جميع دواوين الشعر العربى على مر العصور (( خالد الطيب ونور حياتى ))

  • تاريخ البدء
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لمنِ الشوازبُ كالنَّعامِ الجُفَّلِ،
لمنِ الشوازبُ كالنَّعامِ الجُفَّلِ،
رقم القصيدة : 19698
-----------------------------------
لمنِ الشوازبُ كالنَّعامِ الجُفَّلِ،
كُسَتْ حلالاً من غبارِ الفسطَلِ
يَبرُزنَ في حُلَلِ العَجاجِ عَوابِساً،
يَحمِلنَ كلّ مُدَرَّعٍ ومُسرْبَلِ
شِبه العَرائِسِ تُجتَلى ، فكأنها
في الخدرِ من ذيلِ العجاجِ المسبَلِ
فعلتْ قوائمهنّ عندَ طرادِها
فِعلَ الصّوالجِ في كُراتِ الجَندَلِ
فَتظَلُّ تَرْقُمُ في الصُّخورِ أهِلّة ً
بشَبا حَوافرِها، وإنْ لمْ تُنعَلِ
يَحمِلنَ من آلِ العَريضِ فَوارِساً
كالأسُدِ في أجَمِ الرّماحِ الذُّبَّلِ
تَنشالُ حَولَ مُدرَّعٍ بجَنانِهِ،
فكأنّهُ من بأسِهِ في معقِلِ
ما زالَ صدرَ الدَّستِ، صدرَ الرتبة ِ الـ
ـعَلياءِ، صدرَ الجيشِ، صدرَ المَحفِلِ
لو أنصفتهُ بنو محاسنَ، إذْ مشوا،
كانتْ رؤوسُهُمُ مكانَ الأرجُلِ
بينا تراهُ خطيبهم في محفلٍ
رحبٍ، تراهُ زعيمهم في جحفلِ
شاطَرتُهُ حَربَ العُداة ِ لعِلمِهِ
أني كنانتُهُ التي لم تنثلِ
لمّا دعتين للنّزالِ أقاربي،
لباهُمُ عني لسانُ المنصُلِ
وابيتُ من أني أعيشُ بعزّهمْ
وأكونُ عنْهم في الحروبِ بمعزِلِ
وافَيتُ في يَومٍ أغَرَّ مُحجَّلٍ،
أغشَى الهياجَ على أغرّ محجَّلِ
ثارَ العجاجُ فكنتُ أوّلَ صائلٍ،
وعلا الضّرامُ فكنتُ أوّلَ مُصطَلِ
فغَدا يَقولُ كَبيرُهمْ وصَغيرُهم:
لا خيرَ فيمنْ قالَ إنْ لم يفعلِ
سلْ ساكني الزوراءِ والأممَ التي
حضَرَتْ، وظَلَّلَها رِواقُ القَسطَلِ
مَن كانَ تَمّمَ نَقصَها بحُسامِهِ،
إذْ كلُّ شاكٍ في السّلاحِ كأعزَلِ
أو مَن تدرَّعَ بالعجاجة ِ عندما
نادى مُنادي القومِ: يا خيلُ احمِلي
تُخبِرْكَ فُرسانُ العَريكَة ِ أنّني
كنتُ المصلّي بعدَ سبقِ الأوّلِ
ما كان يَنفَعُ مَن تَقدّمَ سَبقُهُ،
لو لم تُتَمّمْها مَضارِبُ مُنصُلي
لكن تَقاسَمْنا عَواملَ نَحوِها،
فالاسمُ كان لهُ، وكان الفعلُ لي
وبديعة ٍ نظرتْ إليّ بها العِدى
نظرَ الفقيرِ إلى الغنيّ المقبلِ
واستثقلتْ نطقي بها، فكأنّما
لقيتْ بثالثِ سورة ِ المزّمِّلِ
حتى انثنتْ لم تدرِ ماذا تتقي،
عندَ الوقائعِ، صارِمي أمْ مقولي
حَمَلُوا عليّ الحِقدَ حتى أصبَحتْ
تغلي صدروهُمُ كغلْي المرجلِ
إن يَطلُبوا قَتلي، فلَستُ ألومُهم،
دَمُ شَيخِهمْ في صارمي لم يَنصُل
ما لي أسترُها، وتلكَ فضيلة ٌ؟
الفخرُ في فصدِ العدوّ بمنجلِ
قد شاهدوا من قبلِ ذاكَ ترفّعي
عن حربهمْ، وتماسُكي وتجمُّلي
لمّا أثاروا الحَربَ قالتْ هِمْتي:
جهلَ الزّمانُ عليكَ إنْ لم تجهلِ
فالآنَ حينَ فلَيتُ ناصيَة َ الفَلا،
حتى تعلمتِ النّجمُ تنقلي
أضحَى يحاولني العدوّ، وهمّتي
تعلو على هام السماكِ الأعزلِ
ويَرومُ إدراكي، وتلكَ عجيبَة ٌ،
هل يمكنُ الزرزورَ صيدَ الأجدلِ
قُلْ لليّالي: ويكِ ما شئتِ اصنَعي
بَعدي، وللأيّامِ ما شئتِ افعَلي
حسبُ العدوّ بانني أدركتُهُ،
لمّا وَليتُ، وفُتُّهُ لمّا وَلي
سأظَلُّ كلَّ صَبيحَة ٍ في مَهَمهٍ،
وأبِيتُ كلَّ عَشيّة ٍ في مَنزِل
وأسيرُ فرداً في البلادِ، وإنّني
من حَشدِ جَيشِ عزائمي في جَحفل
أجفو الدّيارَ، فإنْ ركبتُ وضَمّني
سرجُ المطهَّمِ قلتُ: هذا منزِلي
لا تسمعنّ بأنّ أسرتُ مسلِّماً،
وإذا سمِعتَ بأنْ قُتلتُ فَعَوّل
ما الاعتذارُ، وصارمي في عاتقي،
إن لم يكُنْ من دونِ أسري مَقتَلي
ما كانَ عُذري إن صَبرتُ على الأذى ،
ورضيتُ بعد تدللي بتذلّلي
فإذا رُميتَ بحادِثٍ في بلدَة ٍ
جردْ حسامَكَ صائلاً، أو فارحلِ
فلذاكَ لا أخشَى ورودَ منيّتي،
وأرى وُرودَ الحتَفِ عَذْبَ المَنهَل
فإذا علا جدّي فقلبي جنّتي،
وإذا دَنا أجَلي فَدِرعي مَقتَلي
ما تِهتُ بالدّنيا، إذا هيَ أقبَلَتْ
نحوي، ولا آسَى ، إذا لم تُقبِل
وكذاكَ ما وَصَلتْ فقُلتُ لها اقطَعي
يوماً، ولا قطعتْ فقلتُ لها صِلي
صبراً على كيدِ العُداة ِ لعلّنا
نَسقي أخيرَهمُ بكأسِ الأوّل
يا عصبة ً فرحوا بمصرعِ ليثنا،
ماذا أمنتُمْ من وثوبِ الأشبُلِ
قومٌ يُعزِّونَ النّزيلَ، وطالَما
بَخِلَ الحيَا، وأكُفُّهمْ لم تَبخَل
يَفنى الزمانُ، وفيه رونَقُ ذِكرِهم؛
يبلى القَميصُ، وفيهِ عَرفُ المَندَل

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ولمّا مَدّتِ الأعداءُ باعا؛
ولمّا مَدّتِ الأعداءُ باعا؛
رقم القصيدة : 19699
-----------------------------------
ولمّا مَدّتِ الأعداءُ باعا؛
وراعَ النّفسَ كرُّهُمُ سِراعا
برَزتُ، وقد حسَرْتُ لها القِناعا،
أقولُ لها، وقد طارَتْ شَعاعا
مِنَ الأبطالِ وَيحَكِ لا تُراعي
كما ابتَعتُ العَلاءَ بغَيرِ سَومَ،
وأحلَلتُ النّكالَ بكلّ قَومٍ
رِدي كأسَ الفَناءِ بغَيرِ لَومِ،
فإنّكِ لو سألتِ بَقاءَ يَومِ
على الأجلِ الذي لكِ لم تطاعي
فكم أرغمتُ أنفَ الضّدّ قَسراً،
وأفنَيتُ العِدَى قَتلاً وأسرَا
وأنتِ مُحيطَة ٌ بالدّهرِ خُبرا،
فصبراً في مجالِ المَوتِ صبرا
فما نيلُ الخلودِ بمستطاعِ
إذا ما عِشتِ في ذُلٍّ وعَجزِ،
فهلْ للنّفسِ غيري من معزِّ
وليسَ الخوفُ من أجلٍ بحرزِ،
ولا ثَوبُ البَقاءِ بثَوبِ عِزِّ
فيطوى عن أخي الخنعِ اليراعِ
ولا أعتاضُ عَن رُشدٍ بغَيِّ،
وثوبُ العزّ في نشرٍ وطيِّ
لقد حُتِمَ الثناءُ لكلّ شيءِ،
سَبيلُ المَوتِ غايَة ُ كلّ حيِّ
وداعيهِ لأهلِ الأرضِ داعي
فجاهِدْ في العُلى يا قلبِ تُكرَمْ،
ولا تَطلُبْ صَفارَ العَيشِ تُحرَمْ
فمَنْ يظفَرْ بطيبِ الذّكرِ يغنَمْ،
ومَن لا يَغتَبِطْ يَبرَمْ ويَسأمْ
وتُسلِمْهُ المَنُونُ إلى انقِطاعِ
أأرغبُ بعدَ قومي في نجاة ِ،
وأجزَعُ في الوَقائعِ مِن مَماتِ
وأرضَى بالحياة ِ بلا حُماة ِ،
وما للعُمرِ خيرٌ في حياة ِ
إذا ما كانَ من سقطِ المتاعِ

شعراء الجزيرة العربية >> عبدالله السفياني >> إبتسامات دامعة
إبتسامات دامعة
رقم القصيدة : 1970
-----------------------------------
خذي دفاتر شعري يا معذبتي
ومزقيها على أشلاء آهاتي
فقد تعوّد قلبي سلب فرحته
وقد تعوّدَتِ التهشيم مرآتي
كل الوجوهِ تساوت في صدى نظري
فليس من عجبٍ دمع ابتساماتي
أترحلين..؟؟!!فروحي من هنا رحلت
حتى المسافات تاهت في مسافاتي
ما عاد يزهر ورد الصدق في حلمي
ولا تبسّمَ نصري فوق راياتي
تحطمت لغة الآمالِ في شفتي
حتى الأسى دمعه باكٍ لمأساتي
أين السحاب توارى.؟؟ كيف فارقني.!!؟.
أخانني قبل أن أدنو لغاياتي
قالت وقد ذاب ثلج الصدق في فمها
هيا ابتسم.!!فسحاب وعودنا آتي

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> سلُوا، بعدَ تسآلِ الوَرى عنكمُ، عنْي،
سلُوا، بعدَ تسآلِ الوَرى عنكمُ، عنْي،
رقم القصيدة : 19700
-----------------------------------
سلُوا، بعدَ تسآلِ الوَرى عنكمُ، عنْي،
فقد شاهدوا ما لم يرَوا منكمُ منّي
رأوْني أُراعي منكُمُ العَهدَ لي بكُم،
وأحسنَ ظَنّاً منكمُ بي بكُمْ ظَنّي
وقد كنتُ جمّ الخوفِ من جَور بُعدكم
فقد نِلتُ لمّا نالَني جَوركُم أمني
خطَبتُ بغالي النّفسِ والمالِ وُدَّكم،
فقد عزّ حتى باتَ في القلبِ والذّهنِ
ولمّا رأيتُ العِزّ قد عزّ عندَكم،
ولا صبرَ لي بينَ المنيّة ِ والمنّ
ثَنيتُ عِناني مَع ثَنائي علَيكُمُ،
فأصبَحتُ والثّاني العنانِ هُوَ المُثني
وليسَ أنيسي في الدُّجَى غيرُ صارِمٍ
رَقيقِ شِفارِ الحَدّ مُعتَدِلِ المَتنِ
وطِرْفٍ كأنّ المَوجَ لاعَبَ صَدرَهُ
فيُسرعُ طَوراً في المِراحِ ويَستأني
أميلُ بهِ بالسهلِ مرتفعاً بهِ،
فيُحزِنُهُ إلاّ التّوَقّلَ في الحَزْنِ
وما زالَ عِلمي يَقتفيني إلى العُلَى ،
فيَسبُقُ حتى جاهَدَ الأكلَ بالأذْنِ
وزرتُ ملوكاً كنتُ أسمعُ وصفهم،
فيُنهِضُني شَوقي ويُقعِدُني أمني
فلمّا تلاقينا، وقد برحَ الجفا،
رأتْ مُقلَتي أضعافَ ما سمعتْ أُذني
خطبتُ بوُدّي عندَهمْ لاهبَاتِهِمْ،
فأصبحتُ بالعزِّ الممنَّعِ في حِصنِ
إذا ما رأوني هكذا قيل: هكا ذا!
ولو شاهَدوني راغباً رَغبوا عَنّي
إذا ما أقمتُ الوزنَ في نظمِ وصفهم،
تَجودُ يَداهمْ بالنُّضارِ بِلا وَزنِ
تُعَيّرُني الأعداءُ بالبَينِ عَنهُمُ،
وما كان حكمُ الدّهرِ بالبينِ عن إذني
وتزعمُ أنّ الشِّعرَ أحنى فضائلي،
وتُنكِرُ أفعالي، وقد علِمَتْ أنّي
وقد شاهدتْ نثري ونظميَ في الوَغى ،
لهامِ العِدى والنّحرِ بالضّرْبِ والطّعنِ
وإن كان لَفظي يخرُقُ الحُجبَ وقعهُ
ويدخُلُ أُذنَ السامعينَ بلا إذنِ
ورُبّ جَسيمٍ منهُمُ، فإذا أتَى
بنُطقٍ حمدتُ الصّمتَ من منطق اللُّكن
ومستقبحٍ حتّى خبرتُ خِلالَهُ،
فأيقنَ قلبي أنّهُ يوسفُ الحُسنِ
فإن حَسدوا فَضلي وعابوا مَحاسِني،
وذلكَ للتقصيرِ عنَها وللضِّغْنِ
وتلكَ لعَمري كالنّجومِ زَواهرٌ،
تقرُّ بها الحُسادُ رغماً على غَبنِ
مَحاسِنُ لي من إرثِ آلِ مَحاسنٍ،
وهَلْ ثَمَرٌ إلاّ على قَدَرِ الغُصن
أظَلُّ وأُمسي راقدَ الجارِ ساهراً،
سواميَ في خوفٍ وجاريَ في أمْنِ
كأنّ كرَى عينيّ سيفُ ابنِ حمزة ٍ،
إذا استُلّ يَوماً لا يَعُودُ إلى الجَفن
فتًى لم تزَلْ أقلامُه وبنانُهُ،
غذا نابَ جدبٌ، نائباتٍ عن المُزنِ
ولوْ خَطّ صَرْفُ الدّهرِ طِرْساً لقصدِه
لخطّ على العُنوانِ من عبدِهِ القِنِّ
فتًى جلّ يوماً أن يُعَدّ بظالِمٍ
لغَيرِ العِدى والمالِ والخَيلِ والبُدن
ولاعُدّ يوماً في الأنام بغاصبٍ
أعادَ الأعادي في الحُروبِ تَجارِباً،
جبالاً غدتْ من عاصفِ الموتِ كالعِهنِ
فإنْ فلّتِ الأيّامُ في الحَربِ حدَّهُ،
فما زالَتِ الأيَامُ في أهلِها تجني
وإنْ أكسبتني بالخطوبِ تجارباً،
فقد وهبتْ أضعافَ ما أخذتْ منّي

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> قليلٌ إلى غيرش اكتسابِ العُلى نهضي،
قليلٌ إلى غيرش اكتسابِ العُلى نهضي،
رقم القصيدة : 19701
-----------------------------------
قليلٌ إلى غيرش اكتسابِ العُلى نهضي،
ومُستَبعَدٌ في غيرِ ذَيل التّقى رَكضي
فكيفَ، ولي عزمٌ، إذا ما امتَطَيتُه
تيقنتُ أنّ الأرضَ أجمعَ في قبضي
وما ليَ لا أغشَى الجِبالَ بمِثلِها
من العزمِ، والأنضاءَ في وَعرِها أُنضي
على أنّ لي عَزماً، إذا رُمتُ مَطلَباً
رأيتُ السّما أدنّى إليّ مِنَ الأرضِ
أبَتْ هِمّتي لي أنْ أذُلّ لناكِثٍ
عرى العهد أو أرضَى من الوِرد بالبرضِ
وأُصبحُ في قيدِ الهوانِ مكبَّلاً،
لدَى عصبة ٍ تُدمي الأناملَ بالعضِّ
ولكنّني أرضى المَنونَ، ولم أكُنْ
أغُضُّ على وَقعِ والمذَلّة ِ أو أُغَضي
أقي النّفسَ بالأموالِ حيثُ إذا وَقَتْ
كنوزُ اللُّهَى نَفسي وقَيتُ بها عِرضي
ولا أختَشي إن مَسّني وقعُ حادِثٍ،
فتلكَ يَدٌ جَسّ الزّمانُ بها نَبضي
فَواعَجبا يَسعى إلى مِنَنِ العِدى
ليُدرِكَ كُلّي من يُقصّرُ عن بعضي
ويَقصِدُني مَن لو تَمَثّلَ شخصُهُ
بعينِ قذًى ما عاقَ جَفني عنن الغُمض
نصَبتُ لهمْ صدرَ الجَوادِ مُحارِباً،
لأرفَعَ ذِكري عندَما طلبوا خفضي
غذا ما تقَلّدتُ الحُسامَ لغارَة ٍ؛
ولم ترضِهِ يومَ الوَغي فلِمَن تُرضي
سألبسُ جلبابَ الظّلامِ مُنكِّباً
مرابضَ أرضٍ طالَ في غابِها رَبضي
فإنْ أحْيَ أدرَكتُ المُرامَ، وإنْ أمُتْ
فلِلّهِ ميراثُ السّمواتِ والأرضِ
صَبرنا علَيهم واقتَضَبنا بثارِنا،
ونَصبرُ أيضاً للجَميعِ ونَستَقضي
غزاهم لساني بعدَ غزوِ يدي لهُمْ،
فلا عَجَبٌ أن يَستَمرّوا على بُغضي
فإنْ أمنوا كفّي فَما أمِنوا فَمي،
وإنْ ثلموا حدّي فما ثلموا عِرضي
وإنْ قصّروا عن طولِ طَولهمُ يدي،
فَما أمنوا في عَرض عِرضِهمِ ركضي
تقولُ رجالي حينَ أصبحتُ ناجياً
سَليماً وصَحبي في إسارٍ وفي قبَض
حمِدتُ إلهي بعدَ عُروَة َ إذْ نَجا
خراشٌ، وبعضُ الشرِّ أهونُ من بعضِ
وأصبَحتُ في مُلكٍ مُفاضٍ ونِعمة ٍ
مَنِيعاً وطَرْفُ الدّهرِ عنّيَ في غَضّ
لدى ملكٍ فاقَ الملوكَ بفضلِهِ،
وطالهمُ طولَ السماءِ على الأرضِ
هوَ الملكُ المَنصورُ غازي بنُ أُرتُقٍ
أخو النّائلِ الفَيّاضِ والكَرمِ المحض
مليكٌ يَرَى كَسبَ النُّضارِ نَوافِلاً
بعَينٍ ترَى بَذْلَ الهِبات من الفَرض
حباني بما لم يوفِ جهدي بشكرهِ،
وأنجَدَني والدّهرُ يجهَدُ في رَفضي
فبُعداً لأمنٍ صَدّني عن جَنابِهِ،
ويا حبّذا خوفٌ إلى قصده يُفضي
 


العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لمنِ الشوازبُ كالنَّعامِ الجُفَّلِ،
لمنِ الشوازبُ كالنَّعامِ الجُفَّلِ،
رقم القصيدة : 19698
-----------------------------------
لمنِ الشوازبُ كالنَّعامِ الجُفَّلِ،
كُسَتْ حلالاً من غبارِ الفسطَلِ
يَبرُزنَ في حُلَلِ العَجاجِ عَوابِساً،
يَحمِلنَ كلّ مُدَرَّعٍ ومُسرْبَلِ
شِبه العَرائِسِ تُجتَلى ، فكأنها
في الخدرِ من ذيلِ العجاجِ المسبَلِ
فعلتْ قوائمهنّ عندَ طرادِها
فِعلَ الصّوالجِ في كُراتِ الجَندَلِ
فَتظَلُّ تَرْقُمُ في الصُّخورِ أهِلّة ً
بشَبا حَوافرِها، وإنْ لمْ تُنعَلِ
يَحمِلنَ من آلِ العَريضِ فَوارِساً
كالأسُدِ في أجَمِ الرّماحِ الذُّبَّلِ
تَنشالُ حَولَ مُدرَّعٍ بجَنانِهِ،
فكأنّهُ من بأسِهِ في معقِلِ
ما زالَ صدرَ الدَّستِ، صدرَ الرتبة ِ الـ
ـعَلياءِ، صدرَ الجيشِ، صدرَ المَحفِلِ
لو أنصفتهُ بنو محاسنَ، إذْ مشوا،
كانتْ رؤوسُهُمُ مكانَ الأرجُلِ
بينا تراهُ خطيبهم في محفلٍ
رحبٍ، تراهُ زعيمهم في جحفلِ
شاطَرتُهُ حَربَ العُداة ِ لعِلمِهِ
أني كنانتُهُ التي لم تنثلِ
لمّا دعتين للنّزالِ أقاربي،
لباهُمُ عني لسانُ المنصُلِ
وابيتُ من أني أعيشُ بعزّهمْ
وأكونُ عنْهم في الحروبِ بمعزِلِ
وافَيتُ في يَومٍ أغَرَّ مُحجَّلٍ،
أغشَى الهياجَ على أغرّ محجَّلِ
ثارَ العجاجُ فكنتُ أوّلَ صائلٍ،
وعلا الضّرامُ فكنتُ أوّلَ مُصطَلِ
فغَدا يَقولُ كَبيرُهمْ وصَغيرُهم:
لا خيرَ فيمنْ قالَ إنْ لم يفعلِ
سلْ ساكني الزوراءِ والأممَ التي
حضَرَتْ، وظَلَّلَها رِواقُ القَسطَلِ
مَن كانَ تَمّمَ نَقصَها بحُسامِهِ،
إذْ كلُّ شاكٍ في السّلاحِ كأعزَلِ
أو مَن تدرَّعَ بالعجاجة ِ عندما
نادى مُنادي القومِ: يا خيلُ احمِلي
تُخبِرْكَ فُرسانُ العَريكَة ِ أنّني
كنتُ المصلّي بعدَ سبقِ الأوّلِ
ما كان يَنفَعُ مَن تَقدّمَ سَبقُهُ،
لو لم تُتَمّمْها مَضارِبُ مُنصُلي
لكن تَقاسَمْنا عَواملَ نَحوِها،
فالاسمُ كان لهُ، وكان الفعلُ لي
وبديعة ٍ نظرتْ إليّ بها العِدى
نظرَ الفقيرِ إلى الغنيّ المقبلِ
واستثقلتْ نطقي بها، فكأنّما
لقيتْ بثالثِ سورة ِ المزّمِّلِ
حتى انثنتْ لم تدرِ ماذا تتقي،
عندَ الوقائعِ، صارِمي أمْ مقولي
حَمَلُوا عليّ الحِقدَ حتى أصبَحتْ
تغلي صدروهُمُ كغلْي المرجلِ
إن يَطلُبوا قَتلي، فلَستُ ألومُهم،
دَمُ شَيخِهمْ في صارمي لم يَنصُل
ما لي أسترُها، وتلكَ فضيلة ٌ؟
الفخرُ في فصدِ العدوّ بمنجلِ
قد شاهدوا من قبلِ ذاكَ ترفّعي
عن حربهمْ، وتماسُكي وتجمُّلي
لمّا أثاروا الحَربَ قالتْ هِمْتي:
جهلَ الزّمانُ عليكَ إنْ لم تجهلِ
فالآنَ حينَ فلَيتُ ناصيَة َ الفَلا،
حتى تعلمتِ النّجمُ تنقلي
أضحَى يحاولني العدوّ، وهمّتي
تعلو على هام السماكِ الأعزلِ
ويَرومُ إدراكي، وتلكَ عجيبَة ٌ،
هل يمكنُ الزرزورَ صيدَ الأجدلِ
قُلْ لليّالي: ويكِ ما شئتِ اصنَعي
بَعدي، وللأيّامِ ما شئتِ افعَلي
حسبُ العدوّ بانني أدركتُهُ،
لمّا وَليتُ، وفُتُّهُ لمّا وَلي
سأظَلُّ كلَّ صَبيحَة ٍ في مَهَمهٍ،
وأبِيتُ كلَّ عَشيّة ٍ في مَنزِل
وأسيرُ فرداً في البلادِ، وإنّني
من حَشدِ جَيشِ عزائمي في جَحفل
أجفو الدّيارَ، فإنْ ركبتُ وضَمّني
سرجُ المطهَّمِ قلتُ: هذا منزِلي
لا تسمعنّ بأنّ أسرتُ مسلِّماً،
وإذا سمِعتَ بأنْ قُتلتُ فَعَوّل
ما الاعتذارُ، وصارمي في عاتقي،
إن لم يكُنْ من دونِ أسري مَقتَلي
ما كانَ عُذري إن صَبرتُ على الأذى ،
ورضيتُ بعد تدللي بتذلّلي
فإذا رُميتَ بحادِثٍ في بلدَة ٍ
جردْ حسامَكَ صائلاً، أو فارحلِ
فلذاكَ لا أخشَى ورودَ منيّتي،
وأرى وُرودَ الحتَفِ عَذْبَ المَنهَل
فإذا علا جدّي فقلبي جنّتي،
وإذا دَنا أجَلي فَدِرعي مَقتَلي
ما تِهتُ بالدّنيا، إذا هيَ أقبَلَتْ
نحوي، ولا آسَى ، إذا لم تُقبِل
وكذاكَ ما وَصَلتْ فقُلتُ لها اقطَعي
يوماً، ولا قطعتْ فقلتُ لها صِلي
صبراً على كيدِ العُداة ِ لعلّنا
نَسقي أخيرَهمُ بكأسِ الأوّل
يا عصبة ً فرحوا بمصرعِ ليثنا،
ماذا أمنتُمْ من وثوبِ الأشبُلِ
قومٌ يُعزِّونَ النّزيلَ، وطالَما
بَخِلَ الحيَا، وأكُفُّهمْ لم تَبخَل
يَفنى الزمانُ، وفيه رونَقُ ذِكرِهم؛
يبلى القَميصُ، وفيهِ عَرفُ المَندَل

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ولمّا مَدّتِ الأعداءُ باعا؛
ولمّا مَدّتِ الأعداءُ باعا؛
رقم القصيدة : 19699
-----------------------------------
ولمّا مَدّتِ الأعداءُ باعا؛
وراعَ النّفسَ كرُّهُمُ سِراعا
برَزتُ، وقد حسَرْتُ لها القِناعا،
أقولُ لها، وقد طارَتْ شَعاعا
مِنَ الأبطالِ وَيحَكِ لا تُراعي
كما ابتَعتُ العَلاءَ بغَيرِ سَومَ،
وأحلَلتُ النّكالَ بكلّ قَومٍ
رِدي كأسَ الفَناءِ بغَيرِ لَومِ،
فإنّكِ لو سألتِ بَقاءَ يَومِ
على الأجلِ الذي لكِ لم تطاعي
فكم أرغمتُ أنفَ الضّدّ قَسراً،
وأفنَيتُ العِدَى قَتلاً وأسرَا
وأنتِ مُحيطَة ٌ بالدّهرِ خُبرا،
فصبراً في مجالِ المَوتِ صبرا
فما نيلُ الخلودِ بمستطاعِ
إذا ما عِشتِ في ذُلٍّ وعَجزِ،
فهلْ للنّفسِ غيري من معزِّ
وليسَ الخوفُ من أجلٍ بحرزِ،
ولا ثَوبُ البَقاءِ بثَوبِ عِزِّ
فيطوى عن أخي الخنعِ اليراعِ
ولا أعتاضُ عَن رُشدٍ بغَيِّ،
وثوبُ العزّ في نشرٍ وطيِّ
لقد حُتِمَ الثناءُ لكلّ شيءِ،
سَبيلُ المَوتِ غايَة ُ كلّ حيِّ
وداعيهِ لأهلِ الأرضِ داعي
فجاهِدْ في العُلى يا قلبِ تُكرَمْ،
ولا تَطلُبْ صَفارَ العَيشِ تُحرَمْ
فمَنْ يظفَرْ بطيبِ الذّكرِ يغنَمْ،
ومَن لا يَغتَبِطْ يَبرَمْ ويَسأمْ
وتُسلِمْهُ المَنُونُ إلى انقِطاعِ
أأرغبُ بعدَ قومي في نجاة ِ،
وأجزَعُ في الوَقائعِ مِن مَماتِ
وأرضَى بالحياة ِ بلا حُماة ِ،
وما للعُمرِ خيرٌ في حياة ِ
إذا ما كانَ من سقطِ المتاعِ

شعراء الجزيرة العربية >> عبدالله السفياني >> إبتسامات دامعة
إبتسامات دامعة
رقم القصيدة : 1970
-----------------------------------
خذي دفاتر شعري يا معذبتي
ومزقيها على أشلاء آهاتي
فقد تعوّد قلبي سلب فرحته
وقد تعوّدَتِ التهشيم مرآتي
كل الوجوهِ تساوت في صدى نظري
فليس من عجبٍ دمع ابتساماتي
أترحلين..؟؟!!فروحي من هنا رحلت
حتى المسافات تاهت في مسافاتي
ما عاد يزهر ورد الصدق في حلمي
ولا تبسّمَ نصري فوق راياتي
تحطمت لغة الآمالِ في شفتي
حتى الأسى دمعه باكٍ لمأساتي
أين السحاب توارى.؟؟ كيف فارقني.!!؟.
أخانني قبل أن أدنو لغاياتي
قالت وقد ذاب ثلج الصدق في فمها
هيا ابتسم.!!فسحاب وعودنا آتي

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> سلُوا، بعدَ تسآلِ الوَرى عنكمُ، عنْي،
سلُوا، بعدَ تسآلِ الوَرى عنكمُ، عنْي،
رقم القصيدة : 19700
-----------------------------------
سلُوا، بعدَ تسآلِ الوَرى عنكمُ، عنْي،
فقد شاهدوا ما لم يرَوا منكمُ منّي
رأوْني أُراعي منكُمُ العَهدَ لي بكُم،
وأحسنَ ظَنّاً منكمُ بي بكُمْ ظَنّي
وقد كنتُ جمّ الخوفِ من جَور بُعدكم
فقد نِلتُ لمّا نالَني جَوركُم أمني
خطَبتُ بغالي النّفسِ والمالِ وُدَّكم،
فقد عزّ حتى باتَ في القلبِ والذّهنِ
ولمّا رأيتُ العِزّ قد عزّ عندَكم،
ولا صبرَ لي بينَ المنيّة ِ والمنّ
ثَنيتُ عِناني مَع ثَنائي علَيكُمُ،
فأصبَحتُ والثّاني العنانِ هُوَ المُثني
وليسَ أنيسي في الدُّجَى غيرُ صارِمٍ
رَقيقِ شِفارِ الحَدّ مُعتَدِلِ المَتنِ
وطِرْفٍ كأنّ المَوجَ لاعَبَ صَدرَهُ
فيُسرعُ طَوراً في المِراحِ ويَستأني
أميلُ بهِ بالسهلِ مرتفعاً بهِ،
فيُحزِنُهُ إلاّ التّوَقّلَ في الحَزْنِ
وما زالَ عِلمي يَقتفيني إلى العُلَى ،
فيَسبُقُ حتى جاهَدَ الأكلَ بالأذْنِ
وزرتُ ملوكاً كنتُ أسمعُ وصفهم،
فيُنهِضُني شَوقي ويُقعِدُني أمني
فلمّا تلاقينا، وقد برحَ الجفا،
رأتْ مُقلَتي أضعافَ ما سمعتْ أُذني
خطبتُ بوُدّي عندَهمْ لاهبَاتِهِمْ،
فأصبحتُ بالعزِّ الممنَّعِ في حِصنِ
إذا ما رأوني هكذا قيل: هكا ذا!
ولو شاهَدوني راغباً رَغبوا عَنّي
إذا ما أقمتُ الوزنَ في نظمِ وصفهم،
تَجودُ يَداهمْ بالنُّضارِ بِلا وَزنِ
تُعَيّرُني الأعداءُ بالبَينِ عَنهُمُ،
وما كان حكمُ الدّهرِ بالبينِ عن إذني
وتزعمُ أنّ الشِّعرَ أحنى فضائلي،
وتُنكِرُ أفعالي، وقد علِمَتْ أنّي
وقد شاهدتْ نثري ونظميَ في الوَغى ،
لهامِ العِدى والنّحرِ بالضّرْبِ والطّعنِ
وإن كان لَفظي يخرُقُ الحُجبَ وقعهُ
ويدخُلُ أُذنَ السامعينَ بلا إذنِ
ورُبّ جَسيمٍ منهُمُ، فإذا أتَى
بنُطقٍ حمدتُ الصّمتَ من منطق اللُّكن
ومستقبحٍ حتّى خبرتُ خِلالَهُ،
فأيقنَ قلبي أنّهُ يوسفُ الحُسنِ
فإن حَسدوا فَضلي وعابوا مَحاسِني،
وذلكَ للتقصيرِ عنَها وللضِّغْنِ
وتلكَ لعَمري كالنّجومِ زَواهرٌ،
تقرُّ بها الحُسادُ رغماً على غَبنِ
مَحاسِنُ لي من إرثِ آلِ مَحاسنٍ،
وهَلْ ثَمَرٌ إلاّ على قَدَرِ الغُصن
أظَلُّ وأُمسي راقدَ الجارِ ساهراً،
سواميَ في خوفٍ وجاريَ في أمْنِ
كأنّ كرَى عينيّ سيفُ ابنِ حمزة ٍ،
إذا استُلّ يَوماً لا يَعُودُ إلى الجَفن
فتًى لم تزَلْ أقلامُه وبنانُهُ،
غذا نابَ جدبٌ، نائباتٍ عن المُزنِ
ولوْ خَطّ صَرْفُ الدّهرِ طِرْساً لقصدِه
لخطّ على العُنوانِ من عبدِهِ القِنِّ
فتًى جلّ يوماً أن يُعَدّ بظالِمٍ
لغَيرِ العِدى والمالِ والخَيلِ والبُدن
ولاعُدّ يوماً في الأنام بغاصبٍ
أعادَ الأعادي في الحُروبِ تَجارِباً،
جبالاً غدتْ من عاصفِ الموتِ كالعِهنِ
فإنْ فلّتِ الأيّامُ في الحَربِ حدَّهُ،
فما زالَتِ الأيَامُ في أهلِها تجني
وإنْ أكسبتني بالخطوبِ تجارباً،
فقد وهبتْ أضعافَ ما أخذتْ منّي

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> قليلٌ إلى غيرش اكتسابِ العُلى نهضي،
قليلٌ إلى غيرش اكتسابِ العُلى نهضي،
رقم القصيدة : 19701
-----------------------------------
قليلٌ إلى غيرش اكتسابِ العُلى نهضي،
ومُستَبعَدٌ في غيرِ ذَيل التّقى رَكضي
فكيفَ، ولي عزمٌ، إذا ما امتَطَيتُه
تيقنتُ أنّ الأرضَ أجمعَ في قبضي
وما ليَ لا أغشَى الجِبالَ بمِثلِها
من العزمِ، والأنضاءَ في وَعرِها أُنضي
على أنّ لي عَزماً، إذا رُمتُ مَطلَباً
رأيتُ السّما أدنّى إليّ مِنَ الأرضِ
أبَتْ هِمّتي لي أنْ أذُلّ لناكِثٍ
عرى العهد أو أرضَى من الوِرد بالبرضِ
وأُصبحُ في قيدِ الهوانِ مكبَّلاً،
لدَى عصبة ٍ تُدمي الأناملَ بالعضِّ
ولكنّني أرضى المَنونَ، ولم أكُنْ
أغُضُّ على وَقعِ والمذَلّة ِ أو أُغَضي
أقي النّفسَ بالأموالِ حيثُ إذا وَقَتْ
كنوزُ اللُّهَى نَفسي وقَيتُ بها عِرضي
ولا أختَشي إن مَسّني وقعُ حادِثٍ،
فتلكَ يَدٌ جَسّ الزّمانُ بها نَبضي
فَواعَجبا يَسعى إلى مِنَنِ العِدى
ليُدرِكَ كُلّي من يُقصّرُ عن بعضي
ويَقصِدُني مَن لو تَمَثّلَ شخصُهُ
بعينِ قذًى ما عاقَ جَفني عنن الغُمض
نصَبتُ لهمْ صدرَ الجَوادِ مُحارِباً،
لأرفَعَ ذِكري عندَما طلبوا خفضي
غذا ما تقَلّدتُ الحُسامَ لغارَة ٍ؛
ولم ترضِهِ يومَ الوَغي فلِمَن تُرضي
سألبسُ جلبابَ الظّلامِ مُنكِّباً
مرابضَ أرضٍ طالَ في غابِها رَبضي
فإنْ أحْيَ أدرَكتُ المُرامَ، وإنْ أمُتْ
فلِلّهِ ميراثُ السّمواتِ والأرضِ
صَبرنا علَيهم واقتَضَبنا بثارِنا،
ونَصبرُ أيضاً للجَميعِ ونَستَقضي
غزاهم لساني بعدَ غزوِ يدي لهُمْ،
فلا عَجَبٌ أن يَستَمرّوا على بُغضي
فإنْ أمنوا كفّي فَما أمِنوا فَمي،
وإنْ ثلموا حدّي فما ثلموا عِرضي
وإنْ قصّروا عن طولِ طَولهمُ يدي،
فَما أمنوا في عَرض عِرضِهمِ ركضي
تقولُ رجالي حينَ أصبحتُ ناجياً
سَليماً وصَحبي في إسارٍ وفي قبَض
حمِدتُ إلهي بعدَ عُروَة َ إذْ نَجا
خراشٌ، وبعضُ الشرِّ أهونُ من بعضِ
وأصبَحتُ في مُلكٍ مُفاضٍ ونِعمة ٍ
مَنِيعاً وطَرْفُ الدّهرِ عنّيَ في غَضّ
لدى ملكٍ فاقَ الملوكَ بفضلِهِ،
وطالهمُ طولَ السماءِ على الأرضِ
هوَ الملكُ المَنصورُ غازي بنُ أُرتُقٍ
أخو النّائلِ الفَيّاضِ والكَرمِ المحض
مليكٌ يَرَى كَسبَ النُّضارِ نَوافِلاً
بعَينٍ ترَى بَذْلَ الهِبات من الفَرض
حباني بما لم يوفِ جهدي بشكرهِ،
وأنجَدَني والدّهرُ يجهَدُ في رَفضي
فبُعداً لأمنٍ صَدّني عن جَنابِهِ،
ويا حبّذا خوفٌ إلى قصده يُفضي

 

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> صبراً على وعدِ الزّمانِ وإنْ لوَى ،
صبراً على وعدِ الزّمانِ وإنْ لوَى ،
رقم القصيدة : 19702
-----------------------------------
صبراً على وعدِ الزّمانِ وإنْ لوَى ،
فعَساهُ يُصبحُ تائباً ممّا جَنَى
لا يجزعنكَ أنّهُ رفعَ العدَى ،
فلسوفَ يهدمهُ قليلٌ ما بنَى
حكَموا، فجاروا في القَضاء وما دروا
أنّ المراتبَ تستحيلُ إلى فنا
ظَنّوا الوِلاية َ أنْ تَدومَ عليهِمُ،
هَيهاتَ لو دامَتْ لَهُمْ دامتْ لنا
قتلوا رجالي بعدَ أن فتكوا بهمْ
في وَقعَة ِ الزّوراءِ فتكاً بيّنا
كلُّ الذينَ غَشُوا الوَقيعَة َ قُتّلوا
ما فازَ منهُمْ سالماً إلاّ أنا
لَيسَ الفِرارُ عليّ عاراً بعدَما
شهدوا ببأسي يومَ مشتبكِ القَنا
إن كنتُ أوّلَ من نأى عن أرضِهمْ
قد كنتُ يومَ الحربِ أوّلَ مَن دَنا
أبعدْتُ عن أرضِ العراقِ ركائبي
عِلماً بأنّ الحَزمَ نِعمَ المُقتنَى
لا أختَشي من ذِلّة ٍ أو قِلّة ٍ،
عِزّي لِساني والقَناعة ُ لي غِنَى
جبتُ البلادَ ولستُ متخذاً بها
سكناً، ولم أرضَ الثّرَيّا مسكنا
حتى أنختُ بماردينَ مطيّتي،
فهُناكَ قالَ ليَ الزّمانُ: لكَ الهَنا
في ظلِّ ملكٍ مُذْ حلَلْتُ بربعِهِ
أمسى لسانُ الدّهرِ عَنّي ألكنَا
نظرَ الخطوبَ، وقد قسون، فلانَ لي،
ورأى الزّمانَ، وقد أساءَ، فأحسَنا

