شعراء العراق والشام >> طلعت سقيرق >> لصيدا عرسنا الأول
لصيدا عرسنا الأول
رقم القصيدة : 2122
-----------------------------------
زمانَ الوصلِ
فاصلةَ العيونِ السودِ
أمنيتي ..
وموالَ الذي في القلبِ
دبكتَنا .. انتشارَ العرسِ
قافيتي ..
بدأتكِ من توهجنا
على حباتِ هذا الشوقِ
ندخلُ في مراكبنا
وتشربني إذا ما جئتُ ظمآناً
على أوتار أغنيتي
أحبكِ كم يطولُ العشقُ
كم أعطيكِ زهرَ الروحِ
أدخل فيكِ .. أو في الشمسِ
بينَ ضلوعنا ..
رئتي ..
* * *
أمدُّ القلبَ أغنيةً
أشد مرافئَ الألحانِ
ترقصُ في العيونِ الشمسُ
هذا العيدُ
عرسُ القبلةِ الأولى
وعرسُ النجمةِ السمراءِ
يغتسلُ الصباحُ الآنَ في الطرقاتِ
يرتدُ الندى ..
والزهرةُ الحمراءُ تخرجُ من ضفيرتها
لتتلوَ آيةَ الأفراحِ
تقرأها على هذا المدى الممتدَّ
يا ابنَ الخيمةِ السمراءِ
لا ترفعْ سوى عينينِ كالشمسِ
ولا تخرجْ منَ الطلقاتِ لا تخرجْ
منَ الأرضِ التي شدّتْ .. على لحمِ
الزنودِ السمر .. لا تخرجْ
فصيدا أولُ الشعلهْ
وصيدا أولُ المشوارِ
صيدا روعةُ القبلهْ
* * *
أسيرُ الآنَ في الطرقاتِ
ألثمُ قامةَ الأشجارِ
ألثمُ طلعةَ الأشعارِ
أعبدُ جبهةَ البحارِ
قامتهُ التي انتصبتْ
وراحتْ ترسلُ المجدافَ
تكسرُ حدةَ الأمواجِ
ترجعها ..
/ وأعبدُ هذهِ الكفَّ التي امتدَّتْ
على طلقاتها شدتْ
لأجلِ النور .. ما لانت
ولا ارتدتْ .. /
أسيرُ الآنَ في الطرقاتِ
تغسلني
زغاريدُ العيونِ السمرِ
يا أماهُ
جئتُ أراكِ في الأبوابِ
جئتُ أراكِ في أنشودةِ الأطفالِ
في الموّالِ
في الزندِ الذي شالتْ
يداهْ الأرضَ
أغنيةً
وطرحةَ عاشقٍ يشتدُّ
في الخفقانِ
يا أماهُ
مرتْ طلقةُ الشهداءِ
كنتُ أراكِ تبتسمينَ
ترتحلينَ في الزغرودةِ البيضاءِ
تمتشقين حدَّ القلبِ والشريانِ
وجهكِ كانَ في صيدا
وصيدا كم تحبُّ الآنَ
صيدا تغسل الطرقاتِ
من عرقِ الرحيلِ المرِّ
توقد شعلةَ الميلادِ
ترسلها إلى الأعلى
وتشعلُ نجمةً حمراءَ
تصرخُ في شوارعنا
وفي الطرقاتِ ..
لا ترحلْ ..
يداكَ الآنَ ماءُ الأرضِ .. لا ترحلْ
ولا تخرجْ منَ الطلقاتِ لا تخرجْ ..
فصيدا أول الأعراسِ
صيدا أولُ المشوارِ
لا تخرجْ
من الطلقاتِ لا تخرجْ
* * *
أسيرُ الآنَ في الطرقاتِ
تشتدُّ الزنودُ السمرُ
أغنيةً .. وقافيةً
يرد العرسُ ماءَ القلبِ يغسلهُ
هنا انزاحتْ ظلالُ الليلِ .. وارتحلتْ
هنا انشلحتْ عنِ الأحجارِ غربتُها
هنا عادتْ إلى الأشجارِ خضرتها
رأيت الأرضَ قد ضفرتْ على الأفراحِ
طرحتها
وراحت تحضنُ الأبطالَ تسقيهمْ حلاوتها
وترفعهم إلى الأعلى ..
