جميع دواوين الشعر العربى على مر العصور (( خالد الطيب ونور حياتى ))

  • تاريخ البدء
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> لو كنتَ حاضرَ طرفه وفؤادهِ
لو كنتَ حاضرَ طرفه وفؤادهِ
رقم القصيدة : 22381
-----------------------------------
لو كنتَ حاضرَ طرفه وفؤادهِ
أشفقتَ من زفراتهِ وسهاده
قد كان يرجو أنْ يلمَّ ببرئه
لو أنَّ طيفك كان من عوّأده
عذَّبتَ طرفي بالسُّهاد ولم تبتْ
إلاّ وطرفك في لذيذ رقاده
مالي أعذبُ في هواك حشاشتي
وأذودُ حرَّ القلب عن إبراده
وإذا أخَذْتَ بما يبوح به الجوى
أَخَذَ الجوى َ إذ ذاك في إيقاده
هذا الغرامُ وما مرادك بعده
مما يحول جفاك دون مراده
من كنتُ أستصفي الحياة لقربه
أصْبَحْتُ أرتقب الردى لبعاده
أطلقتُ بعدكم الدموع وإنْ أكنْ
فيكم أسير الحب في أقياده
ولقد سددتُ عن العذول مسامعي
ورأيتُ أنّ الرأي غير سداده
يا من يلوم الهوى أهل الهوى
كيف أقتناءُ الصبر بعد نفاذه؟
هل أنتَ يوم البين من شهدائه
أمْ يومَ الجزع من أشهاده
من ذا يجيرك من لواحظ سربه
ويفكّ قلبك من يدي صيّاده
يا ربع بلّ لك الأوام متيمٌ
إنْ جفَّ ناظره بماء فؤاده
حكمتْ بما حكم الغرامُ بأهله
آرامُه فقَضَتْ على آساده
وكأنَّما كانتْ لذائذنا بها
ونفاسة الصمصام في إفرنده
لم أنس عهدكِ يا أميمة باللوى
فسقى الغمام العهد صوب عهاده
أيام أصطبحُ المراشف عذبة
ويفوزُ رائد لذّة ٍ بمراده
حيث الشبابُ قشيبة ٌ أبراده
إذ كنتُ أرفلُ منه في أبراده
ومضرَّج الوَجَنات من دم عاشقٍ
يسطو بذابل أسْمَرٍ ميّادِهِ
عاطيته ممّا يمجُّ لعابهُ
صَهْباء تكشِفُ عن صَميم فؤاده
يصفو بها عيشُ النديم كأنّما
أخذتْ عليه العهد من أنكاده
حتّى إذ ألقى الظلام رداءه
واستلّ سيف الصبح من أغماده
قلتُ اسمحنْ لي ما بخلت بزورة
وهل المحب بها على ميعاده
لا ذاق ريقك بعد ذلك إنْ صحا
أو كان يعثر غيُّه برشاده
فَسَدتْ معاملة الحسان لِمَفْرِقٍ
نزلَ البياضُ به مكان سواده
وثنى المشيب من الشباب عنانه
عن ودِّ زينته وعشق سعاده
ونفاشة الصمصام في إفرنده
لا في نفاسة غمده ونجاده
سالمت أيامي فقال لي العلى
إنْ كان عاداك الزمان فعاده
ولقد يعزّ على المعالي أنْ ترى
مثلي بهذا الدهر طوع قياده
صافيتُ أخلاقي الأبية دونه
فلينطو أبداً على احقاده
وأنا القويّ على شدائد بطشه
عاندته فرغكتُ أنفَ عناده
وأراه يمكر بي ويحسَبُ أنَّه
يضطرني يوماً إلى أوغاده
هيهات قد تربت بذاك فدون ما
قد رام هذا الدهر خرط قتاده
ولمن أراد من الأكارم بغية
ألفى أبا سلمان فوق مراده
بأسٌ يذوب له الحديد ونائلٌ
كالعارض المنهلّ في إرفاده
الناس مغتنمون في إبراقه
طوراً ومحترزون من إرعاده
مستنزل الإحسان صادق وعده
ومزلزل الأركان في إيعاده
حسدت مناقبه الكواكب في العلى
حتى رأيت البدر من حساده
أمّا العيال عليه فهي أماجد
والمجد لا ينفك عن أمجاده
يتطفَّلون على موائد فضله
يتبركون بمائه وبزاده
طرب الشمائل كلّما کستجديته
طرب الشجاع لحربه وجلاده
ولربّما أجرى اليراعَ فلاحَ لي
بيض الأيادي من سواد مداده
لله أبلجُ من ذؤابة هاشمٍ
لا زال حزبُ الله منْ أجتاده
عقل الحوادث أقلعتْ لهياجها
فكانّها مصفودة بصفاده
لمَ لا يؤمَّل للإغاثة كلّها
من كان قطب الغوث من أجداده
لحق الكرام الأولين ولم يزل
في حلبة النجباء سبق جواده
فكأنّما انتقب الصَّباح إذا بدا
إقباله منه على وفاده
لا تعجبوا لجمال آل محمد
نورُ النبيّ سرى إلى أولاده
بيتٌ قواعده قواعدٌ يذبلٍ
يتعثّرُ الحدثان في أوتاده
أطواد مجد في العلى لم ينزلوا
إلاّ على الشُرُفات من أطواده
من كلّ بحر يستفاض نواله
يا فوزَ من قد راح من ورّاده
قد تستمدّ العارفون وإنّما
استمدادها بالفيض من إمداده
يا أهل ذا البيت الرفيع عماده
وکنحطت الملوان دون عماده
أروي لكم خبر الثناء وطالما
أوقفت راويه على إسناده
مستعبد الحرّ الكريم بفضله
لا حرَّ في الدنيا مع استعباده
شاركت أبناء الرجال بما حَوَتْ
يمناك بين طريفه وتلاده
وإذا تفرَّدَ في الزّمان مهذّب
ألفيتك المعدودم إفراده
روضي ذوى ولوى الرجاء بعوده
فليجر منك الماء في أعواده
يفديك من ملكت يمينكُ رقَّه
ورآك ملجأ قصده ومراده
منع الوصول إلى ذراك بعيده
لا زلت أنْتَ العيد في أعياده
والحظّ يصلد في يديَّ زناده
إنّي أعيذك من صلود زناده
يا من نعمت به وأية نعمة
وسعدتُ بين الناس في إسعاده
تاجرت في شعري إليك وإنّما
نَفَقَ القريض لديك بعد كساده
ومن الكلام إذا نظرت جواهرٌ
يجبى إلى من كان من نقّاده

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سنا برقٍ تبلَّجَ واستنارا
سنا برقٍ تبلَّجَ واستنارا
رقم القصيدة : 22382
-----------------------------------
سنا برقٍ تبلَّجَ واستنارا
أثارَ من الصَّبابة ما أثارا
وهاج لي الغرام وهيّجت بي
فؤاداً يا أميمة مستطارا
فبرقاً شمته والليل داج
كما أَوْقَدْتَ في الظلماء نارا
كأنَّ وميضَه لمعانُ عَضبٍ
يشقّ من الدّجى نقهاً مثار
ذكرتُ به کبتسامك يا سُليمى
فأبكاني کشتياقاً وادّكارا
فما مرَّ الخيال إذنْ بطرفي
ولمْ أذقِ الكرى إلاّ غرارا
وذكرى ما مضى من طيب عيشٍ
سحبت من الشباب به إزارا
وعهد هوى ً لأيام التصابي
وإنْ كانَتْ لياليه قصارا
أخَذْتُ بجانب اللّذات منها
على طربي وعاقرتُ العقارا
وكم من لذّة ٍ بكُمَيْت راحٍ
أَغَرْناها فأَبْعَدْنا المغارا
منظمة الحباب كأنّ كسرى
أماطَ الطَّوق فيها والسّوارا
فلو طار السرور بمجتليها
على الندمان يومئذٍ لطارا
وقد كان الشباب لنا لبوساً
يَلَذُّ بُخَلْعِنا فيه العذارا
فواهاً للشبيبة كيف ولّتْ
وما استرجعتُ حليا مستعارا
تنافرتِ الظباء وبان سربٌ
ولم أنكرْ من الظبي النفارا
وشطّ مزارُ من أهواه عنّي
ومن لي أن أزورَ وَأَنْ أُزارا
إلام أسائل الرُّكبان عنهمْ
وأستقري المنازل والديارا
وقوفاً بالمطيِّ على رسومٍ
أُعاني ما تُعانيه البوارا
أرقرقُ عبرة وأذوبُ شوقاً
ويعدمني بها الشَّوقُ القرارا
وحنَّتْ أنيقي وبكَتْ رفاقي
وأَرسَلَتِ الدموع لها غزارا
أشوّقك العرارُ لأرض نجدٍ
ولا شيحاً شممتَ ولا عرارا
أضرَّ بك الهوى لا باختيار
وما كانَ الهوى إلاّ اضطرارا
سقتها المزنُ سّحاً من نياقٍ
وصبَّ على معالمها القطارا
وصَلْتُ بها المهامه والفيافي
وَجُبْتُ بها الفادفدَ والقفارا
معلَّلتي بممرضتي حديثاً
لقَد داويتِ بالخمرِ الخمارا
بمن لا زلت تحييني التفاتاً
وتقتلني صدوداً وازوارا
هي الحدق المراض فتكْنَ فينا
وألطف من ظبا البيض احورارا
فلولا فتكها ما بتُّ أشكو
بأحشائي لها جرحاً جُبارًا
كأنَّ جفونها بالسِّحر منها
سكارى والنفوس بها سكارى
بَلَوْتُ بني الزمان وعرفَتْني
تجاريبي سرائرهم جهارا
وإنَّك إنْ بلوت الناس مثلي
وَجَدْتَ الناس أكثرهم شرارا
وإنْ قِسْتَ الرجال وهم كبار
بمجد محمد كانت صغاراً
بأهداهم إلى المعروف برّاً
وأسرعهم إلى الحسنى بدارا
وكم لحقته في ميدان فضل
فما شقَّتْ له فيه غبارا
بروحي من إذا ما جار خطبٌ
فَرَرْتُ إليه يومئذٍ فرارا
يرى في ظلّه العافون عيشاً
يروقُ العينَ بهجته اخضرارا
ويُنفِقُ في سبيل الله مالاً
بهِ أدَّخر الثوابَ له ادخارا
ويرعى في صنائعهِ ذماراً
بجيلٍ قلَّ منْ يرعى الذّمارا
تبصَّر في الأمور وحنكته
التجاريب اختباراً واعتبارا
وحلَّته فضائله بحليٍ
لعمرك لن يباعَ ولنْ يعارا
وأبدْعَ بالمكارم والأيادي
فما يأتي بها إلاّ ابتكارا
وما زالت كرام بني زهير
خياراً تنتجُ القوم الخيارا
نجارُ أبوَّة ٍ ونتاج فخرٍ
فحيّا الله ذياك النجارا
هم الجبل المنيع من المعالي
يُجيرُ من الخطوب من کستجارا
وإنَّ محمداً أندى يميناً
وأوفرُ نائلاً وأعزُّ جارا
أبا عبد الحميد رفعتَ قدراً
وقد أوتيتَ حلماً واقتدارا
سَبَقْتَ الأوّلين فلا تُجارى
إلى أمدٍ العلاء ولا تبارى
فسبحان الذي أعطاك حلماً
فوازَنْتَ الجبالَ به وقارا
وألهمكَ الصوابَ بكلّ رأيٍ
يريك ظلامَ حندسهِ نهارا
عليك الناس ما برحتْ عيالاً
ولم تبرح لدائرها مدارا
تُشَيّدُ من عُلاك لهم مقاماً
وتوصحُ من سناك لهم منارا
لك النظر الدّقيق يلوح منهم
هُدى قومٍ به كانتْ حيارى
وفيك فطانة وثقوب ذهنٍ
يراكَ به المشيرُ المستشارا
لقد سارَتْ مناقبك السواري
فما کتخذت لها في الأرض دارا
تقلَّدتَ القوافي الغرَّ منها
بأحسن ما تقلَّدتِ العذارى
وما استقصتْ مدائحك القوافي
نظاماً في علاك ولا نثارا
لئن قصَّرتُ فيما جئتُ منها
فقد تتلى کقتصاراً واختصارا
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سقاكِ الحيا من أربعٍ وطلولِ
سقاكِ الحيا من أربعٍ وطلولِ
رقم القصيدة : 22383
-----------------------------------
سقاكِ الحيا من أربعٍ وطلولِ
وحيّاك منهُ عارضٌ بهطولِ
وجادَ عليكِ الغيثُ كل عشية ِ
تسيل الرُّبا من صوبه بسيول
عفا رسمُ دارٍ غيَّرَ النأْيُ عهدها
فطالَ بكائي عندها وعويلي
وقفتُ بها العينَ ماءها
بمنسكب من مدمعي وهمول
وأشكو غليلَ الوجد في عَرَصَاتها
وما لي فيها ما يبلُّ غليلي
إلامَ أدراري مهجة ً شفَّها الهوى
بريّا صباً من حاجرٍ وقبول
وأكتُمُ وجَدي عن وشاتي وعُذَّلي
وأخف الجوى عن صاحبي وخليلي
وقد عَلِمَ الواشون بالحبِّ أنّني
أطْعْتُ غرامي إذْ عَصَيْتَ عذولي
أَلا مَن لقلبٍ لا يقرُّ من الجوى
وجَفْنٍ لتسكابِ الدموع مذيل
وما هاجَني إلاّ وميضٌ أشِيمه
كما لاح من ماضي الغرار صقيل
هبوبَ شمالٍ في مدار شمول
فواهاً لأيام قَضَيْتُ ومربعٍ
سَحَبْت عليه بالسَّرور ذيولي
وصهباءَ يسقيها مليحٌ تَلَذُّ لي
بأحوى غضيض الناظرين كحيل
وقد نظِمَتْ فيها الحبابُ كواكباً
وزرتْ عليها الشمس ثوبَ أصيل
فهل يرجع الماضي من العيش في الحمى
ويخرُّ عود اللّهو بعد ذبول؟
أحِنَّ إلى عهد الشباب وطيبه
وأَوضَحَ في نَهْجِ العلاء سبيلي
مصارع عشاقٍ ومغتى صبابة
وكمف يالحمى من مصرع لقتيل
أحِبَّتَنا هلْ من رسولٍ إليكم
وهل مبلغ عني الغرام رسولي؟
جَفَوتم فأكثرتم جفاكم على النوى
ألا فکسمحوا من نيلكم بقليل
فعندي من الأشواق ما لو أبثُّه
عرفتم بأشراكِ الفتون حصولي
ذهلتُ بكم عن غيركم بغرامكم
وفيكم لعمري حيرتي وذهولي
سأَطلبُ أسباب العلى ولو کنّها
بأَنياب آسادٍ ربضنَ بغيل
ولستُ بناءٍ عن منى ً وركائبي
ضوامنُ في غزعاجها بوصول
أُسَيّرها ما بينَ شرقٍ ومغربٍ
وما بين وخدٍ مزعجٍ وذميل
وإنّي وإنْ لم آمن الدهر خطبه
وما أَمنَ الأيَّام غير جهول
وأنهضُ أحياناً إلى ما يريبني
وإن غرَّ بعضَ الجاهلين خمولي
حمول لأعباء الخطوب بأسرها
ولكنني للضيم غير حمول
وما ذلَّ في الدنيا عزيزٌ بنفسه
ولا عاشَ حرُّ القوم عيش ذليل
ترفَّعتُ عن قوم زهدت بوّدهم
وما همْ بأمثالي ولا يشكولي
وحاولتُ عزَّ النفس بالصدِّ عنهم
وما كنتُ إلاّ في أعزّ قبيل
وما سرَّني إلاّ جميلُ محمد
وليسَ جميلٌ بعد آل جميل
تظلَّلتُ من بين الأنام بظلّهِ
فأصبحتُ في ظلٍّ لديه ظليلِ
ظفرتُ بهم غرَّ الوجوه أماجداً
بكلّ جليل القدر وابن جليل
يخبّر سيماهم بغُرِّ وجوههم
إذا بزغتْ عن مجدهم بأثيل
ويشرقُ من لألاء صبح جبينهم
شموسُ معالٍ لم ترعْ بأفوال
لئنْ أنتِ الدنيا بأمثال غيرهم
فَهَيْهات أَنْ تأتي لهم بمثيل
فمن برِّهم نيلي مكارم برّهم
فأكرامْ بهِ من نائل ومنيل
مناجيبُ لم يدنس من اللؤم عرضهم
ولا علقتْ أمٌّ لهم ببخيل
فروعٌ تسامت للمعالي وأفْرَعَتْ
بطيبِ فروع قد زكتْ بأصول
يصيخون للّداعي إلى كشف ضِرّهِ
لدى كلّ خطبٍ في الخطوب مهول
فمنْ كلِّ سمّأعٍ مجيبٍ إلى النّدى
سريعٍ إلى الفعل الجميل عَجولِ
وكم نازلٍ مثلي بساحة حيّهم
أقامَ ولم يُؤْذَنْ له برحيل
أراشوا -بني عبد الغنيّ- جناحه
فأثرى بمالٍ ما هناك جزيل
وأصْبَحَ ذا جاهٍ عزيزٍ بجاههم
عريضٍ على عرض الزمان طويل
شكرتهمُ شكر الرياض يد ألحيا
بأصدقِ قالٍ بالثناءِ وقيل
وأَثْنَتْ عليهمْ بالجميل عوالمٌ
فمنْ مقصرٍ في مدحهمْ ومطيل
وما زال لي من جود كفّ محمد
رواءُ غليل أو شفاءُ عليل
فتى ً شغل الدنيا بحسن ثنائه
وقام له بالفضل ألفُ دليل
من القوم يهديهم إلى ما يسرّهم
مَداركُ أفكار لهم وعقول
سليل المعالي وابنها ونجارها
فبُورك من زاكٍ زكا وسليل
ظفرت به دون الأنام بماجدٍ
قؤولٍ بما قال الكرام فعول
ألا بأبي من قد هداني لبره
وفي ظِلِّهِ عند الهجير مقيلي
أرى جُمَل الإحسان والخير كلَّه
مفصّلة في ذاتكم بفصول
رفَعْتُم برغم الحاسدين مكانتي
فمنزلتي فوق السها ونزولي
إذا غبتُ عنكم أبتُ من بعد غيبتي
وكان إليكم أوبتي وقفولي
سمرتم بحمد الله أبناء عصركم
وكنتُمْ بهذا الجيل أكرمَ جيل
رعى الله من يرعى الوداد وأَهْلَهُ
وليسَ له فيه تلوُّنُ غولِ
إليكم بني عبد اغني قصيدة ً
من الشعر تحكي دقّتي ونحولي
أبشّر بالإقبال نفسي وبالمنى
إذا وَقَعَتْ من لطفكم بقبول

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> مَن مُجيري من فؤادٍ كلّما
مَن مُجيري من فؤادٍ كلّما
رقم القصيدة : 22384
-----------------------------------
مَن مُجيري من فؤادٍ كلّما
أتقد البرقُ اليماني اتقدا
كادَ لولا أدمعي، تحرِقُه
زفرة ُ الوَجدِ بما قد وجدا
عَرَف القلب يد العين بها
إن للعَينِ على القلب يدا
لا أبيتُ الليلَ إلاّ راعياً
أنجماً سارت على غير حدا
طال ليل الصبّ حتى خِلْتُه
جُعِلَ الليلُ عليه سرمدا
وتحرّوا رشداً عذّاله
ولعَمري ما تحرّوا رشداً
بي حبيبٌ أنا ألقى في االهوى
منه ما ألقاه من كيد العدى
تطلُبُ السُّلْوان إلاّ إنّ لي
لوعة ً قامت وصبراً قعدا
ما رمى الرامي فؤادي خطأً
منه في الحبّ ولكنْ قصدا
يا عرى عهد الهوى إنّ الهوى
جارَ بالحكم عليه واعتدى
خشية الواشين صبٌّ لم يزل
يُظهِرُ الدمع ويخفي الكمدا
أترى أحبابنا يومَ التقى
وَجَدوا من لوعة ٍ ما وجدا
قد وَقَقْنا بعدهم في ربْعِهِم
فبكيْنا الدَّمع حتى نفدا
ثم لما نفدَ الدّمع على
طَلَل الرَّبع بكَيْنا الجَلَدا

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ذكرتُ على النّوى عهد التّصابي
ذكرتُ على النّوى عهد التّصابي
رقم القصيدة : 22385
-----------------------------------
ذكرتُ على النّوى عهد التّصابي
فأشجاني وهيَّجَ بعضَ ما بي
وشوَّقني معالم كنتُ فيها
بأنعم طيبِ عيشٍ مستطاب
فبتُّ أحنُّ من شوق إليها
كما حنَّ المشيبُ إلى الشباب
سقى تلك الديار وساكنها
مُلِثُّ القَطر منهلّ الرباب
فكم ظبيٍ هنالك في كناسٍ
ينوب بفتكه عن ليث غاب
بنفسي من أفدّيه بنفسي
ويعذب في تجنّبه عذابي
ولي قلبٌ تَوَقَّدَ في التهابٍ
ولي دمع توالى بکنسكاب
وليلٍ طال بالزفرات منّي
ولم يقصر لحزني واكتئابي
وكم همٍ أساءَ إلى فؤادي
وطال مع الزمان به عتابي
وأزعجني عن الأحباب بينٌ
وبالبينِ أنزعاجي واظطرابي
تعلِّلُني بموعدها الأماني
وما التعليل بالوعد الكذاب
وتطمعني بما لا أرتجيه
وهل أرجو شراباً من سراب
وما فَعَلَتْ بأصحابي المنايا
فأَبْقَتْني وقد أَخَذَتْ صحابي
وما لي من أُنيب إليه يوماً
إذا ما عضّني يوماً بناب
وما كتبتْ يداي له كتابا
ولكن كان في أمِّ الكتاب
أَذاقَنِي النّوى حلواً ومرّاً
وجرعني الهوى شهداً بصاب
أطوِّف في البلاد وأنتحيها
فما أغنى کجتهادي في الطّلاب
وأيَّة ُ قفرة لم أَرْمِ فيها
ولم أزعجْ بمهمهها ركابي
لبستُ غبارها وخرجت منها
كما آستُلَّ الحُسام من القراب
ولم ألغْ مقام العزِ إلاّ
بعد القادر العالي الجناب
وما نلنا المنى في السّعي حتّى
نَزَلْنَا في منازله الرِّحاب
كريم طيب الخلاق برٍّ
بيوم الجود أندى من سحاب
فما سُئِل النّدى والجودَ إلاّ
وأسرعَ بالثواب وبالجواب
إذا ما أُبْت بالنَّعماء عنه
حَمِدْتُ بفضله حُسنَ المآب
أو کنتَسَبَ کنجذابٌ من قلوب
فما لسواه ينتسبُ انجدابي
فيا بدرَ الجمال ولا أماري
سَأشكرُ فضلَك الضّافي وأدعو
لمجدك بالدعاء المستجاب
على نعمِ بجودك قد أفيضتْ
ولا ترجو بها غير الثواب
وممّا سرَّني وأزالَ همّي
دُنُوِّي من جنابك وکقترابي
ولم أَبْرحْ أهيمُ بكلّ وادٍ
وأقْرَعُ في ثنائك كل باب
وأرغَبُ عن سواك بكل حالٍ
وأطْمَعُ في أياديك الرغاب
ولم تبرح مدى الأيام تدعى
لكشف الضر أو دفع المصاب
أصاب بما حباك به مشيرٌ
مشيرٌ بالحقيقة والصواب
وولاّك العمارة إذ تولى
أمورَ الحكم بالبأس المهاب
فقمت مقامه بالعدل فيها
وقد عمرتها بعد الخراب
وذلَّلتَ الصّعاب وأنتَ أحرى
وموصوف بتذليل الصعاب
فلا يحزنك أقوال الأعادي
فما جَزِعَتْ أسُودٌ من كلاب
لقد حلَّقتَ في جوّ المعالي
فكنتَ اليومَ أمنعَ من عقاب
عَلَوْتَ بقَدْرِك العالي عليهم
كما تعلو الجبال على الرّوابي
وما ضاهاك من قاصٍ ودانٍ
بعدل الحكم أو فصل الخطاب
وحزتَ مكارم الأخلاق طرّاً
ومنها جئت بالعجب العجاب
ألا يا سيّدي طال اغترابي
فرخِّصْ لي فَدَيْتُك بالذهاب
فأرجعُ عنك مُنَقَلِباً بخير
وأحمدُ من مكارمك انقلابي
وأنظم فيك طول العمر شكراً
كما انتظم الحباب على الشراب
وليس يهمُّني في الدهر همٌّ
وفيك تَعَلُّقي ولك کنتسابي
فمن شوقٍ إلى وطنٍ وأهلٍ
غوتُ اليومَ ذا قلب مذاب
ومن مرضٍ اقاسيه ووجدٍ
رضيتُ من الغنيمة بالإياب
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أمرَّ بها مع الأرواح رندُ
أمرَّ بها مع الأرواح رندُ
رقم القصيدة : 22386
-----------------------------------
أمرَّ بها مع الأرواح رندُ
فَشَوَّقها إلى الأَطلال وَجْدُ
أمْ کدَّكَرَتْ أحبَّتُها بسلع
فهيَّيجها بذات الأثلِ عهد
أراها لا تُفيقُ جوى ً ووجداً
وشبَّ بقلبها للشوق وقد
حدا فيها الهوى لديار ميٍّ
فثمَّ مسيرها في البيد وخد
وتيَّمها صبا نجدٍ غراماً
فما فَعَلَتْ بها سَلْعٌ ونجد
ولي كدموعها عبراتُ جفنٍ
لها في وجنتي عكس وطرد
بُودِّي أنْ تعيدا لي حديثاً
بأحبابٍ لهم في القلب ودّ
لهم منّي غرامٌ مستزادٌ
ولي منهم منافرة ٌ وصدّ
ضللتُ عن التصبُّر في هواهم
وعندي أنَّهُ هديٌ ورشد
فأخلقَ حبُّهم ثوبَ اصطباري
وثوبُ الوجد فيهم يستجدُّ
صبوتُ إليهمُ فاستعبدوني
وإنَّ الصَّبَّ للمعشوق عبد
ولي في حيّهم رَشَأ غرير
تخاف لحاظهُ بالفتك أسدُ
إذا ما ماس أَزرى بالعوالي
وكم طعنَ الجوانحَ منه قدُّ
وليلٍ بالأبيرقِ بتُّ أسقى
ثناياه ونَقْلي منه خد
يميل بنا التصابي حيث ملنا
يفوزُ بوَفْرها عافٍ ووفد
رَكِبْنا من ملاهينا جمُوحاً
فنحنُّ عن المسرَّة لا نودًّ
ليالي أورثتنا حين ولَّتْ
تَصَعُّدَ زفرة ٍ فينا تجدّ
فهل يا سعد تُسْعِدُني فإني
فَقَدْتُ الصَّبر لا لاقاك فقد
وما كلٌّ يرجّى عندَ خطبٍ
إذا ما خاصَمَ الدهرُ الألدّ
سوى محمود محمود السجايا
فلي من عطفه الركن الأشدّ
إذا عدَّتْ خصالُ كريمِ قومٍ
فأوَّلُ ما خصائله تعدّ
سروري في الهموم إذا کعترتني
وعيشي الرغد حيث العيش كدّ
بفضل يمينه وظبا يَدَيْه
يفوز مصاحبٌ ويخيب ضد
وفيض علومه للناس جهراً
يدلّ بأَنَّه بَحرٌ مُمدّ
وقد عذبتْ موارده فأمسى
لكِلِّ الناس من صافيه وِرْد
طمى علماً ومكرمة وجوداً
خضَمٌّ ليس يستقصيه حدّ
فجود لسانه درٌّ ثمينٌ
وجود بنانه كرم ورفد
تقلَّدَ صارمُ التقوى همام
يلوا منه الغوامض في علوم
فما في الكشف أسْرَعَ من يردّ
علومٌ نصبَ عينيه أحارتْ
عقولَ طلابها أَنَّى تجدّ
ذكيٌّ ثاقب الأفكار ذهناً
فلم يصلد له بالفكر زند
تسائله فبيدي الدرّ سيلاً
وينبي عن حسام العضب قدُّ
وكم قد أعجز الأغياد ردّاً
بأجوبة لعمرك لا ترد
إذا كشف الحقائق في كلام
كأنّ نظامه في النثر عقد
وجاوبَ عالمُ الزَّورا بما لا
تُجاوِبُ فيه إيرانٌ وهند
وأَمْسَتْ عندَه الأغيار خرُساً
وبان ضلالهم وأبينَ رشد
لقد آتاه ربُّك أيَّ فضل
وذلك من إله العرش وعد
أقامَ شريعة َ الغّراء فيه
وشُدَّ به لدين الله عضد
إمامٌ قدوة العلماء قرمٌ
لقد جَمَعَ الفضائل وهو فرد
ففي بَحْرين: إفضالٍ وعلمٍ
يفوزُ بوفرها عافٍ ورفد
إليك أبا الثناء أبيتُ أُثني
وإنْ أَثنى لساني عنك جهد
ومن جُمَل الفروض عليك تتلى
الشكر صنيعك الإحسان حمد
ليهنك سيّدي عيدٌ سعيدٌ
عليك له مدى الأعوام عود
وهاك من الفقير قصيد شعر
رضاك له بها كرم ورفد
أَجِزْ لي في مديحك لي بلثمي
يمينَك فهو لي أملٌ وقصد

