جميع دواوين الشعر العربى على مر العصور (( خالد الطيب ونور حياتى ))

  • تاريخ البدء
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> بَرقُ المَشيبِ قد أضا،
بَرقُ المَشيبِ قد أضا،
رقم القصيدة : 19797
-----------------------------------
بَرقُ المَشيبِ قد أضا،
بعارضٍ مثلِ الأضَا
يشبهُ اشتعالهُ،
بالنارِ في جذلِ الغضا
وواصلَتْ قَلبي الهمومُ،
فَحفَا جَفني الكَرى
واتخذَ التسهيدُ عيني
مألفاً لمّا جفَا
وكنتُ ذا بأسٍ، فمُذْ
عاندَني صرفُ القضَا
رضيتُ قسراً، وعلى الـ
ـقَسرِ رِضَى مَن كان ذا..
لي أُسوَة ٌ بابنِ الزُّبَيرِ،
إذْ أبَى حملَ الأذَى
وابنِ الأشجّ القيلِ سا
قَ نفسهُ إلى الرّدَى
وهكذا جدّ أبو الـ
ـخَيرِ لإدراكِ المُنَى
وقد سَما قَبلي يَزيدُ
طالباً شأوَ العُلَى
وقد رَمَى عَمرٌو بسَهمِ
كَيدِهِ قلبَ العُلَى
وسَيفٌ استَعلَتْ بهِ
همّتُهُ حتّى رَمَى
أقسمتُ لا أنفكُّ أسمُو
طالباً حُسنَ الثّنَا
ألِيّة ٌ باليَعمَلاتِ،
تَرتَمي بها النَّجَا
لأجعَلَنّ مَعقلي،
مطهَّماً صُلبَ المَطَا
يرضَخُ في البِيدِ الحَصَى ،
وإنْ رَمَى إلى الرُّبَى
يكابرُ السّمعُ اللّحا
ظَ إثرَهُ، إذا جَرَى
إذا اجتَهَدتُ نَظَراً
في إثرِهِ، قلتُ: سَنَا
جادَ بهِ ابنُ المَلِكَ الـ
ـمنصورِ مَنصورِ اللّوا
كأنّما جُودُهُما
لي جانباً من الرَّجَا
فقلتُ، لمّا أثقَلا
ظَهري بأعباءِ النّدَى :
نَفسي الفِداءُ لأميرَيَّ
ومَنْ تَحتَ السّمَا
كأنذما جودُهُما
مجلجلٌ منَ الحبَا
إذا وَنَتْ رُعُودُهُ
عَنّتْ لهُ ريحُ الصَّبَا
فطَبّقَ الأرضِينَ حتى
بلَغَ السّيلُ الزّبَى
كأنّما البيداءُ، غِبَّ
صَوتِهِ، بَحرٌ طَمَا
يلومني في البُعدِ
عن حِماها خِلٌّ لحَى
واللّومُ للحُرّ مُقيمٌ
رادعٌ، والبُعدُ لا
فسَوفَ يَعتادُهما
منّي امرؤٌ محضُ الوَلا
يَجوبُ جَوزاءَ الفَلا
مُحتَقِراً هولَ الدّجَى
قد نِلتُ في رَبعِهِما
من النّعيمِ ما كَفَى
فإنْ أعِشْ صاحَبتُ دَهـ
ـري عالماً بما انطَوَى
وإنْ أمُتْ، فكُلُّ شيءٍ
بلَغَ الحَدَّ انتَهَى

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> جَزى اللَّهُ عنّا مالكَ الرّقّ كاسمِهِ،
جَزى اللَّهُ عنّا مالكَ الرّقّ كاسمِهِ،
رقم القصيدة : 19798
-----------------------------------
جَزى اللَّهُ عنّا مالكَ الرّقّ كاسمِهِ،
فلولا اسمُهُ ما كنتُ في الخلقِ أُعرَفُ
ولولا معاليهِ الشريفة ُ لم تكنْ
عليّ ملوكُ الأرضِ تَحنو وتَعطِفُ
أُحَدّثُهمْ عن برّهِ دونَ سِرّهِ،
وأُلحِفُ في تَعديدِ ما ليَ يُتحِفُ
وأُنشِدُ من مَدحي لهُ كلّ جَزلَة ٍ
تُحَلّى بها أسماعُهُمْ وتُشَنفُ
قَصائدُ في ألفاظِهِنّ مَقاصِدٌ
من الصخرِ أقوى بل من الماء ألطفُ
إذا رامَ أهلُ العَصرِ نَظماً لمِثلِها،
وجاؤوا بلَفظٍ دونَها وتكَلّفُوا
ظَننتُ حِبالَ السّحرِ ما قد أتَوا بهِ،
وتِلكَ عَصَا موسَى لها تتَلَقّفُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> هنيئاً بشهرِ الصّوم للملكِ الذي
هنيئاً بشهرِ الصّوم للملكِ الذي
رقم القصيدة : 19799
-----------------------------------
هنيئاً بشهرِ الصّوم للملكِ الذي
له نِعَمٌ مَعروفُها ليسَ يُنكَرُ
فَمٌ عن أحاديثِ المَحارِمِ صائمٌ،
وكفٌّ بإسداءِ المكارِمِ مُفطِرُ
يسافرُ منهُ الذكرُ، وهوَ متمَّمٌ،
وكلُّ مُقيمٍ في الثّناءِ مُقَصِّرُ
وأعجبُ من صومِ الأنامِ بربعِهِ،
وقد غمَرَتهم من أيادِيهِ أبحُرُ

شعراء العراق والشام >> أحمد مطر >> الشعار
الشعار
رقم القصيدة : 1980
-----------------------------------
الإبريقْ
لا يَملكُ مِمّا يَحملُهُ بِلّةَ ريقْ.
الإبريقْ
صَدِيءٌ، ظمآنٌ، مُتَّسِخٌ
وعلي طُول العُمْرِ يُريقْ
ما يحملُهُ
للتنظيفِ وللإرواءِ وللتزويقْ.
الإبريقْ
صُورَتُنا.. إذ نُهرقُ شَهْداً
للرّومانِ وللإغريقْ
وَنَنالُ عَناءَ التّدبيقْ.
أيُّ صَفيقْ
قد صاغَ مِنَ النَّسْرِ شِعاراً
يَخفقُ مِن فَوقِ الأعلامِ
وَيَخنقُ أنفاسَ الإعلامِ
وَيُخجِلُ أخلاقَ التّلفيقْ؟!
كيفَ يكونُ النّسرُ شِعاراً
لِشعوبٍ مِثلَ البطريقْ
لا تَعرفُ ما معني السَّيْرِ
ولا تعرفُ معني التّحليقْ
وعلي سَوْطِ الذُّلّةِ تغفو
وعلي صَوتِ الخَوفِ تُفيقْ؟!
سَنري أنَّ الصِّدقَ صَدوقٌ
وَنري أنّ الحقَّ حقيقْ
حِين نَري رايةَ أُمّتِنا
تخفقُ في ريحِ بلاهَتِها
وَعَلَيْها صُورةَ إبريقْ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> فِطرٌ بهِ كادَ قلبُ الدّهرِ يَنفَطِرُ،
فِطرٌ بهِ كادَ قلبُ الدّهرِ يَنفَطِرُ،
رقم القصيدة : 19800
-----------------------------------
فِطرٌ بهِ كادَ قلبُ الدّهرِ يَنفَطِرُ،
إذ بَشّرَتْ بمعالي مَجدِكَ الفِطَرُ
يا مالِكاً أصحتِ الدّنيا تَتيهُ بهِ،
والصومُ والفطرُ والأعيادُ تفتخرُ
أضحَى وجودكَ في الدّنيا وجودُك لي
عيداً جَديداً بهِ يَستَبشِرُ البَشَرُ
فالعيدُ منتظرٌ في العامِ واحدة ً،
وَجُودُ كَفّكَ عيدٌ ليسَ يُنتَظَرُ
لو يَنطِقُ العيدُ بالإنصافِ قال لنا:
ليهنكُم بالمليكِ الصّالحِ الظفَرُ
ملكٌ سما ذكرُهُ بينَ الملوك، وما
بنى لهُ الذكرَ إلاّ الصّارمُ الذَّكرُ
سهلُ الخلائقِ ما في خلقِهِ شرسٌ
للواردين، ولا في خَدّهِ صَعَرُ
لايعرفُ العذرَ عن إسعافِ ذي أملٍ،
يوماً، ولكنّهُ يُعطي ويَعتَذِرُ
من آلِ أرتقَ الصيدِ الألى رتقوا
فَتَقَ العُلى ، بعدَما حالتْ بها الغِيَرُ
همُ الملوكُ الألى يُكسى الزمانُ بهم
عزاً وتخفى ملوكُ الأرضِ إن ظهروا
المنعمونَ، ولكن قبلما سئلوا،
والصافحونَ، ولكن بعدَما قدرُوا
با ابنَ الملوكِ الألي دانَ الزّمانُ لهم،
لمَّا استقَاموا معَ الباري كما أُمرُوا
لا فضلَ لي في نظامي دُرَّ وصفِكمُ،
بقيمَة ِ الدُّرّ لا بالسّلكِ يُعتَبَرُ
لم تزهُ صنعتُهُ إلاّ بصنعِكُمُ،
تزهو الحمائلُ أنّى يهطِلُ المطرُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> يا مليكاً بذكرِهِ يفخرُ المدْ
يا مليكاً بذكرِهِ يفخرُ المدْ
رقم القصيدة : 19801
-----------------------------------
يا مليكاً بذكرِهِ يفخرُ المدْ
حُ ويسمو الإيرادُ والورّادُ
أنتَ أعلى من أنْ تُهنّى بعيدٍ
بل تهنّى بمجدِكَ الأعيادُ
فابقَ في نعمة ٍ بها سرّ راجيكَ،
وردّتْ بغيظِها الحُسّادُ
صُمّ في صَومِكَ العُداة ُ، وفي
فطرِكَ منهم تفطَّرُ الأكبادُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> تَهَنّ بعيدِكَ يا ابنَ الكِرامِ،
تَهَنّ بعيدِكَ يا ابنَ الكِرامِ،
رقم القصيدة : 19802
-----------------------------------
تَهَنّ بعيدِكَ يا ابنَ الكِرامِ،
وعشْ لتهانيه في كلّ عامِ
فإنْ يَكُ غُرّة َ وجهِ الزّمانِ،
فإنّكَ غرة ُ وجهِ الأنامِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> قدمتَ، وقد لاحَ الهلالُ مبَشّراً
قدمتَ، وقد لاحَ الهلالُ مبَشّراً
رقم القصيدة : 19803
-----------------------------------
قدمتَ، وقد لاحَ الهلالُ مبَشّراً
بعودِكَ، إنّ السعدَ فيه قرينُه
ويخبرُ أنّ النّصرَ فيهِ مقدرٌ،
ألم ترهُ قد لاحَ في الغربِ نونُه

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> هكذا إن بنَى المَنازِلَ بانِ،
هكذا إن بنَى المَنازِلَ بانِ،
رقم القصيدة : 19804
-----------------------------------
هكذا إن بنَى المَنازِلَ بانِ،
وثَناها مَشيدَة َ الأركانِ
يبتنّي المجدَ أولاً، فإذا ما
شادَهُ شَيّدَ المَنازِلَ ثانِ
وبِناءُ العَلاءِ صَعبٌ على مَن
لم يكنْ عزمُهُ شديدَ المَباني
فإذا حاولَ المقصرُ نيلَ العزّ
نادَى : وعِزّتي لَن تَراني
كلُّ من أسسَ البناء على تقوى
إلهِ السماءِ والرّضوانِ
فلْيَشِدْ قَبلَهُ البناءَ كما قد
شيدَتهُ مناقبُ السلطانِ
زينُ أبناءِ ارتُقَ الملكُ الصّا
لحُ شمسُ الدّينِ الرّفيعِ الشّانِ
ملكٌ يملأُ النواظرَ بالحسنِ،
ويَملا الأكفّ بالإحسانِ
لو يشا اسّسَ المنازلَ من فو
قِ أعالي منازلِ الزِّبرِقانِ
والسواري فوق السواري من الشُّهـ
ـبِ، وأبوابُها على كيوانِ
شادَ في ذروة ِ العلاءِ دياراً،
وجنَى الجنتينِ منهنّ داني
فأراهُ الإلهُ في ظلّها العزَّ،
وطيبَ الهَنا، ونَيلَ الأماني

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> إن ثنتْ عنكُمُ الخطوبُ عِناني،
إن ثنتْ عنكُمُ الخطوبُ عِناني،
رقم القصيدة : 19805
-----------------------------------
إن ثنتْ عنكُمُ الخطوبُ عِناني،
ففؤادي لديكمُ وجناني
واشتياقي لربعكم لا بوجْدي
بغَوانٍ بهِ، ولا بأغاني
ما هَوينا مَغنى الدّيارِ، ولكنْ
بالمَعاني نَهيمُ لا بالمَغاني
مَن مُعينُ الصّبّ الكئيبِ على الشّو
قِ إذا باتَ للهمومِ يعاني
ومن المبلغُ الأحبة ِ أنّي
طيبُ عيشي من بعدهم ما هناني
يا نسيمَ الشمالِ إن جزتَ بالشهبا
ءِ قَبّل عنّي ثَرَى السّلطانِ
وابلغِ الملكَ ناصرَ الدّينِ شوقي
ثمّ قَبّلْ ثَراهُ بالأجفانِ
عمرَ المالكُ الذي عمرَ المجدَ،
وقد كانَ داثِرَ البُنيانِ
والمَليكُ الذي يَرى المَنّ إشرا
كاً بوصفِ المهيمنِ المنّانِ
والجوادُ السمحُ الذي مرجَ الـ
ـبحرينِ من راحتَيهِ يَلتَقيانِ
ملكٌ يعتقُ العبيدَ من الرّقّ،
ويشري الأحرارَ بالإحسانِ
بسَجايا رَضِعنَ دَرّ المَعالي،
ومَزايا رَضِعنَ دَرّ المَعاني
فلِباغٍ عَصاهُ حُمرُ المَنايا،
ولباغي عَطاهُ بِيضُ الأماني
يا أخا الجودِ ليسَ مثلُكَ موجو
داً، وإن كان بادياً للعيانِ
أنتَ بينَ الأنامِ لفظَهُ إجما
عٍ، عليها اتفاقُ قاصٍ ودانِ
ذلكَ الرّتبَة ُ التي قَصَّرَتْ دو
نَ عُلاها النّسرانِ والفَرقَدانِ
والحسامُ الذي إذا صلتِ البيضِ
وصلت في البيضِ والأبدانِ
قامَ في حَومَة ِ الهياجِ خَطيباً،
قائلاً: كلُّ مَن علَيها فانِ
واليَراعُ الذي يَزيدُ بقطعِ الرّا
سِ نطقاً من بعدِ شقّ اللسانِ
لم تَمَسّ التّرابَ نَعلاكَ، إلاّ
حسَدَتَهُ مَعاقدُ التّيجانِ
شِيمٌ لم تَكُنْ لغَيرِكَ إلاّ
لمعالي شَقيقِكَ السّلطانِ
جمعَ اللَّهُ فيكما الحُسنَ والإحسا
نَ، إذْ كُنتُما رَضيعَي لِبانِ
وتجارَيتُما إلى حَلَبة ِ المَجدِ،
فَوافَيتُما كمُهرَيْ رِهانِ
ثم عاضدتَهُ، فكنتَ لديهِ
مثلَ هارون في فتَى عِمرانِ
فتهنّ العيدَ السعيدَ، وإن كا
نَ لكُلّ الأعيادِ منكَ التّهاني
واقضِ عُمرَ الزّمانِ صوماً وفطراً،
خالداً في مَسرّة ٍ وأمانِ
ليسَ لي في صِفاتِ مَجدِكَ فخرٌ،
هي أبدتْ لنا بديعَ المعاني
كلّما أبدَعتْ سَجاياكَ مَعنى ً
نظَمَتْ فِكرَتي وخَطّ بَناني
لا تسمني بالشعرِ شكرَ أياديكَ،
فَما لي بشُكرِهنّ يَدانِ
لو نظمتُ النجومَ شعراً لما كا
فيتُ عن بعضِ ذلكَ الإحسان
 
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لا راجَعَ الطّرفُ باللّقا وسَنَهْ،
لا راجَعَ الطّرفُ باللّقا وسَنَهْ،
رقم القصيدة : 19806
-----------------------------------
لا راجَعَ الطّرفُ باللّقا وسَنَهْ،
إن ذاقَ غُمضاً من بعدِكم وسِنَهْ
طالَ على الصّبّ عُمرُ جَفَوتكُم،
فكلُّ يومٍ مِن الفِراقِ سَنَهْ
صبٌّ أجباَ الغرامَ، حينَ دَعا
طَوعاً، وألقَى إلى الهَوى رَسَنهْ
لم يقضِ من وصلكُم لبانتَهُ،
وإنْ قضَى في هواكمُ زمنَهْ
ما عرفَ الشّركَ في هواه، ولا
خالفَ دينَ الهَوى ولا سننَهْ
ولو غَدا، وهو عابدٌ وثَناً،
لمَا غدا غيرُ شخصكم وثنهْ
ما لامَهُ لائمٌ ليحزِنُه،
إلاّ وسلّى بذكركم حزنهُ
لولاكُمُ لم تبتْ جونحُهُ
حرّى ، ولا أنحَلَ الضّنى بدَنهْ
كم ضمنَ الدّمعَ ريَّ غلتِهِ،
فَما وفَى بعدَكم بما ضَمِنَهْ
لا تُودِعوا سِرّكم نَواظَره،
فهيَ على السرّ غيرَ مؤتمنهْ
نَواظِرٌ بالدّموعِ وافيَة ٌ،
وهيَ لإظهارِ سرّكمْ خَوَنَهْ
ورُبّ لَفظٍ فَصّلتُ مُجمَلَهُ،
والليلُ قد فصّلَ الضّحى كفنهْ
ساءتْ ظنُونُ الحسّادِ فيّ بهِ،
لمّا غَدا الجفنُ جافياً وسَنَهْ
لم يبسطوا العذرَ لي، ولا علموا
أنّ يَدي بالصنّيعِ مُرتَهَنَهْ
ولو بمدحِ المؤيدِ اعتبروا
لبدلتْ سيئاتهمْ حسنهْ
الملكُ الجامعُ الفَضائلِ والبا
ذِلُ في الصّالحاتِ ما خَزَنَهْ
يَمتَنُّ للقابلي عَطاهُ، ولا
يُقَلّدُ الوَفدَ في النّدَى مِنَنَهْ
ملكٌ لو أنّ البِحارَ تُشبِهُهُ،
لأصبحَ البحرُ باذلاً سفنهْ
ولو أتَى الأصمَعيُّ يُنشِدُهُ
شِعراً لأصبَحَ من خوفٍ به لحَنَهْ
ولو رعَى ألكنٌ عبارتَهُ،
أزالَ من سحرِ لفظهِ لكنَهْ
مهذَّبُ اللفظِ في الفصاحة ِ لا
كَسائِلِ المازِنيّ مَن خَتَنَهْ
من آلِ أيوبَ الذينَ لهمْ
حَماسَة ٌ بالسّماحِ مُقترِنَهْ
ذوي بيوتٍ في المجدِ سالمة ٍ،
كلُّ أفاعيلِهِنّ مُتّزِنَهْ
هم اشتروا الملكَ غالباً خطراً،
وصيروا أنفسَ العدَى ثمنهْ
طوراً سلاحَ الملكِ العقيمَ ترَى
تلكَ المساعي، وتارة ً جننهْ
يا مالِكاً دانَتِ المُلوكُ لَهُ،
واتبعتْ في اعتمادِها سننهْ
ومَنْ سَنا بِشره، ونائِلُهُ
رفّهَ سعي الحجابِ والخزنهْ
والصادقَ الوعدِ في الكتابِ ومن
فَداهُ ذو العَرشِ بعدما امتحَنَهْ
أوسعتَ للعبدِ من هباتِكَ ما
أضاقَ عن حَملِ بَعضِهِ عَطَنَهْ
أتعبتَ بالشكرِ جهدَ مهجتهِ،
كأنّها بالنّعيمِ مُمتَحَنَهْ
آنَسَهُ فَضلُكُمْ، فَما طَلَبتْ
مسكنهُ نفسهُ، ولا سكنهْ
أسلاهُ عن ألهِ صنيعكمُ
بهِ، وأنساهُ ظلُّكُم وطنَهْ
يعلنُ بالمدحِ والثناءِ، وقد
أشبَهَ في الوُدّ سرُّهُ علَنّهْ
ما ساءهُ غيرُ فوتِ مدتهِ،
وما قضَى تحتَ ظِلّكُمْ زَمَنَهْ
فلا أرتنا الأيامُ فيكَ ردًى ،
ولا أماطتْ عن حاسدٍ حزنهْ
وعَمّرَ اللَّهُ حاسديكَ لكَيْ
تَعيشَ في الذّلّ عيشَة ً خَشِنَهْ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> زارَ، وصبغُ الظلامِ قد نصلا،
زارَ، وصبغُ الظلامِ قد نصلا،
رقم القصيدة : 19807
-----------------------------------
زارَ، وصبغُ الظلامِ قد نصلا،
بَدرٌ جَلا الشّمسَ في الظّلام ألا
جاءَ، وسجفُ الظلامِ
قد فُتِقا فاعجَب
والصّبحُ لم يُبقِ،
في الدّجَى رَمَقا
وقد جلا نورُ وجهِه
الغَسقا
وأدهمُ الليلِ منهُ قد جفلا،
وقد أتَى رائدُ الصباحِ على
أفديهِ بَدراً في
قالبِ البِشرِ أشهَب
قد جاءَ في حسنِه
على قدرِ
يَرتَعُ في روضِ
خدّهِ نَظَرِي
خدٌّ بلطفِ النّعيمِ قد صُقِلا،
كأنّهُ من دَمي إذا خَجِلا
يا مَن غَدا ظِلٌّ
حسنهِ حرماً يخضب
لمّا حوَى ما بهِ
الجمالُ حَمى
فرعاً وصدغاً إن
حكما ظُلما
فارقُمِ الجعدَ تَحرُسِ الكَفَلا،
وحارسُ الخدّ منهُ قد جعِلا
هَلاّ تَعَلّمتَ بَذلَ
ودكَ لي عقرب
من المَليكِ المؤيَّدِ
ابنِ علي
سلطان عصر مسمّى
على الأوّلِ
لولا أيادٍ بها الورى شَمَلا
لأصبحَ الناسُ كالسماءِ بلا
مَلكٌ، مَعانيه
للوَرى حرَم كوكب
إلى معاليه
ينتهي الكرمُ
قَد أغرَقَ النّاسَ
سَيلُهُ العَرِمُ
سَحابُ جُودٍ على الوَرى هَطَلا،
لابرقهُ مبطىء ُ النّوالِ ولا
حُماة ٌ أصبَحَتْ
للأنامِ حِمًى خُلّب
حويتَ ملكاً على
المُلوكِ سَما
بحراً غدا بالعلومِ
مُلتَطِما
مَلْكٌ لرِزْقِ الأنامِ قد كفَلا،
فصارَ في النّاسِ جودُه مثَلا
يا مَن عَطاهُ قَبلَ
السّؤالِ بَدا
ومَن حَبانا قَبلَ
الندَا بنَدَى
هيهاتَ ينسَى
صَنيعُكُمْ أبدا
عبدٌ على فَرطِ حبّكم جُبِلا،
عليكُمُ إن قامَ أوْ رحلا

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> بروحي جُوذَرٌ في القَلبِ كانِس،
بروحي جُوذَرٌ في القَلبِ كانِس،
رقم القصيدة : 19808
-----------------------------------
بروحي جُوذَرٌ في القَلبِ كانِس،
تَراهُ نافراً في زِيّ آنِس
وأحوَى أحوَرِ
الأحداقِ ألمَى
تَكادُ خُدودُهُ
بالوهمِ تدمَى
كأنّ الحُسنَ
لمّا منهُ تَمّا
وآثَرَ أنّ ذاكَ
الرّوضَ يُحمَى
غدا للوردِ في خديهِ غارِس،
وظلّ لهُ بسيفِ اللحظِ حارِس
جَلا في كفّهِ
كأسَ الحميّ
فقابلَ نورُها
بَدرَ المُحَيّا
وطافَ بكأسهِ
فينا وحَيّا
فغادرَ ميتَ
العُشّاقِ حَيّا
بوَجه إنْ تَبَدّى في الحَنادِس،
غدا للنيراتِ الخمسِ سادس
جلا كأسي، فقلتُ
إليكَ عَنّي
فقد ضيعتُ
عُمري بالتّمَنّي
فقالَ مع الخلاعة ِ:
إي، وإنّي
فقلتُ: فطُفْ إذاً
وامزُجْ وغّنّ
بشِعري فهو حَضْراتُ المَجالِس،
وفاكهة ُ المفاكهِ والمجالِس
أما قالَ الذي
في الحسنِ زيّد
ومن وجدَ النّدى
قَيداً تَقَيّد
فها أنا في حمَى
المَلِكِ المُؤيَّد
مَنيعِ العِزّ ذي
مَجدٍ مُشَيَّد
عمادِ الدينِ مغني كلِّ بائِس،
ومَن تَغدُو الأسودُ لهُ فَرائِس
أيا ملكاً حماني
مِنْ زَماني
وأعطاني أماني
والأماني
خفضتَ برفعِ
شأني كلَّ شاني
وشيدتَ المعالي
والمَعاني
ولولا أنتَ يا مردي الفوارس،
لأضحَى العِلمُ بَينَ النّاسِ دارِس
تَجَرّا مَن لجودِكَ
رامَ حَدّا
ومَنْ بالغَيثِ
قاسَكَ قَد تَعَدّى
وكيفَ تُقاسُ
بالأنواءِ حدّا
وكفُّكَ للورَى
أدنَى وأندَى
لأنّ الغَيثَ يُسألُ، وهوَ حابِس،
وليس يَجودُ إلاّ وهوَ عابِس
جعَلتَ البِيضَ
داميَة َ المآقي
وسُمَر الخطّ تَرقَى
في التّراقي
مَساعٍ للعُلَى
أضحتْ مراقي
وتلكَ الصالحاتُ
هي البواقي
فتُرجِلُ فارسَ الحربِ الممارس،
وتجعلُ راجلَ الإملاقِ فارس
حمدتُ إليك
ترحالي وحالي
وزادَ لدَيكَ إقبالي
وبالي
وقد ضاعفتَ آمالي
ومالي
فلستُ أُطيلُ
عَن آلي سُؤالي
أفضتَ عليّ للنُّعمَى ملابِس،
فصار لدَيّ رَطباً كلُّ يابِس
أأزعمُ أني
بالمدحِ جازي
وهل تجزَى
الحقيقة ُ بالمجازِ
ولكِنْ في ارتجالي
وارتجازي
غذا قصرتُ فاللهُ
المُجازي
فلو نَظّمتُ من مَدحي نَفائِس،
فإنّي من قضاءِ الحقّ آئِس

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> إن قصّرَ لفظي فإن طَوْلَك قد طالْ،
إن قصّرَ لفظي فإن طَوْلَك قد طالْ،
رقم القصيدة : 19809
-----------------------------------
إن قصّرَ لفظي فإن طَوْلَك قد طالْ،
ما من فعلِ البرّ والجميلِ كمن قالْ
أو خففَ نهضِي جميلُ صنيعِك عندي،
قد حمّلَ ظَهري لفَرطِ مَنّك أثقالْ
يا من جعلَ البرّ للعفاة ِ قيوداً،
قد زدتَ من المنّ عنقَ عبدك أغلالْ
أظهرتَ علينا من السّماحِ سماتٍ،
إنْ قَصّرَ نُطقي بوَصفِها نطقَ الحالْ
شيدتَ بيوتَ العُلى ، وكنّ طلولاً،
بالجُودِ فأمستْ بيوتُ مالكَ أطلالْ
ما أنصفَ من قاسَ راحتيكَ بسحبٍ،
من أينَ لكفيك في السحائبِ أشكالْ
السحبُ، إذا ما سختْ تجودُ وتبكي
بالماءِ، وتسخو وأنتَ تضحكُ بالمالْ
يا من جعلَ العالمَ الفصيحَ بليداً،
بالبَحثِ كما صَيّرَ الفَلاسِفَ جُهّالْ
لا تَعجَبْ إن أخطأوا لدَيكَ بوَزنٍ
في النّظمِ، فللشّعرِ كالمَعارِكِ أبطالْ
لو لم يكنِ الشعرُ للمحاولِ صعباً،
ما أصبَح من دونِهِ البيوتُ بأقفالْ

شعراء مصر والسودان >> صلاح عبدالصبور >> رؤيا ..
رؤيا ..
رقم القصيدة : 1981
-----------------------------------
في كل مساء،
حين تدق الساعة نصف الليل،
وتذوي الأصوات
أتداخل في جلدي أتشرب أنفاسي
و أنادم ظلي فوق الحائط
أتجول في تاريخي، أتنزه في تذكاراتي
أتحد بجسمي المتفتت في أجزاء اليوم الميت
تستيقظ أيامي المدفونة في جسمي المتفتت
أتشابك طفلاً وصبياً وحكيماً محزوناً
يتآلف ضحكي وبكائي مثل قرار وجواب
أجدل حبلا من زهوي وضياعي
لأعلقه في سقف الليل الأزرق
أتسلقه حتى أتمدد في وجه قباب المدن الصخرية
أتعانق و الدنيا في منتصف الليل.
حين تدق الساعة دقتها الأولى
تبدأ رحلتي الليلية
أتخير ركنا من أركان الأرض الستة
كي أنفذ منه غريباً مجهولاً
يتكشف وجهي، وتسيل غضون جبيني
تتماوج فيه عينان معذبتان مسامحتان
يتحول جسمي دخان ونداوه
ترقد أعضائي في ظل نجوم الليل الوهاجة و المنطفأة
تتآكلها الظلمة و الأنداء، لتنحل صفاء وهيولي
أتمزق ريحا طيبة تحمل حبات الخصب المختبئة
تخفيها تحت سراويل العشاق.
و في أذرعة الأغصان
أتفتت أحياناً موسيقى سحرية
هائمة في أنحاء الوديان
أتحول حين يتم تمامي -زمناً
تتنقل فيه نجوم الليل
تتجول دقات الساعات
كل صباح، يفتح باب الكون الشرقي
وتخرج منه الشمس اللهبية
وتذوّب أعضائي، ثم تجمدها
تلقي نوراً يكشف عريي
تتخلع عن عورتي النجمات
أتجمع فاراً ، أهوي من عليائي،
إذ تنقطع حبالي الليلة
يلقي بي في مخزن عاديات
كي أتأمل بعيون مرتبكة
من تحت الأرفف أقدام المارة في الطرقات.
 
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> جزاكَ اللهُ عن حسناكَ خيراً،
جزاكَ اللهُ عن حسناكَ خيراً،
رقم القصيدة : 19810
-----------------------------------
جزاكَ اللهُ عن حسناكَ خيراً،
وكانَ لكَ المُهَيمِنُ خَيرَ راعِ
فقد قصرتَ بالإحسانِ لفظي،
كما طَوّلتَ بالإنعامِ باعي
فأخرني الحياءُ،وليس يدري،
جَميعُ النّاسِ ما سَبَبُ امتِناعي
فشكري حسنَ صنعكَ في اتصالٍ،
وخطوي نحوَ ربعكَ في انقطاعِ
وقافية ٍ شبيهِ الشمسِ حسناً،
تَرَدَّدُ بَينَ كَفّي واليَراعِ
لها فَضلٌ على غُرَرِ القَوافي،
كما فضلُ البقاعِ على البقاعِ
غَدَتْ تُثني على عَلياكَ لمّا
ضمنتَ لربّها نجحَ المساعي
قدُمتَ، ولا بَرِحتَ مدى اللّيالي
سَعيدَ الجَدّ ذا أمرٍ مُطاعِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> عاندهُ في الحُبّ أعوانُه،
عاندهُ في الحُبّ أعوانُه،
رقم القصيدة : 19811
-----------------------------------
عاندهُ في الحُبّ أعوانُه،
وخانهُ في الردّ إخوانُه
متيمٌ، ليسَ لهث ناصرٌ،
أولُ من عاداهُ سلوانُه
يكتمُ ما كابدَهُ قلبُه،
ويعجزُ الأعينَ كتمانُه
ما شانهُ إلاّ مقالُ العدَى ،
وقد همتْ عيناهُ، ماشانُه
كُلّفَ إخفاءَ الهوَى قَلبُه،
فعَزّ مِن ذلك إمكانُه
أمانَة ٌ يُشفِقُ مِن حَملِها
لفَرطِ ذاكَ الثّقلِ إنسانُه
من لمحبٍّ قلبهُ هائمٌ
يحنُّ، والأحبابُ جيرانُه
ما شامَ برقَ الشامِ إلاّ همتْ
بِوابِلِ الأدمُعِ أجفانُه
سقَى حمَى وادي حماة َ الحيَا،
وصَيّبُ الوَدقِ وهتّانُه
وحبّذا العاصي، ويا حَبّذا
دَهشَتُهُ الغَرّا ومَيدانُه
وادٍ إذا مرّ نسيمٌ بهِ
تَعَطّرَتْ بالمِسكِ أردانُه
تستأسِرُ الأبطالَ آرامُه،
وتقنصُ الأسادَ غزلانُه
كم فيه من ظبيٍ هضيمِ الحشا،
إذا انثنى يحسدُه بانُه
تشابهتْ عندَ مرورِ الصَّبا
قدودُ أهليهِ وأغصانُه
كم ليلة ٍ قضيتُ في مرجهِ،
وقد طَمَتْ بالماءِ غُدرانُه
والأفقُ حالٍ بنجومِ الدُّجَى ،
قد كُلّلَتْ بالدُّرّ تيجانُه
كأنّما الجوزاءُ فيهِ، وقد
حَفّ بها البَدرُ وكَيوانُه
بيتُ بني أيوبَ، إذْ شيدتْ
بالمَلكِ النّاصرِ أركانُه
بيتٌ أثيلٌ، بحرُهُ وافرٌ،
قد سلمتْ في المجدِ أوزانُه
لا غروَ إن أمسَى مَشيِداً، وقد
أُسّسَ بالمَعرُوفِ بُنيانُه
شيدهُ الناصرُ من بعدِ ما
قد كادَ أن ينزَغَ شَيطانُه
ملكٌ كأنّ الدهرَ عبدٌ له،
وسائرُ الأيام أعوانُه
وفى َ لهم في قولِهِ، والوفا
قد بليتْ في اللحدِ أكفانُه
لا زالَ يُحيي بنداهُ الورى ،
ويُغرِقُ العالَمَ طوفانُه
يا أيها الملكُ الذي سرُّه
طاعَة ُ ذي الأمرِ وإعلانُه
تَهنَّ بالملكِ الذي لم تكنْ
تُلقَى إلى غيركَ أرسانُه
طَلائعُ الإقبالِ جاءَتْ، وذا
مقتبلُ العمرِ وريعانُه
هذا كِتابٌ ناطقٌ بالعلى ،
وهذه الرتبة ُ عُنوانُه
فافخرْ، فما فخرُكَ بَدعاً، وقد
قامَ لأهلِ العصرِ بُرهانُه
يَفخرُ ذو الملكِ، إذا ما بَدا
لهُ من السلطانِ إحسانُه
فكيفَ من والدهُ قد قضَى ،
فأصبَحَ الوالدَ سلطانُه
زكّاكُمُ قُربانُ إيمانِكُم
بهِ، وزكّى الغَيرَ إيمانُه
من يكُ إسماعيلُ اصلاً له
لا بَدَعَ أن يُقبَلَ قُربانُه
أبٌ بهِ ترفعُ عن مجدكم
قواعدُ البيتِ وأركانُه
ابلجُ لا يخسرُ من أمَّهُ
يوماً، ولا يخسرُ ميزانُه
تكادُ أن تعشو إلى ضيفِه
لفَرطِ ما تَهواهُ نيرانُه
إنْ ذُكرَ العِلمُ، فنُعمانُه،
او ذكرَ الحكمُ فلقمانُه
أحزننا فقدانُهُ، فانجلتْ
بالمَلِك الأفضلِ أحزانُه
سَلامُ ذي العَرشِ على نَفسه،
ورحمة ُ اللهِ ورضوانُه

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أقطراتِ أدمعي لا تجمدي،
أقطراتِ أدمعي لا تجمدي،
رقم القصيدة : 19812
-----------------------------------
أقطراتِ أدمعي لا تجمدي،
ويا شواظَ أضلعي لا تخمدي
ويا عيوني السّاهراتِ بعدَهم،
إن لم يَعُدْك طيفُهم لا ترقُدي
ويا سيوفَ لحظِ من أحببتُه
جهدَك عن سفك دمي لا تُغمدي
ويا غوادي عَبرَتي تَحَدّري،
ويا بوادي زفرتي تصعدي
فقد أذلتُ أدمعي، ولم أقُل
إن يُحمَ عن عَيني البكا تجَلّدي
أنا الذي ملّكتُ سلطانَ الهوَى
رقّي، وأعطيتُ الغرامَ مِقوَدي
ما إن أزالُ هائِماً بغادَة ٍ
تسبي العقولَ، أو غزالٍ أغيدِ
فهوَ الذي قد نامَ عنّي لاهِياً،
لمّا رَماني بالمُقيمِ المُقعِدِ
مُوَلَّدُ التركِ، وكم من كمدٍ
مولَّدٍ من ذلكَ المولَّدِ
معتدلُ القدّ عليهِ كُمّة ٌ،
فَهوَ بها كالألفِ المُشَدَّدِ
قالَ المَجوسُ إنّ نورَ نارِهم
لو لم تُشابِهْ خَدّهُ لم تُعبَدِ
يريكَ من عارضِهِ وفرقِه
ضدّينِ قد زادا غليلَ جسدي
فذاكَ خَطٌّ أسوَدٌ في أبيَضٍ؛
وذاكَ خطٌّ أبيَضٌ في أسوَدِ
للهِ أياماً مضتْ في قربِه،
والدهرُ منهُ بالوصالِ مسعدي
ونحنُ في وادي حماة َ في حمّى
بهِ حَلَلنا فوقَ فرقِ الفَرقَدِ
فحبذا العاصي وطيبُ شعبِه،
ومائِهِ المُسلسلِ المُجَعَّدِ
والفُلْكُ فوقَ لُجّهِ كأنّها
عقاربٌ تدبُّ فوقَ مبردِ
وناجمُ الأزهار من مُنظَّمٍ
على شَواطيهِ، ومن منضَّدِ
من زهرٍ مفتحٍ، أو غصنٍ
مرَنَّحٍ، أو طائرٍ مغرِّدِ
والورقُ من فوقِ الغصون قد حكتْ
بشَدوِها المُطرِب صوتَ مَعَبَدِ
كأنّما تنشرُ فضلَ الملكِ الـ
ـأفضلِ نجلِ الملكِ المؤيدِ
أروعُ مَحسودُ العَلاءِ أمجَدٌ،
من نسلِ محسودِ العلاءِ أمجدِ
المؤمنُ الموحدُ ابنُ المؤمنِ الـ
ـموَحِّدِ ابنِ المؤمنِ الموحِّدِ
السيّدُ ابنُ السيّدِ ابنِ السيّدِ
ابنِ السيدِ ابن السيدِ ابنِ السيدِ
من آلِ أيوبَ الذينَ أصبحوا
كواكباً بها الأنامُ تهتدي
من كلّ خفاقِ اللواءِ لابسٍ
ثوبَ الفخارِ مطرزاً بالسؤددِ
مهذبٍ محببٍ مجربٍ،
للمجتني والمجتلي والمجتدي
فقَولُهُ وطَوْلُهُ وحَولُه
للمُعتَني والمُعتَفي والمُعتَدي
ما إن يَشينُ مَنَّهُ بمنّة ٍ،
ولا يَشوبُ برَّهُ بمَوعِدِ
سماحَة ٌ تَخفِضُ قدرَ حاتمٍ
في أدَبٍ يَهزَأُ بالمُبَرّدِ
نامتْ عيونُ الناس أمناً عندما
رَعاهم بطَرفِهِ المسهّدِ
صوتُ الصّهيلِ والصّليلِ عندَهُ
أطيبُ من شدوِ الحسانِ الخردِ
يلهيهِ صدرُ النهدِ في يوم الوغى
بالكرّ عن صدرِ الحسانِ النُّهّدِ
ويَغتَني بالمُلدِ من سُمرِ القَنا
عن كلّ مجدولِ القوام أملدِ
خَلائِقٌ تُعدي النّسيمَ رقّة ً،
وسَطوَة ٌ تُذيبُ قَلبَ الجَلمَدِ
وبأسُ ملكٍ مجدُهُ من عامرٍ،
وفيضُ جودِ كفّهِ من أجوَدِ
وربّ يومٍ أصبَحَ الجوُّ به
مُحتَجِباً من العَجاجِ الأركَدِ
كأنّ عَينَ الشّمسِ في قَتامِهِ
قد كحلتْ من نقعهِ بإثمدِ
شَكا بهِ الرّمحُ إليهِ وحشَة ً،
فاسكنَ الثعلبَ قلبَ الأسدِ
حتى إذا ما كبرتْ كماتُه،
والهامُ بينَ ركعٍ وسجدِ
أفردتِ الرّماحُ كلَّ تؤام،
وثَنّتِ الصّفاحُ كلَّ مُفرَدِ
يا ابنَ الذي سَنّ السّماحَ للوَرى
فأصبحتْ بهِ الكرامُ تقتدي
الصادقُ الوعدِ كما جاءَ بهِ
نَصُّ الكِتابِ والصّحيحِ المُسنَدِ
مَن أصبَحت أوصافُهُ من بَعده
في الأرضِ تُتلى بِلسانِ الحُسّدِ
ما ماتَ من وارى الترابُ شخصَه
وذكرهُ يبقَى بقاءَ الأبدِ
حتى إذا خافَ الأنامُ بعدَهُ
تعلُّقَ الملك بغير مُرشدِ
فوّضَ أمرَ الملك من محمّدٍ
النّاصر الملك إلى محمّدِ
الأفضَلِ الملكِ الذي أحيا الوَرى
فأشبهَ الوالدَ فضلُ الولدِ
العادلِ الحكمِ الذي أكفُّهُ
لَيستْ على غَيرِ النُّضارِ تَعتَدي
لو زينَ عصرُ آلِ عبادٍ بهِ،
لم يَصِلِ الملكُ إلى المُعتَضِدِ
يا من حباني من جميلِ رأيهِ
ببشرهِ والبرِّ والتوددِ
طوقتني بالجودِ، إذ رأيتني
بالمدحِ مثلَ الطائرِ المغردِ
أبعدتموني بالنوالِ، فاغتدى
شوقي مقيمي، والحياءُ مقعدي
لولا حَيائي من نَوالي برّكم،
ما قَلّ نَحوَ رَبعِكم ترَدّدي
فاعذِرْ مُحِبّاً طالَ عنكُم بعدُه،
وودهُ ومدحهُ لم يبعدِ
فكمْ حقوقٍ لكُمُ سَوابِقٍ،
ومنة ٍ سالفة ٍ لم تجحدِ
تُنشِطُ رَبّ العَجزِ، إلاّ أنّها
تُعجِزُ بالشّكرِ لِساني ويَدي