إلى الأعلى .. إلى الأعلى ..
على زندينِ من عبقٍ
أمرّ الآنَ يا أماهُ في الطرقاتِ
تمتد الزنودُ السمرُ تأخذني
أمرُّ الآنَ في صيدا
أرى حيفا على الشرفاتِ يا أمي
أرى يافا .. أرى عكا ..
أمد يدي إلى الطرقاتِ أحضنها
أعانق زهرةَ الشهداءِ
ترفعني إلى الأعلى ..
إلى الأعلى ..
نشد الخطوةَ الحمراءَ نرسلها
على الطرقاتِ نرسلها
منَ الحجر الذي يمتد
حتى الطلقةِ الحمراءِ نرسلها
ولا نرتدُ .. لا نرتدُ
نشعلُ دربنا نمضي ..
ولا تهتزُّ خطوتنا
رأيتُ الآنَ في صيدا
وجوهَ الأهلِ في حيفا
وكانت طرحةُ الميلادِ
تكسرُ حدةَ المنفى
وكنتُ أمر في الطرقاتِ أرفع رايةَ
العودهْ
وصيدا تطلقُ الزغرودةَ السمراءَ
لا تخرجْ
وكنتْ أصيحُ لن نرتدَّ .. لن نرتدَّ
نشعل دربنا نمضي
فصيدا عرسنا الأولْ ..
وصيدا طلقةُ الأفراحِ ..
صيدا زهرةُ المشعلْ ..
شعراء العراق والشام >> طلعت سقيرق >> أين الطريق إلى دمي
أين الطريق إلى دمي
رقم القصيدة : 2123
-----------------------------------
من أيّنا هذا النشيجُ
وأينا
كانت يداهُ على الحجرْ ؟؟
قد رابني
أو رابني
لما فتحتُ السمعَ
أنَّ البرقَ لم يحملْ مطرْ ..
ودخلت في جسدِ الضحيةِ مثقلاً
بهمومِ قافيتي
وما لمَّ الشتاءُ عنِ الشجرْ
وبدأتُ من قيثارتي حتى دمي
من كلِ آياتِ الترحُّلِ
في الطريقِ إلى الوترْ
/ ساءلتُ وجهَ صبيةٍ
عن وجهتي
ضحكتْ دموعاً وانطوتْ
ساءلتُها ..
أينَ الطريقُ إلى دمي ..
ضحكتْ دموعاً وانتحتْ ..
ساءلتها ..
صرختْ ولمَّتْ روحها ..
ضيعتَ يا هذا الأثرْ /
وبدأتُ من قيثارتي
لمّا انتبهتُ إلى حروفِ الجرِّ
في جلدِ الطريقْ
ثم استربتُ
وعدتُ من وجهِ الضحيةِ مثقلاً ..
وأخذتُ أسألُ أينا
يا صاحبي
كان الشظيةَ
أينا كانَ الضحيةَ ؟؟
ثم عدتُ إلى جراحي
والرصاصاتِ التي كانت على لحمي
وبينَ أصابعي
حدقتُ في وجهي
ووجهكَ
فاستربتُ
دخلتُ في وجهِ البلادِ محملاً
بالسفعِ .. والسبعِ العجافِ
محملاً ..
بالقاذفاتِ
وجفَّ في الضرعِ المطرْ ..
* * *
بلحٌ يداكْ
ورسالتي بلحٌ .. إذا ..
عضتْ على لحمي رؤاكْ
في خطوةِ الإسراءِ لمْ ..
أكمل هواكْ ..
يا أنتَ يا هذا البلدْ
زانتكَ أغنيةُ الرحيلِ
وما اتكأتَ على الزبدْ
وإذا يداكَ قصيدةٌ
ولها البلحْ
لم تتئدْ في حفظِ أغنيتي ..
ولمْ ..
لمْ تتئدْ ..
حينَ انسحبتَ ميمماً شطرَ البلدْ
وصرختَ لا تتكاثروا
فلكلِّ من دخلَ المخيمَ عارياً
أو حافياً
من ريبةِ الفوضى ..