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> شفّها السيرُ وقتحامُ البوادي،
شفّها السيرُ وقتحامُ البوادي،
رقم القصيدة : 19703
-----------------------------------
شفّها السيرُ وقتحامُ البوادي،
ونزولي في كلّ يومٍ بوادٍ
ومقيلي ظلُّ المطيّة ِ، والتُّرْ
بُ فِراشي، وساعداها وسادي
وضَجيعي ماضي المَضاربِ عَضْبٌ
أصلحتهُ القيونُ من عهدِ عادِ
أبيضٌ أخضرُ الحديدة ِ ممّا
شقّ قدماً مرائرَ الآسادِ
وقميصي درعٌ كأنّ عُراها
حبكُ النّملِ أو عيونُ الجرادِ
ونَديمي لَفظي، وفكري أنيسي،
وسروري مائي، وصبريَ زادي
ودليلي من التوسّمِ في البيـ
ـدِ لِبادي الأعلامِ والأطوادِ
وإذا ما هدَى الظّلامُ، فكَمْ لي
من نُجومِ السّماءِ في السبل هادي
ذاكَ أنّي لا تَقبَلُ الضّيمَ نَفسي،
ولو أنّي افترشتُ شوكَ القتادِ
هذه عادّتي، وقد كُنتُ طِفلاً،
وشَديدٌ عليّ غَيرُ اعتِيادي
فإذا سرتُ أحسبُ الأرضَ ملكي،
وجَميعَ الأقطارِ طوعَ قِيادي
وإذا ما أقَمتُ، فالنّاسُ أهلي،
أينَما كنتُ، والبلادُ بلادي
لا يَفوتُ القُبولُ مَن رُزِقَ العَقـ
ـلَ وحُسنَ الإصدارِ والإيراد
وإذا صَيّرَ القَناعة دِرْعاً
كانَ أدعى غل بلوغِ المُرادِ
لَستُ ممّنْ يَدِلُّ مَع عَدَمِ الجَـ
ـدّ بفِعْلِ الآباءِ والأجداد
ما بَنيتُ العَلياءَ إلاّ بجَديّ،
وركوبي أخطارَها واجتهادي
وبلَفظي، إذا ما نَطَقتُ، وفَضلي،
وجدالي عن منصبي وجلادي
غَيرَ أنّي، وإنْ أتَيتُ منَ النّظْـ
ـمِ بلَفْظٍ يُذيبُ قَلبَ الجَماد
لَستُ كالبحتريّ أفخَرُ بالشّعْـ
ـرِ وأَثني عِطفَيّ في الأبراد
وإذا ما بَنَيتُ بَيتاً تَبَختَرْ
تُ كأنّي بنيتُ ذاتَ العِمادِ
إنّما مَفخَري بنفسي، وقَومي،
وقناتي، وصارمي، وجوادي
معشرٌ أصبحتْ فضائلُهم في الأرْ
ضِ تُتلَى بألسُنِ الحُسادِ
ألبسوا الآملينَ أثوابَ عزِّ،
وأذلّوا أعناقَ أهلِ العِنادِ
كم عَنيدٍ أبدى لنا زُخرُفَ القَوْ
لِ وأخفَى في القلبِ قدحَ الزّنادِ
ورمانا من غدرهِ بسهامٍ،
نَشِبَتْ في القُلُوبِ والأكباد
فسرينا إليهِ في أجمِ السُّمْـ
ـرِ بغابٍ يسيرُ بالآسادِ
وأتَينا مِن الخُيولِ بسَيْلٍ
سالَ فوقَ الهِضابِ قبلَ الوِهاد
وبرزنا منَ الكماة ِ بأطوا
دِ حُلومٍ تَسري على أطواد
كلّما حاولوا الهوادَة َ منّا
شاهدوا الخيلَ مُشرفاتِ الهَوادي
وأخذنا حقوقنا بسيوفٍ
غنيتْ بالدّما عنِ الأغمادِ
فكأنّ السيوفَ عاصِفُ ريحٍ
وهُمُ في هبوبِها قومُ عادِ
حاولتْ رؤوسهمْ صعوداً فنالتـ
ـهُ ولكنْ من رؤوسِ الصِّعادِ
فَلَئِنْ فَلّتِ الحَوادِثُ حَدّي
بعدَما أخلصَ الزّمانُ انتقادي
فلقد نلتُ من مُنى النّفسِ ما رُمْـ
ـتُ وأدركتُ منهُ فوقَ مُرادي
وتحَقّقتُ انّما العَيشُ أطوا
رٌ كلٌّ مصيرُهُ لنفادِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> قَبيحٌ بمنْ ضاقتْ عنِ الأرضِ أرضُهُ
قَبيحٌ بمنْ ضاقتْ عنِ الأرضِ أرضُهُ
رقم القصيدة : 19704
-----------------------------------
قَبيحٌ بمنْ ضاقتْ عنِ الأرضِ أرضُهُ
وطولُ الفَلا رحبٌ لديهِ وعرضُهُ
ولم يبلِ سربالَ الدُّجى فيه ركضُهُ،
إذا المرءُ لم يدنس من الؤمِ عرضُهُ
فكلُّ رداءٍ يرتديهِ جميلُ
إذا المرءُ لم يحجُبْ عن العينِ نومها
ويغلي من النفسِ النفيسة ِ سومَها
أضيع، ولم تأمنْ معاليهِ لومَها،
وإن هوَ لم يَحمِلْ على النّفسِ ضَيمَها
فليسَ إلى حُسنِ الثّناءِ سَبيلُ
وعصبة ِ غدرٍ أرغمتها جدودنا،
فَباتَتْ، ومنها ضِدُّنا وحَسُودُنا
إذا عَجِزَتْ عن فِعلِ كَيدٍ يكيدُنا
تُعَيّرُنا أنّا قَليلٌ عَديدُنا
فقلتُ لها: إنّ الكرامَ قليلُ
رَفَعنا على هامِ السّماكِ مَحَلَّنا،
فلا ملكٌ إلاّ تفيأ ظلَّنا
فقَد خافَ جيشُ الأكثرينَ أقَلَّنا،
وما قَلّ مَن كانتْ بَقاياهُ مِثلَنا
شَبابٌ تَسامَى للعُلى وكُهُولُ
يُوازي الجِبالَ الرّاسياتِ وقارُنا،
وتبنى على هامِ المجرّة ِ دارُنا
ويأمنُ منْ صرفِ الزّمانِ جوارُنا،
وما ضَرّنا أنّا قَليلٌ وَجارُنا
عزيزٌ، وَجارُ الأكثرين ذَليلُ
ولمّا حلَلْنا الشّامَ تَمّتْ أُمورُهُ
ومنّا مُبيدُ الألفِ في يَومِ زَحفِهِ،
وبالنيربِ الأعلى الذي عزّ طورُهُ،
لنا جبلٌ يحتلُّهُ من نجيرُهُ
منيعٌ يردُّ الطرفَ، وهوَ كليلُ
يريكَ الثريّا من خلالِ شعابِهِ،
وتحدقُ شهبُ الأفقِ حولَ هضابِهِ
ويعثرُ خطوُ السحبِ دونَ ارتكابهِ،
رسا أصلُهُ تحتَ الثّرَى وسما بهِ
إلى النّجمِ فَرعٌ، لا يُنالُ، طويلُ
وقَصرٍ على الشّقراءِ قد فاضَ نَهرُهُ،
وفاقَ على فخرِ الكواكبِ فخرُهُ
وقد شاعَ ما بينَ البريّة ِ شكرُهُ،
هوَ الأبلقُ الفردُ الذي شاعَ ذكرُهُ
يعزُّ على منْ رامَهُ ويطولُ
إذا ما غضبنا في رضي المجدِ غضبة ً
لندركَ ثأراً أو لنبلغُ رتبة ً
نَزيدُ، غَداة َ الكرّ في المَوتِ، رَغبة ً،
وإنّا لَقَوْمٌ لا نَرى القتلَ سُبّة ً
غذا ما رأتهُ عامرٌ وسلولُ
أبادتْ ملاقاة ُ الحروبِ رجالنا،
وعاشَ الأعادي حينَ مَلّوا قِتالَنا
لأنّا، إذا رامَ العُداة ُ نِزالَنا
يقربُ حبُّ الموتِ آجالنا لنَا
وتَكرَهه آجالُهُمْ، فتَطولُ
فمنّا معيدُ الليثِ في قبض كفّهِ،
ومُورِدُهُ في أسرِهِ كأسَ حَتفِهِ
وما ماتَ منّا سيدٌ حتفَ أنفهِ
ولا ضَلّ يَوماً حيثُ كانَ قَتيلُ
إذا خافَ ضَيماً جارُنا وجَليسُنا،
فمِنْ دونِهِ أموالُنا ورؤوسُنا
وإنْ أجّجَتْ نارَ الوَقائعِ شُوسُنا،
تسيلُ على حدّ الظُّباتِ نفوسنا
وليستْ على غيرِ الظُّباتِ تسيلُ
جنَى نفعنَا الأعداءُ طوراً وضرنَّا،
فما كانَ أحلانا لهمْ وأمرَّنا
ومُذْ خَطَبُوا قِدماً صَفانا وبِرَّنا،
صفونا، ولم نكدُر، وأخلصَ سرَّنا
أناسٌ أطابتْ حملنا وفحولُ
لقد وَفتِ العَلياءُ في المجدِ قِسطَنا،
وما خالفتْ في منشإ الأصلِ شرطنا
فمُذْ حاوَلَتْ في ساحة ِ العزّ هَبطَنا،
علوْنا إلى خيرِ الظّهورِ وحطَّنا
لوقتٍ إلى خيرِ البطونِ نزولُ
تُقِرُّ لَنا الأعداءُ عندَ انتِسابِنا،
وتخشى خطوبُ الدّهرِ فصلَ خطابنا
لقد بلغتْ أيدي العُلى في انتخابنا،
فنحنُ كماءِ المزنِ ما في نصابِنا
كَهامٌ، ولا فينا يُعَدُّ بخيلُ
نغيثُ بني الدنيا ونحملُ هولهمْ،
كما يَومُنا في العِزّ يَعدِلُ حَولَهم
نَطولُ أُناساً تَحسُدُ السُّحبُ طَولَهمْ
ونُنكِرُ إن شِئنا على النّاسِ قولَهم
ولا يُنكِرونَ القولَ حينَ نَقولُ
لأشياخنا سعيٌ بهِ الملكَ أيدوا،
ومِنْ سَعِينا بَيتُ العَلاءِ مُشَيَّدُ
فَلا زالَ منّا في الدّسوتِ مُؤيَّدُ،
إذا سيدٌ منّا خلا قامَ سيدُ
قؤولٌ لما قالَ الكرامُ فعولُ
سبقنا إلى شأو العُلى كلَّ سابقِ،
وعمَّ عطانا كلَّ راجٍ ووامِقِ
فكَمْ قد خَبَتْ في المَحل نارُ مُنافِقِ
وما أُخمِدَتْ نارٌ لَنا دونَ طارِقِ
ولا ذَمَّنا في النّازِلينَ نَزيلُ
علونا مكانَ النجمِ دونَ علونا،
وسامَ العُداة َ الخَسفَ فَرطُ سُمُوّنا
فَماذا يَسُرُّ الضّدَّ في يومِ سَوّنا،
وأيّامُنا مَشهورَة ٌ في عَدُوّنا
لها غُرَرٌ مَعلومَة ٌ وحُجولُ
لنا يومَ حربِ الخارجيّ وتغلبِ
وَقائعُ فَلّتْ للظُّبَى كلّ مَضرِبِ
فأحسابنا من بعدِ فهرٍ ويعربٍ،
وأسيافنا في كلّ شرقٍ ومغربِ
بها من قِراعِ الدّارِعينَ فُلُولُ
أبَدْنا الأعادي حينَ ساءَ فعالُها،
فَعادَ عَلَيها كيدُها ونَكالُها
وبيضٌ جلا ليلَ العجاجِ صقالُها
معودَة ٌ ألاّ تسلَّ نصالُها
فتُغمَدَ حتى يُستَباحَ قَبيلُ
هم هَوّنوا في قَدرِ مَن لم يُهِنْهُمُ،
وخانوا، غداة َ السلم، من لم يخنهمُ
فإنْ شِئتِ خُبر الحالِ منّا ومنهُمُ
سلي إن جهلتِ الناسَ عنّا وعنهمُ
فلَيسَ سَواءً عالِمٌ وجَهولُ
لئن ثلمَ الأعداءُ عرضي بسومهم
فكم حَلَموا بي في الكَرَى عند نومهم
وإذا أصبحوا قطباً لابناءِ قومهم،
فإنّ بني الرّيّانِ قُطبٌ لقومهم
تدورُ رحاهُمْ حولهم وتجولُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> تَوِسّدَ في الفَلا أيدي المَطايا،
تَوِسّدَ في الفَلا أيدي المَطايا،
رقم القصيدة : 19705
-----------------------------------
تَوِسّدَ في الفَلا أيدي المَطايا،
وقدّ من الصعيدِ لهُ حشايا
وعانقَ في الدُّجى أعطافَ عضبٍ
يدبُّ بحدّهِ ماءُ المنايا
وصَيّرَ جأشَهُ في البِيدِ جَيشاً،
ومِنْ حَزْمِ الأمورِ لهُ رَبَايا
فمُذْ بَسَمَتْ ثَنايا الأمنِ نادَى :
أنا ابنُ جلا وطلاّعُ الثّنايا
أبيٌّ لا يقيمُ بارضِ ذلٍّ،
ولا يَدنو إلى طُرُقِ الدنايا
إذا ضاقتْ بهِ أرضٌ جفاها،
ولو ملأ النُّضارُ بها الرّكايا
غدا لأوامرِ السّلانِ طوعاً،
ولكنْ لا يعدُّ مِنَ الرّعايا
تركتُ الحُكمَ يسعفُ طالبيهِ،
ويُورِدُ أهلَهُ خُطَطَ الخَطايا
وعِفتُ حِسابَهمْ والأصلُ عندي
وفي كَفّيّ دُستورُ البَقايا
وسِرْتُ مُرَفَّهاً في حُكمِ نَفسٍ
تَعُدُّ خمولَها إحدى البَلايا
ولَيسَ بمُعجِزٍ خَوضُ الفَيافي،
إذا اعتادَ الفتى خوضَ المنايا
فلي من سرجِ مهري تختُ ملكٍ
منيعٍ لم تنلهُ يدُ الرّزايا
وإيوانٌ حكَى إيوانَ كِسرَى ،
تُدارُ عليهِ مِنْ نَبعٍ حَنايا
يُقيمُ مَع الرّجالِ، إذا أقَمنا،
وإنْ سرْنا تسيرُ بهِ المطايا
يسيرُ بيَ البساطُ بهِ كأنّي
وَرِثتُ مِن ابنِ داودٍ مَزايا
يخالُ لسيرهِ في البيدِ خلواً،
وكمْ فيهِ خبايا في الزّوايا
تباريهِ معَ الوالدانِ قودٌ
مضمَّرة ُ الأياطِلِ والحوايا
وتخفقُ دونَ محملهِ بنودٌ
كأنّي بعضُ أملاكِ البَرايا
فأيُّ نَعيمِ مُلْكٍ زالَ عَنّي،
وأبكارُ الممالك لي خطايا
إذا وافَيتُ يَوماً رَيعَ مُلكٍ
ليَ المرباغُ فيهِ والصّفايا
تلاحظُني الملوكُ بعينِ عزٍّ،
وتُكرِمُني وتُحسِنُ بي الوَصايا
أُجاوِرُهمْ كأنّي بَينَ أهلي،
وكلٌّ مِنْ سَراتِهمُ سَرايا
وما لي ما أمُتُّ بهِ إلَيهِمْ،
سوى الآدابِ مع صِدقِ الطّوايا
وودٍّ شبّهته لهم بنصحٍ،
إذا شُوركتُ في فَصلِ القَضايا
وإني لستُ أبدأهم بمدحٍ،
أرومُ بهِ المَواهبَ والعَطايا
ولكني أصيرهُ جزاءً
لما أولوهُ من كرمِ السجايا
فكم أهديتُ من معنًى دقيقٍ
بهِ وَصَلَ الدّقيقُ إلى الهَدايا
فقُلْ لمُسَفِّهٍ في البُعدِ رأيي،
وكنتُ بهِ أصَحّ النّاسِ رايا
عذرتكَ لم تذقْ للعزّ طعماً،
ولا أبدي الزّمانُ لكَ الخفايا
ولا أولاكَ الحسنِ نوراً،
كما عَكَسَتْ أشعّتَها المَرايا
فَما حُرٌّ يَسيغُ الضّيمَ حُرّاً،
ولو أصمَتْ عَزائمَهُ الرّمايا
لذلكَ مُذْ عَلا في النّاسِ ذِكري
رَمَيْتُ بِلادَ قَومي بالنَّسايا
ولستُ مسفهاً قومي بقولي،
ولكنّ الرجالَ لها مزايا

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لا يَظُنّنّ مَعشَري أنّ بُعدي
لا يَظُنّنّ مَعشَري أنّ بُعدي
رقم القصيدة : 19706
-----------------------------------
لا يَظُنّنّ مَعشَري أنّ بُعدي
عنهمُ اليومَ موجبٌ للتراخي
بل أبَيتُ المُقامَ بعَدَ شُيوخي،
ما مقامُ الفرزانِ بعدَ الرّخاخِ
أينما سرتُ كانَ لي فيهِ ربعٌ،
وأخٌ مِن بَني الزّمانِ أُؤاخى
وإذَا أجّجُوا الكِفاحَ رَأوني
تابعاً في مجالها أشياخي
ربّ فعلٍ يسمو على شامخِ الشُّـ
ـمّ، وقولٍ يسمو على الشماخِ
حاولتني منَ العداة ِ ليوثٌ
لا أراها بَعوضَة ً في صِماخي
قد رأوا كيفَ كان للحَبّ لَقطي،
وفراري من قبل فقس الفِخاخ
إنْ أبادوا بالغدرِ منّا بزاة ً
وَيلَهم من كَمالِ ريشِ الفِراخ
سوفَ تَذكو عَداوَة ٌ زَرَعُوها،
إنّها أُلقِيَتْ بغَيرِ السِّباخ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> مُذْ تَسامتْ بنا النّفوسُ السّوامي،
مُذْ تَسامتْ بنا النّفوسُ السّوامي،
رقم القصيدة : 19707
-----------------------------------
مُذْ تَسامتْ بنا النّفوسُ السّوامي،
أصغَرَتْ قَدرَ مالِنا والسَّوامِ
فلنا الأصلُ والفروعُ النّوامي،
إنّ أسيافَنا القِصارَ الدّوامي
صَيّرَتْ مُلكَنا طَويلَ الدّوام
كمْ فِناءٍ بعدلِنا معمورِ،
ومليكٍ بجودنا مغمورِ
وأميرٍ بأمرِنا مأمورِ،
نَحنُ قَومٌ لَنا سَدادُ أُمُورِ
واصطِدامُ الأعداءِ مِن وَسطِ لامِ
كم فللنا شبا خطوبٍ جسامِ
بيراعٍ، أو ذابلٍ، أو حُسامِ
فلنا المجدُ ليسَ فيهِ مسامِ،
واقتسامُ الأموالِ من وقتِ سامِ
واقتحامُ الأهوالِ مِن وقتِ حامِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> سوابقنا، والنقعُ، والسمرُ والظُّبى ،
سوابقنا، والنقعُ، والسمرُ والظُّبى ،
رقم القصيدة : 19708
-----------------------------------
سوابقنا، والنقعُ، والسمرُ والظُّبى ،
وأحسابُنا، والحِلمُ، والبأسُ، والبِرُّ
هبوبُ الصَّبا والليلُ والبرقُ والقضا،
وشمسُ الضّحى والطّودُ والنارُ والبحرُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لَئِنْ لم أُبَرْقِعْ بالحَيا وجهَ عِفّتي،
لَئِنْ لم أُبَرْقِعْ بالحَيا وجهَ عِفّتي،
رقم القصيدة : 19709
-----------------------------------
لَئِنْ لم أُبَرْقِعْ بالحَيا وجهَ عِفّتي،
فلا أشبهتهُ راحتي في التّكَرّمِ
ولا كنتُ ممّن يكسرُ الجَفنَ في الوَغى
إذا أنا لم أغضضهُ عن راي محرمِ

شعراء الجزيرة العربية >> عبدالله السفياني >> تهويمات في وجهها
تهويمات في وجهها
رقم القصيدة : 1971
-----------------------------------
تاهت حروف الشعر في معناك
واستبشرت عيناه حين رآكِ
يا أنت يا وعد السحاب بدمعه
يسقي لهيب الأرض من نجواك
في شرفة الأيام وجهك قبلة
وعلى جبين الفجر نور بهاك
شريان حبك صاغ سر هويتي
فكتبت في سفر الهوى أهواكِ
أهواكِ ، يا أملا يطير بمهجتي
ففضاؤه منحته لي عيناكِ
ناديت والأحلام ترقص في الربى
فاخضرَّ صوتي من صدى مغناكِ
وتراقصت لغة القصيد على فمي
وعلى مداركِ هاجرت أفلاكِ
قد خاض أوردة البحار سفينتي
حتى دنوت فضمني مرساكِ
لا تسألي لغة السفين تحطمت
وتمزقت أشلاؤها لولاكِ
حتى رماد الذكريات أعيده
نارا تذيب البرد من ذكراكِ
وكتائب النسيان تمتم صمتها
في مسمع الأيام لن أنساكِ

 


العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لا يَسمَعُ العُودَ منّا غيرُ خاضِبِهِ
لا يَسمَعُ العُودَ منّا غيرُ خاضِبِهِ
رقم القصيدة : 19710
-----------------------------------
لا يَسمَعُ العُودَ منّا غيرُ خاضِبِهِ
من لبة ِ الشوسِ يومَ الرَّوعِ بالعلقِ
ولا يزفُّ كميتاً غيرُ مصدرهِ
يومَ الطّرادِ بلَيلِ الطَّفّ بالعَرَقِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لقدْ نزهتْ قدري عن الشعرِ أمة ٌ،
لقدْ نزهتْ قدري عن الشعرِ أمة ٌ،
رقم القصيدة : 19711
-----------------------------------
لقدْ نزهتْ قدري عن الشعرِ أمة ٌ،
ولامَ علَيهِ مَعشري وبَنو أبي
وما علموا أنّي حميتُ ذمارهُ
عن العارِ لم أذهبْ به كلَّ مذهبِ
وما عابَني نَظمُ القَريضِ، ومَذهبي
رفيعٌ، وقَلبي في الوَغى غيرُ قُلَّبِ
أقولُ، وفي كفي يراعٌ، وتارة ً
أقولُ، وسيفي في مفارقِ أغلبِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> وما كنتُ أرضى بالقريضِ فضيلة ً،
وما كنتُ أرضى بالقريضِ فضيلة ً،
رقم القصيدة : 19712
-----------------------------------
وما كنتُ أرضى بالقريضِ فضيلة ً،
وإنْ كانَ ممّا تَرتَضيهِ الأفاضِلُ
ولستُ أذيعُ الشعرَ فخراً، وإنّما
مُحاذَرَة ً أنْ تَدّعيهِ الأراذِلُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ولقد أسيرُ على الضّلالِ، ولم أقُلْ:
ولقد أسيرُ على الضّلالِ، ولم أقُلْ:
رقم القصيدة : 19713
-----------------------------------
ولقد أسيرُ على الضّلالِ، ولم أقُلْ:
أينَ الطّريقُ، وإن كَرِهتُ ضَلالي
وأعافُ تسآلَ الدليلِ ترفّعاً
عَن أنْ يَفوهَ فَمي بلَفظِ سُؤالِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> قَطَعتُ مِنَ الهَباتِ رَجاءَ نَفسي،
قَطَعتُ مِنَ الهَباتِ رَجاءَ نَفسي،
رقم القصيدة : 19714
-----------------------------------
قَطَعتُ مِنَ الهَباتِ رَجاءَ نَفسي،
وقلّ إلى العنا دلجي وسيري
فقلْ لمكلفي تسآلَ قومٍ
ليُدرِكَ منهُمُ نَفعاً بضَيرِي
أتبذلُ دونَ وجهكَ ماءَ وجهي،
وتمحو باسمِ شرّكَ ذكرَ خيري
أنِفتُ مِنَ السّؤالِ لنَفعِ نَفسي،
فكَيفَ أُطيقُ أفعَلُهُ لغَيري

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لا غَرْوَ إن قَصّ جَناحي الرّدى ،
لا غَرْوَ إن قَصّ جَناحي الرّدى ،
رقم القصيدة : 19715
-----------------------------------
لا غَرْوَ إن قَصّ جَناحي الرّدى ،
فعذرُهُ في فعلِهِ واضحُ
يَضرِبُ عن ذي النّقصِ صفحاً ولا
يُقَصُّ إلاّ الدّرهَمُ الرّاجِحُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> بلغي الأحبابَ يا
بلغي الأحبابَ يا
رقم القصيدة : 19716
-----------------------------------
بلغي الأحبابَ يا
ريحَ الصَّبَا عنّي السّلامَا
وإذا خاطبكِ الـ
ـجاهِلُ بي قُولي: سَلاما
أنا مَنْ لمْ يذممِ الـ
ـنّاسُ لهُ يوماً ذماما
يحفظُ العهدَ ولا يسـ
ـمعُ في الخلّ الملاما
من أناسٍ صيروا العرْ
ضَ على الذّمَ حراما
أيتَموا الأطفالَ في الحَرْ
بِ، وهم كهفُ اليتاما
وإذا مَرّوا بلَغوٍ
في الوَرَى مَرّوا كِراما
فلَكَمْ ذُقتُ عَذاباً
للهَوَى كانَ غَراما
إنّ نارَ الشوقِ سا
ءَتْ مُستَقَراً ومَقاما

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> يَلَذُّ لنَفسي بَذلُ ما قد مَلَكتُهُ،
يَلَذُّ لنَفسي بَذلُ ما قد مَلَكتُهُ،
رقم القصيدة : 19717
-----------------------------------
يَلَذُّ لنَفسي بَذلُ ما قد مَلَكتُهُ،
وبَسطُ يَدي فيما تَجَمّعَ في قَبضي
ولم أُبْقِ بَعضَ المالِ إلاّ لأنّني
أُسَرُّ بما فيهِ الوَقائذُ عن عِرضي

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ولا رأيَ لي إلاّ كنتُ حاقِناً
ولا رأيَ لي إلاّ كنتُ حاقِناً
رقم القصيدة : 19718
-----------------------------------
ولا رأيَ لي إلاّ كنتُ حاقِناً
لماءِ المحيّا عن سؤال بني الدّهرِ
ولم تَثنِ أبكارُ المَدائحِ عِطفَها
لتجلَى عليهم في غلائلَ في شعري
ولم أبتَذِلْ عِرسَ المَديحِ لخاطِبً،
ولو أرغَبوني بالجَزيلِ من المَهرِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أصغرَتْ مالَنا النّفوسُ الكِبارُ،
أصغرَتْ مالَنا النّفوسُ الكِبارُ،
رقم القصيدة : 19719
-----------------------------------
أصغرَتْ مالَنا النّفوسُ الكِبارُ،
فاقتضتْ طولنَا السيوفُ القصارُ
وبنتْ مجدنَا رماحٌ طوالٌ،
قَصُرَتْ عندَ هَزّها الأعمارُ
كم جلَونا بَمعرَكٍ كَربَ حَربٍ،
وكؤوسُ المُدامِ فيها تُدارُ
أعرَبتْ عن صِفاتِنا عُجْمُ أقلا
مٍ فِصاحٍ جِراحُهُنّ جُبارُ
فَلَئِنْ كانَ غابَ عن أُفُقِ المَجـ
ـدِ سِناناً، فللبُدورِ سِرارُ

شعراء الجزيرة العربية >> عبدالله السفياني >> نفس من النفس
نفس من النفس
رقم القصيدة : 1972
-----------------------------------
أماهُ .. لا تسألي عن كُنْهِ أمنيتي
لا تسألي عن دمٍ يجري بأوردتي
لا تسألي عن رفاق الدرب إنهمُ
عزّوا..! فليس سوى صبري وراحلتي
لا تسألي عن خيول الشعر.!! ملجمة
لجامها الخوفُ ، إلا صوت قافيتي!!
*** *** ***
هي الغريبة تجري في أعنّتها
ترنو إلى الشمس في إشراقها الآتي
تعانق الفجر، تشتمُّ النسيم به
تواجه اليأسَ في طوفانه العاتي
فسوف أكتب شعري في فضا أملي
وسوف أركز فوق الحب راياتي.

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ليهنكَ أني في القراعِ وفي القرى ،
ليهنكَ أني في القراعِ وفي القرى ،
رقم القصيدة : 19720
-----------------------------------
ليهنكَ أني في القراعِ وفي القرى ،
وفي البحثِ حظّي الصدرُ والصدرُ والصدرُ
ويومَ النّدي والرَّوعِ إنْ أبحِ اللّقا
تَعجّبَ منّي البحرُ والبحرُ والبحرُ
إذا عَنّ بحثٌ أو تَطاوَلَ حادِثٌ
يُقَصّرُ عَنهُ الحَبرُ والبَطَلُ الذِّمرُ
أطاعِنُ فُرسانَ الكَلامِ، وتارَة ً
أطاعنُ خَيلاً من فَوارِسِها الدّهرُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أيا رَبّ قَد عوّدتني منكَ نِعمَة ً،
أيا رَبّ قَد عوّدتني منكَ نِعمَة ً،
رقم القصيدة : 19721
-----------------------------------
أيا رَبّ قَد عوّدتني منكَ نِعمَة ً،
أجودُ بها للوافدينَ بلا مَنّ
فأُقسِمُ ما دامَتْ عَطاياكَ جَمّة ً
ونعماك، لا خيبتُ ذا الظنّ بالمنّ
إذا بخلتْ كفي بنعمة ِ منعمٍ،
فقد ساءَ في تكرارِ أنعُمِهِ ظَنّي

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> حسَدَ الفاضِلُ المُماذِقُ فَضلي،
حسَدَ الفاضِلُ المُماذِقُ فَضلي،
رقم القصيدة : 19722
-----------------------------------
حسَدَ الفاضِلُ المُماذِقُ فَضلي،
فهوَ للحالَتَينِ يُخفي ويُبدي
ورمى بيننا العداوة َ، إنّي
نِلتُ ما نالَ فهو نِدّي وضِدّي

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لسيري في الفلا والليلُ داجٍ،
لسيري في الفلا والليلُ داجٍ،
رقم القصيدة : 19723
-----------------------------------
لسيري في الفلا والليلُ داجٍ،
وكَرّي في الوغى والنّقعُ داجِنْ
وحملي مرهفَ الحدينِ ضامٍ
لحامِلِه وجودَ النّصرِ ضامِن
وهَزّي ذابِلاً للخَيلِ مارٍ،
يلينُ ببزهِ صدراً ومارنْ
وخطوي تحتَ راية ِ ليثِ غابٍ،
بسَطوَتِهِ لصَرْفِ الدّهرِ غابِن
وركضي أدهمَ الجلبابِ صافٍ،
خفيفَ الجري يوم السلمِ صافنْ
شديدُ البأس ذُو أمرٍ مُطاعٍ،
مُضارِبُ كلّ قَرمٍ، أو مُطاعِن
أحَبُّ إليّ من تَغريدِ شادٍ،
وكأسِ مدامة ٍ منكفّ شادِنْ
وحثي بالكؤوسِ إلى بواطٍ،
ظواهرهُنّ غابٌ والبواطنْ
ولَثمِ مُضَعَّفِ الأجفانِ ساجٍ،
بمطلقِ حسنِهِ للقلبِ ساجنْ
وفِكري في حيَاة ٍ، أو وَفاة ٍ،
لأُرْضي كلّ فاتِنَة ٍ وفاتِن
فأمسي، والشوامتُ بي هوازٍ،
كما شمتتْ ببكرٍ في هوازنْ
وليسَ المجدُ إلاّ في مواطٍ،
فَما لَك في السّعادَة ِ مِن مُوازٍ،
بعزمٍ في الشدائدِ غيرِ واهٍ،
وبأسٍ في الوقائعِ غَيرِ واهِن
وصُحبَة ِ ماجِدٍ كالنّجمِ هادٍ،
يُسِرُّ البَطشَ حِلماً، وهوَ هادِن
وكلُّ غَضَنفَرٍ للبأسِ كامٍ،
شَبيهِ السّيفِ فيهِ الموتُ كامِن
كريمٍ لا يطيعُ مقالَ لاحٍ،
غدا في فعلهِ والقولِ لاحنْ
تقيٍّ من ثيابِ العارِ عارٍ
بهمتهِ لأنفِ الدّهرِ عارنْ
وعشرة ِ كاتبٍ للعلمِ قارٍ،
لحسنِ الخلقِ بالآدابِ قارنْ
أخي كَرَمٍ لداءِ الخِلّ آسٍ،
وصَيّرْتَ العَفافَ بها مَعادِن
ولا لك في السيادة من موازنْ

 


العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> قلْ للمليّ الذي قد نامَ عن سهري
قلْ للمليّ الذي قد نامَ عن سهري
رقم القصيدة : 19724
-----------------------------------
قلْ للمليّ الذي قد نامَ عن سهري
ومَن بجسمي وحالي عندهُ سَقَمُ
تَنامُ عنّي، وعينُ النّجمِ ساهَرَة ٌ،
واحَرّ قَلباهُ مِمّنْ قَلبُهُ شَبِمُ
فالحبُّ حيثُ العِدى والأسدُ رابضة ٌ،
فليتَ أنّا بقدرِ الحبّ نقتسمُ
فهلْ تعينُ على غيٍّ هممتُ به
في طَيّهِ أسَفٌ في طَيّه نِعَم
حبُّ السّلامة ِ يَثني عَزمَ صاحِبه
إذا استَوَتْ عندَهُ الأنوارُ والظُّلَم
فإن جنَحَت إليهِ، فاتّخِذْ نفَقاً،
ليحدثنَّ لمنْ ودعتهُمْ ندَمُ
رِضَى الذّليلِ بخَفضِ العيشِ يخفضُه
وقد نظرْتُ إليهِ، والسّيوفُ دَمُ
إنّ العُلى حدّثتني، وهيَ صادقة ٌ:
إنّ المعارفَ في أهلِ النّهَى ذمَمُ
أهبتُ بالحظّ لو ناديتُ مستمعاً،
واسمعت كلماتي من به صمم
لعلهُ إنْ بدا فضلي ونقصُهُمُ
أدركْتُها بجَوادٍ ظَهرُهُ حَرَم
أعللُ النفسَ بالآمالِ أطلبُها،
لو أنّ أمرَكُمُ من أمرِنا أَمَم
غالَى نفسيَ عرفاني بقيمتها،
حتى ضرَبتُ، وموجُ الموتِ يَلتطَمِ
ماك نتُ أوثرُ أن يمتدّ بي زمنٌ
شهبُ البزاة ِ سواءٌ فيهِ والرَّخَمُ
أعدضى عدوّك أدْنَى من وثقتَ به،
فَلا تَظُنّنّ أنّ اللّيثَ يَبتَسِم
وحُسنُ ظَنّكَ بالأيّامِ مُعجِزَة ٌ،
أن تحسبَ الشحمَ فيمن شحمه وردمُ
يا وارِداً سُؤرَ عَيشٍ صَفُوهُ كدَرٌ،
وشرُّ ما يَكسبُ الإنسانُ ما يَصِم
فيما اعتراضكَ لجّ البحرِ تركبُه
واللَّهُ يكرَهُ ما تأتونَ والكَرَم
ويا خبيراً على الأسرارِ مطلعاً،
فيك الخِصامُ وأنتَ الخَصمُ والحكم
قد رَشّحوكَ لأمرٍ لو فَطِنتَ لهُ،
تصافحتْ فيه بيضُ الهندِ واللِّمَمُ
فافطَن لتَضمينِ لَفظٍ فيك أحسبُه،
قد ضمنَ الدرَّ إلاّ أنّه كلِمُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ما دامَ وعدُ الأماني غيرَ منتجزِ
ما دامَ وعدُ الأماني غيرَ منتجزِ
رقم القصيدة : 19725
-----------------------------------
ما دامَ وعدُ الأماني غيرَ منتجزِ
فطُولُ مَكثِكَ مَنسُوبٌ إلى العَجَزِ
هذي المغانمُ فامددْ كفّ منتهبٍ،
وفرصة ُ الدهرِ، فاسبقْ سبقَ منتهزِ
واغزُ العِدى قبلَ تَغزونا جيوشُهُم؛
إنّ الشّجاعَ، إذا مَلَّ الغُزاة َ، غُزي
والقَ العدوّ بجأشٍ غيرِ محترِسٍ
مِنَ المَنايا، وجيشٍ غيرِ مُحترِز
لا تتركَ الثأرَ مِنْ قومٍ مرادهُمُ
إخفاءُ ذِكرٍ لَنا في النّاسِ مُنتَبِز
ما عذرنا وبنو الأعمامِ ليسَ بها
نقصٌ، ولا في صفاح الهند من عوزِ
بَل كُلُّ مُنصَلِتٍ منّا ومُنصَلِحٍ
في كفّ مرتجلٍ منّا ومرتجزِ
وكلُّ ذي صَمَمٍ في كَفّ ذي هِمَمٍ،
وكلُّ ذي مَيَسٍ في كَفّ ذي مَيَزِ
فاقمَعْ بنا الضّدّ ما دامَتْ أوامِرُنا
مطاعة ً، ومعالينا على نشزِ
إنّ الوِلايَة َ ثَوبٌ قد خُصِصتَ به،
جاءَتْ كَفافاً، فلَم تَفضَلْ ولم تَعُزِ
وافَتكَ إذْ رأتِ العَلياءَ قد نُسِبَتْ
إلَيكَ والشّرَفَ الأعلى إليكَ عُزِي
لُذْنا بظِلّكَ عِلماً أنّ فيكَ لَنا
نيلَ الأماني، ومن يلقَ المُنى يفزِ
ما رَكّبَ اللَّهُ في أحداقِنا بَصَراً،
إلاّ لنَفرُقَ بَينَ الدُّرّ والخَرَزِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> يا مَنْ لهُ راية ُ العلياءِ قد رفعتْ!
يا مَنْ لهُ راية ُ العلياءِ قد رفعتْ!
رقم القصيدة : 19726
-----------------------------------
يا مَنْ لهُ راية ُ العلياءِ قد رفعتْ!
إنّ العداة َ بنا لمّا نأيتَ سعتْ
وقد أداروا لَنا بالسّوءِ دائرَة ً
من النَّكالِ، وإن لم تَرْفُها اتّسعتْ
أراقِمٌ لِينُها عَن غَيرِ مَقدِرَة ،
لذاكَ إن أمكَنتها فُرصة ٌ لسَعتْ
إنّ الصدورَ التي بالغلّ مشحنة ٌ
لو قطعتْ بلهيبِ النّارِ ما رجعتْ
وكيفَ تهواكَ أطفالٌ على ظمإٍ
رمتَ الفطامَ لها من بعد ما رضعتْ
تَبَسّمتْ لكَ، والأخلاقُ عابسة ٌ،
إنّ القلوبَ على البَغضاءِ قد طُبعتْ
تفرّقتْ فرقاً من خوفِ بأسكُمُ،
حتى إذا أمنَتْ من كَيدكَ اجتمعتْ
وحاذَرَتْ سَطَواتٍ منك عاجلَة ً
عندَ القُدومِ، فمذ أمهلتَها طمعَتْ
وطالَعتْ بأُمورٍ ليسَ تَعرِفُها
ولا أحاطتْ بها خُبرا ولا اطّلَعتْ
فكيفَ لو عاينتْ أمراً تحاذرُهُ،
إن كان فعلٌ لها عن بعض ما سمعتْ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> قَلّوا لَدَيكَ، فأخطأُوا،
قَلّوا لَدَيكَ، فأخطأُوا،
رقم القصيدة : 19727
-----------------------------------
قَلّوا لَدَيكَ، فأخطأُوا،
لمّا دعوتَ فأبطأوا
وتبرعوا حتء تصولَ،
فحينَ صلتَ تبرأوا
خافوا النَّكالَ، فوَطّدوا،
وللفِرارِ تَهَيّأُوا
دعهمْ، فما كلُّ الأشدة ِ
للشدائدِ تخبأُ
فلسوفَ تسمعُ ما يحلُّ
بمَنْ لمَجدِكَ يَشْنَأُ
فالقَ العُداة َ بطَلعَة ٍ
عَنها النّواظرُ تَخسَأُ
فَلَدَيكَ منّا فِتيَة ٌ،
عن ثارِها لا تَفتَأُ
لجأوا إليكَ بجمعهمْ،
ولمثلِ ظلّكَ يلجأُ
وتَوقّعوا مِنكَ الرّضَى
ولما سواهُ توقأوا
وتَنَبّهوا، فكأنّهُمْ
بالزّجرِ فيكَ تَنَبّأُوا
يا دوحة ! كلُّ الوَرى
بِظلالِها يَتَفَيّأُ
منها الكرامُ تجزأُوا
إن صُلت غادرنا العُداة َ
بكلّ فجٍّ تفجأُ
وتَجرّعوا غَصَصَ المَنون
بما عليهِ تجرأُوا
فأدرأ: نحرَ العدوّ،
فبِالأقارِبِ يُدرأُ
إنّ الأُصولَ، وإنْ تَبا
عد عهدها لاتخطأُ
واغنمْ جميلَ الذكرِ فهوَ
مِنَ الغَنائِمِ أهنَأُ
فالمرءُ يرزقُ ما يشاءُ
مِنَ الزّمانِ، ويُرزَأُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> مولايَ! إنّي عليكَ متكِلُ،
مولايَ! إنّي عليكَ متكِلُ،
رقم القصيدة : 19728
-----------------------------------
مولايَ! إنّي عليكَ متكِلُ،
وأنتَ عمّا أرومُ مشتغلُ
وكَيفَ يُخطىء ُ رأيي ولي مَلِكٌ
يُضرَبُ في حُسنِ رأيِهِ المَثَلُ
فقُمْ بنَصري، فقَد تَقاعدَ بي
دَهري، وضاقتْ بعدَكَ الحيَلُ
ولا تكلْ حاجتي إلى رجُلٍ،
ومنكَ في كلّ شعرة ٍ رجلُ

 

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أَبدِ سَنا وَجهِكَ مِن حِجابِه،
أَبدِ سَنا وَجهِكَ مِن حِجابِه،
رقم القصيدة : 19729
-----------------------------------
أَبدِ سَنا وَجهِكَ مِن حِجابِه،
فالسّيفُ لا يَقطَعُ في قِرابِهِ
والليثُ لا يرهبُ منْ زئيره،
إذا اغتدى محتجباً بغابِه
والنجمُ لا يهدي السبيلَ سارياً،
إلاّ إذا أسفَرَ من حِجابِه
والشهدُ لولا أنْ يُذاقَ طَعمُه،
لما غدا مميزاً عن صابِه
إذا بدا نورُكَ لا يصدُّه
تزاحمُ المواكبِ في ارتكابِه
ولا يَضُرُّ البَدرَ، وهوَ مُشِرقٌ،
أنّ رقيقَ الغيمِ من نقابِه
قمْ غيرَ مأمورٍ، ولكنْ مثلمَا
هزّ الحسامُ ساعة َ اجتذابِه
فالعميُ لا تعلمْ إرزامَ الحيا،
حتى يكونَ الرّعدُ في سَحابِه
كم مدركٍ في يومِه بعزمِه،
ما لم يكنْ بالأمسِ في حسابِه
مَن كانتِ السُّمرُ اللّدانُ رُسلَهُ
كانَ بُلوغُ النّصرِ من جَوابِه
لا تُبقِ أحزابَ العُداة ِ، واعتَمِدْ
ما اعتَمَدَ النبيُّ في أحزابِه
ولا تَقُلْ إنّ الصّغيرَ عاجِزٌ،
هلْ يَجرحُ اللّيثَ سِوى ذُبابِه؟
فارمِ ذُرى قَلعتهمْ بقَلعة ٍ
تقلعُ أسّ الطودِ من ترابِه
فإنّها إذا رأتكَ مُقبِلاً،
مادَتْ وخرّ السورُ لاضطرابِه
إنْ لم تحاكِ الدّهرَ في دوامِه،
فإنّها تَحكيهِ في انقلابِه
وأجلُ لهمْ عزماً، إذا جلوتَه
في اللّيلِ، أغنى اللّيلَ عن شِهابِه
عزمُ مليكٍ يخضعُ الدهرُ لهُ،
وتسجدُ الملوكُ في أعتابِه
تُحاذر الأحداثُ من حَديثِهِ،
وتَجزَعُ الخُطوبُ مِن خِطابِه
قد صرفَ الحجابَ عن حضرتِه،
وصَيّرَ الهَيبَة َ من حِجابِه
إذا رأى الأمرَ بعينِ فكرِه،
رأى خطاءَ الرأي من صوابِه
وإنْ أجالَ رأيَهُ في مُشكِلٍ،
أعانَهُ الحَقُّ على طِلابِه
تَنقادُ مَع آرائِهِ أيّامُه،
مثلَ انقيادِ اللفظِ مع إعرابِه
لا يَزجُرُ البارحَ في اعتراضِهِ،
ولا غُرابَ البَينَ في تَنَعابِه
ولا يرى حكمَ النجومِ مانِعاً
يرددُ الحزمَ على أعقابِه
يقرأُ من عنوانِ سرّ رأيِه،
ما سَطّر القَضاءُ في كتابِه
قد أشرَقَتْ بنُورِهِ أيّامُه،
كأنّما تبسمُ عن أحسابِه
يكادُ أن تلهيه عن طالبِه
مطالبُ الحمدِ، وعن شرابِه
ما سارَ للناسِ ثناءٌ سائرٌ
إلاّ وحطّ رحلهُ ببابِه
إذا استجارَ مالهُ بكفّه
أدانهُ الجودَ على ذهابِه
وإنْ كسا الدهرُ الأنامَ مفخراً
ظَنَنتَهُ يَخلَعُ من ثيابِهِ
يا ملكاً يرء العدوَّ قربَه
كالأجلِ المحتومِ في اقترابِه
لا تَبذُلِ الحِلمَ لغَيرِ شاكِرً،
فإنّهُ يُفضي إلى إعجابِه
فالغيثُ يستسقى مع اعتبابِه،
وإنّما يُسأمُ في انْسِكابِه
فاغزُ العِدى بعزمَة ٍ من شأنِها
إتيانُ حزمِ الرّأي من أبوابِه
تُسلِمُ أرواحَ العِدى إلى الرّدَى ،
وترجعُ الأمرَ إلى أربابِه
حتى يقولَ كلُّ ربّ رتبة ٍ:
قد رجَعَ الحَقُّ إلى نِصابِه
قد رَفَعَ اللَّهُ العَذابَ عَنهُمُ،
فشمّروا السّاعِدَ في طِلابِه
رنوا إلى الملكِ بعينِ غادِرِ
أطمعَهُ حِلمُكَ في اقتِضابِه
إن لم تقطعْ بالظبي أوصالهمْ
لم تقطعِ الآمالَ من أسبابِه
لا تَقبَلِ العُذْرَ، فإنّ رَبّهُ
قد أضمرَ التصحيفَ في كتابِه
فتوبة ُ المقلِعِ إثر ذنبِه،
وتوبة ُ الغادرِ معَ عقابِه
لو أنّهمْ خافُوا كِفاءَ ذَنبِهمْ،
لم يقدموا يوماص على ارتكابِه
فاصرمْ حبالَ عزمهمْ بصارمٍ
قد بالَغَ القُيُونُ في انتِخابه
كأنّما النّملُ على صَفحَتِه،
وأكرعُ الذبابِ في ذبابِه
يَعتَذِرُ الموتُ إلى شَفرتِه،
وتَقصُرُ الآجالُ عن عِتابِه
شيخٌ إذا اقتضّ النّفوسَ قُوّضَتْ،
ولا تَزالُ الصِّيدُ مِن خُطّابِه
يُذيقُهم في شَيبِه أضعافَ ما
أذاقَهُ القُيونُ في شَبابِه
يا ملكاً يعتذرُ الدّهرُ لهُ،
وتَخدُمُ الأيّامُ في رِكابِه
لم يَكُ تَحريضي لكُمْ إساءَة ً،
ولم أحلْ في القولِ عن آدابِه
ولا يعيبُ السيفَ، وهوَ صارمٌ،
هذُّ يدِ الجاذبِ في نتدابِه
ذكرُكَ مَشهورٌ، ونَظمي سائرٌ،
كِلاهُما أمعَنَ في اغترابِه
ذكرٌ جَميلٌ غَيرَ أنّ نَظمَهُ
يزيدُهُ حسناً مع اصطحابِه
كالدرّ لا يظهرُ حسنَ عقدِهِ
إلاّ جوازُ السلكِ في أثقابِه

شعراء الجزيرة العربية >> عبدالله السفياني >> أعطني البندقية
أعطني البندقية
رقم القصيدة : 1973
-----------------------------------
أبي يا أبي..
اعطني البندقية..!!
ففي شفتيها حلول القضية.
" فشارون " ليس عدوي.!!
وليس عدوي سوى " الأمنيات الغبية ".!!
أبي يا أبي..
اعطني البندقية..!!
ودع ما سواها..
فصوت صداها
سيكشف صمت الممثل في المسرحية.
أبي ..يا أبي..
إنني مبحر في عيون الردى..
وحزني مدى..
فكيف تضيع حقوقي سدى..؟؟
والعِدا..
يخاف جنوني إذا شاهد البندقية ..
أبي يا أبي ..
..وهذا هو الفجر.. في شفتيه الأملْ
وفي راحتيه الندى.
وهمس الصدى.
وبوح الزهور وغنج الشذى.
وفي مقلتيه السحاب وفي وجنتيه الخجلْ
يردد لحن انتصارٍ على الليل..
بالصبر و " البندقية ".
أبي يا أبي...
..وبلغ رفاقي بأني هناكْ
على ضفة الموت أسقي الحياة دمائي لكي لا تموتْ
فلو قابلوك..
ولو ساءلوك..
فقل يا أبي.:
إن نهر الحياة ينادي هناك
وسلمهمُ " البندقية "
أبي يا أبي..
ودمعي يناديك من مقلتي
فخذني إليك قبيل الوداع..
ودعني أقبل في راحتيك ابتسامات فجري الجديد
تعلمت منك الكثير..الكثير ..الكثير..
تعلمت أن الحياة لها صورتان
حياة يريدونها..
وأخرى تكون على مانريد..
وبينهما حاجز من جليد..!!
فاعطني يا أبي البندقية
لأرفع رأسي بأني شهيد..
فاعطني يا أبي البندقية
اعطني يا أبي البندقية..