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> جاءَ الرَّبيعُ بوردِهِ وبهارِهِ
جاءَ الرَّبيعُ بوردِهِ وبهارِهِ
رقم القصيدة : 22387
-----------------------------------
جاءَ الرَّبيعُ بوردِهِ وبهارِهِ
فَلْيَسعَ ساقينا بكأس عقاره
يا أيها الندماء دونكم التي
تشفي نجيَّ الهمِّ بعد بواره
صفراء صافية تزيل بصفوها
ما كابد الإنسان من أكداره
يسعى بها أحوى أعنُّ كأنَّه
ريمُ الفلاة بجيده ونفاره
في مجلس بزغتْ شموسُ مرامه
وجلى لنا فيه سنا أقماره
لله ما فعلَ السرور بموطن
تجري كُمَيْتُ الراح في مضماره
أمبادرَ اللّذات أيَّة آية
أجرى بسعي منادمٍ وبداره
خذها إذا اكتَسَتِ الكؤوس بصبغها
خلع الوقورُ بها ثياب وقاره
ومورد الوَجَنات إنْ حيَّيْتَه
حيّى بوجنته وآس عذاره
ظبيٌ أسودُ الغاب من قتلائه
وصوارم الألحاظ من أنصاره
قمرٌ إذا ما لاح ضوء جبينه
أصلى فؤاد الصبِّ جذوة ناره
ويقول ثائر من أبيدّ بلحظه
من آخذٌ يا للرجال بشاره
إنّي لأعلمُ أنَّه في ريقه
ما راح يسقي الراح في مسطاره
وليشربن الراح ناشد لذة
خضرٍ تَفُوحُ برنده وعراره
وتَنَزَّهوا في كلّ روض معشبٍ
فلهْ اليدُ البيضاءُ في آثاره
روضٌ محاسنُ أَرضِهِ كسمائه
وشروقُ بهجة ليله كنهاره
فاشرب على النغمات من اطياره
فكأنَّها النغماتُ من أوتاره
تتراقَصُ الأَغصان من طرب به
ما بين شدو حمامه وهزاره
لا تنكروا ميلَ الغصون فإنَّما
هذي الغصونُ شَرِبْنَ من أنهاره
وإذا أَتى فصلُ الرَّبيع فبادروا
لتناهب اللّذات في آذاره
فكأنَّه وجه الخرائد مسفراً
كلّ الجمال يلوح في إسفاره
وتنزَّهزا في كلّ روض معشبٍ
لاسيما بالغضّ ممن نوّاره
ولقد أَسَرَّ لي النسيم أَريجَه
خبراً رواه العطر عن عطّاره
فإذا تنفَّستِ الصّبا باحت بما
كتمته بالأنفاس من أسراره
يا حبذا زمنٌ يزيدك بهجة ً
يحكي عليَّ القدر باستيثاره
متهلّل للوافدين كأنَّه
روضٌ سقاه الغيث من مدراره
فتعطرتْ أنفاسه وتبرّجت
أزهاره في وبلهِ وقطاره
نشرت محاسن طيّه من بعدما
سَحَبَ السحاب عليه فضلَ إزاره
ذاك النّقيب له مناقبُ جمة ً
عَدَدَ النجوم يَلُحْنَ من آثاره
بأبي الشريف الهاشميّ فإنَّه
سادَ الأَنام بمجدهِ وفخاره
زاكي العناصر طيِّب من طيِّبٍ
فرعٌ، رسول الله أصلُ نجاره
نورُ النبوَّة ساطع من وجهه
أو ما ترى ما لاح من أنواره
عذب النوال لسائليه وإنه
كالشهد تجنيه يدا مشتاره
تيّار ذاك البحر يعذبُ ماؤه
فأغرف نميرَ الماء من تياره
كرِّرْ حديثك لي يمدح ممجَّدٍ
يحلو إلى الأسماع في تكراره
إنْ أمتدحه بألف ألف قصيدة
لم أبلغ المعشار من عشاره
جرِّدته لو آنَّ الدهر حاز أمانه
ما جار معتدياً على أحراره
هو رحمة ٌ نزلت على أخياره
وهو الخيار المصطفى لخياره
فلقدْ تعالى في علوِّ مقامه
حتى رأيت البدر من أنظاره
أمِنَ المخوفَ من الزّمان كأنّما
أخَذَ العهودَ عليه من أخطاره
اليمنُ كوّن واليسارُ كلاهما
في الدّهر طوع يمينه ويساره
أميسّر الأمر العسير أعِدْ إلى
عبدٍ يراك اليسر في إعساره
نظراً تريه به السعادة كلّها
يا من يراه السعد في أنظاره
مستحضر فيك المديح وحاضرٌ
منك الغنى أبداً مع استحضاره
يا سيّداً لا زال في إحسانه
من فضله بلجينه ونضاره
أوليته منك المكارم فاجتنى
ثمرات غرسِ يديك من أفكاره
فكلم غرست من الجميل مغارساً
كان الثناء عليك من أثماره
وکقبَلْ من الدّاعي لمجدك عُمْرَه
ما يستقلّ لديك من أشعاره

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> في رحمة الله وغفرانه
في رحمة الله وغفرانه
رقم القصيدة : 22388
-----------------------------------
في رحمة الله وغفرانه
وفي المحلِّ الأشرفِ الأمكنِ
من كان في الدنيا بها محسناً
فعاد في الأخرى إلى محسن
أصابَهُ الرامي على عمده
من حيث لم يشعر ولم يفطن
ومات في ساعته صائماً
في شهر صَوْم المسلم المؤْمِن
في رمية مات شهيداً بها
جرت عليه أدمع الأعين
دمٌ لعمري لم يمت ثاره
على مدى العمر ولم يدفن
أوى إلى الله فيا حبَّذا
مأوى جميل الظنّ مستيقن
في جنّة الخلد التي أزلفت
أرخته مكان عبد الغني
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أَبى الله إلاَّ أنْ تُعَزَّ وتُكْرَما
أَبى الله إلاَّ أنْ تُعَزَّ وتُكْرَما
رقم القصيدة : 22389
-----------------------------------
أَبى الله إلاَّ أنْ تُعَزَّ وتُكْرَما
وإنَّك لم تبرح عزيزاً مكرّما
تذلّ لك الأبطال وهي عزيزة ٌ
إذا اتخدمت يمناك للبأس مخذما
ويا ربّ يوم مثل وجهك مشرقاً
لبست به ثوباً من النقع مظلما
وأبزغت من بيض السيوف أهلَّة ْ
وأطْلَعْتَ من زُرقِ الأسنّة أنجما
وقد ركِبَتْ أُسْد الشرى في عراصِه
من الخيل عقباناً على الموت حوّما
ولما رأَيتُ الموتَ قطَّب وجهه
وألفاك منه ضاحكاً مبتسّما
سَلَبْتَ به الأرواح قهراً وطالما
كسوتَ بقاع الأرض ثوباً معندما
أرى البصرة الفيحاء لولاك أصْبَحتْ
طلولاً عفتْ بالمفسدين وأرسما
وقالوا وما في القول لسامع
وإنْ جَدَعَ الصّدقُ الأُنوفَ وأرغما
حماها سليمان الزهير بسيفه
منيع الحمى لا يستباح له حمى
تحفّ به من أهلِ نجدٍ عصابة
يرون المنايا لا أباً لك مغنما
رماهم بعين العزِّ شيخٌ مقدَّمٌ
عليهمْ وما کختاروه إلاّ مقدّما
بصيرٌ بتدبير الأمور وعارف
عليمٌ فما يحتاج أنْ يتَعَلّما
أأبناءُ نجدٍ أَنْتُم جمرة الوغى
إذا اضطرمت نار الحروب تضرُّما
وفي العام ما شيدَّتُموها مبانياً
من المجد يأبى الله أنْ تَتَهدَّما
وما هي إلاَّ وقعة ٌ طار صيتها
وأَنْجَدَ في شرق البلاد وأَتْهما
رَفَعْتُم بها شأن المنيب وخضتُمُ
مع النقع بحراً بالصناديد قد طمى
غداة َ دعاكم أمرهُ فأجبتمُ
على الفور منكم طاعة ً وتكرّما
وجرَّدكم فيها لعمري صوارماً
إذا وصلتْ جمع العدو تصرّما
ومن لم يجردّ سيوفاًعلى العدى
نبا سيفه في كفّه وتثلّما
وإنَّ الذي يختار للحرب غيركم
وقد ظنَّ أنْ يُغنيه عنكم توهما
كمن راح يختار الضلال على الهدى
وعوِّض عن عين البصيرة بالعمى
ومن قال تعليلاً لعلّ وربّما
فماذا عسى تغني لعلّ وربما
عليكم إذا طاش الرجال سكينة
تزلزلُ رضوى أو تبيد يلملما
ولما لَقِيتُم من أَرعدْتُم لقاءَه
رَمَيْتُم به الأَهوال أبْعَدَ مُرتمى
صبرتم لها صبر الكرام ضراغماً
وأقتحمتموها المرهفات تقحمّا
وأوردتموها شرعة َ الموت منهلاً
تذيقُهمُ طعْم المنيّة علقما
وما خاب راجيكم ليومٍ عصبصبٍ
يريه الردى يوماً من الروع أيوما
وجرّدَكم لِلضَّرب سيفاً مهنّداً
وهزّكم للطعنِ رمحاً مقوّما
ومن ظنَّ أنَّ العزَّ في غير بأسكم
وهى عزُّه في زعمه وتندّما
وما العزّ إلاّ فيكم وعليكم
وما ينتمي إلاّ إليكم إذا انتمى
إذا ما قعدتم في الأمور وقمتمْ
عليها حُمِدْتُم قاعدين وقوّما
وما سُمِعت منكم قديماً وحادثاً
رواية من يروي الحديث تَوَهُّما
وإنْ قلتم قولاً وما انثنى
بكم عزمكم إنْ رام شيئاً وصمّما
ولما أتاكم بالأمان عدوّكم
وعاهدتموه أنْ يَعُودَ ويَسْلَما
وفيتم له بالعهد لم تعبأوا بمن
أشارَ إلى الغدر الكمين مجمجما
ولو مدّ من نأيته عنكم يداً
لعاد بحد السيف أجْدَعَ أجْذما
وفيما مضى يا قوم أكبر عبرة
ومن حقِّه إذ ذاك أنْ يترسَّما
أَيَحْسَبُ أنَّ الحال تُكْتَمُ دُونكم
وهيهات أَنَّ الأَمْرَ قد كان مبهما
فأَظْهَرَ مستوراً وأَبْرَزَ خافياً
وأَغَرَب عمّا في الضمير وتَرْجَما
أَمُتَّخِذَ البيض الصوارم للعلى
طريقاً وسمر الخطّ للمجد سلّما
نصرت بها هذا المنيب تَفَضّلاً
وأَجْريْتَ ما أَجْرَيْتَ منك تكرما
على غلمة في الناس لله درُّه
تصرّف فيها همّة وتقدّما
تأثَّل في أبطاله ورجاله
فلم يُغنِ سِحْرٌ غاب عنه مكتما
وقلَّبها ظهراً لبطن فلم يجد
نظيرك من قاد الخميس العرموما
هنالك وَلى الأَمْر من كان أهْلَه
فبخل في كل النفوس وعظما
وطال على تلك البغاة ببأْسِه
وحكّم فيهم سيفه فتحكما
وقد يدركُ الباغي النجاة إذا مضى
ولكن رأى التسليم للأَمْر أسْلَما
وما سبق الوالي المنيب بمثلها
وفاق ولاة الأمر ممن تقدَّما
سليمان ما أبقيت في القوس منزعاً
ولا تركت يمناك للبذل درهما
كشفت دجاها بالصوارم والقنا
وقد كان يلفى حالك اللون أسحما
فأصبحت في تاج الفخار متوَّجاً
وفي عمَّة المجد الأئيل معمّما
إليك أبا داود نزجي ركائباً
ضوامرَ قد غودرن جلداً وأعظما
رمتنا فكنّا بالسرى عن قسيها
وقد بريت من شدة السير أسهما
فأكرمتَ مثوانا ولم تر أعينٌ
من الناس أندى منك كفاً وأكرما
لأحظى إذا شاهدت وجهك بالمنى
وأشكر من نعماك الله أنعما
وأُهدي إلى علياك ما أستَقِلُّه
ولو أنَّني أهديتُ درّاً منظما
فحبُّك في قلبي وذكرك في فمي
ألذُّ منالماء الزلال على الظَّما

شعراء مصر والسودان >> فاروق شوشة >> الليل
الليل
رقم القصيدة : 2239
-----------------------------------
ألقى النيل عباءته فوق البر الشرقي, ونامْ
هذا الشيخ المحنيُّ الظهر,
احدودب..
ثم تقوّس عبر الأيام
العمر امتد,
وليل القهر اشتد
وصاغ الوراقون فنون الكِذبة في إحكامْ!
لكن الرحلة ماضية...
والدرب سدود
والألغام !
حمل العُكَّازَ,
وسار يحدق في الشطآن, وفي البلدانْ
قيل : القاهرةُ ـ توقفَ..
جاء يدق الباب ـ ويحلمُ
هل سيصلي الجمعة في أزهرها?
يمشي في (الموسكي) و(العتبة)
يعبر نحو القلعةِ..
أو يتخايل عُجْباً في ظل الأهرام
وقف الشيخ النيل يحدق
لم يلق وجوهاً يعرفها
وبيوتاً كان يطل عليها
وسماء كانت تعكس زرقته..
وهو يمد الخطو,
ويسبق عزف الريح,
ويفرد أشرعة الأحلام
وقف الشيخ النيل .. يسائل نفسه:
هل تتغير سِحَن الناس..
كما يتغير لون الزيّ?
وهل تتراجع لغة العين..
كمايتراجع مد البحر?
وهل ينطفيء شعاع القلب
فتسقط جوهرة الإنسانِ
ويركلها زحف الأقدامْ?
دق الشيخ النيل البابَ
فما اختلجت عين خلف الأبراجِ
ولا ارتدَّ صدى في المرسى الآسنِ
أو طار يمامْ!
من يدري أن النيل أتى?
أو أن له ميعاداً تصدح فيه الموسيقى
ويؤذّن فيه الفجر
فتختلج الأفئدة..
ويكسو العينين غمامْ?
وتنحنح مزدرداً غصته
عاود دق الباب .. الناس نيام!
ألقى النيل عباءته فوق البر الغربي..
ونام!
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هنيئاً لكم هذا الهناءُ المجدَّدُ
هنيئاً لكم هذا الهناءُ المجدَّدُ
رقم القصيدة : 22390
-----------------------------------
هنيئاً لكم هذا الهناءُ المجدَّدُ
ودام لكم هذا السرور المؤيد
ونِلْتُم به في كلّ يوم مسرّة ً
يجيء بها في مثل يومكمُ غد
سرورٌ وأفراح وأنسٌ ولذة ٌ
وأعيادُ أعمارٍ بكم تتعدَّد
معاشر قوم ما بهم غير ماجد
ولا فيهم إلاّ النبيل الممجّد
إذا وُلدَ المولود منهم لوالدٍ
فللمجد مولودٌ وللمجد يولد
وإنْ زوّجوه من صلبه الذي
تَقَرُّ به عين العلاء وتسعد
تَزوَّجَ من كان الجميل شعاره
جميل له منه نجار ومحتد
وذلك جمع لا تفرُّقَ بعده
وشمل مدى الأيام لا يتبدد
وعيش صفا رغداً كما تشتهونه
فلا شابه في الدهر عيش منكد
بأعراسِ أيام الزمان وطيبه
إذا الزهر يسقى والحمام يغرد
تبسّم ثغر الأقحوان لحسنه
وأينعَ للنوّار حدٌّ مورّد
وصفَّقتِ الأوراق من طربٍ به
وراح لها بانُ النّقا يتأوَّد
وقد لَبِسَتْ فيه الرياض ملابساً
مُدَنَّرة منها لجين وعسجد
تعطّر من هذا الربيع نسائماً
عليهنَّ أنفاسُ المصيف توقَّدُ
سقاها الحيا المنهلّ حتى كأنّه
لئالىء في أسلاكها تتنضد
بمثقلة بالودق خلَّت بروقها
لوامع نيران تشب وتخمد
يريني ندى عبد الغني قطارها
على الكبد الحرّى ألذّ وأبرد
من القوم في مضمار كُلِّ أَبِيَّة
أغاروا الفخار المشمخرّ فأَبعدوا
إذا ما هززناه هززنا مهنَّداً
وهيهات منه المشرفيُّ المهند
وإذ أبعد التشبيه منه فأنَّه
على نائبات الدهر سيف مجرد
ترى جيّد الناس الرديّ بجنبه
وفي الناس ما دامت رديٌّ وجيّد
فلا قَدْر يدنو قَدْرَه وعلاءه
ولم تعلُ في الدنيا على يده يد
له السؤْدد الأَعلى على كلٍّ سؤدد
وما بعد ذاك الفخر فخر وسؤدد
لقد جمع الله المحاسن كلَّها
به فهو من بين العوالم مفرد
تفرد من بين الورى بجميله
فما شكّ في توحيده اليوم ملحد
وما تجحد الحسّاد منه فضيلة
وهل تجحد الحساد ما ليس يجحد
تلوذ به بغداد مما يَسُوؤها
فمنه لها نعم الدّلاصُ المسرّد
يقيها سهام النائبات فلم تبل
إذا طاش سهم للخطوب مسدد
حماها ولا حامٍ سواه ولا له
سوى الله في كلّ الأُمور مؤيد
وقام أبو محمودفي كل موقف
عليه لواء الحمد يلوى ويعقد
وكم وقعة شبّت وشبّ ضرامها
وشباب لها نصل الظُّبا وهو أمرد
وقد أنهضته همّة بلغت به
من المجد ترقى ما تشاء وتصعد
وقد يطأ الأَهوال بالهمّة التي
لها موطئٌ هام السماك ومقعد
فأبدى وقد أخفى أخو الجبن نفسه
ونال شجاع القوم ما كان يقصد
أسارير ذاك الوجه والوجه عابس
وأبيض ذاك الفعل واليوم أسود
وأكرومة تحكي وأكرومة عَلَت
يقوم بها هذا الزمان ويقعد
تسير بها الركبان شرقاً ومغرباً
فذا متهمٌ فيها وآخر منجد
تناقلها عنك الثقاتُ رواية ً
عن المجد عن علياك تُروى وتُسنَد
أرى مطلق الأمداح من حيث أطلقت
بغيرك يا مولاي لا تتقيد
إذا تليت آثار ذكرك بيننا
نميل كما مالت بنشوان صرخد
يذوق بها التالي حلاوة ذاكرٍ
من الحمد تتلى كلَّ آنٍ وتنشد
فيا باسطاً للناس من فضله يداً
لها جملة الأحرار إذ ذاك أعبد
فللناس من تلك المناهل منهلٌ
وللنّاس من تلك الموراد مورد
لك الجود والإحسان والفضل كله
هو الفضل والمعروف والله يشهد
ولست أقول الغيث والغيث مرعد
ولست أقول البحر والبحر مزبد
وما عاق دون الجود وعدك نيله
وما لهباتٍ من عطاياك موعد
كأنّي بمدحي في علاك منجّم
يبيت لأجرام السموات يرصد
وهل أكره الإملاقَ أو أطلب الغنى
ولي منك كنزٌ ولا وربك ينفد
فلا زلت مسرور الفؤاد بقرّة ٍ
لعينيك ما دام الثناء المخلَّد
هما قمرا مجد وإنْ قلت فرقدا
سماءٍ فكلٌّ منهما هو فرقد
تزوّج زاكي العنصرين بكفوه
وتمَّ بحمد الله ما كنت تقصد
أقولُ له لما تزوّج بالهنا
تزوّجت فلتهنا هناءً، مؤوَّخاً
وقد سَرَّنا هذا الزواج محمُّد

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> قَدِمْتَ قدومَ الغاديات السَّواجمِ
قَدِمْتَ قدومَ الغاديات السَّواجمِ
رقم القصيدة : 22391
-----------------------------------
قَدِمْتَ قدومَ الغاديات السَّواجمِ
فُبُوركتَ من دانٍ إلينا وقادم
طلعتَ طلوعَ البدر في غاسق الدجى
على حالك من غيهب الليل فاحم
وأقبلتَ إقبال السَّعادة ِ كلِّها
بأبلجَ وضّاح الأَسارير باسم
تَحُفُّ بك الأَمْلاك من كلّ جانب
ويحجُبُك الفرسان من كلّ صارم
فلم تبقِ ريقاً ماحلاً ما سقيته
فأخطبَ في خفضٍ من العيش ناعم
متى شئتَ غادرت البلاد كأنّما
سقتها الغوادي ساجماً بعد ساجم
وإنْ قلت لم تترك مقالاً لقائل
ولا تختشي في الله لومة لائم
أتيتَ أتيَّ الغيثِ دونه
إذا کنهلَّ في أعلامها والمعالم
وجئت بأبطال الرّجال تقودُها
أمائيلَ سيل العارض المتراكم
إذا ائتمرتْ يوماً بأمركَ بادرتْ
إلى أمراك العالي بدار الضراغم
تشكُّ صدور الدار عين رماحها
فهلْ كانت الخطيَّ سلكاً لناظم
أعاريبُ ما دانَتْ لسكنى مدينة ٍ
ولا دَنَّسَتْ أَخلاقَها بالأَعاجم
مطاعين في الهيجا مغاويرُ في الوغى
وقائِعهُمْ معلومة ٌ في الملاحم
ولم يغنموا غير الفخار غنيمة ً
وما الفخر إلاّ من أجلِّ المقاسم
لقد زرتَ منْ لو شكَّ أنْ لا تزوره
رآى عزَّه الموجود أضغاث حالم
تشرَّفَ قومٌ أكرموكَ برغمهم
ومُيِّزتَ فيما بينهم بالعلائم
لئنْ عدَّدوا توفيقك القومَ نعمة ً
فأنت بحمد الله فوق النعائم
لهم بك فخرٌ ما بقيتَ لهم به
ولا فخر إلاّ منك يوماً بدائم
وقمتَ بأَمرٍ لا يقوم بمثله
سواك وما كلٌّ عليه بقائم
وقد نبتَ فينا بعد عيسى وبندر
منابَ الغوادي والليوث الضياغم
وما هدم الله البناءَ الذي بهم
وأنتَ لهمْ بيتٌ رفيع الدعائم
وما أخْلَفَتْ تلك النجومُ بصيّبٍ
من المُزْنِ مرجوٍّ بتلك المواسم
فقد صُلْتَ حتى خافك الحتف نفسُهُ
وما استعصمَ المفراق منك بعاصم
وبارزتَ حتى لم تجد من مبارزٍ
وصادَمْتَ حتى لم تجد من مصادم
وأَرغَمْتَ آنافَ الخطوب فأدْبَرَتْ
بذلّة ِ مرغوم لعزّة ِ راغم
فلم نَرَ من صرف الزمان محارباً
تنازله الأرزاء غير مسالم
إذا كنتَ للمظلوم في الدهر ناصراً
فما صال الدهر صولة ظالم
بسطتمْ يداً في بطنها نيل نائل
وفي ظهرها طول المدى لثم لاثم
نشرتم بها أخبار كعب وحاتم
وقد طُويَتْ أخبارُ كعب وحاتم
نزلتم على الشمّ الرعاف منازلاً
غواربَ أعلام العلى والمناسم
رقيتم بأطرافِ العوالي معالياً
من المجد ما لا تُرتقى بالسلالم
مَغانيكُمُ للوافدين مغانمٌ
فأكرمْ بهاتيك المغاني المغانم
أرى الناس أفواجاً إلى ضَوْءِ نارِكُمْ
جثاثَ المطايا عاليات العزائم
فمنْ معتفٍ يرجو سماحة سيّدٍ
ومن ضارع يرجو تعطُّفَ راحم
نَعَمْ هذه للطارقين بيوتكم
بيوت المعالي والندى والمكارم
غياثٌ لملهوفٍ وأمنٌ لخائفٍ
ومأوى ً لمأمونٍ ووِرْدٌ لحائم
منازل لم ينزل بها غير ماجد
كريم السجايا من قروم أكارم
وقد سُدْتُم السادات بأساً ونائلاً
بفضلٍ وإحسانٍ ورمحٍ وصارم
فلا تحفلوا منبعد هذا بقاعدٍ
كما لم تبالوا إن قَعَدْتُم بقائم
فلا يَحْسَبَنْ من لم ترعه سيوفكم
إطاعتكم عن ريبة ٍ حكمَ حاكم
فلم تكُ إلاّ طاعة ً وتفضُّلاً
على من لكم من مثله ألف خادم
فكان رضاه ما رضيتم لحزمه
وليس الذي يأبى رضاكم بحازم
فلو قارعتكم منه يوماً قوارعٌ
لأَصْبَح منكم قارعاً سنَّ نادم
رَأَتْ عينُه من بأسكم بعض رؤية
فكانت له إذ ذاك إيقاظ نائم
إذ کستعظمت ما قد رأت وأراعها
جلال عظيم في الأمور العظائم
وما قد رآى الراؤون آل محمد
نظيراً لكم في عصرها المتقادم
وُجوهٌ كما لاح الصّباح مضيئة
وأيدٍ ولكن فوق أيدي الغمائم
وبيضٌ حدادٌ جرِّدتْ بأكفِّكم
فأغمدتموها في الحشا والجماجم
تنوح على القتلى غداة صليلها
نواحَ حمامٍ لا نواح الحمائم
إذا ابتسمتْ والقرمُ تدمى كلومه
بَكَتْ بدمٍ قانٍ بتلك المباسم
حميتَ بها أرضَ العراق وأهلهُ
وسوَّرْتُموها بالقنا والصوارم
فدتك ملوكٌ لا يرجى نوالها
وما لاح منها برق جود لشايم
قد کجتنبت هذي الملوك التي ترى
مطامع راجيها اجتنابَ المحارم
أما والذي أعطاكَ ما أنتَ أهلهُ
وولاّك في الدنيا رقاب العوالم
لو کنّي بك کستغْنَيْتُ عن سائر الورى
فَوِرْدي إذَنْ من بحريَ المتلاطم
فما قلتُ بيتاً في سواك ولا جرى
به قلمي يوماً بمدح ابن آدم
فعش سالماً واسلمْ لنا ولغيرنا
فما المجد إلاّ ما سَلِمتَ بسالم

