جميع دواوين الشعر العربى على مر العصور (( خالد الطيب ونور حياتى ))

  • تاريخ البدء
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> نَصبَ العشقُ لعقلي شَركا
نَصبَ العشقُ لعقلي شَركا
رقم القصيدة : 22826
-----------------------------------
نَصبَ العشقُ لعقلي شَركا
مِن جعودٍ كم سبت ذا ولعِ
ومِن الحظِ بقلبي فتكا
بسهامٍ ليتها لم تُنزعِ
يا نَديميَّ على الوردِ الندي
مِن خدودِ الخرّدِ الغيدِ الكعابْ
غَنّياني بِلعوبٍ بالعشيّ
ليس غيرَ العطر تدري والخضاب
قد حوى مرشفُها العذبُ الشهي
شهدة ً قد لقّبوها برضاب
أَطرِباني ودعا من نسكا
إنّما الجنة ُ تحتَ البرقعِ
في محيّا ذاتِ قَدٍّ قد حكى
قمرَ التمِّ بأبهى مطلعِ
عَلَّلاني برشُوفٍ ثغرُها
مرتوٍ خلخالُها، عطشى الوشاح
غضة ِ الجيدِ، رهيفٍ خضرُها
لم تكن تبسم إلاّ عن أُقاح
طَرقت زائرة ً تستُرُها
طرّة ٌ في ليلها تعمي الصباح
بتُّ لا أجذبُها إلاّ اشتكى
خصرها ممّا تلوّى ولعي
لفَّنا الشوقُ وقال احتبكا
بعناقٍ وبضّمٍ ممتعِ
غادة ٌ قامتها الغصن الوريق
فوقها ريحانة ُ الفرعِ تَرِفّ
صدغُها والخدُّ آسٌ وشقيق
فتروَّح وإذا شئتَ اقتطف
خالُها والريقُ مسكٌ ورحيق
فتنشَّق وكما تَهوى ارتشفِ
نصبت ألحاظُها مُعتركا
غير عُذريّ الهوى لم يجمع
جفنُها في سيفهِ كم سفكا
من دمٍ لولا الهوى لم يَضِعِ
معرَكٌ للشوقِ كم فيه مُقام
لأخي قلبٍ من الوجدِ صديع
وبه كم قلَّبت أيدي الغرام
بين ألحاظِ الغواني مِن صريع
ودعت حوراؤه: موتوا هيام
فلدينا أجرُكم ليسَ يضيع
في سبيلِ الحبّ مَن قد هلكا
فمعي يُمسي ومَن يمسي معي
كان في جنَّة ُ حسني مَلِكا
أين ما مدَّ يداً لم يمنعِ
أقبلت سكرى ومِن خمرِ الصِبا
عَطَفتَها نشوة ُ الدَّلِّ عَليك
تَسرقُ النظرة َ من عينِ الضِبا
وبلحظ فاترٍ ترنو إليك
تخذت ماشطة ً كفَّ الصَبا
كلّما رَجّلت الجعدَ لدَيك
نَثرت مِسكاً بذي البانِ ذكا
فسرت نفحتُّهُ في لَعلَع
كم تستّرتُ بها فانهتكا
ذلك السترُ بطيب المضجع
ونديمٍ لفظُه العذبُ الرخيم
كنسيمِ الورد في رقّته
قبلَه ما خلتُ وُلدانَ النعيم
بعضُهم يُسرقُ من جَنتّهِ
إنّما آنست يا قلبي الكليم
شُعلة ً بالكاسِ مِن وَجنتهِ
لا تقل كيفَ من الكاس ذكا
جمرُ خديه معاً في أضلعي
فذُكاً وهي تَحلُّ الفَلكا
أن تُقابَل بزجاجٍ تَلذعِ
عَدِّ عن ذكرِك ربّاتِ الخدور
وأَعد لي ذكرَ أربابِ الحسب
وأَدر راحَ التهاني والحبور
للندامى واطَّرح بنتَ العنب
فصَبا الأفراحِ عن نَورِ السُرور
فتَّحت يا سعدُ أكمامَ الطرب
والعُلى والمجدُ بشراً ضحِكا
في ختانٍ قال للشمسِ اطلعي
إن يكن قطعاً ففيه اشتركا
بسرورٍ ليس بالمنقطع
طاولُوا الشمَّ بني الشمِّ الرعان
والبسُوا الفخرَ على طولِ السنين
ما أتمَّ المجدُ فيكم فالزمان
منكُم العليا به في كلِّ حين
لم تلد إلاّ «غنياً» عن ختان
"وسليمٍ" عن زياداتٍ تشين
كلُّهم في منبتِ العزّ زكا
وكطيبِ الأصل طيبُ المفرع
من ترَى منهم تخله مَلكا
قد تراءى بشراً في المجمع
لكم البُشرى ذوي الفخر الأغر
بسليلي أكرمِ الناسِ قبيل
لستُ أدري أفهل أنتم أَسرّ
بَهما اليومَ أم المجدُ الأثيل
وهل العلياءُ عيناها أقرّ
بهما أم عينُ ذي الرأي الأصيل
مصطفى المعروف مَن لو مَلكا
حوزة َ الأقطارِ لم تتسع
لأياديكم بها قد سمكا
مِن سماءٍ لعلاءٍ أرفع
إن أقل: يا بدرَ مجدٍ زَهَرا
وبزعمي غاية َ المدحِ بَلغت
قالَ لي البدرُ: كفاني مَفخرا
فبتشبيهك لي فيهم مَدحت
أو أقل: يا بحر جودٍ زَخرا
قال لي البحر: لماذا بي سَخرت
قستَ من لورام فخراً لا تكن
وكفى عنّي بُصغرى إصبع
كم بها بخلَّ غيثاً فبكى
وغدا ينحبُ بالرعد معي
واحداً في كلِّ فِضلٍ منفرد
بمزاياً في الورى لم تكنِ
حلف الدهرُ به أن لا يلد
للعُلى مثلاً له في الزمن
لا تخلها حِلفة َ لم تنعَقد
فَبِها استثنى له بالحسن
ذاكَ من أُصعِدَ حتى أدركا
ذُروَة َ المجدِ التي لم تطلع
كم من المجدِ سماءً سَمكا
لاح والشمس بها من مطلع
ذو مزاياً سُقيتَها روضتُه
فارتوت بالعذبِ من ماءِ النُهى
كمُلت عندَ المعالي نهضتُه
لو بها شاءَ إذاً حطَّ السُهى
وهو الغيثُ ولكن ومضتُه
تُنبِت الشكرَ بمنهلّ اللهى
مثلما ينبت طوراً حسكا
في عيونٍ حسداً لم تهجع
أعينٌ ليت الكرى إن سَلَكا
بين جفنيها جَرى في الأدمع

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> يا خليليَّ وأيامُ الصبا
يا خليليَّ وأيامُ الصبا
رقم القصيدة : 22827
-----------------------------------
يا خليليَّ وأيامُ الصبا
حلباتٌ فانهضا نستبقِ
خَلعت خيلُ التصابي عذرَها
فَرِدَا فيها بحزوى غدرَها
واقنصا بين الخزامى عفرَها
فاتَ فيما قد مضى أن تطربا
فخذا حظّكما فيما بقي
إنّ أيامَ الصِبا في مذهبي
لأخي الشوقِ دواعي الطربِ
فعلى جلوة ِ بنتِ العنبِ
أو على نرجس أحداق الظِبا
غنّياني، من لصب شيّق
زال عنّي يا نديميَّ الوَصبْ
أقبلَ النورُ ولي فيه أَرب
أبرز الأنفاءَ في زيّ عَجب
ومن الوشيِ كساها قُشُبا
حُللَ السندسِ والاستبرقِ
وشحَّ الطلُّ عروسَ الزهرِ
بسقيطِ اللؤلؤ المُنحدر
ثم حيّاها نسيمُ السَحر
وَجلاها فوق كرسيّ الرُبا
لمعُ برقٍ من ثنايا الأَبرق
أَعرسَ الروضُ بنوّارٍ حلا
عندليبُ الأَيكِ فيهِ هَلهَلا
رقص القطرُ فغنَّى وعلى
منبرِ الأغصانِ لمّا خطبا
عقدَ البانَ وقال اعتنقي
في ربيعٍ بالتهاني زَهَرا
فرشَ الأرضَ بهاراً بَهرا
ودَنانيراً عليها نَثَرا
بيد الوسميِّ ليست ذهبا
بل خدودُ الجلّنارِ المونقِ
كم شقيقٍ قد جلى عن نظرة ٍ
من بياضٍ مُشربٍ في حمرة ٍ
ومن الريحانِ كم مِن وفرة ٍ
رفرفت ما بين أنفاسِ الصَبا
فوق قدٍّ من قضيب مُورق
وعلى خدٍّ من الوردِ بدا
صدغُ آسٍ بلَّه طلُّ الندى
في رياضٍ غضَّة ٍ فيها غدا
ضاحكاً ثغرُ الأقاحي عَجَبا
وبها النَرجِسُ ساهي الحدقِ
في الرياحين يطيب المجلس
لبني اللهوِ وتحلو الأكؤُسُ
نُزَهٌ تَرتاحُ فيها الأنفسُ
لمدامٍ عتّقوها حُقبا
ونديمٍ ناشىء ذي قُرطُقِ
بين سمطي ثغرِه للمستلَذ
خمرة ٌ لم يعتَصِرها مُنتَبذ
إن تغنّى هَزَجاً قلتُ اتخذ
مِعبداً عبداً وبعه إن أبى
وعلى إسحاقَ بالنعل إسحقِ
ذي دلالٍ يتكفّى غَنَجا
فاقَ أنفاسَ الخزامى أرَجا
كلَّما شَعتها تحتَ الدُجى
خلتُه أوقد منها لَهبا
كاد أن يحرِقَ ثوب الغسق
أيها المخجلُ ضوءَ القمرِ
حرِّك الشوق بجسِّ الوتر
فإلى ريقك ذاك الخَصِر
طربَ الصبُّ فزده طربا
بغنى ً يصبي ذوات الأطوق
واجلها وجنة َ خدٍّ أشرِبت
ماءَ وردِ الحسنِ حتى شرقت
وبكأَسٍ من ثناياك حَلَت
عاطنيها خمر ريقٍ أعذبا
من جنى النحلِ وربّ الفلق
كم ليالٍ بال
كم ليالٍ مُبيضة ٍ
نعّمتنا بفتاة ٍ غضّة ِ
صيغ حسناً نحرها من فضة ٍ
وهي تلويه وشاحاً مُذهبا
فوق خصرٍ مثلُه لم يُخلَق
ذاتُ خدٍّ وردُه للمقتطِف
عقرب الصِدغِ عليه تَنعطِف
وعلى فرشٍ من الجعدِ تَرِفُ
طالما العاشقُ منها قلّبا
حلوة َ المرشَفِ والمعتَنق
حيّها عاقدة َ زِنّارَها
كم قَضت مِن صبِّها أوطارَها
ودعت في خِدرِها مَن زارَها
لبني الأتراكِ أفدي العَرَبا
فظُباهم خدرُها لم يُطرِق
لو تَطيقُ العربُ من إشفاقِها
حمت الطيف على مُشتاقِها
وغواني التركِ مع عُشّاقِها
كلَّما مدَّ الظلامُ الغَيهبا
كم لها في مَضجعٍ من عَبَق
من عذيري من غُزالٍ ثملِ
ثعلي الجِفن لا من ثعل
راش بالأهدابِ سهمَ المُقلِ
لو رمى من حاجب فيمن صبا
حاجباً راح بقوسٍ غلق
يا خليليَّ على ذكرِ المُقلِ
خلتُما همت وَمن يسمعَ يَخل
لا وما في الرأسِ من شيبي اشتَعل
إنّما كان غرامي كَذِبا
وحديثي في الهوى لم يَصدِق
إن ريعانَ الشباب النظرِ
وطرُ العمرِ وعمرُ الوَطرِ
فخذا غيدَ الطلى عن بَصري
فاتني العشق وفي عصرِ الصِبا
خسرت صفقة ُ من لم يَعشق
كان ذياك السوارُ المنقلِب
شافعاً عند العذارى لم يَخِب
فأتى الشيبُ ولي قلبٌ طَرِب
فبماذا أبتغي وصل الظِبا
ولها عندي بياضُ المِفرق
وعظ الحُلُم فلبَّاه النُهى
ونهى جهلَ التصابي فانتهى
فبِما راع بفوديَّ المَها
خبَّراها، إنَّ طرفي قد نبا
عنكِ يا ذاتَ المحيا المُشرق
قد وهبنا لسُلَيمى قدَّها
وعلى اللثمِ وفرَنا خدّها
بَردُ الشوقُ فعفنا بردَها
واقتبلنا فرحة ً قد أعربا
حسنُها عن جدّة ِ لم تخلقِ
إن في عرسِ الحسينِ ذي النهى
حيّز الكون جميعاً قد زهى
وبهاءُ الغرب للشرقِ انتهى
يبهجَ العينَ ويجلو الكُرُبا
وإلى الغرب بهاءُ المشرق
بشّر الدينَ به أنَ سَيلد
مَن حُبا الدينِ عليهم تَنعقد
والمعالي هنِّها أن ستَجد
منه في أفقِ شناها شُبها
وهو بين الشهب بدرُ الأُفق
فله الأملاكُ لمّا عَقَدوا
كلُّهم لله شِكراً سَجَدوا
وعلى «المهديِّ» طُرّاً وفدوا
ثمَّ هنَّوهُ وقالوا: لاخبا
نورُ هذا الفرحِ المؤتلقِ
يا صَبا البشرِ بنشرٍ رَوِّحي
شيبة َ الحمدِ وشيخَ الأبطحِ
وعلى «الهادي» بريّاكِ انفحي
ولأنفِ المرتضى والنُقَبا
ولدِه عَرفَ التهاني أنشقي
وعلى الفيحاء زهواً عرّجي
وانقلي فيها حديث الأرج
وانشري وسطِ حِماها المُبهج
لا عن الشيح ولا عودِ الكبا
بل عن "المهديّ" طيبَ الخُلقِ
مَن به الدينُ الحنيفيُّ اعتضد
والهدى فيه اكتسى عزّ الأبد
جدَّ في كسبِ المعالي واجتهد
وسواه يَستجيدُ للَقبا
فوق فرشٍ حفَّها بالنمرقِ
ضَمنَ الفخرَ بمُثنى بُردهِ
ووطى الشهبَ بعالي جَدِّه
كان نصفاً لو أعادي مجدهِ
كلَّما حلّت لمرآه الحُبا
رفعت نعلَيه فوقَ الحُدقِ
نَشَرَ المطويَّ عمَّن سَلَفوا
فطوى مَن نَشرتهُ الصُحفُ
أينَ منهُ وهو فينا الخَلفُّ
إنّه أعلمُ ممّن ذَهَبا
من ذوي الفضلِ وأعلى من بقي
يا بن مَن قد عُبِدَ الله بهم
ولهم من سَلَّم الأمرَ سلِم
إن أنفاً أن مدحناك رُغم
ليتَه ما شمَّ إلاّ التُربا
أو أطاحته مُدَى معترقِ
لكَ لا مُدَّت من الدهرِ يدُ
فلأَنتَ الروحُ وهو الجسدُ
وهو الباعُ وأنت العضدُ
كم ألنّا بكَ منهُ المنكبا
بعدما كان شديد المِرفَقِ
تزدهي الأمجادُ في آبائِها
وتباهى الصيدَ من أكفائِها
ونرى هاشمَ في عَليائِها
أنت قد زيَّنتَ منها الحسبا
فاكتسى منكَ بأبهى رَونقِ
فالورى شخصٌ بجدواك كما
أصبحت في مدحك الدُنيا فما
لو بتقريضِك أفنى الكَلِما
لم يصف معشارَ ما قد طَلِبا
من معانيك لسانُ المُفلِق
دارك الدنيا وأنتَ البشرُ
ولك الوِردُ معاً والصَدَرُ
وبتعليمك جادَ المطرُ
فالورى لو كفرت منك الحَبا
لكَفى شكرُ الغمامِ المغدق
هي أرضٌ فيها مَلِكُ
أم سماءٌ أنتَ فيها مَلَكُ
دارُ قدسٍ يتمنى الفَلكُ
لو حوى ممّا حوته كوكبا
ولها كلُّ نجومِ الأُفق
كلُّ ذي علم فمنهم ستمد
وإليهم كلُّ فضلٍ يستَند
وبتطهيرُهم الله شهد
حَنق الخصمُ فقلنا: اذهبا
عنهمُ الرجسَ لأهلِ الحنقِ
حسدت شمسُ الضحى أمَّ الهدى
فتمنَّت مثلَهم أن تَلدا
وابنُها البدرُ لهم قد سجدا
وحياءً منه مهما غَرُبا
ودَّ من بعد بأن لم يشرق
كلُّهم جعفرُّ فضلٍ من يَرد
خُلقَه العذب ارتوت مِنه الكَبد
أَبداً في الوجهِ منه يطّرد
ماءُ بشرٍ من رآه عَجبا
كيف قد رقَّ ولمّا يُرق
ففداءً لمحيّاه الأغر
أوجهٌ تُحسبُ قُدَّت من حجر
أين هم من ذي سماحٍ لو قدر
وعلى قدرِ عُلاهُ وهبا
وهبَ المغربَ فوق المشرق
لا تفقه والورى في حلبة ٍ
فلقد بان بأعلى رتبة ٍ
ولئن كانَ وهم من منبتٍ
فالثرى يُنبتُ ورداً طيباً
وصريماً ليس بالمنتشق
جاء للمجدِ المًعلّى "صالحاً"
بحرَ جودٍ بالمزايا طافحا
فغدا فكريَ فيه سابحا
يُبرز اللؤلؤَ عِقداً رَطبا
والعُلى تَلبَسهُ في العنق
فرعُ مجدٍ كرمت أخلاقه
فكستها طيبَها أعراقُه
يهجر الشهدَ لها مشتاقُه
لو بكأَسِ الدهر منها سكبا
ثمل الدهرُ ولمّا يَفِقِ
وَرِعٌ أعمالهُ لو وزّعت
في الورى عنها الحدودُ ارتفعت
أو بتقواه الأنامُ ادَّرعت
لَوَقَهَّا في المعادِ اللَّبها
أو لنارٍ لهبٌ لم يُخلَق
بأبي القاسم قد حلَّت لنا
راحة ُ الأفراحِ أزرارَ المنة
لم يُزنه بل به زين الثنا
أُفحِمَ المُطري فكنَّى مُغرِبا
إذا رأى ذكرَ إسمه لم يُطَقِ
بالحسينِ استبشروا آلَ الحسب
وابلغوا في عُرسِه أسنى الأرب
ولكم دام مدى الدهرِ الطرَب
بختان الطيبينَ النجبا
خَيرِ أغصانِ العلاء المُعرِق
 