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> يا للحماسة ِ ضاقتْ بينكم حيلي،
يا للحماسة ِ ضاقتْ بينكم حيلي،
رقم القصيدة : 19730
-----------------------------------
يا للحماسة ِ ضاقتْ بينكم حيلي،
وضاعَ حقيَ بينَ العذرِ والعذلِ
فقلتُ مع قلة ِ الأنصارِ والخولِ:
لو كنتُ مِن مازِنٍ لم تَستَبِحْ إبِلي
بَنو اللّقيطَة ِ من ذُهلِ بنِ شَيبانا
لو أنّني برُعاة ِ العُربِ مُقترِنُ،
لهمْ نَزيلٌ، ولي في حَيّهِمْ سَكَنُ
ومسني في حمَى أبنائهمْ حزنُ،
إذنْ لقامَ بنصري معشرٌ خشنُ
عندَ الحفيظة ِ إنْ ذو لوثة ٍ لانا
لله قَومي الأُولى صانوا مَنازِلَهمْ
عن الخطوبِ، كما أفنوا منازلهمُ
لا تجسرُ الأسدُ أن تغشَى مناهلهم،
قومٌ، إذا الشرّ أبدى ناجذيهِ لهمُ
طاروا إليهِ زرافاتٍ ووجدانا
قومٌ، نجيعُ دمِ الأبطالِ مشربهم،
ورنة ُ البيضِ في الهاماتِ تطربهم
إذا دعاهم لحربٍ من يجربهمْ،
لا يسألون أخافهمْ حينَ يندبُهم
في النائباتِ على ما قالَ برهانا
فاليومَ قومي الذي أرجو بهمْ مددي
لأستطيلَ إلى ما لمْ تنلهُ يدي
تخونني مع وفورِ الخيلِ والعددِ،
لكنّ قَومي، وإن كانوا ذوي عَدَدِ
لَيسوا منَ الشّر في شيءٍ، وإنْ هانا
يولونَ جاني الأسى عفواً ومعذرة ً
كعاجزٍ لم يطقْ في الحكمِ مقدرة ً
فإنْ رأوا حالة ً في الناسِ منكرة ً،
يَجزُونَ من ظُلمِ أهلِ الظّلم مغفرَة ً
ومِن إساءَة ِ أهلِ السّوءِ إحسانا
كُلٌّ يَدِلّ على الباري بِعفّتِهِ،
ويستكفُّ أذى الجاني برأفتِهِ
ويحسِبُ الأرضَ تَشكو ثِقلَ مَشيَتِه،
كأنّ ربكَ لم يخلقْ لخشيتِهِ
سِواهُمُ من جَميعِ الخَلقِ إنسانا
لو قابَلوا كلّ أقوامٍ بما كَسَبوا،
ما راعَ سربهمُ عجمٌ ولا عربُ
بل ارتَضَوا بصَفاءِ العَيشِ واحتَجبوا،
فلَيتَ لي بِهمُ قوماً، إذا رَكِبُوا
شَنّوا الإغارَة َ فُرساناً ورُكبانا

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> خَطْبٌ لِسانُ الحالِ فيهِ أبكَمُ،
خَطْبٌ لِسانُ الحالِ فيهِ أبكَمُ،
رقم القصيدة : 19731
-----------------------------------
خَطْبٌ لِسانُ الحالِ فيهِ أبكَمُ،
وهوًى طَريقُ الحَقّ فيهِ مُظلِمُ
وقَضيّة ٌ صَمَتَ القُضاة ُ تَرَفّعاً
عن فصلها، والخصمُ فيها يحكمُ
أمسَى الخَبيرُ بها يُسائِلُ: مَن لها،
فأجَبتُهُ، وحُشاشتي تَتَضرّمُ:
إن كنتَ ما تدري، فتلكَ مصيبة ً،
أو كنتَ تَدري، فالمُصيبَة ُ أعظَمُ
أشكو فيَعرِضُ عن مَقالي ضاحكاً،
والحرُّ يوجعهُ الكلامُ ويؤلمُ
ماذاكَ من فرطِ العياءِ، وإنّما
لِهَوَى القلوبِ سَريرَة ٌ لا تُعلَمُ
فلئِنْ عَلا رأسي المَشيبُ، فلم يكُنْ
كبراً، ولكنّ الحوادثَ تهرمُ
فالله يَحرُسُ ماردينَ، فإنها
بلَدٌ يَلَذُ بها الغَريبُ ويَنعَمُ
أرضٌ بها يسطو على الليثِ الطلا،
ويعوثُ في غابِ الهزبرِ الأرقمُ
حالتْ بها الأشياءُ عن عاداتها،
فالخيلُ تنهقُ، والحميرُ تحمحمُ
يجني بها الجاني، فإنْ ظَفِروا بهِ
يوماً، يُحَلَّفُ بالطّلاقِ ويُرحَمُ
شَرْطُ الوُلاة ِ بها بأنْ يَمْضي الَّذي
يَمْضي، ويَسْلَمُ عِنْدَهُمْ ما يَسْلَمُ
لا كالشآمِ، فإنّ شرطَ ولاتِها:
اللصُّ يجني، والمقدَّمُ يغرمُ
ومُعَنِّفٍ في الظّنّ قلتُ له: اتّئِدْ،
فأَقصِرْ، فبَعضُ الغَيبِ غَيبٌ يُعلَمُ
من أينَ يدري اللصُّ أنّ دراهمي
لم يبقَ منها في الخزانة ِ درهمُ؟
صَبَروا، ومالي في البيوتِ مُقَسَّمٌ،
حتى إذا اكتملَ الجميعُ تسلمّوا
يا أيها الملكُ الذي في عصرِهِ
كُلُّ المُلوكِ لعَدلِهِ تَتَعَلّمُ
لا تطمعنّ ذوي الفسادِ بتركهم،
فالنذلُ تطغَى نفسهُ إذْ تكرمُ
إن كانَ من مراراً لم يخفْ
قَطعاً، فلا أدري على ما يَندَمُ
أيَجوزُ أنْ تَخفَى علَيكَ قَضِيّتي،
والنّاسُ في مُضَرٍ بها تَتَكَلّمُ
فإذا شكَوتُ، يقالُ لم يَذهَبْ لهُ
مالٌ، ولكنْ ظالِمٌ يتَظَلّمُ
أيَجوزُ أنْ يُمسي السّقيمُ مُبَرّأً
منها، وصِبيانُ المَكاتِبِ تُتْهَمُ
وأُجيلُ عَيني في الحبوسِ فلا أرى
إلاّ ابنَ جاري، أو غلاماً يخدمُ
أيزارُ في بابِ البويرة ِ راهبٌ
ليلاً، فيدري في الصباحِ ويعلمُ
وتزفُّ داري بالشموعِ جماعة ٌ
غُلبٌ، فيُستَرُ عن عُلاكَ ويُكتَمُ
قومٌ لهمْ ظهرٌ شديدٌ مانعٌ،
كُلٌّ بهِ يَدري على ما يُقدِمُ
لا يَحفِلونَ، وقد أحاطَ عديدُهم
بالدّارِ، أيقاظٌ بها أو نُوّمُ
إن يَظفَروا فتَكوا، وإنْ يُظفَرْ بهِم،
كلٌّ عليهِ ينابُ أويستخدمُ
فأقِمْ حدودَ اللَّهِ فيهِم، إنّهمْ
وثقوا بأنكَ راحمٌ لا تنقمُ
إن كنتَ تخشى أن تعدّ بظالمٍ
لهمُ، فإنّكَ للرّعيّة ِ أظلَمُ
فالحِلمُ في بَعضِ المَواطِنِ ذِلّة ٌ،
والبَغْيُ جُرْحٌ، والسّياسة ُ مَرهَمُ
بالبَطِش تَمّ المُلكُ لابنِ مَراجِلٍ،
وتأخّرَ ابنُ زُبَيدَة َ المُتَقَدِّمُ
وعَنَتْ لمُعتصِم الرّقابُ ببأسِه،
ودهى العبادَ بلينهِ المستعصمُ
ما رتبَ اللهُ الحدودَ، وقصدهُ،
في النّاس، أن يَرَعى المُسيءَ ويَرحَمُ
لو شاءَ قال: دَعوا القِصاصَ، ولم يقلْ
بل في القصاصِ لكم حياة ٌ تنعمُ
إن كانَ تَعطيلُ الحُدودِ لرَحمَة ٍ،
فاللهُ أرأفُ بالعبادِ وأرحمُ
فاجزِ المُسيءَ، كما جَزاهُ بفِعلِهِ،
واحكمْ بما قد كانَ ربكَ يحكمُ
عقرتْ ثمودُ لهُ قديماً ناقة ً،
وهو الغنيّ، عن الورى ، والمنعمُ
فأذاقَهمْ سَوطَ العَذابِ، وإنّهمْ
بالرجزِ يخسفُ أرضهمْ ويدمدمُ
وكَذاكَ خَيرُ المُرسَلِينَ مُحَمّدٌ،
وهوَ الذي في حكمِهِ لا يظلمُ
لمّا أتَوهُ بعُصبَة ٍ سَرقوا لهُ
إبلاً من الصدقاتِ، وهو مصممُ
لم يَعفُ بل قَطَعَ الأكُفّ وأرجُلاً
من بَعدِ ما سَمَلَ النّواظِرَ منهُمُ
ورماهمُ من بعدِ ذاكَ بحرة ٍ،
نارُ الهَواجرِ فوقَها تتَضرّمُ
ورجا أناسٌ أن يرقّ عليهمُ،
فأبَى ، وقال: كذا يجازي المجرمُ
وكذا فتى الخطابِ قادَ بلطمة ٍ
ملكاً لغسانٍ، أبوهُ الأيهمُ
فشكا، وقالَ له: أتلطمُ سوقة ٌ
مَلِكاً؟ فقال: أجَل وأنفُك مُرغَمُ
هذي حدودُ اللهِ من يخللْ بها،
فجزاؤهُ، يومَ المعادِ، جهنمُ
وانظرْ لقولِ ابنِ الحسينِ وقد رأى
حالاً يشقُّ على الأبيّ ويعظمُ
لا يَسلَمُ الشرَفُ الرّفيعُ من الأذى ،
حتى يراقَ على جوانبِهِ الدمُ
هذا فَعالُ اللَّهِ، ثمّ نَبيّهِ،
والصحبُ والشعراءُ، فيما نظموا
فافتُكْ بهمْ فَتكَ المُلوكِ، ولا تَلِنْ
فيصحَّ ما قالَ السوادُ الأعظمُ
واعذِرْ مُحِبّاً لم يُسىء ْ بقَريضِهِ،
أدباً، ولكنّ الضرورة َ تحكمُ
واللهِ ما أسفي على مالٍ مضَى ،
إلاّ على استِلزامِ بُعدي عنكُمُ
فالمالُ مكتسبٌ على طولِ المدى ،
والذكرُ ينجدُ في البلادِ ويتهمُ
هَذي العِبارَة ُ للمُحَقِّقِ عِبرَة ٌ،
واللَّهُ أعلَمُ بالصّوابِ وأحكَمُ


 

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لا يمتطي المجدَ من لم يركبِ الخطرا،
لا يمتطي المجدَ من لم يركبِ الخطرا،
رقم القصيدة : 19732
-----------------------------------
لا يمتطي المجدَ من لم يركبِ الخطرا،
ولا ينالُ العلى من قدمَ الحذرا
ومن أرادَ العلى عفواً بلا تعبٍ،
قضَى ، ولم يَقضِ من إدراكِها لا ب
لابدّ للشهدِ من نحلٍ يمنعهُ،
لايجتني النفعَ من لم يحملِ الضررا
لا يُبلَغُ السّؤلُ إلاّ بعدَ مُؤلمة ٍ،
ولا تَتِمُّ المُنى إلاّ لِمَنْ صَبَرَا
وأحزَمُ النّاسِ مَن لو ماتَ مِنْ ظَمإٍ،
لا يَقرَبُ الوِردَ حتى يَعرِفَ الصَّدَرَا
وأغزَرُ النّاسِ عَقلاً مَن إذا نظَرَتْ
عيناهُ أمراً غدا بالغيرِ معتبرا
فقَد يُقالُ عِثارُ الرِّجلِ إن عثرَتْ،
ولا يُقالُ عِثارُ الرّأيِ إنْ عَثَرَا
من دبرض العيشَ بالآراءِ دامَ لهُ
صفواً، وجاءَ إليهِ الخطبُ معتذرَا
يَهونُ بالرّأيِ ما يَجري القَضاءُ بِه،
من أخطأ الرأيَ لا يستذنبُ القدرَا
من فاتهُ العزُّ بالأقلامِ أدركَهُ
بالبِيضِ يَقدَحُ من أعطافِها الشّرَرَا
بكلّ أبيَضَ قد أجرى الفِرِندُ بهِ
ماءَ الرّدى ، فلو استقطرتَه قطرَا
خاضَ العجاجة َ عرياناً فما انقشعتْ
حتى أتى بدمِ الأبطالِ مؤتزرَا
لايحسنُ الحلمُ إلاّ في مواطنِهِ،
ولا يَليقُ الوَفَا إلاّ لِمنْ شَكَرَا
ولا ينالُ العُلى إلاّ فتًى شرفَتْ
خِلالُهُ، فأطاعَ الدّهرَ ما أمَرَا
كالصّالِح المَلِكِ المَرهوبِ سَطوَتُه،
فلو توعّدَ قلبَ الدّهرِ لانفطرَا
لمّا رأى الشرَّ قد أبدَى نواجذَهُ،
والغدرَ عن نابِهِ للحربِ قد كشرَا
رأى القسيَّ إناثاً في حقيقتِها،
فعافَها، واستَشارَ الصّارِمَ الذّكَرَا
فجَرّدَ العَزمَ من قَتلِ الصِّفاحِ لها
ملكٌ عن البيضِ يستغني بما شهرَا
يكادُ يُقرأُ منْ عُنوانِ هِمّتِهِ
ما في صحائفِ ظهرِ الغيبِ قد سُطِرَا
كالبحرِ والدّهرِ في يومَيْ ندًى وردًى ،
والليثِ والغيثِ في يوميْ وغًى وقرَى
ما جادَ للناسِ إلاّ قبلَ ما سألوا،
ولا عفا قطّ إلاّ بعدما قدَرَا
لاموهُ في بذلِهِ الأموالَ، قلتُ لهم:
هل تَقدُرُ السُّحبُ ألاّ تُرسلَ المَطرَا
إذا غدا الغصنُ غضّا في منابتِه،
من شاءَ فليجنِ من أفنانِهِ الثمَرَا
من آلِ ارتقٍ المشهورِ ذكرهُمُ،
إذ كانَ كالمِسكِ إن أخفَيتَهُ ظَهَرَا
الحاملينَ منَ الخطيّ أطولَهُ،
والناقلينَ من الأسيافِ ما قصرَا
لم يَرحَلوا عن حِمَى أرضٍ إذا نزَلوا
إلاّ وأبقَوْا بِها مِن جودِهم أثَرَا
تَبقَى صَنائعُهم في الأرضِ بعدَهمُ،
والغَيثُ إن سارَ أبقَى بعدَهُ الزَّهَرَا
لِلَّهِ دَرُّ سَما الشّهباءِ من فَلَكٍ،
فكلّما غابَ نجمٌ أطلعتْ قمرَا
يا أيّها الملكُ الباني لدولتِهِ
ذكراً طوَى ذكرَ أهل الأرض وانتشرَا
كانتْ عِداكَ لها دَستٌ، فقد صَدَعتْ
حَصاة ُ جَدّك ذاك الدّستَ فانكَسَرَا
فاوقعْ إذا غدروا سوطَ العذابِ بهمْ
يظلّ يخشاكَ صرفُ الدّهرِ إن غدرَا
وارعَبْ قلوبَ العِدى تُنصَرْ بخَذْلِهمُ،
إنّ النبيّ بفَضلِ الرّعبِ قد نُصِرَا
ولا تكدّرْ بهمْ نفساً مطهرَة ً،
فالبحرُ من يومِه لا يعرفُ الكدرَا
ظَنّوا تأنّيكَ عن عَجزٍ، وما عَلِموا
أنّ التأنّيَ فيهمْ يعقبُ الظفرَا
أحسَنتُمُ، فبَغَوا جَهلاً وما اعترَفوا
لكم، ومن كفرَ النُّعمى فقد كفرَا
واسعدْ بعيدك ذا الأضحى وضحّ بهِ
وصلْ وصلّ لربّ العرشِ مؤتمرَا
وانحَرْ عِداكَ فبالإنعامِ ما انصَلَحوا،
إنْ كانَ غيركَ للأنعامِ قد نحرَا

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> كَفَى البَدرَ حُسناً أن يُقالَ نَظيرُها،
كَفَى البَدرَ حُسناً أن يُقالَ نَظيرُها،
رقم القصيدة : 19733
-----------------------------------
كَفَى البَدرَ حُسناً أن يُقالَ نَظيرُها،
فيزهَى ، ولكنّا بذاكَ نضيرُها
وحَسْبُ غُصونِ البانِ أنّ قَوامَها
يُقاسُ بهِ مَيّادُها ونَضِيرُها
أسيرَة ُ حِجلٍ مُطلَقاتٌ لِحاظُها،
قضَى حسنُها أن لا يفكّ أسيرُها
تهيمُ بها العشاقُ خلفَ حجابِها،
فكَيفَ إذا ما آنَ منها سُفُورُها
وليسَ عجيباً أنْ غررتَ بنظرة ٍ
إليَها، فمِن شأنِ البُدورِ غُرورُها
وكمْ نظرة ٍ قادتْ إلى القلبِ حسرة ً،
يقطعُ أنفاسَ الحياة ِ زفيرُها
فواعجَبا كم نسلُبُ الأسدَ في الوَغى ،
وتسلبنا من أعينِ الحورِ حورُها
فتورُ الظبَى عندَ القراعِ يشبُنا،
وما يُرهِفُ الأجفانَ إلاّ فُتُورُها
وجذوة ُ حسنٍ، في الخدودِ لهيبُها
يشبُّ، ولكنْ في القلوبِ سعيرُها
إذا آنَسَتها مُقلَتي خَرّ صاعِقاً
جناني، وقال القلبُ: لادكّ طورُها
وسربِ ظباءٍ مشرقات شموسُهُ
على جَنّة ٍ عَدُّ النّجومِ بُدُورُها
تُمانِعُ عَمّا في الكِناسِ أُسُودُها،
وتحرسُ ما تحوي القصورُ صقورُها
تغارُ من الطيفِ الملمّ حماتُها
ويغضبُ من مرّ النسيمِ غيورُها
إذا ما رأى في النومِ طيفاً يزورُها،
تَوَهّمَهُ في اليَومِ ضَيفاً يَزورُها
نظرنا، فاعدتنا السقامَ عيونُها،
ولُذنا، فأولَتنا النّحولَ خُصُورُها
وزرْنا فأسدُ الحيِّ تذكي لحاظَها،
ويسمعُ في غابِ الرماحِ زئيرُها
فيَا ساعدَ اللَّهُ المحبَّ لأنّهُ
يرَى غمراتِ الموتِ ثمّ يزورُها
ولمّا ألَمّتْ للزّيارَة ِ خِلسَة ً،
وسجفُ الدياجي مسبلاتٌ ستورُها
سعَتْ بنا الواشونَ حتى حُجولُها،
ونمتْ بنا الأعداءُ حتى عبيرُها
وهمتْ بنا لولا غدائرُ شعرِها،
خُطَى الصّبحِ لكِنْ قيّدَته ظُفورُها
لياليَ يعديني زاني على العِدى ،
وإنْ ملئَتْ حقداً عليّ صدورُها
ويُسعِدُني شَرخُ الشّبيبَة ِ والغِنى ،
إذا شانَها إقتارُها وقَتيرُها
ومُذْ قلَبَ الدّهرُ المِجَنَّ أصابَني
صبوراً على حالٍ قليلٍ صبورُها
فلَو تَحمِلُ الأيّامُ ما أنا حامِلٌ،
لما كادَ يمحو صبغة َ الليلِ نورُها
سأصبِرُ إمّا أنْ تَدورَ صُرُوفُها
عليّ، وإمّا تَستَقيمُ أُمُورُها
فإنْ تكنِ الخنساءُ، إنّي صخرُها،
وإنْ تَكُنِ الزّباءُ، إنّي قَصِيرُها
وقد أرتَدي ثَوبَ الظّلامِ بجَسرَة ٍ،
عليها من الشُّوسِ الحُماة ِ جَسورُها
كأنّي بأحشاءِ السبّاسِبِ خاطِرٌ،
فَما وُجِدَتْ إلاّ وشَخصي ضَميرُها
وصاديَة ِ الأحشاءِ غضي بآلِها
يعزُّ على الشُّعرى العبورِ عبورُها
ينوحُ بها الخريتُ ندباً لنفسِهِ،
إذا اختَلَفتْ حَصباؤها وصُخورُها
إذا وطئتها الشمسُ سالَ لعابُها،
وإن سَلَكتَها الرّيحُ طالَ هَديرُها
وإنْ قامتِ الحربا تُوَسِّدُ شَعَرَها
أصيلاً، أذابَ الطرفَ منها هجيرُها
تجنبُ عنها للحذارِ جنوبُها،
وتُدبِرُ عَنها في الهُبوبِ دَبُورُها
خَبَرْتُ مَرامي أرضِها فقَتَلتُها،
وما يقتلُ الأرضينَ إلاّ خبيرُها
بخطوة ِ مرقالٍ أمونٍ عثارُها،
كَثيرٍ على وَفقِ الصّوابِ عُثُورُها
ألذُّ منَ الأنغامِ رجعُ بغامِها،
وأطيبُ من سجعِ الهديلِ هديرُها
نُساهِمُ شطرَ العيشِ عِيساً سَواهماً
لفَرْطِ السُّرَى لم يَبقَ إلاّ شُطورُها
حروفاً كنوناتِ الصحائفِ أصبحتْ
تخطُّ على طرسِ الفيافي سطورُها
إذا نظمتْ نظمَ القلائدِ في البُرَى
تقلدُها خضرُ الرُّبَى ونحورُها
طَواها طَواها، فاغتدتْ وبطونُها
تجولُ عليها كالوشاحِ ظفورُها
يعبرُ عن فرطِ الحنينِ أنينُها،
ويعربُ عمذا في الضميرِ ضمورُها
تَسيرُ بها نَحوَ الحِجازِ وقَصدُها
ملاعبُ شعبيْ بابلٍ وقصورُها
فلمّا ترامتْ عن زرودَ ورملِها،
ولاحتْ لها أعلامُ نَجدٍ وقُورُها
وصدّتْ يميناً عن شميط وجاوزتْ
رُبَى قطنٍ والشهبُ قد شفّ نورُها
وعاجَ بها عن رملِ عاجٍ دليلُها،
فقامتْ لعرفانِ المرادِ صدورُها
غَدَتْ تَتَقاضانا المَسيرَ لأنّها
إلى نَحوِ خَيرِ المُرسَلينَ مَسيرُها
تَرُضُّ الحصَى شوقاً لمن سَبّحَ الحصَى
لديهِ، وحيّا بالسلامِ بعيرُها
إلى خَيرِ مَبعوثٍ إلى خَيرِ أُمّة ٍ،
إلى خَيرِ مَعبُودٍ دَعاها بَشيرُها
ومَن أُخمِدَتْ مع وَضعِهِ نارُ فارِسٍ،
وزُلزِلَ منها عَرشُها وسَريرُها
ومَن نَطقتْ تَوراة ُ موسَى بفَضلِهِ،
وجاءَ بهِ إنجيلُها وزَبُورُها
ومَنْ بَشّرَ اللَّهُ الأنامَ بأنّهُ
مبشرُها عن إذنِهِ، ونذيرُها
مُحَمّدُ خَيرُ المُرسَلينَ بأسرِها،
وأوّلُها في الفَضلِ، وهوَ أخيرُها
أيا آية َ اللهِ التي مذْ تبلجتْ
على خلقِهِ أخفَى الضلالَ ظهورُها
علَيكَ سلامُ الله ياخيرَ مُرسلٍ
إلى أمة ٍ لولاهُ دامُ غرورُها
عَليكَ سلامُ اللَّهِ يا خَيرَ شافِعٍ،
إذا النّارُ ضَمّ الكافرِينَ حَصِيرُها
علَيكَ سَلامُ اللَّهِ يا مَنْ تَشرّفَتْ
بهِ الإنسُ طُرّاً واستَتَم سُرورُها
علَيكَ سَلامُ اللَّهِ يا مَن تَعَبّدتْ
لهُ الجِنُّ، وانقادَتْ إلَيهِ أُمُورُها
تشرفتِ الأقدامُ لمّا تتابعتْ
إليكَ خطاها، واستمرّ مريرُها
وفاخرتِ الأفواهُ نورَ عيونِنا
بتربكَ، لمّا قبلتهُ ثغورُها
فضائلُ رامتها الرؤوسُ، فقصرَت،
ألَمْ تَرَ للتّقصِيرِ جُزّتْ شُعورُها
ولو فتِ الوفادُ قدركَ حقَّهُ
لَكانَ على الأحداقِ منها مَسيرُها
لأنكَ سرُّ اللهِ الأيدِ التي
تجلتْ، فجلّى ظلمة َ الشك نورُها
مدينة ُ علمٍ وابنُ عمكَ بابُها،
فمِنْ غيرِ ذاكَ البابِ لم يُؤتَ سُورُها
شموسٌ لكم في الغربِ ردّتْ شموسُها؛
بدورٌ لكم في الشرقِ شقتْ بدورُها
جبالٌ، إذا ما الهضبُ دكتْ جبالُها؛
بحارٌ، إذا ما الأرضُ غارتْ بحورُها
فآلُكَ خَيرُ الآلِ والعِتْرَة ُ التي
مَحَبّتُها نُعمَى قليلٌ شَكورُها
إذا جُولِسَتْ للبَذلِ ذُلّ نِظارُها؛
وإنْ سُوجِلَتْ في الفَضلِ عزّ نظيرُها
وصَحبُكَ خيرُ الصّحبِ والغُرَرُ التي
بها أمِنَتْ من كلّ أرضٍ ثُغورُها
كماة ٌ، حماة ٌ في القراعِ وفي القرَى ،
إذا شطّ قاريها وطاشَ وقورُها
أيا صادقَ الوعدِ الأمين وعدتني
ببشرَى ، فلا أخشى ، وأنتَ بشيرُها
بعثتُ الأماني عاطِلاتٍ لتَبتَغي
نداكَ، فجاءتْ حالياتٍ نحورُها
وأرسلتُ آمالاً خِماصاً بُطونُها
إليكَ، فَعادَتْ مُثقَلاتٍ ظُهورُها
إليكَ، رسولَ اللهِ، أشكو جرائماً
يُوازي الجِبالَ الرّاسياتِ صغيرُها
كَبائرُ لو تُبلى الجبالُ بحَملِها،
لدُكّتْ، ونادى بالثُّبورِ ثَبيرُها
وغالِبُ ظَنّي بل يَقيني أنّها
ستمحى ، وإن جلتْ، وأنتَ سفيرُها
لأنّي رأيتُ العربَ تخفُر بالعصَا،
وتحمي، إذا ما أمَّها مستجيرُها
وبينَ يدي نجوايَ قدمتُ مدحة ً،
قضَى خاطري ألا نجيبَ خطيرَها
يروي غليلَ السامعينَ قطارُها،
ويَجلُو عُيُونَ النّاظرِينَ قَطُورُها
هيَ الرّاحُ لكنْ بالمَسامعِ رَشفُها،
على أنّهُ تفنى ويبقى سرورُها
وأحسنُ شيءٍ أنني قد جلوتُها
عليكَ، وأملاكُ السّماءِ حُضورُها
تَرومُ بها نَفسي الجزاءَ، فكُنْ لها
مُجيزاً بأنْ تُمسي وأنتَ مُجيرُها
فلابنِ زُهَيرٍ قد أجَزْتَ ببُردَة ٍ
علَيكَ، فأثرَى من ذويهِ فَقيرُها
أجِرْني، أجِزْني، واجزِني أجرَ مَدحتي،
ببردٍ، إذا ما النارُ شبّ سعيرُها
فَقابِلْ ثَناها بالقَبولِ، فإنّها
عَرائسُ فِكرٍ، والقَبولُ مُهورُها
وإنْ زانضها تطويلُها واطرادُها،
فقد شانَها تَقصيرُها وقُصورُها
إذا ما القَوافي لم تُحِطْ بِصفاتِكمْ،
فسِيّانِ منها جَمُّها ويَسيرُها
بمدحِكَ تمّتْ حِجّتي، وهيَ حُجّتي
على عُصبَة ٍ يَطغَى عليّ فُجورُها
أقُصُّ بِشَعري إثرَ فَضلِكَ واصِفاً
عُلاكَ إذا ما النّاسُ قُصّتْ شعُورُها
وأسهَرِ في نَظمِ القَوافي، ولم أقُلْ:
خليليّ هل من رقدة ٍ أستعيرُها

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> خَمِدَتْ لِفَضْلِ وِلادِكَ النّيرانُ،
خَمِدَتْ لِفَضْلِ وِلادِكَ النّيرانُ،
رقم القصيدة : 19734
-----------------------------------
خَمِدَتْ لِفَضْلِ وِلادِكَ النّيرانُ،
وانشَقّ من فَرَحٍ بكَ الإيوانُ
وتزلزلَ النّادي، وأوجسَ خيفة ً
مِن هَولِ رؤياهُ أنوشِروانُ
فتأوّلَ الرؤيا سَطيحُ وبَشّرَتْ
بظُهورِكَ الرّهبانُ والكُهّانُ
وعليكَ إرميّا وشَعيا أثنَيا،
وهُما وحِزقيلٌ لفَضلِكَ دانُوا
بفضائلٍ شهدتْ بهنّ السحبُ والـ
ـتوراة ُ والإنجيلُ والفرقانُ
فوُضِعتَ للَّهِ المُهَيمِنِ ساجِداً،
واستبشرتْ بظهورِكَ الأكوانُ
متكملاً لم تنقطعْ لكَ سرة ٌ
شَرفاً، ولم يُطلَقْ علَيكَ خِتانُ
فرأتْ قصورُ الشّامِ آمنَة ً، وقد
وَضَعَتكَ لا تَخفى لها أركانُ
وأتتْ حليمة ُ وهي تنظرُ في ابنِها
سِرّاً تَحارُ لوَصفِهِ الأذهانُ
وغَدا ابنُ ذي يَزَنٍ ببَعثِكَ مُؤمِناً
سِرّاً ليَشهَدَ جَدَّكَ الدّيّانُ
شرحَ الإلهُ الصدرَ منكَ لأربعٍ،
فرأى المَلائكَ حَولَكَ الإخوانُ
وحبيتَ في خمسٍ بظلّ غمامة ٍ
لكَ في الهواجرِ جرمُها صيوانُ
ومَرَرتَ في سَبعٍ بدَيرٍ فانحَنَى
منهُ الجدارُ، وأسلمَ المطرانُ
وكَذاكَ في خَمسٍ وعشرينَ انثنى
نَسطورُ منكَ، وقَلبُهُ مَلآنُ
حتى كملتَ الأربعينَ، وأشرقتْ
شمسُ النبوة ِ، وانجلى التبيانُ
فرَمَتْ رجومُ النيراتِ رجيمَها،
وتَساقطتْ من خَوفِكَ الأوثانُ
والأرضُ فاحتْ بالسّلامِ عليكَ، والـ
ـأشجارُ، والأحجارُ، والكثبانُ
وأتَتْ مَفاتيحُ الكُنوزِ بأسرِها،
فنهاكَ عنها الزهدُ والعرفانُ
ونَظرتَ خلفَكَ كالإمامِ بخاتَمٍ
أضحَى لدَيهِ الشكُّ، وهوَ عِيانُ
وغدَتْ لكَ الأرضُ البسيطة ُ مَسجداً،
فالكلُّ منها للصلاة ِ مكانُ
ونُصِرْتَ بالرُّعبِ الشّديدِ على العِدى ،
ولكَ المَلائكُ في الوَغَى أعوانُ
وسعَى إليكَ فتى سلامَ مسلِّماً
طَوعاً، وجاءَ مُسَلِّماً سَلمانُ
وغدتْ تكلمُكَ الأباعرُ والظبا،
والضّبُّ والثّعبانُ والسِّرحانُ
والجِزعُ حَنّ إلى عُلاكَ مُسَلِّماً،
وببَطنِ كَفّكَ سَبّحَ الصّوّانُ
وهَوَى إلَيكَ العِذقُ ثمّ رَدَدتَهُ
في نَخلَة ٍ تُزهَى بهِ وتُزانُ
والدّوحَتانِ، وقد دَعوتَ، فأقبَلا
حتى تَلاقَتْ منهما الأغصانُ
وشكا إليكَ الجيشُ من ظمإِ بهِ،
فتَفَجّرَتْ بالماءِ منكَ بَنانُ
ورَدَدتَ عَينَ قَتادَة ٍ من بَعدِ ما
ذهبَتْ، فلَم يَنظُرْ بها إنسانُ
وحكَى ذِراعُ الشّاة ِ مُودَعَ سُمّه،
حتى كأنّ العُضوَ منهُ لِسانُ
وعَرَجتَ في ظَهرِ البُراقِ مُجاوِزَ الـ
ـسّبعِ الطباقِ كما يشا الرحمانُ
والبدرُ شقّ وأشرقتْ شمسُ الضّحى
بعدَ الغروبِ، وما بها نقصانُ
وفضيلة ٌ شهدَ الأنامُ بحقّها،
لايستطيعُ جحودَها إنسانُ
في الأرضِ ظِلّ اللَّهِ كنتَ، ولم يلُحْ
في الشّمسِ ظِلُّكَ إنْ حَواكَ مكانُ
نُسخَتْ بمَظهَرِكَ المَظاهرُ، بعدَما
نُسِختْ بملّة ِ دينِكَ الأديانُ
وعلى نُبُوّتِكَ المُعَظَّمِ قَدرُها،
قامَ الدليلُ، وأوضحَ البرهانُ
وبكَ استغاثَ الأنبياءُ جميعهمْ،
عندَ الشدائدِ، ربهمْ ليعانوا
أخذَ الإلهُ لكَ العهودَ عليهِمُ،
من قبلِ ما سمحتْ بكَ الأزمانُ
وبكَ استغاثَ اللهَ آدمق عندما
نُسِبَ الخِلافُ إليهِ والعِصيانُ
وبكَ التجا نوحٌ وقد ماجتْ بهِ
دُسْرُ السّفينَة ِ، إذْ طغَى الطّوفانُ
وبكَ اغتدى أيوبُ يسألُ ربَّهُ
كَشفَ البَلاءِ فزالَتِ الأحزانُ
وبكَ الخليلُ دعا الإلهَ، فلم يخفْ
نَمرودَ إذْ شُبّتْ له النّيرانُ
وبكَ اغتدى في السّجن يوسفُ سائلاً
رَبّ العِبادِ، وقَلبُهُ حَيرانُ
وبكَ الكليمُ غداة َ خاطبَ ربَّهُ
سألَ القبولَ، فعمَّهُ الإحسانُ
وبكَ استبانَ الحقُّ بعدَ خفائه،
حتى أطاعَكَ إنسُها والجانُ
ولوَ أنّني وفّيتُ وصفَكَ حقَّهُ،
فَنِيَ الكَلامُ وضاقَتِ الأوزانُ
فعلَيكَ من رَبّ السّلامِ سَلامُهُ،
والفَضلُ والبَركاتُ والرّضوانُ
وعلى صِراطِ الحقّ آلُكَ كلّما
هَبّ النّسيمُ، ومالَتِ الأغصانُ
وعلى ابنِ عمّكَ وارِثِ العِلمِ الذي
ذَلّتْ لسَطوَة ِ بأسِهِ الشّجعانُ
وأخيكَ في يومِ الغديرِ، وقد بدَا
نُورُ الهُدى وتآخَتِ الأقرانُ
وعلى صحابتكَ الذينَ تتبّعوا
طُرُقَ الهُدى ، فهَداهمُ الرّحمانُ
وشَرَوا بسَعيهِمُ الجِنانَ، وقد دَرَوا
أنّ النّفوسَ لبيعِها أثمانُ
يا خاتمَ الرّسلِ الكرامِ وفاتحَ الـ
ـنّعمِ الجِسامِ، ومَن لهُ الإحسانُ
أشكُو إليكَ ذنوبَ نَفسٍ هَفوُها
طبعٌ عليهِ رُكّبَ الإنسانُ
فاشفَعْ لعَبْدٍ شانَهُ عِصيانُهُ؛
إنّ العبيدَ يشينُها العِصيانُ
فَلكَ الشّفاعة ُ في مُحبّيكمْ، إذا
نصبَ الصراطُ، وعلقَ الميزانُ
فلقد تعرضَ للإجازة ِ طامِعاً
في أن يكونَ جزاءَهُ الغفرانُ

 

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> فيروزجُ الصبحِ أمْ ياقوتة ُ الشفقِ،
فيروزجُ الصبحِ أمْ ياقوتة ُ الشفقِ،
رقم القصيدة : 19735
-----------------------------------
فيروزجُ الصبحِ أمْ ياقوتة ُ الشفقِ،
بدَتْ فهَيّجَتِ الوَرقاءَ في الوَرَقِ
أمْ صارِمُ الشّرقِ لمّا لاحَ مُختَضِباً،
كما بَدا السّيفُ مُحمَراً من العلَقِ
ومالتِ القضبُ، إذْ مرّ النسيمُ بها،
سَكرَى كما نُبّهَ الوَسنانُ من أرَقِ
والغيمُ قد نشرتْ في الجوّ بردتُه
ستراً تمدُّ حواشيهِ على الأفُقِ
والسحُّبُ تَبكي، وثَغرُ البَرّ مُبتَسِمٌ،
والطّيرُ تَسجَعُ من تيهٍ ومن شَبَقِ
فالطّيرُ في طرَبٍ، والسُّحبُ في حَربٍ،
والماءُ في هربٍ، والغصنُ في قلقِ
وعارضُ الأرضِ بالأنوارِ مكتملٌ،
قد ظلّ يشكرُ صوبَ العارِضِ الغدِقِ
وكلّلَ الطلُّ أوراقَ الغصونِ ضُحًى
كما تكلل خدُّ الخودِ بالعرقِ
وأطلَقَ الطّيرُ فيها سَجْعَ مَنطِقه،
ما بَينَ مُختَلِفٍ منهُ ومُتّفِقِ
والظلُّ يسرقُ بينَ الدوحِ خطوتَه،
وللمِياهِ دَبِيبٌ غَيرُ مُستَرَقِ
وقد بدا الوردُ مفتراً مباسمُهُ،
والنرجِسُ الغضُّ فيها شاخصُ الحدقِ
من أحمرٍ ساطعٍ، أو أخضرٍ نضرٍ،
أو أصفرٍ فاقعٍ، أو أبيضٍ يققِ
وفاحَ من أرجِ الأزهارِ منتشراً
نشرٌ تعطرَ منهُ كلُّ منتشقِ
كأنّ ذكرَ رسولِ اللهِ مرّ بها،
فأكسبتْ أرجاً من نشرهِ العبقِ
مَحمّدُ المُصطفَى الهادي الذي اعتصَمَتْ
بهِ الورَى ، فهداهم أوضحَ الطرُقِ
ومن لهُ أخذَ الله العهودَ على
كلّ النّبييّنَ من بادٍ ومُلتَحِقِ
ومَن رَقي في الطِّباقِ السّبعِ مَنزِلَة ً،
ما كانَ قطّ إليها قبلَ ذاكَ رَقي
ومَن دَنا فتَدَلّى نَحوَ خالِقِهِ،
كقابِ قَوسَينِ أو أدنَى إلى العُنُقِ
ومَن يُقَصِّرُ مدحُ المادِحينَ لَهُ
عَجزاً ويَخرَسُ رَبُّ المَنطِقِ الذَّلقِ
ويُعوِزُ الفِكرُ فيهِ إنْ أُريدَ لَهُ
وصفٌ، ويفضلُ مرآهُ عن الحدقِ
علاً مدحَ اللهُ العليُّ بها
فقال إنكَ في كلٍّ على خلقِ
يا خاتمَ الرسلِ بعثاً، وهي أولُها
فضلاً، وفائزُها بالسبقِ والسبقِ
جمعتَ كلّ نفيسٍ من فضائلهمْ،
مِن كلّ مُجتَمِعٍ منها ومُفترِقِ
وجاءَ في محكمِ التوارة ِ ذكرُك والـ
ـإنجيلِ والصّحُفِ الأولى على نَسَقِ
وخصكَ اللهُ بالفضلِ الذي شهدتْ
به، لعمرُكَ، في الفرقانِ من طرقِ
فالخلقُ تقسمُ باسمِ اللهِ مخلصة ً،
وباسمِكَ أقسمَ ربُّ العرشِ للصدقِ
عَمّتْ أياديكَ كلَّ الكائناتِ، وقد
خُصّ الأنامُ بجُودٍ منكَ مُندَفِقِ
جودٌ تفلتَ أرزاقَ العبادِ به،
فنابَ فيهمْ منابَ العارضِ الغدِقِ
لو أنّ آدَمَ في خِدرٍ خُصِصَتَ بهِ،
لكانَ من شرّ إبليسَ اللّعينِ وُقي
أو أنّ عزمكَ في نارِ الخليلِ، وقد
مستّهُ، لم يَنجُ منها غيرَ مُحترِقِ
لو أنّ بأسكَ في موسَى الكليمِ، وقد
نوجي، لما خرّ يومَ الطورِ منصعقِ
لوْ أنّ تبعَ في محلِ البلادِ دَعا
للهِ باسمكَ، واستسقى الحيا لسُقي
لو آمنَتْ بكَ كلُّ النّاسِ مُخلِصة ً،
لم يُخشَ في البعثِ من بخسٍ ولا رَهَقِ
لو أنّ عبداً أطاعَ اللهَ ثمّ أتَى
ببُغضِكُمْ، كانَ عندَ اللَّهِ غَيرِ تَقي
لو خالفتكَ كماة ُ الجنّ عاصية ً
أركَبَتهم طَبقاً في الأرض عن طَبَقِ
لو تودعُ البيضُ عزماً تستضيءُ به
لم يُغنِ منها صِلابُ البيضِ والدَّرَقِ
لو تَجعَلُ النّقعَ يومَ الحربِ متّصِلاً
بالليلِ، ما كشفتهُ غرة ُ الفلقِ
مَهّدَتَ أقطارَ أرضِ اللَّهِ، مُنفَتحاً
بالبِيضِ والسُّمرِ منها، كلُّ مُنغلِقِ
فالحربُ في لذذٍ، والشركُ في عوذٍ،
والدينُ في نشزٍ، والكفرُ في نفقِ
فضلٌ بهِ زينة ُ الدنيا، فكانَ لها
كالتاجِ للرأسِ، أو كالطوقِ للعنقِ
وآلكَ الغررِ اللاتي بها عرفتْ
سبلُ الرشادِ فكانتْ مهتدى الغرقِ
وصحبِكَ النُّجبِ الصِّيد الذينَ جرَوا
إلى المناقبِ من تالٍ ومستبقِ
قومٌ متى أضمرتْ نفسٌ امرىء ٍ طرفاً
من بُغضِهم كانَ من بعد النّعيمِ شَقي
ماذا تقولُ، إذا رُمنا المَديحَ، وقَد
شَرّفْتنا بمَديحٍ منكَ مُتّفِقِ
إن قلتَ في الشّعرِ حكمٌ، والبَيانُ بهِ
سحرٌ، فرغبتَ فيهِ كلّ ذي فرقِ
فكنتَ بالمدحِ والإنعامِ مبتدئاً،
فلو أرَدنا جزاءَ البَعضِ لم نُطِقِ
فلا أخلُّ بعذرٍ عن مديحكمُ،
ما دامَ فكريَ لم يرتج ولم يعقِ
فسوفَ أصفيكَ محض المدحِ مجتهداً،
فالخلقُ تفنى ، وهذا إن فنيتُ بقي
فسوفَ أصفيكَ محض المدحِ مجتهداً،
فالخلقُ تفنى ، وهذا إن فنيتُ بقي