 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> طَرَقَتْ أسماءُ في جُنْح الظلام
طَرَقَتْ أسماءُ في جُنْح الظلام
رقم القصيدة : 22392
-----------------------------------
طَرَقَتْ أسماءُ في جُنْح الظلام
مرحباً بالغصنِ والبدر التَّمامِ
وتحرَّتْ فرصة ً تمكنها
حذر الواشي فزارت في المقام
بتُّ منها والهوى يَجْمَعُنا
بکعتناق وکلتثام وکلتزام
مستفيداً رشفاتٍ من فمٍ
لم تكن توجد إلاّ في المنام
حبّذا طيفُ حبيبٍ زارني
والضيا يعثر في ذيل الظلام
بات حتى كَشَفَ الفجرُ الدّجى
وبدا الصُّبحُ لنا بادي اللثام
ونَظَرْنا فرأَيْنا كَرَّة ً
لبني سامٍ على أبناء حام
يصرَعُ الزقَّ ويُدمي نَحْرَه
ويروِّيني بجام بعد جام
بات يهدي بارد الريق إلى
كبدٍ حرّى وقلب مستهام
بابليّ اللحظ معسول اللمى
ليَّن الأعطاف ممشوق القوام
وترشفت سذى ً من مرشف
عنبريّ الطيب مسكيّ الختام
أنا بالسَّفح وما ادراك ما
كان بالسفح وفي تلك الخيام
زَمَنٌ مَرَّ لنا في ظلِّه
يَرْقُصُ البان لتغريد الحمام
والندامى مثل أزهار الرُّبا
يجتنى من لفظها زهرُ الكلام
والظِّباء العُفْرُ من آرامها
ما بعينها بجسمي من سقام
سنحتْ أسرابها قانصة ً
ورماني من ظباء الغيد رام
طاعنات بقدود من قَناً
راميات من لحاظٍ بسهام
حَدَّثَ الرّكبُ وَهَلْ يخفى الهوى
عن ولوعي بالتصابي وغرامي
حين ألفاني وألفى مهجتي
في ضِرامٍ ودموعي بکنسجام
يا خليليّ کكُففا لَوْمَكُما
وکذهبا عنّي ومّرا بسلام
فلقد أعطيتُ من دونكما
طاعة َ الحب وعصيانَ الملام
أينَ حيٌّ بالفضا نعهده
صدعوا بعد التئام والتيام
لا جزى الله بخير أينقاً
قذفتها بالنوى أيدي المرامي
كلَّما أَسْمَعَهَا الحادي الحدا
أَجْفَلَتْ بالسَّير إجفال النعام
ذهبت يا سعد أيامُ الصبا
ومَضَتْ بعدَ وِصال بکنصرام
وصحا من سَكرة ٍ ذو نشوة
لا يسوغ الماءَ إلاّ بالمدام
لا أَذُمُّ الشَّيْبَ ينهاني به
ورَعي حين بدا عن كلّ ذام
وبمدحي واليَ البصرة قد
راق بالصِّدق نثاري ونظامي
وثناءً طيّباً ننشره
بالمنيب العادل القرم الهمام
ألبسَ الناس وقاراً حكمهُ
فهي في أبهى وقار واحتشام
ما رآى البصرة َ من إنصافه
إذ أتاها غيرَ أطلال رمام
فسعى بالجهد في تعميرها
سَعْيَ من يَبْلُغُ غايات المرام
لا تشيمُ البرقَ منه خلباً
لا ولا تسأل وبلاً من جهام
فعسى أنْ يُنجِزَ الله به
عدة َ اللُّطف لخاص ولعام
فرع سادات المعالي في العلى
علويُّ الأصل علويُّ المقام
كَرُمَتْ أعراقُه في ذاتها
وكرامُ الناس أبناءُ الكرام
من أناسٍ خلقوا مذْ خلقوا
سادة َ الدنيا وأشراف الأنام
تنقضي أيّامه موصولة ً
بصِلاتٍ وصَلاة ٍ وصيام
وإذا ما کضطرمت نارُ وغى ً
يصطفي منها أشدَّ الاضطرام
وإذا کستلَّ ظُباً أغْمدها
ثمَّ في قمّة مقدام وهام
وعلى مِنْبرِ هامات العدى
خطبت بالحتف والموت الزؤام
بطل يفتك في آرائه
غيرما يفتك في حدّ الحسام
كم وكم أَدْمَتْ بقومٍ مهجة ً
هذه أقلامه السمر الدوامي
ما جرت إلاّ بمجرى قدر
بحياة ٍ لأناسٍ وحِمام
كم له من كلماتٍ في النهى
نبّهت للرشد أبصار النيام
قرّت البصرة عيناً بالذي
حلّ بالبصرة بالشهر الحرام
كلّ دارٍ حلّ فيها ابتهجت
وحلتْ حينئذٍ دار السلام
فسقاها من نداهُ عارضٌ
مستطيرُ البرق منهلُّ الركام
وحماها بمواضيه ولا
خيرَ بالملك يُرى من غير حام
أصبحتْ آثر أيديه بها
مثلما تصبحُ آثار الغمام
حَسُنَتْ أحوالها وانتظمَتْ
لو تراها بعد هذا الانتظام
رَدَّ بالسيف بغاة ٍ جَمَحَتْ
ردَّك المهرَ جموحاً باللجام
وقضى بالعدل فيما بينها
فمضت في غيّها لدُّ الخصام
واليد الطولى له من قبلها
أخذتْ من كلّ آب بزمام
عِمْ صباحاً أيُّها المولى ودُمْ
وابق واسلم والياً في كل عام

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أَيُنْكِرُ مَعروفَنا المُنكِرُ
أَيُنْكِرُ مَعروفَنا المُنكِرُ
رقم القصيدة : 22393
-----------------------------------
أَيُنْكِرُ مَعروفَنا المُنكِرُ
ويكفرهُ وهو لا يكفرُ
ونحن بنو هاشم في الأنام
كما کتّضَحَ الواضحُ النيّر
تطيب عناصرنا والذوات
وقد طابت الذات والعنصر
إذا ما ذكرنا فغير الجميل
وغير المحامد لا تذكر
بنا تفخر الأمم السابقون
ونحن بأنفسنا نفخر
ومنّا النبيُّ ومنّا الوصيُّ
ومنّا المبشّر والمنذر
رَمَيْتُ عدواً بنا ساءَه
وقوسي لأمثاله يوتر
وذلَّلته بعد عزٍّ بها
وحقَّرته وهو يستكبر
وربَّ قوافٍ لشعري تنير
على عرضه وهو لا يشعر
لها طعناتٌ كوخزِ السِّنان
ولا مثلها الذابلُ الأسمر
فواعجباً لإلَدِّ الخِصام
وقد حاقَ بالخصم ما يمكر
أَيُعْجِبُه أنْ يرى ساعة ً
يَرى دَمَه عَنْدَماً يقطر
بسهمٍ إذا أنا فَوَّقْتُه
أصيبَ به الجيدُ والمنحر
أرى العفو عن لممِ الأرذلين
لداعٍ إلى ما هو الأكبر
فلا عثرة ُ النذل مما تقال
ولا ذنب مذنبها يغفر
وإنّي لأَعْرِفُ كُنْهَ الرّجال
ويكشف مخبرها المنظرُ
صبرتُ على بعض مكروهه
وقلتُ إذنْ عورة ٌ تستر
وإنّي صبورٌ على النائبات
وإنّي على الضَّيم لا أصبر
فأقبلتُ يوماً على حتفه
فولّى به حَظُّه المدبرُ
ليعلمَ أنّي فتى ً، أمرهُ
مطاعٌ، وسطوته تقهرُ
يدين العلاءُ إلى طوعه
ويمثل المجدُ ما يأمر
يزينُ كلامي وجوهَ الكلام
ومن كلمِ المرءِ ما يبهر
كما زُينَتْ بالنقيب الشريف
وحسن مناقبه الأعصُر
إذا جاد سال الندى للعُفاة
وأَيْسَرُ من سيبه الأَنْهُر
نرى الوافدين إلى بابه
لها موردٌ ولها مصدر
فتى ً يقتفي إثْرَ آبائه
وآثارُ آبائه تؤثر
من القوم لا نارهم في الظلام
تُوارى ولا مالُهم يذخر
وما نزلوا غير شم الرعان
يُهدّى لها المنجد المغور
إذا وعدوا بالندى أنجزوا
وإنْ أَوعدوا بالردّى أذعروا
وإن طويتْ صحفُ الأكرمين
فإنّي أراها بهم تنشر
أَبيْتَ النبوّة ِ لا زِلتُمُ
نجوماً بنور الهدى تزهر
مكارمُكُمْ لم تزل تُرتَجى
وسطوتكم أبداً تُحذَر
وبارقُ عارضكم وامضٌ
وعارضٌ إحسانكم ممطر
وأبواعكم في منال العُلى
تطولُ إلها ولا تقصرُ
وكيف يطاولكم في بناءِ
معاليكم الأشعثُ الأغبر
لئنْ أصْبَحَتْ أمَّكم فَاطِمٌ
وإن أباكم إذَنْ حيدر
فما بعد عليائكم من عُلًى
ولا بَعْدَ مفخركم مفخر
ومنم تبلَّجَ صبحُ الهدى
وأَسْفَرَ وهو بكم مسفر
وأجدادكم شفعاء العصاة
بيوم به نارِهِ تسعر
ويخضر من بيض أيديهِمُ
وجدواهم الزَّمَنُ الأَغْبر
سراة ٌ، نَداهُم كفيض البحار
نعم هكذا فيضها الأبحر
فكرنوا غمائمَ مبراقها
يُشام سناه ويستمطر
تحرَّوا بني عمِّنا في الأمور
وراعْوا عواقبها وکنظروا
وكونوا بني رجلٍ واحدٍ
إذا أنكروا مُنكراً غيَّروا
فحينئذٍ بأسكم يتّقى
ويخشاكم العَدَدُ الأكثر
وإنّي لَمِنْ بعض أنصاركم
وناصرُكم في الورى ينصر
وإني بأيديكم صارمٌ
يُقَدُّ به الدِّرع والمغْفَر
أُدافعُ عنكم إذا غِبْتُمُ
وأثني عليكم ولم تحضروا
وإنّي لأَشكركم، والجميلُ
على كل أحواله يشكر
فخذها إليك تغيظ الحسود
يراها المحبُّ فيستبشر
تسرُّ لديك الوليَّ الحميمَ
ويُبتَرُ شانِئُك الأبتر
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> وَرَدَ السرورُ بها وطافَ بحانِها
وَرَدَ السرورُ بها وطافَ بحانِها
رقم القصيدة : 22394
-----------------------------------
وَرَدَ السرورُ بها وطافَ بحانِها
مَن كان صاحبَها ومن أخدانِها
جليتْ فكان من الحباب نثارها
وقلائد العقيان نظم جمانها
والصُّبْحُ قَد سَفَرتْ محاسِنَهُ لنا
وشجون ورقِ الدَّوح من أشجانها
تُملي على فَننِ الغصون فنونَها
ورقاءُ قد صَدَحَتْ على أفنانها
وتجيد أوتار القيان لحونها
فکشرب على النغمات من ألحانها
وکنظر إلى الأزهار كيف يروقها
إشراقُ بهجتها وطيبُ زمانها
وعلى کتّفاق الحُسْنَ من أشكالها
وقعَ الخلافُ فكان من ألوانها
يهبُ النَّسيمُ عبيرها من روضة ٍ
لا زال طفل الطلّ في أحضانها
يا حبّذا زمنٌ على عهد الصبا
ومواسم اللّذات في إبّانها
حيث الهوى وطرٌ وأبيات الحمى
أقمارُ مطلعها وجوهُ حسانها
ويُديرُ بَدرُ التِّمِّ في غَسَق الدجى
كأساً حصى الياقوت من تيجانها
لله أوقاتُ السُّرور وساعة
تجري كميتُ الراح في ميدانها
ضمنتْ لنا الأفراح كأسُ مدامة
وفت المسرّة برهة بضمانها
ويروقها ذاك الحَبابُ فَعَقْدُهُ
من نظم لؤلؤها ومن مرجانها
مسكيَّة ُ النفحات يسطع طيبها
ما کفتضَّ ربَّ الحان ختم دنانها
في مجلسٍ دارت به أقداحها
فكأنَّها الأفلاكُ في دورانها
يا طالب اللّذّاتِ حسبك لذة
ما سال في الأقداح من ذوبانها
باكِرْ صَبُوحَك ما کستَطَعْتَ وعُجْ إلى
كأسِ الطلا واحرص على ندمانها
وإذا سرحتَ إلى الرايض فنلْ إذنْ
من روحها أرجاً ومن ريحانها
ومُوَرَّدِ الوَجَنات جَنَّة ُ وَجْهِهِ
تَصلى بأحشائي لظى نيرانها
ومهفهفٍ ذي طلعة ٍ قَمَريّة ٍ
أجني ثمارَ الحسن من بستانها
ما زال تفعلُ بالعقول لحاظه
ما تفعل الصَّهباءُ في نشوانها
يَسقي فَأَشْربُ من لُمَاه، وكأسُه
ما ينعشُ الأرواح في جثمانها
يشفي مريض القلب من ألم الجوى
ولذا تقرُّ النفسُ من هيمانها
ويبلُّ غلَّة وامقٍ مستغرم
بالريّ من صادي الحشا ظمآنها
تَسْتَحْسِن الأبصار ما بُليت به
وبَلِيَّة ُ العشّاق بکستحسانها
إنَّ النقيب القادري لعوذتي
من حادث الدنيا ومن عدوانها
شهمٌ تذلّ المال عزة ُ نفسه
ومنزّل الأموال دار هوانها
السيّد السَّنَدُ الرفيعُ مكانه
حيث النجوم وحيث سعد قرانها
الطاهر البرّ الرؤوفُ بأمَّة ٍ
الله وفَّقها إلى إيمانها
كم حُجَّة ٍ قد أنبأتك بفضله
قام الدليل بها على برهانها
الباسطُ الأيدي لكلّ مؤمِّل
وجداو الإحسان فيض بنانها
تزنُ الرّجالَ عوارفٌ ومعارفٌ
يتميز الرجحان في ميزانها
قل للمفاخرِ سادة ً قرشية ً
ما أنتَ يوم الفخر منفرسانها
فهمُ الجبال الراسيات وإنَّهم
بين الجبال الشمّ شم رعانها
بَنَت المباني في العلى آباؤه
من قبله فبنى على بنيانها
ما زلت أبصر منك كل أبيَّة ٍ
ما كان غيرك آخذاً بعنانها
حتى إذا بلغتْ سماوات اللعلى
رفقتكَ حينئذٍ على كيوانها
نفسٌ لعمرك في النفوس زكية ٌ
الله فضَّلها على أقرانها
ما فوق أيديه لذي شرفٍ يدٌ
لا في سماحتها ولا إحسانها
كم من يدٍ لكَ في الجميل ونعمة ٍ
تَسْتَغرِقُ العافين في طوفانها
فالسَّعدُ والإقبالُ من خدّامها
والعالم العلويُّ من أعوانها
ذاتٌ مطهّرة ومجدٌ باذخٌ
في سرّها لطف وفي إعلانها
لله فيه سريرة ٌ نبوية ٌ
عرفتْ جميع الخلق رفعة شانها
نشرت صحائف فضله بين الورى
فقرأت سطر المجد من عنوانها
إنّي لأشكرُ من جميلك نعمة ً
وأعوذُ بالرحمن من كفرانها
ألبستها منك الجميل صنايعاً
سطعت بطيب الشكر من أردانها
ها أَنْتَ في الأشرافِ واحد عصرها
ونجيبُ عنصرها رضيعٌ لبانها
إلاّ تنلْ قومٌ علاك فإنَّهم
طالوا وما بلغوا رفيع مكانها
أَوْ عُدَّت الأَعيان من نُقبائها
ما كنتَ إلاّ العينَ من أعيانها
إنَّ القوافي في مديحك لم تزل
تُثني عليك بلفظها ولسانها

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> وعدتُّنَّ طرفي بالخيالِ وصالا
وعدتُّنَّ طرفي بالخيالِ وصالا
رقم القصيدة : 22395
-----------------------------------
وعدتُّنَّ طرفي بالخيالِ وصالا
وانجازُكُنَّ الوَعْد كان مطالا
وإنّي لأرضى بالأماني تَعِلَّة ً
وأقنعُ ما كان الوصال خيالا
فبتُّ أذيلُ الدمع ينهلُّ صوبه
وما زال دمع المستهام مذالا
وفي القلب من نار الجوى ما يذيبه
كأنَّ به مما أَجِنُّ ذبالا
ولي كَبِدٌ حرّى تَوَدُّ لو کنَّها
تصادف من ري الحبيب بلالا
وأنتِ شفائي يا أميمُ وإنّني
أعالجُ داءً في هواكِ عضالا
فليتك يومَ الجزع كنتِ عليمة ً
بما قلت للاّحي عليكِ وقالا
ويومٍ كحرِّ القلبِ من ألم النوى
تفيَّأتُ من سمر الرماح ظلالا
ببيداء لا تهدى القطا في فجاجها
ولا وطئت فيها السماءُ رمالا
فانسني فيها ادِّكاركَ، والأسى
يحضّ عليك الدَّمعَ أنْ يتوالى
ولم أنسَ إدلاج الرفاق بليلة ٍ
يضلُّ بها النجمِ السبيلَ ضلالا
وقد سام فيها النوق سلوانها الغضا
أَلا لا تَسُمْهُنَّ السلوَّ ألا لا
نهضنَ بنا في المنجبات خفائفاً
تَحمَّلْنَ أعباءَ الهموم ثقالا
فظلَّتْ ترامى بالرجال توقُّصاً
وتنحطُّ من تحت الرجال كلالا
ولم تدرِ من فتيان عدنان أنَّها
حَمَلْنَ رجالاً أمْ حَمَلْنَ جبالا
إذا ذَكَرَتْ في الأبرقين مُنَاخَها
كما هِجْتَ في البيد القفار رئالا
أَما وفناءِ البيت يسمو ومن سعى
إليه وقد حثَّ المطيَّ عجالا
لئن بلَّغتني ما أحاولُ ناقتي
وردتُ بها ماءَ العذيب زلالا
وَنَشَّقْتُها رنْدَ الحمى وعَرارَهُ
يَضوعان ما مرَّ النسيمُ شمالا
ودار أناخ الركب فيها مطيَّهم
فكانت لهم تلك الرسوم عقالا
فظلَّ بها سعدٌ يكرُّ بطرفه
إليها ويسقيها الدموع سجالا
تسائلُ رسمَ الدار عن أمِّ سالمٍ
فهلاّ أفادتك الديار سؤالا
ألا بأبي سرباً تتنافرُ عينه
يميناً على رغم الهوى وشمالا
فما لمحت عيناي بعدُ غزالة ً
ولا اقتنص الليث الهصور غزالا
وما بالكنَّ اليوم إذ شاب مفرقي
وأصبحَ حَظي عندكنّ وبالا
هجرتنّني هجر الشبيبة بعدما
أظلَّ بها ظلُّ الشباب وزالا
وقد كان منكن الصدود على الهوى
دلالاً فأمسى صدُّكنَّ ملالا
مضى زمنٌ يا قلب ليس براجعٍ
نعمتُ به قبلَ المشيب وصالا
فلا تطلبنَّ الماضيات تصرَّمتْ
فليس بحالٍ أَنْ تَسُرَّك حالا
وإنَّك إنْ حاوَلْتَ حرّاً تصيبه
تطلَّبْتَ من هذا الزمان محالا
أقم في ذرا عبد الغنيّ وإنْ تشأ
فسرِّحْ إليه أنيقاً وجمالا
فما لبني الحاجات عن فضله غنى ً
وحسبُ الأماني موئلاً ومآلا
متى تقصر الأيدي عن الجود والندى
وَجَدْتَ أياديه الطوال طوالا
إباءٌ يضيم الضيمَ وهْوَ ممنّع
ويصفعُ من ريب الزمان قذالا
فلو أنصفته الأنجم الزهر قبلت
وحقّك أقداماً له ونعالا
عليك به طوداً من المجد باذخاً
وكم طاول المجد الأثيل فطالا
بأَصدق من ألقى المقالة لهجة
إليك وأعلى من رأيت فعالا
رحيب فناء العزّ ما ضاق ذرعه
إذا ضاق ذرعاً غيره ومجالا
وما ولدت أمُّ الليالي بمثله
وإنَّ الليالي لو نَظَرْتَ حبالى
من القوم كانوا والحوادث جمة
سيوفاً حداداً أرهفتْ ونصالا
يكفُّون للرزء المبرِّحِ أيدياً
إذا جال يوماً بالخطوب وصالا
تبارك من أعطاه بالناس رأفة ً
يرقّ بها، سبحانه وتعالى
فيا طالباً يمَّمته فبلغته
لأبلغ جاهاً من لدنه ومالا
فأقبلَ إقبال السحاب بجوده
عليّ فأمرى ماءه وأسالا
وإنّي إذا قلت القريضَ بمدحه
لأصدقُ من قال القريض مقالا
مغيثي إذا قلَّ المغيثُ وناصري
وإنْ عثر الجدّث العثور أقالا
لسانك والعضب اليمانيّ واحدٌ
إذا أقصرت عنه الفحول أطالا
وما لك ندٌ فيهم غير أنّني
رأيت لك البدرَ المنيرَ مثالا
وتلك سجاياك التي أنتَ نِلتَها
لقد أبعدتْ عن حاسديك منالا
تغيَّرتِ الدنيا وقد حال حالها
وما غيَّرتْ منك الحوادث حالا
ومن ذا الذي يرجى سواك ويتقى
نزالاً لعمري تارة ونوالا
لديك أبا محمود نلتمس الغنى
جميعاً ولم نبرح عليك عيالا
وما نحن إلاّ من نوالك سيّدي
كما أمطر الربعُ المحيلُ فسالا
ومنك ولم تبخل وإنَّك قادرُ
تَمنّى الدراري أنْ تكون خصالا
إذا هتف الداعي باسمِكَ فلتكن
لملتمسٍ يبغي جميلك فالا
ملأتَ قلوب العارفين بأسرها
حلالاً وعين الناظرين جمالا
إليكَ ولا منٌّ عليك قوافياً
إذا أمليتْ للبان طال ومالا
ولي فيك من حُرّ الكلام وصفْوهِ
قصائدُ تروي عن علاك خلالا
فكانت على جيد الزمان قلائداً
تلوح وفي بعض القلوب نبالا
تريك مراء القول فيما تقوله
حراماً وسحرَ البابليّ حلالا
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> شَجَتْني وقد تُشجي الطلولُ الهوامدُ
شَجَتْني وقد تُشجي الطلولُ الهوامدُ
رقم القصيدة : 22396
-----------------------------------
شَجَتْني وقد تُشجي الطلولُ الهوامدُ
معالمُ أَقْوَتْ بالفضا ومعاهدُ
وأَيْسَرُ وجدي أنّني في عراصها
أُذيبُ عليها القلبَ والقلبُ جامد
وقفتُ بها أستمطرُ العين ماءها
وأسألُ عن سكّانها وأناشد
وما کنهلَّ وبل الدمع حتى تأجَّجت
من الوجد نيرانُ الفؤاد الخوامد
فلا ماء هاتيك المدامع ناضب
ولا حرّ هاتيك الأضالع خامد
خليليّ ما لي كلّما لاح بارق
تنبَّه وجدي والعيون هواجد
وأوقدَ هذا الشوقُ تحت أضالعي
فهل يوقد الشوق المبرّح واقد
فليتَ خيالَ المالكيّة ِ زائري
فأشكو إليه في الهوى ما أكابد
وعهدي بربع المالكيّة ِ مَصْرَعٌ
إذا خطرتْ فيه الحسان الخرائد
أحبَّتنا أمّا الغرام وحرُّه
فباقٍ وأمّا الاصطبار فنافد
فقدتكمُ فقدَ الزلال على الظما
فلم يرو مفقودٌ ولم يروَ فاقد
خليليَّ إنّي للكرام لفاقدٌ
وإنّي على ريب الزمان لواجد
وإنّي لفي عصر أضَرَّ بأهْلِهِ
وأَغْرَبُ شيء فيه خِلٌّ مساعد
وما ضرّني فقدي به ثروة الغنى
فلا الفضل منحطٌّ ولا النقص صاعد
ترفَّعتُ عن أشياءَ تزوي بأهلها
وما أنا ممن دنَّسَتْه المفاسد
وإنّي لِمَنْ يبغي ودادي لطامعٌ
وبالمُعرضِ المُزْوَرِّ عنّي لزاهد
جَرَيْتُ بميدان التجارب برهة ً
وقد عرفتني بالرجال الشدائد
وما الناس إلاّ ما عرفتُ بكشفها
صديقٌ مداجٍ أو عدوٌّ معاند
إذا خانك الأدنى الذي أنتَ واثقٌ
به فحريٌّ أَنْ تَخُونَ الأباعدُ
أعد نظراً في الناس إنْ كنت ناقداً
فقد يتلافى صحة النقد ناقد
مضى الناس والدنيا وقد آل أمرها
وتعمر فيه للصّلاة مساجد
وأصبَحْتُ في جيل الفساد ولم يكن
لِيَصْلُحَ هذا الجيل والدهر فاسد
فإنْ عدَّت الآحاد في الجود والتقى
لقومٍ فعبد الواحد اليوم واحد
يعدُّ لإيصال الصِّلات محلُّه
وتعمر فيه الصلاة مساجد
ملابس تقوى الله في البأس دونها
صدور العوالي والسيوف البوادر
جناب مريع يستمد بمدّه
وتلقى إلى ذاك الجناب القلائد
يلوح إذا ما لاح بارق جوده
كما لاح برق في الغمائم راعد
لقد زرع المعروف في كل موطنٍ
وزارعه للحمد والشكر حاصد
يكاد يقول الشعر لولا جميله
لما طال لي باعٌ ولا اشتدّ ساعد
إذا اقترنا، شعري وكوكب سعده
وشوهد منا المشتري وعطارد
تفتَّحُ أزهارُ الكلام وأشرقتْ
بآفاق أقطار الفخار فراقد
أُشاهِدُ في النادي أساريرَ وجهه
فأنظر أبهى ما أرى وأشاهد
إذا ما انتمى يوماً لأكرام والدٍ
فبورك مولودٌ وبورك والد
بنفسي رفيع القدر عالٍ محله
تنال الثُّريّا كفُّه وهو قاعد
له حيث حلّ الأكرمون من العلى
مقامٌ كريمٌ في العلى ومقاعد
كريم يُنيلُ المستنيلين نَيْلَه
ومن كرم الأخلاق ما هو رافد
فما خاب في تلك المكارم آملٌ
ولا سرَّ في نعمائه قطُّ حاسد
مناهله للظامئين مواردٌ
فلا نَضِبَتْ في الجود تلك الموارد
تشادُ بيوتُ المجد في مكرماته
وترفعُ منها علاه قواعد
حَثَثْنا إلى ذاك الجناب قلائصاً
لها سائق منها إليه وقائد
وقد صَدَقَتْنا بالذي هو أهْلُه
ظُنونٌ بما نرجو به وعقائد
من القوم موصول الجميل بمثله
لنا صِلَة ٌ من راحتيه وعائد
وما البرّ والإحسان إلاّ خلائق
وما الخير في الإنسان إلاّ عوائد
تدلّ عليه بالثناء أدِلَّة ٌ
عليها من الفِعل الجميل شواهد
وأبقى له في الصالحات بواقياً
وإنْ فَنيَ المعروف فالذكر خالد
تروح إليه الآملون وتغتدي
فذا صادر عنه وذيآك وارد
ألا بأبي ذاك الهمام الذي له
من الله عونٌ في الأُمور وحاشد
تناخُ مطيا المعتفين ببابه
ويَنْفُقَ سوقُ الفضل والفضل كاسد
إذا أنا أنشدتُ القريض بمدحه
وعتْ أذنُ العلياء ما أنا ناشد
وكم جابتِ الأرضَ البسيطة باسمِهِ
قوافٍ سوارٍ في الثناء شوارد
تقلِّدُ جيدَ الدهر منها قلائدأً
ويا ربَّ جيدٍ زيَّنَتْه القلائد
وكم نظمت فيه عقود مدائح
مزاياه في تلك العقود فرائد
رعَيْتَ رعاك الله حقَّ رعايتي
فأَفعالُك الغرُّ الجياد محامد
فَدَعْ غير ما تهوى فإنَّك مفلحٌ
وخذْ بالذي تهوى فإنَّك راشد
وإنك معروف بكلِّ فضيلة ٍ
وهلْ يجحد الشمس المضيئة جاحد
فيا لك في الأَمجاد من متفضلٍ
له طارف في الأمجدين وتالد
بلغنا بك الآمال وهي بعيدة
وتمّت لنا فيما نروم المقاصد
فكلُّك يا فخر الكرام مكارمٌ
وكلُّك يا مال العفاة فوائد
شكرتك شكر الروض باكره الحيا
يد المزن تمريها البروق الرواعد
وهاأنا حتى ينقضي العمر شاكر
لنعماك ما بين البرية حامد
فلا زلت مقصوداً لكلَّ مؤمِّل
ولا برحتْ تتلى عليك القصائد