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> سوى حسنِ وجهكَ لم يحلُ لي،
سوى حسنِ وجهكَ لم يحلُ لي،
رقم القصيدة : 19813
-----------------------------------
سوى حسنِ وجهكَ لم يحلُ لي،
وغيرُكَ في القَلبِ لم يَحلُلِ
فكيفَ سلوي وَلي طينة ٌ
على غيرِ حبكَ لم تجبلِ
أتَزعُمُ أنّي أُطيعُ الوُشاة َ،
وأُصغي إلى عَذَلِ العُذّلِ
لقد نصلَ الدهرُ صبغَ الشباب،
وصبغُ المحبة ِ لم ينصلِ
عجبتُ لقدّكَ مع لينِهِ
يرينا اعتدالاص، ولم يعدلِ
يلينث، وفي فتكهِ قسوة ٌ،
وذلكَ شأنُ القَنا الذُّبَّلِ
وعيناكَ قد فوقتْ أسهماً،
فمَنْ دَلّهنّ على مقتَلي
وخدكَ موقدة ٌ نارهُ،
وقلبي بجذوتها يصطلي
أيا ماطِلاً لوُعودِ الوصالِ،
ووَعدُ تَجافيهِ لم يَمطُلِ
بَخِلْتَ، وقد حُزتَ مُلك الجمال،
ومَن مَلكَ الملكَ لم يَبخَلِ
فهَلاَّ تعلّمتَ فضلَ السّماحِ
من راحة ِ الملكِ الأفضلِ
مليكٌ، إذا هطلتْ كفهُ،
تصاغرَ قدرُ الحيا المسبلِ
يشيدُ العلى باليراعِ القصير،
ويَفخَرُ بالطّرَفِ الأطولِ
بهِ أصبَحَ المُلكُ في مَعقِلِ
وفي السّلمِ ذا الخُلُقِ الأسهَلِ
أخَفُّ إلى الحَرْبِ من ذابِلٍ،
وأثقَلُ في الحِلمِ من يَذبُلِ
يُضيءُ لَنا في ظَلامِ الخطوب
ويشرقُ في حندسِ القسطلِ
فسيلُ عطاياه للمجتدي،
ونورُ محياهُ لملجتلي
يُرَمّلُ بالدّمِ شِلْوَ الكَميّ،
ويَحنو على البائِسِ المُرمِلِ
مَناقبُ مَعروفُها تالِدٌ،
مُحَمّدُ أورَثها من علي
إلى آلِ أيّوبَ يُعزَى الفَخارُ،
في كلّ ماضٍ ومستقبلٍ
ملوكٌ لهمْ شرَفٌ آخرٌ،
يُخَبّرُ عن شَرفٍ أوّلِ
يَنُمُّ بهمْ جُودُهمْ مثلَما
تنمُّ الرياحُ على المندلِ
حَباكَ المُؤيَّدُ تأييدَهُ،
كذا همة ُ الليثِ في الأشبلِ
ولولا وجودُكَ كانَ السّماحُ
تحتَ الصفائحِ والجندلِ
فقلبي بإحسانكمْ فارغٌ،
وكفي بإنعامكم ممتلي
سَمحتَ ابتداءً، ولم أمتَدحْ،
وأنعمتَ عفواً، ولم أسألِ
ووالَيتَ بِرّكَ حتى رَحَلتُ
حياءً، ولولاه لم أرحلِ
ولو شِئتُ نَهضي إلى قَصدِكم،
لخففتُ عن ظهريَ المثقلِ
فأهمَلتُ واجبَ سَعيي إليك،
وما كنتُ عندكَ بالمُهمَلِ
وكَفّرتُ عن زَلّة ِ الانقِطاعِ
بأحسَنِ من كانَ في مَنزلي
فأرسَلتُهُ راجِياً أنّهُ
يمحصُ عن زلة ِ المرسلِ
فإنْ لاحَظَتَهُ عيونُ الرّضَى
لَكَ الفَضلُ في ذاكَ والفَخرُ لي
وإن لم يكنْ غاية ً في الجمال،
وبدرُ معانيهِ لم يكمَلِ
فإنّ لهُ غاية ً في الذكاء
ولُطفَ البَديهَة ِ والمِقوَلِ
وبكرٍ خدمتُ بها عاجلاً،
وسيَفُ القَريحَة ِ لم يُصقَلِ
أرومُ إقامَة َ عذري بها،
وأُثني على فَضلِكَ الأكمَلِ
ومثلُكَ مَن قَبِلَ الاعتذارَ،
وصدّقَ قول المحبّ الوَلي
فَواضُعفَ حَظّي وفوتَ المُنى ،
إذا كانَ عذريَ لم يقبلِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> قم بي فقد ساعدنا صرفُ القدر،
قم بي فقد ساعدنا صرفُ القدر،
رقم القصيدة : 19814
-----------------------------------
قم بي فقد ساعدنا صرفُ القدر،
وجاءَ طيبُ عيشنا على قدرْ
فكَم علا قدرُ امرىء ٍ، وما قدَرْ،
فارضَع بنا درَّ الهنا إن تلقَ درّ
فالشّهمُ مَن حازَ السّرورَ إن قَدرْ
وقد صَفا الزّمانُ والأمانُ،
وأسعَدَ المَكانُ والإمكانُ
وأنجَدَ الإخوانُ والأعوانُ،
وقد وفَتْ بعَهدِها الأزمانُ
والدّهرُ تابَ من خَطاهُ واعتَذَرْ
يا سَعدُ، فاترُكْ ذكرَ بانِ لَعلَعِ
وعيشَة ً ولّتْ بوادي الأجرَعِ
وإن تكنْ تَسمَعُ قَولي وتَعي،
فاجلُ صدا قلبي، وأطربْ مسمعي
برشقة ِ الأوتارِ لا جسّ الوترْ
ودعْ طوالاً عرفتْ بوسمها،
وأربُعاً لم يَبقَ غيرُ رَسمِها
واجعَلْ سرورَ النّفسِ أسنى قسمها،
وادخلْ بنا في بحثِ إنّ واسمِها
وخَلّني من ذكرِ كانَ والخَبَرْ
أما ترَى الأطيارَ في تِشرِينِ،
مقبلة ً بادية َ الحنينِ
فريقُها نابَ عنِ الأنينِ،
إذا رنَتْ نحوَ المِياهِ الجُونِ
يأمرها الشوقُ وينهاها الحذرْ
هذي الكراكي حائماتٌ في الضُّحى
منظومة ٌ أو دائراتٌ كالرُّحَى
إذا رأتْ في القيضِ ماءً طفحا
تفرقُ في حالِ الورودِ مرَحا
وما دَرَتْ أنّ المَنايا في الصّدَرْ
يا حسنها قادمة ً في وقتها،
تُغري الرّماة َ بجَميلِ نَعتِها
إذا استَوتْ طائرَة ً في سَمتِها،
ترشقُها ببندقٍ من تحتِها
لو أنّهُ من فوقِها قيلَ مطَرْ
فلَو تَرانا بينَ إخوانِ الصّفا،
حولَ قديمٍ من قَذاهُ قد صَفَا
مُشتَهرٍ بالصّدقِ مَخبورِ الوَفَا،
لم يُغضِ في الحَقّ لخِلٍّ إن هَفَا
ولم يقلْ يوماً هبوا لي ما شجرْ
من كلّ رامٍ شَبِقِ اليَدَينِ،
بمُدمَجٍ مثلِ الهِلالِ زَينِ
جعدِ البَلاغِ نافرِ الكَعَبَينِ،
لو كفّ حتى ملتقَى القرصينِ
ما انتقضَ الشاخُ، ولا العودُ انكسرْ
فابرزْ بنا نحوَ مرامي فاميه،
بَينَ مُروجٍ ومياهٍ طاميَه
تلكَ المرامي لم تزلْ مراميَه،
فاسمُ بنا نحوَ رُباها السّاميَه
وخَلّني من بَلدة ٍ فيها زَوَرْ
وانظُرْ إلى الأطيارِ في مَطارِها،
واعتَبِر الجَفّة َ كاعتبارِها
إذ لا تطيرُ مع سوى أنظارِها،
فلا تضعْ نفسكَ عن مقدارِها
مع غيرِ ذي الجِنسِ وكن على حذَرْ
أو ملْ إلى العمقِ بعزمٍ ثاقبِ،
فإنّها من أحسنِ المناقبِ
فاعجبْ لما فيه من الغرائبِ،
من المَراعي وجَليلٍ واجبِ
أصنافُهُ مَعدودَة ٌ لا تُحتَضَرْ
وقائلٍ صفها برمزٍ واضحِ،
فإنّها من أكبرِ المصالحِ
والباقياتِ بَعدَكَ الصّوالِحِ،
قلتُ: تمنعْ، واعصِ كلّ كاشحِ
فهَذِه عِدّتُها إذْ تُعتَبَرْ
وإن ترد إيضاحَها للسائلِ،
بغيرِ رمزٍ للضميرِ شاغلِ
وحصرَ أسماها بعدٍّ كاملِ،
فهيَ كشطرِ عدّة ِ المنازلِ
أو ما عدا المحذورَ من عدّ السورْ
كركي وعنازٌ وأنوقٌ وتمّ،
والوزُّ واللغلغُ والكيُّ الهرمِ
ومَرزَمٌ وشَبطَرٌ، إذا سَلِمْ،
وحَبرَجٌ، وبالأنيسَة ِ انتظَمَ
صوغٌ، ونسرٌ، وعقابٌ قد كسرْ
فستّة ٌ مَحمَلُهنّ الأرجُلُ،
ثم ثمانٍ بالجناحِ تحملُ
ولا اعتدادٌ بسوى ما يحصلُ،
وصحّة ُ الأعضاءِ شَرْطٌ يَشمُلُ
كيلا يرى في الطيرانِ ذو قصرْ
شرعٌ صَحيحٌ للإمامِ النّاصرِ،
قيسَ على الشرعِ الشريفِ الطاهرِ
حررهُ كلُّ فقيهٍ ماهرِ،
فجاءَ كالبيتِ الشريفِ العامرِ
أساسهُ الصدقُ، وركناهُ النظرْ
يَحرِمُ فيهِ الرّمْيَ بالسّهامِ،
والشربَ في البرزة ِ للمدامِ
وبيعَ شيءٍ من صروعِ الرامي،
والسبّقَ للصّحبِ إلى المَقامِ
والشرطَ والترخيصَ، فهوَ والهدرْ
وقائلٍ فيهِ لعلّ تسلمُ،
ومثلُها في غيرِ شيءٍ يلزمُ
أو ذا على الوجهِ الصحيحِ يفهمُ،
ثَلاثة ٌ من الهِتارِ تَعصِمُ
سفنُ النّجاة ِ لامرىء ٍ خافَ الضّرَرْ
فانظُرْ إلى زَهرِ الرّياضِ المُقبِلِ،
إذ جادهُ دمعُ السحابِ المسبلِ
يضوعُ من شذاهُ عرفُ المندلِ،
كأنّهُ ذكرُ المَليكِ الأفضَلِ
إذا طواهُ الوفدُ في الأرض انتشرْ
وارثُ علمِ الملكِ المؤيدِ،
إرثاً صَحيحاً سيّداً عن سَيّدِ
أطلَقَ جَريَ نُطقيَ المُقَيَّدِ،
فإنْ أفهُ فيهِ بنظمٍ جيدِ
كنتُ كمهدٍ تمرهُ إلى هجرْ
نجلُ بني أيوبَ أعلام الهُدى ،
والأنجمِ الزُّهرِ، إذا الليلُ هَدا
والسابقينَ بالنَّدى قبلَ النِّدا،
كلُّ فتى ً ساسَ البلادَ، فاغتدى
في الحكمِ لقمانَ وفي العدل عمرْ
المغمدو بيضِ الظُّبَى في الهامِ،
والمُشبِعو وحشِ الفَلا والهام
مرسلو غيثِ السماحِ الهامي،
ففضلُهمْ بالإرثِ والإلهامِ
لاكامرىء ٍ ضنّ وبالأصلِ افتخرْ
يا ابنَ الذي قد كانَ في العِلمِ علَمْ،
واستَخدَم السيفَ، جديراً، والقلَمْ
لغيرِ بيتِ المالِ يوماً ما ظَلَمْ
مناقباً مثلَ النجوم في الظلمْ
أضحتْ حجولاً للزمانِ، وغررْ
أكرَمَ مثواي، وأعلى ذِكْري،
حتى نَسيتُ عَطَني ووَكرِي
وإن أجلتُ في علاهُ فكري،
ما لي جَزاءٌ غَيرَ طيبِ الشّكرِ
وقد جزي خيرَ الجزاءِ من شكرْ
يا حاملَ الأثقالِ والأهوالِ،
ومتلفَ الأعداءِ والأموالِ
وصادِقَ الوعودِ والأقوالِ،
أبديتَ في شدائدِ الأحوالِ
صبراً فكانَ الصبرُ عقباهُ الظفرْ
أنلتَ باغي الجودِ فوقَ ما بغَى ،
وعجّلتْ كَفّاكَ حَتفَ مَن بغَى
فقد سَموتَ في النّدى وفي الوَغى ،
حتى إذا ماردُ ملكٍ نزغا
أخذتَهُ أخذَ عزيزٍ مقتدرْ
إني وإن شِدتُ لكُم بينَ المَلا
طيبَ ثناءٍ للفضاءِ قدمَلا
لم أبغِ بالمدحِ سوى الودّ ولا
إن متُّ يوماً بسِوى صدقِ الوَلا
وحسنِ نَظمٍ فيكَ إن غبتَ حضَرْ
فاسعَدْ بعيدِ فطرِكَ السّعيدِ،
مُمَتَّعاً بعَيشِكَ الرّغيدِ
في الصومِ والإفطارِ والتعييدِ،
للنّاسِ في العامِ انتظارُ عيدِ
وأنتَ عيدٌ دائِمٌ لا يُنتَظَرْ
 
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> زَمانُ الرّبيعِ
زَمانُ الرّبيعِ
رقم القصيدة : 19815
-----------------------------------
زَمانُ الرّبيعِ
شَبابُ الزّمانِ
وحسنُ الوجودِ
وجُودُ الحِسانِ
وأمنُ البَليغِ
بلوغُ الأماني
فبادرْ لفضّ
خِتامِ الدّنانِ
وزوجْ بماءِ الحيا السلسلِ
عروساً منَ الخمرِ
أدِرْها مُعَتَّقَـ
ـقَة ً خندَريسَا
تميتُ العقولَ
وتحيي النفوسَا
إذا ما سَبَتْ
بسناها الكؤوسَا
تُشاهدُ كُلاًّ مِنَ
الصّحبِ مُوسَى
يشيرُ إلى طورِها المعتلي،
ويصعقُ بالسُّكرِ
وأغيدُ طافَ
بكاسٍ وحيّا
فأطلَعَ في اللّيلِ
شمسَ الضحيّا
فَعادَ لَنا مَيّـ
ـتُ اللهوِ حيّا
بشمسِ الحميّا،
وبَدرِ المُحَيّا
لما نجتني، وما نجتلي
مِنَ الشّمسِ والبَدرِ
فباكِرْ صَبُوحَكَ
قَبلَ الفِطَامِ
وحيّ النّدامَى
فكأسِ المدامِ
لرَبّكَ صَلّ بذا
مُرخي اللّثامِ
وفلّ الصباحُ
جُيوشَ الظّلامِ
وألقَى الشّعاعُ على الجَدوَلِ
مِلاءً مِنَ التّبرِ
وقد أضحكَ الروْ
ضَ دمعُ السحابِ
غداة َ غدا
جَونُه في انتحابِ
فضَرّجَ بالزّهرِ
خدَّ الروابي
لكانَتْ يدا المَلِكِ الأفضلِ
تَنوبُ عن القَطْرِ
مليكٌ هوَ اللّيثُ
يَحمي حِماهْ
إذا ما أتاه
نَزيلٌ حَماهْ
سَليلُ المُلوكِ
الكماة ِ الحماهْ
ملوكٌ بهم ظلّ
وادي حَماهْ
يَطولُ فَخاراً على الأعزَلِ،
ويسموا على النسرِ
أيا ملكاً جودُ
كَفّيهِ كَوْثَرْ
العيدِ وانحرْ
وكنْ موقناً أنَّ
شَانيكَ أبتَرْ
قُلِ: الحَمدُ للَّهِ،
واللَّهُ أكبَرْ
فشانيك في الدركِ الأسفلِ،
وضدكَ للنحرِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لا زالَ سعدُكَ دائماً
لا زالَ سعدُكَ دائماً
رقم القصيدة : 19816
-----------------------------------
لا زالَ سعدُكَ دائماً
ونُحورُ ضدّكَ داميَه
وعدوُّ ملككَ هائماً،
وسحابُ جودكَ هاميَه
وحسودُ فضلِكَ سائماً،
وسعودُ جدكَ ساميَه
والنضرُ حولكَ حائماً،
وصدورُ ضدّكَ حاميَه
مولاي! إن أكُ واهياً،
ونجومُ سعدي هاويَه
ما زِلتُ بَعدَكَ شائِماً
تلكَ البروقُ الساميَه
أغدو لمَجدِكَ رائِماً،
ويدُ النّدى لي راميَه

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> بنيتَ العُلى قبلَ هذا البناءِ،
بنيتَ العُلى قبلَ هذا البناءِ،
رقم القصيدة : 19817
-----------------------------------
بنيتَ العُلى قبلَ هذا البناءِ،
لذلكَ أضحَى محَلَّ الهَناءِ
رَحيبَ الفِناءِ، رفيعَ البناءِ،
مشيدَ الثناءِ، عزيزَ السناء
فأصبَحَ، وهوَ مَقيلُ الضّيوفِ،
عَرينَ الأسودِ، كِناسَ الظّباءِ
فلا زِلتَ تَلبَسُ فيهِ الغِنى ،
وتَسمَعُ فيهِ للَذيذَ الغِناءِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> هنيتَ بالولدِ السعيدِ، فقد أتى
هنيتَ بالولدِ السعيدِ، فقد أتى
رقم القصيدة : 19818
-----------------------------------
هنيتَ بالولدِ السعيدِ، فقد أتى
وفقَ المرادِ وأنتَ وفقُ مرادِه
فاللَّهُ يُبقيهِ ويُبقيكُمْ لَهُ،
حتى تَرى الأولادَ من أولادِه

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> يبشرني قومٌ برتبتِكَ التي
يبشرني قومٌ برتبتِكَ التي
رقم القصيدة : 19819
-----------------------------------
يبشرني قومٌ برتبتِكَ التي
تمَنّيتُ فيها السُّؤلَ حتى لقيتُه
فبَشّرتُ نَفسي بالسّرورِ ولم أزَلْ
أُهَنّي بك القلبَ الذي أنتَ قوتُه
وقلتُ لهم أعلى الإلهُ محلهُ،
وهذا دُعاءٌ لو سكَتُّ كُفيتُه

شعراء مصر والسودان >> صلاح عبدالصبور >> زيارة الموتى
زيارة الموتى
رقم القصيدة : 1982
-----------------------------------
زرنا موتانا في يوم العيد
وقرأنا فاتحة القرآن، وللمنا أهداب الذكرى
وبسطناها في حضن المقبرة الريفية
وجلسنا، كسرنا خبزاً وشجوناً
وتساقينا دمعاً و أنيناً
وتصافحنا، وتواعدنا، وذوي قربانا
أن نلقى موتانا
في يوم العيد القادم.
يا موتانا
كانت أطيافكم تأتينا عبر حقول القمح الممتدة
ما بين تلال القرية حيث ينام الموتى
و البيت الواطئ في سفح الأجران
كانت نسمات الليل تعيركم ريشاً سحرياً
موعدكم كنا نترقبه في شوق هدهده الاطمئنان
حين الأصوات تموت،
ويجمد ظل المصباح الزيتي على الجدران
سنشم طراوة أنفاسكم حول الموقد وسنسمع طقطقة الأصوات كمشي ملاك وسنان
هل جئتم تأتنسون بنا؟
هل نعطيكم طرفاً من مرقدنا؟
هل ندفئكم فينا من برد الليل؟
نتدفأ فيكم من خوف الوحده
حتى يدنو ضوء الفجر،
و يعلو الديك سقوف البلدة
فنقول لكم في صوت مختلج بالعرفان
عودوا يا موتانا
سندبر في منحنيات الساعات هنيهات
نلقاكم فيها، قد لا تشبع جوعاًن أو تروي ظمأ
لكن لقم من تذكار،
حتى نلقاكم في ليل آت.
مرت أيام يا موتانا ، مرت أعوام
يا شمس الحاضرة الجرداء الصلدة
يا قاسية القلب النار
لم أنضجت الأيام ذوائبنا بلهيبك
حتى صرنا أحطاب محترقات حتى جف الدمع الديان على خد الورق العطشان
حتى جف الدمع المستخفي في أغوار الأجفان
عفواً يا موتانا
أصبحنا لا نلقاكم إلا يوم العيد
لما أدركتم انا صرنا أحطاباً في صخر الشارع ملقاة
أصبحتم لا تأتون إلينا رغم الحب الظمآن
قد نذكركم مرات عبر العام
كما نذاكر حلماً لم يتمهل في العين
لكن ضجيج الحاضرة الصخرية
لا يعفنا حتى أن نقرأ فاتحة القرآن
أو نطبع أوجهكم في أنفسنا، و نلم ملامحكم
ونخبئها طي الجفن.
يا موتانا
ذكراكم قوت اللقب
في أيام عزت فيها الأقوات
لا تنسونا .. حتى نلقاكم
لا تنسونا .. حتى نلقاكم

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ما عشتُ لا زاركم إلاّ ثناي، وإن
ما عشتُ لا زاركم إلاّ ثناي، وإن
رقم القصيدة : 19820
-----------------------------------
ما عشتُ لا زاركم إلاّ ثناي، وإن
أمسَى يفاخرُ سمعي فيكمُ بصري
فأُلزِمُ النّفسَ نَشري نشرَ ذكرِكُمُ،
إنّي حضَرتُ، وأطوي عنكمُ خبري
لأنّ إفراطَ هذا البِرّ يُبعِدُني
عنكم، وقد كنتُ منهُ دائمَ الحذرِ
مع أن عذركمُ في ذاكَ متضحٌ،
لا عذرَ للسحبِ إن لم تهمِ بالمطرِ
فإن عتبتمُ على بعدِ المزارِ أقلْ،
نظامَ من قالَ قبلي قولَ معتذرِ:
لو اختصرتم من الإحسانِ زرتكمُ،
والعَذْبُ يُهجَرُ للإفراطِ في الحضَرِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لا زِلتَ سَبّاقاً إلى المَكرُمات،
لا زِلتَ سَبّاقاً إلى المَكرُمات،
رقم القصيدة : 19821
-----------------------------------
لا زِلتَ سَبّاقاً إلى المَكرُمات،
عاشَ بكَ المعروفُ والمكرُمات
أنتَ امرؤٌ مَعروفُهُ ثابتٌ،
وليسَ للأموالِ منهُ ثبات
ما جَمَعَتْ شملَ العُلى كفُّه،
إلاّ تَداعى مالُه بالشَّتات

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> مازالَ ظلُّ نداكَ شاملْ،
مازالَ ظلُّ نداكَ شاملْ،
رقم القصيدة : 19822
-----------------------------------
مازالَ ظلُّ نداكَ شاملْ،
يا مضن يموّلُ كلَّ آملْ
يا مَن غَدا كَهفَ الأيا
مَى واليَتامَى والأراملْ
حزتَ العُلى والجودَ يا
رَبّ الفَضائلِ والفَواضِلْ
وكملتَ كلّ فضيلة ٍ،

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أوليَتَني نِعَماً تَتَابَعَ مَنُّها،
أوليَتَني نِعَماً تَتَابَعَ مَنُّها،
رقم القصيدة : 19823
-----------------------------------
أوليَتَني نِعَماً تَتَابَعَ مَنُّها،
هيَ فيكَ أصفادي وقيدُ ثَنائي
فلأشكرنكَ ما استطعتُ تلفظاً،
شكرَ الرياضِ لصيبِ الأنواءِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> كَثّرَ اللَّهُ مثلَ مَجدِكَ في الأر
كَثّرَ اللَّهُ مثلَ مَجدِكَ في الأر
رقم القصيدة : 19824
-----------------------------------
كَثّرَ اللَّهُ مثلَ مَجدِكَ في الأر
ضِ، لتفشو صنائعُ الإحسانِ
وتعمّ الأنامَ منكَ هباتٌ،
تُوجبُ الصّفحَ عن ذنوبِ الزّمانِ
فلقَد عَمَّنا نَداكَ بنُعمَى ،
قَصُرَتْ دونَها يَدي ولِساني
وأيادٍ لو ادعتها الغوادي،
كَذّبتها شَواهدُ الامتحانِ
شاهدَ النّاسُ من سَماحك معنى ً،
غيرَ أنّي شاهدتُ منكَ مَعاني
يا جَواداً يَلقَى وفودَ نَداه
بجدّي منعمٍ، وأعذارِ جاني
جمعتْ في بديعِ أوصافِكَ الأضـ
ـدادُ، يا جامعَ الصّفاتِ الحِسانِ
تبذلُ المالَ ثمّ تبخلُ بالعرْ
ضِ، وتسطو إلاّ على ذي لسانِ
فلكَ اللَّهُ من كَريمٍ، بَخيلٍ،
مانحٍ، مانعٍ، شُجاعٍ، جَبانِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> شرفَ اللهُ قدرَ من
شرفَ اللهُ قدرَ من
رقم القصيدة : 19825
-----------------------------------
شرفَ اللهُ قدرَ من
شرفَ اليومَ حضرتي
ورعَى اللَّهُ مَن رعَى
حقَّ عهدي وصحبتي
زارَ من غيرِ موعدٍ
حينَ أخرتُ زورَتي
فتمنيتُ لو أقا
مَ، وقامتُ قيامتي

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أنتَ أوليتني الجميلَ، ولولا
أنتَ أوليتني الجميلَ، ولولا
رقم القصيدة : 19826
-----------------------------------
أنتَ أوليتني الجميلَ، ولولا
ضعفُ حظّي لكنتُ بالسعي أولى
لم تزلْ تسبقُ الأنامَ بحُسنا
كَ، وتُولي العِبادَ لُطفاً وطَوْلا
قد تصَدّقتَ بالزّيارَة ِ للعَبـ
ـدِ فصَدّقتَ فيكَ ظَنّاً وقَولا
فإذا زُرتَ زرتَ عبداً ورِقّاً،
وإذا ذُدتَ ذُدتَ ذُخراً ومَولى

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أيا مَن حكى فضلَ عيسَى المسيحِ،
أيا مَن حكى فضلَ عيسَى المسيحِ،
رقم القصيدة : 19827
-----------------------------------
أيا مَن حكى فضلَ عيسَى المسيحِ،
غداة َ حكتْ عازراً مهجتي
أعدتَ لي الرّوحَ، إذ زُرتَني،
وقَد يَئِسَ النّاسُ من رَجعتي

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> وصاحبٍ لي مصافي،
وصاحبٍ لي مصافي،
رقم القصيدة : 19828
-----------------------------------
وصاحبٍ لي مصافي،
من غَيرِ أبناءِ جِنسي
غرَستُ في الصّدرِ منهُ
وداً، فأثمرَ غرسي
ولجتُ يوماً فِناهُ،
لكيْ أجددَ أُنسي
فلَم ألِجْ غيرَ داري،
ولم أزرْ غيرَ نفسي

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لي صاحبٌ إن خانَني دَهري وَفَى ،
لي صاحبٌ إن خانَني دَهري وَفَى ،
رقم القصيدة : 19829
-----------------------------------
لي صاحبٌ إن خانَني دَهري وَفَى ،
وإذا تكَدّرَتِ المَناهلُ لي صَفَا
تَبدو محَبّتُه ويظهرُ ودُّه
نحوي إذا ما الودُّ بالملقِ اختَفَى
أجفو، فيَمنحُني المَودّة َ طالباً
قُربي، وأمنَحُهُ الودادَ إذا جَفَا
كلٌّ يَقولُ: لصاحبي عندي يدٌ،
إذ كانَ لي دونَ الأنامِ قد اصطفَى

شعراء مصر والسودان >> صلاح عبدالصبور >> لحن
لحن
رقم القصيدة : 1983
-----------------------------------
جارتي مدت من الشرفة حبلاً من نغم
نغم قاس رتيب الضرب منزوف القرار
نغم كالنار
نغم يقلع من قلبي السكينه
نغم يورق في روحي أدغالاً حزينه
بيننا يا جارتي بحر عميق
بيننا بحر من العجز رهيب وعميق
و أنا لست بقرصان، ولم اركب سفينه
بيننا يا جارتي سبع صحارى
و أنا لم ابرح القرية مذ كنت صبيا
ألقيت في رجلَي الأصفاد مذ كنت صبيا
أنت في القلعة تغفين على فرش الحرير
و تذودين عن النفس السآمه
بالمرايا الفارس الأشقر في الليل الأخير
(أشرقي يا فتنتي)
(مولاي !!)
( أشواقي رمت بي )
(آه لا تقسم على حبي بوجه القمر
ذلك الخداع في كل مساء
يكتسب وجهاً جديد ..
جارتي ! لست أميراً
لا ، ولست المضحك الممراح في قصر الأمير
سأريك العجب المعجب في شمس النهار
أنا لا املك ما يملأ كفيّ طعاما
وبخديك من النعمة تفاح وسكر
فاضحكي يا جارتي للتعساء
نغّمي صوتك في كل فضاء
و إذا يولد في العتمة مصباح فريد
فاذكريني ..
زيته نور عيوني وعيون الأصدقاء
ورفاقي الطيبين
ربما لا يملك الواحد منهم حشوَ فم
و يمرون على الدنيا خفافاً كالنسم
ووديعين كأفراخ حمامه
وعلى كاهلهم عبء كبير وفريد
عبء أن يولد في العتمة مصباح جديد

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> وقيتَ حادثة َ الليالي،
وقيتَ حادثة َ الليالي،
رقم القصيدة : 19830
-----------------------------------
وقيتَ حادثة َ الليالي،
وحُرِستَ من عينِ الكَمالِ
يا مالِكاً بِصنيعِهِ
حازَ المَعاني والمَعالي
قَسَماً بأنعُمِكَ الجِسا
مِ على المُؤمِّلِ والمُوالي
إنّي لمُشتاقٌ إلى
تلكَ الشّمائلِ والجَمالِ
ولقد ذكرتُ القربَ منكَ
وطيبَ أيّامي الخوالي
فطفقتُ أصفُقُ راحتيّ،
وعندَ صفقتِها مقالي:
كيفَ السّبيلُ إلى سُعا
دَ، ودونَها فَلَكُ الحَيا لي
 
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أمَا تَرى الأنواءَ والسّحائِبا،
أمَا تَرى الأنواءَ والسّحائِبا،
رقم القصيدة : 19831
-----------------------------------
أمَا تَرى الأنواءَ والسّحائِبا،
قد أصبحتْ دموعُها سواكِبا
فاكتستِ الأرضُ بها جلاببا،
فأظهرَتْ أزهارَها عَجائِبا
غَرائِباً أضحَتْ لنا رَغائِبَا
هذي الرّوابي بالكلا قد تُوّجَتْ،
ونَسمَة ُ الخَريفِ قد تأرّجَتْ
وقد صفَتْ مياهُهُ ورَجّجَتْ،
والأرضُ بالأزهارِ قد تدبّجَتْ
وأصبحَ الطلُّ عليها ساكبَا
فقم، فقد تمّ لنا طيبُ الهَنا،
والدهرُ قد منّ علينا بالمْنى
والعَيشُ قد رَقّتْ حَواشيهِ لَنا،
ومُسعدي شَرخُ الشّبابِ والغِني
هما اللّذانِ غَمرا لي جانِبَا
يا سَعدُ باكر، فاللّبيبُ مَنْ بَكَرْ،
وابرزْ بنا ليسَ العِيانُ كالحَبْر
فاغتنمِ الصفوَ بنا قبلَ الكدرْ،
فالدّهرُ من زَلاّتِهِ قد اعتَذَرْ
وجاءَنا منَ الذُّنوبِ تائباَ
لا تَسكُبِ الدّمعَ على عيشٍ مضَى ،
ولا تَقُلْ كانَ زمانٌ وانقَضَى
واغتَنِمِ الغَفَلَة َ من صَرفِ القَضا،
فالمَوتُ كالسّيفِ متى ما يُنتضَى
تضحي لهُ أعمارُنا ضرائبَا
فدَعْ حديثَ الزّمَنِ القَديمِ،
والذكرَ للأطلالِ والرسومِ
فِإنْ تكنْ عوني على الهمومِ
حَدّثْ عن القَديمِ والنّديمِ
واذكرْ لديّ رامياً أو ساريا
ما دامتِ الأيامُ في نصاحتي،
والعزُّ ملقٍ رحلهُ بساحتي
لأبذلنّ ما حوتهُ راحتي،
أُتلفَ ما في راحتي في راحتي
وأقصدُ اللذّاتِ والملاعِبَا
فقُم بنا مبتَكِراً، يا صاحبي،
نقضي بأيّامِ الصّبَى مآرِبي
ولا تكنْ تفكرُ في العواقبِ،
وخلِّ خلاّني، ودعْ أقاربي
وأقصدْ بنا الأحلافَ والقرائِبَا
واعتَبِرِ الجَنّة َ في الطّريقِ،
وانتَخِبِ الرّفيقَ للمَضيقِ
ولا تصاحب غيرَ ذي التحقيقِ،
فالتّمُّ لا يَطيرُ بَينَ الشيِّقِ
والكيُّ لا يرضَى الوريدَ صاحبَا
أما تَرَى الطّيرَ الجَليلَ قد أتَى
مُستَبشراً يَمرحُ في فَصلِ الشّتا
فقُمْ بِنا إنّ الصّبَى عَونُ الفَتى ،
ولا تَقُلْ كيفَ، وأنّى ، ومتى
إنّ الأماني لم تزَلْ كَواذِبَا
بمُدمَجاتٍ زانَها إدْماجُها،
معوجاتٍ، حسنُها اعوجاجُها
أهلة ٍ أكفُّها أبراجُها،
حواملٍ، إذا دنا نتاجُها
تقذفُ من أكبادها كواكبَا
ما خيبتْ يوماً لنا مساعيا،
لكادَ حسناً أن تجيبَ الداعيَا
تُغني بها الجَليلَ والمَراعِيَا،
إنْ كمدنتْ ظننتَها افاعيَا
أو أوترَتْ حَسبتَها عَقارِبَا
ومدمجِ كالنونِ في تععريقه،
أشهَى إلى العاشِقِ من مَعشوقِه
كالصّارِمِ المَصقولِ في بَريقِهِ،
لو أنّهُ يُسكِنُ من خُفوقِه
أضحَى على عَينِ الزّمانِ حاجِبَا
مستأنفٍ قد تَمّ في أقسامِه،
لكنّ نقصَ الطيرِ في تمامِه
قد نَبَتَ العودُ على لِحامِه،
مَن خَطِفَ الخَطفة َ في مَقامِه
أتبعهُ منهُ شهاباً ثاقبَا
مُرَدِّدٍ يُرضيكَ في تَرديدِهِ،
شهرتُهُ تغنيكَ عن تحديدهِ
لافرقَ بينَ شاخِه وعودِه،
يحققُ البندقَ في صعودِه
ويَضمَنُ المَصروعَ والصّوائِبَا
أصلحهُ صالحٌ عندَ جسهِ،
وزانهُ واختارهُ لنفسهِ
منظَرُه يُغني الفتى عن لمسِهِ،
فهوَ لهُ بعدَ حلولِ رمسِه
يُهدي الثّنا ويُظهِرُ المَناقِبَا
وبندقٍ معتدلِ المقدارِ،
كأنّما قسمَ العيارِ
قد حَملَ الحِقدَ على الأطيارِ،
فهوَ إذا انقضّ من الأتارِ
يرَى فناءَ الطيرِ فرضاً واجبَا
يريكَ في وقتِ الصّباحِ لهبَا،
كأنّهُ بَرقٌ أضاءَ وخَبَا
يَقطَعُ مَتنَ الرّيحِ من غيرِ شَبا،
يَقظانَ لا يَصبو إلى خَفقِ الصَّبَا
ولا يَلينُ للجَنوبِ جانِبَا
وخشية ٍ لطفتُ في مقدارِها
تَغنى بها الأطيارُ عن أوكارِها
لايبرحُ الريشُ على نوارِها،
والدَمُ مَسفُوكاً على أقطارِها
إذْ كانَ في اللّونِ لها مُناسِبَا
كأنذها من كثرة ِ الصروعِ،
قد خضبتْ بخالصِ النجيعِ
لم تخلُ في البروزِ والرجوعِ
من صارعٍ يحملُ، أو مصروع
تحملْ آتٍ أو تقلُّ ذاهبا
وحلة ٍ جفتية ٍ كالعندمِ،
لطيفَة ِ التّجليسِ والتّهَندُمِ
مُؤخَرُها في الحُسنِ مثلُ المُقدَمِ،
يظنُّها الطيرُ لهُ نطعَ الدّمِ
ولم يكنْ فيما يَظنُّ كاذِبَا
فَلو شهِدتَ طَيرَنا فيمَن رَمَى ،
وجيسهُ من جمعِنا قد هزِمَا
وبندقَ الصّحبِ إليهِ قد سَمَا،
عجبتَ من راق إلى جوَّ السّمَا
أرسلتِ الأرضُ عليهِ حاصِبَا
من كلّ شَهمٍ كالهِزَبْرِ الباسِلِ،
وكلِّ قيلٍ قائلٍ وفاعلَ
ذخر الزّميلِ عِدّة المُقاوِلِ،
وبينهم حملٌ بلا تحاملِ
من بَعدِ ما اصطَفّوا له مَراتِبَا
حولَ قديمٍ كالحُسامِ الماضِي
خالٍ من الأغراضِ والأعراضِ
يطبُّ داءَ الكلمِ المراضِ،
يرضَى بأنْ الجَمَعَ عنها راضِ
لا يرقبُ الأسباقَ والمواهبَا
في مَوقِفٍ بِهِ الصُّروعُ تُنثَلُ،
تُلقَى المَراعي، والجَليل تَحمِلُ
مَعدودَة ٌ أصنافُهُ لا تُجهَلُ،
إذْ هيَ في سبعٍ وسبعٍ تكملُ
وصاحبٍ أعُدُّهُ لي مالِكا،
كلفَني في النّظمِ عدَّ ذلكَا
وقال: لخصْ ذاكَ في نظامِكا،
قلتُ: علُوُّ صُنعِكَ احتِشامُكَا
إنْ كنتَ لي حلَّ الرّموزِ دائِبَا
لم أنسَ في ثوبٍ شليلٍ برزتي،
بينَ ثقافٍ من رُماة ِ الحلة ِ
وقد أتاني محرقاً عن جفتي،
مزجوجق من العنانينِ التي
بينَ الرماة ِ أصبحتْ غرائِبَا
ثبَّتُّ للزّوجِ، وقد أتاني
مُصَعصَعاً يَمرَحُ في أمانِ
عاجَلتُهُ من قَبلِ أن يَراني
صرعتُ حداهُ، وصبتُ الثّاني
دَلّى البَراثيمَ ووَلّى هارِبَا
فخَرّ كالنّجمِ، إذا النّجمُ هوى ،
ما ضلّ عن صاحبِه وما غوَى
وافاهُ، وهوَ ناطقٌ عن الهوى ،
قد هُدّ منهُ الخيلُ من بعدِ القوَى
وأصبحَ الثاني عليهِ نادبَا
فيا لها من فرصة ٍ لو تمتِ،
كنتُ وهَبتُ للقَديمِ مُهجَتي
ولم يكن ذو قَدمَة ٍ كقَدمَتي،
بل فاتني الثاني، وكانتْ همتي

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> انهضْ فهذا النجمُ في الغربِ سقطْ،
انهضْ فهذا النجمُ في الغربِ سقطْ،
رقم القصيدة : 19832
-----------------------------------
انهضْ فهذا النجمُ في الغربِ سقطْ،
والشيبُ في فودِ الظلام قد وخطْ
والصّبحُ قد مَدّ إلى نحرِ الدّجَى
يداً بها دُرَّ النّجوم تلتقطْ
وألهبَ الإصباحُ أذيالَ الدّجَى ،
بشمعة ٍ من الشعاعِ لم تقطْ
وضَجّتِ الأوراقُ في أوراقِها،
لمّا رأتْ سَيفَ الصّباحِ مُخترَطْ
وقامَ من فوقِ الجدارِ هاتفٌ
متوجُ الهامة ِ ذو فرعٍ قططْ
يُخَبّر الرّاقدَ أنّ نَومَهُ
عندَ انتباهِ جدهِ من الغلطْ
والبدرُ قد صارَ هلالاً ناحلاً،
في آخرِ الشهرِ، وبالصبحِ اختلطْ
كأنّهُ قَوسُ لُجَينٍ مُوتَر،
والليلُ زنجيُّ عليهِ قد ضبطْ
وفي يدَيهِ للثّرَيّا نَدَبٌ
يزيدُ فرداً واحداً عن النمطْ
فأيُّ عذرٍ للرماة ِ، والدّجَى
قد عدّ في سلكِ الرّماة ِ وانخرطْ
أما تَرَى الغَيمَ الجَديدَ مُقبِلاً،
قد مَدّ في الأُفقِ رِداهُ، فانبَسَطْ
كأنّ أيدي الزّنجِ في تَلفيقهِ
قد لبّدَتْ قُطناً على ثوبٍ شَمَطْ
يلمعُ ضوءُ البرقِ في حافاتِه،
كأنّ في الجوّ صفاحاً تخترطْ
وأظهَرَ الخَريفُ من أزهارِهِ
أضعافَ ما أخفَى الرّبيعُ إذ شَحَط
ولانّ عطفُ الريحِ في هبوبِها،
والطلُّ من بعدِ الهجيرِ قد سقطْ
والشمسُ في الميزانِ موزونٌ بها
قِسطُ النّهارِ بعدَما كانَ قَسَطْ
وأرسلَتْ جِبالُ دَرْبندَ لنا
رُسلاً صَبَا القَلبُ إليها وانبَسَطْ
من الكراكي الخزريّاتِ التي
تقدمُ، والبعضُ ببعضٍ مرتبطْ
كأنها، إذا تابعتْ صفوفَها،
ركائِبٌ عَنها الرّحالُ لم تُحَطْ
إذا قفاها سمعُ ذي صبابة ٍ،
مثلي، تقاضاهُ الغرامُ ونشطْ
فقُم بنا نَرفُلُ في ثوبِ الصّبَى ،
إنّ الرضَى بتركهِ عينُ السخطْ
والقتطِ اللذة َ حيثُ أمكنتْ،
فإنّما اللذّاتُ في الدهرِ لقطْ
إنْ الشّبابَ زائرٌ مُوَدِّعٌ،
لا يستطاعُ ردُّهُ، إذا فرطْ
أما تَرى الكَركيّ في الجو، وقد
نغمَ في أُفقِ السماءِ ولغطْ
أنساهُ حبُّ دِجلَة ٍ وطيبُها
مواطناً، قد زقَّ فيها ولقطْ
فجاءَ يُهدي نَفسَه، وما درَى
أنّ الردى قرينهُ حيثُ سقطْ
فابرزْ قسياً من كمندِ أتاتِها،
إنّ الجيادَ للحروبِ ترتبطْ
من كلّ سبَطٍ من هَدايا واسطٍ
جَعدِ البَلاغِ منه في الكعبِ نُقَطْ
أصلحهُ صالحٌ باجتهادِه،
فكلُّ ذي لبّ لهُ فيه غبطْ
وما أضاعَ الحزمَ عندَ عزمِها،
بل جاوزَ القيظَ وللفصلِ ضبطْ
حتى إذا حَرُّ حَزيرانَ خَبَا،
وتمّ تموزٌ وآبٌ وشحطْ
وجاءَ أيلولٌ بحَرٍّ فاتِرٍ،
في نضجِ تعديلِ الثمارِ ما فرطْ
أبرزَ ما أ؛رزَ من آلاتهِ،
وحلّ من ذاكَ المتاعِ ما ربطْ
ومدّ للصنعة ِ كفاً أوحداً،
مُنَزَّهاً عنِ الفَسادِ والغَلَطْ
وظلّ يستقري بلاغَ عودِها،
فنَبّرَ الأطرافَ واختارَ الوَسَطْ
وجَوّدَ التّدفيقَ في لحامِها،
فأسقَطَ الكِرشاتِ منها والسَّقَطْ
ولم يزلْ يبلغُها مراتباً،
تلزمُ في صنعتهِ وتشترطْ
فعندما أفضتْ إلى تطهيرها
صحّحَ داراتِ البُيوتِ والنّقَطْ
حتى إذا قمصها بدهنِها،
جاءتْ من الصّحّة ِ في أحلى نَمَطْ
كأنّها النوناتُ في تعريقها،
يعرُجُ منها بُندُقٌ مثلُ النّقَطْ
مثلَ السّيورِ في يَدِ الرّامي، فلو
شاءَ طواها وحواها في سفطْ
لو يقذفُ اليومّ بها مالكُها
ما انتقضَ العودُ، ولا الزورُ انكشطْ
كأنما بندقها تنازلا،
أو من يدِ الرامي إلى الطيرِ خططْ
من كلّ مَحنيّ البُيوتِ مُدمَجٍ،
ما أخطأ الباري بهِ ولا فرَطْ
كأنّهُ لامٌ عليهِ ألِفٌ،
وقالَ قومٌ: إنّها اللاّمُ فقَطْ
فاجلِ قذى عيوننا ببرزة ٍ
تَنفي عن القلبِ الهمومَ والقَنَطْ
فما رأتْ من بعدِ هُورِ بابلٍ
ومائِهِ التّيّار عيشاً مُغتَبِطْ
ونحنُ في مروجهِ في نشوة ٍ
عند التّحَرّي في الوُقوفِ للخِطَطْ
من كلّ مقبولِ المقالِ صادقٍ،
قد قَبَضَ القَوسَ وللنّفسِ بسَطْ
يقدُمنا فيها قديمٌ حاذِقٌ،
لا كسلٌ يشينهُ ولا قنطْ
يحكُمُ فينا حُكمَ داودَ، فلا
يَنظُرُ منّا خارجاً عمّا شَرطْ
إذا رأى الشرّ تعلّى ، وإذا
لاحَ لهُ الخَيرُ تَدَلّى وانَحبَطْ
ما نَغَمَ المِزهَرُ والدُّفُّ، إذا
فصلَ أدوارَ الضروبِ وضبطْ
أطيبُ من تدفدفِ التمّ، إذا
دقّ على القَبضِ الجَناحَ وخَبَطْ
والطّيرُ شتّى في نَواحيِهِ، فذا
فاكتسى الريشَ وهذا قد شمطْ
وذاكَ يرعَى في شواطيهِ، وذا
على الروابي قد تحصّى ولقطْ
فمن جليلٍ واجبٍ تعدادهُ،
ومن مراعٍ عدها لا يشترطْ
يعرُجُ منّا نحوَها بَنادِقٌ،
لم يَنجُ منها مَن تَعَلّى واختَبَطْ
فمن كسيرٍ في العبابِ عائمٍ،
ومن ذَبيحٍ بالدّماءِ يَغتَبِطْ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أهلاً بها قَوادِماً رَواحِلا،
أهلاً بها قَوادِماً رَواحِلا،
رقم القصيدة : 19833
-----------------------------------
أهلاً بها قَوادِماً رَواحِلا،
تطوي الفلا وتقطعُ المراحَلا
تذكرتْ آكامَ دبرنداتِها،
وعافَتِ الآجامَ والمَراحِلا
أذكرها عرفُ الربيعِ إلفها،
فأقبَلَتْ لشَوقِها حَوامِلا
نفرقُ في الجوّ بصوتٍ مطربٍ،
يشوقُ من كانَ إليها مائلا
هدية ُ الصنف ودربندية ٌ،
أو خزرياتٌ بدتْ أصائِلا
لمّا رأتْ حَرّ المَصيفِ مُقبِلا،
وطيبَ بَردِ القَرّ ظِلاًّ زائِلا
أهمَلَتِ التّخبيطَ في مَطارِها،
وعَسكَرَتْ لسَيرِها قَوافِلا
من بَعدِ ما مَرّتْ بها أخياطُها،
كما نظمتَ في البُرى البوازِلا
تَنهَضُ من صَرحِ الجليلِ تحتَها،
بأرجُلٍ لبَردِهِ قَوابِلا
قد أنفتْ أيامُ كانونٍ لها
من أن تُرَى من الحِلى عواطِلا
فصاغَتِ الطّلَّ لها قَلائِداً،
والثلجَ في أرجلِها خلاخِلا
لمّا دعاني صاحبي لبرزة ٍ
ونبهَ الزميلَ والمقاوِلا
أجبتهُ مستبشراً بقصدها:
نَبّهتُمُ لَيثَ عرينٍ باسِلا
ثمّ بَرَزنا نَقتَفي آثارَهُ،
ونقصدُ الأملاقَ والمناهِلا
بينَ قديم وزميل صادق،
لا زالَ شكري لهما مواصلا
والصّبحُ قد أعمّنا بنورِهِ،
لمّا انثنى جنحُ الظلامِ راحِلا
تَخالُ ضوءَ الصّبحِ فَوداً شائِباً،
وتحسبُ الليلَ خضاباً ناصِلا
وقد أقَمنا في المَقاماتِ لها
مَعالماً تَحسبُها مَجاهِلا
وأعينُ الأسدِ، إذا جنّ الدّجى
أذكتْ لنا أحداقُها مشاعِلا
نَرشُقُها من تَحتِها ببنُدقٍ،
يَعرُجُ كالشُّهبِ إليها واصِلا
فما رقي تحتَ الطيورِ صاعدٌ،
إلاّ اغتدى بها البلاءُ نازِلا
للهِ أيامٌ بهورٍ بابِلٍ
أضحَى بها الدّهرُ علينا باخِلا
فكَم قضَينا فيهِ شَملاً جامِعاً،
وكم صحبنا فيهِ جمعاً شاملا
فهل تُرى ترجعُ أيامٌ به،
في جذلٍ قد كانَ فيهِ حاصِلا
هَيهَاتَ مَهمَا يَستَعرْ مسترجعٌ،
أراجعٌ لي الدّهرُ حَولاً كامِلا
 
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> قد ارتدى ذَيلَ الظّلامِ الأشيَبِ،
قد ارتدى ذَيلَ الظّلامِ الأشيَبِ،
رقم القصيدة : 19834
-----------------------------------
قد ارتدى ذَيلَ الظّلامِ الأشيَبِ،
والصّبحُ مثلُ الماءِ تحتَ الطُّحلُبِ
بأجردٍ ملءِ الحزامِ سلهبِ،
مختَبَرٍ، كالبَطَلِ المُجَرَّبِ
مثقَّلِ الكفّ ببازٍ أشهبِ،
مُنتَصِبِ القامة ِ سامي المِكنَبِ
غليظِ خَطّ الجؤجؤِ المنكَّبِ،
ذي عُنُقٍ خَصبٍ ورأسٍ أجذبِ
قصيرِ عظمِ الساقِ، ثبتِ الرُّكَب،
قليلِ ريشِ الصَفحَتَينِ، أرعَبْ
تامِ الجناحينِ، قصيرِ الذنبِ،
عيونُهُ مثلُ الجُمانِ المُذهَبِ
قد بُدّلَتْ من سَبَجٍ بكَهَربِ،
محددِ المنسر شينِ المخلَبِ
ينهشُ في السبق، وإن لم يشغبِ،
حَتفِ الحُبارى وعِقالِ الأرنَب
لا يرقبُ النجدة َ من مدربِ،
إذا الصقورُ أنجدَتْ بالأكلُبِ
مهذبِ الخلقِ، قليلِ الغضبِ،
يرتاحُ للعَود، وإن لم يُطلَب
كفاضلٍ حاوَلَ حِفظَ المَنصبِ،
زرتْ به الطيرُ بموجٍ معشبِ
فَحالَ بَينَ رَعيها والمَشرَبِ،
وظَلّ كالسّاعي الجَريء المُذئبِ
يُجَدّلُ الأبعَدَ قَبلَ الأقرَبِ،
لو أنه مر بعنقَا مُغرِب
لم تُحمَ من مَشرِقِها بالمَغرِبِ،
مُكَذِّباً فيها مَقالَ العَرَبِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> يا طِيبَ يومٍ بالمُروجِ الخُضرِ،
يا طِيبَ يومٍ بالمُروجِ الخُضرِ،
رقم القصيدة : 19835
-----------------------------------
يا طِيبَ يومٍ بالمُروجِ الخُضرِ،
سرَقتُهُ مُختَلِساً من عُمرِي
والطلّ قد كللَ هامِ الزّهرِ،
فعطرَ الأرجاءض طيبُ النشرِ
باكرتُها بعدَ انبلاجِ الفجرِ
عندَ انبساط الشفقِ المحمرِّ
والطّيرُ في لُجّ المياهِ تَسري،
كأنّها سفائنٌ في بحرِ
حتى إذا لاذَتْ بشاطي النّهرِ،
دعوتُ عَبدي، فأتَى بصَقرِي
من الغَطارِيفِ الثّقالِ الحُمرِ،
مُستَبعِدُ الوَحشَة ِ جَمُّ الصّبرِ
معتَدلُ الشّلوِ شديدُ الأزرِ،
مُنفَسِحُ الزَّورِ رَحيبُ الصّدرِ
مُتّسعُ العينِ عريض الظّهرِ،
بأعينٍ مسودة ٍ كالحبرِ
وهامة ٍ عظيمة ٍ كالفهرِ،
كأنّ فوقَ صدرهِ والنحرِ
هامة ِ هيقٍ في صماخيْ نسرِ،
طويلِ أرياشِ الجناحِ العشرِ
قصيرِ ريشِ الذنبِ المحمرّ،
قصيرِ عظمِ الساقِ تامِ الظفرِ
فظَلّ يَتلوها، عظيمَ المكرِ،
يُغري بها هِمّتَهُ ونَصرِي
كأنهُ يطلبُها بوترِ،
فجاءنَا منها بكلّ عَفرِ
فبِتُّ والصّحبَ بها في بِشرِ
كأنّنا في يومِ عيدِ النّحرِ
نأكُلُ من لحومِها ونَقري