بلحْ
فتكاثروا في جلدِ قافيتي
ولا .. تتناثروا
شدّوا على لحمي وإنْ
سقطَ البلحْ
شدوا على لحمي وإنْ
جفَّ البلحْ
فيدايَ في كلِ الجهاتِ
لكم بلحْ
* * *
يا صاحبي
اخلعْ رصيفكَ من دمي
أودعْ دمي عندَ الرصيفْ
وجهي .. ووجهكَ .. فالتفتْ
قد نلتقي بينَ البدايةِ .. والبدايةِ
نلتقي ..
في ظلِّ خيمتنا التي
جاعتْ على حدِّ الرصيفْ
وجهي .. ووجهكَ .. أيّنا
خلعَ العباءةَ واحترقْ
من حوَّلَ الخطواتِ أنْ ..
تمضي إلى هذا الغرقْ
أشتدُّ فيكَ وأنتَ في ..
ضلعي ألقْ ..
لما قسمتُ ملامحي
ضيعتُ من وجهي ووجهكَ ما اتفقْ
فاخلعْ رصيفكَ أو رصيفي
وادخل معي ما شئتَ من هذا الرّدى
يا صاحبي
لما حملتُ الماءَ
ضيعتُ الحدائقَ .. واستربْتُ
وجبتُ ما بينَ البلادِ
نزلتُ في كلِّ الشوارعِ لم أجدْ
شجراً .. ولا .. فرساً .. ولا ..
فسقطتُ في تفاحتي
ورأيتُ ما بين انقسامِ السرّةِ الحبلى
عيونَ القادمينَ
وصرخةً
وفتاتَ زادْ
غيبتُ وجهي بينَ شطريها .. ولمْ ..
أرجعْ إلى تفاحتي ..
وأخذتُ أعوي ضائعاً
أعوي .. وأعوي ..
آهِ يا جرحَ البلادْ
أمشي إلى جسدي
وأبحثُ عن حدودِ قصيدتي
ويعادُ تقسمُ أنَّ ماءَ القلبِ .. لم
ينزلْ على جسدِ البلادْ ..
لمّا خلعتُ يديَّ من تفاحتي
صاحتْ يعادُ ولم تصحْ
شدتْ يدي ..
وتمنعتْ أن تنحني ..
ورأيت كيف تشققتْ
ظمأً على قيثارتي
راحت تجمّعُ ما تبقى من سحابِ قصيدتي
وقصيدتي لم تتحد بقصيدتي ..
لما حملتُ الماءَ
رحتُ أدورُ في كل الدروبِ
ولم أجدْ إلا الدروبَ المستحيلةَ
لم أجد أبداً يعادْ
ويعادُ في تفاحتي حتى دمي
لم تتكئْ مثلي على ملحٍ وماءْ
لم تبتدئْ من خطوةِ الصحراءِ
لمْ ..
لمْ تبتدئْ ..
من غيمةٍ وقفتْ على حدِّ الهواءْ
لم تنخلعْ من جذرها
ويعادُ تبتدعُ الصباحَ نديةً
وتروحُ في مشوارها
لا ترتدي ثوبَ التغربِ عن دمي ..
وأنا استربتُ
فأينا
دخلَ المساءْ
وأنا استربتُ .. فأينا
لما ابتدأتُ ألمُّ لحمَ قصيدتي
شقَّ الثيابَ وما ارتدى
إلاّ الردى
حتى نزلتُ إلى الشوارعِ عارياً
ورجمتُ وجهكَ .. ثم وجهي
صحتُ اتكئْ
جلدي تمزقَ فاتكئْ ..
كي ندخلَ البلدَ المغيبَ في كلينا
ومعاً إذا جاءَ الصباحُ سنبتدئْ ..
فادخلْ دمي
وإذا اتكأتَ على دمي
فارفعْ ذراعكَ ربما ..
شدت أصابعنا معاً ..
شدت على خصرِ السحابْ ..
شعراء العراق والشام >> طلعت سقيرق >> من أجل قامات الصباح
من أجل قامات الصباح
رقم القصيدة : 2124
-----------------------------------
داومتُ أن أبني دمي
شجراً على صدرِ النهارْ
شمساً وقافيةً …
ونارْ
أمضي إلى من شرَّشتْ
في القلبِ .. منْ
شدتْ على قيثارتي
حتى اليدينِ وأشعلتْ
لحنَ الرجوعِ إلى الديارْ
… وإذا أنا ضلعُ المخيمِ أرتدي
من وردةِ الشهداءِ منْ ..