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> كُنْ بالمدامة للسُّرور مُتَمِّما
كُنْ بالمدامة للسُّرور مُتَمِّما
رقم القصيدة : 22397
-----------------------------------
كُنْ بالمدامة للسُّرور مُتَمِّما
صفراءَ قبلَ المزج تحكي العَنْدَما
شمسٌ إذا جليتْ بكفٍّ أطلعتْ
منها الحباب على الندامى أنجما
هذي أُوَيْقات السرور فلا تَدَعْ
فُرَصَ السرور من الزمان فربّما
أو ما ترى فصل الربيع وطيبه
والزهر في الأكمام كيف تبسَّما
وکمزج معتقة َ الدنان فإنّني
أهوى المزاج بريق معسول اللمى
ومهفهف الأعطاف يرنو لحظُه
فإخاله يَسْتَلُّ سيفاً مخذما
لولا محاسن جَنَّة ٍ في وجهه
ما شاهد المشتاقُ فيه جهنّما
أو كان يمنحني زلال رضابه
ما بتُّ أشكو من صبابته الظما
ويلاه من شرع الغرام من الذي
جعلَ الوصالَ من الحبيب محرَّما
ولرب ليل زارني في جنحه
وعصى الوشاة به وخالف لوّما
قصّيت أهنأ عيشة من وصلهِ
حتى أنارَ صباحهُ وتصرَّما
إنَّ العيون النُّجل أَوْرَثْنَ الرَّدى
قَلْبي وأرشَقْنَ الخواطر أسْهُما
وتوقُّد النيران في وجناته
أوقدنَ في الأحشاء شوقاً مضرما
أمعنِّفَ المشتاق في أشجانه
إيّاك تعذل بالهوى مستغرما
قد كان لي قلبٌ يطيعك بالهوى
لكنّما سلبوه غزلان الحمى
وبمهجتي الظبي الغرير فإنّني
حكّمته في مهجتي فتحكّما
أهوى التشبب بالملاح ولم يزل
قلبي بمحمود الفعال متيَّما
العالمُ المبدي العجاب بعلمه
والمبهر الأفهام حيث تكلّما
تلقى الأنام عيال بيت علومه
فترى قعوداً ترتجيه وقوّما
هذا تراه مؤمِّلا يرجو الندى
من راحتيه وذا أتى متعلّما
فيرد هذا فائزاً من فضله
فيما يروم وذاك عنه معلما
لم ألقَ أغزرَ نائلاً من كفِّهِ
وأُرَقَّ قلباً بالضعيف وأرحما
إنْ جئته بمسائلٍ ووسائلٍ
أضحى لقصدك مكرماً أو مفهما
جمع المفاخر والمحامد كلها
وأباد بالكرم المشرفَ المعلما
ولكم أتيتُ لبابه في جاحة
فوجَدْتُ ساحته الغنى والمغنما
فقصدت أفودَ من قصدتُ من الورى
وأتيتُ أبركَ من أتيت ميمما
وأتيتُه فوجَدْت حصناً مانعاً
ووردته فرأيت بحراً قد طمى
كم قد أنال مُؤَمِّلاً من رِفْدِه
وأغاثَ ملهوفاً، وأغنى معدما
وشهدْت قرماً بالكمال متَوَّجاً
ورأيت ليثاً بالفخار معمّما
بطلٌ أعزَّ الجارَ في إكرامه
وأهان في كرمِ اليمين الدرهما
بأبي فتى ً مذ كان طفلاً راضعاً
فاضت أناملُ راحتيه تكرُّما
شادت فضائله مقاماً في العلى
سامٍ على طول المدى لن يهدما
متبسمٌ للوافدين لبابه
والغيث إنْ قَصَدَ الهُطَولَ تَبَسَّما
ما فاض نائله وفاض بعلمه
إلاّ التقطْتَ الدُّرَّ منه توأما
كم مشكلات أُوضِحَتْ بذكائه
وأبانَ في تقريره ما أبهما
ما زال مذ شم النسيم حلاحلاً
أمسى بحب الفضل صباً مغرما
يعزى إلى بيت الرسول محمد
وإ لى النبيّ الهاشميّ إذا انتمى
يوم النوال يكون بحراً زاخراً
ولدى العلوم تراه حبراً مفعما
قسراً على كيد المعاند قد علا
وبرغم أنفِ الحاسدين لقد سما
الله أَوْدَعَ في سريرة ذاته
من قبل هذا جوهراً لن يقسما
قل للذي يبغي وصول كماله
هيهات إنَّكَ لست من يصل السما
أحلى من العسل الجنيّ فكاهة
وتراه يوم الجد مرّاً علقما
مثل الأُسود الضاريات إذا سطا
والمرسلات الذاريات إذا همى
كم راح زنديق يروم نزاله
فرآى سيوف الحق عنه فأحجما
وأتى عليه بكلّ برهان بدا
لو كان في جنح الدجى ما أظلما
فهو الذي نهدى به في ديننا
ونرى طريق الرشد فيه من العمى
يا سيّداً حاز العلوم بأسرها
حتى غدا علمَ الأنام وأعلما
فليهنك المجدُ الذي بُلِّغْتَه
لو أنصفوك لكنتَ فيه مقدّما
فلقد بلغت اليوم أرفع منصب
أضحى على أعداك فيه مأتما
ما نلت إلاّ ما جنابك أهلهُ
فابق على أبدِ الزمان مكرَّما
وکسأل ودادَك من جوانح أخرس
لو كان يستطيع الكلام تكلَّما
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أُعالجُ قلباً في هواكم معذَّبا
أُعالجُ قلباً في هواكم معذَّبا
رقم القصيدة : 22398
-----------------------------------
أُعالجُ قلباً في هواكم معذَّبا
وأصبو إليكم كلَما هبّتِ الصَّبا
وأطوي على حرِّ الغرام جوانحاً
تلهَّبُ في نيران وجدي تلهُّبا
يؤنّبني اللاّحون فيك ولم أكن
لأسمعَ في الحبّ العذولَ المؤنِّبا
وأرّقني يا سعد برقٌ أشيمه
يزرّ على الأكناف برقاً مذهبا
شجاني فأبكاني وأطربَ مَسْمَعي
حمامٌ بذات البان غنّى فأطربا
وذكَّرني والدار منها قصيّة
على النأي سعدى والرباب وزينبا
بحيث الهوى غضٌّ وبرد شبابنا
قشيب وعهد اللهو في زمن الصبا
يدارُ علينا من دم الكرم قهوة
فنشرب ترياق الهموم المجرّبا
وتُهدي إلينا في الكؤوس نوافجاً
من المسك أو أذكى أريجاً وأطيبا
إذا زفّها الساقي لشربٍ تبسَّمتْ
به طرباً حتى يروح مقطّبا
ويا رُبَّ ليلٍ رُحتُ فيه مع المها
بقصّة أشواق يكون لها نبا
تلاعبُ أنفاس النسيم إذا سرى
على جلّنار الخدّ صدغاً معقربا
أَلَمْ تنظر الأَيام كيف تبدَّلَتْ
بنا ورخاء العيش كيف تقلَّبا
فلم أستطبْ يا سعد مرعى ً أروُدُه
مريعاً ولم أستعذِب اليوم مشربا
بربّكما عوجا على الربع ساعة ً
وإنْ كان قد أقوى دروساً وأجدبا
لئن لَعِبت فيه السوافي وبرّحت
فقد كان قبل اليوم للسِّرب ملعبا
ويا طالما وافى على حين غفلة
وواهاً على الحيِّ الذي قد تجنَّبا
وإنَّ وقوفي في المنازل بعدهم
لأَقضي لحقّ الوجد ما كان أَوْجَبا
أثيرُ له الأشجان من وكناتها
وأُجري دموعاً صَوبُها قد تصبَّبا
أَطعتُ الهوى ما إنْ دعاني له الهوى
ولما دعوتُ الصَّبر يومئذٍ أبى
وما زالُ يوري زندًه لاعجَ الحشا
فما باله أَورى الفؤاد وما خبا
أُعلِّلُ نفسي بالتلاقي وبيننا
حزونٌ إذا يجري بها خاطري كبا
ولو أنَّ طيفَ المالكيّة زارني
لقُلْتُ له أهلاً وسهلاً ومرحبا
وإنْ نَقَل الواشي لظمياءَ سلوة ً
فما صدقَ الواشي بذاك وكذّبا
تؤاخذني الأيامُ والذنب ذنبها
على غير ما جُرمٍ وما كنت مذنبا
فيا وَيحَ نفسي ضاع عمري ولم أَفُزْ
بِحُرٍّ ولا أَبْصَرْتُ خِلاًّ مهذبا
ويقعدني حظّي عن النيل إنْ أرمْ
مراماً وإنْ أطلب من الدهر مطلبا
ولم يُجْدِني إرهافيَ العزمَ في المنى
وما حيلتي بالصارم العضب إنْ نبا
وما برحتْ تملى على الدهر قصَّتي
فتملأُ أفهام الرجال تعجُّبا
وتزهو بأمداح النّقيب قصائدي
بأَحْسَنَ ما تزهو بأزهارها الرّبا
بأبلجَ وَضّاح الجبين كإنَّه
إذا لاح في ضوء النهار تنقّبا
كريمٌ براه الله أكرمَ من برا
لَقَدْ طابَ عرقاً في الكرام ومنبتاً
لتسمُ ينو السادات من آل هاشم
بأنجبهم أمّاً واشرفهم أبا
وأحلاهمُ في وابل الجود صيّبا
وأعلاهمُ في قُلَّة المجد منصبا
أتانا بأبكارِ المناقب سيدٌ
فأبدعَ فيما جاء فيه وأغربا
وأَغْضَبَ أقواماً وأرضى بما أَتى
وخيِّر ما بين المذاهب في العلى
فما کختار إلاّ مذهب الفضل مذهبا
تَحبَّبَ بالحسنى إلى الناس كُلِّهم
ومن جُملة الإحسان أَنْ يتحبَّبا
لك الله من طار الفخارُ بصيته
فَشَرَّقَ في أقصى البلاد وغرّبا
ومن راح يستهديك للجود والندى
رآك إلى الخيرات أهدى وأصوبا
تقلَّبَ في نعمائك الدهر كلّه
وما زلتُ في نعمائك المتقلبا
وجدّك لم أبصرْ سواك مؤمَّلاً
ولا من إذا ما استوهب المال أوهبا
إذا لم أجد لي للثراء مسبّباً
وجدتك في نيل الثراء المسبّبا
وقد شمت برقاً من سجابك ممطراً
وما شمت برقاً من سحابك خلّبا
وإنّي لأستسقي نوالك ظامئاً
فلم أَرَ أَمْرى منه شيئاً وأعذبا
ولي قلمٌ يملي عليك إذا جرى
وترجمَ عمّا في الضّمير وأعربا
فيا قمراً في طالع السعد نيّراً
ويا فلكاً بالمكرمات مكوكبا
لقد جاءني شهرُ الصيام بموكب
وشوَّشَني لما بدا بقدومِهِ
فلو أنَّ شهرَ الصَّوم طاف بمنزلي
تبسَّمَ مما راعه وتعجّبا
وأَبْصرَ داراً لو ثوى الخير ساعة
بها لنأى عن أهلها وتغرَّبا
ويا طالما وافى ععلى حين غفلة
فأَصْبَحْتُ منه خائفاً مترقبا
وجرّبته في كل عام بغصّة
مثلي من ساس الأمور وجرّبا
ولمّا رأيتُ الهمَّ جاز لي المدى
إلى أنْ رأيتُ السيل قد بلغ الزبى
وقد أتعبتني ما هنالك فاقة ٌ
ومن كان مثلي أَتْعَبَتْه وأتعبا
وقد حملتني حاجة لو كفيتها
غدوت له عن ثروة متأهبا
ركبتُ بها الآمال وهي خطيرة ٌ
ولو لم يكن غيرُ الأسنّة مركبا
وما خاب ظنّي في جميلك قبلها
وما كنتَ للظنِّ الجميل مخيّبا

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أَلا من لأجفانٍ أَرَقْنَ رواء
أَلا من لأجفانٍ أَرَقْنَ رواء
رقم القصيدة : 22399
-----------------------------------
أَلا من لأجفانٍ أَرَقْنَ رواء
وحَرِّ قلوبٍ يا هذيم ظماءِ
صوادٍ إلى يردِ الثغور التي بها
إذا كان دائي كان ثم دوائي
وصحْبٍ أحالوا الوصل هجراً وأعقبوا
تدانيهمُ في صدّهم بجفاء
نأوا فحنيني لا يزال إليهم
ويا ويحَ دانٍ يحنُّ لنائي
أجبراننا لما جفوتم وبنتمُ
ولم تمنحونا مرة ً بلقاء
عرفت بعهد الود في الحب غدركم
وأَنْتُم عَرَفْتُم في الغرام وفائي
وجدتّث بروحي ذمة ً وبخلتمُ
كذلك إشفاقي وحسن بلائي
وفيكم ومنكم قبلها وعليكم
نبذت كلام العاذلين ورائي
حلالاً لكم منّي دمٌ طلَّه الهوى
ولا صانه قومي إذنْ بفداء
أعيدوا علينا ساعة الوصل إنّها
لأَقصى مرامي منكم ومنائي
سقام بكم لا في سواكم وجدته
فجودوا على مضناكم بشفاء
فإنْ لم تعودوني ولو بخيالكم
فلا تطعموا من بعدها ببقائي
أَحِبَّتَنا لم تُنْصِفونا بحبّكم
وما هكذا لو تتصفون جزائي
ذكرناكمُ والدَّمع ماءً نريقه
فشبناه في ذكراكمُ بدماء
فمن لوعة تصلى بنيرانها الحشا
ومهجة قلب آذَنَتْ بفناء
توالى عليها حرقة الوجد والأسى
فلم يبقِ منها الحبُّ غير ذماء
ويا سعدُ لا تلح أخاك وقد مضى
به سهمُ راميه أشَّد مضاء
صريع العيون النجل ما إنْ رَمَيْنَه
صريع الهوى والوجد والبرحاء
قتيل الهوى العذريِّ قد فتكتبه
قدودُ غصونٍ أو لحاظُ ظباء
كأنّي به يستيقظ الحتفُ راقداً
إذا شام برقاً لاح بعد خفاء
ولم يتبسَّمْ ذلك البرق منهم
لعمرك إلاّ جالباً لبكائي
فما لك تلحوني على ما أصابَني
من الداء جهلاً، لا بليتَ بدائي
دعوتك تستمري الدموع لما أرى
فَلَمْ تَسْتَجِبْ يومَ الغميم دعائي
وهذا هذيم كلّما كرّ طِرفُه
إلى مربعٍ بالرقميتن خلاء
تذكر أياماً بهنَّ قصيرة
يطول عليها شقوتي وعنائي
فأَرسَلَها مهراقة ً وهي عبرة
ترقرق يرقيها بفضل رداء
خليليَّ إنْ تسعداني على الهوى
فأَينَ ودادي منكما وإخائي
ويا سعد إنّي قد منيتُ وراعني
نوى ً جدَّ البين من خلطائي
فما للمطايا بين جدٍّ ولوعة ٍ
وبين حنينٍ مزعجٍ ورغاء
بربِّكَ حثحثها وخذْ بزمانها
وسِرْ سيرَ لا وانٍ ولا ببطاء
إلى منزل لا يعرفُ الضِّيمَ اهلهُ
ولا خاب من وافاهم برجاء
يحلُّ به عبد الغنيّ فلا الغنى
إذا ما دنا الإملاق منك بناءِ
ربيع الندى لا يبرح الفضل فضله
يطيبُ مصيفي عنده وشتائي
ألا لا سقتْني غيرَ راحته الحيا
فتورثُ صوبَ المزن فرط حياء
صفا العيش لي منها وطاب ولم يزل
يروقُ ولم يكدرْ عَلَيَّ صفائي
ولم يَرْوِ إلاّ عنه دام علاؤه
رواية مجد باذخٍ وعلاء
مناقب تزهو بالمكارم كلُّها
وتشرقُ من أنواره بوضاء
ولا كرياض الجزع وهي أنيقة
وتفضلها في بهجة وبهاء
تأرَّجُ أنفاس النسيم بطيبها
كما نسمت ريح الصبا بكباء
أخو العرفات الماضيات فما دجا
دجى الخطب إلاّ جاء بابن ذكاء
طربنا وأطربنا الأنام بمدحه
فهلْ ديرت الصهباء للندماء
ورحنا نجرّ الذيل بالفخر كلما
ذكرناه في الأَشراف والعلماء
غذاءٌ لروحي مَدْحُهُ وثناؤه
وإنَّ أحاديثَ الكرام غذائي
له الله موقي من يلوذ بعزّه
به من صُروف النائبات وقائي
فمن شدَّة ٍ فيه ومن لينِ جانبٍ
ومن كرم في طبعه وسخاء
وما خفيتْ تلك المزايا وإنّما
تلوحُ كما لاح الصّباح لرائي
مواهب أعطى الله ذاتك ذاتها
وحسبك من معطٍ لها وعطاء
بها رحت أجني العزَّ من ثمراته
ويخفق بين الأَنجبين لوائي
عليك إذا أثنيت بالخير كلّه
تقبَّل أبا محمود حسنَ ثنائي
رأيتُ القوافي فيك تزداد رونقاً
ولو أنّها كانت نجوم سماء
ولم أرَ مثل الشعر أصدقَ لهجة ً
إذا قال فيك القولَ غير مرائي
غنيٌّ عن الدنيا جميعاً وأهلها
سواك وفيه ثروتي وغنائي
فقيرٌ إلى جدواك في كل حالة
وانّك تدري عفَّتي وإبائي

شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن العشماوي >> رثاء أب
رثاء أب
رقم القصيدة : 224
-----------------------------------
هزي جذوعك يا غصون اللوز
في وطني الحبيب
فلربما صار البعيد لنا قريب
ولربما غنت عصافير الصفاء
وغرد القمري
وابتسم الكئيب
هزي غصونك
وانثري في الأرض لوزك يا جذوع
ودعي النسيم يثير أشجان الفروع
ودعي شموخك يا جذوع اللوز
يهزأُ بالخضوع
هزي غصونك
ربما سمع الزمان صدى الحفيف
ولربما وصل الفقير إلى رغيف
ولربما لثم الربيع فم الخريف
هزي غصونك
ربما بعث الصفاء إلى مشاعرنا
بريدَهْ
ولربما تتفيأ الكلمات في درب المنى
ظل القصيدة
أنا يا جذوع اللوزِ
أغنيةٌ على ثغر اليقين
أنا طفلة نظرت إلى الأفاق
رافعة الجبين
أنا من ربا المرزوق
تعرفني ربوع بني كبير
أملي يغرد يا جذوع اللوز
في قلبي الصغير
وأبي الحبيب يكادُ بي
من فرط لهفته يطير
أنا ياجذوع اللوز من صنعت لها المأساة
مركبةً صغيرة
أنا مَنْ قدحْتُ على مدى الأحلام
ذاكرة البصيرة
لأرى خيال أبي وكان رعيتي
وأنا الأميرة
كم كنت أمشط رأسهُ
وأجر أطراف العمامةْ
وأريه من فرحي رُباً خضراً
ومن أملي غمامةْ
كم كنت أصنع من تجهمه
إذا غضب، ابتسامهْ
أنا ياجذوع اللوز
بنت فقيد واجبه مساعد
أنا مَنْ تدانى الحزن من قلبي
وصبري عن حمى قلبي
تباعدْ
أنا طفلة تُدعى عهود
أنا صرخةٌ للجرح
تلطم وجه من خان العهودْ
أنا بسمةٌ في ثغر هذا الكونِ
خالطها الألمْ
صوتي يردد في شمم
عفواً أبي الغالي ، إذا أسرجت
خيل الذكرياتْ
فهي التي تُدني إلى الأحياء
صورة من نأى عنهم
وماتْ
عفواً
إذا بلغت بي الكلماتُ حدَّ اليأس
واحترق الأملْ
فأنا أرى في وجه أحلامي خجلْ
وأنا أرددُ في وجلْ
يا ويل عباد الإمامة والإمامْ
أو ما يصونون الذِّمامْ
كم روعوا من طفلةٍ مثلي
وكم قتلوا غلامْ
ولكم جنوا باسم السلامِ
على قوانين السلامْ
ياويل عُبَّاد القبورْ
هُمْ في فؤاد الأمة الغراء آلامٌ
وفي وجه الكرامة كالبثور
هُمْ - يا أبي الغالي - قذىً في عين أمتنا
وضيقٌ في الصدور
يا ويل أرباب الفتنْ
كم أوقدوا ناراً وكم نسجوا كفنْ
كم أنبتوا شوكاً على طرقات أمتنا
وكم قطعوا فَنَنْ
كنا نظن بأنهم يدعون للإسلام حقاً يا أبي
فإذا بهم
يدعون للبغضاءِ فينا والإِحنْ
عفوا أبي الغالي
أراك تُشيح عني ناظريكْ
وأنا التي نثرتْ خُطاها في دروب الشوق
ساعيةً إليك
ألبستنا ثوب الوقار
ورفعتَ فوق رؤوسنا تاج افتخارْ
إني لأطرب حين أسمع من يقول
هذا شهيد أمانته
بذل الحياة صيانةً لكرامته
أواهُ لو أبصرتَ
زهوَ الدَّمع في أجفان غامدْ
ورأيت - يا أبتاه - كيف يكون
إحساس الأماجدْ
أواه لو أبصرت ما فعل الأسى
ببني كبير
كل القلوب بكتْ عليك
وأنت يا أبتي جدير
أنا يا أبي الغالي عهود
أنسيتَ يا أبتي عهود
أنا طفلةٌُ عزفتْ على أوتار بسمتها
ترانيم الفرح
رسمتْ جدائلُها لعين الشمس
خارطة المرَحْ
كم ليلةٍ أسرجتَ لي فيها قناديل ابتسامتك الحبيبهْ
فصفا فؤادي وانشرحْ
أختايَ يا أبتي وأمي الغاليهْ
يسألنَ عنك رحاب قريتنا
وصوت الساقيهْ
أرحلت يا أبتي الحبيب؟؟
كلُّ النجوم تسابقت نحوي
تزفُّ لي العزاءْ
والبدر مدَّ إليَّ كفاً من ضياءْ
والليل هزَّ ثيابه
فانهلَّ من أطرافها حزنُ المساء
تتساءل المرزوق يا أبتي الحبيب
ما بال عينِ الشمس ترمقنا
بأجفان الغروبْ
وإلى متى تمتدُّ رحلتك الطويلةُ يا أبي
ومتى تؤوب؟؟
وإلى متى تجتثُّ فرحتنا
أعاصير الخطوب
هذا لسان الطَّلِّ يُنشِدُ للربا
لحن البكاءْ
هذي سواقي الماء في وديان قريتنا
على جنباتها انتحر الغُثاءْ
هذا المساءْ
يُفضي إلى آفاق قريتنا
بأسرار الشَّقاء
يتساءل الرمان يا أبتي
ودالية العنب
والخوخ والتفاح يسألُ
والرطبْ
وزهور وادينا تشارك في السؤالْ
ويضجُّ وادينا بأسئلةٍ
تنمُّ عن انفعالْ
ماذا أصاب حبيبنا الغالي مساعد
كيف غابْ؟
ومتى تحركت الذئابْ؟
ومتى اختفى صوتُ البلابلِ
وانتشى صوتُ الغراب؟
يا ويح قلبي من سؤالٍ
لا أطيق له جوابْ
ما زلتُ - يا أبتي - أصارع حسرتي
وأسد ساقية الدموعْ
أهوى رجوعك يا أبي الغالي
ولكنْ
لا رجوعْ
إن مُتَّ يا أبتي
وفارقت الوجودْ
فالموتُ فاتحة الخلودْ
ما مُتَّ في درب الخيانة والخنى
بل مت صوناً للعهود
يا حزنُ
لا تثبتْ على قدمٍ
ولا تهجر فؤادْ
فأنا أراك لفرحتي الكبرى امتدادْ
إن ماتَ - يا حزني - أبي
فالله حيٌّ لايموتْ
الله حيٌّ لايموتْ
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> إسأَلِ الأَرْسُمَ لو ردَّتْ جوابا
إسأَلِ الأَرْسُمَ لو ردَّتْ جوابا
رقم القصيدة : 22400
-----------------------------------
إسأَلِ الأَرْسُمَ لو ردَّتْ جوابا
وَوَعَتْ للمْغرَم العاني خطابا
عَرصاتٌ يَقِفُ الصبّ بها
ينفدُ الدَّمع ذهاباً وإيابا
عاتب الدهر على إقوائها
إنَّ للحرّ مع الدهر عتابا
ما رعت فيها الليالي ذمّة ً
وكستها من دياجيها نقابا
فسقتها عبرة مهراقة
كالسحاب الجون سحاً وانسكابا
كلَّما أسبلها مُسبِلُها
روت الأغواز منها والهضابا
لا قضت عيناي فيها واجباً
إنْ تكن عيناي تستجدي السحابا
وقف الركب على أفنائها
وقفة الأميّ يستقري الكتابا
منكراً من أرسُمٍ معرفة
لبست للبين حزناً واكتئابا
لأريننَّكُما وَجدي بها
ما أرتني الدار إلاّ ما أرابا
ليت شعري هذه أطلالهم
أيّ رامٍ قد رماها فأصابا
وبكيتها البدن لكن بدم
فحسبنا أدمع البدن خضابا
وردت منهلها مستعذباً
وأراها بُدِّلَتْ منه عذابا
أينَ منها أوجهٌ مشرقة
ملكت من كامل الحسن نصابا
ولكم كان لنا من قمر
في مغاني ذلك الربع فغابا
وأويقات سرور جمعت
لذة الكأس وسلمى والربابا
زمن ما إنْ ذكرناه لِمَنْ
فاته عهد الصّبا إلاّ تصابى
ظنَّ أنْ أسلوكم الّلاحي بكم
كذب الظنّ من اللاّحي وخابا
وتَصامَمْتُ عن العاذل إذ
قال لي صبراً وما قال صوابا
ما عليكم لو دَنَوْتُم من شجٍ
في هواكم دنفٍ شبّ وشابا
أنا أغنى الناس إلاّ عنكمُ
فامنحوا النأي دنوّاً واقترابا
ما رجائي أملاً من فئة
زجر الحظ بهم منهم غرابا
كيف أستمطرُ جدوى سحبٍ
عقدوها بالمواعيد ضبابا
أوَيغريني وميضٌ خُلَّبٌ
وشراب لم يكن إلاّ سرابا
ما عرفت الناس إلاّ بعدما
ذقت من أعوادهم شهداً وصابا
إنْ تعالتْ في المعالي سادة
فعليُّ القدر أعلاها جنابا
سيّد يطلع كالبدر ومن
فكره يوقد بالرأي شهابا
أريحيٌّ لم يزل متْخِذاً
دأبَ المعروف والإحسان دابا
ويثيب الناس جوداً وندى ً
وهو لا يرجو من الناس ثوابا
فإذا استسقي وافى غيثه
ومتى يدعى إلى الحسنى أجابا
فإذا ما سمع الذكر اتقى
وإذا ما ذكر الله أنابا
من عرانين على ً قد نزلوا
من بيوت المجد أفناءً رحابا
ما بهم عيب خلا أنَّهم
يَجِدُون البخل والإمساك عابا
غرست أيديهم غرس الندى
فکجتنت من ثمر الشكر لبابا
سحبت ذيل کفتخار أمة ٌ
لبسوا التقوى بروداً وثيابا
وأعِدُّوا للعلى سمر القنا
والرقاق البيض والخيل العرابا
ينزل الوحيُ على أبياتهم
فاسأل الآيات عنهم والكتابا
عروة الوثقى ومنهاجِ الهدى
كثفوا عن أوجه الحقّ حجابا
إنَّ هذا فرعهم من أصلهم
طاب ذاك العنصر الزاكي فطابا
هاشميٌّ علويٌّ ضاربٌ
في أعالي قُلَل الفخر قبابا
ضاحكُ الثَّغر إذا ما خطبٌ
كثَّرتْ عن مدلهمِّ الخطب نابا
قد تأمَّلناك من بين الورى
فرأينا عجباً منك عجابا
يا مهاب البأس مرجوّ الندى
لا تزال الدهر مرجوّاً مهابا
طوَّقتني منك أيديك وما
طوَّقتْ إلاّ أياديك الرقابا
وأرتني كيف ينثال الغنى
والغنى أعيا على الناس طلابا
كلّما أغلق بابي دونه
فتحت لي يدك البيضاء بابا
أرخصتْ لي كلَّ غالٍ فكأنْ
وجدتْ في جودها التبر ترابا
فاهن بالعيد وفز في آجر ما
صُمْتَه لله أجراً وثوابا
فجزاك الله عنّا خيره
وجزَيْناك الدعاءَ المستجابا