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> بكُم يَهتَدي، يا نبيّ الهُدى ،
بكُم يَهتَدي، يا نبيّ الهُدى ،
رقم القصيدة : 19736
-----------------------------------
بكُم يَهتَدي، يا نبيّ الهُدى ،
وَليٌّ إلى حُبّكُمْ يَنتَسِبْ
به يكسبُ الأجرَ في بعثِهِ،
ويَخلُصُ من هولِ ما يكتَسبْ
وقد أمّ نحوكَ مستشفعاً
إلى اللَّهِ، ممّا إلَيهِ نُسِبْ
سلِ اللهَ يجعلْ له مخرجاً،
ويرزقُهُ من حيثُ لا يحتسبْ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> يا عِترَة َ المُختارِ يَا مَن بهِم
يا عِترَة َ المُختارِ يَا مَن بهِم
رقم القصيدة : 19737
-----------------------------------
يا عِترَة َ المُختارِ يَا مَن بهِم
يفوزُ عبدٌ يتولاهمُ
أعرفُ في الحشرِ بحبّي لكم،
إذْ يُعرَفُ النّاسُ بسِيماهُمُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> يا عِترَة َ المُختارِ يا مَن بهِمْ
يا عِترَة َ المُختارِ يا مَن بهِمْ
رقم القصيدة : 19738
-----------------------------------
يا عِترَة َ المُختارِ يا مَن بهِمْ
أرجو نجاتي من عذابٍ أليمْ
حديثُ حبي لكمُ سائرٌ،
وسرُّ ودي في هواكمْ مقيمْ
قد فُزْتُ كلَّ الفَوزِ إذْ لم يَزَلْ
صراطُ ديني بكمُ مستقيمْ
فمن أتَى اللهَ بعرفانِكُمْ
فقد أتَى اللهث بقلبٍ سليمْ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> جمعتْ في صفاتِكَ الأضدادُ،
جمعتْ في صفاتِكَ الأضدادُ،
رقم القصيدة : 19739
-----------------------------------
جمعتْ في صفاتِكَ الأضدادُ،
فلهذا عزتْ لكَ الأندادُ
زاهدٌ، حاكمٌ، حليمٌ، شُجاعٌ،
ناسكٌ، فاتكٌ، فقيرٌ، جوادُ
شِيَمٌ ما جُمعنَ في بَشرٍ قَطّ،
ولا حازَ مثلهنّ العبادُ
خُلُقٌ يخجِلُ النّسيمَ من العَطفِ،
وبؤسٌ يَذوبُ منهُ الجَمادُ
فلهذا تعمقتْ فيكَ أقوامٌ
بأقوالهمْ، فزانُوا وزادُوا
وغلَتْ في صِفاتِ فضلِك ياسينُ
وصادٌ وآلُ سينٍ وصادُ
ظهرتْ منكَ للورَى معجزاتٌ،
فأقرتُ بفضلِكَ الحسادُ
إن يكذِّب بها عداكَ فقد كذّ
بَ مِن قَبلُ قومُ لُوطٍ وعادُ
أنتَ سرُّ النبيّ، والصّنوُ، وابنُ الـ
ـعمّ، والصهرُ، والأخُ المستجادُ
لو رأى غيرَكَ النّبيُّ لآخاهُ،
وإلا فأخطأ الانتقادُ
بكمْ باهلَ النبيُّ ولم يُلْـ
ـفِ لَكُمْ خامِساً سِواهُ يُزادُ
كنتَ نفساً له، وعرسُك وابناك
لديهِ النساءُ والأولادُ
جَلّ مَعناكَ أن يُحيطَ به الشّعرُ،
وتُحصي صِفاتِهِ النقّادُ
إنّما اللهُ عنكمُ أذهبَ الرجسَ،
فردّتْ بغيظشها الأحقادُ
ذاكَ مدحُ الإلهِ فيكم، فإن فُهتُ
بمَدحٍ، فَذاكَ قَولٌ مُعادُ

شعراء الجزيرة العربية >> عبدالله السفياني >> نبض من الليل
نبض من الليل
رقم القصيدة : 1974
-----------------------------------
أيها الليل توقف..!!
قاومِ الأشباح والأمواج في بحر الخيالْ
لا ترحل ..!!
قاوم القادم من خلف الجبالْ
يحمل البحر والأسماك .. والشيء المحالْ
تعزف الجن على أوتار " زرقاء اليمامة "
لحنها الثائر.... في وجه السآمةْ
أيها الليل توقف..!!
تفرّس في وجوه القادمين ..
في ثياب الصوف.. في حقول الياسمينْ
تفرّسْ...!! هل ترى ..
سيف " عقبى الصابرين "..؟؟!!
..هل ترى ذاك الغريب..!!؟؟
يرتدي الشملة ..!! فوق جنبيه أعباء السنينْ
يرسم التاريخ للعهد القريب..
كرياح الصيف ..كالصحراءِ ..
كالصبرِ في قلب الأديبْ..!!
أيها الليل توقف..!!
فالإشارة لم تزل سوداءَ لا تعبرْ..!!
ولا تسأل .. ولا ترحل .. وقاومْ..
ذلك القادم كالسهم من قوس الزمنْ
ثابت القلبِ.. تغنيه المحن ..
أيها الليل توقف..!!
واجمعِ الأنفاس ..تنهّد كالحزين ...
ذلك القادمُ ..لا يفزعْكَ بالألحانِ..
أو قرع الطبولْ.
ذلك القادم ...شيءٌ كالذهولْ
أيها الليل توقف..!!
جندك الأحرار ما ناموا .. على نسج الحرير..
ذلك الخفاش.. والبوم والثعلب...
والفأر... وقطاع الطريق..!!
كلهم يكره القادم عبر أنغام الأثيرْ
أيها الليل .. وداعاً..
..واللقاءُ غداً...
عند شاطئنا الجديد ...
وعند مرسانا القديمْ..!!

 

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أميرَ المُؤمنينَ أراكَ إمّا
أميرَ المُؤمنينَ أراكَ إمّا
رقم القصيدة : 19740
-----------------------------------
أميرَ المُؤمنينَ أراكَ إمّا
ذكرتكَ عند ذي حسبٍ صغا لي
وإن كررتُ ذكركَ عند نغلٍ
تكَدّرَ سِترُهُ، وبغَى قِتالي
فصِرْتُ إذا شكَكتُ بأصلِ مَرءٍ
ذكرتكَ بالجميل منَ المقالِ
فليسَ يطيقُ سمعَ ثناكَ إلاَ
كَريمُ الأصلِ مَحمودُ الخِلالِ
فها أنا قد خبرتُ بكَ البرايا،
فأنتَ محكُّ أولادِ الحلالِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> فواللهِ ما اختارَ الإلهُ محمداً
فواللهِ ما اختارَ الإلهُ محمداً
رقم القصيدة : 19741
-----------------------------------
فواللهِ ما اختارَ الإلهُ محمداً
حَبيباً، وبينَ العالمينَ لهُ مِثْلُ
كذلكَ ما اختارَ النّبيُّ لنَفسِهِ
عَليّاً وصيّاً، وهوَ لابنَتهِ بَعلُ
وصيرهُ دونَ الأنامِ أخاً لهُ،
وصِنواً، وفيهم مَن له دونه الفَضْلُ
وشاهدُ عقلِ المرءِ حسنُ أختيارِه،
فما حالُ من يَختارُهُ اللَّهُ والرُّسلُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> تَوالَ عليّاً وأبناءَهُ،
تَوالَ عليّاً وأبناءَهُ،
رقم القصيدة : 19742
-----------------------------------
تَوالَ عليّاً وأبناءَهُ،
تفزْ في المعادِ وأهوالِه
إمامٌ لهُ عقدُ يومِ الغديرِ،
بنَصّ النّبيّ وأقوالِه
لهُ في التشهدِ بعدَ الصلاة ِ
مقامٌ يخبرُ عن حالِه
فهل بعدَ ذِكرِ إلهِ السّماءِ،
وذكرِ النّبيّ سِوى آلِه

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> وَلائي لآلِ المُصطَفى عِقدُ مَذهَبي،
وَلائي لآلِ المُصطَفى عِقدُ مَذهَبي،
رقم القصيدة : 19743
-----------------------------------
وَلائي لآلِ المُصطَفى عِقدُ مَذهَبي،
وقلبيَ منْ حبّ الصحابة ِ مفعمُ
وما أنا مِمّنْ يَستَجيزُ بحُبّهِمْ
مَسَبّة َ أقوامٍ علَيهِمْ تَقدّمُوا
ولكنِنّي أُعطي الفَريقَينن حَقّهم،
وربّي بحالِ الأفضليّة ِ أعلَمُ
فمن شاءَ تعويجي، فإنّي معوجٌ،
ومَن شاءَ تَقويمي، فإنّي مُقَوَّمُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> قيلَ لي تعشقُ الصحابة َ طراً،
قيلَ لي تعشقُ الصحابة َ طراً،
رقم القصيدة : 19744
-----------------------------------
قيلَ لي تعشقُ الصحابة َ طراً،
أمْ تَفَرّدْتَ منهُمُ بفَريقِ
فوَصفتُ الجَميعَ وصفاً إذا ضُوّ
عَ أزرى بكُلّ مِسكٍ سَحيقِ
قيلَ هذي الصّفاتُ، والكُلُّ كالدِّرْ
ياقِ يَشفي من كلّ داءٍ وَثيقِ
فإلى من تميلُ؟ قلتُ إلى الأرْ
بَعِ لاسيّما إلى الفاروقِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ألا قلْ لشرّ عبيدِ الإلـ
ألا قلْ لشرّ عبيدِ الإلـ
رقم القصيدة : 19745
-----------------------------------
ألا قلْ لشرّ عبيدِ الإلـ
ـهِ وطاغي قريشٍ وكذابِها
وباغي العِبادِ وباغي العِنادِ،
وهاجي الكِرامِ ومُغتابِها
أأنتَ تفاخرُ آلَ النبي
وتَجحدُها فَضلَ أحسابِها
بكمْ باهلَ المصطفى أمْ بهمْ
فردَّ العداة َ بأوصابها
أعَنكُمْ نَفَى الرِّجسَ أم عَنهمُ
لطهرِ النفوس وألبابِها
أما الرِّجسُ والخَمرُ من دابِكم،
وفرطُ العبادة ِ من دابِها
وقلتَ ورِثنا ثيابَ النّبيّ،
فكَمْ تَجذبِونَ بأهدابِها
وعندَكَ لا يُورِثُ الأنبياءُ،
فكَيفَ حَظيتُمْ بأثوابِها
فكَذّبتَ نَفسَكَ في الحالَتَينِ،
ولم تعلمِ الشهدَ من صابِها
أجَدُّكَ يَرضَى بما قُلْتَهُ،
وما كانَ يوماً بمرتابِها
وكانَ بصفينَ من حزبهمْ،
لحربِ الطغاة ِ وأحزابها
وقد شمرَ الموتُ عن ساقِهِ،
وكشرتِ الحربُ عن نابِها
فأقبلَ يدعو إلى حيدرٍ،
بإرغابِها وبإرهابِها
وآثَرَ أن تَرتَضيهِ الأنامُ
منَ الحكمينِ لأسبابِها
ليُعطي الخِلاَفَة َ أهلاً لها،
فلَمْ يَرتَضوهُ لإيجابِها
وصلذى مع الناسِ طولَ الحياة ِ،
وحيدَرُ في صَدرِ مِحرابِها
فهَلاّ تَقَمّصَها جَدُّكم،
إذا كان، إذْ ذاك أحرَى بِها
لِذا جُعِلَ الأمرُ شُورى لهم،
فهل كانَ من بعضِ أربابِها
أخامِسَهُمْ كانَ أمْ سادِساً،
وقد جلبتْ بينَ خطابِها
وقولكَ أنتمْ بنو بنيهِ
ولكن بَنو العَمّ أولى بِها
بنو البنتِ أيضاً بنو عمّهِ،
وذلِكَ أدنَى لأنسابِها
فدَعْ في الخلافة ِ فَصلَ الخِلافِ،
فليستْ ذلولاً لركابِها
وما أنتَ والفَحصَ عن شانِها،
وما قَمّصوكَ بأثوابِها
وما ساورتكَ سوء ساعة ٍ،
فَما كنتَ أهلاً لأسبابِها
وكيفَ يخصّوكَ يَوماً بِها
ولمْ تتأدّبُ بآدابِها
وقلتَ بأنّكُمُ القاتِلونَ
أسودَ أمية َ في غابِها
كذَبَتَ وأسرَفتَ فيما ادّعَيتَ،
ولم تنهَ نفسكَ عن عابِها
فكَم حاوَلَتها سَراة ٌ لَكُمْ،
فردتْ على نكصِ أعتابِها
ولولا سيوفُ أبي مسلمٍ
لعزتْ على جهدِ طلابِها
وذلكَ عَبدٌ لهمْ لا لَكُمْ،
وسَعيِ السُّقاة ِ بأكوابِها
وكنتُم أسارى بَبطنِ الحُبوسِ،
وقد شفكم لثمُ أعقابِها
فأخرَجَكُمْ وحَباكُمْ بِها
وقَمّصَكُم فَضَل جِلبابِها
فجازَيتموهُ بشرّ الجزاءِ،
لطَغوى النّفوسِ وإعجابِها
فدَعْ ذكرَ قومَ رَضوا بالكَفافِ،
وجاؤوا الخِلافَة َ مِن بابِها
همُ الزّاهدونَ، همُ العابدونَ،
هُمُ السّاجدونَ بمِحرابِها
هُمُ الصّائمون، هُمُ القائمون،
هُمُ العالمون بآدابِها
همُ قطبُ ملة دينِ الإلهِ،
ودورُ الرّحَى حولَ أقطابِها
عليكَ بلهوكَ بالغانياتِ،
وخَلِّ المَعالي لأصحابِها
ووصفِ العذارِ وذاتِ الخمارِ،
ونعتِ العقارِ بالقابِها
فذلك شأنُكَ لا شأنُهُمْ،
وجَرْيُ الجِيادِ بأحسابِها

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أسبَلنَ من فَوقِ النّهودِ ذَوائِبا،
أسبَلنَ من فَوقِ النّهودِ ذَوائِبا،
رقم القصيدة : 19746
-----------------------------------
أسبَلنَ من فَوقِ النّهودِ ذَوائِبا،
فجَعَلَنَ حَبّاتِ القُلوبِ ذَوائِبَا
وجَلَونَ من صُبحِ الوُجوهِ أشِعْة ً،
غادرنَ فودَ الليلِ منها شائبَا
بِيضٌ دَعاهنّ الغبيُّ كَواعِبا،
ولو استبانَ الرشدَ قالَ كواكبَا
وربائِبٌ، فإذا رأيتَ نِفارَها
مِن بَسطِ أُنسك خِلتهنْ رَبارِبَا
سَفَهاً رأينَ المانَويّة َ عِندَما
أسلبنَ من ظلمِ الشعورِ غياهبَا
وسَفَرنَ لي فَرأينَ شَخصاً حاضراً،
شُدِهتْ بَصِيرَتُه، وقَلباً غائِبَا
أشرقنَ في حللٍ كأنّ وميضَها
شفقٌ تدرَّعُهُ الشموسُ جلاببَا
وغربنَ في كللٍ، فقلتُ لصاحبي:
بأبي الشموسَ الجانحاتِ غواربَا
ومُعَربِدِ اللّحَظاتِ يَثني عِطفَهُ،
فُخالُ مِن مَرَحِ الشّبيبَة ِ شارِبَا
حلوِ التعتبِ والدلالِ يروعُهُ
عَتبي، ولَستُ أراهُ إلاّ عاتِبَا
عاتَبتُهُ، فتَضرّجَتْ وجَناتُهُ،
وازوَرّ ألحاظاً وقَطّبَ حاجِبَا
فأذابَني الخَدُّ الكَليمُ وطَرفُه
ذو النّون، إذْ ذهبَ الغَداة َ مُغاضِبَا
ذو منظرٍ تغدو القلوبُ لحسنِهِ
نهباً، وإنْ منحَ العيون مواهِبَا
لابدعَ إن وهبَ النواظرَ حظوة ً
نِعَماً، وتَدعوهُ القَساوِرُ سالِبَا
فمَواهبُ السّلطانِ قد كَستِ الوَرَى
ملكٌ يَرى تعبَ المكارمِ راحة ً،
ويعدُّ راحاتٍ القراعِ متاعبَا
بمكارم تذرُ السباسبَ أبحراً؛
وعَزائِمٍ تَذَرُ البحارَ سَباسِبَا
لم تخلُ أرضٌ من ثناهُ، وإن خلت.
من ذكره ملئتْ قناً وقواضبَا
ترجى مواهبهُ ويرهبُ بطشُه،
مثلَ الزّمانِ مُسالِماً ومُحارِبَا
فإذا سَطا ملأ القُلوبَ مَهابَة ً؛
وإذا سخا ملأ العيونَ مواهبَا
كالغيثِ يبعثُ من عطاهُ وابلاً
سبطاً، ويرسلُ من سطاه حاصبَا
كاللّيثِ يَحمي غابَهُ بزَئيرِهِ،
طَوراً، ويُنشِبُ في القَنيصِ مَخالبَا
كالسيفِ يبدي للنواظرِ منظراً
طَلقاً، ويُمضي في الهِياجِ مَضارِبَا
كالبَحرِ يُهدي للنّفوسِ نَفائِساً
منهُ، ويُبدي للعيونِ عَجائِبَا
فإذا نظرتَ ندى يديهِ ورأيهُ
لمْ تُلفِ إلاّ صائِباً أو صائِبَا
أبقى قلاونُ الفخارَ لولدهِ
إرثاً، وفازوا بالثّناءِ مَكاسِبَا
قومٌ، إذا سئموا الصوافنَ صيّروا
للمجدِ أخطارَ الأمورِ مراكبَا
عَشِقوا الحُروبَ تَيَمّناً بِلقَى العِدى ،
فكأنهمْ حسبُوا العداة َ حبائبَا
وكأنّما ظَنّوا السّيوفَ سَوالِفاً،
واللُّدنَ قَدّاً، وللقِسيَّ حَواجِبَا
يا أيها الملكُ العزيزُ، ومن لهُ
شَرفٌ يَجُر على النّجومِ ذَوائِبَا
أصلحتَ بينَ المسلمينَ بهمة ٍ
تذرُ الأجانبَ بالودادِ أقاربَا
ووهبتهم زمنَ الأمانِ، فمن رأى
ملكاً يكونُ لهُ الزمانُ مواهبَا
فرأوا خِطاباً كانَ خَطباً فادِحاً
لهمُ، وكتباً كنّ قبلُ كتائبَا
وحَرَستَ مُلكَكَ من رَجيمٍ مارِدٍ
بعزامٍ إنْ صلتَ كنّ قواضبَا
حتى إذا خَطِفَ المكافحُ خَطفَة ً،
أتبعتهُ منها شهاباً ثاقبَا
لا يَنفَعُ التّجريبُ خَصمَكَ بعدَما
أفنيتَ من أفنى الزمانَ تجاربَا
صرمتَ شملَ المارقين بصارمٍ،
تبديهِ مسلوباً فيرجعُ سالبَا
صافي الفرندِ حكى صباحاً جامداً،
أبدى النجيعَ به شعاعاً ذائبَا
وكتيبَة ٍ تَذَرُ الصّهيلَ رَواعَداً،
والبيضَ برقاً، والعجاجَ سحائبَا
حتى إذا ريحُ الجِلادِ حَدَتْ لها
مَطَرَتْ فكانَ الوَبلُ نَبلاً صائِبَا
بذَوائِبٍ مُلدٍ يُخَلنَ أراقِماً،
وشَوائِلٍ جُردٍ يُخَلنَ عَقارِبَا
تطأُ الصّدورَ مِنَ الصّدورِ كأنّما
تعتاضُ من وطءِ الترابِ ترائبَا
فأقَمتَ تَقسِمُ للوُحوشِ وظائِفاً
فيها، وتصنعُ للنسورِ مآدبَا
وجَعلتَ هاماتِ الكُماة ِ مَنابراً،
وأقمتَ حدّ السيفِ فيها خاطبَا
يا راكِبَ الخَطَرِ الجَليلِ وقَولُهُ
فخراً بمجدكَ، لا السيفِ فيها خاطبَا
صَيّرتَ أسحارَ السّماحِ بواكِراً،
وجعلتَ أيامَ الكفاحِ غياهبَا
وبذَلتَ للمُدّاحِ صَفوَ خَلائِقٍ،
لو أنّها للبحرِ طابَ مشاربَا
فرأوْكَ في جَنبِ النُّضارِ مُفَرِّطاً،
وعلى صلاتكَ والصلاة ِ مواظبَا
إنْ يَحرُسِ النّاسُ النُّضارَ بحاجِبٍ
كانَ السماحُ لعينِ مالكَ حاجبَا
لم يَملأوا فيكَ البُيوتَ غَرائِباً،
إلاّ وقد مَلأوا البيوتَ رَغائِبَا
أولَيتَني، قبلَ المَديحِ، عِناية ً،
وملأتَ عَيني هَيبَة ً ومَواهِبَا
ورفعتَ قدري في الأنامِ، وقد رأوا
مثلي لمثلكَ خاطباً ومخاطبَا
في مجلسٍ ساوَى الخلائقَ في النّدى
وترتبتْ فيهِ الملوكُ مراتبَا
وافَيتُهُ في الفُلكِ أسعَى جالِساً،
فخراً على من جاءَ يمشي راكباً
فأقَمتُ أُنفِذُ في الزّمانِ أوامِراً
منّي، وأُنشبُ في الخطوبِ مَخالِبَا
وسقتنيَ الدنيا غداة َ أتيتهُ
رَيّاً، وما مَطَرَتْ عليّ مَصائِبَا
فطفقتُ املأُ من ثناكَ ونشرهِ
حِقَباً، وأملأ من نَداكَ حَقائِبَا
أثني فتثنيني صفاتُك مظهراً
عِيّاً، وكم أعيَتْ صِفاتُك خاطِبَا
لو أنّ أغصاناً جَميعاً ألسُنٌ
تُثني علَيكَ لمَا قَضَينَ الواجِبَا

 

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> خلعَ الربيعُ على غصونِ البانِ
خلعَ الربيعُ على غصونِ البانِ
رقم القصيدة : 19747
-----------------------------------
خلعَ الربيعُ على غصونِ البانِ
حللاً، فواضلها على الكثبانِ
ونمتْ فروعُ الدوحِ حتى صافحتْ
كفلَ الكثيبِ ذوائبُ الأغصانِ
وتتوجتْ بسطُ الرياضِ، فزهرها
خدَّ الرياضِ شقائقُ النعمانِ
وتنوعتُ بسطُ الرياضِ، فزهرُها
متباينٌ الأشكالِ والألوانِ
مِن أبيَضٍ يَقَقٍ وأصفَرَ فاقِعٍ،
أو أزرَقٍ صافٍ، وأحمَرَ قاني
والظلُّ يسرقُ في الخمائلِ خطوهُ،
والغُصنُ يَخطِرُ خِطرَة َ النَّشوانِ
وكأنما الأغصانُ سوقُ رواقصٍن
قَد قُيّدَتْ بسَلاسِلِ الرَّيحانِ
والشمسُ تنظرُ من خلالِ فروعها،
نحوَ الحدائقِ نظرة َ الغيرانِ
والطلعُ في خلبِ الكمامِ كأنهُ
حللٌ تفتقُ عن نحورِ غوانِ
والأرضُ تَعجبُ كيفَ نضحكُ والحيا
يبكي بدمعٍ دائمِ الهملانِ
حتى إذا افترتْ مباسمُ زهرِها،
وبَكى السّحابُ بمَدمَعٍ هَتّانِ
ظلتْ حدائقهُ تعاتبُ جونهُ،
فأجابَ معتذراً بغيرِ لسانِ
طفحَ السرورُ عليّ حتى إنهُ
مِن عِظمِ ما قَد سَرّني أبكاني
فاصرفْ همومكَ بالربيعِ وفصلهِ،
إنّ الرّبيعَ هوَ الشّبابُ الّثاني
إنّي، وقد صفَتِ المياهُ وزُخرفَتْ
جَنّاتُ مِصرَ وأشرَقَ الهَرَمانِ
واخضرّ واديها وحدقَ زهرُهُ
والنِّيلُ فيهِ كَكوثَرٍ بِجنانِ
وبهِ الجواري المنشآتُ كأنّها
أعلامُ بيدٍ، أو فروعُ قنانِ
نهضتْ بأجنحة ِ القلوعِ كأنّها
عندَ المَسيرِ تَهُمُّ بالطّيَرانِ
والماءُ يسرعُ في التدفقِ كلما
عجلتْ عليهِ يدُ النسيمِ الواني
طوراص كأسنمة ِ القلاصِ، وتارة ً
مُتَفَتِّلٌ كأكارِعِ الغِزلانِ
حتى إذا كسرَ الخليجُ، وقسمتْ
أمواهُ لُجّتِهِ على الخُلجانِ
ساوَى البلادَ كما تُساوي في النّدى
بينَ الأنامِ مواهبُ السلطانِ
النّاصرُ المَلِكُ الذي في عَصرِهِ
شكرَ الظباءُ صنيعة َ السرحانِ
ملكٌ، إذا اكتحلَ الملوك بنورهِ
خَرّوا لهيبَتِهِ إلى الأذقانِ
وإذا جَرى بينَ الوَرى ذكرُ اسمِهِ،
تغنيهِ شهرتُهُ عن ابنِ فلانِ
من معشرٍ خزنوا الثناءَ وقطعوا
بغِنا النُّضارِ جَوائزَ الخُزّانِ
قومٌ يَرونَ المَنّ عندَ عَطائِهِمْ
شركاً بوصفِ الواحدِ المنانِ
الموقدو تحتَ المراجلِ للقِرى
فضَلاتِ ما حَطَمُوا مِنَ المُرّانِ
إنْ أخرَسَتْ فِلَذُ العَقيرِ كلابَهمْ
دعوُا الضيوفَ بألسنِ النيرانِ
أسدٌ روتْ يومَ الهياجِ أكفهمْ
بدَمِ الأُسودِ ثَعالِبَ الخِرصانِ
قصفوا القنا في صدرِ كلّ مدرَّعٍ،
والبيضَ في الأبدانِ والأبدانِ
قد عَزّ دِينُ مُحمّدٍ بسمِيّهِ،
وسما بنصرتِهِ، على الأديانِ
مَلِكٌ تَعَبّدَتِ المُلوكُ لأمرِهِ،
وكذاكَ دولَة ُ كلّ رَبّ قِرانِ
وافى ، وقد عادَ السماحُ وأهلُهُ
رِمَماً، فكانَ لَهُ المَسيحَ الثّاني
فالطيرُ تلجأُ لأنها
بنداهُ لم تأمنْ منَ الطوفانِ
لاعيبَ في نعماهُ إلاّ أنها
يسلو الغريبُ بها عنِ الأوطانِ
شاهَدتُهُ، فشَهدتُ لُقمانَ الحِجى ،
ونظرتُ كِسرى العَدلِ في الإيوانِ
ورأيتُ منهُ سَماحَة ً وفَصاحة ً
أعدَى بفَيضِهِما يَدي ولِساني
يا ذا الذي شغلَ الزمانَ بنفسهِ،
فأصَمّ سَمعَ طَوارِقِ الحِدثانِ
لو يكتبُ اسمكَ بالصوارم والقنا
أغنَى عنِ التضرابِ والتطعانِ
وكتيبَة ٌ ضرَبَ العَجاجُ رِواقَها
من فَوقِ أعمِدَة ِ القَنا المُرّانِ
نسجَ الغبارُ على الجيادِ مدارِعاً
موصولة ً بمدارعِ الفرسانِ
ودَمٌ بأذيالِ الدروعِ كأنّهُ،
حولَ الغديرِ، شقائقُ النعمانِ
حتى إذا استعرَ الوغَى وتتبعتْ
بيضُ الصفاحِ مكامنَ الأضغانِ
فعلتْ دروعكَ عندها بسيوفهمْ،
فِعلَ السّرابِ بمُهجَة ِ الظّمآنِ
وبرزتَ تلفظكَ الصفوفُ إليهمُ
لَفظَ الزّنادِ سَواطِعَ النّيرانِ
بأقَبّ يَعصي الكَفَّ ثمّ يُطيعُهُ،
فتَراهُ بَينَ تَسرّعٍ وتَوانِ
قد أكسَبتْهُ رِياضَة ً سُوّاسُهُ،
فتكادُ تركضهُ بغيرِ عنانِ
كالصقرِ في الطيرانِ، والطاووسِ في الـ
ـخَطَرانِ، والخَطّافِ في الرَّوغانِ
يَرنو إلى حُبُكِ السّماءِ تَوَهّماً
لمشَى عليهِ مشية َ السرطانِ
وفللتَ حدَّ جموعهمْ بصوارمٍ،
ككراكَ، نافرة ٍ عن الأجفانِ
ضلتْ فظنتْ في مقارعة ِ العدى
أنّ الغُمودَ مَعاقدُ التّيجانِ
صَيّرْتَ هاماتِ الكُماة ِ صَوامِعاً،
وكواسرَ العقبانِ كالرهبانِ
يا ذا الذي خطبَ المديحَ سماحهُ،
فنَداهُ قَبلَ نِدايَ قَد لَبّاني
أقصَيتَني بالجُودِ ثمّ دَعَوتَني،
فنَدَاكَ أبعَدَني، وإنْ أدناني
ضاعَفتَ بِرّكَ لي، ولو لم تُولِني
إلا القبولَ عطية ً لكفاني
فنأيتُ عنكَ، ولستُ أولَ حازمٍ
خافَ النّزولَ بمَهبِطِ الطُّوفانِ
علمي بصرفِ الدهرِ أخلى معهدي
منّي، وصرفَ في البلادِ عناني
ولربما طلبَ الحريصُ زيادة ً،
فغَدَتْ مُؤدّيَة ً إلى النّقصانِ
فَلَئِنْ رَحَلتُ، فقد تَركتُ بَدائِعاً
غصبتْ فصولَ الحكمِ من لقمانِ
وخريدة ً هيَ في الجمالِ فريدة ٌ،
فهيَ الغَريبَة ُ وهيَ في الأوطانِ
مُعتادَة ً تَهَبُ الخَليلَ صَداقَها،
فخراً على الأكفاءِ والأقرانِ
لاعيبَ فيها، وهو شاهدُ حسنِها،
إلاّ تَبَرّجَها بكلّ مَكَانِ
قَلّتْ، وإنْ حَلّتْ صَنائِعَ لَفظِها
لكم، وإنْ نطقتْ بسحر بيانِ
فجميلُ صنعكمُ أجلُّ صنائعاً،
وبديعُ فضلكمُ أدقُّ معانِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> مَلِكٌ يُرَوِّضُ فوقَ طِرْفٍ قارعٍ
مَلِكٌ يُرَوِّضُ فوقَ طِرْفٍ قارعٍ
رقم القصيدة : 19748
-----------------------------------
مَلِكٌ يُرَوِّضُ فوقَ طِرْفٍ قارعٍ
كُرَة ً بجَو كانٍ حكاهُ ضَبَابَا
فكأنّ بَدراً، في سَماهُ، راكِباً
بَرقاً، يُزَحزِحُ بالهِلالِ شِهابَا

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أيهذا العزيزُ قد صحّ رقي
أيهذا العزيزُ قد صحّ رقي
رقم القصيدة : 19749
-----------------------------------
أيهذا العزيزُ قد صحّ رقي
لكَ من مَوقعِ اسميَ المَرموزِ
أنا من يومِ مولدي لكَ عبدٌ،
ولهذا دُعيتُ عَبدَ العَزيزِ

شعراء الجزيرة العربية >> عبدالله السفياني >> يا آخر الأوفياء - أحمد ياسين
يا آخر الأوفياء - أحمد ياسين
رقم القصيدة : 1975
-----------------------------------
..ولو كانت الأرض أرضك أنت..
وكانت جميع البحار بحارك أنت..
وكل الحدود التي تحتوينا حدودك أنت..
وكل البنوك.. وكل الحقول ..
وآبار نفط الخليج .. بملك يمينك أنت..
فهل كنت تصنع كل الدموع التي حملتك إلينا ؟
وهل كنت تصبح سفر الخلود ..؟
يا أعذب الذكريات..
أياسين..:
ماذا ورثت ؟ وقارون ليس أبوك ..
وبلقيس ليست بأمك حتى يرددك الخافقان
فكيف أتيت إلينا بهذا الضياء .
ومن أين يا آخر الأوفياء..؟!
وقالوا .. بأنك مقعد..
فكيف قعدت على كل قلب كأنك مشهد..
وكيف كسرت الحواجز بين البلاد..
وبين العباد.. ؟
ألست بمقعد..!!؟
ركبت إلينا سفينة ( نوح )..
فأجريتها وعيون البرية تشهد..!!
وقالوا : بأنك مقعد..
فخذ فبركات الكراسي..
ودع ما تبقى بكرسيك المتجدد..
عيونك يا ابن الصباح حياة
وموتك رغم البكاء المرير حياة..
فهذي الشوارع في أرضنا ميتة..
نفثت عليها دماء الحياة.. فصارت حياة..
وأيقظتها حين زغردت الطائرات تزفك نحو السماء.
وكحلت عين السهاد بصبرك قبل الرحيل
وقبل بزوغ النهار على أرضنا.
وقبل بكور الطيور
بزغت بشمسك قبل الشموس
وما مت كلا..
ولكن بميلادك اليوم ..
ماتت يهود النفوس.
أياسين..:
ماذا تبقى من العمر حتى تموت..؟
أسبعون عاما أخر..!؟
تجاوزت في أمنيات الدعاء حدود البشر
وسافرت عبر " بُراق " الشهادة نحو القمر.
وخلفت أبناء يعرب يستنكرون..
ويستصرخون..
كعادتنا نحن في الشجب لا نتأخر..
فسافر بعيدا.. بعيداً
.. فنعم المراكب ما قد ركبت..
ونعم السفر..!
.. فدعنا ..
لنا الأعين الباكيات..
وفن الصراخ.. بوجه العدو..
نريد السلامْ.. نريد السلامْ
وأكذوبة الأمنيات..!!
فدعنا وسافر..
فنحن الفراق.. ونحن الغثاء..ونحن الشتاتْ..!

 

