العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> تابَ الزمانُ من الذنوبِ فواتِ،
تابَ الزمانُ من الذنوبِ فواتِ،
رقم القصيدة : 20480
-----------------------------------
تابَ الزمانُ من الذنوبِ فواتِ،
واغنم لذيذَ العيشِ قبلَ فواتِ
تمّ السرورُ بنا، فقم يا صاحبي
نستدركِ الماضي بنهبِ الآتي
تاقَتْ إلى شُربِ المُدامِ نُفوسُنا،
لا تذهبنّ بطالة ُ الأوقاتِ
تَوّجْ بكاساتِ الطَّلى هامَ الرُّبَى ،
في رَوضَة ٍ مَطلولة ِ الزّهَراتِ
تغدو سلافُ القطرِ دائرة ً بها،
والكأسُ دائرَة ً بكَفّ سُقاة ِ
من ذا أحقّ بها من الكاساتِ
تبتْ يدا من تابَ عن رشفِ الطلى ،
والكأسُ مُتّقِدٌ كخَدّ فَتاة ِ
تِبرِيّة ٌ لولا مُلازَمَتي لها
أصبحتُ معصوماً من الزلاتِ
تابعْ إلى أوقاتها داعي الصبا،
واعجبْ لما فيها من الآياتِ
تَمّمْ بها نَقصَ السّرورِ، فإنّها
عندَ الكِرامِ، تميمة ُ اللّذاتِ
تَركي لأكياسِ النُّضارِ جَهالَة ً،
خدُّ الغلامِ منمقٌ بنباتِ
تَبدو، وقد يَبدو النّدى بمتونِها
صدأً، فتلقطهُ يدُ النسماتِ
تَسري على صَفحاتِها رِيحُ الصَّبا،
بسَحائبٍ منهَلّة ِ العَبَراتِ
تَستَلّ فيها للبُروقِ صَوارِماً،
كَصَوارِمِ المَنصورِ في الغاراتِ
تعبٌ لتحصيلِ الثناءِ مجردٌ
للمجدِ عزماً صادقَ اللحظاتِ
تبعَ الهوى قومٌ، فكانَ هواه في
طلبِ العُلى وتجنبِ الشهواتِ
تَركَ الكَتائبَ في السبّاسبِ شُرَّداً،
فتَرى الزّمانَ مُقَيَّدَ الخُطَواتِ
تَمّتْ مَحاسِنُهُ بحُسنِ خَلاقِهِ،
وسنا، فزادَ الحسنُ بالحسناتِ
تاهتُ بهِ الدنيا، ولولا جوده،
كانَ الأنامُ هَباً بغَيرِ هِباتِ
تبكي خزائنهُ على أموالهِ،
من حرّ قلبٍ دائم الحسراتِ
تَتبَسّمُ الأيّامُ عندَ بُكائِها،
فكأنهنّ بها منَ الشماتِ
تسمو بهمتكَ ابنَ أرتقَ همة ٌ
حَفّتْ بألويَة ٍ من العَزَماتِ
تردي صروفَ الدهرِ وهيَ سواكنٌ،
إنّ السّكونَ لها من الحَركاتِ
تاقَتْ إلَيكَ قلوبُ قومٍ أصبَحَتْ
تلقي إليك معارقَ الفلواتِ
تركوا على شاطي الفُراتِ ديارَهم
وسعوا إليكَ، فأحدقوا بفراتِ
يُهدي إليكَ المادِحونَ جَواهراً،
منظومة ً كقلائدِ اللباتِ
تَحلُو صِفاتُكَ في القلوبِ، كأنّها
جاءَتْ لَمعنًى عارِضٍ في الذّاتِ
ته في الأنامِ، فلا برحتَ مؤملاً،
تجلو الجفونَ وتملأُ الجفناتِ
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ثِقَتي بغَيرِ هَواكمُ لا تَحدُثُ،
ثِقَتي بغَيرِ هَواكمُ لا تَحدُثُ،
رقم القصيدة : 20481
-----------------------------------
ثِقَتي بغَيرِ هَواكمُ لا تَحدُثُ،
ويَدي بحَبلِ وِصالكم تتَشَبّثُ
ثُبتَتْ مغارِسُ حبّكم في خاطرِي،
فهوَ القديمُ، وكلُّ حبٍّ مُحدَثُ
ثَنتِ العهودُ أعِنّتي عن غَيرِكم،
فعُقُودُها مَنظُومَة ٌ لا تُنكَثُ
ثَلَجَتْ على حِفظِ الوَدادِ قلوبُنا،
ولظى الهوى بضيائها يتأرثُ
ثَقُلَ الهَوَى ، وإن استُلذّ، فإنّه
داءٌ بهِ تبلى العظامِ وتشعثُ
ثوبٌ خلعتُ العزّ حينَ لبستُهُ،
إذ كان إذ ذُلُّ الصّبابة ِ يُورَثُ
ثلَبَ الورى عِرضي المَصون وحبّذا
لو صَحّ ما قالَ العِدى وتَحدّثُوا
ثاروا بنا، فطفقتُ حينَ أراهمُ،
حذراً أذكرُ ذكركم، وأؤنثُ
ثكلَ الورى طرفي المسهدَ فابعثوا
طيفَ الخيالِ إليّ، أو لا تبعثوا
ثَجّ الهَوى ، فأنا الغِريقُ بلُجّهِ،
لكِنّني بحِبالِكم أتَشَبّثُ
ثَلَمَ الهوى حدّي، وكنتُ مهنّداً
ماضي الغرارِ بغمدهِ لا يمكثُ
ثمّ اغتدتْ أيدي ابنِ أرتقَ قِصّتي،
كلٌّ بها، بينَ الأنامِ، يُحَدّثُ
ثبتُ الجنانِ يكادُ يبعثُ مرسلاً،
لو أن بعدَ محمدٍ من يبعثُ
ثغر الفلا من نورهِ متبسمٌ،
وفمُ الزمانِ بفضلهِ متحدثُ
ثَخُنتْ جراحُ النُّجلِ منهُ وبعدَها
وافى ووجهُ الحورِ أغبرُ أشعثُ
ثرمتْ ثغورُ الملكِ، لولا أنهُ
ينشي لها العدلَ العميمَ ويحدثُ
ثهلانُ، إن عدّ الحلومُ أو النهى ،
بحرٌ، إذا عدّ الندى والمبحثُ
ثمنُ البحارِ السّبعِ جُودُ يمينِه،
وجَبينُهُ للنّيرَينِ يثَلِّثُ
ثاني عنان الحادثاتِ، وفارسٌ
أمسَى جَوادُ الدّهرِ منهُ يَلهَثُ
ثوتِ الخطوبُ مخافة ً من بأسهِ،
صَرعى ، وذَلّ بها الزّمانُ الأحنَثُ
ثملٌ بصهباءِ السماحِ، فهمه
مالٌ يقسمُ، أو علومٌ تبحثُ
ثمراتُ مجدٍ مدّ نحوَ قطافِها
كفاً بإسداءِ الصنائعِ تعبثُ
ثَقّفتَ زَيغَ المُلكِ يا نجمَ الهُدى
بأسنة ٍ سمَّ المنية ِ تنفثُ
ثِبْ للعُلى واستَخدَمِ الدّهرَ الذي
إن تَدعُهُ لمُلِمّة ٍ لا يَلَبَثُ
ثُبنا إلَيكَ على هِجانٍ ضُمّرٍ،
شبهِ القِسيّ إلى حِماك تُحَثَّثُ
ثارتْ بنا تطوي القفارَ، فعندما
آنستُ ناركَ قلتُ للركبِ: أمكثوا
ثمّ اقتَسَمنا بالسّرورِ، وأُشرِكَتْ
في طيبِ بشرانا النياقُ الدلثُ
ثِقَة ً بأنّ يَدَ الرّدى ، إن غادَرتْ
مَيتاً، فعندَك بالمَكارِمِ يُبعَثُ
ثَبُتَتْ، ولو حلَفتْ بأنّك ناعشٌ
بنوالِكَ الأرواحَ لم تكُ تَحنَثُ
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> جاءَتْ لتَنظُرَ ما أبقَتْ من المُهَجِ،
جاءَتْ لتَنظُرَ ما أبقَتْ من المُهَجِ،
رقم القصيدة : 20482