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ويومِ دجنٍ معلمِ البردينِ،
ويومِ دجنٍ معلمِ البردينِ،
رقم القصيدة : 19836
-----------------------------------
ويومِ دجنٍ معلمِ البردينِ،
سماؤهُ بالغيمِ في لونينِ
كأنّها، وقد بدتْ للعينِ،
فيروزجٌ يلمعُ في لونينِ
قضيتُ فيهِ بالسرورِ ديني،
وسرتُ أفلي مفرقَ الشعبينِ
بأدهَمٍ مُحَجَّلِ الرّجلَينِ،
سبطِ الأديمِ مفلقِ اليدينِ
خصبِ العَطاة ِ ماحِلِ الرُّسغَينِ؛
وسربِ وحشٍ مذ بدا لعيني
عارضتهُ في منتهى السفحينِ
بأرقطٍ مخططِ الأذنينِ
ناقي الجبينِ أهرتِ الشدقين،
أفطسَ سَبَطِ الشّعرِ صافي العَين
يَنظُرُ في اللّيلِ بجَمرتَيَنِ،
ذي كَحَلٍ سالَ من العَينَينِ
فخطّ لامينِ على الخدينِ،
محددِ النابينِ والظفرينِ
كأنّما يكشرُ عن نصلينِ،
ليسَ لها عَهدٌ بضَربِ قَينِ
رَقيقِ لحمِ الزّندِ والسّاقَينِ،
ذي ذنبٍ أملسَ غيرِ شينِ
فخاتلَ السربَ بخطوتينِ،
وأردَفَ الخَطَو بوَثبَتَينِ
فكانَ فيها كغُرابِ البَينِ،
فرقها قبلَ بلوغِ الحينِ
ونالَ منها عفرَ المَتنَينِ،
أجيَدَ مَصقولِ الإهابِ زَينِ
جدلهُ في ملتقَى الصفينِ،
ولم يَحُل ما بَينَهُ وبَيني
نِلتُ بمُهري وبه كفلَينِ،
إنهما للصيدِ عدتينِ
لايحسنُ اللهوُ بغيرِ ذينِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ولَيلَة ٍ في طُولِ يومِ العَرضِ،
ولَيلَة ٍ في طُولِ يومِ العَرضِ،
رقم القصيدة : 19837
-----------------------------------
ولَيلَة ٍ في طُولِ يومِ العَرضِ،
سماؤها من دكنِهِ كالأرضِ
مخضتُ فيها العيشَ أيَّ مخضِ،
وفُزتُ فيها بالنّعيمِ المَحْضِ
وغضّ جفنُ الدّهرِ أيَّ غَضّ،
فبِتُّ من صروفِهِ أستَقضِي
أرفَعُ قَدرَ عيشَتي بالخفضِ،
لا أكحلُ الجفنَ بها بغمضِ
مع كلّ ساقٍ كالقضيبِ الغضّ،
يديرُ راحاً بالسّرورِ تَقضِي
ساطعَة ً كالبرقِ عندَ الوَمضِ،
حتى إذا آنَ أداءَ الفرضِ
وشقّ جيبُ الفلقِ المبيضّ،
عرضتُ خيلي، فأجدتُ عرضِي
واخترتُ منها سابقاً ليَ يُرضِي،
يفوتُ لمحَ الطرفِ حينَ يمضي
كأنذما الأرضُ به في قبضِي،
لافرقَ بينَ طولهِ والعرضِ
جعلتُهُ وقاية ً لعرضِي،
ثمّ غدوتُ لمرامي أقضِي
من كلّ سِرْبٍ شارِدٍ منغَضّ،
بأرقطِ الظهرِ صقيلٍ بضِّ
كسبجٍ في ذهبٍ مرفضّ
أهرتَ رحبِ الصدرِ نائي الغمضِ
مستثقلَ الشلوِ خفيفَ النّهضِ،
عريضَ بسطِ الكفّ عندَ القبضِ
محددَ النّابِ لغير عضّ،
منتَصِبَ الأُذنَينِ عندَ الرّكضِ
مخاتِلَ السّربِ بغيرِ وَفضِ،
مُنخَفِضاً للخَتلِ أيَّ خَفضِ
مصافحاً بالبطنِ ظهرض الأرضِ،
يَجُسُّها بالكَفّ جَسَّ النّبضِ
عِناقَ ذي حبت لرَبّ بُغضِ
عاجَلَها كالكَوكبِ المُنقَضّ
فعانقَ الأكبرَ عندَ النهضِ،
فهاضَ منهُ العظمَ عندَ الهضّ،
ورضّ منهُ الصدرَ أيَّ رضِّ
فقمتُ أسعَى خيفَة ً أن يَقضِي،
أغُضُّ عن زلاتهِ وأغضِي

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> وأهرتَ الشّدقَينِ محبوكِ المَطا،
وأهرتَ الشّدقَينِ محبوكِ المَطا،
رقم القصيدة : 19838
-----------------------------------
وأهرتَ الشّدقَينِ محبوكِ المَطا،
محدّدِ الأنيابِ مرهوبِ السّطَا
افطسَ تبريِّ الإهابِ أرقطا،
كَلَونِ تِبرٍ بمِدادٍ نُقّطَا
ألبسهُ الخالقُ حسناً مفرِطا،
وخَطّ في الخَدّينِ منهُ خُطَطا
مستثقلِ الجسمِ خفيفٍ إن خطا،
مجرَّبِ الإقدامِ مأمونِ الخُطى
يسبقُ في إرسالهِ كدرَ القَطا،
أضحَى على قَنيصِهِ مُسَلَّطا
حتى إذا من العِقالِ نشطا،
وفَى لنا فعلاً بما قد شرَطا
قلتُ، وقد بتُّ به مُغتَبِطا،
والشلوُ من قنيصهِ معتبَطا
بذاكَ أم بالخيلِ تعدو المرَطى

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> وأهرتٍ، من الكِلابِ، أخطلِ،
وأهرتٍ، من الكِلابِ، أخطلِ،
رقم القصيدة : 19839
-----------------------------------
وأهرتٍ، من الكِلابِ، أخطلِ،
أصفَرَ مَصقولِ الإهابِ أشعَلِ
أعصَمَ مثلِ الفَرَسِ المُحَجَّلِ،
يخالُ مرحوضاً وإن لم يغسلِ
مختَصَرِ الشِّلوِ، ثَقيلِ المَحملِ،
منفَسحِ الهامة ِ، ناتي المُقَلِ
إذ أنّه كالسوسنِ المهدَّلِ،
كأنّ فوقَ عنقهِ المعتدلِ
هامة َ فهدٍ في صماخيْ فرعُلِ،
منسرحِ الزَّورِ فَسيحِ الكَلكَلِ
منهَضِمِ الخصرِ، عريضِ الكفلِ،
ذي أيطلٍ خالٍ، ومتنٍ ممتلي
خصيبِ أعلى العضبِ محلِ الأسفلِ،
قصيرِ عظمِ الساعدِ المفتَّلِ
مقتصَرِ الأيدي طويلِ الأرجلِ،
مزدحمِ الأظفارِ ثبتِ العضلِ
ذي ذنبٍ سبطٍ قصيرٍ أفتلِ،
أسلسَ من دفتهِ كالمغزلِ
كثيرِ تَكرارِ نزاعِ الأحبُلِ،
يبيتُ غضبانَ، إذا لم يرسلِ
قَيدِ الأوادي، وعِقالِ الإبِلِ،
رُعْتُ به سِربَ الظّباءِ الجُفّلِ
فاعتصمتْ منهُ بأعلى الجبلِ،
فظلّ ينحو قصدَها ويعتلي
وخرّ ينصبُّ عليها من علِ،
شبيهَ سهمٍ مرقتْ من عيطلِ
يفوتُ لمحَ الطرفِ في التأملِ،
حتى إذا انقضّ انقضاضَ الأجدلِ
فما ارتضَى منها بدونِ الأولِ،
غادرهُ مجدَّلاً في الجندلِ
ذا جثة ٍ وافرة ٍ كالمسحَلِ،
وظَلّ صَحبي في نَعيمٍ مُقبِلِ
لهم غريضُ لحمِهِ، والشّكرُ لي

العصر الإسلامي >> يزيد بن معاوية >> نالت على يدها
نالت على يدها
رقم القصيدة : 1984
-----------------------------------
نَالَتْ عَلَى يَدِهَا مَا لَمْ تَنَلْهُ يَدِي
نَقْشاً عَلَى مِعْصَمٍ أَوْهَتْ بِهِ جَلَدِي
كَأنهُ طَرْقُ نَمْلٍ فِي أنَامِلِهَا
أَوْ رَوْضَةٌ رَصَّعَتْهَا السُّحْبُ بالبَرَدِ
كأَنَّهَا خَشِيَتْ مِنْ نَبْلِ مُقْلَتِهَا
فَأَلْبَسَتْ زَنْدَها دِرْعاً مِنَ الزَّرَدِ
مَدَّتْ مَواشِطَهَا فِي كَفِّهَا شَرَكاً
تَصِيدُ قَلْبِي بِهِ مِنْ دَاخِلِ الجَسَدِ
وَقَوْسُ حَاجِبِهَا مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ
وَنَبْلُ مُقْلَتِهَا تَرْمِي بِهِ كَبِدِي
وَخَصْرُهَا نَاحِلٌ مِثْلِي عَلَى كَفَلٍ
مُرَجْرَجٍ قَدْ حَكَى الأَحْزَانَ فِي الخَلَدِ
أُنْسِيَّةٌ لَوْ رَأتْهَا الشَّمْسُ مَا طَلَعَتْ
مِنْ بَعْدِ رُؤيَتِهَا يَوْماً عَلَى أَحَدِ
سَأَلتُهَا الوَصْلَ قَالَتْ لاتُغَرَّ بِنَا
مَنْ رَامَ منَّا وِصَالاً مَاتَ بالكَمَدِ
فَكَمْ قَتِيلٍ لَنَا بالحُبِّ مَاتَ جَوًى
من الغَرَامِ وَلَمْ يُبْدِي وَلَمْ يَعِدِ
فَقُلْتُ : أَسْتَغْفِرَ الرَّحْمنَ مِنْ زَلَلٍ
إِنَ المُحِبَّ قَلِيلُ الصَّبْرِوَالجَلَدِ
قَالَتْ وَقَدْ فَتَكَتْ فِينَا لَوَاحِظُهَا
مَا إِنْ أَرَى لِقَتِيل الحُبِّ مِنْ قَوَدِ
قَدْ خَلَّفَتْنِي طَرِيحاً وَهي قَائِلَه
تَأَمَّلُوا كَيْفَ فِعْلَ الظَبْيِ بالأَسَدِ
قَالَتْ لِطَيْفِ خَيَالٍ زَارَنِي وَمَضَى
بِاللهِ صِفْهُ وَلاَ تَنْقُصْ وَلاَ تَزِدِ
فَقَالَ : خَلَّفْتُهُ لَوْ مَاتَ مِنْ ظَمَأٍ
وَقُلْتِ : قِفْ عَنْ وَرُودِ المَاءِ لَمْ يَرِدِ
قالت: صدقت الوفى في الحب شيمته
يابرد ذاك الذي قالت على كبدي
وَاسْتَرْجَعَتْ سَألَتْ عَنِّي فَقِيْلَ لَهَا
مَا فِيهِ مِنْ رَمَقٍ ، دَقَّتْ يَدّاً بِيَدِ
وَأَمْطَرَتْ لُؤلُؤاً منْ نَرْجِسٍ وَسَقَتْ
وَرْداً وَعَضَّتْ عَلَى العُنَّابِ بِالبَرَدِ
وَأَنْشَدَتْ بِلِسَانِ الحَالِ قَائِلَةً
مِنْ غَيْرِ كَرْهٍ وَلاَ مَطْلٍ وَلاَ مَدَدِ
وَاللّهِ مَا حَزِنَتْ أُخْتٌ لِفَقْدِ أَخٍ
حُزْنِي عَلَيْهِ وَلاَ أُمٍّ عَلَى وَلَدِ
فَأْسْرَعَتْ وَأَتَتْ تَجرِي عَلَى عَجَلٍ
فَعِنْدَ رُؤْيَتِهَا لَمْ أَسْتَطِعْ جَلَدِي
وَجَرَّعَتْنِي بِرِيقٍ مِنْ مَرَاشِفِهَا
فَعَادَتْ الرُّوحُ بَعْدَ المَوْتِ فِي جَسَدِي
هُمْ يَحْسِدُونِي عَلَى مَوْتِي فَوَا أَسَفِي
حَتَّى عَلَى المَوتِ لاَ أَخْلُو مِنَ الحَسَدِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ورُبّ يومٍ أدكنِ القتامِ،
ورُبّ يومٍ أدكنِ القتامِ،
رقم القصيدة : 19840
-----------------------------------
ورُبّ يومٍ أدكنِ القتامِ،
مُمتَزجِ الضّياءِ بالظّلامِ
سرنا به لقنصِ الآرامِ،
والصّبحُ قد طَوّحَ باللّثامِ
كراقدٍ هبّ من المنامِ،
بضُمّرٍ طامَية ِ الحَوامي
معتادَة ٍ بالكَرّ والإقدامِ،
تحجمُ في الحربِ عن الإحجامِ
حتى إذا آنَ ظهورُ الجامِ،
والبرُّ بالآلِ كبحرٍ طامِ
عنّ لنا سِربٌ من النّعامِ،
مشرِقة الأعناقِ كالأعلامِ
فاغرة َ الأفواهِ للهيامِ،
كأينُقٍ فَرّتْ من الزّمامِ
وحشٌ على مثنًى من الأقدامِ،
بالطيرِ تدعَى وهيَ كالأنعامِ
تَطيرُ بالأرجُلِ في المَوامي،
كأنما أعناقُها السوامي
أراقمٌ قد قُمنَ للخصامِ،
فحينَ همّ السربُ بانهزامِ
أُلجِمَتِ القِسيُّ بالسّهامِ،
فأُرسِلَ النَّبلُ كوَبلٍ هامِ
فعنّ رألٌ عارضٌ أمامي،
كأنّما دُرّعَ بالظّلام
نِيطَتْ جَناحاهُ بعنقٍ سامِ،
كأنّها من حسنِ الإلتئامِ
هاءُ شَقيقٍ وُصِلَتْ بلامِ،
عارضتهُ تحتَ العجاجِ السّامي
بسابقٍ ينقضُّ كالقطامي،
خِلِوِ العِنانِ مفعَمِ الحِزامِ
يكادُ يلوي حلقَ اللجامِ،
ذي كَفَلٍ رابٍ وشِدقٍ دامِ
وصفحَة ٍ رِيّا، ورسغٍ ظامِ،
فحينَ وافَى عارِضاً قدامي
أثبتُّ في كلكلهِ سهامي،
فمَرقتْ في اللّحمِ والعِظامِ
فخَرّ مَصروعاً على الرُّغامِ،
قد ساقَهُ الخَوفُ إلى الحِمامِ
فأعجبَ الصحبَ بهِ اهتمامي،
حتى اغتَدى كلٌّ من الأقوامِ
يقولُ: لا شلَّتْ يمينُ الرّامي

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> وأدهمٍ يققِ التحجيلِ ذي مرحٍ،
وأدهمٍ يققِ التحجيلِ ذي مرحٍ،
رقم القصيدة : 19841
-----------------------------------
وأدهمٍ يققِ التحجيلِ ذي مرحٍ،
يَميسُ من عُجبه كالشّارِبِ الثّملِ
مطهَّم مشرفِ الأذنينِ تحسبُه
موكَّلاً باستراقِ السمعِ عن زُحلِ
ركبتُ منهُ مطا ليلٍ تسيرُ بهِ
كواكبٌ تلحقُ المحمولَ بالحملِ
إذا رَمَيتُ سِهامي فوقَ صَهوتِهِ،
مَرتْ بهادِيهِ وانحطّتْ على الكَفَلِ
 

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ولقد أرُوحُ إلى القَنيصِ وأغتَدي
ولقد أرُوحُ إلى القَنيصِ وأغتَدي
رقم القصيدة : 19842
-----------------------------------
ولقد أرُوحُ إلى القَنيصِ وأغتَدي
في متنِ أدهمَ كالظلامِ محجَّلِ
رامَ الصباحُ من الدّجى استنقاذَهُ،
حسَداً، فلم يَظفَرْ بغيرِ الأرجُلِ
فكانهُ صبغُ الشبيبة ِ هابهُ
وَخطُ المَشيبِ، فجاءَهُ من أسفلِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> وأغَرَّ تِبرِيِّ الإهابِ مُرَدَّدٍ،
وأغَرَّ تِبرِيِّ الإهابِ مُرَدَّدٍ،
رقم القصيدة : 19843
-----------------------------------
وأغَرَّ تِبرِيِّ الإهابِ مُرَدَّدٍ،
سبطِ الأديم محجلٍ ببياضِ
أخشَى عليهِ بأن يُصابَ بأسهُمي،
ممّا يُسابقُني إلى الأغراضِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> وطِرفٍ تَخَيّرتُهُ طُرفَة ً،
وطِرفٍ تَخَيّرتُهُ طُرفَة ً،
رقم القصيدة : 19844
-----------------------------------
وطِرفٍ تَخَيّرتُهُ طُرفَة ً،
وأحببتهُ من جميعِ التراثِ
حَوى ببَدائعِ أوصافِهِ
مضاءَ الذكورِ وصبرَ الإناثِ
إذا انقَضّ كالصّقرِ في مَعَركٍ،
ترَى الخَيلَ في إثرِهِ كالبُغاثِ
طويلِ الثلاثِ، قصيرِ الثلاثِ،
عريضِ الثلاثِ، فسيحِ الثلاثِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> وعادية ٍ إلى الغارات ضبحاً،
وعادية ٍ إلى الغارات ضبحاً،
رقم القصيدة : 19845
-----------------------------------
وعادية ٍ إلى الغارات ضبحاً،
تريكَ لقدحِ حافرِها التهابَا
كأنّ الصّبحَ ألبَسَها حُجولاً،
وجنحَ الليلِ قمصها إهابا
جوادٌ في الجبالِ تخالُ وعلاً،
وفي الفلواتِ تحسبُها عقاب
إذا ما سابقَتها الرّيحُ فرّتْ،
وأبقَتْ في يدِ الرّيح التّرابا

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ووادٍ تسكَرُ الأرواحُ فيه،
ووادٍ تسكَرُ الأرواحُ فيه،
رقم القصيدة : 19846
-----------------------------------
ووادٍ تسكَرُ الأرواحُ فيه،
وتخفقُ فيهِ أرواحُ النسيمِ
به الأطيارُ قد قالتْ، وقالتْ
كلاماً شافياً داءَ الكليمِ
تسلسلُ في خمائلهِ مياهٌ،
يُقَدُّ أديمُها قدّ الأديمِ
مروجٌ للقلوبِ بها امتزاجٌ،
كأنّ عيونَها أيدي الكَريمِ
لها أرجُ اللطيمة ِ حينَ ينشا،
ورقّة ُ مَنظَرِ الخَدّ اللّطيمِ
بنوارٍ عن الأنوارِ يغني،
وزهرِ النجمِ عن زهرِ النجومِ
نَزَلنا فيه، والأكبادُ حرّى ،
فَنجّانا من الكَرْبِ العَظيمِ
فروّحَ ظلُّهُ رُوحَ الأماني،
وأخمدَ بَردُه نفسَ السَّموم
ونفسَ إذ تنفسَ من كروبي،
وفرّجَ، حينَ أرّجَ، من همومي
وأفرَشَنا من الأزهارِ بُسطاً
مُسَردَقَة ً، بأستارِ الغُيومِ
جمعنا للمسامعِ في ذراهُ،
هديلَ حمائمٍ وهديرَ كومِ
وقَضّينا بهِ باللّهوِ يَوماً،
به سمحتْ حشا الدهرِ العقيمِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> وعودٍ به عادَ السرورُ، لأنّهُ
وعودٍ به عادَ السرورُ، لأنّهُ
رقم القصيدة : 19847
-----------------------------------
وعودٍ به عادَ السرورُ، لأنّهُ
حوَى اللّهوَ قِدماً وهوَ رَيّانُ ناعمُ
يغربُ في تغريدهِ، فكأنّهُ
يعيدُ لنا ما لقنتهُ الحمائمُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> عودٌ حوتْ في الأرضِ أعوادُهُ،
عودٌ حوتْ في الأرضِ أعوادُهُ،
رقم القصيدة : 19848
-----------------------------------
عودٌ حوتْ في الأرضِ أعوادُهُ،
كلَّ المَعاني، وهوَ رَطْبٌ قَويم
فَحازَ شَدوَ الوُرقِ في سَجعه،
ورقة َ الماءِ ولطفَ النسيم

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> معانٍ حكتْ في قلوبِ الأنامِ،
معانٍ حكتْ في قلوبِ الأنامِ،
رقم القصيدة : 19849
-----------------------------------
معانٍ حكتْ في قلوبِ الأنامِ،
منالَ الأماني ونيلَ الأمانِ
بنَثرٍ ينَظّمُ شَملَ العُلومِ،
ونَظمٍ يقَلّدُ جِيدَ الزّمانِ
وتنميقِ خطٍّ كما نمقتْ
خطوطُ الغَوالي خدودَ الغواني
وأبياتِ شعرٍ، إذا أوردتْ
حكَتْ في الجَمال عقودَ الجُمانِ
فكم بكرِ معنَّى حوَى طرسُها،
وإن كان في جسمِ لفظٍ عوانِ
إذا ما شققتَ صدورَ البيوتِ،
وجدتَ بهنّ قلوبَ المعاني

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أشجتكَ بالتغريبِ في تغريدِها،
أشجتكَ بالتغريبِ في تغريدِها،
رقم القصيدة : 19850
-----------------------------------
أشجتكَ بالتغريبِ في تغريدِها،
فظننتَ معبدَ كان بعضَ عبيدِها
وشدَتْ فأيقَظتِ الرّقودَ بشَدوِها،
وأعارتِ الأيقاظَ طيبَ رقودِها
خودٌ شدتْ بلسانِها وبنانِها
حتى تشابهَ ضربُها ونشيدها
فكأنّ نغمة َ عودها في صوتِها،
وكأنّ رقة َ صوتِها في عودِها
فطنتْ لأبعادِ الشدودِ، فناسبتْ
بالعدلِ بينَ قريبِها وبعيدِها
كَمُلَتْ صنائعُ وضعِها فكأنّما
وَرِثتْ أصولَ العِلمِ عن داودِها
تسبي العقولَ فصاحة ً وصباحة ً،
فتَحارُ بينَ طَريفِها وتَليدِها
من لهجة ٍ مكسوبَة ٍ، أو بهجَة ٍ
منسوبة ٍ، تحلو لعينِ حسودِها
إنّي لأحسدُ عُودَها إن عانَقَتْ
عطفيهِ، أو ضمتهُ بينَ نهودِها
وأغارُ من لثمِ الكؤوسِ لثغرِها،
وأذوبُ من لمسِ الحُليّ لجيدِها

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> وإنّي لألهو بالمُدامِ، وإنّها
وإنّي لألهو بالمُدامِ، وإنّها
رقم القصيدة : 19851
-----------------------------------
وإنّي لألهو بالمُدامِ، وإنّها
لمَورِدُ حَزمٍ إن فعَلْتُ ومَصدَرُ
ويُطرِبُني في مجلسِ الأنسِ بَينَنا
أنابيبُ في أجوافِها الريحُ تصفِرُ
ودهمٍ بأيدي الغانياتِ تقعقعتْ
مفاصلُها من هولِ ما تتنظرُ
وصفرِ جفونٍ ما بكتْ بمدامعٍ،
ولكنّها روحٌ تذوبُ وتقطرُ
وأشمَطَ مَحنِّي الضّلوعِ على لظًى
بهِ الضّرُّ إلاّ أنّهُ يتَسَتّرُ
إذا انجابَ جنحُ الليلِ ظلتْ ضلوعُه
مجرَّدَة ً تَضحَى لديكَ وتُعصِرُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ومجلِسِ لذّة ٍ أمسَى دُجاهُ،
ومجلِسِ لذّة ٍ أمسَى دُجاهُ،
رقم القصيدة : 19852
-----------------------------------
ومجلِسِ لذّة ٍ أمسَى دُجاهُ،
يُضيءُ كأنّهُ صُبحٌ مُنيرُ
تجمعَ فيه مشمومٌ وراحٌ،
وأوتارٌ ووِلدانٌ وحُورُ
تلذذتِ الحواسُ اللمسُ فيه
نجمسٍ يستتم بها السرورُ
فكانَ الضمّ قسمَ اللمسِ فيهِ،
وقسمُ الذوقِ كاساتٍ تدورُ
وللسّمعِ الأغاني، والغَواني
لأعيننا، وللشمّ البخورُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> في الشّمعِ أوصافٌ كوَصفي أوجبتْ
في الشّمعِ أوصافٌ كوَصفي أوجبتْ
رقم القصيدة : 19853
-----------------------------------
في الشّمعِ أوصافٌ كوَصفي أوجبتْ
حبّي لهُ والبعدَ عن أضدادِه
جريانُ أدمعهِ وصفرة ُ لونِه،
وسُهادُ مُقلَتِهِ وذَوبُ فؤادِهِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> جلَتِ الظّلماءُ باللّهَبِ،
جلَتِ الظّلماءُ باللّهَبِ،
رقم القصيدة : 19854
-----------------------------------
جلَتِ الظّلماءُ باللّهَبِ،
إذا بدتْ في الليلِ كالشهبِ
فانحَلَتْ في تاجِها، فجَلَتْ
ظُلَمَ الأحزانِ والكُرَبِ
خردٌ شابتْ ذوائبُها،
وفروعُ الليلِ لم تشبِ
سفرتْ كالشمسِ ضاحكة ً
من تواري الشمسِ في الحجبِ
ما رأينا قبلَ مَنظَرِها،
ضاحكاً في زيّ منتحبِ
كيفَ لا تحلو ضرائبُها،
وبها ضربٌ من الضرَبِ
خلتُها، والليلُ معتكرٌ،
ونجومُ الأفقِ لم تغبِ
قُضُباً من فِضّة غُرسَتْ
فوقَ كثبانٍ من الذهبِ
أو يَواقيتاً مُنَضّدَة ً،
بينَ كثبانٍ من الذهبِ
بينَ أيدينا على قُضُبِ
أو أساريعاً على عَمَدٍ،
أشرقتْ في زيّ مرتقبِ
أو رِماحاً في العِدى طُعِنَتْ،
فغَدَتْ مُحمَرّة َ العَذَبِ
أو سهاماً نصلُها ذهبٌ،
لسوى الظّلماءِ لم تُصِبِ
أو أعالي حمرِ ألوية ٍ
تشرتْ في جحفلٍ لجبِ
أو شعافَ الروم قد رُفِعتْ
فوقَ أطرافِ القنا الأشبِ
أو قياناً من ذوائبِها
شفٌ للشمٍ لم يغبِ
أو شواظاً للقِرى رُفعتْ
تَتراءى في ذُرى كُثُبِ
أو لظَى نارِ الحُباحبِ قد
لمَعَتْ للعَينِ عن لَبَبِ
أو عيونَ الأُسُدِ مُوصَدَة ً
في ذرى غابٍ من القصبِ
أو خدودَ الغيدِ ساطعة ً
أشرقتْ في فاقعِ النقبِ
أو شَقيقَ الرّوضِ منتَظِماً
فوقَ مجدولٍ من القصبِ
أو ذرى نيلوفرٍ رفعتْ
فوقَ قضبانٍ من الغربِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> مَرحباً مَرحَباً بأبطالِ لَهوٍ،
مَرحباً مَرحَباً بأبطالِ لَهوٍ،
رقم القصيدة : 19855
-----------------------------------
مَرحباً مَرحَباً بأبطالِ لَهوٍ،
شهبُهم سمرهم إذا الليلُ جنَا
مزّقوا جحفَلَ الظّلامِ وخاضوا
نقعَهُ بالضّياءِ فانجابَ عَنّا
برماحٍ لها أسنة ُ نارٍ،
قد أبادَتْ عَساكرَ اللّيلِ طَعنا
تَتَثَنّى ، سِنانُها غَيرُ وانٍ،
وقناها بالعزّ لا تتثنّى
إن أرادوا لها على الوَشيِ رَكزاً
وضعوا تحتَ كلّ لدنٍ مجنّا

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أنكَرَ الصّبحُ دَمَ اللّيـ
أنكَرَ الصّبحُ دَمَ اللّيـ
رقم القصيدة : 19856
-----------------------------------
أنكَرَ الصّبحُ دَمَ اللّيـ
ـلِ، وفي العُذرِ توصّل
وتَردّى من شُعاعِ الـ
ـشّمسِ ثوباً لم يُفَصَّل
فَبكَى الطّيرُ بنوحٍ
أجمَلَ القولَ وفَصّل
قال: عُذرُ الصّبحِ في
ـكارِهِ لا يتحصّل
دَمُهُ في بُردَتَيهِ،
وهوَ منهُ يتنصّل

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> وإبرقٍ لهُ نطقٌ عجيبٌ،
وإبرقٍ لهُ نطقٌ عجيبٌ،
رقم القصيدة : 19857
-----------------------------------
وإبرقٍ لهُ نطقٌ عجيبٌ،
إذا ما أُسلتْ منهُ السلافُ
كفأفاءٍ تلجلجَ في حديثٍ
يرددُ لفظهُ والفاءُ قافُ

 
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> بحرٌ من الحُسنِ لا يَنجو الغريقُ بهِ،
بحرٌ من الحُسنِ لا يَنجو الغريقُ بهِ،
رقم القصيدة : 19858
-----------------------------------
بحرٌ من الحُسنِ لا يَنجو الغريقُ بهِ،
إذا تَلاطَمَ أعطافٌ بأعطافِ
ما حركتهُ نسيمُ الرقصِ من مرحٍ
إلاَّ وماجَتْ به أمواجُ أردافِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لم أنسَن ما عشتُ، حمّاماً دخلتُ به
لم أنسَن ما عشتُ، حمّاماً دخلتُ به
رقم القصيدة : 19859
-----------------------------------
لم أنسَن ما عشتُ، حمّاماً دخلتُ به
ما بينَ كلّ رَخيمِ الدَّلّ فتّانِ
في جَنّة ٍ من طِباعٍ أربعٍ جُمِعَتْ:
أرضٍ وماءٍ وأهواءٍ ونيرانِ
فنلتُ من حرذها برداً على كبدي،
وفُزتُ من مالكٍ منها برُضوانِ
فأعجبْ لها جنة ً فيها جحيمُ لظًى
تذكى ولم تخلُ عن حورٍ وولدانِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لئِنْ لم يَمضِ لي حدٌّ فكم قد
لئِنْ لم يَمضِ لي حدٌّ فكم قد
رقم القصيدة : 19860
-----------------------------------
لئِنْ لم يَمضِ لي حدٌّ فكم قد
فللتُ الحدَّ في الحربِ العوانِ
وإنّي لا أزالُ أخا حروبٍ،
إذا لم أجنِ كنتُ مِجَنّ جانِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> وبابٍ، إذا أمهُ قاصدٌ،
وبابٍ، إذا أمهُ قاصدٌ،
رقم القصيدة : 19861
-----------------------------------
وبابٍ، إذا أمهُ قاصدٌ،
رآهُ من الغيث أدنَى وأندَى
لهُ الفتحُ دأبٌ، ومن شأنه
يرد وقاصدهُ لن يردّا

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ما بَعدَ بغدادَ للنّفوسِ هوًى ،
ما بَعدَ بغدادَ للنّفوسِ هوًى ،
رقم القصيدة : 19862
-----------------------------------
ما بَعدَ بغدادَ للنّفوسِ هوًى ،
رقّ هواها وراقَ منظرُها
كأنّها جَنّة ٌ مزَخرَفَة ٌ
ونَهرُ عيسَى النّميرُ كَوثَرُها

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> انظرْ إلى بركة ِ الجِسرَينِ حينَ بَدا
انظرْ إلى بركة ِ الجِسرَينِ حينَ بَدا
رقم القصيدة : 19863
-----------------------------------
انظرْ إلى بركة ِ الجِسرَينِ حينَ بَدا
للبدرِ فيها عمودٌ ساطعُ اللهبِ
كالصرحِ حفّ به سكرانِ من سبجٍ
وسالَ في وسطهِ نهرٌ من الذّهب

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> وكأنّ دجلة َ، والرّيا
وكأنّ دجلة َ، والرّيا
رقم القصيدة : 19864
-----------------------------------
وكأنّ دجلة َ، والرّيا
حُ تُغيرُ كالخَيلِ النّوازِي
والحسرُ واهي السلك من
فرطِ أطرابٍ واهتزازِ
ثوبٌ تجندرُهُ الرّيا
حُ، وقد أضرتْ بالطرازِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> حبذا أرضْ ماردينَ وبرّ الـ
حبذا أرضْ ماردينَ وبرّ الـ
رقم القصيدة : 19865
-----------------------------------
حبذا أرضْ ماردينَ وبرّ الـ
ـظلّ فيها وماؤها وهواها
بلدَة ٌ تُنبِتُ الكِرامَ فلا ذُقْـ
ـتُ فَناهم ولا عدِمتُ فِناها
فهيَ أرضٌ إن لم تكن هي ذاتَ الـ
ـنّفسِ منّي، فإنّها مُشتَهاها
جمعَتْ سائرَ المُنى ، فلِهذا
ما أتاها ذو الحلمِ إلاّ وتاها
كم رأينا لها وفيها ومنها
صُوَراً تَسفِكُ الدّماءَ دُماها
لو تمكنتُ أن أقضّي بها العمـ
ـرَ جَميعاً لمَا سكَنتُ سِواها

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> للَّهِ وادي الغرسِ حينَ حلَلتُهُ،
للَّهِ وادي الغرسِ حينَ حلَلتُهُ،
رقم القصيدة : 19866
-----------------------------------
للَّهِ وادي الغرسِ حينَ حلَلتُهُ،
زَمَناً كأنّ العيشَ فيه مَنامُ
وادٍ حريريُّ الرياضِ فكم به
من حارِثٍ يَغدو بهِ وهُمامُ
ممتَدُّ أودِية ِ الظّلالِ فقَرُه
باكي العيونِ وثَغرُهُ بَسّامُ
فالشّمسُ فيهِ مدى النّهارِ فطيمة ٌ،
والظّلّ كَهلٌ، والنّسيمُ غُلامُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> للَّهِ قاهرة ُ المعزّ، فإنّها
للَّهِ قاهرة ُ المعزّ، فإنّها
رقم القصيدة : 19867
-----------------------------------
للَّهِ قاهرة ُ المعزّ، فإنّها
بلَدٌ تَخَصّصَ بالمَسرّة ِ والهَنا
أوما ترى في كلّ قطرٍ منية ً
من جانبَيها، وهيَ مجتمعُ المُنى

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> وفي النّيل، إذ وَفّى البسيطة َ حقَّها،
وفي النّيل، إذ وَفّى البسيطة َ حقَّها،
رقم القصيدة : 19868
-----------------------------------
وفي النّيل، إذ وَفّى البسيطة َ حقَّها،
وزادَ على ما جاءَهُ من صَنائعِ
فما إن توفّى النّاسُ من شكرِ مُنعم
يُشارُ إلى إنعامِهِ بالأصابعِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لئن وهى عقدُ السحابِ الثمين
لئن وهى عقدُ السحابِ الثمين
رقم القصيدة : 19869
-----------------------------------
لئن وهى عقدُ السحابِ الثمين
فلا عدا ربعك يا ماردين
مدينة ٌ لم ترَ في جوّها
جوراً، ولا في أهلِها ماردين
كما شاهدتْ عينايَ من أهلِها
إظهارَ مَعروفٍ وإضمارَ دِين
أفاضِلٌ في غَيّهِم ما رَدُوا،
ونسوَة ٌ في مثلِهِ ما ردين

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ما حلة ُ ابنِ دبيسٍ،
ما حلة ُ ابنِ دبيسٍ،
رقم القصيدة : 19870
-----------------------------------
ما حلة ُ ابنِ دبيسٍ،
إلاّ كحصنٍ حصينِ
للقلبِ فيها قرارٌ،
وقُرّة ٌ للعُيُونِ
إن أصبَحَ الماءُ غَوراً
جاءتْ بماءٍ معينِ
وحَولَها سُورُ طِينٍ،
كأنهُ طورُ سينِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ظنّ قومي أنّ الأساة ً ستبري
ظنّ قومي أنّ الأساة ً ستبري
رقم القصيدة : 19871
-----------------------------------
ظنّ قومي أنّ الأساة ً ستبري
داءَ وجدي، وذاكَ شيءٌ بَعيدُ
فأتَوا بالطّبيبِ، وهوَ لَعمري
في ذَوي فَنّهِ مُجيدٌ مَجيدُ
مذ رأى علتي، وقد لاحَ للمو
تِ عليها أدِلّة ٌ وشُهودُ
جسّ نَبْضِي وقال: ما أنتَ شاكٍ؟
قلتُ: ناراً لم يُطفِها التّبريدُ
فغَدا يُخلِصُ الدّواءَ، فألفَى
نارَ وجدي معَ الدّواءِ تَزيدُ
قال: ما كان أصلُ دائكَ هذا؟
قلتُ: طرفي، وذاكَ حالٌ شديدُ
قال: إنّ الهواءَ أحدثَ بلوا
ك، فقلتُ: المقصورُ لا الممدودُ
فانثنى حائراً، وقال لقَومي:
ما دواءُ العُشّاقِ إلاّ بَعيدُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> للَّهِ خطّ كتابٍ خلتُهُ دُرَراً،
للَّهِ خطّ كتابٍ خلتُهُ دُرَراً،
رقم القصيدة : 19872
-----------------------------------
للَّهِ خطّ كتابٍ خلتُهُ دُرَراً،
أو رَوضَة ً رَصّعتها السُّحبُ بالبرَدِ
أبدَتْ بظاهرِهِ أيدي مُجَلّده
نقشاً على جلدة ٍ أوهتْ به جلدي

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> كَفَى الشّعرَ فخراً أنّه كلّ مُشكِلٍ
كَفَى الشّعرَ فخراً أنّه كلّ مُشكِلٍ
رقم القصيدة : 19873
-----------------------------------
كَفَى الشّعرَ فخراً أنّه كلّ مُشكِلٍ
من الذّكرِ في تَفسيرِهِ جيءَ بالشّعرِ
وإن أشكَلَتْ في الشرعِ غامضُ نكتة ٍ
إلى النّظمِ يُلجا حينَ يُعوَزُ بالنّثرِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أخلايَ بالفيحاءِ إنْ طالَ بعدُكم،
أخلايَ بالفيحاءِ إنْ طالَ بعدُكم،
رقم القصيدة : 19874
-----------------------------------
أخلايَ بالفيحاءِ إنْ طالَ بعدُكم،
فأنتم إلى قلبي كسحريَ من نحرِي
وإن يخلُ من تكرارِ ذكري حديثُكم،
فلم يخلُ يوماً من مديحكُمُ شِعرِي
فواللهِ لا يشفي نزيفَ هواكمُ
سوى خمرِ أنسٍ كان منكم بها سكري
أرى كلّ ذي داءٍ يُداوَى بضدّه،
وليسَ يداوَى ذو الخمارِ بلا خمرِ
أطالبُ نفسي بالتصبرِ عنكمُ،
وأوّلُ ما أُفقِدتُ، بعدكمُ، صَبرِي
فإن كان عصرُ الأنسِ منكم قد انقضَى ،
فوالعصرِ إنّي بعد ذلكَ في خسرِ
بكَيتُ لفقدِ الأربعِ الخُضرِ منكمُ،
على الرملة ِ الفيحاءِ بالأربعِ الحُمرِ
فكيفَ بقي إنسانُ عيني، وقد مضَى
على ذلكَ الإنسانِ حينٌ من الدّهرِ
سقَى روضة َ السعديّ من أرض بابلٍ
سَحابٌ ضَحوكُ البرقِ مُنتحبُ القطرِ
وحَيّا الحَيا مَغنًى قضَيتُ برَبعِهِ
فُروضَ الصِّبا ما بَينَ رَملة َ والجسرِ
وربّ نسيمٍ مرّ لي من ديارِكم،
ففاحَ لنا من طيهِ طيبُ النشرِ
وأذكرَني عَهداً، وما كنتُ ناسِياً،
ولكنّهُ تجديدُ ذِكْرٍ على ذِكْرِ
فيا أيها الشيخُ الذي عقدُ حبهِ
تنزلض مني منزلَ الروحِ من صدري
تجاذبني الأشواقُ نحوَ دياركم،
وأحذرُ من كيدِ العدوّ الذي يدري
مخافةض مذاقِ اللسان يسرّ لي
ضُروبَ الرّدي بينَ البَشاشة ِ والبِشرِ
ويَنثُرُ لي حَبّ الوَفاءِ تَمَلّقاً
وينصبُ لي من تحتِه شركَ الغدرش
وما أنا مَن يُلقي إلى الحَتفِ نَفسَهُ،
ويجهدُ في استخلاصِها منه بالقسرِ
إذا كان ذكرُ المرءِ شَيخَ حَياتِهِ،
فإنّ طريفَ المالِ كالواوِ في عمرِو
ولكنّ لي في ماردينَ معاشراً،
شددتُ بهم، لمّا حللتُ بها، أزري
ملوكٌ، إذا ألقَى الزّمانُ حِبالَهُ،
جعلتهُمُ في كلّ نائبة ٍ ذخري
وما أحدثَتْ أيدي الزّمانِ إساءَة ً،
ووافيتهم إلاّ انتقمتُ من الدّهرِ
إذا جئتُهم مستَصرِخاً حَقَنُوا دَمي،
وإن جئتُهم مستجدياً وفروا وفرِي
عزائمُ من لم يخشَ بالبَطشِ من ردًى ،
وإنعامُ من لم يخشَ بالجودِ من فقرِ
ورَوّوا بماءِ الجُودِ غَرسَ أبيهِمُ،
فأينَعَ في أغصانِهِ ثمرُ الشّكرِ
وقلدني السلطانُ منهُ بأنعمٍ،
أخفَّ بها نَهضي وإن أثقلتْ ظَهرِي
هوَ الصّالحُ المَلكُ الذي صَلُحتْ به
أمورُ الورى واستبدلَ العسرُ باليسرِ
يبيتُ بها كفّي على الفتحِ بعدما
بنَتْ نُوَبُ الأيّامِ قلبي على الكَسرِ
وبدلتُ من دهمٍ الليالي وغيرها،
لديهِ، بأيامٍ محجلة ٍ غرّ
حَطَطتُ رِحالي في ربيعِ رُبوعِهِ،
ولولاهُ لم أثنِ الأعنة َ عن مصري
مَنازِلُ ما لاقَيتُ فيها نَدامَة ً،
سوى أنّني قضّيتُ في غيرِها عُمرِي
فلم يَكُ كالفِردوسِ غيرُ سميّهِ،
من الخُلدِ لا خُلدُ الخَليفَة ِ والقَصرِ
ووادٍ حكَى الخَنساءَ لا في شجونِها،
ولكن له عَينانِ تَجري على صَخرِ
كأنّ به الجودانَ بالسُّحبِ شامتٌ،
فما انتحبتْ إلاّ انثنى باسمَ الثّغرِ
تَعانَقَتِ الأغصانُ فيه فأسبَلَتْ
على الروضِ أستاراً من الورق الخضرِ
إذا ما حِبالُ الشّمسِ منها تَخَلّصَتْ
إلى روضهِ ألقتْ شراكاً من التبرِ
تُدارُ به، من ديرِ شَهلانَ، قَهوَة ٌ
جلتها لنا أيدي القسوسِ من الخدرِ
إذا ما حَسَوناها، وسارَ سرورُها
إلى منتهَى الإفكارِ من موضعِ السرّ
نُعِدّ لها نَقلَ الفكاهة ِ والحِجَى ،
ونجلو عليها بهجة َ النّظمِ والنثرِ
ونحنُ نوفّي العيشَ باللّهوِ حقّهُ،
ونسرِقُ ساعاتِ السّرورِ من العمرِ
وقد عمّنا فصلُ الربيعِ بفضلهِ،
فبادرَنا بالوردِ في أولِ القطرِ
فيا أيها المولى الذي وصفُ فضلِهِ
يجلُّ عن التعدادِ والحدذ والحصرِ
أبُثّكَ بالأشعارِ فرطَ تَشَوّقي،
ولا أتعاطَى حَصرَ وصفِكَ بالشّعرِ
وأعجبُ شيءٍ أنني مع تيقظي،
إلى مخلصِ الألفاظِ من شرَك الهجرِ
أسوقُ إلى البحر الخضمّ جواهرِي،
وأُهدي إلى أبناءِ بابلَ من سِحرِي
فمُنّ، فدتك النّفسُ، بالعُذرِ مُنعِماً
عليذ، وشاور حسنَ رأيك في الأمرِ
 
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> من لي بقربكَ، والمزارُ عزيزُ،
من لي بقربكَ، والمزارُ عزيزُ،
رقم القصيدة : 19875
-----------------------------------
من لي بقربكَ، والمزارُ عزيزُ،
طُوبَى لمن يَحظَى بهِ ويَفوزُ
فلَو استَطَعتُ رفَعتُ حالي نحوَكم،
لكنّ رفعَ الحالِ ليسَ يجوزُ
يا أيها الشيخُ الذي آراؤهُ
جرزٌ لنا، في النائباتِ، حريزُ
عرضَ العروضُ فلم ترعكَ دوائرٌ
منهُ ولم تُشكِلْ عليكَ رُموزُ
وكذا اقتفتَ من القوافي إثرَها،
فأطاعكَ المقصورُ والمهموزُ
وضرَبتَ نحوَ النّحوِ همّة َ أوحَدٍ،
أضحى له في حالهِ تمييزُ
لو كنتَ جئتَ به قديماً لم يكنْ
فيهِ لتَبريزٍ لها تَبريزُ
ولقد هززتُ إليكَ دوحَ قريحتي،
مَدحاً، فأينَعَ دوحُها المَهزوزُ
وسبكتُ مدحكَ في بواطقِ فكرتي،
إذْ في البواطقِ يسبكُ الإبريزُ
صُغتُ القريضَ، ولم أقُلهُ تكَلّفاً،
لكنّه طبعٌ لديّ عزيزُ
ألجو علَيكَ من القَريضِ عَرائِساً،
من خدرِ أبكاري لهنّ بروزُ
أبكارُ أفكارٍ تزفّ كواعباً،
لا كالعقارِ تزفّ وهيَ عجوزُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أتُرى البارقَ، الذي لاحَ ليلاً،
أتُرى البارقَ، الذي لاحَ ليلاً،
رقم القصيدة : 19876
-----------------------------------
أتُرى البارقَ، الذي لاحَ ليلاً،
مرّ بالحيذ من مرابعِ ليلَي
وتُرى السُّحبَ مذ نشأنَ ثقالاً،
سَحَبتْ في رُبوعِ بابلَ ذَيلا
ما أضا البارِقُ العِراقيّ، إلاّ
أرسلتْ مقلتي من الدّمعِ سيلا
وتذكرتُ جيرة ً بمغانيـ
ـهِ ونَدباً من آلِ سنبسَ قَيلا
عمَّنا بالودادِ في حالة ِ القرْ
بِ، وأهدى لنا على البُعدِ نَيلا
وحملنا بضاعة َ الشكرِ مزجا
ة ً، فأوفَى لنا من الودّ كيلا
كيفَ أنسَى تلكَ الديارَ ومغنى ً
عامراً قد ربيتُ فيهِ طفيلا
أتَمَنّى العراقَ في أرضِ حرّا
نَ، وهل تدركُ الثريّا سهيَلا
يا ديارَ الأحبابِ ما كانَ أهنى ،
بمغانيك، عيشنا، وأُحَيلى
كم جلونا بأفقكِ البدرَ صُبحاً،
واجتلينا بجوكِ الشمسَ ليلا
وأمّنا الأعداءَ لمّا جَعَلنا
سورَ تلكَ الديارِ رجلاً وخيلا
انتدي في حماكِ كعباً، ومغنًى ،
وإذا ئشتُ سنبساً وعقيلا
أُورِدُ العِيسَ نهرَ عيسى وطوراً
أُورِدُ الخَيلَ دِجلة ً ودُجَيلا
إن ورَدتَ الهيجاءَ يا سائقَ العيـ
ـسِ، وشارفتَ دوحها والنخيلا
ورأيتَ البدورُ في مشهدِ الشمـ
ـسِ بفتيانِ بانة ِ والأثيلا
مِلْ إليها واحبِسْ قليلاً عليها،
إنّ لي نحوَ ذلك الحيّ ميلا
وأبلغِ الرملة َ الأنيقة َ وابلغْ
معشراً لي بربعِها وأهيلا:
كنتُ جَلْداً، فلم يدَعْ بينُكم للـ
ـجسمِ حولاً ولا لقلبيَ حيلا
قد ذَمَمنا بُعَيْدَ بُعدِكُم العَيـ
ـشَ، فليتَ الحمامَ كانَ قبيلا

