جميع دواوين الشعر العربى على مر العصور (( خالد الطيب ونور حياتى ))

  • تاريخ البدء
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ليهنك يا نحير أهلِ زمانه
ليهنك يا نحير أهلِ زمانه
رقم القصيدة : 22319
-----------------------------------
ليهنك يا نحير أهلِ زمانه
ويا كاملاً عنه غدا الطرف قاصرا
ويا منبعاً للجود والفضل والندى
ومن لم يزل بحراً من العلم زاخرا
ويا من يحلّ المشكلات بذهنه
وأفكاره رأياً تحير البصائرا
بطفل زكيّ قد أتاك وإنّما
يضاهيك بالأخلاق سرّاً وظاهرا
وبشرتني فيه فقلت مؤرخاً
بمولد عبد الله نلت البشايرا

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> الدين أصْبَح منصوراً بتأييد
الدين أصْبَح منصوراً بتأييد
رقم القصيدة : 22320
-----------------------------------
الدين أصْبَح منصوراً بتأييد
ـ الحمد لله ـ في أيام محمود
إذ سلّ من مرهفات الله بيض ظبا
فشيّد الدين فيها أيّ تشييد
واستملك الملك عن رأي يسدده
بحدّ سيف وفضل غير محدود
سدّ الثغور وتمهيد الأُمور به
فالملك ما بين تسديد وتمهيد
أيّام دولته الفراء تحسبها
خالاً على وجنات الخرد الغيد
الدهر يرهب من ماضي عزائمه
والبحر يطلب منه ساحة الجود
روت معاليه عن سعد وما عدلت
بالعدل إذ ذاك عن حكم ابن مسعود

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> وَلَدٌ قد أشرَقَ الكونُ به
وَلَدٌ قد أشرَقَ الكونُ به
رقم القصيدة : 22321
-----------------------------------
وَلَدٌ قد أشرَقَ الكونُ به
من على سلطاننا عبد المجيد
بشِّرَ الإسلام في مولده
فأسرَّ الناس من هذا السعيد
فزهت بغداد حتى إنّها
قابلت أيّام هارون الرشيد
وغدت تشرق من أنواره
مثلما قد أشرق البدر بعيد
زادنا بشراً فزدنا طرباً
ما عليه قبل هذا من مزيد
قد حبانا الله في مولده
كلّ ما نهواه من عزٍّ مديد
فترانا دائماً في فرج
كل يوم نحن في عيد جديد
وإذا الكون أضا أرَّخته
فضياء الكون من عبد الحميد

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> حَثْثتُ على عنيف السَّير نُوقي
حَثْثتُ على عنيف السَّير نُوقي
رقم القصيدة : 22322
-----------------------------------
حَثْثتُ على عنيف السَّير نُوقي
وقدَّمت الطَّريق على الرفيق
وقد فتق الزمان على فؤادي
هموماً فهي بارزة الفتوق
خرجت إلى جميل أبي جميل
إلى الرحب الفضاء من المضيق
ولولا تمره والبرّ منه
بقينا صابرين على السويق
فلو جاد النقيب لنا بسمنٍ
حَمِدْنا التمر يعجن بالدقيق
رأت عيناي في سفر عجيب
أعزّ لديّ من بيض الأنوق
أخا رشد يغض من المعاصي
وزنديق يتوب من الفسوق
وقالوا إنّ قدّوري تردّى
رواء الناس كالبر الصدق
فآونة يصلّي في فريقٍ
وآونة يسبّح في فريق
وأخبرني ثقاتُ الناس عنه
بأن لا زال في كرب وضيق
فكاد الشوق يحملني إليه
فيستشفي مشوقٌ من مشوق
ولكنّي كتبت له كتاباً
كما كتب الشفيق إلى الشفيق
أعزِّره على ترك الحميّا
وأهديه إلى بئس الطرق
أقول له وبعض النصح غشٌّ
بما بيني وبينك من حقوق
وثوقك بالعذاب عنها
وعفو الله أولى بالوثوق
وكم لله من فرجٍ قريب
وكم للعبد من سعة وضيق
أتنسى لا اقترفت الإثم إلاَّ
كبيراً بين مزمار وبوق
ليالينا الّتي انصرمت وولت
حَلَتْ إلاّ بكأس من رحيق
وكان مكاننا أنّى سكرنا
مكان الكلب قارعة الطريق
يمرّ بنا الشقيّ فنبتليه
ونزهد بالتقيّ المستفيق
وقولك للتي سكرت ونامت
فعلت بك المقابح أو تفيقي
سددت مسامع الحسناء قهرأ
بمثل الجذع من نخل سحوق
تخبّرني ضيوفك أين جاءت
بأنك قد بعدت عن اللحوق
تنادي بالطعام بلا شراب
كما نهق الحمار على العليق
وما هذا الذي عوّضت عنها
وهل يُغني الحديث عن العتيق
ألم تك بالفساد كما تراني
يشقّ عليّ أن أعصي شقيقي
فلا طابت أُوَيقات لصاحٍ
رمى أمَّ الخبائث بالعقوق
لقد كدَّرت يومئذ صفائي
وقد أيبست بالتأنيب ريقي
وأصبح عنك راضي غير راضٍ
فلا تركْن إلى سخط الصديق
وقد رزق لسعادة بالمعاصي
بسلطنة ابن سلطان رزوقي
وكم خمرٍ معتقة ٍ رأها
ففضلها على الخلّ العتيق
وكان الدنّ لا يروي مناها
فأصبح يشمئز من النشوق
وكم من تائب من قبل هذا
مروع من كبائره فروق
وحدّ التائبين اليوم عندي
اختياراً رميهم بالمنجنيق
فيا لك توبة عادت عليه
بأن يهوي سحيقاً من سحيق
رأيناهُ يصلّي الخَمْسَ باقٍ
بمحراب الصلاة على الشهيق
فسلّطنا شياطين القوافي
عليه بالصَّبوح وبالغبوق
وأغوينا في سحرٍ مبينٍ
من التبيان بالشعر الرقيق
إلى أن عاد أفسق من عليها
وأسرع بالإجابة من سلوقي
فما يدنو من الشيطان إلاّ
تمسَّكَ منه بالحبل الوثيق
وكان بنعمة لو كان يرعى
لها حقاً ويوفي بالحقوق
وها هو بعدما في كلّ حال
تغيّر بالمجاز عن الحقيقي
قضى في خدمة النقباء عمراً
وتلك نضارة العيش الأنيق
غريقك يا أبا سلمان فيها
وكم في بحر جودك من غريق
يقول رجاء من آوي إليه
لقد حنَّتْ ألى الخيرات نوقي
يؤمّل من مكارمك الأماني
ويرقب منك صادقة البروق
فلا غابت شموس بني عليّ
وقد أذِنَتْ علينا بالشروق
تلوح لنا بهم صور المعالي
فتهدينا إلى المعنى الدقيق
لبابك سيّد النقباء وافت
منبئة ً علاك عن العلوق
وتكشف عندك الأستار كشفاً
بحرّ القول عن حال الرقيق
تحثّ السير مسرعة تهادى
إلى علياك من فجٍّ عميق
تقوم على الرؤوس لهم أناس
تساويهم على قدمٍ وسوق

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> رمى ولم يرم عن قوسٍ ولا وتر
رمى ولم يرم عن قوسٍ ولا وتر
رقم القصيدة : 22323
-----------------------------------
رمى ولم يرم عن قوسٍ ولا وتر
بما بعينيه من غنج ومن حور
مؤنث الطرف ما زالت لواحظه
تسطو وتفتك فتك الصارم الذكر
مهفهفُ القد معسول اللمى غنج
أقضي ولم أقض منه في الهوى وطري
ما لي بمقلة أحوى الطرف من قبل
مؤيّد بجنود الحسن منتصر
يعطو إليّ بجيد الظبي ملتفتاً
تلَفُّتَ الظبي من خوف ومن حذر
وكلَّما ماسَ قلت الغصن حركة
ريح الصبا وهو في أوراقه الخضر
عجبت ممن قسا والعهد كان به
ارَقَّ من نسمات الروض في السحر
أشكو إليه صباباتٍ أكابدها
كأنَّما رحت أشكوها إلى حجر
نيران خدّيك ها قد أحرقت كبدي
يا جنّة أنا منها اليوم في سقر
إنْ لم تكن بوصالٍ منك تسعفني
فلا أقلّ من الإسعاف بالنظر
جد لي بطيفك واسمح إن بخلت به
إني لأقنع بعد العين بالأثر
واذكر ليالينا الأولى ظفرت بها
والدهر يعجب والأيام من ظفري
تلذّ لي أنت في سمعي وفي بصري
حيث المسرّة أفلاكٌ تدور بنا
والشمس تشرق ليلاً في يد القمر
في روضة فَوَّفَتْ أيدي الربيع لها
ما أبدع القطر من شيءٍ ومن حبر
والطلّ في وجنات الزهر يومئذٍ
ما بين منتظم منه ومنتثر
ومن أحبُّ كما أهواه معتنقي
ومرشفي السكّر المصريَّ في السكر
إذا تبسَّمَ أبصرنا بمبسَّمَه
ما أودع الله في الياقوت من درر
خاف العيون صباح الغرق تنظره
حتى تعوَّذَ بالأصداغ والطرر
أطل حديثك في قدٍّ فتنت به
وإنْ ذكرتَ حديث الخصرْ فاختصر
يقول لي في تثنّيه مفاخرة ً
ألبانُ من شجري والورد من ثمري
يا قاتل الله غزلان الصّريم فما
أبْقَتْ ـ وقد نفرت ـ صبراً لمصطبر
وما لأعينهن النّجلَ حين رنت
أصَبْنَ قلبي وما الجاني سوى نظري
وقفت منهن والأشجان تلعب بي
في موقف الربع بين الخوف والخطر
وبي من النافر النائي بجانبه
صبابة تعلق الأجفان بالسهر
عهدي بها ورداء الوصل يجمعنا
والوصل يذهب طول الليل بالقصر
لم يرقب الواشي يخشى من تطلعه
ما أوْلَعَ الدهرَ بالتبديل والغير
تركتني ولكم مثلي تركت لقى ً
فريسة بين ناب الخطب والظفر
هيجت أشجان قلبي فانتدبت لها
بكّل منتدب للشجو مبتدر
إنَّ السلامة في سلمان من كدر
يجني عليَّ ومن همّي ومن فكري
يسرُّ نفسي ويقضي لي مآربها
بنائلٍ من ندى كفَّيه منهمر
تالله ما أبصرت عيناي طلعته
إلاّ وأيقَنْتُ أنّي بالنوال حري
توقّع الرَّوض ما تسديه غادية
أناخ كلكلها ليلاً بذي بقر
إذا استقلت تراءى من مخايلها
مبشّرُ الوارد الظمآن بالغدر
أصبحت من يده البيضاء في دعة ٍ
وحسن أنظاره في منظر نضر
كأنَّما أنا من لألاء غرّته
في روضة باكرتها المزن بالمطر
تهُبُّ منه رياح اللطف عاطرة
من طيّبٍ عطرٍ عن طيّب عطر
أمْعِنْ بدقّة معنى ذاته نظراً
وانظر بعينيك واستعن عن الخبر
وسلْ إذا شئت عن أجداده فلقد
ضاقت بذاك صدور الكتب والسير
أغَظْتُ في مدحه قوماً بقافية ٍ
عن المقيم تجوب الأرض في سفر
وحاسداً قصرت أيدي المنال به
كمفلس الحيِّ رام اللعب بالبدر
تسرُّ قوماً وأقواماً تغيظهم
والشهب ترمي ظلام الليل بالشرر
كالراح تسري إلى الأرواح نشوتها
فالروح في خفة والجسم في خدر
هم الذين أراشوني بنائلهم
لولاهم الآن لم أنهض ولم أطر
المطلقون لساني على
تلك الشمائل بعد العيّ والحصر
بيض تضيء بنور الله أوجهُهُم
في حندس من ظلام الخطب معتكر
النافعون إذا عاد الزمان على
بنيه في الساعة الخشناء بالضرر
تقوى على أزمات الكون أنفسهم
وليس تقوى عليها أنفسُ البشر
فيا لك الله سادات إذا افتخرت
كانت هي المفخر الأسنى لمفتخر
لا تذكر الناس في شيء إذا ذكروا
كاليمّ يقذف بالألواح والدسر
يا أيها الدهر يأتينا بهم نسقاً
هل جئت منهم بمعنى غير مبتكر
ويا معاني المعالي من شمائلهم
لقد برزت لنا في أحسن الصور
دع ما تقول البرايا في مناقبهم
فكيف قولك بالآيات والسور
سرٌّ منالله إلاّ أنَّ نورهم
ف الخافقين وما صبحٌ بمستتر
عَلَوا على الناس إعلاناً فقلت لهم
بالله أقسم لا بالركن والحجر
أنتم لنا وَزَرٌ من كل نائبة
بوركنم نفر السادات من نفر
ونِعْمَ مدَّخرٌ أنتم لمدّخر
مولاي أصبحت واليام مقبلة
وأنت في عنفوان العز والعمر
أنّي لأرقب وعداً منك منتظراً
ووعد غيرك عندي غير منتظر
فاسلم ودم في سرور لا فناء له
باقٍ على أبدِ الأزمان والعصر
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> بارقٌ لاح فأبكاني ابتساما
بارقٌ لاح فأبكاني ابتساما
رقم القصيدة : 22324
-----------------------------------
بارقٌ لاح فأبكاني ابتساما
نبَّة َ الشَّوقُ من الصبّ وناما
ولمن أشكو على برح الهوى
كبداً حرّى وقلباً مستهاما
ويح قلب لعبَ الوجد به
ورمته أعين الغيد سهاما
دنف لولا تباريح الجوى
ما شكا من صحة الوجد سقاما
ما بكى إلاّ جرت أدمُعُه
فوق خديه سفوحاً وانسجاماً
وبما يسفح من عبرته
بلَّ كميّه وما بلَّ أواما
ففؤادي والجوى في صبوتي
لا يملاّن جدالاً وخصاما
ليت من قد حرموا طيب الكرى
أذنوا يوماً لعيني أنْ تناما
مَنَعونا أن نراهم يقظة
ما عليهم لو رأيناهم مناما
قَسَماً بالحبّ واللوم وإنْ
كنت لا أسمع في الحبّ ملاما
والعيون البابليّات التي
ما أحلّت من دمي إلاّ حراما
وفؤاد كلما قلت استفق
يا فؤادي مرَّة ً زاد هياما
إنَّ لي فيكم ومنكم لوعة ً
أنْحَلَتْ بل أوْهَنَت مني العظاما
وعليكم عبرتي مهراقة
كلّما ناوحت في الأيك حماما
ومتى يذكركم لي ذاكر
قعد القلب لذكراكم وقاما
يا خليليّ ومن لي أنْ أرى
بعد ذاك الصدع للشمل التئاما
أحسب العام لديكم ساعة ً
وأرى بعدكم الساعة عاما
لم يدم عيشٌ لنا في ظلكم
وإذا ما أشرق النادي به
حيث سالمنا على القرب النوى
وأخذنا العهد منها والذماما
ورضعنا من أفاويق الطلا
وكرهنا بعد حولين الفطاما
أترى أنّ الهوى ذاك الهوى
والندامى بعدنا تلك الندامى
كلّما هبّت صبا قلت لها
بلغيهم يا صبا نجد السلاما
وبنفسي ظالم لا يتقي
حوبة المضنى ولا يخشى أثاما
ما قضى حقاً لمفتون به
ربما يقضي وما يقضي مراما
لو ترشَّفتُ لماه لم أجد
في الحشا ناراً ولو هبّت ضراما
ولأطفأت لظى نار الجوى
ولعفت الماء عذباً والمدما
شدّ ما مرّ جفاً مستعذب
من عذابي فيه ما كان غراما
لا سقيتن الحيا من إبلٍ
تقطع البيد بطاحاً وأكاما
قذفتها بالنوى أيدي السرى
في مواميها عراقاً وشآما
ورمتها أسهم البين فمن
مُهَجٍ تُرمى وعيسٍ تترامى
قد بلونا الناس في أحوالها
وعرفناهم كراماً ولئاما
وشربناهم نميراً سائغاً
وزعافاً وأكلناهم طعاما
فمحال أنْ ترى عينٌ رأت
كحسام الدين للدين حساما
إنْ تجرِّده على الدهر يد
فَلَقتْ من خطبه هاماً فهاما
من سيوف أودعه الله به
لم يكن يقبل في الناس انقاسما
نظرت عيناي منه أروعاً
طيب العنصر والقرم الهماما
من كرامٍ سادة ٍ لم يُخلَقوا
بين أشراف الورى إلاّ كراما
رقّ حتى خِلْتَه من رقّة
أرج الشّيح وأنفاس الخزامى
أم كما هبّت صبا في روضة
تنبت الرند صباحاً والثماما
ثابت الفكرة في آرائه
يظهر الصبح كما يخفي الظلاما
وإذا ما قوّم المعوجّ في
رأيه العالي من الأمر استقاما
ثابت في موقف من موطن
يجمع الأعداء والموت الزؤاما
يوم تعرى البيض من أغمادها
وبه يكسي الفريقين القتاما
في نهار مثل مسوّد الدجى
تلبس الشمس من النقع لثاما
لم يضمه من زمان طارق
عزّ جاراً وجواراً أنْ يضاما
قد وجدنا عهده في وده العروة
الوثقى فقلنا لا انفصاما
شمل الناس فأغنى برُّه
وكذا البحر إذا البحر تطامى
بأبي أنت وأمي ماجد
في سماوات المعالي يتسامى
شيّد الفضل وأعلى قدره
بعد أن أصبح أطلالاً رماما
وكفت يمناه بالويل ندى ً
فكفتنا الغيث سقياً والغماما
حاكم بالعدل علويّ الثنا
عن عليٍّ قام بالحكم مقاما
إنما البصرة في أيامه
أعجبت من سار عنها أو أقاما
أفصحت عن أخرسٍ فيك له
من قريض النثر نثراً ونظاما
عربيات القوافي غررٌ
نصبت في قلة المجد خياما
شاعر يهوى معاليك وفي
كل واد من مديح فيك هاما
يا حسام الدين يا هذا الذي
أشكر اليوم أياديه الجساما
فتفضل وتقبّل كل ما
جمعت فيك من الحق كلاما
وثناء طيّباً طاب بكم
ينعش الروح افتتاحاً وختاما

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> بشرى لنا في ولدٍ بوجهه
بشرى لنا في ولدٍ بوجهه
رقم القصيدة : 22325
-----------------------------------
بشرى لنا في ولدٍ بوجهه
أبدى مبادي كرم الأخلاق
ولا عجيب لذكي مُنجَبٍ
من أطيب الآصال والأعراق
أبوه من فاق الورى بعلمه
وفاق بالفضل على الآفاق
بلحر يفيض جوهراً ونائلاً
وباسط الكفين للإنفاق
لدى الأنام جوده وفضله
أضحى على الأفهام والأعناق
تلك أياديه التي يبذلها
كانت على الأعناق كالأطواق
بشارة إذ جاء قد أرختها
فجاءت البشرى بعيد الباقي

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سُرَيْنا لنمحو الإثم أو نغنم الأجرا
سُرَيْنا لنمحو الإثم أو نغنم الأجرا
رقم القصيدة : 22326
-----------------------------------
سُرَيْنا لنمحو الإثم أو نغنم الأجرا
لزورة من تمحو زيارته الوِزْرا
وسارت وقد أرخى علينا الدجى سترا
بنا من بنات الماء للكوفة الغرا
سبوحٌ سرت ليلاً فسبحان من أسرى
تخيّرتها السفائن مركبا
وأعْددْتُها للسير شرقاً ومغربا
فكانت كمثل الطير إنْ رمت مطلبا
تمد جناحاً من قوادمه الصبا
تروم بأكناف الغري لها وكرا
وكانت تحلّى قبل هذا تجمّلا
وقد غذيت فيما أمرّ وما حلا
أظن على فقد الشهيد بكربلا
كساها الأسى ثوب الحداد ومن حلى
تجمّلها بالصبر لاعجها أرعى
إلى موقف سرنا بغير توقف
يزيد بكائي عنده وتلهُّفي
ولما تجارينا بفلك ومدنف
جرت وجرى كلُّ إلى خير موقف
يقول لعينيه قفا نبك من ذكرى
ترامت بنا فلك فيا نعم مرتمى
إلى دُرّة الفخر التي لن تقوّما
فخضنا إليه والبحر قد طمى
وكم غمرة خضنا إليه وإنما
يخوض عباب البحر من يطلب الدرا
إلى مرقد يعلو السماكين منزلا
وقد نال ما نال الصراح من اعلى
نسير ولا نلوي عن السير معدلا
نؤم ضريحاً ما الضراح وإنْ علا
بأرفع منه لا وساكنه قدرا
فزوج ابنة المختار كان غضنفرا
علا وارتضته الطهر من سائر الورى
أتعرف من هذا الذي طال مفخرا
هو المرتضى سيف القضا أسدُ الشرى
عليّ الذرى بل زوج فاطمة الزهرا
عيون الورى إنْ لاحظت منه كنهه
ترد عن التشبيه حسرى فينتهوا
وإنّ مقاماً لا ترى العين شبهه
مقام عليٍّ كرم الله وجهه
مقام عليّ ردّ عين العلى حسرى
لقد صير الغبراء خضراء قبره
وأشرق فيها في الحيقة بدره
وقد وافق الإعجاز لله دره
أثيرٌ مع الأفلاك خالف دوره
فمن فوقه الغبرا ومن تحته الخضرا
أحاط بنا علماً فليت سليقة
تفيد علوماً عن عُلاه دقيقة
مجازاً وقد جرنا إليه طريقة
أحطنا به وهو المحيط حقيقة
بنا فتعالى أن نحيط به خُبرا
فطف في مقام حلّ فيه ولبّهِ
ترى العالم الأعلى حفيفاً بتربه
فكالمسجد الأقصى وأي تشبه
تطوف منا الأملاك طائفة به
فتسجد في محراب جامعه شكرا
فأثنى عليه من علا مثل دنا
وكلُّ بما أثنى أجاد وأحسنا
فخرب من الدانين إذ ذاك أعلنا
وحزب من العالين يهتف بالثنا
عليه بوجيٍ كدتُ أسمعه جهرا
حججنا إلى بيت علا بجنابه
عشية آوينا إلى باب غابه
ومن قد سمت أركان كعبتنا به
جدير بأن يأوي الحجيج لبابه
ويلمس من أركان كعبته الجدرا
فيوض علوم الله من قدم حوى
فقسّم منها ما أفاد وما احتوى
ومن قبل ما يثوي ومن بعد ما ثوى
حريٌّ بتقسيم الفيوض وما سوى
أبي الحسنين الأحسنين به أحرى
ظللنا وكم جان لديه ومذنب
وذي حاجة منا وصاحب مطلب
يقبّل والأجفان تهمي بصيّب
ثرى ً منه في الدنيا الثراء لمترب
وللمذنب الجاني الشفاعة في الأخرى
خدمنا أمير المؤمنين بموطن
نعفّر فيه الوجه قَصْدَ تيمُّنِ
ويخدم قبر المرتضى كلُّ مؤمن
بأهداب أجفانٍ وأحداقِ أعين
وحرّ وجوه عفّرتها يد الغبرا
أزلنا غباراً كان في قبر حيدر
فلاح كغمد المشرفيِّ المشهرّ
ولا غرو في ذاك المكان المطهرّ
أمطنا القذى عن جفن سيف مذكر
أجلّ سيوف الله أشهرها ذكرا
تبدى سنا أنواره وتبيَّنا
غداة جلونا قبره فتزيَّنا
فحيّر أفهاماً وأبهر أعينا
فوالله ما ندري وقد سطع السنا
جلينا قراباً أمْ جلونا له قبرا
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هو البرق ممّا راعها وشجاها
هو البرق ممّا راعها وشجاها
رقم القصيدة : 22327
-----------------------------------
هو البرق ممّا راعها وشجاها
فهيج منها داءَها وأساها
ومما جوى ً تطوي عليه ضلوعها
بكت بدمٍ قان فطال بكاها
حكت بلسان الحال حتى وددتني
أقبّل من تلك المطيّة فاها
جوى ً مثل ما بى أو يزيد بزعمها
وهيهات مني مجدها وعناها
فقلت لها لا فاتك الورد صافياً
ولا حبست عنك السماء حياها
وروّضت من أكناف نجد رياضها
وحقّ لنفس الحرّ عنك رضاها
سقاها من النجب الكرائم ناقة ً
وأكرم منها أمَّها وأباها
تعاف النمير العذب يمزج بالقذى
وتختار في ريّ الهوان صداها
تجافت عن الدار التي تنبت الأذى
وها قد نأت عن مثلها لسواها
لقد سرَّها أن لا تساء فأرقلت
إلى حيث مثوى الأكرمين حماها
فجاوزت البيداء غير مروعة
كأن المنايا قصدها ومناها
تباعد ما بين الخطا فكأنَّما
تبوعُ الفلا أخفاقها بخطاها
تهيم بأعلام المحصّب من منى ً
وآفة نفس المستهام هواها
عليها من الفتيان من لا تروعه
مكابدة الأهوال حين يراها
رماه إباء الضيم في كل مهمة
يروع العفونى أن يجسَّ ثراها
من الصيد لا يستصعب الحتف إنْ دنا
ولا بات يشكو للخطوب أذاها
ويأنف أنْ يلقي القياد لنكبة
يرى فرج الله القريب وراها
إذا همَّ لا تنبو مضارب عزمه
ولا فل أحداث الزمان شباها
تَصَفَّحَ يرتاد المنازل في اللوى
ويطلب فيها مرتعاً ومياها
ولم ينأ عن دار القلى باختياره
ولكن جفتهُ أهلها فجفاها
قليل ائتلاف الجفن من سنة الكرى
فلو راودته مرَّة ً لعصاها
ولا بكثير الالتفات إلى التي
نأى ماضياً عنها فعزَّ عزاها
لقد شام برقاً بالحمى غير ممطر
فأعرض عن أنوائها بنواها
وحثحثها والليل يبدي ظلامه
إلى عين هادي من يضلّ عماها
وسار بها إذ ذاك في كل مهمه
وليس إلى غير العلاء سراها
وماراح إلاّ وهو فيها سميرها
شكته تباريح الجوى وشكاها
يذكّرها بالرقمتين منازلاً
مراتعها أعلامها ورباها
رعت من خزاماها وفازت بمائها
سقاها شآبيب الحيا ورعاها
هلُمّي بنا يا ناق نذكر ما مضى
ونبكي شؤوناً لا يفيد بكاها
وأيامنا في الربع والربع آهل
فواهاً لتلك الماضيات وآها
مضى وانقضى عهد الأحبة في النقا
وقد نفرت أسرابها ومهاها
فكيف إذَنْ يا ناق ترجع جيرة
يقر لعيني أنْ يلوح سناها
بعيشك هل تدرين من أنا طالبُ
ولم تدر في ماذا يكون حداها
أرومُ ربوعاً يهتدي لبيوتها
بنور محيّاها ونار قراها
وما افتقرت في الناس من أحدٍ يدٌ
إذا كان من عبد الغني غناها
له الخير مجبول على الخير كله
وخير الورى من لم يزل لرجاها
فلم يبق من اكرومة ما أجادها
ومنقبة ٍ ما حازها وحواها
مباني الكرام الأولين تهدَّمت
فأعلى مبانيها وشاد بناها
عزيز عزيز النفس إن ضيمَ جاره
فداها إذَنْ في نفسه ووقاها
له الفتكات البكرُ تشهدُ أنَّه
عصاميُّها المعروف وابنُ جلاها
تقلّد عزماً مثل إفرندِ عضبه
إذا اعترضته النائبات براها
هو الغيث يوم الجود والليث في الوغى
فغيث نداها كفَّ ليث وغاها
إذا كان مجد كان منه عماده
وإن كان حربٌ كان قطب رحاها
متى شاء أوراها وأثقب زندها
وشبَّت بفرسان الرجال لظاها
أحلي بذكراه القوافي أصوغها
ألاَ إنّما ذكر الكرام حُلاها
تأرج في النادي بذكر جميله
وإن كان ندي النسيم شذاها
وإنّي لأهديها إلى خير ماجد
نعم إنَّه مصباحها وهداها
إلى الغابة القصوى وأية غاية
علا مستطيلاً شأوها وذراها
سما غير ممنوع إلى كلِّ سؤدد
فلو رام أنْ يرقى السماء رقاها
إلى أين تبغي بالأبوّة والعلى
بنفس جميع الناس دون علاها
تعاليت حتى انحط من دونك الورى
فكنت ثرياها وشمس ضحاها
فداؤك عبدٌ أنتَ مكالكُ رقِّهِ
بأيدي كريم يستفاض نداها
فشكراً لما أولت من نعمة بها
توليتُ مالاً من نداك وجاها
وجدتُ على دنياً أضاعت عوارفي
وما انتاش أبناء الزمان لقاها
ووجدي على هذا الزمان سفاهة ً
وعتبي على القوم اللئام سفاها
ولو كانت الأيام تعقل ما أتت
إذن لنهاها عقلها ونهاها
لها الحظّ من مثلي وجودي بمثلها
وحظّي منها هجرها وقلاها
إليك أبا محمود أشكو حوادثاً
كثيراً على الحرِّ الكريم أذاها
أمنّي بها النفس الأمانيَّ ضلّة ً
وتمنعني من عودها وجناها
وتلسعني فيها أفاع قوارعٌ
وما عرف الراقون كيف رقاها
أرى هذه الدنيا لمن ذلّ أصحتْ
ذلولاً ولو كان الأبيّ أباها
تسنّمها من كان من دون خفّها
وكنا نراه تحتها فعلاها
وما بحت بالشكوى وفيَّ بقية
من الصَّبر إلاّ وانتهت وتناهى
وعلمك بي يخبرك عنّي فما الذي
أقول بأحوالي وأنْتَ تراها
وما هيَ إلاّ مهجة شفها الصدى
إذا هي تستسقي نداك سقاها
وإلاّ تلافاني بلطفك لم تكد
بوادر حظي أن تروح تجاها
جزتك جوازي الخير من متفضِّلٍ
دعته الأماني فاستجاب دعاها
فأنت بعصر لا خلت منك أهله
خليق السجايا بالجميل خلاها
نَشَرْتَ به صُحْفَ المكارم والندى
ومن بعد ما قد لفّها وطواها