-----------------------------------
جاءَتْ لتَنظُرَ ما أبقَتْ من المُهَجِ،
فعطرتْ سائرَ الأرجاءِ بالأرجِ
جَلَتْ عَلَينا مُحَيّاً لو جلَتهُ لَنا
في ظُلمَة ِ اللّيلِ أغنانا عن السُّرُجِ
جميلة ُ الوجهِ، لو أنّ الجمالَ بها
يولي الجميلَ لأشجتْ فودَ كلّ شجِ
جورية ُ الخدّ يحمى وردُ وجنتها
بحارسٍ من نبالِ الغنجِ والدعجِ
جازتْ إساءة َ أفعالي بمغفورة ٍ،
فكانَ غُفرانُها يُغني عنِ الحِجَجِ
جارَتْ لعِرفانِها أنّي المَريضُ بها،
فما عليّ إذا أذنبتُ من حرجٍ
جستْ يدي لترى ما بي فقلتُ لها:
كُفّي، فذاكَ جوًى لولاكِ لم يَهجِ
جفَوتنِي، فرأيتُ الصّبرَ أجملَ بي،
والصمتُ بالحبّ أولى بي من اللهجِ
جارَتْ لِحاظُكَ فينا غيرَ راحمة ٍ،
ولذّة ُ الحبّ جَورُ النّاظرِ الغَنِجِ
جوري فلا فرجاً لي من عذابكِ لي،
إلاّ يدَ الملكِ المنصورِ بالفرجِ
جوادُ كفٍّ تروعُ الدهرِ سطوتهُ،
فلا تصاحبُ عضواً غيرَ مختلجِ
جَدّتْ لِما تَرتَضي العَلياءُ هِمّتُه،
فالمُلكُ في رَقدَة ٍ، والحربُ في رَهَجِ
جنَتْ على مالِهِ أيدي مكارِمِه،
فَلا يَبيتُ بطَرفٍ غَيرِ مُنزَعِجِ
جهدُ المواهبِ أن تغنى خزائنهُ،
حتى كأنّ بها ضرباً من اللججِ
جَدّتْ إلَيهِ بَنُو الآمالِ مسرِعَة ً،
فأكثروا نحوهُ بالسعي والحججِ
جَونٌ إذا شِمتَ برقَ السيّفِ من يدِهِ
تَراهُ مُنبَلِجاً في كفّ مُنبلِجِ
جنَى ثمارَ المعالي حينَ حاولها،
بصارِمٍ ما خَلا في الحَربِ من هَرَجِ
حالتْ قناة ُ المنايا في مضاربهِ،
فظلّ ينقصُ أبكاراً من المهجِ
جَزياً أبا الفَتحِ، غاياتِ الفَخارِ، فقد
أمسكتْ طلابهُ في مسلكٍ حرجِ
جَلَلَتَ حتى لوَ أن الصّبحَ لُحتَ بهِ
وقلتَ: قِفْ لا تَلجْ في اللّيلِ لم يَلجِ
جَرّدتَ أسيافَ نَصرٍ أنتَ جَوهرُها،
في حالكٍ من ظلامِ النقعِ منتسجِ
جَبَرتَ كسرَ المَعالي يا ابنَ بَجدَتِها
بها وقومتَ ما بالدينِ من عوجِ
جمارُ نارٍ، ولكن من عوائدها
اطفاءُ ما في صدورِ القومِ من وهَجِ
جوازِمٌ إن أرَدتَ البَطشَ كُنّ يَداً،
وإن رَقيتَ المَعالي كنّ كالدّرَجِ
جلَوتَ كَربَ الوَرى بالمكرُماتِ، كما
جلَوتَ تلكَ الرّدى بالمَنظَرِ البَهجِ
جعَلتَ جودَكَ دونَ الوَعدِ مُعترِضاً،
ووَعدُ غَيرِكَ ضِيقٌ غيرُ مُنْفَرِجِ
جئناكَ، يا ملكَ الدنيا، وواحدها،
نؤمّ بالدرّ نهديهِ إلى اللججِ
جُزنا البِلادَ، ولم نَقصِد سواك فتًى ،
مَن يَحظَ بالدُّرّ يَستَغنِ عن السّبَجِ
جمعتَ فضلاً، فلا فرقتهُ أبداً،
أنتَ الفريدُ وجلّ الناسِ كالمهجِ
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> حيّ الرفاقَ، وطفْ بكأسِ الراحِ،
حيّ الرفاقَ، وطفْ بكأسِ الراحِ،
رقم القصيدة : 20483
-----------------------------------
حيّ الرفاقَ، وطفْ بكأسِ الراحِ،
واطرزْ بكأسٍ حلة َ الأفراحِ
حُثّ الكُؤوسَ إلى جُسومٍ أصبَحتْ
فيها المدام شريكة َ الأرواحِ
حاشِ المدامَ، وعاطني مشمولة ً،
ظلتْ فسادي وهيَ عينُ صلاحي
حمراءُ، لو تركَ السقاة ُ مزاجها،
أمستْ لنا عوضاً عن المصباحِ
حجبَ الحبابُ شعاعها، فكأنهُ
شفقٌ تلهبَ تحتَ ذيلِ صباحِ
حببٌ، تظلّ بهِ الكؤوسُ كأنها
خَصرُ الفَتاة ِ مُمَنطَقاً بوِشاحِ
حكمَ الزمانُ، وغضّ عنّا طرفه،
يا صاحِ لا تقنعْ بأنكَ صاحِ
حقُّ الصِّبا دينٌ علَيكَ فأدّهِ،
بالشربِ بينَ خمائلٍ ورداحِ
حاكَ الحَيا حُلَلَ الرّبيعِ، فعَطّرَتْ
نَشَرَ الصَّبا بأريجِها الفَيّاحِ
حللٌ، إذا بكتِ السحائبُ أشرقتْ
بخدودِ وردٍ، أو ثغورِ أقاحِ
حيّا الحيا بأريجها، فترنحتْ
أعطافُها من غَيرِ نَشوَة ِ راحِ
حملتْ، فأشرقَ زهرها، فكأنما
ضربتْ معاصمها يدُ القداحِ
حبكَ الهنا بسمائهنّ خمائلاً،
تنقضّ فيها أنجمُ الأقداحِ
حزنا السرورَ بها، وبتنا نجتلي
بنتَ الكُرومِ بغَيرِ عَقدِ نِكاحِ
حَلّى الزّمانُ بجُودِهِ أجيادَنا،
وسَخَا، فألبَسَنا ثيابَ مِراحِ
حتى انتهبنا العيشَ حتى كأنّه
مالُ ابنِ أرتقَ في يدِ المداحِ
حامي النّزيلِ، إذا ألَمّ برَبعِهِ،
مُحيي الأنامِ بجُودِهِ السّحّاحِ
حسُنَتْ بهِ الدّنيا، فكانَ أديمُها
عطلاً من التجميلِ والأوضاحِ
حكمٌ رضيتُ بهِ فمدّ سماحهُ
ضيقي، وحيّا جودهُ بفلاحي
حلتْ مكارمهُ عقالَ خصاصتي،
إذ راشَ من بَعدِ الخمولِ جَناحي
حاربتُ دهري، مذ حللتُ بربعهِ،
وجَعلتُهُ عندَ المَضيقِ سِلاحي
حسبي، إذا رمتُ الفخارَ من الورى ،
مغدايَ في أكنافهِ ورواحي
حملتَ، نجمَ الدينِ، أعناقَ الورى
منناً جساماً من ندى ً وسماحِ
حكمتَ في الأموالِ آمالَ العِدى ،
وجعلتَ شربَ المجدِ غيرَ صباحِ
حازَ العُلى ، فسرَى بصارِمِ عَزمِهِ
يُغنيكَ عن خَطّية ٍ وصِفاحِ
حزمٌ فتحتَ بهِ الأمورَ، وإنها
كالقفلِ محتاج إلى المفتاحِ
حجّتْ إليكَ بَنو الرّحيلِ لعِلمِهِم
حقاً بأنّكَ كَعَبَة ُ المُدّاحِ
حَرمٌ، إذا حَلّ الوُفُودُ برَبعِهِ،
قرنتْ عواقبُ سعيهم بنجاحِ
حمِدوكَ جُهدَ المُستَطيعِ، وأثبَتوا
لعُلاكَ شُكراً ما لَهُ مِن ماحٍ
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> خيالٌ سرى والنجمُ في القربِ راسخُ،
