جميع دواوين الشعر العربى على مر العصور (( خالد الطيب ونور حياتى ))

  • تاريخ البدء
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> عهدتُ بذاتِ البانِ فالجزع أربُعا
عهدتُ بذاتِ البانِ فالجزع أربُعا
رقم القصيدة : 22789
-----------------------------------
عهدتُ بذاتِ البانِ فالجزع أربُعا
كساهنَّ وشيُ الروضِ بُرداً مولّعا
وجاد عليها كلُّ محتفل الحيا
فأبقى عميمَ النبتِ فيها وودّعا
تعاقب ربعّياً عليها وصائِفاً
فكان مصيفاً للخليط ومربعا
إذا انحلّ في حافاته خيطُ برقه
تناثَر دُرّ القطر من حيث جُمّعا
إذا ما النسيم الغضُّ حيّا عِراصَها
نشقتُ عبيراً عطَّر الجوَّ أجمعا
وما هي في غضّ النسيم تضوّعت
ولكن بريّاها النسيمُ تضوَّعا
برغمي ربوعَ الحيّ أصبحن بلقعاً
عشيّة َ زال الحيُّ عنها وأزمعا
وقفتُ بها مُستسقياً فسقيتها
إلى أن شربتُ الماءَ فيهن أدمعا
رعيتُ بها ريحانة َ اللهو غضّة
أروح وأغدو بالدُّمى البيضِ مُولعا
وفيها صحبت الدهرَ والعيش ناعمٌ
ليالي فيها شمل أُنسي تجمّعا
كأَنَّ الدُجى ملك من الزنج لابسٌ
من الأُفق تاجاً بالكواكبُ رصعا
من الزهرة ِ الغرّاء قد بات يجتلي
عروساً جلاها الحسن أن تتبرقعا

العصر العباسي >> البحتري >> رأى البرق مجتازا فبات بلا لب
رأى البرق مجتازا فبات بلا لب
رقم القصيدة : 2279
-----------------------------------
رَأى البرْقَ مُجتازاً، فباتَ بلا لُبِّ،
وَأصْبَاهُ مِنْ ذِكْرِ البَخيلَةِ ما يُصْبي
وَقَد عاجَ في أطْلالِها غيرَ مُمسِكٍ
لدَمْعٍ، وَلا مُصْغٍ إلى عُذّلِ الرّكبِ
وَكنتُ جَديراً، حينَ أعرِفُ مَنْزِلاً
لآلِ سُلَيْمَى، أنْ يُعَنّفَني صَحبي
عَدَتْنَا عَوَادي البُعْدِ عَنها، وَزَادَنا
بهَا كَلَفاً أنّ الوَداعَ عَلى عَتْبِ
وَلمْ أكتَسِبْ ذنباً، فتَجزِيَني بهِ،
ولَمْ أجتَرِمْ ذَنْباً، فتَعتُبَ من جرماً
وَبي ظَمَأٌ، لا يَمْلِكُ المَاءُ دَفْعَهُ،
إلى نَهْلَةٍ مِن رِيقِها الخَصِرِ العذْبِ
تَزَوّدْتُ مِنها نَظرَةً لمْ تَجُدْ بها،
وَقد يُؤخَذُ العِلقُ المُمَنَّعُ بالغَصْبِ
وَما كانَ حَظُّ العَينِ في ذاكَ مَذهَبي،
وَلكِنْ رَأيْتُ العَينَ باباً إلى القَلْبِ
أُعيذُكِ أنْ تُمنَيْ بشكوَى صَبابَةٍ،
وَإنْ أكسبَتَنا منكِ عَطفاً على الصّبّ
وَيُحزِنُني أنْ تَعرِفي الحُبّ بالجَوَى،
وَلَوْ نَفَعَتْنَا مِنْكِ مَعْرِفَةُ الحُبّ
أبَيْتُ، على الإخُواّنِ، إلاّ تَحَنّياً،
يَلينُ لَهُمْ عِطفي، وَيَصفو لهمْ شُرْبي
وَإنّي لأسْتَبقي الصّديقَ، إذا نَبَا
عَليّ، وَأهْنوَا مِنْ خَلائقه الجُرْبِ
فَمَنْ مُبْلِغٌ عَنّي البَخيلَ بأنّني
حطَطتُ رَجائي منهُ عن مرْكبٍ صَعبِ
وَأنّ ابنَ دينَارٍ ثَنَى وَجْهَ هِمّتي
إلى الخُلُقِ الفَضْفاضِ وَالنّائلِ النّهْبِ
فَلَمْ أمْلَ إلاّ مِنْ مَوَدّتِهِ يَدي،
وَلا قُلْتُ إلاّ مِنْ مَوَاهِبِهِ حَسْبي
لَقيتُ بهِ حَدّ الزّمانِ، فَفَلَّهُ،
وَقد يَثلِمُ العَضْبُ المُهنّدُ في العَضْبِ
كَرِيمٌ، إذا ضَاقَ اللّئَامُ، فإنّهُ
يَضِيقُ الفضَاءُ الرّحبُ في صَدرِهِ الرّحبِ
إذا أثْقَلَ الهِلْباجُ أحْنَاءَ سَرْجِهِ،
غَدا طِرْفُه يَختالُ بالمُرْهَفِ الضّرْبِ
تَنَاذَرَ أهْلُ الشّرْقِ مِنهُ وَقَائِعاً،
أطاعَ لَها العاصُونَ في بلدِ الغَرْبِ
لجَرّدَ نَصْلَ السّيفِ، حتّى تَفرّقَتْ
عن السّيفِ مَخضُوباً جُموعُ أبي حرْبِ
فإنْ هَمّ أهْلُ الغَوْرِ يَوْماً بعَوْدَةٍ
إلى الغَيّ مِن طُغيانِهمْ، فهوَ بالقُرْبِ
حَلَفتُ لقَد دانَ الأبيُّ، وَأُغْمِدَتْ
شَذاةُ عَظيمِ القوْمِ من عِظَمِ الخطبِ
وَألزَمَهُمْ قَصْدَ السّبيلِ حِذارُهُمْ
لتِلْكَ السّوَافي مِنْ زَعازِعِهِ النُّكْبِ
مُدَبِّرُ حَرْبٍ لمْ يَبِتْ عِنْدَ غِرّةٍ،
وَلمْ يَسرِ، في أحشائِهِ، وَهَلُ الرّعْبِ
وَيُقْلِقُهُ شَوْقٌ إلى القِرْنِ مُعجَلٌ،
لدى الطّعنِ، حتّى يَسترِيحَ إلى الضّرْبِ
أضَاءَتْ بهِ الدّنْيَا لَنَا بَعدَ ظُلمَةٍ،
وَأجْلَتْ لَنا الأيّامُ عَن خُلُقٍ رَطبِ
وَما زَالَ عَبدُ الله يُكسَى شَمَائِلاً،
يَقُمنَ مَقامَ النّوْرِ في ناضِرِ العُشبِ
فَتًى يَتَعالى بالتّوَاضُعِ جَاهداً،
وَيُعجَبُ منْ أهلِ المَخيلةِ وَالعُجبِ
لَهُ سَلَفٌ من آلِ فَيرُوزَ بَرّزُوا
على العُجمِ، وَانقادتْ لهمْ حفلةُ العُرْبِ
مَرَازِبَةُ المُلْكِ التي نَصَبَتْ بها،
مَنابِرَهُ العُظمَى، جَبابرَةُ الحَرْبِ
يَكِبّونَ مِنْ فَوْقِ القَرَابيسِ بِالقَنَا،
وَبالبِيضِ تَلقاهمْ قِياماً على الرُّكْبِ
لَهُمْ بُنيَ الإيوَانُ في عَهدِ هُرْمُزٍ،
وَأُحْكِمَ طَبعُ الخُسرُوَانيّةِ القُضْبِ
وَدارَتْ بَنُو سَاسَانَ طُرّاً عَلَيهِمِ،
مَدارَ النّجومِ السّائرَاتِ على القُطْبِ
مَضَوْا بالأكُفّ البيضِ أوْفَى من الحيا
بَلالاً، وَبالأحلامِ أوْفَى منَ الهَضْبِ

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> حبستُ على اللهو قلباً طليقاحبستُ على اللهو قلباً طليقا