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أيُّها القبر لا بَرِحْتَ مَصُوباً
أيُّها القبر لا بَرِحْتَ مَصُوباً
رقم القصيدة : 22328
-----------------------------------
أيُّها القبر لا بَرِحْتَ مَصُوباً
من غزير الحيا بصيّب مزن
دفنوا في ثراك أكرم ميتٍ
خال ما بينه المنون وبيني
من أب كان بي رؤوفاً رحيماً
جزي الخيرَ والمثوبة عني
سوف أبكيه ما حييت وإن كا
ن بكائي عليه ليس بمغن
نال من ربَّه مقامأً كريماً
يتمنّى مكانه المتمنّي
قلت لما مضى وأرخته قد
نِلتَ عبد الوهاب جنّاتِ عدن

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يا إماماٍ في الدين والمذْهب الحـ
يا إماماٍ في الدين والمذْهب الحـ
رقم القصيدة : 22329
-----------------------------------
يا إماماٍ في الدين والمذْهب الحـ
ـق على علمك الأنام عيالُ
رضي الله عنك أوْضَحتَ للنا
س منار الهدى فباد الضلال
قد ملأت الدنيا بعلمك حتى
نلت بالعلم غاية ً لا تنال
كلّما قالت الأئمَّة قولاً
فإلى ماتقول أنتَ المآل
إنّما أنت قدوة الكلّ بالكلّ
وعنك التفصيل والإجمال
رحمة الله لم تزل تتوالى
ما توالى الغدوُّ والآصال
شملت حضرة ً مقدسة فيك
وقبراً عليك منك جلال
فبأبوابها تناخُ المطايا
وبأفنانها تُحَطّ الرِّحال
فاز من زارها ومنحلّ فيها
وعليه الخضوع والإذلال
يا مفيضاً من روحه نفخات
منك يستوهب الكمال كمال
سار بالشوق قاصداً من فروقٍ
وإليك المسير والانتقال
زورة تمحق الذنوب وفيها
للمنيبين منحة نوال
عن خلوص وعن ثبات اعتقاد
أوقفته ببابك الآمال
ودعاه إليك وهو بعيد
سفر عن بلاده وارتحال
لم تُعقْه فدافد وحزون
وقفار مهولة وجبال
فطوى في مسيرة الأرض طيّاً
حين وافى ومااعتراه ملال
إنْ يصادفْ منك القبول فقد
فاز وثمَّ الإسعاد والإقبال
لم يخبْ آملٌ بما يرتجيه
وله فيك عزَّة ٌ واتصال
أنت قطب في عالم العلم منه
تستمدّ الأقطاب والأبدال
بك في العالمين يرحمنا اللَّ
ـه وعنا تخفَّفُ الأثقال
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أيُّ جمع هذا وأيُّ اتّفاق
أيُّ جمع هذا وأيُّ اتّفاق
رقم القصيدة : 22330
-----------------------------------
أيُّ جمع هذا وأيُّ اتّفاق
وصحاب أماجدِ ورفاقِ
خالفوا داعي الشقاق وشقّوا
بالتئام منهم عصيَّ الشقاق
كل فرد منهم من الفضل كنز
ليس يخشى الإملاق في الإنفاق
أيّ ناد نادي الأجلّ شها
ب الدين بحر العلوم مفتي العراق
لو أفيضت علومه في البرايا
شمل العالمين بالأغراق
محرقٌ حجة الغياد ولا بدعَ
فإنَّ الشهاب للإحراق
كاشف الغمِّ إنْ توالت غموم
فارج الهمِّ عند ضيق الخناق
فإلى فضله تهادى المطايا
وإلى ربعه حنين النياق
فهو إذا ذاك ملجأ الناس طراً
وأجلّ الورى على الإطلاق
فتأمل فيما حوى اليوم ناديـ
ـه ففيه مكارم الأخلاق
جمعوا بين شدة البأس في
الجدّ وفي الهزل رقة العشاق
إنّما الساعة التي جمعتهم
جمعت لي محاسن الآفاق
فغدت مثل روضة باكرتها
غاديات بالوابل المهراق
فكأنَّ الحديث فيه مدام
حملتها إليَّ كفُّ الساقي
مجلس ما انطوى على غير أنسٍ
وخلا من تحاسد ونفاق
يا له مجلس بأحمد قد أشر
في الحسن غاية الإشراق
دَبَّ فيه السرور من كلِّ وجه
بأديب الزمان عبد الباقي
وتعالى إلى المعالي عليُّ
بالعوالي وبالسيوف الرقاق
وعلا قدره بقدر عليٍّ
وتسامى فكان في الفخر راقي
قلّد الناس أيدياً من نداه
فهي مثل الأطواق في الأعناق
كم شكرنا غداة يقتسم الوفد
نداه مقسّم الأزرق
أسْعد الله السعيد لديهم
كل عذب الكلام حلو المذاق
فأراعوا هذا الزمان بجمع
لا أريعوا من بعدها بالفراق

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> جَدِّدْ اللّذة حتى نتجدَّدْ
جَدِّدْ اللّذة حتى نتجدَّدْ
رقم القصيدة : 22331
-----------------------------------
جَدِّدْ اللّذة حتى نتجدَّدْ
واسقنيها في لجين الكأس عسجد
وخذ اليوم بها لذّتنا
وأعدِها يا نديمي لي في غد
لو رآه تائبٌ من ذنبه
كلُّ فرد منهم بالفضل مفرد
نظمت شملهم كأسُ الطلا
فهو كالعقد وكالدر المنضد
برز الروض بأبهى هيبة
فتهيا للسرور اليوم واعتد
ولقد جرّد من عمد الدجى
صارم الفجر عياناً فتجدد
وبقايا غلس أبصرتها
ما تبقّى من دخان العود والغد
نبّه الورقاء حتى نبّهت
للحيَّما أعيناً للشرب هجد
أطربتنا الورق في ألحانها
يا فدتها في الغواني أمُّ معبد
في رياض نضرات أنبتت
ورق الياقوت من قضب الزبرجد
ولكم عدنا إلى أمثالها
بعد حين فوجدنا العود أحمد
وشهدنا مشهد الأنس بها
وقعدنا للهوى كل مقعد
وقضينا عجباً من روضة
شرب الغصن فما للطير عربد
ومدير الكاس في أرجائها
قمر يبدو وغصن يتأود
إنَّ أشهى الراح ما تأخذه
من يدي ساق الخدّ أمرد
خلت ما في يده في خدّه
فسواءٌ بين ما في اليد والخد
بابليّ الطرف حلويّ اللمى
ليّن الجانب قاسي القلب جلمد
ألعسٌ مذ بردت ريقته
أورثتنا نار شوق تتوقد
فشربنا خدّه من يده
واقتطفنا منه غصن الآس والورد
واتخذناه وإن يأبَ التقى
صنماً لكنه للحسن يعبد
يبعث الوجد إلى كلّ حشا
لخليٍّ من هواه حيث لا وجد
قد تبدّى وهو مثل البدر لا رتد
جحدت أعينه سفك دمي
وعليه حدُّه في الوجه يشهد
لست أدري أيّما أمضى شباً
في فؤادي ذلك الطرف أم القد
إنَّ هاروت وماروت لقد
أخذا عنه حديث السحر مسند
ليّن الأعطاف حتّى إنّه
كاد من شدة ذاك اللين يعقد
يا له من مطرب يعجبني
غزلي فيه ومدحي لمحمد
ذي يدٍ طولى فشكراً ليد
من عريق في المعالي الغر ذي يد
ضمَّ برداه تقيّاً ماجداً
وجد التقوى مزاداً فتزود
قد نظرنا جِدَّه أو جَدَّه
فنظرنا بالعلى ما يصنع الجد
يقتفي آثار آباءٍ له
أثر المجد اقتفى عنهم وقلّد
وعلى ما عوَّدت آباؤه
عوَّدته من قديم فتعوَّد
ولكم حلَّ بهم من مشكل
وهم إذا ذاك أهل الحل والعقد
رفعت آثاره أعلامهم
فبنى بي معاليهم وشيّد
ماجدٌ يعلو على أقرانه
وقد احتلّ رعان العز والمجد
ليس يخفى فهمه أو علمه
قصدتْ وفّاده إحسانه
قلَّ من يرجى لإحسان ويقصد
غير بدع إن تحرَّينا له
مكرمات من كريم الأب والجد
علماءٌ عملوا في عِلْمهم
مهَّدوا الدين من المهد إلى اللحد
لاح للعالم مثل العلم الفرد
فإذا أفسد حالاً زمنٌ
أصلحت ما أقصد الدهر وأفسد
وأمدَّتني يداه بالندى
وكذاك البحر يوم الجزر والمد
إذ حللنا نادياً حلّ به
لم نحل إلا بغاب الأسَد الورد
وإلى ناديه في يوم الندى
أدبٌ يجبى ومال يتبدد
عارض من فضله ممطرنا
لا كما العارض إنْ أبرقَ أرعد
لا أزال الله عن أبصارنا
طالعاً منه يزيل النحس بالسعد
فلك الأيدي على طول المدى
أبداً بيضٌ بجنح الخطب أسود
فتولَّ من ثنائي مدحة ً
أيُّها المولى فقد لاذ بك العبد
قد مضى صياماً وتقى ً
فابقَ واسلم دائم العزّ مخلد
وکهنا بالعيد فقد عاد بما
تشهيه أنت من عزٍّ وسؤدد
لستُ أدري أؤهَنيكَ به
أمْ أُهني بك في إكرامك الوفد
وجزاك الله عني خير ما
جُوزيَ المنعِمُ بالشكران والحمد

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> في رحمة الله مضى وانقضى
في رحمة الله مضى وانقضى
رقم القصيدة : 22332
-----------------------------------
في رحمة الله مضى وانقضى
قَرْمٌ له بين الورى شانُ
قد كان طود المجد حتّى هوت
له برغم المجد أركان
مات شهيداً فإلى روحه
من ربه عفوٌ وغفران
وكم مضت قومٌ لهم صَولة ٌ
حتى كأنَّ القومَ ما كانوا
مات ابن غنّام فأرخته
في الخلد قد راح سليمان
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أعد اللَّهو فإنَّ اللّهوَ أحْمَدْ
أعد اللَّهو فإنَّ اللّهوَ أحْمَدْ
رقم القصيدة : 22333
-----------------------------------
أعد اللَّهو فإنَّ اللّهوَ أحْمَدْ
وأدِرْها في لُجَين الكأس عَسْجَد
واسقنيها قهوة عاديّة ً
أخبرت عمّا مضى في ذلك العهد
لو رأى كسرى سنا أنوارها
ظنّها النار التي في الفرس تعبد
لبست من حبب المزج لها
تاج إسكندر ذي القرنين والسد
فاسقني اليوم أفاويق الطلا
وأعدها يا نديمي لي في غد
قَدُمت لكننا في شربها
كل يوم سرور يتجدد
في رياض لعبت فيها الصبا
وأذاعت سرّ نشر الشيح والرند
أخذت زخرفها من بعد ما
حاكت المزن لها أثواب خرّد
نثر الطلّ عليها لؤلؤاً
أدمُعاً سالت من العين على الخد
فانثنت أغصانها مائسة ً
طرب النشوان راحت تتأوّد
فعلام الطير في الأفنان عربد
زمن الورد وما يُعجبنُي
زمنٌ لِلَّهو إلاّ زمنُ الورد
تنقضي أيامه محمودة ً
في أمان الله من حرٍّ ومن برد
فاغتنمها فرصة ما أمكنت
قبل أن تذهب يا صاح وتفقد
بين شاد تطرب النفس به
يتغنى ومليح يتأوّد
ما ألذّ الراح يسقاها امرؤ
من يديْ ساقٍ نقيّ الخد أمرد
بخجلُ الأقمار حسناً وجهه
وغصون البان ليناً ذلك القد
فالعوالي والغوالي إنّما انتسـ
ـبَتْ منه انتساب القدّ والند
أرأيت السّحر فيما زعموا
إنَّه راح إلى عينيه يسند
أنزلت للحسن آيات به
آمن العاشق فيهن وما ارتد
ما رمى قلبي إلاّ عامداً
قاتلٌ لي ولقتلي يتعمّد
يأخذ الأرواحَ من أربابها
لعباً منه فما قولك إن جد
سمح المهجة لا ممتنع
عن محبٍ خضل الطرف مسهَّد
لا يشوب الوصل بالصدّ ويا
ربَّ إلفٍ لا يشوب الوصل بالصد
بأبي الأغيد لا بمزجها
من لماء بسوى العذب المبرد
وبأحشائي من الوجد إلى
بارد الريقة نار تتوقد
حبذا العيش بمن قد تصطفي
لا النوى بادٍ ولا الشمل مبدّد
تحت ظِلَّي مالِكَي رقّي وما
غير محمود ولا غير محمد
النجيبين اللَّذين انتدبا
بجميل الصنع والذكر المخلد
والمجيدين وكلَّ منهما
طيب العنصر زاكي الأصل والجد
والكريمين وما صوبُ الحيا
إن يكنْ أبرقَ بالجود وأرعد
والرفيقين كأنّي بهما
بلغا الغاية من مجد وسؤدد
إنْ أفاخر بهما غيرهما
فلقد أفخرُ بالحرِّ على الوغد
خلقاً للفضل وارتاحا له
لا كمن عُوِّد قسْراً فتعوّد
إنّ هذين هما ما برحا
للمعالي بمحل الكف والزند
فتأمّلْ بهما أيّهما الذا
بل الخطيُّ والسيف المنهد
إنْ يكونا قلّداني نعمة ً
أنا فيها فنعمّا أتقلّد
وصلا حبلي وشادا مفخري
ولمثلي فيهما الفخر المشيّد
هكذا فلتكُ أبناء العلى
تقتفي الأبناءُ إثر الأب والجد
إنّما الشبل من الليث وما
يلدُ الأصيدُ يوماً غير أصيد
من أبٍ يفتخر المجد به
إنْ رمى أصمى وإن ساعد أسعد
هو بحرٌ ما له من ساحل
وحسامٌ لم نقف منه على حد
وهزبر باسل برثنه الأسمرُ
العسّال والعَضْبُ المجرّد
هو مولاَي إذا استعطفْتُه
عطف المولى من البر على العبد
مالكٌ حكّمني في ماله
فلي الأخذ خياراً ولي الرد
وحباني نعماً أشكرها
فله الشكر عليها وله الحمد
لا أبالي إنْ لي جنَّة ً
بزمان كان لي الخصم الألندد
طاول الأيدي فطالت يده
ما على أيدي للعالم من يد
حفظَ الحافظُ نجليه ولا
برحا في أطيب العيش وأرغد
لم يلد مثل أبيهم والدٌ
لم يلد قبل ولا من بعد يولد
نصروا المجد وكانوا حزبه
فهم الأنصار والحزب المؤيّد
فلقد طابوا وطابت خيمهم
طيّبو الأعراق من قبل ومن بعد
نبتوا فيها نباتاً حسناً
وغذاهم بلبان العز والمجد
وإذا امعنتَ فيهم نظراً
لم تجد إلاّ شهاباً ثاقب الزند
كلّما زاد وقاراً زدته
مِدَحاً تُتلى مدى الدهر وتنشد
وعذارٍ مذ بدا أرخته
لاح كالمسك عذار لمحمد

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أرى في لفظِ هذا الشَّهم معنى ً
أرى في لفظِ هذا الشَّهم معنى ً
رقم القصيدة : 22334
-----------------------------------
أرى في لفظِ هذا الشَّهم معنى ً
ينبّىء عَن مدى عِلْمٍ عظيم
ومهما زدته نظراً بفكري
رأيت نهاه قسطاس العلوم

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أيُّ نار بها الجوانحُ تصلى
أيُّ نار بها الجوانحُ تصلى
رقم القصيدة : 22335
-----------------------------------
أيُّ نار بها الجوانحُ تصلى
وجفونٍ تصوب بالدَّمع وبلا
كلّما لاح بارق هاج وجد
وجرى مدمعٌ له واستهلاّ
مغرم لا يعي الملامة في الحـ
بّ ولا يرعوي فيقبل عذلا
ما يف يد المشوق يا سعدُ أمسى
مُكثِراً من بكائه أو مقلاً
صرعته العيون نجلاً وهل تصـ
ـرع إلاّ عيونها الغيد نجلا
وسقته كأس الغرام وما كا
ن ليشفي الغرام علاً ونهلا
ما يعاني من الصبابة صَبُّ
كان قبل الهوى عزيزاً فذلاّ
قد أذلّ الغرامُ كلَّ عزيز
والهوى يترك الأعزَّ الأذلا
وبنفسي مهفهف العطف أحوى
حرّم الله من دمي ما استحلا
قل لأحبابنا وهل يجمع الدهـ
ـر على بعدهم من الدار شملا
ما تسلّيت في سواكم ومن لي
بفؤاد في غيركم يتسلّى
فرّق الدهر بيننا بالتنائي
وقضى بالنوى وما كان عدلا
عَلِّلونا منكم ولو بخيالٍ
يهتدي طيفه فيطرق ليلاّ
فعسى المهجة التي أظمَأتْها
زفرة ُ الوجد بعدكم أن تُبَلا
إنّ وُرْقاً ناحت على الغصن شجواً
أنا منها بذلك النّوح أولى
وشجتنا بنوحها حين ناحت
فكأنّ الوَرقاء إذ ذاك ثكلى
ذكّرتني وربما هيَّجَ الذِكرُ
زماناً مضى وعصراً تولّى
وهو مربع لظلمياءَ أقوى
تسحب المزن في مغانيه ذيلا
فسقى ملعبَ الغزال وميضٌ
من هطول يسقي رذاذاً وهطلا
أفأشفي الجوى بآرام رَبْعٍ
صحَّ فيه نسيمه واعتلاّ
رُبَّ طيف من آل ميٍ طروق
زار همأ فقلت أهلاً وسهلا
نوَّلتني الأحلامُ منه الأماني
وانقضى عهده وما نلت نيلا
إذ تصدى لمغرم مات صدّاً
وتولى حرّ الغرام وولّى
زائراً كالسراب لاح لصادٍ
قبل أن يذهب الظماء اضمحلا
والليالي تريك كل عجيب
وتزيد الخطوب بالشهم عقلا
وإذا ما محت أعاجيب شكل
أثْبَتَت من عجائب الدهر شكلا
قد أكلت الزمان حلواً ومرّاً
وشربت الأيام خمراً وخلاّ
وأبَتْ لي أبوَّتي أنْ أداري
معشراً عن مدارك الفضل غفلا
لا أداري ولا أماري ولا أشـ
ـهدُ زوراً ولا أبدّلُ نقلا
قد كفاني ربي استماحة قوم
أشربوا في الصدور غِلاً وبخلا
بأبي القاسم الذي في النا
س نجاراً وطابَ فرعاً وأصلا
وإذا عدَّدتْ بنيها المعالي
كان أعلى بني المعالي محلاّ
فخر آل الزهير والجبل الباذخ
أضحى على الجبال مُطلا
ظلَّ من يستظّل منه بظلٍّ
لا عدمناه في الأماجد ظِلاً
أيّ ناد ولم يكن لك فيه
يجتدي سائل ويبلغ سؤلا
بأبي وافر العطايا إذا ما
أكثرَ النَّيل بالعطاء استقلا
وعيال ذوو العقول عليه
في أمور تدقّ فهماً وعقلا
عصمة للأفكار من خطأ الرأ
ي وهادٍ للفكر من أن يضلاّ
نوَّر الله منك قلباً ذكيّاً
ظلم الشكّ فيه لا شك تجلى
غادر المح لفي أياديه خصباً
في زمان يغادر الخصب محلا
كم أيادٍ تلك الأيادي أفاضت
وأسالت من وابل الجود سيلا
سابق من يجيء بالفضل بعداً
لاحقٌ بالجميل من كان قبلا
شهد الله والأنام جميعاً
أنَّه الصارم الذي لن يُفلاّ
إنْ تُجرِّده كاشفاً لِمُلِمٍّ
فكما جردت يمينك نصلا
وعلى ما يلوح لي منه مرآى ً
قَرَأ المجدُ سَطْرَه واستملاّ
يا حُساماً هززته مشرفياً
صَقَلَتْه قَيْنَ المروءة صقلا
من جليلٍ أعزّك الله في العا
لم قدراً سما فعزّ وجلاّ
أيّ ناد ولم يكن فيه
آية ٌ من جميل ذكرك تتلى
قد حكيت الشمّ الرواسي وقاراً
وثباتاً في الحادثات ونبلا
لبس الشعر من مديحك حِلْياً
ولا أراه بغيره يتحلّى
وبنات الأفكار لم ترض إلاّ
كفؤها من أكارم الناس بعلا
أيّها المنعم المؤمَّل للفضل
حباك الإلsه ما دمت فضلا
ألبستني نعمالك من قبل هذا
من مفاخر ليس تبلى
كل يوم تراك عيناي عيدٌ
عند مثلي ولا أرى لك مثلا
فإذا قلتُ في ثنائك قولاً
قيل لي أنت أصدق الناس قولا
فبما نعمة ٍ عليَّ وفضلٍ
أثقَلَتني أيديك بالشكر حملا
لا يزال العيد الذي أنت فيه
عائداً بالسرور حَوْلاً فَحَولا
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أعلمتَ أيَّ معالمٍ ومعاهدِ
أعلمتَ أيَّ معالمٍ ومعاهدِ
رقم القصيدة : 22336
-----------------------------------
أعلمتَ أيَّ معالمٍ ومعاهدِ
تذري عليها الدَّمع عبرة واجد
وقَفَ المشوق بها فشقَّ فؤاده
وأهاج ناراً ما لها من خامد
ولذلك الرّكب المناخ بها جوى ً
لا يستقر بها فؤاد الفاقد
من ناشد لي في المنازل مهجة
لو كان يجديها نشيد الناشد
وتردُّدُ الزفرات بين جوانحي
مما يصُوب بمدمعي المتصاعد
أضناني الشوق المبّرح في الحشا
حتَّى خفيت من الضنى عن عابدي
ظعن الألى فتسابقت أظعانهم
تجتاب بين دكادكٍ وفدافد
قل للطعنين من الهوى بقوامهم
ماذا لقيت من القوام المائد
إنّي لأذكرهم على حَرِّ الظما
قد كدتُ أشرقُ بالزلازل البارد
منعوا طروق الطيف في سنة الكرى
هيهات يطرق ساهراً من راقد
بانوا فشيَّعهم فؤادٌ وامقٌ
وَرَجَعْتُ عنهم باصطبار بائد
جاهدت فيهم لوم كلّ مفند
لو أنّ لي في الحبّ أجرَ مجاهد
مه يا عذول فقد أطلت مقصراً
في واجد تلحوه لا متواجد
يا دار حياك الغمام بصيّب
ينهلُّ بين بوارق ورواعد
وسقى زمان اللهو فيك فإنَّه
زمنٌ مضى طرباً وليس بعائد
زمن لهوت به بكل خريدة
لعِبَتْ محاسنها بلبّ العابد
دارت عليَّ الكأس في غسق الدجى
فشربتها ذهباً بماء جامد
وجرَيْت طلقاً في ميادين الهوى
لمصارع من غنية ومصائد
ولقد صحوت من الشباب وسكره
ونظرت للدنيا بعَيْنَيْ زاهد
من راح تغريه مطالع نفسه
فيما يشان به فليس براشد
إنْ كادني الطمع المبيد بكيده
فلينظرنّ مخادعي ومكايدي
وإذا قسا الخطب الملمُّ فلا تلم
حاربْ زمانك ما استطعت وجالد
أعرضتُ عن بغداد إعراض امرىء ٍ
يرتاد ما يرضي مراد الرائد
من بعد ما غال الحمام أحبَّتي
ولوى يدي بالنائبات وساعدي
حتى رأيت الخير يخصب ربعه
بأبي الخصيب ووجه عبد الواحد
بأجّل من أفرادته بفرائدي
وأجلّ من قلَّدته بقلائدي
وجهٌ عليه من الجمال أسرَّة ٌ
تبدو فتنبي عن جميل عوائد
في صبح ذاك الوجه سعد المشتري
وشهاب ذاك الوجه حدس عطارد
ابن المبارك لاسمه وسماته
ومبارك في الناس أكرم والد
سوق الأفاضل للفضائل كلها
في سوقه إنفاق شعر الكاسد
تفني أياديه الحطام تكرُّماً
فيفوز يومئذٍ بذكر خالد
تنهلُّ راحته بصيّبِ جُودِه
عذب المراد منهلٌ للوارد
لم تبق راحته وجود يمينه
من طارقٍ للمكرمات وتالد
لا زال في نعمائه وولائه
فرح الودود ورغم أنف الحاسد
لا تنكر الحسّاد من معروفه
شيءاً وليس لفضله من جاحد
وأغرَّ قد خفض الجناح لآمل
بَرٍّ رفعتُ إليه غُرَّ قصائدي
ومن السعادة أن أجيء بسابق
من برّه أسعى إليه وقائد
فأفوز منه بطلعة تجلو الدجى
وتضيء بالحسب الصميم الماجد
ولكم زردت موارداً من سيله
فحمدت فيه مصادري ومواردي
فإذا اعترفت من الكرام بفضله
جاءَت مكارمه بألفي شاهد
شهد الرجال بفضله وبرأيه
بموطن شتّى مضت ومشاهد
يمضي معاديه ويخطو هابطاً
وترى مواليه بفخر صاعد
يا مَن يُغَرّ لجهله في حلمه
إيّاك من وثباتِ ليثٍ لابد
نقد الرجال رفيعهم ووضيعهم
والزيف يظهر عند نقد الناقد
بعدت عن الفحشاء خلائق
بعد الصلاح من الزمان الفاسد
يوم النوال تراه أوَّلِ منعمٍ
ولدى الصلاة تره أولَ ساجد
لو لامست صمَّ الجلامد كفُّه
لتفجَّرَت بالماء صمُّ جلامد
أطلقتُ ألسِنَة الثناءِ عليه في
شعر يقيِّدُ في علاه شواردي
قامت بخدمته السعادة عن رضى ً
كم قائمٍ يسعى بخدمة قاعد
وفدت عليك مع الخلوص قصيدة
ولأنت أوَّل مكرم للوافد
لا غَرْوَ إنْ قَصَدَتْكَ ترغَب بالغِنى
أرأيت غيرك مقصداً للقاصد
فاقبل من الداعي إليك ما قدّمته
لا زلت ترفع بالفخار قواعدي