خطواتهمْ
هذا الحنينَ
وأرتدي
قيثارتي ..
أمتدُّ في الأرضِ التي في قامتي
وإذا أنا شوقُ المخيمِ أرتدي
ضلعَ النهارْ
شجراً وقافيةً .. ونارْ
* * *
نامَ الشهيدُ على ذراعكِ فافتحي
كلَ النوافذِ للصباحْ
نامَ الشهيد على ذراعكِ رائعاً
فتدفقي
في كلِ أوردةِ الصباحْ
شدَ الشهيدُ على ذراعكِ واثقاً ..
فتوهجي ..
وتوهجي ..
أنتِ الصباحْ
* * *
تفاحتي حينَ ارتديتُ شراعها
راحتْ تنقطُ ياسمينْ
وأنا الحنينُ .. أنا الحنينْ
أمشي إلى هذا الألقْ ..
أمشي إلى ضلعِ الفلقْ
* * *
داومتُ .. أن أبني دمي
داومت لا أرتدُ عن معنى اندفاعي
للشجرْ
عن كلِ ما كتبَ المطرْ
داومتُ أن أمضي إلى جدي
يصافحُ قامةَ الزمنِ الطويلْ
ويلفَّ فوقَ ذراعهِ
وجبينهِ
ضوءَ النخيلْ
داومتُ ما ارتعشتْ يدي
ما أدمنتْ ..
غيرَ التشبثِ بالقناديلِ المضيئةِ ..
بالدماءْ
من أجلِ قاماتِ الصباحِ
تلف أوردةَ البلادِ
تضيءُ للشجرِ الغناءْ
من أجلِ وجهِ الشمسِ في مينائنا
إن زغردتْ
أو أطلقتْ
شهبَ اللقاءْ
داومتُ أن أمضي إلى مشوارنا
والأرض تأخذني إلى ميلادنا
فأصيحُ يا أرضُ المددْ
يا أرضنا المددَ .. المددْ
كمْ لي إذا لفتْ يداكِ عظامَ جسمي
ما يطيبُ من التشهّي
واندفاعاتِ المواويلِ العتيقةِ
وانتفاضاتِ الحنينْ
كمْ لي إذا لفتْ يداكِ حدودَ جلدي
حينَ جدّي
يرفعُ الشجرَ المحنى بالنشيدِ
يمدهُ حتى عروقي
كمْ لي إذا شدتْ يدي
فوقَ اليدينِ وأسرجتْ
هذا اللقاءَ توهجاً
كم لي إذا مدنُ البلدْ
لمتْ على قيثارتي .. أحلامها ..
وتألقتْ حتى دمي ..
.. وإذا أنا ضلعُ المخيمِ والمطرْ
أمضي إلى قيثارتي
وأشد للصدر الشجرْ
وأشد للصدرِ
الشجرْ ..
شعراء العراق والشام >> طلعت سقيرق >> القطار
القطار
رقم القصيدة : 2125
-----------------------------------
هيَ الشوارع التي تجيء مرةً
وتسقطُ الشوارعُ التي تجيءُ مرةً
من اليدينِ.. لليدينْ
خواتمُ الصغيرةِ احتراقْ
وآخرُ الصهيلِ زفرةُ اشتياقْ
وبيننا..
حديقةٌ.. تموتُ مرةً .. ومرةً
يسافرُ الصغيرُ في بكائهِ
على الرصيفِ بقعة ٌ من المطرْ
مسافة من النشيدِ أولُ الشجرْ
تقول زهرةٌ لأختها
وتسقطانِ في انتفاضةِ الوريدْ
هيَ الشوارعُ التي..
وكنتُ بينَ لحظةٍ .. ولحظةٍ
أضيعُ في الزحامِ ثم ألتقي
بغربتي ..
نمدُّ لليدينِ خصلةً
وننثني ..
نضيعُ في الزحامِ .. نلتقي ..
تشدُّ أميَ الرحالَ مرتينِ في المساءِ
مرتينِ في الصباحِ
مرتينِ بينَ .. بينْ
ومرةً ..