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> كَم قد أفَضنا من دموعٍ ودَماً
كَم قد أفَضنا من دموعٍ ودَماً
رقم القصيدة : 19750
-----------------------------------
كَم قد أفَضنا من دموعٍ ودَماً
على رسومٍ للديارِ ودمنْ
وكَم قضَينا للبُكاءِ مَنسِكاً،
لمّا تَذَكّرْنا بهِنّ مَن سكَنْ
معاهداً تحدثُ للصبرِ فناً،
إنْ ناحتِ الوُرقُ بها على فَنَنْ
تذكارُها أحدثَ في الحلقِ شجاً،
وفي الحَشا قَرحاً وفي القلبِ شَجَنْ
للهِ أيامٌ لنا على مننْ،
فكمْ لها عندي أيادٍ ومننْ
كم كانَ فيها من فتاة ٍ وفتًى ،
كلٌّ لقَلبِ المُستَهامِ قَد فَتَنْ
شربتُ فيها لذة َ العيشَ حساً،
وما رأيتُ بعدها مرأى حسنْ
فما ارتكبنا بالوصالِ مأثماً،
بَل بِعتُهمْ رُوحي بغيرِ ما ثَمَنْ
وعاذلٍ أضمرَ مكراً ودهاً،
فنمقَ الغشَّ بنصحٍ ودهنْ
لاحٍ غدا يعرفُ للقلبِ لحاً،
إن أعربَ القولَ بعذلي أو لحنْ
يزيدني بالزجرِ وجداً وأسّى ،
إن كانَ ماءُ الودّ منهُ قد أسنْ
سَئمتُ منهُ اللّومَ، إذ طالَ مدًى ،
فلَم أُجِبهُ بَل بَدَوتُ إذْ مدَنْ
بحسرة ٍ تشتدُّ في السرّ قرًى ،
إذْ لم تذللُ بزمامٍ وقرنْ
لا تتشكّى نصباً ولا وجًى ،
إذا دَجا الليلُ على الرّكبِ وجَنّ
كمْ سبقتْ إلى المياهِ من قطاً،
فأوردتْ بالليلِ، وهوَ في قطنْ
حثّتْ فأعطتْ في السّرى خيرَ عطاً
إنْ حنّ يوماً غيرها إلى عطنْ
وأصبَحتْ من بَعدِ أينٍ وعَياً،
للمَلِكِ النّاصِرِ ضَيفاً وعَيَنْ
ملكٌ غدا لسائر الناسِ أباً،
إن سارَ في كَسبِ الثّناءِ، أو أبَنْ
النّاصِرُ المَلْكُ الذي فاضَ جَداً،
فخلتهُ ذا يزنٍ أو ذا جدنْ
ملكٌ علا جداً وقدراً وسناً،
فجاءَ في طرقِ العُلى على سننْ
لا جَورَ في بلادِهِ، ولا عِداً،
إن عُدّ في العَدلِ زبيدٌ وعَدَنْ
كم بدرٍ أعطى الوفودَ ولهًى ،
وكانَ يرضيهمْ كفافاً ولهنْ
جَنَيتُ من إنعامِهِ خَيرَ جَنًى ،
وكنتُ من قبلُ كميتٍ في جننْ
فما شكيتُ في حماهُ لغباً،
ولو أطاقَ الدهرُ غبني لغبنْ
دعَوتُه بالمَدحِ عن صِدقٍ ولاً،
فلَم يُجبْ يوماً بلَم، ولا، ولَنْ
أنظمُ في كلّ صباحٍ ومساً،
كأنّهُ لصارِمِ الدّهرِ مِسَنّ
يا ملكاً فاقَ الملوكَ ورعاً،
إن شانَ أهلَ المُلكِ طيشٌ ورَعَنْ
أكسبَتني بالقُربِ مَجداً وعُلاً،
فصغتُ فيكَ المدحَ سرّاً وعلنْ
إنْ أُولِكَ المَدحَ الجَميلَ فَخَراً،
وإن كَبا فكرُ سِوايَ أو حَرَنْ
لا زِلتَ في مُلكِكَ خِلواً من عَناً،
وليسَ للهمّ لديكَ من عننْ
ونِلْتَ فيهِ ما تَرومُ منن مِنًى ،
وعِشتَ في عِزٍّ وبأسٍ ومِنْ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> إنْ لم أزُرْ رَبعَكم سَعياً على الحَدَقِ،
إنْ لم أزُرْ رَبعَكم سَعياً على الحَدَقِ،
رقم القصيدة : 19751
-----------------------------------
إنْ لم أزُرْ رَبعَكم سَعياً على الحَدَقِ،
فإنّ وديّ منسوبٌ إلى الملقِ
تبتْ يدي إنْ ثنتني عن زيارتكمْ
بيضُ الصفاحِ، ولو سدتْ بها طرقي
يا جِيرَة َ الحَيّ هَلاّ عادَ وصلُكُمُ
لمُدنَفٍ من خُمارِ الوَجدِ لم يُفِقِ
لاتنكروا فرقي من بعدِكمُ،
إنّ الفراقَ لمشتقٌّ منَ الفرقِ
لله ليلتنا بالقصرِ كمْ قصرتْ،
فظَلتُ مُصطبحاً في زِيّ مُغتَبِقِ
وباتَ بدرث الدجى فيها يسامرني،
منادماً فيزينُ الخلقَ بالخلقِ
فكَمْ خَرَقنا حِجاباً للعِتابِ بها،
وللعَفافِ حِجابٌ غيرُ مُنخرِقِ
والصبحث قد أخلقتْ ثوبَ الدجى يدُه،
ولَيتَهُ جادَ للعُشّاقِ بالخَلَقِ
أبلى الظّلامَ وماذا لو يَجودُ بهِ
على جفونٍ لطيبِ الغمضِ لم تذقِ
ما أحسنَ الصّبَح لولا قُبحُ سرعَتِهِ،
وأعذبَ الليلَ لولا كثرة ُ الأرَقِ
هَبّ النّسيمُ عِراقِيّاً، فشَوّقَني،
وطالما هبّ نجدياً فلم يشقِ
فما تنقستُ، والأرواحُ سارية ٌ،
إلاّ اشتكتْ نسماتُ الريحِ من حرقي
ذَرّ أيّها الصّبُّ تَذكارَ الدّيارِ، إذا
متعتَ فيها بعيشٍ غيرِ متسقِ
فكم ضممتَ وشاحاً في الظلامِ بها
ما زادَ قلبَكَ إلاّ كَثرَة القَلَقِ
فخلِّ تذكارَ زوراءِ العراقِ، إذا
جاءتْ نَسيمُ الصَّبَا بالمَنْدَلِ العَبِقِ
فهذِهِ شُهُبُ الشّهباءِ ساطِعَة ٌ،
وهذهِ نسمة ُ الفردوسِ، فانتشقِ
فتلكَ أفلاكُ سعدٍ لا يلوذُ بها
من ماردٍ لخفيّ السمعِ مسترقِ
سماءُ مجدٍ بدا فيها، فزينها
نجمٌ تخرُّ لديهِ أنجمُ الأفقِ
ملكٌ غدا الجودُ جزءاً من أناملِهِ،
فلو تكَلّفَ تَركَ الجودِ لم يُطِقِ
أعادَ ليلَ الوَرى صُبحاً، وكم رَكضَتْ
جيادُه، فأرتنا الصبحَ كالغسقِ
مُشَتَّتُ العَزمِ والأموالِ ما تَركتْ
يداهُ للمالِ شملاً غيرَ مفترقِ
إذا رأى مالهُ قالتْ خزائنُهُ:
أفديك من وَلَدٍ بالثُّكلِ مُلتَحِقِ
لولا أبو الفَتحِ نجمُ الدّينِ ما فُتحتْ
أبوابُ رِزقٍ علَيها اللّومُ كالغَلَقِ
ملكٌ به اكتستِ الأيامُ ثوبَ بهاً
مثلَ اكتساءِ غُصونِ البانِ بالوَرَقِ
تَهوَى الحروبُ مَواضيهِ، فإن ذُكرتْ
حنتْ، فلم ترَ منها غيرَ مندلقِ
حتى إذا جردَتْ في الروعِ أغمدها
في كلّ سابغَة ٍ مَسرودَة ِ الحَلَقِ
يا أيها الملكُ المنصورُ طائرهُ،
ومَنْ أياديهِ كالأطواقِ في عُنُقي
أحيَيتَ بالجُودِ آثارَ الكِرامِ، وقد
كانَ النّدَى بعدَهم في آخرِ الرّمَقِ
لو أشبهتكَ بحارُ الأرضِ في كرمٍ،
لأصبحَ الدرُّ مطروحاً على الطرقِ
لو أشبهَ الغيثُ جوداً منكَ منهمراً
لم يَنجُ في الأرضِ مَخلوقٌ من الغَرقِ
كم قد أبَدتَ من الأعداءِ مِن فِئَة ٍ
تحتَ العَجاجِ، وكم فرّقتَ من فِرَقِ
رويتَ يومَ لقاهم كلَّ ذي ظمإٍ
في الحربِ حتى حِلالَ الخيلِ بالعَرَقِ
ويومَ وقعَة ِ عُبّادِ الصّليبِ، وقد
أركَبَتهم طَبقاً في البِيدِ عَن طَبَقِ
مزقتَ بالموصلِ الحدباءِ شملهمُ
في مأزقٍ بوميضِ البيضِ ممتزقِ
بكلّ أبيَضَ دامي الحَدّ تَحسبُهُ
صبحاً، عليه دمُ الأبطالِ كالشفقِ
آلَى على غمِدِهِ ألاّ يُراجِعَهُ
إلاّ إذا عادَ مُحمَرّاً مِنَ العلَقِ
فاستَبشَرتْ فِئَة ُ الإسلامِ، إذْ لمَعتْ
ذِكراً، إذا قَبَضَ اللَّهُ الأنامَ بَقي
وأصبحَ العدلُ مرفوعاً على نشزٍ،
لمّا وَليتَ، وباتَ الجَورُ في نَفَقِ
كم قد قطعتُ إليكَ البيدَ ممتطياً
عَزماً إذا ضاقَ رَحبُ الأرض لم يَضِقِ
يدلني في الدّجى مهري ويؤنسني
حدُّ الحسامِ، إذا ما باتَ معتنقي
والليلُ أطولُ من عذلِ العذولِ على
سمعي، وأظلمُ من مرآهُ في حدقي
أُهدي قَلائِدَ أشعارٍ فرائِدُها
درٌّ نهضتُ بهِ من أبحرٍ عمقِ
يضمها ورقٌ لولا محاسنُهُ
ما لقبوا الفضة َ البيضاءَ بالورقِ
نظَمتُها فيكَ دِيواناً أزُفُّ بهِ
مَدائِحاً في سِوى عَلياكَ لم تَرُقِ
ولو قصدتُ بهِ تجديدَ وصفكمُ
لكانَ ذلكَ مَنسوباً إلى الحُمُقِ
ومثلها عددُ الأبيات في النسقِ
لم أقتَنِعْ بالقَوافي في أواخِرِها،
حتى لَزِمتُ أواليها، فلَمْ تَعُقِ
ما أدركَتْ فُصَحاءُ العُربِ غايَتَها
قَبلي، ولا أخذُوا في مِثلِها سَبَقي
جرتْ لتركضَ في ميدانِ حومتها
قومٌ فأوقفتهم في أولِ الطلقِ
فليحسنِ العذرُ في إيرادهنَّ، إذا
رأيتَ جريَ لساني غيرَ منطلقِ
فلوْ رأتْ بأسكَ الآسادُ لاضطربتْ
بهِ فَرائِصُها من شِدّة ِ الفَرَقِ
يا آلَ أرتقَ! لولا فيضُ جودكمُ
لَدامَ خَرقُ المَعالي غَيرَ مُرتَتِقِ
لقد رفعتمْ بإسداءِ الجميلِ لكم
ذكراً، غذا قبضَ اللهُ الأنامَ بقي
لا زالَ يَهمي على الوُفّادِ نائِلُكُم،
بوابلٍ مِن سَحابِ الجَودِ مُندَفِقِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> دارتْ على الدوحِ سلافُ القطرِ
دارتْ على الدوحِ سلافُ القطرِ
رقم القصيدة : 19752
-----------------------------------
دارتْ على الدوحِ سلافُ القطرِ
فرَنّحَتْ أعطافَهُ بالسُّكرِ
ونبهَ الورقَ نسيمُ الفجرِ،
فغردتْ فوقَ الغصونِ الخضرِ
تُغني عن العُودِ وصوتِ الزَّمرِ
تَبَسّمتْ مَباسِمُ الأزهارِ،
وأشرَقَ النّوارُ بالأنوارِ
وظَلّ عِقدُ الطّلّ في نِثارِ،
وباكَرَتها دِيَمُ الأمطارِ
فكَلّلَتْ تيجانَها بالدُّرِّ
قد أقبَلَتْ طَلائعُ الغُيومِ
إذْ أذنَ الشتاءُ بالقدومِ
فمُذْ حَداها سائِقُ النّسيمِ،
عفتْ رُبَى العقيقِ والغميمِ
وباكَرَتْ أرضَ دِيارِ بَكرِ
أما تَرى الغَيمَ الجديدَ قَد أتَى
مبشراً بالقربِ من فصلِ الشتا
فاعقُرْ هُمومي بالعُقارِ، يا فتى ،
فتركُ أيامِ الهنا إلى متى ؟
فإنها محسوبة ٌ من عمري
فانهضْ لنهبِ فرصة ِ الزمانِ،
فلَستَ من فَجواهُ في أمانِ
واشرَبْ على النّاياتِ والمَثاني،
إنّ الخَريفَ لرَبيعٌ ثَانِ
فاتممْ حلاهُ بكؤوسِ الخمرِ
فصلٌ لنا في طيهِ سعودُ،
بعودهِ أفراحنا تعودُ
يقدمُ فيهِ الطّائرُ البَعيدُ،
في كلّ يومٍ للرماة ِ عيدُ
كأنهُ بالصرعِ عيدُ النحرِ
هَذي الكَراكي نحوَنا قد قَدِمتْ
فاقِدَة ً لإلفِها قَد عَدِمَتْ
لو علمتْ بما تلاقي ندمتْ،
فانظُرْ إلى أخياطِها قد نُظِمَتْ
شبهَ حُروفٍ نُظِمتْ في سَطرِ
تَذكّرَتْ مَرتَعها، فَشاقَها،
فأقبَلَتْ حامِلَة ً أشواقَها
تجيلُ في مطارِها أحداقَها،
تَمُدُّ مِن حَنينِها أعناقَها
لم تدرِ أنّ مداها للجزرِ
يا سَعدُ كُنْ في حُبّها مُساعدي،
فإنّهُ مُذْ عِشتُ مِن عَوائدي
ولا تَلُمْ مَن باتَ فيها حاسِدي،
فلَوْ تَرى طَيَر عِذارِ خالِدِ
أقمتَ في حبّ العذارِ عذري
طيرٌ بقدرِ أنجمِ السماءِ،
مُختَلِفُ الأشكالِ والأسماءِ
إذا جلا الصبحُ دجى الظلماءِ،
يَلوحُ مِنْ فَوقِ طَفيحِ الماءِ
شبهَ نُقوشٍ خُيّلَتْ في سِترِ
في لجة ِ الأطيارِ كالعساكرِ،
فهنّ بَينَ وارِدٍ وصادِرِ
جليلُها ناءٍ عن الأصاغِرِ،
محدودة ٌ منذُ عهودِ النّاصِرِ
مَعدودَة ٌ في أربَعٍ وعَشْرِ
شُبَيطَرٌ ومِرزَمٌ وكُركي،
وصِنفُ تَمٍّ مع إوَزٍّ تُركي
ولَغلَغٌ يُشبِهُ لونَ المِسكِ،
والكيُّ والعنازُ، يا ذا الشكَ
ثمّ العُقابُ مُلحَقٌ بالنّسرِ
ويَتبَعُ الأرنوقَ صِنفٌ مُبدعُ،
أنيسَة ٌ إنسيّة ٌ إذْ تُصرَعُ
والضّوُّ والْحبرجْ فِهيَ أجمَعُ،
خَمسٌ وخمسٌ كملَتْ وأربَعُ
كأنّها أيامُ عمرِ البدرِ
فابكُرْ إلى دِجلَة َ، والأقطاعِ،
فإنها من أحدِ المساعي
واعجبْ لما فيها من الأنواعِ
من سائرِ الخليلِ والمراعي
وضَجّة ِ الشِّيقِ وصوتِ الخُضرِ
ما بينَ تمٍّ ناهضٍ وواضِعِ
وبينَ نسرٍ طائرٍ وواقِعِ
وبينَ كَيٍّ خارِجٍ وراجِعِ،
ونَهضَة ِ الطّيرِ مِن المَراتِعِ
كأنّها أقطاعُ غيمٍ تسرِي
أما تَرى الرّماة َ قد تَرَسّمُوا،
ولارتقابِ الطّيرِ قد تَقَسّمُوا
بالجفتِ قد تدرّعوا وعمموا
لمّا على سَفْك دِماها صَمّمُوا
جاؤوا إليها في ثيابٍ حمرِ
قد فزِعوا عن كلّ عُرْبٍ وعَجَمْ
وأصبَحوا بينَ الطِّرافِ والأجَمْ
من كلّ نَجمٍ بالسّعودِ قد نجَمْ
وكلّ بَدرٍ بالشّهابِ قد رَجَمْ
عن كلّ محنتي شديدِ الظهرِ
محنية ٌ في رفعها قد أدمجتْ،
أدرَكهَا التّثقيفُ لمّا عُوّجَتْ
قد كبستْ بيوتُها وسرجتْ
كأنّها أهلة ٌ قد أخرجتْ
بنادقاً مثلَ النجومِ الزهرِ
قد جودتْ أربابُها متاعها،
وأتعبَتْ في حَزمِها صُنّاعَها
وهَذّبتْ رُماتُها طِباعَها،
إذا لمَستَ خابراً أقطاعَها
حَسِبتَها مَطبوعة ً من صَخرِ
إذا سمعتُ صرخة َ الجوارحِ
تَصبو إلى أصواتِها جَوارِحي
وإنْ رأيتُ أجمَ البطائحِ،
ولم أكنْ ما بينها بطائحِ
يضيقُ عن حملِ الهمومِ صدري
من لي بأنّي لا أزالُ سائحا،
بينَ المَرامي غادِياً ورائِحَا
لو كانَ لي دَهري بذاكَ سامِحَا،
فالقُربُ عندي أن أبيتَ نازِحَا
أقطعُ في البيداءِ كلّ قفرِ
نذرتُ للنفٍ، إذا تمّ الهنا،
وزُمّتِ العِيسُ لإدراكِ المُنَى
أنْ أقرِنَ العزّ لديها بالغنَى
حتى رأتْ أنّ الرحيلَ قد دنَا
فَطالَبَتني بوَفاءِ نَذرِي
تَقُولُ لي لمّا جَفاني غُمضِي،
وأنكرتْ طولَ مقامي أرضِي
وعاقني صرفُ الرّدى عن نَهضِي:
ما للّيالي أُولِعَتْ بخَفضِي
كأنّها بَعضُ حُرُوفِ الجَرّ
فانهضْ ركابِ العزم في البيداءِ،
وأزورَ بالعيسِ عن الزوراءِ
ولا تُقِمْ بالمَوصِلِ الحَدباءِ،
إنّ شِهابَ القَلعَة ِ الشّهباءِ
يحرقُ شيطانَ صروفِ الدهرِ
نجمٌ بهِ الأنامُ تستدلُّ،
مَن عَزّ في حِماهُ لا يَذِلُّ
في القرّ شمسٌ والمصيفِ ظلُّ،
وبلٌ على العفاة ِ مستهلُّ
أغنى الأنامَ عن هتونِ القطرِ
لو قابَلَ الأعمَى غَدا بَصيرَا،
ولو رأى مَيتاً غَدَا مَنشُورَا
ولو يشا الظلامَ كانَ نورَا،
ولو أتاهُ اللّيلُ مُستَجِيرَا
أمنهُ من سطواتِ الفجرِ
لذْ بربوعِ الملكِ المنصورِ،
مُحيي الأنامِ قَبلَ نَفخِ الصّورِ
باني العُلا، قبلَ بِنا القصورِ،
قاتلَ كلّ أسدٍ هصورِ
مَلّكَهُ اللَّهُ زِمامَ النّصرِ
ملكٌ كأ،ّ المالَ من عداتِهِ،
يرَى حَيَاة َ الذّكرِ في مَماتِهِ
قد ظهرَ العزُّ على أوقاتِهِ،
وأشرَقَ النّورُ على لَيلاتِهِ
كأنّها بَعضُ لَيالي القَدرِ
أصَبَحَ في الأرضِ لَنا خَليفَة ،
نَعِزُّ في أربُعِهِ المألُوفَه
قد سمحتْ أكفهُ الشريفه،
وألهمتْ عزمتُهُ المنيفه
بكَسرِ جَبّارٍ وجَبرِ كَسرِ
يَخضَعُ هامِ الدّهرِ فوقَ بابهِ،
وتسجدُ الملوكُ في أعتابِه
وتَخدُمُ الأقدارُ في رِكابِهِ،
تَرومُ فَضلَ العِزّ مِن جَنابِه
وتستَمِدُّ اليُسرَ بَعدَ العُسرِ
محكمٌ ناءٍ عن الأغراضِ،
وجَوهَرٌ خالٍ من الأعراضِ
يُهابُ كالسّاخطِ وهوَ راضِ،
قد مهدتْ أراؤهُ الأراضي
وأهلكتْ كفاهُ جيشَ الفقرِ
لمّا رأى أيّامَهُ جُنودَا،
والنّاسَ في أعتابِهِ سُجودَا
أرادَي دولتِهِ مزيدَا،
فأعتقتْ أكفهُ العبيدَا
واستَعبدَتْ بالجُودِ كلّ حُرّ
يا ملكاً تحسدُهُ الأملاكُ،
وتقتدي بعزمِهِ الأفلاكُ
يَهابُهُ الأعرابُ والأتراكُ،
لهُ بما تضمرهُ إدراكُ
كأنّهُ مُوَكَّلٌ بالسّرّ
قُربي إليكُمْ لا العَطاءُ سُولي،
وودكُمْ لا غيرهُ مأمولي
إذا جَلَيتُ كاعبَ الفُصول
لا أبتغي مهراً سوى القبولِ
إنّ القَبولَ لا لأجلِ مَهرِ
لا برحتْ أفراحُكُمْ مجددة ،
وأنفُسُ الضّدّ بكم مُهَدَّدَه
وأربُعُ المَجدِ بكُمْ مُشَيَّدَه،
والأرضُ من آرائِكُمْ مُمَهَّدَه
والدّهرُ بالأمنِ ضَحوكُ الثّغرِ

 

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لا تَخشَ يا رَبعَ الحَبيبِ هُمودَا،
لا تَخشَ يا رَبعَ الحَبيبِ هُمودَا،
رقم القصيدة : 19753
-----------------------------------
لا تَخشَ يا رَبعَ الحَبيبِ هُمودَا،
فلَقد أخذتَ على العِهادِ عُهُودَا
وليُفنِيَنّ ثَراكَ عن صَوبِ الحَيا
صوبُ المدامعِ إن طلبتَ مزيدا
كما غادرتْ بفناكَ، يومَ وداعِنا،
سُحبُ المَدامعِ مَنهَلاً مَورُودا
ولكم سكبتُ عليكَ وافرَ أدمعي،
في ذلكَ اليومِ الطويلِ مريدا
ولقد عهدتُ بكَ الظباءَ سوانحاً،
بظِلالِ شِعبِكَ، والحِسانَ الغِيدا
حُوراً، إذا غُوزِلنَ كنّ جآذِراً؛
وإذا أردنَ الفتكَ كنّ أسودا
أخجلنَ زهرَ الأقحوانِ مباسماً
زَهراً وضاهَينَ الشّقيقَ خُدودا
وحَسَدَن كُثبانَ النّقا وغُصونَهُ،
فثقلنَ أردافاً ومسنَ قدودا
من كلّ واضِحَة ٍ، إذا هيَ أقبَلَتْ
عايَنتَ دُرّاً في الثّغورِ نَضِيدا
حَذِرتْ عُيونَ العاشِقينَ فصَيّرَتْ
بُرجَ الهِلالِ تَمائِماً وعُقودا
كم قد سَهِرتُ اللّيلَ أرقُبُ زَورَة ً
منها، فلم أر للصباحِ عمودا
ورَعَيتُ أنجُمَهُ فأكسَبتُ السُّها
فكأنّما كُسِيتْ بهنّ جُلودا
وحملتُ أعباءَ الغرامِ وثقلهُ،
فرداً، وحاربتُ الزمانَ وحيدا
فجَعَلتُ نَجمَ الدّينِ سَهمي عندَما
عايَنتُ شَيطانَ الخُطوبِ مَريدا
نجمٌ تدينُ لهُ النجومُ خواضِعاً،
ملكٌ تخرُّ لهُ الملوكُ سجودا
غَيثٌ يُريكَ من السّيوفِ بَوارِقاً،
ومِنَ الجِيادِ زَلازِلاً ورُعُودا
يَقظانُ ألقَى في حَبائلِ عَزمِهِ
شركاُ يصيدُ بها الكماة َ الصيدا
رأيٌ يَرى ما تحتَ أطباقِ الثّرَى ،
وعلاً تريدُ إلى السماءِ صعودا
وَعَدَ الصّوارِمَ أن يقدّ بها الطَّلا،
وَعداً أراهُ للعُداة ِ وَعيدا
ما شَدّدَ النّونَ الثّقيلَ لأنّهُ
إن قالَ يسبقُ فعلهُ التأييدا
يا أيها الملكُ الذي ملكَ الورى ،
فغَدتْ لدَولتِهِ العِبادُ عَبيدا
وافَيتَ، إذ ماتَ السّماحُ وأهلُهُ،
فأعدتَهُ خلقاً لديكَ جديدا
وقدمتَ نحوَ ديارِ بكرٍ مظهراً
عدلاً يمهدُ أرضها تمهيدا
عطلتْ، فولا أنّ ذلكَ جوهرٌ
للهِ، ما حلّى لها بكَ جيدا
كَم غارَة ٍ شَعواءَ حينَ شَهِدْتَها،
أُعطيتَ فيها النّصرَ والتأكيدا
في نارِها كنتَ الخليلَ، وإنّما
عندَ التِماسِ حَديدِها داوُدا
أخفيتَ وجهَ الأرضِ من جثثِ العدى
حتى جَعَلتَ لكَ الوُحوشَ وُفُودا
زوجتَ أبكارَ العِدى بنفوسِهِمْ،
وجعلتَ أطرافَ الرّماحِ شهودا
كَفَروا، فأمّنتَ الرّؤوسَ لأنّها
خَرّتْ لسَيفِكَ رُكّعاً وسُجودا
وبغوا، فولكتَ الحمامَ بحربِهمْ،
ثم ارتضيتَ لهُ السيوفَ جنودا
ضاقتْ على القتلى الفلاة ُ بأسرِها،
ياويحَ قومٍ أغضبوكَ بجهلِهِمْ،
ورأوا قَريبَ الفَتحِ منكَ بَعيدا
وتحَصّنوا في قَلعَة ٍ لم يَعلَموا
أنْ سوفَ تَشهَدُ يَومَها المَوعودا
حتى رَمَيتَ حُصونَها بكَتائبٍ
شهبٍ، وقدتَ لها الجيادَ القودا
بقَساورٍ قَلّتْ عديداً في اللّقا،
ومنّ الشجاعة ِ أن تقلّ عديدا
من فتية ٍ كسروا غمودَ سيوفهمْ،
واستبدلوا قللَ الرؤوسِ غمودا
رَفضُوا الدّروعَ عن الجُسوم، وأسبَغوا
فوقَ الجسومِ من القلوبِ حديدا
مروا بها حزرَ العيونِ، فأوجستْ
جزعاً، وكادتْ بالكماة ِ تميدا
لو لم يُوَرِّدْ خَدَّها مِنهمْ حَيا،
جَعَلُوا الدّماءَ لَخدّها تَوريدا
قذفتْ بمن فيها إليكَ، كأنّما
علمتها من راحتيكَ الجودا
قالوا، وقد وَجَدوا لِبأسِكَ رَهبَة ً
ومخافة ً تذرُ الفصيحَ بليدا
سألوا البَقاءَ، فكانَ مانعُكَ الحَيا
من أن يُرى لكَ سائلٌ مردودا
لو شئتَ ما أبقتْ صفاحُكَ يافعاً
منهمْ، ولا تركتْ قناكَ وليدا
نَبذوا السّلاحَ مَخافَة ً لمّا رأوا
راياتِ جَيشِكَ قد ملأنَ البِيدا
طَنّوا السّحابَ، إذا نشأنَ، عَجاجة ً،
والبرقَ بيضاً، والرعودَ بنودا
سَكِروا وما سكِروا بكأسِ مُدامة ٍ،
لكنْ عَذابُ اللَّهِ كانَ شَديدا
ورأوكَ مُعتَصِمَ العَزائِمِ فاختَشوا
بكَ يومَ عَمّورِيّة َ المَشهودا
أولَيتَهمْ لمّا أطاعوا أنْعُماً
لا تَستَطيعُ لبَعضِها تَحديدا
فانظُرْ تَجِدْ مَعْ كلّ نَفسٍ منهمُ
من فيضِ بركَ سائقاً وشهيدا
أكسَبتَ أُفقَ المُلكِ، يا نَجمَ الهُدى ،
نُوراً جَلا ظُلَمَ الخُطوبِ السّودا
وطَرَدتَ جَورَ الحادثاتِ عن الوَرى ،
ولكمْ أجرتَ من الزمانِ طريدَا
ما دامَ جودكَ يا ابنَ أرتقَ واصلي،
من شاءَ يمنحني جفاً وصدودا
ما فكّ مَدحي فيكَ قَيدَ تَعبّدي،
إلاّ وضعتَ منَ النوالِ قيودا
لازلتَ محسوداً على نيلِ العُلى ،
فدوامُ عزكَ أن تُرى محسودا

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> كيفَ الضلالُ وصبحُ وجهكَ مشرقُ،
كيفَ الضلالُ وصبحُ وجهكَ مشرقُ،
رقم القصيدة : 19754
-----------------------------------
كيفَ الضلالُ وصبحُ وجهكَ مشرقُ،
وشَذاكَ في الأكوانِ مِسكٌ يَعبَقُ
يا مَن إذا سَفَرتْ مَحاسنُ وجهِه،
ظلتْ به حدقُ الخلائقِ تحدقُ
أوضحتَ عذري في هواكَ بواضحٍ
ماءُ الحيا بأديمهِ يترقرقُ
فإذا العذولُ رأى جمالكَ قال لي:
عَجَباً لقَلبِكَ كيفَ لا يَتمَزّقُ
أغنَيتَني بالفِكرِ فيكَ عنِ الكَرَى ،
يا آسري، فأنا الغنيُّ المملِقُ
يا آسراً قلبَ المحبّ، فدمعُهُ،
والنّومُ منهُ مُطلَقٌ ومُطَلَّقُ
لولاكَ ما نافَقتُ أهلَ مَوَدّتي،
وظللتُ فيك نفيس عُمري أنفقُ
وصَحِبتُ قَوماً لَستُ من نظرائِهِمْ،
فكأنني في الطرسِ سطرٌ ملحقُ
قولا لمن حملَ السلاحَ، وخصرُه
من قدّ ذابلهِ أدقُّ وأرشقُ
لا تُوهِ جِسمَكَ بالسّلاحِ وثِقلِه،
إنّي عليكَ من الغلالة ِ أشفقُ
حسَدَتْ أُهَيلُ ديارِ بَكرٍ مَنطِقي
نارٌ يَخُرُّ لها الكَليمُ ويُصعَقُ
تلقاهُ، وهوَ مزردٌ ومدرَّعٌ،
وتراهُ، وهوَ مقرطٌ ومقرطقُ
لم تتركِ الأتراكُ بعدَ جمالِها
حُسناً لمَخلوقٍ سِواها يُخلَقُ
إنْ نوزلوا كانوا أسودَ عريكة ٍ،
أو غوزلوا كانوا بدوراً تشرقُ
قومٌ، إذا ركبوا الجيادَ ظننتهمْ
أسداً بألحاظِ الجآذِرِ ترمقُ
قد خلقتْ بدمِ لقلوب خدودهم،
ودروعُهمْ بدَم الكُماة ِ تُخَلَّق
جذبوا القسيّ إلى قسيّ حواجبٍ،
مِن تَحتِها نَبلُ اللّواحِظِ تَرشُقُ
نشروا الشعورَ، فكلُّ قدٍّ منهمُ
لدنٌ، عليه من الذوائبِ سنجقُ
لي منهمث رشأٌ، إذا غازلتُهُ
كادَتْ لَواحظُهُ بسِحرٍ تَنطِقُ
إنْ شاءَ يَلقاني بخُلقٍ واسِعٍ،
عندَ السلامِ، نهاهُ طرفٌ ضيقُ
لم أنسَ ليلة َ زارني ورقيبهُ
يُبدي الرّضا، وهوَ المَغيظُ المُحنَقُ
وافَى ، وقد أبدى الحياءُ بوجههِ
ماءً، لهُ في القَلبِ نارٌ تُحرِقُ
أمسى يعاطيني المدامَ، وبيننا
عتبٌ ألذُّ منَ المدامِ وأروقُ
حتى إذا عبثَ الكرى بجفونِه
كانَ الوِسادَة َ ساعِدي والمِرفَقُ
عانقتُهُ، وضممتُهُ، فكأنّهُ
منْ ساعديَّ مطوقٌ وممنطقُ
حتى بَدا فَلَقُ الصّباحِ، فَراعَهُ؛
إنّ الصباحض هوَ العدوُّ الأزرقُ
فهُناكَ أومَا للوَداعِ مُقَبِّلاً
كفّيّ، وهيَ بذَيلِهِ تَتَعَلّقُ
يا مَنْ يُقَبّلُ للوَداعِ أنامِلي!
إنّي إلى تَقبيلِ ثَغرِكَ أشوَقُ
للعاشقينَ غرابُ بينٍ ينعقُ
وغَفَرْتُ ذَنبَ الدّهرِ حينَ بدَتْ به
من طلعة ِ السلطانِ شمسٌ تشرقُ
المالكُ المنصورُ، والملكُ الذي
من خوفِهِ طرفُ النوائبِ مطرقُ
نجمٌ لهُ فلكُ السعادة ِ مطلعٌ،
بَدرٌ لهُ أُفقُ المَعالي مَشرِقُ
من معشرٍ حازوا الفخارَ بسعيهمْ،
وبَنَى لهُمْ فَلَكَ المَعالي أُرتُقُ
قومٌ همُ الدهرُ العبوسُ، إذا سطوا،
وإذا سخوا، فهمُ السحابُ المغدِقُ
وإذا استَغاثَ المُستَغيثُ تَسَرَعوا؛
وإذا استَجارَ المُستَجيرُ تَرَفّقُوا
ملكٌ تحفُّ بهِ الملوكُ، كأنّهُ
بَدرٌ بهِ زُهْرُ الكَواكِبِ تُحدِقُ
قَد، ظَلّلتَهُ سَحابَة ٌ من خَيرِهِ،
تَسري، وآيتُهُ السّماحُ المُطلَقُ
والقبة ُ العلياءُ، والطيرُ الذي
منْ حولهِ راياتُ نصرٍ تخفقُ
يُفلَى ، بهِ فَودُ الفَلا والمَفرِقُ
فلوحشها أجنادُهُ وجيادُهُ،
ولطَيرِها بازِيهِ والزُّرَّقُ
مَلِكٌ يَجِلُّ عن العِيانِ، فنَغتدي
بقلوبنا، لا بالنواظرِ، نرمقُ
فإذا تَطَلّعَ قلتَ لَيثٌ ناظِرٌ؛
وإذا تفكرَ قلُ صلٌّ مطرقُ
كالشمسِ، إلاّ، أنّه لا يختفي،
والبَدرِ، إلاّ أنّهُ لا يُمحَقُ
والغَيثِ، إلاّ أنّهُ لا يَنتهي،
والسيّفِ، إلاّ أنّهُ لا يَنثَني،
والدّهرِ، إلاّ أنّهُ لا يَعتَدي،
والبَحرِ، إلاّ أنّهُ لا يَزهَقُ
ترجَى فوائدهُ، ويخشى بأسُهُ،
كالنّارِ تَمنَحُكَ الضّياءَ وتُحرِقُ
بالبِيضِ في يومِ الكريهَة ِ ألبَقُ
كفُّ لما حفظَ اليراعُ مضيعة ٌ،
ولِما تُجَمّعُهُ الصِّفاحُ تُفَرِّقُ
لا يحتوي الأموالَ، إلاّ مثلما
يحوي بأطرافِ البنانِ الزيبقُ
جرتِ الملوكُ لسبقِ غاياتِ العُلى ،
فمشمرٌ في جريهِ ومحلقُ
حتى إذا نكصَ المكافحُ جاءَها
متهادياً في خطوهِ يترفقُ
يا مَنْ بهِ شرُفَتْ مَعاقِدُ تاجِهِ،
وبها يُشَرَّفُ مِن سِواهُ المَفرِقُ
أنِسَتْ بمَقدَمكَ العِراقُ وأهلُها،
واستَوحشتْ لك حَرزَمٌ والجَوسَقُ
أرضٌ تحلُّ بربعِها فلباسُنا
من سندسٍ وفراشُنا الإستبرقُ
فالنّاسُ تَستَسقي الغَمامَ ومَن بها
يدعو الإلهَ بأنّهُ لا يغرقُ
يا مَن يُقايسُ ماردينَ بجِلّقٍ
بعدَ القياسِ وأينَ منهُ جلقُ
لم يذكرِ الشهباءُ في سبقِ العُلى ،
إلاّ كبتْ شقراؤها والأبلقُ
كم مارِدينَ لماردينَ تَواثَبُوا،
ومن المحالِ طلابُ ما لا يلحقُ
سورٌ لها، ودمُ الفوارسِ خندقُ
وتجمعوا حتى مددتَ لهم يداً،
في كلّ خافِقَة ٍ لِواءٌ يَخفُقُ
ما أنتَ يومَ السلمِ غلاّ واحدٌ
فردٌ، وفي يومِ الكريهة ِ فيلقُ
أغلَقتَ بابَ العُذرِ مَع تَصحيفِهِ،
مَولايَ سَمعاً مِن وَلِيّكَ مَدحة ً
عن صِدقِ وُدّي في عُلاكم تَنطِقُ
أنا عَبدُ أنعُمِكَ القديمُ وَدادُه،
وسوايَ في أقوالِهِ يتملقُ
عَبدٌ مُقيمٌ بالعِراقِ ومَدحُهُ
فيكُمْ يُغَرِّبُ تارَة ً ويُشَرِّقُ
فلقد وقفتُ على علاكَ بدائعاً
يعيا بأيسرها النصيحُ المفلقُ
من كلّ هَيفاءِ الكَلامِ رَشيقَة ٍ
في طَيّها مَعنًى أدَقُّ وأرشَقُ
فيها، كما حسدَ الهزارَ اللقلقُ
أعيَتْ أكابرَهم أصاغرُ لَفظِها،
ولربّما أعيا الرخاخَ البيدقُ
جاؤوكَ باللّفظِ المُعادِ لأنّني
غَرّبتُ في طَلَبِ الغَريبِ وشرّقُوا
لَهُمُ بذاكَ جِبِلّة ٌ جَبَلِيّة ٌ،
ولنا عراقٌ والفصاحة ُ معرقُ
ما كنتُ أرضَى بالقَريضِ فضيلَة ً،
لكنْ رأيتُ الفضلَ عندكَ ينفقُ
قالوا: خلقتَ موفقاً لمديحهِ،
فأجَبتُهُمْ: إنّ السّعيدَ مُوَفَّقُ
إني ليقنعني القبولُ إجازة ً،
إنّ التّصَدّقَ بالوَدادِ تَصَدُّقُ
لا زالَ أمرُك بالسعادة ِ نافذاً
في الأرضِ تَمنَعُ مَن تَشاءُ وتَرزُقُ

 
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> شُقّ جَيبُ اللّيلِ عن نَحرِ الصّباحْ
شُقّ جَيبُ اللّيلِ عن نَحرِ الصّباحْ
رقم القصيدة : 19755
-----------------------------------
شُقّ جَيبُ اللّيلِ عن نَحرِ الصّباحْ
أيها الساقونْ
وبدا للطلّ في جيدِ الأقاحْ
لؤلؤٌ مكنونْ
ودَعانا للَذيذِ الإصطِباحْ
طائرٌ ميمونْ
فاخضبِ المبزلَ من نحرِ الدنان
بدَمِ الزَّرْجُونْ
تَتَلَقّى دَمَها حُورُ الجِنانْ
في صحافٍ جونْ
فاسقنيها قهوة ً تكسو الكؤوسْ
بسنا الأنوارْ
وتميتُ العقلَ، إذ تحيي النفوسْ
راحة ُ الأسرارْ
غَرَسَتْ كَرمَتَها بينَ القِيانْ
يدُ أفلاطونْ
وبماءِ الصرحِ قد كان يطانْ
دَنُّها المَخزُونْ
اخبرتنا عن بني العصرِ القديمْ
خبراً مأثورْ
وروَتْ يومَ مُناجاة ِ الكَليمْ
كيفَ دُكّ الطُّورْ
ولماذا أتخذتْ أهلُ الرقيمْ
كَهفَها المَذكورْ
وندا يونسُ عند الإمتحانْ
بالتقامِ النونْ
مُذ جَلا شمسَ الضّحى بدرُ التّمامْ
في اللّيالي السّودْ
وغدا يصبغُ أذيالَ الظلامْ
بِدَم العُنقُودْ
قلتُ يا بُشراكُمُ هذا غُلامْ
وفتاة ٌ رودْ
مزجا الكأسَ رواحا يسقيانْ
في حمى جيرونْ
فبذلنا في القناني والقيانْ
ما حوَى قارُونْ
نالَ فِعلُ الخَمرِ من ذاتِ الخِمارْ
عند شربِ الراحْ
فغَدَتْ تَستُرُ من فرطِ الخُمارْ
وجهها الوضاحْ
خلتُها، إذْ لم تدعْ بالإختمارْ
غيرَ صَلْتٍ لاحْ
قمراً تمّ لسبعٍ وثمانْ،
في اللّيالي الجُونْ
قدَرَتَهُ الشّمسُ في حالِ القِرانْ
فهوَ كالعُرجون
أفعَمَ الزّامرُ بالنّفخِ المُدارْ
نايَهُ المَخصُورْ
فغدا، وهوَ لأمواتِ الخُمارْ
مثلَ نَفخِ الصُّورْ
أو كما عاشَ الورى بعدَ البوارْ
بندَى المنصورْ
مَلِكٌ هَذّبَ أخلاقَ الزّمانْ
عدلُه المسنونْ
وأعادَ النّاسَ في ظِلّ الأمانْ
عضبهُ المسنونْ
ملكٌ أنجدَ طلابَ الندَى
غاية َ الإنجادْ
متلفٌ، إن جالَ، آجالَ العدى
واللهي إنْ جادْ
مَهّدَ الأرضِينَ بالعَدلِ، فكانْ
أمنُها مضمونْ
ذيبُها والشاة ُ ترعى في مكانْ،
غدرُهُ مأمونْ
باذِلُ الأموالِ من قَبلِ السّؤالْ
بأكفّ الجودْ
ما رجاهُ آملٌ إلاّ ونالُ
غاية َ المقصودْ
فإذا ما أَمَّهُ راجي النّوالْ
سادَة ٍ أنجادْ
يهبُ الولدانَ والحورَ الحسانْ
في بيوتِ النّارْ
وسواهُ إنْ دعاهُ ذو لِسانْ
يمنعُ الماعونْ
يا مليكاً لبني الدرِ ملكْ،
فشَرى الأحرارْ
ملكٌ أنتَ عظيمٌ أمْ ملكْ
ساطِعُ الأنوارْ
بالذي تَختارُهُ دارَ الفَلَكْ،
وجرى المقدارْ
مذْ رأى بأسكَ سلطانُ الأوانْ،
وَهوَ كالمَحزُونْ
حاولَ النّصرَ كمُوسى ، فاستعانْ
بكَ يا هارونْ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> حوشيتَ من زفراتِ قلبي الوالهِ،
حوشيتَ من زفراتِ قلبي الوالهِ،
رقم القصيدة : 19756
-----------------------------------
حوشيتَ من زفراتِ قلبي الوالهِ،
وكُفيتَ ما يَلقاهُ مِن بَلبالِهِ
وأُعيذُ سِرَّكَ أن يكابِدَ بعضَ ما
لاقَيتُ من قِيلِ العَذولِ وقالِهِ
يا مَن يُعيرُ الغُصنَ لِينَ قَوامِهِ،
ويغيرُ بدرَ التّمّ عندَ كمالهِ
ما حلتِ الواشونَ ما عقدَ الهوَى ،
تفنى الليالي والغرامُ بحالهِ
صلْ عاشقاً لولاكَ ما ذكرَ الحمى ،
ولمَا غدا متغزلاً بغزالِهِ
واجعَلْ كِناسَكَ في القلوبِ، فإنّها
تُغنيكَ عن شِيحِ العذيبِ وضالِهِ
للهِ بالزوراءِ ليلتنا، وقدْ
جردتُ غصنَ البانِ من سربالهِ
ورَشَفتُ بَردَ الرّاحِ مِن مَعسولِهِ،
وضَمَمتُ قَدّ اللّدنِ مِن عَسّالِهِ
رشأٌ كبدرِ التمّ في إشراقِهِ،
وكَمالِ طَلعتِهِ وبُعدِ مَنالِهِ
ما اهتَزْ وافرُ رِدفِهِ في خَطوِهِ،
إلاّ تَشَكّى الخصرُ من أثقالِهِ
ما بالهُ أضحَى يشينُ وعيدهُ
بنَجازِهِ ووُعودَهُ بمِطالِهِ
ويذيقني طعمَ الملالِ تدللاً،
فأذوبُ بينَ دلالهِ وملالهِ
ما ضرّ طيفَ خيالهِ لو أنهُ
يَسخُو عليّ، ولو بطَيفِ خَيالِهِ
ما كانَ من فِعلِ الجَميلِ يَضُرُّهُ،
لو كانَ يَجعَلُهُ زَكاة َ جَمالِهِ
قسماً بضادِ ضياءِ صبحِ جبينهِ،
وَوَحَقَّ سِينِ سَوادِ عَنبرِ خالِهِ
لأُكابدَنّ لهيبَ نارِ صُدودِهِ،
ولأركبَنّ عُبابَ بَحرِ مَلالِهِ
ولأُحمِلَنّ اليَمَّ فَرطَ عَذابِهِ،
وأدومُ مصطبراً على أهوالِهِ
حتى تَقولَ جَميعُ أربابِ الهَوَى :
هذا الذي لا ينتهي عن حالهِ
في ظِلّ مَلْكٍ، مُذ حَللتُ برَبعِه،
قتلَ الأسودِ، وما دنتْ لقتالهِ
رشأٌ تفردَ في المحاسنِ فاغتدى
تفصيلُ رسمِ الحسنِ في إجمالِهِ
ما حركتْ سكناتُ فاترِ طرفهِ،
إلاّ وأصمَى القَلبَ وقعُ نِبالِهِ
حكمتْ فجارتْ في القلوبِ لحاظهُ
كأكُفّ نجمِ الدّينِ في أموالِهِ
المالكُ المنصورُ، والملكُ الذي
تَخشَى النّجومُ الشُّهبُ شُهبَ نِصالِهِ
ملكٌ يسيرُ النصرُ عن تلقائِهِ،
وورائِهِ، ويَمينِهِ، وشِمالِهِ
مَلِكٌ تَتونُ الأرضُ إذْ يَمشي بها:
حسبي من التشريفِ مسُّ نعالِهِ
فإذا دعا الدهرَ العبوسَ أجابهُ
متعثراً بالرعبِ في أذيالهِ
سلطانُ عصرٍ عزمه راضَ الورى ،
فكفاهُ ماضيهِ عنِ استقبالهِ
أضحَى حِمَى الحَدباءِ عندَ إيابِهِ،
يستنجدُ الإقبالَ منْ إقبالِهِ
ضرَبَ الخِيامَ على الحِمى ، فأكفُّهُ
كَمِياهِهِ، وحُلومُهُ كَجِبالِهِ
أعطَى وأجزَلَ في العَطاءِ تَبرّعاً،
حتى سَئِمتُ نِزالَهُ بنَوالِهِ
ذَلّتْ صُروفُ الدّهرِ لمّا عايَنَتْ،
دونَ الأنامِ، تعلقي بحبالهِ
وافَيتُهُ، وكأنّني من رقّهِ،
فأعَزّني، فكأنّني مِن آلِهِ
يا ليتَ قومي يعلمونَ بأنني
أدرَكتُ طِيبَ العيشِ بَعدَ زَوالِهِ
ما ضلّ فكري في جميلِ صفاتِهِ،
إلاّ اهتَدى شِعري بحُسنِ خِلالِهِ
أو أصدأ الأيامُ سيفَ قريحتي،
إلاّ جعلتُ مديحهُ كصقالِهِ
يا أيّها الملكُ الذي غدتِ العُلى
مقرونة ً بجلادِهِ وجدالِهِ
أغرَقتَ بالإنعامِ عبدَكَ، فاغتَدى ،
مِن بَحرِكَ التيّارِ، دُرُّ مَقالِهِ
طوقتهُ بنداكَ طوقَ كرامة ٍ،
وجعلتَ فيضَ الجودِ من أغلالِهِ
أصفَى لمحضِ ولاكَ عقدَ ضميرهِ،
فسِوى مَديحِكَ لا يَمُرُّ ببالِهِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> خُذْ من الدّهرِ لي نَصيبْ،
خُذْ من الدّهرِ لي نَصيبْ،
رقم القصيدة : 19757
-----------------------------------
خُذْ من الدّهرِ لي نَصيبْ،
واغتَنِمْ غَفلَة َ القَدَرْ
ليسَ طولُ المَدَى نَصيبْ
صفوِ عيشٍ بلا كدرْ
فاجلُ لي كاعباً عروسْ،
لم تَرُعها يدُ المِزاجْ
نشرها عطرَ الكؤوسْ،
وكَسا نُورُها الزّجاجْ
في الضّحى تشبهُ الشموسْ
وهيَ تحتَ الدّجى سِراجْ
فارشفِ الراحَ، يا حبيبْ،
إنّ في ذاكَ معتبرْ
لترَى الشمسَ، إذ يغيبْ
نورُها في فمِ القمرْ
في رِياضٍ بها الشّقيقْ،
قد جلا بهجة َ التمامْ
وزها زهرُها الأنيق،
إذْ بَكَتْ أعيُنُ الغَمامْ
وانثَنى غُصنُها الوَريقْ،
فشَدَتْ فَوقَهُ الحَمامْ
قامَ شُحرُورُها خَطيبْ،
راقياً منبرَ الشجرْ
كُلّما ناحَ عَندَليبْ
نَقّطَ الدّوحَ بالزَّهَرْ
قمْ، فإني أرى الزمانْ،
مُحسِناً بَعدَما أسَا
قد أضا ليلهُ، وكانْ
صحبهُ يشبهُ المسَا
تاهَ مِن عُجبِهِ، فَلانْ
صعبهُ بعدما قسَا
قد بَدا عِزُّهُ المَهيبْ،
وبمَنصورِهِ انتَصَرْ
ورأى فتحهُ القريبْ
مِن أبي الفَتحِ يُنتَظَرْ
ملكٌ أضحكَ السيوفْ،
فبكتْ أعينُ العدَى
جدعتْ بيضهُ الأنوفْ،
ورَوَتْ كَفُّهُ الصّدَى
صارِمٌ يُمطِرُ الحُتوفْ،
ويدٌ تمطرُ النَّدَى
لو دعا عزمهُ النجيبْ
لقضا اللهِ والقدرْ
جاءهُ طائعاً مجيبْ،
سامعاً ما بهِ أمرْ
قد حمَى رَبعُهُ الحُصونْ،
فَهوَ للنّاسِ مُلتَجَا
وإذا خابتِ الظنونْ،
عندهُ يصدقُ الرَّجَا
المنَى فيهِ والمنونْ،
فهوَ يخشَى ويرتجَى
حبّذا رَبعُهُ الخَصيبْ
فيهِ يستبشرُ البشرْ
فاقَ في جُودِهِ الخَصيبْ،
وسَمَتْ أرضُهُ مُضَرْ
قد عَلا مَجدُه، فكادْ
هامة َ المجدِ يرتقي
ولهُ أضحَتِ العِبادْ
بينَ راجٍ ومُتّقِي
باسطُ العدلِ في البلادْ،
ملكٌ صدرهُ رحيبْ،
منهُ يستمطرُ المطرْ
قلبُهُ بالنُّهَى قَليبْ،
وهوَ يومَ الوغَى حَجَرْ
لو رأينا يا ابنَ الكِرامْ
مثلَ عَلياكَ في الدّوَلْ
لنَظَمنا مِنَ الكَلامْ
ضعفَ ما نظمَ الأولْ
درُّ لفظ من النظامْ
مُخجِلٌ سَبعُها الطُّوَلْ
فاعتبرْ، أيها اللبيبْ،
هذه السبعة َ القصرْ
فيكُمُ لَفظُها يَطيبْ،
لا بمعنى بها ظَهَرْ
 