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> من أبي الهدى لاح فينا مظهرْ
من أبي الهدى لاح فينا مظهرْ
رقم القصيدة : 22337
-----------------------------------
من أبي الهدى لاح فينا مظهرْ
فَتَجلّى لنا بنورٍ أزهرْ
هو كالبحر إنْ تَرِدْه تراه
معدن الدرّ بل مقرّ الجوهر
عدم الفضل من تباعد عنه
ذاك في الغيّ قد أبى واستكبر

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> زَواجُ ابن ياسين زواجٌ مبارَكٌ
زَواجُ ابن ياسين زواجٌ مبارَكٌ
رقم القصيدة : 22338
-----------------------------------
زَواجُ ابن ياسين زواجٌ مبارَكٌ
يقرُّ به عيناً ويهنا ويسعد
بِهِ الخير مجلوب إليه جميعه
وفيه التهاني كلّها تتولد
تسرُّ به من آل ياسين عصبة ٌ
لهم شرف في الأكرمين وسؤدد
من القوم لم يصنع سواهم صنيعهم
بل البر بل سادوا به وتفرّدوا
وقد ورثوها عن أبيهم مكارماً
وها هي في أبنائهم تتجدَّد
ولم يبرحوا أبناء ياسين في الندى
مناهل جود كالمناهل تورد
هما ما هما في المكرمات كلاهما
محمد في النجب الكرام وأحمد
تعدُّ كرامٌ الناس في بلديهما
فعدّا ولم تعقد وراءهما يد
بقيت بقاء النيرين محمد
بناعم خفض العيش لا تتنكد
وفي البشر والأرواح قولي مؤرخَاً
تزوجت فابقى في الهنا يا محمد
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> طهِّر فؤادك بالرّاحات تطهيرا
طهِّر فؤادك بالرّاحات تطهيرا
رقم القصيدة : 22339
-----------------------------------
طهِّر فؤادك بالرّاحات تطهيرا
ودُم على نَهبِكَ اللَّذاتِ مَسرورا
بادر إلى أخذ صفو العيش مبتهجاً
فما أوَدُّ لوقت الأنس تأخيرا
فالوقت راق وقد راقت مَسَرَّتُه
واليومَ أصبَحَ طيَّ الزهر منشورا
أما ترى الوُرْقَ بالأوراق صادحة
كأنّها ضربتت بالروح صنطيرا
والبرق مثل انقضاض الصقر وامضه
تخاله من غراب الليل مذعورا
يبدو فتحسبه في جنح داجية ٍ
بكف حام حساماً لاح مشهورا
وربَّ ليلة ِ أنسٍ بتُّ أسهَرَها
مستَّراً بظلام الليل تستبرا
غصبت فيها الهنا من كأس غانية
فطاعني الدهر مغصوباً ومجبوراً
مزجت بالريق صرفاً من معتقة
وبتُّ ملتثماً وجنات ذي حور
وبات يلثم ليث الغيل يعفورا
فالواشي يعذلني والوجد يعذرني
والصَّبُّ غزال معذولاً ومعذورا
وعنبَر الليل ما ولَّت عساكره
حتى رأى من جيوش الصبح كافورا
لله أحوى إذا صالت لواحظه
أمسى بصارمها المشتاق منذورا
إذا تجلّى بأنوار الجبن على
عشّاقه دك من أحشائهم طورا
كأنَّ صورته للعين إذ جُلِيَتْ
من فضة ِ قُدِّرت بالحسن تقديرا
قد خطَّ في خده لامُ العذار به
مِسكاً فأصبَحَ تخطيطاً وتحريرا
يا أيها الرشأ المغري بناظره
قد عاد هاروت من جفنيك مسحورا
لقد نصرت على كسر القلوب به
مالي أرى طرفك المنصور مكسورا
عهدي وعهدك لا زال اختلافهما
كانا كحظّي منسياً ومذكورا
صفا لي العيش مخضراً جوانبه
فما وَجدْتُ بحمد الله تكديرا
لم لا أسرُ بأيام الهنا وأنا
إنْ سرَّ محمود يوماً كنت مسرورا
هو المشار إذا أمَّت حوادثها
فهماً وعلماً وأخلاقاً وتدبيرا
بالسعي لا بالمنى والعجز أدركها
هذا الإمام شهاب الدين ثاقبه
أزال في نور صبح الحق ديجورا
كم ملحدٍ هو بالبرهان أفحمه
من ينصر الله يوماً كان منصورا
إنَّ الشريعة باهت منه في بطل
حامي حماها وباني حولها سورا
لو لامست حجر الصمّاء راحته
تفجَّرت بزلال الماء تفجيرا
سعى إلى المجد في سيفٍ وفي قلم
وعانق البيض حتى عانق الحورا
لو صُوِّر المجد تصويراً على رجل
ما كان إلاّك أوصافاً وتصويرا
وكم نَثْرَت على الأسماع درّ فمٍ
فكان ذيالك المنثور منثورا
فأنْتَ أدْرَكُ من فيها غوامضها
وأنْتَ أفصَحُ أهل العلم تقريرا
حجَّت لبيتك أهلُ العلم أجمعُهُم
فكان حجّهمُ إذ ذاك مبرورا
لقد زهت بك دار العلم حيث غدت
غمرتنا بأياديك التي سلفت
لا زالت في نعماء الله مغمورا
أرى اجنماع الغنى لي والكمال إذا
رأيتني منك ملحوظاً ومنظورا
وإنْ أنخت لدى علياك راحلتي
كنت الأمير وكان الدهر مأمورا
ليهنك اليوم أبناءٌ لهم نسب
أضحى على جبهة الأيام مسطورا
إنّ الرواة التي تروي مناقبهم
عنهم روتْ خبراً بالمجد مأثورا
اليوم إنْ كنتَ مولانا مطهِّرهم
فالله طهَّرهم من قبلُ تطهيرا

شعراء الجزيرة العربية >> نايف الجهني >> أغانٍ خضراء
أغانٍ خضراء
رقم القصيدة : 2234
-----------------------------------
(1)
هل تترك الصحراء
ماء حدودها يروي جباه التائهين,
أم إنها
إن ذاب ذاك الغصن في أكوابها
جاءت تردد أغنيات المتعبين
لا لن تحينْ
في الرمل أغنية البكاءِ...
وصمتها... ينثال في إغفاءة المطرِ...
المسافر كل حينْ
يا أرضنا الأولى
ويا نبضاتها اللائي توارثْن القصائد
في الصدى.. أين الوجوه?
تصاعدت فيها حكايات السنين
وتجعّدت أحلامها فينا كليل باغتوا
فيه اشتعالات الموائد
واختفى فيهم يردد أغنيات المتعبين!
(2)
هل أنت حين يلامس
النخل ارتعاشات النهار
هل أنت.. حين يهب في الأحداق
فجر للغبار
تستوطن الوجع المعبأ في بنادقنا
وتنهض للحصار?
قل للأيادي إنها
في (الجيب) لن تبقى ولن
يجتثها لحماسنا.. صوت انفجار
(3)
إن هيأوا للأرض باب
وتنفسوا تحت التراب
حملوا السيوف على مواجعهم
وعادوا بالغياب
سيحاصرون بصمتهم
ويحمّلون إلى الذهاب

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> لآلِ المصطفى عِلْمُ وجودٌ
لآلِ المصطفى عِلْمُ وجودٌ
رقم القصيدة : 22340
-----------------------------------
لآلِ المصطفى عِلْمُ وجودٌ
يحوزهما مجيدٌ أو نجيبٌ
وفي هذا الزمان من البرايا
لمحمودَين ساقَهما النصيب
تورَّث علمهم قمرُ الفتاوى
وشمسٌ ما لها أبداً مغيب
وحازَ فخارهم وكذا علاهم
وجودهم تورَّثه النقيب

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هذه يا صاحِ أوقاتُ الهنا
هذه يا صاحِ أوقاتُ الهنا
رقم القصيدة : 22341
-----------------------------------
هذه يا صاحِ أوقاتُ الهنا
وبلوغ النفس أقصى الأمَلِ
جمعتْ من كلِّ شيءٍ أحسنا
لذة ً في غيرها لم تكملِ
فخذا من عيشنا صَفْوَتَهُ
بكؤوسِ الراح والساقي مليح
بين روضٍ آخذٍ زينَته
ولسانِ البَمِّ والزير فصيحْ
ضَرَّجَ الوَردُ بها وجنَتَه
والشقيقُ الغض إذ ذاك جرِيحْ
تحسبُ النرجسَ فيها أعينا
شاخصات نحونا بالمقلِ
مال غصنُ البان تيهاً وانثى
في هواها ميلان الثملِ
مربعٌ للَّهو منذُ انتظما
أطربَ الأنفسَ في روح وراح
ما بكاه القطر إلاّ ابتسما
لبكاهُ بثغور من أقاحْ
وَشَدَتْ في الدَّوح وَرقاء الحمى
ما على الوَرقاء في الشدو جَناحْ
مغرومٌ ليس له عنه غنى
حبين يملي رجزاً في زجل
وَلَقد أصغى إليها أذناً
فشَجَتْ قلبَ الخلي دُونَ المَلي
زادَنا لحن الأغاني طَرَباً
خبراً يطربنا عنْ وترِ
والأماني بَلغَتْنا أرَباً
فَقَضَيْناها إذَنْ بالوطرِ
ونَظَرنا فقَضَيْنا عجباً
تطلع الشمس بكف القمرِ
في ليالٍ أظْفَرتنا بالمنى
وكؤوسِ الراح فيها تنجلي
تُذْهِب الهمَّ وتنفي الحزنا
بنشاطٍ مُطْلَقٍ من كَسَلِ
بحياة الطاس والكاس عليكْ
نزِّه المجلس من كلِّ ثقيلْ
وتحكّم إنَّما الأمرُ إليك
ولك الحكمُ ومن هذا القبيل
كيف لا والكأس تسقى من يديك
ما على المحسن فيها من سبيلْ
ولك الله حفيظاً ولنا
حيثما كنت وما شئتَ افعلِ
وکجرِ حكمَ الحبّ فينا وبنا
أنت مرضيٌّ وإنْ لم تعدل
حبذا مجلِسُنا من مجلسِ
جامعٌ كلَّ غريبٍ وعجيب
نغمُ العودِ وشعرُ الأخرس
ومحبٌ مستهام وحبيب
يتعاطون حياة َ الأنفسِ
في بديع اللفظ والمعنى الغريبْ
بابليّ السحر معسول الجنى
أين هذا مشتيارِ العسلِ
وإذا مرَّ نسيمٌ بيننا
قلتُ هذا ويحكم من غَزَلي
آهُ ممَّن ساءَني في نُسْكِهِ
ويراني حاملاً عبءَ الذُّنوبْ
قد عرفنا زيفه في سكبه
فإذا كلُّ مزاياه عيوبْ
قال لي تبتُ وذا إفكه
أنا لا والله لا أرضي أتوب
عن مليحٍ صَرَّحَتْ عنه الكنى
توبة في حبْه لم تُقْبَلِ
وإذا ساءَ غيورٌ أحسنا
بحميّا رشفاتِ القبل
أتركِ المغبقَ والمصطحبا
زَمَنَ الوردِ وأيَّامَ الرَّبيعْ
بعد أنْ أغدو بها منشرحاً
فلقد جئت لعمري بشنيعْ
فأدِرْها وانتَهب لي زمناً
بحلولِ الشمسِ برج الحمل
وأرخني إنّما ألقى العنا
من خليلٍ مغرم بالعذلِ
أجتلي الكاسات تهوي أنجما
ولها فينا طلوعٌ ومغيبْ
وأرى أوقاتها مغتنماً
وإليها رحتُ ألهو وأطيبْ
لم أُضِعْها فرصة ً لاسيما
في ختانِ الغُرِّ أبناءِ النقيبْ
علويّ الأصل علويّ الثنا
سيّد السادات مولانا علي
الرفيعُ القدرِ والعالي البنا
مستهلّ الوبل عذب المنهلِ
ابنُ بازِ الله عبد القادر
علم الشرق وسلطان الرّجالْ
لم يزالوا طاهراً من طاهرِ
فهمُ الطهرُ على أحسن حال
وهمُ في كلّ وقت حاضرِ
في جمالٍ مستفاضٍ وجلال
يلْحظونَ السَّعد يَغْشُون السَّنا
يلبسون الفخر أسنى الحلل
لهم التشبيهُ في هذي الدُّنا
ملَّة ُ الإسلام بينَ المللِ
لأُويقاتِ زمانٍ الاعتدالْ
قَدْ تَحَرَّيْتُم وما أحراكُمُ
لختان النُّجبِ البيضِ الفعال
الميامين وما أدراكمُ
فَلَقَد أرَّخه العَبدُ فقال
آل بيت المصطفى بشراكم
بختانٍ في سرورٍ وهنا
دائمٍ بالوصلِ لَمْ يَنْفَصل
وبحمدِ الله قَد نلنا المنى
وظفرنا منكم بالأملِ
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> متى أرى هذه الأيام مسعفة ً
متى أرى هذه الأيام مسعفة ً
رقم القصيدة : 22342
-----------------------------------
متى أرى هذه الأيام مسعفة ً
والدَّهْرُ يُنجزُ وَعداً غَيرَ مَوعُودِ
والنفس تقضي بمطلوبٍ لها وطراً
ينوب عن كل مفقودٍ بموجود
ألقى خطوب الليالي وهي عابسة ٌ
كما تَصادَمَ جلمودٌ بجلمود
فما أطعتُ الهوى فيما يرادُ به
ولا تطرَّيتُ بين الناي والعود
ولا ركنتُ إلى صهباءَ صافية ً
قديمة ِ العصرِ من عصرِ العناقيد
إنّي لأنزعُ مشتاقاً إلى وطني
والنوق تنزع بي شوقاً إلى البيد
وطالما قَذَفَتْ بي في مفاوزها
أخْفافُ تلك المطايا الضُمَّر القود
لئِنْ ظفرْتُ بمحمودٍ وإخوته
ظفرت من هذه الدنيا بمقصودي
بِيضُ الوُجوه كأمثال البدور سَناً
يطلعن في أفقِ تعظيمٍ وتمجيد
تروي شمائلهم ما كانَ والدهم
يرويه من كرمِ الأخلاق والجود
فياله والدٌ عزَّ النظير له
وجاءَ منه لعمري خير مولود
من طيّب طاب في الأنجاب محتده
كما يطيبُ عبيرُ الند والعود
إذا ذكرتُ أياديه التي سَلَفَتْ
جاذبتُ بالمدح أطراف الأناشيد
قلَّدتُ جيد القوافي في مدايحه
ما لا يُقَلَّدُ جيدُ الخرَّدِ الغيد
يغرِّد الطرب النشوان حينئذٍ
فيها بأحسن تغريد وترديد
أبو الخصيب خصيب في مكارمه
ومنزل السعد لا يشقى بمعود
لا تصدر الناس إلاّ عنه في جدة
ونائل من ندى كفيه موردود
يزيدني شكره فضلاً ومكرمة
كأنَّني قلتُ يا نعماءَه زيدي
يرجو المؤمّل فيه ما يؤمّله
ليس الدُّعاءُ له يوماً بمردود
تجري محبَّته في قلبِ عارفه
لفضله مثل مجرى الماء في العود
فكلّما سرت مشتاقاً لزورته
وجدْتُ مسرايَ محموداً لمحمود
وإن أتَتْه القوافي الغُرّ أتْحفَهَا
بشاهدٍ من معاليه ومشهود
تلك المكارم تروى عن أبٍ فأبٍ
من الأكارم عن آبائه الصيد
لله درّك ما أنداك من رجل
بيضٌ أياديك في أيامنا السود
ليهنك العيدُ إذا وافاك مبتهجاً
بطلعة ً منك زانَتْ بهجة العيد

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> قَدِمْتَ بالبشْرِ وبالبَشائِر
قَدِمْتَ بالبشْرِ وبالبَشائِر
رقم القصيدة : 22343
-----------------------------------
قَدِمْتَ بالبشْرِ وبالبَشائِر
وزرتنا فحبَّذا من زائرِ
وجئت بالخير علينا مقبلاً
لكلّ باد ولكل حاضر
فكنتَ كالمزن همت بماطر
وكنتَ كالروض زها لناظر
لو نظرَ الناظرُ ما صنعته
نمَّقه بدفتر المفاخر
أنضيتَ للعمران فُلْكَ همّة ٍ
فَعَمَّرتْ كلَّ مكان داثر
وهذه العمارة ُ اليوم لكم
معمورة ٌ الأكتاف بالعشائر
نَظَّمت بالتدبير منك شملها
بناظمٍ للعدل غير ناثر
وإنما دانت لحكم عادلٍ
ولم يدن ممتنع لجائر
أمَّنتها من شر ما ينوبها
بالناس في أمن وخير وافر
ولم تَخُنْ عهدَ امرىء ٍ عاهدته
حوشيتَ من عهد الخؤون الغادر
جبرتَ بالإنصاف كسراً ماله
غيرك فيما بينهم من جابر
عَفَوْتَ عن كبارهم تكرُّماً
وهذه من شيمَ الأكابر
وقمت في الحكم مقام نامقٍ
وأنت أهدى لذوي البصائر
فتارة ً تزجر في مواعظٍ
وتارة ً تطعن بالزواجر
إذا هَزَزْتَ بالبنان قلماً
أغناك عن هزِّ الحسام الباتر
هذا وأنتَ واحدٌ منفردٌ
تغني عن الألفِ من العساكر
يريك رأيّ بشهاب فطنة
بواطن الأشياء كالظواهر
ملكت باللُّطفِ رقاب عصبة ٍ
أمْنَع من لَيثٍ هصُور خادر
فكم لكم حينئذ من حامد
وكم لكم يومئذٍ من شاكر
عمَّرتموها فغدت عمارة ً
كما أردتم لمراد الخاطر
فقلْ لمن يسأل عن تاريخها
قد عمِّرت أيامَ عبد القادر

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> نقيبُ السادة الأشرافِ زانت
نقيبُ السادة الأشرافِ زانت
رقم القصيدة : 22344
-----------------------------------
نقيبُ السادة الأشرافِ زانت
بطَلْعَتِه المنازلُ والقصورُ
بنى مقصورة ً شَرُفَتْ بناءً
أُعِدَّتْ بالسُّرور لمن يزورُ
فقلتٌ لسيّد النُّقباء أرِّخ
مبانيها يشرِّفُها المشيرُ

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> نهني العراق بحكمٍ جديدْ
نهني العراق بحكمٍ جديدْ
رقم القصيدة : 22345
-----------------------------------
نهني العراق بحكمٍ جديدْ
وسرِّ الحجازُ برأيٍ سديدْ
بحكمِ الرشيدِ مشيرِ العراق
ملاذِ الطريد مجير الرشيدْ
مشيرٌ إذا استمطر البارقات
أغاث الأنام بودق الحديد
حميدٌ مجيدٌ لقد خَصَّه
بأهل العراق الحميدُ المجيدْ
فنامَتْ به فِتَنٌ بأسُها
يُبيدُ الطريفَ ويُفني التليدْ
وقد أقبلَ السَّعْدُ إذ أرَّخوا
أمامَ المشير محمّدْ رشيدْ

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> وظبي دعتني للحروب لحاظه
وظبي دعتني للحروب لحاظه
رقم القصيدة : 22346
-----------------------------------
وظبي دعتني للحروب لحاظه
وهيهات من تلكَ اللّحاظ خلاصُ
تصدّى لحرب المستهام وما له
سوى اللحظ سهمٌ والنقاب دلاصُ
فلّما أجلتُ الطّرف أدميتُ خدَّه
وأدمى فؤادي والجروحُ قصاصُ

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يميناً بربِّ النجم والنجم إذ يسري
يميناً بربِّ النجم والنجم إذ يسري
رقم القصيدة : 22347
-----------------------------------
يميناً بربِّ النجم والنجم إذ يسري
ومَن أنزلَ الآيات في مُحكَمِ الذكرِ
لقَد أشرقت بغدادُ مُنذ أتيتُها
كم تُشْرِقُ الظلماء من طلعة البدر
فراحَت كما راحَت خميلة ُ روضة ٍ
سقتها الغوادي المستهلّ من القطر
وما سرَّها شيءٌ كمقدمك الذي
يبدل منها صورة اليسرِ بالعسر
وكم فرح من بعد حزن وراحة
من النصب الجاني على العدل بالجور
فلا ذنبَ للأيام من بعد هذه
فقدْ جائت الأيام للناس بالعذر
تناءيتَ عنها لا ملالاً ولا قلى
ولكن رأيتَ الوصل من ثمر الهجر
وما غِبتَ عنها حين غِبتَ حقيقة
وكيف ولم تخرج هنيهة من فكر
رأيت مقاماً لا يرى الفرق عنده
من العالم النحير والجاهل الغمر
ولا بد للأشياء من نقدِ عارفٍ
يُمَيِّزُ بينَ الصِّفر والذَهَب التّبر
غضبتَ ولا يرضيكَ إلاّ نهوضه
إذا رَبَضَ اللَّيثُ الهَصورُ على الضُرِّ
يجرُّ عليها فيك أردية الفخر
تَتَبَّعُ آثار الخطوب وتستقري
وأقْلَعْتُ عن دارٍ جديرِ بأنَّها
تشينُ أباة الضيَّمْ فيها وإنْ تزري
وما زلت تطوي كلَّ بيداء نفنف
وتركبُ منها ظهر شاهقة وعر
وسرتَ إلى مجدٍ وسؤدد
فمن منزلٍ عزٍ إلى منزلٍ فخر
إلى الغاية القصوى التي ما وراءها
إذا عدَّتِ الغايات مأوى ً لذي حجر
نشرتَ بأرض الرّوم عِلماً طويته
بجنبيك حتى ارتاع في ذلك النشر
وسرَّ أميرُ المؤمنين بما رأى
ولاحَ وايم الله منشرح الصدر
أشارَ إليك الّدين أنَّك ركنه
وقال له الإسلامُ أشددْ به أزري
وما ظنَّت الرُّوم العراق بأنَّه
يجرُّ عليهما فيك أردية الفخر
وما شاد قسطنطين ما شدتَ من عُلى ً
مؤيَّدة تبقى على أبدِ الدهر
فدتك الأعادي من رفيع محلق
كأنَّ يبتغي وصلاً من الأنجم الزهر
كفى الروم فخراً لو دَرَتْ مثلما تدري
وهيهات أن تدري وهيهات أن تدري
بما قد حباك الله منه بفضله
من الهيبة العظمى ومن شرف النجر
وآيتك الآياتُ جئتَ بما انطوَتْ
عليها من الأسرار في السر والجهر
كشفت معمّها وخضت غمارها
وأنفَقْتَ في تفسيرها أنفس العمر
وأوضَحْتَ أسرار الكتاب بفطنة ٍ
تزيلُ ظلامَ الليل عن غرَّة الفجر
وقفت على إيضاح كلّ عويصة ٍ
مواقف لم تُعْرَف لزيد ولا عمرو
وأغنيتُ بالأسفار وهي كوامل
ثمانية ً عن ما حوت مائتا سفر
ومَن حاز ما قد حُزْتَ عِلماً فإنَّه
غنى ٌّ عن الدنيا مليٌّ من الوفر
إذا احتاجك السلطان تعلم أنَّه
بذلك يمتاز المقلُّ من المثري
أرى دولة ً أصبحت من علمائها
مؤيدة الأحزاب بالفتح والنصر
أرعْتَ أولي الألباب منها بحكمة
بروح أرسطاليس منها على ذعر
قضَتْ عجباً منها العقول بما رأت
وما بصرتْ يوماً بمثلك في عصر
برزتَ مع البرهان في كلّ موطن
من البحث لا يبقي اللباب مع القشر
فَأفْسَدْتَ للإلحاد أمراً دَحَضْتَه
فليسَ له فيها وليٌّ من الأمر
عذوبة ُ لفظ في فصاحة منطقٍ
وعينيك لولا حرمة الخمر كالخمر
ورُبَّ بيانٍ في كلامٍ تصوغُه
إذا لم يكن سحراً فضربٌ من السحر
وما زالت بالحسّاد حتى تركتها
وقد طُوِيَتْ منها الضلوعُ على الجمر
فتكتَ بها فتك الكميّ بسيفه
كما يفتك الإيمانُ في مِلّة الكفر
وكنتُ أُمَنِّي النفسَ فيك بأنْ أرى
صَديقَك في خير وخصمَك في شر
وما زال قولي قبل هذا وهذه
لعلّي أرى الأيامَ باسمة َ الثغر
فللّه عندي نعمة ٌ لا يفي بها
بما قد بلغت اليوم حمدي ولا شكري
وما نلتَ مقدار الذي أنت أهلُهُ
على عظم ما نَوَّلْت من رفعة القدر
كأنّي بقوم فارقوك فأصبحو
ولَوْعتُهم تذكو وعبْرَتُهم تجري
تحنُّ إلى مرآك في كلّ ساعة ٍ
فتأسفُ إنْ سافرت عنهم مع السفر
وإنْ سَمَحَتْ منهم بمثلك أنفسٌ
فما هي إلاّ أسْمَحُ الناس بالبرّ
وما صبرت عنك النفوس وإنّما
يصبّرها تعليلُ عاقبة الصبر
تَغَرَبْتَ عاماً طال كالشهر يومه
ويا ربَّ يوم كان أطول من شهر
تكلّفْتَ أمرً للحلاوة بعده
ولا تخطب الحسناء إلاّ على مهر
وإنّي بتذكاريك آناً فمثله
صريع مدام لا يفيق من السكر
مللتُ الثوى حتى طربت إلى النوى
وحتى رأيت الأرض أضيق من شبر
ولو أنّني أسطيعُ عنه تتزحزحاً
قذفتُ إليك العيسَ في المهمة القفر
وليس لنفسي عنك في أحدٍ غنى ً
وكيف يُرى الظامي غنياً عن البحر
بعثت إلينا بالحياة لأنفسٍ
على رَمَقٍ يدعو إلى البعث والنشر
فَضَمَّ إلينا من يعيد حياتنا
كما ضُمَّ شطرُ الشيء يوماً إلى شطر
فيا كثرَ ما قد نوَّلتنا يد المنى
وعادَتُها الإمساك بالنائل النزر
لتصفو لنا الدنيا فقد طاب عيشنا
وضاء محياها بأيامك الغر
أعادَتْ علينا العرف من بعد فقده
فلا قابَلَتْنا بعد ذلك بالنكر
نشيرُ إلى هذا الجناب كأنَّنا
نشيرُ إلى رؤيا الهلال من الفطر
وما كان يوم العيد بمثله
إذا كان في فطر وإنْ كان في نحر
وذلك يومٌ يعلمُ الله أنَّه
ليذهَبَ تعبيسُ الحوادث بالبشْرِ
لك الفضل والحسنى قريباً ونائياً
وأيدٍ لأيد من أناملها العشرِ
ولو حصدت أيديك فينا حصرتها
ولكنها ممّا يجلُّ عن الحَصْر
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أتنْكِرُ مِنكَ ما تطوي الضُّلُوعُ
أتنْكِرُ مِنكَ ما تطوي الضُّلُوعُ
رقم القصيدة : 22348
-----------------------------------
أتنْكِرُ مِنكَ ما تطوي الضُّلُوعُ
وقد شهدتْ عليكَ بهِ الدُّموعُ
ولولا أنَّ قَلْبَكَ مستهامٌ
لما أودى بك البرق اللموع
ولا هاجَتْ شجونك هاتفات
تُكَتَّم ما تكابد أو تذيع
تُشَوِّقُكَ الرّبوع وكلُّ صَبٍّ
تُشوِّقُه المنازلُ والرُّبوع
ليالٍ بالتواصل ما ضيات
بحيث الشمل جميعُ
وأقمارٌ غربنَ فليتَ شعري
ألا بعد الغروب لها طلوع
أمرتُ القلبَ أنْ يسلو هواها
على مضضٍ ولكن لا يطيع
وما أشكو الهوى لو أنَّ قلبي
تحمَّلَ بالهوى ما يستطيع