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> تَوَلَّتْ من الظَّلماء تِلْكَ الدياجرُ
تَوَلَّتْ من الظَّلماء تِلْكَ الدياجرُ
رقم القصيدة : 22401
-----------------------------------
تَوَلَّتْ من الظَّلماء تِلْكَ الدياجرُ
وشاقكَ طيفٌ من أميمة َ زائرُ
سرى حيث لا واشٍ هناك يصدّه
ولا لَمَحَتْه نم رقيب نواظر
ووافى على بعد المزار فليته
أقام وقد آوته تلك المحاجر
يبلُّ غليل الشَّوق من ذي صبابة
يذكّره المنسيَّ في الحبّ ذاكر
تذكّرت فيما بعد ذلك نائياً
فلا هو بالداني ولا أنا صابر
فيا ليت شعري هل يعود لي الصبا
وتألف هاتيك الظباء النوافر
فأغدو إلى ما كنت أغدو وللهوى
على برحاء الوجد عين وناظر
فللّه عهدٌ بالصبابة مرّ بي
وما فتكت أحداقهن الجآذر
أعاذلتي والعتب بيني وبينها
رويدك فالإنصاف لو كان عاذر
لبست الضنى حتى أبادني الضنى
وخامرني في الحبّ داءٌ مخامر
وحسبُك أَنّي فيكِ يا ميٌّ وامقٌ
وأنّي کمرؤٌ مما يريبك طاهر
وهل تعلقُ الفحشاء من ذي صبابة
وقد كَرُمَتْ نفسٌ وعفَّت مآزر
زكوتُ فما ألممُ يوماً بربية
ويزكو الفتى من حيث تزكو العناصر
تطالبني نفسي بما تستحقُّه
وإنْ أَجْحفت فيها الجدود العواثر
تحاول مجداً في المعالي ورفعة
فيرجى لها نيل وتخشى بوادر
فأكرمتها أنْ صنتها عن دنيّة
وأنّي بها في الأنجبين أفاخر
أنوء بأعباء المروءة حاملاً
من الهمّ ما لا يستطيع الاباعر
وأزداد طيباً في الخطوب كانّني
أنا المندليّ الرطب وهي مجاحر
فما ساءني فقرٌ ولا سرّني غِنى ً
وعرضي لم يكلمْ إذا هو وافر
سواءٌ لديَّ الدهر أحسنَ أسا
وما ضائري من حادث الدهر ضائر
فمن عزماتي للهموم معاذر
ومن كلماتي للنجوم ضرائر
ولي في بلاد الله شرقاً ومغرباً
نوادر من حرِّ الكلام سوائر
شواردها حلي الملوك وصوغها
من اللفظ إلاَّ أنَّهنَّ جواهر
تحضّ على الذكر الحميد بفعله
وفيها لأرباب العقول بصائر
إذا کختَبَرَتْ كُنْهَ الرجال بعلمها
أفادَتْك عِلماً والرجال مخابر
سقى الله حيّاً فيه أبناءُ راشد
سمامُ الاعادي والسيوف البواتر
ونزلة بين الفرات ودجلة
إذا لم يكن فيها المشير فناصر
إذا نزلوا الأرض المحيلة أخْصَبَت
وجادت عليها المرسلات المواطر
صوارمهم نارٌ وأمّا أكفُّهم
فأبحرُ جودٍ بالنوال زواخر
يروقك في داجي الحوادث منهمُ
وجوهٌ عن البدر المنير سوافر
فهذا غمام بالمكارم ماطر
وهذا حسام للمعاند قاهر
يقي من سموم الحادثات بنفسه
إذا لَفَحَتْها بالسموم الهواجر
وأرضاً حماها ناصر بحسامه
حمى ً لم يطأه للنوائب حافر
رحى الحرب إنْ رحاها فإنَّه
هو القطب ما دارت عليه الدوائر
ومتخذٍ بيض الأسنّة والظبا
موارد تستحلى لديها المرائر
وحسبك يوم الرَّوع من متقدم
إذا أحجمت فيه الأسود القساور
يُريعُ ولا يرتاع يوماً لحادث
ومن ذا يريعُ الليثَ والليث خادر
فيا موردَ الفرسان في حومة الوغى
مواردَ حتفٍ ما لهنّ مصادر
تطلّبتها حتى ظفرت بنيلها
ولا مطلبٌ إلاّ العلى والمفاخر
وراثة آباءٍ كرامٍ تقدَّموا
أوائلُهمْ أربابها والأواخر
تطاولت حتى نلت أعلى مقامها
بطول يدٍ طولى وماأنت قاصر
ومن ذا الذي يدنو إليك مبارزاً
وأنتَ على أنْ تصرع الليث قادر
بوجهك يا سَعْدَ البلاد تطلَّعَتْ
مطالعُ فيها للبعاد بشائر
وما شقيت من آل بيتك عصبة ٌ
وأنتَ بهم في العدل ناهٍ وآمر
يُؤَمِّلهم من جود كفِّك نائل
ويزجرهم من حد سيفك زاجر
تهابك في أقصى البلاد وإن نأتْ
قبائل شتى ً لم ترع وعشائر
تنام عن الدنيا وما أنت نائم
وحزمك يقظانٌ وسعدك ساهر
تخافك أعداءٌ كأنَّكَ بينهم
وما غِبْتَ عن قوم وبأسك حاضر
إذا قيل في الهيجاء هلم مبارز
فما عقدتْ إلاّ عليك الخناصر
فإنَّ بني أهليك في كل موطن
بدور المعالي والنجوم الزواهر
وإنّ بني أهليك لله درّهم
أكابرُ أقوام نهتهم أكابر
فلا غروَ أن أرتاحَ يوماً بمدحكم
ويسمحَ لي في نظمي الشعر خاطر
فإنّي بكم أبناء راشد شاعر
وإنّي لكم ما دُمْتُ حيّاً لشاكر
فلا راعت الأيام قوماً ولا خلتْ
ديارٌ بها من آلِ بيتك عامر
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سقاها الهوى من راحة ِ الوجد صَرْخَدا
سقاها الهوى من راحة ِ الوجد صَرْخَدا
رقم القصيدة : 22402
-----------------------------------
سقاها الهوى من راحة ِ الوجد صَرْخَدا
وشَوَّقَها حادي الظعائن إذ حَدا
فظلَّتْ ترامى بين رامة والحمى
وتطوي فيافيها حزوناً وفدفدا
وتشقّها ريحُ الصبا رندَ حاجر
فكادت لفرط الوجد أنْ تتقدا
ولما بَدَتْ أعلامُ دار بذي الفضا
أعاد لها الشوق القديم كما بدا
فلا تأمن الأشجان يجذبن قلبها
متى أَتْهَمَ البرقُ اليماني وأنجدا
ويا سعد خذ بالجزع من أيمنِ اللوى
لعلّي أرى فيها على الحبّ مُسعِدا
وذرها تروّي بالدموع غليلها
وأنّى يبل الدّمع من مغرم صدى
تعالج بالتعليل قلباً معذباً
وتدمي بوبل الدمع طرفاً مسهّداً
وتنصبُّ مثل السيل في كلّ مهمهٍ
فتحسبه من شدة العزم جلمدا
وبي من هوى ميٍّ وإنْ شَطَّ دارها
هوى ً يمنع العشاق أنْ تتجلدا
ولمياء لم تنجز بوعدٍ لمغرم
وهل أنْجَزَتْ ذات الوشاحين موعدا
إذام ادنت ظمياءُ من سربِ لعلع
أرَتْنا الردى من مقلة الريم أسودا
أَلَذُّ بها وصلاً وأشقى بهجرها
ومن عاش بالهجران عاش منكدا
وأبلجُ لولا شعره وجبينه
لما كانت أدري ما الضلال وما الهدى
تدين قلوب العاشقين بالحكمه
على أنَّه قد جار بالحكم واعتدى
فيا عصر ذاك اللّهو هل أنْتَ عائد
ويا ريم ذاك الربع روحي لك الفدا
تركتَ بقلبيم هواك لواعجاً
عَصَيْتُ بها ذاك العذولَ المُفَنِّدا
لحا الله من يلحو محبّاً على الهوى
ولا راح إلاّ بالملام ولا اغتدى
يلوم ويفري بالهوى من يلومه
وكم جاهل رام الصلاح فأفسدا
أخذتْ نصيبي من نعيمٍ ولذة ٍ
وصادَمْتُ آساداً ولاعبت خرّدا
فَطَوْراً أراني في المشارق متهماً
وطوراً أراني في المغارب منجدا
ولا بتُّ أشكو والخطوب تنوشني
زماناً لأهل الفضل من جملة العدى
ولولا شهاب الدين ما اعتزَّ فاضل
ولا نال إلاّ فيه عِزّاً وسؤدداً
فتى المجد يغني بالمكارم ما لَه
ويبقي له الذكر الجميلَ مخلَّدا
إذا فاض منه صدرهُ ويمينه
فخذ من كلا البحرين درّاً منضّدا
وما زال يسمو رفعة ً وتفضُّلاً
ويَجْمَعُ شمل الفضل حتى تفرّدا
رأيت محيّاه البهيَّ ومجده
فشاهدت أبهى ما رأيت وأمجدا
فمن ذا يهنّي الوافدين لبابه
بأكرمَ من أعطى وأرشدَ من هدى
وما کفترَّ عن دُرّ الثنايا تبسُّماً
من البِشر حتى أمطر الكف عسجدا
ومن يكُ أزكى صفوة الله جدّه
فلا غرو أنْ يزكو نجاراً ومحتدا
فيا بحر فضلٍ ما رأيناك مزيداً
ويا مزن جود ما رأيناك مرعدا
أيُطلَبُ إلاّ من مفاخرك العلى
ويسأل إلاّ من أناملك النَّدى
لقد جئت هذا العصر للناس رحمة
فأَصْبَحَ ركنُ الدين فيك مشيّدا
وأَحْيَيْتَ من أرض العراق علومَه
ولولاك كانَ الأمر يا سيّدي سدى
أرى كلّ من يروي ثناءً ومدحة ً
ففيك روى حسن السجايا وأسندا
لك العزّ حار الواصفون بوصفه
وجَلَّتْ معاني ذاته أنْ تُحَدَّدا
إذ ما تَجَلَّتْ منك أدنى بلاغة
تخرُّ الأقلام في الطَّرس سجَّدا
وفيك الندى والفضل قرّت عيونه
ولم يكتحل إلاّ بخطّك إثمدا
تَفَقَّدْتَ أربابَ الكمال جميعَهم
ومن عادة السادات أن تتفقَّدا
وكم نعمة ٍ أسديتها فبذلتها
وصيَّرْتَ أحرار البريّة أعبدا
ولولاك لم أَظْفَر بعزٍّ ولا منى ً
ولا نلت إلاّ من معاليك مقصدا
أسود إذا ما كنتَ مولاي في الورى
ومن كنتَ مولاه فلا زال سيّدا
وما زلتَ كهفاً يُستَظَلُّ بظلِّه
كما لم تزل أيديك للناس موردا
ولا زلت ماكَّر الجديدان سالماً
بجدواك يستغني وفتواك يقتدى

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> عسى نظرة ٌ من ناصر والتفاتَة ٌ
عسى نظرة ٌ من ناصر والتفاتَة ٌ
رقم القصيدة : 22403
-----------------------------------
عسى نظرة ٌ من ناصر والتفاتَة ٌ
تخفِّفُ من هميّ وتكشفُ من ضرِّي
فَعَهْدي به بَرٌّ رؤوفٌ وراحمٌ
تَعَاهَدَني مِنْ قَبَلُ بالعُسْرِ واليُسْرِ

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سقى الطللَ الغمامُ وجادَ رسما
سقى الطللَ الغمامُ وجادَ رسما
رقم القصيدة : 22404
-----------------------------------
سقى الطللَ الغمامُ وجادَ رسما
عَفا من عالج لديار سلمى
وسحَّ على منازلنا بنجدٍ
مُلِثُّ القَطر تسكاباً وسَجْما
وعهد في الصَّريمِ مضى وصدَّتْ
أوانسُ غيدهِ هَجراً وصَرْما
بحيث الكأس تترعُ بالحميّا
وعقد الشّمل مثل العقد نظما
وممّا صبوة ٍ وصباً أصابا
مراماً باجتماعهما ومرمى
تساعدني على اللّذّات سعدى
وتنعم لي بطيب الوصل نعمى
وتعقرنا العقار وكم عقرنا
بها من هذه الأحشاء همّا
وليلٍ ما برحتُ أديرُ فيه
معتَّقة ً تلذُّ لديَّ طعما
أزوّجها بابن المزن بكراً
وأَمْزِجُ صِرْفها برُضاب ألمى
وأغتنمُ المسَّرة َ بالندامى
وكانتْ لَذَّة النُّدماء غنما
رعى الله الشباب وإنْ تولّى
وذكّرْ عهده يوماً فيوما
صحا سكرانُ من خمر التصابي
وبدَّل بعد ذاك الجهل حلما
وصاخ إلى العذول وكان صبّاً
يى لوم العذول أشدَّ لوما
فمن لاحٍ يعنّفه لدمعٍ
يكفكفه مخافة أنْ ينمّا
أَرَتْني من حوادثها اللّيالي
أعاجيباً لها العبرات تدمى
ومن لي أنْ تسالمني الرزايا
فما زالت لي الأرزاء خصما
أُؤَمِّلُ نفس حرٍّ لم تعدني
أمانيها إلى أجلٍ مسمى
ضلالاً ما أعلّل فيه نفسي
وقولي ربّما وعسى ولمّا
فما لي والخمول وكلّ يوم
تفوِّقُ لي خطوبُ الدَّهر سهما
أراني إنْ عزمتُ على مهمٍّ
ثَنَتْ عَنِّي يد الأَقدار عزما
وإنّي سوف أركبها لآمرٍ
أحاول شأوه إمّا وإمّا
وإنَّ ليالياً أَعْرَقْن عظمي
أضاعَتْني وما ضَيَّعْتُ عَزما
فتبّاً للزمان لقد تعدّى
حدوداً ما تعدّاهنَّ قدما
أيسمو الجاهلون بغير علمٍ
ويروى من هزوتُ به وأظما
تحوَّلْ يا زمان إلى الأعالي
وخُذْ بكمالها فالنقص تمّا
لقد جهل الزمان بعلم مثلي
وإنَّ الجهلَ بين بنيه عمّأ
وكَيْفَ أَسُودُ في زمنٍ جهولٍ
ولو انّي كإبراهيم علما
قريب من رسول الله يدعى
بأزكى العالمين أباً وأمّأ
نَمَتْهِ الأنجبون وكلّ قرم
إلى خير الورى يُعزى ويُنمى
تَخَلَّقَ من سنا نورٍ مبين
فكان الجوهرَ النبويَّ جسما
بني الشرف الذي يعلو ويسمو
فما أعلى مبانيه وأسمى
وشيّده وإنْ رغمت أنوفٌ
ولم يَبْرَحْ لأنفِ الخَصم رغما
بناءٌ قصَّرَتْ عنه السَّواري
وما استطاعت له الحساد هدما
تأَمَّلْ في عظيم من قريش
تجدْ أسد الشرى والبدر تمّا
عليه من رسول الله نورٌ
به يمحو الظلام المدلهمّا
إذا الأَمر المهمّ دهى ، كفانا
بدعوته لنا ما قد أهمّا
شفاءٌ للصُّدور وكم مريض
يكون له کشتيار الشهد سمّا
بروحي منك أروعَ هاشمياً
حديدَ القلب واري الزند شهما
لك الكِلمُ التي جَمَعت فأَوْعت
تروحُ الملحدون بهنَّ كَلْمى
وكم من حجة ٍ نطقتْ فظلَّتْ
لها فصحاء غير الحق عجما
وجئت بما يحير الفكر فيه
بيانا منك إلهاماً وفهما
وقد أَحْيَيْتَ هذا الدين علماً
بحيث الدّين قارب أنْ يرّما
وقَوَّمْتَ الشريعة فيه حكماً
ولم تر غير حكم الله حكما
وكم أغضبتَ يا ملايَ قوماً
بما فيهم وكم أرضيتَ قوما
أتكتم فضلك الحساد جهلاً
وما اسطاع الدجى للنور كتما
مناقبك النجومُ وليس بدعاً
إذا ما أنكرتها عينُ أعمى
وجدتك سيّدي للمدح أهلاً
فخذ مدحي إذنْ نثراً ونظما
وحسبي منك جائزتي دعاءً
به من سائر الأسواء أُحمى
أنال به الثواب بغير شك
وأمحو بالثناء عليك إثما
وليس يفي بفضلك كنه مدحي
وكان المدح إلاّ فيك ظلما
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> كاد أنْ يقضي سقاماً ونحولا
كاد أنْ يقضي سقاماً ونحولا
رقم القصيدة : 22405
-----------------------------------
كاد أنْ يقضي سقاماً ونحولا
إذ عصى في طاعة الحبّ العذولا
دنفٌ لولا هواكم ما شكا
كبداً حرّى ولا جسماً نحيلا
علم العاذل ما لاقى بكم
يوم أزمعتم وإنْ كان جهولا
من صباباتٍ أذابته أسى ً
وغرام أهرقَ الدمع همولا
وصبابات الهوى قد سَوَّلَتْ
لدموعي في جفاكم أنْ تسيلا
لا أرى الصَّبر جميلاً عنكم
ومحال أن أرى الصبر جميلا
قد ذكرناكم على شحط النوى
فانشنينا عند ذاك الذكر ميلا
يا لها ذكرى ً أهاجت لوعة
أخذتْ منّي الحشا أخذاً وبيلا
هبَّتِ الإرواح من أحيائكم
فانتشقناها شمالاً وقبولا
فكأنّا بالصّبا حينئذٍ
قد شربناها من الراحٍ شمولا
يا رفيقيّ وهل من مُسْعدٍ
لعليل يشتكي طرفاً عليلا
بلّ كُميّهِ من الدمع وما
بلّ من أحشائه الدمع غليلا
لامني العاذل جهلاً بالهوى
وغدا الناصر في الحبّ خذولا
أنا لولا شغفي فيكم لما
وجدَ الّلاحي إلى العذل سبيلا
ما على اللائم من مستغرم
يعشق السالف والخدَّ الأسيلا
راح يلقي -لقيَ السُّوءَ- على
مسمعي في عذله قولاً ثقيلا
ليتني قبل الهوى لم أتّخذْ
ساحر الطرف من السرب خليلا
لست أدري إذ رَنَتْ ألحاظهم
ألِحاظاً أَرْهَفُوها أم نصولا
ظعن الحيُّ وأضحى حبُّهم
يسأل الأرْسُمَ عنهم والطلولا
ليت شعري أين سارت عِيسُهم
تقطعُ البيداء وَخْداً وذميلا
ويعاني ما يعاني بعدَهُم
زفرة َ الأشواق والحزنَ الطويلا
ساهرُ المقلة في الوجد فما
يطعم الغمض به إلاّ قليلا
أَمَروا بالصبر عنهم ولكم
لذتُ بالصَّبر فما أغنى فتيلا
صاحبي أنت خبيرٌ بالهوى
أترى مثل الهوى داءً قتولا
عارضٌ منن عبرة أهرقتها
روَّضَتْ رَوْضَ جوى ً كان محيلا
إن أردْتُم راحة الروح بكم
فابعثوا الريح إلى روحي سبيلا
وأَعِدْها مرَّة ً ثانية ً
يا نسيماً هيّج الوجد بليلا
علمَ الله بأنّي شاعر
لم أقل زوراً ولم أَمْدَحْ بخيلا
قد كفاني الله في ألطافه
بأبي عيسى نوالاً ومنيلا
بالزكيِّ الطاهرِ الشَّهْمِ الذي
طابَ في الناس فروعاً وأُصولا
من يُنيل النَّيْل من إحسانه
والعطاء الجمَّ والمال الجزيلا
وإذا ما لفحت هاجرة ٌ
كان من رمضائها ظلاًّ ظليلا
واضح الفخر ومن هذا الذي
يبتغي يوماً على الشمس دليلا
من فتى ً فيه وفي آبائه
كلّ ما قد قيل في الأنجاب قيلا
أنجبُ العالم أمّاً وأباً
وأعزُّ الناس في الناس قبيلا
إنّما آل جميل غرَّة ٌ
ألهموا المعروف والفعلَ الجميلا
ورثوها عن أبيهم شيماً
تبلُغ العلياءَ والمجد الأثيلا
قد أحلَّتهم نفوسٌ شرفتْ
بمكان الأنجم الزهر حلولا
قل لمن يزعم أن يُشْبِهَهُمْ
لم تنلْ بالزعم شيئاً مسحيلا
وبروحي من يهين المال في
جوده الوافي ومن يحمي النزيلا
وإذا ما هزّه مستنجدٌ
بعُلاهُ هزَّه عضباً صقيلاً
طاول الشمّ الرواسي في العلى
وجديرٌ في علاه أنْ يطولا
وإذا ما سئل الفضل اغتدى
مُبلِغاً من كلّ ما يُسأَلُ سولا
لم أزل حتى أوارى في الثرى
مقصراً فيهم ثنائي ومطيلا
أورِنُوها كابراً عن كابر
مكرُماتٍ لم تزل جيلاً فجيلا
نجموا بعد أبيهم أنجماً
لا أراهم بعد إشراقٍ أُفولا
خلفٌ عن سالفٍ أخلفهم
للندى بحراً وللوفد مقيلا
كلُّ فردٍ يلبس الدهر به
غرراً تشرقُ فيه وحجولا
مظهرٌ من صنعه منقبة
حيَّر الأَفكار فيها والعقولا
أبدعوا في مكرماتٍ منهم
فعلت آياتها فيهم فصولا
سَلْهم الفضل فهم أهل له
وسواهم يحسب الفضل فضولا
وارتقب أنواءهم ممطرة ً
لا ندى ً نزراً ولا وعداً مطولا
ضمنتْ آمالنا إحسانهم
وتضمَّنْ ولا ريب الحصولا
يا بني عبد الغنيّ العزّ لي
في معاليكم وما كنتُ ذليلا
كُلَّما أَلْبَسْتُ شعري مدحكم
سحبَ الشعر من الفخر ذيولا

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> بحيث انعطف البانُ
بحيث انعطف البانُ
رقم القصيدة : 22406
-----------------------------------
بحيث انعطف البانُ
قويمُ القدِّ فتَّانُ
وللقامات أغصان
وفي الأرداف كثبان
رويداً أيها السّاقي
فإنّي بك سكران
وهذا قدّك النشوا
ن من عينيك نشوان
في من روضك الزاهي
بروض الحسن بستان
فمن وجنتك الوَرْدُ
ومن قامتك البان
ومن عارضك المخضرّ
لي رَوْحٌ وريحان
وفي فيك لنا خمرٌ
وأنت الخمر والحان
وإنّي لجنى ريقتك
العذبة ظمآن
جنود منك في الحب
على قتليَ أعوان
فمن جفنيك صمصام
ومن قدّاك مرّان
نعم في طرفك الموقظ
وجدي وهو وسنان
وما أَنْتَ كمن يُسلى
وما لي عنك سلوان
وجنّات دخلناها
فقلنا أين رضوان
وفيها من فنون الحُسْن
في الدَّوحة أفنان
وفيها اختلفت للزهر
للزهر أشكال وألوان
فللنرجس أحداقٌ
كما للآس آذان
وهذا الأقحوان الغضُّ
تبدو منه أسنان
وقد حضّ على شرب
المدام الصّرف ندمان
وطافت بكؤوس الراح
والراحات غلمان
وطاسات من الفضة
فيها ذاب عقيان
فما وسوَسَ للهمِّ
بصدر الشَّرب شيطان
وقال کشرب على حبّي
فإنَّ الحبَّ سلطان
وهذا القدح الفارغ
أضحى وهو ملآن
رعى الله لنا في الحيّ
أحباباً وإن خانوا
ذكرناهم على النأي
وإن شطوا وإنْ بانوا
وفي الذكرى تباريحٌ
وأشجان وأحزان
كأنَّا في رياض الحزن
لا كُنّا ولا كانوا
سقى عهدهم الماضي
مُلِثُّ القَطر هتّان
فما تغمض من بعدهم
للصبِّ أَجْفان
وأظمى كبدي الحرّى
بَرودُ الثغر ريّان
بذلنا أنفساً تغلو
لها في الحب أثمان
أَلا لا سَلِمَ المال
وفي الأنجاب سلمان
قرين الشرف الباذخ
والأشراف أقران
على طلعته الغرّاء
للإقبال عنوان
همُ القومُ إذا عُدّوا
بهم تفخر عدنان
أباة ُ الضَّيم أشراف
لغير الله ما دانوا
وها هم في سبيل الله
ما جاروا وما مانوا
هم الصُّمُّ إذا يَقْسُون
والماءُ إذا لانوا
وإمّا حلَّقوا في جوِّ
علياءٍ فعُقْبان
شيوخ لم تزل تسمو
إلى المجد وفتيان
أَذلّوا عزّة المال
فما ذلّوا وما هانوا
وصانوا المجد في البذل
فما أحسنَ ما صانوا
فهمْ للدّين أطوادٌ
وهم للدّين أركانُ
رجال كوشفت بالحقّ
لا يحجبها الرّان
فيا عين العلى أَنْتَ
لعين العزّ إنسان
وفي آثارك الغرّ
من السادات أعيان
إذا ما وُزِنَ القومُ
ففي وزنك رجحان
وفي مدحك للأقلام
تغريدٌ وألحان
وفي شكري لنعمائك
إعلامٌ وإعلان
أرادَ الله في شأنك
إن يرفعَ لي شان
ومما زاد في حسنك
عند الناس إحسان
فمدحٌ لم يكن فيك
فتزويرٌ وبهتان
وربحٌ لم يكن منك
فذاك الربح خسران
وعن فضلك والصبح
وما يخفيه كتمان
وسارت بثنائي لك
في الأقطار ركبان
فلا زِلْتَ بعلياءٍ
لها ينحطُّ كيوان
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> قام يجلوها ويردُ الليل معلمْ
قام يجلوها ويردُ الليل معلمْ
رقم القصيدة : 22407
-----------------------------------
قام يجلوها ويردُ الليل معلمْ
خمرة ً ما کجتمعت مَعَ کلهَمْ
فهي تِبْرٌ في لجين ذائب
أو كنارٍ في فؤاد الماء تضرم
نظم المزج عليها حَبَباً
رصَّعَ الياقوتَ بالدرّ المنظّم
عجباً للشَّرب أَنّى قطّبت
أَوجهاً من شرب راحٍ تتبسّم
وإذا أبهم أمرٌ في العلى
مثلها قد يُحَمد الدهر المذمّم
من رآى يا قوم منكم قبلها
قبل هذا أنَّ نوراً يتجسم
فهي سرٌّ الضيا
في ضمير الليل من أن يتكتم
قَدُمت في عصرها حتى لقد
أَوْشَكَتْ تخبرنا عمّا تقدّم
ما ألذَّ الراح يسقاها آمرؤٌ
من أيادي مُنْيَة القلب المتيّم
كقضيب البان أنَّى ينثني
ذو قوام يشبه الرمح المقوم
أشرق البدر علينا وجهه
فَعَرَفْنا منه أَنَّ البدر قد تم
بابليُّ اللّحظ حلويّ اللمى
غير أَنّي في هواه أتألَّم
مالكٌ ما رقَّ للصبّ ومن
عادة المالك أن يرثو ويرحم
ظالمي في الحبّ عدلٌ فکعجبوا
يا لقومي من ظَلُوم يتظلّم
عاطنيها يا نديمي قهوة ً
تَخْضِبُ الأَقداح بالصَّبغ المُعَنْدم
وانتهبها فرصة ً ممكنة
قبل أنْ تمضي سدى ً أو تتندّم
في رياضٍ قرن البشر بها
فَغَدَتْ تقرن ديناراً بدرهم
وکعصِ من لامَكَ فيها طائعاً
لذَّة النفس فأنسُ النفس ألزم
أترى مستعظم الوزْر بها
ليسَ يدري أنَّ عفو الله أعظم
أنعمُ العيشة ما قضّيتها
مَعْ مليحٍ جاد بالوصل وأَنْعَم
فتعاطاها إلى أنْ ينجلي
من أسارير الدجى ما كان أظلم
فترى للصبح في إثر الدجى
صارماً من شفق يلطخ بالدم
أو فكانا كجوادي حلبة ٍ
راح يتلو أشقرٌ آثار أدهم
رفع الفجر لنا رايته
وتولّى الليل بالجيش العرمرم
يا لها من ليلة في جنحها
حلَّل اللَّهو بها كلَّ محرّم
رقص البان لها من طربٍ
وتثنّى لحمام يترنّم
نطق العود بأسرار الهوى
فسكتنا والأغاني تتكلّم
فحسبناها لما قد أطربت
أفصحت في مدح عبد القادر القرم
لم تزل منّا إلى حضرته
مِدَحٌ تجبي ومال يتقسّم
حكّم العافين في أمواله
وهي فيما تشتهيه تتحكّم
هكذا كان وما زال كذا
إنّها شِنْشِنَة من عهد أخزم
لو نظرنا رقّة ً في طبعه
لحسبناه نسيمأً يتنسّم
فهو مثل الروض وافاه الحيا
رائق المنظر زاهٍ عطر الشم
لم ترق عيني سوى طلعته
أنا فيها لم أزل أنجو من الغم
بيّضت وجه المنى أقلامه
إنْ يكن وجه المنى أسْوَدَ أَسْحم
وَسَطَتْ في الخصم حتّى أنها
فتكت فتك القنا في مهجة الخصم
ملهمٌ يعلم ما يأتي من الأ
مر إنْ شاء وبعض الناس ملهم
ذاك واري الزند مغوار النهى
إنْ رمى أصمى وإنْ جادل أقحم
كشفت آراؤه عن كلّ مبهم
طار في الأفق لك الصِّيتُ الذي
كلَّما أَنْجَدَ في الأقطار أَتْهم
أنت والغيث جوادا حلبة
مثلما أنت مع العلياء تؤأم
كم وَرَدْنا منك عَذباً سائغاً
كالحيا المنهلّ بل أمرى وأسجم
وبلغنا من أياديك المنى
فيميناً إنَّ يمناك لكاليم
بأبي أنت وأميّ ماجداً
وملاذاً في معاليه لمن أم
إنْ ذكرنا فضل أرباب الندى
كنتَ رأسَ الكلّ والرأس مقدّم
أنت والله لأندى من حياً
مستهلّ القطر بالجود وأكرم
أرغم الله أعاديك بما
يجدع الأنف به جدعاً ويرغم
وفداك القوم أما كفُّهم
فجمادٌ ونداهم فمحرّم
وكفاك الله أسواء امرئٍ
ضاحك يكشرُ عن أنياب أرقم
وإليك اليوم مني مِدَحاً
أيها المولى وحوشيتَ من الذم
فلسان الحال منّي مفصحٌ
إنْ يكن مني لسان القال أبكم
أنا في مدحك ما بين الورى
أفصح الناس وإنْ لم أتكلم
خدم العبد علاكم شعره
أنت في أمثاله ما زلت تخدم
شاكراً مولاي إحسانك بي
إنَّ إحسانك يا مولاي قد عم
إنْ تفضَّلْتَ على الداعي لكم
بقبولٍ فتفضّلْ وتكرّم
أسأل الله لعلياك البقا
فابق في العزّ مدى الأيام واسلم