خيالٌ سرى والنجمُ في القربِ راسخُ،
رقم القصيدة : 20484
-----------------------------------
خيالٌ سرى والنجمُ في القربِ راسخُ،
ألمّ، ومن دونِ الحبيبِ فراسخُ
خطاءٌ كماءِ البيدِ يجري، وبيننا
هضابُ الفيافي، والجبالُ الشوامخُ
خفيذ الخطى وافَى لينظرَ هل غفتْ
عُيوني وهل جفّتْ جفوني النّواضخُ
خفِ اللهَ، يا طيفَ الخيالِ، فإنها
بماءِ حَياتي لا بدَمعي فَواضخُ
خَطرَتَ إلى مَيتِ الغَرامِ، مكَلِّماً
له بعدما ناحتء عليهِ الصوراخُ
خَطيبٌ فهل عيسَى بنُ مَريمَ جاءَهُ
ليُنطِقَهُ أم أنتَ في الصّورِ نافِخُ
خضِ الليلَ وأقصد من أحبّ وقل له
سأكتمُ ما بي، وهوَ في القلبِ راسخُ
خشيتُ انفساخَ العهدِ عنّي، وإنني
لعَهدِكَ، لا واللَّهِ، ما أنا فاسخُ
خرجتُ مِنَ الدّنيا بودّكَ قانِعاً،
وأنتَ لأضدادي بوصلكَ راضخُ
خسرتَ، ولم تعلم بأنّ عزائمي
لأشباحِ حمي بالسرورِ نواسخُ
خَلا الملكُ المَنصورُ لي فأحَلّني
محلاًّ لهُ تعنو الجبالُ البواذخُ
خَطَتْ بي إلَيهِ هِمّتي، فوَرَدَتُهُ،
فلا السعيُ مذمومٌ ولا السورُ شامخُ
خلعتُ نعالَ الشكّ في قدسِ ربعهِ،
فمن تربهِ كفي لخديَّ لاطخُ
خلُصتُ مِن الأهوابِ لمّا لَقيتُهُ،
فبِتُّ مَنيعاً، والخطوبُ شَوائخُ
خشيتُ على الآرائكِ سطوة َ بأسهِ،
وأطوادُ رضوى دونها والشمارخُ
خَليفَة ُ عَصرٍ ليسَ يُنسَخُ جودُه،
ويَغتاظُ منهُ مالُه المُتَناسِخُ
خصيبٌ إذا ما الأرضُ صوحَ نبتها،
حليمٌ، إذا أخفَى الملومُ الرواسخُ
خَلائقُهُ بيضٌ، إذا همّ قاصِدٌ،
وأسيافهُ حمرٌ، إذا همّ صارخُ
خِصالٌ حَواها من أبيهِ وجَدّهِ،
وأكسَبهُ أسيافُهُ والمَشايِخُ
خَزائنُهُ مَبذولَة ٌ، وأكفّهُ
بحارُ الندى ، ما بينهنّ برازخُ
خطابك، نجمَ الدينِ، خطبٌ على العدى
فكيفَ إذا سُلّتْ ظُباكَ النّواضِخُ
خشنتَ على الأعداءِ في الحربِ ملمساً،
وغصنكَ غضُّ في الشبيبة ِ شارخُ
خُلِقتَ رِضَى العَليا، ووَجهُك واضحٌ،
وجُودُكَ سَحاحٌ، ومَجدُكَ باذخُ
خبيرٌ بأمرِ الملكِ، عدلُكَ باسطٌ،
وعلمكَ فياضٌ، وحلمك راسخُ
خفضتَ للهى كي ترفعَ الذلّ بالندى ،
فأنتَ لآلِ الجُودِ بالجودِ ناسِخُ
خُصِصتَ بقَلبٍ في الشّدائدِ جامدٍ،
فزانَكَ كَفٌّ بالمَكارِمِ ناصِخُ
خذِ المدحَ مني، وابقَ للحمدِ سالماً،
هنيئاً لذكرٍ عرفهُ بكَ فائخُ
خَليٌّ، يصوغُ المَدحَ فيك قَلائِداً،
وينشدهُ راوٍ، ويكتبُ ناسخُ
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> دمعٌ مزائدُ قطرهِ لا تجمدُ،
دمعٌ مزائدُ قطرهِ لا تجمدُ،
رقم القصيدة : 20485
-----------------------------------
دمعٌ مزائدُ قطرهِ لا تجمدُ،
أنَّى ، ونارُ صَبابَتي لا تَخمَدُ
دامَ البعادُ، فلا أزالُ مكابداً
دَمعاً يَذوبُ، وزفرَة ً تَتَوَقّدُ
داءٌ تأبدَ في الفؤادِ مخيمٌ،
أعيا الأساة َ، وملّ عنه القودُ
دعني أموتُ بعدّ سكانِ الحمى
بصَبابَتي، كم جُهد، ما أتَجَلّدُ
دارَ الأحبة ِ جادَ مغناكَ الحيا،
وتُرابُ رَبعِكِ للنّواظرِ إثمِدُ
دون ازدياركِ خوضُ أغمارِ الردى ،
والسمرُ تشرعُ، والصفاحُ تجردُ
دِمَنٌ لنا في الجامعَينَ تَنَكّرَتْ،
من بعدها، أعلامها والمعهدُ
دَرَسَ الزّمانُ جديدَها بيَدِ البِلى ،
فالقَلبُ يَبلى ، والهوَى يتَجَدّدُ
دارتْ على سكانِها كأسُ الردَى ،
سكِروا بها فغَدا الزّمانُ يُعَربِدُ
دَعَتِ النّوى بفراقهم، فتَفَرّقوا،
وقضى الزمانُ ببينهم، فتبددوا
وهمتْ من الدهرِ الخؤونِ عليهمُ
نوبٌ على أيدي الزمانِ لها يدُ
دَهرٌ ذَميمُ الحالَتَينِ، فمَا بهِ
شيءٌ سوى جودِ ابنِ أرتقَ يحمدُ
دامَ الخلائقُ يمتطونَ بهِ العلى ،
ويَبيتُ منهُ الدّهرُ، وهوَ مُسَهَّدُ
درعٌ بهِ الملكُ العزيزُ مدرعٌ،
سيفٌ بهِ الدينُ الحنيفُ مقلدُ
داني النوالِ، فلا ينالُ مقامهُ،
قاضي المَنالِ، ورِفدُهُ لا يَبعُدُ
ديمُ الدماءِ تسحُّ من أسيافهِ
طَوراً، ويُمطِرُ من يَديهِ العَسجَدُ
دَفَعَ الخُطوبَ عن الأنامِ بعَدلِهِ،
ورعَى العِبادَ بمُقلَة ٍ لا تَرقُدُ
دَعْ مَن سِواهُ ولُذ بكَعبَة ِ جودِهِ،
فجنابهُ لذوي المطالبِ مقصدُ
دم في سماءِ الملكِ، يا نجمَ العلى ،
إنّ العبادَ لجودِ كفكَ أعبدُ
دَبّرتَ أمرَ المُسلمينَ، فطُوّقُوا،
بنداكَ، أطواقَ الحمامِ، فغردوا
داويتَ أضعافَ الصدورِ بصارمٍ،
ماءُ المَنُونِ بمتَنِهِ يَتجَعّدُ
دَبّتْ نِمالُ المَوتِ في شَفَراتِهِ،
وجرى الحمامُ بحدهِ يترددُ
داعٍ، إذا ما قامَ يوماً خاطباً،
فالهامُ تركعُ والجماجمُ تسجدُ
دامي المَضارِبِ لو عكَستَ شُعاعَه
فوقَ الجبالِ، لذابَ منهُ الجلمدُ
دانَتْ لهُ الدّنيا فمَنظَرُ وَجهِها
طَلْقٌ، وخَدُّ الدّهرِ منهُ موَرّدُ
دُكّتْ بك الأرَضُونَ حينَ حلَلتَها
فعليكَ تغبطها السماءِ وتحمدُ
دنتِ المطيُّ بنا إليكَ بحدة ٍ،
فلها علينا منة ٌ لا تجحدُ
دانيتُ ربعكَ والأعادي شمتٌ،
فرجعتُ عنهُ والورى لي حسدُ
دُسْ هامَة َ العَلياءِ وابقَ مُمَلَّكاً
أبَداً يحلّ بكَ الزّمانُ ويَعقُدُ
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ذكرَ العهودَ فأسهرَ الطرفَ القذي