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أنيخاها فقدْ بلغتْ مناها
أنيخاها فقدْ بلغتْ مناها
رقم القصيدة : 22349
-----------------------------------
أنيخاها فقدْ بلغتْ مناها
وغادرها المسيرُ كما تَراها
سلكتُ بها فجاج الأرض حتى
أضرَّ بها وأوهنها قواها
فَسَلْني كيفَ جابتها قِفاراً
وكيف فدافدها خطاها
وما أنسى الوقوف على رسومٍ
عناني في الصبابة ماعناها
قضى بوقوفه المشتاقُ فيها
وجُوهاً يا أمَيْمَة لا أراها
وقفتُ أناشِدُ الأطلال منها
ديوناً للمنازل ما قضاها
واذكر ما هنالك طيبَ عيشٍ
به تجري النفوس على مداها
جرَينا في ميادين التصابي
إلى اللّذات نستحلي جناها
فواهاً لِلّذائذ كيف ولّت
وآها من تصرمّها وآها
تدار من المدام على الندامى
كؤوسُ الراح تشرق في سناها
وألحان المثالثِ والمثاني
يُغنّيها فتطربُ في غناها
وينظما اجتماع في رياضٍ
نثار الطل يلبسها حلاها
وقد أملتْ حمائمها علينا
من الأوراقِ شيئاً من أساها
كأنَّ الوُرْقَ حين بكتْ وأبكتْ
رماها بالقطيعة من رماها
تُكَتِّمُ أدمعاً وتبوحُ وجداً
وتعرب ما هنالك عن جواها
وربَّ مديرة ٍ كأس الحميّا
أخذتُ بكفِّها ورشفتُ فاها
ومسودِّ الإهاب من الدياجي
كشَفْتُ بشهبُ أكؤسنا دجاها
وعانقت القوام اللَّدنَ منها
و عينُ الواشي يحجبها عماها
فآونة ً ترشِّفني طلاها
وآونة ترشِّفني لماها
ومن عجبٍ أذلُّ لذاتِ دلٍّ
وتسبيني المحاسن في هواها
ولي نفس متى دعيتْ لذلٍّ
نهاها عن إجابته نهاها
أبَتْ نفسي مداناة الدّنايا
وأغنتها القناعة عن غناها
وهل تستعبد الأطماع حراً
إذا عرضت له الدنيا ازدراها
ولست ألينُ والأيام تقسو
بشدَّتها ولمْ أطلبْ رخاها
وأرض يَفْرَقُ الخرّيت فيها
ويفزعُ من مهالك ما يراها
سلكتُ فجاجها ومَرَقْتَ منها
مروقَ النَّبل يبعدُ مرتماها
سليني كيف جرَّبت الليالي
وكيف عرفتها وعرفتُ داها
بلوت الناس قَرناً بعد قرنٍ
وكنتُ بها أحقَّ من ابتلاها
فلم أزدد بها إلاّ اختباراً
ولم أزدد بها إلاّ انتباها
وفي عبد الحميد بديع شعري
مناقبُ عن معاليه رواها
نعمتُ بفضله وشكرت منه
يداً لا زال يغمرني نداها
فما استعذبتُ غير ندى يديه
وما استعذبته مما عداها
فلو أني وردتُ البحر عذباً
أنِفْتُ من الموارد ما خلاها
وإنَّ الله أودع فيه معنى ً
لتسمية المكارم مذ براها
من السادات من أعلى قريشٍ
سلالة ِ خير خلق الله طه
شديد البأس ألطفَ من نسيم
تعطِّره الأزاهر من شذاها
يخوض غمارها الهيجاء خوضاً
وماء الموت يرشحُ من ظباها
ويرفع راية المنصور فيها
ويخفض من أعاديه الجباها
إليه العزُّ يتَّجهُ اتّجاها
تريه بوطنَ الآراء تبدو
فلمْ تحجبْ لعمرك ما زراها
أرَته زينة َ الأمجاد تزهو
بأردية ِ المحاسن فارتداها
تولَّى والولاية فيه أضحتْ
وأحيا بالعمارة كلَّ أرضٍ
وأجرى في ضواحيها المياها
وأمَّنَ بالصيانة ساكنيها
وأصبحَ فيه محميّاً حماها
حماها حيث كانت من لدنه
بعينِ عناية ٍ ممَّن رعاها
ودبَّرها بلطفٍ لا بعنفٍ
فأرشَدَها وألهَمَها هداها
فما مدَّتْ إلى أحدٍ يداها
فَهَل من مبلغٍ عَنّي ثناءً
تقيَّ الدين يشكره شفاها
ربما أسْدى من الحُسنى إلَينا
وماعرف الأماجدَ فاجتباها
تَفرَّسَ بالرجال فزاد عِلماً
فولاّها الأمور بمقتضاها
وسيَّرْنا فالساحته الأماني
إليك ركبتها في البحر تجري
من الفلك السوابق في سراها
تنَّفسُ بالدخان وفي حشاها
لظى نارٍ مُسَعَّرة ٍ لظاها
ويخفِقُ وهي مثل الطير سبحاً
جناحاها إذا دارت رحاها
جَرَت مجرى الرياح بلا توانٍ
فما احتاجت إلى ريحٍ سواها
وما زلنا بها حتى بَلَغنا
من الامال أقصى مبتغاها
بقيتَ لنا مدى الأيام ذخراً
نراها فيك أحسَنَ ما نراها
فمثلك في المكارم لا يجارى
ومثلك في الأكارم لا يضاهى

شعراء الجزيرة العربية >> نايف الجهني >> وطني المزين بالبروق
وطني المزين بالبروق
رقم القصيدة : 2235
-----------------------------------
قريء البهاء..
وتقافز الأطفال من أكواب صبحك
وارتموا..
فوق الغناء..
وتهافتوا مدناً تسيل على
حدائقك البعيدة..
فوقها..
يحتد صوت الاحتفاء!
الشمس تمنحهم يديك مساحة أولى
وخبزا من رمال الأرض من ماء السماء!
في الركض.. يا وطني ذكرتك..
خطوة أقدامها
عشبٌ وإبريق من الطين المكون
ذات ماء..
في ظلك الفجري
تغسلنا الملامح في مرايا الضوء
يغرينا الضياءْ..
وسكنت أنتْ
في ماء ذاكرتي رحيقاً يستشف الورد
من شجر الأنامل.. والمحافل
من تجاعيد الإناء!!
وسكنت أنت..
كان النخيل يمر في أسيافهم
من بين شارعك المعبَّد بالمطر
وصهيل خيل الكبرياء..
وطني المزين بالبروق وحنطة الغيم الملون في بياض
العشق.. في دفء الهواء!!
وسكنت أنت
والأرض تخرج من جباه السمر..
أطرافاً.. تحاصر فيك (مد الانطفاء)
وأضأتنا.. زمناً وكنت
وسكنت أنت..
في صوتنا شجر يهز حناجرَ..
الزمن المهاجرِ..
في سلال الأصدقاء
(حلوى).. وصبح يحتفي
بقدوم أطفال المدارس
من دفاترك
المحاطة بالكتابة والشموع
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> في الأربعاء لخمسٍ كنَّ من صقرٍ
في الأربعاء لخمسٍ كنَّ من صقرٍ
رقم القصيدة : 22350
-----------------------------------
في الأربعاء لخمسٍ كنَّ من صقرٍ
بَدْرُ المَسَرَّة ِ شاهَدْنا مطالِعَهُ
أرَّختُ طالع داودٍ بمولده
كانت الشمسُ بالجوزاء طالعهُ

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هنِّيتَ بالفرمان والنيشان
هنِّيتَ بالفرمان والنيشان
رقم القصيدة : 22351
-----------------------------------
هنِّيتَ بالفرمان والنيشان
من جانب الملك العظيم الشانِ
ملكٌ إذا عُدَّ الملوك وَجَدْتَها
من دونه بالعزِّ والسلطانِ
متفردٌ في العالمين وواحدٌ
بين الأنام فما له من ثان
وتقول إنْ أبصرته في موكبٍ
فحلالهُ وجمالهُ سيّان
نعمت بدولته البلاد وأشرقتْ
إشراق دين الله في الأديان
وأمدَّها من سيرة ٍ نبويَّة
في حكمة ٍ بالأمن والإيمان
ولقد تلافى الله فيه عبادَه
فالناس منه بحوزة ٍ وأمان
فالله يعلم والبرية كلُّها
أنَّ المليك خليفة ُ الرحمن
كالشمس في كبد السماء وضوؤها
يغشى بكلِّ النفع كلَّ مكان
قد كان سرُّ اللطيف فيه مكَّتمتا
حتى استبان وضاق بالكتمان
ولقد أراد الله في تأييده
أنْ يرجعَ الطاغين بالخذلان
وإذا نظرت إلى طوّية ذاته
نظراً إلى المعروف والإحسان
أيقنتَ أن وجوده لوجودنا
كالماء ينقعُ غلَّة َ الظمآن
ملك إذا زخرَتْ بحارُ نواله
يُخشى على الدنيا من الطوفان
فاقت بنو عثمان في سطانها
بالدّين والدنيا بني ساسان
فَتحوا البلادَ ودَوَّخوها عَنْوَة ً
وجَرَت مدائِحهم بكلَّ لسان
فهم العباد الصالحون وذكرهم
قد جاءَ بعد الذكر في لاقرآن
هذا أمير المؤمنين وهذه
آثاره من حازمٍ يقظان
جعل العراق بنامق في جنة
محفوفة ً بالرَّوح والرَّيحان
فردٌ من الأفراد بين رجاله
لم يختصم بكماله إثنان
تعم المشيرُ عليه في آرائه
الصادق العرفات في الثوران
ما حلّ في بلدٍ وآب لمنزلٍ
إلاّ وآمنَها من الحدثان
لا تعجبنَّ لنامق في فتكه
ليثُ الحروب وفارس الفرسان
تروي صوارمه الفخار عن الوغى
لا عن فلانِ حديثها
يفتضُّها بالمشرفيّة والقنا
بكراً من الهيجاء غير عوان
ولربّما أغنته شدّة بأسه
عن كلّ هنديٍّ وكل يماني
أعيانُ من رفعَ الوزارة شأنها
ألفته عينَ أؤلئك العيان
يا أيها الركن الأشد لدولة
بنيت قواعدها على أركان
دارتْ بشانيها رحى تدميرها
فكأنها الأفلاك بالدوران
أحكمتها بالصَّدقِ منك مبانياً
في غاية الإحكام والإتقان
فحظيت من ملك الزمان بما به
فخرٌ على الأمثال والأقران
ولقد بلغت من العناية مبلغاً
يسمو برتبتها على كيوان
سستَ العراق سياسة ملكية
ما ساسها ذو التاج نوشروان
وسَّعْتَ كل الضيق من أحوالها
حتى من الطرقات والبنيان
قرَّبتَ أرباب الصلاح بأسرهم
ومحوتَ أهلَ البغي والعصيان
وكذا الهماوند الذين تنمَّروا
وتمرَّدوا بالظلم والعدوان
دَمَّرَتهم لمّا عَلِمْتَ فسادَهم
وضرارهم بالأهل والأوطان
خَلَعوا من السلطان طاعتَه التي
في غيرها نزعٌ من الشيطان
لله درُّك من حكيم عارف
إنَّ الحسام دواء داء الجاني
جرَّدتَ من هممِ الرئيس مهنّدا
ما أغمدته القين في الأجفان
وعلمت ما في بأسه من شدّة ٍ
معْ أنّه في لطفه روحاني
لبّاك حينَ دعوتَه لقتالهم
لا بالبطيء لها ولا المتواني
فمضى بأعناق العصاة غرارهُ
والسَّيف لم يقطعْ بكفِّ جبان
فكسا به منطيب ذاتك نفخة
عطريّة الأنفاس والأردان
هنيت بالولد الجميل ونيلهِ
رتبَ العلى من حضرة السلطان
أضحى أميرَ لوائه في عسكر
لا زال منصوراً مدى الأزمان
وبما حباك الله في تأييده
والفخرُ في نيشانك العثماني
لاحت أشعَّته عليك لجوهر
كالنجم بل كالشمس في اللمعان
هذا محلُّ الافتخار فدم به
بالعزِّ والتمكين والإمكان
فرن المؤيد جوهراً في جوهرٍ
فرأت به بغداد سعْدَ قران
فرحٌ على فرحٍ يدوم سروره
تجلو القلوب به من الأحزان

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هذه الدارُ ما عسى أنْ تكونا
هذه الدارُ ما عسى أنْ تكونا
رقم القصيدة : 22352
-----------------------------------
هذه الدارُ ما عسى أنْ تكونا
فاقضِ فيها لها عَليك دُيونا
كان عهدي بها ومن كان فيها
أشرقت أوجهاً ولانت غصونا
يا دياراً عهدتها قبل هذا
جنَّة ً أزلفت وحوراً وعينا
كنتِ للشادن الأغن كناساً
مثلما كنتِ للهزير عرينا
قَد وقفنا على بقايا رسومٍ
دراساتٍ كأسطرِ قد محينا
فبذلنا لها ذخائر دمعٍ
كانَ لولا الوقوف فيها مصونا
ذكَّرتْنا الهوى وعهدَ التصابي
فذكرنا من عهدها ما نسينا
هلْ عَجِبْتُم والحبُّ أمرٌ عجيبٌ
كيفَ يَستعذبُ العذابَ المهينا
أو سألتم بعد النوى عن فؤادي
فسَلوا الظاعنين والنازحينا
وبنفسي أحبَّة يومَ بانوا
حرَّموا النومَ أنْ يمسَّ الجفونا
عَرِّضوا حين أعرضوا ثم قالوا
قَدْ فتنّاك في الغرام فتونا
إنْ أطلنا الحنينَ شوقاً إليكم
فعلى الصّبِّ أنْ يطيل الحنينا
ربَّ ورقاءَ غرَّدتْ فشجتني
وكذاك الحزين يشجي الحزينا
ردَّدَت نَوحَها فردَّدت مني
جنَّة ً أزْلِفَتْ وحوراً وعِينا
ردّدي مااستطعت أيتَّها الورقُ
شجوناً منالأسى ولحونا
وأعيدي شكوى الغرام عَلَينا
أشرَقَتْ أوجهاً ولانتْ غصونا
لو شكوناك ما بنا لشرحنا
أنْ يطيعَ المتيَّمُ اللاّئمينا
ما أطعنا اللّوامَ والحبُّ يأبى
أنْ يطيعَ المتيَّمُ اللاّئمينا
لهفَ نفسي على مراشف ألمى
أوْدَعَ الثغرَ منه دراً ثمينا
أنَ عطفاً مهفهفُ القدّ قاسٍ
كلّما زاد قسوة ً زدْتُ لينا
يا شفائي من علّة ٍ برَّحت بي
إنَّ في القلبِ منك داءً دفينا
يا ترى تجمع المقادير ما كان
وأنى لنا بها أن تكونا
في ليالٍ أمضيتُها بعناق
لا يظنُّ المريب فينا الظنونا
فرَّقتنا أيدي النوى فافترقنا
ورمينا ببينها وابتلينا
بينَ شرقٍ ومغربٍ نَنْتَحيه
فشمالاً طوراً وطوراً يمينا
أسعدَ الله فِرقَة َ العزِّ لمّا
فبذلنا لها ذخائر دمعٍ
قدَّمتْه الولاة واتَّخَذَتْه
في الملمّات صاحباً ومعينا
واستمدَّت من رأيه فلقَ الصُّبحِ
بَياناً منه وعلماً رصينا
جذبَ الناسَ بالجميل إليه
وحباهم بفضله أجمعينا
فرأتْ ما يَسُرُّها من كريم
من سُراة الأشراف والأنجبينا
شِيمٌ عن إبائه في المعالي
أسلكته طريقها المسنونا
تَستَحيل الحزونُ فيه سهُولا
بعدَ ما كانت السهول حزونا
ويهون الأمر العظيمُ لديه
وحَرِيٌّ بمثلِه أنْ يهونا
زان ما شان في حوادث شتى
ومحا ما يشين في ما يزينا
فإذا قسته بأبناء عصري
كان أعلى كعباً وأندى يمينا
قد وجدناك والرّجال ضروبٌ
والتجاريبُ تظهرُ المكنونا
عروة ٌ من عرا السّعادة وثقى
قد وثقنا بها وحبلاً متينا
هذه الناس منذ جثت إليها
زجرت منك طائراً ميمونا
كلّ أرض تحلُّها كان أهلو
ها بما ترتجيه مستبشرينا
وإذا روّعتْ ومثلك فيها
أصبحوا في ديارهم آمنينا
يا شريفَ الأخلاق وابن شريفٍ
أشرفَ الناس أثبتَ الناس دينا
أحمدُ الله أن رأتكَ عيوني
فرأتْ ما يَقُرُّ فيك العيونا
وشممنا من عرف ذاتك طيباً
فكأنّي إذ ذاك في دارينا
وَوَرَدْنا نداك عذباً فراتاً
إنّما أنتَ منهلُ الواردينا
لك في الصالحات ما سوف يبقى
ذكرها في الجميل حيناً فحينا
حزتَ فهماً وفطنة ً وذكاءً
وتَفَنَّنْتَ في الأمور فنونا
وتوّليتَ في الحقيقة أمراً
كان من لطفه المهيمن فينا
سيرة ترتضى جبلتَ عليها
ومزايا ترضي بها العالمينا
فاهنا بالصَّوم والمثوبة فيه
وجزيل الصيّام في الصائمينا
وبعيدٍ يعودُ في كلِّ عامِ
لكَ بالخيرِ كافلاً وضمينا

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أقولُ لصاحبي ورضيعِ كأسي
أقولُ لصاحبي ورضيعِ كأسي
رقم القصيدة : 22353
-----------------------------------
أقولُ لصاحبي ورضيعِ كأسي
رَفيقي بالفُسوق وبالفجورِ
علامَ صددتَ عن كأس الحميّا
لقَد ضيَّعتَ أوقاتَ السرور
أبعدَ الشيب ويحك تبتَ عنها
وما لك في متابك من عذير
وكيف عدّلتَ عن حالات سوءٍ
تَصيرُ بها إلى بئسَ المصير
لبستُ بها وإيّاك المخازي
فأسْحَبُ ذيلَ مختالٍ فخور
أتنسى كيف قضَّينا زماناً
به الأيام باسمة الثغور
وكنّا كلّما بتنا سكارى
ورحنا بالمدام بلا شعور
وقُمنا بعد ذلك واصطبحنا
فما نَدري المساءَ من البكور
وأنتَ مع العَواهر والزواني
تطاعِنُهن بالرُّمحِ القصير
وكنتَ تقولُ لي إشرَب هنياً
وخذها بالكبير وبالصغير
وكنتَ إذا نظرت ولو عجوزاً
سللتَ سلول غرمولِ الحمير
فإنَّ الله يعفو عن كثير
وميَّزتَ الإناث على الذكور
تركتَ طريقتي وفررتَ عني
فِرارَ الكلب من أسَدٍ هصور
وتوبتك التي كانتْ نفاقاً
غرورٌ وانغماسك في الغرور
كصبغ الشيب ينصلُ بعد يومٍ
ولمَ يَبْعُدْ مداه عن الظهور
وماكتبتْ لتخطر لي ببال
ولا اختلجت وشيبك في الضمير
لئِنْ أخذوا عليك بها عهوداً
بما كتَبَتْ يداك من السطور
فعد عنها إلى ما كنت فيه
كمن شمَّ الفسا بعد العبير
وأكثرْ مااستطعت من المعاصي
فإنَّ يعفو عن كثير
وننعمُ بالملاح بخفض عيش
مدى الأوقات من بمٍّ وزير
فإن حضر الفساد وغبتَ عنه
ولم تكُ من يُعَدّ من الحضور
لسَوَّدْتُ الصحائفَ فيك هجواً
وإتّي اليوم أهجى من جرير
تطيعُ مشورَتي وترى برأيي
وحَقَّ المستشير على المشير
لنقضي العمر في طربٍ ولهوٍ
فمرجعنا إلى ربٍّ غفور
وأنفِق ما ملكتَ ولا تبالِ
فناصرنا ثراءٌ للفقير
فنحن بفضله وندى يديه
كمَن آوى إلى روض نضير
ولا زلنا بشرعته وروداً
ورودَ الهيم من عذبٍ نمير
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يا ناجياً نحوَ كلِّ مَكْرُمَة ٍ
يا ناجياً نحوَ كلِّ مَكْرُمَة ٍ
رقم القصيدة : 22354
-----------------------------------
يا ناجياً نحوَ كلِّ مَكْرُمَة ٍ
يَبْلُغُ فيها أعاليَ الرُّتَبِ
وطالباً بالكمال ما عَجَزَتْ
فحولُ قومٍ عن ذلك الطلبِ
ومِن سهام الآراءِ فكرتُه
إنْ يرمِ فيها أغراضه يصبِ
إنَّ الكتاب الذي نظرتَ به
أبلَغُ ما ألَّفوه في الكتب
فلو تأمَّلَت في دقائقه
لقلْتَ هذا من أعجب العجب
إنْ أطلقوا لفظة الكتاب فما
يشارُ إلاّ إليه في الكتب
وغيره لا يفيدني أرباً
وأينَ كتبُ النحاة من أربي
لأن هذا الإمام أعلمُ خلـ
ـق الله في نحو منطقِ العرب
ولم يزل وهو مرجعهم
لدائرات العلوم كالقطب
قد ناظرتْه الحسّاد من حَسَدٍ
فغالبته بالزُّور والكذب
وراح يطوي الأحشاء من أسف
لكتمهم فضله على لهب
وأدركتْه فمات مغترباً
بأرض شيراز حرفة ُ الأدب
فإن تكن أنتَ عاشقه
لما حوى طيُّه من النخب
نقلته إن أردت نسخته
ولا أبالي بشدَّة التعب
وليس نقلي له على طمعٍ
ولا لمال يُرجى ولا نشب
إنّ أياديك منك سابقة ً
عَليَّ قدماً في سالف الحقب
هذا لساني يعُوقُه ثِقلٌ
وذاك عندي من أعظم النوب
فلو تسبَّبْتَ في معالجتي
لنلتَ أجراً بذلك السبب
وليسَ لي حرفة ٌ سوى أدبٍ
جمٍّ ونظم القريض والخطب
من بعد داوود لا حرمتُ منى ً
فَقَدْ مَضَتْ دولة ُ الأدب

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> نؤمِّل أنْ يطول بنا الثَّواء
نؤمِّل أنْ يطول بنا الثَّواء
رقم القصيدة : 22355
-----------------------------------
نؤمِّل أنْ يطول بنا الثَّواء
ونَطْمعُ بالبقاء ولا بقاء
وتُغرينا المطامعُ بالأماني
وما يجري القضاءُ كما نشاء
تحدِّثنا بآمالٍ طوالٍ
وليسَ حديثها إلاّ افتراء
وإنّ حياتنا الدنيا غرورٌ
وسعيٌ بالتكلّف واعتناء
نُسَرُّ بما نُساءُ به ونشقى
ومن عَجَبِ نُسَرُّ بما نساء
ونضحك آمنين ولو عقلنا
لحقَّ لنا التغابن والبكاء
إلامَ يَصُّدنا لَعِبٌ ولهو
عن العظة التي فيها ارعواء
وتنذرنا المنون ونحن صمٌّ
إذا ما أسمع الصمَّ الندراء
وأيَّة لذَّة في دار دنيا
تلذُّ لنا وما فيها عناء
ستدركنا المنيَّة ُ حيث كنا
وهلْ ينجي من القدر النجاء
ظهرنا للوجود وكلُّ شيء
له بدءٌ لعمرك وانتهاء
لئنْ ذهبت أوائلنا ذهاباً
فأوَّلُنا وآخرنا سواء
نودّع كلَّ آونة حبيباً
يعزُ على مفارقه العزاء
فما يأتي الزمان له بثانٍ
إلى حيث السعادة والشقاء
ولو يفدى فديناه ولكنْ
أسيرُ الموت ليس له فداء
مَضَتْ أحبابنا عنّا سراعاً
إلى الأخرى وما نحن البطاء
وما قلنا وقد ساروا خفافاً
إلى أينَ السُرى ومتى اللقاء
بمن فيه المدائحُ والرثاء
لما استوفى حقوقَهُم البكاء
متى تَصفو لنا الدنيا فنَصفو
ونحنُ -كما ترى - طين وماء
فهذا السقم ليس له طبيبٌ
وهذا الداء ليس له دواء
فقدنا لا أباً لك من فقدنا
فحلَّ الرُّزءُ إذ عظمَ البلاء
وبعد محمَّد إذ بان عنا
على الدنيا وأهليها العفاء
لقد كانت به الأيام تزهو
عليها رونق ولها بهاء
وكان الكوكب الهادي لرشد
يضلُّ الفهم عنه والذكاء
وكان العروة الوثقى وفاءً
لمن فيه المودة والإخاء
فيأوي من يضام إلى علاه
ويعصِمُه من الضَّيم الإباء
علا أقرانه شرفاً ومجداً
كما تعلو على الأرض السماء
عصاميُّ الأبوَّة والمعالي
له المجدُ المؤثَّل والسناء
وما عقدت يدٌ إلاّ عليه
إذا عُدَّ الكرامُ الأتقياء
سقاك الوابل الهطّال قبراً
ثوت فيه المروءة والسخاء
وحيّاك الغمام بمستهلٍ
يصوب فترتوي الهيم الظِماء
قد کستُودِعْتَ أكرَم من عليها
فأنتَ لكلّ مكرمة وِعاء
وقد واريت من لو كان حيّاً
لضاقَ بفضله الواقي الفضاء
وقد أُفْعِمتَ من كرم السجايا
وطيّبها كما فُعِمَ الإناء
فأصبحَ منك في جنات عدن
بدار الخلد لو كشفَ الغطاء
مضى فيمن مضى وكذاك نمضي
وغايتنا -وما نبقى - الفناء
فما يأتي الزمان به بثانٍ
إلى الدنيا ولا تَلِدُ النساء
فقدناك ابنَ عثمانٍ فَقُلنا
فَقَدْنا الجودَ وانقطع الرجاء
ستبكيكَ الأيامى واليتامى
وترثيك المكارم والعلاء
وكنتَ علمتَ أنَّك سوف تمضي
ويبقى الحمدُ بعدك والثناء
فما قصَّرتَ عن تقديم خير
تنالُ به المثوبة ُ والجزاء
تفوزُ ببرك الآمال منا
ويرفع بالأكفِّ لك الدُّعاء
إذا وافَت إلى مغناك فازت
ذوو الحاجات واتصل الحباء
رزقتَ سعادة الدارين فيها
وإنْ رغِمَت عداك الأشقياء
لوجه الله ما أنْفَقْتَ لا ما
يراد به افتخارٌ واقتناء
قضيتَ وما انقضى كمدي وحزني
عليك وما أظنُّ له انقضاء
يذكرنيكَ ما وافى صباحٌ
وما أنساك ما وافى مساء
وما قَصُرَتْ رجال بني زهير
وفيك لها اقتفاء واقتداء
بنيتَ لهم على العَيُّوق نجماً
وشيِّد بالعلى ذاك البناء
بدور مجالسٍ وأسودُ غيلٍ
إذا الهيجاءُ حان بها اصطلاء
شفاءٌ للصدور بكلّ أمرٍ
إذا مرضت وأعياها الشفاء
وخيرُ خليفة الماضين عنا
سليمانٌ وفيه الاكتفاء
وقاسم من زكا أصلاً وفرعاً
وما في طيب عنصره مِراء
إذا زكتِ الأصول زكتْ فروع
فطاب العود منها واللّحاء
هو الشمسُ التي بزغتْ ضياءً
فلا غربت ولا غرب الضياء
أعزِّيه وإنْ عَزَّيْتُ نفسي
عليه رحمة وسجالُ عفوٍ
من الرحمن ما طلعت ذكاء