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> في مثلِ حضرتكم لا يزأرُ الأسدُ،
في مثلِ حضرتكم لا يزأرُ الأسدُ،
رقم القصيدة : 19758
-----------------------------------
في مثلِ حضرتكم لا يزأرُ الأسدُ،
فكَيفَ يَسجَعُ فيها الطّائرُ الغَرِدُ
لذاكَ أُحجِمُ عن قدحي، فيَبعثُني
صِدقُ الوَلاءِ، وإنّي فيكَ مُعتَقِدُ
وكيفَ أُفصِحُ أشعاري لدى مَلِكٍ،
يغدو له التبرُ زيفاً حينَ ينتقدُ
يَقظانُ يَقرأُ من عُنوانِ فِكرَتِه،
في يومهِ، ما طواهُ في الضميرِ غدُ
بحرٌ، ولكنّهُ بالدُّرّ مُنفَرِدٌ،
والبَحرُ يُجمعُ فيهِ الدُّرُّ والرَّبَدُ
من معشرٍ إن دعوا جادوا لآملِهمْ
قبل السّؤالِ، وأعطَوا فوقَ ما وَجدُوا
تُضاعِفُ الرَّفدَ للوُفّادِ راحتُهُ،
فكلمّا وفدوا من جودهِ رفدُوا
عادوا وفي كلّ عُضوٍ بالثّناءِ فَمٌ،
وقد أتوُ، وكلٌّ بالسؤالِ يدُ
ولو رأوا ما أرى من فَرطِ لَذّتِهِ
بالجُودِ ما شكَروا يَوماً ولا حَمِدُوا
يا أيّها الملكُ المنصورُ طائرهُ،
ومَنْ بآرائِهِ الأملاكُ تَعتَضِدُ
ومن يسابقُ بالإنعامِ، مبتدئاً،
نطقَ العفاة ِ، ويعطي قبلَ ما يعدُ
أنتَ الفريدُ الذي حازتْ خلائقُهُ
ما لا يحيطُ بهِ الإحصاءُ والعددُ
وواحدُ العَصرِ، حتى لو حلَفتُ به
يوماً، لما شَكّ خَلقٌ أنّهُ الأحَدُ
لكَ اليَراعُ الذي إنْ هُزّ عامِلُهُ،
لم تُغنِ عَنهُ صِلابُ البِيضِ والزَّرَدُ
المستطيلُ، وي حدّ الظبَي قصرٌ،
والمستقيمُ، وفي قدّ القنا أودُ
إذا اغتدى نافثاً بالسحرِ في عقدٍ،
حُلّتْ، بنَجواهُ، من آمالِنا العُقَدُ
يَقظانُ منهُ عيونُ النّاسِ راقدَة ٌ،
ولو تَوعّدَ أهلَ الكَهفِ ما رَقَدُوا
رَبيبُ سُمرِ المَعالي، وهوَ يَحطِمُها،
وربّما جَرّ حَتفَ الوالِدِ الوَلدُ
بالأمسش كانَ بوطءِ الأسدِ مرتعداً،
واليومَ منهُ فريصُ الأسدِ ترتعدُ
ضَمّ الأُسودَ فَما زالَ الزّمانُ لهُ
يَنوي المُكافاة َ حتى ضَمّهُ الأسَدُ
إذا انثنى ساجداً قامَ الملوكُ لهُ
طَوعاً، وإنْ قامَ في أمرٍ لهم سجَدُوا
يا بانيَ المَجدِ مِن قبلِ الدّيارِ، ومَن
لهُ المعالي التي لمْ يرقها أحدُ
بنيتَ بعدَ بناءِ المجدِ، مبتدئاً،
داراً لها العزُّ أسٌّ، والعُلى عمدُ
أسّستَ بالدّينِ والتّقوى قَواعدَها،
فكانَ عُقباكَ منها عِيشة ٌ رَغَدُ
داراً توَهّمتُها الدّنيا لزينَتِها،
وما سَمِعتُ بدُنيا ضَمّها بَلَدُ
بها صَنائِعُ أبدَتها صَنائِعُكُمْ،
يَفنى المَدَى ، وبها آثارُكم جُدُدُ
تَدَفَّقَ الماءُ في سَلسالِها، فحكى
سَماحَ كَفّكَ فينا حينَ يَطّرِدُ
تَجَمعَ الأُسدُ فيها والظباءُ، كَما
من فرطِ عدلك يرعى الذئبُ والنقدُ
مولايَ! دِعوَة َ عَبدٍ غَيرِ مُفتَتِنٍ
بشعِرِهِ ولهُ الحُسّادُ قد شَهِدُوا
قد صنتَ شعري وجلُّ الناسِ تخطبُه،
وذاكَ لَولاكَ لم يَعبأ بهِ أحَدُ
والشَعرُ كالتّبرِ يخفَى حينَ تَنظُرُهُ
عَينُ الغَبيّ، ويَغلو حينَ يُنتَقَدُ
فكَيفَ يذهَبُ ما نَفعُ الأنامِ بِهِ،
منهُ جُفاء، ويَرسو عندَك الزّبَدُ
إنْ شَبّهوني بمنْ دوني، فلا عجَبٌ،
فالدرُّ يشبهُهُ في المنظرِ البردُ
بكَ انتصرتُ على الأيامِ منتصفاً،
وصارَ لي فوقَ أيدي الحادثاتِ يدُ
وكيفَ تَعجَزُ كَفّي أن أنالَ بها
هامَ السماكِ، وأنتَ الباعُ والعضدُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ما بَينَ طَيفِكَ والجُفونِ مَواعِدُ،
ما بَينَ طَيفِكَ والجُفونِ مَواعِدُ،
رقم القصيدة : 19759
-----------------------------------
ما بَينَ طَيفِكَ والجُفونِ مَواعِدُ،
فيفي، إذا خبرتَ أنيَ راقدُ
إني لأطمعُ في الرقادِ لأنهُ
شركٌ يصادُ بهِ الغزالُ الشاردُ
فأظَلُّ أقنَعُ بالخَيالِ، وإنّهُ
طَمَعٌ يُولّدُه الخَيالُ الفاسِدُ
هياتِ لا يشفي المحبَّ من الأسَى
قربُ الخيالِ، وربهُ متباعدُ
ولقد تَعَرّضَ للمَحَبّة ِ مَعَشرٌ
عَدِموا من اللّذاتِ ما أنا واجِدُ
عابُوا ابتِهاجي بالغَرامِ، وإنّني
ما عشتُ من سكرِ المحبة ِ مائدُ
قالوا: تعشقَ كلَّ ربّ ملاحة ٍ،
فأبجتهمْ: إنّ المحركَ واحدُ
فالحُسنُ حيثُ وَجَدتُهُ في حَيّزٍ،
هو لي بأرسانِ الصبابة ِ قائدُ
ما كنتُ أعلمُ أنّ ألحاظَ الظبا،
هيَ للأسودِ حبائلٌ ومصايدُ
إنّ الذي خلقَ البرية َ ناطها
بوسائطٍ هي للكمالِ شواهدُ
فتدبرَ الأفلاكَ سبعة ُ أنجمٍ،
ويدبرُ الأرضينَ نجمٌ واحدُ
نجمٌ لهُ في الملكِ أنجمُ عزمة ٍ
هنّ الرجومُ، إذا تطرقَ ماردُ
المالكُ المنصورُ ملكٌ جودهُ
داني المنالِ، ومجدهُ متباعدُ
المالكُ لديهِ مواهبٌ ومكارمٌ،
هيَ للعداة ِ مواهنٌ ومكايدُ
كالغيثِ فيهِ للطغاة ِ زلازلٌ،
ولمن يؤملُه الزلالُ الباردُ
يُخشَى وتُرجَى بَطشُهُ وهِباتُه،
كالبَحرِ فيهِ مَهالِكٌ وفَوائِدُ
آراؤهُ للكائِناتِ طَلائِعٌ،
وهُمومُهُ بالغانياتِ شَواهِدُ
لا يؤيسنكَ بأسهُ من جودهِ،
دونَ السحابِ بوارقٌ ورواعدُ
يَهَبُ المَطيَّ، ورَكبُهنّ وصائفٌ،
والصافناتِ، وحملهنّ ولائدُ
لك يا ابنَ أرتق بالمكارمِ نسبة ٌ،
فلذاكَ جودك كاسمِ جدكَ زائدُ
أُورِثتَ مجدَ سَراة ِ أُرتُقَ إذ خَلَتْ،
وبَنيتَه، فَهوَ الطّريفُ التّالِدُ
قومٌ تَعوّدَتِ الهِباتِ أكفُّهمْ؛
إنَّ المكارمَ للكرامِ عوائدُ
عاشوا، وفضلُهُمُ ربيعٌ للوَرى ،
فلَهم ثَناً يَحيا وذِكرٌ خالِدُ
فأكفهم، يومَ السماحِ، جداولٌ،
وقلوبهم، يومَ الكفاحِ، جلامدُ
وكفلتَ من كلفَ الزمانُ بحفظِه،
حتى كأنّكَ للبرية ِ والدُ
فَيداكَ في عُنقِ الزّمانِ غَلائِلٌ،
ونداكَ في جيدِ الأنامِ قلائدُ
وعنيتَ بي ورفعتَ قدري في الورى ،
فعَواذلي في القُربِ منك حواسدُ
وعلمتَ أنّي في محبتكَ الذي،
فنَداكَ لي صِلَة ٌ وبِرُّكَ عائِدُ
فاعذِرْ مُحبّاً إن تَباعدَ شخصُهُ،
جاءتكَ منهُ قَصائدٌ ومَقاصِدُ
فإذا ثنائي عنكَ همٌ سائقٌ،
جذبَ العنانَ إليكَ شوقٌ قائدُ
ولقد وقَفتُ عليكَ لَفظي كلَّهُ،
ممّا أحِلُّ به، وما أنا عاقِدُ
فإذا نظمتُ، فإنني لكَ مادحٌ،
وإذا نثرتُ، فإنني لكَ حامدُ

شعراء الجزيرة العربية >> عبدالله السفياني >> خامسة الجهات
خامسة الجهات
رقم القصيدة : 1976
-----------------------------------
يا أيها الأطفالْ..
..اَلعدو من أمامكمْ
والغدر من ورائكمْ..
وفي أكفكم سفينة النجاة.
الأرض قد تقطعت أسبابها..
فلترفعوا أكفكم إلى السماء..
فالسماء تمطر الحياة.
ومن أكفكم ستورق الأشجارْ
تخضر كالأحلامْ
كالرؤى..
كالطيور..
كالصباح..
كروعة الإسلام.
وفي صدوركم..حدائق الليمونْ
وفي قلوبكم..
غابات برتقال
نهران يسقيانها..
" التين والزيتون "
معاشر النساء..
علامة التأنيث في أسمائكم..
تحبها السماءْ
وكلما تأنثت أسماؤنا سنصنع المحالْ
فالشمس حينما تأنثتْ
تضاءل الهلالْ
معاشر النساءْ..
لا تسألوا عن الرجالْ
.. قد تناكحوا ..
وأنجبوا مائدة السلامْ.
..
.
مائدة السلامْ.!!.
تأنثت ..
تبرأت ..من السلامْ
وأعلنت تقول:
علامة التأنيث في أوطاننا لا تأكل الفتاتْ
علامة التأنيث في وفاء..
في إيمان..
في آياتْ..
علامة التأنيث .
علامة التأنيث.
علامة التأنيث.
اِكتشفت خامسة الجهاتْ..!!!!
فهل عرفتمُ...
خامسة الجهاتْ..!!.؟؟
يا أيها ..
الر...!!

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لاقَيتَنا مَلقَى الكَريمِ لضَيفِهِ،
لاقَيتَنا مَلقَى الكَريمِ لضَيفِهِ،
رقم القصيدة : 19760
-----------------------------------
لاقَيتَنا مَلقَى الكَريمِ لضَيفِهِ،
وضَمَمتَنا ضَمَّ الكَميّ لسَيفِهِ
وجعلتَ ربعكَ للمؤملِ كعبة ً،
هيَ رحلة ٌ لشتائهِ ولصيفهِ
يا مَن إذا اشتَبَهَ الصّوابُ أعارَهُ
رأياً يُخَلّصُ نَقدَهُ مِن زَيفِهِ
وإذا غَزا أرضَ العَدوّ، فوَحشُها
من وَفدِهِ، ونُسورُها من ضَيفِهِ
هطَلَتْ على العافينَ منكَ سَحائبٌ،
يُغني الوَليُّ وليَّها عَن صَيفِهِ
وسماحُ غيركَ خطرة ٌ لوساوسٍ،
فكأنها في النوم زورة ُ طيفيهِ
كم مُجرِمٍ قضتِ الذّنوبُ بحَتفِهِ،
فغَدا يَعَضُّ بَنانَه مِن حَيفِهِ
أمنتهُ من خوفهِ، فكأنّهُ
قد حلّ في الإحرامِ مَسجدَ خَيفِهِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> وليسَ عجباً إن طغتْ أعينُ الحِمى ،
وليسَ عجباً إن طغتْ أعينُ الحِمى ،
رقم القصيدة : 19761
-----------------------------------
وليسَ عجباً إن طغتْ أعينُ الحِمى ،
وقد أكسبَتَها الجُودَ أنملُكَ العَشر
إذا عَلّمتْ كَفّاكَ جَلمَدَهُ النّدى ،
فليس لعينٍ لم يفضْ ماؤها عذرُ
 
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> للهِ ملاحكَ اللبيبُ، وقد
للهِ ملاحكَ اللبيبُ، وقد
رقم القصيدة : 19762
-----------------------------------
للهِ ملاحكَ اللبيبُ، وقد
أبدى لنا من فعالهِ حسنا
قد حَمَلَ البَحرَ في سَفينَته،
وعادة ُ البحرِ يحملُ السفُنا

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> فتى ً لم تَجدْ فيه العِدى ما يَعيبُهُ،
فتى ً لم تَجدْ فيه العِدى ما يَعيبُهُ،
رقم القصيدة : 19763
-----------------------------------
فتى ً لم تَجدْ فيه العِدى ما يَعيبُهُ،
ولكنّهمْ عابُوا الذي عنهُ قَصّرُوا
إذا ذمهُ الأعداءُ قالوا: مفرطٌ،
وإن بالغوا بالذمّ قالوا: مبذرُ
وإنْ شاءَ قومٌ أن يعيبوا مكانهُ
مِن المَجدِ قالوا: شامخٌ مُتَعَذِّرُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ألا بَلّغْ هُديتَ سماة َ قَومي،
ألا بَلّغْ هُديتَ سماة َ قَومي،
رقم القصيدة : 19764
-----------------------------------
ألا بَلّغْ هُديتَ سماة َ قَومي،
بحِلّة ِ بابِلٍ، عندَ الوُرُودِ
ألا لا تَشغَلُوا قَلباً لبُعدي،
فإنّي كلَّ يَومٍ في مَزيدِ
لأنّي قد حللتُ حى ملوكٍ،
ربوعُ عبيدهم كهفُ الطريدِ
فمنْ يكُ نازلاً بحمَى كليبٍ،
فإنّي قد نزلتُ حمَى الأسودِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> دَبّتْ عَقارِبُ صُدغِهِ في خَدّهِ،
دَبّتْ عَقارِبُ صُدغِهِ في خَدّهِ،
رقم القصيدة : 19765
-----------------------------------
دَبّتْ عَقارِبُ صُدغِهِ في خَدّهِ،
وسعى على الأردافِ أرقمُ جعدهِ
وبَدا مُحَيّاه، ففَوّقَ لَحظُهُ
نبلاً يذودُ بشوكه عن وردهِ
صنمٌ أضلَّ العاشقينَ، فلم يروا،
مُذْ لاحَ، بُدّاً مِن عِبادة ِ بُدّهِ
ما بينَ إقبالِ الحياة ِ ووصلهِ
فرقٌ، ولا بينَ الحمامِ وصدهِ
ظبيٌ من الأتراكِ ليسَ بتارِكٍ
حُسناً لمَخلوقٍ أتَى من بَعدِهِ
غَضُّ الحَيا، قَحلُ الوَدادِ، كأنّما
نهلتْ بشاشة ُ وجههِ من ودهِ
حملَ السلاحَ على قوامٍ مترفٍ،
كادَ الحريرُ يؤدهُ من إدهِ
فترى حَمائلَ سَيفِهِ في نَحرِهِ،
أبهَى وأزهَى من جَواهرِ عِقدِهِ
من آلِ خاقانَ الذينَ صغيرهم
في سَرجِهِ، وكأنّهُ في مَهدِهِ
جعلوا ركوبَ الخيلِ حَدّ بُلوغهم،
هو للفتَى منهم بلوغُ أشدّه
فإذا صغيرهمُ أتَى متخضباً
بدَمِ الفوارِسِ قيلَ: بالِغُ رُشدِهِ
سيّانِ منهم في الوَقائِعِ حاسِرٌ
في سَرجِهِ، أو دارعٌ في سَردِهِ
من كلّ مسنونِ الحسامِ كلحظه،
أو كلّ معتدلِ القناة ِ كقدّهِ
ومُخَلَّقٍ بدَمِ الكُماة ِ كأنّما
صبغتْ فواضلُ درعه من خدّهِ
ومقابلٍ ليلَ العجاجِ بوجههِ،
فكأنّما غشّى الظّلامَ بضِدهِ
ومواجهٍ صدرَ الحسامِ ووجههُ
يُبدي صِقالاً مثلَ ماءِ فِرِنِدِهِ
يَلقَى الرّماحَ بنَهدِهِ وبصَدرِهِ،
والمرهفاتِ بصدرهِ وبنهدهِ
وإذا المنية ُ شمرتْ عن ساقها
غَشِيَ الهِياجَ مُشَمِّراً عن زَندِهِ
قرنٌ يخافُ قرينهُ من قربهِ،
أضعافَ خَوفِ مُحبّهِ من بُعدِهِ
يبدو، فيزجرهُ العدوُّ بنحسهِ
خَوفاً، ويَزجُرُه المحبُّ بسَعدِهِ
يردي الكماة َ بنبلهِ وحسامهِ:
ذا في كنانتهِ، وذا في غمدهِ
حتى إذا لَقيَ الكَميَّ مُبارِزاً
شغلتهُ بهجة ُ حسنهِ عن ردهِ
ما زلتُ أجهدُ في رياضة ِ خلقهِ،
وأحولُ في هذا العتابِ وجدهِ
حتى تَيَسّرَ بعدَ عُسرٍ صعبُهُ،
وافتَرّ مَبسِمُ لَفظِهِ عن وَعدِهِ
وأتى يسترُ سالفيهِ بفرعهِ،
حذراٍ، فيحجبُ سبطها في جعدهِ
وغدا يزفُّ من المدامة ِ مثلَ ما
في فيهِ من خمرِ الرضابِ وشهدهِ
لاعَبتُهُ بالنّردِ، ثَمّ، وبَينَنا
رَهنٌ قد ارتضَتِ النّفوسُ بعَقدِهِ
حتى رأيتُ نقوش سعدي قد بدتْ،
ويَديّ قد حلّتْ تَشْشدَرَ بَندِهِ
فأجلُّ شطرنجي هنالكَ بعتهُ
بأقلّ ما أبدَتهُ كَعبَة ُ نَردِهِ
ولقد أروحُ إلى السّرورِ وأغتدي،
وأقيلُ في ظِلّ النّعيمِ وبَردِهِ
وأعاجِلُ العِزّ المُقيمَ، ولم أبِعْ
نقدَ المسرة ِ والهناءِ بفقدهِ
حتى إذا ما العزُّ قلصَ ظلهُ،
ما إن يُغَيِّبُ رأيَهُ عن رُشدِهِ
أخمدتُ بالإدلاجِ أنفاسَ الفلا،
وكحَلتُ طَرفي في الظّلامِ بِسُهدِهِ
بأغرّ أدهمَ ذي خجولٍ أربعِ،
مُبيَضُّها يَزهو على مُسوَدِّهِ
خلعَ الصباحُ عليهِ سائلَ غرة ٍ
منهُ، وقمّصَه الظّلامُ بجِلدِهِ
فكأنّهُ لمّا تَسَرْبلَ بالدّجَى ،
وطىء َ الضّحى فابيضّ فاضلُ بردهِ
قَلِقُ المِراحِ، فإن تَلاطَمَ خَطوُه
ظنّ المطاردُ أنهُ في مهدهِ
أرمي الحصَى من حافِرَيه بمِثلِهِ،
وأروعُ ضوءَ الصبحِ منه بصدهِ
وأظلٌّ في جوبِ البلادِ كأنني
سيفُ ابنِ أُرتُقَ لا يَقَرُّ بغِمدِهِ
الصالحُ الملكُ الذي صلحتْ به
رتبُ العلاءِ ولاحَ طالعُ سعدهِ
ملكٌ حوَى رتبَ الفخارِ بسعيهِ،
والملكَ إرثاً عن أبيهِ وجدهِ
مُتَسهِّلٌ في دَستِ رُتبَة ِ مُلكِهِ،
مُتَصَعِّبٌ من فوقِ صَهوَة ِ جُردِهِ
فإذا بَدا مَلأَ العُيونَ مَهابَة ً؛
وإذا سخا ملأَ الأكفّ برفدهِ
كالغيثِ يولي الناسَ جوداً بعدما
بَهَرَ العُقولَ ببَرقِهِ وبرَعدِهِ
فالدّهرُ يُقسِمُ أنّهُ مِنْ رِقّة ِ،
والموتُ يَحلِفُ أنّهُ من جُندِهِ
والوَحشُ تُعلِنُ أنّها من رَهطِهِ،
والطّيرُ تدعو أنّها من وَفدِهِ
نَشوانُ من خَمرِ السّماحِ، وسُكرُه
يا ابنَ الذي كفَلَ الأنامَ كأنّما
أوصاهُ آدَمُ في كِلاية ِ وُلدِهِ
المالكُ المنصورُ، والملكُ الذي
حازَ الفَخارَ بحَدّه وبجِدّه
أصلٌ بهِ طابتْ مآثرُ مجدكمْ،
والغُصنُ يَظهَرُ طيبُهُ من وَردِهِ
بذَلَ الجَزيلَ على القَليلِ من الثّنا،
وأتيتُ تنفقُ في الورى من نقدهِ
وهو الذي شغلَ العدوّ بنفسهِ
عنّي، كما شغَلَ الصّديقَ بحَمدِهِ
وأجارني إذ حاولتْ دميَ العدى ،
ورأتْ شفاءَ صدورها في وردهِ
مِن كلّ مَذاقٍ تَبَسّمَ ثَغرُهُ،
وتوَقّدتْ في الصّدرِ جُذوة ُ حِقدِهِ
ولذاكَ لم يَرَني بمنظَرِ شاعِرٍ
تَبغي قَصائدُهُ جَوائزَ قَصدِهِ
بل بامرىء ٍ أسدَى إليهِ سَماحة ً
نعماً، فكانَ المدحُ غاية َ جهدهِ
ودَرى بأنّ نِظامَ شِعري جَوهرٌ،
وسواهُ نحرٌ لا يليقُ بعقدهِ
ولقد عهدتُ إلى عرائسِ فكرتي
أنْ لا تزفّ لمنعمٍ من بعدهِ
لكنّكَ الفَرعُ الذي هوَ أصلُهُ،
شرَفاً، ومجدُكَ بضعة ٌ من مَجدِهِ
ونجيهُ في سرهِ، ووصيهُ
في أمرهِ، وصفيهُ من بعدهِ
وإلَيكَ كان المُلكُ يَطمَحُ بعدَه،
يَبغي جَواباً لو سمَحتَ برَدّهِ
فتركتهُ طوعاً، وكنتَ ممكناً
من فَكّ مِعصَمِ كَفّهِ عن زَندِهِ
وشَددتَ أزرَ أخيكَ يا هارونَهُ،
لمّا توَقّعَ منكَ شَدّة َ عَضْدِهِ
حتى أحاطَ بنو الممالكِ كلها،
علماً بأنّكَ قد وَفَيتَ بعَهدِهِ
سمحتْ بك الأيامُ، وهيَ بواخلٌ،
ولربما جادَ البخيلُ بعمدهِ
وعدَ الزّمانُ بأن نَرى فيكَ المُنى ،
والآنَ أوفَى الزمانُ بوعدهِ
للَّهِ كمْ قَلّدتَني مِن مِنّة ٍ،
والقَطرُ أعظمُ أن يُحاطَ بعدّهِ
وعلمتَ ما في خاطري لك من ولا،
حتى كأنكَ حاضرٌ في ودهِ
إن كان بعدي عن علاكَ خطية ً،
قد يغفرُ المولى خطية َ عبدهِ
بعدُ الوفيّ كقربهِ، إذْ ودُّه
باقٍ كما قربُ الملولِ كبعدهِ
مدحي لمجدك عن ودادٍ خالصٍ،
وسِوايَ يُضمِرُ صابَهُ في شَهدِهِ
إذْ لا أرومُ بهِ الجزاءَ لأنهُ
بحرٌ أنزهُ غلتي عن وردهِ
لا كالذي جعلَ القريضَ بضاعة ً،
متَوقّعاً كَسبَ الغِنى من كَدّهِ
فاستَجلِ دُرّاً أنتَ لُجّة ُ بَحرِهِ،
والبَسْ ثَناءً أنتَ ناسجُ بُردِهِ
يَزدادُ حُسناً كُلّما كرّرتَهُ،
كالتبرِ يظهرُ حسنهث في نقدهِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> من نفخة ِ الصورِ أم من نفخة ِ الصورِ
من نفخة ِ الصورِ أم من نفخة ِ الصورِ
رقم القصيدة : 19766
-----------------------------------
من نفخة ِ الصورِ أم من نفخة ِ الصورِ
أحيَيتِ يا رِيحُ مَيتاً غَيرَ مَقبُورِ
أم من شذا نسمة ِ الفردوسِ حينَ سرتْ
على بَليلٍ مِنَ الأزهارِ مَمطورِ
أم روضِ رَشملَ أعدى عطرُ نفحتهِ
طَيَّ النّسيمِ بنَشرٍ فيهِ مَنشُورِ
والرّيحُ قد أطلَقتْ فضلَ العِنان به،
والغصنُ ما بينَ تَقديمٍ وتأخيرِ
في روضَة ٍ نُصِبتْ أغصانُها، وغدا
ذَيلُ الصِّبا بينَ مَرفوعٍ ومَجرورِ
والماءُ ما بينَ مصروفٍ وممتنعٍ،
والظلُّ ما بينَ ممدودٍ ومقصورِ
والرّيحُ تَجري رُخاءً فوقَ بَحرَتها،
وماؤها مطلقٌ في زيّ مأسورِ
قد جمعتُ جمعَ تصحيحٍ جوانبُها،
والماءُ يجمعُ فيها جمعَ تكسيرِ
والرّيحُ تَرقُمُ في أمواجِهِ شَبَكاً،
والغيمُ يرسمُ أنواعَ التصاويرِ
والنّرجِسُ الغَضُّ لم تُغضَضْ نواظرُه،
فزَهرُهُ بينَ مُنغَضٍّ ومَزرورِ
كأنّهُ ذَهَبٌ من فوقِ أعمِدَة ٍ
وقد أطعنا التصابي حينَ ساعدَنا
عصرُ الشبابِ بجودٍ غيرِ منزورِ
إنّ الشّبابَ شَفيعٌ، نَشرُ بُردَتِهِ
من عِطرِ دارِينَ لا من عطرِ فَنصورِ
وزامرُ القومِ يطوينا وينشرُنا
بالنّفخِ في النّاي لا بالنّفخِ في الصّورِ
وقد تَرَنّمَ شادٍ، صوتُه غَرِدٌ،
كأنّهُ ناطِقٌ من حَلقِ شُحرُورِ
شادٍ، أناملهُ ترضي الأنامَ له،
إذا شدا وأجابَ البمُّ بالزيرِ
بشامخِ الأنفِ قَوّامٍ على قَدَمٍ،
يَشكو الصّبابة َ عن أنفاسِ مَهجورِ
شدتْ بتصحيفهِ في العضد ألسنُه،
فزادَ نطفاً لسرٍّ فيهِ مَحصُورِ
إذا تأبّطَهُ الشّادي وأذكَرَهُ
عصرَ الشبابِ بأطرافِ الأظافيرِ
شَكَتْ إلى الصّحبِ أحشاهُ وأضلُعُه
قرضَ المقاريضِ أو نشرَ المناشيرِ
بينما ترى خدهُ من فوقِ سالفة ٍ
كمنْ يشاورهُ في حسنِ تدبيرِ
تَراهُ يُزعِجُهُ عُنفاً ويُسخِطُهُ
بضربِ أوتارهِ عن حقدِ موتورِ
والراقصاتُ، وقد مالتْ ذوائبُها،
على خصورٍ كأوساطِ الزنانيرِ
يخفي الردا سقمها عنا فيفضحها
عَقدُ البُنودِ وشدّاتُ الزّنانيرِ
إذا انثنينَ بأعطافٍ يجاذبُها
مَوّارُ دِعصٍ من الكُثبانِ مَمطورِ
رأيتَ أمواجَ أردافٍ قد التطمتْ
في لجّ بحرٍ بماءِ الحسنِ مسحورِ
من كلّ مائِسَة ِ الأعطافِ من مَرحٍ،
مقسومة ٍ بينَ تأنيثٍ وتذكيرِ
كأنّ في الشيزِ يمناها، إذا ضربتْ،
صبحٌ تَقَلقَلَ فيهِ قلبُ دَيجُورِ
تَرعَى الضّروبَ بكَفّيها وأرجُلِها،
وتَحفَظُ الأصلَ من نَقصٍ وتَغييرِ
وتعربُ الرقصَ من لحنٍ فتلحقهُ،
ما يلحقُ النحوَ من حذفٍ وتقديرِ
وحاملُ الكأسِ ساجي الطرفِ ذو هيفٍ
صاحي اللّواحظِ يثني عِطفَ مَخمورِ
كأنما صاغهُ الرحمنُ تذكرة ً
لمن يشككُ في الولدانِ والحورِ
تظلمتْ وجنتاهُ، وهيَ ظالمة ٌ،
وطرفُهُ ساحرٌ في زِيّ مَسحورِ
يُديرُ راحاً يَشُبُّ المَزجُ جُذوَتَها،
فلا يزيدُ لظاها غيرَ تسعيرِ
ناراً بدتْ لكليمِ الوجدِ آنسها
من جانبِ الكأسِ لا من جانبِ الطورِ
تَشعشَعتْ في يدِ السّاقينَ واتّقَدَتْ
بها زجاجاتُها من لطفِ تأثيرِ
كأنها، وضياُ الكأسِ يحجبُها،
روحٌ من النارِ في جسمٍ من النورِ
وللأباريقِ عندَ المزجِ لجلجة ٌ،
كنُطقِ مُرتَبِكِ الألفاظِ مَذعورِ
كأنها، وهيَ في الأكوابِ ساكبة ٌ،
طيرٌ تزقُّ فراخاً بالمناقيرِ
أمستْ تحاولُ منّا ثأرَ والدِها
ودوسَهُ تحتَ أقدامِ المَعاصيرِ
فحينَ لم يبقَ عقلٌ غيرَ معتقلٍ
أقامَ يَقرَعُ فيها سِنّ مَغرُورِ
أجلتُ في الصحبِ ألحاظي فكم نظرتْ
ليثاً تُعَفّرُهُ ألحاظُ يَعفُورِ
من كلّ عينٍ عليها مثلُ تالئِها
مكسورة ٍ ذاتِ فتكٍ غيرِ مكسورِ
أقولُ، والراحُ قد أبدتْ فواقعها،
والكأسُ يَنفُثُ فيها نَفثَ مَصدورِ
أسأتَ يا مازجَ الكاساتِ حليتها،
وهلْ يتوجُّ ياقوتٌ ببلورِ
وقائِلٍ إذ رأى الجَنّاتِ عالية ً،
والحورَ مقصورة ً بينَ المقاصيرِ
الجوسقَ الفردَ في لجّ البحيرة ، والـ
ـصرحَ الممردَ فيهِ من قوايرِ
لمن ترى الملكَ بعدَ اللهِ؟ قلتُ لهُ
مَقالَ مُنبَسطِ الآمالِ مَسرورِ
لصاحبِ التّاجِ والقَصرِ المَشيدِ ومَن
أتى بعدلٍ برحبِ الأرضِ منشورِ
فقال: تعني به كسرى ؟ فقلتُ له:
كسرى بنُ أُرتُقَ لا كسرى بنُ سابورِ
الصالحُ الملكُ المشكورُ نائلهُ،
وربّ نائلِ ملكٍ غيرِ مشكورِ
مَلْكٌ، إذا وفّرَ النّاسُ الثّناءَ لهُ
أمستْ يداهُ بوفرٍ غيرش موفورِ
مَحبوبَة ٌ عندَ كلّ النّاسِ طَلعَتُهُ،
كأنما عوجلتْ منهُ بتكويرِ
لا تَفخَرُ الشّمسُ إلاّ أنّها لَقَبٌ
لهُ، وشبهٌ لهُ في العزّ والنورِ
إنْ همَّ بالجودِ لم تنظرْ عزائمُهُ
في فعلهِ بين تقديمٍ وتأخيرِ
يلقاكَ قبلَ العطا بالبشرِ مبتدئاً
بسطاً، وبعدَ العطايا بالمعاذيرِ
رأتْ بنو أرتقٍ نهجَ الرشادِ بهِ،
وليسَ كلُّ زنادٍ في الدّجى يوري
برأيِهِ انصَلَحتْ آراءُ مُلكِهِمُ،
كأنهمُ ظفروا منهُ بإكسيرِ
كم عُصبَة ٍ مُذ بَدا سُوءُ الخِلاف بِها
بادتْ بصارمِ عزمٍ منهُ مشهورِ
سعوا إلى الحربِ، والهاماتُ ساجدة ٌ،
والبيضُ ما بينَ تهليلٍ وتكبيرِ
مشَوا كمشي القَطا، حتى إذا حمَلوا
ثِقلَ القُيودِ مَشوا مشيَ العَصافيرِ
يا باذِلَ الخيلِ في يومِ الغُلُوّ بها،
وما أتينَ بسعيٍ غيرِ مشكورِ
إن كانَ زهوَة ُ كسرى بالألوفِ فكمْ
وهَبتَ من عَدَدٍ بالألفِ مَجذورِ
أو كانَ بالجَوسقِ النّعمانُ تاه، فكم
من جوسقٍ لكَ بالشعبينِ معمورِ
في كلّ مستصعبِ الأرجاءِ ممتنعٍ
تبنى القناطرُ فيهِ بالقناطيرِ
لو مَرّ عادُ بنُ شَدادٍ بجَنّتِهِ
لا غروَ إن جُدتَ للوُفّادِ قاصدَة ً
إليكَ تطوي الفلا طيَّ الطواميرِ
إن تسعَ نحوكَ من أقصى الشآمِ، فقد
سعَتْ إلى الملكِ المَنصورِ من صُورِ
فاسعَدْ بعيدٍ بهِ عادَ السَرورُ لَنا،
وعادَ شانيكَ في غَمٍّ وتَكديرِ
صُمّتْ بصَومِكَ أسماعُ العُداة ِ، وكم
قلبٍ لهم منكَ بالإفطارِ مَفطورِ
أدعوكَ دعوة َ عبدٍ وامقٍ بكمُ،
يا واحدَ العَصرِ، فاسمَع غيرَ مأمورِ
لا أدّعي العُذرَ عن تأخيرِ قَصدِكُمُ،
ليسَ المحبّ على بعدٍ بمعذورِ
بل إن غدا طولُ بعدي عن جنابكمُ،
ذَنبي العَظيمَ، فهذا المدحُ تَكفيرِي
لولاكمُ لم يكنْ في الشعرِ لي أربٌ،
ولا برزتُ بهِ من خزنِ تامورِ
فضيلة ٌ نقصتْ قدري زيادتُها،
كالاسمِ زادَتْ بهِ ياءٌ لتَصغيرِ
لكنّني لم أُهِنْ، حِرصاً، نَفائسَها
كمُرخصِ الشّعرِ في مدحِ ابنِ منصورِ
مكانة ُ النفسِ منّي فوقَ مكنتِها،
من النُّضارِ، وقَدري فوقَ مَقدورِ
لكنْ تأخرَ بي عَصري، وقدّمَ مَن
قد كان قَبليَ في ماضي الأساطيرِ
كأنني من رغومِ الهندِ أوجبَ لي
علوَّ مرتبتي إفراطُ تأخيري
فاستَجلِ بِكَر قَريضٍ لا صَداقَ لها
سِوى القَبولِ ووُدٍّ غيرِ مَكفورِ
على أبي الطيبِ الكوفيّ مفخرُها،
إذ لم أضعْ مسكَها في مثلِ كافورِ
رقتْ لتعربَ عن رقّي لمجدكمْ
حباً، وطالتْ لتمحو ذنبَ تقصيري
 
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> إذا لم تعني في علاكَ المدائحُ،
إذا لم تعني في علاكَ المدائحُ،
رقم القصيدة : 19767
-----------------------------------
إذا لم تعني في علاكَ المدائحُ،
فمن أينَ لي عُذرٌ عن البُعدِ واضِحُ؟
وكيفَ اعتذاري بالقريضِ، وإنّما
عَهِدتُكَ تُغضي دائِماً وتُسامحُ
وإنّي على بُعدِ الدّيارِ وقُربِها،
أُطارِحُ فيكُمْ فِكرَتي وتُطارحُ
وأنظمُ أبكارَ المعاني وعونَها،
فإنْ لمْ أسِرْ سارَتْ إلَيكَ المَدائحُ
وإنّي لأهوى حاسديكَ لأنّها
تُفاتحُني عن ذِكرِكُمْ وأُفاتحُ
يسرونَ بالتذكارِ مغرى ً بذكركم،
يُبالغُ في أوصافِكمْ ويُناصِحُ
إذا سألوا عن سرّكم، فهوَ كاتمٌ؛
وإن سألوا عن فضلكم، فهو بائحُ
سقَى أرضَكم سارٍ منَ الوَبلِ سائحٌ،
وباكَرَها غادٍ من المُزنِ رائحُ
فتلكَ عرينٌ للأسودِ، وبينها
مسالكٌ فيها للظباءِ مسارحُ
ظباءٌ سوانحٌ وورقٌ صوارحٌ،
وقضبٌ نوافحٌ، وغدرٌ طوافحْ
وبينَ قِبابِ الحيّ سِرْبُ جآذِرٍ
من التركِ في روضٍ من الأمنِ سارحُ
إذا هيَ هزّتْ للطّعانِ قُدودَها،
فلا أعزلٌ إلاّ أنثنى ، وهوَ رامحُ
وهيفاءُ لو أهدتْ إلى الميتِ نشرَها،
لأنشرَ من ضمتْ عليهِ الصفائحُ
ولو أنّها نادَتْ عظامي أجابَها
فمي لاصدًى من جانبِ القبرِ صائحُ
لئنْ بخلتْ إنَّ الخيالَ مسامحٌ،
وإن غضبتْ فالطيفُ منها مصالحُ
حبيبٌ لإهداءِ التّحيّة ِ مانعٌ،
وطَيفٌ للذّاتِ التّواصُلِ مانحُ
وبكرِ فلاة ٍ لمْ تخفْ وطءَ طامثٍ،
ولا افتضّها من قبلِ مهريَ ناكحُ
كشَفتُ خِمارَ الصّونِ عن حُرّ وَجهها
ضُحًى ، ولثامُ الصّبحِ في الشرق طائحُ
وأنكَحتُها يَقظانَ من نَسلِ لاحقٍ،
فأمسَتْ به، مع عُقمِها، وهيَ لاقحُ
من الشهبِ في إدراكهِ الشهبَ طامعٌ،
فناظرُهُ نحوَ الكَواكبِ طامحُ
أخوضُ به بحرَ الدّجى وهوَ راكِدٌ،
وأُورِدُهُ حَوضَ الضّحى وهوَ و
وقائلٍ ما لي أراهُ كدمعهِ
يظلُّ ويمسي، وهوَ في الأرضِ سائحُ
أطالبُ مغنًى ؟ قلتُ: كلاً، ولا غنًى ،
ولستُ على كَسبِ اللِّذاذِ أُكافحُ
ولكنّ لي في كلّ يومٍ إلى العُلَى
حوائجَ، لكنْ دونَهنّ جَوائحُ
فقالت: ألا إنّ المَعالي عزيزَة ٌ،
فكيفَ، وقد قلتْ لديك المنائحُ
فهل لكَ وفرٌ؟ قلتُ: إي، وهو ناقصٌ،
فقالت: وقدرٌ؟ قلتُ: إي، وهوَ راجحُ
فقالتْ: وجدٌّ؟ قلتُ: إي، وهو أعزلٌ،
فقالتُ، وضدٌّ؟ قلتُ: إي، وهوَ راجحُ
فقالتْ: ومجدٌ؟ قلتُ: غي، وهوَ معتبٌ
فقالتْ: وسعدٌ؟ قلتُ: إي، وهو ذابحُ
فقالتْ: وملكٌ؟ قلتُ: إي، وهو فاسدٌ،
فقالتْ: وملكٌ؟ قلتُ: إي، وهوَ صالحُ
مليكٌ شرَى كنزَ الثناءِ بمالِهِ،
على أنهُ في صفقة ِ المجدِ رابحُ
تَظُنُّ بأيديهِ الأنامُ أنامِلاً،
وهنّ لأرزاقِ العبادِ مفاتحُ
جوادٌ، إذا ما الجودُ غاضتْ بحارُه،
حليمٌ، إذا خفّ الحلومُ الرواجحُ
إذا خامرتهُ الراحُ أبقتْ روية ً
من الرأي لا تخفى عليها المصالحُ
يعمُّ الأقاصي جودهُ، وهو عابسٌ،
وتخشى الأداني بشرهُ، وهوَ مازحُ
كما تهبُ الأنواءُ، وهيَ عوابسٌ،
وتَضحَكُ في وجهِ القَتيلِ الصّفائحُ
من القَومِ إن عُدّ الفَخارُ، فإنّهم
هم الرّوحُ فَخراً، والأنامُ جَوارحُ
أكفهمُ للمكرماتِ مفاتحٌ،
وذكرهمُ لاسمِ الكرامِ فواتحُ
إذا احتَجَبوا نَمّتْ عليهم خِلالُهم،
كذا المسكُ يخفى جرمهُ، وهو فائحُ
أيا ملكاً أرضَى المعالي بسعيهِ،
وراضَ جِيادَ المُلكِ وهيَ جَوامحُ
نهضتَ بأمرٍ يعجزُ الشمَّ ثقلهُ،
فقمتَ بهِ جزعاً، ورأيكَ قادحُ
وألفتَ شملَ الملكِ بعدَ شتاتهِ،
وقد صاحَ فيهِ بالتّفَرّقِ صائحُ
مددتَ إلى العلياءِ كفكَ، والعُلى
تمدُّ أكفاً ما لهنّ مصافحُ
فجاءَتكَ طوعاً في الزمامِ، ولم تكنْ
فجاءتكَ طوعاً في الزمامِ، ولم تكنْ
بمُهجَتِها إلاّ علَيكَ تُكافحُ
وجمرة ِ حربس أججَ الشوسَ وقدها
وبيضُ الظبَى والعادياتُ الضوابحُ
رجالٌ جحاجحٌ، وجردٌ سوابحٌ،
وسُمرٌ جَوارحٌ، وبِيضَ صَفائحُ
وَقفتَ لها والمُرهَفاتُ ضَواحِكٌ،
وُجوهُ الرّدى ما بَينَهنّ كَوالحُ
ووجهكَ واضحٌ، وعضبكَ ناضحٌ،
وزندُكَ قادحٌ، وعزمكَ فادحُ
فَيا مَلِكاً يُثني عَليهِ فَمُ العُلَى ،
وتنسبهُ يومَ الهياجِ الصفائحُ
لئنْ بعدتْ منا الجوانحُ عنكمُ،
فَفي رَبعِكُم منّا القُلوبُ جَوانحُ
ولكنّ حالي في التباعدِ بينٌ
لدَيكَ، وعُذري في التّأخّرِ واضحُ
سأختمُ أبكارَ المدائحِ باسمكم،
كمَا باسمِكُم قِدماً لها أنا فاتحُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أهلاً ببدرِ دجًى يسعى بشمسِ ضحًى ،
أهلاً ببدرِ دجًى يسعى بشمسِ ضحًى ،
رقم القصيدة : 19768
-----------------------------------
أهلاً ببدرِ دجًى يسعى بشمسِ ضحًى ،
بنورِهِ صِبغَة َ اللّيلِ البَهيمِ مَحَا
حَيّا بها والدّجى مُرخٍ غَدائرَهُ،
فخلتُ أنّ جبينَ الصبحِ قد وضحا
راحاً إذا ملأ الساقي بها قدحا،
ظَننتَ جُذوَة َ نارٍ في الدّجى قَدَحَا
لم يُبقِ طولُ المدى إلاّ حُشاشَتَها،
عَنّتْ لَنا، فتراءَتْ بيَنَنا شَبَحَا
يسعى بها ثملُ الأعطافِ يرجعُها
سَكرَى بألفاظِهِ، إنْ جَدّ أو مَزَحا
يجلو لنا وجههُ في الليلِ مغتبقاً
بها، فيحسبُ بالآلاءِ مصطبحا
نادَمتُهُ وجَناحُ النّسرِ مُنقَبِضٌ
عنِ المَطارِ وجِنحُ اللّيلِ قد جَنَحا
حتى انثنى والكرى يهوي بجانبهِ
إلى الوِسادِ، فإن طارَحتَهُ انطَرَحا
وظلّ من فرطِ جرمِ الكأسِ منقبضاً
عن المَطارِ وجِنحُ اللّيلِ قد جَنَحا
يضمهُ، والكرى يرخي أناملهُ،
فكلمّا أوثقتهُ كفُّهُ سرحا
حتى رأيتُ مياهَ الليلِ غائرة ً
في غَربِها وغديرَ الصْبحِ قد طفَحا
وللشعاعِ على ذيلِ الظلامِ دمٌ
كأنّ طِفلَ الدّجى في حِجرِهِ ذُبِحا
وقامَ يهتفُ من فوقِ الجدارِ بنا
متوج الرأسِ بالظلماءِ متشحا
كأنّهُ شامتٌ باللّيلِ عَن حَنَقٍ،
فكلما صدعَ الصبحُ الدجى صدحا
نَبّهتُهُ، والكَرى يَثني معاطِفَهُ،
ونشوة ُ الرّاحِ تَلوي جيدَهُ مَرَحا
فهَبّ لي، وحُمَيّا النّومِ تَصرَعُهُ،
والشّكرُ يُطبِقُ من جَفنيهِ ما فتَحا
جَشّمتُهُ، وهوَ يثني جيدَهُ مَلَلاً،
كأساً، إذا بسمتْ في وجههِ كلحا
يلقى سناها على تقطيبِ حاجبِه
أشعة ً، فيرينا قوسهُ قزحا
فظلّ ينزو وريحَ الراح ممتعضاً،
ويستشيطُ إذا عاطيتهُ قدحا
حتى إذا حَلّتِ الكأسُ النّشاطَ لهُ
أتبعتهُ بثلاثٍ تبعثُ الفرحا
ونِلتُ من فَضلِها ما كانَ أسأرَهُ
بقَعرِها من رُضابٍ نَشرُهُ نَفَحا
ريقاً لو استاقَهُ الصّاحي لمالَ بهِ
سُكراً، ولو رَشفَ السكرانُ منه صَحا
فقال لي، وغوادي الدمعِ تسبقني
من السرورِ، وقد يبكي إذا طفحا:
قد كنتَ تشكو فسادَ العيشِ معتدياً،
أنّى ، وقد طابَ باللّذاتِ وانفسَحا
فقلتُ: قد كان صرفُ الدّهرِ أفسدَه،
لكنهُ بالمليكِ الصالحِ انصلحا
ملكٌ، إذا ظَلّ فِكري في مَدائِحِه،
أمستْ تعلمنا أوصافُهُ المدحا
فَضلٌ يكادُ يُعيدُ الخُرسَ ناطقَة ً،
تَتلو الثّناءَ، ولَفظٌ يُخرِسُ الفُسَحا
وطلعة ٌ كجبينِ الشمسِ لو لمعتْ
يَوماً لمُغتَبِقٍ بالرّاحِ لاصطَبَحا
وجودها كهلالِ الفطرِ ملتمحاً،
وَجُودُها كانهلالِ القَطرِ مُنفَسِحا
يخفي مكارمهُ، والجودُ يظهرُها،
وكيفَ يَخفَى أريجُ المِسكِ إذ نَفَحا
يكادُ يَعقُمُ فِكري، إذ أُفارقُهُ،
عن المَديحِ، وإن وافَيتُه لَقِحا
فما أرتنا الليالي دونهُ محناً،
إلا سخا، فأرتنا كفهُ منحا
ثبتُ الجنانِ، مريرُ الرأي صائبهُ،
إذا تَقاعسَ صرفُ الدّهرِ أو جمَحا
لايستشيرُ سوء نفسٍ مؤيدة ٍ،
من أخطأ الرأيَ لا يستذنبُ النصحا
ولا يُقَلِّدُ إلاّ ما تَقَلّدَهُ
من حدّ عضبٍ إذا شاورته نصحا
ولا يُذيلُ عليهِ غَيرَ سابغَة ٍ،
كأنّما البرقُ من ضَحضاحِها لُمِحا
مسرودة ٍ مثلِ جِلدِ الصِّلّ لو نُصِبتْ
قامتْ، ولو صُبّ فيها الماءُ ما نضَحا
غصتْ عيونُ الردى والسوء من ملكٍ
طَرفُ الزّمانِ إلى عَليائه طَمَحا
ما ضَرّ مَن ظلّ في أفناءِ مَنزِلِهِ،
إن أغلقَ الدهرُ بابَ الرزقِ أو فتحا
يودُّ باغي الندى لو نالَ بلغته،
حتى إذا حَلّ في أفنائِهِ اقترَحا
لما رأى المالَ لا تلوي عليهِ يدي،
أولانيَ الوُدَّ، إذْ أولَيتُهُ المِدَحا
يا أيها الملكُ المحسودُ آملُه،
والمُجتدى جُودُ عافيهِ لما مُنِحا
لو أدعتْ جودكَ الأفواهُ لاتهمتْ،
ولو تتعاطاهُ لجُّ البحرِ لافتضحا
حزتَ العلى ، فدعاكَ الناسُ سيدهم،
والكأسُ لولا الحُمَيّا سُمّيتْ قدَحا
في وَصِفنا لَكَ بالإنعامِ سوءُ ثَناً،
والغيثُ يُنقِصُهُ إن قيلَ قد سَمَحا
يا باذلاً من كنوزِ المالِ ما ذَخَروا،
وقابضاً من صيودٍ الشكرِ ما سنحا
وملبسي النعمَ اللاتي يباعدني
عنها الحياءُ، فلا أنفكُّ منتزحا
لئِن خصَصتُك في عيدٍ بتهنئَة ٍ،
فما أجدتُ، ولا عذري بهِ وضحا
العيدُ نذكرهُ في العامِ واحدة ً،
وجُودُ كَفّكَ عيدٌ قطّ ما بَرِحا
لكن أهني بكَ الدينَ الحنيفَ، فقد
أتيتَ للدينِ مخلوقاً كما اقترحا
فاسلَمْ، فما ضرّني، مما دامَ جودُك لي،
سِواكَ إن منَعَ الإحسانَ أو منَحا