حبستُ على اللهو قلباً طليقاحبستُ على اللهو قلباً طليقا
رقم القصيدة : 22790
-----------------------------------
حبستُ على اللهو قلباً طليقاحبستُ على اللهو قلباً طليقا
وقمت أُحيّي الخيالَ الطرُوقا
لدى روضة ٍ قد كساها الربيعُ
من النور والزَهر بُرداً رقيقا
عليها الصَبا سحبت ذيلَها
وذرَّت من الطيبِ مسكا سحيقا
تروقك إن مرَّ فيها النسيمُ
منها يلاعبُ غصناً وريقا
كأَنَّ الغصون إذا الوِرق غنّت
على الأيك نشوانُ لن يستفيقا
إذا اعتنقت طرباً خِلتهنَّ
شقيقاً يعانقُ شوقاً شقيقا
عشيّة لهوٍ بِها الدهرُ جادَ
بها عادَ عيشي غضًّا أنيقا
أمنتُ بها الدهرَ حتى كأبّي
أخذتُ على الدهرِ عهداً وثيقا
سررتُ بها غير أنَّ الحبيب
فقدانُه ساءَ قلب المشوقا
فكنت إذا قلبي اشتاقه
لأرشفَ فاهُ رشفت الرحيقا
وأعتنقُ الغصنَ عن قدِّه
وألثمُ عن وجنتيه الشقيقا
فما زلتَ أجني ثمار السرور
والنقى والعقيق بها والرصيقا
إلى أن رأيت الصباحَ انتضى
على مفرق الليل عضباً ذليقا
مضى الليلُ يدعو النجاءَ النجاءَ
والصبحُ يدعو اللحوقَ اللحوقا
فقمتُ ولم أرَ ممّا رأيتُ
شيئاً، اكفكفُ دمعاً دفوقا
وقد كنت أحسب طرفَ الزمانِ
من سكرة النوم بي لن يضيقا
فيا لائمي إن ذكرتُ العقيقَ
ولولا الهوى ما ذكرتُ العقيقا
تذكرتُ من كنت ألهو به
فصرت لكتم الهوى لن أُطيقا
لئن بانَ جسمي عنه فقد
تخلَّف قلبي فيه وثيقا
فليت غدت حالباتُ الربيع
حياها على غيره لن تُريقا
فتسقي به مُرضِعات الربيع
رضيعَ الخمائل ماءً دفوقا
ففي كلّ يومٍ بأطلاله
أحيِّ من الغيد وجهاً طليقا
ومرهفة الخصر وسنى اللحاظِ
تغادرُ قلبَ المعنّى خفوقا
إذا ما رشفت لمى ثغرِها
تَعافُ الصبوحَ له والغبوقا
ترى البدرَ والغصنَ والظبيَ
والنقى والعقيقَ بها والرحيقا
محيًّا وقدّاً وجيداً وعيناً
وردفاً ثقيلاً وثغواً وريقا
 
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> حي طيفاً زارَ من سعدي لِماما
حي طيفاً زارَ من سعدي لِماما
رقم القصيدة : 22791
-----------------------------------
حي طيفاً زارَ من سعدي لِماما
لم يزوّد صبّها إلاّ غراما
طارقاً ما أسأرت زورته
في حنايا أضلعي إلاّ ضراما
هوّمَ الركب فحيّا مضجعي
بعد لأيٍ مُهدياً عنها السلاما
وكما شاءَ الهوى علّلني
بحديثٍ بلَّ من قلبي الأُواما
زادني سُكراً إلى سكر الكرى
فكأَني منه عاقرتُ مداما
كلّما مثّل لي قامتَها
زُدته ضمًّا لصدري والتزاما
أو ثناياه لعيني وصفت
ثغرَها استشفيت فيهنّ التثاما
لم أزل ألهو به حتى غدت
أنجمُ الشرق إلى الغرب تَرامى
فرغت من سهر الليل وأومت
بعيون آذنتنا أن تناما
يا لها من زورة ٍ كاذبة ٍ
أعقبت وجداً بقلبي واحتداما

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> قد كان داؤُك للشريعة داءا
قد كان داؤُك للشريعة داءا
رقم القصيدة : 22792
-----------------------------------
قد كان داؤُك للشريعة داءا
فالآنَ صار لها شفاك شِفاءا
نزعت يدُ الباري سقامكما معاً
وكستهُ شاغلة ً به الأَعداءا
مسحت غبارَ الداءِ منك بصحة ٍ
كانتِ لوجه المكرُمات جلاءا
قرَّت بها عينُ الهداية وانثنت
عينُ الحواسدُ تشتكي الأقذاءا
والمجدُ أعلنَ في البريّة هاتِفاً
بشرى بصحّة من شفى العلياءا
فاغدوا سواءً في السرور كما غدوا
في شكر نائله الجزيلِ سواءا
فلتهنَ طائفة ُ الهدى في شيخها
ولنستدم به وأمه النَعماءا
فإليه أملاكُ السماءِ تطلّعت
فأقرَّ أعينَها غداة تراءا
وتباشرت حتّى كأَنّ إلهها
منها أزالَ بِبُرئه الأدواءا
وتنزّلت كيما تنتهيّ جعفراً
وهو الجديرُ مودّة ً وإخاءا
لا قلت هذا غيرُ ذاك فهل ترى
ماءً تغايرَ، إن قسمت الماءا
هو جعفر الفضلِ الذي أهلُ النهى
يَرِدون منه ويصدرونَ رُواءا
وإذا رقى الأعوادَ أسمع ناطقاً
بالوعظ حتّى الصخرة َ الصماءا
ولقد سرى في الصالحاتِ لذكره
أرجٌ يطبقُ نشُره الأرجاءا
وأطل دعاك له وناد محمدَ الـ
ـحسنَ المجلّي نورُه الظلماءا
أأبا الشريعة أنت كافلها الذي
أنسى البنينَ ببرّه الأباءا
وبكم جميعاً أبصرت لكنّهم
كانوا لها حُدَقاً وكنت ضياءا
أنت المعدّ لحفظ حوزتنا التي
لم تحو سابغة ً ولا عدّاءا
ماذا يضرّ ومنكباك لواؤُنا
أن لانهزَّ على العُدات لواءا
ولسانك السيفُ الذي أخذ الهدى
بشباهُ من أعدائه ما شاءا
وإذا جرى قلمٌ بكفّك خالَهُ
بحشاه خصمك صعدة ً سمراءا
ولقد جريت إلى المعالي سابقاً
حتى تركت السابقينَ وراءا
غفراً لذنب الدهر إنَّ له يداً
عندي نسيتُ لنفعها الضرّاءا
جلبَ المسرّة لي بإثر مسرَّة ٍ
سبقت فضاعف عندي السراّءا
بشفاء مُنتجبٍ وعرس مهذَّبِ
بَهرَ البريَّة َ فطنة ً وذَكاءا
إن غبتُ عن ذاك السرور فلم يكن
ليفوتني ما أطربَ الشعراءا
فبعرس عبد الله رونقُ عصرنا
في كلّ آونة ٍ يزيدُ صفاءا
وبأيّما وقتٍ حضرتُ فإنّه
للزهو وقت بالسعود أضاءا
فاهتف ودونكه لتهنئة العُلى
وشياً يفوق صناعة ً صنعاءا
بشرى به عُرساً لأيّ مرشحٍ
بعُلى أبيه تجاوزَ الجوزاءا