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> لله منزلُ جابرٍ من منزلٍ
لله منزلُ جابرٍ من منزلٍ
رقم القصيدة : 22356
-----------------------------------
لله منزلُ جابرٍ من منزلٍ
فيهِ الكرامة ُ للمحبَّ الزائرِ
رفعتْ قواعده وشيد بناؤه
لمكارمٍ وأكارمٍ وأكابر
ملأتْ قلوبَ الزائرين مسرَّة ً
فَغَدَتْ تقرّ بها عيون الناظر
من كلّ ما جمعت بخدمة جابرٍ
من شادنٍ أحوى وليثٍ خادر
حاز الشجاعة والسَماحة فارتقى
رتب العلى من سؤدد ومفاخر
تَرِدُ العفاء مناهلاً من جوده
الوافي وتصدُرُ بالعَطاء الوافر
شَهِدَتْ مبانيه بحسن صنيعه
وبما يجدّد من بديع مآثر
حلَّ الأميرُ أبو المكارم جابرٌ
فيها فزالت بالبهاء الباهر
ولقدْ نزلتُ بها فقلتُ مؤرِّخاً
دارُ الإمارة قد بنيتِ بجابر
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ذَكراني عَهْدَ الصبا بسعاد
ذَكراني عَهْدَ الصبا بسعاد
رقم القصيدة : 22357
-----------------------------------
ذَكراني عَهْدَ الصبا بسعاد
وخَوافي الجَوى عليَّ بَوادي
ورَواحي مع الهوى وغدوّي
لا عَداها يوماً مصبُّ الغوادي
وبياض المشيب سوَّدَ حظي
عندَ بيض المها سوادَ المداد
يا ابن ودّي وللموَّدة حقُّ
فاقضِ إنْ شئتَ لي حقوق الوداد
وأعِد لي ما كان من برحاء
كنتُ منها في طاعة وانقياد
يومَ حانَ الوداع من آل ميّ
فأرانا تفتُّتَ الأكباد
تركوا عَبرتي تصوب ووجدي
في هياجٍ ومهجتي في اتّقاد
هلْ علمْتُمْ في بينكم أنَّ عيني
لم تذق بعدكم لذيذ الرقاد
لا أذوق الكرى ولا أطعمُ الغمـ
ـض ولا تَنثني لطيفٍ وسادي
واللّيالي التي تَمَرُّ وتمضي
ألَّفَتْ بين مُقلتي والسُّهاد
كلّ يوم أرى اصطباري عنكم
في انتقاص ولوعتي في ازدياد
قد أخذتم مني الفؤاد فردّوا
في تَدانيكم عَليَّ فؤادي
وأعيدوا ما كان منّا ومنكم
وليكنْ ما جرى على المعتاد
أينَ عهدي بهم فقد طال عهدي
فسقي عهدهم بصوب عهاد
فمرضي في هواك زدني سقاماً
فَلَعلّي أراك في عوّادي
فدموعي على هواك غزلرٌ
وفؤادي إلى رضابك صادي
يا عذولاً يظُّنُّ أنَّ صلاحي
في سلوِّي وذاك عينُ فسادي
أنا فيما أراه عنكَ بوادٍ
في هيامي وأنت عنّي بواد
إنّما أعينُ الظّباء وما يجـ
ـهل منها مصارع الآساد
ما أراني من القوام المفدّى
ما أراني من القنا الميّاد
ولحاظٍ كأنَّهنَّ بقلبي
مرهفات سلَّت ممن الأغماد
أيُّ قلب عذَّبته بصدودٍ
ودُنُوٍّ نَغَّصَته ببعاد
لم يفدني تطلُّبي من ثمادٍ
أبتغيه ورقة ٍ من جَماد
ما لحظي من اغترابي وما لي
مُولعٌ بالإتهام والإنجاد
ويد البين طالما قذفتني
غُرَّة ً في دكادك ووهاد
وتَقَلَّبْتُ في البلاد وماذا
أبتَغي من تَقَلُّبي في البلاد
ليتَ شعري وليتني كنتُ أدري
ما مرامي من النوى ومرادي؟
وببغدادَ من أحاولُ فيها
أشْرَفُ الحاضرين في بغداد
وهو عبد الرحمن نجلُ عليٍّ
علويُّ الآباء والأجداد
ألتّقي النقّي قولاً وفعلاً
والكريمُ الجواد وابنُ الجواد
رفعَ الله ذكره في المعالي
من عليِّ العلى رفبع العماد
شَرفٌ باذخ ورفعة ُ ذكر
رغمت عندها أنوفُ الأعادي
هكذا هكذا المكارم تروى
والمزايا من طارف وتلاد
ساد بالعلم والتفى سيّد النا
س فخاراً للسّادة الأمجاد
يَقتَني المال للنّوال وإنْ كا
ن لَعَمري فيه من الزهاد
شرح الله صدره فأرانا
في سواد الخطوب بيض الأيادي
كم روتنا الرُّواة عنه حديثاً
صَحَّ عندي بصحَّة الإسناد
وأعَدْتُ الحديثَ عنه فقالوا
ما أحيلى هذا الحديث المعاد
فَيُريني حلاوة الجود جوداً
وأريه حَلاوة َ الإنشاد
علم الله أنَّه في حجاهُ
مفردُ العصر واحدُ الآحاد
صَيْرَفيّ الكلام لفظاً ومعنى ً
من بصير بذوقهِ نقَّاد
يعرف الفضل أهْلَه وذَووه
وامتياز الأضداد بالأضداد
إن تغابت عنه أناسٌ لأمر
أو عَمَتْ عنه أعينُ الحسّاد
فكذاك البياض وهو نقيٌّ
مبتلى في نقائه بالسواد
يابني الغوث والرجوع إليكم
حينَ تعدو من الخطوب العوادي
يكشف الله فيكم الضُرَّ عنا
وبكمْ نَقْتَفي سَبيلَ الرشاد
كيف لا نستمد من روح قوم
شُفَعَاءٍ لنا بيوم المعاد
ورضي الله عنهم ورضوا عنه
خيار العباد بين العباد
فولائي لهم وخالص حبّي
هو ديني ومذهبي واعتقادي
فعلى ذلك الجناب اعتمادي
وإلى ذلك الجناب استنادي
فضلكم يشمل العفاة جميعاً
ونداكم للصّادر الوارّد
إن الله فيكم كنز علمٍ
ما له ما بقيتم من نفاد
إنْ حدا هذه القصائد حادٍ
فلها من جميل فعلك حادي
وعليكم تملي القوافي ثناءً
عطراتِ الأنفاس في كلّ ناد
وإذا ما أردْتُ مدحَ سواكم
فكأني اخترطت شوك القتاد
ربحت فيكم تجارة شعري
لارماها في غيركم بالكاد
أنا في شكركم أروح وأغدو
فأنا الرائحُ الشكورُ الغادي

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> مَتى يَشتَفي هذا الفؤاد المتَيَّمُ
مَتى يَشتَفي هذا الفؤاد المتَيَّمُ
رقم القصيدة : 22358
-----------------------------------
مَتى يَشتَفي هذا الفؤاد المتَيَّمُ
ويقضي لباناتِ الهوى فيك مُغْرَمُ
أبيتُ أداري الوجد فيك صبابة ُ
وأسهرَ ليلي والخليّون نوَّمُ
أجيب دواعي الشوق حيث دعونني
وإن أكثرتْ لومي على الحبّ لوَّمُ
وأهرقُ من عينيَّ ماء مدامِع
وفي القلب منّي لوعة تتضرّم
وأشكو إليك الشوق لو كنتَ سامعاً
ومن لي بمشكوٍّ يرقُّ ويرحم
إلام أذيعُ الوجد عندك أمره
وأظهر ما أخفي عليك وأكتمُ
أعلِّلُ نفسي في تدانيك ضلّة
وما هو إلاّ من ذؤابة هاشم
ولي حسرة ما تنقضي وتلهُّفُ
ومن مرسلاتِ الدّمع فذٌ وتوأم
وللصَّب آياتٌ تدلُّ على الهوى
تصرِّح أحياناً به وتجمجم
وليلٍ أقاسيه كأنَّ نجومه
غرانيقُ في مَوج من اليَمِّ عُوَّمُ
بمعترك بين الأضالع والحشا
ينازلني للهمَّ جيش عرمرمُ
كأنّ بصدري من تباريح ما رأى
صدورَ العوالي، والقنا المتحطم
أمَضَّ بأحشائي غرامٌ مبرِّحٌ
وأعضلَني داءٌ من الوجد مؤلم
عَدَتْك العوادي إنّما هي زفرة
تطيش بأحناء الضلوع وتحلم
لقد بَرَّحَت بي وهي في بُرَحائها
سواجع في أفنانها تترنم
تعيد علينا ما مضى من صبابة
وتملي أحاديث الغرام فنفهم
ولم أنسَ لا أنسى الديار التي عفتْ
طلول لها تشجي المشوق وأرسمُ
وقوفاً عليها الركب يقضُون حقّها
كأنَّهم طيرٌ على الماء حوّم
تذكّرنا ما كانَ في زمن الصّبا
إن طال فيها عهدها المتقدّم
وعيشاً قضيناه نعيماً ولذَّة
هو العيش إلاّ أنَّه يتصرّم
خليليَّ ما لي كلّما عن ذكرهم
وجئ بأخبارِ الأناشيد عنهمُ
أكفكفُ من عيني بوادرَ عبرة
وأبكي لبرقٍ شمته يتبسَّم
رعى الله جيراناً مُنيتُ بحبّهم
أحَلُّوا دمي في الحبّ وهو محرّم
رَعَيْتُ بهم رَوض المحبّة يانعاً
وحكّمْتُهم في مُهجتي فتحكّموا
ألا في مجيري يالقومي ومسعدي
على ظالمٍ في حكمه يتظلّم
هم أعوَزُوني الصَّبرَ بعد فراقهم
وسار فؤادي حيث ساروا ويمموا
بنفسي الظعون السائرات كأنها
بدور تداعت للمغيب وأنجم
إذا زُحزحت عنها اللئام عشية ُ
أضاء بها جنح من الليل مظلم
أيزعم واشي الحب أني سلوتهم
ألا ساء واشي الحب ما يتوهم
خلا عصرنا هذا من الناس فارتقب
أناسا سواهم تحسن الظن فيهم
وما بعد سليمان النقيب من امرئ
ببغداد من يُعزى إليه التكرُّم
بذي طلعة تنبيك سيماؤها العلى
ويصدق فيها القايف المتوسم
عليه وقارٌ ظاهرٌ وسكينة ٌ
يُمثّلُ رضوى دونَها ويَلَمْلَم
من السادة الغرِّ الميامين سيّد
أعزُّ بني الدنيا وأندى وأكرمُ
وما هو إلاّ من ذؤابة
هو الرأس فيهم والرئيس المقدم
تناخُ لديه للمطامع أنيقٌ
إذا حثحثَ لاركبُ المطيَّ ويمَّموا
فما دون هذا الشهم للوفد مقنع
ولا عبده في البّر للناس مغنم
لنا من أياديه وشاملُ فضله
مواهبُ تَتْرى من لدنه وأنْعُم
تَصَدَّر في دَسْتِ النقابة سيّداً
وما لسواه في الصدور التقدم
نَهُزُّ معاليه لكلِّ مُلمَّة ٍ
كما هُزَّ للطَّعنِ الوشيجُ المقَوَّم
وما زال كالسّيف المهنَّد يُنتضى
عرا كلِّ خطبٍ في غراريه تفصم
تمسَّكتُ بالحيل الذي منه لم يرمْ
بحادثة ِ الدنيا ولا يتصرم
وفي كل يوم من أياديه نعمة
مكارمُ تُسْتَوفى ورزقٌ يقسَّم
فلِلفضلِ في أيّامه البيض موسمٌ
وللجُودِ منه والمكارم موسم
بطلعتِه نستطلع الشمسَ في الضحى
ويَنجابُ من ليل الخطوب التجهُّم
وذي همة ٍ أمضى من لاسّيف حدُّها
لأظفار أحداثِ الزمان تقلّم
تطير بذكراه القوافي شوارداً
فتنجدُ في أقصى البلاد وتُتْهم
أبا مصطفى لم أرو مدحَك لامرىء
من الناس ألاّ قال هذا مسلَّم
لتهنا قريشٌ حيث كنتَ زعيمَها
تبجَّل في أشرافها وتعظَّم
ومن كان عبد القادر الشيخ جدّه
فماذا يقول المفصِحُ المتكلم
وكم نعمة ٍ أوليتني فشكرتها
ولو لم يَفُه منّي لسانَ ولا فم
فما ساغ لي إلاّ بفضلك مشربٌ
ولا لذّ لي إلاّ بظلِّك مطعم
لكلّ امرىء ٍ حظٌّ لديك من الندى
فلا أحدٌ من نيل جدواك يحرم
إليكَ ولا منٌّ عليك قوافياً
بأوصافك الحسنى تصاغُ وتنظمُ
إذا أفصَحَتْ عن كنه ذاتك غادرت
حسودك في إعرابها وهو أبكم
ومنك ثرائي حيث كنتُ وثروتي
وما زال يثرى في نوالك معدم
رأيتُ بك الدنيا كما شئت طلقة
وعيشي لولا شهدُ جودك علقم
خَدَمْتُك بالمدح الذي أنت أَهْلُه
ومثلك يا مولايَ بالمدح يُخدَم
أرى الشعر إلاّ فيك ينقص قدره
وديناره في غير مدحك درهم
ونثني عليك الخير في كل ساعة ٍ
ونبتدئ الذكرَ الجميلَ ونختم
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هذه ادارُ وهاتيك المغاني
هذه ادارُ وهاتيك المغاني
رقم القصيدة : 22359
-----------------------------------
هذه ادارُ وهاتيك المغاني
فَسَقاها بِدَمٍ أحْمَر قاني
دَنِفٌ عَبْرَته مُهراقة ٌ
مثلما أهرقت الماءَ الأواني
في رسومٍ دارسات لقيتْ
ما يلاقي الحرُّ في هذا الزمان
كان عهد اللهو فيها والهوى
خَضِلَ المنبَتِ حلويَّ المجاني
تزدهي بالغيد حتى خَلْتُها
روضة ً تنبتُ بالبيض الحسان
تتهادى مثل بانات النقا
بقدودٍ خطرت من خوطِ بان
أثمرَتْ بالحسن إلاّ أنّها
لم تكنْ مدَّتْ إليها كفُّ جاني
فاتكاتٍ بعيون من ظباً
طاعناتٍ بقوامٍ من سنان
مَنْ مُجيري من هواهنَّ وما
حِيلتي بين ضِرابٍ وطعان
أهوَنُ الأشياء فيهنّ دمي
والهوى أكبر داعٍ للهوان
قد رماني شادنٌ من يَعرُبٍ
لا رمى الله بسوءٍ من رماني
مستبيحاً دَم صبٍّ طَلَّهُ
سهمُ عينيه حراماً غير واني
حسرة ً أورثتُها من نَظرة ٍ
ما لها في ملتقى الصَّبر يدان
يا لها من نظرة ٍ يشقى بها
دون أعضائي طرفي وجناني
نفرتْ أسرابُ هاتيك المها
وذوى من بعدها غصنُ الأماني
وتناثرنَ عقودا طالما
نظمتْ في جمعنا نظم الجمان
ما قضى ديني عنّي ماطل
كلّما استقضيته الدين لواني
يا أحبائي على شطح النوى
كم أعاني في هواكم ما أعاني
مستلذّاً في أحاديثكم
لذَّة َ الشارب من خمر الدّنان
ما صحا فيكم لعمري ثملٌ
لمْ يذقْ راحاً ولا طاف بحان
أترى الورقاءَ في أفنانها
قد شجاها في هواكم ما شجاني
فكأنْ قد أخَذَتْ من قَبلها
عَن قماري الدَّوح أقمارُ القيان
رابَ سلمى ما رأت من همة
نهضت مني وحظٍّ متوان
لم تكن تدري ومن أينَ لها
مَبْلَغُ العلم وما تعرفُ شاني
واثقاً بالله ربي والغنى
من ندى عبد الغنيِّ في ضمان
قرن الإحسان بالحسنى َ معاً
فأراني فيهما سعدَ القران
لم يَرُعني حادثٌ أرهَبُه
أنا ما عشتُ لديه في أمان
هو ركنُ المجدَ مَبنى فخره
لا وهتْ أركان هاتيك المباني
جعلَ الله به لي عصمة ً
فإذا استكفيته الأمرَ كفاني
ففداه من لديه ما له
بمكان الرّوح من نفس الجبان
ثاني اثنين مع الدُّرِّ سنى ً
واحدٌ ليس له في الناس ثان
عجبٌ منه ومن أخلاقه
لو تَتَبَّعْتَ أعاجيب الزمان
كَرمٌ محضٌ وبأسٌ وندى
في نجيبٍ قلّما يجتمعان
وأذلَّ المالَ معطاءٌ يرى
عزَّة َ الأنفس بالمال المهان
خضلَ الراحة منهلّ البنان
بسطت أنمله العشرُ فما
زلتُ منها حشوَ جنات ثمان
وله مبتكرات في العلى
ترفع الذكر إلى أعلى مكان
قائلٌ في مثلها قائلها
هكذا تُفْتَضُّ أبكارُ المعاني
رجلٌ في مَوقِفِ الليث له
فتكة ُ البِكرِ من الحَرب العوان
تَحتَ ظلِّ النَّقْع في حَرَّ القنا
فَوقَ رَحِبِ الصَّدْرِ موّار العنان
والمواضي البيض ما إنّ أشرقت
شرقتْ ثمَّ بلونٍ أرجواني
ولك الله فقد أمَّنتني
كلّما عشتُ صروف الحدثان
وإنّما قيَّدتني في نعمة
أطلَقَتْ في شكرها اليومَ لساني
دونك الناس جميعاً والربا
أبَداً تَنْحَطُّ عن شُمّ الرّعان
يا أبا محمود يا هذا الذي
عَمَّ بالفضل الأقاصي والأداني
منزلي قَفْرٌ ودهري جائر
فأجرني سيّدي من رمَضان
وزمانٍ منه حَظّي مثلما
كان حظّ الشّيب من ودِّ الغواني
لستُ أدري والذي في مثله
أنزلَ القرآن والسبعَ المثاني
أفأيّامُ صِيام أقبَلَت
هي أمْ أيامُ بؤسٍ وامتحان
ساءني منه لعمري شَرَفٌ
لي من تلك الحروف الثلثان
لو أدري لي سفراً قطّعته
إرباً بالأنيقُ النجب الهجان
نائياً عن وَطَنٍ قاطنه
يحسُد اللاّطمُ وجهَ الصحصحان
يا غماماً لم يَزل صَيِّبُه
وأكفَ الدِّيمَة آناً بعدَ آن
صُمْ كما شِئت بخيرٍ واغتَنم
أجرَ شهرِ لاصَّوم بالخير المدان
ما جزاءُ الصَّوم في أمثاله
غير ما نوعدُ فيه بالجنان
وتهنّا بعدَه في عِيده
إنَّ أعيادك أيامُ التهاني
لا خلاك الله من دنيا بها
كلّ شيء ما خلا مجدك فان
في زمانٍ أصبحَ الجودُ به
والمعالي أثَرَاً بعدَ عيان

شعراء مصر والسودان >> جابر قميحة >> ملحمة النسر واليمامة
ملحمة النسر واليمامة
رقم القصيدة : 2236
-----------------------------------
لك الوكرُ والمجدُ والراسيات
لك السحب والأنجم الباذخهْ
وعند انقضاضك عصف عتيٌّ
تروّع منه الذرا الشامخه
وإما زعقتَ فصوت المصير
يزلزل أطوادها الراسخه
لك السهل والنجد - غير الفضاء
مديد الرحاب رحيب المدى
ومن يتقحم عليك الجواء
فليس له منك غير الردى
ويغدو هباء شريد الدماء
ويصبح درساً لمن هدّدا
وتحصد رزقك أنى تشاء
ولكن من القمم العاليه
مليكا قويامهيب الجناح
تهون عليك القوى العاتيه
فعرشك حيث يكون العلاء
وغيرك للسفح والهاويه
وعشت عيوفاً كريم المقام
رفيع المرام... أبيَّ الشَّمم
لذلك صرت (شعار) الجيوش
يرفرف فوق نواصي الأمم
ورمز الكفاح السعير المرير
إذا دِيسَ منها بأرض حَرَم
****
****
كذلك كنت, فكيف هويت
مغيراً .. تجور على عشها
وتزحف كاللص في ليلها
لتستل بالغدر من قشها
نُخَاعَ صغار ضعاف رقاق
تَمتّعن بالدفء في ريشها
وكانت تعانق شوق الحياة
ويهزج في جانبيها الزَّغَب
فلما هبطت كحلم كئيب
يسد عليها دروب الهرب
تَهرَّبَ من شفتيها الهديل
وأخرسها منك سيف الرَّهَب
فيا ويلها إذ دهاها الغشوم
ومخلبه القاتل.. الأعقف
نهوم بزرع الأسى والجراح
خسيس بغيُّ الهوى مجحف
فأمتع ما يشتهيه الدماء
إذا ما الجراح بها تنزف
****
****
ويطلع فجر مريض الضياء
على (صوصوات) الأسى والألم
وبعض من الريش فوق الغصون
وبعض من القشّ يعلوه دم
وفي السفح تشهد أيكا كئيباً
ضرير الفؤاد.. حطاماً أصم
ونسرًا تخلى عن الناطحات
ليهبط منها .. على قاعها
ويزحف زحف الأفاعي اللئام
كأني به صيغ من طبعها
وينزل ضيفاً عزيزاً عليها
فتكرم مثواه في ربعها
ألم تره باحثاً في التراب
عن الدود أو عن بقايا الرِّمَم
أسير الهبوط الذميم الحقير
ذليل الجناح كسيح الهمم
فما عاد يدعى (مليك الطيور)
ولكن.. عدوَّ العلا والقمم