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> مَلَكْتَ فؤادَ صبِّك في جمالِكْ
مَلَكْتَ فؤادَ صبِّك في جمالِكْ
رقم القصيدة : 22408
-----------------------------------
مَلَكْتَ فؤادَ صبِّك في جمالِكْ
فلا تضنِ محبَّك في دلالك
كئيبٌ من جفونك في سقام
فعالجه وإلاّ فهو هالك
يرومُ وصالكَ الدَّنفُ المعنى
ولو أَنَّ المنيَّة في وصالك
تَحرِّمُ وَصْل من يهواك ظُلماً
وتبخلُ فيه حتى في خيالك
وما ينسى لك المشتاق ذكراً
أيخطر ذكرها يومأً ببالك
لقد ضاقت مذاهبه عليه
وسُدَّتْ دون وِجْهَتِه المسالك
مللتُ وما مللتَ عن التجافي
فَلِمْ لا مِلتَ يوماً عن ملالك
فيا ظبي الصريم وأنت ريمٌ
لكَمْ قُنِصَتْ أُسُودٌ في حبالك
وإنَّك إنْ حَكَيْت الصَّبَحَ فَرقاً
حكى حظّي الشقيّ سواد خالك
أقولُ لعاذل بهواك يلحو
أَصَمَّ الله سمعي عن مقالك
وبين الوجد والسوان بعد
كما بين اتصالك وانفصالك
تحلُّ دَماً من العاني حراماً
فَهَلاّ كان وَصلُك من حلالك
وهبنا من زكاة الحسن وصلاً
أما تجب الزكاة على جمالك
وإنّا في هواك كما ترانا
عطاشى لا تُؤَمِّلنا ببالك
يُؤَمِّلنا المنى فيك المنايا
ويوقعنا غرامك في المهالك
وما طمع النفوس سوى تلاقٍ
وقد أطعمتُ نفسي في نوالك
منعتَ ورودَ ذاك الثّغر عني
فواظمأ الفؤاد إلى زلالك
أربعَ المالكة ّ بعد ليلى
ضلالاً إنْ صَبَوْتُ لغير ضالك
سُقِيتَ الريَّ من ديمَ الغوادي
تجر ذيولهن على رمالك
أُقاسي من ظبائك ما أقاسي
وأعظمُ ماأكابد من غزالك
ويا قلباً يذوب عليك وجداً
أرى هذا الغرام على وبالك
يحمّلك الهوى حملاً ثقيلاً
وما کحتملت قلوب كاحتمالك
ألا فکنشد بذات الضال قلبي
فعهدي أنَّه أضحى هنالك
ولا تسلك بنا سبل اللواحي
فإنّي في سبيلك غير سالك
لقد أرشَدْتَ بل أضْلَلْت فيه
فلم أعرف رشادك من ضلالك
شجيتُ وأنتَ من وجدي خليٌّ
وها حالي ثكلتك غير حالك
فلا تَحْتَلْ على صَبري بشيءٍ
من العجز اتكَّلت على احتيالك
ولا تعذل أخا دنفٍ عليه
متى يصغي لقيلك أو لقالك
يزين صباح ذاك الفرق منه
باسودَ من سواد الليل حالك
وما لك بالغرام وأنْتَ عدل
تجورُ على المحبِّ مع کعتدالك
أَيَمْلِكُ بالهوى رقّي وإنّي
شهاب الدين لي بالفضل مالك
أمحمود الفضائل والسجايا
حَمِدْتُ من الأنام على فعالك
لقد أُوتيتَ غاية كل فضل
بخوضك في العلوم وباشتغالك
إذا افتخرت بنو آلٍ بآلٍ
ففخر الدين أنت وفخر آلك
وأعجبُ ما نشاهد في أحاجي
بديهتك العجيبة وکرتجالك
وكم أخرستَ منطقيا بلفظ
فأفصحَ عن عُلاك لسانُ حالك
وفي مرآك للأبصار وحيٌ
ينّبئُنا فديتُك عن جلالك
وتصقع بالبلاغة والمعالي
أَشدّ على عدوّك من نبالك
فيا فرع النبوّة طِبْتَ أصلاً
ثمار الفضل تُجْنى من كمالك
ظفرنا من نداك بما نرجّي
على أَنْ ما ظَفِرنا في مثالك
وحسُبُك أَنْتَ أَشرفْ مَن عَليها
تشَّرفتِ البسيطة ُ في نعالك
وكم لله من سيف صقيلٍ
بجوهره العناية في صقالك
لنا من اسمك المحمود فألٌ
يخبِّرُ سائليك بسعد فالك
وما أنا قائلٌ بنداك وبلٌ
لأنَّ الوَبْلَ نوعٌ من بلالك
إذا الأَيام يوماً اظمأَتْنا
وردنا من يمينك أو شمالك
وإنْ بارزت بالبرهان قوماً
تحامى من يرومك في نزالك
وكلٌّ منهمُ وله مجالٌ
فما جالت جميعاً فقي مجالك
تجيبُ إذا سئلتَ بكلِّ فنٍّ
وتعجزهم جواباً عن سؤالك
وإنَّك أكثر العلماء علماً
ولستَ أقلَّهم إلاّ بمالك
نعم هم في معاليهم رجال
ولكن لم يكونوا من رجالك
كمالُكَ لا يرام إليه نَقصٌ
وأينَ البَدْر تمّاً من كمالك
وما تحكي البدورُ التِمُّ إلاّ
بوجهك وکرتفاعك وکنتقالك
سجاياك الجميلة خبَّرتنا
بأنَّ الحسن معنى من خصالك
خلالٌ كلُّها كرمٌ وجودٌ
تجمَّعتِ المكارم في خلالك
وما في الناس من تَلْقاه إلاّ
ويسألُ من علومكَ أو نوالك
وتولي في جميلك كلَّ شخصٍ
كأنَّ الخلقَ صارت من عيالك
لقد أمنتني خوفَ الليالي
وإنّي إنْ بقيت ففي خلالك
تعالى قدْرُك العالي مَحلاًّ
وعندي أنَّ قَدْرَك فوق ذلك
وصَفْتُك بالفضائل والمعالي
ولم تَكُ سيّدي إلاّ كذلك
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هلاّ نَظَرْتَ إلى الكئيب الوالِهِ
هلاّ نَظَرْتَ إلى الكئيب الوالِهِ
رقم القصيدة : 22409
-----------------------------------
هلاّ نَظَرْتَ إلى الكئيب الوالِهِ
وسألته مستكشفاً عن حالهِ
أودى بمهجته هواك ولم يدعْ
منه الضَّنى إلاّ رسوم خياله
الله في كبد تذوب ومدمع
أهرقتَ صوبَ مصونه ومذاله
وحشاشة تورى عليك وناظر
ممن دعا لوبالها ووباله
أتظنُّه يسلو هواك على النوى
تالله ما خطر السُّلوُّ بباله
عذراً إليك فلو بدا لك ما به
ما كنتَ إلاّ أنتَ من عذّاله
وَيْلي من الحيّ المراق له دمي
في غاب ضيغمه كناس غزاله
هذا يصول بطرفه وبقدِّه
صولات ذاك برمحه ونصاله
من كلّ معتقل قناة قوامه
والطَّعن كلُّ الطَّعنِ من عسّاله
رامٍ يسدّد سَهْمَه ويريشه
أَحشايَ من أغراض وقع نباله
مرّت ممّكسه الصّبا فتنفّست
عن ورد وجنته ومسكة خاله
ولكم جرى بيني وبين رضابه
ما كان عند السكر من جرياله
لا تعذلنّ على الهوى أهل الهوى
ودع المشوق كما علمت بحاله
أمّا رحيل تصبّري وتجلّدي
فغداة جدّ الركب في ترحاله
إنْ تنشدا قلبي وعهدكما به
صاع العزيز فإنَّه برحاله
يا أيها الحادي أما بك رأفة
بالركب منحطّ القوى لكلاله
عجت المطيّ لمنزلٍ مستوبلٍ
حتَّى وَقَفْتُ به على أطلاله
ولقد سألت فما أجابك ربعه
فعلامَ تكثرُ بعدها بسؤاله
سحب النسيمُ على ثراك إذا سرى
أَرَجاً يفوح المسك من أذياله
يا دارَنا وسقاك من صوب الحيا
ما إنْ يصوب الريَّ صبّ سجاله
سقياً لعهدك بالغميم وإنْ مضى
وتصرَّمتْ أوقاته بظلاله
قد كنتُ أعلمُ أنَّ عيشك لم يدم
وبصرتُ قبل دوامه بزواله
قستُ الأُمور بمثلها فَعَرَفْتُها
ولقد يقاس الشيء في أمثاله
وتَقَلُّبي في النائبات أباحني
نظراً إلى غاياته ومآله
أنّى تفوزُ بما تحاول همّتي
والدهر ملتفتٌ إلى أنذاله
وأرى المهذَّبَ في الزمان معذّباً
في الناس في أقواله وفعاله
لا كان هذا الدهر من متمرِّدٍ
ماذا يلاقي الحرّ من أهواله
سَعِدَ الشقيُّ بعيشه في جهله
وأخو الكمال معذَّبٌ بكماله
وأنا الذي قهر الزمان بصبره
جلداً على الأرزاء من أنكاله
ما زلت ندب الأكرمين وإنْ يكن
قَلَّ الكريمُ النَّدبُ في أجياله
لله دَرُّ أبي جميل إنَّه
قَصُرَتْ يد الآمال دون مناله
لا تعدلنّ به الأَنام بأَسْرِها
شتّان بين تلوله وجباله
فَلَكٌ تَدورُ به شموسُ مناقبٍ
يُشْرِقْنَ بين جماله وجلاله
فسلِ النُّجومَ الزهرَ وهي طوالع
هلْ كُنَّ غير خلاله وخصاله
متوقّلٌ جبل الأُبَّوة لم يزل
في القُلَّة القعساء وطء نعاله
فمضتْ عزائمه على آماله
وقضتْ مكارمه على أمواله
طود توقّره الحلومُ وباذخ
لا يطمع الحدثان في زلزاله
حسب المكارم أنَّه من أهلها
من بعد أصحاب النبيّ وآله
أصْبَحْتُ أعذر من يتيه بمدحه
عذر المليح بتيهه ودلاله
فكأنَّما اغتبق القريضُ بذكره
كأسَ الشمول ترقرقتْ بشماله
يرتاح للجدوى فيطرب أَنْ يُرى
وهابَ غرّ المال قبل سؤاله
وإذا کنتقدت بني الزمان وجَدْتَه
رَجُلَ الزمان وواحداً برجاله
هو شرعة الظّامي إذا الظّما
أَظما ولم أفْقِدْ نَميرَ زلاله
وأنا الغريقُ من الجميل بزاخر
يكفي القلي النزر من أوشاله
في كل ليلٍ حالكٍ من حادث
إنّي لمرتقبٌ طلوع هلاله
لا غرو أَنْ أُكفى به عن غيره
هَلْ كنتُ إلاّ من أقلَّ عياله
فكأَنَّه للناس أجْمَعِها أبٌ
يحنو لرأفته على أطفاله
ولقد أقول لمن أراد نضاله
ما أنتَ يومَ الرَّوع من أبطاله
في كلّ معترك لمشتجرٍ القنا
ضاقت فسيحاتُ الخطا بمجاله
كالعارضِ المنهلّ يومَ نواله
والصارم المنسلّ يوم نزاله
بأبي الفؤول الفاعل القرم الذي
تجنى ثمار الصدق من أقواله
إنّي نعمتُ بجاهه وبماله
تعسَ البخيل بجاهه وبماله
شملتني الألطاف منه بساعة
قبَّلت ظهرَ يمينه وشماله
لا زال يُقْبِلُ بالعطاء عَليَّ من
أفضاله أبداً ومن إقباله
متتابع النعماء جلّ مآربي
فيه ومعظم ثروتي من ماله
ومحمّلي بالفضل شكراً سرَّني
أَنّي أكونُ اليوم من حمّاله
عقل القريض لسانه ذووه وإنَّما
عَرَفَ الفتى من كان من أشكاله
نسجت يداه من الثناء ملابساً
لا تنسج الدنيا على منواله

شعراء الجزيرة العربية >> طاهر زمخشري >> نفثة
نفثة
رقم القصيدة : 2241
-----------------------------------
قد حملتُ الأسى وفاضَ إهابي
بعد أن ذاب في الشجون شبابي
وأنا لم أزلْ أُلملم أطرا
في، وأمشي مكبَّلاً بالصعاب
فطويتُ الأعوامَ أزحف في التّيـ
ـهِ، وزادي ومركبي أوصابي
تتوارى عن المسالك آرا
بي ،ويحتثُّ من خطايَ غِلابي
وشراعي الرفّاف صبري، ومِجدا
في ثباتي، وفي الحنايا رِغابي
كلما أَوغلَ الزمانُ بشوطي
نهشتْني سودُ الليالي بناب
مُثْخناً بالجراح يهصرني الدا
ءُ، ويسطو على الفؤاد المُذَاب
وتغرّبتْ في الحياة بآلا
مي، وصاحبتُ شِقْوتي في اغترابي
وشربتُ القذى على نخب إخفا
قي، بكأسٍ سخيَّةٍ بالشراب
عاقرتْني مع اليفاعة أَحْدا
ثٌ، أراها لما تزلْ في ركابي
فإذا بالصِّبا بكفّي هباءٌ
وإذا العمرُ حفنةٌ من تراب
بعثرتْها على الخطوب ليالٍ
تتعاوى مسعورةً كالذئاب
وأنا بينها أُناغم آما
لي، بألحانِ مِزْهري المِطراب
أتغنّى فيستجيب ليَ الحُسْـ
ـنُ، ويشدو بصبوتي أترابي
ويروقُ الجمالُ حلوَ أغاريـ
ـدي، فيهفو إلى الصدى الجذّاب
وأصوغ النشيدَ من ذوب نفسٍ
تترامى بلاهب صخّاب
فإذا الداءُ في حواشيَّ إعصا
رٌ، ترامتْ أطرافُه في إهابي
عِلَّتي ناشتِ الحنايا فلم أَفْـ
ـزَعْ، فجدَّت صروفُها في طلابي
فِلذتي، زهرةُ الحياة وأغلى
ما بكفّي من الأماني العِذاب
وفؤادي الذي وقفتُ عليهِ الْـ
ـعُمْرَ، أرويه بالدم المنساب
في ربيع الحياة ألقتْه للدا
ءِ عليلاً، فضاع مني صوابي
وتململتُ في مكاني من الأَيْـ
ـنِ، وجالدتُ باصطباري مُصابي
ما شكوتُ الأسى وما ضقتُ بالدا
ءِ، وإنْ أَثلَم القضاءُ حِرابي
وعزائي الصبرُ الجميل الذي أَنْـ
ـسُجُ من لطفه نقيَّ الثياب
غيرَ أني لما يُعاني فؤادي
جئتُ أرجو من الإله ثوابي
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> لفقدانِ عبد الواحد الدمع قد جرى
لفقدانِ عبد الواحد الدمع قد جرى
رقم القصيدة : 22410
-----------------------------------
لفقدانِ عبد الواحد الدمع قد جرى
وأَجرى نجيعاً للمدامع أحمرا
تذكرته من بعد حول فأذْرَفَتْ
عليه جفوني حسرة ً وتذكّرا
فكفكفْتُ من عيني بوادر عبرة
وما خِلْتُها لولاه أنْ تَتَحدَّرا
أقام عليَّ العيدُ في النحر مأتما
وأظهرَ ما قد كان في القلب مضمرا
لئن غيّبوه في التراب وأظلمتْ
معالم كانت تفضح الصبح مسفرا
فما أَغمدُوا في الترب إلاّ مُهَنَّدا
ولا حملوا في النعش إلاّ غضنفرا
أُصِبْنَا وأيم الله كلّ مصيبة
بأروع أبكى الأجنبين ولا مرا
فيا لك من رزءٍ أصاب وحادث
ألمّ وخطبٍ في الجلاميد أثّرا
تَفَقَّدْتُ منه وابل القطر ممطراً
وفارقتُ منه طلعة البدر نيّرا
وما كان أبهى منه في الناس منظراً
ولا كان أزكى منه في الناس مخبرا
أفي كلّ يوم للمنايا رزيّة
تكاد لها الأكباد أنْ تتفطّرا
تهيّجُ أحزاناً وتبعثُ زفرة ً
وتُرسِلُ في فَقد الأحبّة ِ منذرا
تكدّر أخوان الصفا في کنبعاثها
وأَيُّ صفاء لامرىء ٍ ما تكدَّرا
أجلُّ مصاب الدهر فقدكَ ماجداً
ودفنك أجداث الأكارم في الثرى
وقولك مات الأكرمون فلم نجدْ
زعيماً إذا ما أورد الأمر أصدر
وما حيلة الإنسان فيما ينوبه
إذا كان أمر الله فيه مُقَدَّرا
وهبك کتَّقَيت الرزء حيث أريته
فكيف بمن يأتيك من حيث لا ترى
ونحن مع المقدور نجري إلى مدى
وليس لنا في الأمر أنْ نتخيّرا
إذا لم تمتعْ بالبقاء حياتنا
فلا خيرَ في هذي الحياة التي نرى
على ذاهب منا برغم أُنوفنا
نعالجُ حزناً أو نموت فتعذر
وما أنا بالناسي صنعائه التي
تذكّرنيه كلّ آنٍ تذكُّرا
فأثني عليه الخير حيّاً وميّتاً
وأشكره ما دمت حيّاً مذكرا
وإنّي متى صوَّعتُ طيب ثنائه
فتقتُ به مسكاً وأشممتُ عنبرا
تبارك من أنشاك يا ابن مبارك
جميلاً من المعروف لن يتنكرا
وما زلتَ حتى کختارك الله طاهراً
فكنت كماء المزن عذباً مطهرا
إلى رحمة الرحمن والفوز بالرضا
سبقت وما أسبقت فينا التصبّرا
وما كان بالصبر الجميل تمسكي
ألا إنَّ ذاك الصبر منفصم العرى
كفى المرءَ في الأيام موعظة ً بها
وتبصرة ً فيها لمن قد تبصّرا
ولا بد أنْ تلقى المنون نفوسنا
ولو أنّنا عشنا زماناً وأعصرا
وإنَّ الليالي لم تزل بمرورها
تسلّ علينا بالأهلّة خنجرا
أتطمعنا آمالنا ببقائنا
بكلِّ حديثٍ ما هنالك مفترى
وإنَّ المنايا لا أبا لك لم تَدَعْ
من الناس سرباً ما أربعَ وأذعرا
أغارت على الأقيال من آل حميرٍ
وجاءت على كسرى الملوك وقصيرا
فما منعت عنها حصون منيعة ً
ولا كشفت من فادح الخطب ما عرا
لئن غاب عن أبصارنا بوفاته
فما زالك في الأفكار منّا مصوّرا
فقدناك فقدان الزلال على الظما
فلا منهل إلاّ ومورده جرى
ألا في سبيل الله ما كنت صانعاً
من البرّ والمعروف في سائر الورى
وكنت لوجه الله تشبع جائعاً
وتطعم مسكيناً وتكسو لمن عرى
وإني لأستسقي لك الله وابلاً
متى استمطر الصادي عزاليه أمطرا
يَصُوب على قبر يضمُّك لَحْدُه
ويَسْطعُ مسكاً من أريجك أذفرا
سقاك الحيا المنهلّ كل عشيّة
وروّاك من قطر الغمام مبكرا
فقد كنت للظمآن أعذب منهل
وقد كنت غيثاً بالمكارم ممطرا
وقد كان فيك الشعر يَنْفُقُ سوقُه
لديك ويبتاع الثناء ويشترى
وقد ساءني أنْ أصبحَ الفضل كاسداً
وأصبحَ مغنى الجود بعدك مقفرا
وقد خَمدت نار القرى دون طارق
فلا جود لجدوى ولا نار للقرى
وغودر ساري الحمد في كلّ مهمه
من الأرض مصروف العنان عن السرى
فلا أخصبتْ أرض الخصيب ولا زهى
بها الربع مأنوساً ولا الروض مزهرا
لقد كان صُبحي من جبينك واضحاً
وقد كان ليلي من محيّاك مقمرا
فيا ليت شعري والحوادث جمّة
ويا ليتني أدري ومن ذا الذي درى
محاسن ذاك العصر كيف تبدَّلَتْ
ورونق ذاك الحسن كيف تغيّرا
وكانت لك الأيدي طوالاً إلى العلى
تناول مجداً في المعالي ومفخرا
فكم راغب فيها وكم طامع بها
أَمَدَّ لها الباعَ الطويل فقصّرا
ومن مكرمات تملكُ الحرَّ رقّة ً
تطوّق من أيديك يداً ومنحراً
ومن حسنات تخلق الدهر جدّة ً
كتبت بها في جبهته المجد أسطرا
وكم معسر بدّلْت بالعُسْر يُسْرَه
وما زلت للفعل الجميل ميسّرا
ولو كانت الأَنصار تُنجي من الردى
نصرناك إذا وافاك نصراً مؤزّرا
فكم مقلة ٍ أذرتْ عليك دموعها
ومهجة صادٍ أوشكت أنْ تسعّرا
وكم كبدٍ حرّى يحرّقها الأسى
تكادُ على ذاكراك أن تتفطّرا
وليلة تذكيني بذكرك زفرة
حرام على عيني بها سنة الكرى
عليك سلام الله ما حَجَّ محرمٌ
وهلَّل في تلك البقاع وكبّرا

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> مَنْ لصبٍّ في هواكم مُستهامِ
مَنْ لصبٍّ في هواكم مُستهامِ
رقم القصيدة : 22411
-----------------------------------
مَنْ لصبٍّ في هواكم مُستهامِ
دَنِفٍ نهبَ وُلُوعٍ وغَرامِ
فعلى خديّ ما تسقي الحيا
وعلى جسميَ ثوب من سقام
فسقاكم غدقاً من أدمعي
مستهلّ القطر منهل الغمام
عبراتٍ لم أزَل أهرقها
أو بيلّ الدمع شيئاً من أوامي
زفرة رَدَّدْتها فکضْطَرَمَتْ
في حشا الصبّ أشدَّ الاضطرام
هل عَلِمْتم بعدما قوَّضتمُ
أنَّ لي من بعدكم نوح الحمام
فارقت عيناي منكم أوجهاً
أسفرت عن طلعة البدر التمام
في عذاب الوجد ما أبقيْتُمُ
من فؤادي في غرام وهيام
مهجة ذاهبة فيكم وما
ذهبت يوم نواكم بسلام
عرضت واعترض الوجد لها
ورماها من رماة السرب رامِ
قل لمن سدّد نحوي سهمه
من أَحَلَّ الصَّيْدَ في الشهر الحرامَ
طالما مرّ بنا ذكركمُ
فتثنّى كلُّ ممشوق القوام
وبما أتحفَ منأخباركم
ربّما کستغنيت عن كل مدام
أو كانت عنكم ريح الصبا
نسمت بين خزامى وثمام
أين ذاك العهد في ذاك الحمى
والوجوه الغر في تلك الخيام
إنَّ أيّامي في وادي الغضا
لم تكن غير خيالٍ في منام
من مُعيرٌ ليَ منها زمناً
يرجع الشيخ إلى سنِّ الغلام
وأَحبّاء كأنْ لم يَأْخذوا
من أبيّاتِ المعالي بخطام
فرَّقتْ شملهم صرفُ النوى
وَرَمَتْهُم بعواديها المرامي
ولقد طالت عليهم حَسْرتي
فکقصرا إن تُنْصفاني من ملام
لستُ أنسى العيش صفواً والهوى
رائقاً والكأسُ ناراً في ضرام
بينَ ندمان كأَنْ قد أصْبَحوا
من خطوب الدّهر طرّاً في ذمام
ينثر اللؤلؤ من ألفاظهم
فترى من نثرهم حسن النظام
تفعل الراح بهم ما فعلت
هذه الدنيا بأبناء الكرام
إنّما كانت علاقات هوى
أصْبَحَتْ بعد کتّصالٍ بکنصرام
وکنقضى العهد وأيّام الصبا
أدفلتْ من بعدُ إجفال النعام
أسفاً للشعر لا حظّ له
في زمان الجهل والقوم اللئام
فلقوم حلية ٌ يزهو بها
ولأقوام سمامٌ كالسهام
والقوافي إنْ تصادفْ أهلها
کنسجمت في مدحهم أَيَّ کنسجام
وقوافيَّ التي أنزلتها
من عليِّ القدرِ في أعلى مقام
أبلج من هاشم لأوضحَ من
وضح الصبح بدا بادي اللثام
إنْ يَجُدْ كان سحاباً ممطراً
أو سطا كان عزيزاً ذا انتقام
يعلم الوارد من تيّاره
أيَّ بحرٍ ذا من الأبحار طامي
يا لقوم أرهبوا أو أرغبوا
من كرامٍ بحسامٍ أو حطام
فهمُ الأشراف أشرف الورى
وهمُ السادات سادات الأنام
هم ملاذ الخلق في الدنيا وهم
شفعاء الخلق في يوم القيام
نشأوا في طاعة الله فمن
قائمٍ بالقسط أو حبرٍ همام
رضعوا دَرَّ أفاويق العلى
وغذوا بالفضل من بعد انفطام
وإذا ما أرهفوا بيض الظبا
أغمدوها في الوغى في كلّ هام
بأكفٍّ من أياديهم هوامي
وسيوفٍ من أعاديهم دوامي
ظَلْتُ أروي خَبَراً عن بأسهم
عن سنان الرّمح عن حد الحسام
وإذا كانتْ سماوات العلى
فهمُ منها سواريها السوامي
يا ربيع الفضل فضلاً وندى ً
وحياة الجود في الموت الزؤام
أنتَ للرائد روضٌ أنُفٌ
وزلال المنهل العذب لظامي
فإذا رمت بَلالاً لصدى ً
ما تعدّاك إلى الماء مرامي
يا شبيه الشمس في رأد الضحى
ونظير البدر في جنح الظلام
لم يزدني الشكر إلاّ نعمة
قرنت منك علينا بالدوام
نبَّهت لي أعين الحظ الّتي
لم تكن يومئذ غير نيام
بسطت أيديك لي واقتطفتْ
بيد الإحسان أزهار الكلام
قد تجهَّمْنا سحاباً لم تكن
منك والخيبة ، ترجى بالجهام
فثناء بالذي نعرفه
وکمتداح بکفتتاح وکختتام
عادك العيد ولا زلت به
بعدما قد فزتَ في أجر الصيام
فابقَ واسلم للعلى ما بقيت
سيّدي أنت ودُم في كل عام
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أَتَذكُرُ دون الجزع بالخَيْف أربُعا
أَتَذكُرُ دون الجزع بالخَيْف أربُعا
رقم القصيدة : 22412
-----------------------------------
أَتَذكُرُ دون الجزع بالخَيْف أربُعا
ولعتَ بها والصبّ لا زال مولعا
تعاورها صرف الزمان فأصبحت
معالمها بعد الأوانس بلقعا
تخال قلوب العاشقين بأرضها
طيوراً على نهلٍ من الماء وقّعا
معالم تستقي السحاب رسومها
فتسقى حيا وبلين قطراً وأدمعا
منازلنا من دار سلع ولعلع
سقى الله صوب المزن سلعاً ولعلعا
لئن كنت قد أصبحت مبكى ً ومجزعاً
فقد كنت باللذات مرأى ومسمعا
تذكّرت أيامي بمنعرج اللوى
وقولي هات الكأس يا سعد مترعا
تدور الغواني بيننا بمدامة
تخيّلتها في الكأس نوراً مشعشعا
لقد أقلعت أيّامنا بعد رامة
كما أجفل الغيث المُلِثُّ وأقلعا
وما أَخْلَفَتْ إلا فؤاداً ولوعة
هما أسقما هذا الفؤاد وأوجعا
وذا عبرة ٍ نوصولة ٍ وحشاشة ٍ
تكاد من الأشواق أنْ تتقطَّعا
رعى الله من لم يرع عهداً لمغرم
رعيت له الودّ القديم كما رعى
تناءى فشيعت اصطباراً ومهجة
ولولا النوى تنأى به ما تشيَّعا
ولم تر من صبٍّ فؤاداً مودّعاً
إلى أنْ ترى يوماً حبيباً مودّعا
خليليّ إنْ لم تسعداني فهاتيا
ملامكما لي في الصبابة أو دعا
بعثتم إلى جسمي الضّنى يوم بنتم
وزدتم إلى قلبي حنيناً مرجّعا
وفَتَّشْتُ قلبي في هواكم فلم أجد
لغير هواكم في الحشاشة موضعا
رأيت به سرّ النبوّة مودَعا
ولكّنني لم أبقِ في القوس منزعا
متى تنظر العينان من بعد فقدها
بذات الغضا ذاك الغزال المقنعا
فيا ليتَ شعري في الأبيرق بارقٌ
فأغدو به العيش صفواً ممتِّعا
ويا ليت من أهواه في الحبّ حافظ
من العهد ما قد كان بالأمس ضيّعا
إلى كم أُعاني دمع جفنٍ مقرحٍ
وقلباً بأعباء الهموم مروّعا
وأصبر في اللأواء حتى كأَنَّني
وَجَدْتُ کصطباري في الحوادث أنفعا
رُميت بأرزاء من الدهر تسوؤني
مخافة يا لمياءُ أنْ يتوجَّعا
ومن مضض الأيام مدحي عصابة
بذلت يداً فيهم وما نلت إصبعا
كأنّي إذا أدعوهمُ لملمة
أخاطب موتى راقدين وهجّعا
وهل تسمع الصمُّ الدعاءَ وترتجى
موارد لا تَفنى من الآل لُمَّعا
وحسبي شهاب الدين وهو أبو الثنا
ملاذاً إذا ناب الزمان ومرجعا
متى ما دعا الداعي معاليه للندى
أجابض إلى الحسنى بداراً وأسرعا
وابلجَ وضاحِ الجبين تخاله
تَبَلُّجَ صبحٍ أو بصبحٍ تبرقعا
ولما بدا نور النبيّ بوجهه
رأيت به سرّ النبوّة نودعا
له الكلمات الجامعات تخالها
نجوماً بآفاق البلاغة طُلَّعا
وإنْ كَتَبَتْ أقلامه فحمائم
ثبت إلى السمع الكلام المسجّعا
وكتبٌ لدين االله أضحتْ مطالعاً
كما كانت الأفلاك للشمس مطلعا
إذا ضَلَّتِ الأفهام عن فهم مشكل
هدى وعليه في الحقيقة أطلعا
وإنْ قال قولاً فهو لا شك فاعل
قؤولٌ من الأمجاد إنْ قال أبدعا
كلام ترى الأقلام في الطّرس سجّداً
له وترى أهل الفصاحة ركّعا
يحيّر ألباب الرّجال كأَنَّما
أتانا بإعجاز من القول مصقعا
سعى طالباً بالعلم أبعد مطلب
وفي الله مسعاه ولله ما سعى
دعا فأتى ولو أنَّ غيره
دَعاه إليه مرّة ً لتمنَّعا
وأدرعَ لم يتفذ به سهم قادح
كأَنَّ عليه سابغاتٍ وأدْرُعا
إذا باحث الخصم الأَلَدَّ أعاده
بعرنين مخذول من الذل أجدعا
وذي همم تفري الخطوب كأنَّما
يجرّدُها بيضاً على الخطب قُطَّعا
حريص على أن يقتنيها محامداً
أحاديثها تبقى حساناً لمن وعى
سبقت جميع الطالبين إلى التي
غدت دونها الآمال حسرى وظلّعا
لقد ملأَ الأقطار فضلُك كلَّها
ونادى إليه المادحين فأسمعا
ومهما کدَعى ذو النقد أنَّك واحدٌ
فما أنتَ إلاّ في الأنام كما ادعى
وإن مُدَّتِ الأَبواع في طلب العلى
مددتَ إلى العلياء بوعاً وأذرعا
فإنّك في هذا الطريق الذي به
سلكَت طريقاً أعجز الناس مسبعا
أرى مدحك العالي عَلَيّ فريضة ً
وغيرك لم أمدحه إلاّ تطوّعا
عليَّ لك الفضل الذي هو شاملي
وإنك قد حزتَ الفضائل أجمعا
وما ظفِرت كفُّ الليالي من الورى
بأرغبَ منّي في نداك وأطمعا
وإنّي إذا ضاق الخناق لحادث
ترفَّعتُ إلاّ عن نداك ترفعا
ولم أر أندى منك في الناس راحة ً
وأمرى نوالاً من يديك وأمرعا