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> اجتلي الكاس فذي كفُّ الصَبا
اجتلي الكاس فذي كفُّ الصَبا
رقم القصيدة : 22828
-----------------------------------
اجتلي الكاس فذي كفُّ الصَبا
حَدَرت عن مبسمِ الصبح اللثاما
واصطبحها من يَدي غضِّ الصِبا
أغيدٍ يجلو محيّاهُ الظلاما
بنتُ كرمٍ زُوِّجت بابنِ السحب
فتحلّت في لئالٍ من حَبَب
مذ جلاها الشربُ في نادي الطَرب
ضَحِكت في الكاسِ حتى قَطّبا
كلُّ مَن كان لها يُبدي ابتساما
وانثنى الزامرُ يشدو مُطرِبا
غرِّقوا بالراحِ كِسرى يا ندامى
هيَ نارٌ في إناءٍ مِن بَرَد
عجباً ذابت به وهو جَمد
أبداً تحرقُ نمرودَ الكمد
وإذا منها الخليلُ اقتربا
غُودرت بَرداً عليه وسلاما
فاحتسي أعذبَ من ماءِ الربى
خمرة ً أطيبَ من نشرِ الخُزامى
أشبهت صافية ً في الأكؤس
دمعة َ الهجرِ بخدَّي ألعس
إن أُديرت مَثَّلت للمحتسي
وجنة َ الساقي بها فاستُلبا
رشدُه حتى تراه مُستهاما
ليس يدري وجنة ً قد شربا
أم سُلافاً عتّقت عاماً فعاما
تنشىء الخفَّة في روحِ النسم
وتروضُ الصعبَ منهم للكرم
لو حساها وهو في اللؤمِ عَلَم
«مادرٌ» منه إذاً لانقلبا
ذلكَ اللؤمُ سماحاً مُستداما
ودعى خذ معَ عقلي النشبا
آخرَ الدهر ودعني والمداما
كم على ذاتِ الغضا من مجلس
قد كساه الروضُ أبهى مَلبس
فيه بتنا تحت بُردِ الحندس
نتعاطى من كؤوسٍ شُهبا
تطردُ الهمَّ وإن كان لِزاما
إذ به نامت عيونُ الرُقبا
ليتها تبقى إلى الحشر نياما
ونديمي مِن بني الترك أغَن
شهدة ُ النحل بفيه يُختزن
هبَّ يثني عطفَه سُكرُ الوسن
وأخيه المصطفى ابن المجتبى
أنملاً أبدى بها الحسنُ وشاما
وكأّن خدّيه منها أُشرِبا
خمرة ً إذ زفَّها جاماً فجاما
رشأٌ جُسِّد صافي جسمِه
من شعاعِ الخمرِ لا من جُرمِه
خَفَيت صهباؤُه من كتمِه
لسناه مذ عليها غلبا
نورُ خدّيه فما تدري الندامى
أسنا خدّيهِ أبدى لهبا
أم سنا الكأس لهم أبدى ضَراما؟
إن يقل لليل: عَسعِس، شعرُه
قال للصبحِ: تنفَّس، ثَغرُه
أومن الردف تشكَّى خصرهُ
قال يازادك: من زامَ الظِبا؟
بالخصورِ الهيفِ ضعفاً وانهضاماً
ولكاسِيكَ الوشاحَ المُذهبا
زاد جفنيه فتوراً وَسقاما
يا أليفي صبوتي بُشراكما
جاء ما قرَّت به عيناكما
ذا جديدُ الأُنسِ قد حيّاكما
وخلاصاً لكما قد جلبا
ناقلاً من صفة ِ الراحِ النظاما
فاجعلاه للتهاني سببا
فعلَ من يرعى لذي الودّ الذماما
خلّيا ذكرَ أحاديثِ الغَضا
واطويا من عهدِ حزوى ما مضى
وانشرا فرحة َ إقبالِ الرضا
وأخيه المصطفى ابن المجتني
إنّ إقبالَهما سَرَّ الأناما
وكذا الدنيا استهلت طربا
إذ معاً آبا وقد نالا المُراما
بوركا في الكرخ من بدري عُلى
شعَّ برجُ المجدِ لمّا أقبلا
ومحيّا الفخرِ بالبِشرِ انجلى
وأعِد ذكرَ كرامٍ نُجبا
بمُنيرَي أبرجَ المجدِ القُدامى
بكما قرَّت عيونُ النُجبا
آلِ بيتِ المصطفى السامي مقاما
رجع السعدُ إلى مطلعِه
والبها رُدَّ إلى موضِعه
والندى عادَ إلى منبعِه
بِسراجي شرفٍ قد أذهبا
بالسنا من أُفق الكرخ الظلاما
وخضمَّي كرمٍ قد عَذُبا
مورداً يروي من الصادي الأُواما
هل بَناتُ السير في تلك الفلا
علمت عادَ بها ما حملا
وبماذا بوقارٍ وعُلى
رحلت بالأمس تطوي السبسبا
حَدَراً تهبطُ أو تعلو أُكاما
وأُريحت بالمصلّى لُغبا
قد برت اقتابُها منها السَناما
حملت من حرمِ المجد الكرَم
وانبرِت تسعى إلى نحوِ الحرم
وألمَّت لا لتمحيصِ اللمم
بمقام البيتِ لكن طَلَبا
لمزيد الأجرِ وافين المقاما
وبمغناه طرحنَ القتبا
بغية َ الفوز وألقين الخُطاما
قَرَّبت منه ومُنشي الفَلكِ
صفوتي بيتِ التُقى والنُسُك
بالسما أُقسمُ ذاتِ الحُبك
لهما بالحجِّ حازا رُتبا
ما حبا في مثلِها الله الأناما
هي كانت من سواها أقربا
عنده زُلفى وأعلاها مقاما
رتباً لا يتناهى قدرُها
يسعُ الخلقَ جميعاً برُّها
حيثُ لو عاد إليهم أجرُها
واستووا في الإِثم شخصاً مذنبا
لمحى الله به عنه الإِثاما
وله من حسناتٍ كتبا
ضِعفَ مَن حَجَّ ومن صلى وصاما
بهما سائِل، تجد حتى الحجر
شاهداً أنّهما بين البشر
خيرُ من طافَ ولبى ّ واعتمر
مسحاهُ بيدٍ تنشى الحُطاما
هي بالجودِ لأجزالِ الحَبا
كَعبة ٌ تعتادُها الوفد استلاما
بين إحرامٍ عن الإِثم وحلّ
ويرى للهدي بالنحرِ يصلِ
كلَّ يومٍ ويميحُ النشبا
بيدٍ لم يحكها الغيثُ انسجاما
كان طبعاً جودُها محتلبا
لا كما تحتلبُ الغيثَ النُعاما
ثمَّ لمّا أكملا الحجَّ معاً
ودَّعا مكَّة فيمن ودَّعا
وإلى يثرب منها أزمعا
قصد مَن ألبسِ فخراً يثربا
وحباها شرفَ الذكرِ دَواما
وبه فاقَ سناها الشُهبا
فاشتهت تغدو لها الشهبُ رغاما
ونحن كلٌّ ضريحَ المصطفى
ناشقاً طيبَ ثراه عرفا
وبه طاف ومنه عطفا
نحوَ مغنى المرتضى مرتغبا
لسواه عنه لا يلوي الزِماما
فقضى مِن حقّه ما وجبا
وأتى "الكرخ" فحيّا وأقاما
كم لأيدي العيسِ يا سعدُ يدُ
أبداً مشكورة ٌ لا تُجحدُ
فعليها ليسَ ينأى بلدُ
وبها وخداً سَرت أو خبَبا
يدرك الساري أمانيه الجساما
ويرى أوطأَ شيءٍ مركبا
ظهرَها من طَلِبَ العزَّ وراما
أطلعت بالكرخ من حجب السرى
قمري سعدٍ بها قد أزهرا
وغراماً بهما أمُّ القُرى
لو أطاقت لهما أن تصحبَا
حين آبا لأتت تسعى غراما
وأقامت لا ترى منقَلبا
عن حمى الزوراء ما دامت دواما
أوبة ٌ جاءت بنيلِ المِنَحِ
ذهبت فرحتُها بالترح
فبهذا العامِ أمُّ الفرحِ
وَلَدتها فأجدَّت طربا
بعد ما جاءت بها من قبلُ عاما
ولها الإقبالُ قد كان أبا
سعدُه أخدَمَه اليمنَ غُلاما
فاهنَ والبشرى أبا المهديّ لك
تلك علياكَ لبدرَيك فلك
قد بدا كلٌّ بها يجلو الحلك
فترى الأقطارَ شرقاً مغرِبا
لم يدع ضوؤهما فيها ظلاما
والورى أبعدَها والأقربا
بهما تَقتسمُ الزهو اقتساما
مَلَت القلبَ سروراً مثلما
قد ملآتَ الكفَّ مِنها كَرَما
واحتبت زهواً تهنيّك بما
خصَّك الرحمنُ مِن هذا الحَبا
حيث لازلتَ لها ترعى الذماما
جالياً أن وجه عامٍ قَطّبا
للورى وجهاً به تُسقي الغماما
ففداءٌ لك يا أندى يدا
معشرٌ ما خُلِقوا إلاّ فِدا
لبسوا الفخرَ مُعاراً فنبا
عن أُناسٍ تلبسُ الفخرَ حراما
كلّ من فيهم على الحظّ أبى
قدرهم عن ضعة ٍ إلاّ الرغاما
تَشتكي من مسَّ أبدانُهم
حللٌ ترفعُ من شانِهمُ
وإذا صرَّ بأيمانِهمُ
قلمٌ فهو ينادي عَجبا
صرتُ في أنملة ِ اللؤمِ مُضاما
من بها قرَّ مقيماً عُذَّبا
إنها ساءت مقرّاً ومُقاما
هب لهم درهمهم أصبحَ أب
فسما فيهم إلى أعلا الرُتب
إكرامٌ هم لدى نصِّ النسب
إن يعدّوا نسباً مُقتَضَيا
لا عريقاً في المعالي أو قدامى
عدموا الجودَ معاً والحسبا
فماذا يتسمّونَ كراما
عَبَدوا فلسَهمُ دهرَهُم
وعليه قَصروا شكرَهمُ
فاطّرح بين الورى ذكرَهُم
قصروا الوفرَ على الوفدِ دواما
وبنوا للضيفِ قدماً قِببا
رفعت منها يدُ المجد الدُعاما
إذ على تقوى من اللهِ الصمد
أُسَّس البنيانُ منها وَوطد
من له كلُّ يدٍ تشكرُ يَد
مصطفى الفخرِ وفيها أعقبا
عَشرة َ ألقى له الفضلُ الزماما
إذ سهامُ الفضلِ عشرٌ قَصبا
فيه كلُّ فحوى العشر السِهاما
أعقبَ الصالحَ فيها خَلَفا
وأبا الكاظم من قد شُرِفا
والرضا الهادي حسيناً مصطفى
وأميناً كاظماً أن أغضبا
وجواداً جعفراً كلاًّ هُماما
صبية ٌ سادوا ولكن في الصِبا
بأبي المهديّ قد سادوا الأناما
معشرٌ بيتُ عُلاهم عامرُ
بهم للضيفِ زاهٍ زاهرُ
فيه ما أمُّ الأماني عاقرُّ
تَلِدُ النجحَ فتكفي الطَلَبا
وأبو الآمالِ لا يشكوا العُقاما
وعلى أبوابِه مثلُ الدَبي
نَعَمُ الوفد لها تلقي الزماما
أرضعت أمُّ العُلى ما ولدوا
فزكى ميلادُهم والمولِدُ
إنّهم طفلُهم والسؤدُد
يستهلا‍ّنِ فداعِ للحبا
ذا وهذا قائلٌ طبتَ غلاما
إبقَ في حجر المعالي حقبا
لا ترى من لبنِ العليا فِطاما
صفوة َ المعروفِ قِرّوا أعينا
واهنئوا بالصفوِ من هذا الهنا
لكم السعدُ جلا وجهَ المُنى
بيدِ اليمنِ ومنه قرَّبا
لكم الإقبالُ ما ينأى مراما
فالبسوا أبرادَ زهوٍ قُشُبا
منكم لا نزعَت ما الدهرُ داما
واليكم غادة ً وشّحتُها
وبريّا ذكركم عَطّرتُها
وإلى علياكم ارفقتُها
فلها جاءَ افتتاحاً طيبّا
نشرُ راح الأنسِ منكم لا الخزامى
ولها تشهدُ أنفاسُ الصَبا
من ثناكم مسكه كانَ ختاما
 
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> ذخرتُك لي إن نابَني الدهرُ مُرهفا
ذخرتُك لي إن نابَني الدهرُ مُرهفا
رقم القصيدة : 22829
-----------------------------------
ذخرتُك لي إن نابَني الدهرُ مُرهفا
على ثقة ٍ فيه أصولُ على الخطب
وقلتُ: أبي، والأمر لله، إن مضى
فعنه أخي، والحمدُ لله، لي حسبي
وبتُّ لنفسي عنهُ فيكَ مُسلّياً
وعينُ رجائي فيكَ معقودة ُ الهُدب
فلمّا عليَّ الخطبُ ألقى جِرانَه
وسدَّ بعيني واسعَ الشرقِ والغرب
نزلتُ بآمالي عليك ظوامياً
وقلتُ رُدِي قد صرت للمنهل العذب
عهدتُكَ عنّي في العظائمِ ناهِضاً
بأثقالِها فَرَّاجَ مُعضلة ِ الكَرب
وكان رجائي منك ما يُكمد العدى
فعادَ رجائي أن تدومَ على الحبّ
فكيف وأنت السيفُ حدَّاً ورونقاً
وَنَيتَ على أنّي هَززتُك بالعتب؟

العصر العباسي >> البحتري >> إليك ما أنا من لهو ولا طرب
إليك ما أنا من لهو ولا طرب
رقم القصيدة : 2283
-----------------------------------
إلَيكِ ما أنَا مِنْ لَهو، ولاْ طَرَبٍ،
مُنيتِ مِنّي بقَلْبٍ غَيرِ مُنقَلِبِ
رُدّي عليّ الصّبَا، إنْ كنتِ فاعِلَةً،
إنّ الهوَى لَيسَ من شأني وَلا أرَبي
جاوَزْتُ حَدّ الشّبابِ النّضرِ، مُلتَفِتاً
إلى بَناتِ الصّبَا يَرْكضْنَ في طَلَبي
وَالشّيبُ مَهرَبُ مَن جَارَى مَنيّتَهُ،
وَلا نَجَاءَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الهَرَبِ
وَالمَرْءُ لوْ كانتِ الشّعرَى لهُ وَطَناً،
حطّتْ علَيهِ صرُوفُ الدّهرِ من صَببِ
قَد أقذِفُ العِيسَ في لَيلٍ، كأنّ لَهُ
وَشْياً منَ النَّورِ أوْ أرْضاً من العُشُبِ
حتّى إذا ما انجَلَتْ أخرَاهُ عَن أُفُقٍ
مُضَمَّخٍ بالصّبَاحِ الوَرْدِ مُختضَبِ
أوْرَدتُ صَادِيَةَ الآمَالِ، فانصَرَفتْ
برَيّها، وَأخَذتُ النُّجحَ من كَثَبِ
هاتيكَ أخْلاقُ إسمَاعيلَ في تَعَبٍ
منَ العُلا، وَالعُلا منهُنّ في تَعَبِ
أتعَبتَ شكرِي فأضْحى منكَ في نَصَبٍ،
فاذهَبْ فَماليَ في جَدوَاكَ منْ أرَبِ
لا أقْبَلُ الدّهْرَ نَيْلاً لا يَقُومُ بهِ
شكرِي، وَلوْ كانَ مُسديهِ إليّ أبي
لَمّا سألتُكَ وَافَاني نَداكَ عَلى
أضْعافِ ظَنّي، فلَمْ أظفرْ وَلم أخِبِ
لم يخط مأبض خلسات تعمدها
فشك ذا الشعبة الطولى فلم يصب
لأشكُرَنّكَ، إنّ الشّكْرَ نَائِلُهُ
أبقَى على حَالَةٍ مِنْ نَائِلِ النَّشَبِ
بكُلّ شاهِدَةٍ للقَوْمِ غَائِبَةٍ
عَنهُمْ جَميعاً، وَلمْ تَشهَدْ وَلمْ تَغِبِ
مَرْصُوفَةٍ باللآلي مِنْ نَوَادِرِهَا،
مَسبُوكَةِ اللّفظِ وَالمَعنَى من الذّهبِ
وَلمْ أُحابِكَ في مَدْحٍ تُكَذِّبُهُ
بالفِعلِ منك، وَبعضُ المدحِ من كذِبِ

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> كلّما زادَكَ المحبُّ اقترابا
كلّما زادَكَ المحبُّ اقترابا
رقم القصيدة : 22830
-----------------------------------
كلّما زادَكَ المحبُّ اقترابا
زدتَ عنه تباعداً واجتنابا
شيمة ٌ ليست العُلى ترتضيها
للذي كانَ هاشميًّا لُبابا
ياهماماً ضَربنَ في طينة ِ العلـ
ـياء أعراقُه فطبنَ وطابا
لا تَسم هذه الأواصرَ قطعاً
ليسَ ذا اليومُ يومَ لا أنسابا
كيف تُغضي، وقد سمعت عتاباً
لم أخلني عدوتُ فيهِ الصوابا؟
هل أتى غيرُ مُفهمٍ عن قصورٍ؟
أم تُراني أسأتُ فيه الخطابا؟
أو تَثاقلتَ عن مَلالٍ، وحاشا
كَ، فكانَ السكوتُ منك جوابا؟
كان ظني بأن على إثر إن نا
ديتُ، أغدو بما رجوتُ مُجابا
فإذا بي أتابعُ الرسلَ تَترى
بكتابٍ للعتب يَتلو كِتابا
لستُ أَسخو بأن يقولَ لساني:
مسَّ بعضُ التغييرِ ذاكَ الجَنابا
يا تَنزّهتَ عن تَطرّقِ ظَنٍّ
بسجاياكَ أن تحولَ انقلابا
قد أبت تلكُم الخلائقُ حتّى
للعِدى أن تكونَ إلاّ عِذابا
سؤتني يا نسيجَ وحدِك حدّاً
فَنسجتُ القريضَ فيك عتابا
أن تجدني أطلتُ نحوكَ تردا
ديَ بالتَعبِ جيئة ً وذهبا
فلودٍ شكا وأيأسُ شاكٍ
مَن يُداوي بعتبهِ الأَوصابا

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> يا خيرَ من أعطى الجميلَ في الورى
يا خيرَ من أعطى الجميلَ في الورى
رقم القصيدة : 22831
-----------------------------------
يا خيرَ من أعطى الجميلَ في الورى
تبرُّعاً فيه وأوفى من وَعد
لي عدة ٌ عندَك ماذا صنعت؟
كأَنَّ عنها طرفُ ذِكراك رَقد

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> يا أصدقَ الناس وأوفى مَن وَعد
يا أصدقَ الناس وأوفى مَن وَعد
رقم القصيدة : 22832
-----------------------------------
يا أصدقَ الناس وأوفى مَن وَعد
ما أنتَ من أعطى الجميلَ واسترد
أبِعد بها طارية ً بذكرها
يُخزى أخو المجدِ إذا النادي انعقد
وخطّة ً شنعاءَ لا يركبُها
إلاّ الذي في عود علياهُ أود
وسُبَّة َ تَثلِم مِن مجدِ الفتى
ثلمة َ نقص ضلَّ مَن قال: تُسَد
لم يرضَها إلاّ الوضيعُ همّة ً
أو مَن على أخلاقِه الذمُّ حشد
لا مَن سما لمّا سما لا مفرداً
بل هو والحمدُ على النجمِ صَعد
يا جامعاً بالمنعِ شملَ وفرِه
لا ترمِ شملَ المكرُماتِ بالبَدد
مجدٌ أبوكَ بالسماحِ شادَه
حاشاكَ أن تهدِمَ منه ما وَطد
ذاكَ الذي كانت سمات فخره
في جبهة ِ الدهرِ سناها يتّقد
يمدُّ كفًّا نشأت من رحمة ٍ
في الله تُعطي ولها منه المَدد
لو أنَّ فيها كان رملُ «عالج»
يُنفقُ ما أنفقَ منهُ لَنَفد
حتى مضى تلفُّه مطارفٌ
من الثنا، تَبقى على الدهرُ جُدد
فقمتَ أنت بعدَه مقامَه
فقيل: هذا الشبلُ من ذاك الأسد
لا مثلَ من مجدُ أبيه بعده
أضاعهُ، فقيل: بئس ما وَلَد
كنتَ لعمري ديمة ً، وإنما
ذاب زماناً عُرفُها ثم جمد
ولجة ً بالأمس عادت وَشَلاً
واردُها اليومَ تمنّى لا ورَد
كم قلتَ -لستُ حالفاً مورّياً
بأنَّ هذا جُهدُ ما عندي وجد
ثمَّ شفعتَ الوعدَ في إيصاله
مُكرِّراً: لم لا عليَّ تَعتمد؟
ولم أخَل أنَّ السرابَ صادقٌ
حتى غدا وعدُك منه يَستمِد
نعم صَددتَ إذ بَخِلتَ مُوهِماً
فابخل أبا الهادي وسمِّ البخلَ صد
فيا فداءً لك مَن كان له
وجهٌ من الصخرِ وعرضٌ من سرد
تذكر كم فيك القوافي فاخَرت
من سجد الناسُ له حتى سَجد
فكيف تُقذي عينَها بجفوة ٍ
مِن أجلها طرفُ المعالي قد رَمد
إن يغرِك الحاسدُ فيها فلقد
أغراك في مجدِك من فرط الحسد
أبعدَ ما مدَّ الثنا طِرافَه
عليك حتّى قيل: بالحمد انفرد
عنك كما الحاسدُ فيك يشتهي
يصبحُ في كفيك منزوعَ العَمد
فقُل لمن يرغبُ عن كسبِ الثنا:
مَن فَقدَ المدحَ ترى ماذا وجد؟
أَهونِ بمنشورٍ دفينٍ ذكرُه
فذاك مفقودٌ وإن لم يُفتَقد
صابتكَ مِن بَوارقي مُرِشَّة ٌ
من عَتبٍ شُؤبُوبُها لا من بَرد
في عدة ٍ نومُك عن إنجازها
غيظاً له قامَ القريضُ وقَعد
ترقدُ عنها والقريضُ حالفٌ
بمجدكِ الشامخِ عنها ما رقَد
ما الخُلفُ في الوعدِ اكتساب شَرفٍ
وليس في منع الندى فخرُ الأبد
تلك اليدُ البيضاءُ بعد بسطها
عن السماحِ كفُّها كيف انعقد؟
وذلك الوجهُ الكريمُ ما لَهُ
مِن بعد ما ماءُ الحيا فيه أطرد
أسفرَ بين الناسِ لا يخجلُه
خلفُ المواعيدِ ولا منعُ الصفَد
فعُد كما كنت، وإلاّ انبعثَت
تترى إليك النافثاتُ في العقد
من اللواتي إن أصاب سهمهُا
عِرضَ لئيمٍ طُلَّ من غير قَود
وهي على عِرضِ الكريمِ نثرة ٌ
ما النثرة ُ الحصداءُ منها بأرَّد
تبدو فإمَّا هي في جيدِ الفتى
طوقٌ وإما هي حبلٌ من مَسد
فعِش كما تهوى العلى مُمَّدحاً
لا خيرَ في ميتِ العُلى حيِّ الجسد
 