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> عادَ الفؤاد من الجوى ما عادا
عادَ الفؤاد من الجوى ما عادا
رقم القصيدة : 22360
-----------------------------------
عادَ الفؤاد من الجوى ما عادا
أضحى يُذيلُ له الدُّموعَ ورادا
بل أنتِ قاتلة ُ النفوس فربّما
يأبى قتيلك أن يكون مفادى
قولي لطيفك يا سعادُ يزورني
إنْ سمتِ صبَّكِ جفوة وبعادا
هيهات أن يَصِلَ الخيال لمقلة
جفتِ الرقاد فما تملُّ سهادا
ولكمْ أروحُ بلوعة ٍ أغدو بها
ما راوحَ القلبَ النسيم وغادى
خذ يا هذيم إليك قلبي إنّه
ملأ الجوانح كلّها إيقادا
واسلُك بصحبك غير ما أنا سالك
فيه ومُلْقٍ للنياق قيادا
حذراً عليك من الصّريم فربّما
قنصتْ لحاظ ظبائه الآسادا
تلك الأحبة في الغميم ديارها
جاد الغِمام ديارها وأجادا
من مثقلات المُزن ألقى رحلَه
فيها وشقّ على الطلول مزادا
يستلّ منه البرقُ بيض سيوفه
منها وما كانت لها أغمادا
ما قادتِ الرّيح الجنوب زمامه
إلا وطاوع أمرها وانقادا
وسقاك دفّاع الحيا من أربُع
لم أخشَ فيها للدّموع نفادا
وقفت بنا فيها المطيُّ فخلتها
فقدتْ لها بالرّقمتين فؤادا
وأبَتْ براحاً عن طوامِس أرْسُمٍ
أضحت لها ولصحبها أقيادا
هل أنتِ ذاكرة ٌ، وهاج بك الجوى ،
مرعى ً وماءً عندها مبرادا
واهاً لعيشك بالغوير لقد مضى
ورأيتُ بعد نعميه أنكادا
ولقد رأيتُ الدار تُدمي أعيناً
غرقى ويحرق دمعها الأكبادا
فنحرتُ هذا الطرف في عرصاتها
فمدامعي مثنى ً لها وفرادى
وسقيتُها بالدمع حتّى لو سقى
وبلُ الغمام رسومها ما زادا
يا وُرْقُ!أين غرام قلبِك من شجٍ
جعل النُّواح لشجوه معتادا؟
أو تشبهين الصَّبّ عند نُواحه
ولقد بخلت بمدمعيك وجادا
بلغ البكاء من الشجيّ مراده
منه وما بلغَ الشجيُّ مرادا
فمتى خمودُ النار بين جوانحي،
والنّارُ آونة ً تكون رمادا؟
ومسالمات الحادثات وأن أرى
زمني لأمري طائعاً منقادا
أنّى يسالمني الزمان وقد رأى
هِمَمي على حرب الزمان شدادا
وعداوة الأيام ليست تنقضي
والحرُّ في هذا الزمانُ معادى
لولا جميل أبي الثناء وإنّه
يولي الجميل ويكرم الوفّادا
قَلْقَلْتُ عن أرضِ العراق ركائبي
وسَكَنْتُ غيرك يا بلاد بلادا
هو مُورِدي ما لم أرِدْهُ من النّدى
لولاه لم أكُ صادراً ورّادا
ومطوّقٌ جيدي بنائله الذي
ملك الرقاب وطوَّق الأجيادا
متفرّد بالفضل يعرف قدره
من يعرِف الأفراد والآحادا
إن قلت: ما بالخافقين نظيره،
أوْرَدْتُ فيا قلته أشهادا
هذي البلاد وهذه علماؤها
هل فاخرت بنظره بغداد؟
إن الشريعة أُلبست بجَنابه
تاجاً وألبسه التقى أبرادا
أجداده بنتِ العلاءَ وشيَّدتْ
فبنى على ذاك البناء وشادا
وكأنّما أقلامُ أنماه غدتْ
زرقاً على أهل العناد حدادا
وكأنّما جُعِلَ الصَّباحُ لُخَطِّه
معنى ً ومسودُّ الظلام مدادا
نهدي إلى عين القلوب سطوره
نوراً يخال على البياض سوادا
لله فضلك في الوجود فإنّه
تَرَك البريَّة كلّها حسادا
عزّ النظيرُ لمثل فضلك بينهم
فليطلبوا لك في السما أندادا
لو أنصفوا شكروا مواهب ربّهم
إذ كنتَ للدين القويم عمادا
أحْيَيْتَ عِلْمَ الأنبياء وقد أرى
بوجود ذاتك رجعة ً ومعادا
ولأنتَ أجرى السابقين إلى مدى ً
ولأنت أورى القادحين زنادا
لحقتْ مداك اللاحقون فقصَّرتْ
ولو أنها ركبت إليك جيادا
ولقد جريت على مذاكي همّة
لا تَسأم الإتهام والإنجادا
ها أنتَ في الإسلام أكبرُ آية ً
لله تمحو الغيَّ والإلحادا
فإذا نطقت فحجَّة مقبولة
أو قلتَ قلتَ من الكلام سدادا
ما أمَّ فضلَك مستفيدٌ في الورى
إلا استفاد فضيلة ً وأفادا
لولا ورودُ بحار علمك إذ طمت
لم تعرف الإصدار والإيرادا
ولكم زرعتَ من الجميل مكارماً
لا ترتجي مما زرعت حصادا
ولك الجميل إذا قبلت مدائحاً
أنشدتها لكَ معلناَ إنشادا
فليهنك العيدُ الجديد ولم تَزَلْ
أيّام دهرِك كلَّها أعيادا
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> تنفَّسَ عن وَجْدٍ تَوقَّدَ جمرُهُ
تنفَّسَ عن وَجْدٍ تَوقَّدَ جمرُهُ
رقم القصيدة : 22361
-----------------------------------
تنفَّسَ عن وَجْدٍ تَوقَّدَ جمرُهُ
فأجرى مَسيلَ الدَّمع يَنهلُّ قَطرُهُ
وبات يعاني الهَمَّ ليس ببارحٍ
على قلبه إقدامه ومكرُّه
تمنّى وما يغني التمنّي مطالباً
حَرِيٌّ به لولا الدَّنيَّة ُ دهره
ودون أمانيه عوائق جمّة
يضيق لها في المنزل الرحب صدره
تحمَّل أعباءُ المتاعب والتقى
على غرّة صرف الزمان وغدره
وأشقى بني هذا الزمان أريبه
وأتعبُ من فيه من الناس حرُّه
وربَّ خميص البطن مما يشينه
ينوءُ بأثقال الأبوَّة ظهره
له كلّ يوم وقفة بعد وقفة
يهيجُ جوى أحشائه وتقرّه
يطول مع الأيام فيها عتابه
ويسهر ليلاً ما تبلّجَ فجره
يشيم سنا برق المطامع وامضاً
تألَّقَ إلاّ إنّه لا يغرّه
فأمسى يغضّ الطرف عنه ودونه
وقوف الفتى يفضي إلى الضّيم أمره
وحالَف مختاراً على العزّ نفسه
إباءً ولم يُؤخَذْ على الذُلِّ إصره
بنفسي امرؤ يقسو على الدهر ما قسا
ولم يتصدَّع في الحوادث صخره
إذا ما رأى المرعى الدنيّ تنوشه
يَدُ الرذل يُستحلى مع الهون مرُّه
تَناول أفنان الخُصاصة وارتدى
بفاضل ذيل الفخر يُسْحَبُ طمره
جليد على عسر الزمان ويسره
وما ضَرَّه عُسُر الزمان ويسره
فلا البؤسُ والإقلال مما يسوؤه
وليس ثراءُ المال مما يسره
لئن تخلص الإبريزَ نارُ التجارب سكبه
إلى ٌ أنْ صفا من شائب الزِّيف تبره
قريبُ مجاني الجود من مستميحه
بعيدٌ على من سامهُ الخسفَ غوره
فلا يأمنَّن الدهرَ مكري فإنّني
من القوم لم يؤمن بمن ساء مكره
وما أنا بالمدفوع إن ضيم شرّه
ولا أنا بالممنوع إن سيمَ خيره
منحتُ الصّبا عذب الموارد في الهوى
بمبتسم باللؤلؤ الرطب ثغره
قضيتُ به عهد الشباب وعصره
فهل راجعٌ عهدُ الشباب وعصره؟
تفتَّحَ نوّار المشيب بلمَّتي
وأينعَ في روض الشبيبة زهره
وما فاتني هذا الوقار الذي أرى
إذا فاتني وصل المليح وهجره
صحا والهوى العذريُّ باقٍ خماره
بنشوانَ من خمر الصبابة سكره
معذّبتي من غير جُرم يلومها
وأعذبُ شيءٍ في هواكِ أمرَّه
أرابك منّي أنْ أقمتُ بموطن
تجوعُ ضواريه وتشبع حمره
وكيف أخاف الفقر أو أُحرم الغنى
هذا ندى عبد الغنيّ ووفره
فلا زال موصولاً من الله لطفه
إليَّ ومسبولاً من الله ستره
بأبلج وضاح الجبين أغرّه
فللّه وضّاح الجبين أغرّه
كما لم يزل منّي عليه ولم يَزَلْ
ثنائي على طول الزمان، وبرّه
كفاني مهمّات الأمور جميعها
فما سرَّني أن ساءني الدهر غيره
وما بات إلاّ وهو في الخطب كالئي
بطرف يريع الدهر إذ ذاك شزره
وما لامرئٍ عندي جميلاً أعدُّه
وكيف وقد غطّى على البحر نهره
وإنَّ الجميل المحضَ معنى ً وصورة ً
خلائقه بين الأنام وذكره
حياة جميل الصنع فيها حياته
وعمر المعالي والأبوّة عمره
حياض العطاء المستفاض أكفُّه
ومن فيضها جزل العطاء وغمره
يمينٌ كصوب المزن يهرق جودها
ووجه كروض الحزن قد راق بشره
دعاه إلى المعروف من نفسه لها
وتلك سجاياه وذلك طوره
أدَرَّتْ له أخْلاف كُلِّ حَلُوبَة ٍ
من المجد حتّى قيل لله دَرُّه
تتصّل هذا الدهر من ذنبه به
فلا تعتبنّ الليل والصبح عذره
فما ذنبه من بعد ذلك ذنبه
ولا وزره من بعد ذلك وزره
ولي منه ما أهدي لديه وأبتغي
ومنّي له المدح الذي طاب نشره
فيا قمراً في أفق كلّ أبية ٍ
سريع إلى المعروف والبرّ سيره
فداؤك نفسي والمناجيب كلّها
ومن سرَّه في الناس أنَّك فخره
أفي الناس إلاّ أنتَ من عَمَّ خيرُه
بيوم على الدنيا تطايَرَ شرّه
وما غيرك المدعوُّ إن شبَّ جمرها
وأنشبَ نابُ الخطب فينا وظفره
قواضٍ على صرف الحوادث بيضه
مواضٍ لعمري في الكريهة سمره
إذا ما غزا معروفه النكر مرَّة ً
فللّه مغزاه وبالله نصره
تدفَّق في حوض المكارم جوده
وحَلَّق في جَوٍّ من الفخر صقره
فهل يعلمنَّ المجدُ أنّك فخره
وهل يَعْلَمنَّ الجود أنَّك بحره
ومستعصم بالعزِّ منك وثوقه
إليك إذا هاب الدنايا مفره
وما خفيت حال عليك ظهروها
وكيف وسرُّ العَبد عندك جهره
فلا تحسبّني من ثراك مملّقاً
وربَّ غنيٍّ ليس يبرح فقره
وليس فقيراً من رآك له غنى ً
ولا آيساً من أنتَ ما عاش ذخره
فشكراً لأيديك التي قد تتابعت
إليَّ بما يستوجب الحمد شكره
ولو نظم الجوزاء فيك لما وفى
بها نظمه المثني عليك ونثره
وما يملأ الأقطار إلاّ ثناؤه
ويعذب إلاّ في مديحك شعره

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ليالينا على الجرعاء عودي
ليالينا على الجرعاء عودي
رقم القصيدة : 22362
-----------------------------------
ليالينا على الجرعاء عودي
بماضي العيش للصَّيبِّ العميدِ
بحيث منازلُ الأحباب تزهو
ونظمُ الشمل كالدر النضيد
وفي تلك المنازل لا عداها
حَياً ينهلّ من ذات الرعود
مسارح للمها يسخن فيها
وإنْ كانتْ مرابضَ للأسود
تعلَّقها هوى قيس لليلى
سوانح ربرب وقطيع غيد
هنالك تفتك اللحظات منها
وتنتسب الرماح إلى القدود
وكم فيا لحيّ من كبدٍ تلظّى
وتصلى حرَّ نيران الخدود
ولما أنْ وقفت بدار ميٍّ
سقتك بمستهلّ المزن قطرٌ
وشاك الحيا وشي البرود
فأينَ ملاعب الغزلان فيها
وصفو العيش في الزمن الرغيد
وفي تلك الشفاه اللُّعس ريٌّ
فواظمأ الفؤاد إلى الورود
وما أنسى الإقامة في ظلالٍ
على ماء من الوادي برود
تُغَنّينا من الأوراق وُرْقٌ
وتشدونا على الغصن الميود
وتنشدنا الهوى طرباً فنلهو
وتطربنا بذياك النشيد
لقد كانت ليالينا بجَمْعٍ
مكان الخال من وجنات خود
أبيتُ ومن أحبُّ وكأس راحٍ
كذوب التبر في الماءِ الجَمود
وقد غَنَّت فأعربَتِ الأغاني
عن اللذات من نايٍ وعود
فما مالت إلى الفحشاء نفس
ولا ركنت إلى حسناء رود
وما زالت بي الألحاظُ حتى
ألانتْ هذه الأيام عودي
ولم تملك يمين الحرص نفسي
ولا ألوتْ إلى الأطناع جيدي
وليلٍ قد لبست به دجاه
بأردية من الظلماء سُود
لبيدٍ يَفْرَقُ الخريتُ فيها
ولم أصْحَبْ سوى حَنَشٍ وسيد
يجاوبني لديها الحتف نفسٌ
فيلمَسُ ملمَس الصعد الشديد
وتمنع جانبي بيضٌ شدادٌ
ولي بأسٌ أشدُّ من الحديد
وكم يوم ركبنا الفلك تطفو
بسيط الماء في البحر المديد
إذا عصفت بها ريحٌ هوت بي
كما يهوي المُصلّي للسجود
فآونة ً تكون إلى هبوط
وآونة ً تكون إلى صعود
ولولا اليوسُفان لما رمت بي
مراميها إلى خطر مبيد
وقد أهوى الكويتَ وأنتحيها
إلى مَغنى محمدها السعيد
إذا طالعت بهجته أرَتْني
مطالعها مطالع للسعود
أنامِلُه جداول للعطايا
وبهجته رياضٌ للوفود
وأكرَمُ من غَدَتْ تُثني عليه
بنو الدنيا بقافية شرود
مفيدٌ كلّ ذي أمل وحاجٍ
يمدُّ إليه راحة مستفيد
وَمُنْتَجَعُ العُفاة ينالُ فيه
مكانة ُ رفعة ومنالُ جود
تَحُطُّ رحالَها فيه الأماني
وتعنيه المدائح من بعيد
وتأوي كلّما آوت إليه
ومأواها إلى ركن شديد
فتى ً من عقدِ ساداتٍ كرام
يتيمة ُ ذلك العقد الفريد
نعمتَ فتى ً من الأشراف خلاًّ
فيا لله من خِلٍّ ودود
ولولا جودُه والفضلُ منه
كما منَّ الوجودُ على وجودي
مناقبُ في المعالي أورثوها
عن الآباء منهمْ والجدود
أسودُ مواطن الهيجاء قومٌ
لهم شرفُ العقول على الأسود
هو الشرف الذي يبدو سناه
فيخضع كلُّ جبار عنيد
ويخمد نورهم ناراً تلظى
وكان الظنّ آبية الخمود
وما اعترف الجحود بها وفاقاً
ولكنْ لا سبيل إلى الجحود
رفاعيٌّ رفيعٌ القدرِ سام
أبيٌّ راغمٌ أنفَ الحسود
ومُبدي كلِّ مكرمة ٍ، معيدٌ
فيا لله من مبدٍ معيد
مكارمُ منعم ونوالُ بَرٍّ
غنيٌّ بالنجاز عن الوعود
وما مَلَكَتْ يداه من طريف
فلم تضع الجميل ومن تليد
عمودُ المجد من بيت المعالي
وهل بينُ يقوم بلا عمود
مَدَحْتُ سواه من نُقباء عصر
فكنتُ كمن تَيَمَمَّ بالصعيد
ولُذْتُ به فَلُذْتُ إذَن بظلٍّ
يمدُّ ظلال جنات الخلود
ولستُ ببارحٍ عن باب قرم
أقيّدُ من نداه في قيود
إذا جرَّدته عضباً صقيلاً
وقفتَ من الحديد على حديد
وإن ذكروا له خلقاً
فقلْ ما شئت بالخلق الحميد
إليك بعثتها أبيات شعر
يسير بها الرسول مع البريد
كقطر المزن يسجم من نمير
وروض المزن يبسم عن ورود
لئنْ كانت بنو الدنيا قصيداً
فإنّك بينهم بيتُ القصيد
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> شَرَّفَ البَصرة َ مولانا المشيرُ
شَرَّفَ البَصرة َ مولانا المشيرُ
رقم القصيدة : 22363
-----------------------------------
شَرَّفَ البَصرة َ مولانا المشيرُ
وتوالى البشرُ منه والسرورُ
قَرَّتِ الأعينُ في طلعته
مُذ بدا وانشرَحَتْ منا الصدور
أشرقت في أفقنا وانتهجت
وكذا تطلعُ في الأفق البدور
يرفع الجورَ ويبدي عدله
منصفٌ بالحكم عدلٌ لا يجور
أوتيَ الحكمة َ والحكم وما
هُوَ إلاّ العالم البحر الغزير
فَوَّض الأمر إليه مَلِكٌ
ما جرتْ إلاّ بما شاء الأمور
من وزير أصْبَحت آراؤه
يسعد السلطان فيها والوزير
كان سر اللّطف مكنوماً وقد
آنَ للرحمة واللطف الظهور
من أمير المؤمنين انبعثتْ
حبّذا المأمورُ فيها والأمير
دولة ٌ أيَّدها الله به
فَلَقَدْ طالتْ وما فيها قصور
وبشيرٌ لمليكٍ همُّهُ
أنْ يرى الناس وما فيهم فقير
أنتَ سيفٌ صارِمٌ في يده
وسحابٌ من أياديه مطير
أنتَ ظلٌّ مدَّه الله على
أهل هذا القطر أن حان الهجير
جئتَ بالبأس وبالجود معاً
إنّما أنتَ بشيرٌ ونذير
تمحقُ الباغين عن آخرهم
مثلما يحمو الدجى الصبحُ المنير
أصلحتْ بيضك ما قد أفسدوا
وكبا بالمفسد الجدُّ العثور
في حُروب تدرك الوتر بها
حاضَتِ البِيضُ بها وهي ذكور
عُدْتَّ منصوراً بجيشٍ ظافرٍ
وجَنابُ الحقِّ مولانا النَّصيرُ
بذلوها أنفساً عن طاعة
ضمنها الفوزُ وعقابها الحبور
تخطفُ الأرواح من أعدائها
مثلما تختطفُ الطيرَ الصقور
إنّما قرّبَتهم عن نَظَرٍ
ما له في هذه الناس نظير
عارفاً إخلاص من قرَّبته
ولأنتَ الناقدُ الشهمُ البصير
فتحتْ باباً لراجيك يدٌ
سدِّدتْ في حدّ ماضيها الثغور
وحمى أطرافها ذو غيرة
من مواضيك صليلٌ وزئير
مهلكٌ أعداءك الرعبُ كما
أهلكتْ عاداً من الريح الدبروُ
يا لك الله مشيراً بالذي
يُرتضى منه وبالخير مُشير
فإذا حادَ فغيثٌ ممطرٌ
وإذا حاربَ فالليث الهصور
وإذا حلّ بدارٍ قد بغتْ
حلَّ فيها الوبل منه والثبور
إنْ تسلْ عمَّن بغى في حكمه
فقتيلٌ من ظباه وأسير
أوقدوا النار التي أوروا بها
وسعى في هلكهم ذاك السعير
إذ يسير النصر في موكبه
معلناً تأييده حيث يسير
كيف لا يرجى ويخشى سطوة ً
لا الندى نزر ولا الباع قصير
وإذا طاشت رجال لم يطشْ
أينَ رضوى من علاه وثبير
ذو انتقام شقي الجاني به
ولمن تاب عفوٌ وغفور
أبْغَضَ الشر فلا يَصْحَبُه
وانطوى منه على الخير الضمير
أنقذَ الأخبار من أشرارها
وشرار الشرّ فيهم مستطير
فالعراق الآن في خفضٍ وفي
مجدك الباذخِ مختال فخور
أنْتَ للناس جميعاً مَوْرِدٌ
ولها منكَ وُرودٌ وصُدورُ
أنتَ للناس لعمري منهلٌ
ونداك السائغُ العذب النمير
هذه البصرة ُ منذ استبشرت
بِكَ وافاها من السعد بشير
حَدَثَت بالقرب من عمرانها
بعدما أخربها الدهرُ المبير
كبقايا أسْطرٍ من زُبُرٍ
بليتْ وابليت تلك السطور
فلعلّ الله أن يعمرها
بك والله بما شاء قدير
تتلافاها وإنْ أشْفَتْ على
جرفٍ هارٍ وأيلتها العصور
لك بالخير مساعٍ جمَّة ٌ
وبما تعزم مقدام جسور
وإذا باشرت أمراً معضلاً
هان فيك الأمر والأمر عسير
قد شَهِدنا فوق ما نسمعه
عنك والقول قليل وكثير
فشهِدنا صحَّة القول وإنْ
قَصَّرَ الرّاوي وما في القول زور
ونشرت الفضل حتى خلته
قام منك البعث حشر ونشور
طلعت من أنجم الشعر بكم
وَبَدَتْ من أُفقه الشّعرى العبور
كلّ يومٍ لك سعدٌ مقبلٌ
وعلى الباغي عَبوسٌ قمطرير

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هاتها حمراءَ تحكي العندما
هاتها حمراءَ تحكي العندما
رقم القصيدة : 22364
-----------------------------------
هاتها حمراءَ تحكي العندما
واسقنيها من يديْ عذبِ اللّمى
وانتهزها فرصة ً قد أمكنتْ
فاغتنمها واتخذها مغنما
وانتهبها لذة ً إنْ تنقضِ
يا نديمي أعقبتك الندما
وأعِدْ لي من شبابي ما مضى
بعجوز لم تلاق الهرما
حبّذا أختُ عروس زوّجتْ
وهي بكرُ الدَّن من ماءِ السما
أخبرت عن نار كسرى ما روت
من أعاصير الأُلى ما قدما
لطفتْ حتى كأن لم نرها
فتخيَّلنا الوجود العدما
في رياض أخَذَتْ زُخْرُفها
وبكى الغيث لها وابتسما
يوم أنسٍ نشر السحب به
في نواحي الجوّ بُرداً معلما
حجب الشمس فأبرزنا لنا
شمسَ راح والحباب الأنجما
معْ مليح قد قضى الحسن له
أنْ يرى الظلم إذا ما حكما
لو رآه عاذل يعذلني
في هواه عاد فيه مغرما
أشتكي الظلمَ وهذا ظالمي
يا لقومي من حبيبٍ ظلما
ورماني عامداً من لحظه
أيَّ سهم ذلك اللحظ رمى
ما اتقى الله بأحشائي ولا
راقبَ المأثم فيما أثما
حرَّمَ الوَصْلَ على مغرمه
ليتَه حَلَّلَ ما قد حرّما
يا مليحاً أنا في طاعته
وأعاصي في هواه الَّلوَّما
منك أشكو ما أقاسيه ومن
سُقم أجفانك أشكو السقما
وسواء فيك مسلوب الحشا
باح أسرار الهوى أو كتما
يا لقومي من مشيرٍ بدمي
من دم طلّ بألحاظ الدُّمى
كم وكم في الحبّ لا في معرك
صرع الظبيُ الأغنُّ الضيغما
وفنون لشجون أطلقتْ
عَبرة الصّبّ من الوجد دما
لست أنسى ليلة باتت بها
أعينُ الواشين عنا نوّما
وسهرناها كما شاء الهوى
نتعاطى الكأس من خمر اللمى
تلك أعراسُ زمان سلفتْ
فأقِم يوماً عليها مأتما
لم أزل من بعدها أرجو لها
عودة تبري بقلبي الألما
مقرناً قولي عسى في ربما
وعسى تُغني عسى أو ربّما
ينعم الدهر علينا مَرَّة
فنرى شمل المنى منتظما
ما رأتَ عَيني امرأً حيث رأت
مثل إبراهيم بَرّاً منعما
علويٌ قد علا أعلى العلى
وعلى أسمى السّماكين سما
مذ رأيناه رأينا ماجداً
وعرفناه وعرفنا الكرما
فهو كالغيث إذا الغيث همى
وهو كالبحر إذا البحر طمى
باسطٌ للجود منه راحة ً
ساجلتْ يومَ العطاءِ الدِّيما
أشرف العالم أُمّاً وأباً
ثُمَّ أوفاهم وأندى كرما
سيّد إنْ يعتزِ أو ينتمِ
فإلى خير النبيّين انتمى
لو دعيٌّ لم تدع آراؤه
من أمور الرأي أمراً مبهما
قسماً بالفخر في عليائه
أوَتبغي فوق هذا قسما؟
إنّه للفردُ في أقرانه
كان والمجد تليد التوأما
سالكٌ ما سلكت آباؤه
بمعاليه السبيلَ الأقوما
نشَرَتْ أيمانه ما ملكت
لنظام الحمد حتى نظما
أنا في مدحي له خادمه
إنَّ مَن يخدم علاه خدما
وقليلٌ ولو أني ناظم
لعلاه في القريض الأنجما
شِيَمٌ ممدوحة في ذاته
فتأمَّل فيه تلك الثيما
فتراه للندى حينئذٍ
مُسْبَغاً في كلّ يوم نعما
هو ترياق من الهر الذي
كان في اللأواء صِلاًّ صَيْلما
فإذا ما حارَبَتْ أيامه
حادث الأيام ألقى السلما
نتَّقي ما نتَّقي من بأسه
وإذ أقدمَ خطبٌ حجما
لا بلغتُ إرباً إنْ لم أكنْ
ناقلاً إلاّ إليه قدما
إنّما البَصرة في أيامه
ابْصَرَتْ أعْيُنُها بعدَ العَمى
جعل الله لها في ظلِّه
خيرَ ظلٍّ منه بل خير حمى
مكرماً من أمَّهُ مسترفداً
راحماً من جاءه مسترحما
فجزاه الله عنها خير ما
جُوزي المنعم عما أنعما
 

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> مضى سيّدٌ من غرِّ أبناء هاشمٍ
مضى سيّدٌ من غرِّ أبناء هاشمٍ
رقم القصيدة : 22365
-----------------------------------
مضى سيّدٌ من غرِّ أبناء هاشمٍ
فَظَلَّ عليه يندب المجدَ سيّدُ
إلى جنَّة المأوى إلى العفو والرضا
إلى رحمة الله التي تتجدد
ولما فقدناه بكينا لفقده
وقد زَّ من يبكى عليه ويفقد
بكى العلم والمعروف أرِّخ كليهما
لقبر ثوى فيه الأمين محمد

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أسرَّكَ من بادٍ لعَينَيْك حاضرِ
أسرَّكَ من بادٍ لعَينَيْك حاضرِ
رقم القصيدة : 22366
-----------------------------------
أسرَّكَ من بادٍ لعَينَيْك حاضرِ
طروقُ خيال من أميمة زائر
سرى ليبلّ المستهام غليله
ويشهدُ ما بين الحشا والضمائر
وإنْ كان لم يغن الخيال ولم يكنْ
ليشفي جوى ً في الحبّ من وصل هاجر
سلا من سلا قبلي وما كنت سالياً
وعيشك ما مرَّ السُّلوُّ بخاطري
وهيهات أنْ أسلو عن المجد بالهوى
وأصبو إلى غير العلى والمفاخر
وأقتحم الأمر المهول وما العلى
بغير العوالي والسيوف البواتر
ألا ثكلت أمُّ الجبان وليدها
ولا قررت منه بعين وناظر
إذا كشفت عن ساقها الحرب في الوغى
ودارت على أبطالها بالدوائر
فنلْ ما تمنّى عند مشتجر القنا
فَنَيْلُ الأماني بالقنا المتشاجر
وخاطرْ بنفسٍ لا أبا لك حرة ٍ
فما يبلغ الآمال غيرُ المخاطر
كما بلغا في المجد أبناءُ راشدٍ
مكان الدراري والنجوم الزواهر
فمن يطلبُ العلياء فليطلينِّها
برأفة ِ منصورٍ وسطوة ناصرٍ
هما ما هما ما في الرجال سواهما
إذا عدَّتِ الأشراف بين العشائر
رجالُ المنايا إذ يشبُّ ضرامها
بداهية ٍ دهياء ترمي بثائر
وهم موردوها والسُّيوف مناهل
مواردَ حتف ما لها من مصادر
وإنَّ بني السعدون بالجودُ والنّدى
لأشبهُ شيءٍ بالبحور الزواخر
فما وَلَدَت أمُّ المعالي لهم أخاً
وقد خاب من يرجو نتاج العواقر
أرى الناس إلاّ آل سعيدون أُمة ً
تعدُّ من الأحياء موتى المقابر
أباحوا نداهم للعفاة وحرَّموا
على جارهم للدهر سطوة جائر
لقد أُشْرِبَتْ حُب المعالي صدورهم
هنّياً مرّياً غير داءٍ مخامر
وإنّي متى عرَّضت يوماً بمدحهم
وأوردتُ ما أوردته من خواطري
إذا قلت قولاً كنتُ أصدق قائل
وإنْ قلتُ شعراً كنتُ أشعر شاعر
ولو علم السلطان إقدامَ ناصر
لما استنصر السلطان إلاّ بناصر
همام أباد المفسدين ودمَّرتْ
صوارمه من كلّ باغ وفاجر
وقلَّم أظفار الخطوب فلم تَصُلْ
بأنياب أحداث ولا بأظافر
فليس ببدعٍ أن تراه لدى الوغى
بأشجع من ليث بخفّان خادر
يسافر عنه الصّيت شرقاً ومغرباً
مقيمٌ على الإحسان غير مسافر
يحدّثُ راويه عن البأس والندى
ويأتيك من أخباره بالنوادر
وما نام عن قوم تكفَّل حفظها يمانياً
كساه نجيعاً من نجع الخناجر
وإنْ كَتَبتْ أيديه في الجود حُرِّرَتْ
بياض العطايا من سواد المحابر
نظمتَ أمور الناس علماً وحكمة
فمن ناظم فيك الثناء وناثر
ودَّبرْتَ إكسير الرياسة والعلى
بما لا يفي يوماً به علم جابر
وقُمتَ مقاماً يخطبُ الناس منذراً
ويعلنُ من إرشاده بالبشائر
لؤئنْ خطبتْ أسيافك البيض خطبة ً
فهامُ الأعادي عندها كالمنابر
ويا رُبَّ قوم طاولتك فقصَّرَتْ
وما كان منك الباع عنهم بقاصر
وجاءتك بالمكر الذي شَقِيَتْ به
فما رَجَعَتْ إلاّ بصفقة خاسر
وأرغمت آناف الطغاة فأصْبَحَت
تصعِّر مما أبْصَرتْ خدّ صاغر
ثَبَتَّ ثباتَ الراسيات لحربهم
وحَلَّقْتَ يومَ الفخر تحليق طائر
أذقتهم البأس عقوبة
ويا طالما أنذرتهم بالزواجر
وما خُلِقَ الإحسان إلاّ لصالح
ولا خُلق الصّمصام إلاّ لفاجر
عليك بِوُدّ الأقربين وإنْ أتَتْ
بغير الذي تهوي فليس بضائر
وأحسِنْ إليهم ما استطعت فإنّما
تشاهدُ بالإحسان صفو الضمائر
لعمرك إن ألفت بين قلوبهم
ظفرت من الدنيا بأسنى الذخائر
فما أفْلَحَتْ بين الأنام قبيلة ٌ
إذا ابتليت يوماً بداء الضرائر
وإنك تعفو عن كثير وهكذا
وعيشك قد كانت صفات الأكابر
فما أنتَ إلاّ كابرٌ وابن كابرٍ
وما أنْتَ إلاّ طاهر وابن طاهر
يميناً بربّ البيت والركن والصفا
ومن حلَّ في أكتاف تلك المشاعر
لأنتم بنو السعدون في كلّ موطن
أكارم مذ كنتم كرام العناصر
عليكم ثنائي حيث كنت وطالماً
ملأت بأشعاري بطون الدفاتر
أزيد لكم شكراً وأداد نعمة
وما ازدادت النعماء إلاّ لشاكر
أقلِّدكم منّي الثناء وإنّه
قليلٌ ولو قلَّدتكُمْ بالجواهر

