّعَرَاءِ
إذْ قَيْظُها مِثْلُ الرّبِيعِ، وَلَيْلُها
مِثْلُ النّهارِ، يُخالُ رَأدَ ضُحاءِ
رَحَل الأميرُ مُحمّدٌ، فَتَرَحّلَتْ
عَنهّا غَضَارَةُ هَذِهِ النّعْمَاءِ
وَالدّهْرُ ذُو دُولٍ، تَنَقَّلُ في الوَرَى
أيّامُهُنّ تَنَقُّلَ الأفْيَاءِ
إنّ الأمِيرَ مُحَمّداً لمُهَذَّبُ الْـ
ـإفْعَالِ في السّرَاءِ والضّرّاءِ
مَلِكٌ، إذا غشِيَ السّيوفَ بوَجْهِهِ،
غَشِيَ الحِمامُ بِأنْفُسِ الأعْدَاءِ
قُسِمَتْ يَداهُ بِبَأسِهِ وَسَمَاحِهِ
في نّاسِ، قِسْمَيْ شِدّةٍ وَرَخاءِ
مُلِئَتْ قُلوبُ العَالَمِينَ بفِعْلِهِ الْـ
ـمَحْمودِ مِنْ خَوْفٍ لَهُ وَرَجاءِ
أغْنى جماعَةَ طَيّءٍ عمّا ابْتَنَتْ
آباؤهَا القُدَمَاءُ لِلأبْنَاءِ
فَإذا هُمُ افْتَخَرُوا بِهِ لمْ يبَجحوا
بِقَديمِ مَا ودِثُوا منَ العَلْياءِ
صَعِدُوا جِبالاً مِنْ عُلاكَ، كأنّها
هَضَباتُ قُدْسَ، وَيذْبُلٍ، وَحرَاءِ
واستمطروُا في المحْلِ منكَ خَلائِقاً،
أصْفَى وَأعْذَبَ منْ زُلالِ الماءِ
وَضَمِنْتَ ثأرَ مُحَمّدٍ لهُمُ عَلى
كَلَب العدَى، وَتَخاذُل الأحْيَاءِ
ما انْفَكّ سَيْفُكَ غادِياً، أوْ رَائِحاً
في حَصْدِ هامَاتٍ، وَسفْكِ دماءِ
حَتّى كفيتَهُمُ الذي استكْفَوْكَ مِنْ
أمْرِ العِدَى، وَوَفَيْتَ أيّ وَفاءِ
ما زلْتَ تَقْرَعُ بابَ بابَكَ بالقَنَا،
وَتَزُورُهُ في غَارَةٍ شَعْوَاءِ
حَتى أخذْتَ بنصْلِ سيْفكَ عَنوَةً،
مِنْهُ الّذي أعْيا عَلى الحلفاء
أخْلَيْتَ مِنْهُ البَذّ، وَهيَ قَرَارُهُ،
وَنَصَبْتَهُ عَلَماً بِسامِرَاءِ
لمْ يُبْقِ منهُ خَوْفُ بَأسِكَ مَطَعماً
للطّيْرِ في عَوْدٍ، وَلا إبْدَاءِ
فَتَرَاهُ مُطَّرِداً عَلى أعوَادِهِ،
مِثْلَ اطّرَادِ كَواكبِ الجَوْزَاءِ
مُسْتَشْرِفاً للشمسِ، مُنْتصِباً لهَا،
في أُخْرَياتِ الجِذْعِ كالحِرْباءِ
وَوَصَلْتَ أرْضَ الرّومِ وَصْلَ كُثَيّرٍ
أطْلالَ عَزّةَ، في لِوَى تَيْماءِ
في كُلّ يَوْمٍ قَدْ نَتَجْتَ مَنِيّةً
لِحُماتِها، مِنْ حَرْبِكَ العُشَرَاءِ
سَهّلْتَ مِنها وَعْرَ كُلّ حُزُونَةٍ،
وَمَلأتَ مِنْها عَرْضَ كلّ فضَاءِ
بالخَيل تحمِلُ كلَّ أشعثَ دارِعٍ،
وَتُوَاصِلُ الإدْلاجَ بالإسْرَاءِ
وَعَصَائِبٍ يَتَهافتُونَ، إذا ارْتَمَى
بهِمِ الوَغَى في غَمْرَةِ الهَيْجاءِ
مِثْلَ اليَرَاعِ بَدَتْ لهُ
لَفّتْهُ ظُلْمَةُ لَيْلَةٍ لَيْلاءِ
يَمْشُونَ في زَغَفٍ، كأنّ مُتونَها،
في كُلّ مَعْرَكَةٍ، مُتونُ نِهاءِ
بِيضٌ تَسيلُ، على الكُماةِ، فُضُولُها
سَيْلَ السّرَابِ بِقَفْرَةٍ بيْداءِ
فإذا الأسِنّةُ خَالَطَتْها خِلْتَها
فِيهَا خَيَالُ كَوَاكبٍ في ماءِ
أبْنَاءُ مَوْتٍ يَطْرَقونَ نُفوسَهُمْ
تحْتَ المَنَايًّا، كُلَّ يوْمِ لِقَاءِ
في عارِضِ يَدِقُ الرّدَى ألهَبْتَهُ
بِصَوَاعِقِ العَزَمَاتِ وَالآرَاءِ
أشلى على منوِيلَ أطرَافَ القنا،
فنجا عتيقَ عتيقَةٍ جَرْداءِ
وَلَوَ أنّهُ أبْطَأ لَهُنّ، هُنيهّةً،
لَصَدَرْنَ عنْهُ، وَهُنّ غَيرُ ظِماءِ
فَلَئِنْ تَبقَاهُ القَضَاءُ لوَقْتِهِ
فَلَقَدْ عَمَمْتَ جُنودَهُ بِفَناءِ
أثْكَلْتَهُ أشْياعَهُ، وَتَرَكْتَهُ
لِلْموْتِ مُرْتَقِباً صَباحَ مَسَاءِ
حَتّى لَوِ ارْتَشَفَ الحديدَ، أذابَهُ
بالْوَقْدِ مِنْ أنْفاسِهِ الصُّعَدَاءِ

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هذا محلٌّ العلم والإفتاءِ
هذا محلٌّ العلم والإفتاءِ
رقم القصيدة : 22450
-----------------------------------
هذا محلٌّ العلم والإفتاءِ
تأوي إليه أكابر العلماء
دارٌ حوت من كلّ شهمٍ حائزٍ
بأسَ الحديد ورقَّة َ الصهباء
فيها العوارف والمعارف والتقى
وفكاهة الظرفاء والأدباء
أينَ النجوم الزهر من ألفاظهم
ووجوههم كالروضة الغنّاء
لله دار ما خلت من فاضلٍ
أبداً ولا من سادة نجباء
ولقد يحلُّ أبو الثناء بصَدْرِها
يحكي حلول الشمس في الجوزاء
مفتي العراقين الذي بعلومه
يرقى لأعلى رتبة قعساء
لو أسمع الحجر الأصمَّ بوعظه
لتفجّرت صماؤه بالماء
للعلم والآداب شيّد داره
ولكل ذي فضل من الفضلاء
تسري بمرآها الهموم فأرخوا
دار تسرّ بها عيون الرائي

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يشقُّ عليَّ أنْ تشقى بحبسِ
يشقُّ عليَّ أنْ تشقى بحبسِ
رقم القصيدة : 22451
-----------------------------------
يشقُّ عليَّ أنْ تشقى بحبسِ
وأنْ تبقى لرشٍّ أو لكنسِ
تكبَّلُ بالحديد وكنتُ أخشى
محاذَرَة ً عليك من الدمقس
وعزَّ عليَّ أنْ تبقى بدار
وما يُلفى بها غيرُ الأخسّ
أَتَخْدِمُ كلَّ مبتذَل حقير
إذا ما بِيعَ لا يُشرى بفلس
وكنتُ أغار إنْ رمقتك عينٌ
تلوّثُ عرض صاحبها برجس
تطوف بك الوجوه الغبر منهم
كما طافت شياطين بإنسي
ولو مكِّنتُ مما أشتهيه
خَدَمْتُك دون أصحابي بنفسي
تقول سلوتني ونقضتَ عهدي
وخنتَ مودَّتي ونسيتَ أنسي
معاذ الله أنْ أسلوك يوماً
ويومي في غرامك فوق أمس
تحدّثُ عن هواك دموعُ عيني
بألسنة ٍ من العبرات خرس
يجول عليك طول الليل فكري
وأصبح فيك محزوناً وأمسي
وأذكرُ ما مضى من طيب عيش
فآكل راحتي وأعضُّ خمسي
فمن غزلٍ يروق لديك مني
ومن نغم يَلَذُّ وشربِ كأس
فآها ثم آهاً ثم آهاً
على قمرٍ يدير شعاع شمس
فما أغلى ليالينا وأحلى
لقد بيعت لشقوتنا ببخس
ليلي كانت اللّذات فيها
وأيّام لنا أيّام عرس
مَضَتْ تلك السنون وفرّقتنا
حوادث من خطوب الدهر بؤس
رماها من قضاء الله رامٍ
فأنفذَ سهمه من غير قوس
ومن لي أنْ أزورك كلَّ يوم
وأنْ أسعى على عيني ورأسي
عسى لطفٌ من الرحمن يأتي
ويسعدني بسعدٍ بعد نحس
كما سعدَ العراقُ به ولاذت
برأفته أفاضل كلّ جنس
أرى ما يطمع الراجين فيه
فأطمعُ في نجاتك بعد يأس
سأُفْرِغُ للثناء عليه فكري
وإملاء القريض عليك طرسي
ومنه إليك قد حان التفاتٌ
فأبشرْ في إزالة كل نكس
فبادر بالدعاء له وأخلص
وأنذرْ نتفَ لحية ِ كلّ وكس
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> لقدْ عجبَ الحسانُ الغيدُ لمّا
لقدْ عجبَ الحسانُ الغيدُ لمّا
رقم القصيدة : 22452
-----------------------------------
لقدْ عجبَ الحسانُ الغيدُ لمّا
رأَتْ عنها سُلُوّي وکصطباري
وأنّي لا أميل إلى نديم
يروّيني بكاسات العقار
وإنّي قد مَدَدْتُ اليوم باعاً
أنال بها الذي فوق الدراري
فلا يوم صَبَوْتُ إلى الغواني
ولا يوم خَلَعْتُ به عذاري
ثكلتك ليس لي في اللهو عذر
وقد لاح المشيب على عذاري
ولست براكب من بعد هذا
جواداً غير مأمون العثار
فنم يا عاذلي بالأمن منّي
فلم تَرَ بعد عذْلك واعتذاري
وقل للغيد شأنك والتجافي
وللغزلان أخْذَكِ بالنفار
صبوتُ إلى الدمى زمناً طويلاً
وقد أَعْرَضْتُ عنها بکختياري
وكانت صَبْوتي قد خامرتني
وها أنا قد صحوتُ من الخمار
وقد هدرت زماناً فاستقرت
وكانت لا تصيخ إلى قرار
لئن ضيّعتُ أيام التصابي
فإنّي قد حظيتُ على الوقار
وكيف يجدُّ في طلب الغواني
فتى ً قد جدّ في طلب الفخار

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> قلْ مثلما قد قال عبدُ الباقي
قلْ مثلما قد قال عبدُ الباقي
رقم القصيدة : 22453
-----------------------------------
قلْ مثلما قد قال عبدُ الباقي
في نعمتِ عترة ِ صفوة ِ الخلاّق
أو فاسترحْ وأرحْ لسانك واتخذ
للنطق من صمت أجلّ نطاق
إنَّ اللسان لمضغة ٌ ما لم تفه
بالطيّبات تلاك بالأشداق
أو ما تراه قد أتى بأوابدٍ
تفنى بنو الدنيا وهنّ بواقي
لله دَرُّك حكمة الإشراق
تشجي وتطربُ أنفساً وجواراحاً
فكأنَّهن صوارمُ الأحداق
ولقد أدار على العقول سلافة ً
ما لا تدور بها أكفُّ الساقي
عن بهجة المعشوق يسفر حسنها
ولواعج المشتاق في العشّاق
قد عانقت أشرافَ آل محمد
فكأنّها الأطواق في العناق
فكأنّها هبّت صَباً في روضة
فتأرجت بنسيمها الخفّاق
رقّت فكادت أنْ تسيل بلطفها
حتى من الأقلام والأوراق
وبما غدتْ تملي ثناءً طيّباً
عن طيّبٍ في الأصل والأعراق
لُدِغَتْ أميَّة ُ منه أفعى تنفثّ
السمّ الزعاف وما لها من راقِ
كَلِمٌ ولا وخزات أطراف القنا
يلمعنَ عن صوب الدم المهراق
من كلّ قافية بثاقب فكره
يفتضُّهاعذرا بغير صداق
طوبى له في النشأتين لقد حوى
نعمَ الذخيرة ُ والثناء الباقي
فالله يَجزيه بها خير الجَزا
ويَقيه شرّاً ما له من واق

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أمَا والهوى بالوُجُوه الملاحِ
أمَا والهوى بالوُجُوه الملاحِ
رقم القصيدة : 22454
-----------------------------------
أمَا والهوى بالوُجُوه الملاحِ
لَقَد لَذَّ لي في الغرام کفتضاحي
ومن ثمَّ رحتُ وقول العذول
يمرُّ بسمعي مرور الرياح
حرامٌ عليَّ بدين الغرام
ركوني إلى ما تقول اللواحي
ويا ربّما زادني صبوة
إذا ما لحاني على الحبّ لاحي
ويوماً على غفلات الرقيب
نَحَرْتُ به الزقّ نحر الأضاحي
وما العيشُ إن كان عيشاً يسرّ
سوى كأس راحٍ وخودٍ رداح
بروضٍ تصِفّقُ أوراقه
وقبَّلَ بالقطر ثغر الأقاح
أسّرحُ طرفي بتلك الرياض
بحيث کغتباقي وحيث کصطباحي
وأسكرني طرف ذاك الغرير
بغير المدام فهل أنت صاح
بروحي ذاك المليح الذي
يحيّي الندامى برَوح وراح
تراءَتْ بوجه الحييّ الحليم
وتفعَلُ فِعْلَ السفيه الوقاح
جنحنا إلى حلبات الكُمَيْت
وليس على مطرب من جناح
فكدْتُ أطير سروراً به
ومن ذا يطير بغير الجناح
ومستملح نامم سكره
على أَنَّ فيه بقيّات صاح
فوسّدْتُه ساعدي والكرى
يخوض بعينيه حتّى الصباح
فعانقتُ منه مكانَ العقودِ
وألبستُ منه مكان الوشاح
فللّه من نشوات الصّبا
ولله من هفوات الملاح
ومن رشفاتٍ ترشّفتها
تبلّ غليلي وتأسو جراحي
أقولُ له هل تطيق النهوض
ولو مدَّ راحٍ إلى أخذِ راح
فقد نبَّهتكَ ديوك الصباح
وأكثرنَ من غلبات الصياح
فأومى إليَّ بهات الصبوح
وصرَّحَ في لفظ راح صراح
فناولته الكأس مملوءَة ً
وغنَّيْتُه بالقوافي الصحاح
فكان له غَزَلي كلُّه
وكان لسلمان جلُّ امتداحي