هو غصنُ مجدٍ ذو مخايل بَشّرت
أن سوف يُثمر سؤدداً وعلاءا
لو أنَّ من نظمَ القريضَ بعرسه
نظم النجومَ لزادها لألاءا
سكرت به الدنيا ولكن لم تذق
إلاّ خلائقَ جدِّه صهباءا
صِفه وإخوتَه فكلٌّ منهم
في المجد أحرزَ عزَّة ً قعساءا
أحيوا أباهم باقرَ العِلم الذي
قدماً أعاد ذوي النهى أحياءا
متكافئين بفخره وجميعهم
ولدتهم أُمّ العُلى أكفاءا
فلجدِّه البُشرى وأين كجدِّه
لا تطلبينَّ مزايا ذُكاءِ ذُكاءا
وَليهن فيه عمّه ذاكَ الذي
فاتت مزايا فضله الإِحصاءا
يا من إذا التفّت عليه مجامعُ
الآراءِ فلَّ بعزمه الآراءا
دُم للشريعة كي تدوم لنا فقد
جعل الإلهُ لها بقاكَ بقاءا
وأَقم على مر الزمان ممدّحاً
يُحبى صباحاً بالسنى وَمساءا
 
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> نفحاتُ السرورِ أحيت حبيبا
نفحاتُ السرورِ أحيت حبيبا
رقم القصيدة : 22793
-----------------------------------
نفحاتُ السرورِ أحيت حبيبا
فحبتنا من النسيب نصيبا
وأعادت لنا صريعَ الغواني
يسترقُّ الغرامَ والتشبيبا
غادرتنا نجرّ رجل خليعٍ
غَزلٍ كالصبا يعدُّ المشيبا
نعّمتنا بناعم القدِّ غضّ
قد كساه الشبابُ برداً قشيبا
زارنا والنسيمُ نمَّ عليه
فكأَنَّ النسيمَ كان رقيبا
رشأٌ عاطشُ الموشح ريّا
نُ بماء الصِّبا يميس قضيبا
ما نضى برقعَ المحاسن إلاّ
لبس البدرُ للحياءِ الغروبا
فعلى بانة يجيلُ وشاحاً
وعلى نيّرٍ يزرُّ جيوبا
لو رأت نارُ وجنتيه النصارى
عبدت كالمجوس منها اللهيبا
أَو لحاها قسّيسُها لأتت تو
قد فيها ناقوسَها والصليبا
كم لحاني العذولُ ثم رآه
فغذا شيّقاً إليه طروبا
جاءَني لائماً فعاد حسوداً
ربَّ داءٍ سرى فأعدى الطبيبا
يا نديمي أطربتَ سمعي بلمياءَ
ويا ربِّ زِدتني تعذيبا
لي فيها جعلتَ ألفَ رقيبٍ
ولشهب السما جعلت رقيبا
ذاتُ قدٍّ تكاد تقصف منه
نسماتُ الدلال غصناً رطيبا
فأعد ذكرها لسمعي فقلبي
كادَ شوقاً لذكرها أن يذوبا
غنِّ لي باسمها على نُقُلِ الراح
وزدني أفدي لكَ العندليبا
بربيبٍ حوى بديعَ جمالٍ
فيه قد أخجل الغُزالَ الربيبا
كَفِلاً ناعماً وطرفاً كحيلاً
وحشى َ مُخطفاً وكفّاً خضيبا
وَكَورد الرياض وجنة ُ خدٍ
يقطفُ اللثمُ منه ورداً عجيبا
كلّما طّله الحيا بنداه
رشَّ ماءً فبلَّ فيه القلوبا
يا بعيداً أثمرنَ منه أعالي
غُصنِ القدِّ لي عِناقاً قريبا
ما أجدَّ الفتورُ لحظَكَ إلاّ
وبلبّ اللبيب كان لعوبا
أو بخديك عقربُ الصدغِ دبَّت
فبقلبي لها وجدتُ دبيبا
لم تزل تألفُ الكثيبَ وقلبي
يتمّنى بأن يكون الكثيبا
أنتَ ريحانة ُ المشوقِ ولكن
جاءَنا ما يفوق ريّاكَ طيبا
فَلنَا من محمد بشذاه
نسماتُ الأقبال طابت هُبوبا
نفحتنا أعطافهُ فانتشقنا
أرجاً عطّر الصَبا والجَنوبا
أكثرت شوقها إليه القوافي
فأقلّت للمدح فيه النسيبا
ودعت يا بن أعلم القوم بالله
ويا أكمل الورى تهذيبا
لحظاتُ الإله في الخلق أنتم
وابنُ ريبٍ من ردَّ ذا مُستريبا
ومتى تنتظم قنا الفخر كنتم
صدرها والكرامُ كانوا كعوبا
وإذا أذنبَ الزمانُ فأنتم
حسناتٌ له تحطّ الذنوبا
بَردت بالهنا ثغورُ المعالي
وجلى الابتسامُ منها الغروبا
ووجوه الأيام قد أصبحت تخـ
ـطبُ حسناً وكنَّ قبلُ خُطوبا
ضحكت بهجة ً بلامع بِشرٍ
لم تدع للتقطيب فيه نصيبا
ليت شعري أكان للنجف الأشـ
ـرف أم للفيحاء أجلى شحوبا
فرح طافت المسرّة ُ فيه
فأزالت عن القلوب الكروبا
فتعاطت على اختلاف هواها
ضَرباً هذه وتلك ضريبا
فأدر لي يا صاحبي حلب البشر
المُصفى ّ واترك لغيري الحليبا
أيها القادمُ الذي تتمنى
كلُّ عينٍ رأته أن لا يغيبا
قد شهدنَ الفجاج أنَّ بتقويـ
ـيضك للجود في الفلا تطنيبا
كل فجٍ لم ترتحل منه إلاّ
وأقمتَ السماح فيهِ خَطيبا
قد بذلت القِرى لها وسقاها
بك ربُّ السماءِ غيثاً سكوبا
فكفاها خصباً بأنك فيها
سرتَ والغيثَ تقتلان الجُدوبا
يا بن قومٍ يَكاد يمسكها الركـ
ـنِ كما يمسك الحبيبُ الحبيبا
بك باهى مقامُ جدّك إبرا
هيمَ لمّا أن قمت فيه مُنيبا
مسَّ منه مناكباً لك مسّتـ
ـه وأخلِق عنه بها أن تنوبا
ولو انَّ البطحاء تملك نُطقاً
لسمعت التأهيلَ والترحيبا
منك حيّت عمروَ العُلى ذلك المُـ
ـكثر للضيف زادَه والمطيبا
وأرتها شمائلٌ لك راقت
أنَّ شيخ البطحاءِ قامَ مهيبا
واستهلَّت طير السماءِ وقالت
مشعُ الطير جاء يطوي السُهوبا
إنَّ هذا لشيبة الحمد أولى
فابن مَن سادهم شباباً وشيبا
شرفاً يا بني الإمامة َ قد الّـ
ـف مَهديُّها عليها القلوبا
فيه بانت حقائق الفضل للنا
س وكنَّ الأسماءَ والتلقيبا
وإليه رياسة الدين آبت
وقُصارى انتظارها أن تؤوبا
كلّما عنَّ مشكلٌ حضرته
فكرة ٌ فيه أطلعته الغيوبا
أحزمُ العالمين رأياً وأقوا
هم على العاجمين عوداً صليبا
يا أبا الأنجمِ الثواقبِ في الخطـ
ـب بقلب الحسود أبقوا ثُقوبا
إنَّ مَن عن قسّي رأيك يَرمي
لجدير سهامُه أن تصيبا
حلف المجدُّ فيك لا يلد الدهرُ
لهم في بني المعالي ضريبا
لست أدري هل الصوارمُ أم الـ