ذكرَ العهودَ فأسهرَ الطرفَ القذي
رقم القصيدة : 20486
-----------------------------------
ذكرَ العهودَ فأسهرَ الطرفَ القذي
صبٌّ بغيرِ حديثكم لا يغتذي
ذاقَ الهَوى صِرفاً، فأعقَبَ قلبَه
فِكرَ الصُّحاة ِ، وسَكرَة َ المُتَنَبِّذِ
ذمّ الهوى لما تذكرَ إلفهُ،
بالجامعينِ،وحبلهُ لم يجذذِ
ذرّ النسيمُ عليهِ من أكنافهِ
نشرَ العَبيرِ فشاقَه العَرفُ الشّذِي
ذابتْ بكم، يا أهلَ بابلَ، مهجتي
فتَنَغّصتْ بالعَيشِ بَعدَ تَلَذّذِ
ذهبَ الوفا بعدَ الصفاءِ، فما عدا؟
وَعَدتُموني بالوِصالِ فَما الذِي؟
ذبلتْ غصونُ الودّ فيما بيننا،
وجرى الذي قد كان منه تعوذي
ذابَ الكرى عن ناصري بفراقكم،
ولكم جلوتُ بنوركم طرفي القذي
ذَلّتْ بكم روحي، وكنتُ مُمَنَّعاً
في صفوِ عَيشٍ عِزّهُ لم يُفلَذِ
ذُلٌّ عَلاني، والعداة ُ عزيزَة ٌ،
لو لم يكن جودُ ابنِ أرتقَ مُنقذِي
ذاكَ الذي بَسَطَ المُهَيمِنُ كَفّهُ
في أنعمِ الدنيا، وقال لها: خذي
ذو راحتَينِ: هما المَنيّة ُ والمُنى ،
يَسطو بتلكَ ويبذُلُ النّعمى بذِي
ذاكي العَزائمِ في جَلابيبِ التّقَى ،
ناشٍ، ومن ثديِ الفَضائل يَغتَذِي
ذَخَرَتْ خَزائنُه، فقالَ لها: انفدي،
وذكتْ عزائمُه فقال لها: انفُذِي
ذَلِقُ الفضائل هكذا فضلُ التّقَى ،
غدقُ البنان على الفصاحة ِ قد غذي
ذممُ الزمانِ بعدلهِ محفوظة ٌ،
فذمامهُ من غيرهِ لم يؤخذِ
ذاعتْ سرائرُ فضلهِ بينَ الورى ،
وسما الأنامُ بجودهِ المستحوذِ
ذرواتُ مجدِ لاتنالُ وهمة ٌ
طالتْ فكادتْ للكواكبِ تحتذي
ذُخرٌ لَنا في النّائباتِ ومَلجَأٌ،
مَن لم يَلُذ بجَنابِهِ لم يَنفُذِ
ذكري له راعَ الخطوبَ لأنني،
من كَيدِها بِسواهُ لم أتَعَوّذِ
ذهلتْ صروفُ الدهرِ منهُ فلم تجد
نَحوي لأسهُمِ كَيدِها من مَنفَذِ
ذُعرَ الزّمانُ وقال: هل من عاصِمٍ
منهُ ألوذُ بهِ؟ فقلتُ له: لُذِ
ذرْ عنكَ نجمَ الدينِ أشباحَ العدى ،
وعلى صميمِ قلوبهم فاستحوذِ
ذَكّرْ بهم سَهمَ القَضاءِ، فإنّهُ
بسِوَى الذي تَختارُهُ لم يَنفُذِ
ذَلّلتَ أعناقَ الطّغاة ِ بصارِمٍ،
بسوى الجَماجِمِ حدُّهُ لم يُشحَذِ
ذكرْ إذا شكتِ الظما شفراتهُ
في غيرِ يمّ دمائهم لم ينبذِ
ذا السعيُ قد قرتْ به عينُ الورى ،
فالمُلكُ يَزهو زِهوَة َ المُتَلَذّذِ
ذرتَ الزمانَ على الطغاة ِ وقد طغى ،
وجلوت طرفَ المكرُماتِ وقد قذِي
ذويتْ عداكَ ولا برحتَ منعماً،
عن رفدِ طلابِ الندى لم تجذذِ
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> رقتْ لنا حينَ همّ الصبحُ بالسفرِ،
رقتْ لنا حينَ همّ الصبحُ بالسفرِ،
رقم القصيدة : 20487
-----------------------------------
رقتْ لنا حينَ همّ الصبحُ بالسفرِ،
وأقبلتْ في الدجى تسعى على حذرِ
راضَ الهوى قلبها القاسي، فجادَ لنا،
وكانَ أبخلَ من تموزَ بالمطرِ
رأتْ غَداة َ النّوى نارَ الكَليمِ، وقد
شبتْ، ولم تبقِ من قلبي ولم تذرِ
رقتْ إلى الصبّ طولَ الوصلِ راقية ً،
فقلتُ: قد جئتَ يا موسَى على قدَرِ
ربيبَة ٌ لو تَراها عندَما سَفَرَتْ،
والبدرُ ساهٍ إليها سهوَ معتذرِ
رأيتَ بَدرَينِ من شمسٍ ومن قمَرٍ،
في ظلّ جِنحَينِ من ليلٍ ومن شعَرِ
رَشَفتُ بُردَ الحُمَيّا مِن مَراشِفِها،
فنَبّهَتني إلَيها نَسمة ُ السّحَرِ
رنتْ نجومُ الدجى نحوي فما نظرتْ
من يرشفُ الراحَ ليلاً من فمِ القمرِ
راقَ العِتابُ، فأبدتْ لي سرائرَها،
في لَيلَة ِ الوَصلِ بل في غُرّة ِ القَمَرِ
رَثَتْ فلَمّا رأتْ رُسلَ النّوى فغدَتْ
تُطيلُ عَتبي، وعمرُ اللّيلِ في قِصَر
رَحبٌ مَقامي بمغناها، فمُذ نَظَرَتْ
ذمّ المطيّ قضتْ للصفوِ بالكدرِ
ريعتْ لذمّ المطايا للسرَى قعدتْ،
وأحذرتني من الأهواليِ في سفري
رامتْ بذلكَ تخويفي، فقلتُ لها:
عِندي من الخُبرِ ما يُغني عن الخبرِ
رِدي، فَما ضَرّني هَولٌ أُكابدُهُ،
ونائلُ الملكِ المنصورِ في الأثرِ
رَبِّ النّوالِ، ومحمودِ الخِصالِ، ومِقـ
ـدامِ النزالِ، وأمنِ الخائفِ الحذرِ
راعي الأنامِ بعَينٍ غَيرِ راقدَة ٍ،
قد وُكّلَتْ في أُمورِ الملكِ بالسّهَرِ
رحبِ الذراعينِ لولا صبحُ غرتهِ،
لأصبحَ الجودُ فجراً غيرَ منفجرِ
راضٍ معَ السخطِ يبدي عزمَ منتقمٍ
للمنذبينَ، ويعفو عفوَ مقتدرِ
راحاتهُ مذ نشا في الملكِ قد عهدتْ
يومَ النّدى والرّدى بالنّفعِ والضّرَرِ
روى مَناقبَهُ الرّاوي، فقُلتُ لهُ:
جلوتَ سَمعي، فهل تَجلو به بصرِي
رحْ أيها الملكُ المنصورُ، واغدُ على
هامِ العُلى آمناً من حادثِ الغيرِ
رَسمتَ جوداً حكى الطّوفانَ فاعتصَمتْ
منهُ الخلائقُ بالألواحِ والدسرِ
رفقتَ بالناسِ في كلّ الأمورِ، فقد
أضحَى الزّمانُ إلَيهم شاخصَ رَ
ربوا لديكَ، فلولا أنّ بعضهمُ
تجلّ عنهُ، لقلنا: يا أبا البشرِ
رُعتَ العِدى بحُسامٍ لو عدَلتَ بهِ
عنهم، لأغناكَ عنهُ صارمُ القدرِ
رفعتَ ذكركَ في يومِ الهياجِ به،
فأذكرتني بحدّ الصارمِ الذكرِ
رمتْ إليكَ بنا هوجٌ مضمرة ٌ،
كأنها في الدجى قوسٌ بلا وترِ
راحتْ إلى جنة ٍ حلّ العفاة ُ بها
في الخُلدِ، واتّكأُوا فيها على سُرُرِ
رَجَعتَ أعتِبُ نَفسي في تأخّرِها