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> إنَّ الممالك في صدارة أحمد
إنَّ الممالك في صدارة أحمد
رقم القصيدة : 22455
-----------------------------------
إنَّ الممالك في صدارة أحمد
أضحتْ بطبيبِ مسرَّة ٍ وهناء
ضحكت به دار السعادة بعدما
أبكَتْ عليه أَعْيُنَ الزوراء
للدولة العلياء في سلطانها
أرّخ تصدّر مدحت العلياء

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> تَذَكَّرَ عَهداً بالحمى قَد تَقَدَّما
تَذَكَّرَ عَهداً بالحمى قَد تَقَدَّما
رقم القصيدة : 22456
-----------------------------------
تَذَكَّرَ عَهداً بالحمى قَد تَقَدَّما
فأجرى عليه الدَّمعَ فرداً وتوأما
ولاسيما إذ شاهد الربع لم يدع
له أهله إلاّ تلالاً وأرسما
وآثار ما أبقى الخليط بعهده
ونؤياً كمعوجِ السّوار مهدَّما
منازل كانت للبدور منازلاً
وإنْ شئتَ قل كانت محاريب للدمى
لهونا بها والعيش إذ ذاك ناعم
فلّله عيشٌ ما ألذَّ وأنعما
زمان مضى في طاعة الحب وانقضى
وصلنا به الّلذات حتّى تصرَّما
خَليليَّ عُوجا بي على الدار إنّني
أشدُّ بلاءاً بالمنازل منكما
خليليَّ هذا الحبّ ما تعرفانه
خَليليَّ لو شاهدْتُما لعرفتما
خَليليَّ رِفقاً بي فقد ضرّني الهوى
ألمْ موجعَ القلب مؤلما
ونمَّتْ على وجدي دموعٌ أرقتها
ولم يبق هذا الدمع سرّاً مكتما
فلا تمنعاني وقفة ً أنَا سائل
بها الدارَ عن حيّ نأى أين يممَّا
وَقَفْنا عليها يا هذيم وكلّنا
حريصٌ على الأطلال أنْ تتكلما
نعالج فيها لوعة ً بحشاشة ٍ
على الرسم منّا نمزج الدمع بالدما
فلم نرتحل يوماً لنسقي معاهداً
من الدار في سلع وفي الدار من ظما
بعبرة مشتاق إذا لم تجد لها
من الدمع ما يروي اتلديار بكت دما
أحِبّاءَنا شَطَّتْ بهم شطط النوى
فأتبعتهم منّي فؤاداً متّيما
هبوا لعيوني أنْ يحلَّ بها الكرى
وإنْ كان نومُ العاشقين محرّما
أَلا رُبَّ طَيْف زَارَ ممَن احِبُّه
وما زار إلاّ من سليمى وسلَّما
سرى من زرود منعماً بوصاله
وما كان إلاّ في الحقيقة منعما
فأرَّقني والليلُ يسحبُ ذيله
وفارق صبّاً لا يزال متيما
وبرقٍ كنار الشوق توقد بالحشا
تلهَّبَ في جنح الدجى وتضرّما
بليلٍ كحظّي منه قطَّبَ وجهه
فما زلتُ أبكي فيه حتى تبسّما
أساهرُ فيه كل نجم يمرُّ بي
إلى أعين باتت عن الصبّ نوَّما
سقى الله أيّاماً خَلوْنَ حوالياً
على الجزع بالجرعاء من أَيْمَنِ الحمى
ولا بِدْعَ أنْ يسمو وها قد سما
رواء إذا ما ساقها الرعد أرزما
كراحة عبد القادر القرم لم تزل
تهامي على العافين فضلا وأنعما
يصبّ الحيا في صَوْبه مثل سَيْبهِ
كأنْ علمَ الغيثَ الندى فتعلّما
إذا جئتُه مسترفداً رِفْدَ فضله
غَدَوْتُ إذَنْ في ماله متحكما
وَرَدْتُ نداه ظامئاً غير أنَّني
وردتُ إليه البحر والبرح قد طمى
ولولا جميل الصنع منه لما رأَتْ
عيوني وجه العيش إلاّ مذمما
من القوم يولون الجميل تَفَضُّلاً
ولم يحسنوا الإحسان إلاّ تكرّما
أطرتُ لديه طائرَ اليمن أسعداً
وكنّا أطرنا طائر النحس أشأما
ودَّخرِ الذكر الحميد بفضله
ولم يدَّخرْ يوماً من المال درهما
رأيتُ يَساري كلَّما كان موسراً
ولم يرض إعدامي إذا كان معدما
فما يجمع الأموال إلاّ لبذلها
ولا يطلب النعماء إلاّ لينعما
برغم الأعادي نال همَّة نائل
فجدَّعَ آناف العداة وأَرْغما
ولو رام أنْ يرقى إلى النجم لأرتقى
ويوشك ربّ الفضل أنْ يبلغ السما
فلا غروَ أنْ يعلو وها هو قد علا
عزائِمُهُ كالمَشْرِفيَّة ِ والظُّبا
وآراؤه ما زِلْنَ بالخَطب أَنْجُما
يُصيبُ بها الأغراض ممّا يرومه
ولا يخطىء ُ المرمى البعيدَ إذا رمى
وكم من خميسٍ قد رماه عرمرم
فقرَّقَ بالرأي الخميسَ العرمرما
فلو أَبْرَزَتْ آراؤه غَسَقَ الدجى
لحثّ الدجى عن أشقر الصبح أدهما
وأَثْقَلَ بالأيدي لساني وعاتقي
أَلَمْ تَرَني لا أستطيع التكلما
وإنّي وإنْ لم أقضِ للشكر واجباً
بمستغرم أصبحت في المجد مغرما
سكتُّ وأنطقت اليراع لشكره
فأعربَ عما في ضميري وترجما
جرى وكذا لا زال يجري بمدحه
فغرَّدَفي مدحي له وترنّما
وأوْلى الورى بالشكر من كان محسناً
وأوْلى الورى بالحمد من كان منعما
لك الله مطبوع على الجود والندى
فلو رام إقداماً على البخل أحجما
شكرتك شكر الروض باكره الحيا
سحاباً عليه آنهلَّ بالجود أو همى
لك القلم العالي على البيض والقنا
جرى فجرى رزقُ العباد مقسّما
ففي القلم الحادي وصاحبه النهى
عَلَوْتَ به حتى ظننّاه سُلّما
وسيَّرتَ ذكرَ الحمد في كلّ منزلٍ
فأَنْجَدَ في شرق البلاد وأَتْهَما
أضاءَ بكَ الأيامَ لي وتبلَّجتْ
وأشْرَق فجرٌ بعدما كان مظلما
رفعتَ مقامي مرغماً أَنْفَ حاسدي
فأَصْبحتُ إذ ذاك العزيزَ المكرّما
صفا لي منك الجود عذبٌ غديره
فجَّرعْتُ أعدائي من الغيظ علقما
أطلتَ يدي في كلّ أمرٍ طلبته
وغادرتَ شاني عبدِ نعماكِ أجذما
وبلَّغتني أقصى الرجاء فلم أَقُلْ
عسى أبلغُ القصدَ القصيٍّ وربّما
وعظَّمتني في نفس كلِّ معاند
فلا زِلْتَ في نفس المعالي مُعَظَّما
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يا أيّها الركب قفوا بي ساعة
يا أيّها الركب قفوا بي ساعة
رقم القصيدة : 22457
-----------------------------------
يا أيّها الركب قفوا بي ساعة
أَقْضِ لرَبْعٍ في الحمى دُيونا
ولم أَشِمْ وامضَ برقٍ لامعاً
إلاّ ذكرت الثغر والجبينا
وحين لاح الشيب في مفارقي
وكان ما لم أرضَ أنْ يكونا
وما خَلَفْتُ للغرام طاعة
وما نكَثْتُ حبلها المتينا
أَئِنُّ ممّا أضْمَرَتْ أضالعي
وكنتُ ممّن أعلنَ الأنينا
وما وجدتُ في الهوى على الهوى
غيرَ بكائي للأسى معينا
يا صاحبيَّ والخليلُ مسعدٌ
إنْ لم تعينا كلفاً فبينا
............
ومارَسَ الأيام والسنينا
وأَرَّقتْني الوُرْقُ في أَفنانها
تردّد التغريد واللحونا
كم أجّجت من الفؤاد لوعة ً
وأَهْرَقَتْ من عَبرة شؤونا
كم أرغمتْ أنفَ الحسود سطوة ً
وغمرت بالبّر معتفينا
يا شدَّ ما كابد من صبابة ٍ
في صبوة ٍ عذابها المهينا
وفارق المَوْصِلَ في قدومه
ليثٌ هِزَبرٌ فارق العرينا
من أشرفِ الناس وأعلى نسباً
وكان من أندى الورى يمينا
وكلَّما أَمْلَتْ تباريحَ الجوى
تَفَنَّنَتْ بِنَوْحها فنونا
عوَّدَهُ على الجميل شيمة ٌ
وأورثته شدّة ً ولينا
وحلَّ في الزوراء شهمٌ ماجدٌ
نقرُّ في طلعته العيونا
أولئك القوم الذين أَنْجبَتْ
أصلابها الآباء والبنينا
وَطَوَّقَتْه في العُلى أطواقها
وَقَلَّدَتْه دُرَّها الثمينا
وأَظهروا ما أضْمروا من كيدهم
وكان في صدورهم كمينا
يحفظك الحافظ من كيد العدى
وكان حصناً حفظه حصينا
وخَيَّبَ الله به ظنونَهم
وطالما ظَنُّوا به الظنونا
وعذتُ بالرحمن وهي عوذة ٌ
أخزتَ به شيطانها اللعينا
لو كان للأيام وجهٌ حسنٌ
كان لها الوجنة والعيونا
قد طبعو على الجميل كُلّه
وإنْ أساءَ الدهر محسنينا

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أحبّتنا أنتمُ على السُّخط والرّضا
أحبّتنا أنتمُ على السُّخط والرّضا
رقم القصيدة : 22458
-----------------------------------
أحبّتنا أنتمُ على السُّخط والرّضا
وفي القلب منكم لوعة ً ووجيبُ
ذكرناكم والدَّمْع ينهلُّ والحشا
تذوبُ وأجفانُ المشوق تصوب
فطار بنا شوق إليكم مبرحٌ
له زفرة ٌ توري جوى ً ولهيب
ركبنا إليكم ظهرَ كلّ مخوفة ٍ
ترامى بنا أهوالها وتجوب
وبنظرنا منها وللهول ناظر
جَلوبٌ لآجال الرجال مهيب
وخُضْنا ظلامَ الليل والليل حالك
بهيمٌ وفي وجه الخطوب قطوب
وجئْنا فلم نظفر لديكم بطائل
ولا نِيلَ حظٌ منكم ونصيب
وفينا على صدق الهوى وغدرتمُ
وفزتُمْ لدينا بالجوى ونخيب
فَمُنُّوا علينا بعدها بزيارة
بها العيش يصفو والحياة تطيب
ولا تمنعونا نظرة ً من جمالكم
فيرتاح قلبٌ أو يُسَرُّ كئيب
وإلاّ فرسلُ لاشَّوق تبعث كلّما
تَهُبُّ شمال بيننا وجنوت
على مثلنا لو تنصفون بحبكم
تُشَقُّ قلوبٌ لا تشقّ جيوب
وتظهر أسرار وتبدو لواعج
ويشكو محبٌّ ما جناه حبيب
أَحِنُّ إليكم والهوى يستفزّني
كما حنَّ نائي الدار وهو غريب
وأطرب في ذكراكمُ ما ذكرتم
وإنّي على ذكراكم لطروب

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> مَنْ معيدٌ ليَ مِنْ عَهد الأُلى
مَنْ معيدٌ ليَ مِنْ عَهد الأُلى
رقم القصيدة : 22459
-----------------------------------
مَنْ معيدٌ ليَ مِنْ عَهد الأُلى
زَمَناً فيه حَلا ثم خَلا
ولياليَّ بجمع ومنى
هطلَ الغَيثُ لها وکنهملا
علِلاني يا خليليَّ بما
مرَّ من أيام جَمْعٍ عَلِّلا
وبما كان بأيام الصّبا
أينَ أيامك يا سعد الألى
خَفِّفا عن دَنِفٍ حِمْلَ الأسى
فلقد أَثْقَلَه ما حملا
كان لي صَبرٌ فلّما رحل
الركبُ بالأحباب عني رحلا
نزلوا بالشّعب واختاروا على
بُعْدِهم مني فؤادي منزلا
وبنفسي من رماني عامداً
ما رَمَتْ عيناه إلاّ قَتَلا
وتظَلَّمْتُ من الحبِّ إلى
جائرٍ في حكمه ما عدلا
رمية ٌ منك أصابت مقتلي
هي من عينيك يا ريم الفلا
فاتَّقِ الله بأحشاءِ شجٍ
ما اتقى منك العيون النجلا
خضب العينين منه بدمٍ
في خضاب الليل حتى نصلا
ساهر لو عرض الغمض على
جفنه طيب الكرى ما قَبلا
خلّياني بعدَ سكّان الغضا
أَنْدُبُ الرّبع وأبكي الطللا
يا لها من وقفة في أرْبُع
أرخصتْ من أدمعي ما قد غلا
حدَّثَ الواشين جَفني في الهوى
عن دمِ الدمعِ حديثاً مرسلا
سرُّ وجدانٍ بدا لي صونه
باحتِ العينَ به فابتذلا
ولحاني صاحبٌ يحسَبُني
أسْمَع النُّصحَ وأرضى العذّلا
جادل العاذلُ حتى إنّه
كان لي أكثر شيء جَدَلا
لو رآى الحبَّ عَذولٌ لامني
عَرَفَ العاذلُ ما قد جَهِلا
يا خَليليَّ إذا لم تَعْلَما
ما أقاسي من غرامٍ فاسألا
إنَّما أحبابنا يوم النّوى
قطعوا في هجرهم ما وصلا
نقل الواشي إليهم سَلْوَتي
كَذِبَ الناقلُ فيما نقلا
هل سألتم عن فؤادي إنَّه
ما سلاكم في الهوى حتى کنسلى
لستُ أنساكم بذكرى غيركم
كيف أبغي بسواكم بدلا
إنْ علا جدُّ امرئٍ في جدّه
فعليُّ الجدّ بالجدِّ علا
تسبقُ الأقوالَ أفعالٌ له
وإذا قال بشيء فعلا
سيّد لو أمَرَ الدهر بما
شاءَ من أمر المعالي امتثلا
وجد الدهر مزياه حلى ً
فتحلّى منه في تلك الحلى
قرأ المجدُ على أخلاقه
سورة َ الحمد قديماً وتلا
وصعابٌ المعالي لم تقدْ
قادها من غير كرهٍ ذللا
طيّب الذات رفيعٌ قدرُه
ما يريك النجم إلاّ أسفلا
سيّدٌ أشرفُ من في هاشم
شبَّ في حجر العلى واكتهلا
من أناسٍ بلغوا غاياتهم
من نوالٍ ونزالٍ وعُلى
سادة ٍ قَد أَوْضحَ الله بهم
لجميع العالمين السبلا
أنزلَ الله على جدّهمُ
سيّدِ الرسل الكتابَ المنزلا
سادة لولا هداهم بَقَيْت
هذه الناس جميعاً هملا
ما رأينا أحَداً من قبله
لاح كالبدر هزيزاً رجلا
لاح للأبصار يبدو واضحاً
وتجلّى وبه الكرب انجلى
وضحَ الصُّبحِ إذا الصبحُ أضا
أو حسامٌ مشرفيّ صقلا
أوبخفى عن عيونٍ أبصرتْ
بوجود کبن ذكاء ابنَ جلا
أَنا مِنْ آلائه في نِعمة ٍ
بالغٌ في كلِّ يوم أملا
ونوالٍ من يدٍ مبسوطة
للعطايا أرسلتها مثلا
إنّما أيديه أيدي ديمة ٍ
روَّضَتْ روضي إذا ما أمحلا
وصلاتٍ من نداه اتَّصلتْ
والنَّدى أَعْذَبُه ما اتّصلا
منهلٌ مستعذبٌ مورده
لا عَدِمْنا منه ذاك المنهلا
لا أبالي إنْ يكن لي مورداً
مرَّ يا سَعْدُ زماني أم حلا
فجزاه الله عنّا خير ما
جُوزيَ المنعمُ فيما نوّلا
إنْ يرمْ فيه مقالاً شاعرٌ
قال فيه شعره مرتجلا
دامت الأيامُ أعياداً له
وعليه السَّند وافى مقبلا
 