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> ولاؤُك أنفعُ ما يذخرُ
ولاؤُك أنفعُ ما يذخرُ
رقم القصيدة : 22833
-----------------------------------
ولاؤُك أنفعُ ما يذخرُ
وذكرُك أضوعُ ما يُنشرُ
أَجَل ومكارمُك الباهراتُ
أجلُّ وأعظمُ ما يُشكَر
أبا جعفر أنت لطفُ الإله
وأنت لرأفتهِ مَظهر
براكَ الأله لنا رحمة ً
يُعلنُ بها العائلُ المُقتِر
لقد صنتَ وجهي عن أن يُرى
لدى أحدٍ ماؤُه يَقطِر
وعوَّدَتني كرماً أن تجود
عليَّ ابتداءً بما يَغمرُ
فأضحى لساني لديك يطولُ
وهو لدى غيرِكم يَقصِر
أبو إخوة ٍ لي على الحاسدينَ
على قِلّتي بهمُ أكثرُ
وداد الورى عَرضٌ زائلٌ
وثابتُ ودِّهم جَوهر
هم الأطيبون هم الأنجبون
هم السحبُ جوداً همُ الأبحر
وهم عُدَّتي حيثُ لا عدّة ٌ
وهم معشري حيثُ لا مَعشر
وعنّي بهم كم دفعتُ الخطوبَ
فولَّت بأذيالِها تَعثَر
تَوعَّدَني زمني بالظَما
وفي زعمِه أنني أضجر
فقلتُ له: خلّي عني الوعيدَ
أيظمأُ مَن عنده «جَعفر»
فتى ً أملي في ندى كفِّه
كبيرٌ وهمّتُه أكبر
له أنملٌ سُحبٌ عشرُها
وراحٌ أساريرُها أبحُر
وعَيشيَ في طيبها "صالحٌ"
رياضُ المُنى فيه لي تَزهُر
محيّاهُ كالبدرِ لا بل أتمّ
على أنّه الشمسُ بل أنورُ
فيا رائشي حصَّ منّي الجناحُ
ففي الوكر طيري لقاً يَصفِر
ويا ناعشي أضعفت من قُوايَ
أمورٌ بها كاهلي مُوقَر
أعِد نظراً نحو حالي غدت
ومربُعها طَللٌ مُقفِر
لئن أنت فيها غرستَ‍ الجميل
بالشكرِ سوفَ إذاً يُثمر
وعن بصري إن جلوتَ القَذا
فإنّي بهديك مستبصِر
وإن كنتَ أخّرت صنع الجميلَ
بعسرٍ وليتَك لا تَعسِر
فحسبي صنايُعك السالفاتُ
واجبة ُ الشكر لا تُكفر
ستُعذَرُ عندي عُذرَ الذي
على نفسِه نفسهُ تًصبر
ولكن على كلّ حالٍ أخالُ
بأن لك نفسك لا تَعذِر

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> ما بالُ من نوهتُ دهرا
ما بالُ من نوهتُ دهرا
رقم القصيدة : 22834
-----------------------------------
ما بالُ من نوهتُ دهرا
فيهِ يتيهُ عليَّ كِبرا
وكسوتُه العَليا فجرَّ
عليَّ ثوبَ الزهوِ فخرا
كم قمتُ فيكَ مُفاخراً
مَن كان أشرف منك قدرا
ومُوازناً من لا يراك
بجنبِ طودِ عُلاه ذرَّا
ومُسايراً مَن كان أسيرَ
في المكارمِ منك ذِكرا
ومُطاولاً مَن لم تَقِس
أبداً بباعك منهُ فِترا
ومباهياً مَن لا يعدَّ
كفخره لعُلاك فَخرا
كنت الهلالَ فزدت في
مدحي إلى أن صرت بدرا
أنت البغاثُ لمعشرٍ
فعلامَ صرت عليَّ صقرا

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> أيا خيرَ من يرتادُه أملُ الورى
أيا خيرَ من يرتادُه أملُ الورى
رقم القصيدة : 22835
-----------------------------------
أيا خيرَ من يرتادُه أملُ الورى
فمبصرُه في روضة ٍ منهُ يُحبر
لديك رَمَت نفسي كبارَ همومِها
وهمَّتُك العلياءُ منهنَّ أكبر
وطارَ رجائي في حِماك مُحلِّقاً
عن الناسِ حيثُ الكلُّ منهم مُقصِّر
وعدتَ بريٍّ منك حائمة َ الرجا
فهل هكذا تَبقى وجودُك جعفر
سِواك يخيبُ الظنُّ فيه فيُعذر
ويمسكُ بخلاً وهو بالبخلِ أجدر
وغيرك يُستجدى وما الجودُ عندَه
سوى كلماتٍ بالأكاذيب تسحُر
ولكنَّك المولى الذي انتشرت له
صنايعُ ما بين البريّة ِ تشكر

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> حيَّا ليَ الباري صفيَّ مودَّة ٍ
حيَّا ليَ الباري صفيَّ مودَّة ٍ
رقم القصيدة : 22836
-----------------------------------
حيَّا ليَ الباري صفيَّ مودَّة ٍ
قد لذَّ لي ولهُ قديماً كاسُها
ما زالَ يفتِل حبلَه ما بيننا
بالوصلِ حتى استحصدت أعراسها
وكأنَّ بعض حواسدي، وأعيذه
بالله، وَسوسَ عنده خَنَّاسُها
فنهى ولكن عن حقوقِ مودَّة ٍ
لم يغدُ منتقِضاً عليَّ أساسُها
يا من غرستُ له المودَّة في الحشا
وعلى الصفاءِ نَمت له أغراسها
أنُتم دعاة ُ اللهِ سادة ُ خلقِه
أُمناءُ ملّة ِ دينه حُرّاسها
ومطهَّرون من الخبائثِ كلَّها
أبداً فليس تمسُّكم أدناسُها
ومبجَّلون فما تطاولتِ الورى
وحضر تُم إلاّ وُطأطِاَ رأسها
وأرى الكرامَ معادِناً فلجُينُها
وأبيك أنت وما سواك نحاسها
ولأنتَ نعم مناخُ وافدة ِ المُنى
وأبرُّ من شُدَّت له أحلاسها
تلك الخلايقُ أين جامِعُ بشرها
كانت تفرّقُ وحشتي إيناسها
تلك المكارمُ أين هامعُ قطرها
ما زالَ يُخضب ساحتي رجّاسها
عجباً دعوتُك والخطوبُ تلوكني
وعلى حشاشتي إلتقت أضراسُها
فصرفت فهمك عن خطاب ألوكتي
تبدي الغموضَ بها وأنت أياسها
نزعت برغبتها إليك فلم يكن
من غير خجلتها لديك لباسها
نَشرَت وسائَلها إليك مع الرجا
فلأيّما سببٍ طواها ياسها
وَجبهَتهَا بالردِّ حتّى أنّها
لتكادُ تضرمُ مهجتي أنفاسها
عينٌ رعيت بها هواي فحقبة ً
لم أدرِ عين الدهر كيف خلاسها
ما لي انبِّهها لتلحظَ خلّتي
ومن الجفاءِ لها يطيبُ نعاسها
 
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> رأيتُ الثنا في جعفرِ الجودِ صادقاً
رأيتُ الثنا في جعفرِ الجودِ صادقاً
رقم القصيدة : 22837
-----------------------------------
رأيتُ الثنا في جعفرِ الجودِ صادقاً
وكم جعفرِ فيهِ الثنا غيرُ صادقِ
فتى ً لم يزده المدحُ فخراً لفخرِه
على أنّه في غيره غيرُ لائق
وهل تستزادُ الشمسُ نوراً لنورِها
إذا قيل: إنَّ الشمس أنورُ شارق
فيا مُعرضاً عنّي عن العتبِ بالجفا
عجمتَ لساني وهو أفصحُ ناطِق

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> يا مَن براهُ الله روحَ كمالِ
يا مَن براهُ الله روحَ كمالِ
رقم القصيدة : 22838
-----------------------------------
يا مَن براهُ الله روحَ كمالِ
فتمثَّلت شخصاً بغير مثالِ
لكَ أنملٌ خُلقَت لبون مواهبٍ
ما أرضعت سَقبَ الرجا لفصال
أمُّ الحَيا نبتُ الخضمِّ ربيبة ُ الإ
حسانِ أختُ العارضِ الهطّال
أمَّلتُ لي تلدُ الكثيرَ مِن الندى
فحصلتُ من أملي على الإقلال
ما خلتُ أن ألقاكَ حين كلاكلي
عن ظهر همّك طارحاً أثقالي
عجباً لجودِك كيف عنّي قد سها
فوقعتُ منه بجانبِ الإهمال
مالي أُنبّه مِنك لحظَ فواضلٍ
ما نامَ عن كرمٍ وعن إفضال
تغضي وبي ضاقَ المجالُ وطالَما
أوسعتَ في عينِ العدوِّ مجالي
وتحومُ آمالي وبحرُك زاخرٌ
فتُحيلَ حوَّمها إلى الأوشال
يا راعياً أملي علامَ وسمتَه
من بعدِ ذاكَ البرِّ بالإغفال
عهدي بودِّك لا يحولُ وغيرهُ
متنَّقلٌ يتنقلّ الأحوال
وأرى رجايَ غروس جودِك لم يزل
فأفض عليه مُنعماً بسجال

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> تظنُّ الأنامُ بأقبالِكم
تظنُّ الأنامُ بأقبالِكم
رقم القصيدة : 22839
-----------------------------------
تظنُّ الأنامُ بأقبالِكم
عليَّ بلغتُ العريضَ الطويلا
وقد صدقوا فَلَكُم كم يدٍ
لديَّ تُحقّقُ ما كان قِيلا
رأوا أملي باركَ الله فيهِ
بآلائِكم لم يزل مُستطيلا
وقالوا: عمرَت بناءَ القريض
ودارُك تبقى كثيباً مَهيلا
وعندَكَ مَن بِنداهم يخفُّ
على الدهرِ ما كانَ عبأً ثقيلا
فهلاَّ شفعتَ اليهم بها
صَناعاً من المديح يسقي الشمولا
إذا أنت أقرضتَها جودَهم
أخذت على النجحِ فيها كفيلا
فقلتُ: دعوا النصحَ في عذلِكم
فلا رأيَ لي أن أطيعَ العذولا
بحسبي نباهة ُ ذكري بهم
وإن باتَ حظِّي يشكوا الخمولا
فقد تشرقُ الشهبُ في بدرِها
وإن سامَها القربُ منها أُفولا
إذا ما تنبَّه لي جودُهم
وجاءَ إليَّ، ابتداءً، جزيلا
فتصبحُ دارَي معمورة ً
ويربعُ ما كان منها محيلا
وإلاّ، أدم مقصِراً من رجاي
ولم أرَ للعتبِ يوماً مُطِيلا
على أنني لو أشاءُ العتابَ
إذاً لوجدتُ إليهِ السبيلا
ولكنَّ لي كلَّهم «مرتضى ً»
فحاشاهُم أن يَروني «عَقيلا»
 
العصر العباسي >> البحتري >> قليل لها أني بها مغرم صب
قليل لها أني بها مغرم صب
رقم القصيدة : 2284
-----------------------------------
قَليلٌ لهَا أنّي بِهَا مُغرَمٌ صَبُّ
وَإن لم يُقارِفْ غيرَ وَجدٍ بها القَلْبُ
بذَلتُ الرّضَا حتّى تَصَرّمَ سُخطُها،
وَللمُتَجَنّي، بَعدَ إرْضَائِه، عَتْبُ
وَلمْ أرَ مثلَ الحُبّ صَادَ غُرُورُهُ
لَبيبَ الرّجالِ، بَعدَ ما اختُبرَ الحُبُّ
وَإنّي لأشْتَاقُ الخَيَالَ وأُكْثِرُ الـ
ـزّيَارَةَ مِنْ طَيْفٍ، زِيارَتُهُ غِبُّ
ومِنْ أينَ أصْبُو بَعدَ شَيبي، وبَعدَما
تألّى الخَليُّ، أنّ ذا الشَّيبَ لا يَصْبُو
أسَالِبَتي حُسْنَ الأسى، ومُخيفَتي
على جَلَدي تِلكَ الصّرَائمُ وَالكُثبُ
رَضِيتُ اتّحادي بالغَرَامِ، ولَمْ أُرِدْ
إلى وَقْفَتي في الدّارِ أنْ يقِفَ الرّكبُ
وَلَوْ كنتُ ذا صَحْبٍ عَشِيّةَ عَزّني
تَحَدُّرُ دَمعِ العَينِ، عنّفني الصّحبُ
لقَد قَطَعَ الوَاشِي بتَلفيقِ ما وَشَى
منَ القَوْلِ، ما لا يقطعُ الصّارِمُ العَضْبُ
فأصْبَحتُ في بَغدادَ لا الظّلّ وَاسعٌ؛
وَلا العَيشُ ظِلٌّ غض غُضَارَتهِ، رَطبُ
أأمْدَحُ عُمّالَ الطْساسيجِ رَاغِباً
إلَيهمْ وَلي بالشّام مُستَمتَعٌ رَغْبُ
فأيْهاتِ مِنْ رَكْبٍ يُؤدّي رِسَالَةً
إلى الشّامِ، إلاّ أنْ تُحَمَّلَها الكُتبُ
وعِندَ أبي العَبّاسِ، لَوْ كانَ دَانِياً،
نَوَاحي الفِناءِ السّهلِ وَالكنَفُ الرّحبُ
وَكَانَتْ بَلاءً نِيّتي عَنْهُ، وَالغِنى
غِنى الدّهرِ، أدْنَى ما يُنَوَّلُ أوْ يحبو
وَذو أُهَبٍ للحَادِثَاتِ بِمِثْلِها
يُزَالُ الطخى عَنّا وَيُستَدفعُ الكَرْبُ
سُيوفٌ لها في عُمرِ كلّ عِدًى رَدًى،
وَخَيلٌ لها في دارِ كلّ عِدًى نَهبُ
علَتْ فوْقَ بَغرَاسٍ، فضَاقتْ بما جنتْ
صُدورُ رِجالٍ، حينَ ضَاقَ بها الدّرْبُ
وَثَابَ إلَيْهِمْ رَأيُهُمْ، فَتَبَيّنُوا،
على حينِ حال، أنّ مَرْكبَهم صَعبُ
وكانوا ثمود الحجر حق عليهم
وقوع العذاب والخصي لهم سقب
تَحَنّى عَلَيْهِمْ، وَالمَوارِدُ سَهلَةٌ،
وَأفرَجَ عَنهُمْ بعدَما أعضَلَ الخَطبُ
ولو حضرته أنثياه استقلتا
إلى كليتيه حين أزعجه الرعب
فَما هُوَ إلاّ العَفْوُ عَمّتْ سَمَاؤهُ،
أوِ السّيفُ عُرْيانَ المَضَارِبِ، لا يَنبُو
وَما شَكّ قَوْمٌ أوْقَدوا نَارَ فِتْنَةٍ،
وَسرْتَ إليهمْ، أنّ نارَهُمُ تَخبُو
كأنّ لمْ يَرَوْا سيما الطّوِيلِ وَجَمعَهُ،
وَما فَعَلَتْ فيهِ، وَفي جَمعِهِ الحرْبُ
وخَارِجَ بَابِ البَحرِ أُسْدُ خفية،
وَقد سدّ قُطرَيهِ، على الغَنَمِ، الزَّرْبُ
تَحَيّرَ في أمْرَيْهِ، ثُمّ تَحَبّبَتْ
إلَيهِ الحَياةُ، ماؤها عَلَلٌ سَكْبُ
وَقد غَلُظَتْ دونَ النّجاةِ التي ابتَغى
رِقابُ رِجالٍ، دونَ ما مُنعَتْ غُلبُ
تكَرّهَ طَعمَ الموت والسّيفِ آخِذٌ
مُخَنَّقَ لَيثِ الحَرْبِ حاصَلهُ كَلبُ
وَلوْ كانَ حْرّ النْفسِ، والعيشُ مُدبرٌ،
لمَاتَ، وَطَعمُ المَوْتِ، في فمهِ، عَذْبُ
وَلَوْ لَمْ يُحَاجِزْ لُؤلُؤٌ بِفِرَارِهِ،
لَكانَ لصَدْرِ الرّمحِ في لؤلوءٍ ثَقبُ
تَخَطّأ عَرْضَ الأرْضِ، رَاكبَ وَجهه،
ليَمنَعَ منهُ البُعدُ ما يَبذُلُ القُرْبُ
يحبُ البِلادَ وَهيَ شَرْقٌ لشَخصِهِ،
ويُذْعَرُ مِنها وَهيَ منْ فَوْقهِ غَرْبُ
إذا صار سهبا عاد ظهراً عدوه
وكان الصديق غدوة ذلك السهب
مَخاذيلُ لمْ يَسْتُرْ فَضَائحَ عجزهِمْ
وفَاءٌ، وَلمْ يَنْهَضْ بغِدْرِهِم شغبُ
أخافُ كأنّي حامِلٌ وِزْرَ بَعضِهِمْ
منَ الذّنْبِ، أوْ أنّي لبَعضِهِم إلْبُ
ومَا كانَ لي ذَنْبٌ، فأخشَى جَزَاءَهُ،
وَعَفوُكَ مَرْجُوٌّ، ولوْ كانَ لي ذَنْبُ

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> قد بلونَك في قديمِ الليالي
قد بلونَك في قديمِ الليالي
رقم القصيدة : 22840
-----------------------------------
قد بلونَك في قديمِ الليالي
فوجدناكَ «صالحاً» للمعالي
وامتحناكَ فامتحنَّا بريئاً
طبعُه مِن تحوّلٍ وانتقال
فمحضنا لكَ الصريحَ من الودِّ
وقابلته بحرِّ الفعال
قسماً والسحابُ كفُّك إن أقـ
ـسمتُ بالمنشىء ِ السحابِ الثقالِ
نزل العتبُ منكَ ساحة َ فضلٍ
لم تكن منزلاً لغيرِ الكمال
واقتفاك القريضُ حقَّ ودادٍ
منك أمسى في جانبِ الإهمال

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> قبيحٌ بحقّك أن تبخلا
قبيحٌ بحقّك أن تبخلا
رقم القصيدة : 22841
-----------------------------------
قبيحٌ بحقّك أن تبخلا
عليَّ وجودكَ عمَّ الملا
ولو أنَّ غيرك في منعه
يبيت لصعبَي مُستَسهِلا
إذاً لأصبت بسَهمِ القريض
مقاتَلهُ مَقتلاً مَقتلا
وجرّدتُ من مقولي صارماً
فاحتزّه مِفصلاً مِفصلا
ولكن أجلّك عمّا ذكرت
فذاكَ بحقِّك لن يجمُلا
 
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> تلك المودّة ُ ما رأيُ العُلى فيها
تلك المودّة ُ ما رأيُ العُلى فيها
رقم القصيدة : 22842
-----------------------------------
تلك المودّة ُ ما رأيُ العُلى فيها
ذابت حشا المجدِ غيظاً من تَلظّيها
أرست ولكن على قلبِ الحسود لها
قواعدٌ كانَ يبني الفخرَ بانيها
معتلة ٌ بضنا الهجرانِ قد مرضت
بعلّة ٍ مرضت نفسُ العُلى فيها
فاللهَ اللهَ في استبقائِها فلقد
كادت تقومُ على الدنيا نواعيها
ما عذرُ من صدّ عنها وهي مقبلة ٌ
من بعدِ ما كانَ تُصيبه ويصيبها
عهدي بها تكتسي أبهاجَ غُرّتِه
والبِشرُ يقطُرُ زَهواً مِن نواحيها
فاعجب وما قد أراها دهرُها عجبٌ
مَن كانَ يُضحكها قد صارَ يُبكيها
وكيف في كلِّ ذاك العتبِ ما شَفيت
وكان في الحقِّ منه البغضُ يشفيها
داءٌ من الهجرِ لم أبرح أعالجُها
منهُ وبالبرءِ في عتبي أُمنِّيها
وما طويتُ على يأسٍ عليه طَوت
حتى مللتُ وملّت من تشكيّها
فاعذر أخاك إذا ملّ العلاَج فقد
أفنى الدواء ولم ينجع تداويها
سل ديمة ً كلّما استمطرتُها لمعت
بروقُها لي وانحلّت عزاليها
ما بالها بانَ إخلافُ البروقِ بها
أعيذُها بإله الخلق مُنشيها
فقم أعدها أبا الهادي بلا مهلٍ
مكارماً أنت قبلَ اليومَ مُبديها
لا قلتُ مات الرجا والجودُ ما انبسطت
بنانُ كفِّك في الدنيا لراجيها