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أطعتُ داعي الهَوى رَغماً على العاصِي،
أطعتُ داعي الهَوى رَغماً على العاصِي،
رقم القصيدة : 19877
-----------------------------------
أطعتُ داعي الهَوى رَغماً على العاصِي،
لمّا نزلنا على ناعورة ِ العاصِي
وباتَ لي بمغاني أهلِها، وبها
شُغلانِ عن أهلِ شَعْلانٍ وبَغْراصِ
والرّيحُ تَجري رُخاءً فوقَ جَدوَلِها،
والطّيرُ ما بَينَ بَنّاءٍ وغَوّاصِ
وقد تلاقتْ فروعُ الدوح، واشتبكتْ
كأنذما الطيرُ منها فوقَ أقفاصِ
تدارُ ما بيننا حمراُ صافية ً،
كانتْ هَدايا يَزيدٍ من بَني العاصِ
مع شادنٍ ربّ أقراطٍ ومنطقة ٍ؛
وقَينَة ٍ ذاتِ أحجالٍ وأخراصِ
تدنيهِ كفّي، فيثني جيدهُ مرحاً،
كأنّهُ جُؤذَرٌ في كفّ قَنّاصِ
وكم لدينا بها شادٍ وشادية ٍ
تشجي، وراقصة ٍ تعصو ورقاصِ
إذا ثناها نسيمُ الرقصِ من مرحٍ،
عجبتَ من هزّ أغصانٍ وأدعاصِ
يا قاطعَ البيدِ يطويها على نجبٍ،
لم تبقِ منها الفيافي غيرَ أشخاصِ
إذا وردتَ بها شاطي الفراتِ، وقد
نكّبتَ عن ماءِ حَورانٍ وقيّاصِ
وجُزتَ بالحِلّة ِ الفَيحاءِ مُلتَمِحاً
آرامَ سِربٍ حَمتَها أُسدُ عيّاصِ
فقفْ بسعديها المشكورِ منشأهُ،
سعدِ بنِ مزيَدَ لا سَعدِ بنِ وَقّاصِ
واقرَ السلامَ على من حلّ ساحتهُ،
وصِفْ ثَنائي وأشواقي وإخلاصِي
واخبرْ بأنّي، وإن أصبحتُ مبتنياً
مجداً وأغليَ قدري بعدَ إرخاصِي
صابٍ إلى نحوِكم صَبٌّ بحبّكمُ،
محافظُ الودّ للداني وللقاصِي

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> تركتنا لواحظُ الأتراكِ،
تركتنا لواحظُ الأتراكِ،
رقم القصيدة : 19878
-----------------------------------
تركتنا لواحظُ الأتراكِ،
بينَ مُلقًى شاكي السّلاحِ وشاكِ
حركاتٌ بها سكونُ فتورٍ
تتركُ الأسدَ ما بها من حراكِ
ملَكَتني خُزرُ العُيونِ، وإن خِلـ
ـتُ بأنّي لها من المُلاّكِ
كلّ ظبي في أسرِ رقّي، ولكنْ
ما لأسري في حبّهِ مِن فكاكِ
أينَ حسنُ الأعرابِ من حسن أسد
أفرغتْ في قوالب الأملاكِ
فإذا غوزلوا، فآرامُ سربٍ،
أخذوا ثارَ مَن ذُكي بالمَذاكي
كلّ طفلٍ يجلّ أن يحكيَ البد
رَ، ولكن له البُدورُ تُحاكي
بثُغورٍ لم يَعلُها قَشَفُ النُحـ
ـلِ،. ولم تَجلُها يَدٌ بسواكِ
وعيونٍ كأنّما الغُنجُ فيها
رائدُ الحَتفِ، أو نَذيرُ الهَلاكِ
وقدودٍ كأنّما شدّ عقدُ الـ
ـبند منها على قضيبِ أراكِ
كِدتُ أنجُو من القُدودِ ولكن
أدركتني فيها بطَعنٍ دِراكِ
قل لساجي العيونِ قد سلبتْ عيـ
ـناك قلبي، وافرطتْ في انهاكي
فابقِ لي خاطراً به أسبكُ النظـ
ـمَ وأثني على فتى السُّبّاكِ
حاكمٌ مَهّدَ القَضاءَ بقَلبٍ
ثاقب الفهمِ نافذِ الإدراكِ
فكرَة ٌ تحتَ مُنتَهَى دَركِ الأر
ضِ وعزْمٌ في ذُروَة ِ الأفلاكِ
مذ دعتهُ الأيام للدينِ تاجاً
حسَدَ الدّينَ فيهِ هامُ السِّماكِ
رتبة ٌ جاوزتْ مقامَ ذوي العلـ
ـم، وفاقتْ مَراتبَ النُّسّاكِ
ذو يراعٍ راعَ الحوادثَ لمّا
أضحك الطرسَ سعيُه وهوَ باكِ
بمعانٍ لو كنّ في سالفِ العَصـ
ـرِ لسكّتْ مَسامعَ السّكّاكِ
زادَ قَدري بحبّه، إذ رأى النّا
سُ التزامي بحبّهِ وامتساكي
مذهبٌ ما ذهبتُ عَنه ودِينٌ
ما تعرضتُ فيهِ للإشراكِ
أيّها الأروَعُ الذي لَفظُهُ والـ
ـفضلُ بينَ الأنامِ زاهٍ وزاكِ
إن تغبْ عن لحاظِ عيني، فللقلـ
ـبِ لحاظٌ سريعة ُ الإدراكِ
لم تَغِبْ عن سوى عيوني، فقلبي
شاكرٌ عن علاك، والطرفُ شاكِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> سَلبَتنا فَواتكُ اللّفَتاتِ،
سَلبَتنا فَواتكُ اللّفَتاتِ،
رقم القصيدة : 19879
-----------------------------------
سَلبَتنا فَواتكُ اللّفَتاتِ،
إذ سَبَقنا بالخَيفِ كلّ فَتاة ِ
فجهلنا الهوى ، ولم ندرِ أنّ الأُ
سد تغدو فرائسَ الغاداتِ
بجفونٍ، لها فُتورُ ذوي السّكـ
ـرِ على ضعفِها وفتكُ الصحاة ِ
وعيونٍ في لحظهنّ سُكونٌ،
هوَ في الفَتكِ أسرَعُ الحَرَكاتِ
قلْ لذاتِ الجمالِ إذ رمتُ إنجا
زَ عِداتي، فأصبَحتْ من عِداتي
يا شبيهَ القناةش قداً وليناً،
إنّ ليلي في طولِ ظلّ القناة ِ
بعدما كانَ من وصالك في الغمـ
ـضِ قصيراً، شبيهَ ظِفرِ القَطاة ِ
ودياري ما بينَ دجلة والصّيـ
رَة ِ، لا بينَ دجلة َ والصراة
وورودي من عَينِ دجلَة َ والفِر
دَوسِ، لا نهرِ بنّة ٍ والفُراة ِ
بينَ قومٍ لستُ الملومَ، إذا أذ
هبتُ نفسي عليهمُ حسراتِ
وارتشافي من خَمرِ فيكِ وقَلبي
آمنٌ من طوارقِ الحادثاتِ
لستُ أخشَى مع رشفِ فيكِ من الحتـ
ـفِ لأنّي وردتُ عينَ الحياة ِ
من فَمٍ ما رشَفتُ، قبلَ ثَنايا
هُ، جُماناً مُنَضَّداً في لِثاتِ
لا أرى غيرَ فيكِ أجدرَ بالتقـ
بيلِ، إلاّ أكفَّ قاضي القضاة ِ
ذي المعالي فتى المهذب شمس الدّ
ينَ ربّ المَناقبِ الباهراتِ
حاكِمٍ رأيُهُ، إذا أُشكِلَ الأمـ
ـرُ، سِراجٌ في ظِلمة ِ المُشكِلاتِ
ذو علومٍ، إذا تلاطمَ موجُ الشـ
ـكّ كانتْ للخصمِ سفنَ النجاة ش
لو أعارَ الظلامَ أخلاقَه الغـ
ـرّ لأغنَتْ به عن النّيّراتِ
قرنتْ كفَّهُ الإجادة َ بالجو
دِ، وحُسنَ الخِلالِ بالحَسناتِ
كلما جمعتْ شمائلهُ الفضـ
ـلَ تَداعَتْ أموالُهُ بالشّتاتِ
ذو يراعٍ يبدي إذا أمطرَ الطر
سُ رياضاً أنيقة َ الزهراتِ
بمَعانٍ تُضيءُ في ظُلمة ِ الحِبـ
ـرِ شيبة َ الكَواكِبِ الزّاهراتِ
أخبرتنا عذوبة ُ اللفظِ منها
أنّ عَينَ الحَياة ِ في الظّلماتِ
أيها المرسلُ الي آمنَ النا
سُ بآياتِ فَضلِهِ البيّناتِ
كم صِيامٍ قَرنَتَهُ بقيامٍ،
وصلاة ٍ وصلتها بصلاتِ
ومَساعٍ قد أُشرِكَ الملكُ الصّا
لحُ في باقياتِها الصّالحاتِ
فقصدتَ البيتَ الحرامَ، فأقصد
تَ بسَهمِ الرّدي قُلوبَ العُداة ِ
ولكمْ قد حرمتَ في يومِ أحرمـ
ـتَ لذيذَ الكرى عيونَ البغاة ِ
ثمّ لبيتَ منعماً، حينَ لبيـ
ـتَ، نِدا مَن دَعاكَ للمَكرُماتِ
وتقدمتَ للطوافِ فأطفأ
تَ لهيبَ الهمومِ بالخطواتِ
واستلمتَ الركنَ العتيقَ فأسلمـ
ـتَ قلوبَ العُداة ِ للحَسراتِ
وسعيتَ الركنَ العتيقَ فأسلمـ
جُزتَ في المَكرُماتِ سَعيَ السّعاة ِ
ولكم قد قصرتَ ساعة َ قصرْ
تَ على الخوفِ أنفساً قاصراتِ
ومنى النفسِ في نزولِ منًى نلـ
ـتَ برغمِ الأعداءِ والشماتِ
ورميتَ الجمارَ في كبدِ الأعـ
ـداءِ، لمّا رَمَيتَ بالجَمَراتِ
ولكم قد أفضتَ من فيضِ إنعا
مكَ، لمّا أفضتَ من عرفاتِ
ورأيتَ الثناءَ أبقَى من المال
لِ، فغادرتَهُ هباً بالهباتِ
إنّما الطّيبّاتُ للطّيبينَ الـ
ـأصلِ، والطيبونَ للطيباتِ
لا تسمنا قضاءَ حقّك بالأشـ
ـعارِ، يا كاملَ الصَّفا والصِّفاتِ
لو نظمنا النجومَ فيكَ عقوداً،
ما قضينا حقوقكَ الواجبتِ
 
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> كررِ اللومَ عليه إن تشا،
كررِ اللومَ عليه إن تشا،
رقم القصيدة : 19880
-----------------------------------
كررِ اللومَ عليه إن تشا،
فهوَ صبُّ بحميّاه انتشَى
هزهُ بل أزه ذكرُ الحمَى ،
فتَثَنّى طَرَباً، بل رَعَشَا
كادَ أن يقضي فجددتُ لهُ
ذِكرَ سكّانِ الحِمى ، فانتَعَشَا
لستَ عندي عاذِلاً بل عادِلٌ،
سُرّ بالذّكرى فَوشّى ، إذ وَشَى
مغرمٌ حاولَ كتمانَ الهوى ؛
وشهودُ الدَّمعِ لا ترضى الرُّشَى
شامَ برقَ الشامِ صبحاً: فصَبا
وتَراعاهُ عِشاءً، فعَشَا
لاحَ، واللّيلُ بهِ مكتَهِلٌ،
وجَنينُ الصّبحِ حملٌ في الحَشَا
وهلالُ الأفقِ يحكي قوسُهُ
جانبَ المِرآة ِ يبدو من غِشَا
وحكَى كَيوانُ صَقراً لائِذاً
بجناحِ النسر لما فرشا
وكأنّ المُشتري ذو أمَلٍ
نالَ حَظّاً، ومن البدرِ ارتَشَى
وحكَى المِرّيخُ في صَنعَتِهِ
خَدَّ مَحبوبٍ بلَحظٍ خُدِشَا
وسَهيلٌ مثلُ قلبٍ خافِقٍ
مكنَ الرعبُ به، فارتعشَا
وبناتُ النّعشِ سِربٌ نافِرٌ
هامَ ذعراً ومن النسرِ اختشى
والثريا سبعة ٌ قد أشبهتْ
شكلَ لَحيانٍ بتَختٍ نُقِشَا
ووميضٌ غادرتْ غرتُه
أدهمَ الليلِ صباحاً أبرشا
طَرّزَ الأُفقَ بنورٍ ساطِعٍ،
أدهشَ الطرفَ بهِ بل أجهشَا
فَتلاهُ من دُموعي وابِلٌ
لا يَزيدُ القَلبَ إلاّ عَطَشَا
طبقَ الآفاقَ حتى خلتُهُ
من ندى أيدي عليٍّ قد نشا
كاتبُ السرَ الذي في عصرهِ،
سرُّ دَستِ المُلكِ يوماً ما فَشَا
يَقِظُ الآراءِ، مَسلوبُ الكَرى ،
مستجيشُ العزم، متعوبُ الوشا
فالأماني من عَطاهُ تُرتَجى ،
والمَنايا من سَطاهُ تُختَشَى
خلقٌ لو يقتدي الدهرُ بهِ
كحَلَتْ أصباحُهُ كلّ عِشَا
ذو يراعٍ راعَ آسادَ الشّرى ،
وحَشا الأعداءَ رُعباً قد حَشَا
لا يراعي ذمة َ الأسدِ التي
بَينَها في الغابِ قِدماً قد نَشَا
وبَسطتَ الأنْسَ في زَمَنٍ
ولأطوادِ العُلى مُفترِشَا
أصبحَ العضبُ بهِ مرتعداً،
وانثنى اللّدنُ بهِ مُرتَعِشَا
فإذا أوحى إليهِ أمرهُ
جاءَ طوعاً وعلى الرّاسِ مشَى
كلما تاهَ جماحاً صدرهُ
صرّفَتهُ كَفُّهُ حَيْثُ يَشَا
كفلَ الأيامَ إلاّ أنهُ
أيتَمَ الأطفالَ لمّا بَطَشَا
عربيُّ واطىء ٌ رومية ً
يُنسِلُ الزّنجَ لها والحَبَشَا
يُصبحُ الرَوضُ هَشيماً كُلّما
رقمَ الطرسَ به، أو رقشا
ما رأينا قَبلَه لَيثَ شرًى
حملتْ يمناهُ صلاًّ أرقشا
ويدُ الأقدارِ تقضي ما يشَا
جُدتَ لي بالودّ من قبلِ النّدى
منعماً بالرقبِ لي بل منعشاً
كنتُ من ظلّي به مستوحشا
فسأجلو ذكرَكم في مَوطِنٍ
يحمدُ السامعُ فيه الطرشَا
إنّما الذّكرُ، طَليقاً، مُقعَدٌ،
فإذا قُيّدَ بالشّعرِ مشَى
فاستمعْ لابنة ِ يوميها التي
جُمّلَ الفكرُ لها بل جُمّشَا
وابقَ في عزّ مقيمٍ ظلُّهُ،
بسطَ الأمنُ لهُ، فافترشَا
مستَظِلاًّ دوحَة المَجدِ التي
ثَبتتْ أصلاً، وطابتْ عُرُشَا

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ما كنتُ أعلمُ، والضمائرُ تنطقُ،
ما كنتُ أعلمُ، والضمائرُ تنطقُ،
رقم القصيدة : 19881
-----------------------------------
ما كنتُ أعلمُ، والضمائرُ تنطقُ،
أنّ المسامعَ كالنواظرِ تعشقُ
حتى سمعتُ بذكركم، فهويتكم،
وكذاكَ أسبابُ المَحبّة ِ تَعلَقُ
ما ذرّ من أرضِ الغَنيّة ِ شارِقٌ،
إلاّ وكدتُ بدمع عيني أشرَقُ
شوقاً إلى أكنافِ ربعكمُ الذي
كلّي إليهِ تَشَوّفٌ، وتَشَوّقُ
أسري وأسري مُوثَقٌ بيدِ الهوَى ،
فمتى أسيرُ أنا الأسيرُ المطلقُ
فلئن عثرتُ بأن عَبَرْتُ، ولم أبِتْ،
بغِناكَ، ذا حَدَقٍ بمجدِكَ تحدِقُ
فاعذِرْ جَواداً قد كَبا في جَريهِ،
فلربّما كَبَتِ الجيادُ السُّبّقُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> جنّ الظلامُ، فمذ بدا متبسماً
جنّ الظلامُ، فمذ بدا متبسماً
رقم القصيدة : 19882
-----------------------------------
جنّ الظلامُ، فمذ بدا متبسماً
لاح الهدى وتجلتِ الظلماءُ
وهدَتْ محبّاً ظَلْ في ليلِ الجَفا
لمّا هدا وامتدتِ الآناءُ
رشأ غدا من سكرِ خمرة ِ ريقهِ
متأودا فكأنها صهباءُ
وسرتْ بخديهِ المدامُ بلطفِها
فتوردا وكساهما اللألاءُ
وافى يعيدُ من التواصل ضعفَ ما
منهُ بدا إذ صحّ منهُ وفاءُ
فألمّ بي طوعاً وباتَ لساعدي
متوسِّدا وفراشُه الأعضاءُ
عانقتهُ مترفقاً وضممتُه
متأيدا إذ نامتِ الرقباءُ
حى اغتدى من ساعديَّ موشَّحاً
ومقلَّدا وقد اعتراه حياءُ
وسطا الضياءُ على الظلامِ وحبذا
لو يفتدى وله النفوس فداءُ
لم أدرِ، ضوءُ الصّبحِ أقبَل جَيشُهُ
متبددا، ولهث الشعاعُ لواءُ
أو نورُ شمسِ الدّين قد جلّى الدجى
لما بدا وله القلوبُ سماءُ
شمسٌ إذا ما راحَ ترقبهُ العُلى
وإذا غَدا فكأنّها الحرباءُ
وإذا تدرعَ فالسماحة ُ درعُه،
وإذا ارتدى فله الجَمالُ رِداءُ
من آلِ عبسونَ الذينَ إذا انتموا
عبسَ الردى وتولتِ اللأواءُ
وإذا سطوا بكتِ السيوفُ وإن سخوا
ضحكَ الندى وتجلتِ الغماءُ
قومٌ بهم تُجلى الكُروبُ ومنهمُ
يُرجَى الجَدا إن ضَنَّتِ الأنواءُ
فنَداهمُ قبلَ السّؤالِ وجَودُهم
قبلَ النّدى وكذلكَ الكُرَماءُ
وهم منًى لمن اعتفى ومنية ٌ
لمن اعتدى فسعادة ٌ وشقاءُ
مولاَيَ شمسَ الدّينِ يامَن كَفُّهُ
يروي الصّدى وبها العداة ُ ظماءُ
اشكو إليكَ غريمَ شوقٍ قد غدا
متَمَرّداما عندَهُ إغضاءُ
شَوقي إلى عَلياكَ أعظَمُ أن يُرى
متعددا ويعمّه الإحصاءُ
لا زالَ غيثُ نداكَ يمطرُ فضة ً،
أو عَسجَدا تَغنى بهِ الفقراءُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ألآلٍ أشرقتْ في نحورٍ
ألآلٍ أشرقتْ في نحورٍ
رقم القصيدة : 19883
-----------------------------------
ألآلٍ أشرقتْ في نحورٍ
أم نجومٌ أشرَقتْ في ليَالي
أم فصولٌ من خَواطرِ مولًى
ذي مَقامٍ في العُلى ومَقالِ
كم بنتْ بالفكرِ بيتَ معانٍ،
وانثَنَتْ بالذّكرِ بيتَ مَعالي
نفثُ أقلام خفاف نحافٍ،
كم أبادَت من خطوبٍ ثِقالِ
وقِصارٌ في الأكفّ ولكنْ
قصّرَتْ فعلَ الرّماحِ الطّوالِ
تجعلُ الغمضَ علينا حراماً،
كلّما جاءتْ بسحرٍ حلالِ
قَيّدَتني بالجَميلِ، ولكنْ
أطلَقَتْ بالشّكرِ فيهِ مَقالي
أمنتني غيرَ أنّي عليهِ
خائِفٌ من شرّ عَينِ الكَمالِ
فاعفُ مولايَ مُحبّاً ثَناهُ
عن ثَناهُ فيكُمُ شُغلُ بالِ
ذا هموم، قلبهُ في اشتغالٍ،
ولظى أحزانِهِ في اشتعالِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> مَن لصَبٍّ أدنَى البعادُ وفاتَه،
مَن لصَبٍّ أدنَى البعادُ وفاتَه،
رقم القصيدة : 19884
-----------------------------------
مَن لصَبٍّ أدنَى البعادُ وفاتَه،
إذ عَداهُ وصلُ الحَبيبِ وفاتَه
فاتَهُ من لِقا الأحبّة ِ عَيشٌ،
كان يخشَى قَبلَ الوَفاة ِ فَواتَه
كان ثبتاً قبلَ التفرقِ لكنْ
زَعزَعَتْ روعة ُ الفراقِ ثَباتَه
سرَّهُ جمعُ شملِهِ بلقاهم،
فقضَى حادثُ الزّمانِ شَتاتَه
ما عصَى الحبَّ، حينَ أطنبتِ الوا
شونَ فيهم، ولا أطاعَ وشاتَه
سرَّهُ ذكرُهم، وقد ساءَه اللو
مُ، فأحياهُ عَذلُهم وأماتَه
أظهروا لي تملقاً واكتئاباً
هو عندي تهكمٌ، وشماتَه
فصَمتْ شدّة ُ الهمومِ عُرى القلـ
ـبِ وأصدى مرأى العدى مرآته
كيفَ تَفري الهمومُ حدَّ اصطباري
بعدما فلتِ الخطوب شباتَه
كنتُ مستنصراً بأسيافِ صبري،
فنَبَتْ بعدَ فُرقَة ِ ابنِ نُباتَه
فاضلٌ ألّفَ الفَصاحَة َ والعِلـ
ـمَ وضمتْ آراؤهُ أشتاتَه
وهَبَتهُ العَلياءُ هّبة َ قَلبٍ
طهرتْ من شوائبِ العيبِ ذاتَه
ربّ شعرٍ لم يتّبعْ ما روى الغا
وونَ لكن بالفضلِ يهدي غواتَه
ومعانٍ تضيءُ في قالبِ اللفـ
ـظِ، فيجلو مصباحُها مشكاتَه
وإذا هذّبَ الرواة ُ قريضاً
فيهِ قد هَذّب القَريضُ رُواتَه
صارمٌ في معاركِ اللفظِ والفضـ
ـلِ حمدنا انغمادَه وانصلاتَه
قد سبَرْنا حدّيه في النّظمِ والنّثـ
تر، فكانتْ بتاكة ً بتاتَه
يا جمالَ الدينِ الذي أحرزَ السّبـ
ـقَ، ولا يُعثِرُ الجيادُ أناتَه
أنتَ قوتُ القلوبِ لو كنتَ أعطَيـ
ـتَ لحبً من أنسكم ما فاتَه
ورسولٌ منكم تعَجّبتُ منهُ
حينَ حانَتْ منّي إليهِ التفاتَه
جاءَ يهدي لى الصحابِ طروساً
ليسَ للعَبدِ بَينَهنّ حُتاتَه
فتأملتُ في يديهِ خطوطاً
أذكرتني من ربّها أوقاتَه
لو بعثتم للعبدِ فيها سحاة ً
لأعادَتْ، بعدَ المَماتِ، حَياتَه
فتَفَضّلْ بالأُنسِ واهدِ إلى عَبـ
ـدِكَ من مسكِكَ الزّكيّ فتاتَه
لكَ من وافرِ العلوم نِصابٌ،
فاجعَلِ الرّدّ للجَوابِ زَكاتَه

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> كتبتَ فما علمتُ أنُورُ نَجمِ
كتبتَ فما علمتُ أنُورُ نَجمِ
رقم القصيدة : 19885
-----------------------------------
كتبتَ فما علمتُ أنُورُ نَجمِ
بدا لعيوننا أم نورُ نجمِ
فأسرَحَ ناظري في وشيِ روضٍ
وألقَحَ خاطري من بعدِ عُقمِ
وقسمتُ التفكرَ فيهِ لمّا
أخذتُبهِ من اللذاتِ قسمي
فلَم أعجَبْ لذلك، وهوَ دُرّ،
إذا ما جاءَ من بحرٍ خضمّ
أشمسَ الدينِ كم من شمسِ فضلٍ
بها جلتْ يداكَ ظلامَ ظلمِ
نَظَمتَ من المَعالي والمَعاني
بَدائعَ حُزنَ عن نَثرٍ ونَظمِ
لكَ القَلَمُ الذي قصُرَتْ لدَيهِ
طوالُ الشمرِ في حربٍ وسلمِ
يراعٌ راعَ بالخُطَبِ الزّواهي
جسيمَ الخَطبِ، وهوَ نحيفُ جسمِ
ففي يَومِ النّدى يجري، فيُجدي؛
وفي يومِ الرّدى يَرمي، فيُصمي
ويرسلُ في الورى وسميَّ جودٍ،
ويَنفُثُ في العُداة ِ زُعافَ سُمّ
ويطلعُ في سماءِ الطرسِ شهباً
ثواقبها لأفقِ اللكِ تحمي
إذا رامَ استراقَ السّمعِ يوماً
رجيمُ الكيدِ عاجلهُ برجمِ
فَيا مَن سادَ في فَضلٍ ولَفظٍ،
كما قد زادَ في عمَلٍ وعِلمِ
لقد بسمتْ لنا الأيامُ لمّا
بذلتَ لنا محياً غيرَ جهمِ
وشاهدَ ناظري أضعافَ ما قد
تفرّسَ قبلَ ذلك فيكَ فَهمي
فكيفَ أرومُ أن أجزيكَ صنعاً،
وأيسرُ صُنعكَ التّنويهُ باسمي
فعَلّكَ أن تُمَهّدَ بَسطَ عُذري،
لمَعرفَتي بتقصيرِي وجُرمي
فمثلكَ من ترفقَ بالموالي،
وغضّ عن المُقصّرِ جَفنَ حِلمِ
ودم في سبقِ غاياتِ المعالي،
تصوبُ للفخارِ جوادَ عزمِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> طَمَعي في لِقاكَ، بَعْدَ إياسِ،
طَمَعي في لِقاكَ، بَعْدَ إياسِ،
رقم القصيدة : 19886
-----------------------------------
طَمَعي في لِقاكَ، بَعْدَ إياسِ،
هو أغرى قلبي بقصدِ أياس
ولو أني علمتُ أنكَ بالزو
راءِ وافَيتُها بعَيني وراسِي
وكذا في دمشقَ لولاكَ ما أو
ردتُ خَيلي بها على بانياسِ
بل توهمتُ أن تعودَ إلى الشّا
م، فوافيتُها على سيواسِ
يا خَليلي من دونِ كلّ خليلٍ،
وأنيسي من دونِ أهلي وناسِي
لا تكن ناسياً لعَهدي، فإنّي
لستُ ما عشتُ للعُهودِ بناسِي
قسْ ضَميري على ضَميرِك في الوُ
دّ، فإنّ الوَدادَ علمُ قِياسِي
واعتمِد موقِناً على صدقِ ودّي،
لا على ما يضمُّه قُرطاسِي
لو تَراني كما عهِدتَ من اللّـ
ـذّة ِ بينَ القسَيسِ والشمّاسِ
أشتري التبرَ باللجينِ، ولا أفـ
ـرُقُ ما بينَ عسجدٍ ونحاسِ
فَتراني يوماً بخَمّارَة ِ النّهـ
ـرِ، وطوراً بحانة ِ الدرباسِ
فأُناسٌ تَلومُ في نَقصِ كيسي،
وأُناسٌ تَلومُ في مَلءِ كاسِي
ذاكَ خيرٌ من خدمتي لأناسٍ
هم إذا ما اختَبرتُ غيرُ أناسِ
يستقلونَ ما بذلتُ من النصـ
ـحِ ويستكثرونَ فضلَ لباسي
ولو انّي أفوهُ فيهِمْ بلَفظٍ،
كادَ أن ينسفَ الجبالَ الرواسي
فسأُفني ما قَد حوَيتُ ولا أذ
خرُ فلساً لساعة ِ الإفلاسِ
وإذا ما غرقتُ في لججِ الهـ
ـمّ، ففي ماردينَ مَلقى المَراسِي
بلدَة ٌ ما أتَيتُها قطّ إلاّ
خلتُها بلدتي ومسقطَ راسءَ
بذلوا لي معَ السماحة ِ ودّاً،
هوَ منهم يَزيدُ في إيناسِي
فنهاري جليسُ ليثِ عرينٍ،
ومَسائي ضَجيعُ ظبيِ كِناسِ
فأُناسٌ تَقولُ يا أبا فِراسٍ،
وأُناسٌ تَقولُ يا أبا نُواسِ
لستُ أشكو بها من العيشِ إلاّ
أنني لا أراكَ في الجلاسِ
سيدي صاحبي أنيسي جليسي،
طوقُ جيدي معاشري تاجَ راسِي
لايغيركَ ما تقولُ الأعادي،
فبناءُ الودادِ فوقَ أساسِ
أو نفاري عليك من نصَبِ الدّر
بِ، بحَسبِ الإدلالِ والإيناسِ
أو خصامُ الشهباءِ في يومِ إخرا
ـظِ لأنّ الفضولَ مثلُ العُطاسِ
يا نسيمَ الشمالِ إن جزتَ بالزو
اءِ يوماً معَطَّرَ الأنفاسِ
زرْ حبيباً لنا بدربِ حبيبٍ،
واتلُ شَوقي، وما أبيتُ أُقاسِي
صاحباً لم يزلْ، إذا دهمَ الهَـ
ـمُّ، يُساوي بنفسهِ ويواسِي
وإذا ما قضيتَ تَقبيلَ كَفّيـ
ـهِ، فسلّمْ على فتى الدِّرباسِ
ثمّ صِفْ للجَلالِ نجلَ الحَرير
يّ اشتياقي، والفخرُ نجلُ الياسِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> فلتة ٌ كان منك عن غيرِ قصدِ،
فلتة ٌ كان منك عن غيرِ قصدِ،
رقم القصيدة : 19887
-----------------------------------
فلتة ٌ كان منك عن غيرِ قصدِ،
يا أبا بكرَ عَقدُ بَيعَة ِ وُدّي
فلهذا، إذا تقادمَ عهدُ
بيننا حُلتَ عن وَفائي وعَهدِي
يا سميّ الصديقِ، ما كنتَ في صـ
دّك إلاّ مُصَدِّقاً قولَ ضِدّي
أنتَ ألزمتني بأخلاقكَ الغُـ
ـرّ وَداداً في حالِ قُربي وبُعدي
ثمّ قاسمتني، فعندكَ قلبي
حينَ فارقتَني، وذكرُك عندي
كلَّ يومٍ أقولُ: قد قال مولايَ،
وما قلتُ ساعة ً: قال عَبدي
يا نديمي، إذا تفردَ بي الفكـ
ـرُ، ويا مُؤنسِي، إذا كنتُ وحدي
أنتَ تدري ما كان بعدَك حالي،
فتُرى كيفَ كان حالُكَ بعدي؟
هل تُقاسي الحنينَ مثلي، وهل تحـ
ـمِلُ شَوقِي، وهل تكابدُ وَجدي
فتُرى لِمْ قطَعتَ كُتبي وقطَّعْـ
ـتَ حِبالَ الوَفا بإخلافِ وعدي
لاكتابٌ به ابتدأتَ، ولا ردُّ
جَوابٍ، ولو بحَبّة ِ وَرْدِ
ويكَ أنَّى لكَ الجُزارة ُ والحُمـ
ـقُ؟ أجبني، وأنتَ في ذاك جندي
أنا أولى بها لعِدّة ِ أقسا
مٍ جِسامٍ لكن أُسِرُّ وتُبدي
ما سَرايا أبي، وما ابنُ أبي القا
سم عمّي، وما مَحاسنُ جَدّي
كما قيلَ يقولُ: تَدبيرُ قَيسِ الـ
ـرّأيِ دوني وبأسُ عمرو بن غير
َ أنّي مُذ أطلَقَتْ نُوَبُ الأ
يّامِ حدّي ما جُزتُ بالحمقِ حدّي
بل تعودتُ أن أصغرَ قدري،
لصديقي، ولا أُصعرَ خدّي
فلَئِنْ كان منكَ ذلكَ بالقَصدِ،
ولم تَخشَ من صَواعقِ رَعدي
لا أُجازيكَ بالإهانَة ِ والسّـ
ـبّ، ولكن جزاك يا نَحسُ عندي
 
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لو بعثتم في طيّ نشرِ النسيمِ
لو بعثتم في طيّ نشرِ النسيمِ
رقم القصيدة : 19888
-----------------------------------
لو بعثتم في طيّ نشرِ النسيمِ
بسَلامٍ راقٍ لقَلبي السّليمِ
لالتَقينا قبولها بقبولٍ،
وشُفينا منها، ولو بالسُّمومِ
ولو أنّ الرسولَ جاءَ بطرسٍ
لمُحبٍّ من بَينِكم في جَحيمِ
قلتُ عندَ الإيابِ: يا نارُ بَرداً
وسلاماً كوني لإبراهيمِ
هُدهُدٌ هَدّ قوّتي حينَ لَم يُلـ
ـقِ إلى العَبدِ من كتابٍ كَريمِ
جاءَ يَسعى بكلّ طِرسٍ نَضيدٍ
جاءَ من لفظهِ بذرً نظيمِ
بمعانٍ منَ الجَزالَة ِ كالصّخـ
ـرِ، ولَفظٍ من رِقّة ٍ كالنّسيمِ
فتوسمتهُ، فكانت معانيـ
ـهِ لقاحاً لكّ فكرٍ عقيمِ
سيّدي بل سمعتُ عنكَ كَلاماً،
هوَ في مُهجَتي شَبيهُ الكُلومِ
إنّ مولايَ قد تَوَلّعَ جَهلاً
بعد سِقطِ اللّوى بوادي الصّريمِ
ورَوَوا عَنهُ أنّ ذاكَ زواجٌ
ثابتٌ يقتشي شروطَ اللزومِ
ثمّ قيلَ اهتَدى ، فيَا لَيتَه دا
مَ على ذلكَ الضّلالِ القَديمِ
فتَنَفّستُ حَسرَة ً، وتَعوّذ
تُ من الشرّ بالسميعِ العليمِ
ربّ رشدٍ ملقَّبٍ بضلالٍ،
وشَقاءٍ مُلَقَّبٍ بنَعيمِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> راقني من لفظكَ المستطابِ
راقني من لفظكَ المستطابِ
رقم القصيدة : 19889
-----------------------------------
راقني من لفظكَ المستطابِ
حكمة ٌ فيهِ وفصلُ الخطابِ
ومَعانٍ مُشَرِّقاتٌ حِسانٌ،
ما تَوارَتْ شَمسُها في حِجابِ
هيَ للواردينَ ماءٌ زلالٌ،
وسواها لامعٌ كالسرابِ
جالَ ماءُ الحسنِ فيها كما قد
جالَ في الحسناءِ ماءُ الشبابِ
ما رأينا قَبَلها عِقَدَ دُرٍّ
ضَمّهُ في الطّرْسِ سطرُ كِتابِ
صَدرَتْ عن لفظِ صاحبِ فضلٍ
هو عندي من أكبرِ الأصحابِ
فتأملتُ وأملتُ منهُ
جمعَ شملي في عاجلٍ واقترابِ
ثمّ قابلتُ أيادي ثناهُ
بدعاءٍ صالحٍ مستجابِ
يا أهيلَ الودّ أنتم مرادي،
وإليكم في العَلاءِ انتِسابي
ذكرُكم لي شاغلٌ في حُضوري،
وثَناكم مُؤنسي في اغترابي

شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ليه ؟؟!!
ليه ؟؟!!
رقم القصيدة : 1989
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ليه
ليه انكسر ... مثل القزاز ..
كل مرةٍ .. أبوح همي .. وتسمعه
ياصاحبي .. وش حاجتك .. في غرشةٍ
طاحت شظاياها بيدك ..
وش حاجتي .. فما تجمعه ..
لي صاحبٍ .. كل مااشتكيت ..
همي عليه
دايم يجرح اصبعه ..
واصاحبي
الشكوى بها ذل ..
حدٍ رهيف .. أما جرح يقتل ..
الشكوى ماتلبس ثياب..
عريانةٍ ماتلبس ثياب ..
في وجه راعيها ..
أموت أنا لو قلتها .. وأموت ابخفيها ..
ياهيه .. وان كانك رفيق
قم دلنى .. على طريق ..
ماهو يوصلني لطريق ..
عن يمةٍ .. غير الجهات الأربعه ..
اطلق حبال الليل .. خل الظلام يسري ..
المركب اللي كل مافل الشراع .. قلنا بعد بدري
ابي .. اوقظ النوم .. وأهدهد اسهادي..
أحفر في رمل وسادتي .. قبرٍ وسيع ..
أبي ادفن اعنادي ..
ابطرد الدنيا وري باب الجفن .. وأغمض اعيوني ..
مابي اعض ابهامي بسنوني .. واشكي عليك ..
الليل كله .. ياصاحبي
نجم يطيح .. خله .. خله يطيح .. لاترفعه ..
أنا انكسر مثل القزاز .. كل مرةٍ تدري بهمي وتسمعه ..

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> نِلتُ من ودّكَ الجَميلِ انتصافي،
نِلتُ من ودّكَ الجَميلِ انتصافي،
رقم القصيدة : 19890
-----------------------------------
نِلتُ من ودّكَ الجَميلِ انتصافي،
حيثُ من سائرِ القذي أنتَ صافي
وتيقنتُ مذ أذنتَ لكتبي
أن تُوافي، بأنّ لي أنتَ وافي
حملتها قوادمٌ من وفاءٍ،
وخَوافٍ للودّ غيرُ خَوافِ
أيّها الصاحبُ المعظمُ تاجُ الـ
ـدّينِ ربّ الإسعادِ والإسعافِ
لا تظنّ انقطاعَ كتبي بأنّي
لكَ جافٍ، كلاّ ولامتجافِ
ذكرُكم ملءُ مسمَعي، وسَنا وَجـ
ـهكَ تلقاء ناظري والهوى في
وردتْ عبدكَ المقصرض أبيا
تٌ فأغنَتُه عن كؤوسِ السُّلافِ
بقوافٍ قد رصعتْ بالمعاني،
ومعانٍ قد فصلتْ بالقوافي
فتخيرتُ ما أقولُ، وأُهدي
نحوَ تلكَ الأخلاقِ والألطافِ
غيرَ أنّي لَفّفتُ نَذرَ جَوابٍ،
ليَ شافٍ، وإن غدا غيرَ شافِ
فاسخُ لي مُنعِماً بتَمهيدِ عُذري؛
إنّها من خَلائقِ الأشرافِ
قد شرحتُ المبسوطَ من قصرِ عذري،
فاعتبرهُ من رأيكَ الكشافِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> من غرسِ نعمتِه وتربِ سماحِه،
من غرسِ نعمتِه وتربِ سماحِه،
رقم القصيدة : 19891
-----------------------------------
من غرسِ نعمتِه وتربِ سماحِه،
ورَبيبِ دولَتِهِ وراضِعِ جودِهِ
عَبدٌ يَوَدّ بَقاءَ مالكِ رِقّهِ،
عِلماً بأنّ وجودَهُ بُوجودِهِ
يَطوي المَفاوِزَ وهوَ يَنشُرُ فَضلَهُ،
وودادُهُ منهُ كحَبلِ وريدِهِ
لا يستطيعُ جحودَ شاملِ برّهِ،
عَبدٌ، قَلائدُ جُوده في جِيدِهِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> يقبلُ الأرضَ عبدٌ تحتَ ظلكمُ،
يقبلُ الأرضَ عبدٌ تحتَ ظلكمُ،
رقم القصيدة : 19892
-----------------------------------
يقبلُ الأرضَ عبدٌ تحتَ ظلكمُ،
عليكمُ بعدَ فضلِ اللهِ يعتمدُ
ما دارُ مية َ من أقصَى مطالبِه،
يوماً، وأنتمْ لهُ العلياءُ والسندُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> رعَى اللهُ من ودعتهُ، فكأَنّما
رعَى اللهُ من ودعتهُ، فكأَنّما
رقم القصيدة : 19893
-----------------------------------
رعَى اللهُ من ودعتهُ، فكأَنّما
أُوَدّعُ وحاً بَينَ لحمي وأعظُمي
وقلتُ لقلبي، حينَ فارقتُ مجدهُ:
فراقٌ ومن فارقتَ غيرَ مذمَّمِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> يا سادة ُ مذ سعتْ عن بابهم قدمي،
يا سادة ُ مذ سعتْ عن بابهم قدمي،
رقم القصيدة : 19894
-----------------------------------
يا سادة ُ مذ سعتْ عن بابهم قدمي،
زلتْ، وضاقتْ بيَ الأمصارُ والطرقُ
قد حاربض الصبرَ والسلوانَ بعدكمُ
قلبي، وصالحَ طَرفي الدّمعُ والأرَقُ
ودوحة ُ الشعرِ مذ فارقتُ مجدكمُ،
قد أصبحتْ بهجيرِ الهجرِ تحترِقُ
فإنْ أرَدتُمْ لها البُقيا بقُربكُمُ،
تداركوها، وفي أغصانِها ورقُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أقولُ لسارٍ يطلبُ الرزقَ ساقياً
أقولُ لسارٍ يطلبُ الرزقَ ساقياً
رقم القصيدة : 19895
-----------------------------------
أقولُ لسارٍ يطلبُ الرزقَ ساقياً
سوامَ الأماني من حيضِ المطامعِ
هلمّ إلى ربعِ الجوادِ الذي بدتْ
مَناقبُهُ مثلَ النّجومِ الطّوالِعِ
وربّ دليلٍ لي إليهِ أجبتُهُ:
كفاني دليلاً ما له من صنائعِ
ومستشفعٍ بي عندهُ قلتُ إنّه
كريمٌ، نداهُ عندَه خيرُ شافعِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> فواللهِ ما اشتقتُ الحِمَى لحدائقٍ
فواللهِ ما اشتقتُ الحِمَى لحدائقٍ
رقم القصيدة : 19896
-----------------------------------
فواللهِ ما اشتقتُ الحِمَى لحدائقٍ
بها الدوحُ يزهى غصنُهُ ووريقُه
بل اشتقتُ لمّا قيلَ إنْكَ بالحِمَى ،
ومن ذا الذي ذكرُ الحِمى لا يشوقُه

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> سقَى اللَّهُ أرضاً، نورُ وجهكَ شمسُها،
سقَى اللَّهُ أرضاً، نورُ وجهكَ شمسُها،
رقم القصيدة : 19897
-----------------------------------
سقَى اللَّهُ أرضاً، نورُ وجهكَ شمسُها،
وحيّا سماءً، أنتَ في أفقِها بدرُ
ورَوّى بلاداً، جُودُ كفّك غيثُها،
ففي كلّ قطرٍ من نداكَ بها قطرُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> يا سادة ً حملتُ من بعدِهم،
يا سادة ً حملتُ من بعدِهم،
رقم القصيدة : 19898
-----------------------------------
يا سادة ً حملتُ من بعدِهم،
أكثرَ من عهدي ومن طوقي
أصحبتُ كالورقاءِ في مدحكم،
لمّا غَدا إنعامُكُم طَوقي
إنّ حواسي الخمسَ مذ غِبتُمُ،
إليكمُ في غاية ِ الشوقِ
تَحلونَ في عَيني وسَمعي، وفي
لمسي، وفي شَمْي، وفي ذوقي
كذا جهاتي الستّ من بعدِكم
مملوءة ٌ من لاعجِ الشوقِ
خلفي وقدامي، ويمنايَ واليسـ
ـرى ، ومن تَحتي ومن فَوقي
 
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> إليكَ اشتياقي لا يُحَدّ لأنّهُ
إليكَ اشتياقي لا يُحَدّ لأنّهُ
رقم القصيدة : 19899
-----------------------------------
إليكَ اشتياقي لا يُحَدّ لأنّهُ
إذا حدّ لا يلفي لضابطِهِ أصلُ
وكيفض يحدّ الشوق عندي بضابطٍ
وليسَ له جِنسٌ قريبٌ ولا فَصلُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ولمّا سطرتُ الطرسَ أشفقَ ناظري،
ولمّا سطرتُ الطرسَ أشفقَ ناظري،
رقم القصيدة : 19900
-----------------------------------
ولمّا سطرتُ الطرسَ أشفقَ ناظري،
وقال لطرسي: سوفَ أمحوكَ بالهطلِ
كِلانا سَوادٌ في بَياض، فَما الذي
تمنّ به حتى تشاهدهم قبلي

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لا غَروَ أن يَصلى الفُؤادُ لبعدِكم
لا غَروَ أن يَصلى الفُؤادُ لبعدِكم
رقم القصيدة : 19901
-----------------------------------
لا غَروَ أن يَصلى الفُؤادُ لبعدِكم
ناراً تؤججُها يدُ التذكارِ
قَلبي إذا غِبتم يُصَوّرُ شخصَكُم
فيهِ، وكلُّ مُصَوِّرٍ في النّارِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أحِنّ إليكم كلّما ذَرّ شارِقٌ،
أحِنّ إليكم كلّما ذَرّ شارِقٌ،
رقم القصيدة : 19902
-----------------------------------
أحِنّ إليكم كلّما ذَرّ شارِقٌ،
ويَشتاقُ قَلبي كلّما مَرّ خاطِفُ
وأهتزً من خفقِ النسيمِ إذا سرَى ،
ولولاكمُ ما حرّكَتني العَواصِفُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> رعَى اللهُ من فارقتُ يومَ فراقِهم
رعَى اللهُ من فارقتُ يومَ فراقِهم
رقم القصيدة : 19903
-----------------------------------
رعَى اللهُ من فارقتُ يومَ فراقِهم
حُشاشة َ نَفسٍ ودّعَتْ يومَ ودّعُوا
ومَن ظَعنتْ روحي، وقد سارَ ظَعنُهم،
فلَم أدر أيّ الظّاعِنينَ أُشيَعُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> يا بَعيداً يَشتاقُهُ لحظُ عَيني،
يا بَعيداً يَشتاقُهُ لحظُ عَيني،
رقم القصيدة : 19904
-----------------------------------
يا بَعيداً يَشتاقُهُ لحظُ عَيني،
وقريباً محلُّهُ في فؤادي
تشتهي العينُ أن تراكَ ولو بـ
ـتُّ مريضاً وأنتَ من عوّادي
وتمنيتُ لو كتبتُ كتابي
أنّ إنسانَها مَكانَ المِدادِ
لا تظنّ البعادَ يخلقُ عهدي،
أو تُحلّ الأيّامُ عَقدَ وِدادي
أنتَ من مُهجتي مكانَ السّوَيدا
ءِ ومن مُقلَتي مكانَ السّوادِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لم تخلُ منكَ خواطري ونواظري،
لم تخلُ منكَ خواطري ونواظري،
رقم القصيدة : 19905
-----------------------------------
لم تخلُ منكَ خواطري ونواظري،
في حالِ تَسهادي، وحينَ أنام
فبِطيبِ ذِكرٍ منكَ تَبدأُ يَقظَتي،
وبشَخصِ طَيفِكَ تُختَمُ الأحلامُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> واللهِ ما سهرتْ عيني لبعدِكمُ،
واللهِ ما سهرتْ عيني لبعدِكمُ،
رقم القصيدة : 19906
-----------------------------------
واللهِ ما سهرتْ عيني لبعدِكمُ،
لعلمِها أنّ طيبَ الوصلِ في الحلُم
ولا صَبَوتُ إلى ذكرِ الجَليسِ لكم،
لأنّ ذكركمُ في خاطري وفمي

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> سلامٌ عليكم من محبٍ متيِّمٍ،
سلامٌ عليكم من محبٍ متيِّمٍ،
رقم القصيدة : 19907
-----------------------------------
سلامٌ عليكم من محبٍ متيِّمٍ،
مَشوقٍ إذا جَنّ الظّلامُ لهُ جُنّا
سلامٌ عليكم من شجٍ، كلّما هدتْ
من الليلِ آناءُ الظلام لهُ أنّا
سلامٌ عليكم من غريّ بذكركم،
إذا هَبّ خَفّاقُ النّسيمِ له حَنّا
سلامٌ عليكم لا فجعنا بقربكم،
ولا قدرَ الرحمنُ بعدَكمُ عنّا
سلامٌ عليكم ما حييِنا، وإن نمتْ
عليكم سلامُ اللهِ من بعدنا مِنّا