العصر العباسي >> البحتري >> يا أخا الأزد ما حفظت الإخاء
يا أخا الأزد ما حفظت الإخاء
رقم القصيدة : 2246
-----------------------------------
يا أخَا الأزْدِ ما حَفِظتَ الإخَاءَ
لمُحبٍّ، ولا َرعيْتَ الوَفَاءَ
عَذَلاً يَترُكُ الحَنِينَ أنِيناً،
في هَوىً يَترُكُ الدّمُوعَ دِماءَ
لا تَلُمْني على البُكَاءِ، فإنّي
نَضْوُ شَجوٍ، ما لُمْتُ فيهِ البُكاءَ
كَيفَ أغْدو مِنَ الصّبابَةِ خِلْواً،
بعَدَ ما رَاحَتِ الدّيارُ خَلاءَ
غِبَّ عَيْشٍ بها غَرِيرٍ وَكَانَ الـ
ـعَيْشُ في عَهْدِ تُبّعٍ أفْيَاءَ
قِفْ بها وَقْفَةً تَرُدُّ عَلَيْها
أدْمُعاً، رَدَّهَا الجَوَى أنْضَاءَ
إنّ للبَينِ مِنّةً لا تُؤدّى،
وَيَداً في تُمَاضِرٍ بَيْضَاءَ
حَجَبُوهَا، حتى بَدَتْ لِفرَاقٍ
كَانَ داءً لعاشِقٍ، وَدَوَاءَ
أضْحَكَ البَينُ يَوْمَ ذاكَ وَأبكى
كلَّ ذي صَبْوَةٍ، وَسَرّ، وَسَاءَ
فَجَعَلْنَا الوَداعَ فيهِ سَلاماً؛
وَجَعَلْنَا الفِرَاقَ فيهِ لِقَاءَ
وَوَشْتْ بي إلى الوُشَاءِ دُموعُ الـ
ـعَينِ، حتى حَسِبتُها أعْداءَ
قُلْ لداعي الغَمامِ لَبّيْكَ، وَاحلل
عُقُلَ العِيسِ، كيْ تُجيبَ الدّعاءَ
عَارِضٌ مِنْ أبي سعيدٍ دَعَانَا
بِسَنَا بَرْقِهِ، غَداةَ تَرَاءَى
كَيفَ نُثني على ابنِ يوسُفَ لا كيْـ
ـلفَ سَرى مَجدُهُ، فَفاتَ الثّنَاءَ
جَادَ حتى أفنى السّؤالَ، فلَمّا
بَادَ مِنّا السّؤالُ، جادَ ابْتِداءَ
صَامِتيٌّ، يَمُدُّ في كَرَمِ الفِعْـ
ـلِ يَداً مِنْهُ تَخْلُفُ الأنْوَاءَ
فَهْوَ يُعطي جَزْلاً، ويُثني عليَه،
ثُمّ يُعْطي على الثّنَاءِ جَزَاءَ
نِعَمٌ، أعْطَتِ العُفَاةَ رِضَاهُمْ
مِنْ لُهَاهُا، وَزَادَتِ الشّعَرَاءَ
وَكَذاكَ السّحابُ لَيسَ يَعُمُّ الـ
ـأرْضَ وَبْلاً، حتى يَعُمّ السّمَاءَ
جَلّ عَنْ مَذهَبِ المَديحِ، فقد كا
د يَكُونُ المَديحُ فيهِ هِجَاءَ
وَجَرَى جُودُهُ رَسيلاً لجُودِ الـ
ـغَيْثِ مِنْ غَايَةٍ، فَجاءَ اسَوَاءَ
ألهِزَبْرُ الذي، إذا التَفّتِ الحَرْ
بُ بهِ صرّفَ الرّدى كَيف شاءَ
تَتَدانَى الآجَالُ ضَرْباً وَطَعْناً،
حينَ يَدْنُو فيَشْهَدُ الهَيْجَاءَ
سَل بهِ، إنْ جَهِلتَ قَوْلي، وَهل يجْـ
ـهَلُ ذو النّاظِرَينِ هذا الضّيَاءَ
إذْ مضى مُجلِباً يُقَعِقعُ في الدّرْ
بِ زَئيراً، أنسى الكلابَ العُوَاءَ
حينَ حاضَتْ مِنْ خَوْفِهِ رَبّةُ الرَّرْ
مِ صَبَاحاً، ورَاسَلَتْهُ مَسَاء
وَصُدورُ الجِيَادِ في جانِبِ البَحْـ
ـرِ، فَلَوْلا الخَليجُ جُزْنَ ضَحَاءَ
ثم ألقى صليبه الملسنيو
س، ووالى خلف النجاء النجاء
لمْ تُقَصِّرْ عُلاوَةُ الرّمْحِ عَنْهُ
قِيدَ رمح، ولمْ تُضِعْهُ خَطاءَ
أحسَنَ الله في ثَوَابِكَ عنْ ثَغْـ
ـرٍ مُضَاعٍ أحسَنْتَ فيهِ البَلاءَ
كانَ مُسْتَضْعَفاً فعَزّ، وَمَحْرُو
ماً فأجدى، وَمُظلِماً فَأضَاءَ
لَتَوَلّيْتَهُ، فَكُنْتَ لأهْليـ
ـهِ غِنىً مُقْنِعاً، وَعَنِهُمْ غِنَاءَ
لمْ تَنَمْ عَن دُعائِهم، حينَ نادَوا
والقَنَا قَدْ أسَالَ فيهم قَنَاءَ
إذْ تَغَدّى العُلوجُ منهُمْ غُدُوّاً،
فتَعَشّتْهُمُ يَداكَ عِشَاءَ
لمْ تُسِغْهُمْ بُرُدَ جيحانَ، حتى
قَلَسُوا في الرّماح ذاكَ المَاءَ
وَكَأنّ النّفِيرَ حَطّ عَلَيْهِمْ
مِنْكَ نَجْماً، أوْ صَخرَةً صَمّاءَ
لم يكُنْ جمعُهُمْ على المَوْجِ، إلاّ
زَبَداً طَارَ عَنْ قَنَاكَ جُفَاءَ
حينَ أبْدَتْ إلَيْكَ خَرْشَنَةُ العُلْـ
ـيَا مِنَ الثّلْجِ هَامَةً شَمطَاءَ
مَا نَهَاكَ الشّتَاءُ عنها وفي صدْ
رِكَ نَارٌ للحْقْدِ تَنْهَى الشّتَاءَ
طالَعَتْكَ الأبْنَاءُ مِنْ شُرَفِ الأبـ
ـرَاجِ زُرْقاً، إذْ تَذبَحُ الآبَاءَ
بِتَّها، والقُرْآنُ يَصْدَعُ فيها الهَضْـ
بَ، حتى كادتْ تكونُ حرَاءَ
وَأقَمْتَ الصّلاةَ في مَعْشَرٍ لا
يَعْرِفُونَ الصّلاةَ إلاّ مُكَاءَ
في نَوَاحي بَرْجَانَ، إذْ أنكرُوا التّـ
كبيرَ حتى تَوَهّمُوهُ غِنَاءَ
حَيثُ لمْ تُورَدِ السّيوفُ على خِمْـ
ـسِ، وَلمْ تُحرَقِ الرّماحُ ظَمَاءَ
يَتَعَثّرْنَ في النّحُورِ وفي الأوْ
جُهِ سُكر ظماء لمّا شَرِبنَ الدّمَاءَ
وأزَرْتَ الخُيول قَبرَ امرِىءِ القَيْـ
ـسِ سِرَاعاً، فعُدْنَ منهُ بِطَاءَ
وَجَلَبْتَ الحِسانَ حُوّاً وَحُوراً،
آنِسَاتٍ، حتى أغَرْتَ النّساءَ
لمْ تَدَعْكَ المَهَا التي شَغَلَتْ جيْـ
ـشَكَ بالسّوْقِ أنْ تَسوقَ الشّاءَ
عَلِمَ الرّومُ أنّ غَزْوَكَ ما كا
نَ عِقاباً لَهُمْ، وَلَكِنْ فَنَاءَ
بِسَباءٍ سَقَاهُمُ البَينَ صِرْفاً،
وَبِقَتْلٍ نَسُوا لَدَيْهِ السَّبَاءَ
يَوْمَ فَرّقْتَ مِنْ كَتائِبِ آرَاك
كَ جُنْداً لا يأخُذونَ عَطَاءَ
بَينَ ضَرْبٍ يُفَلّقُ الهَامَ أنْصَا
فاً، وَطَعْنٍ يُفَرِّجُ الغُمَاءَ
وَبِوْدّ العَدُوّ لَوْ تُضْعِفُ الجَيْـ
ـشَ عَلَيْهِمْ وَتَصرِفُ الآرَاءَ
خَلَقَ الله يا مُحَمّدُ أخْلاقـ
ـَكَ مَجْداً في طَيِّءٍ، وَسَنَاءَ
فإذا ما رِياحُ جُودِكَ هَبّتْ،
صَارَ قَوْلُ العُذّالِ فيهَا هَبَاءَ

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أَقولُ للشّامِت لمّا بدا
أَقولُ للشّامِت لمّا بدا
رقم القصيدة : 22460
-----------------------------------
أَقولُ للشّامِت لمّا بدا
يكثرُ بالتَّعنيف والشَّينِ
أليسَ يكفيني فخاراً وقد
أصبحتُ في قيدِ وزيرين

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سأَبكي وأَستبكي عليك المعاليا
سأَبكي وأَستبكي عليك المعاليا
رقم القصيدة : 22461
-----------------------------------
سأَبكي وأَستبكي عليك المعاليا
وأسْكُبُ من عَيني الدموعَ الجواريا
وأَصْلى لظى نار الأسى كلّما أرى
مكانك ما قد كان بالأمس خاليا
وإنْ لم يكن يجدي البكاءُ ولم يعدْ
عليَّ الأسى من ذلك العهد ماضيا
ومن حقِّ مثلي أنْ يذوب حشاشة ً
من الحزن أو يبكي الديار الخواليا
خلتْ من أبي محمود دار عهدتها
تضيء به أرجاءها والنواحيا
تنوَّرها من كلّ فجٍّ مؤمّلٌ
وطارق ليلٍ يبتغي العزَّ راجيا
على ثقة ٍ بالنَّيل مما يرومه
يعاني السُّرى ليلاً ويطوي الفيافيا
إذا بَلَغَتْ آل الجميل ركابه
فقد فاز بالجدوى ونال الأمانيا
ولما مضى عبد الغني مَضَتْ به
صنايع برٍّ تستفاض أياديا
مضى أيها الماضي بك الجود والندى
وأصبحَ روض الفضل بعدك ذاويا
لئِنْ كنتُ أغدو من جميلك ضاحكاً
لقد رحتُ ألفى موجع القلب باكيا
وقد كنتُ ألقى الخيرَ عندك كلَّه
إلى أنْ قضى الرحمن أنْ لا تلاقيا
فقدناك فقدانِ الغمامة أقلعتْ
وقد ألْبَسَتْ برد الربيع اليمانيا
وكان مرادي أنْ أكون لك الفدى
ولكن أراد الله غير مراديا
على هذه الدينا العَفا بعد باسلٍ
عقير المنايا يعقر الليث جاثيا
ولو أنَّ قَرْماً يفتدى من مَنِيَّة ٍ
ويمضي بما يفدي من الموت ناجيا
فدتكَ صناديدُ الرجال وأرخصتْ
نفوساً أهانتها المنايا غواليا
لقيتُ بك الأيامَ غرّاً فأصبحت
بفقدك يا شمس الوجود لياليا
وما كنتُ أخشى أنْ أراعَ بحادثٍ
يجرُّ إليَّ القارعات الدواهيا
وفي نظر من عين لطفك شاملي
لقد كنتَ مرعيّاً وقد كنتَ راعيا
وكنتُ إذا يمَّمتُ جودك ساخطاً
على الدهر أمضي من جميلك راضيا
أمرُّ على ناديك بعدك قائلاً
سُقِيتَ الحيا المنهلَّ بالوبل ناديا
وأذكرُ ما أَوْلَيْتَني من صنايع
من البرّ معروفاً وما كنت ناسيا
وكنتُ متى أسعى إليكَ بحاجة
حَمِدْتُ لدى علياك فيك المساعيا
فيا جَبَلاً ساروا به لضريحه
يطاول بالمجد الجبال الرواسيا
وفي رحمة الرحمن أصبحتَ ثاويا
تبوَّأتَ منها مقعدَ الصدق مكرماً
ونلْتَ مقاماً عند ربك عالياً
وغودِرْتَ في دار النعيم مخلَّداً
وفارقْتَ إذ فارقْتَ ما كان فانيا
أناعٍ نعاه معلناً بوفاته
أَسْمَعْتَ أَمْ أَصْمَمْتَ، ويحك ناعيا
شققت قلوباً لا جيوباً وأذرفتْ
إلى جَنَّة ِ الفردوس والعفو والرضى
وأسرعتَ إحراقَ القلوب صوادياً
وعاجلتَ إهراق الدموع سواقيا
رُوَيْدَك ما أبقيتَ بالجود مطمعاً
ولا لذوي الحاجات في الناس راجيا
نَعَيْتَ إلى العلياء أَفلاذَ قلبِها
وأدميتَ منها مهجة ً ومآقيا
ومما يريعُ الرُّوحَ قولك بعده
لنفسي بنفسي خاطباً ومناجياً
فيا ليتني ذقتُ المنيَّة قلبه
ولم أَرَ فيه ما يشيب النواصيا
صروف المنايا العاديات كأنَّها
تخال الكرام الأنجبين أعاديا
قضى الله بالأمر الذي قد قضى به
وكان قضاء الله في الخلق جاريا
أقلِّبُ طرفي بالرجال وأغتدي
لنفسي خاطباً ومناجياً
تبدَّلتِ الشُّمُّ العرانين والتوتْ
بهم بدهى ً دهياء تُصمي المراقيا
ولم يَبْقَ في بغداد من لو فقدْتُهُ
أَسَيْتُ له أو كان للحزن آسيا
لقد زالت الشُّمُّ الرواسي فلم نبلْ
إذا زلزلتْ بعدَ الجبال الرواسيا
سُقِيتَ الغوادي طالما قد سَقَيْتَني
فما تُدْرَكُ الآمالُ إلاّ أمانيا
وحيّاك منهلٌّ من المزن رائحاً
وحيَّاك منهلٌّ من المزن غاديا
ترحَّات عنا لا ملالاً ولا قلى ً
وهل يعرف السلوانُ بعدك ساليا
وحال الثرى بيني وبينك بالردى
فما تدركُ الآمالُ إلاّ ما أمانيا
كأَنَّك لم تُولِ ولم تُنِل
جزيلاً ولم تطلق من الأسر عانيا
عزاءً بني عبد الغنيّ فإنّكم
فقدتم به ظلاً على الخلق ضافيا
ودِرعاً حصيناً يعلَمُ الله أنَّه
مدى الدهر لم يبرح من الدهر واقيا
بنى لكم المجد الأثيلَ الذي بنى
ولا تهدمُ الأيام ما كان بانيا
إذا بزغتْ منه نجومُ مناقبٍ
أباهي بساريها النجوم السوارايا
لِمَن أنظِمُ الشعر الذي دَقَّ لفظه
ورقَّ أساليباً وراق معانيا
وما كان يحلو لي القريض ونظمه
إذا لم يكن في ذكره الشعر حاليا
وأقسمُ لو لامستُ قبرك فالغنى
وحقّك مرجوُّ الحصول به ليا
أَخَذْتَ المزايا والمكارم كلّها
جميعاً فما أبْقَيْتَ للناس باقيا
مَضَيْتَ ولم يُعْقِبْ لك الدهر ثانيا
يُراعُ بك الخطبُ المهولُ وتُنتَضى
على حادث الأيام عضباً يمانياً
وكم نعمة أوليتها وحسرة
غَدَوْتُ بها من لوعة البين شاكيا
إذا نَثَرتْ عيني عليك دموعَها
نظمتُ لأحزاني عليك القوافيا
وقد كنتُ أشتاق المدائِحَ قبلَها
وبعدك لا أشتاق إلاّ المراثيا
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ناحتْ مطوَّقة ٌ في البان تزعجني
ناحتْ مطوَّقة ٌ في البان تزعجني
رقم القصيدة : 22462
-----------------------------------
ناحتْ مطوَّقة ٌ في البان تزعجني
بما تهيّجُ من وجدي وأشجاني
كأنَّما هي إذ تشدو على فنن
تشدو بذكر أصيحابي وجيراني
يا ورقُ مالكِ، لا ألفٌ أصبتِ به
ولا تناءَيْتِ عن دار وأوطان
فإنْ بكيتِ كما أبكي على سكن
فأينَ منك همول المدمع القاني
إنّي لفي نار وجدٍ لا خمود لها
وأنتِ حَشْوَ جِنانٍ ذات أفنان
وفي الحشاشة ما ألقاه من ظمأٍ
إلى غرير بماء الحسن ريّان
إذا جنى الطرف مني عنده نظراً
أماتني طرفهُ الجاني وأحياني
كنّا وكان وأيامي بذي سَلَمٍ
بيضٌ وقد صارمتني منذ أزمان
فهل يُبَلُّ غليلُ الوجد بعدهم
من مُغرَمٍ دَنْفٍ يا سعد ظمآن
يا سَعْدُ لا الوعدُ بالقاصي أرِقت له
ولا إصطباري بعد النأي بالداني
ولستُ أَنْفَكُّ والأحشاء ظامئة
وإنْ سَقْتْها بوبل الدمع أجفاني
أصبو إذا سَجَعَت في البان ساجعة
وقد أراعُ لذكر البين والبان