أضاعتِ الأصابعَ التي تشدُّ
فانحنتْ ..
تشدُّ بالجراحْ ..
وهذهِ الشوارعُ التي ..
على الطريقِ بقعةٌ ..
وصرخة التياعْ
أصابع .. مقصوصةٌ
وحينَ يجهشُ المساءُ مرتينِ في البكاءْ
تنامُ طفلةٌ حزينةٌ على الذراعْ ..
ولا تحبُّ .. أو تحبُ .. إنّما
يسافرُ الصباحُ داخلاً محاجرَ المساءْ
يحدقُ الصغيرُ في يديهِ لحظةً
تمر طائراتْ
يسجلُ الصغيرُ قفزةً صغيرةً
ودمعةً أخيرةً ..
وطائراتْ ..
* * *
هي الشوارع التي تجيءُ مرةً
تكدَّسَ الرماد في حناجرِ الخيولْ ..
وملتِ الطبولُ .. أنها طبولْ ..
شوارعٌ تمرُّ ..
تسقطُ المدنْ
تضيعُ رايةُ السفنْ
قرأتُ ذات مرةٍ على جدارْ
كتابةً تقول إنهُ النهارْ
تجندلَ الصباحُ غارقاً بغصةٍ كبيرةٍ
ودُمِّرَ الجدارْ …
* * *
هيَ الشوارعُ التي تجيءُ مرةً
أطلُّ من نوافذِ .. القطارْ
تشدني أصابعُ الدوارْ ..
فأنحني .. وأنحني ..
وأنحني ..
أصيحُ أوقفوهُ .. أوقفوهُ .. أوقفوهُ
أوقفوهْ ..
صفيرهُ الطويلُ دونما نهايةٍ
وسكةُ الحديدِ دونما نهايةٍ
وفي السماءِ غيمة بعيدةٌ ..
دماؤنا على الرصيفِ زهرة أخيرةٌ
دماؤنا على الجسورْ
يحدقُ الصغيرُ في أصابعِ الصغيرْ
يقطِّعُ الصغيرُ خبزهُ
يوزع الصغير لقمتينِ ..
ينتهي ..
صفيرهُ الطويل دونما نهايةٍ
وسكةُ الحديدِ دونما نهايةٍ
أطلُّ من نوافذِ القطارْ
أرى النساءَ عارياتْ
وخلفهنَّ كانتِ الذئابْ
توقفت عقاربُ الزمنْ
على الجدارْ ..
يصور الغريبُ صورةً ..
وصورةً .. وصورةً ..
يسير في شوارعِ البلدْ ..
أصيحُ أوقفوهُ .. أوقفوهُ ..
أوقفوهْ
يصور الغريب ألف مرةٍ
أصيح أوقفوهْ
أطل من نوافذِ الشوارعِ التي تصارع
الرصاصْ
أطل من نوافذ الدماءِ
يسقطُ المطرْ ..
يبلل الجليلَ بالقبلْ
وكان ذات مرةٍ على يدي
تدفقُ البلاد كلها
وكانَ ذات مرة على غدي ..
نشيدها ..
وأمحلتْ ..
أطلُ من شوارعِ القطارْ
أطلُ من نوافذِ الجدارْ
غريبةٌ هي الشوارعُ التي تجيء مرةً
وتسقط الشوارع التي تجيء مرةً ..
ولا مطرْ ..
ولا شجرْ ..
تطل طائراتْ ..
وتقصف الحجرْ ..
تطل طائراتْ ..
وتسقط البلادُ
لا أحدْ ..
سوى حجرْ ..
شعراء العراق والشام >> طلعت سقيرق >> دمنا على لحم الطريق
دمنا على لحم الطريق
رقم القصيدة : 2126
-----------------------------------
هزّي ..
تساقط قبلتينِ على البلدْ
هذا النخيلُ .. نخيلنا ..
والماءُ .. إنْ ضربَ الولدْ
حجرينِ في وجهِ العدا ..
يلتمُ ـ إنْ شقَّ ـ المدى
فتوزعي
كلَّ المسافةِ .. واحمليني
ضلعينِ في بردِ الصدى
وحقيبةً ..