عَنها، طَوراً أُهَنّي النّفسَ بالظّفَرِ
تابَ الزمانُ من الذنوبِ فواتِ،
رقم القصيدة : 20480
-----------------------------------
تابَ الزمانُ من الذنوبِ فواتِ،
واغنم لذيذَ العيشِ قبلَ فواتِ
تمّ السرورُ بنا، فقم يا صاحبي
نستدركِ الماضي بنهبِ الآتي
تاقَتْ إلى شُربِ المُدامِ نُفوسُنا،
لا تذهبنّ بطالة ُ الأوقاتِ
تَوّجْ بكاساتِ الطَّلى هامَ الرُّبَى ،
في رَوضَة ٍ مَطلولة ِ الزّهَراتِ
تغدو سلافُ القطرِ دائرة ً بها،
والكأسُ دائرَة ً بكَفّ سُقاة ِ
من ذا أحقّ بها من الكاساتِ
تبتْ يدا من تابَ عن رشفِ الطلى ،
والكأسُ مُتّقِدٌ كخَدّ فَتاة ِ
تِبرِيّة ٌ لولا مُلازَمَتي لها
أصبحتُ معصوماً من الزلاتِ
تابعْ إلى أوقاتها داعي الصبا،
واعجبْ لما فيها من الآياتِ
تَمّمْ بها نَقصَ السّرورِ، فإنّها
عندَ الكِرامِ، تميمة ُ اللّذاتِ
تَركي لأكياسِ النُّضارِ جَهالَة ً،
خدُّ الغلامِ منمقٌ بنباتِ
تَبدو، وقد يَبدو النّدى بمتونِها
صدأً، فتلقطهُ يدُ النسماتِ
تَسري على صَفحاتِها رِيحُ الصَّبا،
بسَحائبٍ منهَلّة ِ العَبَراتِ
تَستَلّ فيها للبُروقِ صَوارِماً،
كَصَوارِمِ المَنصورِ في الغاراتِ
تعبٌ لتحصيلِ الثناءِ مجردٌ
للمجدِ عزماً صادقَ اللحظاتِ
تبعَ الهوى قومٌ، فكانَ هواه في
طلبِ العُلى وتجنبِ الشهواتِ
تَركَ الكَتائبَ في السبّاسبِ شُرَّداً،
فتَرى الزّمانَ مُقَيَّدَ الخُطَواتِ
تَمّتْ مَحاسِنُهُ بحُسنِ خَلاقِهِ،
وسنا، فزادَ الحسنُ بالحسناتِ
تاهتُ بهِ الدنيا، ولولا جوده،
كانَ الأنامُ هَباً بغَيرِ هِباتِ
تبكي خزائنهُ على أموالهِ،
من حرّ قلبٍ دائم الحسراتِ
تَتبَسّمُ الأيّامُ عندَ بُكائِها،
فكأنهنّ بها منَ الشماتِ
تسمو بهمتكَ ابنَ أرتقَ همة ٌ
حَفّتْ بألويَة ٍ من العَزَماتِ
تردي صروفَ الدهرِ وهيَ سواكنٌ،
إنّ السّكونَ لها من الحَركاتِ
تاقَتْ إلَيكَ قلوبُ قومٍ أصبَحَتْ
تلقي إليك معارقَ الفلواتِ
تركوا على شاطي الفُراتِ ديارَهم
وسعوا إليكَ، فأحدقوا بفراتِ
يُهدي إليكَ المادِحونَ جَواهراً،
منظومة ً كقلائدِ اللباتِ
تَحلُو صِفاتُكَ في القلوبِ، كأنّها
جاءَتْ لَمعنًى عارِضٍ في الذّاتِ
ته في الأنامِ، فلا برحتَ مؤملاً،
تجلو الجفونَ وتملأُ الجفناتِ
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ثِقَتي بغَيرِ هَواكمُ لا تَحدُثُ،
ثِقَتي بغَيرِ هَواكمُ لا تَحدُثُ،
رقم القصيدة : 20481
-----------------------------------
ثِقَتي بغَيرِ هَواكمُ لا تَحدُثُ،
ويَدي بحَبلِ وِصالكم تتَشَبّثُ
ثُبتَتْ مغارِسُ حبّكم في خاطرِي،
فهوَ القديمُ، وكلُّ حبٍّ مُحدَثُ
ثَنتِ العهودُ أعِنّتي عن غَيرِكم،
فعُقُودُها مَنظُومَة ٌ لا تُنكَثُ
ثَلَجَتْ على حِفظِ الوَدادِ قلوبُنا،
ولظى الهوى بضيائها يتأرثُ
ثَقُلَ الهَوَى ، وإن استُلذّ، فإنّه
داءٌ بهِ تبلى العظامِ وتشعثُ
ثوبٌ خلعتُ العزّ حينَ لبستُهُ،
إذ كان إذ ذُلُّ الصّبابة ِ يُورَثُ
ثلَبَ الورى عِرضي المَصون وحبّذا
لو صَحّ ما قالَ العِدى وتَحدّثُوا
ثاروا بنا، فطفقتُ حينَ أراهمُ،
حذراً أذكرُ ذكركم، وأؤنثُ
ثكلَ الورى طرفي المسهدَ فابعثوا
طيفَ الخيالِ إليّ، أو لا تبعثوا
ثَجّ الهَوى ، فأنا الغِريقُ بلُجّهِ،
لكِنّني بحِبالِكم أتَشَبّثُ
ثَلَمَ الهوى حدّي، وكنتُ مهنّداً
ماضي الغرارِ بغمدهِ لا يمكثُ
ثمّ اغتدتْ أيدي ابنِ أرتقَ قِصّتي،
كلٌّ بها، بينَ الأنامِ، يُحَدّثُ
ثبتُ الجنانِ يكادُ يبعثُ مرسلاً،
لو أن بعدَ محمدٍ من يبعثُ
ثغر الفلا من نورهِ متبسمٌ،
وفمُ الزمانِ بفضلهِ متحدثُ
ثَخُنتْ جراحُ النُّجلِ منهُ وبعدَها
وافى ووجهُ الحورِ أغبرُ أشعثُ
ثرمتْ ثغورُ الملكِ، لولا أنهُ
ينشي لها العدلَ العميمَ ويحدثُ
ثهلانُ، إن عدّ الحلومُ أو النهى ،
بحرٌ، إذا عدّ الندى والمبحثُ
ثمنُ البحارِ السّبعِ جُودُ يمينِه،
وجَبينُهُ للنّيرَينِ يثَلِّثُ
ثاني عنان الحادثاتِ، وفارسٌ
أمسَى جَوادُ الدّهرِ منهُ يَلهَثُ
ثوتِ الخطوبُ مخافة ً من بأسهِ،
صَرعى ، وذَلّ بها الزّمانُ الأحنَثُ
ثملٌ بصهباءِ السماحِ، فهمه
مالٌ يقسمُ، أو علومٌ تبحثُ
ثمراتُ مجدٍ مدّ نحوَ قطافِها
كفاً بإسداءِ الصنائعِ تعبثُ
ثَقّفتَ زَيغَ المُلكِ يا نجمَ الهُدى
بأسنة ٍ سمَّ المنية ِ تنفثُ
ثِبْ للعُلى واستَخدَمِ الدّهرَ الذي
إن تَدعُهُ لمُلِمّة ٍ لا يَلَبَثُ
ثُبنا إلَيكَ على هِجانٍ ضُمّرٍ،
شبهِ القِسيّ إلى حِماك تُحَثَّثُ
ثارتْ بنا تطوي القفارَ، فعندما
آنستُ ناركَ قلتُ للركبِ: أمكثوا
ثمّ اقتَسَمنا بالسّرورِ، وأُشرِكَتْ
في طيبِ بشرانا النياقُ الدلثُ
ثِقَة ً بأنّ يَدَ الرّدى ، إن غادَرتْ
مَيتاً، فعندَك بالمَكارِمِ يُبعَثُ
ثَبُتَتْ، ولو حلَفتْ بأنّك ناعشٌ
بنوالِكَ الأرواحَ لم تكُ تَحنَثُ
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> جاءَتْ لتَنظُرَ ما أبقَتْ من المُهَجِ،
جاءَتْ لتَنظُرَ ما أبقَتْ من المُهَجِ،
رقم القصيدة : 20482
-----------------------------------
جاءَتْ لتَنظُرَ ما أبقَتْ من المُهَجِ،