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> جدَّ في وجده بكم فعلاما
جدَّ في وجده بكم فعلاما
رقم القصيدة : 22463
-----------------------------------
جدَّ في وجده بكم فعلاما
عذلَ العاذلُ المحبَّ ولاما
ما درى لا درى بصبوة عانٍ
وجدَ الوجدَ في هواكم فهاما
يستلذُّ العذابَ من جهة الحبّ
ويحتار في الشفاء السقاما
أيها النازحون عنّا بقلبٍ
أَخْلقَ الصَّبرَ وکستجد الهياما
علّلونا منكم ولو بنسيمٍ
يحملُ الشيّحَ عنكم والخزامى
وائذنوا للخيال يطرقُ ليلاً
أنْ يزور الخيالُ منكم مناما
لست أدري ولا المفنِّدُ يدري
أملاً ما يزيدني أمْ غراما
أَينَ عهدُ الهوى بآرام نجدٍ
وبلوغِ المشوق فيها المراما
ذكّراني بها مَسَرَّات عيشٍ
ليتَه عادَ بعد ذاك وداما
وابكياها معي وإنْ كنتُ أولى
عبرة ً منكما عليها انسجاما
ربما يَنْفَعُ البكاى غليلاً
أَو تَبُلُّ الدموعُ منّا أواما
وبنفسي أحبَّة ً أوقدوها
لوعة ً في الحشا فشبَّتْ ضراما
حرموا عيني الكرى يوم بانوا
واستباحوا دمي وكان حراما
يا لقومي وكلّ آية عذر
تعذر المستهام من أنْ يلاما
كيف ينجو من الصبابة صبٌّ
فَوَّقَتْ نحوه العيونُ سهاما
ورَمَتْه بسهمها فأَصابت
حين أصمتْ فؤاده المستهاما
ـلم ظهوراً وترفع الإيهاما
بعدَ أنْ أصبحتْ طلولاً رماما
ليت شعري وأينَ أيام فَروى
أفكانت أيّامها أحلاما
يُنْبِتُ الحُسْنُ في ثراها غصوناً
كلُّ غصن يُقِلُّ بدراً تماما
من لصادٍ ظامي الحَشا يَتَلظّى
غلة ً في فؤاده واضطراما
لو رشفنا الحياة من ريق ألمى
ما شكونا من الجوى آلاما
لا تنوب المدام عن رشفاتٍ
من شِفاهٍ تَعافُ فيها المداما
حبّذا العيش والمدامُ مدامٌ
ذلك العصر والندامى ندامى
فسقاها الغمام أَرْبُعَ لهوٍ
كلَّما استسقتِ الديارُ الغماما
كان صحبي بها وكنّا جميعاً
نُشْبِهُ العِقْدَ بهجة ً وانتظاما
فإذا عنَّ ذكرهم لفؤادي
قعدَ الوجدُ بالفؤاد وقاما
أترى في الأنجاب كکبن عليٍّ
وهو عبد الرحمن شهماً هماما
ناشئٌ في الشباب في طاعة اللـ
ـه فكان الصَّوام والقواما
لا ينال الشيطانُ منه مراماً
ثقة ً منه بالتقى وکعتصاما
يرتقي في الكمال يوماً فيوماً
ويسودُ الرجال عاماً فعاماً
فطنة تكشف الغوامض في العلم
ظهوراً وترفع الإبهاما
فتراه إذا تَأَمَّلْتَ فيه
ألهمَ العلمَ والحجى إلهاما
زانه الله بالتقى وحَباه
عفَّة ً في طباعه واحتشاما
طاهرٌ لا يَمَسُّه دَنَسُ السُّـ
ـوءِ عَفافاً ولا يُداني أثاما
فيه من جَدِّه مناقِبُ شتّى
مُدهشاتُ الأفكارَ والأفهاما
من أراه الترياق من ضرر السُّمِّ
ـمِّ أراه على العدوِّ سماما
فرع آل البيت الذي شرَّف الله
ـهُ وأعلاهمُ لديه مقاما
فتمسَّكْ بهم ولذ بحماهم
فهمُ العروة التي لا انفصاما
يبعث الله منهم كلَّ عصرٍ
علماءَ أفاضلاً أعلاما
يمحقون الضَّلال من ظلمة الكفر
ـر كما يمحق الضياءُ الظلاما
ينفقون الأوالَ حبّاً لوجه الله
منهم ويطعمون الطعاما
دَحَضوا الغيَّ بالرشاد فما
زالوا إلى الله يرشدون الأناما
كلَّما استبشروا بميلاد طفلٍ
بشّرٍ المسلمينَ والإسلاما
وينال الوليدُ منهم علاءً
قبلَ أنْ يبلغَ الوليدُ الفطاما
نَوَّلُوا وابِلاً وجادوا غيوثاً
وکستَهلُّوا بشاشة وابتساما
لو سألتَ العلى أجابتكَ عنهم
أو سألتَ السيوفَ والأقلاما
لا يضام النزيلُ فيهم بحالٍ
وأبى الله جارهم أنْ يضاما
بلغوا غاية المعالي قعوداً
تعجز الراغبين فيها قياما
بأَبي سيداً تهلَّلَ طفلاً
وزكا عنصراً وساد غلاما
وكأنّي به وقد وَلِيَ الأَمْرَ
وأضحى للعارفين إماما
هكذا تُخْبِرُ السعادة عَنْه
ويطيلُ العرفانُ فيه الكلاما
يتَحلَّى من فضله بِحُلِيٍّ
نَظَمَتْه غرُّ القوافي نظاما

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> فديتك لا ترجو لنطقي تكلُّما
فديتك لا ترجو لنطقي تكلُّما
رقم القصيدة : 22464
-----------------------------------
فديتك لا ترجو لنطقي تكلُّما
فإنَّ يراعي عن لساني يترجِمُ
غرقتُ ببحرٍ من نوالك سيّدي
فكيفَ غريقٌ عائمٌ يتكلَّمُ
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ومالكة ٍ رقّي وما أنا ملكها
ومالكة ٍ رقّي وما أنا ملكها
رقم القصيدة : 22465
-----------------------------------
ومالكة ٍ رقّي وما أنا ملكها
أقولُ لها سَلمى مَلَكْتِ فأَرْفقي
لئنْ كنتِ صدَّقْتِ الوشاة َ بأنَّني
سلوتُ فما قالوه غيرُ مصدَّقِ
وبي شاهد منّي على ما أقوله
وإنْ كنتِ في شكٍّ مريب فحقّقي
يقيّدُني حِبّيْك فالدمع مطْلَقٌ
عَليك وقلبي في الهوى غير مطلق
ولم أنسَ إذ زارت على حين غفلة ٍ
تميس كغصن البان بالحلي مورق
وبتنا ولا واشٍ هناك وساعدي
يطوّقها إذ ذاك أيّ تطوّق
ودارَ من الأشواق بيني وبينها
حديثُ عتاب كالرحيق المعتّق
وكيف تراها ليلة طاب عيشها
وعهدي بطيب العيش قبل التفرق
إلى أَنْ تجلّى صارم الفجر وکنجلى
ومزّقَ بُرْدَ الفجر كلَّ ممَّزق
وقالت سليمى نلتقي بعد هذه
فقلتُ خذي روحي إلى حين نلتقي

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هو الوَجْدُ يا ظمياءُ منكِ وَجَدْتُه
هو الوَجْدُ يا ظمياءُ منكِ وَجَدْتُه
رقم القصيدة : 22466
-----------------------------------
هو الوَجْدُ يا ظمياءُ منكِ وَجَدْتُه
يحمِّلني في الحبّ ما لا أطيقُه
إذا قيل لي وجدٌ فقلبي حريقه
وإن قيل لي دمع فطرفي غريقه
وحسبك من صبّ يروع فؤاده
سنا بارقٍ يحكي فؤادي خفوقه
وكلُّ وميضٍ يا سُليمى يروعُه
وكلُّ هوى ً من آل ميٍّ يشوقه

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يقول لي النَّصوحُ هلكتَ وجداً
يقول لي النَّصوحُ هلكتَ وجداً
رقم القصيدة : 22467
-----------------------------------
يقول لي النَّصوحُ هلكتَ وجداً
بمن تهوى وما كذبَ النصوحُ
وقال إلى متى تبكي رسوماً
عفتهنّ الجنوب وكم تنوح
فغضّ الطرف عن طللٍ قديمٍ
فقد أودى بك الطرف الطموح
تلوح لعينيكِ الدّمن البوالي
وقد تخفى وآونة ً تلوح
أراعك ما ترى من رسم دارٍ
وطار بقلبك البرق اللموح
فخفّضْ من فؤادك حين يبدو
لعينك بارقٌ وتَهُبُّ ريح
وفي الأطلال ما تشكو إليها
من البلوى ولكن لا تبوح
محث آثارها للحيّ نأيٌ
وممَّن أنْتَ تهواه نزوح
كما مُحِيَتْ سطورٌ من كتابٍ
وما يدري لها عندي شروح
وقد راحت ركائب آل ميٍّ
فما راحت وللمشتاق روح
فقلتُ نعم ولي جفن قريح
بعبرته ولي قلبٌ جريح
أروح على منازلها وأغدو
فأغدو يا هذيم كما أروح
لئن جاد السحاب وجاد طرفي
أريتُ الدهرَ أيَّهما الشحيح
فدعني يا هذيم بها لعلّي
أموتُ من الغرام وأستريح