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> يا بَياضَ البَياضِ! أنتَ من الأعـ
يا بَياضَ البَياضِ! أنتَ من الأعـ
رقم القصيدة : 19908
-----------------------------------
يا بَياضَ البَياضِ! أنتَ من الأعـ
ـينِ والقلبِ في سوادِ السوادِ
طالَ شَوقِي إليكَ، والسرّ خافٍ
عن جميعِ الأنامِ، والشوقُ بادِ
فلَئن سِرتُ عن حِماكَ وحالَ الـ
ـشّوقُ ما بَينَنا بغيرِ مُرادِ
ما تَزَوّدتُ مُذ رَحلتُ سوى الهَـ
ـمّ، فلا تَجعَلَنه آخرَ زادي

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> إذا ما تراءَتْ لي مَحاسنُ شَخصِكم
إذا ما تراءَتْ لي مَحاسنُ شَخصِكم
رقم القصيدة : 19909
-----------------------------------
إذا ما تراءَتْ لي مَحاسنُ شَخصِكم
يطالبني قلبي ويمطلُني صبرِي
فأحجمُ، لاخلُّ يعوِّضُ عنكمُ
لديّ، ولا وَعدٌ يَقومُ به عُذرِي
فإنْ سَمَحَ الدّهرُ المُشتُّ بقُربكم،
وأصلَحَ ما قد أفسَدته يدُ الهَجرِ
أخذتُ بثأرِ الدّهرِ من كلّ كاشحٍ،
يَقولُ بأنّ الغَدرَ من شِيَمِ الدّهرِ

شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> من قال أن النفط أغلى من دمي
من قال أن النفط أغلى من دمي
رقم القصيدة : 1991
-----------------------------------
من قال إنّ النفط أغلى من دمي؟!
ما دام يحكمنا الجنون..
سنرى كلاب الصيد
تلتهم الأجنة في البطون
سنرى حقول القمح ألغاماً
ونور الصبح ناراً في العيون
سنرى الصغار على المشانق
في صلاة الفجر جهراً يصلبون
ونرى على رأس الزمان
عويل خنزير قبيح الوجه
يقتحم المساجد والكنائس والحصون
وحين يحكمنا الجنون
لا زهرة بيضاء تشرق
فوق أشلاء الغصون
لا فرحة في عين طفل
نام في صدر حنون
لا دين..لا إيمان..لا حق
ولا عرض مصون
وتهون أقدار الشعوب
وكل شيء قد يهون
ما دام يحكمنا الجنون
أطفال بغداد الحزينة يسألون ..
عن أيّ ذنب يقتلون
يترنحون على شظايا الجوع ..
يقتسمون خبز الموت..
ثمّ يودعون
شبح الهنود الحمر يظهر في صقيع بلادنا
ويصيح فيها الطامعون..
من كلّ جنس يزحفون
تبدو شوارعنا بلون الدم تبدو قلوب الناس أشباحاً
ويغدو الحلم طيفاً عاجزاً
بين المهانة..والظنون
هذي كلاب الصيد فوق رؤوسنا تعوي
ونحن إلى المهالك..مسرعون..
أطفال بغداد الحزينة في الشوارع يصرخون
جيش التتار..يدق أبواب المدينة كالوباء..
ويزحف الطاعون
أحفاد هولاكو على جثث الصغار يزمجرون
صراخ الناس يقتحم السكون
أنهار دم فوق أجنحة الطيور الجارحات..
مخالب سوداء تنفذ في العيون
ما زال دجلة يذكر الأيام..
والماضي البعيد يطلّ من خلف القرون
عبر الغزاة هنا كثيرا..ثم راحوا..
أين راح العابرون؟؟
هذي مدينتنا..وكم باغ أتى..
ذهب الجميع
ونحن فيها صامدون
سيموت هولاكو
ويعود أطفال العراق
أمام دجلة يرقصون
لسنا الهنود الحمر..
حتى تنصبوا فينا المشانق
في كل شبر من ثرى بغداد
نهر..أو نخيل..أو حدائق
وإذا أردتم سوف نجعلها بنادق
سنحارب الطاغوت فوق الأرض..
بين الماء..في صمت الخنادق
إنا كرهنا الموت..لكن..
في سبيل الله نشعلها حرائق
ستظلّ في كل العصور وإن كرهتم
أمة الإسلام من خير الخلائق
أطفال بغداد الحزينة..
يرفعون الآن رايات الغضب
بغداد في أيدي الجبابرة الكبار..
تضيع منّا..تغتصب
أين العروبة..والسيوف البيض..
والخيل الضواري..والمآثر..والنّسب؟
أين الشعوب وأين العرب؟
البعض منهم قد شجب..
والبعض في خزي هرب
وهنالك من خلع الثياب..
لكلّ جّواد وهب..
في ساحة الشيطان يسعى الناس أفواجا
إلى مسرى الغنائم والذهب
والناس تسال عن بقايا أمّة
تدعى العرب!
كانت تعيش من المحيط إلى الخليج
ولم يعد في الكون شيء من مآثر أهلها..
ولكل مأساة سبب
باعوا الخيول..وقايضوا الفرسان
في سوق الخطب
فليسقط التاريخ..ولتحيا الخطب!!
أطفال بغداد يصرخون..
يأتي إلينا الموت في الّلعب الصغيرة
في الحدائق ..في المطاعم..في الغبار
تتساقط الجدران فوق مواكب التاريخ..
لا يبقى منها لنا ..جدار
عار..على زمن الحضارة..أيّ عار
من خلف آلاف الحدود..
يطلّ صاروخ لقيط الوجه..
لم يعرف له أبداً مدار
ويصيح فينا: "أين أسلحة الدمار؟؟"
هل بعد موت الضحكة العذراء فينا..
سوف يأتينا النهار
الطائرات تسد عين الشمس..
والأحلام في دمنا انتحار
فبأيّ حق تهدمون بيوتنا
وبأي قانون..تدمر ألف مئذنة..
وتنفث سيل نار
تمضي بنا الأيام في بغداد
من جوع..إلى جوع....ومن ظمأ..إلى ظمأ
وجه الكون جوع..أو حصار
يا سيد البيت الكبير.. يا لعنة الزمن الحقير
في وجهك الكذاب.. تخفي ألف وجه مستعار
نحن البداية في الرواية.. ثم يرفع الستار
هذي المهازل لن تكون نهاية المشوار
هل صار تجويع الشعوب.. وسام عزّ وافتخار؟!
هل صار قتل الناس في الصلوات.. ملهاة الكبار؟!
هل صار قتل الأبرياء.. شعار مجد..وانتصار؟!
أم أن حق الناس في أيامكم.. نهب..وذلّ ..وانكسار
الموت يسكن كل شيء حولنا.. ويطارد الأطفال من دار..لدار
ما زلت تسأل: "أين أسلحة الدمار.؟"
أطفال بغداد الحزينة..في المدارس يلعبون
كرة هنا..كرة هناك..طفل هنا..طفل هناك
قلم هنا..قلم هناك..لغم هنا..موت..هلاك
بين الشظايا..زهرة الصبار تبكي
والصغار على الملاعب يسقطون
بالأمس كانوا هنا..
كالحمائم في الفضاء يحلقون
فجر أضاء الكون يوما.. لا استكان ولا غفا
يا آل بيت محمد..كم حنّ قلبي للحسين..وكم هفا
غابت شموس الحق .. والعدل اختفى
مهما وفى الشرفاء في أيامنا.. زمن "النذالة" ما وفى
مهما صفى العقلاء في أوطاننا.. بئر الخيانة ما صفى..
بغداد يا بلد الرشيد..
يا قلعة التاريخ ..والزمن المجيد
بين ارتحال الليل والصبح المجنّح
لحظتان..موت..و..عيد..
ما بين أشلاء الشهيد يهتز
عرش الكون في صوت الوليد
ما بين ليل قد رحل.. ينساب صبح بالأمل
لا تجزعي بلد الرشيد.. لكلّ طاغية أجل
طفل صغير..ذاب عشقا في العراق
كراسة بيضاء يحضنها..وبعض الفلّ..
بعض الشعر والأوراق
حصالة فيها قروش..من بقايا العيد..
دمع جامد يخفيه في الأحداق
عن صورة الأب الذي قد غاب يوما..لم يعد..
وانساب مثل الضوء في الأعماق
يتعانق الطفل الصغير مع التراب..
يطول بينهما العناق
خيط من الدم الغزير يسيل من فمه..
يذوب الصوت في دمه المراق
تخبو الملامح..كل شيء في الوجود
يصيح في ألم : فراق
والطفل يهمس في آسى:
اشتاق يا بغداد تمرك في فمي..
من قال إن النفط أغلى من دمي
بغداد لا تتألمي..
مهما تعالت صيحة البهتان في الزمن العَمي
فهناك في الأفق يبدو سرب أحلام.. يعانق انجمي
مهما توارى الحلم عن عينيك.. قومي..واحلمي
ولتنثري في ماء دجلة أعظمي
فالصبح سوف يطلّ يوما.. في مواكب مأتمي
الله اكبر من جنون الموت .. والموت البغيض الظالمِ
بغداد..لا تستسلمي.. بغداد ..لا تستسلمي
من قال إن النفط أغلى من دمي؟!

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لَئن حكَمَتْ بفُرقَتِنا اللّيالي،
لَئن حكَمَتْ بفُرقَتِنا اللّيالي،
رقم القصيدة : 19910
-----------------------------------
لَئن حكَمَتْ بفُرقَتِنا اللّيالي،
وراعَتنا ببُعدٍ بَعدَ قُربِ
فشَخصُكَ لا يَزالُ جَليسَ عيني
وذكرُكَ لا يزالُ أنيسَ قلبي

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لستُ يوماً أنسَى مودة َ مولا
لستُ يوماً أنسَى مودة َ مولا
رقم القصيدة : 19911
-----------------------------------
لستُ يوماً أنسَى مودة َ مولا
يَ، وإن كانَ للمَوَدّة ِ أُنسِي
كيفَ أنسَى من كانَ راحة َ قلبي
وصَفا عِيشتي وجامعَ أُنسِي

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> الشوقُ أعظمُ جملة ُ، يا سيّدي،
الشوقُ أعظمُ جملة ُ، يا سيّدي،
رقم القصيدة : 19912
-----------------------------------
الشوقُ أعظمُ جملة ُ، يا سيّدي،
مِن أن يحدّ يسيرُهُ بكتابِ
ولو أعجُ البرَ حاءِ أعظمُ كثرة ً
من أن يحيطَ بها بليغُ خطابي
لا بِنتَ يا إنسانَ أعينِ حِبّتي
عنّي، وبيتَ قَصيدَة ِ الأصحابِ
لو لم يكن شربُ الدماءِ محرَّماً
صَيّرتُ بَعدكمُ الدّموعَ شَرابي

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أشكو إلَيكَ اشتياقاً لستَ تُنكِرُهُ
أشكو إلَيكَ اشتياقاً لستَ تُنكِرُهُ
رقم القصيدة : 19913
-----------------------------------
أشكو إلَيكَ اشتياقاً لستَ تُنكِرُهُ
منّي وأُبدي ارتياحاً أنتَ تَعرِفُه
وأرتجيكَ لعَينٍ أنتَ مانعُها
طِيبَ الرّقادِ، وقلبٍ أنتَ مُتلِفُه
فكلَّ يومٍ مَقالي حينَ يُقلِقُني
قلبٌ لبُعدِكَ باللّقيا أُسَوّفُه
لا أوحشَ اللهُ مِمّن لا أرى أحداً
من الأنامِ، إذا ما غابَ يَخلُفُه

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ومِن عَجَبي أنّي أحِنّ إليكُمُ،
ومِن عَجَبي أنّي أحِنّ إليكُمُ،
رقم القصيدة : 19914
-----------------------------------
ومِن عَجَبي أنّي أحِنّ إليكُمُ،
ولم يخلُّ طرفي من سناكم ولا قلبي
وأطلُبُ قُرباً من حِماكم، وأنتُم
إلى ناظري والقلبُ في غاية القربِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أفدي الذين قضَتْ لهم أيدي النّوى
أفدي الذين قضَتْ لهم أيدي النّوى
رقم القصيدة : 19915
-----------------------------------
أفدي الذين قضَتْ لهم أيدي النّوى
بالبُعدِ عن أوطانِهِمْ فتَغَرّبُوا
غابُوا، ومثّلَ شخصَهم لنَواظري
ذكري لهم، فهمُ الحضورُ الغيبُ
 
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أيا مَن ضاعَ فيهِ نَفيسُ عُمري،
أيا مَن ضاعَ فيهِ نَفيسُ عُمري،
رقم القصيدة : 19916
-----------------------------------
أيا مَن ضاعَ فيهِ نَفيسُ عُمري،
وصبري بينَ إعراضٍ وبينِ
أراكَ ممثلاً بسوادِ قلبي،
فمن لي أن يراكَ سَوادُ عَيني؟

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> قد كنتُ أصبرُ، والدّيارُ بعيدة ٌ،
قد كنتُ أصبرُ، والدّيارُ بعيدة ٌ،
رقم القصيدة : 19917
-----------------------------------
قد كنتُ أصبرُ، والدّيارُ بعيدة ٌ،
فاليومَ قد قربتْ وصبريَ فاني
ما ذاكَ من عكسِ القياسِ، وإنّما
لتَضاعُفِ الحَسَراتِ بالحِرمانِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> وما زادَني قربُ الديارِ تلفهاً
وما زادَني قربُ الديارِ تلفهاً
رقم القصيدة : 19918
-----------------------------------
وما زادَني قربُ الديارِ تلفهاً
عليكم، لأنّ التُربَ شرُّ من البعدِ
ولكنْ، إذا الظمآنُ شاهدَ منهلاً،
على قربهِ، زادَ الحنينُ إلى الوردِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> دنَوتُم، فزادَ الشّوقُ عمّا عهِدتُه،
دنَوتُم، فزادَ الشّوقُ عمّا عهِدتُه،
رقم القصيدة : 19919
-----------------------------------
دنَوتُم، فزادَ الشّوقُ عمّا عهِدتُه،
وزِدتُ لقُربِ الدّارِ كَرْباً على كَرْبِ
وكنتُ أظنّ الشّوقَ في البُعدِ وحدَه،
ولم أدرِ أنّ الشوقَ في البعدِ والقربِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> وكنّا سألنا اللهَ يجمعُ بيننا،
وكنّا سألنا اللهَ يجمعُ بيننا،
رقم القصيدة : 19920
-----------------------------------
وكنّا سألنا اللهَ يجمعُ بيننا،
ويَقضي لَنا بالقُربِ منكم ويحكمُ
ونجلو بأيامِ السرورِ ونورِها
لياليَ أحزانٍ، بها العيشُ مظلمٌ
فلمّا أنسنا منكمُ بحلائقٍ
تصدِّقُ ما تروي الخلائقُ عنكمُ
تَباعَدتُم، لا أبَعدَ اللَّهُ دارَكم؛
وأوحَشتُم، لا أوحَشَ اللَّهُ مِنكُمُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> نَفسي الفِداءُ لقادِمٍ
نَفسي الفِداءُ لقادِمٍ
رقم القصيدة : 19921
-----------------------------------
نَفسي الفِداءُ لقادِمٍ
جذبَ الفراقَ بباعِه
وهبّ الزمانُ لنا اللقا،
ودَعاهُ في استرجاعهِ
عانقتُهُ عندَ القُدو
مِ، وجَدّ في إسراعِه
فهوَ اعتناقُ لقائِهِ،
وهوَ أعتناقُ وَداعِه

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ليسَ كلّ الأوقاتِ يجتمعُ الشّمـ
ليسَ كلّ الأوقاتِ يجتمعُ الشّمـ
رقم القصيدة : 19922
-----------------------------------
ليسَ كلّ الأوقاتِ يجتمعُ الشّمـ
ـلُ، ولا راجعٌ لَنا ما يَفوت
فاغتنمْ ساعة َ اللقاءِ، فما تعـ
ـلمُ نفسٌ بأيّ أرضٍ تموتُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لقد جُزتَ في الصّدّ حَدّ الزّيادَة ،
لقد جُزتَ في الصّدّ حَدّ الزّيادَة ،
رقم القصيدة : 19923
-----------------------------------
لقد جُزتَ في الصّدّ حَدّ الزّيادَة ،
فَلا تَجعَلِ الهَجَر خُلقاً وعادَه
فعندي اشتياقٌ شديدٌ إليكَ،
وقلبُكَ يَشهَدُ هَذي الشّهادَه
وعودتني منكَ حسنَ الودادِ،
وما يطلبُ القلبُ إلاّ اعتيادَه
وإنّي عَهِدتُكَ نَجلَ الجِيادِ،
لذلكَ أطلُبُ منكَ الإجادَه
فإنْ أنتَ أتحَفتَني بالحُضورِ،
فمنْ أينَ للعَبدِ هذِهِ السّعادَه؟

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ما جاءَ عبدكَ مسطورٌ بعثتَ به
ما جاءَ عبدكَ مسطورٌ بعثتَ به
رقم القصيدة : 19924
-----------------------------------
ما جاءَ عبدكَ مسطورٌ بعثتَ به
إلاّ تقبلهُ حباً، وقبلَه
ولا سمحتَ بوعدٍ فيه مرتقبٍ،
إلاّ تأمّلَهُ عَشراً وأمّلَه
ولا أُتيتَ بعُذرٍ عن تأخّرِهِ،
إلاّ تعللَ باللقيا وعللَه
ما ضَرّ مولايَ لو زادَ الخطابُ بهِ،
ولو تَطَوّلَ بالحُسنى وطَوّلَه

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أتاني كتابٌ منكَ أحسبُ أنّهُ
أتاني كتابٌ منكَ أحسبُ أنّهُ
رقم القصيدة : 19925
-----------------------------------
أتاني كتابٌ منكَ أحسبُ أنّهُ
هوَ السحرُ لا بل دون موقعه السحرُ
بنَثرٍ يظَلّ النّظمُ يَحسُدُ رَصفَهُ،
ونظمِ للُطفِ السّبكِ يحسدُهُ النّثرُ
لهُ رقّة ُ الخنساءِ في حالِ نَوحِها،
ولكنّ معناهُ لقوتِهِ صخرُ
إذا شنفَ الأسماعَ درُّ نظامِهِ،
تيقّنَ كلٌّ أنّ مرسلهُ البحرُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> كتَبتُ، فما علمتُ أخَطُّ نَقشٍ
كتَبتُ، فما علمتُ أخَطُّ نَقشٍ
رقم القصيدة : 19926
-----------------------------------
كتَبتُ، فما علمتُ أخَطُّ نَقشٍ
يَلوحُ لناظري أمْ حَظُّ نَفسِي
فتم بهِ عليّ سرورُ يَومي،
وكادَ بأنْ يعيدَ سرورَ أمسِي
وقالوا: قد وجدتَ به سروراً،
فقلتُ مصرِّحاً من غيرِ لَبسِ:
غَرَستُ بصَدرِ مُرسلِهِ وَداداً،
فها أنا قد جنيتُ ثمارَ غرسِي

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أتاني كتابٌ منكَ يَنفُثُ بالسِّحرِ،
أتاني كتابٌ منكَ يَنفُثُ بالسِّحرِ،
رقم القصيدة : 19927
-----------------------------------
أتاني كتابٌ منكَ يَنفُثُ بالسِّحرِ،
ولكنّهُ بالعَتبِ منتَفِخُ السَّحرِ
يضمّ عتاباً من عبابكَ ذاخِراً،
ولا عَجَبٌ، إذ ذاكَ، من لُجّة ِ البحرِ
فأشعرتُ من تعريضهِ بسعاية ٍ
رَمَتني بها الأعداءُ من حَيثُ لا أدري
فإن يكُ حقاص، فاجعلِ العقوَ كيدهم؛
وإن يَكُ زوراً فاتّقِ اللَّهَ في أمرِي

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أنظرُ إلى المجدِ كيفَ ينهدمُ،
أنظرُ إلى المجدِ كيفَ ينهدمُ،
رقم القصيدة : 19928
-----------------------------------
أنظرُ إلى المجدِ كيفَ ينهدمُ،
وعروة ِ الملكِ كيفَ تنفصمُ
واعجبْ لشهبِ البزاة ِ كيفَ غدتْ
تَسطو علَيها الحِداة ُ والرَّخَمُ
قد كنتُ أختارُ أن أُغَيَّبَ في
التربِ، وتبلى عظامي الرممُ
ولا أرى اليومَ من أكابرِنا
أسداً وفيها الذئابُ قد حكموا
ظَنّوا الوِلاياتِ أن تَدومَ لهم،
فاقتطعوا بالبلادِ، واقتسموا
واقتَدَحوا بالوَعيدِ نارَ وغى ً؛
وربّ نارٍ وقودُها الكلمُ
لم يَعلَموا أيَّ جُذوَة ٍ قَدَحوا،
وأيَّ أمرٍ إليهِ قد قدمُوا
بل زَعَموا أن يَصدّنا جزَعٌ؛
كانتْ يَدُ اللَّهِ فوقَ ما زَعَمُوا
لا عرفَ العزّ في منازلِنا،
وأنكرَتنا الصوارمُ الحذمُ
إن لم نقدْها شعثاً مضمرة ً
تَذوبُ من نارِ حِقدِها اللُّجُمُ
بكلّ أزرٍ في مَتنِهِ أسدٌ؛
وكلّ طودٍ من فوقهِ صنمُ
من فتية ٍ أرخصوا نفوسهمُ،
كأنهمْ للحياة ِ قد سئموا
إن زأروا في الهياجِ تحسبهم
أسداً عليها من القنا أجمُ
شوسٌ تظنّ العدى سهامهمُ
شهباً بها الماردون قد رجموا
صَغيرُهم لا يَعيبُهُ صِغَرٌ،
وشيخهم لا يشينُهُ هرمُ
فَفي القَضايا إن حُكّموا عَدَلوا،
وفي التّقاضي إن حُوكموا ظلمُوا
إن صمتوا كانَ صمتهمْ أدباً،
أو نَطَقوا كانَ نُطقُهم حِكَمُ
ما عذرُنا، والسيوفُ قاطعة ٌ،
وأمرُنا في العراقِ مُنتَظِمُ
وحَولَنا من بَني عُمومتِنا
كتائبٌ كالغمامِ تزدحمُ
بأيّ عينٍ نرى الأنامَ، وقد
تحكمتْ في أسودِنا الغنمُ
أما حياة ٌ، وربعنا حرمُ
لا شاعَ ذكري بنَظمِ قافيَة ٍ
تلوحُ حسناً كأنها علمُ
ولا اهتدتْ فكرتي إلى دُررٍ
يُشرِقُ من ضوءِ نُورِها الكَلِمُ
وشَلّ منّي يَدٌ، عَوائِدُها
يجولُ فيها الحسامُ والقلمُ
إن لم أُخضّبْ ملابسي عَلَقاً
يصبغُ من سيلِ قطرها القدمُ
وآخذ الثّارَ من عِداكَ، ولو
تَحَصّنوا بالحصونِ، واعتَصَمُوا
في وَقعَة ٍ تُسلَبُ العقُولُ بها،
وأنفُسُ الدّارِعينَ تُختَرَمُ
إنْ باشَرَتها أقارِبي بيَدٍ
يوماً، فلي دونهمْ يدٌ وفمُ
يا صاحبَ الرّتبَة ِ التي نكَصَتْ
من دونِ إدراكِ شأوِها الهِمَمُ
قد كنتَ لي ذابلاً أصولُ به،
ما خِلتُه في الهِياجِ يَنحَطِمُ
ما كنتُ أخشَى الزّمانَ حينَ غَدا
خَصمي لعِلمي بأنّكَ الحَكَمُ
كففتَ عنّا كفّ الخطوبِ، فمن
بعدِكَ أمسَى الزّمانُ يَنتَقِمُ
ما ألبستنا الأيامُ ثوبَ علًى
إلاّ وأنتَ الطّرازُ والعَلَمُ
عَزّ على المَجدِ أن تَزولَ، وأن
تُخلِقَ تلكَ الأخلاقُ والشّيَمُ
تبكي المواضي، وطالما ضحكتْ
منك وأمسَتْ غُمودَها القِمَمُ
فاليومَ قد أصبحتْ صوارِمُها،
وشملُها في الهياجِ منصرِمُ
يُذكِرُني جودَكَ الغمامُ، إذا
أصبَحَ دمعُ الغَمامِ يَنسَجِمُ
إذ كنتَ لي ديمة ً تَسُحّ، ولا
يَنساكَ قَلبي ما سَحّتِ الدّيَمُ
لا جَمَدَتْ أدمعي، ولا خمَدتْ
نارُ أسى ً في حشايَ تضطرمُ
وكيفَ يَرقَا علَيكَ دمعُ فتًى ،
ولحمهُ من ثراكَ ملتحمُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> جبالٌ بأرياحِ المنية ِ تنسفُ،
جبالٌ بأرياحِ المنية ِ تنسفُ،
رقم القصيدة : 19929
-----------------------------------
جبالٌ بأرياحِ المنية ِ تنسفُ،
غدتْ وهي قاعٌ في الوقائعِ صفصفُ
محتها رياحٌ للمنونِ عواصفٌ،
على أنها لا تتقَى حينَ تعصفُ
أفي كلّ يومٍ للمنية ِ غارة ٌ،
تغيرُ على سربِ النفوسِ فتخطفُ
كأنّ حبالَ الساحرينَ نفوسنا،
وتلكَ عصا موسَى لها تَتَلَقّفُ
أغارتْ على الأقيالِ من آلِ سنبسٍ،
فأصبَحَ فيهمْ صرفُها يتَصَرّفُ
رجالٌ، لو أنّ الأسدَ تخشَى ديارُهم
لكنتُ عليها منهمُ أتَخَوّفُ
شموسٌ أرانا الموتُ في التُّرب كسفَها،
وما خلتُ أن الشمس في التربِ تكسفُ
أتاها، فلَم تُدفع من السّيفِ وقعَة ٌ،
ولم يغنِ منهُ السابريُّ المضففُ
ولا الخَيلُ تَجري بينَ آذانِها القَنا،
تُقَرَّطُ من خُرصانِهِ وتُشَنَّفُ
ولا ردّ عن نفسِ ابنِ حمزة جاشُها
ولا الجيشُ من أمواجِهِ الأرضُ ترجُفُ
ولا صارمٌ ماضي الغرارِ بكفة ِ،
مَضارِبُهُ في الرّوعِ بالدّمِ تَرعَفُ
عروفٌ بأحوالِ الضّرابِ تؤمهُ
عزيمَهُ شَهمٍ منهُ بالضّربِ أعرَفُ
ألا في سبيلِ المجدِ مصرعُ ماجدٍ
ثِمارُ الأماني مِن أيادِيهِ تُقطَفُ
إذا ما أرادَ الضدُّ غاية َ ذمهِ
تَوصّل حتى قال: في الجودِ مُسرفُ
تصَدّعَ قلبُ البرقِ يومَ مُصابِهِ،
ألَستَ تَراهُ خافِقاً حينَ يَخطَفُ
وما زالَ بدرُ التمّ يلطمُ وجههُ
على فَقدِهِ حتى اغتَدَى ، وهوَ أكلفُ
فيا هالكاً قد أطمعَ الخطبَ هلكهُ،
وكانَ بهِ طرفُ النوائبِ يطرفُ
لقد كنتَ حصناً مانعاً بكَ نلتجي
حذارَ العِدى ، واليومَ باسمِكَ نحلفُ
فإن كنتَ في أيامِ عيشكَ كعبة ً
يلاذُ به، فاليومَ ذكرُك مصحفُ
فبعدَكَ لا شَملُ اللُّهَى مَتفَرّقٌ،
بجُودٍ، ولا شَملُ العُلى مُتألّفُ
سأبكيكَ بالعزّ الذي كنتَ ملبسي،
وكنتُ بهِ بينَ الوَرَى أتَصرفُ
وأنزفُ من حزني دمي لا مدامعي،
وأيُّ دمٍ أبقيتَ فيّ فينزفُ
سقَى اللَّهُ تُرباً ضَمّ جِسمَكَ وابِلاً
يُنَمّقُ رَوضاً بَردُهُ ويُفَوِّفُ
إذا أنكَرَتْ أيدي البِلى عَرَصاتِه،
يَنمّ على أرجائِهِ، فيُعَرِّفُ
 
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> سَفهاً، إذا شُقّتْ عليكَ جُيوبُ،
سَفهاً، إذا شُقّتْ عليكَ جُيوبُ،
رقم القصيدة : 19930
-----------------------------------
سَفهاً، إذا شُقّتْ عليكَ جُيوبُ،
إنْ لم تشقّ مرائرٌ وقلوبُ
وتملقاً سكبُ الدموعش على الثرى
إنْ لم يُمازِجها الدّمُ المَسكُوبُ
يا حمزة َ الثاني الذي كادتْ لهُ
صمُّ الجبالِ الراسياتِ تذوبُ
إن ضاعَ ثارُكَ بينَ آلِ محاسنٍ،
تلكَ المحاسنُ كلّهنَ عيوبُ
لم أبكِ بالحزنِ الطويلِ تملقاً،
حزني عليكَ وقائعٌ وحروبُ
فلأبكِيَنّكَ بالصّوارِمِ والقَنا،
حتى يحطَّمَ ذابلٌ وقضيبُ
لايأملنّ بنو أبي الفضلِ البقا،
إنّ الفَناءَ إلَيهِمُ لقَريبُ
ووَراهمُ من آلِ سِنبِسَ عصبَة ٌ
مُرْدٌ، وشُبّانٌ تُهابُ، وشِيبُ
قومٌ، إذا غضِبوا على صرفِ القَضا،
جاءَ الزّمانُ من الذّنوبِ يَتوبُ
وإذا دُعوا يوماً لدَفعِ مُلِمّة ٍ،
بسموا وفي وجهِ الزمانش قطوبُ
إن خوطبوا، فحديثهم وخطابُهم
خَطبٌ وفي يومِ الجِدالِ خَطيبُ
فليبكينكَ طرفُ كلّ مثقفٍ
يُزهَى بحَملِ سِنانِهِ الأُنبوبُ
يبكيكَ في يومِ الهياجِ بأعينٍ
خُزرٍ، مَدامِعُها الدّمُ المَصبوبُ
والصّبحُ لَيلٌ بالعَجاجِ، وقد بَدا
بالبِيضِ في فَودِ العَجاجِ مَشيبُ
ولقد رَضيتَ بأنْ تَعيشَ مَنزَّهاً،
لا غاصباً فيها، ولا مغصوبُ
في منصبٍ، للهِ فيهِ طاعة ٌ
تُرضي، وللفقراءِ فيهِ نَصيبُ
ستثيرُ ثاركَ، يا ابنَ حمزة َ، عصبة ٌ
شُمّ الأُنوفِ إلى القِراعِ تَثوبُ
نُجَباءُ من آلِ العَريضِ، إذا سطوا
يوماً، أفادوا الدّهرَ كيفَ ينوبُ
سمعَتْ بمصرَعِكَ البلادُ فأرجفتْ،
وتَواتَرَ التّصديقُ والتّكذيبُ
وبكَى لرُزئِكَ صَعبُها وذَلُولُها،
وشكا لفقدكَ شاتُها والذيبُ
تبكي العتاقُ، إذا نعتكَ عواتقٌ،
ويَحِنّ بَينَكَ إذْ أبانَ النُّوبُ
فجعتْ بك الدنيا، فلا وجهُ العُلى
طليقٌ، ولا صدرُ الزّمانِ رحيبُ
إذ أنتَ في يومِ الجلادِ على العِدى
يا شمسَ أفقٍ لم يكنْ من قبلِها
للشمسِ في طيّ الصعيدِ غروبُ
إنْ غيبتْ تلكَ المحاسنُ في الثرى
فجميلُن ذكركَ في البلادِ يجوبُ
حزتَ المحامدَ بالمكارمِ ميتاً،
فغَدا لكَ التأبينُ لا التأنيبُ
فابشرْ، فإنكَ بالثناءِ مخلدٌ،
ما غابَ إلاّ شخصُكَ المحجوبُ
حيّا الحيا جدثاً حللتَ بتربِه،
حتّى تعطرَ نشره، فيطيبُ
لا زالَ تبكيهِ عيونَ سحائبٍ،
للبرقِ في حافاتِهنّ لهيبُ
تهمي عليهِ للسحابِ مدامعٌ،
فتشقّ فيهِ للشقيقِ جيوبُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> يا قَضيباً ذوى ، وكانَ نَضِيراً
يا قَضيباً ذوى ، وكانَ نَضِيراً
رقم القصيدة : 19931
-----------------------------------
يا قَضيباً ذوى ، وكانَ نَضِيراً
ما رأينا لهُ الغَداة َ نَظيرَا
أظلَمَتْ بعدَهُ الدّيارُ، وقد كا
نَ سِراجاً بها وبَدراً مُنِيرَا
غَيّبَتهُ الأرضونَ عنّا، وما خِلـ
ـتُ أديمَ التّرابِ يَحوي البُدورَا
لا ولا خِلتُ أنّ شُهبَ الدّراري
بعدَ أوجِ العُلى تحِلّ القبورَا
يا حَبيباً، فِراقُهُ أخرَبَ القَلـ
ـبَ، وقد كان مَنزِلاَ مَعمورَا
فاجأتْنا بالنّدبِ أصواتُ ناعيـ
ـكَ، وكادتْ قلوبنا أن تطيرَا
فنَفَينا الرّقادَ عن كلّ عَينٍ،
فجّرَتها دُمُوعُها تَفجِيرَا
ما رأى النّاسُ قبل مثواكَ يوماً
كانَ بالبَينِ شرّهُ مُستَطيرَا
ولقد خفتُ من فراقِكَ يوماً
باكياً بالثّبورِ يَنعَى ثَبيرَا
فبرغمي أنْ لا أرى منك وجهاً
يرجعُ الطرفُ من سناه حسيرَا
كنتَ ريحانَة َ القُلوبِ، فقد دا
رَبكَ التربُ عنبراً وعبيرَا
كنتَ شَهماً معَ الحَداثَة ِ في السّـ
ـنّ، وجلداً على البلاءِ صبورَا
وحملتَ الأثقالَ عنّي فأمسَى
بكَ طَرفي بينَ الأنامِ قَريرَا
فجزاكَ الإلهُ عن ذلكَ الصبـ
ـرِ على الهولِ جنّة ً وحريرَا
وأراكَ الإلَهُ في جَنّة ِ الخُلدِ
نَعيماً بها ومُلكاً كَبيرَا

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أدرْها بأمنٍ لا يُغَيّرَكَ الوَهمُ،
أدرْها بأمنٍ لا يُغَيّرَكَ الوَهمُ،
رقم القصيدة : 19932
-----------------------------------
أدرْها بأمنٍ لا يُغَيّرَكَ الوَهمُ،
وزفّ على الجلاسِ ما خلفَ الكرمُ
وداوِ أذاها بالسّماعِ، فإنّها
بلا نَغَمٍ غَمٌّ، بلا دَسَمٍ سُمّ
معتقة ٌ لو غسلوا ميتاً بها
لما ذابَ منهُ المخّ وانهشمَ العظمُ
ولولا اتقاءُ اللهِ قلتُ بأنها
بها تنطقُ الأمواتُ أو تسمعُ الصمُّ
فلم ير يوماً كاسها من رأى الأذى ،
ولا مَسّها بالكَفّ مَن مَسّه الهَمّ
فخذها على طيبِ السماعِ، فإنها
بَشاشة ُ وجهِ العيشِ إن عَبَسَ الهَمّ
ولا تَخشَ من إثمٍ، إذا ما شربتَها،
لظاهرِ قولِ النّاسِ إنّ اسمَها الإثمُ
ولو أنّ وصفَ الشيءِ عَينٌ لذاتِهِ،
أو الذكرَ للشيءِ المراد هوَ الجرمُ
لمَا ماتَ مَن سَمّوهُ باللّفظِ خالِداً،
ولا خرّ مَلكٌ في الثّرى واسمه نجمُ
كما خرّ نجمُ الدينِ من عرشِ ملكه
ولم يُغنِ عَنهُ الباسُ والعَزمُ والحَزمُ
مضَى الملكُ المَنصورُ من دَستِ ملكهِ
ولم ينجه الملكُ الممنعُ والحكمُ
مليكٌ أفاَ العدلَ في كلّ معشرٍ،
فليسَ لهُ، إلا لأموالهِ، ظلمُ
وما غيبتهُ الأرضُ، إلاذ لأنها،
لأقدامِهِ، ما كانَ يُمكِنُها اللّثمُ
وخلفَ أشبالاً سعوا مثلَ سعيه
لئَلاّ يَعمّ النّاسَ مِن بَعدِهِ اليُتمُ
ملوكاً حَذَوا في الجُودِ حَذوَ أبيهِمُ
ففي كلّ وصفٍ من نداهُ لهم قسمُ
وأشرقَ في الشبهاءِ في الدستِ منهمُ،
وقد غابَ عَنها نَجمُها، بدرُها التمّ
هو الصّالحُ المَلكُ الذي لبِسَ البَها،
وللنّاسِ منهُ، فوقَ ثوبِ البَها، رَقمُ
جَميعُ أماراتِ الشّهيدِ ظَواهِرٌ
عليهِ تساوى الباسُ والرأيُ والفهمُ
وأهونُ شيءٍ عندهُ الخيلُ واللهَى ،
وأنفَقُ شيءٍ عندَهُ النّثرُ والنّظمُ
وأحسَنُ أيّامِ السّماحِ وَلُودُها،
إذا أعجبَ النجالَ أيامُها العقمُ
وربّ حَديثٍ من عُلاهُ سَمِعتُهُ،
لحلوِ جناهُ، من حلوقِ النُّهَى طعمُ
وفَيضِ نَوالٍ من يَدَيهِ أفَدتُهُ،
له في قلوبِ النّاسِ من جَسدي وسمُ
ولمّا أرادَ الدّهرُ كَيدي فزُرتُهُ،
وبتُّ، ولي في صحفِ إنعامِهِ رسمُ
فأخرَ صرفَ الدهرِ عني، فلا يرَى
مقابلتي لمّا درَى أنهُ الخصمُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> هجرتْ بعدكَ القلوبُ الجسوما
هجرتْ بعدكَ القلوبُ الجسوما
رقم القصيدة : 19933
-----------------------------------
هجرتْ بعدكَ القلوبُ الجسوما
حينَ أمستْ منكَ الربوعُ رسومَا
وخَلَتْ من سَناكَ زُهرُ المَغاني،
فاستَحالَ النّهارُ لَيلاً بَهيمَا
يا هلالاً أودى بهِ الخسفُ لمّا
صارَ عندَ الكمالِ بدراً وسيمَا
وقضيباً رمنا لذيذَ جماه،
فذوى حين صار غُصْناً قَويما
ما ظَنَنّا المَنونَ تَرقَى إلى البَد
رِ، وأنّ الحِمامَ يَغشَى النّجومَا
هَدّ قَلبي مَن كانَ يُؤنِسُ قَلبي
إذْ نَبَذناهُ بالعَراءِ سَقِيمَا
ونأى يوسفي، فقد ذهبتْ عينا
يَ من حزنِهِ، وكنتُ كظيمَا
يا صَغيراً حوَى عَظيمَ صِفاتٍ،
أوجبتْ في قلوبِنا التعظيمَا
خلقاً طاهراً، وكفّاً صناعاً،
ولِساناً طَلقاً، وطَبعاً سَليماً
كنتَ رقّي، فصِرتَ مالكَ رِقّي
بحجى ً منكَ يستخفّ الحلومَا
ويدينِ ثنتْ عنانَ يراعٍ
أنبتَتْ في الطّروسِ دُرّاً نَظيماً
ومقالٍ، إذا دعاهُ لبيبٌ
ظنّ أني منكَ استفدتُ العلومَا
وإذا ما تَلَوتُ نَظمي ونَثري،
خالني منكَ أطلبُ التعليمَا
يا خَليلاً، ما زالَ خَصماً لخَصمي
كيفَ صَيّرتَ لي الغَرامَ غَريمَا
كيفَ جَرّعتَني الحَميمَ من الحُز
ن، وقد كنتَ لي صَديقاً حَميمَا
نِمتَ عن حاجتي، فأحدثتَ عندي
لتنائيكَ مقعداً ومقيما
وتَرَحّلتَ عن فِنائي رَحيلاً،
صَيّرَ الحُزنَ في الفُؤادِ مُقيمَا
لستُ أنساكَ، والمنية ُ تخفي
منكَ نُطقاً عَذباً وصَوتاً رَخيمَا
ومَسَحتُ الجَبينَ منكَ بكَفّي،
فأعادَ المسيحُ قلي كليمَا
كنتُ أملتُ أن تشيعَ نعشي،
وتواري في التربِ عظمي الرميمَا
وتَوَقّعتُ أن أرُدّ بكَ الخَطـ
ـبَ، فأمسَى نَواكَ خَطباً جَسيمَا
قد تبوأتَ قاطناً الخلـ
ـدِ، فأورَثتَ في فُؤادي الجَحيمَا
وتَفَرّدتَ بالنّعيمِ مِنَ العَيـ
ـشِ، وأبقَيتَ لي العَذابَ الأليمَا
فسقَى عهدكَ العهادُ، فقد فزْ
وعليكَ السّلامُ حَيّاً، ومَيتاً،
ورضيعاً، ويافعاً، وفطيمَا

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> يا بدوراً تغيبُ تحتَ الترابِ،
يا بدوراً تغيبُ تحتَ الترابِ،
رقم القصيدة : 19934
-----------------------------------
يا بدوراً تغيبُ تحتَ الترابِ،
وجبالاً تمرّ مرّ السحابِ
إنّ في ذلكَ، اعتباراً وذكرى ،
يَتَوَعّى بها ذَوو الألبابِ
قلْ لصادي الآمالِ لا تردِ العيـ
ـشَ، فإنّ الحياة َ لمعُ سرابِ
أينَ رَبّ السّريرِ والجيزَة ِ البَيْـ
ـضاء ذاتِ النخيلِ والأعنابِ
عَرَصاتٌ كأنّهنّ سَماءٌ،
قد توارتْ شموسُها في الحجابِ
أينَ ربّ الآراءِ والرّتَبة ِ العَلـ
ـياءِ، والماجدُ الرفيعُ الجنابِ
والذي لَقّبوهُ بالأبلَجِ الوَ
هابِ طوراً، والعابسِ النهابِ
لَيثُ إبنا أُرتُقَ الملكُ المَنـ
ـصورُ، ربُّ الإحسانِ والأنسابِ
صاحبُ الرتبة ِ التي نكصَ العا
لمُ من دونِها على الأعقابِ
ومُجَلّي لَبسَ الأمورِ، إذا بَر
قَعَ قُبحُ الخَطا وجوهَ الصّوابِ
حازَ حِلمَ الكُهولِ طِفلاً وأُعطي
ورعَ الشيبِ في أوانِ الشبابِ
جلّ عن أن تقبلَ الناسُ كفيـ
ـهِ، فكانَ التقبيلُ للاعتابِ
لم تُرَنّحْ أعطافَهُ نَشوة ُ المُلـ
ـكِ، ولا يزدهيهِ فرطُ أعتجابِ
رافعُ النّارِ بالبقاعِ، إذا أخْـ
ـمدَ بردُ الشتاءِ صوتَ الكلابِ
ومحيلُ العامِ المحيلِ، إذا اعتا
دَ لسانُ الفصيحِ نطقَ الذبابِ
عَرَفوا رَبَعهُ، وقد أنْكِرَ الجُو
دُ، برَفعِ اللّوا ونَصبِ العِتابِ
وقدورٍ بما حَوتْ راسيِاتٍ،
وجِفانٍ مَملُوّة ٍ كالجَوابي
ملكٌ أصبحَ الخلائقُ والأ
يامُ والأرضُ بعده في اضطرابِ
فاعتَبِرْ خُضرَة َ الرّياضِ تَجِدْها
أثرَ اللطمِ في خدودِ الروابي
حَمَلوهُ على الرّقابِ، وقد كا
نَ نَداهُ أطواقَ تلكَ الرّقابِ
ما أظنّ المَنونَ تَعلَمُ ماذا
قصفتْ بعدهُ من الأصلابِ
يا رجيمَ الخطوبِ، فاسترقِ السمـ
ـعَ، فأُفقُ العُلَى بغَيرِ شِهابِ
فليَطُلْ، بعدَه على الدّهرِ عَتبي،
ربّ ذمٍّ ملقبٍ بعتابِ
أيّها الذّاهبُ الذي عرّضَ الأمـ
ـوالَ والنّاسَ بعدَهُ للذّهابِ
طارَ لبّ السماحِ، يومَ توفيـ
ـتَ، وشُقّتْ مَرائرُ الآدابِ
وعلا في العلا عويلُ العوالي،
ونَحيبُ اليَراعِ والقِرضابِ
لو يُرَدّ الرّدى بقوّة ِ بأسٍ
لوَقَيناكَ في الأُمورِ الصّعَابِ
بأسودٍ بيضِ الوجوهِ، طوالِ الـ
ـباعِ، شُمِّ الأنوفِ، غُلبِ الرّقابِ
تَرَكوا اللّهوَ للغُواة ِ، وأفنَوا
عُمرَهم في كتائبٍ، أو كِتابِ
وجِيادٍ مثلِ العَقارِبِ نحوَ الـ
ـروعِ تسعى شوائلَ الأذنابِ
كلِّ طرفٍ مطهمٍ، سائلِ الغُـ
ـرة ِ، جعدِ الرسغينِ، سبطِ الإهابِ
كنتَ ذُخراً لنا، لوَ أنّ المَنا
يا جنبتْ عن رفيعِ ذاكَ الجنابِ
لم أكنْ جازعاً، وأنت قَريبٌ،
لبُعادِ الأهلينَ والأنسابِ
كانَ لي جُودُكَ العَميمُ أنيساً
في انفرادي، وموطناً في اغترابي
ما بَقائي من بعدِ فقدِكَ، إلاّ
كبَقاءِ الرّياضِ بعدَ السّحاب