فعطرتْ سائرَ الأرجاءِ بالأرجِ
جَلَتْ عَلَينا مُحَيّاً لو جلَتهُ لَنا
في ظُلمَة ِ اللّيلِ أغنانا عن السُّرُجِ
جميلة ُ الوجهِ، لو أنّ الجمالَ بها
يولي الجميلَ لأشجتْ فودَ كلّ شجِ
جورية ُ الخدّ يحمى وردُ وجنتها
بحارسٍ من نبالِ الغنجِ والدعجِ
جازتْ إساءة َ أفعالي بمغفورة ٍ،
فكانَ غُفرانُها يُغني عنِ الحِجَجِ
جارَتْ لعِرفانِها أنّي المَريضُ بها،
فما عليّ إذا أذنبتُ من حرجٍ
جستْ يدي لترى ما بي فقلتُ لها:
كُفّي، فذاكَ جوًى لولاكِ لم يَهجِ
جفَوتنِي، فرأيتُ الصّبرَ أجملَ بي،
والصمتُ بالحبّ أولى بي من اللهجِ
جارَتْ لِحاظُكَ فينا غيرَ راحمة ٍ،
ولذّة ُ الحبّ جَورُ النّاظرِ الغَنِجِ
جوري فلا فرجاً لي من عذابكِ لي،
إلاّ يدَ الملكِ المنصورِ بالفرجِ
جوادُ كفٍّ تروعُ الدهرِ سطوتهُ،
فلا تصاحبُ عضواً غيرَ مختلجِ
جَدّتْ لِما تَرتَضي العَلياءُ هِمّتُه،
فالمُلكُ في رَقدَة ٍ، والحربُ في رَهَجِ
جنَتْ على مالِهِ أيدي مكارِمِه،
فَلا يَبيتُ بطَرفٍ غَيرِ مُنزَعِجِ
جهدُ المواهبِ أن تغنى خزائنهُ،
حتى كأنّ بها ضرباً من اللججِ
جَدّتْ إلَيهِ بَنُو الآمالِ مسرِعَة ً،
فأكثروا نحوهُ بالسعي والحججِ
جَونٌ إذا شِمتَ برقَ السيّفِ من يدِهِ
تَراهُ مُنبَلِجاً في كفّ مُنبلِجِ
جنَى ثمارَ المعالي حينَ حاولها،
بصارِمٍ ما خَلا في الحَربِ من هَرَجِ
حالتْ قناة ُ المنايا في مضاربهِ،
فظلّ ينقصُ أبكاراً من المهجِ
جَزياً أبا الفَتحِ، غاياتِ الفَخارِ، فقد
أمسكتْ طلابهُ في مسلكٍ حرجِ
جَلَلَتَ حتى لوَ أن الصّبحَ لُحتَ بهِ
وقلتَ: قِفْ لا تَلجْ في اللّيلِ لم يَلجِ
جَرّدتَ أسيافَ نَصرٍ أنتَ جَوهرُها،
في حالكٍ من ظلامِ النقعِ منتسجِ
جَبَرتَ كسرَ المَعالي يا ابنَ بَجدَتِها
بها وقومتَ ما بالدينِ من عوجِ
جمارُ نارٍ، ولكن من عوائدها
اطفاءُ ما في صدورِ القومِ من وهَجِ
جوازِمٌ إن أرَدتَ البَطشَ كُنّ يَداً،
وإن رَقيتَ المَعالي كنّ كالدّرَجِ
جلَوتَ كَربَ الوَرى بالمكرُماتِ، كما
جلَوتَ تلكَ الرّدى بالمَنظَرِ البَهجِ
جعَلتَ جودَكَ دونَ الوَعدِ مُعترِضاً،
ووَعدُ غَيرِكَ ضِيقٌ غيرُ مُنْفَرِجِ
جئناكَ، يا ملكَ الدنيا، وواحدها،
نؤمّ بالدرّ نهديهِ إلى اللججِ
جُزنا البِلادَ، ولم نَقصِد سواك فتًى ،
مَن يَحظَ بالدُّرّ يَستَغنِ عن السّبَجِ
جمعتَ فضلاً، فلا فرقتهُ أبداً،
أنتَ الفريدُ وجلّ الناسِ كالمهجِ
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> حيّ الرفاقَ، وطفْ بكأسِ الراحِ،
حيّ الرفاقَ، وطفْ بكأسِ الراحِ،
رقم القصيدة : 20483
-----------------------------------
حيّ الرفاقَ، وطفْ بكأسِ الراحِ،
واطرزْ بكأسٍ حلة َ الأفراحِ
حُثّ الكُؤوسَ إلى جُسومٍ أصبَحتْ
فيها المدام شريكة َ الأرواحِ
حاشِ المدامَ، وعاطني مشمولة ً،
ظلتْ فسادي وهيَ عينُ صلاحي
حمراءُ، لو تركَ السقاة ُ مزاجها،
أمستْ لنا عوضاً عن المصباحِ
حجبَ الحبابُ شعاعها، فكأنهُ
شفقٌ تلهبَ تحتَ ذيلِ صباحِ
حببٌ، تظلّ بهِ الكؤوسُ كأنها
خَصرُ الفَتاة ِ مُمَنطَقاً بوِشاحِ
حكمَ الزمانُ، وغضّ عنّا طرفه،
يا صاحِ لا تقنعْ بأنكَ صاحِ
حقُّ الصِّبا دينٌ علَيكَ فأدّهِ،
بالشربِ بينَ خمائلٍ ورداحِ
حاكَ الحَيا حُلَلَ الرّبيعِ، فعَطّرَتْ
نَشَرَ الصَّبا بأريجِها الفَيّاحِ
حللٌ، إذا بكتِ السحائبُ أشرقتْ
بخدودِ وردٍ، أو ثغورِ أقاحِ
حيّا الحيا بأريجها، فترنحتْ
أعطافُها من غَيرِ نَشوَة ِ راحِ
حملتْ، فأشرقَ زهرها، فكأنما
ضربتْ معاصمها يدُ القداحِ
حبكَ الهنا بسمائهنّ خمائلاً،
تنقضّ فيها أنجمُ الأقداحِ
حزنا السرورَ بها، وبتنا نجتلي
بنتَ الكُرومِ بغَيرِ عَقدِ نِكاحِ
حَلّى الزّمانُ بجُودِهِ أجيادَنا،
وسَخَا، فألبَسَنا ثيابَ مِراحِ
حتى انتهبنا العيشَ حتى كأنّه
مالُ ابنِ أرتقَ في يدِ المداحِ
حامي النّزيلِ، إذا ألَمّ برَبعِهِ،
مُحيي الأنامِ بجُودِهِ السّحّاحِ
حسُنَتْ بهِ الدّنيا، فكانَ أديمُها
عطلاً من التجميلِ والأوضاحِ
حكمٌ رضيتُ بهِ فمدّ سماحهُ
ضيقي، وحيّا جودهُ بفلاحي
حلتْ مكارمهُ عقالَ خصاصتي،
إذ راشَ من بَعدِ الخمولِ جَناحي
حاربتُ دهري، مذ حللتُ بربعهِ،
وجَعلتُهُ عندَ المَضيقِ سِلاحي
حسبي، إذا رمتُ الفخارَ من الورى ،
مغدايَ في أكنافهِ ورواحي
حملتَ، نجمَ الدينِ، أعناقَ الورى
منناً جساماً من ندى ً وسماحِ
حكمتَ في الأموالِ آمالَ العِدى ،
وجعلتَ شربَ المجدِ غيرَ صباحِ
حازَ العُلى ، فسرَى بصارِمِ عَزمِهِ
يُغنيكَ عن خَطّية ٍ وصِفاحِ
حزمٌ فتحتَ بهِ الأمورَ، وإنها
كالقفلِ محتاج إلى المفتاحِ
حجّتْ إليكَ بَنو الرّحيلِ لعِلمِهِم
حقاً بأنّكَ كَعَبَة ُ المُدّاحِ
حَرمٌ، إذا حَلّ الوُفُودُ برَبعِهِ،
قرنتْ عواقبُ سعيهم بنجاحِ
حمِدوكَ جُهدَ المُستَطيعِ، وأثبَتوا
لعُلاكَ شُكراً ما لَهُ مِن ماحٍ
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> خيالٌ سرى والنجمُ في القربِ راسخُ،
خيالٌ سرى والنجمُ في القربِ راسخُ،
رقم القصيدة : 20484