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> نَسيمُ الصَّبا أَهدى إلى القلب ما أهدى
نَسيمُ الصَّبا أَهدى إلى القلب ما أهدى
رقم القصيدة : 22468
-----------------------------------
نَسيمُ الصَّبا أَهدى إلى القلب ما أهدى
وقد حملتْ أرواحها الشيحَ والرندا
ولي كَبدٌ حرَّى لعلّي أرى بها
بريّا نسيمٍ مرَّ بي سحراً بردا
فأَصْبَحتُ أذري الدمع فذّاً وتَوْأماً
تخذُّ على خدَّيَّ حينئذ خدّا
كأَنّي کعْتَصَرْتُ المعصرات بأَعْين
نثرنَ غداة َ البين من لؤلؤ عقدا
فما بلَّ ذاك الدمع منّي حشاشة
أبى الله إلاَّ أنْ تضرّم لي وقدا
ولام أُصَيْحابي فؤاداً متيَّماً
فما نَفَعَ اللومُ الفؤادَ ولا أجدى
ذكرتُهم والدمع يجري فلم أكنْ
مَلَكْتُ لذاك الدمع يوم جرى ردّا
وبتُّ أداري مهجة ً لم أجِدْ لها
خَلاصاً من الأشجان يوماً ولا بُدَّا
وقلتُ لسعدٍ دَعْ ملامَك في الهوى
فمن زادني لوماً فقد زادني وجدا
يُهَيّجُ وَجْدي وهو غير مساعدي
وما أنا لاقٍ منه إنْ لامني سعدا
يقولَ اصطبر عمَّن تحبّ وإنّني
يريني الهوى من دون ما قاله سدّا
و لاتشمِ البرق ايماني فإنَّه
متى لاح أوْرى في حشاشتك الزندا
وإيّاك إيّاك الصَّريم وأهلهَ
فإنّ الظباءَ العُفْرَ تقتنص الأُسدا
وهل نافعٌ ما قال من بعد ما رمى
لعينيه ريم الجزع سهم الردى عمدا
بنفسي الغزالُ القانصي بلواحظٍ
من السّحرِ مرضى تمنع الأسدَ الوردا
إذا ما رَمَيْن القلبَ سهماً أَصَبْنَه
كأنْ قَصَدَتْ في قتل عاشقها قصدا
به أربي يا هل ترى هذه النوى
تُبَدّلُنا بالقرب من بُعدِها بعدا
أرى النفس لا تهوى سوى من تَوَدُّه
ولم تتكَّلفْ مهجة ُ الوامق الودّا
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> عشتَ الزمان بخفض العيش منتصبا
عشتَ الزمان بخفض العيش منتصبا
رقم القصيدة : 22469
-----------------------------------
عشتَ الزمان بخفض العيش منتصبا
لا علَّة تشتكي فيه ولا وصبا
والحمد لله شكرانا لنعمته
أقضي به من حقوق الشكر ما وجبا
فاليوم أَلْبَسَكَ الرحمَن عافية ً
تبقى ورَدَّ عليك الله ما سلبا
من بعد ما مرضٍ برحٍ أصبتَ به
وكنتَ لاقيتَ مما تشتكي نصبا
وكم شربتَ دواءً كنت تكرَهُهُ
فكان عافية ً فيه لمن شربا
وقد ظهرتَ ظهورَ الصُّبح منبلجاً
فطالما كنتَ قبل اليوم محتجبا
تَفديك روحي وأمّي في الورى وأبي
فإنّما أنتَ خيرُ المنجيين أبا
لي فيك مولاي عن بدر الدجى عِوَضٌ
إنْ لاح بدر الدجى عني وإنْ غربا
يا بدرَ تمٍّ بأفق المجد مطلعه
من قال إنَّك بدرُ التّمّ ما كذبا
إنْ رمتُ منك مراماً نلت غايته
وإنْ طلبتُ منى ً أدركتها طلبا
وإنْ هززتك للجدوى هززتُ فتى ً
أجني به الفضَّة َ البيضاءَ والذهبا
يا أكرمَ الناس في فضلٍ وفي كرمٍ
ومن رآك رآى من فضلك العجبا
لم يذّخرْ في الندى مالاً ولا نشباً
إنَّ المكارم لا تبقي له نشبا
هب لي رضاكِ وأتْحِفْني به كرماً
فأنتَ أكرمُ من أعطى ومن وهبا
ما زلتُ إنْ لم أَجِدْ لي للغنى سبباً
وَجَدْتَ لي أَنْتَ في نيل الغنى سببا
يَرِقُّ فيك ثنائي بالقريض كما
تنفَّسَتْ في رياض الحُزن ريحُ صَبا
ولاشعر يرتاح أنْ يثنى عليك به
وإنْ دعاه سواكم للثناء أبى
فخراً أبا مصطفى في العيش صفوته
فقد تكدَّرَ عيشي فيك واضطربا
لما انقلبتَ كما نبغي بعافية
بنعمة ِ الله قد أصبحت منقلبا
وقلتُ يوم سروري يا مَؤرِّخَه
يومٌ به البوسُ عن سلمان قد ذهبا

العصر العباسي >> البحتري >> أمواهب هاتيك أم أنواء
أمواهب هاتيك أم أنواء
رقم القصيدة : 2247
-----------------------------------
أمَوَاهِبٌ هَاتِيكَ أمْ أنْوَاءُ
هُطُلٌ، وَأخْذٌ ذَاكَ أمْ إعْطَاءُ
إنْ دامَ ذا، أوْ بعضُ ذا مِن فعْل ذا،
فني السّخاءُ، فلا يُحَسُّ سَخاءُ
لَيْسَ التي ضَلّتْ تَمِيمٌ وَسْطَهَا الـ
ـدّهْناءُ، لا بَلْ صَدرُكَ الدّهْناءُ
مَلِكٌ أغَرُّ لآلِ طَلْحَةَ فَجْرُهُ،
كَفّاهُ أرْضٌ سَمْحَةٌ وَسَمَاءُ
وَشَريفُ أشْرَافٍ، إذا احتكّتْ بهِمْ
جُرْبُ القبائِلِ، أحْسنوا وَأساءوا
لَهُمُ الفِناءُ الرّحبُ، والبيْتُ الذي
أدَدٌ أوَاخٍ حَوْلَهُ، وَفِناءُ
وَخُؤولَةٌ في هاشِمٍ ودَّ العِدَى
أنْ لمْ تَكُنْ، وَلهُمْ بِهَا ما شاءوا
بَينَ العَواتِكِ وَالفوَاطِمِ مُنْتَمىً
يَزْكُو به الأخوال والآباء
أ محمد بن علي اسمع عذرة
فيها دَوَاءٌ للْمُسيءِ، وَدَاءُ
مَا لي إذا ذُكِرَ الوَفَاءُ رَأيْتُني
ما لي مع النَّفَرِ الكِرَامِ، وَفَاءُ
يضْفو عليّ العَذْلُ، وَهُوَ مُقارِبٌ،
وَيَضِيقُ عنّي العُذْرُ، وَهْوَ فَضَاءُ
إني هجرتُكَ، إذ هجرَتُكَ، وَحشَةً،
لا العَوْدُ يُّذْهِبُها، ولا الإبْداءُ
أخْجَلْتَني بِنَدَى يدَيْكَ، فسوّدَتْ
ما بَيْنَنَا تِلْكَ اليَدُ البيْضَاءُ
وَقَطَعْتَني بالجُودِ، حَتّى إنّني
مُتَخَوّفٌ ألاّ يَكُونَ لِقَاءُ
صِلَةٌ غَدَتْ في النّاس، وَهْيَ قطِيعةٌ
عَجَبٌ، وَبِرٌّ رَاحَ وَهْوَ جَفاءُ
لَيُواصِلَنّكَ رَكْبُ شِعْرٍ سائِرٍ،
يَرْوِيهِ فِيكَ، لحُسنِهِ، الأعْدَاءُ
حَتّى يَتِمّ لكَ الثّناءُ مُخَلَّداً
أبَدأ، كما تمّتْ ليَ النّعْمَاءُ
فَتَظَلّ تحسِدُكَ المُلوكُ الصّيدُ بي،
وَأظَلّ يحْسِدُني بِكَ الشّعَرَاءُ

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> فتنَ الأنامَ بطرفه وبجيده
فتنَ الأنامَ بطرفه وبجيده
رقم القصيدة : 22470
-----------------------------------
فتنَ الأنامَ بطرفه وبجيده
وأبى الهوى إلاّ تلافَ عميده
مُتَمنِّعٌ وَعَدَ المشوقَ بزَورة ٍ
يا ليتَه ممَّن يفي بوعوده
أنّى أفوزُ بطارق من طيفه
ما دام هذا الطيف في تسهيده
رشأٌ يصولُ بحدّ صارم ناظر
وَقَفَتْ أُسُودُ الغاب عند حدوده
فليحذر الصَّمصام من لحظاته
والصعدة السمراء من أملوده
تالله ما يحي المتيَّم وصله
إلاّ مميت سلوّهِ بصدوده
شهدت محاسنه بجهل عذوله
وأقام حجّة حسنة بشهوده
ولكم عصيتُ مفنّداً في حبّه
ورأيتُ عكس الرأي في تفنيده
وأقول إذ نبتَ العذار بخدّه
وَرَد الربيع فمرحباً بوروده
ولقد ظفِرْتُ به برغم عواذلي
وضمَمْتُه ولَثِمْتُ وَرْدَ خدوده
وشكرته حرَّ الفؤاد من الجوى
شوقاً إليه فجاد في تبريده
في مجلس عبقت أرائج ندّه
وتنِفَّسَتْ فيه مباخر عوده
والليل يرفل باسوداد ردائه
والرَّوضِ يزهر باخضرار بروده
ويدير شمس الراح في غسق الدجى
نظمت قوافي الشعر في تمجيده
والنَّجمُ يرقبه بعين رقيبه
والبدر يلحظه بلحظ حسوده
والزّقُّ تصْرَعُه السُّقاة وربَّما
قَطَعَتْ يدُ الندمان حبلَ وريده
حتَّى رأيتُ يسقط فوقنا
في نثر لؤلؤه ونظم عقوده
وتفتَّحَ النّوارُ في أكمامه
فكأنَّما النّوارُ أوجهُ غيده
وإذا القيان تجاوَبَتْ بلُحونها
طَرب الحَمامُ فَلَجَّ في تغريده
سفرتْ محاسنُ زهر روض زاهر
وتمايلتْ إذ ذاك هيف قدوده
والبان يركع فالنسيم إذا سرى
وَصَلَ النسيمُ ركوعَه بسجوده
إنْ تنهبوا الّلّذات قبل فواتها
وهبَ الزّمان شقيَّه لسعيده
ودعاكم داعي الصَّبوح وإنّه
ليقوم سيفُ الصُّبح في تأييده
أو ما ترون الأقحوان وضحكه
من حَضّ داعيكم ومن تأكيده
وشقائِق النّعمان كيفَ تَضَرَّجَتْ
بدَمٍ فظنَّ الكرمُ من عنقوده
فخذوا بكأس الراح في تجديده
يومٌ به سلمان وافى مقبلاً
قد كان للمشتاق أكبرَ عيده
قرَّتْ به عين المفارق طلعة ً
قُمْرِيَّة بحضوره وشهوده
في فقده السرور وإنّما
وجدَ السرور جميعه بوجوده
وتَوَّلَّدَ الفَرَح المقيمُ لأهْلِه
وأجادَ طيبَ العيش في توليده
فكأنَّه فَلَقُ الصَّباح إذا بدا
في رفع رايته وخفق بنوده
فالسعدُ والإقبال من خدّامه
لا بل هما في الرِقّ بعض عبيده
ظفرتْ يدي منه بأكرم ماجدٍ
ما زال مجتهداً بكلّ صنيعة ٍ
يدعو الكريمُ بها إلى تقليده
المال ما ملكته راحة ُ كفه
فَدَعَتْه شيمتُه إلى تبديده
تُغني مواهبه الحطام تَكَرُّماً
نَشْراً لذكر ثنائه وحميده
إنّي لأذكره وأُنْشِدُ مَدْحَه
وأميلَ الغصن عند نشيده
ومشيد أبنية المفاخر والعلى
تسمو بيوت المجد في تشيده
إنْ عَدَّتِ الناس الفخار فإنّه
إنْسانُ مقلته وبيت قصيده
الله أكرمَ آلَ بيتِ محمّدٍ
حيث اصطفاهم من كرام عبيده
حازوا من الشرف الرفيع أبِيَّهُ
فهمُ ولاة ُ طريفه وتليده
وإذا تَوَّرثَ والدٌ منهُمْ عُلى ً
لا يورثُ العلياءَ غيرَ وليده
ما للبنين الغُرِّ من آبائه
أم أين للآباء مثل جدوده
نفسي الفداءُ له وقلَّ له الفدى
من كان للإحسان غارس عوده
الله يعْلَمُ والبريّة ُ كلُّها
أنّي أفوز بعزّه وبجوده
أقبلت إقبال السحاب تباشرت
زهر الرُّبا ببروقه ورعوده
قد غبتَ عن بغداد غيبة حاضرٍ
في فكر صاحبه وقلب ودوده
وإذا طلعتَ على الأحبَّة بعدها
فمُوفَّقٌ كلُّ إلى مقصوده
يا من يَسُرُّ الأنجبين قدومُه
كسروره بضيوفه ووفوده
فلقد ركِبْتَ الوَعَرِ غيرَ مقصّرٍ
وقَطَعْتَ يومئذٍ فدافد بيده
ولقد تَعِبْتَ فخذُ لنفسك راحة ً
وکطلق عنان الأُنس من تقييده
واسرح من الّلذات في متنزَّهٍ
خَلَطَ الغرامُ ظِباءَه بأسُوده
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> بَرَّح الشّوقُ أُصْيْحابيَ بي
بَرَّح الشّوقُ أُصْيْحابيَ بي
رقم القصيدة : 22471
-----------------------------------
بَرَّح الشّوقُ أُصْيْحابيَ بي
وبما برَّح بي قد فتكا
هي نفسٌ لا بذنب قتلتْ
ودمٌ في غير جرم سفكا
آنساتٌ من ظباء المنحنى
نصبتْ لي من هواها شركا
يا ظباءَ المنحنى أنْقِذْنَه
من هواكنَّ وإلاّ هلكا
وصبابات جوى ً ما وَجَدَتْ
بسوى قلبي لها معتركا
ولأنتم ساكني وادي الغضا
فيكم الشكوى ومنكم ما شكا
كنتم أقمارها طالعة ً
في مغانيها وكانت فَلَكا
فأثرتمْ بعدها وخّادة ً
لطمتْ وجه الفيافي رتكا
ليت شعري يومَ ولّى ركبكم
للنوى أيَّ طريق سلكا
وأحاديثُ المنى ما صَدَقَتْ
بتدانيكم وأضحت أفكا
فسقاكم وسقى عهدكم
عارض إنْ ضحك البرق بكى

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> شفها السَّيرُ والأسى والغرامُ
شفها السَّيرُ والأسى والغرامُ
رقم القصيدة : 22472
-----------------------------------
شفها السَّيرُ والأسى والغرامُ
ويراها الإنجادُ والإتهام
كم فرتْ مهمهاً وجابتْ قفاراً
واشتكتها الأوهاد والأعلام
فترفَّقْ بها فإنَّ حشاها
لو تأمَّلتها جوى ً وغرام
جعلتْ وردها من الماء عبّأً
أفيطفى من الدموع ضرام
كم ألمَّت بنا على آل ميٍّ
ونبا من دروسها الآلام
يوم لاح الحمى فقلت لصحبي
هذه دارهم وتلك الخيام
فنثرنا من الهوى عبراتٍ
فحسبنا أنَّ الدموعَ ركام
كلَّمتنا الديار وهي سكوتٌ
إنَّ بعضاً من السكوت كلام
ذكَّرَتْنا بها وما دام عيشاً
أَيُّ عيشٍ دامت له الأَيام
ما عَلِمنا حتى کنقضت وتولَّتْ
أنَّ أيامنا بها أحلام
إذ جلونا من الحميّا عروساً
بنت كرم لها الزجاج لثام
يا لها ساعة ً بمجلس أنس
غاب جام بها وأشْرَفَ جام
ضيَّعَتْها أيدي الحوادثِ منّا
مثلَ ما ضيَّعَ الجميلَ اللئام
نطلب الدهر أنْ يعود وهَيْها
ت يروّى من السَّراب الأوام
وبنفسي ذاك الغرير المفدى
ففؤادي بحيه مستهام
واشتياقي إلى ارتشاف رضاب
حَسَدَتْ ذلك الرضابَ المدام
يا غزالاً فدى ً لعينك قلبي
نظراتٌ أرسلتها، أمْ سهام؟
همتُ وجداً ودبتُ فيك هياما
وقليلٌ على هواك الهيام
كيف تخفى سريرة ُ الحبِّ عنكم
وأخو الوجد دَمْعُه نمّام
ظعنَ الركب ضحوة ً وأراني
لم يطب لي بعد الحبيب مقام
فاترك الهزل يوم جدَّ بجدِّ
إنْ هزل المقام بالشهم ذام
واطلب العزَّ بالقنا والمواضي
إنّما العزّ ذابل وحسام
فمرام المنى ونيل المعالي
بسوى البيض والقنا لا يرام
وتمسَّك بسَمْهريّ وشيج
فالعوالي إلى المعالي زمام
وکقتحمها إذا نَبَتْ بك يوماً
فأرى المجد بابه الاقتحام
وکدفع الشرّ إنْ عَلِمتَ بشرٍّ
ربَّما يدفع السَقامَ السقامُ
فمتى تكبر العزائم بأساً
صَغُرَتْ عندها الأمور العظام
وَتَقَلَّدْ بالرأي قبل المواضي
ليس يجدي بغير رأي صِدام
ربَّ رأي بالخطب يفعل مالا
يفعل السَّمْهريُّ والصمصام
وکحْذِر الغَدْرَ من طباع لئيم
عنده الغدر بالصديق ذمام
وادَّخر للوغى مقالة َ حربٍ
لا تقوّي الأجسام إلاّ العظام
لا تلومي فتى ً يخوض المنايا
كلُّ جبنٍ من الحِمام حِمامُ
واصبري فالأسى سحابة ُ صيفٍ
وَلِرَبّي بأمره أحكام