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> وفظٍّ غليظِ القلب أيقنت أنَّه
وفظٍّ غليظِ القلب أيقنت أنَّه
رقم القصيدة : 22413
-----------------------------------
وفظٍّ غليظِ القلب أيقنت أنَّه
على النَّفس ما شيءٌ أشدَّ من الغَضِّ
تُعرّفني في حاله الناس كلُّها
وإنّي لأدرى الناس في لؤمه المحض
وقالوا لقد دسَّ الخبيثُ بلفظه
غداة عرضت الشعر من عرض العرض
دسائس لا تدري اليهود بعُشرها
دعته طباعٌ السَّوء للنهش والعض
يهوّن لدغ العقربان بلدغه
ولا شك بعض الشرّ أهون من بعض
إذا ما رأته العين أيقنت أنَّه
تَخَلَّق من حقد وصوّر من بغض
وقالوا قضى في مدحك الحمد والغنى
فقلت لبئس الحكم يقضي ولم تقضي
أمن كل بيت يبتغي المال راجياً
ويحسب أن الجود بالطول والعرض
وينسبه للبخل وهو أبو الثَّنا
وأكرمُ من يمشي يميناً على الأَرض
وهب أنَّني أرجو فيوضات ماله
أعارٌ على من يطلب البحر للفيض
أمثل شهاب الدين لا يرتجى لها
وما کنْقَبَضَتْ منه اليدان على القبض
وما كان مدحي لا وربّي لنَيْله
ولكنْ رأيتُ الشكر من جملة الفرض
لقد كدتُ من بغضي له ولاسمه
أزيغ عن الدين الحنيفيّ للرفض
يعيب ابن رمضان المديح لأهله
يحطّ قذاة العين في وسط الروض
إذا كان نظم الشعر مني فضيلة
فتبّاً لفضل يورث النقص في عرضي

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أحمدُ الله بك الحال التي
أحمدُ الله بك الحال التي
رقم القصيدة : 22414
-----------------------------------
أحمدُ الله بك الحال التي
أسْعَدُ التوفيق فيها ليس يُبخَس
مات من قد كنتُ أرجو موته
فهو ميتُ هالكُ لا يتنفس
وأحقُّ الناس في ميراثه
أخرسٌ يطمع في ميراث أخرس

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> بَخِلْتَ وما طرفي عليك بخيلُ
بَخِلْتَ وما طرفي عليك بخيلُ
رقم القصيدة : 22415
-----------------------------------
بَخِلْتَ وما طرفي عليك بخيلُ
وربَّ نوالٍ لا يراه منيلُ
وحرّمتَ أَنْ يروى بريقك ظامىء
فليس إلى ماء العُذَيب سبيل
وأظلمُ من يجني على الصبّ في الهوى
مليٌّ لوى دين الغرام مطول
ويا كثر ما نوّلت بالوعد نائلاً
وإنّ كثير الغانيات قليل
أَعيدي إلى عينيَّ يا ميُّ نظرة
يبلّ بها من عاشقيك غليل
وجودي بطيف منك قد حال بينه
وبيني حزون للنوى وسهول
فعندي إلى ذاك الخيال الذي سرى
هوى ً يستميل الشوق حيث يميل
وليلٍ كحظيّ في هواك سهرته
فطال وليل العاشقين طويل
يؤرّقني فيه تَأَلُّقُ بارقٍ
كما استلَّ ماضي الشفرتين صقيل
بداجٍ كثير الشهب تحسب أنَّها
تقطّع زنجيَّ الظلام نصول
يذكّرني تَبْسامُك البرقَ موهناً
فللدمع منه سائل ومسيل
أراني علامات الورود وميضه
ومالي إليه يا أميم وصول
وما ينفع الظامي صداه بنظرة
إلى الماء ما منه لديه حصول
خليليّ هل يودى دمٌ قد أطلَّه
بمقلته أحوى أغنُّ كحيل
رماني بعينيه غزال له الحشى
على النأي لا ظلّ الأراك مقيل
عشية أودى بي الهوى وأرابني
من الركب إذ حثَّ المطيَّ رحيل
برغمي فارقت الذين أحبُّهم
فلي أنّة ٌ من بعدهم وعويل
وما تركوا إلاّ بقية عبرة
يرقرقها وجدي بهم فتسيل
تُذيلُ دموعاً في الديار أُريقُها
نجومٌ لها في الغاربين أُفولُ
غداة وقفنا والنياق كأَنَّها
مرزّأة مما تحنُّ ثكول
فأنكرت أطلالاً لميٍّ غرفتها
وإنّي على علمي بها لجهول
نسيم الصَّبا ذكَّرْتَني نشوة َ الصبا
فهلْ أنت من ليلى الغداة رسول
تَنَسَّمتَ معتّلاً فلم أدر أيّنا
بظلّ نُسيمات الغُوَير عليل
متى أترك النوقَ الهجان كأنَّها
لها كلّما ضلَّ الدليل دليل
واتخذ البيد القفار أخلّة ً
ولكن روضي بالعراق محيل
ولو كنت ممن يشربِ الماء بالقذى
رويت وفي ري الذليل غليل
عن الناس في عبد الغني لي الغنى
وكل صنيع ابن الجميل جميل
كريمٌ فأمّا العيش في مثل ظلّه
فرغدٌ وأمّا ظِلُّه فظليل
قريبٌ إلى الحسنى فلم يُرَ مثلُه
سريع إلى الفعل الجميل عجول
من الصيد سبّاق المقال بفعله
وقلَّ قؤولٌ في الأنام فعول
سأنزلُ آمالي بساحة باسلٍ
وما ضيمَ يوماً في حماه نزيل
به افتخرت بغداد وانسحبت لها
من الفخر في قطر العراق ذيول
علاقته بالمجد مذ كان يافعاً
علاقة صبٍّ ما ثناه عذول
غذته به أمُّ المعالي لبانها
وطابت فروعٌ قد زكت وأصول
فما اقتحم الأهوال إلاّ خطيرة ً
تجلُّ، وما يلقى الجليلَ جليل
ولا راعه روعٌ فلانت قناته
فلا مسَّ هاتيك القناة ذيول
أرى كلَّ ضرّاء شكوناه ضرَّها
يزايلها في بأسه فتزول
على ما به من شدة البأس لم يزل
يذوب علينا رقة ً ويسيل
ترقُّ لنا تلك الشمائل مثلما
ترقّ شمال أو تروق شمول
يحنُّ إلى يوم يثير غباره
صليل كما تهوى العلى وصهيل
يدير رحاها حيث دارت مثارة
شروبٌ لأبطال الرجال أكول
إذا صعبتْ دهياءُ في الأمر قادها
بأَمْرِ مطاعِ الأَمر وهي ذَلول
يقينا صروفَ النائبات كانَّه
لنا جبلٌ والعالمين تلول
ولولاه لم يخمد من الشرّ ناره
ولا سال للباغي النوال سيول
لك الله أمَّا أنتَ فالخير كلُّه
وأنتَ به لي ضامنٌ وكفيل
أنلتَ بما نوَّلت كلَّ مؤمّلٍ
فَعَلَّمْتَ صَوْبَ المزن كيف يُنيل
وإنّا على يأس الندى ورجائه
لنا منك رجّافُ العشّي هطول
وما فيك ما تعطي مَلالاً ولا قلى ً
وغيرك إنْ سيمَ العطاء ملول
ولم تتحَّولْ عن خلائقك التي
جُبِلْتَ عليها والزمان يُحيل
فيا ليت شعري والخطوب ملمَّة ٌ
وما بك عنّي في الخطوب غفول
إلامَ أحثُّ الجدَّ والجدُّ عاثر
وأرهفُ حدَّ العزمِ وهو كليل
وأطلبُ في زعمي من الدهر حاجة ً
زماني بها حاشا علاك بخيل
وكيف يريني الدهر ما استحقُّه
وفضلي لدى هذا الزمان فضول
إذا نهضتْ بي همَّة ٌ قعدتْ بها
على مضض فيما أراه خمول
وعندي قوافٍ لا يدنّسُ عرضها
لئيمٌ ولا يشقى بهنَّ نبيل
ظوامئ يطلبنَ الرَّواء بمهمهٍ
تطوف على أكفائها وتجول
تجنَّبتِ لاقوم اللئامَ فلم تبل
أَعانَ معين أمْ أراب خذول
متى اعترضهم بالأمانّي ضلّة ً
ثناها وجيف عنهم وذميل
فما أَوْلَعَ الأَيامَ في جهلائها
وفي الناس أشباه لها وشكول
ولو أنَّها تصغي لعتبي أذقْتُها
وبال حديث في العتاب يطول
وما تنفع العُتبى وما ثمَّ منصف
أقول له ما أشتهي ويقول
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ما قضى إلاّ على الصبّ العميد
ما قضى إلاّ على الصبّ العميد
رقم القصيدة : 22416
-----------------------------------
ما قضى إلاّ على الصبّ العميد
وغدا يعثر في ذيل الصُّدود
رشأٌ يقتنص الأسدَ ومنْ
علَّم الظبي اقتناصاً للأسود؟
بأبي الشادن يرنو طرفه
بلحاظ الرّيم سود
ما ألاقي من سيوفٍ وقناً
ما ألاقي من عيون وقدود
ويحَ قلبٍ لعبَ الشوقُ به
من عيون بابليّات وجيد
ربَّ طيفٍ من زَرودٍ زارني
فسقى صوبُ الحيا عهدَ زرود
فتذكَّرتُ زماناً مرَّ بي
طرب النشوة مرعيَّ العهود
وبعيد الدار في ذاك الحمى
من فؤادي في الهوى غير بعيد
يا دموعي روّضي الخدَّ ويا
حرَّ نيرانِ الجوى هل من مزيد؟
أين أيّامُ الهوى من رامة
يا لياليها رعاك الله عودي
وبكاء المزن في أرجائها
إنَّما تغرف من بحر مديد
قذفتْ أنجمها -كأسَ الطلا
كلَّ شيطانِ من الهمِّ مريد
فأَدِرْها قهوة ً عادية ً
عصرت في عهد عادٍ وثمود
أيها السّاقي وهبْ لي قبلة ً
هبة ً منكِ باحسان وجود
أنا لا أَشْرَبُها إلاّ على
أقحوانِ الثَّغر أو ورد الخدود
وبفيك المورد العذب الذي
أرتوي منه ومن لي بالورود
وبقلبي نار خَدَّيْك التي
لم تزل في مهجتي ذات الوقود
من معيد لي زماناً قد مضى
بمذاب التبر في الماء الجمود
دارتِ الأقداح فيها طرباً
من يدي أحوى ومن حسناءَ وردِ
وكأنَّ الكأسَ في توريدها
قطفتْ واعتصرتْ من خدّ خود
في رياض غرَّدت ورقاؤها
بفنون السجع منها والنشيد
وغصون البان في ريح الصبا
تنثني بين ركوع وسجود
فسقى تلك المغاني عارضٌ
مستطيرُ البَرقِ مِهدارُ الرعود
كانت الجنّة إلاّ أنَّها
لم تكن حينئذٍ دار الخلود
في ليالٍ أَشْبَهَتْ ظلماؤها
بدخانٍ كان من ندٍّ وعود
وكأنَّ الأنجمَ الزهر بها
أعينٌ من وجدها غير رقود
وكأنَّ البدرَ فيها ملكٌ
حُفَّ بالموكب منها والجنود
وكأنَّ الصُّبحَ في إثر الدجى
طائرٌ يركض في إثر طريد
رقّ فيه الجوُّ حتى خِلتَه
رقَّة َ القاضي بنا عبد الحميد
لطفتْ أخلاقه وابتهجتْ
كابتهاج الرَّوض يزهو بالورود
إنَّ من يأوي إلى أحكامه
إنَّما يأوي إلى ركن شديد
عادلٌ في الحكم يمضي حكمه
بقضاء الربّ ما بين العبيد
كلَّما كرَّرْتُ فيه نَظَراً
رمقتني منه ألحاظُ الورود
حجّتي فيه الأيادي والندى
وجميل الصنع بالخلق الحميد
وشهودي من مزاياه ولا
تثبت الحّجة إلاّ بالشهود
قمرٌ في المجد يكسوه السنا
شرف الآباء منه والجدود
أنا لولا صيِّبٌ من سَيْبِه
من منيل ومراد لمريد
عالم فيه لنا فائدة
فجزى الله مفيد المستفيد
ألمعيٌّ ناظرٌ في بصر
في خوافي غامضِ الأمر حديد
وبما في ذاته من هممٍ
كلُّما ترهفُ أزرتْ بالحدبد
شَرَحَتْ معنى معاليه لنا
فهي لا تخفى على غير البليد
وأرتنا منه في أقرانه
مفرداً يغني عن الجمع العديد
شرعة ُ الدين ومنهاج الهدى
قائمٌ بالقسط مجريُّ الحدود
حاملٌ للحقّ سيفاً خاضعٌ
لمضاه كلُّ جبار عنيد
يُرتجى أو يُختشى في حدِّه
مُؤنِسُ الوعد وإيحاش الوعيد
وعدتني منه آمالي به
فَوَفَتْ لي بعد حَوْلٍ بالوعود
فحمدتُ الله لما أنْ بدا
طالعاً كالبدر في برج السعود
عاد للمنصب قاضٍ لم يزل
وبفضل الله يعلو مجده
فتعالى الله ذو العرش المجيد
يا عماد المجد في المجد ويا
دُرَّة التاج ويا بيت القصيد
دمتَ في العالم عطريَّ الشذا
دائمَ النعمة مكبوتَ الحسود
يا لك الله فتى ً من مبدئٍ
بالندى والفضل فينا ومعيد
وقوافيّ الّتي أُنْشِدُها
نُظِمَتْ في مدحه نظم العقود
أَطلَقَتْ فيه لساني أنعُمٌ
قيَّدَتْني من عُلاه بقيود
أما لولا صيِّبٌ من سيبه
ما ارتوى غصني ولا أورقَ عودي

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> لك بالمعالي رتبة ٌ تختارها
لك بالمعالي رتبة ٌ تختارها
رقم القصيدة : 22417
-----------------------------------
لك بالمعالي رتبة ٌ تختارها
فکفخر فأَنْت فخارُنا وفخارُها
يا ساعد الدّين القويم وباعه
لَحَظَتْك من عين العلى أنظارها
لله أيَّة رفعة ٍ بلّغتها
قَرَّتْ وليس يغيرك استقرارها
في ذروة الشَّرف الرفيع مقامها
وعلى أهاضيب العلى أوكارها
فلتَهْنَ فيك شريعة قد أصْبَحت
وعليك ما بين الأنام مدارها
ولقد ملأتَ الكون في نور الهدى
كالشمس قد ملأ الفضا أنوارها
وكشفتَ من سرّ العلوم غوامضاً
لولاك ما انكشفت لنا أسرارها
يا دوحة الفضل الذي لا يجتنى
إلاّ بنائل جوده أثمارها
الله أكبر أنت أكبر قدوة
لم تعرف الثقلات ما مقدارها
ولتسمُ فيك المسلون كما سمت
في جدّه عدنانها ونزارها
من حيث إنَّ لسانه صمصامها الـ
ماضي وإنَّ يراعهُ خطّارها
فردٌ بمثل كماله ونواله
لم تسمح الدنيا ولا أعصارها
دنياً بها کنقرض الكرام فأَذنبت
فكأنّما بوجوده استغفارها
وكأنّما اعتذرت إلى أبنائها
فيه وقد قُبِلَت به أعذارها
أَمُؤمّلاً نَيْلَ الغنى بأكُفِّهِ
يُغنيك من تلك الأكُفِّ نضارها
بسطتْ مكارمه أناملَ راحة ٍ
تجري على وُفَّادِه أنهارها
أحرارنا فيما تنيل عبيدُها
وعبيده من سيبه أحرارها
هاتيك شِنْشِنَة وقد عُرِفَتْ به
لم تقض إلاّ بالندى أوطارها
كم روضة بالفضل باكرها الحيا
فزهت بوابل جوده أزهارها
هو دِيمة ُ لم تنقَطِعْ أنواؤها
وسحابة ٌ لم تنقشع امطارها
أحيا ربوعَ العلم بعد دروسها
علماً وقد رجعتْ لها أعمارها
وكذا القوافي الغرّ بعد كسادها
ربحتْ بسوق عكاظه تجارها
حَمَلَتْ جميل ثنائه ركبانها
وتحدَّثت بصنيعه سمّرها
ورَوَتْ عن المجد الأثيل رواتها
وتواتَرَتْ عن صحة أخبارها
فضل يسير بكلّ أرضٍ ذكرُه
وكذا النجوم أجلُّها سيّارها
وله التصانيف الحسان وإنَّها
قد أسْفَرتْ عن فضله أسفارها
هي كالرياض تفتّحت أزهارها
أو كالحِسان تفكَّكت أزرارها
تبدي من الخفّي ما يعيي الورى
وتحير عند بروزها أفكارها
لا زال خائضُ ليلها في ثاقب
من فكرة حتى کستبان نهارها
مصبوبة من لفظة بعبارة
يحلو لسامع لفظها تكرارها
من مالك الارضون أو أقطارها
قرَّتْ عيونُ الدين فيك وإنّما
حسّأد فضلك لا يقر قرارها
راموا الوصول إلى سعاد سعودها
فنأتْ بها عنهم وشطّ مزارها
تختار لذّات الكمال على الهوى
تلك المشقَّة قلَّ من يختارها
فإذا نثرتَ فأنت أبلغُ ناثرٍ
نظّام لؤلؤ حكمة ٍ نثّارها
وإذا نظمت فلا أبو تمّامها
تحكيكَ رقَّته ولا مهيارها
ورسائلُ أين الصّبا من لفظها
الشافي وأين أريجُها وعَرارُها
خطٌّ كليلاتِ السعود تراوحتْ
فيها بطيب نسيمها أسحارها
هل تدري أيّ رويّة لك في الحجى
ومن العجيب فديتك کستحضارها
تأتي كسيل المزن حيث دعوتها
وكجُودِ كفّك وافرٌ مدرارها
فلكم جلوت دُجُنَّة ً من مُشْكِلٍ
يتجابُ فيك ظلامها وأوارها
وَجَلَيْتَ فيه من العلوم عرائساً
فأتاك من ملك الزمان نثارها
قد زدت فيها رفعة ً وتواضعاً
وأرى الرّجال يَشينُها کستكبارها
إنَّ الرَّزانة في النفوس ولم تطش
نفسٌ وقار الراسيات وقارها
إنْ كنتَ مفتخراً بلبس علامة ٍ
فعُلاك ياشرف الوجود فخارها
صيغتْ لعزّك سيّدي من جوهر
حيث الجواهر أنتَ أنتَ بحارها
فكأنّما من صَدرِك کستخراجها
أو من جمالك أشرقت أنوارها
لا زال يأخذ بالنواظر نورها
لكنْ بأحشاء الحواسد نارها
إنَّ العناية أَقْبَلَتْ بجميع ما
تهوى عليك وهذه آثارها
قتلت عداك بلوغُها وكأنَّها
قتلى العيون فليس يدركُ ثارها
وكفاك إقرار العداة بما به
قرَّ الولاة ولم يفد إنكارها
ولقد خَلَقْتَ سماء كل فضيلة
طلعتْ على آفاقها أقمارها
هل في العراق ومنعليه ومن له
منها وليس لألفهم معشارها
ولقد سترتَ على عوادي بلدة
لولاك لم يستر وحقّك عارها
يا قطبَ دائرة الرئاسة والعلى
أضحى يدور لأمره دوارها
لحقت سوابقك الألى فسبقتهم
بسوابقٍ ما شقّ قط غبارها
خذها تغيظ الحاسدين قصيدة ً
ما ملّ فيك أبا الثنا إكثارها
لا زالت الأيام توليك المنى
وجرت على ما تشتهي أقدارها
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> عِيدي بيوم شفائِكم لسَقامي
عِيدي بيوم شفائِكم لسَقامي
رقم القصيدة : 22418
-----------------------------------
عِيدي بيوم شفائِكم لسَقامي
إنْ تعطفوا يوماً فذاك مرامي
يا خلَّة ً أرعى ذِمام ودادهم
ولو کنهم نقضوا عهود ذمامي
رعياً لأيام خَلَوْنَ بقُربهم
لم أسلها بتعاقب الأيام
يا أيها الريّان من ماءٍ بها
هل موردٌ لغليل قلبي الظامي
فلقد طوَيْتُ على هواك جوانحي
وعَصيْتُ فيك ملامة اللوام
فکستبق من دنف الفؤاد بقية ً
لولاك ما ملك الزمان زماني
فأخَذْتُ شعري أهبة الإحرام
مقرونة ً بالرحب والإكرام
حيّ الربوع النازلين بذي الغضا
وسقيت ذاك الحيّ صوب غمام
ظعنوا فما أبقوا لمسلوب الحشى
إلاّ توقُّدَ لوعة وغرام
من كلّ أحوى ما تلفَّتَ طرْفُه
إلاّ ادّكرتُ تلفُّتَ الآرام
يا حادي الأظعان يزعجها النوى
فتخدّ خدّ فدافد ومرامي
بالله إنْ يمَّمت ذيّاك الحمى
بلّغ أميمَ تحيّتي وسلامي
مذ غاب عن عينيَّ نورُ شموسهم
ما ذاقت الأجفان طيب منام
ما للحَمام أهاج لي برح الأسى
هذا الحمَام يروم جلب حمامي
يتلو صبابات الهُيام بوجده
أترى هيام الورق مثل هَيامي
قم يا نديم وعاطنيها قرقفاً
فالعيش بين منادم ومدام
راح إذا لمعتْ بكأسٍ خلتها
برقاً تألَّقَ من خلال غمام
تتراقَصُ الكاساتُ في إقبالها
كتراقصُ الأرواح بالأجسام
جمحتْ بنا خيلُ المسرّة برهة
والعيشُ كالغصن الرطيب النامي
أيّام مرجعُها علينا مُنيتي
إنَّ المنى كوساوس الأحلام
أمُواعد الأَجفان منه بزورة ٍ
ما كان ذاك المزن غير جهام
فکشفع زيارتك التي قد زرتني
والليل قد أرخى سدول ظلام
لما ألمَّ يميط لي سجفَ الدجى
وفَقَدْتُ في وجدانه آلامي
ولَكمْ يصدُّ كأنَّه ريمُ الفلا
ويصولُ صولة َ باسلٍ مقدام
ورَمَتْ لواحِظُه نِصالَ صَبابة ٍ
ها قد أصاب القلبَ ذاك الرامي
غرو إنْ هام الفؤاد به جوى ً
إنَّ الغرام مُوكلٌ بهيامي
أنّى تصيَّدني الغزالُ فريسة ً
عَهدي الغزال فريسة الضرغام
أهوى على حبّ الجمال تغزُّلي
وعلى مديح أبي الثناء نظامي
مفتي العراقين الذي بعلومه
قد فاخرت بغدادُ أرضَ الشام
أين السحائب من مكارم أَنْمُلٍ
في المكرمات ينابع الإكرام
إنْ شحَّ هَطّالُ السحاب بغيثه
فسحابه في كل وقت هامي
لا زال من لين العريكة باسماً
كتبسُّم الأزهار بالأكمام
يفترّ في وجه المؤمّلِ ثغره
وكذا افترار البارق البسّام
ما بين منطقه العجيب وقلبه
صدر يفيض ببحر علمٍ طامي
أحيا به الله الشريعة والهدى
وأقام فيه شعائر الإسلام
يجدي العباد بنانُه وبيانُه
دُرَّين دُرَّ ندى ً ودرَّ كلام
حِكَمٌ على أهل العقول يبثّها
متقونة الأوضاع والأحكام
ميريك في ألفاظه وكلامه
سحرَ العقول وحيرة َ الأفهام
كم أعربتْ ألفاظه عن حاله
يوماً فأعجمَ منطقَ الأعجام
ولقد ادارا على الورى جام الحجى
فالناس صرعى راحَ ذاك الجام
من كلّ مكرمة وكلّ فضيلة
قد حلَّ منها في محلٍّ سامي
تمّت به حسن المعالي والعلى
ومحاسن الأشياء بالإنمام
من ذا يهنّي الوافدين بسيّدٍ
جُبِلَتْ سجيّتُه على الإكرام
ويقول نائله لطالب فضله
حُيّيت بين أكارم وكرام
ولربَّ رأي بالأمور مجرّبٍ
تغني مضاربه عن الصمصام
قدَّ الحوادث غاربٌ من حدّه
فكأنَّه في الخطب حدُّ حسام
والله ما فتك الكميُّ برمحه
يوماً كفتك يديه بالأقلام
وطوئف لم يفحموا في مبحث
ذاقت لديه مرارة َ الإفحام
ببلاغة ٍ وبراعة ٍ قُسِّيَّة ٍ
وقعت على الأغبار وقع سهام
إنْ يحسُدوك الجاهلون على النهى
لا تحسدُ الكرماءَ غير لئام
ولقد تفاخر فيك سادات الورى
أنْتَ کفتخار السادة الأعلام
يا كعبة ً قد جئتْ أبغي حجَّها
عام به للعيد وجهك عيده
فليفتخر فيها على الأعوام
لم أرضَ منك وإنْ بذلتَ جوائزاً
لكنْ رضاؤك مطلبي ومرامي