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> ما الحيثُ انتهى بكَ الأسراءُ
ما الحيثُ انتهى بكَ الأسراءُ
رقم القصيدة : 22843
-----------------------------------
ما الحيثُ انتهى بكَ الأسراءُ
لمهبِّ العشرِ العقولِ ارتقاءُ
وإذا لم يكن إليكَ انتهاء
«كيفَ ترقى رُقيَّك الأنبياء
يا سماءً ما طاولتها سماء"
جُزت إذ فتحَّت لك الحجبُ فُتَحا
لعلاَ دونه عُلى الرسل تمحى
فلهم لو غدى ذُرى العرشِ سطحا
"لم يساووك في علاك وقد حا
لَ سناً منك دونَهم وسناءُ»

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> إذا عنَّ لي برقٌ يضيء على البعدِ
إذا عنَّ لي برقٌ يضيء على البعدِ
رقم القصيدة : 22844
-----------------------------------
إذا عنَّ لي برقٌ يضيء على البعدِ
نزت كبدي من شدّة الشوقِ والوجد
وناديتُ معتلَّ النسيمِ بلا رُشد
«نسيمَ الصَبا استنشقتُ منك شذا الندِّ
فهل سرتَ مجتازاً على دِمنتي هند؟»
وهل لسليمِ الحبِّ أقبلتَ راقيا؟
بنشرِ فتاة الحيِّ إذ كان شافيا
فما كنت إلاّ للصبابة ِ داعيا
«فذكّرتَني نجداً وما كنتُ ناسيا
ليالٍ سرقناها مِن الدهرِ في نجدِ"
نواعِمَ عيشٍ مازَجَ الأُنس زَهرها
رِطابَ أديمٍ خالطَ المسكُ نشرهَا
رقاقَ حواشٍ قرَّب الوصلُ فجرَها
"ليالٍ قصيراتٍ، ويا ليت عُمرهَا
يُمدُّ بعمري فهو غاية َ ما عندي"
رياحُ الهنا فيها تنشَّقتُ عَرفَها
وفيها مدامُ اللهوِ عاقرتُ صِرفَها
لدى روضة ٍ لا يبلغُ العقلُ وصفَها
«بها طلعت شمسُ النهارِ فلفَّها
ظلامانِ من ليلٍ ومن فاحمٍ جعد»
سوادانِ يعمى الفجرُ بينَ دُجاهما
هما اثنانِ لكن واحدٌ منتماهُما
أتت تتخّفى خيفة ً في رداهما
«ولو لم تُغطّي خدَّها ظُلماتها
لشُقَّ عمودُ الصبحِ من وجنة ِ الخدِّ"
فأبصرتُ منها إذا سهت منه غُرّة ً
محيًّا هو الشمسُ المنيرة ُ غُرّة ً
ولاحَ لها خدٌّ، هو النورُ نُضرة ً
«قد اختلست منها عيونيَ نظرة ً
أرتني لهيبَ النارِ في جَنَّة الخُلد»
تَحيَّرتُ في بدرٍ من الوجهِ زاهرِ
يلوحُ على غصنٍ من القدّ ناضرِ
وأسيافِ لحظٍ في الجفونِ بواتر
"في وجنتيها حمرة ٌ شكَّ ناظري
أمن دمِ قلبي لونُها أم من الورد»
فبالشذرِ أيدي الحُسن طرَّزن صدرها
وبالنجمِ لابالدرِّ وشحّن خصرَها
لها مقلّة هاروتُ ينفثُ سحرَها
"وفي نحرها عقدٌ توهمت ثغرَها
لئالئهُ نُظّمن من ذلك العِقد»
بنفسي هيفاءَ الوشاحِ من الدُمى
سقتني حمّيا الراح صرفاً من اللّمى
فأمسيتُ من وصفِ المدام متيَّما
"وما كنت أدري ما المدامُ، وإنّما
عرفتُ مذاق الراح من ريقها الشهدَ"
وقبلَ ارتشافُ الثغر ما لذّة ُ الهنا
وقبل سنا الخدينِ ما لامعُ السنا
وقبل رنينِ الحُلي مارنَّة ُ الغِنا
«وقبل اهتزازِ القدِّ ما هزّة ُ القَنا
وقبل حسام اللحظِ ما الصارمُ الهندي»
لها كلَّ يومٍ عَطفة ٌ ثم نَبوة ٌ
وما علقت فيها بقلبي سَلوة ٌ
فمِن بُعدَها زادت بقلبي صبوة ٌ
"ومن قُربِها مالت برأسي نَشوة
صحوتُ بها ياميُّ من سكرة ِ البعد»
ولا عجبٌ إن يشفَ في عَطفِ قلبها
سقامُ جفاها يومَ بتُّ بجنيها
هي الداءُ طوراً والشفاءُ لصبِّها
«وإن زالَ سكرُ البعدِ من سكرُ قربِها
فلا طب حتى يُدفعُ الضدُّ بالضدِّ»
فمذ كنتُ ذرًّا قد تعشّقتُ زينبا
وفي عالمِ الأصلابِ زدت تعذُّبا
وموَّهتُ في ضربٍ من اللحنِ مطربٍ
«تعشّقتُها طِفلاً وكهلاً وأشيبا
وهِمًّا عرته رعشة ُ الرأسِ والقدِّ»
أغارُ عليها أن يمرَّ بشعبها
نسيمُ الصَبا أو يكتسي طيبَ تُربها
وأدري بحبي كيف بات بقلبها
"ولم تدرِ ليلى أنني كَلِفٌ بها
وقلبيَ من نار الصبابة في وقدِ"
وأخفيتُ عن نفسي هوى سقمه شكت
ولم تدرِ أحشائي بمن نارُها ذكت
وكفّي لأسناني لمن أسفاً نكت
"وما علمت من كتمِ حبي لمن بكت
جفوني ولا قلبي لمن ذابَ في الوجدِ»
إذا ما تذاكرنا الهوى بتشبُّبٍ
أتيتُ بتشبيبٍ عن الشوقِ معربٍ
وأدفعُ في هندٍ وميَّة عن دعدِ
وإن قلتُ إني واجدٌ في جآذرِ
فوجدي بريّا لا بوحشٍ نوافرِ
وإن قلتُ أروى فالمنى أمُّ عامرِ
وإن قلتُ شوقي باللوى فبحاجر
أو المنحنى فاعلم حننتُ إلى نجدِ
فيحسب طرفي في هوى تلك قد قذي
وأنَّ بهاتيك العَذارى تلذُّذي
وفي ذكرِ أوطانٍ لها القلبُ يغتذي
"وما ولعت نفسي بشيء سوى الذي
ذكرتُ، ولكن تعلمُ النفسُ ما قصدي»
وأكرمُ أربابِ الغرامِ الأُلى خلوا
أناسٌ أسرَّوا سرَّه مُذ به ابتلوا
وقال لقومٍ للأذاعة ٍ ما قلوا
"كذا من تصدّى للهوى فليكن ولو
تجرَّع من أحبابهِ علقمَ الصدِّ"
فانَّ الفتى مَن يحكم الرأي فكرهُ
ويعجزُ أربابَ البصيرة ِ سبرهُ
وذو الحزمِ من يخفى على الناسِ أمرهُ
"وليس الفتى ذو الحزمِ من راح سرَّه
تناقُلهُ الأفواهُ للحرِّ والعبد"
إذا لم يصنهُ عن خليل وحُسَّد
تحدَّثَ فيه الناسُ في كلِّ مشهد
وغنَّت به الركبانُ في كلِّ فِدفد
«فيسري إلى القاصي كما بمحمد
سرت بنتُ فكري بالثناءِ وبالحمد"
لقد جمدت دون القِريضِ القرايحُ
وماتت بموتِ الماجدين المدايُح
فما لرتاج الشعرِ إلاّيَ فاتُح
"وما للثنا إلاّ محمَّدُ صالح
لقد ضلَّ مهديه لغير أبي المهدي
ظهورُ العُلى في مثله ما استقلّتِ
له رتبة ٌ عنها الكواكبَ خُطّت
فتى ً إن يرم إدراكه العقلُ يَبهتِ
"همامٌإلى العلياءِ حدّة فكرتي
بعثتُ فلم تُبصِر لعلياهُ مِن حدّ»
مليكٌ عليه طائرُ الوهمِ لم يحمُّ
وكلُّ ابنِ مجدٍ شأوَ علياهُ لم يَرمُ
تحدَّر من أصلابِ فخرٍ غدت عُقم
«وعن مثله أمُّ المكارمِ لم تقُم
فأَبّى ترى ندَّا لجوهرهِ الفَردِ"
لهُ خلقٌ ما شابَ سلساله القذا
ولا هو في غيرِ الفخارِ تلذَّذا
وغيرَ العُلى منذُ الولادة ِ ما اغتذى
"ترَّبى بحجرِ المجدِ طفلاً وقبلُ ذا
براهُ إلهُ العرشِ من عنصرِ المجدِ"
فعلَّمَ صوبَ الغيثِ أن يتهلَّلا
ووازنَ منه الحلمُ رضوى ويذبلا
وفات جميعَ السابقين إلى العُلى
«ترقّى النهى قبل الفِطامِ به إلى
نهاية إدراك الأنامِ من الرشدِ"
تجمَّع شملُ الزهدِ لمَّا تشتَتَا
وعاشَ التقى من بعدِ ما كان ميّتا
بذي نُسِكٍ ما زال للهِ مُخبتا
«ومعتصمٍ ممّا يُشانُ به الفتى
بعفّة نفسٍ تِربِهِ وهو في المهد"
فلا غروَ إن عمَّت نوافلهُ الملا
وطبقَّن ظهرَ الأرضِ سهلاً وأجبلا
وفاتَ الورى فخراً ومجداً مؤثّلا
"فذا واحدُ الدنيا انطوى بردُه على
جميعِ بني الدنيا فبورُكَ من بُردِ"
عليه العُلا قد دار إذ هو قطبُه
وفي فخرهِ من دهرِه ضاقَ رحبهُ
وبيتُ علاهُ سامَت الشُهب كثبُه
«رفيعُ مقامٍ أين ما حلَّ تُربُه
من الشهبِ تمسي تِربَها أنجمُ السعد"
عظيمُ محلٍّ كان للفضلِ جوهرا
له رتبة ٌ طالت على الشمِّ مفخرا
لتأنف أن يستام عزَّة َ نخوتي
"على شرفاتِ المجدِ مغناهُ والورى
بحصبائه، لا بالكواكب، تستهدي"
إذا هو بالايحاش بدَّلَ أُنسَه
تبيتُ صروفُ الدهرِ تُنكر مسَّه
همامٌ عليهِ يَحسِدُ الغدُ أمسَه
«تراه، ولو قد كان يخفض نفسَه
لآملهِ عِطفاً ويبسمُ للوفدِ"
رفيعاً بحيثُ النجمُ لم يكُ ممسكا
بأَذيالهِ والفكرُ لم ير مَسلَكا
ثبيراً على جنبِ الوثير قد اتكا
ودون لقاه هيبة ُ الأسد الورَدِ
أعزُّ الورى نفساً وأزكى نجابة ً
وأسبقُ في الآراءِ منهم إصابة ً
وأبلَغُهم وسط النديِّ خِطابة ً
"له الفصحاءُ المفلقونَ مهابة ً
إذا سُئِلوا لا يستطيعونَ للردِّ"
عليمٌ له نفسٌ عنِ الله لم تمل
ومن ذكرِ ما لم يرضِه لم يزَل وَجِل
ومنه وعنه العلمُ بين الورى نُقِل
"لقد ضاقَ صدر الدهر من بعض بثَّه الـ
ـعلومَ، وما يخفيه أضعافُ ما يبدي"
وعمياءَ سُدَّت عن ذوي الرشدُ سُبُلها
تساوى بها علمُ الأنامِ وجهُلها
جلاها فتى ً تدري العلومُ وأهلُها
«إذا انعقدت عوصاء أُشكلَ حلُّها
فليس لها إلاّهُ للحلِّ والعقد"
وغامضة ٍ فهمُ الورى دونها انقطع
وليس لهم في حلِّ معقودِها طمع
إذا أعوصت في كشفِ غامضها صَدع
«فيوضحها بعد الغموضِ ولم يَدع
لمعترضٍ بابا لها غير مُنسدّ»
وكانت متى فاهت ذوو الحزم تخزِهم
فيرضوا بذلِّ العجزِ من بعدِ عزِّهم
وحتى تحاماها الفحولُ برمزِهم
وعنه أرَّم الناطقونَ لعجزِهم
ومذوُده فى القولِ منشحذُ الحدِّ»
تراه به عضبَ المضاربِ مُرهفا
إذا هو أمضى الحكمَ لن يتوقفا
فيمسي عليه طالبوا العلم عُكَّفا
"فيلقي إلى أذهانِها علمَ ما اختفى
ويُفرغ فى آذانها لؤلؤَ العِقد»
ومن كلِّ طخياءٍ جلا كلَّ غبرة ٍ
بايضاحِ قولٍ عن لسانٍ كزبرُة ٍ
ولم يكُ إلاّهُ بحدّة ِ فكرة ٍ
«رشيدٌ بعينِ الحزمِ أوَّل نظرة ٍ
يرى ما به ضلَّت عقولُ ذوي الرُّشد"
تُرُّد أُمورُ الناس في كلِّ مشكلٍ
إلى قُلَّبٍ، إن أشكل الرأى ، حُوَّلِ
ومن كلّ أمرٍ فاتحٌ كلَّ مُقفَلِ
«يُسدِّد سهمَ الرأى في كلِّ معضل
إذا طاشت الآراءُ فيه عن القصد»
فتى ً معه المعروفُ يرحل رَحَل
وتنزل آمالُ الورى حيثما نزل
ببُرد التقى فوق العفاف قد اشتَمل
"ترى نفَسه من حبها الله لم تزل
بطاعَته لله في غاية ِ الجهدِ»
حليفُ التقى ما انفكَّ لله شاكرا
وللنومِ، من حبِّ العبادة ِ، هاجرا
وفي وِردِه ما زال لليل عامرا
"يقوم إلى ما كان نَدباً مبادرا
مبادرة َ الهيمِ العطاشِ إلى الوِرد»
فيجلو ظلامَ الليلِ منه إذا سجى
بغرّة ِ وجهٍ كالصباح تبلَّجا
وعن قلبِ مسجور الحشى يظهر الشجا
"وفي عين عاضٍ نادمٍ يسهرُ الدجا
وما همَّ بالعصيانِ للواحدِ الفردِ"
فكم شادَ بالتقوى بيوتَ هدى ً دُرس
وقام بعينٍ جفنَها النوم لم يُدس
بأورادهِ يقضي دجا الليلِ في أُنس
«فيقصرَ عن أورادهِ ولو أنه اسـ
ـتدام بجنحٍ سرمد الدهر مسوَّد"
إذا لم يُفض يوماً على الدهرِ عفوهَ
أتاه منيباً يقبضُ الخوفُ خُطوه
ونادى بصوتٍ ليس يُرفعُ نحوَه
«فيا سابقاً لم يدرِكِ العقلُ شأوَه
ولا تهتدي الأوهامُة منه إلى قصد"
ألا اسقِ رياضي، أنها اصفرَّ زهرُها
وضوء لياليَّ التي حُلن غرُّها
أَنر وجه أيامي التي اسودَّ فجرُّها
«فشمس بني العلياءِ أنت وبدرها
أخوك ربيعَ الخلقِ في الزمنِ الصلد"
ونفسكما من كلِّ إثمٍ تقدَّست
وداركما قدماً على الجودِ أُسّست
وجودكما بالنورِ نته الربا اكتست
"وحلمُكما منه الجبالُ لقد رست
ويُطبَعُ من عزميكما الصارمُ الهندي»
وإنكما عِقدانِ للفضل حليّا
وبدرانِ في أُفقِ المعالي تجلَّيا
وصقران في جوِّ المكارمِ جليَّا
"وغيثا عطاءٍ أنتُما يفضحُ الحيا
فيعولُ إعلاناً من الغيظِ بالرعدِ"
ضلالٌ لذي قصدٍ لغيرِ كما رحل
وأمسي له في غير جودِكما أمل
ألم يدرِ مذ جودُ الكرام قد اضمحل
بقيّة جودٍ للورى ذَخرُ وكما الـ
ـكرامُ لمن مِن بعدِهم جاءَ يستجدي
وأبقوكما في الأرضِ للخلقِ مقصدا
ليمسي عَلاهم فيكما مُتجدِّدا
ويبقى نَداهم في الزمانِ مخلّدا
لعلمِهمُ في موتِهم يُدجُ الندى
بأكفانِهم ميتاً ويدفَن في اللحد
كأَنَّ الورى كانوا بنيهم وأنتما
أقاموكما فيهمِ كفيلاً وقيِّما
ومِن بعدِهم في ذلك العبء قِمتُما
فأحييتما ميتَ الندى فكأَنّما
همُ بكما رُدُّوا إلى الجودِ والمجد
توارثتُما منهم سماءَ مفاخرٍ
وزينتمُوها في نجومٍ زواهرٍ
وقد حزتما ما أحرزا من ذخائرٍ
وأحرزتما ما خلّفوا من مآثرٍ
ولم تدعا شيئاً من الحسبِ العدِّ
كرامٌ على كلِّ الأَنام لهم يدُ
وبيتٌ علاهم في الزمانِ مُشيَّدُ
وليس عليهم زادَ في الفضلِ سيّدُ
لئن زادَ في معنى طريفٍ محمّدُ
عليهم فذا فرعٌ لمجدِهم التَلد
وإن هم ببطنِ الأرضِ من قبلُ أضمروا
فإنَّ لعلياهُم معاليه مظهرُ
وطيُّ مساعيهم به عادَ يُنشرُ
وإن دُرِجوا موتى بعلياه عُمّروا
بعمرٍ لأقصى غاية ِ الدهرِ ممتدِّ
فمن جوهرِ العلياءِ كانوا فِرندَه
وأوَّل من أورى من الجودِ زندَه
درى الحيِّ فيهم والذي حلَّ لحده
هم شَرَعوا للجودِ في الناسِ نجدَه
ولولاهم ما كانَ للجودِ من نجدِ
فهل لسواها الزاخراتُ قد اعتزت؟
وهل غيرُها سحبٌ إذا السحبُ أعوزت؟
لقد أحرزت بالوفرِ حمداً فبرَّزت
ولو لم تحز بالوفر حمداً لأَحرزت
حسانُ سجاياها لها أوفرَ الحمد
إذا في الشتاءِ الشولِ غبراءُ رُوَّحت
ومصّ الثرى ماءَ الرياضِ فصوَّحت
فاّنهما فيها سيولٌ تبَّطحت
أناسٌ يرى في الكرخِ مَن فيه طوَّحت
إليهم بناتُ الشدقميّاتِ من بُعدِ
سنا نارِهم قد صيَّروه نُعوتَهم
لمسترشدِ الظلماءِ كي لا يفوتَهم
ويُبصر مَن وافى لكي يستبيتهم
لكعبة ِ جدواهم لمن أَمَّها تهدي
لهم أوجهٌ يستصبِحونَ بها الملا
كأنَّ بدورَ التمِّ منهنَّ تُجتَلى
فلو قابلوا فيها دُجى الليلِ لانجلى
ولو وزنت فيهم شيوخُ بني العُلى
لما عدلوا طفلاً لهم كان في المهدِ
فطفلِهمُ حذَو المُسنِّ قد احتذى
وعزّتُهم أضحت لعينِ العِدا قَذا
وكلٌّ مِن الحسّادِ فيها تعوَّذا
وكلاًّ إذا أبصرتَ منهم تقولُ: ذا
محمّدُ فيه شارة ُ الأبِ والجدِّ
رفيع عُلى ً لا يطلعُ الفكرُ نجدَه
حليفُ تقى ً لا يعلقُ الأثمُ بُردَه
أخو الحزمِ ما حلَّت يدُ الدهرِ عقدِه
إذا انعقدَ النادي تراهُ ووِلدَه
لناديه عِقداُ وهو واسطة ُ العقدِ
كأَنَّ عُقاباً فيه بين قشاعمٍ
وليثَ عرينٍ فيه بين ضراغمٍ
وصلَّ صَفاة ٍ فيه بين أراقمٍ
على أنهم فيه نجومُ مكارمٍ
تحفُّ ببدرِ المجدِ في مطلع السعدِ
بروقُ عُلاهم من سناها تكشَّفت
وكفُّهم للوفدِ من سيبهِ كَفت
وفي رحمة ٍ منه عليهم تَعطّفت
وأخلاقهمُ من حسنِ أخلاقهِ صفت
ومنها اكتسى لطفاً نسيمُ صبا نجدِ
فلو نَفحت ميتاً لأحيته حقبة ً
ولو كنَّ في المسبوبِ لم يرَ سبَّة ً
ولو كنَّ في المكروبِ لم يرَ كربة ً
ولو ذاقها الأعداءُ كانوا أحبَّة ً
لنوعينِ فيها من رحيقٍ ومن شهدِ
وجوُدُهم في المحل من جودِ كفِّه
وإن شمخت آنافُهم فبأنِفه
وَعرفُ عُلاهم فاحَ من طيب عرِفه
تضوَّع من أعطافِهم ما بعطفِه
لطائمَ فخرٍ ينتسبن إلى المجدِ
أعزُّ بني الدنيا وأطيبُ عنصرا
لهم عاد عودُ الفضلِ فينانَ مُثمرا
وفيهم غدا صبحُ المكارمِ مُسفِرا
"سلالة ُ مجدٍ هم مصابيحُ في الورى
بكلٍّ إذا استهدت فذاك هو «المهدي»
له راحة ٌ للوفدِ تبسطُ أنملا
فتى ً مذ نشا تَدري جميعُ بني العُلى
«له مفخرٌ لو بعضَه اقتسمَ الملا
لزادَ، وما قد زادَ جلَّ عن العدِّ"
وسادوا بما حارَ النُهى في عجيبه
وبدرُ السمَا استغنى بهم عن مَغيبه
فأمسوا وكلٌّ مشرقٌ في غروبه
"وأصبح كلٌّ سامياً في نصيبه
وشأوٌ ذوو العلياءِ لا يعلقونَه
وكنهٌ ذوو الأفهامِ لا يُدركونه
وقدرٌ يغضُّ الدهرُ عنه جُفونَه
«وعزٌّ أكفُّ الدهر تُحسَمُ دونه
فيرنوا إليه الدهرُ في مُقلٍ رمد"
وحلمٌ يُراديه الزمانُ بخطبِه
فيُلفيه أرسى من أبانٍ وهضبِه
وفهمٌ لسقمِ الجهل شافٍ بطبّه
"ورأيٌ يرى ما غابَ من خلف حجبه
كأَن بابُه عن رأيه غيرُ مُنسدِّ"
يَبيتُ على حفظِ العُلى غيَرها جد
ويبذلُ فيها من طريفٍ وتالد
وتبصرُ منه عينُ كلِّ مُشاهد
«فتى ً قد رقى العليا بهمَّة ِ ماجد
له أحرزت شأوَ العُلى وهو في المهد»
ومن ساعة ِ الميلادِ في حبِّها صبا
وكانت له أُمّاً وكان لها أبا
فإن تعتجب مِن ذا تَجد منه أعجبا
«إذا ما تراءى محتبٍ شُكَّ في الحُبا
على رجلٍ معقودة أو على أُحد"
فإن قلتَ: هذا مرهفٌ كان أرهفا
وأخلاقهُ: هنَّ الصبا كنَّ ألطفا
وإن قلت: ذا ماءُ السما لستَ منصفا
«لعمرك ما ماءُ السماءِ وإن صفا
بأَطيبَ ممّا منه قد ضمَّ في البُرد»
وَهوبٌ لو انَّ البحرَ في كفِّه فُني
وآملُه عن صيّبِ المزنِ قد غُني
حميدَ سجاياً للمكارمِ يقتني
"فريدة ُ هذا الدهر لو لم نجد بني
أبيه تعالى عن شبيهٍ وعن ندِّ»
كرامٌ بهم ربعُ المكارمِ رُوّضا
وصبحُ العلى من نورِهم عادَ أبيضا
همُ في علاهم خيرُ من ضمَّه الفَضا
"فروُعُ على ً منها محمدُ الرضا
مزايا علاه ليسَ تُحصرُ بالعدِّ "
سحابٌ على الوُفّادِ نائلهُ مُطِل
وسحبانُ يمشي في فصاحتِه ثَمِل
فإن تُقصرَن في مدح علياهُ أو تُطِل
"فلا أحنفٌ يحكيه بالحلم لا وبالـ
ـفصاحة قسّ بل ولا معن في الرفد"
وأسُّ العُلى مذ كان تربٌ لأُسّه
وإن يومُه أثنى عليهِ كأَمسه
«فهمّتهُ في الجودِ طبقٌ لنفسه
ومذودُه والحزمُ سيّانِ في الحدِّ»
فلا وفدَ غيثُ جدواهُ عَمَّهُ
وشابَهَ في الجدوى أباهُ وعمَّه
ومذ بَشَّرت فيه القوابلُ أُمَّه
"سعى طالباً أوجَ المعالي فأَمَّه
تلوحُ إذا بالمصطفى فيهما اتَصل
فحلَّوا جميعاً رتبة ً دونَها زُحل
"وكلّهم جاءوا على نسقٍ من الـ
ـعُلى واحدٍ ما عن تساويه من بُدِّ»
أُولي الحمدِ في عالي الثناءِ شفعتمُ
وإن عنه في معروفِكم قد غنيتمُ
تهشُّون شوقاً إن دعا من دعوتمُ
"بني المجدِ من أبكارِ فكري خطبتمُ
فتاة ً عن الخُطَّابِ تجنحُ للصدَّ»
بدايعُ أفكارٍ لها الصِيدُ أذعنت
وفي حجبِ الأفكارِ عنهم تحصَّنت
لها مارَنوا يوماً ولا لهم رنت
«ولكن رأتكم كفوَها فتزيَّنت
لكم وأتت تختالُ في حُللِ الحمدِ"
فلو شامَها الأعشى تحيَّر وامتحَن
وإن زُهيراً لو يراها بها افتتَن
وأَبَّى لحسّانٍ كمنظومِها الحَسن
«لها من بديعِ القولِ نظمٌ بكم إذ النـ
ـوابغُ في مضمارِ أعجازِه تكدي»
على فترة ٍ في الشعر إن قيل يُنبذِ
وإن قد بدا لا طَرفَ إلاّ وقد قُذي
ظهرتُ بنظمٍ فيه ما قِتُهُ غّذي
«ولي أذعنت آياتُه وأنا الذي
بقيتُ له من بعد أربابه وحدي"
فَنظَّم من ألفاظِه الدرَّ مِقولي
وفي النظمِ يبديه كعقدٍ مفصَّلِ
بديعَ معانٍ إن أفه فيهِ يُنقل
«إذا ما تلوه في العراقِ بمحفل
سرت فيه أفواه الرواة إلى نجدِ"
فكم قد تبدَّت فيهِ للناس دُرَّة ٌ
وكم قد تجلَّت منه للشمسِ ضَرَّة ٌ
ومبصره قد قال: هل هو زُهرة ٌ
«وسامعهُ قد شكَّ هل فيه خمرة ٌ
أو أنَّ بنظمِ الشعرِ ضربٌ من الشهدِ"
حكى الروضة َ الغنّاءَ حسنُ بهائه
وفاقَ على شهبِ الدُّجا بسنائِه
وأخفى ضياءَ الشمسِ نورُ ضيائه
«وقد زاد في تضميخهِ بثنائِه
عليكم شذا قد طبَّق لاأرضَ بالنّد"
أَرمَّ لدى إنشادها المفصحُ اللَسِن
وطاش حجى الفَهّامة ِ الحاذِقِ الفَطِن
فما أنا في إنشائِه قَطُّ مغتبنِ
«ولستُ باطرائي له مزدهٍ وإن
غدا طُرفة ُ ابنُ العبدِ من حسنِه عبدي»
ولا أنا مَن يُعلي القريضُ محلَّه
ولا مَن يزيدُ النظمُ والنثرُ فضلَه
حويتُ بقومي المجدَ والفضلَ كلَّه
«وما في نظامِ الشعر حمدٌ لِمن لَه
سنامُ عُلى َ ينمى إلى شيبة ِ الحمدِ"
ومفخرهُ سامي السما بعَليِّه
وعزتُه موصولة ٌ بقُصيِّه
وسؤددُهُ إرثٌ له مِن لويَّه
«وبني النبي المصطفى ووصيِّه
لنا النسبُ الوضّاحُ في جبهة ِ المجد»
وإن نظاماً انتجته رويَّتي
لنأنف أن يستام عزَّة َ نخوتي
فما سمحت إلاّ لكم فيه فِكرتي
«فدونكموه فهو في زُبُري التي
طوت ذكرَ من قبلي فكيفَ الذي بعدي"
ولا نضبتِ من كفّكم أبحرُ الندى
ولا أَفَلت من أُفقِكم أنجمُ الهدى
ولا زَالَ ربعُ المجدِ فيكم مشيَّدا
"ولا برحت علياكمُ تُسخِطُ العِدى
فتكثر عَضَّ الكفِّ من شدَّة الحِقدِ»
 