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ناشداها عن فؤادي وسلاها
ناشداها عن فؤادي وسلاها
رقم القصيدة : 22473
-----------------------------------
ناشداها عن فؤادي وسلاها
أهوى ً غيرُ هواها قد سلاها؟
واذكراني يا خليليَّ لها
فَعَساها تَرحَمُ الصَّبَّ عساها
وکسألا عن مهجة ٍ دامية ٍ
رُمِيَت سهمَ غرام، مَن رماها؟
لا أبيت الليلَ إلاّ قلقاً
يمنع الوجد من العين كراها
يا غراماً بالدّمى ما تنقضي
حسراتٌ بالحشا طال مداها
وقلبي ظبية الخدر التي
ليس يهوى صبُّها إلاّ هواها
تركتني أتلظّى وأرى
ذكر نفس الصبّ من تهوى لظاها
زعمتْ أنّي سالٍ بعدها
طلعة ً ما شاقني شيئاً سواها
لا ومن أسلو بها مغرى ً بها
وأذاب القلبَ وجداً ما سلاها
وسعى الواشي إليها بالذي
ساءَها حتى کستمرَّتْ بجفاها
هي صدَّتْ ريبة عن صبّها
فشكته يوم صدَّت وشكاها
لو درتْ إذ طلبت تعذيبه
ما يقاسي بهواها لكفاها
ما عليها في الهوى لو أنّها
سَمَعَتْ بالوصل يوماً لفتاها
فشقى داء الهوى من مهجة
علمَ الله بما ضمَّتْ حشاها
لستُ أنسى ليلة ً صحَّت بها
أعينُ الأزهار واعتلَّ صباها
وعناقي دمية القصر وقد
شغلت مقلة واشينا عماها
بت أُسقى ضَرَب الثغر ولا
أشربُ الخمرة إلاَّ من لماها
زَهْرَة ُ الدّنيا التي لا تجتنى
غير باعي في المعالي ما اجتناها
سوف أحظى بالتي أهوى وإنْ
مَنَعوها عن عيوني أنْ تراها
أترى تحجب عن ذي هِممٍ
كسيوف الهند بتّار شباها
لو رآى من دونها نار الوغى
تتلظّى بالمنايا لاصطلاها
لا ترقَّيْتُ العلى إنْ لم أكنْ
مْبلِغاً نفسيَ بالسيف مناها
فلئنْ خانَت أخلاّئي فما
خانني من هِمَمي ماضي ظباها
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> حائزَ الفضلِ والكمال جميعه
حائزَ الفضلِ والكمال جميعه
رقم القصيدة : 22474
-----------------------------------
حائزَ الفضلِ والكمال جميعه
أنتَ رأسُ العلى وصدرُ الشريعه
أنا أهوى غرائِب القول طبعاً
فأَعْرني يوماً كتابَ الطبيعه

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> متى يَشْتَفي كبدٌ مُؤلَمُ
متى يَشْتَفي كبدٌ مُؤلَمُ
رقم القصيدة : 22475
-----------------------------------
متى يَشْتَفي كبدٌ مُؤلَمُ
ويَقْضي لباناتِه مُغرَمُ؟
ويحظى بمطلبهِ آملٌ
بأَحشائه لوعة ٌ تُضْرَم
لقد قوَّضَ الركب يوم الخليط
فأنجدَ في قلبي المتْهِمُ
وروَّعني ضيفُ طيفٍ سرى
يُراعُ به كبدٌ مؤلم
خليليَّ هلْ وقفة في الديار
يسِحّ بها المدمَع المُسَجم؟
فإنّا وقفنا عليها ضحى ً
وكلٌّ من الركب مستغرم
وأفشى بسرّي دمع العيون
وسر الصبابة لا يكتم
فأَتْرُكُ خوف الوشاة البكا
وقد يترك المرءُ ما يلزم
إذا ما نسينا عهودَ الغوير
تذكّرنا عهدها الأرسمُ
فيا حبذا يومُنا بالعقيق
مضى وکنقضى يومُها الألْوَم
بحيث تلوح شموس الطلا
ولون الدجى فاحمٌ أسحم
إلى أنْ تبّدى كَميتُ الصباح
وأدبرَ من ليلنا الأدهمُ
تصرَّمَ عهدُ النّقا بالنوى
فما للتصبُّر لا يصرم
أتنكر قتلي، غزالَ الصَّريم
ويشهدُ لي خدُّك العندم؟
ففيمَ أرقتَ دمي عامداً
وحلَّلت في الحبّ ما يحرم؟
حكمتَ عليّ بأمر الغرام
وإنّي لحكمك مستسلم
وقلتُ لمن لامني في هواك
جَهِلتَ ثكلتك ما أعلم
وأرّقَني في الدجى بارقٌ
كما استلَّ من غمده مخذم
وشوّقَني لظِباءِ الحمى
فأَسْقَمَني والهوى يُسْقِم
عجبتُ وكيف وهنَّ الظباء
يُصاد بأجفانها الضّيغمُ
ويسلمُ من مرهفات السيوف
ومن لحظهنّ فلا يَسْلَم
ومن مثلهنَّ أخاف الصّدام
ويصدم مثلي ولا يصدم
هَوَيتكمُ يا أُهيل الحَطيم
وهذا الهوى كلُّه منكم
قضيتم على صبّكم بالعباد
وإنَّ قضاءَ النوى مبرم
فلم يصفُ لي بعدكم مشربٌ
ولا لذَّ لي بعدكم مطعم
وأصبرُ في مُعضَلات الخطوب
وصبر الفتى للفتى أسلم
وعرضي نقيٌّ وأنفي حميٌّ
وبأسي كعزميَ لا يُثلم
ولولا مكارم مفتي العراق
وما غيره المكرمُ المنعم
لما کعتذر الدهرُ من ذنبه
ولا استغفر الزمنُ المجرم
مناقبُ محمود محمودة ٌ
وفوق جباه العلى تُرقَم
رقيق الحواشي كريم الطباع
فهذا هو الأكرم الأشيم
يُنبّيء عن خَلقِه خُلقُه
ويؤذنُ في سيبه المبسمُ
فمنْ أمَّل الفضل من كفّه
وُجودَ أياديه لا يحرم
لأيديهِ في كلّ عنقٍ يدٌ
ومنها أفضيت لنا أنعم
ببأسك أقسِم لا حانثاً
وفي غير بأسك لا أقسم
لأنتَ الفريدُ بهذا الزمان
ومنهجُك المنهجُ الأقوم
وأنتَ الفخارُ ومنك الفخارُ
بمثلك فلْيَفْتَخر آدم
بنيتَ بنفسك بيتَ العلى
إلى أبد الدهر لا يُهدمُ
فَهِمْتَ الرموز من المشكلات
وغيرُك من ذا الذي يفهم
كشفتَ غوامض إشكالها
وفي كشْفكَ اتّضح المبهَمُ
وإنَّ لك الحُجَجَ البالغاتِ
يقرُّ بها المؤمنُ المسلم
جوابُك يا سيّدي مُسكِتٌ
ونُصْحُكَ يا سيّدي مُفحِمُ
يمرُّ بسَخْطك حلوُ المذاق
ويحلو بنائِلك العلقم
إذا ما كتبتَ فإنَّ اليراع
بأنملكَ السيفُ واللهذم
ونثرُك يُزري بعِقْد الجمان
قدرّ المعاني بها تنظم
قليلٌ بحقّك ما نِلتَه
وقَدرُك أكبر بل أعظم
نَشَرْتُ بحقّك طيَّ المديح
وفي مدحك الدين والدرهم
لأنّي بحضرتك المستجير
وإنّي بحبلك مستعصم
وفيك أَسُرُّ الوليَّ الحميمَ
وفيكَ أُنُوفَ العِدى أُرغم
أهنِّيكَ بالعيد يا عيدَنا
فأنتَ الهناءُ لنا والأعظم
بفَضْلِك رَغماً يُقِرُّ الحسُود
وينطقُ في مدحكَ الأبكم
أَجِزني رضاك فثَمَّ الغنى
لأنَّ رضاك هو المغنم

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> بحُكْمِك زالَ الظلمُ وکبتَسَم العَدلُ
بحُكْمِك زالَ الظلمُ وکبتَسَم العَدلُ
رقم القصيدة : 22476
-----------------------------------
بحُكْمِك زالَ الظلمُ وکبتَسَم العَدلُ
وفي سيفك الماضي وفي قولك الفعل
وما زلتَ ترقى رتبة ً بعد رتبة ٍ
ومثلُك من يسمو ومثلك من يعلو
وقُلِّدْتَ أمراً أنتَ في الناس أهلُه
ولا منصب في الحكم إلاّ له أهل
وقدّمتَ في أمر الوزير وإنّما
علينا له في مثل تقديمك الفضل
وقُمْتَ بتدبير العراق مقامَه
فما ضعضع الأقطارَ نصبٌ ولا عزل
وكادت تمور الأرض جهلاً فعندما
استقر عليها أمركَ ارتفع الجهل
يزينك عقلٌ راجح ورزانة
ألا إنّما الإنسان زينته العقل
وفيك کجتماع الفضل والحسن كلِّهِ
وأحسنُ ما فيك الشجاعة والبذل
أَطاعَتْك هذي الناس خوفاً ورغبة
فللطائع الجدوى وللمفسد القتل
وما زِلتَ مُذ وُلِّيتَ أمراً نظمته
حُسامُك مُستلٌ وسيبك منهل
وما أنا بالداري إذا كنت في الوغى
أعزمك أم ما کستُلّ في كفّك النصل
بنفسك باشرتَ الأمور جميعها
فلا وكلٌ عند المرام ولا كلُّ
إذا أطمعتك النفس بالشيء نلته
وإنْ وعدتك النفس شيئاً فلا مطل
ولست كمن يبغي الأمانيّ بعدما
تصرَّمتِ الآمال وانقطع الحبل
أحالوا على الرمل المانّي ضلّة
وأكذب شيء ما يقوله به الرمل
ولكنّما أنتَ الذي نال حزمه
مناه ولم يبعد عليه بها نيل
وفتَّحتَ أبوابَ المكارم بالندى
وكان عليها قبل تفتيحها قفل
ليهن العراقين الهناء فقد سرى
إليها المحض والنائل الجزل
عَقَدْتَ أموراً قد تمادى کنحلالها
ومثلُكَ من في أمره العقد والحلّ
وكم لك يوم ضرب والطعن موقف
هو الهَوْلُ بل من دون موقفه الهول
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أقولُ لها يومَ جدَّتْ بنا
أقولُ لها يومَ جدَّتْ بنا
رقم القصيدة : 22477
-----------------------------------
أقولُ لها يومَ جدَّتْ بنا
وقد أوجبَ المجدُ ترحالها
إلى حيث تهوى نفوس الكرام
وتبلُغُ بالعِزّ تسآلَها
لئن جزتِ بي أثلاث الغوير
وجُبْتِ الديارَ وأطلالها
سقيتك يا ناقُ من مائها
وقلتُ کشربي اليوم جريالها
ونشَّقْتُك الريحَ من حاجر
تجرُّ على الرَّند أذالها
رآها هذيم كأنَّ الغرام
يقطّع بالوجد أوصالها
متى ذكرت عهدها باللوى
أهاج التذكّرُ بلبالها
تُؤَمِّل في ذي الغضا وقفة ً
ويحرمها البين آمالها
فقال بها والهوى جنّة
وكم أتلفَ الشوقُ أمثالها
فلو صَبَرتْ عن ربوع الحمى
لكان التصبُّرُ أولى لها
وهل تقبل النفس مشغوفة
بمن هي تهواه عذّالها
عَرَفْتُ بآي الهوى ما بها
وأنْتَ تقول لنا ما لَها
وقالت ومن حالها يا هذيم
لسان يترجم أقوالها
نعمتُ زماناً بتلك الوجوه
وقاسيتُ من بعد أهوالها
حسبتِ بعنيك هذي الدموع
تريدين يا ناقُ إرسالَها
هَلُمّي بنا نستجَّد البكاءَ
فَقَدْ حَمَّلَ العينَ أثقالَها