-----------------------------------
خيالٌ سرى والنجمُ في القربِ راسخُ،
ألمّ، ومن دونِ الحبيبِ فراسخُ
خطاءٌ كماءِ البيدِ يجري، وبيننا
هضابُ الفيافي، والجبالُ الشوامخُ
خفيذ الخطى وافَى لينظرَ هل غفتْ
عُيوني وهل جفّتْ جفوني النّواضخُ
خفِ اللهَ، يا طيفَ الخيالِ، فإنها
بماءِ حَياتي لا بدَمعي فَواضخُ
خَطرَتَ إلى مَيتِ الغَرامِ، مكَلِّماً
له بعدما ناحتء عليهِ الصوراخُ
خَطيبٌ فهل عيسَى بنُ مَريمَ جاءَهُ
ليُنطِقَهُ أم أنتَ في الصّورِ نافِخُ
خضِ الليلَ وأقصد من أحبّ وقل له
سأكتمُ ما بي، وهوَ في القلبِ راسخُ
خشيتُ انفساخَ العهدِ عنّي، وإنني
لعَهدِكَ، لا واللَّهِ، ما أنا فاسخُ
خرجتُ مِنَ الدّنيا بودّكَ قانِعاً،
وأنتَ لأضدادي بوصلكَ راضخُ
خسرتَ، ولم تعلم بأنّ عزائمي
لأشباحِ حمي بالسرورِ نواسخُ
خَلا الملكُ المَنصورُ لي فأحَلّني
محلاًّ لهُ تعنو الجبالُ البواذخُ
خَطَتْ بي إلَيهِ هِمّتي، فوَرَدَتُهُ،
فلا السعيُ مذمومٌ ولا السورُ شامخُ
خلعتُ نعالَ الشكّ في قدسِ ربعهِ،
فمن تربهِ كفي لخديَّ لاطخُ
خلُصتُ مِن الأهوابِ لمّا لَقيتُهُ،
فبِتُّ مَنيعاً، والخطوبُ شَوائخُ
خشيتُ على الآرائكِ سطوة َ بأسهِ،
وأطوادُ رضوى دونها والشمارخُ
خَليفَة ُ عَصرٍ ليسَ يُنسَخُ جودُه،
ويَغتاظُ منهُ مالُه المُتَناسِخُ
خصيبٌ إذا ما الأرضُ صوحَ نبتها،
حليمٌ، إذا أخفَى الملومُ الرواسخُ
خَلائقُهُ بيضٌ، إذا همّ قاصِدٌ،
وأسيافهُ حمرٌ، إذا همّ صارخُ
خِصالٌ حَواها من أبيهِ وجَدّهِ،
وأكسَبهُ أسيافُهُ والمَشايِخُ
خَزائنُهُ مَبذولَة ٌ، وأكفّهُ
بحارُ الندى ، ما بينهنّ برازخُ
خطابك، نجمَ الدينِ، خطبٌ على العدى
فكيفَ إذا سُلّتْ ظُباكَ النّواضِخُ
خشنتَ على الأعداءِ في الحربِ ملمساً،
وغصنكَ غضُّ في الشبيبة ِ شارخُ
خُلِقتَ رِضَى العَليا، ووَجهُك واضحٌ،
وجُودُكَ سَحاحٌ، ومَجدُكَ باذخُ
خبيرٌ بأمرِ الملكِ، عدلُكَ باسطٌ،
وعلمكَ فياضٌ، وحلمك راسخُ
خفضتَ للهى كي ترفعَ الذلّ بالندى ،
فأنتَ لآلِ الجُودِ بالجودِ ناسِخُ
خُصِصتَ بقَلبٍ في الشّدائدِ جامدٍ،
فزانَكَ كَفٌّ بالمَكارِمِ ناصِخُ
خذِ المدحَ مني، وابقَ للحمدِ سالماً،
هنيئاً لذكرٍ عرفهُ بكَ فائخُ
خَليٌّ، يصوغُ المَدحَ فيك قَلائِداً،
وينشدهُ راوٍ، ويكتبُ ناسخُ
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> دمعٌ مزائدُ قطرهِ لا تجمدُ،
دمعٌ مزائدُ قطرهِ لا تجمدُ،
رقم القصيدة : 20485
-----------------------------------
دمعٌ مزائدُ قطرهِ لا تجمدُ،
أنَّى ، ونارُ صَبابَتي لا تَخمَدُ
دامَ البعادُ، فلا أزالُ مكابداً
دَمعاً يَذوبُ، وزفرَة ً تَتَوَقّدُ
داءٌ تأبدَ في الفؤادِ مخيمٌ،
أعيا الأساة َ، وملّ عنه القودُ
دعني أموتُ بعدّ سكانِ الحمى
بصَبابَتي، كم جُهد، ما أتَجَلّدُ
دارَ الأحبة ِ جادَ مغناكَ الحيا،
وتُرابُ رَبعِكِ للنّواظرِ إثمِدُ
دون ازدياركِ خوضُ أغمارِ الردى ،
والسمرُ تشرعُ، والصفاحُ تجردُ
دِمَنٌ لنا في الجامعَينَ تَنَكّرَتْ،
من بعدها، أعلامها والمعهدُ
دَرَسَ الزّمانُ جديدَها بيَدِ البِلى ،
فالقَلبُ يَبلى ، والهوَى يتَجَدّدُ
دارتْ على سكانِها كأسُ الردَى ،
سكِروا بها فغَدا الزّمانُ يُعَربِدُ
دَعَتِ النّوى بفراقهم، فتَفَرّقوا،
وقضى الزمانُ ببينهم، فتبددوا
وهمتْ من الدهرِ الخؤونِ عليهمُ
نوبٌ على أيدي الزمانِ لها يدُ
دَهرٌ ذَميمُ الحالَتَينِ، فمَا بهِ
شيءٌ سوى جودِ ابنِ أرتقَ يحمدُ
دامَ الخلائقُ يمتطونَ بهِ العلى ،
ويَبيتُ منهُ الدّهرُ، وهوَ مُسَهَّدُ
درعٌ بهِ الملكُ العزيزُ مدرعٌ،
سيفٌ بهِ الدينُ الحنيفُ مقلدُ
داني النوالِ، فلا ينالُ مقامهُ،
قاضي المَنالِ، ورِفدُهُ لا يَبعُدُ
ديمُ الدماءِ تسحُّ من أسيافهِ
طَوراً، ويُمطِرُ من يَديهِ العَسجَدُ
دَفَعَ الخُطوبَ عن الأنامِ بعَدلِهِ،
ورعَى العِبادَ بمُقلَة ٍ لا تَرقُدُ
دَعْ مَن سِواهُ ولُذ بكَعبَة ِ جودِهِ،
فجنابهُ لذوي المطالبِ مقصدُ
دم في سماءِ الملكِ، يا نجمَ العلى ،
إنّ العبادَ لجودِ كفكَ أعبدُ
دَبّرتَ أمرَ المُسلمينَ، فطُوّقُوا،
بنداكَ، أطواقَ الحمامِ، فغردوا
داويتَ أضعافَ الصدورِ بصارمٍ،
ماءُ المَنُونِ بمتَنِهِ يَتجَعّدُ
دَبّتْ نِمالُ المَوتِ في شَفَراتِهِ،
وجرى الحمامُ بحدهِ يترددُ
داعٍ، إذا ما قامَ يوماً خاطباً،
فالهامُ تركعُ والجماجمُ تسجدُ
دامي المَضارِبِ لو عكَستَ شُعاعَه
فوقَ الجبالِ، لذابَ منهُ الجلمدُ
دانَتْ لهُ الدّنيا فمَنظَرُ وَجهِها
طَلْقٌ، وخَدُّ الدّهرِ منهُ موَرّدُ
دُكّتْ بك الأرَضُونَ حينَ حلَلتَها
فعليكَ تغبطها السماءِ وتحمدُ
دنتِ المطيُّ بنا إليكَ بحدة ٍ،
فلها علينا منة ٌ لا تجحدُ
دانيتُ ربعكَ والأعادي شمتٌ،
فرجعتُ عنهُ والورى لي حسدُ
دُسْ هامَة َ العَلياءِ وابقَ مُمَلَّكاً
أبَداً يحلّ بكَ الزّمانُ ويَعقُدُ
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ذكرَ العهودَ فأسهرَ الطرفَ القذي
ذكرَ العهودَ فأسهرَ الطرفَ القذي
رقم القصيدة : 20486