شعراء العراق والشام >> موسى حوامدة >> هياكل تضحك
هياكل تضحك
رقم القصيدة : 2228
-----------------------------------
أنتم أيها الجالسون هناك
تتهامسون على الطبيعة
تتآمرون على القطيعة
لماذا تضحكون؟
أَلأن هذه المرأة تضع بعض الأصباغ على وجهها
أم لأن عجيزتها نافرة بعض الشيء
لا...
أنتم تضحكون لأنها تبرز صدرها قليلا
أرأيتم برقا يضحك لأنَّ النهر يفيض
أو لأن الغيوم
تتجمع
والبراكين تثور
أرأيتم جدولاا يضحك لأنَّ قمة الجبل عالية
أو تراب السهل أحمر
أو مياه البحر تضطرب
أنتم أيها الاغبياء
تتوقفون عند سفح الجبل
وتضحكون لأن الأرض كروية
او تحملقون لأن الشجر اخضر
هل فكرتم قليلا في أشكالكم بعد حفنة تراب؟؟
لن يبقى منكم إلا هياكل عظمية... وجمجمات فارغة
أيكون لطيفا ساعتئذ
أن تضحك عليكم مومس تمارس الفاحشةَ فوق قبوركم
أم يكون مناسبا حينها
أن يبول الأطفال في محاجركم
وتعلق النساء ملاقط الغسيل في أقفاصكم الصدرية
أنتم أيتها الهياكل الجالسة هناك
إنكم تثيرون فزعي
بعضكم يثير الضحك
لكنني لن أضحك عليكم
أخشى أن أصبح رديئا مثلكم .

شعراء العراق والشام >> موسى حوامدة >> يعيش العدو
يعيش العدو
رقم القصيدة : 2229
-----------------------------------
إستحث الخطى يا رفيقْ
فالطريقْ
أبعد من خطواتنا
والعتاد أثقل من مؤخراتنا
والعدو لا يستحق كل هذا العناء
والدار التي احتلها أشبه بكوخ تافه,!!
اجلس
إجلسْ يا رفيق
بلاد الله واسعة
- لماذا لا نبني هنا خيمة؟!
****
نبني خيمة ،
نجلب الماء من نبع العين
نربي دجاج الخوف
بقر الصبر
كلابَ الشجاعة
نحرثُ أرض الهزيمة
نزرعها زيتونا وقمحا
نقيم هنا وطنا
****
تعال يا قاطع الطريق
تعال يا صعلوك
تعالوا يا زُناة
تعالن يا مومسات
تعالوا يا لصوص ويا قتلة
تعالوا إلى نشيدنا الوطني
وسجادنا الأحمر
مزقوا أعلام الدول
واهتفوا معنا
يعيش العدو
عَمَّرَ بلادنا
وعمرنا بلاد الناس
أخذ نبع الماء
وأراحنا من العطش
****
دعوا العدو يستريح
دعوه يستريح
دعوا الذئب يطبخ الوليمة
سننضم إلى هيئة الأمم
سنحترم اليونسكو
نضرم النار في التاريخ
نبدأ من جديد
من يوم غد.....

شعراء العراق والشام >> موسى حوامدة >> For Ever
For Ever
رقم القصيدة : 2230
-----------------------------------
الدنيا قبل السُكر مدينة
للتجارِ
وبعد السُكرِ مُدانة
للخمارْ
فاشربْ قبل اليسر
وبعد العسر
وبعد السُكرِ . .
((وخل السلاح صاحي. . ))
يا صاحِ
إن شئت ا
 
شعراء مصر والسودان >> فاروق شوشة >> القصيدة والرعد
القصيدة والرعد
رقم القصيدة : 2240
-----------------------------------
كان بين القصيدة والرعد ثأر قديم
كلما نزفت بوحها
لاحقتها سنابكه بالغبار الرجيم
فتهاوت على درَج الأرجوانِ
مضمخة بالأسى العبقري,
ودافنة همَّها في انعقاد الغيوم
القصيدة, باكية, تستجير
وللرعد مطرقة وزئيرٌ
ودمدمةٌ,
وفضاء حميم
وانتشاء يخامر كل الذين يطلّون من شاهق
الكون,
يمتلكون المدى والتخوم
القصيدة ها.. تتناثر كالذرِّ
سابحة في هَيُولَى السديم
تتفتق ذائبة في عروق الحجارةِ
في غرْين النهر,
في جذع صبارةٍ..
شوكها من حروف الشقاء النظيم
ثم ترتاح من وحشة في العراء
ومن شجن في الدماء,
فتأوي إلى الليل,
ساكبة دمعها
في عيون النجوم!
القصيدة, شاخصة تتساءلُ
وهي تطل على الكون
أيَّ بلاء عظيم!
ترصّدني الرعد
حتى انطفأت
وأوشكت أذبلُ
أوشكت أرحلُ
رعد يباغتني
قلت : خيرٌ سيأتي
ودنيا ستمطر..
لكنه انجاب .. رعد عقيم!
هل أجاريه قعقعةً?
الوجود ضجيج..
له لغة من رماد المداخن
والأفق كابٍ دميم
فجأة,
مثل ومض الشهاب
ووقع النبوءة في القلب,
ها,
يتكشَّف لي بارق.. لا يريمْ!
لا تخافي من الرعد,
وانطلقي بالغناء,
الغناء الذي يتخلَّل هذا السديم
لا تخافي من الرعد , لا
إنه زمن عابر
والقصيدة فاتحةٌ..
وزمان مقيمْ!
 
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن العشماوي >> هو رامي أو محمد
هو رامي أو محمد
رقم القصيدة : 228
-----------------------------------
هو رامي أو محمَّد
صورةُ المأساة تشهد:
أنَّ طفلاً مسلمِاً في ساحة الموتِ تمدَّد
أنَّ جنديَّاً يهودياً على الساحةِ عربَد
وتمادى وتوعَّد
ورمى الطفلَ وللقتلِ تعمَّد
هو رامي أو محمَّد
صورة المأساةِ تشهد:
أنَّ طفلاً وأباً كانا على وعدٍ من الموتِ محدَّد
مات رامي أو محمَّد
مات في حضن الأَب المسكينِ،.
والعالَمُ يشهد
مَشهدٌ أبصرَه الناسُ،.
وكم يخفى عن الأعيُنِ مشهَد
هو رامي أو محمَّد
صورة المأساةِ تشهد:
إنَّ إرهابَ بني صهيونَ،.
في صورته الكبرى تجسَّد
أنَّ حسَّ العالَم المسكونِ بالوَهم تبلَّد
أنَّ شيئا ً اسمُه العطفُ على الأطفالِ،.
في القدس تجمَّد
هو رامي أو محمَّد
صورة المأساةِ تشهد:
أن لصَّاً دخل الدَّارَ وهدَّد
ورأى الطفلَ على ناصيةِ الدَّرب فسدَّد
وتعالى في نواحي الشارع المشؤومِ صوت القصفِ حيناً،.
وتردَّد
صورة المأساةِ تشهد:
أنَّ جيشاً من بني صهيونَ،.
للإرهابِ يُحشَد
أنَّ نارَ الظلم والطغيانِ تُوقَد
أنَّ آلافَ الخنازير،.
على المنبع تُورَد
هذه الطفلةُ سارةْ
زهرةٌ فيها رُواءٌ ونضارةْ
رَسَمَ الرشّاشُ في جبهتها،.
شَكلَ مَغارة
لم تكن تعلم أن الظالم الغاشمَ أزبَد
وعلى أشلائها جمَّع أشلاءً وأوقَد
هو رامي أ و محمَّد
صورة المأساةِ تشهَد:
أنَّ جرحَ الأمةِ النازفَ منها لم يُضَمَّد
أنَّ دَينَ المجد مازال علينا،.
لم يُسَدَّد
أنَّ باب المجدِ مازالَ،.
عن الأمَّةِ يُوصَد
صورة المأساة تشهد:
أنَّ أشجاراً من الزيتونِ تُجتَثُّ،.
وفي موقعها يُغرَسُ غرقَد
أنَّ تمثالاً من الوهمِ،.
على تَلٍّ من الإلحادِ يُعبَد
هو رامي أو محمَّد
صورةُ المأساةِ تشهد:
أنَّ ما أدَلى به التاريخُ،.
من أخبار صهيونَ مؤكَّد
أنَّ ما نعرف من أحقادِ صهيونَ تجدَّد
ما بَنُو صهيونَ إلاَّ الحقدُ،.
في صورةِ إنسانٍ يُجسَّد
أمرُهم في نَسَق الناسِ معقَّد
يا أعاصيرَ البطولاتِ احمليهم
ووراء البحر في مستنقع الذُّلِّ اقذفيهم
وعن القدسِ وطُهر القِبلة الأُولى خذيهم
قرِّبيهم من مخازيهم وعنَّا أبعديهم
هو رامي أو محمَّد
هو سعدٌ وسعيدٌ ورشيدٌ ومُرشَّد
هي لُبنَى هي سُعدى وابتسامٌ وهيَ سارةْ
هم بواكيرُ زهور المجد في عصر الإثارَةْ
هم شموخٌ في زمانٍ أعلن الذلُّ انكسارة
هم وقود العزم والإقدامِ عنوانُ الجَسَارة
هم جميعاً جيلنا الشامخُ،.
أطفالُ الحجارَة ْ
لو سألناهم لقالوا:
ما الشهيدُ الحرُّ،،.
إلا جَذوَةٌ تُوقِِدُ نارَ العزمِ،.
والرَّأيِ المسدَّد
ما الشهيد الحرُّ إلاَّ،.
شَمعَةٌ تطرد ليلَ اليأسِ،.
والحسِّ المجمَّد
ما الشهيد الحرُّ إلاَّ،.
رايةُ التوحيد في العصر المُعَمَّد
ما الشهيدُ الحرُّ إلاَّ،.
وَثبَةُ الإيمانِ في العصر المهوَّد
ما الشهيدُ الحرُّ إلاَّ،.
فارسٌ كبَّر للهِ ولمَّا حَضَرَ الموتُ تشهَّد
ما الشهيدُ الحُرُّ إلا،.
روح صدِّيقٍ إلى الرحمنِ تصعَد
أيُّها الباكونَ من حزنٍ علينا،.
إنما يُبكَى الذي استسلمَ للذلِّ وأخلَد
نحن لم نُقتل،.
ولكنَّا لقينا الموتَ أعلى همَّةً منكم وأمجد
نحن لم نحزن ولكنا فرحنا ورضينا
فافرحوا أنَّا غسلنَا عنكم الوهمَ الملبَّد
طلِّقوا أوهامكم،.
إنَّا نرى الغايةَ أبعَد
هو رامي أو محمَّد
هو سعدٌ وسعيدٌ ورشيدٌ ومرشَّد
ربَّما تختلف الأسماءُ لكن
هَدَفُ التحرير للأقصى موحَّد.
 