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لَعَلّ لَيالي الرّبوَتَينِ تَعودُ،
لَعَلّ لَيالي الرّبوَتَينِ تَعودُ،
رقم القصيدة : 19769
-----------------------------------
لَعَلّ لَيالي الرّبوَتَينِ تَعودُ،
فتشرقَ من بعدِ الأفولِ سعودُ
ويُخصِبَ رَبُع الأنسِ من بعدِ مَحلِه،
ويُورِقَ من دَوحِ التّواصُلِ عُودُ
سقَى حلباً صوبُ العهادِ، وإن وهتْ
مَواثيقُ من سُكّانِها وعُهودُ
وحيا على أعلى العقيقة ِ منزلاً،
عُيونُ ظِباءٍ للأُسودِ تَصيدُ
إذا ما انتضتْ فيه اللحاظُ سيوفها،
فإنّ قُلوبَ العاشقينَ غُمودُ
رددنا بهِ بيضَ الصفاحَ كليلة ً،
فصالَتْ علَينا أعيُنٌ وقُدودُ
فللهِ عيشٌ بالحبيبِ قضيتهُ،
فُوَيقَ قُوَيقٍ، والزّمانُ حَميدُ
بظَبيٍ من الأتراكِ في رَوضِ خَدّهِ
غَديرُ مياهِ الحُسنِ فيهِ ركُودُ
تَمَلّكتُهُ رِقّاً، فكانَ لحُسنِهِ،
هو المالكُ المولى ، ونحنُ عبيدُ
فكنتُ ابنَ همامٍ، وقد ظفرتْ يدي
بهِ، ودمشقٌ في القِياسِ زَبيدُ
إلى أن قضى التفريقُ فينا قضاءهُ،
وذلكَ ما قد كنتُ منهُ أحيدُ
فغيب بدراً يَفضحُ البدرَ نُورُه،
وغصناً يميتُ الغصنَ حينَ يميدُ
وقد كنتُ أخشَى فيه من كيدٍ حاسِدٍ،
ولم أدرِ أنّ الدهرَ فيهِ حسودُ
فيا من يراهُ القلبُ، وهو محجبٌ،
وتوجدهُ الأفكارُ، وهو فقيدُ
إذا كنتَ عن عيني بعيداً، فكلُّ ما
أُسَرُّ بهِ، إلاّ الحِمامَ، بَعيدُ
وما نابَ عنكَ الغَيرُ عندي، وقلّما
ينوبَ عن الماءِ القراحِ صعيدُ
إذا كنتُ في أهلي ورهطي ولم تكنْ
لديّ، فإنّي بَينَهمْ لوَحيدُ
وإن كنتَ في قفرِ الفلاة ِ مقرَّباً
إليّ، فعيشي في الفلاة ِ رغيدُ
ولو كنتَ تشرى بالنفيسِ بذلتهُ،
ولو أنّ حَبّاتِ القلوبِ نُقودُ
ولكنّ من أودى هواكَ بلبهِ
مُريدٌ لما أصبَحتُ منكَ أُريدُ
جلوتَ له وجهاً وَقَداً مُرَنَّحاً،
وفرعاً وفرقاً وافرٌ ومديدُ
فشاهدَ بدراً فوقَ غصنٍ يظلُّهُ
دُجًى ، لاحَ فيهِ للصّباحِ عَمُودُ
أقولُ، وقد حَقّ الفِراقُ، وأحدقتْ
من التركِ حولي عدة ٌ وعديدُ
وقد حجَبَ الظَّبْيَ الرّقيبُ، وأقبَلتْ
تُمانعُني دونَ الكِناسِ أُسودُ
وتَنظُرُني شَزراً، من السُّمرِ والظُّبَى ،
نَواظرُ إلاّ أنّهنّ حَديدُ
لكَ اللهث من جانٍ عليّ برغمهِ،
ومتهمٍ بالغدرِ، وهوَ ودودُ
ومَن باتَ مَغصوباً على تَركِ صُحبتي
بنزعِ مريدِ الأنسِ، وهوَ مريدُ
معطَّلَة ٌ بينَ السّلُوّ لفَقدِهِ،
وقَصرُ غَرامي في هَواهُ مَشيدُ
ولم يَبقَ إلاّ حسرَة ٌ وتذكّرٌ،
وطيفٌ يُرى في مَضجَعي، فيرودُ
جَزَى اللَّهُ عنّي الطّيفَ خيراً، فإنّهُ
يعيدُ ليَ اللذات حينَ يعودُ
سرى من أعالي الشامِ يقصدُ مثلهُ،
ونحنُ بأعلى ماردينَ هجودُ
فَقضّيتُ عَيشاً، لو قَضيناهُ يَقظَة ً،
لَقامَتْ علَينا للإلَهِ حُدودُ
وبرقٍ حكى ثغرَ الحبيبِ ابتسامُهُ،
تألقَ وهناً، والرفاقُ رقودُ
يعلمُ عينيّ البكا، وهوَ إلفُها
وإن كانَ دَمعي ما علَيهِ مَزيدُ
كما علمتْ صوبَ الحيا، وهو عالمٌ،
يدُ الصّالحِ السّلطانِ، كيفَ يَجودُ
مليكٌ، إذا رامَ الفخارَ سمتْ بهِ
إلى الفخرِ آباءٌ لهُ وجدودُ
إذا جادَ فالبِيدُ السّباسبُ أبحرٌ؛
وإنْ صالَ، فالشمُّ الشواهقُ بيدُ
سَماحٌ لهُ تحتَ الطِّباقِ تَحَذّرٌ،
وعزم لهُ فوقَ الشدادِ صعودُ
لياليهِ بيضٌ عندَ بذلِ هباتهِ،
وأيّامُهُ، عندَ الوَقائِع، سُودُ
يُرنّحُهُ سَمعُ المَديحِ تكرّماً،
وإنّ لَبيداً عندَهُ لبَليدُ
وقَفتُ، وأهلُ العَصرِ تَنشُرُ فضلَه،
ويسألني عن مجدهِ، فأعيدُ
فقالوا: له حُكمٌ؛ فقلتُ: وحِكمة ٌ؛
فقالوا: له جَدٌّ؛ فقلتُ: وجُودُ
فقالوا: له قَدْرٌ؛ فقلتُ: وقُدرَة ٌ؛
فقالوا: له عَزمٌ؛ فقلتُ: شَديدُ
فقالوا: له عَفوٌ؛ فقلتُ: وعِفّة ٌ؛
فقالوا: له رأيٌ؛ فقلتُ: سَديدُ
فقالوا: له أهلٌ؛ فقلتُ: أهِلّة ٌ؛
فقالوا: له بَيتٌ؛ فقلتُ: قَصيدُ
من القوم في مَتنِ الجِيادِ وِلادُهُمْ،
كأ،ّ متونَ الصافناتِ مهودُ
غيوثٌ لهم يومَ الجيادِ من الظبَى
بروقٌ، ومن وطءِ الجهادِ رعودُ
أيا ملكاً لو يستطيعُ سميهُ
تَحَمُّلَهُ ما خالَفَتَهُ ثَمُودُ
دعيتَ لملكٍ لا يؤودكَ حفظهُ،
وإن كانَ ثِقلاً للجِيالِ يَؤودُ
فقَوّمتَ زَيغَ الحقّ، وهوَ مُمَنَّعٌ،
وقُمتَ بعِبْءِ المُلكِ، وهوَ شَديدُ
وسَهّدتَ في رَعيِ العِبادِ نَواظِراً،
بها النّاسُ في ظلّ الأمانِ رُقودُ
وأحيَيتَ آثارَ الشّهيدِ بنائِلٍ
معَ الناسِ منهُ سائقٌ وشهيدُ
فَيا لكَ سيفاً في يَدَيْ آلِ أُرتُقٍ،
يدافعُ عن أحسابهمْ ويذودُ
ويا حاملَ الأثقالِ، وهيَ شدائدٌ،
ويا مُتلِفَ الأموالِ، وهيَ جُنودُ
لكَ اللهُ قد جزتَ الكواكبَ صاعداً،
إلى الغاية ِ القصوى ، فأينَ تريدُ
يُهَنّيكَ بالعيدِ السّعيدِ مَعاشِرٌ،
ولي كلَّ يومٍ من هنائكَ عيدُ
ولو أنّ عيدَ النّحرِ نَحرٌ مُجَسَّمٌ
غدا فيكَ مدحي، وهو فيهِ عقودُ
ولولا هواكم ما سرتْ لي مدحة ٌ،
ولا شاعَ لي بينَ الأنامِ قَصيدُ
ولما جلوتُ المدحَ، وارتحتُ للندى ،
ورحنا، وكلٌّ في الطلابِ مجيدُ
قصدنا المعاني، والمعالي، فلم أزلْ
أجيدث بأشعاري، وأنتَ تجودُ
يقولونَ لي: قد قلّ نهضكَ للسرَى ،
وما علموةا أنّ النوالَ قيودُ
فقلتُ: مللتُ السيرَ مذ ظفرتْ يدي
بأضعافِ ما أختارُهُ وأُريدُ
لدى ملكٍ كالرمحِ أمّا سنانهُ
فَماضٍ، وأمّا ظِلُّهُ فمَديدُ
تبنه لي، والعزُّ عنيّ راقدٌ،
وقامَ بنَصري، والأنامُ قُعودُ
فيا قبلة َ الجودِ التي لبني الرجَا
رُكُوعٌ إلى أركانِها وسُجُودُ
ليهنكَ ملكٌ لا يزالُ مخيماً
لدَيكَ، وذِكرٌ في الأنامِ شَريدُ
لئن بتَّ محسودَ الخصالِ، فلا أذى ً،
كذا من غدا في الناسِ، وهو فريدُ
إذا عَمَّ نورُ البَدرِ في أُفقِ سَعدِهِ،
فَما ضَرَّهُ أن السّماكَ حَسودُ
 
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالله السفياني >> عندما تكلمت وفاء
عندما تكلمت وفاء
رقم القصيدة : 1977
-----------------------------------
( 1 )
تقول ( وفاء )
لكل الرجالِ :
لماذا تركتنا الطريق ..
وخضنا المحيط
وضعنا... وتهنا بأمواجهِ
لماذا جعلنا المشانق طوق نجاة..!!؟؟
لكل الرجال..
بكم تشترون الأنوثة ..؟؟!!!
يا بائعين ..!!
رجولتكم في مزاد ( الأنا )
ببخسٍ دراهمَ معدودةٍ
تبيعون يا بائعون..!!
( 2 )
تقول وفاء :
.. وفي زمن الصمت لا شيء ينطقُ ..
غيرَ الدماءْ
فهل تسمعون دماء وفاء..!!؟؟
تقول الدماءُ/ وفاءُ :
تنادونَ..!!؟؟
نادوا ( صلاحاً ) ...
فقبر ( صلاحٍ ) من ( الصلح ) صار جدارا..
نعلق فيه شهادات عارْ..!!
وطبلاً جديداً ... عليه قرارْ!!!
هنيئاً شهاداتكم ... يا ( يا رجال ).
( 3 )
تقول الوفاء :
لماذا نخاف من الموتِ
والموت ماء الحياة
والموت وجه الحياة
وحتى الممات يموتُ..
إذا ما انتهى دوره في ( المماتْ )
ولا فرق بين الممات وبين الحياة
( فهذي ) الحياة / مماتٌ
( وذاك ) الممات / حياة.
( 4 )
تقول وفاء :
خذوا من بقايا دمائي وقوداً
يضيء لكم سراديب " أوسلو"
وأنفاق " طابا "
وقبر " السلام "
واصنعوا من ضفائر شعري حبالاً..
تقيّد " أسطورة الخوفِ "...
ثم ضعوها على المشنقة..!!
وحين تموت سينبع نهر الحياةِ..
وتبعث فيكم وفاء.
( 5 )
تقول وفاءُ
لكل الرجال :
لماذا بكيتم عليّ بأصواتكم ..!!؟؟
سمعت النحيب.. وصوت الصراخْ
ولكنني..
رأيت الدموعَ على حزنكم ضاحكة..!!!
فكيف تكون الدموع رسائل حزنٍ..
ولكنها رغم هذا الصراخ انزوت ضاحكة ..!!؟؟؟
لماذا انزوت ضاحكة..!!!؟؟
لماذا انزوت ضاحكة..!!؟؟

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> نمّ بسرّ الروضِ خفقُ الرياحْ،
نمّ بسرّ الروضِ خفقُ الرياحْ،
رقم القصيدة : 19770
-----------------------------------
نمّ بسرّ الروضِ خفقُ الرياحْ،
واقتَدَحَ الشّرقُ زِنادَ الصبّاحْ
وأخجَلَ الوَردُ شُعاعَ الضّحَى ،
فابتَسَمتْ منهُ ثغورُ الأقاحْ
وقامَ في الدوحِ لنعي الدجى ،
حمائمٌ تطربنا بالصياحْ
مذ ولد الصبح ومات الدجى
صاحتْ، فلم ندرِ غناً أم نواحْ
ويوم دجنٍ حجبتْ شمسهُ،
وأشرَقتْ في لَيلِهِ شمسُ راحْ
فَما ظَننّا الصّبحَ إلاّ دُجًى ،
ولا حَسبِنا اللّيلَ إلاّ صَباحْ
وقابتْ نورَ الضحى أوجهٌ
للغِيد تَبغي في الصبّاحِ اصطِباحْ
فظلتُ ذا النورينِ في مجلسي
منوجهِ صبحٍ ووجوهٍ صباحْ
وشادِنٍ إن جالَ ماءُ الحَيا
في مُقلَتَيهِ زادَهنّ اتّقاحْ
يُسكِرُنا من خَمرِ ألحاظِهِ،
ويمزجُ الجدّ لنا بالمزاحْ
من لحظِهِ يَسقي، ومن لَفظِهِ
وريقهِ خمراً حلالاً مباحْ
نَواظرٌ تُعزى إلَيها الظُّبَى ،
وقامَة ٌ تُعزى إلَيها الرّماحْ
يا عاذلي في حسنِ أوصافهِ،
ومسمعي وصفَ الفتاة ِ الرداحْ
في حبّ ذي القرطينِ، يا لائمي،
لي شاغلٌ عن حبّ ذاتِ الوشاحْ
دَعني أُقَضّي العيشَ في غِبطَة ٍ
مُتّبِعاً مَغدَى الهَوى والمَراحْ
من قبلِ أن يَهتِفَ داعي النّوى ،
فلَم أجِدْ عن بَينِنا من بَراحْ
فكلّ يومٍ لي برُغمِ العُلَى
في كلّ أرضٍ غربة ٌ وانتزاحْ
واضيعة َ العمرِ وفوتَ المنى ،
بينَ رِضَى الكُومِ وسُخطِ المِلاح
ورُبّ لَيلٍ خُضتُ تَيّارَهُ
بأدهَمٍ يَسبُقُ جَريَ الرّياحْ
محجلِ الأربعِ ذي غرة ٍ
ميمونة ِ الطلعة ِ ذاتِ اتضاحْ
كأنهُ قد شقّ بحرَ الدجى ،
وبعدهُ خاضَ غديرَ الصباحْ
لم تَعلَمِ الأبصارُ في جَريِهِ
قادمة ً خفتْ بهِ أمْ جناحْ
مذ فسدَ العيشُ رأى قصدهُ
للمَلِكِ الصّالحِ عينَ الصّلاحْ
المَلكُ النَّدبُ الذي شُكرُهُ
صار اعتبِاراً للورَى واصطِلاحْ
مُمَنَّعُ المَجدِ رَفيعُ العُلى ،
لهم يكُ إلاّ مالهُ مستباحْ
يكادُ من دِقّة ِ أفكارِهِ
يزري بما يجري القضاءُ المتاحْ
لهُ يَدٌ، إن جادَ، كانتْ حَياً،
وهمة ٌ، إن جالَ، كانتْ سلاحْ
ورحبُ صَدرٍ كُلّما هيمَنَتْ
فيهِ نَسيمُ المَدحِ زادَ ارتِياحْ
يا حامِلَ الأثقالِ مِن بَعدِ ما
حطّ مراراً غيرهُ واستراحْ
لولاكَ، يا وابلُ، زَرعُ النّدى
أضحى هشيماً، وذرتهُ الرياحْ
يا ابنَ الذي حَجّ إليهِ الوَرَى
لكونِهِ كعبة َ دينِ السماحْ
إن قَصُرَتْ منّى إليكَ الخُطى ،
ما قصرتْ منّي يدُ الامتداحْ
فقد جعَلتُ الأرضَ من مَدحِكم
خَضرا، وشِعري جائلٌ كالوِشاحْ
خفضتُ بالنصبِ استعاراتهِ،
كما أعيرَ الذلُّ خفضَ الجناحْ
إذا تلاهُ الوفدُ قالَ الورى :
هذا هوَ السحرُ الحلالُ المباحْ
ذِكرُكَ كالمِسكِ، ولكِنّهُ
إن ضوعتهُ نسمة ُ المدحِ فاحْ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> إني ليطربني العذولُ، فأنثني،
إني ليطربني العذولُ، فأنثني،
رقم القصيدة : 19771
-----------------------------------
إني ليطربني العذولُ، فأنثني،
فيظنُّ عن هواكم أنثني
ويلذُّ لي تذكارُكم، فأعيرُه
أُذناً لغيرِ حديثِكم لم تأذَنِ
وأقولُ للاحي الملحّ بذكرِكم:
زدني، لعمرُ أبيك، قد أطربتني
أسكَرتَني بسُلافِ ذكرِ أحبّتي،
يا مُترِعَ الكاساتِ، فاملأ واسقنِي
يا ساكِني جَيرونَ جُرتم في الهوى ،
الجورُ شرُّ خلائقِ المتمكنِ
وسمعتمُ قولَ الوشاة ِ، وإنّه
ظنٌّ رميتُ بهِ بغيرِ تيقنِ
أيسومُ إشراكي بدينِ هواكمُ
مَن لَيسَ في شرعِ الغَرامِ بمؤمنِ
يا عاذلي إنْ كنتَ تجهلُ ما الهوَى ،
فانظُرْ ظِباءَ التُّركِ كيفَ تركنني
واعجبْ لأعينهنَّ كيفَ أسرنني
من مَعشري وأخَذَننَي من مأمني
بيضُ الطُّلى سمرُ القدودِ نواصعُ الـ
وَجَناتِ حمرُ الحَلي سودُ الأعينِ
ومن كلِّ فاضحة ِ الجبينِ كأنّها
شمسُ النارِ بدتْ بليلٍ أدكنِ
يسمو لها كحلٌ بغيرِ تكحلِ،
ويزينُها حسنٌ بغبرِ تحسنِ
ومضعف الأجفانِ فوقَ لحظَه
نبلاً على بعدِ المدى لم يخطبني
إن قلتُ: مِلتَ على المُتَيَّمِ، قال لي:
أرأيتَ غصناً لا يميلُ وينثني
أو قلتُ: أتلفتَ الفؤادَ، أجابني:
دعني، فما أخربتُ إلاّ مسكني
أو قلتُ: يا دنيايَ، قال: فإن أكن
دنياكَ لمْ أنكرتَ فرطَ تلوني
لم أنسَ إذ نادمتهُ في ليلة ٍ
عدلَ الزمانُ بمثلها لم يمننِ
والرّاحُ تبذلُ في الكؤوسِ كأنّها
لَفظٌ تَلجلَجَ من لسانٍ ألكَنِ
حتى إذا ما السكرُ ثقلَ عطفَه
كسلاً، وسكنَ منهُ ما لم يسكنِ
عاجلتُه حَذَراً عليهِ من الرّدى ،
عجلَ الجفونِ إلى حفاظِ الأعينِ
وضمَمتُه من غيرِ موضِعِ رِيبَة ٍ،
وأطعتُ فيهِ تعففي وتديني
نحنُ الذينَ أتَى الكتابُ مخبراً
بعفافِ أنفسنا وفسقِ الألسنِ
وكَذاكَ لا أنفَكُّ أُلقي مِقوَدي
طوعَ الهوى ، وأعفُّ عند تمكّني
فإذا أقمتُ جعلتُ أنباءَ العُلى
سكَني، وأبنَية َ المَعالي مَسكَني
وإذا رحلتُ، فجنتي أجم القنا،
وعلى متونِ الصافناتِ تحصني
ولكم ألفتُ الإغترابَ، فلم يزلْ
جوادُ ابنِ أرتقَ في التغربِ موطني
الصالحُ الملكُ الذي إنعامهُ
كَنزُ الفَقيرِ، وطَوقُ جيد المُغتني
ملكٌ يريكَ، إذا خطبتَ سماحه،
عذرَن المسيءِ وجودَ كفّ المحسنِ
متألقٌ، متدفقٌ، مترفقٌ،
للمجتلي، والمجتدي، والمجتني
بفضائلٍ، وفواضلٍ، وشمائلٍ
قَيدُ الخَواطرِ والثّنا والأعيُنِ
فإذا تَبَدّى كانَ قيدَ عيونِنا؛
وإذا تلَفّظَ كانَ قيدَ الألسُنِ
يُرجى ويُخشَى جودُه ونَكالُه،
في يومِ مكرمة ٍ وخطبٍ مزمنِ
كالبَحرِ يُرغَبُ في جواهرِ لُجّهِ
عندَ الورودِ، وهولهُ لم يؤمنِ
يا طالباً منا حدودَ صفاتِه،
أتعبتنا بطلابِ ما لم يمكنِ
يا أيها الملكُ الذي في حربهِ
بالعزمِ عن حدّ الصوارمِ يغتني
لو أنّ رأيكَ للدجنة ِ لم تحلْ
صِبغاً، وللحِرباءِ لم تَتَلوّنِ
فإذا هززتَ الرمحَ نكسَ رأسهُ،
وأجابَ: ها إنّي كما عودتني
وإذا سألتَ السيفَ قال فرندُه:
لا علمَ لي إلاّ الذي علمتني
هذي يَمينُكَ والوغى ومَضاربي
ودَمُ الفَوارِسِ والظّما بي فاسقني
يا مَن رَماني عن قِسيّ سَماحِهِ
بسهامِ أنعمهِ التي لم تخطني
أغرَقتَني بالجُودِ مع سَأمي لهُ
رداً عليّ، فكيفَ لو قلتُ: اعطني
يعتادُني بالشامِ بركَ واصلاً،
طَوراً، وطَوراً في بِلادِ الأرمَنِ
ويَزورُني في غيبَتي، ويَحوطُني
في أوبتي، ويعودني في موطني
أتعبتني بالشكرِ أعجزَ طاقتي،
وظننتَ أنكَ بالنوالِ أرحتني
أخفيتَ بركَ لي، فأعلنَ منطقي،
لا يشكرُ النعماءَ من لم يعلنِ
شَهدتْ علومُكَ أنّني لك وامقٌ،
واللَّهُ يَعَلَمُ والأنامُ بأنّني
وعرفتُ رأيكَ بي، فلو كشفّ الغطا
عن حالة ٍ ما ازدادَ فيكَ تيقني
عودتني صفوَ الودادِ، فعدْ به،
واصبِرْ لعادَتكَ التي عَوّدتَني
واعذِرْ مُحبّاً حبُّه لعُلاكُمُ
طبعٌ، وصفو ودادِه من معدنِ
يعو لدولتكَ الشريفة ِ مخلصاً،
والناسُ بينَ مؤملٍ ومؤمنِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> خذْ فرصة َ اللذاتِ قبلَ فواتِها،
خذْ فرصة َ اللذاتِ قبلَ فواتِها،
رقم القصيدة : 19772
-----------------------------------
خذْ فرصة َ اللذاتِ قبلَ فواتِها،
وإذا دعتكَ إلى المدامِ، فواتهَا
وإذا ذكَرتَ التّائبينَ عنِ الطِّلا
لا تَنسَ حَسرَتَهم على أوقاتِها
يَرنُونَ بالألحاظِ شَزراً كُلّما
صبغتْ أشعتُها أكفَّ سقاتِها
كأسٌ كَساها النّورُ لمّا أن بدا
مِصباحُ جِرمِ الرّاحِ في مِشكاتِها
صفْها إذا جليتْ بأحسنِ وصفِها
كيْ نُشرِكَ الأسماعَ في لَذّاتِها
لولا التذاذُ السامعينَ بذكرِها
لَغَنيتَ عن أسمائِها بسِماتِها
وإذا سَمِعتَ بأنَّ، قِدماً، مُظهِراً
عنها النِّفارَ، فتلكَ من آياتِها
ذَنبٌ، إذا عُدّ الذّنوبُ رأيتَهُ
من حُسنِهِ كالخالِ في وَجَناتِها
راحٌ حكَتْ ثَغَر الحَبيبِ وخَدَّه
بحَبابِها، وصَفائِها، وصِفاتِها
فكأنّما في الكاسِ قابَلَ صفوُها
ثغرَ الحبيبِ، ولاحَ في مرآتِها
ولئن نهَى عنها المشيبُ، فطالما
نشأتْ ليَ الأفراحُ من نشواتها
والقُضبُ دانيَة ٌ عليّ ظِلالُها،
والزهرُ تاجاتٌ على هاماتِها
والماءُ يخفي في التدفقِ صوتهُ،
والورقُ تسجعُ باختلافِ لغاتِها
ولقد ترَكتُ وِصالَها عن قُدرَة ٍ،
وزجرتُ داعي النّفس عن شُبُهاتِها
لم أشكُ جَورَ الحادِثاتِ، ولم أقلْ:
حالتْ بيَ الأيامُ عن حالاتِها
ما لي أعدُّ لها مساوىء َ جمّة ً،
والصالحُ السلطانُ من حسناتِها
رَبُّ العَفافِ المَحضِ والنّفسِ التي
غَلبتْ مروءتُهَا على شَهَواتِها
مَلَكيّة ٌ فلَكيّة ٌ يَسمُو بهَا
كَرَمٌ ترَنّحَ كُنهُهُ في ذاتِها
تحتالُ في العُذرِ الجَميلِ لوَفدِها
كرَماً، ولكن بعدَ بَذلِ هِباتِها
سبقتْ مواهبهُ السؤالَ، فما له
عدة ٌ مؤجلة ٌ إلى ميقاتِها
مَلِكٌ تُقِرُّ لهُ المُلوكُ بأنّهُ
إنسانُ أعيُنِها وعينُ حيَاتِها
لو لم يَنُطْ بالبِشرِ هَيبَة َ وجهِهِ
ذهلتْ بنور الآمالِ عن حاجاتِها
يعطي الألوفَ لوافديهِ براحة ٍ
تَثني يَدَ الأيّامِ عن سطَواتِها
فكأنّما قتلَ الحَوادثَ دونَها
وغدا يؤدّي للعفاة ِ دياتِها
من فتية ٍ راضَ الوقارُ نفوسَها،
فبدا سكونُ الحلمِ في حركاتِها
لو أَمَّها يومَ القِيامة ِ طالِبٌ
نقَلَتْ إلى ميزانِهِ حَسنَاتِها
في كفّهِ القلمُ الذي خضعتْ له
بيضُ الصفاحِ وفلّ حدُّ شباتَها
وسطا على الأرماحِ، وهوَ ربيبُها
وأليفُها في الغابِ عندَ نباتِها
قلمٌ فرَى كبدَ الأسودِ، وما رَعى
حقَّ الجِوارِ لهنّ في أجّماتِها
ما شاهدَ الأملاكُ مجة َ ريقهِ،
إلاّ وجفّ الريقُ في لهواتِها
يا أيّها الملكُ الذي سطواتُهُ
حَلَمَتْ بها الأعداءُ في يَقظاتِها
إن كنتَ من بعضِ الأنامِ فإنّما
غررُ الجيادِ تعدُّ بعضُ شياتِها
شهِدَتْ لراحتِكَ السّحائبُ أنّها
ريُّ البسيطة ِ، وهيَ من ضراتِها
فالنّاسُ تَدعوها مَفاتحَ رزِقها،
وتعدُّها الأموالُ من آفاتِها
شتتَّ شملَ المالِ بعدَ وفورهِ،
وجمعتَ شملَ الناسِ بعدَ شتاتِها
فظهرتَ بالعدلِ الذي أمسَى بهِ
في البيدِ يخشَى ذيبُها من شاتِها
تُبدي ابتِساماً للعُداة ِ، وراءَهُ
رأيٌ ينكسُ في الوغى راياتها
كالسُّمرِ تُبدي للنّواظرِ مَنظَراً
متألقاً، والموتُ في شفراتِها
وكتيبَة ٍ تَختالُ في أجَمِ القَنا
كالأُسدِ تَسري، وهيَ في غاباتِها
سِيّانِ ما تحوي السّروجُ وما حوَتْ
أيدي الفَوارسِ من سَرِ يحيّاتِها
أرسلتَ فيها للرماحِ أراقِماً
لسَبَتْ قلوبَ حُماتِها بحُماتِها
جشّمتَها جُرداً، إذا رُمتَ العُلى
أرسلتَها، فجرَتْ إلى غاياتِها
ما بينَ عَينَيها الأسِنّة ُ طُلّعٌ،
فكأنّها غررٌ على جبهاتِها
سدتْ حوافرُها الفضاءَ بعثيرٍ،
غنيتْ بهِ العقبانُ عن وكناتِها
صافَحتَ هاماتِ العِدى بصَفائحٍ
دَبّتْ نِمالُ المَوتِ في صَفَحاتِها
حتى أعَدتَ بها الجيادَ وشُهبُها
حمرٌ لوخزِ السمرِ في لباتِها
وجعلتَ أشلاءَ الكماة ِ كأنّما
ذخرَتْ لقُوتِ الوحشِ في فلَواتِها
ضمنتْ بها قوتَ الوحوشِ فأصبحتْ
عند العريكة ِ، وهيَ من أقواتِها
يا حاملَ الأثقالِ، وهيَ شَدائِدٌ،
والخائضَ الأهوالِ من غمَراتِها
ومفرجَ الكربِ التي لو صافحتْ
شُمَّ الجِبالِ لزَلزَلَتْ هَضباتِها
قد كادَ يُغرِقُ بحرُ نائلكَ الوَرى ،
فجعَلتَ سرّ الجُودِ سُفنَ نَجاتِها
فاسعَدْ بعيدٍ أنتُمُ عيدٌ لهُ،
ومواسمٍ بكمُ هنا ميقاتِها
فِطرٌ فطَرْتَ بيُمنِهِ كَبِدَ العِدى ،
فشغلتَ أنفُسَها بها عن ذاتِها
ووصلتَ فيه العاكفينِ على التّقى ،
فشَرِكتَها في صَومِها وصَلاتِها
فاستَجلِها من حُورِ حِلّة ِ بابِلٍ،
فلذاكَ تبدي السحرَ من نفثاتِها
ظَمآنَة ٌ للقاكَ، وهيَ رويَّة ٌ،
ببَدائعٍ تَروي غليلَ رُواتِها
من قربش حضرتكم على عادتِها
تَستَنجزُ الوعدَ الشّريفَ لرَيّها
لتروعَ قلبَ عداتِها بعداتِها
هذي كنوزُ الشكرِ وافرة ٌ لكُم،
فاجعلْ نجازَ الوعدِ بعضَ زكاتِها
 
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أيا ملكَ العصرِ الذي شاعَ فضلُهُ،
أيا ملكَ العصرِ الذي شاعَ فضلُهُ،
رقم القصيدة : 19773
-----------------------------------
أيا ملكَ العصرِ الذي شاعَ فضلُهُ،
ويا ابنَ ملوكِ العُربِ والعُجم والتركِ
ومن علمتني المدحَ أوصافُ مجدِه،
فما زدتُها عند النظامِ سوى السلكِ
لقَد غمَرتني مِن أياديكَ أنعُمٌ،
ملكتَ بها رقّي وإن أكثرتْ ملكي
أعدُّ، غذا فارقتُ مغناكَ، تاجراً
فإنْ أُبتُ ظَنّوني شريكَكَ في المُلكِ
لذلكَ لم تَثنِ الخُطوبُ مَوَدّتي،
ولكنني مثلُ النضارِ على السبكِ
فإن يكُ صرفُ الدّهرِ قد حكّ جانبي
ليخبرني، والتبرُ يخبرُ بالحكّ
فقد زدتُ وقع الحوادثِ رغبة ً،
كما زادَ فَرطُ السّحقِ في أرَج المسكِ
فإن أخطأتني من نَداكَ سَحابَة ٌ،
فما غَيّرتْ حُبّي، ولا أوْجَبَت تَرْكي
لأنيّ من أهلِ اليقينِ على الوفا،
وقد يحدثُ التغييرُ عند ذوي الشكِّ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> يا مليكاً قد طابَ أصلاً وفرعاً،
يا مليكاً قد طابَ أصلاً وفرعاً،
رقم القصيدة : 19774
-----------------------------------
يا مليكاً قد طابَ أصلاً وفرعاً،
وزكتْ من أُصولِهِ الأعراقُ
والذي جَمّعَ الفَضائلَ والحَمدَ
والمالَ في يديهِ افتراقُ
كم تحملتَ في طلابكَ للعلياءِ
ثِقلاً يَسيرُهُ لا يُطاقُ
لا تَخَفْ إن أضاعتِ المالَ كَفّا
كَن ففيهنّ للعلاءِ اتفاقُ
لا يضرُّ القضيبَ، وهوَ نضيرٌ،
أنْ تَزولَ الثّمارُ والأوراقُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> رعَى اللهُ ملكاً ما رمتني بربعهِ
رعَى اللهُ ملكاً ما رمتني بربعهِ
رقم القصيدة : 19775
-----------------------------------
رعَى اللهُ ملكاً ما رمتني بربعهِ
مرامي النوى ، إلاّ بلغتُ مراميَا
فتًى ربّني بالمكرماتِ وبرّني،
وأصلحَ ما بيني وبَينَ زَمانِيا
وكم حاجة ٍ حاوَلتُها من جَنابِه،
وألحقتُ في قَولي لهُ وخِطابِيا
فلم يلقَ إلحاحي بحُبٍّ، وإنّما
أجادَ التَّغاضي، إذ أسأتُ التّقاضِيا

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أجرَّدُ كيْ أجرَّدَ سيفَ مدحي،
أجرَّدُ كيْ أجرَّدَ سيفَ مدحي،
رقم القصيدة : 19776
-----------------------------------
أجرَّدُ كيْ أجرَّدَ سيفَ مدحي،
فيَنبو عن سِواكَ بهِ لِساني
وأنظمُ مدحَ غيركَ والقوافي
تَعَضُّ عليَّ أطرافَ البَنانِ
فأُظهِرُ حيرَة ً في بَسطِ عُذري،
وأخفي ما يجنُّ لكم جناني
فإنْ أفعلْ تألمتِ المعالي؛
وإنْ أنكلْ تظلمتِ المعاني

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> شملتَ جمعَ صحابي،
شملتَ جمعَ صحابي،
رقم القصيدة : 19777
-----------------------------------
شملتَ جمعَ صحابي،
بفيضِ جودٍ وفضلٍ
فأنتَ شاملُ جَمعي؛
وأنتَ جامعُ شَملي

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> سأَثني على نُعماكَ بالكَلِمِ التي
سأَثني على نُعماكَ بالكَلِمِ التي
رقم القصيدة : 19778
-----------------------------------
سأَثني على نُعماكَ بالكَلِمِ التي
بها تُضرَبُ الأمثالُ في اللّفظِ والفضلِ
بها تَطرُدُ السّارونَ عن جَفنِها الكَرَى ،
وتجلبُ طيبَ النومِ في المهد للطفلِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> سأثني على نُعماكَ ما دُمتُ باقياً،
سأثني على نُعماكَ ما دُمتُ باقياً،
رقم القصيدة : 19779
-----------------------------------
سأثني على نُعماكَ ما دُمتُ باقياً،
وإن متُّ يُثني منطقُ الطِّرس من بعدي
فقد أودعتْ صدرَ الطروسِ بدائعي،
لمجدكَ ما يقضي لذكرِك بالخلدِ

شعراء الجزيرة العربية >> عبدالله السفياني >> وجهك الوعد
وجهك الوعد
رقم القصيدة : 1978
-----------------------------------
( 1 )
أتاني الصغارْ
وجاء الكبارْ
وجاءت طيور الصباحْ
وزهر الحقولْ
ونحل الورود
وجاءت...وجاءتْ
تقولُ : " من العائدين "
( 2 )
وجاء النسيم العليل
وعطر القرنفل والياسمين
وجاء السحاب المهاجر في الخافقين
وجاء النشيد يغنيه فجر الحنين
وجاءوا.... وجاءوا..
يقولون كلٌ : " من الفائزين "
( 3 )
وجاءت... وجاءوا..
ومازلت أرقب وجه القمر
وما زلت أرقب وعد المطر
وجاءت وجاءوا...
ومازلت أبحث عنك...
وعن وجهك " الوعد " بين الوجوه.
لماذا تغيبتِ..؟؟!!
أين ذهبتِ..؟؟!!.. وكيف اختفيتِ ..؟؟!!
وأنى احتجبتِ ..!!؟
تراكِ نسيت اللقاءَ
وتلك السنينْ
لا...لا
فهذا محالْ
( 4 )
تراك انشغلت بتخضيب كفيكِ
عن وعدنا.
وخليتني...
أخضب صدري بلون البكاءْ
على وعدنا.
تراك انشغلت بتطريز فستانك الفستقي
بأحلامنا .
وما جئت في وعدنا.
تراك انشغلت..وخليتني...
أطرز حزني على مهجتي..
وأرسم دمعي على وعدنا.
تراك نسيتِ.... تراك انشغلتِ..
تراكِ؟؟؟ تراكِ؟؟!!
( 5 )
وما زلت في وعدنا
أسمر دمعي على وجنتي
وأرقب ساعي البريدْ
لعل الرسائل تأتي..
لعل الأثيرْ
يطير إليّ بأحلى نشيد
لعل الطيور التي هاجرتْ
تكونين معها
وفي جوها
تغنين لحن اللقاء
على الوعد في يوم عيد
تقولين لي :
" من العائدين "
" من الفائزين "