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> بِوَخْزِ القنا والمرهفاتِ البواترِ
بِوَخْزِ القنا والمرهفاتِ البواترِ
رقم القصيدة : 22419
-----------------------------------
بِوَخْزِ القنا والمرهفاتِ البواترِ
بلوغُ المعالي واقتناء المفاخر
وإنّ الفتى من لا يزال بنفسه
يخوض غمار الموت غير محاذر
يشيد له ما عاش مجداً مؤثلاً
ويبقي له في الفخر ذكراً لذاكر
إذا كنتَ مِمَّنْ عظّم الله شأنه
فثمِّر ألى الأمر العظيم وبادر
وإنّي امرؤ يأبى الهوان فلم يَدِن
إلى حكم دهر يا أميمة جائر
مضت مثل ماضي الشفرتين عزيمتي
وحلَّق في جوّ الأُبوّة طائري
لئن أنكر الغمر الحسود فضائلي
وأصبحَ بالمعروف أوَّلَ كافر
فتلك برغم الحاسدين شواردي
يسير بها الساري وتلك نوادري
فما عرفتْ منّي مدى الدهر ريبة ٌ
ولا مَرَّ ما راب الرجال بخاطري
وما زلت مذ شَدَّتْ يدي عَقْد مئزري
بعيدَ مناط الهمّ عفَّ المآزر
صفوتُ فلم أكدر على من يودّني
ولا يتقي من قد صحبتُ بوادري
وكم مشمخر أنفُه بغروره
يرى نفسه في الجهل جمَّ المآثر
جدعتُ بحول الله مارنَ أنفهِ
وأوطأتُ نعلي منه هامة صاغر
ألا ثكلت أمُّ الجبان وليدها
وفازت بما حازته أمُّ المُخاطر
أحِنُّ إلى يوم عبوسٍ عصبصب
تتوق له نفسي حنين الأباعر
إلى موقفٍ بين الأسنّة والظبا
ومنزلة ٍ بين القنا المتشاجر
يكثّر فيه الموت عن حدّ نابه
وتغدو المنايا داميات الأظافر
ترفعت عن قوم إذا ما خبرتهم
وجدتُ كباراً في صفات الأصاغر
أخو الحزم من لم يملك الحرصُ رقَّه
ولا ينتج الآمال من رحم عاقر
شديدٌ على حرب الزمان وسلْمِه
جريءٌ على الأخطار غير محاذر
خُلِقْتُ صبوراً في الأُمور ولم أكنْ
على الضَّيم في دار الهوان بصابر
إذا ما رأيت الحيَّ بالذلّ عيشه
فأولى بذاك الحيّ أهل المقابر
ألا إنَّ عُمر المرءِ ما عاش طوله
كطيف خيال أو كزورة زائر
تمرّ الليالي يا سعاد وتنقضي
وتمضي بباقٍ حيث كان وبائر
فكيف يعاني الحرُّ ما لا يسرُّه
ويأمنُ من ريب الزمان بغادر
ومن يأمنِ الدنيا يكنْ مثل واقف
على غرّة ٍ بالموسيات الصواهر
أزيد على رزء الحوادث قسوة
وإنَّ معاناتي بها غير ضائر
كما فاح بالطيب الأريج وضوّعت
شذا المندليَّ الرطبَ نارُ المجامر
أرانا سليمان الزهيرُ وقومه
رجال المنايا فتك أروع ظافر
يريك بيوم الجود نعمة منعمٍ
ويوم الوغى واليأس قدرة قادر
يسير مواليه بعزٍّ وسؤدد
ويرجع شاتيه بصفقة خاسر
لقد ظفِرت آل الزهير بشيخها
بأشجع من ليث بخفّان خادر
يشقّ إلى نيل المعالي غبارها
ومن دونها إذ ذاك شقّ المرائر
فذا سيفه الماضي فهل من مبارز
وذا فخره العالي فهل من مفاخر
ففي الحرب إنْ دارتْ رحاها وأصبحَتْ
تدور على فرسانها بالدوائر
تحفّ به من آل نجد عصابة
شبيهة ما تأتي به بالقساور
وكم برز الأعداء في حومة الوغى
وثغر الردى يفتر عن ناب كاشر
فأوردها بالمشرفيّة والقنا
وارد حتف ما لها من مصادر
وكم أنهلَ الوّاردَ منهلَ جودِهِ
فَمِنْ واردٍ تلك الأكُفِّ وصادر
ألا إنَّ أبناء الزهير بأسرهم
أوائلهم متلُوَّة ٌ بالأواخر
سلِ الحرب عنهم والصوارم والقنا
وما كان منهم في العصور الغوابر
فهم شيدوها في صدورهم عليَّ
وهم أورثوها كابراً بعد كابر
أكابرُ يعطون الرئاسة حقّها
ومعروفهم يسدى لبرٍّ وفاخر
وما برحت في كل مكرمة لهم
مناقب تورى بين بادٍ وحاضر
قد کستودعت أخبارُ ما فتكت لهم
صدور المعالي في بطون الدفاتر
يميناً بربّ البيت والركن والصفا
ومن فاز في تعظيم تلك المشاعر
بأنَّ سليمان الزهير محلُّه
محلٌّ سما فوق النجوم الزواهر
يقرّ لعيني أن ترى منه طلعة ً
ترى العين فيها قرة ً للنواظر
فأسمعُ منه ما يشنّف مسمعي
وأنظر فيه ما يروق لناظري
كريم أكاسير الغنى بالتفاته
فهل كان إلاّ وارثاً علم جابر
يصحّ مزاج المجد في رأي حاذق
طيب بأدواء الرئاسة قاهر
يمرّ بنادي الأكرمين ثناؤه
كما مرّ نجديُّ النسيم بعاطر
وقد نطقت في مدحه ألسُنُ الورى
فمن ناظمٍ فيه الثناء وناثر
أحامي الحمى بالبأس ما ينوبه
وصنديدها المعروف بين العشائر
إليك من الداعي لك الله مدحة
مقدَّمة ً من حامد لك شاكر
فلا زلت في رزق الأسنة تحتمي
وتحمي بحدّ البيض سود الغدائر
 
شعراء الجزيرة العربية >> طاهر زمخشري >> الموعد المنتظر
الموعد المنتظر
رقم القصيدة : 2242
-----------------------------------
حديث عينيكِ قد أفضى به الخَفَرُ
لما تأوَّد في أعطافك الخَفَرُ
يا منية النفس قد طاف المراح بنا
فراح ينشر من أفراحنا السمر
فبادليني الهوى فالبحر موجته
عنا تُحدِّث لا ما ينقل الخبر
وفي الشواطئ للأصداء هينمةٌ
يضمها في شُفوفِ الفتنة السَّحَر
والليل أغفى فأرخى من غدائره
سودًا تهادى على أطرافها العمر
والصمت يسكب في سمع الدجى نغمًا
الحب صدَّاحه والخافق الوتر
وإن أحلامنا في الشط غافية
وفي الحنايا لهيب الشوق يستعر
والذكريات رؤاها كلما هتفتْ
بنا استراحت إلى آمالنا الصور
فيا طيوف المنى.. فاض الحنين بنا
وزادنا شجنًا أن النوى قدر
ولا نزال على الأثباج من لهب
يسري بنا شوقنا والوعد ينتظر

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> تباركَ من يراكَ ابنَ المباركْ
تباركَ من يراكَ ابنَ المباركْ
رقم القصيدة : 22420
-----------------------------------
تباركَ من يراكَ ابنَ المباركْ
وَزادَك من مواهبه وبارَكْ
مكانة َ رفعة ٍ وعلوَّ قدرٍ
يزيد به علاءك واقتدارك
وأبقاك الإلsه غمام جودٍ
لمن يظما فيستسقي قطارك
رأيتك مورد الآمال طرّاً
فها أنا لم أردْ إلاّ بحارك
تُهينُ نفائسَ الأموال بذلاً
ولم تعبأ بها وتعزُّ جارك
حماك هو الحمى ممّا يحاشى
تجير من الخطوب من استجارك
وإنّك صفوة النجباء فينا
وإنك خيرة لمن استخارك
نشأت بطاعة المولى منيباً
وتقوى الله ما برحت شعارك
تجنّبك التي تأبى تقاة
عقدتَ على العفاف بها إزارك
تعير البدرَ من محياك حُسناً
كأنَّ البدر طلعتَه استعارك
أَخَذْتَ بصالح الأَعمال تقضي
بأمر الله ليلَك أو نهارك
مجيباً من دعاكَ ولا أناة
أثارك للمكارم مَن أثارك
ولا لحقتك يوم سبقت نجبٌ
بمكرمة ولا شقَّتْ غبارك
أغرتَ على الثناء من البرايا
وقد أبعدتَ يومئذٍ منارك
لقد طابت بفضلك وکستقرت
بك الأرض التي كانت قرارك
وحقَّ لها إذا فخرت وباهت
ديارٌ رُحْتَ توليها کفتخارك
سماحك لا يزال لمستميح
من العافين جاهك واعتبارك
وإنَّك دوحة بسقت وطالت
جنى الجانون يانعة ثمارك
يُشارَكُ كل ذي مجد بمجد
ومجدك في الحقيقة لا يُشارَك
ودهر قد جنى ذنباً عظيماً
فلما قيل هل تلقي اعتذارك
تدارك ذنبَه بعلاك حتى
غفرنا ذنبه فيما تدارك
وإنَّ أبا الخصيب يروق عندي
لأنك فيه قد شيَّدتْ دارك
أزورك سيّدي في كل عام
فلا أنأى عن الداعي مزارك
وإني قد ترقبت الغوادي
ووابلها ترقّبت أزديارك
شَهِدْتُ مشاهد النعماء فيها
فلا شاهدت في الدنيا بوارك

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هلمَّ بنا نزورُ أبا الخصيبِ
هلمَّ بنا نزورُ أبا الخصيبِ
رقم القصيدة : 22421
-----------------------------------
هلمَّ بنا نزورُ أبا الخصيبِ
ونرَعى جانِبَ العيش الخصيبِ
نعاشر أهله ونقيمُ فيه
بخفض العيش من حسن وطيب
كرام قد نزلت بهم غريباً
فكانوا سلوة الرجل الغريب
وعبد الواحد الموصوف فيهم
بطول الباع والصدر الرحيب
هو الشهم الذي لا عيب فيه
سوى العرض النقيّ من العيوب
لقد تقنا إلى ذاك المحيّا
ولا تَوْقَ المحبّ إلى الحبيب
فحيّ ابن المبارك من كريم
أحبَّ إلى القلوب من القلوب
يرى فعل الجميل عليه فرضاً
وصنع المكرمات من الوجوب
نصيبُ بفضله الأغراض منه
ونرجع عنه في أوفى نصيب
حكى إحسانه صوب الغوادي
فقلنا ديمة القطر الصبيب
إذا المستصرخون دعوه يوماً
فقد أمنت بكشّاف الكروب
وإنْ أَبْصَرْتَ منه البِشْرَ يبدو
فأبشرْ منه بالفرج القريب
يلذّ لدى سؤال ندى يديه
فيثني عطف مرتاح طروب
ومبتسم بوجه الضيف زاه
ووجه الدهر مشتد القطوب
أجلّ عصابة كرمت وجادت
على العافين في اليوم العصيب
كريمٌ قد تفرّع من كريم
نجيبٌ ينتمي لأبٍ نجيب
رأيت الأكرمين على ضروب
وهذا خير هاتيك الضروب
وقَدْرٍ ما کستخفّته الرزايا
ولا راعته قارعة الخطوب
ولا استهوته نفسٌ في هوانٍ
ولم يدنُ إلى أدنى معيب
منار يستمدُّ الرأي منه
وعنه رمية السَّهمِ المصيب
فأشهدُ أنَّه فردُ المعالي
وما أنا منه في شكٍ مريب
عليه ذوو العقول إذنْ عيالٌ
وها هو إربة ُ الفطن الأريب
فتعرض رأيها أبداً عليه
كما عرض المريض على الطبيب
فداك الباخلون وهم كثيرٌ
فداءَ النحر من بدنٍ ونيب
بيوم عنده الإنفاق فيه
أشدّ على الجبان من الحروب
ولا أفلتْ كواكبك الزواهي
ولا أذنتْ شموسك للغروب

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> بَلَغْتُم كمالَ الرُّشد أبناءَ راشدِ
بَلَغْتُم كمالَ الرُّشد أبناءَ راشدِ
رقم القصيدة : 22422
-----------------------------------
بَلَغْتُم كمالَ الرُّشد أبناءَ راشدِ
فبورِكْتُمُ أَولاد أكرمِ والدِ
إذا ما دعيتم دَعوة المجد كلّها
أقمتم على دعواكم ألفَ شاهد
وقُمْتم إليها رتبة ً تَبْتَغُونها
فما قائم يبغي العلاءَ كقاعد
على أنّها فيكم لديكم وراثة ٌ
وما هي في زيد وبكر وخالد
كَنَزْتُمْ من الفِعل الجميل صنائعاً
وقد تنفدُ الدنيا وليس بنافد
وما زالت الدُّنيا بحسن صنيعكم
مقلّدة أعناقها بالقلائد
أَرَدْتُم صلاح الناس بعد فسادها
وبالصارم الهندي إصلاح فاسد
فأجَّجتُم ناراً تسعَّر جمرُها
ولكنْ بحدِّ المرهفات البوارد
تسلُّونها في الخطب في كل شدّة ٍ
ألا إنّها معروفة ُ بالشدائد
وما فات قصدٌ من جسور الرَّعيَّة بينهم
وقد أوسع الطغيان خرق المفاسد
وقلّمتَ أظفارَ الطغاة وسُسْتَهم
بأَبيضَ حاد الزيغ عن كل حاسد
ولولاك ظلَّت في المجرَّة أهلُها
تُناشُ بأيدي اللوى قلبُ الأوابد
أَعدْتَ لنا أيامَ فهدٍ وبندرٍ
ومن قلبها أيّام عيسى وماجد
وأضحكتَ سنَّ المجد بعد بكائه
طويلاً على أجداث تلك الأماجد
ومنْ بعدِ ما كانت أمورٌ وأقلعتْ
تَذوبُ لها إذ ذاك صمُّ الجلامد
إذا ذَكَرَتْ ثار الغرام وهيَّجَتْ
كوامَن نيرانِ القلوبِ الخوامد
وهلْ يُفْلحُ القومُ الذين تسُوسُهم
بنو الجهل في عار من الحلم فاقد
وما كلّ مَن ساس الرعيَّة ساسَها
ولا كلّ من قاد الجيوش بقائد
تولَّيتها والطعنُ بالطعن يلتقي
وأخذ المنايا واحداً بعد واحد
فما بين مقتول وما بين قاتل
وما بين مطرودٍ وما بين طارد
وقد نزغَ الشَّيطان إذ ذاك بينهم
إذ الناس فوضى لا تدين لواحد
فأَرْشَدْتَهم للخير حتّى تركتَهم
يقولون إنَّ الرُّشْدٍ فعل کبن راشد
عَفَوْتَ بها عمّا جنى ذو قرابة
رماك بسهم القطع رمي الأباعد
ورحت وما في صدرك الحقد كامن
على حاقد جهلاً عليك وواجد
وقلت لمن يطوي على المكر كشحه
دع الزيف لا تنفقه في سوق ناقد
وما ساد في قوم حقودٍ عليهم
ولا حيزت النعماءُ يوماً لحاسد
فأسهرتَ عين الخط والخط ساهر
وما أَنْتَ عن ثار العدوّ براقد
أخو الحزم من يخشى شماتة كاشحٍ
ولا زال مشحوذاً غرار الحدائد
ولا يطأ الأَرضَ الفسيحة بقعة ً
إذا اتصلت فيها حبال المكائد
لك الله منصورٌ لك الله ناصرٌ
وحسبك من حزب معين مساعد
وَثَبْتَ وثوبَ اللّيث تستفرس المنى
وما كنت عنها مُنْذُ كنتَ بلابد
وساعَدَك المقدورُ فيها وربّما
سعى قبل ما تسعى لنيل المقاصد
ومن لم تساعده العناية لم يكن
له ساعد يشتدُّ عن لين ساعد
لقد صلتَ حتى كان أوّلُ قائم
لسيفك يوم الرَّوع أوّلَ ساجد
وَجدْتَ وأعْطَيْتَ المكارم حقّها
برغمٍ على أنف الحسود المعاند
فأرغمتَ آنافاً وأكبتَّ حسَّداً
فأكرمْ وصلْ واقطع وقرِّب وباعد
وما فيكم إلاّ طموح إلى العلى
جموحٌ إلى مجد طريف وتالد
عقائدنا فيكم كما تشتهونها
وكلُّ بكم منا صحيح العقائد
فلم نَرَ في إحسانكم غير شاكر
مليٍّ بما يملي لسان المحامد
عرفناكم فيمن سواكم وهكذا
يكون امتياز الشيء عند التضادد
ومن جرّب الأيام والناس غيركم
رنا نحوهم لكن بناظر زاهد
وإنَّك ممَّن يشْفَع البأس بالندى
ويقبل با لبشرى على كلّ وافد
وقد كان تأسيس الوائل فيكم
فشَيدوا على تأسيس تلك القواعد
لئِن كنتَ أفْنَيْتَ الحُطام فإنما
حظيت على بيت من الذكر خالد
وعدتُ بك الجدوى إذا زرت والغنى
ولم يخلفِ الميعادَ نوءُ العوائد
فزرتَ فحيّى الله طلعة زائر
تعود على وفّادها بالفوائد
وأقبلتَ إقبال الغمام ببارق
تولَّيْتَ إصلاح الرَّعيَّة بينهم
فما کحتَجْتُ بعد السيل شرعة وارد
ولا احتجتُ بعد الروض ندى لرائد
بَلَغْتُ بك الآمال حتى كفيتَني
ركوبَ المطايا واجتناب الفدافد
ويا ربَّ يومٍ مثل وجهك ضاحكٍ
عَرَضْنا على علياك غُرَّ القصائد
وأمّا نداك العذب ما إنْ وردته
على كبدي الحرّى فأعذب بارد
مَلَكْتُم على أمري فؤادي ومِقْوَلي
وأصبح فيكم غائبي مثل شاهدي
رَفَعْتُم مناري بعد خفضٍ ورشْتمُ
جناحي وامْلأْتُمْ فمي بالغرائد
وأطْلَقْتُموني من وثاقٍ خصاصة
فلا غروَ إنْ قيّدتُ فيكم شواردي
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> غَيّر وجهُ الجوّ في حُمْرَة ِ
غَيّر وجهُ الجوّ في حُمْرَة ِ
رقم القصيدة : 22423
-----------------------------------
غَيّر وجهُ الجوّ في حُمْرَة ِ
كأنَّما توقدُ بالجوّ نارْ
وأَعْقَبَتْها ظُلمَة ٌ أَيْقَنَتْ
أَنْفُسُنا من أجلها بالبوار
حتّى عن الشمس وأضوائها
بذلك التاريخ حال الغبار

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سقانيها معتَّقَة ً عقاراً
سقانيها معتَّقَة ً عقاراً
رقم القصيدة : 22424
-----------------------------------
سقانيها معتَّقَة ً عقاراً
وقد ألْقَتْ يد الفجر الإزارا
ودار بها مشعشعة علينا
فدار الأنسُ فينا حيث دارا
إذا ما زفَّها الساقي بَليْلٍ
أعاد الليل حينئذ نهارا
تشق حشاشة الظلماء كأسٌ
كما أوقدتَ في الظلماء نارا
جلاها في الكؤوس لنا عروساً
وقد جعل الجمان لها نثارا
يتوّجها الحباب بتاج كسرى
إذا مزجت ويلبسها سوارا
فقبل المزج تحسبها عقيقاً
وبعد المزج تحسبها نضارا
جلاها فانجلت عنّا هموم
وفرت كلّما جُلِبَتْ فرارا
فأدركت الندامى بالحمّيا
من الهمّ الذي في القلب ثارا
وكم من لذة ٍ بكميتِ راح
أغرناها فأبعدنا المفارا
ويعذرني الشباب على التصابي
بصبوة مغرم خلع العذارا
وما أهنا المدام بكف ساق
كمثل البدر أشرق وکستنارا
بروحي ذلك الرشأ المفدّى
وإنْ ألفَ التجنّب والنفارا
وأين الضبي من لفتات أحوى
يضاهيه التفاتاً واحورارا
رنا فأصابَ بالألحاظ منا
فؤاداً بالصبابة مستطارا
مليحٌ ما تصبّر في هواه
محبٌّ لم يجد عنه اصطبارا
وما أنسى غداة الشَّرب أمست
بناظره وريقته سكارى
أَلا يا ممرضي بسقام طرف
أصاب من الحشا جرحاً جبارا
فؤادى مثل طرفك بانكسارٍ
فكلٌّ يشتكي منك کنكسارا
غرامي في هواك بلا کختياري
وما كان الهوى إلاّ اضطرارا
مضى وتصرَّمَتْ تلك التّصابي
فإنّ عاد الصبا عاد ادّكارا
فوا لهفي على أوقات لهو
قضيناها وإنْ كانت قصارا
تركت الشعر لما ألبستني
من الأكدار أيامي شعارا
ولولا مدح مولانا عليّ
لما جُدْتُ النظام ولا النثارا
أجلّ السادة الأشراف قدراً
وأرفعهم وأطيبهم نجارا
وأرأفهم على الملهوف قلباً
وأسرعهم إلى الحسنى بدارا
جواد في الأكارم لا يبارى
وبحر في المكارم لا يجارى
إذا نظر الكبار إلى علاه
رأت في المجد أنفسها صغارا
وقد سَبق الأعالي في المعالي
فما لحقت له فيها غبارا
وساجله السحاب فكان أندى
يداً منها وأعظمها قطارا
وكم عام منعنا القطر فيه
فأمطرنا لجيناً أو نضارا
وكم شاهدت في الأيام عسراً
ولذت به فشاهدت اليسارا
لنا في فضله غرس الأماني
جَنَيْناها بدولته ثمارا
وكم أكرومة ٍ عذراءَ بكرٍ
يجيىء ُ بها إلى الناس ابتكارا
يُهينُ أَعزَّ ما ملكت يداه
بوافر نيله ويعزّ جارا
أَلَسْتُم في الحقيقة آل بيت
عَلَوْا جُوداً وفضلاً واقتدارا
عليكم تنزل الآيات قدماً
فحسبكمُ بذالكمُ افتخارا
أقمتم ركن هذا الدين فيها
وأوضحتم لطالبه المنارا
جزيتم عن جميع الناس حيراً
وما زلتم من الناس الخيارا
بنفسي منك قرماً هاشمياً
يجير من الخطوب من کستجارا
تَقُدّ حوادث الأيام قَدّاً
فأنت السيف بل أمضى شفارا
بسرّ نداك قام الشعر فينا
فأثنينا عليك به جهارا
نقلّدُ من مناقبك القوافي
بأحسن ما تَقَلَّدَتِ العذارى
لبست من الثناء عليك حلياً
لعمرك لن يباع ولن يعارا
يضوع شميمه في كل نادٍ
كما نشرت صبا نجدٍ عرارا
فلا زالت لك الأيام عيداً
ولا شاهدت في الدنيا بوارا

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أقولُ ليوسفٍ والمطل ظلمٌ
أقولُ ليوسفٍ والمطل ظلمٌ
رقم القصيدة : 22425
-----------------------------------
أقولُ ليوسفٍ والمطل ظلمٌ
أما لي حصة ٌ في ماء وردكْ
وإنَّك قدْ وعدت به قفلْ لي
متى يا سيّدي إنجازُ وعدكْ

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> رآها قدْ أضرَّ بها الكلال
رآها قدْ أضرَّ بها الكلال
رقم القصيدة : 22426
-----------------------------------
رآها قدْ أضرَّ بها الكلال
وقد ساءت لها ياسعد حال
فذكّرها شميمَ عَرارِ نَجْدٍ
ولا سيما إذا هبَّتْ شمال
فحرّكها وأَيْنَ لها بنجد
لهيبُ الشوق والدمع المذالُ
وقد كانت كأنَّ بها عقالاً
فأَطْلَقها وليس بها عقالُ
ولولا النّازلون هضاب نجدٍ
تحاماها الضّنى والاختلال
تخال الدَّمع سابقها عَلَيْهم
فكيفَ تسابق المزنَ الرؤال
يحملها الهوى عِبئاً ثقيلاً
وللأشجان أعباءٌ ثقال
ويقذفها النّوى في كلّ فجٍّ
لها فيه انسياب وانثيال
تمدُّ به فيقصرُ في خطاها
من البَيْداء أبواعٌ طوال
تشيم البرق يومئذٍ سناه
كعَضْب القين أرْهَقَه الصقال
وما أدري أهاج النّوق منه
غرام حين أومضَ أمْ خيال
شديدُ وجدها والوصلُ دانٍ
فكيف بها وقد منعَ الوصال
ذكرنا عَهْدَ رَبعك يا سُلَيْمى
وعقد الدمع يوهيه کنحلال
منازل للهوى ما لي أَراها
كطرفي لا يلمّ بها خيال
مباديها المسَرَّة والتهاني
وغايتها التغابن والوبال
وكانتْ بهجة َ الأبصار حتى
أحالتها من الحدثان حال
سألتك أين عيشك بالأوالي
وما يغني التفحّص والسؤال
غداة الشِّيحُ نبتُك والخزامى
حمتها البيض والأسل الطوال
وتسنحُ في عِراصِك قبلَ هذا
من السّربِ الغزالة والغزال
وتطلع ُ من خيامك مشرقات
بدورٌ من أسِرَّتها الكمالُ
وكلُّ مهفهفٍ تُثني عليه
معاطفه ويَثْنيه دلال
رماة من حواجبها قِسِيٌّ
تراشُ لها من الحدق النبال
ومن لي أنْ تَرى عيني سناها
فتنعم أعينُ ويُراح بال
تنافرتِ المها فوجدتُ قلبي
يجدُّ به للحيّ ارتحال
وهاتيك الركايب أرقلتها
ظباءٌ قدْ أقلتها الجمال
وكم صانت أكلَّتها وجوهاً
عَليها مهجتي أبداً تذال
فمالوا بالأباعر لا إلَينا
ومال بنا الهوى من حيث مالوا
أعيذك من حشاً تذكو لظاها
وهمٍّ داؤه الداء العضال
أحبتك الذذين شقيتَ فيهم
أسالوا من دموعك ما أسالوا
لنيران الجوى يا ناقُ عندي
على البعد اتقادٌ واشتعال
أُعَلِلّ بالأماني، والأماني
أمورٌ من زخارفها المحال
سرابٌ لا يُبَلُّ به غليل
ولا فيه لوارده بلال
وحَسْبُك إنْ وَرَدْتَّ أبا جميل
جميلٌ ما يروقك أو جمال
ردي من سَيْبه عَذباً زلالاً
فثمَّ الموردُ العذب الزلال
تناخ ببابه الامال طرّاً
وتُمْلأ من مواهبه الرحال
تعظّمه الخطوبُ ويزدريها
وليس له بمعظمها کحتفال
وينهض من أُبْوَّته بعبء
قليل ما تنوءُ به الرجال
من الشمِّ الشوامخ في المعالي
بطولُ الراسيات ولا يطال
ويوقره إذا طاشتْ رجال
حلومُ لا تضاهيها الجبال
صقيلُ مضارب العزمات ماضٍ
فلا فُلّت مضاربُه الصقال
قوام الدينْ والدنيا جميعاً
شفاؤهما إذا كان کعتلال
أَظَلَّتْنا غَمامَتُه بظلٍّ
إذا لفح الهجير به ظلال
ويومٍ مشمس فيه مضيءٍ
فشمسٌ ما لمطلعها زوالُ
وليلٍ فيه أقمرٌ مستنيراً
على وجنات هذا الدهر خال
ينفّس كلَّ كاربة بكرٍّ
لدى يومٍ يضيق به المجال
سماءٌ من سماوات المعالي
كواكبها المناقب والخصال
فعال تسبق الأقوال منه
وأقوال تقدّمها الفعال
يريك مداده في يوم جود
لأَحداق النوال به اكتحال
ومن كلماته ما قيل فيها
هي السلسال والسِّحر الحلال
لساني في مدائحه صدوق
بصدّق فيه منّي ما يقال
إذا أسدى إليَّ المال أَمْسَتْ
تمالُ لي القلوب وتستمال
فلي من ماله شرف وجاه
ولي من جاهِه عِزٌّ ومال
قريبُ النِّيل ممتنع المعالي
ومدني النيل ما بعد المنال
تحطّك رأفة ٌ شملَتْ ورقّتْ
وترفعك الأبوَّة والجلال
عزيز النفس عزَّ على البرايا
نظيرك في الأماجد والمثال
كأنَّك بين أقامٍ سراة ٍ
هدى ً ما بعده إلاّ الضلال
وإنّي قد رأيت علاك منهم
مرامٌ قد يرامُ ولا ينال
وليس لهم وإنْ دفعوا
مناقبك الشريفة والخلال
خليقتك المروءة ُ حيث كانت
وشيمتك السماحة والنوال
وهل أخشى من الحظّ انفصالاً
ولي من قرب حضرتك اتّصال
تلذُّ لك المكارم والعطايا
وتطربك الشجاعة والنزال
ولست من الكرام كبعض قوم
يجود بماله حتى يقالُ
فيا جبلاً أَطَلَّ من المعالي
علينا لا تزول ولا تزال
هباتٌ منك للعافين تترى
ولا وعدٌ لَدَيْكَ ولا مطال
 
الوسوم
الشعر العربي العصور جميع دواوين
عودة
أعلى