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> أصبحَ السعدُ قَريني
أصبحَ السعدُ قَريني
رقم القصيدة : 22845
-----------------------------------
أصبحَ السعدُ قَريني
والمُنى طوعَ يميني
حيث مذ صرت لحيني
كنتُ والوجد خديني
وبه العيشُ منكِّد
واثقاً أحمدُ ربّي
أن سيجلو كربَ قلبي
بنجيبٍ وابنِ نجبِ
فجلا «أحمدُ» كربي
فأَنا أحمدُ أحمَد

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> إذا ادّعت الكتابُ يوماً تخرُّصا
إذا ادّعت الكتابُ يوماً تخرُّصا
رقم القصيدة : 22846
-----------------------------------
إذا ادّعت الكتابُ يوماً تخرُّصا
لأقلامِها سحرٌ له دانَ مَن عصى
وقل: يا دعاة َ السحرِ خلَّوا التشخّصا
لأقلامِ موسى سرُّ ما كان في العصا
لموسى بنِ عمرانٍ من الأية ِ الكبرى
ترى الفضلَ فيها أنها في زفاغة ٍ
تسيغُ من الأقلامِ أحلى مَساغة ٍ
ولكن لدى إلقاء أيِّ صِياغة ٍ
إذا أبدتِ الكتابُ سحرَ بلاغة ٍ
فأقلامُ موسى كالعصا تلقفُ السحرا

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> أجل لم يكن في ساحة ِ الأرضِ فاعلمن
أجل لم يكن في ساحة ِ الأرضِ فاعلمن
رقم القصيدة : 22847
-----------------------------------
أجل لم يكن في ساحة ِ الأرضِ فاعلمن
لسارٍ حمى ً إلاّ ببيتينِ في الزمن
ببيتٍ بناهُ اللهُ أمناً مِن المِحن
«وبيتٍ على ظهرِ الفلاة ِ بناهُ مَن
له همَّة ٌ مِن ساحة ِ الكونِ أوسَعُ "
ألا ربَّ قفرٍ قد قطعنا فضاءَه
بيومٍ وَصلنا في الصباحِ مساءَه
ولمَّا علينا الليلُ مدَّ رِداءه
«نزلنا به والغيثُ يُسكِبُ ماءَه
كأَن قطرُه من سيبِ كفّيه يهمَعُ»
كأَنَّ النُعامى حين وافت بقُطرِه
لنا حَملت من خُلقِه طيب نَشرِه
فما قطرُه إلاّ تتابعَ وفره
"وما برقُه إلاّ تبسَّم ثغرِه
لوفّادِه من جانبِ الكرخِ يلمعُ»
فبُوركَ بيتاً فيهِ كان احتجابُنا
عن السوءِ مذ أمسى إليه انقلابُنا
به أَمِنت حصبَ الرياح رِكابُنا
"ومنه وقتنا أن تُبلَّ ثيابُنا
مقاصر من شأوِ الكواكب أرفعُ»
مقاصرُ بتنا مِن حماها بجُنَّة ٍ
وقينا الأذى من حفظِها بمَجنَّة ٍ
غدت مجمعَ السارِين إنسٍ وجنّة ٍ
«ولم يُر في الدنيا مقاصرُ جنّة ٍ
لشملِ بني الدنيا سواهنَّ تجمَعُ»
فوحشتُنا زالت بانسِ رحابها
عشيّة َ بتنا في نعيمِ جنابها
إلى أن نَسينا السيرَ تحتَ قُبلها
"كأنّا حلولٌ في منازلنا بها
ولم تتضمَّنا مهامِهُ بلقعُ "
بنا أدلجت تطوي المهامهَ عيسُنا
إلى أن بأيدي السيرِ دارت كؤوسنا
فمالت نشاوَى نحوَهنَّ رؤوسنا
"وبتنا بها حتى تمنَّت نفوسنا
نُقيمُ بها ما دامتِ الشمسُ تَطلعُ»
ومُذ كانَ فيها بالسرورِ مبيتُنا
بحيثُ ثمارُ البشرِ والأُنس قُوتُنا
رأينا الهنا في ظلِّها لا يفوتنا
وعنها وإن عزَّت علينا بيوتُنا
وددنا إلى أكنافِها ليسَ نرجِعُ
فلا عجبٌ إن تغدُ صُبحاً وعُتمة ً
بها الوفدُ من كلِّ الجهاتِ مُلمَّة ً
وتُمسي لهم بالخوفِ أمناً وعِصمة ً
ففيها أبو المهديِّ أسبغَ نعمة ً
على الناسِ فيها طُوِّقَ الناسُ أجمعُ
أعزُّ الورى أضحى لديها أذلهّا
وأفضلُهم ما زالَ يَشكرُ فَضلَها
وكيفَ يُبارى العالَمون أقلَّها
وأغناهُمُ قد كان مفتقراً لها
كمن مسّه فقرٌ مِن الدهرِ مُدقِعُ
بها عمّ أهل الأرضِ دانٍ وشاسِعا
وفيها لكلِّ الخيرِ أصبحَ جامعا
وليسَ لهذي وحدَها كانَ صانِعا
له اللهُ كم أسدى سواها صنايعا
بأمثالها سمعُ الورى ليسَ يُقرَعُ
فللخلقِ أبوابُ السماحة ِ فُتِّحت
بها وسيولُ الأرضِ منها تبطَّحت
ومنها أزاهيرُ الرياضِ تَفتَّحت
"وقد عَجزت عنها الملوكُ فأصبحت
لعزَّته بين الخلائقِ تخضَعُ "
لقد غمرَ الدُنيا معاً بسخائِه
فكانت لِساناً ناطقاً بثنائِه
وأدَّبَ صَرَفَ الدهرِ بعد اعتدائه
«فلا برِحت في الكونِ شمس عَلائه
بأُفقِ سَماءِ المجدِ بالفخرِ تَسطَعُ»
 
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> تعاليتَ من فاتحِ خاتمِ
تعاليتَ من فاتحِ خاتمِ
رقم القصيدة : 22848
-----------------------------------
تعاليتَ من فاتحِ خاتمِ
عليمٍ بما كانَ مِن عالمِ
فيا صفوة َ اللهِ من هاشِم
"تخيَّرك اللهُ من آدمِ
وآدمُ لولاكَ لم يُخلقِ»
بك الكونُ آنسَ منهُ مجيئا
وفيكَ غدا لا بِه مُستضيئا
لأنَّك مد جاء طَلقاً وضيئا
"بجبهتِه كنت نوراً مُضيئا
كما ضاءَ تاجٌ على مِفرَقِ»
فمِن أجلِ نورِك قد قَرَّبا
إلهُ السما آدماً واجتبى
نعم والسجودَ له أوجَبا
«لذلك إبليسُ لمَّا أبى
سجوداً له بعدَ طَردٍ شُقي"
وساعة َ أغراهُ في إفكِه
بأكلِ الذي خُصَّ في تَركِه
عصى فنجى بك من هُلكِه
«ومَع نوح إذ كنتَ في فُلكِه
نجى وبمن فيه لم يَغرقِ"
وسارة ُ في ظِلِّك المُستطيل
غداة َ غدا حمُلها مستَحيل
باسحاقَ بشَّرهاجبرئيل
«وخلَّل نورُك صلبَ الخليل
فباتَ وبالنارِ لم يُحرَقِ»
حُملتَ بصلبِ أمينٍ أمين
إلى أن بُعثتَ رسولاً مُبين
وهل كيف تُحمَلُ في المشركين
«ومنكَ التقلُّبُ في الساجدين
به الذكرُ أفصحَ بالمَنطِقِ»
بَراكَ المهيمنُ إذ لا سماء
ولا أرضَ مدحوَّة ً لا فضاء
ومُذ خُلِقَ الخلقُ والأنبياء
«سواكَ من الرسلِ في ايلياء
مع الروحِ والجسمِ لم يلتقِ"
وكلٌّ رأى الله لم يُحذِه
عُلاكَ وعلمَكَ لم يُغذِه
فنزَّه عهدَك عن نبذِه
«فجئت من الله في أخذِه
لك العهدَ منهُم على موثِقِ»
صدعتَ به والورى في عماء
فخفَّت بمجِدكَ جُندُ السماء
ورفَّ عليك لواءُ الثناء
«وفي الحشرِ للحمدِ ذاكَ اللِواء
على غير رأسكِ لم يخفقِ"
وحينَ عرجتَ لأسنا مُقام
وأدناك منهُ إلهُ الأنام
أصبتَ بمرقاكَ أعلى المرام
«وعن غرضِ القربِ منك السهام
لدى قابِ قوسين لم تَمرُقِ"
وقِدماً بنوركِ لمَّا أضاء
رأت ظلمة ُ العدمِ الإنجلاء
فمِن فضلِ ضوئك كانَ الضياء
"لقد رَمَقت بك عينُ العماء
وفي غيرِ نورِك لم تَرُمقِ"
أضاءَ سناكَ لها مُبرِقا
وقابل مرآتَها مُشرِقا
إلى أن أشاعَ لها رَونَقا
«فكنتَ لمرآتِها زَيبَقا
وصفوُ المرايا مِن الزَيبقِ"
بك الأرضُ مدَّت ليوم الورود
وأضحت عليها الرواسي رُكود
وسقفُ السمِا شيدَ لا في عَمود
"فلولاكَ لا نطمَّ هذا الوُجود
مِن العدمِ المحصن في مُطبِق"
ولولاكَ ما كانَ خَلقٌ يَعود
لذات النعيمِ وذات الوَقود
ولا بهما ذاقَ طعمَ الخُلود
"ولا شمَّ رائحة ً للوجود
وجودٌ بعرنين مُستنشِق»
ولو لم تجدك لمولودِه
أباً أمُّ أركانِ موجودِه
إذاً عَقُمت دونَ توليده
«ولولاكَ طفلُ مواليده
بحجرِ العناصرِ لم يَبغَقِ»
ولولاك ثوبُ الدجى ما انسدل
ونورُ سراجِ الضُحى ما اشتعل
ولولاك غيثُ السما ما نزل
«ولولاك رتقُ السموات والـ
أراضي لك الله لم يفتِقِ"
ففيك السماءَ علينا بَنى
وذي الأرضَ مدَّ فراشاً لنا
فلولاك ما انحَفَظت تحتنا
"ولولاك مارفعَت فوقنا
يدُ الله فسطاطَ إستبرق»
ولا كانَ بينهما من ولوج
لغيثٍ تحمَّل ماءً يموج
ولا انتظمَ الأرض ذات الفروج
«ولا نثَرت كفُّ ذات البروج
دنانيرَ في لوحِها الأزرق"
ولا سيَّر الشهبَ ذات الضياء
بنهرِ المجرَّة ِ ربُّ العَلاء
ولا يُنش نوتيُّ زنجِ المسَاء
«ولا طافَ من فوقِ موج السماء
هلالٌ تقوَّس كالزورقِ"
ولولاك وشيُ الرياض اضمحل
ولا طرَّز الطلُّ منه حُلَل
وفيهنٌ جسمُّ الثرى ما اشتمَل
"ولولاك ما كلَّلت وجنة الـ
ـبسيطة أيدي الحيا المُغدِق"
ولولاك ما فلَّت الغاديات
بأنملِ قطرٍ نواصي الفَلاة
ولا الرعدُ ناغى جنينَ العضات
"ولا كَست السحب طُفل النبات
من اللؤلؤ الرطبِ في بُخنُق"
ولا صدغُ آسٍ بدى في رُبى
على وردِ خدٍّ غَدا مُذهَبا
ولا ربَّحت قدَّ غصنٍ صَبا
«ولا اختال نبتُ رُبى ً في قبا
ولا راحَ يَرُفل في قرَطقِ"
أفضتَ نطاقَ نَدى ً دافِقات
بها اخضرَّ غَرسُ رَجا الكائنات
فلولاك ما سالَ وادي الهبات
«ولولاك غصنُ نَقى المكرمات
وحقِّ أياديك لم يُورِق»
لك الأرضَ أَنشأَ علاَّمها
وقد نُصبت لك أعلامُها
فلولاك لم ينخفِض هامُها
«وسبعُ السمواتِ أجرامُها
لغير عروجكِ لم تُخرَق»
ولولاك يُونسُ ما خُلِّصا
من الحوتِ حين دعا مُخلِصا
وعيسى لمّا أبرءَ الأبرصا
"ولولاك مثعنجرٌ بالعصا
لموسى بن عمرانَ لم يُفلق»
ولا يومُ حربٍ على الشركِ فاظ
بسيفِ هدى ً مستطيرَ الشُواظ
ولا أنفس الكفر أضحت تفاظ
«ولولاك سوقُ عكاظِ الحفاظ
على حوزة الدين لم يَنفُق»
بحبلِ الهدى كم رقابٍ رَبَقت
وكم لبني الشركِ هاماً فَلَقت
وكم في العُروجِ حجاباً خرقت
"وأسرى بك الله حتى طرقت
طرائق بالوهمِ لم تُطرَق»
لقد كنت حيثُ تَحير العقول
بشأوِ عُلى ً ما إليه وصول
فأنزلك الله هادٍ رسول
"ورقّاك مولاك بعد النزول
على رفرفِ حُفَّ بالنَمرق»
لك الله أنشا من الأُمهات
كرائم ما مثلها مُحصنات
ومذ زُوِّجت بالكرامِ الهداة
«بمثلك أرحامها الطاهرات
مِن النُطفِ الغُّر لم تَعلُق»
لحقتَ وإن كنت لم تَعنِق
بشأوٍ به الرسلُ لم تعلِق
وأحرزتَ قِدماً مدى الأسبق
«فيا لاحقاً قطُّ لم يُسبَق
ويا سابقاً قطُّ لم يلحق"
خُلقتَ لدين الهُدى باسطا
لنا، وبأَحكامه قاسِطا
وحيثُ صعدَتُ عَلى ً شاحطا
"تصوَّبتَ من صاعدٍ هابطا
إلى صلبِ كلِّ تقيٍّ نقي»
هبطَت بأمرِ العليِّ الودود
إلى عالمٍ عالم بالسعود
ونوُرك سامٍ لأعلى الوجود
"فكان هبوُطك عينَ الصعود
فلا زلتَ مُنحدراً ترتقي"

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> عجباً سمرتُ بذكر غيرِ مسامرِ
عجباً سمرتُ بذكر غيرِ مسامرِ
رقم القصيدة : 22849
-----------------------------------
عجباً سمرتُ بذكر غيرِ مسامرِ
وسهرتُ فيمن ليس فيَّ بساهر
ولأجلِ أن يجتازَ بين محاجري
"ناديتُ مَن سَلب الكرى عن ناظري
وتجلُّدي بقيطعة ٍ وفراقِ"
ودعوتُ: دونَكِ يا صبا بحياتِه
عتباً نسيمُكِ كان خيرَ رواته
فاستخجلي ليَ في شذا نفحاته
"مَن أخجل الغزلاَن في لفتاته؟
والشمسَ من خدّيه بالإشراق"
هبني أقولُ وما أسأتُ مقالة ً:
يا تاركاً مني الدموعَ مُذالة ً
أرأيتَ قبلك إذ هجرتَ ضلالة َ
مَن مالَ عني واستقلَّ ملالة َ
والدمعُ فيه انهلَّ من آماقي
فلو انَّ لي إذ كانَ هجرك جائحي
قلباً سواك نبوتُ نبوة َ جامح
كن كيف شئت فما هواك مُبارحي
أَمنايَ أنت القلبُ بين جوانحي
أَمنَاي أنت النورُ في أحداقي
يا مَن أقامَ على الجفاء وما ارعوى
لا ترقدنَّ، مكانَ حبِّك بالجوى
فعلى سواك فؤادُ صبِّك ما انطوى
أَمناي جنَّ إليك من فرطِ الهوى
توقاً، فؤادُ مُتّيمٍ مشتاق
أبداً لغيرِك ما شُغفتُ بفاتنِ
وعلى الوفاءِ أقمتُ منك بضاعن
أَلهيتني عن أن أَهيمَ بشادِن
وغدا الهوى إلفي وليس، فداوني
غير الوصال لدائه من راق
رفقاً بصبِّ في هواَك معذَّبٍ
لك في غوير حشاه أحسنُ مَلعبٍ
يدعوك دعوة َ خائفٍ مُترقِّبٍ
هلاَّ ترقُّ لخائفٍ متجلببٍ
بُردَ العفافِ، رميّة الأشواق
بالوصلِ خلتُك قد برقتَ إثابة ً
فمطرتني جَهراً وكنتَ سحابة ً
أو ما كفاك بأن أشفَّ كآبة ً
فحشاشتي ذابت عليك صبابة ً
والعين ترعفُ بالدم المهراق
أنا في هواك قطنتَ أو لم تقطنِ
كلفٌ حسنتُ لديك أو لم أَحسن
يا ثالث القمرين صِل وتبيَّن
إن كنت فرداً في الجمال فإنني
تالله فيك لواحدُ العشاق
وانظرُ لنفسكِ إن أردت تحوُّلاً
أيليقُ غير حُشاشتي لك منزلا
أنت المُنيرُ السعدُ شمس ضُحى الملا
وأنا الأثيلُ المجد بدرُ سما العَلا
فرعُ المكارمِ طيّبُ الأعراق
من دوحة ٍ بالمجدِ طابَ نماؤُها
لبني الزمانِ مظّلة ٌ أفياؤُها
أنا مَن عليه تجمَّعت أهواؤها
وإذا الملا اضطربت بها آراؤُها
لعظيمة ٍ كشفت لهم عن ساق
أوضحتُ مُشكلها بأوّلِ نظرة ٍ
وفتحتُ مُقفَلها بأوّلِ خَطرة ٍ
مازلتُ مُذ ظلَّ الأنامُ بحيرة ٍ
أهديهم نهجَ الصوابِ بفكرة ٍ
كالشمسِ مشرقة ً على الآفاق
شَهِدت ليَ الدنيا غداة َ أتيتُها
أنَّي نهضتُ لأهلِها فكفيتُها
فإذا بها التوتِ الخطوبُ لويتُها
وإذا السنونُ تتابعت أوليتُها
من راحتيَّ بوابلٍ مغداق
وإذا القنا انتظمت نثرتُ عقودَها
بيدٍ تحلُّ طلا العدى وبنودَها
وإذا الظُبا ازدحمت ثنيتُ حدودَها
وإذا الوغى استعرت أذقتُ أُسودها
طعمَ الحمامِ على مُتونِ عِتاق
ألقى الوفودَ بطلعة ٍ ميمونة ٍ
ويدٍ بربحِ ثنائَها مفتونة ٍ
تثني العدى في صفقة ٍ مغبونة ٍ
بأسنّة ٍ خطيّة ٍ مسنونة ٍ
وصوارمٍ صُمَّ الشفارِ رقاق
حاربتَ بالهجرانَ من لك سالمَا
حتّى كأَنّا كاشحانِ تظالما
بك لستُ لا وأبيكَ أعذرُ عالما
«فلئن وصلتَ أخا الهوى فلطالما
كنتَ الحريَّ بأحسن الأخلاقِ"
أفبعد صدقِ مودَّة ٍ لم تمننِ
تجفو وتُكذِبُ ظنَّ من لم يظنن
فلئن لحظتَ فأنتَ عينُ المحسن
«ولئن أقمتَ على الجفاء فإنّني
أشكوك مبتهلاً إلى الخلاَّق
متحرِّكٌ شوقي بمن هو ساكنٌ
أدعوهُ وهو مع التجنّبِ بائن
أين المودّة ُ فالوفاءُ معادن؟
فأجابني خجلاً ودادُك كامن
بحشايَ خيفة َ عامدٍ لنفاق
شوقي لوصلِك يا بن أكرم ماجدٍ
صلتي إليكَ وأنت أكرمُ عائدِ
فتصفَّح الدعوى بفكرة ِ ناقدٍ
فأمالني لهوى َ به استأنفته
عَوداً على بدءٍ عليه ألفتُه
والصدقُ فيما يدّعيهِ عرفتُه
«فلثمتُه في فيهِ ثمَّ رشفتُه
وجذبته وضممته لعناق
ودعوتُ وصلَك في نهاية بُغيتي
فلقد حفظتُ عليَّ فيه بقيَّتي
بشرايَ فزتُ بمن يُشاقُ لرؤيتي
«وطفقتُ أنشدُ: نلتُ غاية منيتي
يا حبَّذا لو أنَّ وصلَك باقي
 
العصر العباسي >> البحتري >> يا حارثي وما العتاب بجاذب
يا حارثي وما العتاب بجاذب
رقم القصيدة : 2285
-----------------------------------
يا حَارِثيّ! وَمَا العِتاب بجاذِبِ
لكَ عَنْ مُعانَدَةِ الصّديقِ العاتبِ
ما إن تزال تكيده من جانب
أبد، وتسرق شعره من جانب

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> قل للعُلى حزناً: أطيلي العويل
قل للعُلى حزناً: أطيلي العويل
رقم القصيدة : 22850
-----------------------------------
قل للعُلى حزناً: أطيلي العويل
وطارحي بالنوح ذاتَ الهديل
فاليومُ من آلك آلِ الجميل
«حلَّ بهذا القبرِ طودٌ جليل
وبحرُ جودٍ وحسامٌ صقيل»
أُدرج والمعروفُ في بردِه
وحلَّ والإحسانُ في لحده
فابكِ الذي للجَلدِ من بعده
"لا يجملُ الصبرُ على فقده
من أين للفاقدِ صبرٌ جميل"
قد عوَّذت فيه العُلى نسلَها
حتّى عليهم آمنتَ ثُكلَها
فغيرُ بدعٍ إن بكت بعلَها
كان وكيلاً وكفيلاً لها
فحسبُنا اللهُ ونعمَ الوكيل