ـسنهم في الخصام أمضى غُروبا
والغوادي للعام أضحكُ أم أيـ
ـديهم البيضُ حين تأبى قطوبا
خير ما استغزر الرجا جعفرَ الجودِ
وَناهيك أن تروُدَ وهوبا
لو بصغرى البنان ساجل بحراً
لأرى البحرَ أنَّ فيه نُضوبا
أريحيٌّ أرقُّ طبعاً من الزهـ
ـر المندّى باكرته مستطيبا
عجباً هزَّه المديحُ ارتياحاً
واهتزازُ الأطوادِ كان غريبا
هو في طيب ذكره صالحُ الفعل
لقد طاب مَحضراً ومغيبا
أطهر الناسِ مئزراً ورداء
الغيب أنقى على العفاف جيوبا
خُلقه أسكر الزمانَ ولكن
لم يكن في كؤوسه مسكوبا
قل لِمن رام شأوَه أين تَبغي
قد تعلّقت ظنّك المكذوبا
أو ما في الحسين ما قد نهاكم
أن تطيلوا وراءَه التقريبا
سادة للعُلى يرشّحها المجدُ
وليداً وناشئاً وَربيبا
زعماءُ الأنام قد ضرب الفخرُ
عليهم رِواقَهِ المحجوبا
سمروا في قباب مجدٍ أعدوّا
حارسيها الترهيبَ والترغيبا
كلّ سَبطِ البنان في الشتوة الغبـ
ـراء يأبى عنها الحيا أن ينوبا
حيّ بسامة َ العشيّ تُفدّي
بوجوهٍ كم قد دجت تقطيبا
كم دعاها الرجا فأنشد يأساً
من سجايا الطلول أن لا تجيبا
لا عدى ميسم الهيجاءِ أُناساً
كان وسمُ المديح فيهم غريبا
صبغ الله أوجه البيض والصفر
بحظّ الذي يكون أديبا
كم أعارت محاسنُ الدهرِ قوماً
ملأُوا عيبة َ الزمان عُيوبا
أيّها اللامعاتُ فيهم غروراً
لابن دينارك استرقّي الخصيبا
كتب الطبع فيك نصراً من الحظ
وفتحاً للأَعبياءِ قريبا
كم لبيبٍ بغير مُغنٍ ومُغنٍ
لأخي ثروة ٍ وليس لبيبا
فأعد لي ودعهم ذكرَ قومٍ
لك مهما نشرته ازدادا طيبا
عِترة َ الوحي ما أقلّ ثنائي
إنَّ ظهر الإِنشاء ليس ركوبا
بل بصدر القول ازدحمنَ مزايا
كم فضيّقنه وكان رحيبا
لم تزل منكم تقرُّ عيوناً
فرحاتٌ لكم تسرّ القلوبا
فبثوب الزمان ليس سواكم
فالبسوه على الدوام قشيبا
 
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> حيتكَ سارقة ُ اللحاظ من الظِبا
حيتكَ سارقة ُ اللحاظ من الظِبا
رقم القصيدة : 22794
-----------------------------------
حيتكَ سارقة ُ اللحاظ من الظِبا
تجلو المدامَ فحيّ ناعمة َ الصِبا
جاءتكَ تبتَسمُ والبنان نقابُها
فأرتكَ بدراً بالهلال تنقّبا
وكأنّها هي حين زَفَّت كأسها
شمسٌ تزفّ من المدامة ِ كوكبا
عقدت على الوسط النطاقَ مفوَّفاً
ولوت على الخصر الوشاحَ مذهّبا
أحبب إليك بها عشيقة َ مُغرمٍ
راض العواذلُ شوقَه فتصعبّا
هي تلك لاعبة ُ العشاء ومن لها
ألفت بناتُ الشوقِ قلبك ملعبا
أمسيتَ منها ناعماً بغريرة ٍ
بنسيم ريّاها تعطَّرت الصَبا
ونديمة ٍ لك لو تغنّى باسمها
حجر لرقَّصه غناها مطربا
سكبت بكأس حديثها من لفظها
راحاً ألذَّ من المدام وأعذبا
وترنّمت هزجاً فأطربَ لحنُها
قُمريَّ مائسة َ الأراكِ فطرَّبا
فكأَنما علمت بعرس المصطفي
فشدت غِناً لابن الأراكة ِ أطربا
في ليلة ٍ طابت فساعة ُ أُنسها
لم تلق عمر الدهر منها أطيبا
وَفدَ السرورُ بها لمغنى أصيدٍ
كرماً يحيي الوافدين مُرحّبا
شملت مسرتَّه البريّة كّلها
إذ كان في كلّ النفوس محبّبا
فكأَنَّ عُرس المصطفى فيه الورى
كلّ محمدُ صالحٍ أَن يطربا
قد عاد مغربُها يهنّي شرقَها
فيه ومشرقُها يهنّي المغربا
فرحوا وحقّ لهم به أن يفرحوا
من حيثُ أنَّ الدهر فيه أغربا
في الشيب جاء به سروراً لم يجىء
في مثله مُذ كان مقتبلُ الصِبا
هو في الأنام صنيعة ٌ مشكورة
للدهر ما صحبوا لِساناً معربا
للكرخ ناعمة َ الهبوب تحمّلي
منّي سلاماً من نسيمك أطيبا
وصلي إلى بيت قد انتجع الورى
منه جناباً بالمكارم مُعشبا
بيت على الزوراء يقطر نعمة َ
فكأَنّه بالغيث كان مطنّبا
قولي إذا حييتِ فيه بالرضا
فسواكِ منه هيبة َ لن يقربُا
بشراكَ بسّامِ العشيّ بفرحة ٍ
ضَحكت بها الدنيا إليك تطرُّبا
وجلا عليك اليمنَ فيها طلعة َ
غرّاء ساطع سعدها لن يغربا
فاسعد بقرّة ناظريك فقد غدا
في عُرسه المجدُ المؤثّلُ معجبا
أمقيلَ مَن لبس الهجير تغرُّباً
ومعرّسَ السارين تنزِعُ لغّبا
عجباً لهذا الدهر يصحب بُخلَه
ولجود كفّك ليس يبرح مُصحَبا
ويرى جبينك كيفُ يشرقُ لِلندى
كرماً ويغدو الوجه منه مقطَّبا
أرحبتَ للأضياف دارة َ جفنة ٍ
من دارة القمر الوسيعة أرحبا
وحملت عبء بني الزمان ولو به
يُعنى أبوهم لاستقالك مُتعبا
وأما ومجدك خلفة ً لو لم يكن
للعالمين سجالُ جودك مشربا
نَزَف اغترافُهم البحارَ وبعدها
ترك اعتصارهمُ الغمائمِ خُلّبا
فمتى تقوم بحارُها وقطارُها
لهم مقامك ما جرت وتصبَّبا
يفدي أناملكَ الرطيبة مُعجبٌ
في يبس أنملة ٍ بعذلك أسهبا
لو مسَّ وجه الأرض يبسُ بنانه
لرأيته حتى القيامة مُجدبا
عذبت مذاقة "لا" بفيه لبخله
وبفيك طعمُ «نعم» غدا مستعذبا
فأزدادَ حتّى في مَعيشة نفسهِ
ضيقاً وَللوفّاد زدتَ ترحّبا
تسع الزمانَ بجود كفّك باسماً
ويضيق صدر الدهر منك مقطَّبا
لورعتَ مُهجة نفسه وَزحمته
لفطرتها وَحطمتَ منه المنكبا
وَلقد جَريت إلى العلاء بهمة ِ
لم ترض عالية المجرّة مركبا
حلَّقت حيث الطرف عنك مقصرٌ