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> مَدَحْتُ ابنَ الفَدّاغ نظمي
مَدَحْتُ ابنَ الفَدّاغ نظمي
رقم القصيدة : 22367
-----------------------------------
مَدَحْتُ ابنَ الفَدّاغ نظمي
فخاب في مدحه النظامُ
وجئتهُ والنهار ولّى
وكادَ إنْ يهجمَ الظلام
فساءَه عندها مجيئيٌ
كأنّما جاءه الحِمام
أقمتُ في داره طويلاً
فلا كلام ولا سلام
وصار عمداً يصُدُّ عني
أهكذا تفعلُ الكرام
لمّا رأيناه وهُوَ مُغضٍ
وما بدا منه لي ابتسام
مزَّقتً إذ قمتُ صحف شعري
وسرَّني منهمُ القيام
ومن يكنْ وجههُ عبوساً
عليَّ إكرامه حرام
ولا أرجّي ندى بخيلٍ
لو کنَّ في كفِّه الغمام
فكانَ كالبحر وهو ملحٌ
لم يُرْوَ من مائه أوام
رأى لساني إذنْ كليلاً
وما دَرى أنَّه حسام
ولا أدري ولا أماري
وليسَ في ذمَّتي الأثام
فلا تلمني على فعالي
عليك في ذلك الملام


 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> لاعيبَ بالبصرة مستهجنٌ
لاعيبَ بالبصرة مستهجنٌ
رقم القصيدة : 22368
-----------------------------------
لاعيبَ بالبصرة مستهجنٌ
إلاّ وجودُ الشَّيخ مفتيها
تظنّه النْجدي بأفعاله
لأنَّه أحيَلُ مَنْ فيها

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أفي الطَلل الحديث أو القديم
أفي الطَلل الحديث أو القديم
رقم القصيدة : 22369
-----------------------------------
أفي الطَلل الحديث أو القديم
بلوغُ مرامِ صبٍّ من مرومِ؟
وقفتُ على رسوم دارسات
وما يغني الوقوف على الرسوم
ألا سقيتْ منازلُ آل سلمى
بذي سلمَ ورامة والغميم
وحيّ حيَّ أحباب تناءت
بقلب سار عن جسد مقيم
خذي يا ريح أنفاسي إليهم
وإنْ كانت أحرّ من السموم
أكفكفُ بعدهم دمعاً كريماً
جرى من لوعة الوجد اللئيم
رعى الله الأحبة كيف مرّت
لياليهم بمنعرج الصريم
قضيتُ نعيم عيشٍ مرَّ فيها
فسَلني إنْ جهلتَ عن النعيم
وكم غصنٍ هصرتُ بها رطيباً
جنيّ الزهر مخضرّ الأديم
بحيث نزوج ابنَ المزن لما
عقدت حبابه بنتَ الكرومِ
إلى بعد الغميم وعهد سلعٍ
نجاة من هموم أو غموم
سقتها هذه العبرات صوباً
تنوف به على الغيث العميم
كأنّي حين أسقيها دموعي
سقاني البين كأساً من حميم
تلوم لجهلها لمياءُ وجدي
وأين اللائمون من الملوم
سألتكِ إنْ رأيتِ اللوم يجدي
حليفَ الوجد حينئذٍ فلومي
أما وحشاشة في القلب تزكو
غراماً يا أميمة كالغريم
لقد عدمَ التصبّر فيك قلبي
ومن يبغي الثراءَ من العديم
وها أنا بعْدَ مَن أهوى عليلٌ
شفائي منه معتلّ النسيم
وكم دنفٍ بكاظمة سقيمٍ
ولكنْ من هوى طرف سقيم
وليثٍ دون ذاك الحي يرمي
فيصرعُ في سهام لحاظ ريم
وأحباب أقاسي ما أقاسي
عَذاباً من عذابهم الأليم
هُمُ نقضوا العهود وهم أصَرّوا
بصدّهم على الحنث العظيم
وذكري بعدهم جنات عيش
رماني في لظى نار الجحيم
وفي دار السلام تركت قومي
وما أنا من هواهم بالسليم
ولي في البصرة الفيحاء قوم
أصولُ بهم على الخطب الجسيم
جرى من صدر إبراهيم فيها
على الدنيا ينابيع العلوم
من الأشراف من أعلى قريش
بهم شرفٌ لزمزم والحطيم
إذا عدّت قرومُ بني معدٍّ
فأوَّلُ ما يُعَدُّ من القُروم
عماد الدين قام اليوم فينا
بأمرِ الله والدين القويم
وفرعٍ من رسول الله دلَّتْ
أطايبهُ على طيب الأروم
ونجمٍ في سماء المجد يهدي
إلى نهج الصراط المستقيم
شهاب ثاقب لا زال يذكو
فيقذف كل شيطان رجيم
يعيد ظلام ليل الشكّ صبحاً
إذا ما كان كالليل البهيم
يزيد عقولنا بدقيق فهمٍ
غذاءً للعقول وللفهوم
ونرجع في الكلام إلى خبيرٍ
بكشف دقائق المعنى عليم
تكاد حلاوة الألفاظ منه
تعيد الروح في الجسم الرميم
وروض من رياض الفضل ضاهى
بزهر كلامه زهر النجوم
يقصّرُ بالبلاغة باعَ قُسٍّ
ويقصُرُ عنه قيس بن الخطيم
وإنّك إنْ نظرتَ إلى علاه
نظرتَ إلى جبال من حلوم
إذا ذكرتْ مناقبه انتشينا
وكانت كالمدامة للنديم
لقد كرمتْ له خيمٌ وجلًّتْ
وخيمُ الأكرمين أجلّ خيم
وهل في السادة الأنجاب إلاّ
كريمٌ قد تفرّع من كريم
يفوقُ الدَّرَ في نثرٍ ونظمٍ
إذا ما قيس في الدُّرِّ النظم
وأينَ المسكُ من نفحات شيخٍ
يفوق نوافج المسك الشيم
ولم يبرح يقابِلُ سائليه
بحسن الخلق والطبع الحليم
تنال بفضله علماً وحكماً
وتعلم لقمان الحكيم
فحاز مكارم الأخلاق طراً
وحاشاه من الخلق الذميم
زفَفتُ إلى علاك بناتِ فكري
فكانت منية الكفو الكريم
أغارُ من اللئام على القوافي
فلا يَحظى بها حظّ اللئيم
أمانعُ عن قوافيَّ الأداني
ممانعة َ الغيور على الحريم

شعراء مصر والسودان >> جابر قميحة >> بكائية بين يدي بشار بن برد
بكائية بين يدي بشار بن برد
رقم القصيدة : 2237
-----------------------------------
يا لأفقي الجريحِ فاض ظلاماً
كالحَ الوجه حالكَ الدَّيْجورِ
ملَّ من وجهه الكئيب سهيل
والثريا, وكل نجم زهير
وضفافي الخضراء ماجت بشوك
قاتل الوخز عابس قمطرير
وطريقي عليه سود الأفاعي
بين أنيابها اغتيال المصير
كلما شبَّت العزائم مني
أخرستها رؤى الفحيح الهصور
فتهاوت خطاي صرعى, فأنَّى
في ضفاف الأنياب يمضي مسيري?
كيف أمضي والزيف دين وطبع
والنفاق الخسيس جسر العبور?
واختلال المعيار أضحى صوابا
والصواب المنير شر الشرور?
إيه (بشارُ) جُدْ بياناً وشعرا
من ضياء وحكمة وعطور
لا تقل (كيف يمنح النور أعمى?)
ليس أعمى من كان حي الشعور
إنما العُمي من طواهم ظلام
في القلوب التي استوت في الصدور
فانظر العالم المسيخ بقلب
نابضٍ بالسنا الشفيف البصير
لن ترى بلبلاً على السرح يشدو
بل خفافيش في رياش الصقور
والبُغاث المضعوف عاث فسادا
بمغانيه في غياب النسور

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> عفتِ المنازلُ رقّة ً ونحولا
عفتِ المنازلُ رقّة ً ونحولا
رقم القصيدة : 22370
-----------------------------------
عفتِ المنازلُ رقّة ً ونحولا
فاحبس بها هذي المطيَّ قليلا
وأرِق دموعك إنّما هي لوعة ٌ
بعثَتْ إليك من الدموع سيولا
وابكِ المعالم ما استطعت فربّما
بلَّ البكاء من الفؤاد غليلا
واستجدِ ما سمح لاسحاب بمائه
إنْ كان طرفك يا هذيم بخيلا
يا ناق مالكِ كلّما ذكرَ الغضا
جاذبتِ أنفاس النسيم عليلا
إنّ الذين عهدت في أجزاعها
أمست ظعوناً للنوى وحمولا
جُمَلٌ من العبرات يوم وداعهم
فصَّلتها لفراقهم تفصيلا
وكأنَّ دمعَ الصبّ صوبُ غمامة
يسقي رسوماً نُحَّلاً وطلولا
يا منزلَ الأحباب أين أحبّة ٌ
سارت بهم قبّ البطون ذميلا؟
راحوا وراح رداء كل مفارق
تلك الوجوه بدمعه مبلولا
ومضت ركائبهم تُقِلُّ جآذراً
يألَفْنَ من بيضِ الصوارم غيلا
عرضت لنا والدمع يسبق بعضه
بعضاً كما شاء الغرام مسيلا
ويلاه من فتكات أحداق المها
ملأت قلوبَ العاشقين نصولا
لولا العيون النجل لم تلق آمرأً
يشكو الجراح ولا دماً مطلولا
يا أخت أمِّ الخشف كيف تركته
يوم الغميم متيماً متبولا
أورَدْتَه ماءَ العيون أصبابة ً
ومنعتَ خمرَ رضابكَ المعسولا
هلاّ بعثتَ له الخيالَ لعلّه
يرتاح في سِنَة الكرى تخييلا
وكّلت بالدّنف الضنى لك شاهدا
وكفى بذلك شاهداً ووكيلا
ولقد علمت ولا إخالُك جاهلاً
أنّ العذولَ بهنّ كان جهولا
ما لاح ذيّاك الجمال لعاذل
إلاّ وكان العاذل المعذولا
ضلَّ العذولُ وما هدى فيما هذى
بلْ زادني بدعائه تضليلا
كيف السبيل إلى التصابي بعدما
قد قاربَ الغصنُ الرطيبُ ذبولا
أسفاً على أيام عمر تنقضي
كَدَراً وتذهب بالمنى تأميلا
وبناتِ أفكارٍ لنا عربية ٍ
لا يرتضين سوى الكرام بعولا
وإذا نهضتُ إلى التي أنا طالب
في الدّهر أقعدني الزمان خمولا
سأروع بالبين المطيّ ولم أبلْ
أذهبنَ كدّاً أمْ فقدنَ قفولا
وأغادر النجب الكرائم في السرى
تغري حزوناً أقفَرَتْ وسهولا
لا تعذليني يا أميم على النوى
ألفيتَ ثمَّة َ نائلاً ومنيلا
وتقاصرت همم الرجال وأصبحتْ
فيهم رياض الآملين محولا
تأبى المروءة أن تراني واقفاً
في موقف يَدَعُ العزيز ذليلا
أو أنني أرضى الهوان وأبتغي
بالعزْ -لا عاش الذليل- بديلا
صبراً على هذا الزمان فإنّه
زمَن يُعَدُّ الفضل فيه فضولا
لولا جميل أبي جميل ما رأت
عيناي وجه الصبر فيه جميلا
أهدي إليه قلائداً بمديحه
كشفت قناع جمالها المسبولا
فأخال ما يطربنه بنشيدها
كانت صليلاً في الوغى وصهيلا
ويميل من كرم الطباع كأنّما
شربتْ شمائله المدام شمولا
ذو همة بَعُدَتْ فكان كأنّه
يبغي بها فوق السماء حلولا
لو مل يكنْ في الأرض من أعلامها
كادَتْ تميلِ بأهلها لتزولا
الصادق العزمات إنْ ريعت به
الأخطار قطعَ حبلها الموصولا
لا آمنَ الحدثان إلاّ أنْ أرى
بجوار ذيّاك الجناب نزولا
إنّي اختبرت جنابه فوجدته
ظِلاً بهاجرة الخطوب ظليلا
وإذا تغيَّرتِ الحوادث بامرئ
لا يقبل التغييرَ والتبديلا
قصرت بنو العلياء عن عليائه
ولو کنها تحكي الشوامخ طولا
كم شاهد الجبّار من سطواته
يوماً يروع به الزمان مهولا
في موطن لم يتخذْ غير القنا
والمشرفّية صاحباً وخليلا
إن شيَم شِيمَ الغيث أومضَ برقه
أو ريع كان الصارم المسلولا
وإذا أتيتَ إلى مناهل فضله
لتنال من إحسانه ما نيلا
تلقى قؤولاً ما هنالك فاعلاً
يا قلَّ ما كان القؤول فعولا
وإذا قضى كرماً على أمواله
كان القضاء بأمره مفعولا
ما زال بَرّاً بالعُفاة ومسعفاً
بلْ مسرعاً بالمكرمات عجولا
وإذا سألتُ مكارماً من ماجد
ما كان غير نوالك المسؤولا
ولقد هززتك للجميل فخلتني
أنّي أهزُّ مهَنَّداً مصقولا
تالله ما عرف السبيل إلى الغنى
حتى وجَدْتُ إلى علاك سبيلا
وإذا سألت سواك كنت كأنّني
أبغي لذاتك في الأنام مثيلا
قسماً بمجدك وهو أعظم مقسم
يستخدم التعظيم والتبجيلا
لو كنتَ في الأمم المواضي لم تكن
إلاّ نبياً فيهم ورسولا
إنّ الذي أعطاك بين عباده
قدراً يجلُ عن النظير جليلا
أعطاك من كرم الشمائل ما به
جُعِلَتْ ذكاء على النهار دليلا
أطلعتَ من تلك المكارم أنجماً
لم تَرْضَ ما أفل النجوم أفولا
علقت بك الآمال من دون الورى
يوماً فأدرك آملٌ مأمولا
ورجوتُ ما ترجى لكلّ ملمَّة ٍ
فوجَدْتُ جودك بالعطاء كفيلا
ولك اليد البيضاء حيث بسطتها
تهب العطاء الوفر منك جزيلا
ولو أنّني استسقيت وابل ديمة ٍ
لم تُغنني عن راحتيك فتيلا
هي موردٌ للآملين ومنهلٌ
دعني أفوز بلثمها تقبيلا
فلأنشرنَّ عليك غرَّ قصائدي
ولأشكرنّك بكرة ً وأصيلا
ومن الثناء عليك في أمثالها
لم يَبقَ قولٌ فيك إلاّ قيلا
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> وما زلتُ مذ فارقتُ بغداد أبتغي
وما زلتُ مذ فارقتُ بغداد أبتغي
رقم القصيدة : 22371
-----------------------------------
وما زلتُ مذ فارقتُ بغداد أبتغي
نزوحاً إلى ما يقضيه نزوحي
وإنّي مشتاق إلى كلّ ماجد
يَصوبُ بقطرٍ أو يَهُبّ بريح
تطالبني نفسي بطِيبٍ وطيِّبٍ
فقلت ابشري بالمسك وابن صبيح

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أتنسى صالحاً يوماً عبوساً
أتنسى صالحاً يوماً عبوساً
رقم القصيدة : 22372
-----------------------------------
أتنسى صالحاً يوماً عبوساً
غداة َ هُجَيت في شِعر السُّويدي
ويوماً قد ضُرِبَتَ بكل نعلٍ
ثقيلٍ فوق رأسك بالجنيد
لقد أصبحتَ للشعراء مَرمى
فكلٌّ قال هذا كلبُ صَيْدِ

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ألا بلّغ جناب الشَّيخ عَنّي
ألا بلّغ جناب الشَّيخ عَنّي
رقم القصيدة : 22373
-----------------------------------
ألا بلّغ جناب الشَّيخ عَنّي
رسالَة مُتقِنٍ بالأمرِ خُبرا
وسَل منه غداة يَهُزُ رأساً
بحلقة ذكره ويدير نحرا
أقال الله صفّق لي وغنِّ
وقلْ كفراً وسمّ الكفر ذكرا
وأيُّ ولا ية حَصَلَتْ بجهلٍ
ومن ذا نال بالكفران أجرا
فإن قلتَ اجتهدت بكلّ علمٍ
فأعربْ لي إذنْ لاقيت عمرا
وما يكفيك هذا الفعل حتى
كذبتَ على النّبي وجئت نكرا
متى صارت هيازع من قريش
فعدِّدها لنا بطناً وظهراً
فإنْ تكن السّيادة باخضرار
لكان السلقُ أشرفَ منك قدرا
تقول العيدروسي كان يحيى
من الأنفاس من قد مات دهرا
أكان شَقَقْتَ للباري شريكاً
فيملكُ دونه نفعاً وذرّا
فويلك قد كفرت ولستَ تدري
ولم تبرح على هذا مصرّا
وويحك ما العبادة ضربُ دفٍ
ولا في طول هذا الذقن فخراً
برؤيتك الأنام تظن خيراً
ولو عقلتَ لظنَّت فيك شراً
أجب عما سألتك واشفِ صدري
وإنْ أكُ قد عرفتك قبلُ ثورا

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> جلا في الكأس جالية الهموم
جلا في الكأس جالية الهموم
رقم القصيدة : 22374
-----------------------------------
جلا في الكأس جالية الهموم
وقامَ يميسُ بالقدِّ القويمِ
يحضُّ على مسرات الندامى
ويأمرُ في مصافاة النديم
وقد فرش الربيعُ لنا بساطاً
من الأزهار مختلف الرقوم
بحيث الأُفق مغبرّ الحواشي
ووجه الأرض مخضر الأديم
هنالك تطلع الأقمار فيها
شموس الراح في الليل البهيم
كأنَّ حبابها نظمت نجوماً
رَجَمْتُ بها شياطين الهموم
وأرشفني لماه العذب ألمى
مراشفه شفاء للسقيم
وأعذب ما أرى فيه عذابي
فما أشكو الظلامة من ظلوم
وأحبابٌ كما أهوى كرامٌ
تنادمني على بنت الكروم
ويسعدنا على اللذات عُودٌ
يكرِّرُ نغمة الصوت الرخيم
يخصّ بما يعمّ أخا التصابي
فيشجي بالخصوص وبالعموم
فيالك لوعة في الحبّ باحت
بما في مضمر القلب الكتوم
وما أهرقت من دمع كريم
جرى من لوعة الوجد اللئيم
ألام على هواك وليت شعري
فما للاّئمين من الملوم
وما سالت دموعُ العين إلاّ
لما في القلب من حرّ السموم
وهل ينجو من الزفرات صبٌّ
رَمَتْه بالغرام لحاظُ ريم
وقد حان الوداع وحان فيه
رَحيلُ الصَّبْر عن وجدٍ مقيم
إلا لله من زَمَنٍ قَضَيْنا
به اللذات في العصر القديم
وقد كانت تدارُ عليَّ راحٌ
تُعيدُ الرُّوح في الجَسَدِ الرَّميم
أخَذْتُ بكأسها وطربت فيها
فَسَلْني كيف شئت عن النعيم
بحيث الشمس طالعة ، مدامي
وبَدْرُ التَّمِّ يومئذٍ نديمي
تصرمتِ لاصّبابة والتصابي
وصارمني الهوى ظبيُ الصريم
ومفرية الفدافد والفيافي
لها في البيد إجفالُ الظليم
سريت بها أقدُّ السَّير قدّاً
بضرب الوخد منها والرسيم
إذا مرَّتْ على أرض فَرَتْها
مرور العاصفات على هشيم
وقفتُ على رسوم دارسات
وما يغني الوقوف على الرسوم
أكفكفُ عبرة الملهوف فيها
وتحت أضالعي نار الجحيم
أطَوِّفُ في البلاد وأنتحيها
وإنْ شطت إلى حرٍّ كريم
لئن سَعِدَت به الكوماء يوماً
خسمت نحوس أيام حسوم
انيخت في رحاب بني عليٍّ
نياقي لا بمنعرج الغميم
وأغناني عن الدنيا جميعاً
ندى سلمان ذي القلب السليم
وما زالت مطايانا سراعاً
إلى نادي الكريم ابن الكريم
رعيت به الندى غضّاً نضيراً
فما أدنو إلى المرعى الوخيم
أقبلُ منه راحة أريحيٍّ
تصوبُ بصيب الغيثِ العميم
وإنّي والهموم إذا کعترتني
وجدت به النجاة من الغموم
ويحمي المنتمي إلى علاه
محاماة الغيور عن الحريم
إذا ذُكرت مناقبُه بنادٍ
تضوَّعَ عن شذا مسكٍ شميم
يروق نضارة ً ويروقُ ظرفاً
أرقَّ -إذا نظرتَ- من النّسيم
وما يُبديه من شَرَفٍ ومجدٍ
بدلّ به على شرف الأروم
وما برحت مكارمه ترينا
وُجُوه السَّعد بالزمن المشوم
وتطلع من معاليه فتزهو
مناقبُ أشبهت زهرَ النجوم
ولِمَ لا يرتقي دَرَج المعالي
بما يعطاه من شيمٍ وخيم
بوار فينا وإنْ رغمت أنواف
يدا موسى بن عمران الكليم
أنوءُ بشكرها وأفُوزُ منها
بما يوفي الثراءَ إلى العديم
وذو الحظ العظيم فتى ً بَرَتْه
يدُ الباري على خلق عظيم
وفيه منعة لا زال فيها
کمتناع الحادثات من الهجوم
ويدرك فكره من كلّ معنى
يدق على المكالم والفهوم
هو القرم الذي افتخرت وباهت
به الأشرافُ أشراف القروم
تحوم على مناهله العطاشى
وثمَّة َ منهلٌ عذبٌ لهيم
وتصدرُ عن موارد راحتيه
وقد بلغ المرام من المروم
لعبد القادر الجيلي يُنمى
وقطب الغوث والنبأ العظيم
إلى من تفرج الكربات فيه
وينجي المستغيث من الهموم
إلى بيت النبوة منتماهم
رفيع دعائم الحسب الصميم
هذاة ُ العالمين ومقتداهم
إلى نهج الصراط المستقيم
رياض محاسن وحياض فضل
تَدفَّقُ بالمكارم والعلوم
وما أدري إذا طاشت رجال
رجالٌ أمْ جبالم حلوم؟
نظمتُ بمدحهم غُرَر القوافي
فما امتازت عن الدر النظيم