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> إسلَم وحضرتُكَ المُهابه
إسلَم وحضرتُكَ المُهابه
رقم القصيدة : 22854
-----------------------------------
إسلَم وحضرتُكَ المُهابه
للنّاسِ أمنٌ أو مثابه
أنتَ الهزبرُ وإنَّما
لك حوزة ُ الإسلامِ غابَه
وستَغتدي لك أو غَدت
عن صاحبِ الأمرِ النيابه
إنظر إلى أملٍ أناخَ
ببابِك العالي ركابَه
يا مَن إذا مُضَرُ انتمت
لِعُلى نمته في الذؤابه
وإذا هي انتضلت بأسـ
ـهم رأيها فلهُ الأصابه
وله مَكارمُ غَبَّرت
حتى بوجهِك يا عَرابَه»
لا يستطيعُ البحرُ يوماً
أن ينوبَ لنا منابَه
وله خِلالٌ في السماحة ِ
ليس تُوجَدُ في السحابة
رجعَ الزمانُ إلى الصِبا
بكَ إذ أعدَت له شَبابه
أنت الذي اقتدحت بنو
فهرٍ به زندَ النجابه
عَقَدَت به عَلَمَ الفخارِ
فرفَّ منشورَ الذؤابه
سمعاً مقالة ً من أعدَّ
كَ للعظيمِ إذا أرابَه
يا مبدىء النَعما ليكُـ
ـملها أعدها مستطابه
فيدي وأنتَ مُطيلُها
قَصُرت فعجِّل بالإثابه
فالحزمُ شاوَرني وقا
لَ اهتُف به واحمد جوابه

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> قِفا حيَّيا بالكرخ عني ربيبَها
قِفا حيَّيا بالكرخ عني ربيبَها
رقم القصيدة : 22855
-----------------------------------
قِفا حيَّيا بالكرخ عني ربيبَها
فيا طيب ريَّاه الغداة َ وطيبَها
تفيأَ من تلك المقاصرِ ظلَّها
فعطَّر فيهنَّ الصَبا وجُنوبَها
غُزالٌ ولكن في الرُصافة ِ ناشئٌ
وهل تألف الغُزلانُ إلاّ كثيبَها
فو الله ما أدري! أرَزَّ جيوبه
على الشمسِ، أم زرَّت عليه جُيوبها؟
تعشقتهُ نشوانَ من خمرة ِ الصِبا
منعَّم أطرافِ البنانِ خضبها
لو انَّ النصارى عاينت نَار خدِّه
إذاً أوقدت ناقوسَها وصليبها
يُرشِفنُّيها ريقة ً عِنيَّة ً
كخُلقِ أبي الهادي روت عنه طيبها
فتى ً كلُّ فخرٍ إن نظرنا قِداحَهُ
وجدنا مُعلاَّها لهُ ورقيبَها
تراهُ الورى في المحل فرَّاج خطبِها
ندى ً ولدى فصلِ الخطاب خطيبَها
إلى الحسنِ اجتَبنا الفلا بنوازعٍ
خفافٍ، سيُثقلنَ الحقائبُ نيبَها
حلفت بأيديها لسوفَ أزيرُّها
على الكرخ وضّاحَ العَشايا طروبها
إذا ما طرحنا الرحلَ عنها بربعهِ
غفرت لأيامِ الزمانِ ذُنوبها
 
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> يا مَن لويتُ به يدَ الخطبِ
يا مَن لويتُ به يدَ الخطبِ
رقم القصيدة : 22856
-----------------------------------
يا مَن لويتُ به يدَ الخطبِ
وبه ثنيتُ طلايعَ الكربِ
ولقيتُ حدَّ الحادثاتِ به
فَفللتُ ذا غربٍ بذي غرب
وأرحتُ آمالي بساحَتِه
فطرحتُ ثِقلَ الهمِّ عن قلبي
بُشرى «لهاشمَ» حيثُ سالمني
فيك الزمانُ، وكان من حَربي
فلتشهد ِالدُنيا وساكنُها
أنّي مخضتُ لخيرِهم وَطبي
وبحسبهم ذمًّا شهادتُها
أنّي بغيركِ لم أٌل حسبي
أنت الذي آباؤهُ دَرجُوا
وهمُ حلّيُ عواطل الحقب
يتناقلون الفخرَ بينهم
ندبٌ لهم يرويه عن ندبِ
مازال صبٌّ بالعَلاءِ لهم
حتى ورثتَ عظيمَ سؤددِهم
كرمَ الغيوثِ، ورفعة َ الشُهب
فقبضتَ عن شرف يدَ الجدب
وبسطتَ عن سَرفٍ يد الخصب
ومرى مكارَمَك الثناءُ كما
يُمري النسيمُ حلائب السُحب
طبٌّ بأدواءِ الأمورِ لها
تَضَعُ الهناءَ مواضعَ النقبِ
خصبِ السنين أليفة ُ الجدب
لا بالوَلودِ ولا اللبونِ ولا
برؤوم غيرِ الشُحّ من سَقب
من لو عصبتَ بنانَ راحته
بالسيفِ ما درّت على العصب
ما الريحُ ناعمة َ الهُبوبِ سرت
سَحراً على نُزَهٍ من العُشب
بأرقَّ منك خلائقاً كرمَت
ممزوجة ُ الصهباء بالعذب

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> قد جنى لي الزمانُ أعظم ذنبٍ
قد جنى لي الزمانُ أعظم ذنبٍ
رقم القصيدة : 22857
-----------------------------------
قد جنى لي الزمانُ أعظم ذنبٍ
وغدا عنه شاعلي أن يتوبا
بخطوب يقولُ مَن قد عنته:
هكذا تُفحِمُ الخُطُوب الخَطيبا
ليت شعري بما اعتذارُ مُحبٍّ
قد بدا منه ما يسوء الحبيبا
فتأمل في قصتي وتعجّب!
أفهل هكذا رأيت عجيبا؟
أنا مستغفرٌ، وقد أذنب الدهرُ
نأى معرضاً، وجئت منيبا
فتجاوز بفضلِ صفحِك عمَّن
لسوى الصفحِ لم يجيء مُستنيبا
ثم هب لي جناية الدهرِ، يا من
لم يلد مثلَك الزمانُ وهوبا

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> إنَّ في الكرخ بين تلك البيوت
إنَّ في الكرخ بين تلك البيوت
رقم القصيدة : 22858
-----------------------------------
إنَّ في الكرخ بين تلك البيوت
كم لصبٍّ متيّمٍ من خُفوت
ولبيضٍ فُضيَّة الجسمِ كم من
وجناتٍ تحمرُ كالياقوت
يتعطَّفن عن غُصونٍ رشيقا
تٍ ويبسمن عن أغرٍّ شتيت
كلَّما أحيت الضُحى دعت الشمـ
ـس وقالت لها، بغيظك موتي
مثل مَوتِ الحسود غيظاً بفخر الـ
ـحسن الاسم في الورى والنُعوت
ماجدٌ يخفض التكرُّم منه
ما علَت فيه عزّة الجبروت
عشقتَ نفسهُ مفاكهة َ العليا
ءِ حتّى لقال حُبُّك قُوتي
لم يَزل بيتُه على أوَّل الدُنـ
ـيا عِيالٌ عليه كلُّ البيوت
قِبلة ً صلَّت القوافيَ إليه
قانتاتٍ بالحمد أيَّ قنُوت
قد نفى الإثمَ مصطفى النسك عنه
مُذ بناهُ على التُقى للثبوت
يا بن قومٍ ما ناضلوا الخصم إلاّ
شَغلوُه بسنّة المنكوت
خُلِقَ الناسُ للكلامِ ولكن
خُلِقوا إن نطقتُم للسكوت

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> عشقتُ ظماءَ الكسحِ لا بل غرائها
عشقتُ ظماءَ الكسحِ لا بل غرائها
رقم القصيدة : 22859
-----------------------------------
عشقتُ ظماءَ الكسحِ لا بل غرائها
تودُّ الثريَّا أن تكون رعاثَها
من الخُرّدِ الوسنانة ِ اللحظ حرَّمت
على العينِ منِّي أن تذوقَ حثاثها
نَشت في خدورٍ عنكِ فتيانُ عامرٍ
حمت بذكورِ المرهفاتِ إناثها
ومُرتبعاتٍ في رياضٍ كأنّما
نَدى حسنٍ في واسمٍ منهُ غاثها
كأَخلاقه أزهارها اللآءُ دُبِّجت
بوطفاء خِلنا من يَديه انبعاثها
شأى في المعالي والمكارمِ والنُهى
فأَحرزَ غايات الفخارِ ثلاثَها
همامٌ به لاقست أبناءَ عصرهِ
ومَن بالصقور الغلبِ قاسَ بغاثها
تراه بنو الآمال في المحلِ غيثها
وعند طروق النائبات غياثها
تردَّت ثيابَ العيشِ فيه قشيبة ً
وعند سواهُ قد تردَّت رثائها
من القوم لا تَلقى سوى الحمد كسبها
وليسَ ترى إلاّ المعالي تراثها
مُعوَّدة ً سبقَ السؤالِ صلاتُها
فإن هي لم تسبق وإلاّ استراثها
وكم لفتى لاثت مآزرها العُلى
فما حَمَدت إلاّ عليكَ ملاثها
 
العصر العباسي >> البحتري >> تعاللت عن وصل المعنى بك الصب
تعاللت عن وصل المعنى بك الصب
رقم القصيدة : 2286
-----------------------------------
تَعالَلْتِ عن وَصْلِ المُعَنّى بكِ الصّبِّ،
وَآثَرْتِ بُعْدَ الدّارِ مِنّا على القُرْبِ
وَحَمّلتِني ذَنْبَ الفراق، وَإنّهُ
لَذَنبُكِ إنْ أنصَفتِ في الحكمِ لا ذنبي
وَوَالله ما اخترْتُ السّلُود على الهوَى،
ولا حُلتُ عَمّا تَعهَدينَ من الحبّ
وَلا ازْدادَ، إلاّ جِدّةً وَتَمَكّناً،
مَحَلُّكِ من نَفسي وَحظُّكِ من قلبي
فَلا تَجمَعي هَجراً وَعَتْباً، فلَمْ أجدْ
جَليداً عَلى هَجْرِ الأحِبّةِ وَالعَتْبِ

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> فيك العلاء مُضيئة ٌ أبراجُها
فيك العلاء مُضيئة ٌ أبراجُها
رقم القصيدة : 22860
-----------------------------------
فيك العلاء مُضيئة ٌ أبراجُها
فلأَنتَ بدرُ سمائِها وسراجُها
وبك ابتهاج أسرّة الشرف التي
لولاك بعد أخيك عُطَّل تاجُها
أقبلتُما تتجاريان لغاية ٍ
لم يَستقم لسواكما منهاجُها
سبقَ الأنامَ لها وجئتَ مُصلّياً
ومعاً ملطَّمة ً أتت أفواجها
حتّى استوت قدماً كما في ذروة ٍ
للمجدِ عزَّ على الورى مِعراجُها
هو مصطفى الشرفِ الذي من بعده
وَجدتَه أكرمَ مَن عليه مَعاجها
أنت الذي ارتشف الورى من خلقه
راحاً ألذّ من الرَّحيق مزاجها
ما اعتلَّت الدُنيا بداءِ جدوبها
إلاّ وجودُك طبُّها وعلاجُها
ولقد حميتَ وئيدة َ الكرمِ التي
لولاك ما سِلمت لها أوداجها
نَسجت لك العليا ملابسَ فَخرها
فزهى عليك مُطرّزاً ديباجها
لم تحدُ مُدلجة الركائب رغبة ٌ
إلاّ وكان لربعكم إدلاجها
ما طرّقت أمُّ الرجاءِ لآملٍ
إلاّ وأصبح من نَداك نتاجها

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> طَمَحت إليك فما ألذَّ طماحَها
طَمَحت إليك فما ألذَّ طماحَها
رقم القصيدة : 22861
-----------------------------------
طَمَحت إليك فما ألذَّ طماحَها
هيفاءُ راضَ لك الغرامُ جماحَها
وحبَتك للتقبيل منها وَجنة ً
تحمي بعقرب صدغِها تفّاحها
خوطيّة ُ العطفينِ ذاتُ موشحٍ
منه على غُصنٍ تديرُ وشاحها
مجدولة ٌ بيضاءُ رائقة الصبا
ملكت على أهلِ الورى أرواحها
وبمسقَط العلمينِ غازلتُ الدمى
فَعَلقتُها مرضى العُيون صحاحها
من كلِّ صاحية ِ الشمائل لم يزل
سكرُ الدلالِ بما يطيلُ مراحها
زفَّت إليَّ كخدِّها عِنبيَّة َ
خضبت بلونِ الراح منها راحها
وتروَّحت ذاتُ الأراكِ بنفحة ٍ
منها فشاقَ عبيرها مرتاحها
وإلى أبي الهادي بعثتُ بمثلها
في الحسن ما استجلى سواهُ ملاحها
لأغرَّ يبسطُ في المكارم راحة ً
بيضاء تمتاحُ الورى مِصلاحها
ما استَغلَقت لبني المكارمِ حاجة ٌ
إلاّ وكان بنانُه مفتاحها
 
شعراء العراق والشام >> موسى حوامدة >> ملاذ
ملاذ
رقم القصيدة : 2196
-----------------------------------
مشروع للضجةْ
هذا الوطن المغلوب
وملاذ للبهجة
لكن
للغرباء !

شعراء العراق والشام >> موسى حوامدة >> مآرب أخرى
مآرب أخرى
رقم القصيدة : 2197
-----------------------------------
أعطاني سحرَ الكلمات
وكَلَّمَني تكليما
يا ألله
هَلْ يلقي عبدك موسى
في الناس نبَّوته وعصاه
بيضاءُ يدي
والطورُ طيورْ
سأشق البحرَ
وأرفعُ عن أرض الكنعانيين الجورْ
هارون أخي
والشعر شقيقي الأوفى
ولساني لا بد يدورْ
إني للرب الأقرب...منذور
مذ ألقتني أمي في اليمَّ
ومذ منحتني زوجة فرعون النورْ
***
نور... نور
نور ... ما
وسما
هي ذي نورما ؛
ماء رقراقٌ ،
شفافٌ ،
ما أصفاه
وما أحلاهْ
هي ذي نورما
لم تترك للربَّ دفاتر أو فرشاهْ
كسر اللوح المأثور رماه
لما طلعتْ من بين أصابعه
من تشبهه في علياه
وبدت إنجيلا معجزةً توراهْ
قراّنا لا بل نور حياة
لا تشبهها الملكاتُ
ولم تصنعها كل وصاياه
ضاع الدين وعبدك يا الله
في سيناءِ مفاتنها تاه
هي ذي نورما
امرأة ... من عين الله
حلم...من حلم الله
سر من كُنه الأسرارْ
نور من قبس الانوار
وحي…
.إلهامْ.. من لدن الله
وكما...حول القبة أسوار
وكما...فوق الهيكل
تحت الهيكل أشرارْ
حولَك يا ربي أشباه
لكني لا ألقي بالاً لبناتِ شعيبَ
ولا للقبطيات
إني عبد اللهْ...
ونبي الكلمات...
فأعد لي أرضَ الميعادْ
لأعود اليك
وأقيم لك الصلواتْ .

شعراء العراق والشام >> موسى حوامدة >> فلامنكو
فلامنكو
رقم القصيدة : 2198
-----------------------------------
يتلفت قلبي للوثنية
فيضجُّ الصدر المتعبْ
ويغني بالإسبانية ؛
ايفيا اسبانيا
ايفيا يا حرية
,,
فلامنكو ….
حرب بين الماضي والحاضر
تتلاحقُ دقات الأقدام
تتسارع إيقاعات الأكعُبْ
فأرى غرناطة تهتز
وأرى عبد الرحمن الداخل
يهوي..
ابنَ زيدون يترنَّحْ
وابن حزمٍ يشنق بالطوق
أرى ولادة بنت المستكفي
وأرى ما لا يكفي
***
تتساقط أسْدُ القصر الأحمر
يتراجع طارق
ماذا لو لم تحرقْ
عرش الماء
ولمْ تخرق أستارَ الميناء؟
فلامنكو؛
تتقافز ذاكرة التاريخ
يتداعى شعرٌ موسيقى فلسفةٌ وفنونْ
يتدلى حبل جنونْ
يتهاوى حكام مأفونونْ
يتهاوى وجه أبي عبد الله
يتهاوى وجه المغربْ
يتهشم سيف العرب البائد
تتسارع دقات الرقص
تتعالى أنغام النصر
تتمايل ناحلة الخصر
يتدفق في الخاطر
وجه الراقصةِ العربية
لكنْ بالأسبانية
يأتي رقص ساحر
…..
يتأسَّى وجه الشرق
يتشظّى باب الشام
تتناثر بغدادُُ
أو بيتُ المقدسِ
لا فرقْ
يتجاوز هذا الرقصُ دمي
يهمي
في مسرح روحي
روحي إذ / تطلع من جسدي
إو ترقص مع لوركا :
إيفيفا إسبانيا

شعراء العراق والشام >> موسى حوامدة >> غيمة
غيمة
رقم القصيدة : 2199
-----------------------------------
محبوسةٌ في البحر. . .
لا شمس ترفعها بخارا
لا ريح تنثرها سماءً
لا رعد يخلع قلبها
لا برق يخطف لبها
لا ظِلَّ يجلب ماءها
فتظل قاحلةً. . .
بلادي .
 
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> ماذا تبقى من أرض الأنبياء؟
ماذا تبقى من أرض الأنبياء؟
رقم القصيدة : 22
-----------------------------------
ماذا تبقى من بلاد الأنبياء..
لا شيء غير النجمة السوداء
ترتع في السماء..
لا شيء غير مواكب القتلى
وأنات النساء
لا شيء غير سيوف داحس التي
غرست سهام الموت في الغبراء
لا شيء غير دماء آل البيت
مازالت تحاصر كربلاء
فالكون تابوت..
وعين الشمس مشنقةُ
وتاريخ العروبة
سيف بطش أو دماء..
ماذا تبقى من بلاد الأنبياء
خمسون عاماً
والحناجر تملأ الدنيا ضجيجاً
ثم تبتلع الهواء..
خمسون عاماً
والفوارس تحت أقدام الخيول
تئن في كمد.. وتصرخ في استياء
خمسون عاماً في المزاد
وكل جلاد يحدق في الغنيمة
ثم ينهب ما يشاء
خمسون عاماً
والزمان يدور في سأم بنا
فإذا تعثرت الخطى
عدنا نهرول كالقطيع إلى الوراء..
خمسون عاماً
نشرب الأنخاب من زمن الهزائم
نغرق الدنيا دموعاً بالتعازي والرثاء
حتى السماء الآن تغلق بابها
سئمت دعاء العاجزين وهل تُرى
يجدي مع السفه الدعاء..
ماذا تبقى من بلاد الأنبياء؟
أترى رأيتم كيف بدلت الخيول صهيلها
في مهرجان العجز…
واختنقت بنوبات البكاء..
أترى رأيتم
كيف تحترف الشعوب الموت
كيف تذوب عشقاً في الفناء
أطفالنا في كل صبح
يرسمون على جدار العمر
خيلاً لا تجيء..
وطيف قنديل تناثر في الفضاء..
والنجمة السوداء
ترتع فوق أشلاء الصليب
تغوص في دم المآذن
تسرق الضحكات من عين الصغار
الأبرياء
ماذا تبقى من بلاد الأنبياء؟
ما بين أوسلو
والولائم.. والموائد والتهاني.. والغناء
ماتت فلسطين الحزينة
فاجمعوا الأبناء حول رفاتها
وابكوا كما تبكي النساء
خلعوا ثياب القدس
ألقوا سرها المكنون في قلب العراء
قاموا عليها كالقطيع..
ترنح الجسد الهزيل
تلوثت بالدم أرض الجنة العذراء..
كانت تحدق في الموائد والسكارى حولها
يتمايلون بنشوة
ويقبلون النجمة السوداء
نشروا على الشاشات نعياً دامياً
وعلى الرفات تعانق الأبناء والأعداء
وتقبلوا فيها العزاء..
وأمامها اختلطت وجوه النساء
صاروا في ملامحهم سواء
ماتت بأيدي العابثين مدينة الشهداء
ماذا تبقى من بلاد الأنبياء؟
في حانة التطبيع
يسكر ألف دجال وبين كؤوسهم
تنهار أوطان.. ويسقط كبرياء
لم يتركوا السمسار يعبث في الخفاء
حملوه بين الناس
في البارات.. في الطرقات.. في الشاشات
في الأوكار.. في دور العبادة
في قبور الأولياء
يتسللون على دروب العار
ينكفئون في صخب المزاد
ويرفعون الراية البيضاء..
ماذا سيبقى من سيوف القهر
والزمن المدنس بالخطايا
غير ألوان البلاء
ماذا سيبقى من شعوب
لم تعد أبداً تفرق
بين بيت الصلاة.. وبين وكر للبغاء
النجمة السوداء
ألقت نارها فوق النخيل
فغاب ضوء الشمس.. جف العشب
واختفت عيون الماء
ماذا تبقى من بلاد الأنبياء؟
ماتت من الصمت الطويل خيولنا الخرساء
وعلى بقايا مجدها المصلوب ترتع نجمة سوداء
فالعجز يحصد بالردى أشجارنا الخضراء
لا شيء يبدو الآن بين ربوعنا
غير الشتات.. وفرقة الأبناء
والدهر يرسم صورة العجز المهين لأمة
خرجت من التاريخ
واندفعت تهرول كالقطيع إلى حمى الأعداء..
في عينها اختلطت
دماء الناس والأيام والأشياء
سكنت كهوف الضعف
واسترخت على الأوهام
ما عادت ترى الموتى من الأحياء
كُهّانها يترنحون على دروب العجز
ينتفضون بين اليأس والإعياء
ماذا تبقى من بلاد الأنبياء؟
من أي تاريخ سنبدأ
بعد أن ضاقت بنا الأيام
وانطفأ الرجاء
يا ليلة الإسراء عودي بالضياء
يتسلل الضوء العنيد من البقيع
إلى روابي القدس
تنطلق المآذن بالنداء
ويطل وجه محمد
يسري به الرحمن نوراً في السماء..
الله أكبر من زمان العجز..
من وهن القلوب.. وسكرة الضعفاء
الله أكبر من سيوف خانها
غدر الرفاق.. وخِسة الأبناء
جلباب مريم
لم يزل فوق الخليل يضيء في الظلماء
في المهد يسري صوت عيسى
في ربوع القدس نهراً من نقاء
يا ليلة الإسراء عودي بالضياء
هزي بجذع النخلة العذراء
يتساقط الأمل الوليد
على ربوع القدس
تنتفض المآذن يبعث الشهداء
تتدفق الأنهار.. تشتعل الحرائق
تستغيث الأرض
تهدر ثورة الشرفاء
يا ليلة الإسراء عودي بالضياء
هزي بجذع النخلة العذراء
رغم اختناق الضوء في عيني
ورغم الموت.. والأشلاء
مازلت أحلم أن أرى قبل الرحيل
رماد طاغية تناثر في الفضاء
مازلت أحلم أن أرى فوق المشانق
وجه جلاد قبيح الوجه تصفعه السماء
مازلت أحلم أن أرى الأطفال
يقتسمون قرص الشمس
يختبئون كالأزهار في دفء الشتاء
مازلت أحلم…
أن أرى وطناً يعانق صرختي
ويثور في شمم.. ويرفض في إباء
مازلت أحلم
أن أرى في القدس يوماً
صوت قداس يعانق ليلة الإسراء..
ويطل وجه الله بين ربوعنا
وتعود.. أرض الأنبياء
 