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أطلقتَ نُطقي بالمَحامدِ عندَما
أطلقتَ نُطقي بالمَحامدِ عندَما
رقم القصيدة : 19780
-----------------------------------
أطلقتَ نُطقي بالمَحامدِ عندَما
قيّدتَني بسَوابِقِ الإنعامِ
فليَشكُرَنْكَ نِيابَة ً عن مَنطِقي
صَدرُ الطّروسِ وألسنُ الأقلامِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> سأشكُرُ نُعماكَ التي لو جَحَدتُها
سأشكُرُ نُعماكَ التي لو جَحَدتُها
رقم القصيدة : 19781
-----------------------------------
سأشكُرُ نُعماكَ التي لو جَحَدتُها
أقَرّ بها حالي، ونَمّ بها سِرّي
وفي حُسنِ حال الرّوضِ اعدلُ شاهدٍ
يقرُّ بما أسدتْ إليهِ يدُ القطرِ
 
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> سأُثني على نُعماك بالكَلِم التي
سأُثني على نُعماك بالكَلِم التي
رقم القصيدة : 19782
-----------------------------------
سأُثني على نُعماك بالكَلِم التي
محاسنُها تبلي الزمانَ، ولا تبلى
وأشكرُ شكراً ليسَ لي فيه مِنّة ٌ،
ولا مِنّة ٌ للروضِ إن شكرَ الوَبلا

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أهلاً بها كالقضبِ في كثبانِها،
أهلاً بها كالقضبِ في كثبانِها،
رقم القصيدة : 19783
-----------------------------------
أهلاً بها كالقضبِ في كثبانِها،
جعَلَتْ شُواظَ النّارِ من تيجانِها
شُهبٌ، إذا جَلتِ الظّلامَ جيوشُها
جلبَتْ جيوشَ الصّبحِ قبلَ أوانِها
مأسورة ٌ تحيا بقطعِ رؤوسِها،
وتزيدُ نطقاً عند قطّ لسانِها
باحتْ أسرة ُ وجهِها بسرائرٍ
ضاقتْ صدورُ الناسِ عن كتمانِها
زُهرٌ حكَتْ خَدّ الحَبيبِ، وإنّما
تحكي فؤادَ الصبّ في خفقانِها
لهِبتْ وقد رأتِ الّظلامَ، ولم تكنْ،
تاللَّهِ، لاهية ً لضُعفِ جَنانِها
بل أُرعِدَتْ منها الفَرائصُ عندما
نظرتْ نواظرُها إلى سلطانِها
الصالحِ الملكِ الذي نعماؤهُ
قد أغنَتِ الغُرباءَ عن أوطانِها
ذي طَلعَة ٍ جَلَتِ العيونَ بحُسنِها،
وجلَتْ همومَ النّاسِ من إحسانِها

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أهلاً بشهبٍ في سماءِ المجلسِ،
أهلاً بشهبٍ في سماءِ المجلسِ،
رقم القصيدة : 19784
-----------------------------------
أهلاً بشهبٍ في سماءِ المجلسِ،
هتكَتْ أشعّتُها حِجابَ الحِندسِ
زهرٌ إذا أرخى الظلامُ ستورة
فعلتْ بها كصحيفة ِ المتلمِّسِ
هيفُ القُدودِ تُريكَ بَهجة َ منظرٍ
أبهَى لدَيكَ من الجواري الكُنَّسِ
كالقضبِ إلاّ أنّها لا تنثني
منها القدودُ، وزهرُها لم يلمسِ
أذكت لحاظَ عيونِها فكأنّها
زَهرٌ تَفَتَحَ في حديقَة ِ نَرجِسِ
نابتْ عن الشمسِ المنيرة ِ عندما
حُبِسَتْ وساطعُ نورِها لم يُحبَسِ
وإذا تحدرتِ النجومُ رأيتَها
تَرعَى النّجومَ بمُقلَة ٍ لم تَنعَسِ
وضحتْ أسرتُها وقد عبسَ الدّجى ،
وتنَفّستْ والصّبحُ لم يتَنَفّسِ
إن خاطبتها الريحُ ردّ لسانُها
هَمساً كلجلَجة ِ اللّسانِ الأخرسِ
وإذا توَعّدَها النّسيمُ ترَى لها
خَفْقاً كقَلبِ الخائفِ المُتَوسوسِ
في طرفها عمقٌ،إذا حققتهُ،
لم يبدُ منها الإسمُ إن لم يعكسِ
عجباً لها تبدي لقطّ لسانِها
بشراً وتحيا عند قطعِ الأرؤسِ
رَضيَتْ ببَذلِ النّفسِ حينَ تبوّأتْ
من حضرة السّلطان أشرَفَ مجلسِ
الصالحِ الملكِ الذي إنعامهُ
قَيدُ الغنيّ، وطوقُ جيد المُفلِسِ
شمسٌ حكى الشّمسَ المنيرَة باسمه
وضياءِ مجلسهِ وبعدِ الملمسِ
هو صاحبُ البلدِ الذي لسماحهِ
بالرفقِ يبلغُ لا بشقّ الأنفسِ
لا زالَ في أوجِ السعادة ِ لابساً
من حُلّة ِ النّعماءِ أشرَفَ مَلَبسِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أهلاً بها شُمطَ الذّوائبِ والذُّرى ،
أهلاً بها شُمطَ الذّوائبِ والذُّرى ،
رقم القصيدة : 19785
-----------------------------------
أهلاً بها شُمطَ الذّوائبِ والذُّرى ،
تَعشو إلى نيرانِها نارُ القِرَى
شهباً، إذا مدّ الظلامُ رواقهُ،
جعَلتْ ظَلاَمَ اللّيلِ صُبحاً نَيّرَا
تذكَى لدى ملكٍ يرجّى جودهُ،
وتخافُ من سطواتهِ أسدُ الشرَى
الصالحِ الملكِ الذي بسماحهِ
أمسَى الثّرا وَطْأً لمن وطىء َ الثّرَى
لازالَ شملُ الملكِ منتظماً به،
والعزُّ ممتدَّ الرواقِ كما ترَى

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> نارُ الشموعِ توقدتْ
نارُ الشموعِ توقدتْ
رقم القصيدة : 19786
-----------------------------------
نارُ الشموعِ توقدتْ
في اللّيلِ أمْ نُورُ الشّموسِ
شهبٌ تبشرُ بالسعودِ،
وليسَ تقضي بالنحوسِ
شِبهُ الذّوابِلِ قُوّمَتْ
للطّعنِ في صَدرِ الخَميسِ
شوسُ النواظرِ، وهيَ في
غَيرِ الدُّجُنّة ِ غَيرُ شُوسِ
إنْ طالَ فضلُ لسانِها،
فجزاؤها قطعُ الرؤوسِ
وإذا تَجَلّتْ للنّوا
ظِرِ رَجَحَتْ رأيَ المَجوسِ
في حَضرَة ِ المَلِكِ الذي
جعلَ الصناعَ كالغروسِ
الصالحِ السلطانِ وها
بِ النّفائِسِ للنّفُوسِ
فضلَ الملوكَ بأصلهِ،
فضلَ الرئيسِ على الرؤوسِ
وغَدا ثَناهُ غُرّة ً،
في جبهة ِ الدهرِ العبوسِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ومُذ أطفأ الشّمعَ النّسيمُ بمجلِسٍ
ومُذ أطفأ الشّمعَ النّسيمُ بمجلِسٍ
رقم القصيدة : 19787
-----------------------------------
ومُذ أطفأ الشّمعَ النّسيمُ بمجلِسٍ
به نورُ شمسِ الدينِ كالشمسِ ساطعُ
عذرنا، وقُلنا ما أتَى ببديعة ٍ
لأنّ اشتعالَ الشّمعِ في الشمسِ ضائعُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أهلاً بشهبٍ عندَ إشرافِها
أهلاً بشهبٍ عندَ إشرافِها
رقم القصيدة : 19788
-----------------------------------
أهلاً بشهبٍ عندَ إشرافِها
يجلي الدُّجى من نورها الواضحِ
تنضبُ بحرَ الليلِ، إذْ تغتدي
ناهِلَة ً من لُجّهِ الطّافحِ
كأنّما أيمانُها عزمة ٌ
من عزَماتِ المَلكِ الصّالحِ
ملكٌ يظلُّ الدهرُ في حُكمه
مقتبساً من رأيهِ القادحِ
ومن غدا سائحُ إنعامهِ
يَملأُ قلبَ الآملِ السّانحِ
لا برحتْ رتبة ُ سلطانِهِ
تسمو على الأعزلِ والرّامحِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أنجومُ روضٍ أم نحومُ سماءِ،
أنجومُ روضٍ أم نحومُ سماءِ،
رقم القصيدة : 19789
-----------------------------------
أنجومُ روضٍ أم نحومُ سماءِ،
كشَفَتْ أشعّتُها دُجى الظّلماءِ
أشرقنَ في حللِ الظلامِ فحدقتْ
حَسداً لهنّ كواكبُ الجَوزاءِ
من كلّ هيفاءِ المَعاطِفِ قُوّمتْ
قداً كقدّ الصعدة ِ السمراءِ
جسمٌ كصَخرٍ في صَلابة ِ جِرِمِهِ،
وجفونُها في الدّمعِ كالخنساءِ
تجري مدامعُها، ويضحكُ وجهُها،
فتَظَلُّ بَينَ تبَسّمٍ وبُكاءِ
تبكي لغربتِها وتبسمُ إذ غدتْ
في حَضَرة ِ السّلطانِ كلَّ مَساءِ
الصالحِ الملكِ الذي أكنافُهُ
كَهفُ الوُفودِ وكَعبَة ُ الفُقراءِ
ملكٌ بسيرة ِ عدلهِ وسماحِه
خفيتْ مآثرُ دولة ِ الخلفاءِ
لا زالَ في أفقِ السعادة ِ راقياً
فوقَ المَجرّة ِ في سَناً وسنَاءِ

شعراء الجزيرة العربية >> عبدالله السفياني >> أشلاء إشاعة
أشلاء إشاعة
رقم القصيدة : 1979
-----------------------------------
حدّث الراوي عن القاضي سهيل..
أن جدي مرّ من قريتنا ذات مجاعة..!!
فرأي قبرا " مسجى "..!!
وبقايا من صحيفة..!!
وأشلاء " إشاعة "!!!
حدث الراوي فقالْ..:
كان وجه القبرِ كرغيف " الجائعين "..
كنسيم الحزن..
في فؤاد " الياسمين "
كان وجه القبر ... بركان أنين...!!
..حدث الراوي ..ولسان الدهشة الأولى يصول...
ويقول :
لم يكن في داخل القبر بقايا من "جسد"..!
لم يكن في داخل القبر " أحد "
قلت: " أحد " ...قال: .." أحد "
لم يكن داخل القبر سوى ...
أسطورة فيها من الصدق " كذب "
ومن الحزن بكاء " من فرح "
وأنين من أمل ...
وابتسامات " ألم "
قلت " أمل " ... قال ..: " ألم "
كانت الثورة في القبر " تئنْ "
وفؤاد مستكنْ..!!!
وصراخ يطرق فجر الأجوبة...!!
وسياط تسبق وقع الأسئلة ...!!
و...و..... أكمل الراوي يقول...:
أعلن الوالي..:
(( بأن الموت حق...
.... وهكذا الحق يموت .))
عندها ..قال راوينا بعد موت السامعين :
رحم الله سهيلا ...
كان شيخا خرفا...
لم يكن يعلم أن الموت " طارق "
"والمشانقْ "
صنعة الوالي ...
ووالينا " منا .... "
مات راوينا ولم نعلم..ما تبقى من " حروف "..!!!

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لَيالي الحِمَى ما كنتِ إلاّ لآليا،
لَيالي الحِمَى ما كنتِ إلاّ لآليا،
رقم القصيدة : 19790
-----------------------------------
لَيالي الحِمَى ما كنتِ إلاّ لآليا،
وجيدُ سروري بانتظامِكِ حاليَا
قرنقَ منكِ الدهرُ ما كانَ ريقاً،
وكدرِ منكِ البعدُ ما كان صافياً
وقد كنتُ أخشَى من تَجافي أحبّتي،
فلَمّا فَقدناهم، وَدَدتُ التّجافِيا
ومَن لي بصَدٍّ منهُمُ وتَجنّبٍ،
إذا كان منّا مَنزِلُ القومِ دانيِا
لقد أرسلَتْ نحوي الغَوادي من الحمى
روائحَ أرخصنَ الكبا والغواليا
وما أذكَرَتني سالفاتُ عُهُودِهم،
تذكرُ بالأشياءِ من كانَ ناسيا
وأغيدَ رخصِ الجسمِ كالماءِ رقة ً،
أكابدُ قلباً منهُ كالصخرِ قاسيا
كثيرِ التجنّي لستُ ألقاهُ شاكراً
على مضضٍ، إلاّ وأُلفيهِ شاكِيا
يقول، إذا استشفيتُ منه بنظرة ٍ:
كَفَى بك داءً أن ترَى الموتَ شافيا
ويعجبُ منّي إن تمنيتُ عتبهُ،
وَحسبُ المَنايا أن يكنّ أمانِيا
فَوا عَجبا يُدعى حَبيبي، وإن غَدا
يُجاوِرُ في سُوءِ الصّنيعِ الأعادِيا
كما قيلَ للخَرْمِ المخوفِ مَفازَة ً،
ولقبَ أصنافُ العبيدِ مواليا
ولمّا اعتنقنا للوداعِ، وقد وهتْ
عُقُودُ لآلي نَحرِهِ ومآقِيا
فحلتْ عقودُ الدمعِ ما كان عاطلاً،
وعطلَ عقدُ الضمّ ما كانَ حاليا
وكم سِرْتُ إثرَ الظّاعنِينَ مُصَيِّراً
هوايَ دليلاً والذكرَ حاديا
أسيرُ ومن فَوقي وتَحتي ووُجهَتي،
وخَلفي ويُمنايَ الهَوى وشِماليا
فما لي إذا يَمّمتُ في الأرضِ وُجهة ً
وصرفتُ في أهلِ الزمانِ لحاظيا
تَضيقُ عليّ الأرضُ حتى كأنّني
أحاولُ فيها لابنِن أرتقَ ثانيا
مليكٌ، إذا شبهتُ بالغيثِ جوده،
هجوتُ نداهُ، وامتدحتُ الغواديا
يعيدُ شبابَ الشيبِ مرآهُ في النّدى ،
وفي الحَربِ مَرآهُ يُشيبُ النّواصِيا
يرينا الندى في البأسِ والبأسَ في الندى ،
فينعمُ غضباناً، وينقمُ راضيا
كبيضِ الظبَى تردي القتيل ضواحكاً،
وسُحبِ الحَيا تَروي الغليلَ بَواكِيا
وما ليَ لا أسعَى بمالي ومُهجَتي،
إلى من بهِ استدركتُ روحي وماليا
إلى مَلِكٍ يَستَخدِمُ الدّهرَ بأسُهُ،
ويُرجعُ طرفَ الخَطبِ بالعدلِ خاسيا
إلى مَلِكٍ يُخفي الملوكَ إذا بَدا،
كما أخفَتِ الشّمسُ النّجومَ الدّرارِيا
إلى مَلِكٍ يُولي الإرادَة َ والرّدى ،
وتحوي المنايا كفُّهُ والأمانيا
بوَجهٍ غَدا للشّمسِ والبَدرِ ثالثاً،
وقلبٍ غَدا للجَوهَرِ الفَردِ ثانيا
وعزمٍ يزيلُ الخطب عن مستقرّهِ،
رأينا بهِ السّبعَ الطِّباقَ ثَمانِيا
وشدّة ِ بأسٍ تَترُكُ الماءَ جامِداً،
جعلتَ الرّدى راحاً وخيلَك راحة ً،
كفٌّ تشيمُ السيفَ غضبانَ ضاحكاً،
وتَثنيهِ بعدَ الكَرّ جَذلانّ باكِيا
يعمُّ الأقاصي جودهُ والأدانيا
جوادٌ أبادَ المالَ إلاّ صيانة ً،
مخافة َ أن يُمسي من البذلِ خاليا
لهُ قلَمٌ، إن خَرّ في الطِّرسِ ساجداً
يخرُّ لهُ ذو التاجِ في الأرض حاكيا
إذا ما مشَى يوماً على الرأسِ مُوحياً
إلى مَلِكٍ وافَى على االرّأسِ ماشِيا
إذا أعلمتهُ كفُّهُ خلتَ أنّهُ
يَسُنُّ سِناناً أو يَسُلُّ مَواضِيا
لقد حسدَ الأقوامُ لفظي وفضلَهُ،
وقد غَبَطوا إحسانَهُ ولِسانِيا
غداة َ تَجارَينا إلى السّبقِ، فاغتَدى
يشيدُ المعالي، أو أُجيدُ المعانِيا
وقالوا: أجَدتَ النّظمَ فيهِ، أجبتُهم:
يرى الزّهرُ أنّى أصبحَ الغيثُ هامِيا
فَيا مُحسِناً إلاّ إلى المالِ وحدَهُ،
وفي ذاكَ إحسانٌ لمن كانَ راجِيا
فذلكَ قومٌ لو مدحتُ صنيعهُمْ،
لظَنّ الوَرى أنّي أعُدُّ المَساويا
رعيتُ أمورَ المُسلمينَ بهِمّة ٍ،
رأيتُ بها مستقبلَ الأمرِ ماضيا
لقد عجزوا عن أن يروا لكَ في الندى
مدى الدهرِ أو عنهُ من الناسِ ثانيا
ويومٍ أعدتَ الصبحَ كالليلِ عندما
حجبتَ ذُكا لمّا أجلتَ المذاكيا
وأجرَيتَها قُبّ البُطونِ تَخالُها،
إذا ما سعتْ تحتَ العجاجِ، سعاليا
يمزقُ تكرارُ الصدامِ جلودَها،
فتُكسَى دَماً ما أصبَحَ السّيفُ عارِيا
سقَيتَ بها الأعداءَ كأساً من الرّدَى ،
غداة َ غَدا كلٌّ من الكرّ ظاميا
وبيضَ الظُّبَى كأساً وعزمَكَ ساقِيا
وكم قد كَسَيتَ العِزَّ من جاءَ آمِلاً
إذا ما مشَى في ربعِ قدسِكَ حافِيا
بسطتَ من المعروفِ أرضاً مديدة ً،
وأنبَتَّ فيها للحُلوم رَواسِيا
وإنّي، وإن فارَقتُ مَغناك مُخطِئاً،
لأعلمُ أنّي كنتُ في ذاكَ خاطِيا
فكيفَ بعادي عن مغانٍ ألفتُها،
وأفنَيتُ عُمري بَينَها وشَبابِيا
وقَضّيتُ فيها الأربَعينَ مُجاوِراً
ملوكَ البَرايا والبحورَ الطّواميا
أصيفُ وأشتو بينهم، فكأنني
نزَلتُ على آلِ المُهَلَّبِ شاتِيا
بذلتَ لنا، يا ذا المكارمِ، أنعُماً
تسرُّ الموالي، إذ تسوءُ المعادِيا
ولولاكَ لم تُعنَ الملوكُ بمَنطِقي،
ولا خَطَبوا مَدحي لهم وخِطابِيا
ولولاكَ لم يُعرَفْ مُسمّايَ بَينَهم،
ولا أصبَحَ اسمي في المَمالكِ سامِيا
أَحيدُ عن السُّحبِ التي تُرسِلُ الحَيا،
وإن كنتُ حرّانَ الجوانحِ صادِيا
فسوفَ أجيدُ النّظمَ فيكَ وأنثَني
إلى النّثر، إنّ أفنى النّظامُ القَوافِيا
وأشكرُكم ما دمتُ حيّاً، وإن أمُتْ
ولم أُوفِه، أوصيتُ بالشّكرِ آليا

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> زوجَ الماءَ بابنة ِ العنقودِ،
زوجَ الماءَ بابنة ِ العنقودِ،
رقم القصيدة : 19791
-----------------------------------
زوجَ الماءَ بابنة ِ العنقودِ،
فانجَلَتْ في قَلائِدٍ وعُقودِ
قُتِلَتْ بالمِزاجِ ظُلماً، فقالتْ:
كم قَتيلٍ كما قُتِلتُ شَهيدِ
طافَ يَسعَى بها أغنُّ حكَى ما
في يديهِ بثغرهِ والخدودِ
قربّ الكأس نحوَ عارضه الغضّ،
فأبدى العتيقَ فضلُ الجديدِ
فغدا التائبونَ منّا ندامَى ،
والنّدامى في ظِلّ عَيشٍ رَغيدِ
فصَلَينا لَظًى ، وأُزْلِفَتِ الجَنّة ُ
للمتقينَ غيرَ بعيدِ
أنا صَبٌّ قَضَتْ لهُ شِرعة ُ العِشقِ
بألاّ يموتَ غيرَ شهيدِ
فإذا ما نجوتُ من معركِ الألحاظِ
لم أنجُ من كمينِ القدودِ
كلذما أخلقَ التجلدُ وجدي
جادَ داعي الهوى بوجدٍ جديدِ
مثلَ أهلِ الجَحيمِ إن تُذهبِ النارُ
جُلوداً تَبَدّلوا بجُلُودِ
قَسَماً بالمَطيّ مثلَ الهَوادي،
نَظَمَتها الحُداة ُ نَظمَ العُقودِ
فهيَ طوراً قلائدُ القللِ الشمّ،
وطَوراً وِشاحُ خَصرِ البِيدِ
نكَبَتْ مَرتَعَ الشّآمِ وأمّتْ
نحوَ مرعًى أحوى وظلٍّ مديدِ
فإذا ما تَجاوزَتْ حَرّ حَرّانَ،
أناخَتْ ببَردِ عينِ البَرودِ
وتَغانَتْ بنَهرِ حَرزَمَ والغَرْ
سينه عن نهرِ ثورة ٍ ويزيدِ
لقد استَعصَمتْ بحِصِنٍ حَصينٍ،
حينَ لاذتْ منها بركنٍ شديدِ
وأناختْ بظلّ أبلَجَ رَحبِ الصّدرِ،
نَزرِ الأقرانِ، جَمِّ الحَسودِ
ساهرِ النّارِ، راقدِ الجارِ، رَحبِ الدّارِ
حيِّ الأكنافِ، ميتِ الحقودِ
بطولِ النجادِ، ضيق باع العُـ
ـذرِ، سمحٍ، قصيرِ عُمرِ الوعودِ
خيرِ أبناءِ أرتقَ الملكِ الصالحِ
شمسِ الدّينِ الفريدِ الوحيدِ
ملكٌ أنفدَ الذوابلَ بالنقلِ،
وأفنى الصفاحَ بالتقليدِ
حاملٌ من شَدائِدِ المُلكِ ما حُمّلَ
قدماً سميُّهُ مِنْ ثمودِ
من أناسٍ، إذا تمنعتِ العلياءُ
كانوا منها كحَبلِ الوَريدِ
عرَفوا الزّحفَ قبل معرِفة ِ القُمْطِ،
وحلّوا السروجَ قبلَ المهودِ
أيّها الماجدُ الذي حمَلَ الأثقالَ
في طاعة ِ الحميدِ المجيدِ
لا تكُنْ خائِفاً سِوى اللَّهِ شَيئاً،
إنّها من شَواهِدِ التّوحيدِ
فإذا زادَتِ الحَوادِثُ حَدّاً،
كانَ نقصُ الكمالِ في المحدودِ
كم جُموعٍ فَلّلتَها بحُسامٍ
شرقِ الصفحتينِ ظامي الخدودِ
فغدوا والرؤوسُ فوقَ صعادٍ،
وجِسامُ الجُسومِ تحتَ الصّعيدِ
يا إمامَ السّخا، وصِنوَ المَعالي،
ونبيَّ الندَى ، وربَّ الجودِ
نقدتك العلياءُ، غذا أعوزَ، الكفءُ لديها
فكنتَ أغلى النقودِ
فإذا آلُ أُرتُق حاولوا الفَخرَ
بماضي الحُدودِ أو بالجُدودِ
كنتَ ملقى العصا وواسطة َ العقد،
وقُطبَ الرّجا وبيتَ القَصيدِ
فلو أنّ الزمانض ينطِقُ يوماً،
قالَ: هذا إنسانُ عَينِ الوُجودِ
وإذا الدهرُ خطذ حولكَ طرساً،
كانَ عنوانُهُ أقلّ العَبيدِ
يا مليكاً، إذا عزيتَ لفخرٍ
كانَ من برّهِ وجودي وجودي
أنتَ علّمتَني التّجَرّي على الدّهرِ
وفَتكي بكُل خَطبٍ شَديدِ
فإذا ما أمرْتُ دَهري بأمرٍ
خِلتُ أنّ الأيّامَ بَعضُ جُنودي
وبكَ استعذبَ الملوكُ كلامي،
ورعَوا حقّ حُرمتي وعُهودي
فمِنَ الجَهلِ أن أرومَ أُجازِيكَ
بمَعنى رِسالَة ٍ، أو قَصيد
أو أصوغَ الأشعارض يومَ هناءٍ،
يَشمَلُ المَلكَ، أو أُهَنّي بعيدِ
غيرَ أنّ الإلهَ يجزيكَ، غذ لم
يكُ غَيرَ الثّناءِ من مَجهودي
فاستمعها بكراً حماها ضياءُ الحسّ
منّي عن ظُلمَة ِ التعقيدِ
هجَنتْ شعرَ كلّ مَن عقَدَ القافَ
جَميعاً، لا جرولٍ ولَبيدِ
وابقَ طولَ الزّمانِ تُفني وتُغني،
وتُهَنّى بكلّ عيدٍ جَديدِ
 
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> صفاحُ عيونٍ لحظُها ليسَ يصفحُ،
صفاحُ عيونٍ لحظُها ليسَ يصفحُ،
رقم القصيدة : 19792
-----------------------------------
صفاحُ عيونٍ لحظُها ليسَ يصفحُ،
ونبلُ جفونٍ للجوارحِ تجرحُ
وماءُ حَياءٍ لَيسَ يَنقَعُ غُلّة ً،
ونارُ خدودٍ للجوانحِ تلفحُ
ومَنظَرُ حُسْنٍ في سَنا البَدرِ رَسمُهُ
إلى القلبِ أحلى وهوَ في العنينِ أملحُ
وجَوهرُ ثَغرٍ يُحزِنُ القَلبَ لمحُهُ،
وقد زعموا أنّ الجواهرَ تفرحُ
وصَلْتٍ وصَلتُ السّهدَ بالجَفنِ عندما
غدا وهوَ من عذري عن الصبرِ أوضحُ
محاسنُ قادَتْ نَحوَها شارِدَ الهَوَى ،
وظلّ إليها ناظرُ القلبِ يطمحُ
إذا ضَمّ أقسامَ الجَمالِ تَحَيّزٌ،
فإنّ جَميلَ الصّبرِ بالحُرّ يَقبُحُ
فللهِ صبٌّ لا يبلُّ غليلُهُ،
وإنسانُ عينٍ بالمدامعِ يسبحُ
ونفسٌ أبتْ إلاّ نزاعاً إلى الصِّبا،
تقاعسَها وخطُ المشيبِ، فتجمحُ
وأَشمَطُ من وُرقِ الحَمامِ كأنّما
سنا الصبحِ يصبي قلبهُ حينَ يصبحُ
يرجعُ تكرارض الهديلِ مغرداً،
فيصدعُ قلبي نوحهُ حينَ يصدحُ
وما ذاكَ إلاّ أن شدَوتُ فقَد غَدا
يُلَوّحُ بالأحزانِ لي فأُصَرّحُ
وما ضَرّني بُعدُ الدّيارِ، وأهلُها
بأرضي، وفقدُ الطرفِ ما كان يلمحُ
ورِجلايَ في أفناءِ دِجلَة َ قد سعَتْ،
وطرفيَ في أفناءِ حرزَمَ يسرحُ
مَنازِلُ لم أذكُرْ بها السِّقطَ واللّوَى ،
ولم يصبني عنها الدَّخولُ فتوضحُ
ولم أقرِ بالمِقراة ِ طَرفي بمثلِها،
فتسرحُ فيها العينُ، والصدرُ يشرحُ
فإنْ أكُ قد فارقتُ إلفاً ومعشراً
كراماً، إلى علياهُمُ العزُّ يجنحُ
فصبراً لما قد أفسدتهُ يدُ النّوى ،
عسَى أنّهُ بالصالحِ الملكِ يصلحُ
مليكٌ، إذا ما رمتُ مدحاً لمجدِه،
تعلمُني أوصافُهُ كيفَ أمدَحُ
له في الوغَى والجودِ نفسٌ زكية ٌ،
من الليثِ أسطى ، أو من الغيثِ أسمحُ
وأضيَقُ من سُمّ الخِياطِ اعتِذارُهُ،
وصدرٌ من الأرضِ البسيطة ِ أفسحُ
تَحُلُّ بكَفّيهِ اللُّهَى عُمرَ ساعَة ٍ،
لتَنزَحَها وُفّادُهُ، ثمّ تَنزَحُ
لقد ظلّ يصميني الزمانُ لبعدِهِ،
ويُحزِنُ قَلبي منهُ ما كان يُفرِحُ
فقلتُ لصرفِ الدهرِ ها أنا راحِلٌ
غلى ملكٍ قلبي منهُ ما كان يفرحُ
إلى مَلِكٍ يُخفي الملوكَ، فيَجتَلي،
وتغلقُ أبوابُ السماحِ، فيفتحُ
إلى مَلِكٍ لا مَورِدُ الجُودِ عندَهُ
أُجاجٌ، ولا مَرعَى السّماحِ مُصَوِّحُ
إلى ملكٍ يَلقَى الثّناء بمثِله
ويُنعُم من بَعدِ الثّناء ويَسمَحُ
إلى مَلِكٍ لا زالَ للمَدحِ خاطِباً،
وزادَ إلى أن كادَ للمَدحِ يَمدَحُ
ويُذكِرُني الإلفَ الذي هوَ فاقِدٌ،
فقد زجلَ المداحُ فيه ووشّحُوا
تَقولُ ليَ العَلياءُ، إذْ زُرتُ رَبعَهُ،
رويدَك! كم في الأرضِ تسعى وتكدحُ
إذا كنتَ ترضَى أن تعدّ بتاجرٍ،
هلمّ، ففيهِ تاجرُ المدحِ يربحُ
فأنتَجتُ من فِكري له كلّ كاعِبٍ
يزينُ عطفيْها البديعُ المنقحُ
وخلدتُ شعري في الطروسِ لأنني
أرى الشعرَ يَعلو قَدرُه حينَ يقرَحُ
فَيا مَلِكاً قد أطمَعَ النّاسَ حِلمُهُ،
لكثرة ِ ما تهفو، فيعفو ويصفحُ
أعدْ، غيرَ مأمورٍ، على الضّدَ كيدَهُ،
واذكِ لهُ النّارَ التي باتَ يَقدَحُ
فقد أيقنَ الأعداءُ أنّكَ راحمٌ،
فباهوا بأفعالِ الخناءِ، وثجحُوا
إذا ما فعلتَ الخيرَ ضوعفَ شرُّهمْ،
وكلُّ إناءٍ بالذي فيهِ يَنضَحُ
ولو تابعوا قولَ الإلهِ وأمرَهُ،
لَقالوا بأنّ الصّلحَ للخَلقِ أصلَحُ
تَهَنّ بعيدِ النّحرِ، وانحَرْ من العِدى ،
فجُودُكَ عيدٌ للوَرى ليسَ يَبرَحُ
وضحّ بهم، لا زِلتَ تنحرُ مثلهم،
ومِن دونِ مَغناكَ العَقايرُ تُذبَحُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لمّا شدتِ الورقُ على الأغصانِ
لمّا شدتِ الورقُ على الأغصانِ
رقم القصيدة : 19793
-----------------------------------
لمّا شدتِ الورقُ على الأغصانِ
بَينَ الورَقِ
ماسَتْ طرَباً بها غصونُ البانِ
كالمغتَبِقِ
الطّيرُ شدَا
ومَنظَرُ الزّهرِ بَدَا
والقَطْرُ غَدا
يوليهِ جوداً ونَدى
والجَونُ حَدَا
ومدّ في الجوّ رِدَا
والنّرجِسُ جَفنْ طَرفِه
الوسنانِ لم ينطبقِ
بَلْ باتَ إلى شَقائقِ
النّعمانِ ساهي الحدَقِ
يا لَيلَة ً بِتنا، وبِها
العِزُّ مُقيمْ
ما بَينَ حِياضٍ
ورِياضٍ ونَسيمْ
ما أمهَلَنا الصبحُ
لنحظَى بنعيمْ
لَكِنْ تَجلّتْ على الظّلامِ الواني
شمسُ الأفقِ
حتى خَضَبَتْ مِنَ النّجيعِ القاني
سَيفَ الشّفَقِ
لمّا شَهَرَ الرّبيعُ
في الأرضِ نِصال
بالخِصبِ شطَا
في معرَكِ المحلِ وَصال
والزّهرُ ذَكا
وأكسبَ الرّيحَ خصال
والغَيثُ هَمى بوَبلِهِ الهتّانِ
بينَ الطرُقِ
من مُحتَبِسٍ في سَرحة ِ الغُدرانِ
أو منطلِقِ
أهدَتْ ليَ أنفاسُ
نَسيمِ السّحَرِ
ما أودَعها طِيبُ أريجٍ
الزّهَرِ
لم أدرِ، وقد جاءَتْ بنَشرٍ
عَطِرِ
بالزّهرِ غدَتْ مسكِيّة َ الأردانِ
للمنتشِقِ
أم أكسَبَها نشرُ ثَنا الّسلطانِ
طيبَ العبقِ
مَلِك كَفَلَتْ أكنافُهُ
كلّ غَريب
كَم أبعَدَ بالنّوالِ
مَنْ كانَ قَريب
يَنأى خَجَلاً كَأنّهُ
مِنهُ مُريب
عن حضرَتهِ الحياءُ قد أقصاني
لا عَنْ مَلَقِ
بل أبعَدَ عن مَواقعِ الطّوفانِ
خوفَ الغَرقِ
لَولا عَزَماتُ المَلِكِ
الصّالحِ ما
شاهَدتُ حِمَى الشّهباءِ
قَد صارَ حِمَى
إن صالَحَ ما يَعصي،
وإن صالَ حمَى
إن شاهدَ بأسَهُ ذوو التّيجانِ
تحتَ الحَلَقِ
من هيبَتِهِ خرّوا إلى الأذقانِ
مثلَ العُنَقِ
قدْ أوجدَني نداهُ
بعدَ العَدَم
إذْ صانَ عَنِ الأنامِ
وَجهي ودَمي
لم أصفُقْ كَفّي عندَهُ
منْ نَدَمِ
لو شِئتُ لهامة ِ السُّهَى أوطاني
عندَ الغَرقِ
لولاهُ لَما سَلَوتُ عَن أوطاني
بَعدَ القَلَقِ
يا ابنَ المَلِكِ المَنصورِ
يا خيرَ خَلَفِ
يا مَن هوَ أُنموذجُ مَن
كانَ سَلَفِ
كم أتلَفَ كَنزَ المالِ مِن
غَيرِ تَلَفِ
إذْ فرّقَ ما حوَى مدى الأزمانِ
بَينَ الفرقِ
فالمالُ فَني، وكلُّ شيءٍ فإنِ
والذّكْرُ بَقي
إسعَدْ بدَوامِ المُلكِ
لا زِلتَ سَعيد
إذْ أنتَ أجَلُّ مِن أنْ
أَُنّيكَ بِعِيدِ
هُنّيتَ، ولا بَرِحتَ
تُبدي وتُعيدِ
تُبدي لذَوي الرّجاءِ والإخوانِ
حُسنَ الخُلُقِ
إذ فيكَ كمالُ الحُسنِ والإحسانِ
لم يَفتَرِقِد

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ما هبّتِ الريحُ إلاّ هزّني الطّرَبُ،
ما هبّتِ الريحُ إلاّ هزّني الطّرَبُ،
رقم القصيدة : 19794
-----------------------------------
ما هبّتِ الريحُ إلاّ هزّني الطّرَبُ،
إذ كانَ للقَلبِ في مَرّ الصَّبا أرَبُ
لذاكَ إن هَيمَنتْ في الدّوحِ أُنشِدُه:
بيني وبينكَ يا دَوحَ الحِمى نَسَبُ
يا جِيرَة َ الشِّعبِ، لولا فَرطُ بُعدِكُمُ
لمَا غَدا القَلبُ بالأحزانِ يَنتَعِبُ
فهَلْ يَجودُ بكُمْ عَدلُ الزّمانِ لَنا
يوماً، وترفعُ فيما بيننا الحُجُبُ
يا سادَة ً ما ألفنا بعدَهم سكناً،
ولا اتّخَذنا بَديلاً حينَ نَغتَرِبُ
بودّكم صارَ موصولاً بكم نسبي؛
إنّ المَودَة َ في أهلِ النُّهَى نَسَبُ
جميلُكُم كانَ في رِقّي لكُم سَبَبَا،
لا يوجدُ الحكمُ حتى يوجدَ السببُ
فكَيفَ أنساكُمُ بَعدَ المَشيبِ، وقَد
صاحبتُكم، وجلابيبُ الصِّبا قُشُبُ
أم كيفَ أصبرُ مغتراً بأُمنية ٍ،
والدّارُ تبعدُ، والآجال تقتربُ
قد زرتُكم وعيونُ الخَطبِ تلحظُني
شَزراً، وتَعثرُ في آثاريَ النُّوَبُ
وكم قَصدَتُ بلاداً كيْ أمرّ بكُمْ،
وأنتمُ القَصدُ لا مِصرُ ولا حَلَبُ
وكم قَطَعتُ إليكُم ظَهَرَ مُقفِرَة ٍ،
لا تَسحَبُ الذّيلَ في أرجائها السُّحبُ
ومَهمَهٍ كسماءِ الدَّجنِ معتكرٍ،
نَواظِرُ الأسدِ في ظَلمائِهِ شُهبُ
حتى وَصَلتُ إلى نَفسٍ مُؤيَّدَة ً،
منها النُّهَى واللُّهَى والمجدُ يكتسبُ
بمجلسٍ لو رآهُ الليثُ قالَ بهِ:
يا نَفسِ في مثلِ هذا يَلزَمُ الأدَبُ
مَنازِلٌ لو قَصَدناها بأرؤسِنا،
لكانَ ذاكَ علَينا بَعضَ ما يَجِبُ
ملكٌ بهِ افتحرتْ أيّامُهُ شرَفاً،
واستبشرتْ بمعالي مجدِهِ الرُّتَبُ
وقالتِ الشمسُ: حسبي أن فخرتُ به،
وجهي له شَبَهٌ، واسمي لهُ لَقَبُ
لا يعرفُ العفوَ إلاّ بعدَ مقدرة ٍ،
ولا يرَى العذرَ إلاّ بعدَما يَهَبُ
سَماحُهُ عُنوِنَتْ بالبِشرِ غايَتُها،
كما تُعَنونُ في غاياتِها الكُتُبُ
وهمة ٌ حارَ فكرُ الواصفينَ لها،
حتى تشابَهَ منها الصّدقُ والكذِبُ
قالوا: هوَ البدرُ؛ قلتُ: البدرُ مُمّحِقٌ
قالوا: هو الشمس؛ قلتُ: الشمس تحتجبُ
قالوا: هو الغيثُ؛ قلتُ: الغيثُ مُنتظَرٌ.
قالوا: هو اللّيثُ؛ قلتُ: اللّيثُ يُغتصَبُ
قالوا: هو السّيلُ ، قلتُ: السّيلُ مُنقطعٌ
قالوا: هو البحرُ ، قلتُ: البحُر مُضطرِبُ
قالوا: هو الظلّ؛ قلت: الظلّ مُنتَقلٌ.
قالوا: هو الدّهرُ؛ قلتُ: الدّهرُ مُنقَلِبُ
قالوا: هو الطّودُ؛ قلتُ: الطود ذو خرَس.
قالوا: هو الموتُ؛ قلتُ: الموتُ يُجتَنَبُ
قالوا: هو السّيفُ؛ قلتُ: السّيفُ ننَدُبه،
وذاكَ من نفسهِ بالجودِ ينتدبُ
قالوا: فَما منهمُ يَحكيه؛ قلتُ لهم:
كلٌّ حكاهُ، ولكنْ فاتَهُ الشنَبُ
يا ابنَ الذينَ غَدَتْ أيّامُهم عِبَراً
بينَ الأنامِ، بها الأمثالُ قد ضربُوا
كالأُسُدِ إن غضِبوا، والموتِ إن طلَبوا،
والسّيفِ إن نُدبوا، والسّيلِ إن وهبُوا
إن حكموا عدلوا، أو أمّلوا بَذَلوا،
أو حوربوا قتلوا، أو غولبوا غَلَبُوا
سريتَ مسراهمُ في كلّ منقبة ٍ،
لم يَسرِها بَعدَهم عُجمٌ ولا عَربُ
وفُقتَهُمْ بخِلالٍ قد خُصِصتَ بها،
لولا الخصوصُ تساوى العودُ والحطبُ
حَمَلتَ أثقالَ مُلكٍ لا يُقامُ بها،
لو حملتها الليالي مسّها التعبُ
وحُطتَ بالعدلِ أهلَ الأرضِ كلّهمُ،
كأنّما النّاسُ أبناءٌ، وأنتَ أبُ
لكلّ شيءٍ، إذا عللتَهُ، سببٌ،
وأنتَ للرّزقِ في كلّ الورى سببُ
مولايَ! دِعوَة َ عَبدٍ دارُهُ نَزَحَتْ،
عليكمُ قربه بل قلبهُ يجبُ
قد شابَ شعري وشعري في مديحكمُ،
ودُوّنَتْ بمَعاني نَظميَ الكُتُبُ
فالنّاسُ تَحسُدُكم فيهِ، وتحسُدُه
فيكُم، وليسَ له في غَيرِكم طلَبُ
فلا أرتنا اللّليالي منكمُ بدلاً؛
ولا خلَتْ منكُمُ الأشعارُ والخُطَبُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> شكرتكَ عنّي شارداتُ قصائدٍ
شكرتكَ عنّي شارداتُ قصائدٍ
رقم القصيدة : 19795
-----------------------------------
شكرتكَ عنّي شارداتُ قصائدٍ
بصَنائعٍ فاهَتْ بشُكرِ صنائِعِ
تَنفي الحُداة ُ بها عن الجَفنِ الكَرَى ،
وتَخيطُ مِن طَرَبٍ جُفونَ السّامعِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> هُنّئتَ بالعيدِ بل هُنّي بكَ العيدُ،
هُنّئتَ بالعيدِ بل هُنّي بكَ العيدُ،
رقم القصيدة : 19796
-----------------------------------
هُنّئتَ بالعيدِ بل هُنّي بكَ العيدُ،
فأنتَ للجُودِ، بل إرثٌ لكَ الجُودُ
يا مَن على النّاسِ مَقصورٌ تَفَضُّلُه،
وظِلُّ رَحمَتِهِ في الأرضِ مَمدودُ
أضحتْ بدولتكَ الأيامُ مشرقة ً،
كأنّها لخدودِ الدّهرِ تَوريدُ
أُعطيتَ في المُلكِ ما لانَ الحَديدُ لهُ،
حُكماً، فأنتَ سُلَيمانٌ وداودُ
لكَ اليَدانِ اللّتانِ امتاحَ بِرَّهما
بَنو الزّمانِ، وريعتْ منهما الصيدُ
قضَى وُجودُهُما فينا وَجُودُهُما
تكذيبَ مَن قالَ: إن الجودَ مَفقودُ
ماذا أقولُ، ومَدحي فيكَ ذو قِصَرٍ،
وأنتَ بالفعلِ ممدوحق ومحمودُ
إذا نظمتُ بديعَ الشعرِ قابلني
من السماحِ بديعٌ منكَ منقودُ
فلا معانيهِ في الحُسنى مغلغلة ٌ،
ولا بألفاظ في البرّ تعقيدُ
فعشتَ يوليكَ طيبَ العيشِ أربعة ُ:
عزٌّ، ونصرٌ، وإقبالٌ، وتأييدُ
ولا خلَتْ كلَّ عامٍ منكَ أربعَة ٌ:
نِسكٌ، وصومٌ، وإفطارٌ، وتَعييدُ
 
الوسوم
الشعر العربي العصور جميع دواوين
عودة
أعلى