فصعدت حيث النجم عنك تصوبّا
شهدت قناة المجد أنك صدرُها
وَعدا أخيك غدا الأماجدُ أكعبا
ما قمت يوم الفخر وحدك موكباً
إلاّ وقام به مثالُك موكبا
أصبحت منتسباً لغرِّ أماجدٍ
ودَّت لهم شهب السما أن تُنسبا
هم أيكة الشرف التي منها الورى
ثمرُ السماحة ما اجتنوه مرجّبا
طابت أرُومتها العريقة في العُلى
وسقت مكارمها ثراها الطّيبا
وكفى بجودك وهو أعدلَ شاهدٍ
يصف الذي من جودها قد غيبا
ولقد تحقّقتُ اسمَ غادية الحيا
فوجدت معناه نداك الصيّبا
وأجلت فكري في اسم أنفاس الصَبا
فإذا به خُلق الرضا قد لقّبا
سيماءُ عزِّك في أسرَّة وجهه
لله أنت فهكذا مَن أنجبا
زّينت أُفق الفخر منك بكوكبٍ
ما كان أزهره بفخرك كوكبا
فالشمس قد ودَّت وإن هي أعقبت
قمرَ السماءِ نظيره أن تُعقبا
قد غاض فيضُ ابن الفرات لجوده
إذ كان أغزرَ من نداه وأعذبا
لا تطر كعباً واطوِ حاتم طيء
وانشر مكارمه تجدها أغربا
وارتك له معناً على ما فيه من
كرمٍ فمعنٌ لو رآه تعجّبا
ودع الخصيب فلو تملّك ملكه
الهادي لجاد به لفرد أتربا
الجامع الحَمد الذي لم يجتمع
والواهبُ الرفدَ الذي لن يُوهبا
خلقتَ أدرَّ من السحائب كفُّه
بل أُنشأت منها أعمَّ وأخصبا
هو خير من ضمَّت معاقدُ حبوة ٍ
وأخوه فخراً خير من عَقد الحُبا
طلعا طلوعَ النيرين فما رأى
أُفقُ المكارم مُذ أنارا غيهبا
فعُلاهما في المجد أبعدُ مرتقى
ونداهما للوفد أقربُ مطلبا
أبقيّة َ الكرم الذين سواهم
لم يتخذ تهجُ المكارم مذهبا
لا زلتم في نعمة ٍ ومسرَّة ٍ
مادام ظهر الأرض يحمل كبكُبا

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> يا نسيمَ الصَبا وريحَ الجنوبِ
يا نسيمَ الصَبا وريحَ الجنوبِ
رقم القصيدة : 22795
-----------------------------------
يا نسيمَ الصَبا وريحَ الجنوبِ
روّحا مُهجتي بنشر الحبيبِ
إنَّ روحَ المحبوب رَوحٌ لقلبي
ما لقلبي آسٍ سوى المحبوبِ
وَعلى البعد منه إن تحملاه
فعليَّ انفحا به من قريبِ
لو سوى نشر يوسفٍ شمَّ يعـ
ـقوبُ إذاً لم يَزل جوى يعقوبِ
وعجيبٌ بميتّة ٍ ذاب قلبي
ويرى طبَّه بنشر المذيبِ
ليت يا عذبة َ اللمى من فؤادي
فيه أطفأتِ بعضَ هذا اللهيبِ
أو على السفح للوداع حبست الـ
ـركبَ مقدار لفتة من مُريبِ
منكِ لو نال ساعدي ضمَّة َ التو
ديع أدركتُ غاية المطلوبِ
وعلى المتن كان منكِ هلالاً
حين شرّقتِ جانحاً للغروبِ
ما لطيف الخَيال ضاعفَ شوقي
حين وافى بوعده المكذوبِ
فيه جاءت من بعد توهيمة الركـ
ـب حذاراً من عاذل ورقيبِ
قلتُ أنّى وفت فعاد نصيبي
وصلُها والمطال كانَ نصيبي
بينما في العناق قد لفّنا الشو
قُ ضجيعين في رداء قشيبِ
وإذا الوصل في انتباهي أراه
سرق الإفكَ من سرابٍ كذوبِ
أين منيّ ميّ وقد عوّذَتها
غلمة ُ الحي بالقنا المذرُوبِ
شمس خدرٍ حجابُها حين تبدو
جُنحُ ليلٍ من فرعها الغربيبِ
وهي عن بانة ٍ تميسُ دلالاً
وهي ترنو عن طرف ظبي ربيبِ
وسوى البدر في الأنارة لولا
كُلفة ُ البدر مالها من ضَريبِ
حسدتني حتّى عيوني عليها
لو تذكّرتها لأضحت تشي بي
أو سرت مُوهناً إليَّ لظنّت
كلَّ نجمٍ في الأُفق عين رقيب
بُوركت ليلة ٌ تخيّلت من أر
دانها عُطّرت بنشر الطِيبِ
قلتُ ذا الطيبُ من كثيب حماها
حَملته لنا الصَبا في الهبوبِ
قال لي الصحب من بشير أتانا
من حِمى الكرخ لا الحِمى والكثيب
مُخبراً عن محمدٍ كوكبِ المجد
سرى الدّاءُ للحسود المريبِ
أيّهذا البشير لي حبّذا أنت
بشيراً ببرءِ داءِ الحبيبِ
لو سواهُ روحٌ لجسمي لأَتحفـ
ـتك فيه وقلّ من موهوب
لي أهديتَ فرحة َ ما سرتِ قبلُ
ولا بعدُ مثلها في القلوبِ
غرس الدهرُ قبلها الذنبَ عندي
فغدا مثمراً بعفوٍ قريب
وغريبٌ من الزمان وما زال
لديه اختراع كلِّ غريبِ
أن أراني وما أراني سواه
حسناتٍ يُجنى بغرس الذنوبِ
عجباً كيف أَولد النحسُ سعداً
شقَّ في نوره ظلامَ الخطوبِ
فمحيا الدنيا غدا وهو طليقٌ
ما بصافى بياضه من شحوبِ
ضاحكٌ من غضارة البشر أُنساً
وهو بالأمس موحشُ التقطيب
أيها الواخدُ المفلّس في عز
مٍ على الهول ليس بالمغلوبِ
صِل على الأمن ناجياً لمحلٍ
في ذرى الكرخ بالندى مهضوب
مستجارٌ بالعزّ يحرس أَو با
لحافِظَينِ الترغيبِ والترهيب
وبه حيّ صفوة َ الشرف المحضِ
ربيعَ العُفاة عند الجُدوبِ
طيبُ الأصل فرعه في صريح الـ
ـمجد يُنمى إلى نجيب نجيبِ
وافرُ البشر والسماح إذ المحلُ
بدا عامُه بوجهٍ قطوبِ
جاد حتى مسَّ الوفود من الأخـ
ـذ لُغوبٌ وما به من لغوبِ
في زمانٍ لو الخصيب به ينـ
ـشره الله لم يكن بالخصيبِ
قل له يا محمدٌ صالحٌ أَنت
لإِحراز كلِّ فضل غريبِ
ليس تنفكّ أنت واليمن في ظلّ
رواقٍ من العُلى مضروبِ
ولك السعدُ حيث كنت قرينٌ
لم يمل عنك نجمه لغروبِ
كمل الأُنس حين صرت تهنّى
بشفى أُنسك الأعز الحبيبِ
وأَخوك الذي قِداحُ المعالي
للمعلّى منها حوى والرقيبِ
ماجد هُذّبت خلائقه في الـ
ـمجد والفخرِ غاية َ التهذيبِ
ذو بنانٍ ندٍ ووجهٍ جميل
ولسانٍ طلقٍ وصدر رحيبِ
فابقيا للعلاءِ ما بدت الشمـ