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أَدَارَ على النّدمان كأَسَ عقارِهِ
أَدَارَ على النّدمان كأَسَ عقارِهِ
رقم القصيدة : 22375
-----------------------------------
أَدَارَ على النّدمان كأَسَ عقارِهِ
وحيى بوردِ الخدِّ من جلِّناره
وفي طرفه للسكر ما في يمينه
فكلتاهما من خمرهِ واختماره
وماس فمال البان إذ ذاك غيرة ً
عليه وأزرى فيه عند ازوراره
على أَنَّه من روضة الحسن جَنَّة ٌ
ولكَّنه ما حفَّها بالمكاره
وقد نسجت أيدي الربيع ملابساً
مفوَّفة ً من ورده وبهاره
وسال لجين الماء فوق زمرد
يحلّيه من نّواره بنضاره
وأصبح مخضراً من النَّبت شارب
يروق ويزهو بهجة بکصفراره
وقد رَقَصَتْ تلك الغصون تطرباً
لبُلْبُلِه الشادي وصوت هزاره
تألَّفَ ذاك الشكل بين اختلافه
وأبْدَعَ في إحسانه وابتكاره
فهذا يَسُرُّ الناظرين کصفرارُه
وهذا زها مخضره باحمراره
وكم راح يغني عن الزهر أغيدٌ
بنرجس عينيه وآس عذاره
عَصَيْتُ عذولي في هواه ولائمي
وما زلت في طوع الهوى واختياره
أطال بطول القدّ في الحبّ حسرتي
وحيرَّني في خصره واختصاره
ولله مخضر العذار عشقته
وحمر المنايا السود عند اخضراره
أُجادل عذَّالي على السخط والرضا
وإنّي لراض بالهوى غير كاره
يقول الهوى العذريّ في مثل حبِّه
إذا لم تطقْ هجر الحبيب فداره
وليلٍ كيومِ النَّقع أسودَ فاحمٍ
تخوص بكاسات الظّلا في غماره
أَغَرْنا على اللّذات ما ذكرت لنا
وأَبْعَدَ كَلٌّ عندها في مغاره
وقد زار من أهوى على غير موعدٍ
فيا قربَ منآه وبعد مزاره
فآنسني في وَصْله بعد هجره
وقد آلفَ المشتاق بعد نفاره
وما زال حتى صوَّب النجم وانطوى
رداءُ ظلام الليل بعد انتشاره
ولاحت أسارير الصباح وبشَّرتْ
بأنَّ الدجى قد حان حين بواره
ولم يبق من أبناء حام بقية
فما شقً عن حامٍ ولا عن غباره
يدير علينا كأسَ راح رويّة
تجرِّدُ من يروى بها من وقاره
تخبرنا عن نار كسرى لعهده
وقد برزتْ في طوقه وسواره
فما نزلت والهمّ يوماً بمنزلٍ
وما أَقْبَلَتْ إلاّ لأجل فراره
وقلنا له هاتِ الصَّبوح فكلُّنا
يُريدُ شفاءً بالطلا من خماره
ونحن بروض رقَّ فيه نسيمه
وجرَّ على الأنفاس فضل إزاره
وأهدت إلى الأرواح أرواحها الصبا
أريج خزاماه وطيب عراره
وأنعمُ عيشٍ ما حظيتُ برغده
وكنتُ لعبد الله ضيفاً بداره
أمنتُ طروق الهم من كل وجهة
إذا كنتُ يوماً نازلاً في جواره
أقرُّ به عيناً وأشرح خاطراً
وأشرك شكر الروض وبل قطاره
فمن فضله أنّي أبوء بفضله
وأفخر ما بين الورى بافتخاره
ولا خير فيمن لا يؤمَّل نفعه
ولا يتّقى من بأسه وضراره
ومنذُ رأيتُ اليُمن طوعَ يَمينه
وَجَدْتُ يَساري حاصلاً في يساره
وقيَّدني منه رقيقُ جميله
فَلَسْتَ تراني مطلقاً من إساره
أبرَّتْ به في الأنجبين ذخيرة
وحسبُك ما كان الغنى بادخاره
أنزّه طرفي في محاسن وجهه
وإنْ غاب عَنِّي لم أزل بانتظاره
وإنّي لأهواه على القرب والنوى
وأطربُ في أخباره وادِّكاره
جَنَيْتُ به غرس المودَّة يانعاً
وكل جميل يجتنى من ثماره
سريع إلى الفعل الجميل مبادر
إلى الخير في إقباله وبداره
رعى الله من يرعى من الخلّ عهده
وأدّى له ما ينبغي لذماره
إذا دار في زهر العلى فلك العلى
فآل زهير الصّيد قطب مداره
صناديدُ يشتارون من ضربِ العلى
وشوك القنا الخطيّ دون اشتياره
لقد عرف المعروف من قبلها بهم
وشيد بفضل الله عالي مناره
وهل تجحد الحساد آية مجدهم
وَقَد طلَعت في الكون شمس نهاره
بهم كلّ مقدام على الرّوع فاتك
بسطوته في جنده وکقتداره
ويفترّ في وجه المطالب ضاحكاً
ولا الأقحوان الغض عند افتراره
إذا استنصر الصمصام أيّد حزبه
وقام اليماني قائماً بانتصاره
إذا قيل رمح حدّ سنانه
وإنْ قيل عضبٌ كان حدَّ غراره
وإنْ عدَّ كبّار الأنام فإنّما
أصاغرهم معدودٌ من كباره
همُ خيرُ من لا يبرح الخيرُ فيهم
وما كلُّ من ألْفَيْتَه من خياره
تضوّعَ مسكيّ الشذا من ردائه
بعنصره الزاكي وطيب نجاره
فهم أبحرُ الجدوى تفيض ولم تغضْ
فكم وارد عذب الندى من بحاره
يهون عليه المال إنْ عزّ أو غلا
وينظر أسناه بعينت احتقاره
صفا مثل صفو الراح لذَّتْ لشارب
ودارت كما شاء الهوى في دياره
فلا زالت الأفراح حشوَ ردائه
ولا برحتْ عن برده وشعاره
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> دَعَوَتُ فؤادي لِلسُّلُوِّ فما أجدى
دَعَوَتُ فؤادي لِلسُّلُوِّ فما أجدى
رقم القصيدة : 22376
-----------------------------------
دَعَوَتُ فؤادي لِلسُّلُوِّ فما أجدى
وظلَّ يخالُ الغيَّ في وجده رشدا
وما أنا من سلمى وسعدى بمأرب
فلا سلمتْ سلمى ولا سعدت سعدى
أقمتُ بأرضٍ غير أرضي وموطني
وما لي في أفنائها أنيقٌ تحدى
وأنفقتُ أيامي على غير طائل
فلا منهلاً عذباً ولا عيشة رغدا
وما اخترطت غير القتاد يدي بها
وغيري جنت من شوكها يده الوردا
تؤخرني الأيّام عّما أريده
فلم تكتسب شكراً ولم تكتسب حمدا
وقد قذفتني في البلاد يد النوى
فلم أُبْقِ غوراً ما وطئت ولا نجدا
نوى ً جمعتني بعد حين بأحمد
سأوسعها شكراً وأحمدها حمدا
من المكرمين الوفد طبعاً وقلّما
رأيتُ بهذا العصر من يكرم الوفدا
قريب من الحسنى سريع إلى الندى
وما برحت إذ ذاك أيدٍ له تندى
ومستجمع للجود إمّا دعوته
دعوت مجيباً قد تهيّأ وکعتدا
إذا مُدّت الأيدي إليه أمدَّها
بجدوى يمين تورثُ الأبحرَ المدّا
كما أنّ جدوى كفِّه يورث الغنى
وقد يورث العلياء والعزَّ والمجدا
يلين لعافيه وإنْ كان قد قسا
زمانٌ على عافيه بالعسر وکشتدا
له هممٌ في المعضلات تخالها
كسمر القنا طعناً وبيض الظبا حدا
يجرّدها في كلّ أمرٍ حلاحلٍ
يقدّ بهنّ الخطب يومئذ قدا
يحل بها عقد الشدائد كلّها
فهل مثله من وُلّي الحلَّ والعقدا
يرى غاية الغايات وهي خفية ٌ
كما قد يرى خيط الصباح إذا امتدا
يضيىء لنا منه شهاب إذا دجا
دُجى ً من خطوب في الحوادث وکسودّا
فنحن أناس لا يشقّ غبارهم
وأحمرة لا تلحق الضمّر الجردا
وهيهات ما بين الثريا إلى الثرى
ألا إنّ فيما بين جمعهما بعدا
ترى نفثات السّحر في كلماته
وتجني بأيدي السمع من لفظه شهدا
سانٌ كحدّ السيف أو كجنابه
به مفحم للخصم ألسنة ً لدا
وهاهو في حدّ الكلام وهزله
يصوغ من الألفاظ ما يشبه العقدا
أماناً من الأيام أمسى ولاؤه
يلاحظ وقد الكلّ من يده الرفدا
وها أنا منه حيث طاشت سهامها
لبست به عن كلّ نائبة سردا
وأشكر منه أيدياً تخجل الحي
ويترك حرَّ القوم إحسانُه عبدا
عليَّ له فضل قديم وأنعمٌ
إذا عدِّدتْ لا أستطيع لها عدا
وأسدى من المعروف ما هو أهله
إليَّ وكم من نعمة منه قد أسدى
سأقضي ولن أقضي له حق شكره
وإنْ أعجزَ العبَد القضاءُ فما أدّى
وأُهدي ثنائي ما استطعت لمجده
وما غيره عندي لعلياه ما يهدى

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ألا من مبلغٌ عنّي ابنَ شبلي
ألا من مبلغٌ عنّي ابنَ شبلي
رقم القصيدة : 22377
-----------------------------------
ألا من مبلغٌ عنّي ابنَ شبلي
رسائلَ ضمنها خزيٌ وعارُ
قصيميٌّ عَدِمْتَ العقل يوماً
ويوماً شمّريٌّ مستعار
وجنيٌّ إذا ما جُنَّ ليلٌ
وإنسيٌّ إذا ضاء النهار
ذهبت مولياً خدعاً ولؤماً
فلم يلحق بمذهبك الغبار
كما ذهب الحمار بأمّ عمرو
فلا رجعت ولا رجع الحمار

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> على مثله تجري الدُّموعُ السواجمُ
على مثله تجري الدُّموعُ السواجمُ
رقم القصيدة : 22378
-----------------------------------
على مثله تجري الدُّموعُ السواجمُ
وتبكي ديارٌ أُخْلَيتْ وَمَعَالمُ
ومن بعده لم يبق في الناس مطمع
لأنسٍ ولا في هذه الناس عالم
لتقضِ المنايا شاءت فقد وهت
قوى الصبر وانحلت لديها العزائم
وشُقَّت قلوبٌ لا جيوبٌ وأُدْمِيَتْ
جوانح قد شُدَّت عليها الحيازم
تيقَّظ فيها للنوائب نائم
ووافى إلى حرب الزمان مسالم
وكنّا بما نلهو على حين غفلة
أمنّا هجوم الموت والموت هاجم
وما ذرفت عيناي إلاّ لحادث
ألمَّ بنا فاستعظمته العظائم
وفلَّ قضاء الله شفرة صارم
أقارع أعدائي به وأُصارم
وسكن فعلاً ماضياً من غراره
وما دخلت يوماً عليه الجوازم
وأصْبَحْتُ لا درعٌ يقيني سهامها
ولا في يميني مرهف الحد صارم
غداة رأت عيني الأمين محمداً
صريعَ المنايا والمنايا هواجم
وقد ميطَ عن ذاك الجناب الذي أرى
مآزرُ لمْ تعلق بهنّ المآثم
وقد خَلَعَتْ منه المعالي فؤادها
وإنسانُ عين المجد بالدمع عائم
وعهدي به ما لان قط لشدة ٍ
ولا أَخَذَتْ منه الأمورُ العظائم
على هذه الدنيا العَفا بعد سيّد
به العيش -حتى فارق العيش- ناعم
تكدِّر ذاك المنهل العذب صفوه
فلا حام ظمآناً على الماء حائم
لتبك عليه اليوم أنباءُ هاشم
إذا ما بكَتْ أبناءَها الغرَّ هاشم
تَفَرعَ عنها مُنْجِبٌ وابنُ منجبٍ
غذته لبانَ العزِّ منها الفواطمُ
فقام بأمر الله غير مداهن
لأمر ولمْ يعقد عن الحقّ قائم
ولا يتّقي في الله لومة لائم
ولم يثنه عن طاعة الله لائم
ويقدم للأمر الذي يعد الرّدى
وقد أحجمتْ عنه الأسودُ الضراغم
ويرضيه ما يرضى به الله وحده
وإنْ غضبَ القوم الطغاة وخاصموا
فرُحنا نواري في الثرى قَمر الدجى
فلا فجَّ إلاّ وهو أسْوَدُ فاحم
ونحثو على الضرغام أكرمَ تربة ٍ
ثوى في ثراها الأنجبون الأكارم
وطافت به أملاكها وتنزلتْ
من الملأ الأعلى عليه عوالم
وقلنا لقد غاض الوفاء وأقعلتْ
بوابل منهلّ القطار الغمائم
وهل تبلغ الآمال ما منيتْ به
وقد فجعتْ بالأكرمين المكارم
هنالك لم تُحبَس لعَينيَّ عبرة ٌ
عليه ولم تثبت لصبر قوائم
ومن عجب نبكيه وهو منعم
ونعبس مما قد دهى وهو باسم
سقاك الحيا المنهلُّ عشية ٍ
وحيّاك منه العارض المتراكم
نأيتَ فودَّعنا الفضائل كلّها
فيا نائباً بالله هلْ أنتَ قادم؟
ويا صخرة الوادي التي قد تصدَّعتْ
وكان لعمري يتّقيها المزاحم
لئن كان أنسي فيك أنساً مرزما
فحُزني عليك اليوم حزن ملازم
بمن أَتَسلَّى عنك والناس كلُّها
وحاشاك إلاّ من عرفت بهائم
بمن أتّقي حَرَّ الزمان وبرْدَه
ويعصمني ممّا سوى الله عاصم
وفيمن تراني أستظلّ بظلّهِ
إذا نفحتْ تشوي الوجوهَ سمائم
وإنّي على ما فاتني منك نادم
أشَنّفُ سَمعي منك باللؤلؤ الذي
يَروقُ ولم ينظِمْه في السِّلْكِ ناظِمُ
برغميَ فارقتُ لاذين أحبّهم
ولي فيهمُ قلبٌ من الوجد هائم
وقاطعني لا عن تقالٍ مقاطعٌ
وصارمني لا عن جفاءٍ مصارم
وضاقت عليَّ الأرض حتّى كأنّها
لقد كسفتْ تلك الشموس وأغمدتْ
ببطن الثرى تلك السيوف الصوارم
أسامرُ ذكراه بها وأنادم
وأذكر عهِد الودّ بيني وبينه
وهيهات ينسى عهده المتقادم
وقد كنت أهوى أنْ أكونَ له الفدا
فألقى الرّدى من دونه وهو سالم
ولكنْ أراد الله إنفاذَ أمرِه
ليحكم فينا بالجهالة حاكم
ويرغم أنف الفضل للنقض راغم
تبيت القوافي بالرثاء وغيره
تنوح كما ناحت عليه الحمائم
تقلّص ذاك الظلّ عنا ولم يدم
علينا وما شيء سوى الله دائم
فيا مُرَّ ما لاقيتُ منه بفقده
على أنَّه الحلوُ اللذيذُ الملائم
ويا واعظاً حيّاً وميتاً وكلُّه
مواعظ تشفي أنفساً ومكارم
خرجتَ من الدنيا إلى الله لائذاً
برحمته والله للعبد راحم
وأعرضتَ عن دنياك حزماً وعفّة ً
وما کغتر في الدنيا الدنيّة حازم
وما عرفَ القومُ الذين نبذتهم
وراءك ما مقدار ما أنتَ عالم
على عربيٍّ ضيَّعته الأعاجم
وقد أعوزَتْني بعده بلّة الصدى
فمن لي ببحرٍ موجُهُ متلاطم
ونكّسْتُ رأسي للزمان وخطبه
فلا وضعت فوق الرؤوس العمائم
وما زال قولي غير راضٍ وإنّما
لشدّة ما تعدو الخطوب الداهم
لكلّ اجتماع لا أباً لك فرقة
وكلُّ بناءٍ سَوْفَ يلقاه هادم
يعيد عليَّ العيدُ حزناً مجدّداً
وما هذه الأعياد إلاّ مآتم
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> عليكَ دُموعُ العَين لا زال تَنْهَلُّ
عليكَ دُموعُ العَين لا زال تَنْهَلُّ
رقم القصيدة : 22379
-----------------------------------
عليكَ دُموعُ العَين لا زال تَنْهَلُّ
ووجدي بكم وجدُ المفارقِ لا يسلو
وها أنا من فقدانكم ما دجا ليل
أبيتُ ولي وَجْدٌ حرارته تعلو
ودمع له في عا
رضي عارض هطلُ
شُغِلْتُ بهذا الوجد قلباً مجّذذاً
ولم أَر لي من شاغل الدمع منقذا
إلامَ أعاني ما اعانيه من أذى
وأطوي على جمرٍ وأغضي على قذى
وأشغلُ أعضائي وقلبي له شغلُ
أقضي نهاري في عسى ولربّما
وأبكي عليكم كلّ آونة ٍ دما
وإنّي وعيشٍ فيكم قد تصرَّما
إذا الليل وافى ضقتُ ذرعاً إلى الحمى
وفاضت شؤون ليس يعقِلُها عَقْلُ
شَجاني حَديثٌ بالبَوار مُصَرِّح
وأوضحَ لي حالَ الرُّصافة ِ موضح
فمن ثمَّ إنْ يفصحْ وللشوقِ مفصح
حداني إلى الزوراء شوق مبرِّح
فماذا الذي حدَّتثْ عن حالها سهل
وقالوا نبتْ لكنْ بأرباب فضلها
وجارتْ على أشرافها بعد عدلها
فقلتُ ولا مأوى ً إلى غير ظلها
إذا ما نيت دارُ السلام بأهلها
فلا جبلٌ يؤوي الكرامَ ولا سهل
على ما أُصيبَت من عظيم مصابها
وما آذنتْ أحداثها بخرابها
فلا ظِلَّ إلاَّ في فسيح رحابها
وإنْ قلصَ الظلّ الذي في جنابها
فأين من الرمضاء في غيرها ظلّ
أيُعرفَ خفضُ العيش إلاّ بخفضها
وفيض النمير العذب إلاّ بفيضها
لئن أجدَبَتْ يوماً فهل مثل روضها
وإنْ نَضِبَ الماء النمير بأرضها
فأيّ شراب في سواها لنا يحلو
رعى الله ماضي عَهديَ المتقادمِ
ببغدادَ في رغدٍ منَ العَيْش ناعمِ
وفي الكرخِ جاد الكرخَ صوبُ الغمائمِ
ديارٌ بها نيطَتْ عليَّ تمائمي
قديماً ولي فيها نما الفرع والأصلُ
يكلِّفُني عنها النّوى فوقَ طاقتي
فسكري بتذكاري بها وإفاقتي
منازلُ أحبابي ومنشا علاقتي
بها سَكني في رَبعها الخصب ناقتي
بها جملي يرغو بها قيمتي تغلو
تذكَّرتُ أحباباً لأيامِ جمعها
ولم يصدعِ البينُ المشتُّ بصدعها
فآهاً على وصلي لها بعد قطعها
ألا ليت شعري هل أراني بربعها
مقيماً وبالأحباب يجتمع الشمل
عفا ربعها من رَسْمِه وطلوله
وأضحى هشيماً روضها بمحموله
فيا هلْ يروّيها الحيا بهموله
وهل روضها يخضرُّ بعد ذبوله
ويهمي على أوراقه الوبل والطل
لقد شاقني منها كرامٌ أماجدُ
مشاهدهم للعالمين مقاصدُ
فهلْ أنا في تلك المقاعد قاعد
وهل أنا في يوم العروبة قاصد
لحضرة بازٍ شأنها الفصلُ والوصلُ
وهل أنا يوماً ظافرٌ بمقاصِدي
فمكرمُ أحبابي ومكبتُ حاسدي
وأجري مع الإخوان مجرى عوائدي
وهلْ كلّ يوم لاثم كفَّ والدي
أبي مصطفى ذي همة أبداً تعلو
وهلْ علماءٌ طبَّقَ الأرض علمهم
وحيَّر أفهامَ البريّة ِ فهمهمْ
تَقَرّ بهم عَيني وينجاب غمّهم
وهل أدباء الجانبين يضمّهم
وايّاي طاقٌ نقله الأدب الجزل
فأغدو ولا كانَ التفرُّق لاقيا
وجوها عليها قد بللتُ المآقيا
بطاقٍ رقى فيمن حواه المراقيا
وذلك طاقُ الشهم لا زال باقيا
له العَقُد في أرجائه وله الحلّ
وهلْ يُريني مُصبحاً كلّ منجب
وخوّاض أغمارِ الخطوب مجرّب
وكلّ فتى ً عذب الكلام مهذّب
وهل يريّني ذاهباً بعد مغرب
لتكية شيخِ العصرِ من جوره العدل
بناها لأشياخٍ قرارة عزِّهم
وصدَّرهم فيها ولاذَ بحوزهم
وإنْ كان لم يفقه إشارة رمزهم
ففيها صدورٌ لازموه لعجزهم
وما ظعنوا بالسير عنه وقد كلّوا
بلونا سراها بعد إصرام حبلها
فكان من البلوى تعذُّرُ مثلها
ديارٌ عَرَفنا بعدها كنه فضلها
سلام على تلك الديار وأهلها
فهم في فؤادي دائماً أينما حلّوا
يروقُ لعيني أنْ تكونَ جلاءها
وتشتاقُ نفسي أرضها وسماءها
ومَن قال أسلو ماءَها وهواءَها
فوالله لا أسلو هواها وماءها
إذا كان قلبي عندها فمتى أسلو
أحبَّتَنا مِنّي السلامُ عليكمُ
إذا نُشِرَتْ صحفُ الغرام لديكمُ
أحبَّتنا والدهرُ أبعد عنكمُ
أحِبَّتنا هلْ من وُصولٍ إليكمُ
فقد تعبت بيني وبينكم الرسل
تناءيت عنكم والهوى فيكم معي
كأنْ لم أكنْ منكم بمرأى ً ومسمع
وقد طالَ بعدي عن دياري وأربعي
ألا هِمَّة ٌ تُرجى ووصلٌ مُرجعي
لديكم إذا شئتم به اتصل الحبل
أحبَّتنا أصبوا إلى حسن قولكم
وإنْ ذقتُ فيه المرَّ من حلو عذلكم
أحِنُّ لمغناكم وسامي محلكم
وإنّي بناديكم على سُوء فعلكم
أرى أبداً عندي مرارته تحلو
سألتُ إلهاً لم أخبْ بسؤاله
بلوغَ المنى من فضله ونواله
وأدعو دعاءَ العيد عند کبتهاله
وأسأل ربي بالنبيّ وآله
يسهّل عَودي نحوكم وله الفضل

شعراء مصر والسودان >> أحمد عبدالمعطي حجازي >> كائنات مملكة الليل
كائنات مملكة الليل
رقم القصيدة : 2238
-----------------------------------
أنا إلهُ الجنسِ والخوفِ..
وآخرُ الذكور
(أظنها التقوى وليس الخوفَ
أو أني أرد الخوف بالذكرى
فأستحضر في الظلمة آبائي
وأستعرض في المرآة أعضائي
وألقي رأسيَ المخمور في
شقشقة الماء الطهور).
تركت مخبئي لألقي نظرة على بلادي
ليس هذا عطشاً للجنس,
إنني أؤدي واجباً مقدساً
وأنتِ لستِ غيرَ رمزي فاتبعيني.
لم يعد من مجد هذه البلاد غير حانةٍ
ولم يبق من الدولة إلا رجل الشرطة
يستعرض في الضوء الأخير
ظله الطويل تارة
وظله القصير!
****
أنسج ظلي حفرة
أنسج ظلي شبكه
أقبع في بؤرتها المُحْلَوْلكه
بعد قليل ينطفي الضوء,
وتمتد خيوط الشبكه
تمسك رِجلَ الملكه!
في الليل كان الصيف نائماً.
لماذا لم نعد نشهد في حديقة الأرملة الشابة زواراً?
لماذا لم تعد تهبُّ في أجسادنا رائحة الفل,
ويمشي عطرها الفاتر في مسامِّنا?!
في الليل
كان الصيف, في حديقةٍ ما, نائماً عريان
كان رائعاً بمعزلٍ عنا
بعيداً كصبي صار في غيبتنا شاباً جميلا
يعبر الآن بنا ولا يرانا
آه !
كان الصيف يملأ الشهور
من غير أن يلمسنا!
تلك عناقيد الندى
ترشح في أرنبة الأنف
وفي تُويْجة النهد الصغير
والجسدُ الورديُّ يستلقي على عشب السرير
والفراشاتُ على الأغصان زهرٌ عالقٌ
وعتمة البستان لون نائم
فأمكنيني منكِ يا مليكتي
إنّ أكُفَّ شجر الصبار برعمت
وكاد الليل ينتهي
وما زلنا نطير!
أنسج ظلي برعما
وكائنات شبقه
أبحث عن مليكتي
في غيمة أو صاعقهْ
أطبع قبلتي على..
خدودها المحترقهْ
منتظراً نهايتي
منتظراً قيامتي
فراشة, أو يرقهْ!
****
آهٍ من الفل الذي يعبق في واجهة الدار
من الضوء الذي يشع كالماسات في مفارق النخل
من الظل الذي يلعق في الماء تجاويف الصخور!
من اليمامات التي تهدل في الذكرى
وتستوحي جمالنا المحجّب الأسير!
من قطرة الماء التي ترشح في آنية الماء
كوجهٍ من نقاءٍ خالصٍ
يطلع في الصمت, وفي الظل القرير
يعشق في المرآة ذاته سويعات الهجير!
آهٍ من الموت الذي يظهر في رابعة النهار لصاً فاتناً
فتخرج النساء ينظرن إليه والهاتٍ..
****
ويعرّين له في وهج الشمس الصدور والنحور!
الليل أنثى في انتظاري.
هذه مدينة عطشى إلى الحب
أشم عطرها كأنه مُواء قطة
أرى رقدتها في اللؤلؤ المنثور
في حدائق الديجور
آهٍ !
كيف صار كل هذا الحسن مهجوراً
وملقى في الطريق العام
يستبيحه الشرطي والزاني!
كأني صرت عِنِّيناً فلم أجب نداءها الحميم المستجير
تلك هي الريح العقور
أحسها تقوم سداً بين كل ذكر وأنثى
إنها السم الذي يسقط بين الأرض والغيم
وبين الدم والوردة
بين الشِّعر والسيف
وبين الله والأمة
بين شهوة الموت
وشهوة الحضور!

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سَكَبَ الدَّمعَ لها فکنْسَكبا
سَكَبَ الدَّمعَ لها فکنْسَكبا
رقم القصيدة : 22380
-----------------------------------
سَكَبَ الدَّمعَ لها فکنْسَكبا
وقضى من حقِّها ما وجبا
أربعٌ لولا تباريحُ الهوى
ما جَرى دَمعُك فيها صَببَا
وجدت فيها السوافي ملعباً
للنّوى فاتَخَذَتْها ملعبا
مال قينا بوقوف الركب في
ساحة النعمان إلاّ نصبا
ذكر البُّ وهل ينسى بها
زمنَ اللهو وأيّام الصّبا
يا رعى الله بها لي قمراً
مُشْرِقَ الطلعة لكنْ غربا
أمنى ً في أهل منى ً
وقباب الحيّ في وادي قبا
فلقد كنتُ وكانتْ فتية ٌ
أنجمَ الأفق وأزهار الربا
ذهب الدهر بهم فامتزجت
فضة الأدمع فيهم ذهبا
يا خَليلَيَّ وهلاّ شِمْتُما
بارقاً لاح لعيني وخبا
فتوارى كفؤادي لهباً
ثم أورى زنده والتهبا
لعبَ الشوق بأحشائي وما
جَدَّ جِدُّ الوَجْد حتى لعبا
فانشدنْ لي في الحمى قلباً فقد
ضاع مني في الحمى أو غُصبا
نظرت عيناي أسرابَ المها
نظرة ً كانت لحَيْني سببا
يومَ أصبتنا إلى دين الهوى
فتعلَّلنا بأرواح الصَّبا
وعدونا زورة الطّيف أما
آنَ ميعادهمُ واقتربا
أربُ النفس وحاجات إمرئٍ
ما قضى منهم لعمري أربا
قَضَتِ الأيام فيما بيننا
إنّنا لم نلقَ يوماً طربا
وهبَ الدهر لنا لذّته
واسترد الدهر ما قد وهبا
ومنعنا من أفاويق الطلا
منهلاً كان لنا مستعذبا
فحدا الحادي لسقيا عهدكم
عارضاً إنْ ساقه البرق كبا
مقلة ُ الوالع يذري دمعها
وبكى القطر لها وانتحبا
أمر القلب بصبرٍ فقضى
ودعا الصَّبرَ إليها فأبى
قلَّما يدعى فيقضي حاجة ً
وإذا ما انتدبوه انتدبا
والليالي فَلَكٌ يظهر في
كلِّ يوم عجباً مستغرباً
وكآفاق العلى ما أطْلَعَتْ
كشهاب الدين فينا كوكبا
فتأمَّل في معاني ذاته
وتفكّر فَتَحدَّثْ عجبا
هيبة لله في مطلعه
ملأتْ قلب الأعادي رعبا
يُرتجى جوداً ويُخشى سطوة
رغباً يرجى ويخشى رهبا
عالم الدنيا وناهيك به
لا يشوبُ العلم إلاّ أدبا
معربٌ عن فكره الثاقب إنْ
زفَّ أبكار المعاني عربا
كم تجلَّت فجلتْ أفكاره
عن سنا كلّ عويص غيهبا
فأرتنا الحقّ يبدو واضحاً
بعد أنْ قاربَ أنْ يحتجبا
بلسانٍ يفصلُ الأمر به
كَشَبا الصّمصام أو أمضى شبا
فخُذِ اللْؤلُؤَ من ألفاظِهِ
واجتنِ إنْ شئتَ منها ضربا
وفكاهاتٍ إذا أوْرَدها
نُظمَتْ فوق الحمّيا حببا
وكمالات له معجزة
وأحاديثاً رواها نخبا
أينَ من أقلامه سمر القنا
أينَ من همته بيض الظبا
وكلامُ راق في السمع كما
قد يروقُ العينَ فيما كتبا
علويٌّ من أعالي هاشم
هاشم الجود ويكفي نسبا
صاغه الله لقومٍ أرباً
ولقوم حسدوه عطبا
لا يزال الدهرَ يَعلو جَدّه
مرتقيها في المعالي رتبا
فإذا بُوحثَ بالجدّ علا
وإذا غولبَ فيه غَلَبا
أبلجٌ تحسبه بدرَ الدجى
أو بأضواءِ الصّباح آنتقبا
ديمة ٌ منهلَّة ِ ما شمتُ في
بارق الآمال منها خلّبا
ولئنْ أصبَحَ روضي ممحلا
فكم أخضرَّ به وأعشوشبا
يهنِكَ العيدُ فخذ من لائذٍ
بكم ماكنتُ له مستوجبا
شاكراً منك العيد يداً
لم أُفاخر بسواها السُّحبا
فتفضَّلْ يا کبن بنتِ المصطفى
أشرفَ العالمِ أمّاً وأبا
 
الوسوم
الشعر العربي العصور جميع دواوين
عودة
أعلى