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> عيونٌ لها مَرأى الأحبّة ِ إثمِدُ،
عيونٌ لها مَرأى الأحبّة ِ إثمِدُ،
رقم القصيدة : 19935
-----------------------------------
عيونٌ لها مَرأى الأحبّة ِ إثمِدُ،
عَجيبٌ لها في عُمرِها كيفَ تَرمَدُ
وعينٌ خلتْ من نورِ وجه حبيبِها،
عجبتُ لها، من بعدِه، كيفَ ترقدُ
ولي لمقلة ٌ قد أنكرَ الغمضَ جفنُها،
وعرفها صرفُ النّوى كيفَ تسهدُ
تراعي النّجومَ السّائراتِ، كأنّما
تمثلَ فيهنّ المليكُ محمّدُ
تحاولُهُ بَينَ النّجومِ، لأنّهُ
لرُتبَتِهِ فوقَ الكَواكبِ مَقعَدُ
مليكٌ، لوَ أنّ الرّيحُ تُشبِهُ جودَهُ،
لما أوشكتْ يوماً من الدهرِ تركدُ
مبددُ شملِ المالِ، وهوَ مجمعٌ،
وجامعُ شَملِ الحمدِ، وهوَ مُبَدَّدُ
فلا نَمّقَ الاعذارَ يَوماً لسائلٍ،
ولا قالَ للوُفّادِ: مَوعِدُكم غَدُ
دَهَتُه المَنايا، وهيَ من دونِ بأسِهِ،
كذا الصارمُ الصمصامُ يفنيهِ مبردُ
فَيا مَلِكاً قد أطلَقَ الجُودُ ذِكرَهُ،
وكلّ نزيلٍ من نداهُ مقيدُ
لقد كنتُ للوفادِ وبلاً، وللعدَى
وبالاً، به تشقَى أناسٌ وتسعدُ
فكم أنشأتْ كفاكَ في المحلِ عارضاً،
وخَدُّ الثّرى من عارضِ الخطبِ أمرَدُ
وكم أرسلتْ يمناكَ في الحربِ للعدى
سَحابَ نَكال بالصّواهلِ يَرعُدُ
إذا ما وَنَى مَسراهُ ثِقلاً يَحُثّهُ
جوادٌ وعضبٌ: أجردٌ ومجردُ
فينظمُ فيها الرمحُ ما السيفُ ناثرٌ،
ويَنثُرُ فيها العَضبُ ما اللّدنُ يَنضِدُ
فمُفرَدُها من نثرِ سَيفِكَ تَوأمٌ،
وتَوأمُها من نَظمِ رُمحِكَ مُفرَدُ
وفي معلكِ الآدابِ كم لكَ موقفٌ،
لأهلِ الحجَى منهُ مقيمٌ ومقعدُ
ولم يَبقَ من آي المَفاخِرِ آيَة ٌ،
ولا غايَة ٌ، إلاّ وعندَكَ تُوجَدُ
عَليكَ سَلامُ اللَّهِ، لا زالَ سَرمداً
كجودكَ حتى بعدَ فقدِكَ سرمدُ
فلو خلدَ المعروفُ قبلكَ ماجداً
لكُنتَ بإسداءِ الجَميلِ مُخَلَّدُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> بكَى عليكَ الحسامُ والقلمُ،
بكَى عليكَ الحسامُ والقلمُ،
رقم القصيدة : 19936
-----------------------------------
بكَى عليكَ الحسامُ والقلمُ،
وانفجعَ العلمُ فيكَ والعلمُ
وضَجّتِ الأرضُ، فالعِبادُ بها
لاطِمَة ٌ، والبِلادُ تَلتَطِمُ
تُظهِرُ أحزانَها على ملكٍ،
جُلُّ ملوكِ الوَرَى لهُ خَدَمُ
أبلجُ، غضُّ الشبابِ، مقتبلُ العمـ
ـرِ، ولكِنّ مَجدَهُ هَرِمُ
محكمق في الورى ، وآملهُ
يَحكُمُ في مالِهِ ويَحتَكِمُ
يجتمعُ المجدُ والثناءُ لهُ،
ومالُهُ، في الوُفودِ، يُقتَسَمُ
قد سَئِمتْ جُودَهُ الأنامُ، ولا
يلقاهُ، من بذلهِ الندى ، سأمُ
ما عرفتْ منهُ لا، ولا نعمٌ،
بل دونهنّ الآلاءُ والنِّعَمُ
الواهبُ الألفِ، وهوَ مُبتَسِمٌ،
والقاتلُ الألفِ، وهوَ مقتحمُ
مبتسمٌ والكماة ُ عابسة ٌ،
وعابِسٌ، والسّيوفُ تَبتَسِمُ
يَستَصغِرُ العَضبَ أن يَصولَ به
إنْ لم تجردْ من قبلهِ الهممُ
ويستخفّ القناة َ يحملُها،
كأنّها في يمنه قلمُ
لم يَعلَمِ العالمونَ ما فَقَدوا
منهُ، ولا الأقرَبونَ ما عَدِمُوا
ما فَقدُ فَردٍ من الأنامِ، كمَنْ
إنْ ماتَ ماتتْ لفقدِهِ أممُ
والنّاسُ كالعَينِ إن نَقَدتَهُمُ،
تَفاوَتَتْ عندَ نَقدِكَ القِيَمُ
يا طالبَ الجودِ قد قضى عمرٌ،
فكلُّ جودٍ وجودهُ عدمُ
ويا مُنادي النّدى ليدركَهُ!
أقصِرْ، فَفي مَسمعِ النّدى صَمَمُ
مضَى الذي كانَ للأنامِ أباً،
فاليومَ كلُّ الأنامِ قد يتموا
وسارَ فوقَ الرقابِ مطرحاً،
وحَولَهُ الصافناتُ تَزدَحِمُ
مقلباتِ السروجِ شاخصة ٌ،
لها زَفيرٌ ذابتْ بهِ اللُّجُمُ
وحلّ داراً ضاقتْ بساكنِها،
ودونَ أدنَى دِيارِهِ إرَمُ
كأنّهُ لم يَطُلْ إلى رُتَبٍ،
تقصرُ من دونِ نيلها الهممُ
ولم يمهدْ للملكِ قاعدة ً
بها عُيُون العُقولِ تَحتَلِمُ
ولم تُقَبِّلْ لهُ المُلوكُ يَداً
تَرغَبُ في سِلمِها، فتَستَلِمُ
ولم يقد للحروبِ أسدَ وغى ً،
تَسري بها من رِماحِها أجَمُ
ولم يصلْ والخميسُ مرتكبٌ
عُبابُهُ، والعَجاجُ مُرتَكِمُ
أينَ الذي كانَ للوَرى سَنَداً،
ورحبُ أكنافِهِ لها حَرَمُ
أينَ الذي إنْ سرَى إلى بلَدٍ
لا ظُلمَ يَبقى به، ولا ظُلَمُ
أين الذي يَحفَظُ الذّمامَ لَنا
إنْ خفرتْ عندَ غيرهِ الذممُ
يا ناصرَ الدّينِ، وابنَ ناصِرِهِ،
ومن بهِ في الخطوبِ يعتصمُ
وصاحبَ الرّتبَة ِ التي وَطِئَتْ
لها على هامَة ِ السّهَى قَدَمُ
تُثني علَيكَ الوَرى ، وما شهِدوا
من السجايا إلاّ بما علموا
يبكيكَ مألوفكَ التقَى أسفاً،
وصاحباكَ العَفافُ والكَرَمُ
لم يَشقَ يوماً بكَ الجَليسُ، ولا
مسّ نداماكَ عندكَ الندَمُ
أغنيتني بالودادِ عن نسبي،
كأنّما الودّ بَينَنا رَحِمُ
لولا التسلي بمن تركتَ لنا
ألَمّ بي من تَدَلُّهي لَمَمُ
وفي بقاءِ السلطانِ تسلية ٌ
لكلّ قلبٍ بالحزنِ يضطرمُ
المَلِكُ الصّالحُ الذي ظَهَرَتْ
منهُ السجايا، وطابتِ الشيمُ
لا زالَ يُغني الزّمانَ في دَعَة ٍ،
والذكرُ عالٍ، والملكُ منتظمُ
 
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> يا ليتَ شعري، وقد أودى بك القدرُ،
يا ليتَ شعري، وقد أودى بك القدرُ،
رقم القصيدة : 19937
-----------------------------------
يا ليتَ شعري، وقد أودى بك القدرُ،
بأيّ عذرٍ إلى العلياءِ يعتذرُ
وكيفَ جارَ عليكَ الدهرُ معتدياً،
أما تعلمَ منكَ العدلَ يا عمرُ
يا ابنَ الملوكِ الأُلى كان الزّمانِ لهم
طَوعاً وأقبَلَ صرفُ الدّهرِ يأتَمِرُ
يا ناصرَ الدّينِ، يا مَن جودُ راحته
بينَ الأنامِ على الأيامِ ينتصرُ
أنتَ الجَوادُ الذي لولا مكارِمُهُ،
لأصبحَ الجودُ عيناً ما بها بصرُ
تعطي وتبسطُ بعدَ البذلِ معذرة ً،
وعُذرُ غَيرِكَ دونَ البَذلِ يُبتَدَرُ
فقتَ الملوكَ جميعاً في عطاً وسطاً،
فأنتَ كالبَحرِ فيه النّفعُ والضّرَرُ
وحزتَ أخلاقَ شمس الدينِ مكتسباً
والشمسُ مكتسبٌ من نورِها القمرُ
خاطرتَ في طلبِ العلياءِ مجتهداً
وما يُخاطِرُ إلاّ مَن له خَطَرُ
رفعتَ ذكركَ بالإنعام منتجداً،
بهِ، وغَيرُكَ بالأموالِ يَفتَخِرُ
قد كانَ جودُك لي عينَ الحياة ِ إذا
وَردتُه، وحَواني رَبعُكَ الخَضِرُ
أعزِزْ عليّ بأنْ أدعوكَ ذا أمَلٍ،
فلا يُجابَ برِفدٍ منكَ يَنهَمِرُ
وأن يُحَثّ إلى مَغناكَ وفدُ ثَناً،
وليسَ منكَ به عَينٌ ولا أثَرُ
طابتُ مَراثيكَ لي بعد المَديحِ، ومن
بعد السرورِ براني الحزنُ والفكرُ
كأنّ حُزنَكَ من أسمائِهِ سَقَرٌ،
فذاكَ في القلبِ لا يبقي، ولا يذرُ
سقى ضريحك صوبُ المزنِ منبجساً
حتى يدبجَ أقصى تربِه الزهرُ
وكيفَ أسألُ صَوبَ المزنِ رَيّ ثرًى
حللتَ فيه، وفيهِ البحرُ والمطرُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> نفوسُ الصيدِ أثمانُ المعالي،
نفوسُ الصيدِ أثمانُ المعالي،
رقم القصيدة : 19938
-----------------------------------
نفوسُ الصيدِ أثمانُ المعالي،
إذا هَزّتْ مَعاطِفَها العَوالي
وأبدَتْ أوجُهُ البِيضِ ابتِساماً،
يُطيلُ بكاءَ آجالِ الرّجالِ
ومَن عَشِقَ العَلاءَ، وخافَ حَتفاً
غَدا عندَ الكَريهَة ِ، وهوَ سالي
ولم يَحُزِ العُلى إلاّ كَميٌّ،
رَحيبُ الصّدرِ في ضِيقِ المَجالِ
تيقنَ أنّ طيبَ الذكرِ يبقى ،
وكلَّ نعيمِ ملكٍ في زوالِ
لذاكَ سمتْ بركنِ الدينِ نفسٌ
تعلمَ ربُّها طلبُ الكمالِ
سَمتْ فأرَتهُ حَرّ الكَرّ بَرداً،
ويَحْمُومَ المَنيّة ِ كالزّلالِ
فألبسَ عرضهُ درعاً حصيناً،
وصَيّرَ جِسمَهُ غَرَضَ النّبالِ
تبوأ جنة َ الفردوسِ داراً،
وحَلّ على الأرائِك في ظِلالِ
وخلفَ كلَّ قلبٍ في اشتغالٍ،
وكلَّ لهيبِ صدرٍ في اشتعالِ
بروحي مَن أذابَ نَواهُ روحي،
وأفقدَ فقدُهُ عزّي ومالي
ولم أكُ قَبلَ يومِ رَداهُ أدري
بأنّ التُّربَ برجٌ للهلاكِ
وقالوا: قد أصبتَ، فقلتُ: كلاّ،
وما وقعُ النبالِ على الجبالِ
ولم أعلَمْ بأنّ الرّمسَ يُمسِي
بموجٍ الحربِ من صدفِ اللآلي
أيا صخراَ احنانِ أدمتَ نوحي،
فها أنا فيكَ خنساءُ الرجالِ
وفَتْ لي فيكَ أحزاني ودَمعي،
وخانَ عليكَ صبري واحتمالي
بذلتَ النفسَ في طلبِ المعالي،
كبذلكَ للهَى يومَ النوالِ
تسابقُ للوغَى قبلَ التنادي،
كبذلكَ للهَى يومَ النوالِ
شددتَ القلبَ في حوضِ المنايا،
ووَبلُ النُّبلِ مُنحَلّ العزالي
لبستَ على ثيابِ الوشيِ قلباً،
غنيتَ بهِ عن الدرعِ المذالِ
تَهُزُّ لمُلتَقَى الأعداءِ عِطفاً،
يهزّ رطيبهُ مرحُ الدلالِ
فعشتُ، وأنتَ ممدوحُ السجايا،
ومتَّ، وأنتَ محمودُ الخلالِ
أرُكنَ الدّينِ كم رُكنٍ مَشيدٍ
هَدَدتَ بفَقدِ ذيّاكَ الجَمالِ
ربوعكَ بعدَ بهجتِها طلولٌ،
وحاليها من الأنوارِ خالِ
تنوحُ لفقدِكَ الجردُ المذاكي،
وتَبكيكَ الصّوارِمُ والعَوالي
يَحِنّ إلى يَمينِكَ كلُّ عَضبٍ،
وتشتاقُ الأعنة ُ للشمالِ
أتَسلُبُكَ المَنونُ، وأنتَ طَودٌ،
وتُرخِصُكَ الكُماة ُ، وأنتَ غالِ
وتَضعفُ عَزمَة ُ البيضِ المَواضي،
وتَقُصرُ همّة ُ الأسَلِ الطّوالِ
ولم تُحطَمْ قَناة ٌ في طعانٍ،
ولم تُفلَلْ صِفاحٌ في قِتالِ
ولا اضطرمتْ جيادٌ في طرادٍ،
ولا اعتركتْ رجالٌ في مجالِ
ولا رَفَعوا بوَقعِ الخَيلِ نَقعاً،
ولا نسجَ الغبارُ على الجِلالِ
وتُمسي اللاّذخيّة ُ في رُقادٍ،
تَوَهَّمُ فِعلَها طَيفَ الخَيالِ
ولم تُقلَعْ لقَلعَتِهِمْ عروشٌ،
إذا استَوَتِ الأسافِلُ والأعالي
ولا وادي جهنّمَ حينَ حلوا
بهِ أمسَى عليهم شَرَّ فالِ
سأبكي ما حَييتُ، ولستُ أنسَى
صَنائعَكَ الأواخِرَ والأوالي
ولو أنّي أُبَلَّغُ فيكَ سُؤلي،
بكيتكَ بالصوارمِ والعوالي
بكلذ مهندِ الحدّينِ ماضٍ
تَدبّ به المَنيّة ُ كالنّمالِ
يريكَ به ركامُ الموتِ موجاً،
وتمنعهُ الدماءُ منَ الصقالِ
وإسمرَ ناهزَ العشرينَ لدنٍ،
رُدَيْنيِّ المَناسبِ ذي اعتِدالِ
يُضيءُ على أعاليهِ سِنانٌ
ضياءَ النّارِ في طرفَ الذُّبالِ
وأشفي من دماءِ عداكَ نفساً،
تنوطُ القولَ منها بالفعالِ
لعَلّ الصّالحَ السّلطانَ يَجلُو
بغُرّة ِ وجهِهِ ظُلمَ الضّلالِ
ويُجريها من الشِّعبَين قُبّاً،
إلى الهَيجاءِ تَسعَى كالسّعالي
يحرضُها الطرادُ على الأعادي،
كأنّ الكرّ يذكرُها المخالي
عليها كلُّ ماضي العزم ذمرٍ،
كميٍّ في الجلاد وفي الجدالِ
ويشفي عندَ أخذِ الثأرِ منهُم
نفوساً ليسَ تقنعُ بالمطالِ
وأعلَمُ أنّ عَزمتَهُ حُسامٌ،
ولكنّ التفاضي كالصقالِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لو يُرَدّ الرّدى ببَذلِ الأيادي،
لو يُرَدّ الرّدى ببَذلِ الأيادي،
رقم القصيدة : 19939
-----------------------------------
لو يُرَدّ الرّدى ببَذلِ الأيادي،
أبقَتِ المَكرُماتُ كعبَ الإيادي
ولأبقَتْ فتى المُهَذَّبِ أيدٍ
طوقتْ بالندى رقابَ العبادِ
ولو أنّ الحمامَ يدفعُ بالبا
سِ، وبِيضِ الظُّبَى وحُمرِ الصِّعادِ
لحمتهُ يومَ الهياجِ حماة ٌ
تُرعِفُ البِيضَ من نجيعِ الأعادي
وكُماة ٌ يُظِلّها من وَشيجِ الـ
ـخطّ غابٌ يسيرُ بالآسادِ
بصفاحٍ تخالُ موجَ المنايا،
في صفا متنِها عيونُ الجرادِ
كلّ صافي الفرندِ بالماءِ رَ
يّان ولكنّهُ إلى الدّم صادي
غَيرَ أنّ الأيّامَ بالخَلْقِ تجري
لبلوغِ الآجالِ جَريَ الجِيادِ
كيفَ تَرجو المَقامَ، والخَلقُ سَفرٌ،
نحنُ رَكبٌ وحادثُ الدّهرِ حادي
أينَ رَبّ السّريرِ والحِيرَة ِ البَيـ
ـضاء، أم أينَ ربّ ذاتِ العمادِ
إنّ أسبابَ فاصلاتِ المَنايا
قد أبادتْ فرعونَ ذا الأوتادِ
ما اعتمادي على الزّمانِ، وقد أو
دى بمَولًى عليهِ كانَ اعتمادي
بمديدِ الظلالِ مقتضبِ الرّا
يِ بسيطِ النّدى طويلِ النجادِ
مُسرِفٍ في السّماحِ يُوهمُهُ الجو
دُ بأنّ الإقصادَ في الإقتصادِ
لم تُرَنّحْ أعطافَهُ نَسمَة ُ الكبْـ
ـرِ، ولا أقتادهُ عنانُ العنادِ
حاكمٌ حُكمَ المؤمِّل في الما
لِ، وقاضٍ قضَى بحَتفِ الأعادي
وسرَتْ منهُ سيرَة ُ العَدلِ في النّا
سِ مسيرَ الأرواحِ في الأجسادِ
شمسُ دينِ اللَّهِ الذي ضَبَطَ الأحـ
ـكامَ ضبطَ الأموالِ بالأعدادِ
ربَّ حلمٍ للبطشِ فيهِ كمونٌ،
كلظَى النّارِ كامناً في الزنادِ
سطوة ٌ تظمىء ُ الرواة َ منَ الرّعـ
ـبِ، ونطقٌ يروي النفوس الصوادي
وانتقادٌ، إذا جلتْ ظلمة ُ اللّفـ
ـظُ كأنّ العِدى فيهِ في جلادِ
ذو يراعٍ رطبِ المشافرِ يبسِ الـ
ـمَتنِ جَمِّ الضّميرِ خُلوِ الفُؤادِ
كنتَ فيها خِلواً من الحُسّادِ
نَ صبياً، كمبضعِ الفصادِ
فإذا ما جَرَى بحَلبَة ِ طرسٍ
ركضَ الرّعبُ في قلوبِ الأعادي
يطلقُ اللفظَ في السجلّ فيأتي
بالمَعاني مَقرونَة ً في صِفادِ
ما رأينا من قَبلِ مَجراهُ خَطّاً
ساطعَ النّورِ في ظَلامِ المِدادِ
كلُّ خطٍّ سوادهُ في بياضٍ،
وتَراهُ بَياضُهُ في السّوادِ
أينَ خَصبُ الأكنافِ في الزّمنِ الما
حلِ، والسبطُ في السنينَ الجعادِ
والجوادُ السهلُ اللقاءِ، إذا ما
كانَ سهلُ اللقاءِ غيرَ جوادِ
سَلَبتهُ الأيّامُ غَدراً، وكانتْ
طَوعَ كَفّيهِ في الأمورِ الشّدادِ
وأُصيبَتْ لفَقدِهِ، فلهَذا
ألبستْ بعدهُ ثيابَ حدادِ
كانَ عَضداً للآملينَ، فأمسَى
بنَواهُ يَفُتّ في الأعضادِ
كان زينَ الأولاد والمالِ إن زيـ
ـنَ سواهُ بالمالِ والأولادِ
يا حُساماً ما خِلتُ أنّ أديمَ الـ
ـأرضِ يُمسي لهُ منَ الأمجادِ
كنتَ يَومَ النّدى سَريعاً إلى البِـ
ـرّ، ويَومَ الرّدى أبيَّ القِيادِ
أيُّ نادٍ للجودِ لم تكُ فيهِ
حاضراً بالنّدى ، وذِكرُكَ بادِ
أصبَحتْ بعدَكَ المَكارِمُ فُقراً،
والمَعالي عَواطِلَ الأجيادِ
وتُوُفّي السّماحُ، يومَ توُفّيـ
ـت، فهَل كنتما على ميعادِ
فعَزيزٌ على المَكارِمِ أن تَخـ
ـفَى ، وفي النّاسِ طيبُ ذكرِك بادِ
أو يُنادى للمَكرُماتِ، فلا يَسـ
ـبقُ منكَ النّدى نداءَ المنادي
رَقدَة ٌ ما نَراكَ من قَبلِها ذُقْـ
ـتَ عن المَكرُماتِ طَعمَ رُقادِ
ما شَهِدْنا من قَبلِها لكَ حالاً
أحسنَ اللهث عنكَ صبر المعالي،
وعَزاءَ الإنشاءِ والإنشادِ
وأطالَ اللَّهُ عُمرَ مَراثيـ
ـكَ فإنّي فيها حليفُ اجتهادِ
وسقَتْ قبرَكَ الغَوادي، وإن كا
نتْ دموعي روائحاً وغوادي
فَلَعمري لقد عَهدتُ إلى الدّمـ
ـعِ ليُغنيهِ عن دُموعِ العِهادِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ما دامَ جريُ الفلكِ الدائرِ،
ما دامَ جريُ الفلكِ الدائرِ،
رقم القصيدة : 19940
-----------------------------------
ما دامَ جريُ الفلكِ الدائرِ،
لم يبقَ من برٍّ ولا فاجرِ
ما عطفَ الدهرُ على حاتمٍ،
كلاّ، ولا قصرَ عن مادرِ
إنّ خيولَ الدّهرِ إن طارَدَتْ
أتبعتِ الأولَ بالآخرِ
لا تَحرِصَنْ منهُ على مَورِدٍ،
فعاية ُ الواردِ كالصادرِ
أبعدَ عبدِ اللهِ بحرِ النّدى
لزَلّة ِ الأيّامِ من غافِرِ
مُجري النّدى في الأرضِ حتى نَهى
بسيطُها من بحرهِ الوافرِ
ومخصبٌ في بلدٍ ماحلٍ،
وعادِلٌ في زَمَنٍ جائِرِ
ومن غدتْ سيرة ُ إنعامِهِ
تَملأُ سَمْعَ المَثَلِ السّائِرِ
أصبَحَ دَستُ المُلكِ من بَعدِهِ،
خِلواً بلا ناهٍ ولا آمِرِ
وأصبحَ العينُ بلا ناظرٍ،
كأنّها العينُ بلا ناظرِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> هوَ الدّهرُ مُغرًى بالكَريمِ وسَلبِهِ،
هوَ الدّهرُ مُغرًى بالكَريمِ وسَلبِهِ،
رقم القصيدة : 19941
-----------------------------------
هوَ الدّهرُ مُغرًى بالكَريمِ وسَلبِهِ،
فإنْ كنتَ في شكٍّ بذاكَ فسلْ بهِ
أرانا المعالي كيفَ ينهدّ ركنُها،
وكيفَ يغورُ البدرُ من بينِ شهبهِ
أبعدَ غِياثِ الدّينِ يَطمَعُ صَرفُهُ
بصرفِ خطابِ الناسِ عن ذمّ خطبهِ
وتخطو إلى عبد الكريمِ خطوبهُ،
ويطلبُ منّا اليومَ غفرانُ ذنبهِ
سَليلُ النّبيّ المُصطَفى ، وابنُ عمّهِ،
ونجلُ الوصيّ الهاشميّ لصلبهِ
فتًى كانَ مثلَ الغَيثِ يُخشَى وَبالُهُ
ويُرجَى لطُلاَّبِ النّدى وَبلُ سُحبِهِ
رَقيقُ حَواشي العَيشِ في يومِ سِلمِهِ،
كثيفُ حواشي الجيشِ في يومِ حَربِهِ
فلا يَتّقي الأسيافَ إلاّ بوَجهِهِ،
ولا يَلتَقي الأضيافَ إلاّ بقَلبِهِ
ولا ينظرُ الأشياءض إلاّ بعقلِهِ،
ولا يَسمَعُ الأنباءَ إلاّ بلُبّهِ
إذا جالَ في يومِ الرّدى قيلَ من له؟
وإن جادَ في يوِم النّدى قيل مَن بِهِ؟
أمن بعدِ ما تمتْ محاسنُ بدرهِ،
ودارتْ على كلّ الوَرى كاسُ حزنِهِ
دَهَتهُ المَنايا، وهيَ في حدّ سَيفِهِ،
وصرفُ الليالي وهوَ من بعضِ حبهِ
كأنْ لم يَقُدْها كالأجادِلِ سُرَّباً،
ويرفع قبّ الليلِ من نقعِ قبهِ
ولم يقرعِ الأسماعَ وقعُ خطابهِ،
ولم يطرقِ الهيجاءَ موقعُ خطبهِ
ولا كان يومَ الدَّستِ صاحبَ صدرهِ،
وللجيشِ يومَ الحربِ مَركزُ قُطبِهِ
أتَعتَزّهُ الأعداءُ في يومِ لَهوِهِ،
فلاّ أتوهُ جحفلاً يومَ حربهِ
ولم أرَ قَبلَ اليَومِ لَيثَ عَريكَة ٍ،
أذاقَتهُ طَعمَ المَوتِ عَضّة ُ كَلبِهِ
ولو كانَ ما بينَ الصوارمِ والقنا،
وفوقَ مُتونِ الخَيلِ إدرَاكُ نَحبِهِ
لكانَ جَميلَ الذّكرِ عن حُسنِ فِعله،
ينفسُ عن قلبش الفتى بعضَ كربهِ
أبيُّ قيادِ النفسِ آثرَ حتفهُ،
ولم يُبدِ يَوماً للعِدى لينَ جَنبِهِ
كأنّ بني عبد الحَميدِ لفَقدِه،
ذُرى جبَلٍ هُدّتْ جَلامدُ هَضبِهِ
أتَسلُبُهُ الأعداءُ مِن بينَ رَهطِهِ،
وتَغتالُهُ الأيّامُ من دونِ صَحبِهِ
وتَفقدُهُ في دَولة ٍ ظاهرِيّة ٍ
بها الذئبُ يعدو رائعاً بينَ سربهِ
بدَولَة ِ مَلكٍ يَغصبُ اللّيثَ قُوتَهُ،
ويقتلُ منْ يلقاهُ شدة ُ رعبهِ
فلو كانَ شمسُ الحقّ والدين شاهداً
لمَصرَعِ ذاكَ النّدبِ ساعة َ نَدبِهِ
بكاهُ بأطرافِ الأسنة ِ والظبَى ،
بدَمعٍ من اللّباتِ مَسقِطُ سَكبِهِ
وشنّ على عربِ العذارينِ غارة ً
يَضيقُ بها في البَرّ واسعُ رَحبِهِ
فتعجبُ لباتُ الكماة ِ بطعنهِ،
ويُعرِبُ هاماتِ الحُماة ِ بضَربِهِ
فلا نَقطَ إلاّ من سِنانِ قَناتِهِ،
ولا شكلَ إلاّ من مضاربِ عضبهِ
أبا الحربِ بادرْ واتخذها صنيعة ً،
تُبَدِّلُ مُرَّ القَولِ فيكُم بعَذبِهِ
فكم لغياثِ الدينِ من حقّ منة ٍ
تطوقُ بالإنعامِ أعناقَ صحبهِ
قضَى نَحبَهُ، والذّكرُ منه مُخَلَّدٌ
بأفواهِنا لم يَقضِ يوماً لنَحبِهِ
ومُذ رَجَعتْ أترابُهُ من وَداعِهِ،
تلقاهُ في أكفانِهِ عفوُ ربهِ
سقَى قبرهُ من صيبِ المزنِ وابلٌ،
يَجُرّ على أرجائِهِ ذَيلَ خَصبِهِ
ومن عجبٍ أنّ السحابَ بقبرهِ،
وأسألُ من صوبِ الحيا ريّ ربهِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> حبلُ المنى بحبالِ اليأسِ معقودُ،
حبلُ المنى بحبالِ اليأسِ معقودُ،
رقم القصيدة : 19942
-----------------------------------
حبلُ المنى بحبالِ اليأسِ معقودُ،
والأمنُ من حادِثِ الأيّامِ مَفقودُ
والمرءُ ما بينَ أشراكِ الرّدى غَرَضٌ
صَميمُهُ بسِهامِ الحَتفِ مَقصُودُ
لا تَعجبنّ، فما في الموتِ من عَجبٍ،
إذ ذاكَ حدٌّ به الإنسانُ مَحدودُ
فالمستفادُ من الأيامِ مرتجعٌ،
والمستعارُ من الأعمارِ مردودُ
وللمَنيّة ِ أظفارٌ، إذا ظَفِرَتْ،
رأيتَ كلّ عَميدٍ وهوَ مَعمُودُ
لم يَنجُ بالبأسِ منها، مع شَراسَتِهِ،
ليثُ العَرينِ، ولا بالحيلة ِ السيِّدُ
قد ضلّ من ظنّ بعضَ الكائناتِ لها
مَكثٌ، وللعالَمِ العُلويّ تَخليدُ
ألَم يقولوا بأنّ الشّهبَ خالِدَة ٌ
طبعاً، فأينَ شهابُ الدينِ محمودُ
مَن كانَ في علمِهِ بَينَ الوَرى علَماً
يُهدى بهِ إن زَوَتْ أعلامَها البِيدُ
ومن روتْ فضلهُ حسادُ رتبته،
وعَنعَنَتْ عن أياديهِ الأسانيدُ
فضلٌ بهِ أوجهُ الأيامِ مشرقة ٌ،
كأنّهُ لحُدودِ الدّهرِ تَوريدُ
مهذبُ اللفظِ لا في القولِ لجلجة ٌ
منهُ، ولا عندَهُ في الرّأيِ تَرديدُ
لا يهدمُ المنُّ منهُ عمرَ مكرمة ٍ،
ولايعمدُ بالمطلِ المواعيدُ
إن كان يُقصَدُ مَقصودٌ لبَذلِ ندًى
فإنّهُ للنّدى والفَضلِ مَقصودُ
لهُ اليراعُ الذي راغَ الخطوبَ بهِ
في حلبة الطرسِ تصويبٌ وتصعيدُ
أصمُّ أخرسُ مشقوقُ اللسانِ، إذا
طارحتهث سمعتْ منهُ الأغاريدُ
إن شاءَ تَسويدَ مُبيضِّ الطّروسِ فمن
إنشائِهِ لبَياضِ النّاسِ تَسويدُ
لو خَطّ سَطراً ترى عكسَ القياسِ به:
الشمسُ طالعة ٌ، والليلُ الأناشيدُ
رشيقة ُ السبكِ لا المعنى بمبتذلٍ
منها ولا لفظُها بالعسفِ مكدودُ
يا صاحبَ الرّتبَة ِ المَعذورِ حاسِدُها؛
إنّ السّعيدَ على النّعماءِ مَحسودُ
ما شامَ بعدكَ أهلُ الشامِ بارقة ً
للفَضلِ حينَ ذَوَى من ربّهِ العُودُ
إليكَ قد كانَ يعزى العلمُ منتسباً،
واليومَ فيكَ يعزّى العلمُ والجودُ
كماخطبة ٍ لك راعَ الخطبَ موقعُها،
وكم تقلد منهُ، الدهرَ، تقليدُ
ولَفظَة ٍ لا يَسُدّ الغَيرُ مَوضِعَها،
غَرّاءَ تُحسَبُ ماءً، وهيَ جُلمودُ
وجَحفَلٍ لجِدالِ البَحثِ مُجتَمعٍ،
كأنّهُ لجِلادِ الحَربِ مَحشُودُ
قد جَرّدَ الشّوسُ فيه قُضبَ ألسنَة ٍ،
في مَعرَكٍ يومُهُ المَشهورُ مَشهُودُ
بصارِمٍ لا يردّ الدّرعُ ضَربتَهُ،
ولو سنى نسجهُ المردودَ داودُ
حتى إذا نكصَ القومُ الكميُّ به،
وأعوَزتْ عندَ دَعواهُ الأسانيدُ
ألقوا مقاليدهم فيهِ إلى بطلٍ
شهمٍ، إلى مثلهِ تلقَى المقاليدُ
يا مُفقدي مع وُجودي فيضَ أنعُمِهِ
همّي وموجودُ وجدي وهوَ مَفقودُ
وجاعِلَ الفَضلِ فيما بينَنا نسبَاً،
إذ كانَ في نَسَبِ الآباءِ تَبعيدُ
قد كانَ يجدي التناسي عنك دفعُ أسًى ،
لو أنّ مثلكَ في المصرينِ موجودُ
قد أخلَقتْ ثوبَ صبري فيكَ حادثة ٌ
أضحَى بها لثيابِ الحُزن تَجديدُ
برغمِ أنفيَ أن يدعوكَ ذو أملٍ،
فلا يسحّ عهادٌ منكَ معهودُ
وأن يُرى ربعُكَ العافي، وليسَ به
مرعًى خصيبٌ، وظلٌّ منك ممدودُ
أبكي، إذا ما خلا أوصافُ مجدِكَ لي،
فكري وأطلبُ صبري، وهو مطرودُ
وألتَجي بالتّسَلي أن ستُخلِفُها
أبناؤكَ الغرُّ أو أبناؤكَ الصيدُ
فسوفَ ترثيكَ منّي كلّ قافية ٍ،
بها لذِكرِكَ بينَ النّاسِ تَخليدُ
وأُسمِعُ النّاسَ أوصافاً عُرِفتَ بها،
حتى كأنّكَ في الأحياءِ معدودُ
فلا عدا الغيث ترباً أنتَ ساكنهُ،
مع عِلمِنا أنّ فيهِ الغَيثَ مَلحودُ
ودامَ، والظّلّ مَمدودٌ بساحَتِهِ،
والسّدرُ والطّلعُ مَحصورٌ ومَنضودُ
 
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> كانَ الزمانُ بلقياكم يمنينا،
كانَ الزمانُ بلقياكم يمنينا،
رقم القصيدة : 19943
-----------------------------------
كانَ الزمانُ بلقياكم يمنينا،
وحادِثُ الدّهرِ بالتّفريقِ يَثنينا
فعندما صدقتْ فيكم أمانينا،
أضحَى التّنائي بَديلاً مِن تَدانينا
ونابَ عن طيبِ لقيانا تجافينا
خِلنا الزّمانَ بلُقياكم يُسامِحُنا
لكيْ تزانَ بذكراكم مدائحُنا
فعندما سمحتْ فيكم قرائحُنا
بِنتُم وبِنّا فَما ابتَلّتْ جَوانحُنا
شَوقاً إليكُم ولا جَفّتْ مآقينا
لم يُرضِنا أن دَعا بالبَينِ طائرُنا،
شَقُّ الجُيوبِ، وما شُقّتْ مرائرُنا
يا غائبينَ ومأواهم سرائرُنا،
تَكادُ حينَ تُناجيكُم ضَمائرُنا
يقضي علينا الأسَى لولا تأسينا
حمدتُ أيّام أُنسٍ لي بكم سَعِدتْ،
وأسعَدتْ إذ وَفتْ فيكم بما وَعدتْ
فاليومَ إذ غِبتمُ، والدّارُ قد بعُدتْ،
حالتْ لفقدكمُ أيامُنا فغدتْ
سوداً، وكانتْ بكم بيضاً ليالينا
فزنا بنيلِ الأماني من تشرفِنا،
بقربكم، إذا برينا من تكلفنا
حتى كأنّ اللّيالي في تصَرفنا،
إذا جانبُ العيشِ طلقٌ من تألفِنا
ومَورِدُ اللّهوِ صافٍ من تَصافينا
كم قد وردنا مياهُ العزّ صافية ً،
وكم عَللَنا بها الأرواحَ ثانيَة ً
إذْ عينُها لم تكن بالمنّ آنية ً،
وإذ هصرنا غصونَ الأنسِ دانية ً
قطوفها، فجنينا منهُ ماشينا
يا سادة ً كانَ مغناهم لنا حرما،
وكانَ رَبعُ حَماة ٍ للنّزيلِ حِمَى
كم قد سَقيتم مياهَ الجودِ ربّ ظمَا
ليسقِ عهدكمُ عهدُ الغمامِ فما
كنتم لأرواحِنا إلاّ رياحينا
هل يعلمُ المسكرونا من سماحهمُ
برشفِ راحِ النّدى من كأسِ راحهمْ
أنا لبِسنا الضّنا بعدَ التماحهمُ،
من مبلغُ الملبسينا بانتزاحهمُ
ثوباً من الحزنِ لا يبلي ويبلينا
إذا ذكرنا زَمانا كان يُدرِكُنا،
بالقُربِ منكم، وفي اللّذاتِ يُشرِكُنا
لا نَملِكُ الدّمعَ والأحزانُ تملكُنا؛
إنّ الزمانَ الذي قد كان يضحكُنا
آناً بقربكُم قد صارَ يبكينا
نعى المؤيد قومٌ لودروا ووعوا،
أيَّ الملوكِ إلى أيّ الكِرام نعَوا
أظنّهُ، إذ سقانا الودَّ حينَ سعَوا،
غِيظَ العِدى من تَساقينا الهوى فدعَوا
بأن نغصّ، فقالَ الدهرُ آمينا
لمّا رأوا ما قَضينا من مَجالِسِنا،
وسِبطَ أنسٍ رأينا من مَجالِسِنا
دعوا لنفجعَ في الدّنيا بأنفسِنا،
فانحلّ ما كانَ معقوداً بأنفسِنا
وانبَتَّ ما كانَ مَوصولاً بأيدينا
أينَ الذينَ عَهِدْنا الجودَ يُوثِقُنا
في رَبعِهم، ولهم بالشّكرِ يُنطِقُنا
وكان فيهم بهم منهم تأنقنا،
وقد نكونُ وما يُخشَى تَفَرّقُنا
فاليومَ نحنُ، وما يرجَى تلاقينا
يا غائبين، ولا تخلو خواطرنا
من شَخصِهم وإن اشتاقتْ نواظرُنا
واللَّهِ لا يَنقَضي فيكم تَفكّرُنا،
لا تحسبوا نأيكم عنّا يغيرُنا
إنْ طالَ مَا غَيّرَ النّأيُ المُحّبينا
إنّا، وإن زادَنا تَفريقُنا غُلَلاً،
إلى اللّقا، وكسانا بعدكم عِلَلاً
لم نَدعُ غَيرَكمُ سُؤلاً، ولا أملاً،
واللهِ ما طلبتْ أرواحُنا بدلاً
منكم، ولا انصرفتْ عنكم أمانينا
إذا ذكرتُ حِمَى العاصي ومَلعَبِهِ،
والقَصرَ والقُبّة َ العُليا بمَرقَبِهِ
أقولُ، والبرقُ سارٍ في تلهبهِ:
يا ساريَ البرق غادي القصرَ فاسقِ بهِ
من كان صَرفَ الهَوى والوُدّ يَسقينا
يا غاديَ المزنِ إن وافيتَ حلتَنا
على حَماة َ، فجُد فيها محَلّتَنا
واقرَ السلامَ بها عنّا احبتنا،
ويا نسيمض الصَّبا بلغْ تحيتنا
مَن لو على البُعدِ مُتنا كانَ يُحيينا
سلطانُ عصرٍ إلهُ العرشِ بوأهُ
من المعالي، وللخيراتِ هيأهُ
براهُ زيناً، وممّا شانَ برأهُ،
ربيبُ مُلكٍ كأنّ اللَّهَ أنشَأهُ
مِسكاً، وقَدّرَ إنشاءَ الوَرى طينا
نحنُ الفداءُ لمن أبقَى لنا خلفاً،
من ذكرهِ، وإن ازددنا به أسفاً
وإن نكن دونَ أن يُفدى بنا أنفاً،
ما ضرّ إن لم نكن أكفاءهُ شرفاً
وفي المَوَدّة ِ كافٍ من تَكافينا
يا مَن يَرى مَغنَمَ الأموالِ مَغرَمة ً
إن لم يُفِدْ طالبي جَدواهُ مَكرُمة ً
إنّا، وإن حُزتَ ألقاباً مكَرَّمة ً،
لَسنا نُسَمّيكَ إجلالاً وتَكرِمة ً
وقدرُكَ المُعتَلي عن ذاكَ يُغنينا
كم قد وصفتَ بأوصافٍ مشرفة ٍ،
في خطّ ذي قلمٍ أو نطقِ ذي شفة ٍ
فقَد عَرفناكَ منها أيَّ مَعرِفَة ٍ،
إذا انفَرَدتَ وما شُورِكتَ في صِفة ٍ
فحسبنا الوصفُ إيضاحاً وتبيينا
خلّفتَ بعدَكَ للدّنيا وآمِلِها
نجلاً يسرّ البرايا في تأملِها
فلم تقل عنك نفسٌ في تململها:
يا جنة َ الخلدِ أبدلنا بسلسلِها
والكوثرِ العذبِ زقوماً وغسلينا
كم خلوة ٍ هزنا للبحثِ باعثُنا،
فليسَ يؤنسنا إلاذ مباحثنا
فاليَومَ أُخرِسَ بالتّفريقِ نافثُنا،
كأنّنا لم نبتْ، والوصلُ ثالثُنا
والدهرُ قد غضّ من أجفانِ واشينا
ولَيلَة ٍ قد حَلا فيها تَنادُمُنا،
والعزُّ يكنفنا، والسعدُ يقدمنا
ونحنُ في خَلوَة ٍ، والدّهرُ يَخدُمُنا،
سرينِ في خاطرِ الظلماءِ يكتمنا
حتى يكادُ لسانُ الصبحِ يفشينا
للَّهِ كم قد قضَينا منكمُ وطراً،
قد كان عيناً فأمسَى بعدكم خبرا
لا تَعجَبوا إن جعلنا ذكرَكم سمراً،
إنّا قَرأنا الأسَى يومَ النّوى سُوَراً
متلوة ً، واتخذنا الصبرَ تلقينا
كم من حَبيبٍ عَدَلنا مع تَرحّلِهِ،
إلى سِواهُ، فأغنى عن تأمّلِه
وصعبِ وردٍ عدلناهُ بأسهلِهِ،
أما هواكَ، فلم يعدَل بمنهلِهِ
شُرْباً وإن كانَ يَروينا، فيُظمينا
تشكو إلى اللهِ نفسٌ بعَ ما لقيتْ
غبّ النعيمِ الذي من بعدِه شقيتْ
فَيا سَحاباً بهِ كلُّ الوَرى سُقِيتْ:
عليكَ منّى سَلامُ اللَّهِ ما بقيَتْ
صَبابَة ٌ منكَ تُخفيها وتُخفينا

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> بكيتُ دماً لو كانَ سكبُ الدما يغني،
بكيتُ دماً لو كانَ سكبُ الدما يغني،
رقم القصيدة : 19944
-----------------------------------
بكيتُ دماً لو كانَ سكبُ الدما يغني،
وضاعفتُ حزني لو شفى كمداً حزني
وأعرضتُ عن طيبِ الهناءِ لأنني
نقمتُ الرّضى حتى على ضاحكِ المزنِ
أرى العيش في الدّنيا كاحلامِ نائمٍ،
فلَذّاتُها تَفنى ، وأحداثُها تُفني
فمن حادثٍ جمٍّ صفقتُ له يدي،
ومن فادحٍ صَعبٍ قَرَعتُ له سنّي
أفي الستّ والعِشرينَ أفقدُ سِتّة ً،
جبالاً غدتْ من عاصفِ الموتِ كالعهنِ
فقَدتُ ابنَ عمّي وابن عمّي وصاحبي،
وأكبرَ غِلماني بها، وأخي، وابني
متى تُخلِفُ الأيّامُ كابنِ مُحَمّدٍ
ونجلِ سرايا بعدهُ، وفتى الرّكنِ
رجالاً لوَ انّ الشامخاتِ تساقطتْ
عليهم، لكان القلبُ من ذاك في أمنِ
فجعتُ بندبٍ كانَ يملأُ ناظري،
فأصبحَ ناعي نديهِ مالئاً أذني
عفيفُ نواحي الصدرِ، من طيّ ريبة ٍ،
سليمُ ضميرِ القلبِ من دنسِ الضغنِ
قريبٌ إلى المَعروفِ والخَيرِ والتّقَى ،
بعيدٌ عن الفحشاءِ والإفكِ والأفنِ
جبانٌ عن الفحشا، شحيحٌ بعرضِه،
إذا عيبَ بعضُ النّاس بالشحّ والجبنِ
ومَن أتعَبَ اللُّوّامَ في بَذلِ بِرّهِ،
فَلائِمُهُ يَثني، وآمِلُهُ يُثني
مضى طاهرَ الأثوابِ والنفسِ والخطى ،
عفيفَ مناطِ الذيلِ والجيبِ والردنِ
ولم يَبقَ من تَذكارِهِ غَيرُ زَفرَة ٍ،
تفرقُ بينَ النومِ، في الليل، والجفنِ
ولو سلبتهُ الحربُ منّي لشاهدتْ
كما شاهدتْ في ثارِ أخوالِهِ منّي
وأبكيتُ أجفانَ الصوارمِ والقنا
نجيعاً، غداة َ الكرّ في الضربِ والطعنِ
فيا ابنَ أبي والأمّ، قد كنتَ لي أباً
حُنُوّاً، ولكن في الإطاعة لي كابني
ليهنكَ أنّ الدمعَ بعدكَ مطلقٌ،
لفَرطِ الأسَى ، والقلبَ بالهَمّ في سجنِ
جَعَلتُ جبالَ الصّبرِ بالحُزنِ صَفصفاً،
وصَيّرتُ أطوادَ التّجلّدِ كالعِهنِ
وحاولتُ نظمَ الشعرِ فيكَ مراثياً،
فأرتجَ حتى كدتُ أخطىء ُ في الوزنِ
بنيتُ على أن أتّقي بكَ شدّتي،
ولم أدرِ أنّ الذّهرَ ينقضُ ما أبني
وبُلّغتُ ما أمّلتُ فيكَ سوى البَقا،
وما رُمتُهُ إلاّ الوُقوفَ على الدّفنِ
سَبقتَ إلى الزّلفَى ، وما من مَزِيّة ٍ
من الفضلِ إلاّ كنتَ أولى بها منّي
خَلَفتَ أباكَ النّدبَ في كلّ خِلّة ٍ
من المَجدِ، حتى كِدتَ عنه لنا تُغني
سَرايا خِصالٍ من سَرايا وَرِثتَها،
على أنّ هذا الوردَ من ذلكَ الغصنِ
جزاكَ الذي يممتَ سعياً لبيتِهِ،
وأعلَمُ أنّ الحُزنَ والموتَ واحِدٌ
ووَفّاكَ مَن لم تَنسَ في الدّهرِ ذِكرَه
شَفاعتَه، والّناسُ في الحَشرِ كاللُّكنِ
فقد كنتَ تحيي الليلَ بالذكرِ ضارعاً
إلى اللَه، حتى صِرتَ بالنّسكِ كالشَّنِّ
فيؤنِسُني تَرتيبُ نَفلِكَ في الضّحى ،
ويُطرِبُني تَرتيلُ وِردِكَ في الوَهنِ
أمنتُ صروفَ الدهرِ بعدكَ والأذى ،
فمن ذا رأى من صارَ بالخَوفِ في أمنٍ
سأبكيكَ بالعزّ الذي كنتَ ملبسي،
لدَيكَ، وثِقلٍ كُنتَ تَحمِلُه عَنّي
عليذ، فذا يضني القلوبَ، وذا يفني
فإن كانَ عمرُ البينِ قد طالَ بيننا،
كما طالَ في آناءِ مُدّتِهِ حُزني
فحبكَ في قلبي، وذكركَ في فمي،
وشخصكَ في عيني، ولفظكَ في أذني