ـسُ ومالت في أُفقها للغروبِ
في سرورٍ صافٍ وطرف قريرٍ
ونعيم باقٍ وعيشٍ رطيبِ
 
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> عَجِلَ الصبَّ وقد هبَّ طروبا
عَجِلَ الصبَّ وقد هبَّ طروبا
رقم القصيدة : 22796
-----------------------------------
عَجِلَ الصبَّ وقد هبَّ طروبا
فتعدّى لتهانيك النسيبا
منكَ بدر المجد قَد ألهاه عن
رشأٍ زرَّ على البدر الجيوبا
بدر حسنٍ في دجى ً من فرعه
ما أُحيلاه طُلوعاً وغروبا
كم تصبّى من أخي حُلمٍ وكم
من أخي لُبٍّ به جدَّ لعوبا
لستُ أدري إذ يعاطي كفُّه
خمرة ً من لونها يبدو خضيبا
أَجلا لامعة ً في كأسه
أم سنا وجنتهِ أبدى لهيبا
شادنٌ وفرته ريحانة ٌ
نشرها ينفح للنُدمان طيبا
ما أدار الراحَ إلاّ مثّلت
حول كسرى منه في الكأس ربيبا
لا تقل قطّب من سَورَتها
مَن تعاطى رشفها كوباً فكوبا
بل رآه حول كسرى فاكتسى
وجهُه من سورة الغيظ قُطوبا
لك أخلاقٌ عدتني عن طِلاً
رشفها من فمه يحيي القلوبا
ولطبعٍ فيك من رقّته
لي أنفاسُ الصَبا رقّت هبوبا
عفتُ منه وجنة ً رقّت إلى
أن شكت من عقرب الصدغ دبيبا
يا نسيمَ الريح إني لم أكن
لسواكَ اليومَ عنّي مستنيبا
سر إلى البصرة واحمل عن فمي
كِلماً أعبق من ريّاك طيبا
إنّ فيه منتدى ربِّ حجى ً
أحرَزَ السؤدَد مُذ كان ربيبا
طف بعبد الله فيه إنّه
كعبة ٌ حطّت من الدهر الذنوبا
واعتمد طلعَته الغّرا وقل:
بوركت من طلعة ٍ تجلو الكروبا
أيّها الثاقب نوراً كلّما
قصدوا إطفاءَه زاد ثُقوبا
أخصبت ربعَك أنواءُ الهنا
فبنوء الجود لم يبرح خصيبا
خير ما استثمرته غصن عُلاً
لك أنماه النهى غضّاً رطيبا
قد نشا في حجر علياكَ التي
رضع السؤدَد منها لا الحليبا
ذاك عَبد الواحد الماليء في
عزّه قلبَ أعاديه وجيبا
شبلك المخدر في عِرّيسة ٍ
ترهب الليث ولو مرَّ غضوبا
إصطفى المجدُ له مُنجِبة ً
واصطفى منه لها كفواً نجيبا
وعلى نسلهما من قبل أن
يلداه قيل بارك كي يطيبا
فلكَ البشرى بعرسٍ سعدُه
في محيّا الدهر ما أبقى شحوبا
مسحت قلبَ العُلى فرحتُه
بيدٍ ما تركت فيه نُدوبا
قم فهّني المجدَ يا سعدُ بمن
مثله لم يصطف المجد حبيبا
وعن الحسّاد لا تسأل وقل
مهجٌ لاقت من الوجد مذيبا
قد أبات القومَ في غيظهم
يتجافون على الجمر جنوبا
خطبوا مجدكَ يا مَن كم به
عنهم قد دفع الناسُ الخطوبا
وجروا خلفك للعَليا وكم
فُتّ مطلوباً وأدركت طَلوبا
فاتهم منك ابن مجدٍ لم يزل
في العُلى أطولَهم باعاً رحيبا
أينَ من في الأرض ممّن عقدت
بنواصي الشهب علياه الطنوبا
حسدت شهبُ الدراري وجهه
إذ له ما وجدت فيها ضريبا
وغدا الأُفق الذي زِينَ بها
يتمّنى فيه عنها أن ينوبا
يا بني العصر دعوا ضَربكم
بقداحٍ قط لم تحرز نصيبا
فبأعشار العُلى فاز فتى ً
كان كفّاه المعلى ّ والرقيبا
أروعٌ وقّر ناديه النهى
فبصدر الدهر لم يبرح مَهيبا
ما النسيم الغضٌّ يسري سحراً
منعشاً في بُردِ ريّاه القلوبا
لكَ أذكى من سجاياه شذاً
فانتشق زهر المعالي مستطيبا
فلبسّام العشّيات فِدى ً
أوجهٌ تدجو على الوفد قطوبا
ولرطب الكفّ في الجدب وقى ً
كفُّ قومٍ جفَّ في الخصب جدوبا
شنّجته علة ُ البخل فلا
طبَّ أو يغدو له السيفُ طبيبا
أغربت أوصاف ذي مجد حوى
من مزايا المجد ما كان غريبا
أين ما يسري سرى شوقُ الورى
فهو يقتاد الحشا منها جنيبا
وهو بحرٌ ولهذا فمه
يقذف اللؤلؤَ في النادي رطيبا
وهو الغيثُ وأجدر أن ترى
علّم الغيثَ نداه أن يصوبا
أين منه معدل الضيف إذا
لِقراه التمس المسنى المطيبا
وإذا ضرع الغوادي جفَّ في
شتوة ٍ واغبرَّت الأرض جَدوبا
بسط الكفَّ بها ثم دعى
دونكم حافلة َ الضرع حلوبا
وغدا يطربُ إذ يسمعها
للقِرى هدّارة الغلي غضوبا
رثّ بردُ الحمدِ لولا ملِكٌ
كلّ آن يلبسُ الفخرَ قشيبا
أطربَ المدحَ إليه أنّه
فاتخٌ سمعاً إلى المدح طروبا
عربيّ الذوق يستحلي التي
من عَذارى الشعر جاءته عَروبا
خطب الأبكارَ مشغوفاً بها
فأقام الجودَ في الدنيا خطيبا
فهو عذريّ الهوى في عذرها
وهي من شوقٍ له تطوي السهوبا
أبداً تدعو له قائلة ً
لا رأت شمسُ معاليكَ الغروبا

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> بشراكَ باليمن عليك وَفدا
بشراكَ باليمن عليك وَفدا
رقم القصيدة : 22797
-----------------------------------
بشراكَ باليمن عليك وَفدا
من هذه الأفراح ما تجدّدا
مسرّة ٌ قد خصّك الله بها
تملأُ قلبَ الكاشحينَ كمدا
وفرحة ٌ أقبل يدعو بِشرُها
يا معشر الحسّادِ موتوا حسدا
صفت لآل المصطفى برغمكم
نطافُ هذا البِشر تحلو موردا
بها احتلوا وجهَ السرور أبيضاً
فاستقبلوا وجه النحوس أسودا
يا سَعد ما أبهجها مسرَّة ً
أُمُّ السرور مثلها لن تلدا
سرَّ بها الدهرُ بني العليا فلم
يدع لهم قلباً عليه موِجدا
إذ بختان فرقدي سمائِها
لعترة المجد السرورَ خَلّدا
عبد الكريم وسليمانهم الـ
ـذين طابا في العلاءِ مولدا
وغير بدعٍ أن يطيب مولداً
مَن جدّه أزكى الأنام مَحتِدا
ذلك أعلا الماجدين همّة ً