ما جاءها فرحُ المخاضِ
ولا تكوّرَ بطنها
هذا مساءٌ حالكٌ
فتحتْ يديها فالتقتكَ
من المحيطِ إلى الخليجِ
تعد أوراقَ الزبدْ
والخيلُ تصهل لا أحدْ
هزّي ..
تساقط جمرتين على البلدْ
ورأتكَ في غيمِ المساءِ
وصيفنا
لا يحملُ المطرَ البعيدَ
ولا يسافر في صباحاتِ النخيلِ
أقدس الضلعَ الذي يلد المطرْ
وأقدس الخطوات إنْ ..
جاعت إلى بلدِ الشجرْ
هذا صباحي ..
وزّعي في الشمس جلدي
وزعي .. في البرق وعدي
هذي مساحات اليدينِ
فعانقيني ..
ربَّ التقينا
أو أتينا ..
حينَ يأخذني زمانكِ
أشهديني
أن لا .. رمالَ سوى الرمالْ
أن لا .. ولا ..
غير الطريقِ إلى الوطنْ ..
أن لا .. أحدْ ..
غير الذي غلبتهُ أشواقُ البلدْ
واشتاقَ أن يمضي إلى قيثارتي
لحني لكمْ ..
ودمي بكمْ ..
شدوا وثاقَ الأغنياتِ إذا أضاعتْ
جلدها
شدوا وثاقَ الأمنياتِ إذا أباحتْ
وعدها
شدوا وثاقي ..
إن أنا غنيتُ للتفاحِ قبلَ البندقيهْ
هذي يدي
أطلقْ ذراعكَ في دمي
هذا أوانُ الريحِ
والبلدِ الموزعِ في الضلوعِ
ولحمنا ..
من لا يريد البرقَ
فليغلقْ يديهِ على الضبابْ
من لا يريدُ صباحنا
فليسترحْ من ظلهِ
وليرمِ عن كفيهِ ما تركَ السحابْ
* * *
يا رملَنا
وزّعْ حديثَ الروحِ للروحِ البعيدْ
يا وعدَنا
سجل نشيدكَ .. كلنا نبض النشيدْ
خاصرتُ أغنيتي وموالَ المخيمْ
باقٍ أنا
ضلعي وجسر الروح في عبقِ المخيم
يا أمنا
يا أولَ الآتينَ من جسدِ الجراحْ
صبي على خطواتنا ..
زيتاً .. وقافيةَ الصباحْ
وتنشقي جسمَ المخيمِ
حملي أوراقنا عبقَ الطريقْ
هذا المخيمُ
أنتِ في أشواقهِ
يا أمنا
في القلب دمْ ..
وشرارةٌ .. وحدودُ هَمْ
وحكايةُ البلدِ الرحيلْ
يافا على صدرِ الحجرْ
والعائدونَ إليكِ في وعدِ المطرْ
شدَّوا على سرجِ الطريقِ بطلقتينِ
وروحهمْ ..
وتزوجوا حينَ استمالتهم يداكِ منَ
الشجرْ ..
هذا طلوعُ اللهِ في جبهاتهمْ ..
وطلوعهمْ ..
من عشقنا حينَ المخيمْ
ناداكِ من نارِ الهوى ..
وإليكِ قد صلّى وسلمْ ..
يا أمنا
وإذا ينامُ المبحرونَ إلى الملوكِ
عن انتسابِ ضلوعهمْ ..
وعن انتسابِ طلوعهمْ ..
فلنا الضلوعُ
لنا الطلوعُ ..
لنا الطريقْ
نلغي مسافات الظلامِ
نمرُّ بينَ رصاصتينِ
وطلقتينِ
وطلقتينْ
يا أيها الوطن الحبيب ألا اقتربْ ..
دمنا على لحمِ الطريق ألا اقتربْ ..
وشهادة الميلادِ
والموت المسيج باقترابكَ .. فاقتربْ
لا تغتربْ ..
يا وعدَنا ..
يا أيها الوطن الضلوعْ ..
يا أيها الوطن الدماءْ
آمنتُ أنكَ عائدٌ
آمنت أني عائدٌ
فدماؤنا ..
وضلوعنا ..
وترٌ لأغنيةِ اللقاءْ ..
وتر ..
لأغنية اللقاءْ ..