شعراء العراق والشام >> موسى حوامدة >> يوسف
يوسف
رقم القصيدة : 2200
-----------------------------------
لم يسقط (يوسف )* في الجُبْ
لم يأكله الذئبُ
ولم تنقصْ من خزنة مصر الغلّة
لم تكذبْ
تلك الملكة
وزليخة لم تر يوسفَ أصلا
من يوسف هذا؟ ؟
نسلُُ مطرود يعمل خبازا أو ناطورا
يتخيل أن تصدفه الملكة
يتوهم أن تعشقه الملكة
ويغالي في السرد فيوهم إخوانه
أن المصريات يضاجعن الإسرائيليين
***
كفوا عن سرد القصة
فزليخة أنقى من هذا اليوسف
والقصة أكبر من تأليف واه
وكأن السيدة الأولى عاهرةٌ
لا تحكم كل رجال النيل
***
أصحيح أن النسوة قطّعن الأيدي
لما شاهدن الخباز؟؟؟
كذب الكفرة
لو كان الأمرُ صحيحاً
لغرقنا في بحر دم أحمرْ
في كل مساءْ!!!
لكن الكذبة
صارت أَمْرَ سماءْ
همّت همّا
همّا... همّت...
هم الخباز
كل القصة ؛
رغبةُ خَدّام
أو صعلوك في لثم يد الملكة.
* بناء على طلب المحكمة الشرعية في الأردن نشير هنا إلى أن يوسف في القصيدة ليس النبي يوسف عليه السلام, بل هو رمز للصهاينة الحاليين ولا تسعى القصيدة لنفي القرآن الكريم, ونرجو ألا تفهم القصيدة في غير هذا القصد.

شعراء العراق والشام >> موسى حوامدة >> يا مراثي
يا مراثي
رقم القصيدة : 2202
-----------------------------------
يتها المراثي ما حبيبي جسدا فأحضنه
ولا غيماً فأسكبه
ولا بشرا فأندبه
ولا ناياً فيطربني وأطربه
ولا بيتاً يهدَّمه ؛ فأبنيه
ولا هو مَيتٌ أبكي عليه وأندبُ الزمنا
ولا مقتولُ غَدْرٍ لا يني
دَمُه يحرضني,
ولا هو غائب عني
فأبحثُ في العواصم عن مُحياهُ,
ولا هو مدبر عني
فألحقُه / أُراضيهِ,
ولا هو مقبلٌ نحوي
فأفرح حينما يدنو
وأُعطيهِ
دموعَ العين
والقبلاتِ أُعطيهِ
وأمنحه شذى روحي وأَحميه
ولا هو جاثم تعبُُ فأوقظه أسامره , أُنَسّيهِ
ولا هو خائفٌ فَزعٌ فأقربه
أُطمْئِنُهُ
أُهَدْهِدُه
أهّديهِ
****
حبيبي ليس من ورقٍ فأَحفظهُ من النارِ
ولا هو دفترٌ سرٌ / فأُخفيهِ
ولا عشق تحرمه الشرائع كي أُغطيه
من العارِ
****
يتها المراثي والزمانْ
لا تأخذوا مني الحصانْ
لا تجرحوا قلبي الطري
لا تكشفوا عني الأَمان
****
يتها المراثي والزمنْ
لا تسقطوا فوقي الكفن
هو جثتي وأنا البدنْ
****
يتها المراثي والمحنْ
لا تعزفوا لحنَ الوداع
هو موطني وأنا الوطن

شعراء العراق والشام >> موسى حوامدة >> حنظلة
حنظلة
رقم القصيدة : 2203
-----------------------------------
إلى ناجي العلي: -
ولو أَنَّي استطعت لقلت شعرا إلى بلد تعلق في هواكا
فما نفع الكلام اذا استحلنا إلى حجر تَخفّى كي يراكا
وما نفع الدموع بلا نفير اذا ما كُنتَ في شعب فداكا
تخطى الشعر قلبَ الموت حيا وجاوز في محاسنه السِماكا
لأنك ما عرفت الخوف يوما ولا نزلتْ على ذل يداكا

شعراء العراق والشام >> موسى حوامدة >> نحو الجنوب
نحو الجنوب
رقم القصيدة : 2204
-----------------------------------
هي ذي الطفيلهْ
جدول الأرض الغليلةْ
عند النجوم مكانُها
وعلى الفؤاد لها ندى
ومن السماء لها جديلةْ
هي مركز اللغة الجميلة
كلما جئنا إليها خافَ شيطانُ الطريق
وانما ترمي العدوَّ بألف حيلةْ .
***
هي ذي الطفيلة
يا زهرة القلب الجميلة
يا دفقة الشوق الأَصيلة
نامي على حضن الجنوب
رُدَّي له الروحَ التي شهقت
وردي بهجة النفس العليلةْ .
***
هو ذا الجنوب
هي ذي معان
هي ذي الكركْ
يا شعرها المنساب في صحن الفلكْ
من رَتَّبكْ
من قاوم الولدَ الذي فيكِ ارتبكْ؟؟
***
نحو الجنوب
هربت عصافير القصائد وارتمى في حضنها
الولد اللعوبْ
جئناكِ من كرم الهوى
جئناكِ نغزل رايةَ الوطن السليبْ
جئناك أمساخا من الورق الكذوبْ
فاحني على قاماتنا
وخذي أيادينا التي ارتعشت على نقل العيوب
قاماتنا تمشي إليكِ
وشِعرُنا لغوٌ إذ لم يغتسل من راحتيكِ
فهات أحلاما
وهات بلاغة السر العجيبْ
واذا تكسر ريحنا
فالأرضُ باقيةٌ وأجملها الجنوبْ
***
نيسان شهر الأرض يحمله الفدائيون فوق زنودهم
وحجارة الاطفال ترسمه ربيعا أَخضرا
نبتت عليه الروح..
فامتدَّ الهَبوبْ
***
هوذا الحنوبْ
وقفتْ عليه الروم تمنع صوته
فتراكض اللحن الغضوب
***
هوذا الجنوبْ
صحراءُ أسرجها الرحيل إلى العراء
والفرس للغرباء
والروم للجبناء
..............
عذرا فقد خذل السراب حصافة الاشياءْ .
 
شعراء العراق والشام >> موسى حوامدة >> وطن
وطن
رقم القصيدة : 2205
-----------------------------------
منفي في الحانات ومسلوب الروعة
يعبده التجارُ و تحرسه السمعة
وطن حرٌ حتى تعويم السكان
وتحرير السلعةْ
وطن..هذا أم جرعة
بل شقفةُ ماريجوانا أو قطعةْ,
حَشَّشْ يا ماجد
واخمرْ يا سمعةْ
هذا وطن الحشاشين فقطْ
والمشتغلين بتهريب الفوسفات وتحريم الجعة
وطن لو نعطيه السبت...
لأَقسَم أنَّ اليومَ الجمعةْ
وطن لو نسكنه عجلون
لعز علينا القلعة
وطن لا يأبه للجوع
ولا يرفع رأسا عند الفزعةْ.

شعراء العراق والشام >> موسى حوامدة >> يا أرض
يا أرض
رقم القصيدة : 2206
-----------------------------------
عليكِ اللعنة
يا أمي الارضُ ..
ترابك جسمي
صخركِ عظمي
قلبك نبضُ دمي
يا أمي الأرض ويا أمي
منك أنا أو مني انت
فلماذا أقتلُ قبلَ أواني؟
ولمن تلديني
والموت القتلُ,
اّخرُ افعالي
ولماذا أولد منك
لأكبر
ثم تعضيني؟
يا أرضُ ترابك جسمي
صوتك صمتي
صمتك صوتي
قولك بابي المشرعْ
كأسي المترعْ
أفكارك هيكل عظمي
يا أمي الارض ,ويا أمي
طينك يخنقني
وشفاهك تحرقني
ونهودك ترضعني لبن الغدر
. . .
في جوفِك ذُلٌّ الكَهَّانِ
نعيب الموت
دبيب الخلق واعراس الغربان
***
يا أرضُ سواءٌ يدفن في بطنك حتى العشاق
ورعاة البؤس وقطاع الرزق
وسعاة الله إلى الدنيا
**
يا أرضُ تنامينْ
والقاتل في أحْشائك والمقتول
الظالم والمظلوم
الحاكم والمحكوم
الجاهل والمجهول!!!
***
يا أرض عليكِ اللعنة
هل جسدي من طينٍ مجبول
أم من جسد مجهول؟
من عضو مبتور
أم من عصف مأكول؟
من ماء شرير أم من طين مغلولْ!؟؟؟
***
يا أرضُ يموت الطينُ
ويسألني النور
عن عملي المستور
وَدميَ المهدور!!!
***
يا أرضُ عَليك اللعنة
من طينك جاء القاتل
أمْ من طينك جاء المغدور؟
ما شئتِ …عذاب
موت وخرابْ
فانتفضي من هذا الدور المكرور
وخذي شهادَك...
شُهادَ الزورْ .

شعراء العراق والشام >> موسى حوامدة >> تدجين
تدجين
رقم القصيدة : 2207
-----------------------------------
من حين لحينْ
يَرْتَجَُ الروتين
لتقوم الثوراتْ
ويظل التدجينْ
مطلوبا في كل الاوقاتْ
***
الخرفانُ البيضاء
الخرفان الشمعية
تشرب من ذات الماء
لتعانق سكين القصاب
***
ضحك الرب
ضحك الخوري
وغدا الأبْ
بفؤاد مطليٍ بالجور
وقميصٍ مقطوع الأزرار .

شعراء العراق والشام >> موسى حوامدة >> اللعبة !
اللعبة !
رقم القصيدة : 2208
-----------------------------------
جَفَّتْ حلماتُ الأرض
ذوت أثداء الدهر
وشاب الكونُ ,
فمنذ ملايين السنوات
والأَرضُ تدور
والشمس تحاول إحراق الدنيا
ترمينا بالضوء وبالبخور
لكنا نفلتُ نارَ الشمس
لنلقي أنفسنا في الديجور,
نحلم بالنار الأخرى
والوعد المسطور
****
جفت أثداءُ الأرض
ذوت حلمات الكون
وما زال الانسان
يفتش عن سر النون
وباب البيت المهجور
****
لم تأت الشمسُ لتعطينا
درسا في الإشراق
فالشمسُ ضحية طفل مبهور
واللعبة من نار
واللاعب من نور
والأرض تخاف الشمس
فتهرب بالسكان,
لكن الناس سكارى
لا يدرون!
****
العاشق لَمْ يَتأمَّلْ
مغرور
يأتي للموعد يحمل وردة؛
الوردةُ تشبه عين الشمس
الوردةُ تذبل ,
لكن العاشقْ
روح تُشرقْ
قلب مكسور
ما زال يفكر ان الوردَ رسولٌ كافٍ للمرأة
المرأةُ دارتْ فيها الأرضُ
دارت دارت وتدور
والعاشق عند الموعد
حط العمر ونام,
مسكين حتى العاشق
لا يدري ما يحدث في هذا الكون المسحورْ .
****
يبست أثداء الحبَّ
شاب الخلق وابيض الطين
وعلا من بين الناس سؤال محذور
(ما سر الكون المستور؟)
****
الشعر حبيس الكون
والكنز عميق الدفن
والشاعر قام
من بين ركام الكلمات :
ياحراس الكهف المهجور
من يدنو من هذا السور؟
من يستغني عن فرح العمة
كي يمسك هذا النور؟
****
جَفّت حلمات الشعر
ذَوَتْ أثداء الدهر
والشمس تدور
لا تأبه بالكرة الخرساء
ولا تبغي إلا ادخالَ الناس إلى التنور
فاللعبة نار
واللاعب نور
والكون ضحية هذا اللعب المسعور !

شعراء العراق والشام >> موسى حوامدة >> غدر
غدر
رقم القصيدة : 2209
-----------------------------------
بحور الشعر نعرفها / ونعرف قيمة الجِرس
ونبني شعرنا حرا على بيت من الاُْنس
نخون الشعر احيانا لوجه الجن والاِنس
واوقاتا نهدهده
ونرفعه على الرأس
واحيانا نكسره وننثره بلا طرس
واحيانا نغازله ونغزله على الأسِ
واحيانا نعاقبه وندفعه عن النفس
ونطعنه بارماح واسياف وبالترس
يصابحنا فندفعه
ونلحقه فلا يمسي
ويغوينا فنطرده وننشده بلا لُبس
بكت أوزانه دهرا
وظلت حجة البؤس
بريئا من هوى التقليد
نفّارا من الأمس
فلا يأبه الى (فَعِلن)
ولا تفعيل او جرس ِ
طليقا من خطايانا
شريدا في لظى المسِّ
 
شعراء الجزيرة العربية >> غازي القصيبي >> برقية عاجلة إلى بلقيس
برقية عاجلة إلى بلقيس
رقم القصيدة : 221
-----------------------------------
ألومُ صنعاءَ ... يا بلقيسُ ... أمْ عَدنا ؟!
أم أمةً ضيعت في أمسها يَزَنا ؟!
ألومُ صنعاء ... ( لوصنعاءُ تسمعني !
وساكني عدنٍ ... ( لو أرهفت أُذُنا )
وأمةً عجباً ... ميلادها يمنٌ
كم قطعتْ يمناً ... كم مزقتْ يمنا
ألومُ نفسيَ ... يا بلقيسُ ... كنت فتى
بفتنة الوحدة الحسناء ... مفتتنا
بنيت صرحاً من الأوهام أسكنه
فكان قبراً نتاج الوهم ، لا سكنا
وصغتُ من وَهَج الأحلام لي مدناً
واليوم لا وهجاً أرجو ... ولا مُدُنا
ألومُ نفسيَ ... يا بلقيسُ ... أحسبني
كنتُ الذي باغت الحسناء ... كنتُ أنا !
بلقيسُ ! ... يقتتل الأقيالُ فانتدبي
إليهم الهدهد الوفَّى بما أئتُمِنا
قولي لهم : (( أنتمُ في ناظريّ قذىً
وأنتمُ معرضٌ في أضلعي ... وضنا ! ))
قولي لهم : (( يا رجالاً ضيعوا وطناً
أما من امرأةٍ تستنقذ الوطنا؟! ))

شعراء العراق والشام >> موسى حوامدة >> كرسي
كرسي
رقم القصيدة : 2210
-----------------------------------
بلادٌ فوقها كرسي وحرٌ حامِلُ المُرْسِ
تشحُّ مياهها عَنَّا وتروي كلَّ ذي بأسِ
تَضنُّ بخيرها نكداً وتغبطُ كلَّ مندسِ
تقيم مآتماً فينا وتحرمنا من العرسِ
تؤاسينا وتؤسينا تَسدُّ منافذ الشمسِ
وللغرباء خضرتُها وبهجتُها من الأمسِ
نحاورُها نداورها فتفحمنا بلا هَمْسِ
ونكرمها فتحرمنا هَوى الأفراح والنَفَسِ
ونعطيها فتأخذنا إلى عَيْشٍ منَ الهَوسِ
نهدهدها ندللها فترمينا إلى العسسِ
نصادقها ونصدقها فنصدفها على الدَلسِ
نخاطبها ونخطبها فتقذفنا الى اليبسِ
نحررها فتمنحنا يَدَ الرومان والفرسِ
بلادٌ ما لها دينٌ تدينُ لعابرٍ نجسِ

شعراء العراق والشام >> موسى حوامدة >> سبيل
سبيل
رقم القصيدة : 2211
-----------------------------------
أيُّ سبيل للجنة؟
تربيةُ الأولاد
تطبيق السنة؟
أمْ طاعة أولي الأمر
رضا الأبوين
إسلام السياح
تبخير الاشباح
إكرام السائل
تنظيف العنَّة؟!
,
أي سبيل للجنة؟
جلد الحموات
أم ضرب الكنة!
,
أي سبيل للجنة؟؟؟؟؟؟؟
تكحيل العينين
مصُّ المسواك
واستخدام الحنة
ام تقديس الحشرات
وتفخيم الغُنَّة ؟
***
أي سبيل للجنة؟
إفتونا يا علماء السُنّةْ
ماذا كنتم ؟؟ماذا كنا؟؟؟
واذا عصفورٌ
سَبَّح
أو غَنَّى
هل يدخلُ معنا الجنة!

شعراء العراق والشام >> موسى حوامدة >> بصارة
بصارة
رقم القصيدة : 2212
-----------------------------------
نظرتْ في الفنجان
وغامت في حثل البن وقالت :
(أفقٌ مفتوح الخطين
وطاقة خير
وزواج قادم
إبنُ العمَّ هناك يريد الثأر
والفارسُ من دين اخر
المهرةُ تركضُ في سهل أحمرْ
العرسُ يكون
والحفلة ضيقة المدعوين!!)
- باركْ يا رب العرس
وحَّد بين الصيحة والهمس
تممْ هذا الأُنسْ
واجمعْ في الحب عروسين
*****
نظرتْ في الفنجان
وأنّت
حزنت جُنَّت
(قبل العرس بيومين اثنين)
صرختْ:
(سُدَّت في وجهك كل الارض
وضاعت من يدك الدنيا...)
شهقتْ...نشجتْ
(أمر مربك )
عادت تقرأ في الفنجان وتصرخ
(حسبَكَ
يا ربي حسبك)

شعراء العراق والشام >> موسى حوامدة >> عبدالله
عبدالله
رقم القصيدة : 2213
-----------------------------------
يا عبد الله
من مَلَّكَكَ العربية
من أهداك القران
وأعطاك الكعبة؟
يا عبد الله
إن الله
لم يخترك لتحصيل الجزية
أو سفك دم الصوفية
****
عبد الله الان سجين
سجنته البلدية
إذ كان يبيع الناسَ
حصى الجنة
وعصا موسى السحرية!!
 
الوسوم
الشعر العربي العصور جميع دواوين
عودة
أعلى