مولى َ ببرد الشرف المحض ارتدى
ما خلّة ٌ صالحة ٌ إلاّ بها
رأى الأنامُ صالحاً محمّدا
فيه لجبّار السما عناية ٌ
أضحى بها بين الورى مؤيدا
تَسمى خطوط راحه أسرَّة َ
لأنها نقوشُ أسرار الندى
من دوحة ٍ مثمرة ٍ قدماً على
أُولى الزمان كرماً وسؤددا
دوحة ُ مجدٍ بسقت فروعها
بحيثُ لا تلقى النجومُ مصعدا
نَمت غصونَ كرمٍ ما برحت
بظلّها تقيل طلابُ الجِدا
حسبك منها شاهداً بمجدها
أن نمت الهادي فرعاً أمجدا
ذاك الذي أبت سماءُ جودِهِ
أن تُمطر الوفادَ إلاّ عَسجدا
ذاك الذي أبت صفايا خلقه
إلاّ بأن تَعذُبَ حتّى للعدى
ذاك الذي أبت مزايا فخرهِ
إلاَّ بأن تفوق حتّى الفرقدا
مهذَّبٌ يبصر في أعطافِه
شمائلَ المهديِّ مصباحِ الهدى
شمائلاً بين الورى أطيبَ من
أنفاس روضٍ بلّه طلُّ الندى
أورثه كمالَه وهديَه
وفخرَه ومجدَه الموطّدا
وعنه قد ناب بمكرُماته
يعمرُ فيها بيته المشيّدا
كالشمس أن تغرب بدا البدر ابنُها
بنورها بأُفقها متّقدا
فهو لعمري والحسين بعده
أسمح أبناء ذوي الجودِ يدا
هما هلالا الجود مصباحا النهى
كلاَّ عليه يجد الساري هُدى
فريدتا مجدٍ على جيد العُلى
زانا بهاءاً عِقدَها المنضَّدا
يا آل بيت المصطفى من قد غدوا
مأوى الضيوفَ مُتِهماً ومنجدا
ومَن على معروفهم تعاقبت
بنو الرجاءِ مصدراً وموردا
لتهنكم فرحة ُ هادي عزِّكم
بما له من ذا الهنا قد جدَّدا
وليهنَ ما غنى الحَمامُ هو في
ختان بدريه ويبهج أبدا
فطائر الأفراح يا سعد به
أرِّخ أجدّ زاهياً مغرّدا
 
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> بشرى العَلاء فَذي مطالع سعده
بشرى العَلاء فَذي مطالع سعده
رقم القصيدة : 22798
-----------------------------------
بشرى العَلاء فَذي مطالع سعده
ولدت هلالاً زاهراً في مجده
وحديقة ُ المعروف هاهي أنبتت
غصناً سيثمر للعفاة برفده
ونشت بأُفق المكرمات سحابة ٌ
من ذلك البحر المحيط لوفده
الآن ردَّ على الزمانِ شبابُه
غضّاً فأصبح زاهياً في ردّه
وجلت له الدنيا غضارة َ بِشرها
عن مَنظر شغلَ الحسودَ بوجده
وحلا اصطباحُ الراحِ من يد أَغيدٍ
في خدّه تزهو شقائقُ ورده
تُجلى بكفّ رقيق حاشية الصِبا
متمايل الأعطافِ ناعمُ قدّه
يكسو الزجاجة َ خدُّه فيديرها
حمراءَ تحسب أَنها من خدّه
رقص الحبابُ على غناء نديمها
طرباً وودَّ يكون موضعَ عِقده
شهد الضميرُ بأنّها من ريقه
مُزجت بأطيبَ لذة ٍ من شهده
فاشرب فِدا الساقي عذولك واسقني
كأساً وَفى فيها الزمانُ بوعده
وانهض كما اقترح السرورُ مهنيّاً
بفتى به الوهابُ جاد لعبده
ميلاده الميمون بُورك مولداً
قد أصبح الإِقبال خادمَ سعده
تتوسّم العلياءُ وهو بحجرها
فيه مخائلَ من أبيه وجدِّه
جدٌّ له انتهت العُلى من هاشمٍ
وعلاءُ هاشم لا انتهاءَ لحدِّه
وكشاه في عصر الشبيبة والصِّبا
بُردَ النهى والحمد شيبة حمده
فالبدر ودَّ بأن يكون له أخاً
والشُهب تهوى أنها من وِلده
نضت الحميَّة ُ منه سيفَ حفيظة ٍ
ماءُ الحيا الرقراق ماء فرنده
لمّا رأيت الشام يبعد قصده
عن ركب فيحاء العراق ووخده
أودعتُ تهنئتي إليه رسالة ً
تُهدى على شحط المزارِ وبعده
ودعوت حاملها لأشرف منزلٍ
بالشام خذ عني السلام وأدِّه
حيّ السعيدَ محمداً فيه وقُل:
بُشرى بأشرف طالع في سعده
بأغرَّ يُنميه إلى عمرو العُلى
حَسَبٌ محمَّده عليُّ معدّه
حملته أُمُّ الفخر سيّدَ قومه
وأتت به والفضل ناسج بُرده
ولد سيرفع عن علاك بولده
ويشدّ أزرك في بلوغ أشدّه
لو لم يكن فلكُ المجرّة ِ مهدَهٌ
لم تطلع الشعرى العبورُ بمهده
قرَّت به عينُ الفخارِ لأنها
لم تكتحل أبداً برؤية ِ ندّه
فليهنين حمى السيادة إنّه
قد أطلعت شبلاً عرينة ُ اَسده
وانشقَّ مسك ثرى النبوَّة فيه عن
ريحانة الهادي ووردة ِ مجده
فاليوم كفّ لويّ عاد بنانها
فيها وُسلَّ حُسامها من غِمده
وتباشرت طيرُ السماء كأنّما
نُشر ابن هاشم للقِرى من لحده
وكأَنما الدنيا لتهنية العُلى
نادٍ تأنقت السعودُ بعَقدِه
وكأَنَّ كلّ الناس منطق واحدٍ
يشدو ليهُن الفخر مولدُ فرده
وبديعة ٍ في الحسن قد أهديتها
جهد المقلِّ لمكثرٍ من حمده
خطبت له بلسان أشرف من بنى
في الكرخ بيتاً سقفه من مجده
بيت يظلّل بالنعيم إذا أوى
ضيفٌ إليه رآه جنّة خلده
وإليكما غرّاء بأرج عطفها
بنسيم غالية الثناء وندّه
نطقت بناديك العليّ وأرّخت
ولد النهى للفضل أسعد ولده

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> سقتكَ يا ربعَ العُلى عهادَها
سقتكَ يا ربعَ العُلى عهادَها
رقم القصيدة : 22799
-----------------------------------
سقتكَ يا ربعَ العُلى عهادَها
وطفاءُ بشرٍ أطلقت مزادَها
تلمع للزهو بها بوارقٌ
تقدحُ في قلب العِدى زنادَها
لاطفها فيك نسيمٌ أَرِجٌ
إلى حماكَ ساقها وقادَها
فألبستك زهرها وأنبتت
ما بين أجفان العدى قتادَها
وأبرزتَ منك لأحداق الورى
حديقة ً نوءُ السرور جادَها
يا رائد الأفراح في دار العُلى
قد صدقتك نفسُك ارتيادَها
باكر مُناك وارتشف رياضها