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لا عَبدَ يُغني عَنهُ ولا وَلَدُ،
لا عَبدَ يُغني عَنهُ ولا وَلَدُ،
رقم القصيدة : 19945
-----------------------------------
لا عَبدَ يُغني عَنهُ ولا وَلَدُ،
ما كلّ عبدٍ عليهِ يعتمدُ
ولا سليلٌ يسرهُ تلفي،
كناضحٍ في رضايَ يجتهدُ
ذا يتمنّى فقدي لكيْ يجدَ الـ
ـمالَ، وهذا لحُزنِهِ يَجِدُ
رَبيبُ بَيتي، بل رَبّ نِعمَتِه،
ومن بهِ في الأمورِ أعتضدُ
يسعى لنفعي بالطبعِ منهُ، ولا
يقصرُ في فعلهِ ويضطهدُ
قد يَقطَعُ الصّارِمُ المُهَنّدُ بالطّبـ
ـعِ ويمضي برغمهِ الوتدُ
وهو القويّ الأمينُ إن عرضتْ
لي أزمَة ٌ كانَ منهُ لي مَدَدُ
مَنظَرُهُ صالحٌ، ومَخبرُهُ،
فالبدرُ في بردتيهِ، والأسدُ
كان لساناً لي ناطقاً، ويداً
طُولَى ، وظَهراً إلَيهِ أستَنِدُ
لم تكُ لي دارُ مية ٍ عرضاً،
إذ ليَ منهُ العَلياءُ والسّنَدُ
كفلتهُ يافعاً، فكنتُ لهُ
كالوالدِ البر، وهوَ لي ولدُ
معتقداً فيهِ ماتحققَ لي
من ودهِ وهوَ فيذ معتقدُ
فقدتهُ، فارتضيتُ همتهُ،
والنّاسُ مثلُ النُّضارِ تُنتَقَدُ
وظلتُ أغذوهُ بالعُلومِ، وما
يَزينُهُ، وهوَ فيهِ مُجتَهِدُ
فجاءَ مستعذبَ الخلائقِ واللفـ
ـظِ، ومصباحُ فهمهِ يقدُ
مهذبُ اللفظِ، ما بمنطقهِ
زَيغٌ، ولا في خِلالِهِ أوَدُ
يُعرِبُ ألفاظَهُ، فيَنفُثُ في
سحرِ المعاني، وما بها عقدُ
إن خطّ طرساً، فالدرّ منتظمُ،
أو قالَ لَفظاً، فجَوهَرٌ بَدَدُ
لله قَلبٌ رَثّت عَلائِقُه
به، وأثوابُ حزنهِ جددُ
قطَعتُ من غَيرِهِ الرّجاءَ فَما
وَجَدتُ مِثلاً لهُ، ولا أجِدُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أصفيحُ ماءٍ أم أديمُ سماءِ،
أصفيحُ ماءٍ أم أديمُ سماءِ،
رقم القصيدة : 19946
-----------------------------------
أصفيحُ ماءٍ أم أديمُ سماءِ،
فيهِ تَغورُ كَواكِبُ الجَوزاءِ؟
ما كنتِ أعلمُ قبلَ موتكَ موقناً
أنّ البدورَ غروبُها في الماءِ
ولقد عجبتُ، وقد هَويتَ بلُجّة ٍ،
فجرى على رسلٍ بغيرِ حياءِ
لو لم يشقّ لكَ العبابُ، وطالما
أشبَهَتَ موسَى باليَدِ البَيضاءِ
أنِفَ العلاءُ عليكَ من لمسِ الثّرى
وحلولِ باطنِ حفرة ٍ طلماءِ
وأجلّ جسمكَ أن يغيرَ لطفَه
عَفَنُ الثّرى وتَكاثُفُ الأرجاءِ
فأحَلّهُ جَدَثاً طَهوراً مُشبهاً
أخلاقهُ في رقة ٍ وصفاءِ
ما ذاك بدعاً أن يضمّ صفاؤهُ
نُوراً يُضَنّ بهِ على الغَبراءِ
فالبحرُ أولى في القياسِ من الثّرى ،
بِجوارِ تلكَ الدُّرّة ِ الغَراءِ
يا مالكي! إنّي عَليكَ مُتَيَّمٌ؛
يا صَخرُ! ني فيكَ كالخَنساءِ
ولقد ألوذُ بكنزِ صبري طالباً
حسنَ العزاءِ، ولاتَ حينَ عزاءِ
وأعافُ شربَ الماءِ يطفحُ لجهُ،
فأصُدّ عَنهُ، وأنثني بظَماءِ
وغذا رأيتُ مدامعي مبيضة ً
مثلَ المِياهِ مَزَجتُها بدِماءِ
لا يُطمعِ العُذالَ حُسنُ تجَلّدي،
فلذاكَ خوفَ شماتة ِ الأعداءِ
فلئِنْ خفَضتُ لهم جَناحَ تَحَمّلي،
فالقَلبُ مَنصوبٌ على الإغراءِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لو أفادَتنا العَزائِمُ حالا،
لو أفادَتنا العَزائِمُ حالا،
رقم القصيدة : 19947
-----------------------------------
لو أفادَتنا العَزائِمُ حالا،
لم نجدْ حسنَ العزاءِ محالا
كيفَ يولي العزمُ صبراً جميلاً
حينَ وارَى التربُ ذاكَ الجمالا
ما ظَننّا أنّ ريحَ المَنايا
تَنسِفُ الطّودَ، وتُردي الجِبالا
جارَ صَرفُ الدّهرِ فينا بعَدلٍ
لم نجدْ للقولِ فيهِ مؤالا
أفَما تَنفَكّ أيدي المَنايا
تسلبُ المالَ، وتفني الرجالا
فإذا أبدى لها المَرءُ سِلماً،
جردتْ عضباً، وراشتْ نبالا
كلّما رُمنا نمُوّ هِلالٍ
غَيّبَتْ بَدراً أصابَ الكَمالا
فإذا ما قلتُ قد زالَ حزنٌ،
أبدلَتْ أحداثُها اللاّمَ دالا
كيفَ دكّتْ طودَ حِلمٍ نَداهُ،
سبَقَ الوَعدَ، وأفنى السؤالا
كيفَ كفّ الدهرُ كفاً كريماً
ليَمينِ الدّهرِ كانتْ شِمالا
ثملٌ من نشوة ِ الجودِ أضحَى
لليتامَى والأيامَى ثمالا
نِعَمٌ لسائليهِ جَوابٌ،
لم يَصِلْ يَوماً إلى لَن ولا لا
دَوحَة ٌ من عِرقِ آلِ وِشاحٍ،
قد دَنَتْ للطّالبينَ مَنالا
قد رَسَتْ أصلاً وطابتْ ثِماراً،
وزكَتْ فَرعاً ومَدّتْ ظِلالا
أزعَجَ النادي بنَجواهُ ناعٍ،
كم نفوسٍ في دموعٍ أسالا
فسمعنا منهُ ندباً لندبٍ
أبعدَ الصبرً، وأدنَى الخيالا
باتَ يهدي للقلوبِ اشتغالا
ولنيرانِ الهُمومِ اشتِعالا
قد مَرَرنا في مَغانيهِ رَكباً؛
وغَوادي الدّمعِ تَجري انهمالا
وسألنا النارَ عنهُ، فقالتْ:
كانَ تاجُ الدينِ ركناً، فزالا
كانَ وبلاً للعفاة ِ هتوناً،
ولأحزابِ العُداة ِ وَبالا
كانَ تاجُ الدينِ للدهرِ تاجاً،
زادَ هامُ الدّهرِ منهُ جَمالا
كانَ زلزالاً لباغ عصاهُ،
ولباغي الرّفدِ منهُ زُلالا
كانَ للأعداءِ ذُلاٍّ وبؤساً،
ولراجي الجُودِ عِزّاً ومالا
كانَ للنّاسِ جَميعاً كَفيلاً،
فكأنّ الخلقَ كانوا عيالا
راعَ أحزابَ العِدى بيراعٍ،
طالمَا أنشأ السّحابَ الثّقالا
ناحلِ الجسمِ قصيرٍ دقيقٍ
دَقّ في الحَربِ الرّماحَ الطّوالا
يَجعَلُ النّومَ عليهم حَراماً،
كلّما أبرَزَ سِحراً حَلالا
فإذا ما خَطّ اسوَدَ نَقشٍ
خلتهُ في وجنة ِ الدهرِ خالا
يا كريماً طابَ أصلاً وفرعاً،
وسما أماً وعمّاً وخالا
وخليلاً مذْ شربتُ وفاهُ
لم أردْ نبعاً بهِ أو خلالا
وإذا ما فهتُ باسمِ أبيهِ،
كانَ للميثاقِ والعَهدِ فالا
إنْ أسأنا لم يَرُعْنا بلَومٍ،
وإذا لمناهُ أبدَى احتمالا
كانَ عَصرُ الأنسِ منك رُقاداً،
ولَذيذُ العَيشِ فيهِ خَيالا
مَن لدَستِ الحُكمِ بعدَك قاضٍ
لم يَمِلْ يَوماً إذا الدّهرُ مالا
مَن لإصلاحِ الرّعايا، إذا ما
أفسدتْ منها يدُ الدّهرِ حالا
مَن لإطفاءِ الحروبِ، إذا ما
صارَ آلُ المَرءِ بالكرّ آلا
وإذا صارَ الجِدالُ جِلاداً،
أخمدَ الحربَ، وأفنى الجدالا
ربّ يومٍ معركُ الحربِ فيهِ
حطّمَ السّمَر وفلّ النّصالا
ذكرَ الأحقادَ فيهِ رجالٌ،
حببَ الطعنُ إليها النزالا
في مَكَرٍّ واسعِ الهَولِ ضَنكٍ،
لا يُطيقُ الطِّرفُ فيهِ مَجالا
ألبسَ الجوَّ العجاجُ لثاماً،
وكسا الخَيلَ الغُبارُ جِلالا
شمتُ في إصلاحهِم عَضبَ عزمٍ
فيهِما، إنْ جارَ دَهرٌ ومَالا
بكَ كَفّ اللَّهُ كفّ الرّزايا،
وكفَى اللهُ الأنامَ القتالا
فلَئنْ وارَتكَ أرضٌ، فها قَد
سارَ منكَ الذكرُ فيها وجالا
لم يَمُتْ مَن طابَ ذِكراً، وأبقى
بعدَهُ شبَهاً لهُ أو مِثالا
أسدٌ خلفَ شبليْ عرينٍ
شيدا مجداً لهُ لن ينالا
ظلّ زينُ الدينِ للدهرِ زيناً،
وجمالُ الدينِ فيهِ جمالا
فأرانا اللهُ أقصى الأماني
فيهما، إنْ جاءَ دهرٌ ومالا
وحباكَ اللهُ في الخلدِ روحاً،
ونَعيماً خالداً لَنْ يُزالا

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> صروفُ الليالي لا يدومُ لها عهدُ،
صروفُ الليالي لا يدومُ لها عهدُ،
رقم القصيدة : 19948
-----------------------------------
صروفُ الليالي لا يدومُ لها عهدُ،
وأيدي المنايا لا يطاقُ لها ردُّ
تُسالمُنا سَهواً، وتَسطو تَعَمّداً،
فإسعافُها عَسفٌ، وإقصادُها قَصدُ
عَجِبتُ لمن يَغَترّ فيها لِجَنّة ٍ
من العيشِ ما فيها سلامٌ ولا بردُ
أفي كلّ يومٍ للنوائبِ غارة ٌ
يشقّ عليها الجيبُ أو يلطمُ الخدّ
أرى كلّ مألوفٍ يُعَجَّلُ فَقدُهُ،
فما بالُ فقدِ الإلفِ ليسَ له فقدُ
فقدتُ رِجالاً كانَ في البؤسِ بأسُهم،
هوَ الظّهرُ لي والباعُ واليَدُ والزّندُ
يزيدهم ليلُ الخطوبِ، إذا دجا،
ضِياءً وحُسنُ الضّدّ يُظهُرُه الضّدّ
أرى كلّ من يستخلِصُ الشكرَ بعدَهم
من الناسِ نحراً لا يليقُ به عقدُ
لذاكَ هجرتُ الإلفَ أعلمُ أنّني
لكَ السّيفُ لا يُبليهِ، إن بَليَ، الغِمدُ
وزرتُ بِلاداً يُنبِتُ العزَّ أرضُها،
ويَنجَحُ في أبناءِ أبياتِها العَقدُ
مخافة َ أن أضحي من الخلّ خالياً،
وَحيداً، وأُمسي عندَ مَن ما لَهُ عِندُ
ولمّا عطفتُ العيسَ، آخرَ رحلة ٍ،
إلى مَعهَدٍ لي، والحَبيبُ بهِ عَهدُ
وشارَفتُ أعلامَ الطّويلَة ِ ذاكِراً
عهودَ الصّبا، والشيبُ لمّا يلحْ بعدُ
سألتُ حِمَى الفيحاءِ: ما بالُ ربعِها
جديباً، وقد كانتْ نَضارَتُهُ تبدو
وما بالُها لَمْ يُروَ من مائِها الصّدى
لظامٍ، ولا يُوري لقاصدِها زَندُ
فقالتْ: قضَى من كان بالسعد لي قضَى ،
وصوحَ نبتُ العزّ وانهدم المجدُ
فأصبحَ مجدُ الدينِ في التربِ ثاوياً،
وزالَ السماحُ السبطُ والرجلُ الجعدُ
فتًى علمتهُ غاية َ الزهدِ نفسهُ،
فأصبَحَ حتى في الحَياة ِ لهُ زُهدُ
ولم أرَ بدراً قَبلَهُ حازَهُ الثّرى ،
ولم أرَ بحراً قَبلَهُ ضَمّهُ اللّحدُ
سَليلُ صفيّ المُصطَفى ، وابنُ سبطه،
لقد طابَ منهُ الأُمّ والأبُ والجَدّ
فَصيحٌ، إذا الخَصمُ الألَدّ تَعالمتْ
دلائلهُ، كانتْ لهُ الحججُ اللدُّ
إذا قالَ قَولاً يَسبُقُ القولَ فِعلُهُ،
فلَيسَ لَهُ يوماً وَعِيدٌ، ولا وَعدُ
لئن أخطأتْ أيدي الرّدى بمُصابِهِ،
لعَمرُ أبي، هذا هوَ الخَطأُ العَمدُ
مضَى طاهرَ الأثوابِ والجسمِ والحشَى ،
له الشّكرُ دِرْعٌ، والعَفافُ لهُ بُردُ
وأبقَى لنا من طيبَ ولدهِ،
ينوبُ كما أبقَى لنا ماءَهُ الوردُ
همُ القومُ فاهُوا بالفَصاحة ِ رُفّعاً،
وشابتْ نواحي مجدهم، وهم مردُ
إذا حَلّ منهم واحدٌ في قَبيلَة ٍ
يُشارُ إلَيهِ إنّهُ العَلَمُ الفَرْدُ
كفاهم فخاراً أنهُ لهمُ أبٌ،
ويكفيهِ أن أمسَى ومنهم لهُ ولدُ
فيا نازحاً يدنيهِ حسنُ ادكارهِ،
ففي بُعدِهِ قُربٌ، وفي قُربه بُعدُ
لك اللهُ كم أدركتَ في المجدِ غاية ً
تقاعسَ عن إدراكها الأسدُ الوردُ
إذا افتخرَ الأقوامُ بمجدهمْ،
فإنكَ من قومٍ بهمْ يفخرُ المجدُ
تعودَ متنَ الصافناتِ صغيرُهم،
إلى أن تَساوَى عندَهُ السّرجُ والمَهدُ
حَمَوا لجنودِ الجأشِ حَولَ بيوتهم،
من المَجدِ، ما لم يَحمِه الجيشُ والجُندُ
بيوتُ كُماة ٍ دونَها تُحطَمُ القَنا،
وغاباتُ أسدٍ دونها تفرسُ الأسدُ
أقاموا وبردُ العيشِ عندهمُ لظًى ،
وصالوا وحَرُّ الكَرّ عندَهمُ بَردُ
وعَزّوا إلى أن سالمتهم نجومُها،
فلا نجمَ إلاّ وهوَ في رَبعِهمْ سَعدُ
ورثتَ علاهم واقتديتَ بفضلِهم،
فأنتَ إذاً ندّ الكرام لهم ندُّ
فإن شاقَ صدرُ الخَودِ والنّهدُ مَعشراً
يشوقك صدرُ الدستِ والفرسُ النهدُ
فبالرّغمِ منّي أن يُغَيّبَكَ الثّرَى ،
ويَرجعَ مَردوداً بخَيبَتِهِ الوَفدُ
ويُعرِضَ عن رَدّ الجَوابِ لسائِلٍ،
وقد كنتَ لم يعرفْ لسائلكَ الردُّ
سأبكيكَ جهدَ المستطيعِ منظماً
رِثاكَ، وهذا جُهدُ مَن مَاله جُهدُ
فإنْ رمدتْ أجفانُ عينيَ بالبُكا،
فكَم جَلَيتْ منَا بك الأعينُ الرُّمدُ
لئن كنتَ قد أصبَحتَ عنّا مُغَيَّباً،
فقد نابَ عنك الذّكرُ والشّكرُ والحمدُ
وما غابَ مَن يَقصو ومَعناهُ حاضرٌ،
ولا زالَ من يخفَى وآثارهُ تبدو
 


العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> صالَ فينا الرّدى جهاراً نهاراً،
صالَ فينا الرّدى جهاراً نهاراً،
رقم القصيدة : 19949
-----------------------------------
صالَ فينا الرّدى جهاراً نهاراً،
فكأنّ المنونَ تطلبُ ثارَا
كلما قلتُ يستتمّ هلالٌ،
سلَبَتنا أيدي الرّى أقمارَا
يا لَقَومي! ما إن وَجدتُ من الخَطـ
ـبِ مَحيداً، ولا علَيهِ انتِصارَا
كلَّ حينٍ ألحَى الخطوبَ على فقـ
ـدِ حَبيبٍ، وأعتبُ الأقدارا
يا هلالاً لمّا استتمّ ضياءً،
قد أغارتْ فيهِ المنونُ، فغارَا
قمرٌ أسرعتْ لهُ الأرضُ كسفاً،
وكذا الأرضُ تكسفُ الأقمارَا
أذهلَ العقلَ رزؤهُ، فترَى النّا
سَ سكارَى وما همُ بسكارَى
ما رأينا من قَبلِ رُزئِكَ بَدراً
جعل المكثَ في الترابِ سرارا
كنتُ أدري أنّ الزّمانَ، وإن أسْـ
ـعفَ بالصفو يحدثُ الأكدارَا
غيرَ أنّي غُررتُ أن سوفَ تَبقى ،
فلقد كنتَ كوكباً غرارَا
يا قَضيباً ذَوى ، وصَوّحَ لمّا
أظهرَ الزهرُ غصنهُ والثمارَا
قد فَقَدنا من طيبِ خُلقِكَ أُنساً
علمَ النومَ عن جفوني النفارَا
خُلُقاً يُشبِهُ النّسيمَ، ولُطفاً
سلَبَ الماءَ حُسنَه، والعُقارَا
أيها النازحُ الذي ملأ القلـ
ـبَ بأحزانِهِ، وأخلى الدّيارَا
لستُ أختارُ بَعدَ بُعدِكَ عَيشاً،
غَيرَ أنّي لا أملِكُ الإختيارَا
كلّما شامَ برقَ مَغناكَ قَلبي،
أرسلتْ سحبُ أدمُعي أمطارَا
وإذا ما ذكرتُ ساعاتِ أُنسي
بككَ أذكَى التّذكارُ في القلبِ نارَا
فكأنّ التذكارَ حجّ بقلبي،
فهوَ بالحزنِ فيهِ يَرمي الجِمارَا
فسأبكيكَ ما حَييتُ بدَمعٍ،
لا تُقالُ الجُفونُ منهُ عِثارَا
ليسَ جهدي من بعدِ فقدِك إلاّ
أرسلَ الدمعَ فيكَ والأشعارَا

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> سقَى اللَّهُ قَبراً حَلّ فيهِ ابنُ مُقبِلٍ،
سقَى اللَّهُ قَبراً حَلّ فيهِ ابنُ مُقبِلٍ،
رقم القصيدة : 19950
-----------------------------------
سقَى اللَّهُ قَبراً حَلّ فيهِ ابنُ مُقبِلٍ،
تَواليَ أمطارٍ بها البرقُ ضاحِكُ
فتَّى غباَ عنّا شخصهُ دونَ ذكرِهِ،
فأصبَحَ فينا حاضراً، وهوَ هالِكُ
غَريبٌ عنِ الأوطانِ قد حَلّ حُفرَة ً
من الحزنِ يعلوهُ الصفا والدكادكُ
فَيا ربّ قد وافاكَ ذا أمَلٍ، فجُدْ
عليهِ برضوانٍ، فإنكَ مالكُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> رحمَ الإلهُ جوارحاً ضمّ الثرَى ،
رحمَ الإلهُ جوارحاً ضمّ الثرَى ،
رقم القصيدة : 19951
-----------------------------------
رحمَ الإلهُ جوارحاً ضمّ الثرَى ،
في ماردين بأيمَنِ الصّمّانِ
فلقدْ تمتعتِ النواظرُ برهة ً
من رَبّها بالحُسنِ والإحسانِ
وعلمتُ أنّ ذنوبهُ مغفورة ٌ
من دفنهِ بمقابرِ الرضوانِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> وفَى ليَ فيكَ الدمعُ إذ خانني الصبرُ،
وفَى ليَ فيكَ الدمعُ إذ خانني الصبرُ،
رقم القصيدة : 19952
-----------------------------------
وفَى ليَ فيكَ الدمعُ إذ خانني الصبرُ،
وأنجَدَ فيكَ النّظمُ إذ خُذِلَ النّصرُ
وأضحتْ تقولُ الناسُ والدستُ والعلى :
كذا فليجلّ الخطبُ وليفدحِ الأمرُ
توفيتِ الآمالُ بعدَ محمدٍ،
وأصبحَ في شغلٍ عن السفرِ السفرُ
وزالتْ حصاة ُ الحلمِ عن مستقرّها،
وأصبحَ كالخنساءِ في قلبهِ صخرُ
وساوَى قلوبَ النّاسِ في الحُزنِ رزؤه
كأنّ صدورَ الناسِ في حزنِها صدرُ
فإن أظلمتْ أرضُ الشآمِ لحزنهِ،
فلَم يَخلُ من ذاكَ الصّعيدُ ولا مصرُ
قضَى الناصرُ السلطانُ من بعدِ ما قضَى
فروضَ العُلى طُرّاً، وسالمَهُ الدّهرُ
ولم يُغنِ عنه الجأشُ والجيشُ واللُّهَى
وفرطُ النُّهَى والحكمُ والنّهيُ والأمرُ
ولا الخَيلُ تَجري بينَ آذانِها القَنا،
لحربِ العدى والدُّهمُ من دمهم حمرُ
لدى معركٍ خاضتْ به الخيلُ في الوغى
من الدّمِ فيما خاضتِ البيضُ والسمرُ
كأنْ لم يَقُدها في الهِياجِ عَوابِساً،
بكلّ كَميٍّ ضمّ في قَلبِهِ الصّدرُ
ولم ترجعِ البيضُ الصفاحُ من العدى
مُخَضَّبَة ً، والبَرّ من دَمِهمْ بحرُ
ولم يتركِ الأبطالَ صرعَى ، وغسلُها
دماها، وأحشاءُ النسورِ لها قبرُ
ولا صَنَعَتْ فيها ظُباهُ مآدِباً،
فأصبحَ من أضيافهِ الذئبُ والنسرُ
ولا أخذَتْ منهُ الملوكُ لسلِمِه
زِمامَ الرّضَى ممّا يُقَلِقِلُها الذعرُ
ولا مهدَ الإسلامُ عندَ أضطرابِهِ،
فأصبحَ مشدوداً بهِ ذلك الأزرُ
ولا قلدَ الأعناقَ من فيضِ جودِه،
قلائدَ برٍّ لا يقومُ بها الشكرُ
ولا جَبَرَتْ كَفّاهُ في كلّ بلدَة ٍ
كَبيرَ كِرامٍ ما لكَسرِهمُ جَبرُ
ألا في سبيلِ المجدِ مهجة ُ ماجدٍ
يُشارِكُنا في حُزنِهِ المَجدُ والفَخرُ
كَريمٌ أفادَ الدّهرُ منهُ خَلائِقاً،
فأيّامُهُ منهُ مُحَجَّلَة ٌ غُرّ
يروعُ جيوشَ الحادثاتِ يراغُهُ،
ويُفني الأعادي قَبلَ أسيافِهِ الذّكرُ
إلى بابهِ تسعَى الملوكُ، فإن عدتْ
تعدّى إليها القتلُ والنهبُ والأسرُ
لقدْ شهدتْ أهلُ الممالكِ أنّهُ
مَليكٌ لهُ مِن فوْقِ قَدرِهمُ قَدْرُ
قويُّ إذا لانوا، سريعٌ إذا ونوا،
صَؤولٌ إذا كَرّوا، ثَبوتٌ إذا فرّوا
كأنّ أديمَ الرضِ قدَّ من اسمهِ،
فَما وُجِدتْ إلاّ وفيها لهُ ذِكرُ
يجولُ ثناهُ في البلادِ كأنّه
وشاحٌ، ومجموع القاعِ له خصرُ
وما كان يدري من تيممَ جودهُ
ونكبَ لجَّ البحرِ أيهما البحرُ
مَفاتحُ أرزاقِ العِبادِ بكَفّهِ،
فيُمنى بها يُمنٌ، ويُسرَى بها يُسرُ
فتًى كانَ مثلَ الدّهرِ بَطشاً وبَسطة ً،
يُرَجّى ويُخشَى عندَهُ النّفعُ والضّرّ
فتًى طبقَ الأرضَ البسيطة َ جودهُ،
ففي كلّ قطرٍ من نداهُ بها قطرُ
فتًى لَفظُهُ مع رأيِهِ ونَوالِهِ،
يجيءُ ارتجالاً لا يغلغلهُ الفكرُ
فتًى يَكرَهُ التّقصِيرَ حتّى تظُنَهُ،
يكونُ حراماً عندهُ الجمعُ والقصرُ
فتى ً ذخرَ الحسنى ، فأعقبَ فعلهُ
عواقبَهُ الحُسنى ، فقد نفَعَ الذّخرُ
طواهُ الثّرى من بعدِ ما شَرُفَ الثّرَى
بوَطأتِهِ، والتّختُ والدّستُ والقصرُ
لوم نرَ بدراً قبلهُ غابَ في الثّرى ،
ولم نَرَ طَوداً قَبلَهُ ضَمّهُ القَبرُ
وقد كان بطنُ الأرضِ يغبطُ ظهرَها
عليه، فأمسَى البَطنُ يَحسدُهُ الظّهرُ
أحاطَ بهِ الآسونَ يبغونَ طبّهُ،
وقد حارَتِ الأفهامُ واشتغَلَ السّرّ
وراموا بأنواعِ العقاقيرِ برأهُ،
وهل يُصلحُ العطّارُ ما أفسدَ الدّهرُ
وكيفَ يردّ الطّبُّ أمراً مُقَدَّراً،
إذا كانَ ذاكَ الأمرُ ممّنْ لهُ الأمرُ
ومما يسلّي النفسَ حسنُ انتقالِه،
عفيفَ إزارٍ لا يناطُ بهِ وزرُ
وإنّ لنا من بحدِهِ من سليلهِ
مليكاً بهِ عن فقدهِ يحسنُ الصبرُ
فإنْ غابَ ذاكَ البَدرُ عن أُفقٍ مُلكِهِ
فقد أشرَقتْ من نجلِهِ أنجمٌ زُهرُ
وسرّ العُلى ما أسمعَ الناسُ عنهمُ،
وقالَ الوَرى قد صَدّقَ الخبرَ الخُبرُ
فإنْ فلتِ الأيامُ حدّ محمدٍ،
فقد جَرّدَتْ سَيفاً به يُدرَكُ الوِترُ
وإن أحدثتْ بالناصرِ الملكِ زلَّة ً،
فبالملك المَنصورِ قامَ لها العُذرُ
فيا دوحة َ المجدِ الذي عندما ذوتْ
سمَتْ ونمتْ في المجدِ أغصانُها لكَ
لكَ اللهث كم قلدتنا طوقَ منة ٍ،
فتلكَ كعدّ القطرِ ليسَ لهُ حصرُ
لقد عزّ فينا بعدَ وجدانِكَ الغنى ،
كما ذلّ فينا قبلَ فقدانِكَ الفقرُ
ترتبتِ الأحزانُ فيكَ مراتباً
بقلبي، ورقمُ الصبرِ من بينِها صفرُ
ولمّا نَظَمتُ الشّعرَ فيكَ قَلائِداً،
تمنتْ نجومُ الليلِ لو أنّها شعرُ
سأبكيكَ بالأشعارِ، حتى إذا وهتْ
سلوكُ عقودِ النظمِ أنجدني النثرُ
عليكَ سَلامُ اللَّهِ ما ذُكِرَ اسمُكم،
وذلكَ بَينَ النّاسِ آخرُهُ الحَشرُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ما للجِبالِ الرّاسياتِ تَسيرُ،
ما للجِبالِ الرّاسياتِ تَسيرُ،
رقم القصيدة : 19953
-----------------------------------
ما للجِبالِ الرّاسياتِ تَسيرُ،
أفآنَ بَعثٌ للوَرَى ونُشورُ؟
أم زالَتِ الدّنيا فَيذبُلَ يَذبُلُ
منها ويدعي بالثبورِ تبيرُ
أم أخبرَتْ أنّ ابنَ أيّوبٍ قضَى ،
فتكادُ من حزنٍ عليه تمورُ
الأفضَلُ الملكُ الذي لفَخارِهِ
ذَيلٌ على هامِ السُّهَى مَجرُورُ
ذو الرّتبة ِ العَلياءِ، والوَجهِ الذي
منهُ البدورُ تغارُ ثمّ تغورُ
فإذا سَخا ذلّ النُّضارُ بكَفّهِ،
عَنّا، ويَعدلُ والزّمانُ يَجُورُ
يروي حديثَ الجودِ عنهُ معنفاً،
فحَديثُهُ بَينَ الوَرَى مأثُورُ
جمعَ الثناءَ، وإنهُ، إلا على
جَمعِ النُّضارِ، إذا يَشاءُ قَديرُ
من مَعشَرٍ ما شَكّ طالبُ جُودهم
أنّ الثناءَ عليهمُ محصورُ
قومٌ، إذا صمتَ الرواة ُ لفضلهم،
أخنتْ علينا الحادثاتُ برزئهِ،
والرّزءُ بالمَلكِ الكَبيرِ كَبيرُ
وعلا النعيّ له، وكانَ إذا بدا
يعلو لهُ التهليلَ والتكبيرُ
عَمّ الخلائِقَ حُزنُهُ، فقلوبُهم
بالحُزنِ مَوتَى ، والجسومُ قُبورُ
عَفُّ الإزارِ، فَلا يُلاثُ بزَلّة ٍ،
فيقالَ: إنّ هِباتِهِ تَكفِيرُ
طالتْ إلى الحسنى يداهُ، وخطوه،
نحوَ المعاصي، واللسانُ قصيرُ
يتطهرُ الماءُ القراحُ بسعيهِ
وبطيبهِ يتعطرُ الكافورُ
أينَ الذي كسب الثّناءَ بسَعيِه
لتجارة ٍ في المجدِ ليسَ تبورُ
أينَ الذي ساسَ البلادَ بخاطِرٍ
كالبَحرِ ليسَ لصَفوِهِ تَكديرُ
أينَ الذي عَمَّ الأنامَ بأنعُمٍ
يُطوَى الزّمانُ، وذِكرُها مَنشورُ
يا غائباً أخفى الترابُ جمالهُ
عنّا، وأنعمهُ لديّ حضورُ
ومُسافِراً ولّى فطَوّلَ نأيَهُ،
ونرَى المسافرَ فرضهُ التقصيرُ
لقد استَقَمتَ كما أُمِرتَ، وأمرُك الـ
ـعالي، فأنتَ الآمرُ المأمورُ
رأيٌ حَمَيتَ بهِ حماة َ وأهلَها،
ورعَى المَمالكَ سَعيُكَ المَشكورُ
ما زالَ وَفرُكَ للعُفاة ِ مُعَرَّضاً،
أبداً، وعرضكَ بينهم موفورُ
ما خِلتُ أنّ نَداكَ تُقلِعُ سُحبُهُ
عنّا، وينضبُ بحرهُ المسجورُ
أفإنْ أُصِمّ صَداكَ عنّي إنّ لي
منكَ الصّدى المهموزث والمقصورُ
سَمعتْ بمقدمكَ الجِنانُ فزَخرَفتْ
وتَباشرَتْ ولدانُها والحُورُ
لم تَثنِ عنكَ الغاسِلونَ عِنانَها،
إلاّ أتاكَ مبشرٌ وبشيرُ
وغدتْ تقولُ العالمونَ وقد بكتْ
علماً بلذة ِ ما إليهِ تصيرُ
تبكي عليهِ، وما استقرّ قرارهُ
في اللحدِ، حتى صافحتهُ الحورُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> اليَومَ زُعزِعَ رُكنُ المَجدِ وانهدما،
اليَومَ زُعزِعَ رُكنُ المَجدِ وانهدما،
رقم القصيدة : 19954
-----------------------------------
اليَومَ زُعزِعَ رُكنُ المَجدِ وانهدما،
فحُقّ للخلقِ أن تذري الدّموعَ دما
ما من وفيٍّ بكى دمعاً بغيرِ دمٍ،
إلاّ غَدا في صَفاءِ الودّ مُتّهماً
يا فَجعة ً أحدثتْ في المجدِ مُعضِلة ً
تُبلي الصّميمَ وفي سمعِ العُلى صَمَما
شَقُّ الجيوبِ بلا شَقّ القلوبِ بها
خلقٌ ذميمٌ لمن يرعى لها الذّمَما
حتامَ أحزنُ في توديعِ مرتحِلٍ،
وأقرَعُ السّنّ في آثارِهِ نَدَما
من خالطَ الناسَ كانَ الحزنُ غايتَه،
من أكثرَ النّومَ لا يسَتذنبُ الحُلُما
أماتني الحزنُ إلاّ أنّ نطقَ فمي
يحكي الصّدى لنَعيٍّ خطبُهُ عَظُما
أينَ الذي كانَ مَغناهُ لآملِهِ
حصناً، وظلّ فناهُ للنزيلِ حمى
أينَ الذي كانَ مَسعاهُ وبهجَتُه
بَينَ المَمالِك تَجلو الظُّلمَ والظُّلَما
أينَ الذي كانَ نعمَ المُستَشارُ به،
إذا تراكمَ موجُ الشكّ والتطما
وإن غدتْ الملوكِ الأرضِ مشكلة ٌ
غدا لها حكماً ترضى بها حكما
يَقظانُ يُرضيكَ نَجواهُ وخاطرُه،
إن قالَ أفهمَ، أو أسمعتهُ فهما
مضَى الأميرُ عِمادُ الدّينِ عن أَمَمٍ
قد كانَ منها سَناهُ والنّدى أَمَما
فما أرتنا الليالي عندهُ نعماً،
حتى قضَى ، فأرَتنا عندَهُ نِقَما
قضَى ديونَ العلى في عزة ٍ وقضَى
عَفَّ الإزارِ بحَبلِ اللَّهِ مُعتَصِما
ما مالَ إلاّ على مالٍ يَجودُ بهِ
على الوَرى ولغَيرِ الخَيلِ ما ظلَما
ولم يُحَرّكْ لساناً في أذَى أحدٍ
من العبادِ، ولا أجرى به قلما
يا ناصرَ الحَقّ لمّاعَزّ ناصِرُهُ،
وذلّ من لم يكن بالجاهِ ملتزما
ما كنتَ إلاّ طرازاً راقَ منظرهُ
على ثيابِ العُلى والمجدِ قد رقِما
ماتتْ لموتكَ خلقٌ كنتَ غيثهمُ،
وهَدّ فَقدُكَ من أهلِ الرّجا أُمَما
لبَّيتَ داعي الرّدى لمّا فُجئتَ بهِ
طَوعاً، ولم تَر منهُ عابساً وَجِما
رَمَيتَ بالذّلّ قَوماً أنتَ عزّهمُ،
وما رَمَيتَ ولكنّ الإلَهَ رَمَى
حلّ الردي بك ضيفاً فانبسطتَ لهُ،
وجُدتَ بالنّفسِ لمّا رامَها كَرَما
قد سلمتكَ الليالي في تصرفِها،
حتى المنية ُ ألقتْ دونكَ السلَما
ففاجأتكَ برفقٍ لم يذقكَ ضنى ً،
ولم تُقاسِ بها في مَرضَة ٍ ألمَا
يا ابنَ الأئمّة ِ والقومِ الذينَ سمَوا
على الأنامِ، فكانوا للهُدى عَلما
مثواكَ في يوم عاشوراءَ يخبرُنا
بقربِ أصلكَ من آبائِكَ الكرَما
وخُلقُك السَّبطُ يا ابن السِّبطِ حن له،
فيومَ مَصرَعهِ من بَينِنا اختُرِما
قد كانَ وجهكَ في الإقبلِ قبلتنا،
فأصبَحَ اسمُكَ فيما بَينَنا قَسَما
وكانَ ملكَ في الأقوامِ منقسماً،
فصارَ حزنكَ بينَ الناسِ مقتسما
كنّا نُعَزّيكَ في الأموالِ تُتلِفُها،
فاليومَ فيك نعزي المجدَ والكرما
أرضعتنا ثدي أنسٍ منكَ تألفهُ،
فاليومَ منك رضيعُ الأنسِ قد فطما
تبدي التواضعَ للاخوانِ منبسطاً،
وإن وَضَعتَ على هامِ السُّها قدَما
بسطتَ لي منكَ أخلاقاً وتكرمة ً،
حتى غدا الودّ فيما بيننا رحما
فكيفَ نحيا، وقد زالَ الحياة ُ لنا،
فإن نمتْ بعدَه حزناً فلا جرما
أبكي عليهِ، وهل يَشفي البكا كمداً،
ولو مزجتُ دموعي بالدماءِ لما
ويكفَ نبكي أمرأً كانَ الإلهُ لهُ
في المالِ والآلِ والخيراتِ قد خَتما
مضَى ، وأبقَى لَنا من بَعدِهِ خلَفاً
شملُ العلاءِ بهِ قد عادَ ملتئما

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ما ماتَ مَن أنتُمُ أغصانُ دَوحَتِهِ،
ما ماتَ مَن أنتُمُ أغصانُ دَوحَتِهِ،
رقم القصيدة : 19955
-----------------------------------
ما ماتَ مَن أنتُمُ أغصانُ دَوحَتِهِ،
فالذّكرُ منهُ مُقيمٌ بينَ أحياءِ
لمّا اقتَضَى الدّهرُ منهُ وترَهُ، وقضَى
عفَّ الإزارِ حَميدَ الفِعلِ والرّأيِ
كنتُم لهُ خلفاً يهدي الثناءَ له،
كالماءِ للوَردِ، أو كالوَردِ للماءِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> خفصْ همومك، فالحياة ُ غرورُ،
خفصْ همومك، فالحياة ُ غرورُ،
رقم القصيدة : 19956
-----------------------------------
خفصْ همومك، فالحياة ُ غرورُ،
ورَحَى المَنونِ، على الأنامِ تدورُ
والمرءُ في دارِ الفناءِ مكلفٌ،
لا قادرٌ فيها ولا معذورُ
والنّاسُ في الدّنيا كظِلٍّ زائِلٍ،
كلٌّ إلى حُكمِ الفَناءِ يَصيرُ
فالنّاسُ والملكُ المتَوَّجُ واحدٌ،
لا آمرٌ يبقى ، ولا مأمورُ
عجباً لمن تركَ التذكرَ، وانثنى
في الأمنِ، وهوَ بعَينِهِ مَغْرُورُ
في فقدنا الملكَ المؤيدَ شاهدٌ
ألاّ يَدومَ معَ الزّمانِ سرُورُ
ملكٌ تيتمتِ الملوكُ برأيهِ،
فكأنّهُ لصَلاحهمْ إكسيرُ
من آلِ أيوبِ الذينَ سماحُهم
بحرٌ بأمواجِ النّدى مسجورُ
أضحتْ مدائحُه الحسانُ مراثياً،
للّناسِ منها رَنّة ٌ وزَفيرُ
وبكتْ لهُ أهلُ الثغورِ، وطالما
ضحكتْ لدستِ الملكِ منه ثغورُ
أمسَى عِمادُ الدّينِ بعدَ علومهِ
ولطِبّهِ عَمّا عَراهُ قُصورُ
وإذا القَضاءُ جَرى بأمرٍ نافِذٍ،
غلطَ الطبيبُ، وأخطأ التدبيرُ
ولو أنّ إسماعيلَ مثلُ سميّه
يُفدى ، فدَتْهُ تَرائبٌ ونُحورُ
إن لمتُ صرفَ الدهرِ فيه أجابني:
أبتِ النُّهَى أن يُعتَبَ المَقدورُ
أو قلتُ: أين تُرى المؤيدُ؟ قال لي:
أينَ المظفرُ قبلُ والمنصورُ؟
أم أينَ كِسرَى أزدشيرُ وقيصرٌ
والهرمُزان، وقبلهم سابورُ؟
أينَ ابنُ داودٍ سلمانُ الذي
كانتْ بجحفلهِ الجبالُ تمورُ
والرّيحُ تَجري حَيثُ شاءَ بأمرِهِ،
منقادة ً، وبهِ البساطُ يسيرُ
فتكَتْ بهم أيدي المَنونِ، ولم تَزَلْ
خَيلُ المَنونِ على الأنامِ تُغيرُ
لو كانَ يخلدُ بالفضائلِ ماجدٌ،
ما ضمتِ الرسلَ الكرامَ قبورُ
كلٌّ يَصيرُ إلى البِلى ، فأجَبتُه:
إنّي لأعلمُ، واللبيبُ خبيرُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لدوا للموتِ، وابنوا للخرابِ،
لدوا للموتِ، وابنوا للخرابِ،
رقم القصيدة : 19957
-----------------------------------
لدوا للموتِ، وابنوا للخرابِ،
فَما فَوقَ التّرابِ إلى التّرابِ
كذلكَ قالَ خَيرُ الخَلقِ طُرّاً،
رسولُ الله، ذو الأمرِ المجابِ
فمَرجِعُ كلّ حيٍّ للمَنايا،
وغاية ُ كلّ ملكِ للذهابِ
بنو الدنيا فرائسُ للمنايا،
ونابُ الموتِ عنها غيرُ نابِ
ومَن يَغتَرّ في الدّنيا بعَيشٍ،
فقد طلبَ الشرابَ من السرابِ
دعا ابنكَ للرّدى من ليسَ يعصَى ،
وداعي الموتِ ممنوعُ الجوابِ
أرانا فقدهُ الأيامَ سوداً،
ونادي الأنسِ مغبرّ الجنابِ
وما طيبُ الحياة ِ بغيرِ بشرٍ،
ولا حُسنُ السّماءِ بلا شِهابِ
فلذْ بالصبرِ في اللائي وأحسنْ
عَزاءَكَ واغتَنِمْ حُسنَ الثّوابِ
فإنكَ منْ أناسٍ ليسَ يخفى
على آرائهمْ وجهُ الصوابِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> كذا فليصبرِ الرجلُ النجيبُ،
كذا فليصبرِ الرجلُ النجيبُ،
رقم القصيدة : 19958
-----------------------------------
كذا فليصبرِ الرجلُ النجيبُ،
إذا نزَلَتْ بساحتِهِ الخُطوبُ
يَسرّ النّفسَ ثمّ يُسِرُّ حُزناً،
يَضيقُ ببَعضِهِ الصّدرُ الرّحيبُ
ويُبدي البأسَ للأعداءِ كَيلا
تُؤنّبُهُ الشّوامتُ، أو تَعيبُ
ومثلُ عُلاكَ نُورَ الدّينِ مَن لا
يُقَلقِلُ قَلبَهُ نُوَبٌ تَنوبُ
فإنكَ في جلادِ الملكِ خطبٌ،
وفي يَومِ الجِدالِ لهُ خَطِيبُ
تخافكَ حينَ تزجرها الرزايا،
وتجلَى حينَ تلحظُها الكروبُ
بقَلبٍ كلّ فِكرَتِهِ عيونٌ،
وطَرْفٍ كلّ نَظرَتِهِ قلوبُ
وإنّ يدَ الرّدى ، ووقيتَ منها،
سِهامُ خطوبِها أبداً تُصيبُ
أرتكَ بفقدِ فخرِ الدينِ رزءاً،
تُشَقّ له المَرائرُ لا الجُيوبُ
كريمٌ ما بسمعِ نداهُ وقرٌ،
ولاي وجهِ نائلِهِ قطوبُ
ولو أنّ الوغَى سلبتهُ منّا،
وبَزّتهُ الوَقائعُ والحُروبُ
لقامَ بنَصرِهِ منّا رِجالٌ
تُزَرّ على دُروعِهِمُ القُلوبُ
بيض يغتدي نملُ المنايا
لهُ من فوقِ صَفحَتِها دَبيبُ
وخَيلٍ كلّما رَفَعَتْ عَجاجاً
جلاهُ الدرعُ والسيفُ العضيبُ
كأنّ مثارَ عثيرِها سحابٌ
جلاهُ الدرعُ والسيفُ العضيبُ
كأنّ مثارَ عثيرها سحابٌ
حَدَتهُ من سَنابكِها جَنوبُ
أفخرَ الدينِ كم أعليتَ فخراً،
لآلِكَ حينَ تَشهَدُ، أو تَغيبُ
برغمي أن تبيتَ غريبَ دارٍ،
وعشتَ، وأنتَ في الدنيا غريبُ
وتخلو منكَ أمينة ُ المعالي،
ويمحلُ ذلكَ المرعَى الخصيبُ
وتَدعوكَ الكُفاة ُ ولا تُناجي،
وتَسألُكَ العُفاة ُ، فلا تُجيبُ
ويُقسَمُ في الأنام زكاة ُ مَدحٍ،
ومالكَ في نصابهمْ نصيبُ
خفيتَ عن العيونِ، وأيُّ شمسٍ
تَلوحُ، ولا يكونُ لها مَغيبُ
فصبراً يا بني إسحاقَ، صبراً،
فربُّ العيشِ بالحسنى يثيبُ
وخفضْ عنك نورَ الدينِ حزناً،
تكادُ الرّاسياتُ بهِ تَذوبُ
فإنّ قريبَ ما تخشَى بعيدٌ،
وإن بعيدَ ما ترجو قريبُ
وليسَ الحتفُ في الدُّنيا عجيب،
ولكنّ البقاءَ بها عجيبُ

 

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لا شَغَلَ اللَّهُ لكم خاطراً،
لا شَغَلَ اللَّهُ لكم خاطراً،
رقم القصيدة : 19959
-----------------------------------
لا شَغَلَ اللَّهُ لكم خاطراً،
ولا عَرَتكُم بعدَها شائبَه
ولا أرتكُم لصروفِ الرّدى
حادثة ً تصمي ولا نائبَه