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> مَن لِصَبٍّ مُسْتَطارِ القَلْب هائمْ
مَن لِصَبٍّ مُسْتَطارِ القَلْب هائمْ
رقم القصيدة : 22478
-----------------------------------
مَن لِصَبٍّ مُسْتَطارِ القَلْب هائمْ
يشتكي المهجة َ من رمحٍ وصارمْ
عاقدَ الحبَّ على أنْ لا يرى
في التصابي غير محلول العزائم
إنّما تفتك في أحشائه
نظرات ليس ترقيها التمائم
رحمة للصبِّ ما يشكو إلى
راحمٍ يوماً وهل للصبّ راحم
يا خليليَّ کنصفاني من جوى ً
أنا نظلومٌ به الشوق ظالم
ما لهذا البرق يهفو وامضاً
بات يبكيني نجيعاً وهو باسم
ويثير الوجْدَ يوري زنده
فاحمَ الليل وفرع الليل فاحم
أذكرُ العيش وأيّام الحمى
ناعمات العيش بالبيض النواعم
يا سقى الله الحمى من موطن
يزأرُ الليث به والظبي باغم
كم وكم قد فتكتْ فکنتصرْت
أعينُ الغزلان بالأسد الضراغم
وكميٍّ حازمٍ أَصْبَحَ في
قبضة الحبِّ وما ثمَّة َ حازم
نام عنّي غافلاً عن كمدي
رب ساع ساهِر الطرف لنائم
ويمجُّ الشَّهدَ من ريقته
ولحظّي منه تجريع العلاقم
حاربتني الأعينُ النجلُ ومن
مُهْجَتي غُذُّوا ومن لي أَنْ تسالم
ما أحلَّ القتل إلاَّ عامداً
مستبيحٌ سيفُ عينيه المحارم
معجبٌ من حسنه مبتسمٌ
يودعُ اللؤلؤ هاتيك المباسم
قاتلي من غير ذنبٍ في الهوى
أنتَ في قتلي رعاك الله آثم
سفكت أحداقك اسودَ دمي
أينَ من أحداقك البيض الصوارم
فِعْلُ أَلحاظك في عُشّاقها
يتعّدى بشباها وهو لازم
لي على قدّك نوحٌ في الدجى
مثلما ناحت على الغصن الحمائم
ساغ ما جرَّعتني من غصَّة ٍ
غير أَنّي عن جنى ريقك صائم
فَضَحَ الحبُّ الهوى في أهْلِهِ
وبدا من كاتمٍ ما هو كاتم
لا أرى الله عذولي راحة ً
لامني فيك فما أُصغي للائم
وبلائي كلُّه من لائم
باتَ يلحو وحبيبٍ ولا يلائم
والهوى داء كمين في الحشا
ليت شعري ما لهذا الداء حاسم
كان لي صبرٌ فما دام وما
كان صبر الصبّ بعد الصدّ دائم
كيف يسلو ذاكرٌ عهد الهوى
جدَّدَ الذكر لعهد متقادم
عَجَباً للشَّوْق يبني ما بنى
يا ترى يهدمه من بعدُ هادم
وبصدري زفرة ٌ لو كشفت
للصَّبا يومئذٍ هَبَّت سمائم
غير أَنّي والأماني جمَّة
لا أبالي وأبو سلمان سالم
سيّدٌ أمَّا نداه فالحيا
مستهلٌّ من سَحابٍ متراكم
فهو للصّادي إذا بلَّ الصدى
مَوْرِدٌ عذبٌ وبحرٌ متلاطم
شِمْتُ منه البَرق عُلْويَّ السنا
مُؤْذِنُ العارضِ بالغيث لشائم
كسَحاب القطر إلاَّ أنَّه
يتبع الساجم منهلاً بساجم
إنَّ مَن يرويك عنه خبراً
لا كمن يرويك عن كعب وحاتم
عن رسول الله عن أبنائه
ما رَوَيْنا من أحاديث المكارم
صفوة الله من الخلق وهم
عالم المعروف والناس عوالم
هم هداة الخلق لولا جدُّهُم
وهداهم كانت الخلق بهائم
آلَ بيتٍ خُلِقوا مذ خُلِقوا
للعلى ركناً وللدين دعائم
فتحَ الله علينا بهمُ
في مفاتيح العطايا والخواتم
حبّذا نَجْلُ عليٍّ إنَّه
عبقُ الأخلاق عطريُّ النسائم
قال من أَبْصَرَه مستبشراً
هكذا فلْتَكُ أبناءُ الأكارم
وارثٌ بعد أبيه في العلى
من بني هاشم ما أَوْرَثَ هاشم
شرفٌ محضٌ ومجدٌ باذخ
أيُّ فرعٍ من فروع الفخر ناجم
يرتقي في كلّ يوم رفعة
في المعالي ليس ترقى بالسلالم
بأبي الأشراف عن بأس لهم
أعربت سمر القنا وهي أعاجم
وتوالت من يديهم أنعمٌ
فاز من كان لها عاش لائم
لي ولي منكم وأَنْتم أهْلُها
نعمٌ ترفعني فوق النعائم
فجزيتم سيّدي عن شاعرٍ
ناثرٍ فيكم مدى الدهر وناظم
مثلَ ما هَبَّتْ صَباً من حاجر
ترقص الأغصان منها بالكمائم
ولنعمائك فينا أثرٌ
إنَّ آثارك آثار الغمائم
هل درى السيّد فيما قد درى
أَمْ هو الآن بما أعْلَمُ عالم
إنَّ هندواتكم في كربة ٍ
ما له منها سواك اليوم عاصم
تابَ ممّا قد جنى من ذنبه
وعلى التوبة ِ قد أصبح نادم
ولهذا أنا بکستعطافكم
قارعٌ باللُّطف أبوابَ المراحم
إنْ تشأ أنقذته أوْ لا فلا
فَعلَى أيّهما أصبَحْتَ عازم
فتعطَّفْ سيّدي والطف به
وعليه إنَّه مولاي خادم
دُمْتَ لي ظلاً ظليلاً وله
وإنَّما ظلُّك للراجين دائم

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> جسدٌ أشبهُ شيءٍ بالخيال
جسدٌ أشبهُ شيءٍ بالخيال
رقم القصيدة : 22479
-----------------------------------
جسدٌ أشبهُ شيءٍ بالخيال
وفؤادي عن هَواكم غيرُ سالِ
وعيونٌ نَثَرَتْ أدمُعَها
لثغورٍ نُظِمَت نَظْمَ اللآلي
دَنِفٌ لولا هواكم ما کغتدى
معَ حسن الصبر في أسوأ حالِ
قد يراه الشوق فيكم فانبرى
وهو لا يُمتاز من عُود الخلال
مُعرِضاً عن عاذلٍ في حبّكم
لم يَكَدْ يُصغي إلى قيل وقال
سادة ِ الدنيا وأعلام الهدى
لشجٍ أصبحَ مشغوفاً بخالي
هل ترتحون محبّاً من جوى ً
أو تُبِلّون غليلاً ببلال
وخيالٍ زَارني منكم فما
زادَني إذ زارني غيرَ خيال
هيَّجَ النار التي أعهدها
ذات إيقاد بقلبي واشتعال
ضاربٌ لي مثلاً منكم وما
لوجوه أَجْتَلِيها من مثال
وبذكراكم على شحط النوى
كيف لا أشرقُ بالماء الزلال
إنَّ بالشّعب سقى الشّعبَ الحيا
آل بيت المصطفى من خير آل
نَظَمَتْنا الراحُ في أسلاكه
في ليال مثل أيّام الوصال
كان للّهو به لي منزلٌ
غرّة في الأعْصُر الدهم الأوالي
سنحتْ فيه الظّبا واقتنصت
مهجَة الضيغم أَحداقُ الغزال
سحرتني يا ترى من ذا الذي
علّم الأحداق بالسحر الحلال
ورَمَتْني فأَصابت مَقْتَلي
يا سلمى ما لعينك وما لي
كم أرتني لا أرتها راحة ً
غيرَ ما يخطرُ منهنَّ ببالي
نظراتٌ كنتُ قد أرسلتها
وبها يا سعد قد كان وبالي
ليتَ شعري يومَ صَدَّت زَينَبٌ
لملالٍ كان منها أمْ دلال؟
موقف التوديع كم أَجْرَيْتَ لي
عبراتٍ رخصت وهي غوالي
لم أجد فيك التفاتات إلى
كبدٍ حرّى ولا دمعٍ مذال
أينَ لا أينَ لنوقٍ أَصْبَحَتْ
تتراءى بين حلٍّ وارتحال
قد ذكرنا عهدكم من بعدكم
فتعلَّلنا بأنفاس الشمال
انقضى العهدُ جميلاً وانقضتْ
دولة ٌ كانت لربات الرجال
كنتُ مشغوفاً فلّما أنْ بدا
وضحُ الشَّيب بفوديَّ بدا لي
وأراني في خطوبٍ طبّقتْ
أنا والأيام في حربٍ سجال
من رآني قال لي ممّا أرى
هكذا تصنع بالحر الليالي
لَسْتُ منحطّاً بها عن رتبة
ومقامي من عليّ القدر عالي
من مُثيبي سَعَة العيش وإنْ
كنتُ منها اليوم في ضيق مجال
مَوْرِدٌ أَصْدُرُ عنه بالذي
أَبْتَغيه منه في جاه ومال
إنْ تَقَدَّمْتُ إليه فالمنى
من نداه والعطاء المتوالي
وإذا أبصرتُ منه طلعة ً
راعني بين جمالٍ وجلال
لم تَطِشْ دهياءُ ما وقَّرها
من حُلومٍ راسيات كالجبال
ومزيلٍ كلَّ خطبٍ فادحٍ
للرزايا غير مرجوّ الزوال
لم تكد تحصى سجاياه التي
رفعَ الله بها بيتَ المعالي
وخلالٍ يُشْرِفُ المجدُ بها
يُعْرَفُ المعروف من تلك الخلال
مُتْبِعُ الحسنى بحسنى مثلها
يصلُ الدهر بها والدهر قال
رجلٌ أوتي من خالقه
صولة ترغمُ آناف الرجال
يتوالى مُنْعِماً إحْسانَه
وأجلُّ الغيث ما جاءك تالي
ولهُ الله فغايات العلى
نال أقصاها على بعد المنال
آل بيتٍ كلّ خير فيهمُ
منقذي العالم من هلك الضلال
بأَبي من سادة أذخرهم
لمعاشي ومعادي ومآلي
قَوَّموا الدينَ وشادوا مجده
ثَقَّفوا السؤدد تثقيف العوالي
دوحة ٌ شامخة ٌ منها الذرا
أنا منها أبداً تحت ظلال
كَمُلَ الفَضل بهم بهجته
أين بدر التم من هذا الكمال
شغل الشكر لساني ويَدي
بعليٍّ بعد محمود الفعال
رُحْتُ أسْتَحلي قوافيَّ به
وهيَ فيه أبدَ الدهر حوالي
لعطاءٍ غيرِ ممنونٍ ولا
يحوج العافي إليه بالسؤال
إنَّ لي فيه وربّي أملاً
منجز الميعاد من غير مطال
فكأنّي روضة ٌ باكرها
صيّبُ المزن وحالاً بعد حال
لا أرى منفصلاً عن ثروة
وبعليائك مولاي اتصالي
نِلتُ فيك الخير حتى إنّني
صرتُ لا أطمع إلاّ بالمحال
منعمٌ في كلِّ يومٍ نعمة ٍ
وكذاك المفضل العذب النوال
لا براحٌ عن مغاني سيّد
ولدى عليائه حطّت رحالي
جزتَ أجرَ الصَّوم فاهنأ بعده
سيّد الاسدات في هذا الهلال
 
العصر العباسي >> البحتري >> طيف الحبيب ألم من عدوائه
طيف الحبيب ألم من عدوائه
رقم القصيدة : 2248
-----------------------------------
طَيْفُ الحَبيبِ ألَمّ مِنْ عُدَوَائِهِ،
وَبَعيدِ مَوْقعِ أرْضِهِ، وَسَمَائِهِ
جَزَعَ اللّوَى عَجِلاً، وَوَجّهَ مُسرِعاً
مِنْ حَزْنِ أبْرَقِهِ، إلى جَرْعَائِهِ
يُهْدِي السّلامَ، وَفي اهتداءِ خَيالِهِ
مِنْ بَعدِهِ، عَجَبٌ، وَفي إهدائِهِ
لَوْ زَارَ في غَيرِ الكَرَى لَشَفاكَ مِنْ
خَبَلِ الغَرَامِ، وَمِنْ جوَى بُرَحائِهِ
فَدَعِ الهوَى، أوْ مُتْ بدائِكَ، إنّ من
شَأنِ المُتَيَّمِ أنْ يَمُوتَ بِدائِهِ
وَأخٌ لَبِسْتُ العيش أخضَرَ ناضِراً
بكَرِيمِ عِشْرَتِهِ، وَفَضْلِ إخائِهِ
ما أكثرَ الآمَالَ عِنْدِيَ، وَالمُنى،
إلاّ دِفَاعُ الله عَنْ حَوْبَائِهِ
وَعَلى أبي نُوحٍ لِبَاسُ مَحَبّةٍ،
تُعْطيهِ مَحضَ الوِدّ منْ أعدائِهِ
تُنبي طَلاقَةُ بِشرِهِ عَنْ جُودِهِ،
فَتَكَادُ تَلْقَى النُّجْحَ قَبْلَ لِقائِهِ
وَضِيَاءُ وَجْهٍ، لوْ تَأمّلَهُ امرُؤٌ
صَادي الجَوَانحِ لارْتَوى من مَائِهِ

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> خليليَّ هلْ لي بعدَ أسنمة النّقا
خليليَّ هلْ لي بعدَ أسنمة النّقا
رقم القصيدة : 22480
-----------------------------------
خليليَّ هلْ لي بعدَ أسنمة النّقا
بسَلْع إلى مَن قد هَوَيْتُ وُصولُ
فقد حال لا حال کشتياق اليهم
مراحلُ فيما بيننا ورحيل
حملتُ هواهم يا هذيم على النوى
وما كلُّ صبِّ يا هذيم حَمُول
فَصِرْت إذا لاحت لعينيَّ أرسمٌ
بدارٍ خلتْ من أهلها، وطلولُ
أكفكفتُ من عينيَّ دمعي خشية
من الواشي أنْ يدري بها فتسيل
أفي كلّ رسمٍ دارسٍ لي وقفة
تطول عليه أنَّة ٌ وعويل
وأرعى نجوم الليل وهي طوالع
إلى حين تلقى الغرب وهي أفول
لعلَّ خيالاً طارقاً منك في الكرى
فيُشفى عليلٌ أو يُبَلَّ غليل
وأرسلُ في طيّ النسيم تحيّة
إليكَ وما غير النسيم رسول
نظيرك مكحول النواظر خلقة ً
غرير غضيض الناظرين كحيل
فإن نظرتْ عيناك عيني تارة
رأيتَ سيوف الحتف كيف تصول
وما فتنة العشاق إلاّ نواظر
تصابُ قلوب عندها وعقول
عصيتُ بك العُذّال في طاعة الهوى
إذا لام جهلاً لائمٌ وعذول
وما أثقلَ القولَ الذي لامني به
وإنْ كنتُ مشتد القوى لضئيل
وليسَ يعينُ المستهام على الأسى
من الوجد إلاَّ صاحبٌ وخليل