-----------------------------------
ذكرَ العهودَ فأسهرَ الطرفَ القذي
صبٌّ بغيرِ حديثكم لا يغتذي
ذاقَ الهَوى صِرفاً، فأعقَبَ قلبَه
فِكرَ الصُّحاة ِ، وسَكرَة َ المُتَنَبِّذِ
ذمّ الهوى لما تذكرَ إلفهُ،
بالجامعينِ،وحبلهُ لم يجذذِ
ذرّ النسيمُ عليهِ من أكنافهِ
نشرَ العَبيرِ فشاقَه العَرفُ الشّذِي
ذابتْ بكم، يا أهلَ بابلَ، مهجتي
فتَنَغّصتْ بالعَيشِ بَعدَ تَلَذّذِ
ذهبَ الوفا بعدَ الصفاءِ، فما عدا؟
وَعَدتُموني بالوِصالِ فَما الذِي؟
ذبلتْ غصونُ الودّ فيما بيننا،
وجرى الذي قد كان منه تعوذي
ذابَ الكرى عن ناصري بفراقكم،
ولكم جلوتُ بنوركم طرفي القذي
ذَلّتْ بكم روحي، وكنتُ مُمَنَّعاً
في صفوِ عَيشٍ عِزّهُ لم يُفلَذِ
ذُلٌّ عَلاني، والعداة ُ عزيزَة ٌ،
لو لم يكن جودُ ابنِ أرتقَ مُنقذِي
ذاكَ الذي بَسَطَ المُهَيمِنُ كَفّهُ
في أنعمِ الدنيا، وقال لها: خذي
ذو راحتَينِ: هما المَنيّة ُ والمُنى ،
يَسطو بتلكَ ويبذُلُ النّعمى بذِي
ذاكي العَزائمِ في جَلابيبِ التّقَى ،
ناشٍ، ومن ثديِ الفَضائل يَغتَذِي
ذَخَرَتْ خَزائنُه، فقالَ لها: انفدي،
وذكتْ عزائمُه فقال لها: انفُذِي
ذَلِقُ الفضائل هكذا فضلُ التّقَى ،
غدقُ البنان على الفصاحة ِ قد غذي
ذممُ الزمانِ بعدلهِ محفوظة ٌ،
فذمامهُ من غيرهِ لم يؤخذِ
ذاعتْ سرائرُ فضلهِ بينَ الورى ،
وسما الأنامُ بجودهِ المستحوذِ
ذرواتُ مجدِ لاتنالُ وهمة ٌ
طالتْ فكادتْ للكواكبِ تحتذي
ذُخرٌ لَنا في النّائباتِ ومَلجَأٌ،
مَن لم يَلُذ بجَنابِهِ لم يَنفُذِ
ذكري له راعَ الخطوبَ لأنني،
من كَيدِها بِسواهُ لم أتَعَوّذِ
ذهلتْ صروفُ الدهرِ منهُ فلم تجد
نَحوي لأسهُمِ كَيدِها من مَنفَذِ
ذُعرَ الزّمانُ وقال: هل من عاصِمٍ
منهُ ألوذُ بهِ؟ فقلتُ له: لُذِ
ذرْ عنكَ نجمَ الدينِ أشباحَ العدى ،
وعلى صميمِ قلوبهم فاستحوذِ
ذَكّرْ بهم سَهمَ القَضاءِ، فإنّهُ
بسِوَى الذي تَختارُهُ لم يَنفُذِ
ذَلّلتَ أعناقَ الطّغاة ِ بصارِمٍ،
بسوى الجَماجِمِ حدُّهُ لم يُشحَذِ
ذكرْ إذا شكتِ الظما شفراتهُ
في غيرِ يمّ دمائهم لم ينبذِ
ذا السعيُ قد قرتْ به عينُ الورى ،
فالمُلكُ يَزهو زِهوَة َ المُتَلَذّذِ
ذرتَ الزمانَ على الطغاة ِ وقد طغى ،
وجلوت طرفَ المكرُماتِ وقد قذِي
ذويتْ عداكَ ولا برحتَ منعماً،
عن رفدِ طلابِ الندى لم تجذذِ
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> رقتْ لنا حينَ همّ الصبحُ بالسفرِ،
رقتْ لنا حينَ همّ الصبحُ بالسفرِ،
رقم القصيدة : 20487
-----------------------------------
رقتْ لنا حينَ همّ الصبحُ بالسفرِ،
وأقبلتْ في الدجى تسعى على حذرِ
راضَ الهوى قلبها القاسي، فجادَ لنا،
وكانَ أبخلَ من تموزَ بالمطرِ
رأتْ غَداة َ النّوى نارَ الكَليمِ، وقد
شبتْ، ولم تبقِ من قلبي ولم تذرِ
رقتْ إلى الصبّ طولَ الوصلِ راقية ً،
فقلتُ: قد جئتَ يا موسَى على قدَرِ
ربيبَة ٌ لو تَراها عندَما سَفَرَتْ،
والبدرُ ساهٍ إليها سهوَ معتذرِ
رأيتَ بَدرَينِ من شمسٍ ومن قمَرٍ،
في ظلّ جِنحَينِ من ليلٍ ومن شعَرِ
رَشَفتُ بُردَ الحُمَيّا مِن مَراشِفِها،
فنَبّهَتني إلَيها نَسمة ُ السّحَرِ
رنتْ نجومُ الدجى نحوي فما نظرتْ
من يرشفُ الراحَ ليلاً من فمِ القمرِ
راقَ العِتابُ، فأبدتْ لي سرائرَها،
في لَيلَة ِ الوَصلِ بل في غُرّة ِ القَمَرِ
رَثَتْ فلَمّا رأتْ رُسلَ النّوى فغدَتْ
تُطيلُ عَتبي، وعمرُ اللّيلِ في قِصَر
رَحبٌ مَقامي بمغناها، فمُذ نَظَرَتْ
ذمّ المطيّ قضتْ للصفوِ بالكدرِ
ريعتْ لذمّ المطايا للسرَى قعدتْ،
وأحذرتني من الأهواليِ في سفري
رامتْ بذلكَ تخويفي، فقلتُ لها:
عِندي من الخُبرِ ما يُغني عن الخبرِ
رِدي، فَما ضَرّني هَولٌ أُكابدُهُ،
ونائلُ الملكِ المنصورِ في الأثرِ
رَبِّ النّوالِ، ومحمودِ الخِصالِ، ومِقـ
ـدامِ النزالِ، وأمنِ الخائفِ الحذرِ
راعي الأنامِ بعَينٍ غَيرِ راقدَة ٍ،
قد وُكّلَتْ في أُمورِ الملكِ بالسّهَرِ
رحبِ الذراعينِ لولا صبحُ غرتهِ،
لأصبحَ الجودُ فجراً غيرَ منفجرِ
راضٍ معَ السخطِ يبدي عزمَ منتقمٍ
للمنذبينَ، ويعفو عفوَ مقتدرِ
راحاتهُ مذ نشا في الملكِ قد عهدتْ
يومَ النّدى والرّدى بالنّفعِ والضّرَرِ
روى مَناقبَهُ الرّاوي، فقُلتُ لهُ:
جلوتَ سَمعي، فهل تَجلو به بصرِي
رحْ أيها الملكُ المنصورُ، واغدُ على
هامِ العُلى آمناً من حادثِ الغيرِ
رَسمتَ جوداً حكى الطّوفانَ فاعتصَمتْ
منهُ الخلائقُ بالألواحِ والدسرِ
رفقتَ بالناسِ في كلّ الأمورِ، فقد
أضحَى الزّمانُ إلَيهم شاخصَ رَ
ربوا لديكَ، فلولا أنّ بعضهمُ
تجلّ عنهُ، لقلنا: يا أبا البشرِ
رُعتَ العِدى بحُسامٍ لو عدَلتَ بهِ
عنهم، لأغناكَ عنهُ صارمُ القدرِ
رفعتَ ذكركَ في يومِ الهياجِ به،
فأذكرتني بحدّ الصارمِ الذكرِ
رمتْ إليكَ بنا هوجٌ مضمرة ٌ،
كأنها في الدجى قوسٌ بلا وترِ
راحتْ إلى جنة ٍ حلّ العفاة ُ بها
في الخُلدِ، واتّكأُوا فيها على سُرُرِ
رَجَعتَ أعتِبُ نَفسي في تأخّرِها
عَنها، طَوراً أُهَنّي النّفسَ بالظّفَرِ