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ظنَّ قومي أنّ الأساة َ ستبري
ظنَّ قومي أنّ الأساة َ ستبري
رقم القصيدة : 19960
-----------------------------------
ظنَّ قومي أنّ الأساة َ ستبري
داءَ وَجدي، والعلاجُ يُفيدُ
فأتَوا بالطّبيبِ، وهوَ لعَمري
في ذَوي فَنّهِ مُجيدٌ مُجيدُ
مذ رأى علتي، وقد لاحَ للمو
تِ عَلَيها أدلّة ٌ وشُهودُ
جسّ نَبْضي وقال: ما أنتَ شاكٍ؟
قلت: ناراً لم يُطفِها التّبريدُ
فغَدا يُخلِصُ الدّواءَ، فألفَى
نَارَ وَجدي معَ الدّواءِ تَزيدُ
قال: ماكانَ أصلُ دائِكَ هذا؟
قلتُ: طرفي، وذاكَ حالٌ شديدُ
قال: إنّ الهوَى قد أحدثَ بلوا
كَ، فقلتُ: المقصورُ لا الممدودُ
فانثنى حائراً وقالَ لأهلي:
ما شِفاءُ العُشّاقِ إلاّ بعيدُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أذابَ التّبرَ في كأسِ اللُّجَينِ،
أذابَ التّبرَ في كأسِ اللُّجَينِ،
رقم القصيدة : 19961
-----------------------------------
أذابَ التّبرَ في كأسِ اللُّجَينِ،
رَشاً بالرّاحِ مَخضوبَ اليَدينِ
رخيمٌ من بني الأعرابِ طفلٌ،
يُجاذِبُ خَصرُهُ جَبَلَيْ حُنَينِ
يُبَدّلُ نُطقَهُ ضاداً بدالٍ،
ويشركُ عجمة ً قافاً بغينِ
يَطوفُ عَلى الرّفاقِ من الحمَيّا،
ومن خَمرِ الرُّضابِ بمُسكِرَينِ
إذا يَجلو الحمَيّا والمُحَيَا
شَهِدْنا الجَمعَ بَينَ النّيّرَينِ
وآخرَ من بني الأعرابِ حفتْ
جيوشُ الحُسنِ منهُ بعارضَينِ
إلى عينيهِ تنتسبُ المنايا،
كما انتَسَبَ الرّماحُ إلى رُدَينِ
تلاحظُ سوسنَ الخدّينِ منهُ،
فيُبدِلُها الحَياءُ بوَردَتَينِ
ومَجلِسُنا الأنيقُ تُضيءُ فِيهِ
وباتَ الزقُّ مغلولَ اليدينِ
وشمعتنا شبيهُ سنانِ تبرٍ،
تركبَ في قناة ٍ من لجينِ
وقهوتنا شبيهُ شواظِ نارٍ،
توقدُ في أكفّ الساقيينِ
إذا ملىء َ الزجاجُ بها وطارتْ
حواشي نورها في المشرقينِ
عجبتُ لبَدرِ كأسٍ صارَ شَمساً
يحفّ من السقاة ِ بكوكبينِ
ونحنُ نزُفّ أعيادَ النّضارى
بشَطّ مُحَوِّلٍ والرّقمَتَينِ
نوحدُ راحنا من شركِ ماءٍ،
ونولعُ في الهوى بالمذهبينِ
بوردٍ كالمداهنِ في عقيقٍ،
وأقداحٍ كأزرارِ اللُّجَينِ
وقد جمعتْ ليَ اللذاتُ لما
دنتْ منها قطوفُ الجنتينِ
وما أن من هوَى الفيحاءِ خالٍ،
ولا ممّنْ أُحبّ قضيتُ ديني
إذا ما قلبوا في الحشرِ قلبي،
رأوا بينَ الضلوعِ هوى حسينِ
تَمَلّكَ حبُّهُ قَلبي وصَدري،
فأصبحَ ملءَ تلكَ الخافقينِ
وأعوَزَ مع دُنُوّي منهُ صَبري،
فكَيفَ يكونُ صَبري بعدَ بَينِ
إذا ما رامَ أن يَسلوهُ قَلبي
تمثلَ شخصهُ تلقاءَ عيني
ألا يا نَسمَة َ السّعديّ كُوني
رَسُولاً بَينَ مَن أهوى وبَيني
ويا نشرَ الصّبا بلغْ سلامي
إلى الفيحاءِ بينَ القلتينِ
وحيّ الجامعينِ وجانبيها،
فقد كانا لشملي جامعينِ
وقُلْ لمُعَذّبي هل من نجازٍ
لوعديْ سالفيكَ السالفينِ
سَمِيّكَ كانَ مَقتولاً بظُلمٍ،
وأنتَ ظلمتني، وجلبتَ حيني
وهَبتُكَ في الهوى روحي بوَعدٍ،
وبِعتُكَ عامِداً نَقداً بدَينِ
وجِئتُ وفي يَدي كفَني وسَيفي،
فكَيفَ جعَلتَها خُفّيْ حُنَينِ؟
ولِمْ صَيّرْتَ بُعدَكَ قَيدَ قَلبي،
وكانَ جمالُ وجهك قيدَ عيني؟
فصرنا نشبهث النسرينِ بعداً،
وكنّا أُلفَة ً كالفَرقَدَينِ
علمتُ بأنّ وعدَكَ صارَ مَيناً،
لزَجري مُقلَتَيكَ بصارِمَينِ
وقلتُ، وقد رأيتُك: خابَ سعيي
لكونِ البدرِ بينَ العقربينِ
فلِم دَلّيتَني بحِبالِ زُورٍ،
ولم أطعَمتَني بسَرابِ مَينِ
وهَلاّ قلتَ لي قَولاً صَريحاً،
فكانَ المنعُ إحدَى الراحتينِ
عرفتكَ دونَ كلّ الناسِ لمّا
نقدتكَ في الملاحة ِ نقدَ عينِ
وكم قد شاهدَتكَ النّاسُ قَبلي،
فَما نَظَروكَ كلّهُمُ بعَيني
وطاوعتُ الفتوة َ فيكَ حتى
جَعَلتُكَ في العَلاءِ برُتبَتَينِ
فلمّا أن خلا المغنى وبتنا
عُراة ً بالعَفافِ مؤزَّرَينِ
قضينا الحجّ ضماً واستلاماً،
ولم نشعرْ بما في المشعرينِ
أتَهجُرُني وتَحفَظُ عَهدَ غَيري،
وهل للموتِ عذرٌ بعدَ دينِ
وقلتُ: الوَعدُ عندَ الحرّ دَينٌ،
فكيفَ مطلتني وجحدتَ ديني
أأجعَلُ لي سِواكَ عليك عَيناً،
وكنتَ على جمعيِ الناسِ عيني
إذا ما جاءَ محبوبي بذنبٍ
يُسابقُهُ الجمالُ بشافِعَينِ
وقلتُ: جعلتَ كلّ النّاسِ خَصمي
لقد شاهدتُ إحدى الحالَتَينِ
فكانَ الناسُ قبلَ هواكَ صحبي،
فهل أبقيتَ لي من صاحبينِ
بُعادي أطمَعَ الأعداءَ حتى
رأوكَ اليومَ خُزرَ النّاظرَينِ
وهَلاّ طالَعوكَ بعَينِ سُوءٍ،
وأمري نافِذٌ في الدُّولَتَينِ
وما خفقتْ جناحُ الجيشِ إلاّ
رأوني ملءَ قلبِ العَسكَرَينِ
لئِن سكَنَتْ إلى الزّوراءِ نَفسي،
أواني الرّاحِ من وَرَقٍ وعَينِ
هوًى يُقتادُني لديارِ بَكرٍ،
وآخرُ نحوَ أرضِ الجامعينِ
سأسرعُ نحوَ رأسِ العينِ خطوي،
وأقصدُها على رأسي وعيني
وأسرحُ في حمَى جيرونَ طرفي،
وأربَعُ فِي رِياضِ النّيّرَينِ
فلَيسَ الخَطبُ فَي عَيني جَليلاً،
إذا قابلتهُ بالأصغرينِ
فَيا مَن بانَ لمّا بانَ صَبري،
وحارَبَني رُقادُ المُقلَتَينِ
تنغصَ فيكَ بالزوراءِ عيشي،
وبدلَ زينُ لذاتي بشينِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ترى سكرتْ عطفاهُ من خمرِ ريقهِ،
ترى سكرتْ عطفاهُ من خمرِ ريقهِ،
رقم القصيدة : 19962
-----------------------------------
ترى سكرتْ عطفاهُ من خمرِ ريقهِ،
فماسَتْ به، أم من كؤوسِ رَحيقِهِ
مليحٌ يغيرُ الغصنَ عندَ اهتزازهِ،
ويُخجِلُ بَدرَ التّمّ عندَ شُرُوقِهِ
فَما فِيهِ شيءٌ ناقِصٌ غَيرَ خَصرِهِ؛
ولا فِيهِ شيءٌ بارِدٌ غَيرَ رِيقِهِ
ولا ما يسوءُ النفسَ غيرُ نفارهِ،
ولا ما يرعُ القلبَ غيرُ عقوقهِ
عجبتُ له يبدي القساوة َ عندما
يُقابِلُنِي من خَدّهِ برَقيقِهِ
ويلطفُ بي من بعدِ إعمالِ لحظهِ،
وكيفَ يُرَدّ السّهمُ بعدَ مُروقِهِ
يقولونَ لي، والبدرُ في الأفقِ مشرقٌ:
بذا أنتَ صبٌّ؟ قلتُ: بل بشقيقهِ
فلا تنكروا قتلي بدقة ِ خصرهِ،
فإنّ جَليلَ الخَطبِ دونَ دَقيقِهِ
ولَيلَة َ عاطاني المُدامَ، ووجهُهُ
يرينا صبوحَ الشربِ حالَ غبوقِهِ
بكأسٍ حكاها ثَغرُهُ في ابتِسامَة ٍ،
بما ضَمّهُ من دُرّهِ وعَقيقِهِ
لقد نلتُ، إذ نادمتُهُ، من حديثهِ
من السكرِ ما لا نلتهُ من عقيقهِ
فلَم أدرِ من أيّ الثّلاثَة ِ سَكرَتي،
أمنْ لحظهِ أم لفظهِ أم رحيقهِ
لقد بعتهُ قلبي بخلوة ِ ساعة ٍ،
فأصبحَ حَقّاً ثابتاً مِن حُقوقِهِ
وأصبَحتُ نَدماناً على خُسرِ صَفقَتي،
كذا من يبيعُ الشيءَ في غيرِ سوقهِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لولا الهَوَى ما ذابَ من حَنِينِهِ
لولا الهَوَى ما ذابَ من حَنِينِهِ
رقم القصيدة : 19963
-----------------------------------
لولا الهَوَى ما ذابَ من حَنِينِهِ
صبُّ أصابتهُ عيونُ عينهِ
متيمٌ لا تهتدي عوادُهُ،
إلاّ بما تسمعُ من أنيبهِ
أصبَحَ يَخشَى الظبيَ في كِناسِهِ،
ولا يَخافُ اللّيثَ في عَرينِهِ
يَعتَذِرُ الرّشدُ إلى ضَلالِهِ،
وَيَقرأ العَقلُ على جُنونِهِ
يا جيرَة َ الحَيّ أجيرُوا عاشِقاً،
ما حالَ عن شرعِ الهَوَى ودينِهِ
باطنُهُ أحسَنُ من ظاهرِهِ،
وشكهُ أوضحُ من يقينهِ
لا تحسبوا ما ساحَ فوقَ خدّهِ
مدامعاً تسفحُ من جفونهِ
وإنما ذابَ جليدُ قلبهِ،
فَطَرْفُهُ يَرشَحُ من مَعينِهِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> غَيري بحَبلِ سِواكمُ يَتَمَسّكُ،
غَيري بحَبلِ سِواكمُ يَتَمَسّكُ،
رقم القصيدة : 19964
-----------------------------------
غَيري بحَبلِ سِواكمُ يَتَمَسّكُ،
وأنا الذي بتربكم أتمسكُ
أضَعُ الخُدودَ على مَمَرّ نِعالِكم،
فكأنني بترابها أتركُ
ولقد بذلتُ النفسُ، إلا أنني
خادعتكمْ، وبذلتُ ما لا أملكُ
شَرطي بأنّ حُشاشتي رقٌّ لكم،
والشرطُ في كلّ المذاهبِ أملكُ
قد ذقتُ حبّكمُ، فأصبَحَ مُهلكي،
ومنَ المطاعمِ ما يذاقُ فيهلكُ
لا تَعجَلوا قَبلَ اللّقاءِ بقتلَتي،
وصلوا، فذلكَ فائتٌ يستدركُ
ولقد بكيتُ لدهشتي بقدومكم،
وضحكتُ قبلُ وهجرُكم لي مهلكُ
ولربّما أبكَى السرورُ إذا أتَى
فرطاً، وفي بعضِ الشدائدِ يضحكُ
زَعَمَ الوُشاة ُ بأنْ هَوِيتُ سِواكمُ،
يا قُوتِلَ الواشي، فأنّى يُؤفكُ
عارٌ عليّ بأنْ أكونَ مشرِّعاً
دينَ الهَوى ، ويُقال إنّي مُشرِكُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> جلّ الذي أطلعَ شمسَ الضّحى
جلّ الذي أطلعَ شمسَ الضّحى
رقم القصيدة : 19965
-----------------------------------
جلّ الذي أطلعَ شمسَ الضّحى
مشرقة ً في جنحِ ليلٍ بهيمْ
وقدرَ الخالَ على خدّهِ،
ذلكَ تَقديرُ العَزيزِ العَليمْ
بدرٌ ظنَنّا وجهَهُ جَنّة ً،
فمسنا منها عذابٌ أليمْ
ينفرُ كالريمِ، الا فانظرُوا
إلى بخيلٍ، وهوَ عندي كريمْ
لمَّا انحنى حاجبُهُ، وانثَنى
يهزّ للعشاقِ قداً قويمْ
عجبتُ من فرطِ ضلالي، وقد
بَدا ليَ المُعوَجُّ والمُستَقيمْ
داوِ حبيبي، يا طبيبَ الهوَى ،
وخَلّني! إنّي بحالي عَليمْ
فخصرهُ واهٍ، وأجفانُهُ
مَريضَة ٌ، واللّحظُ منهُ سَقيمْ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> رَعَى اللَّهُ مَن لم يَرْعَ لي حقّ صُحبَة ٍ،
رَعَى اللَّهُ مَن لم يَرْعَ لي حقّ صُحبَة ٍ،
رقم القصيدة : 19966
-----------------------------------
رَعَى اللَّهُ مَن لم يَرْعَ لي حقّ صُحبَة ٍ،
وَسَلّمَ مَن لم يَسخُ لي بسَلامِهِ
وفي ذمة ِ الرحمنِ من ذمّ صحبتي،
ولم أكُ يوماً ناقضاً لذمامهِ
وإنّي على صَبري على فَرطِ هَجرِهِ،
وقُربِ مَغانِيهِ، وبُعدِ مَرامِهِ
يحاولُ طرفي لحظة ً من خيالهِ،
ويَشتاقُ سَمعي لفظَة ً من كلامِهِ
ويومَ وَقَفنا للوَداعِ، وقد بَدا
بوَجهٍ يُحاكي البَدرَ عندَ تَمامِهِ
شكَوتُ الذي ألقَى ، فظَلّ مُقابِلاً
بُكايَ وشَكوى حالَتي بابتِسامِهِ
بدَمعٍ يُحاكي لَفظَهُ في انتِثارِهِ،
وعتبٍ يحاكي ثغرهُ في انتظامِهِ
فما رقّ من شكوايَ غيرُ خدودهِ،
ولا لانَ من نَجوايَ غَيرُ قَوامِهِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أصداً وسخطاً، ما لهُ كيفَ يحكمُ،
أصداً وسخطاً، ما لهُ كيفَ يحكمُ،
رقم القصيدة : 19967
-----------------------------------
أصداً وسخطاً، ما لهُ كيفَ يحكمُ،
أليسَ لهُ قلبٌ يرقّ، فيرحمُ
أأرضَى بقتلي في الهوى وهوَ ساخطٌ،
وأبسطُ أعذاري لهُ وهوَ مجرمُ
نبيُّ جمالٍ للغرام مشرِّعٌ،
يحلِّلُ ما يختارهُ ويخرِّمُ
يرينا خدودَ المحسنينَ ضوارعاً
لديهِ، وأقدامَ المسيئينَ تلثمُ
عجبتُ لهُ يجني ويصبحُ عاتباً،
فو حرباً من ظالمٍ يتظلمُ
وأعجبُ من ذا أنّه، وهوَ ظالمي،
غدا ليَ خصماً وهوَ في الفصلِ يحكمُ
فيا عاتباً في سكبِ دمعٍ أذالَهُ،
فأمسَى بأسرارِ الهَوَى يَتَكَلّمُ
أسرتَ فؤادي ثمّ أطلقتَ أدمُعي،
وحاولتُ أنّي للصبابة ِ أكتمُ
ومن قلبهُ مع غيرهِ كيفَ حالُه؛
ومَن سِرّهُ في جَفنِهِ كيفَ يُكتَمُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> هَويتُهُ تحتَ أطمارٍ مُشَعَّثَة ٍ،
هَويتُهُ تحتَ أطمارٍ مُشَعَّثَة ٍ،
رقم القصيدة : 19968
-----------------------------------
هَويتُهُ تحتَ أطمارٍ مُشَعَّثَة ٍ،
وطالبُ الدُّرّ لا يَغتَرّ بالصّدَفِ
وخَبّرَتني مَعانٍ في مَراسِمِهِ
بهِ، كما خبرَ العنوانُ بالصحفِ
ولاحَ لي من أماراتِ الجمالِ به
ما كان لحظِ غيري بالخمولِ خفي
فظلتُ أرخصُ ما يبديهِ من دَرَنٍ
به، وأدحضُ ما يخفيه من جنفِ
حتى إذا تمّ معنى حسنِهِ وبدا
كالبدرِ في التم أو كالشمسِ لي الشرفِ
ولاحَ كالصارمِ المصقولِ أخلصه
تَتَبّعُ القَينِ من شَينٍ ومن كَلَفِ
وجالَ في وجَهِهِ مَاءُ الحَياة ِ كما
يجولُ ماءُ الحيا في الروضة ِ الأنفِ
وأولدَ الحسنُ في أحداقه حوراً،
وضاعفَ الدلُّ ما بالجسمِ من ترفِ
أضحتْ به حدقُ الحساد محدقة ً
تَرنو إلَيهِ بِطَرفٍ غَيرِ مُنطَرِفِ
وظلَّ كلُّ صَديقٍ يَرتَضي سَخَطي
فيه، وكلّ شَفيقٍ يَرتَجي تَلَفي
يا للرجالِ أما للحبّ منتصرٌ
لضعفِ كلّ محبٍّ غيرِ منتصفِ
ما أطيَبَ العَيشَ لولا أنّ سالكَهُ
يُمسي لأسهمِ كيدِ الناسِ كالهدفِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> يا ربّ أعطِ العاشقينَ بصبرِهم
يا ربّ أعطِ العاشقينَ بصبرِهم
رقم القصيدة : 19969
-----------------------------------
يا ربّ أعطِ العاشقينَ بصبرِهم
في الخُلدِ غاياتِ النّعيمِ المُطلَقِ
وأقهمُ بردَ السرورِ، فطالما
صَبَروا على حَرّ الغَرامِ المُقلِقِ
حتى يَرى الجُبَناءُ عن حَملِ الهوى
غاياتِ عزهمُ، التي لم تلحقِ
فيكون أصغرُ جاهلٍ حملَ الهوى
يلهو بأكبرِ عالمٍ لم يعشقِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> يا ضَعيفَ الجُفونِ أضعَفتَ قَلباً،
يا ضَعيفَ الجُفونِ أضعَفتَ قَلباً،
رقم القصيدة : 19970
-----------------------------------
يا ضَعيفَ الجُفونِ أضعَفتَ قَلباً،
كانَ قبلَ الهوَى قوياً مليّا
لا تُحارِبْ بناظِرَيْكَ فُؤادي،
فضَعيفانِ يَغلِبانِ قَوِيّا

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أطَعتُ ما سَنّ أعدائي وما فَرَضُوا،
أطَعتُ ما سَنّ أعدائي وما فَرَضُوا،
رقم القصيدة : 19971
-----------------------------------
أطَعتُ ما سَنّ أعدائي وما فَرَضُوا،
وشاهدوكَ بسخطي راضياً فرضوا
تَشَيّعُوا، إذ رأوا تَفريقَنَا شِيَعاً،
وسُنّة َ العَدلِ فِي دِينِ الهَوَى رَفَضُوا
أعياهُمُ السّعيُ فيما بَينَنَا زَمَناً،
فمُذْ رأوا فُرصَة ً في بَينِنَا نَهَضُوا
بنوا لديكَ بناءً لا ثباتَ لهُ،
وما دَروا أيَّ ودٍّ بَينَنا نَقَضُوا
يا من تقطبُ منّي حينَ أمنحهُ
أُنساً، وأبسطُ آمالي فيَنقَبضِ
ومَن تَعَرَّضَ لي حتى أُعارِضُهُ،
يوماً، فيعرضُ عنّي ثمّ يعترضُ
لا بارَكَ اللهَّ للأعداءِ فيكَ، ولا
هناكَ من لكَ عنّي منهمُ العوضُ
ولا تعدّى لظلمي في الوثوقِ بهم،
ولا علا منكَ بينَ الناسِ ما خفضوا
فسَوفَ تَعرِفُ مِقداري، إذا سَميتْ
نفوسُهم، وانقضَى من وصلك الغرضُ

 
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> حرضوني على السلوّ، وعابوا
حرضوني على السلوّ، وعابوا
رقم القصيدة : 19972
-----------------------------------
حرضوني على السلوّ، وعابوا
لكَ وجهاً بهِ يعابُ البدرُ
حاشا للهِ ما لعذريَ وجهٌ،
في التسلي، ولا لوجهك عذرُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> حديثُ الناسِ أكثرهُ محالُ،
حديثُ الناسِ أكثرهُ محالُ،
رقم القصيدة : 19973
-----------------------------------
حديثُ الناسِ أكثرهُ محالُ،
ولكنْ للعِدَى فِيهِ مَجالُ
وأعلَمُ أنّ بَعضَ الظّنّ إثمٌ،
ولكنْ لليَقينِ بِهِ احتِمالُ
وكنتُ عذرتكم والقولُ نزرٌ،
فما عذري وقد كشرَ المقالُ
وقلتم: قيلَ ما لا كانَ عنّا،
فمَن لي أن يَكونَ، ولا يُقالُ
فَيا مَن ضاعَ فيهِ نَفيسُ عُمري،
وقوّضَ فِيهِ مالي والرّجالُ
وكم قد رامَهُ ضِدّي بسوءٍ،
فراحَ وآلُهُ في الحَربِ آلُ
سألتُكَ لا تَدَعْ للقَولِ وَجهاً،
فيكثُر حينَ أذكُرُكَ الجِدالُ
وإنّي مع صدودِكَ والتجنّي
وفيٌّ ليسَ لي عنكَ انتقالُ
أغارُ إذا سرَى بحماكَ برقٌ،
وأغضَبُ كُلّما طَرَقَ الخَيالُ
وأُوثرُ أن يَنالَ دَمي ووَفري،
ومحبوبي عزيزٌ لا ينالُ
لأنّي لا أخونُ عهودَ خلٍّ،
ولو حفتْ بيَ النوبُ الثقالُ
وإنّي إنْ حَلَفتُ لَهُ يَميناً،
فَما غَيرُ الفِعالِ لها شِمالُ
فَيا مَنْ سرّني باللّفظِ منهُ،
ولكنْ ساءَني منهُ الفِعالُ
إلى كَم ألتَقيكَ بوَجهِ بِشرٍ،
وفي طَيّ الحَشا داءٌ عُضالُ
وأحملُ من عداتِكَ كلذ يومٍ
حديثاً ليسَ تحملهُ الجبالُ
وأسمَعُ من وُشاة ِ الحَيّ فينا
كلاماً دونَ موقعهِ النبالُ
وأرسلُ مع ثقاتكَ من حديثي
عتاباً، دونهُ السحرُ الحلالُ
ومهما لم يكنْ في السيفِ أصلٌ
لجوهرهِ، فما يجدي الصقالُ
جعلتَ جَميعَ إحساني ذُنُوباً،
وطالَ بكَ التّعَتّبُ والدّلالُ
وقلتَ بكَ انهتَكتُ، وذاكَ زُورٌ
وإنّ الزورَ موقعهُ محالُ
فَمَا نَفعي بحُسنٍ في خَليلٍ،
إذا لم يَصفُ لي منهُ الخِلالُ
إذا عدمَ الفتى خلقاً جميلاً،
يَسودُ بِهِ، فَلا خُلِقَ الجَمالُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> إذا عَلِمَ العِدى عَنكَ انتِقالي،
إذا عَلِمَ العِدى عَنكَ انتِقالي،
رقم القصيدة : 19974
-----------------------------------
إذا عَلِمَ العِدى عَنكَ انتِقالي،
فخذْ ما شئتَ من قيلٍ وقالِ
ونالوا منكَ بالأقوالِ عِرضاً،
وقَيَناهُ بأطرافِ العَوالي
وقد كانَ العذولُ يودّ أني
أُسيغُ لهُ اليَسيرَ مِنَ المَقالِ
فكَيفَ إذا تَيَقّنَ فيك زُهدي،
وكانَ يسرهُ عنكَ اشتغالي
فكم سخطَ الأنامُ، وأنتَ راضٍ،
وكم رَخُصَ المِلاحُ، وأنتَ غالي
وكم هدمتْ حمى قومي خطوبٌ
تهدّ الراسياتِ، وأنتَ عالي
وكم من وَقعَة ٍ لعِداكَ عِندي،
نذرتُ بها دمي، ونذرتُ مالي
وكم همتُ كلابُ الحيّ نهضاً
وقد حمتِ الأسودُ حمى الغزالِ
وكم لامَتْ عَلَيكَ سَراة ُ أهلي،
فأحسبُ قولَ آلي لمعَ آلِ
وكم خاطَرتُ فيكَ ببَذلِ نَفسي
وأعلَمُ أنّ بالي فيكَ بالي
وكم صبٍّ تفاءَلَ في حبيبٍ
وفَى لي، إنّ حبّي ما وَفَى لي
وكم جَرّبتُ قَبلَكَ من مَليحٍ،
فأمسَى جيدُ حالي منهُ حالي
ولولا أنّ في التجريبِ فضلاً،
لمَا فضلَ اليمينُ على الشمالِ
أظنكَ، إذ حويتَ الحسنَ طرّاً،
وإذ وفيتَ أقسامُ الجمالِ
قصدتَ بأنْ جعلتَ العذرَ عيباً،
عَساهُ يَقيكَ من عَينِ الكَمالِ
فسوفَ أسوءُ نفسي بانقطاعي،
بحَيثُ أسرّ نَفسَكَ بارتِحالي
إذا ماشئتَ أن تسلو حبيباً،
فأكثرْ دونهُ عددَ الليالي

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> تيقنَ مذ أعرضتُ أنّي لهُ سالي،
تيقنَ مذ أعرضتُ أنّي لهُ سالي،
رقم القصيدة : 19975
-----------------------------------
تيقنَ مذ أعرضتُ أنّي لهُ سالي،
فأوهَمَ ضِدّي أنّهُ الهاجرُ القالي
وأظهَرَ للأعداءِ، إذ صَدّ جافياً،
بأنّ جفاهُ عن دلالٍ وإذلالِ
فلمّا رآني لا أحَرّكُ باسمِهِ
لِساني، ولم أشغَلْ بتَذكارِهِ بالي
وأيقنض أنّي لا أعودُ لوصلهِ،
ولو قطعتْ بيضُ الصوارمِ أوصالي
تَعَرّضَ للأعداءِ يَحسبُ أنّهُمْ
يكونونَ في حِفظِ المَوَدّة ِ أمثالي
فأصبَحَ لمّا جَرّبَ الغَيرَ نادِماً،
كثيفَ حَواشي العيش مُنخفضَ الحالِ
إذا ما رآهُ عاشقٌ قال شامتاً:
ألا انعمْ صباحاً أيّها الطللُ البالي
فإنّي إذا ما اختلّ خلٌّ تركتهُ،
وبتُّ، وقلبي من محبتهِ خالِ
وما أنا ممّنْ يَبذُلُ العِرضَ في الهَوَى
وإن جُدتُ للمَحبوبِ بالرّوحِ والمالِ
على أنّني لا أجعَلُ الذّلّ سُلّماً
بهِ ترتقي نفسي إلى نيلِ آمالي
وما زِلتُ في عِشقي عَزيزاً مكَرَّماً،
أجرّ على العشاقِ بالتيهِ أذيالي
فقُولا لمنْ أمسَى بِهِ مُتَغالياً،
ولم يدرِ أني مرخصٌ ذلكَ الغالي
كذا لم أزلْ يرعَى المحبونَ فضلتي،
ويَلبَسُ أهلُ الحبّ في العشقِ أسمالي

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> عذابُ الهَوَى للعاشِقِينَ أليمُ،
عذابُ الهَوَى للعاشِقِينَ أليمُ،
رقم القصيدة : 19976
-----------------------------------
عذابُ الهَوَى للعاشِقِينَ أليمُ،
وأجرُهمُ يومَ المَعادِ عَظيمُ
فواللهِ لا ذاقوا الجحيمَ وإن جنوا،
فحسبهمُ أنّ الغرامَ جحيمُ
بروحيَ من قد نامَ عن سوءِ حالَتي
وعنديَ منهُ مقعدٌ ومقيمُ
وما ذاكَ إلاَّ أنّ مُخطَفَ خصرِهِ
لراجِيهِ كَهفٌ، والعِذارُ مُقيمُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> خليليّ ما أغبَى المغالينَ في الهَوى ،
خليليّ ما أغبَى المغالينَ في الهَوى ،
رقم القصيدة : 19977
-----------------------------------
خليليّ ما أغبَى المغالينَ في الهَوى ،
وأغفَلَهُمْ عن حُسنِ كلّ مَليحِ
يَظُنّونَ أنّ الحُسنَ بالعَينِ مُدرَكٌ،
وسرّ الهوى بادٍ لكلّ لموحِ
وليسَ طموحُ الناظرينِ بمبصرٍ،
إذا كان لحظُ القلبِ غيرَ طموحِ
فليسَ جميلٌ في الهوَى وكثيرٌ
ولا عروة ُ العذريّ وابنُ ذريحِ
بأعرفَ منّي للمِلاحِ توسماً،
ولا جنحوا للعشقِ بعضَ جنوحي
وأيّ لبيبٍ ما سبَى الحسنُ لبهُ،
فَباتَ بقَلبٍ بالغَرامِ قَريحِ
إذا ما خَلاَ القَلبُ الصّحيحُ من الهَوَى ،
علمك بأنّ العقلَ غيرُ صحيحِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أينَ في الحِمَى عَرَبُ
أينَ في الحِمَى عَرَبُ
رقم القصيدة : 19978
-----------------------------------
أينَ في الحِمَى عَرَبُ
لي بربعهمْ أربُ
كُلّما ذَكَرتُهُمُ
هَزّني لهمْ طَرَبُ
جيرة ٌ بحيهمُ
لَيسَ يُحفَظُ الحَسَبُ
العهودُ والحقو
قُ عندهم تُغتَصَبُ
في خِيامِهِمْ قَمَرٌ
بالصّفاحِ مُحتَجِبُ
رِيقُهُ مُعَتَّقَة ٌ
ثغرهُ لها حببُ
بِتُّ في ديارِهِمُ
والفؤادُ مكتئبُ
الدموعُ هاطلة ٌ
والضّلوعُ تَلتَهِبُ
إنّ للغَرامِ يَداً،
مسني بها العطبُ
إن قَضَيتُ فِيهِ أسًى ،
فَهوَ بَعضُ ما يجبُ
أبدَتِ الوُشاة ُ رِضًى
منهُ يلحظُ الغضبُ
الوجوهُ ضاحكة ٌ،
والقلوبُ تنتحبُ
لو أتوا بمكرمة ٍ،
أعتبوا وما عتبوا
فالغرامُ نارُ لظى ً،
عذلهمْ لها حطبُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> قلوبُنا مُودَعَة ٌ عندَكمْ،
قلوبُنا مُودَعَة ٌ عندَكمْ،
رقم القصيدة : 19979
-----------------------------------
قلوبُنا مُودَعَة ٌ عندَكمْ،
أمانَة ً نَعجِزُ عن حَملِهَا
إنْ لمْ تصونوها بإحسانكمُ،
أدوا الأماناتِ إلى أهلِها

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ولقَد ذكَرتُكِ، والسّيوفُ مواطرٌ
ولقَد ذكَرتُكِ، والسّيوفُ مواطرٌ
رقم القصيدة : 19980
-----------------------------------
ولقَد ذكَرتُكِ، والسّيوفُ مواطرٌ
كالسُّحبِ من وَبلْ النّجِيعِ وطلّهِ
فوَجدتُ أُنساً عندَ ذكرِكِ كامِلاً،
في مَوقِفٍ يَخشَى الفتى من ظِلِّهِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ولقَد ذكَرتُكِ، والعَجاجُ كأنّهُ
ولقَد ذكَرتُكِ، والعَجاجُ كأنّهُ
رقم القصيدة : 19981
-----------------------------------
ولقَد ذكَرتُكِ، والعَجاجُ كأنّهُ
ظِلّ الغَنيّ وسوءُ عيشِ المُعسِرِ
والشُّوسُ بَينَ مُجَدَّلٍ في جَنَدَلٍ
منّا، وبينَ معفرٍ في مغفرِ
فظننتُ أنّي في صباحٍ مشرقٍ،
بضِياءِ وجهِكِ، أو مَساءٍ مُقمِرِ
وَتَعَطَّرَتْ أرضُ الكِفاحِ، كأنّما
فتقتْ لنا ريحُ الجلادِ بعنبرِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ولقَد ذَكَرتُكِ، والجَماجمُ وُقَّعٌ
ولقَد ذَكَرتُكِ، والجَماجمُ وُقَّعٌ
رقم القصيدة : 19982
-----------------------------------
ولقَد ذَكَرتُكِ، والجَماجمُ وُقَّعٌ
تحتَ السنابكِ، والأكفّ تطيرُ
والهامُ في أفقِ العجاجة ِ حومٌ،
فكأنها فوقَ النسورِ نسورُ
فاعتادني من طيبِ ذكركِ نشوة ٌ،
وبَدَتْ عليّ بَشاشَة ٌ وسُرورُ
فظننتُ أنّي في مجالسٍ لذتي،
والراحُ تجلى ، والكؤوسُ تدورُ
 
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ولقد ذَكَرْتُكِ حينَ أنكَرَتِ الظُّبَى
ولقد ذَكَرْتُكِ حينَ أنكَرَتِ الظُّبَى
رقم القصيدة : 19983
-----------------------------------
ولقد ذَكَرْتُكِ حينَ أنكَرَتِ الظُّبَى
أغمادَها وتَعَارَفَتْ في الهَامِ
والنبلُ من خللِ العجاجِ كأنهُ
وبل تتابعَ من فروجِ غمامِ
فاستصغرتْ عينايَ أفواجَ العِدى ،
وتتابعَ الأقدامِ في الإقدامِ
وَوَجَدتُ بَردَ الأمنِ في حرّ الوَغَى ،
والموتَ خلفي تارة ً وأمامي

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> يا ظبية ً قنصَ الأسودَ جمالها،
يا ظبية ً قنصَ الأسودَ جمالها،
رقم القصيدة : 19984
-----------------------------------
يا ظبية ً قنصَ الأسودَ جمالها،
ونرى الظباءَ يصيدها القناصُ
أصمَتْ لواحظُكِ القلوبَ بأسهُمٍ،
لم يُغنِ عَنها نَثرَة ٌ ودِلاصُ
فهبني جَرَحتُ الخَدّ منكِ بنَظرَة ٍ،
أفَما لأسرِ القَلبِ منكِ خَلاصُ
ها قد جرَحتِ بنَبلِ عَينَيكِ الحَشَى ،
فدعي فؤادي، فالجروحُ قصاصُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> يا من حمتْ عنّا مذاقة َ ريقِها،
يا من حمتْ عنّا مذاقة َ ريقِها،
رقم القصيدة : 19985
-----------------------------------
يا من حمتْ عنّا مذاقة َ ريقِها،
رفقاً بقلبٍ ليسَ فيهِ سواكِ
فلكَمْ سألتُ الثّغرَ وَصفَ رُضابِهِ
فأبى ، وصرحَ لي سيفهُ سواكِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> قالَتْ: كحَلتَ الجفونَ بالوَسنِ،
قالَتْ: كحَلتَ الجفونَ بالوَسنِ،
رقم القصيدة : 19986
-----------------------------------
قالَتْ: كحَلتَ الجفونَ بالوَسنِ،
قلتُ: ارتقاباً لطيفكِ الحسنِ
قالتْ: تسليتَ بعدَ فرقتنا،
فقلتُ: عن مَسكَني وعن سكَني
قالتْ: تشاغلتَ عن محبتنا،
قلتُ: بفرطِ البكاءِ والحزنِ
قالتْ: تناسيتَ! قلتُ: عافيتي!
قالتْ: تناءيتَ! قلتُ: عن وطني
قالتْ: تخليتَ! قلتُ: عن جلدي!
قالتْ: تغيرتَ! قلتُ: في بدني
قالتْ: تخصصتَ دونَ صحبتنا،
فقلتُ: بالغبنِ فيكِ والغبنِ
قالَتْ: أذَعتَ الأسرارَ، قلتُ لها:
صَيّرَ سرّي هواكِ كالعَلَنِ
قالتْ: سررتَ الأعداءَ، قلتُ لها:
ذلكَ شيءٌ لو شِئتِ لم يكُنِ
قالَتْ: فَماذا تَرومُ؟ قلتُ لها:
ساعَة َ سَعدٍ بالوَصلِ تُسعِدني
قالَتْ: فعَينُ الرّقيبِ تَنظُرُنا!
قلتُ: فإنّي للعَينِ لم أبِنِ
أنحَلتِني بالصّدودِ منك، فلَو
ترصدتني المنونُ لم ترني

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> فَضحتِ بدورَ التّمّ، إذ فُقتِها حُسنَا،
فَضحتِ بدورَ التّمّ، إذ فُقتِها حُسنَا،
رقم القصيدة : 19987
-----------------------------------
فَضحتِ بدورَ التّمّ، إذ فُقتِها حُسنَا،
وأخجَلتِها، إذ كنتِ من نورِها أسنَى
ولمّا رَجَونا من مَحاسِنِكِ الحُسنَى ،
بَعَثتِ لنا من سِحرِ مُقلَتِكِ الوَسنَى
سُهاداً يَذودُ النّومَ أن يألَفَ الجَفَنَا
وخِلتُ بأنّي عن مَغانيكِ راحِلٌ،
وربعَ ضميري من ودادِكِ ماحلٌ
فأسهرَ طرفي ناظرٌ منكِ كاحلٌ،
وأبصَرَ جسمي أن خصرَكِ ناحلٌ
فَحاكاهُ لكن زادَني دِقّة َ المَعنَى
حويتِ جمالاً قد خلقتِ برسمهِ،
فخلناكِ بَدرَ التّمّ، إذ كنتِ كاسمِهِ
فمُذ صارَ منكِ الحُسنُ قِسماً كقسمِهِ:
حكَيتِ أخاكِ البَدرَ في حالِ تِمِّهِ
سَناً وسَناءً، إذْ تَشَابَهتُما سِنّا
سجنتِ فؤادي حينَ حرّمتِ زَورَتي،
وأطلَقتِ دَمعي لو طَفا حَرَّ زَفرَتي
فُقلتُ، وقد أبدى الغَرامُ سَرِيرَتِي:
أهيفاءُ إن أطلَقتِ بالبُعدِ عَبرَتي
فإنّ لقَلبي من تَباريحِهِ سِجنَا
حُرِمتُ الرّضَى إنْ لم أَزُركِ على النّوى ،
وأحملَ أثقالَ الصبابة ِ والجوَى
فليسَ لداءِ القلبِ غيركِ من دوا،
فإنْ تُحجَبي بالبِيضِ والسُّمرِ فالهَوَى
يُهَوّنُ عند العاشِقِ الضّربَ والطّعنَا
سأثني حدودَ المَشرَفيّة ِ والقَنا،
وأسعَى إلى مَغناكِ إن شَطّ أو دَنَا
وألقَى المَنايا كَيْ أنالَ بها المُنى ،
وما الشّوقُ إلاَّ أنْ أزورَكِ مُعلِنَا
ولو منعتْ أسدُ الثرى ذلكَ المغنَى
عدمتُ اصطباري بَعْدَ بُعدِ أحِبّتي،
فماذا عليهم لو رعوا حقّ صحبتي
فبِتُّ، وما أفنى الغَرامُ مُحَبّتي،
أأحبابَنا قَضّيتُ فيكُم شَبيبَتي
ولم تُسعِفُوا يَوماً بإحسانِكم حُسنَى
أعيدوا لَنا طِيبَ الوِصالِ الذي مضَى ،
فقَد ضاقَ بي من بعدِ بُعدِكمُ الفَضَا
ولا تهجروا فالعمرُ قد فاتَ وانقضَى
وما نِلتُ من مأمولِ وَصلِكُمُ رِضَى
ولا ذقتُ من رَوعاتِ هَجرِكُمُ أمنَا
حفظتُ لكم عهدي على القربِ والنّوى
وما ضلّ قلبي في هواكم وما غوى
فكيفَ نقضتم عهدَ من شفّه الجوَى
وكنّا عقدنا لا نحولُ عن الهوَى
فقَد، وحَياة ِ الحبّ، حُلتُم وما حُلنَا
فلستُ بسالٍ، جرتمُ إو عدلتمُ،
ولا حلتُ إن قاطعتمُ، أو وصلتمُ
ولكنّني راضٍ بما قد فعَلْتُمُ،
فشكراً لما أوليتمُ إذ جعلتمُ
بدايتَكم بالبُعدِ منكُم، ولا منّا

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> يا دِيارَ الأحبابِ! باللَّهِ ماذا
يا دِيارَ الأحبابِ! باللَّهِ ماذا
رقم القصيدة : 19988
-----------------------------------
يا دِيارَ الأحبابِ! باللَّهِ ماذا
فعلتْ في عراصِكَ الأيامُ
أخلَقَتها يَدُ الجَديدَينِ حتى
نكرتْ من رسومِها الأعلامُ
قد شَهِدْنا فعلَ البِلى بمَغانيـ
ـكِ، ودمعُ الغيومِ فيكِ سِجامُ
واقتَرَضنا منها الدّموعَ فقالَتْ:
كلُّ قرضٍ يجرّ نفعاً حرامُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> أقولُ للدّارِ، إذْ مَرَرتُ بها،
أقولُ للدّارِ، إذْ مَرَرتُ بها،
رقم القصيدة : 19989
-----------------------------------
أقولُ للدّارِ، إذْ مَرَرتُ بها،
وعبرتي في عراصِها تكفُ
ما بالُ وعدِ السحابِ أخلفَ مغـ
ـناكِ؟ فقالتْ: في دمعكَ الخلفُ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> البيضُ دونَ لحاظِ الأعينِ السودِ،
البيضُ دونَ لحاظِ الأعينِ السودِ،
رقم القصيدة : 19990
-----------------------------------
البيضُ دونَ لحاظِ الأعينِ السودِ،
والسمرُ دونَ قدودِ الخردِ الغيدِ
والموتُ أحلى لصبٍّ في مفاصلِهِ،
تجري الصبابة ُ جريَ الماءِ في العودِ
من لي بعينٍ عدتْ بالغنجِ ناعسة ً،
أجفانُها، وكَّلَتْ جَفني بتَسهيدِ
وحاجبٍ فَوقَهُ تَشديدُ طُرّتِهِ،
كأنّما النّونُ منهُ نُونُ تَوكيدِ
وماءِ وجهٍ غدا بالنورِ متقداً،
كأنّ في كلّ خدٍّ نارَ أخدودِ
ونقطِ خالٍ، إذا شاهدتَ موقعهُ،
خِلتَ الخَليلَ ثَوَى في نارِ نمرُودِ
يا أهلَ جيرونَ جرتم بعدَ معدلة ٍ
ظلماً، وعودتموني غيرَ معهودي
بذلتُ روحي إلاّ أنها ثمنٌ،
للوصلِ منكم، ولكن حسبُ مجهودي
أنا المُحبّ الذي أهلُ الهَوَى نَقَلوا
عَنّي، فأعطَيتُهُم بالعِشقِ تَقليدي
من أينَ للعشقِ مثلي في تشرعه،
ومن يشيدُ دينَ الحبّ تشييدي
للهِ ليلة ُ أنسٍ قلتُ إذ ذكرتْ:
يا لَيلَة َ الوَصلِ من ذاتِ اللَّمَى عودي
والشرقُ قد حملتْ أحشاؤهُ لهباً
للشمسِ فيها حنينٌ غيرُ مولودِ
وثَعلَبُ الصّبحِ وافَى فاغراً فَمَهُ،
إذ قابلتهُ الثريّا شبهَ عنقودِ
كأنّها شكلُ أنكيسٍ تولدهُ
في الغَربِ أيدي الدّياجي أيَّ تَوليدِ
أمسَى بها وعيونُ الغرّ شاخصَة ٌ
نَحوي وحصني متونِ الضُّمّرِ القُودِ
مكانتي فوقَ إمكاني، ومقدرتي
من دونِ قَدري، وجودي فوق موجودي
وما زجاني امرؤٌ، إلاّ بذلتُ لهُ
جوداً عن الشكرِ، أو شكراً عن الجودِ
لا أوحشَ اللهُ من قومٍ مكارمهمْ
وفضلُ جودهمُ كالطوقِ في جيدي
ما عشتُ لا أتعاطَى غير حبهمُ،
وهل سمعتمْ بشركٍ بعدَ توحيدِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> لو صِرتُ من سَقَمي شَبيهَ سِواكِ،
لو صِرتُ من سَقَمي شَبيهَ سِواكِ،
رقم القصيدة : 19991
-----------------------------------
لو صِرتُ من سَقَمي شَبيهَ سِواكِ،
ما اخترتُ من دونِ الأنامِ سواكِ
لا فزتُ من أشراكِ حبكِ سالماً،
إن شُبتُ دينَ هَواكِ بالإشراكِ
يا مَن سَمَحتُ لها برُوحي في الهَوَى ،
أرخصتني وعليّ ما أغلاكِ
أخرَبتِ قَلبي، إذ مَلَكتِ صَميمَهُ،
أكذا يكونُ تصرفُ الملاكِ
كيفَ استَبَحتِ دَمَ المُحبّ ولم يكنْ
قلبي عصاكِ، ولا شققتُ عصاكِ
هل عَندَمُ الوَجَناتِ رَخّصَ في دَمي،
أم طرفكِ الفتاكُ قد أفتاكِ؟
أصغَيتِ سَمعاً للوُشاة ِ، فتارَة ً
أخشَى علَيكِ، وتارَة ً أخشاكِ
أطلَقتِ في إفشاءِ أسرارِ الهَوى
دمعي وفاكِ، فما أقلّ وفاكِ
شَمِتَ العُداة ُ، ولو ملَكتِ، صِيانَة ً
لكِ، فاكِ عن إيضاحهم لكفاكِ
ولقد أموهُ بالغواني والمها،
خوفَ العِدى ، وأصُدّ عن ذِكراكِ
إذا لم يكن لكِ في التغزلِ بالمهَا
لقبٌ، ولا أسماهُ من أسماكِ
زَعَمَ العُداة ُ بأنّ حُسنَكِ ناقِصٌ؛
حاشاكِ من قولِ العدى حاشاكِ
قالوا: حكيتِ البدرَ، وهيَ نقيصة ٌ،
البَدرُ لو يُعطَى المُنَى لحَكاكِ
لِمْ صَيّرُوا تَشبيهَهمْ لكِ شُبهَة ً،
أتُراكِ مكّنتِ العُداة َ تُراكِ؟
إنّي لأصغي للوشاة ِ تملقاً
لهمُ، فأُرضي الكاشِحِينَ بذاكِ
وأظلُّ مبتسماً لفرطِ تعجبي،
فالسّنُّ ضاحكَة ٌ، وقلبي باكِ

العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> في مثلِ حبكمُ لا يحسنُ العذلُ،
في مثلِ حبكمُ لا يحسنُ العذلُ،
رقم القصيدة : 19992
-----------------------------------
في مثلِ حبكمُ لا يحسنُ العذلُ،
وإنّما النّاسُ أعداءٌ لِما جَهِلُوا
رأوا تحيرَ فكري في صفاتكمُ،
فأوسعوا القولَ إذ ضاقتْ بيَ الحيلُ
وأنهمْ عرفوا في الحبّ معرفتي
بشأنكم، عذروا من بعدِما عذلوا
يا جاعِلي خبري بالهجرِ مبتدئاً،
لاعطفَ فيكم، ولا لي منكمُ بدلُ
رفعتُ حالي، ورفعُ الحالِ ممتنعٌ،
إليكم، وهوَ للتمييزِ يحتملُ
كم قد كتمتُ هواكم لا أبوحُ بهِ،
والأمرُ يَظهَرُ والأخبارُ تَنتَقِلُ
وبِتُّ أُخفي أنيني والحَنينَ بكُم
تَوَهّماً أنّ ذاكَ الجُرحَ يَندَمِلُ
كَيفَ السّبيلُ إلى إخفاءِ حبّكُمُ،
والقَلبُ مُنقَلِبٌ، والعَقلُ مُعتَقَلُ
يا مُلبسي القلبِ ثَوبَ الحُزنِ بعدهمُ،
حزني قشيبٌ وصبري بعدكم سملُ
لِذا بَواكرُ أيّامي، لبُعدِكُمُ،
أصائلٌ، وضحاها بعدكم طفلُ
أحسَنتُمُ القَولَ لي وَعداً وَتَكرِمَة ً،
لا يصدقُ القولُ حتى يصدرَ العملُ
حتى إذا وَثِقَتْ نَفسي بمَوعِدِكم،
وقلتُ: بُشرايَ زال الخوفُ والوَجَلُ
حملتموني، في ضعفي، لقوتكم
ما لَيسَ يَحمِلُهُ سَهلٌ ولا جَبَلُ
للهِ أيامنا، والدارُ دانية ٌ،
والشّملُ مُجتَمِعٌ، والجمعُ مُشتَمِلُ
شَفَيتُ غُلّة َ قَلبي، والغَليلَ بها،
فاليومَ لا غلتي تفشى ، ولا الغللُ
ياحبذا نسمة ُ السعديَ حينَ سرتْ
مريضَة ً في حَواشي مِرطِها بَلَلُ
لا أوحشَ اللهُ من قومٍ لبعدهمُ،
أمسيتُ أحسدُ من بالغمضِ يكتحلُ
غابُوا، وألحاظُ أفكاري تُمَثّلُهم،
لأنهم في ضميرِ القلبِ قد نزلوا
ساروا، وقد قَتَلوني بعدَهم أسَفاً،
يا لَيتَهُم أسُروا في الرّكبِ مَن قَتَلُوا
وخَلّفُوني أعَضّ الكَفَّ من نَدَم،
وأُكثِرُ النّوحَ، لمّا قَلّتِ الحِيَلُ
أقولُ في إثرهم، والعينُ دامية ٌ،
والدّمعُ مُنهَمِرٌ منها ومُنهَمِلُ:
ما عودوني أحبائي مقاطعة ً،
بل عودوني، إذا قاطعتهم وصلوا
وسِرتُ في إثرِهم حيرانَ مُرتَمِضاً،
والعيسُ من طَلّها تَحفَى وَتَنتَعِلُ
تريكَ مشيَ الهوينا، وهيَ مسرعة ٌ،
مرَّ السحابة ِ لا ريثٌ، ولا عجلُ
لا تَنسبنّ إلى الغِربانِ بَينَهُمُ،
فذاكَ بينَ غٍدَتْ غِربانُهُ الإبِلُ
وفي الهَوادِجِ أقمارٌ مُحَجَّبَة ٌ،
أغرة ٌ حملتها الأنيقُ الذللُ
تلك البروجُ التي حلتْ بدورهمُ
فيها، وليسَ بها ثَورٌ، ولا حَمَلُ
وحجتِ العيسَ حادٍ صوتهُ غردٌ،
بنغمة ٍ دونها المزمومُ والرملُ
حدا بهم ثمّ حيّا عيسهم مرحاً،
وقالَ: سِرْ مُسرِعاً حُيّيتَ يا جَملُ
ليتَ التّحيّة َ كانتْ لي، فأشكُرَها،
مكانَ يا جملٌ حييتَ يا رجلُ
 
الوسوم
الشعر العربي العصور جميع دواوين
عودة
أعلى