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> جسدٌ ذاب نحولاً وسقاما
جسدٌ ذاب نحولاً وسقاما
رقم القصيدة : 22481
-----------------------------------
جسدٌ ذاب نحولاً وسقاما
وفؤادٌ زيدَ وجداً وغراما
دنِفٌ لولا تباريح الجوى
جعلَ اللائمَ في الحبّ إماما
ما الذي أوجبَ ما جئتم به
من صدود وعلاما وإلاما؟
يا أباة الضّيم مالي ولكم
أفترضون بمثلي أن يضاما
أظهرُ الصبرَ وعندي غيره
غير أنّي أكتم الوجد اكتتاما
وأراني جَلِداً فيما أرى
من أمور أعرفتْ مني العظاما
إنَّ برقاً شمته من جانب العارض
الوسميّ أبكاني ابتساما
ويح قلب الصبّ لمْ لا ينثني
فإذا قلت کستفق يا قلب هاما
ما بكى المغرم إلاَّ بدمٍ
بلَّ كُمَّيْهِ وما بلَّ أواما
قوَّض الركبُ وأبقى لي الأسى
لا الجوى ولّى ولا الصبر أقاما
ونأتْ سَلمى فهلْ من مبلغٍ
منكما عنّي إلى سلمى سلاما
خفرت من عاشق ذمَّته
إنَّ للعشاق في الحبّ ذماما
لستُ أنسى السِّرب أشكو بعده
كبداً حرّى وقلباً مستهاما
راح يرميني بسهمي ناظرٍ
غنجٍ أحوى ويُدميني قواما
أَيُّها الرامي فؤادي عَبَثاً
بؤت بالوزر وقلّدت أثاما
ما لِمَنْ حَلَّل قتلي في الهوى
حَرَّم الوصل وما كان حراما
أرأيتم أنَّني من بعدكم
في عذاب لم يكن إلاَّ غراما
إنْ يلاقِ الصبحُ ما لاقيتُه
أصبحَ الصبحُ لما يلقى ظلاما
بَرَزَتْ أسماءُ أو أترابُها
يُوقِرَنَّ السَّمْعَ عذلاً وملاما
يتناجين بإيلام فتى ً
ضَيَّعَ الحزم فلم يشدد حزاما
قلنَ لو رام وما في باعه
قصرٌ أدرك بالسعي المراما
لو تنبَّهت لها مجتهداً
كيف بالحظِّ إذا ما الحظُّ ناما
أو رأى المقدور فينا رأيه
ما تكلَّفْتُ نهوضاً وقياماً
أبرح الدهر على ما لم أردْ
ورزاياه کصطكاكاً وکضطراما
لم يلنْ للدَّهر مني جانب
حيث لم أستعطف القومَ اللئام
وعناءٍ كلّها أُمنيتي
في زمان أنْ أرى الناس كراما
بأبي محمود ينبوع الندى
أُبْصِرُ الأعلام أطلالاً ركاما
وأرى كلّ عليٍّ دونه
فتعالى ذلك القرم الهماما
أنفقُ العمرَ جميلاً فليدمْ
وجميل الصنع أَنى ّ دام داما
ويميناً إنَّه لوْ لمْ يجدْ
في منام لم يذق قط مناما
فسَلُوه هلْ خلا ممّا به
يصنَعُ البرَّ فيوليه الأناما
أمْ تخلّى من جميل ساعة ً
من زمان غير ما صلّى وصاما
كم له من نظرة في رأفة ٍ
أيقظتْ لي أعيناً كنّ نياما
ذلّلتْ مستعصبات لم يكدْ
يملك القائد منهن زماما
أَسْتَقِلُّ الأنجمَ الزهرَ له
أنْ تُرى فيه نثاراً ونظاما
ولو کنَ كَلَّمْتُه في لؤلؤٍ
ومن اللؤلؤ ما كان كلاما
تجتلي قرماً إماماً بالندى
بأبي ذيّالك القرم الإماما
وحسام باترٍ لا سيما
إنْ هززناه على الخطب حساما
فنوال ناب عن وبل الحيا
وجمال يخجل البدر التماما
رفعة ٌ قد شهدَ الخصمُ لها
قعدَ الغاربُ منها والسناما
وإليه وإلى عليائه
أنيق الراجين أمست تترامى
وكأنّي وكأنْ شعري له
مستميح حيث شام البرق شاما
بالطويل الباع بالسامي الذرى
عرف المعروف شيخاً وغلاما
وعلى ما هو فيه لم يزل
أو يقال التبر قد عاد رغاما
والكريم النفس لا عن غرض
أَيّها أزكى شراباً وطعاما
هكذا الناس إذا قيل الندى
سحب تنشا جهاماً وركاما
من سوى أيديه في فرط الظّما
لا أراني الله أَسْتَسقي الغماما
كلَّما اعوجَّت أموري والتوت
قوَّم المعوَجَّ منها فاستقاما
يا أبا محمود يا من لم يزل
رحمة ً للخلق برّاً باليتامى
غير ما خوَّلتني من نعمة ٍ
أنا لا أملك في الدنيا حطاما
أَفْطَرَ الناس جميعاً غيرنا
وبقينا نحن في الناس صياما
فلقد هنِّيتَ بها
غُرَّة الأعياد والشهرَ الحراما
وابق للإسلام ركناً سالماً
منعماً يا عيدنا عاماً فعاما
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أقولً لسعدٍ حين لام على الهوى
أقولً لسعدٍ حين لام على الهوى
رقم القصيدة : 22482
-----------------------------------
أقولً لسعدٍ حين لام على الهوى
أَيُجْديك لَومٌ مرَّة ً فتلومُ
تلوم علة ما لا يفيدك لومُه
وما العشق إلاّ لائم وملوم
وإنّي على ما بي فقد يستفزني
غرامٌ بسلمى حادث وقديم
شكوتك ما يلقى فؤادي من الأسى
وما كلُّ من أشكو إليه رحيم
فؤاد شجاه ما شجى كل وامقٍ
وما هو بعد الراحلين مقيمُ
أرى صبوة المشتاق دائمة المدى
فما بال صبر الصبّ ليس يدوم
وبين الظباء السانحات عشية ً
رماني فلم يخطِ الحشاشة ريم
ويا ظبية الوعساء من جانب الحمى
وإنّي بها لولا الدموع كتوم
وفي القلب منّي والغرام سريرة
ظماً لثناياك العذاب وإنَّها
عَذابٌ لقلبي يا أميمُ أليم
رضابك يروي القلب وهو ممنَّعٌ
وطرفك يشفي الداء وهو سقيم
ولولاك ما هاجت بقلبيَ زفرة
ولا هاج مِنّي أربُعٌ ورسوم
ولا شاقني برقٌ يحاكي وميضه
ثناياك إذ أصبو لها وأشيم
وأهتزُّ في ذكر العذيب وبارقٍ
كما مال بالغصن الرطيب نسيم

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سَعَيْت لهذا المُلكِ بالهمَّة الكبرى
سَعَيْت لهذا المُلكِ بالهمَّة الكبرى
رقم القصيدة : 22483
-----------------------------------
سَعَيْت لهذا المُلكِ بالهمَّة الكبرى
فأدركتَ أَفنائها الدَّولة َ الغَرّا
وسرتَ على نُبل الأسنّة للعلى
ومن رام إدراكَ العلى ركب الوعرا
لنيل المنى جُزتَ المسيرَ وإنّما
يخوض عباب البحر من يطلب الدرّا
إذا عارضت دون المرام بحيرة
من الحتف صيّرت الحديد لها جسرا
وإنْ رقمت فوق الأنام حنادسٌ
جليتَ من الرأي السديد لها فجرا
قَدِمتَ قدوم الليث غابة شبله
ونزّهت هذا الملك بالنيّة الخضرا
درى الملك يا مولاي أنت فؤاده
فضمّك منه حين أسكنك الصدرا
رقيتَ على كرسيّه فأزنته
فأصبحتَ كالتزريد في وجنة العذرا
فما هذه الفيحاء إلاّ قلادة
ونحرك من كلّ النحور بها أحرى
وما هي إلاَّ كاعبٌ قد تستَّرتْ
قد اتَّخَذَتْ خَيْسَ الأُسودُ لها خدرا
فجوزاء أفقٍ بالدراري تمنْطَقَتْ
مَخدّمة تَستخدم البيض والسُّمرا
لقد مطلت بالوعد عصراً وعاودت
فجادت بوصلٍ بعدما مطلت دهرا
تزَوَّجْتَها أَيْماً عجوزاً مُسِنَّة ً
فأضحتْ لديك الآن كاعبة ً بكرا
فحكتَ لها ثوب المفاخر بالندى
وألبستها من بأسك الحلَّة َ الخضرا
وهيَّأتَ من نقد العوالي صداقها
وأنقَدْتَ من بيض الحديد لها مهرا
قَدِمتَ لها من بعد كشف حجابها
فكنت لعوراء الزمان لها سترا
فعُدتَّ إليها بالتقرُّب بعدما
علاها قنوطٌ أنْ تعود لها أخرى
تدانيتَ منها كالهلال ولم تزل
تنقَّلُ حتى عدتَ في أفقها بدرا
وودَّعتها مكروبة َ الُّلبّ والحشا
وأُبْتَ وأَبْدَتْ من مسرَّتها البشرى
فإنْ طاوعتك اليوم جهراً وصالها
فقد كان هذا الأمر في نفسها سرّا
فكم مرَّ آنٌ وهي تكتم شوقها
إليكَ وتُحيْي ليلَها كلَّه سرّا
لأمر القضا كادت تفرّ إذا رأت
لوصلك وقتاً لم تجد دونه عذرا
لقد أَحْدَقَتْ بعد العمى بك عينها
وأحدثتَ في أجفانها الفتك والسحرا
وحلَّيتَ في سلك العزائم جيدها
ووشَّحتَ منها في صنعائك الخصرا
وزيَّنتها حتى حكى التبر تربها
ولو لم تكن في أرضها أصبحَتْ صفرا
فصِرْتَ بها لما حلَّلتَ بصدرها
كيوسُفَ إذ ولاّه خالقُه مصرا
فلم تجزِ أهلَ المكر يوماً بمكرهم
ولم تصطنع غدراً لمنْ صنعَ الغدرا
صفحتَ عن الجانين إلاَّ أقلَّهم
فأوسعتهم عفواً وأثقلتهم شكرا

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سفينة ٌ صنعت بالهند إذ صنعت
سفينة ٌ صنعت بالهند إذ صنعت
رقم القصيدة : 22484
-----------------------------------
سفينة ٌ صنعت بالهند إذ صنعت
أهدى السفائن في سَيْرٍ وأجراها
طوع الهواء متى تجري جرت معه
وما تخالف مسراه ومسراها
جاءَت من البحر تجري فيه أَرَّخَها
سفينة ُ البحر باسم الله مجراها

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أَدارَ الكأْسَ صافية َ المُدامِ
أَدارَ الكأْسَ صافية َ المُدامِ
رقم القصيدة : 22485
-----------------------------------
أَدارَ الكأْسَ صافية َ المُدامِ
كحيلُ الطَّرفِ ممشوقُ القوام
وَقَد ركَضَتْ بأَقداح الحميّا
خيولُ الصُّبح في جنحِ الظلام
وأبصر غادة ً من آل سام
على الباقين من أولاد حام
وما عُجْنا لأطلال رِمامِ
كما نثر الجمان من النظام
ونحنُ بروضة تندى فتبدي
لنا شكران آثار الغمام
وقد أملتْ حمائمها علينا
من الأوراق آياتِ الغرام
أقمنا بينَ أفناءِ الأغاني
وما اخترنا المقام بلا مقام
تلذُّ القيان بها سماعاً
إذا اتَّصلتْ بمنقطع الكلام
وما رقَصَتْ غصونُ البان إلاَّ
لما سمعته من لحن الحمام
فمن طربٍ إلى طربٍ توالى
ومن جامٍ سعى في إثر جام
رَضَعْنا من أفاويق الحميّا
وقلنا لا منعنا بالفطام
نَفُضُّ خِتَامَها مِسْكاً ذكيَّاً
وكانَ الدَنُّ مسكيَّ الختام
تحلُّ بها المسرَّة ُ حيث حَلَّتْ
بعيدَ الخطو جوّابَ الموامي
عَصَيْنا مَن نَهى عنها عتوّاً
وفزنا بالمعاصي والأثام
وحرَّمنا الحلالَ على الندامى
وما يغني الحلال عن الحرام
وكم يومٍ تَركنا الزِّقَّ فيه
جريحاً من يد الندمان دامي
وليلٍ يجمعُ الأحبابَ شملاً
بمن نَهوى شديد الالتحام
وباتتْ تسعف الّلذات فيه
ببنت الكرم أبناءُ الكرام
فمِنْ وَجهٍ تَقَرُّ به عُيوني
ومِن رَشفٍ أَبُلُّ به أُوامي
فيبعثُ بالسرور إلى فؤادي
ويهدي بالشفاء إلى سقامي
وقد طاب الزمان فلا رقيب
يكدر صفو عيشي بالملام
وما أهنا شموسَ الراح تترى
وقد أَخَذَتْ عن البدر التمام
وغايتة ٍ تجود إذا استميحت
بطيب الوصل بعد الانصرام
فما غَدَرَتْ لمشتاق بعهدٍ
ولا خَفَرَتْ لصبِّ بالذمام
تركتُ العاذلين بها ورائي
وقدَّمتُ السرور بها أمامي
تعير بوجهها الأقمار معنى ً
إذا وافتك بارزة اللثام
كأني قَد أَخَذْتُ على الليالي
عهود الأمن من ريب الحمام
ومن أضحى إلى سلمان يعزى
وخدمته فمحمول السلام
أصبتُ بنيله أملاً بعيداً
وما طاشت بمرماها سهامي
كأنّي أَستزيد ندى يديه
بشكراني لأيديه الجسام
وكم نعمٍ له عندي وأبدٍ
رغمتُ بهنّ آنافَ اللئام
وصالَحْتُ الخطوبَ على مرادي
وكنتُ عهدتها لدَّ الخصام
وما کنْفَصَلَتْ عُرى أملٍ وثيقٍ
وفيه تَمسُّكي وبه کعتصامي
مكان تمسّكي بالعهد منه
مكان الكف من ظبة الحسام
وسيّال اليدين من العطايا
تسيل من العطاء لكل ظامي
إذا ما فاتني التقبيل منها
فليس يفوتني نوءُ الغمام
تمام جماله خُلُقٌ رضيٌ
وحسبكَ منه بالبدر التمام
وتلك خلائقٌ خلصتْ فكانت
نُضاراً لا تُدَنَّسُ بالرغام
فتى ً في الناجبين لقد أراني
وقارَ الشَّيخ في سِنِّ الغلام
ركبتُ إليه من أملي جواداً
فأبرقَ واستهلَّ ورحت أروي
سجام القطر عن قطر سجام
كما نزلتْ على أرضٍ سماءٌ
تسيل على الأباطح والأكام
فأمسى كلَّ آونة ٍ قريضي
يُغَرِّدُ منه تغريد الحمام
أرى مدحي لآل البيت فرضاً
كمفترضِ الصلاة أو الصيام
أَئِمة ملَّة الإسلام كلٌّ
يقالُ له الإمام ابن الإمام
وما شرفُ الأنام بغير قومٍ
همُ مذ كوّنوا شرفُ الأنام
أفاضُوا بالعطاء لمجتديهم
وللأعداء بالموت الزؤام
وكلٌّ منهمُ ليثٌ هصورٌ
وبحرٌ من بحور الجود طامي
بنفسي سيّداً في كلّ حالٍ
يرى فيها احتشامي واحترامي
ظفرتُ به حساماً ليس ينبو
نُبُوَّ مضارب السيف الكهام
وقد يدعى الكريمُ إلى نوالٍ
كما يدعى الشجاع إلى صدام
وعندي في صنائعه قوافٍ
يضيق بهنّ صدرُ الاكتتام
وشعري في صفاتِ بني عليّ
رفعتُ به إلى أعلى مقام
سأُطْرِبُ في مديحك كلَّ واعٍ
ولا طربَ الشجيِّ المستهام
وأشكرُ منك فضلك ثم أدعو
لوجهك بالبقاء وبالدوام
 
الوسوم
الشعر العربي العصور جميع دواوين
عودة
أعلى