كما اشتهيت واقتطف أورادَها
وحيّ في الدست زعيمَ هاشمٍ
وخيرَ من سادت به وسادَها
القائمَ المهديّ أقضى من ثنت
رياسة ُ الدين له وِسادَها
وقُل ولا تحفل بغيظ أنفسٍ
قد تركت لغيِّها رشادَها
ما علماءُ الأرض إلاّ رجلٌ
قد جمع الله به آحادها
لجّة علمٍ عذُبت موارداً
كلّ ذوي الفضل غدت ورّادها
وروضة ٌ لو كشف الله الغطا
رأيت أملاك السما روّادها
أَعلمهم بالله بل أَدلّهم
على التي من خلقه أَرادَها
حامى عن الدين فسدَّ ثغرة ً
ما ضمنوا عنه له انسدادَها
فاستلَّها صوارماً فواعلاً
فعل السيوف ثكلت أَغمادَها
الموقدُ النارَ عشيّاً للقرى
وبِشره يتقد اتقادَها
والمرخصُ الزادَ وكان جده
لراكبي ظهرَ الفلاة زادَها
قد فاخرت جفانُه شهبَ السما
بضوئها وكاثرت عِدادَها
بُشراك وضّاحَ الدجى بفرحة ٍ
قد بلغت فيها العُلى مرادَها
حلَّت نطاق الليل عن صبيحة ٍ
قد نسجت أيدي الهنا إبرادَها
لو عربُ الإسلام باهتُ فرسه
بحسنها لاستحقرت أَعيادَها
أنت الذي قد عقد الله به
عُرى الهدى وأحكم انعقادَها
منك اعدَّت هاشمٌ لمجدها
مَن نشر الله به أَمجادَها
فقلّلت فيك مريدي فخرها
وفي بنيك كَّثرت حسادَها
أَبناءِ مجدٍ نشأوا سحائباً
سقى الإلهُ خلقه عهادَها
أَنملُها العشرُ جميعاً حُلَمٌ
أَرضعت الدنيا بها أَولادَها
بيض المساعي ومساعي غيرهم
بيضٌ وصفرٌ أَحسنوا انتقادَها
لم تبتدء بين الورى اكرومة ٌ
إلاّ وكلٌّ منهم أعادَها
عقدت أطناب العُلى وابتدروا
يرفع كلٌّ منهم عمادَها
وغيرهم يهدم علياه التي
سعى أَبوه قبله فشادَها
قومٌ إذا شبَّ ابنُ مجدٍ منهم
أَلقت لكفيه العُلى قيادَها
أَو زوَّجوه فبأخت شرفٍ
يحكي طريفُ مجدِها تِلادَها
لو لم تجد منه المعالي كفوَها
لم ترض إلاّ في الخِبا انفرادَها
يا من يرومُ بأبيه هضبهم
ونفسه قد سكنت وهادَها
خلفك والفخر بنار ذهبت
بضوئها وخلّفت رمادَها
بني العُلى دونكموها غادة ً
عذراءَ قد أَصفتكم ودادَها
جلّت بكم قدراً فما أَنشدتُها
إلاّ ازدهت جبريل فاستعادَها
 
العصر العباسي >> البحتري >> أبعد الشباب المنتضى في الذوائب
أبعد الشباب المنتضى في الذوائب
رقم القصيدة : 2280
-----------------------------------
أبَعْدَ الَشبابِ، المُنتَضَى في الذّوَائِبِ،
أُحَاوِلُ لُطْفَ الوُدّ عندَ الكَواعِبِ
وَكَانَ بَيَاضُ الرأس شَخصاً مُذَمّما
إلى كُلّ بَيضَاءِ الحَشا والتّرَائِبِ
وما انفَكّ رَسْمُ الدّارِ حتّى تَهَلّلَتْ
دُمُوعي، وَحَتّى أكثَرَ اللّوْمَ صَاحبي
وَقَفْنا فَلاَ الأطْلاَلُ رَدّتْ إجَابَةً،
ولاَ العَذْلُ أجدى في المَشوقِ المُخاطِبِ
تَمَادَتْ عَقَابيلُ الهَوَى، وَتَطَاوَلَتْ
لَجَاجَةُ مَعْتُوبٍ عَلَيْهِ وَعَاتِبِ
إذا قُلْتُ: قَضّيتُ الصّبَابَةَ، رَدَّهَا
خَيَالٌ مُلِمٌّ مِنْ حَبِيبٍ مُجَانِبِ
يَجُودُ، وَقد ضَنّ الألى شَغَفي بهمْ،
وَيَدنو، وقد شَطّتْ دِيَارُ الحَبَائِبِ
تُرِينيكَ أحْلامُ النّيامِ، وَبَيْنَنَا
مَفَاوِزُ يَستَفرِغنَ جُهْدَ الرّكائبِ
لَبِسْنا، مِنَ المُعْتَزّ بالله، نِعْمَةً
هيَ الرّوضُ مَوْليّاً بِغُزْرِ السّحائبِ
أقَامَ قَنَاةَ الدّينِ، بَعدَ اعوِجَاجِها،
وأرْبَى على شَغْبِ العدوّ المُشاغِبِ
أخو الحزْمِ قد ساسَ الأمورَ وَهذّبَتْ
بَصِيرَتُهُ فيها صُرُوفَ النّوَائِبِ
وَمُعْتَصِميُّ العَزْمِ يَأوِي بِرَأيِهِ
إلى سَنَنٍ مِنْ مُحكِمَاتِ التّجارِبِ
تُفَضّلُهُ آيُ الكِتَابِ، وَيَنْتَهي
إلَيْهِ تُرَاثُ الغُلْبِ مِنْ آلِ غَالِبِ
تَوَلّتْهُ أسْرَارُ الصّدُورِ، وأقْبَلَتْ
إلَيْهِ القُلُوبُ مِنْ مُحِبٍّ وَرَاغِبِ
وَرُدّتْ، وَمَا كَانَتْ تُرَدُّ بِعَدْلِهِ،
ظُلاماتُ قَوْمٍ، مُظلِمَاتُ المَطَالِبِ
إمَامُ هُدًى عَمَّ البَرِيةَ عَدْلُهُ،
فأضْحَى لَدَيْهِ آمِناً كُلُّ رَاهِبِ
تَدارَكَ، بَعْدَ الله، أنْفُسَ مَعْشَرٍ،
أطَلّتْ على حَتْمٍ مِنَ المَوْتِ وَاجِبِ
وَقَالَ لَعاً للعاثِرِينَ، وَقَدْ رَأى
وثوبَ رِجَالٍ فَرّطُوا في العَوَاقِبِ
تَجَافَى لهمْ عَنها، وَلَوْ كَانَ غَيرُهُ
لَعَنّفَ بالتّثْرِيبِ، إنْ لم يُعَاقِبِ
وَهَبْتَ عَزِيزَاتِ النّفُوسِ لمَعْشَرٍ
يَعُدُّونَها أقصَى اللُّهَى، والمَوَاهِبِ
وَلَوْلا تَلاَفيكَ الخِلاَفَةَ لانبَرَتْ
لها هِمَمُ الغَاوِينَ مِنْ كُلّ جانبِ
إذاً لادّعاها الأبْعَدُونَ، وَلارْتَقَتْ
إلَيْها أمَانيُّ الظُّنُونِ الكَواذِبِ
زَمَانَ تَهَاوَى النّاسُ في لَيْلِ فِتْنَةٍ،
رَبُوضِ النّوَاحي، مُدلهمِّ الغَيَاهبِ
دَعَاكَ بَنُو العَبّاسِ ثَمّ، فأسْرَعتْ
إجَابَةُ مُسْتَوْلٍ على المُلْكِ غالبِ
وَهَزّوكَ للأمْرِ الجَليلِ، فلَمْ تكُنْ
ضَعيفَ القُوَى فيهِ كَليلَ المَضَارِبِ
فَما زِلْتَ حتّى أذْعَنَ الشّرْقُ عَنْوَةً،
وَدانَتْ على صِغْرٍ أعَالي المَغَارِبِ
جيُوشٌ مَلأنَ الأرْضَ حتّى ترَكْنَها
وَمَا في أقَاصِيها مَفَرٌّ لِهَارِبِ
مَدَدْنَ وَرَاءَ الكَوْكَبيّ عَجَاجَةً،
أرَتْهُ نَهَاراً طَالِعَاتِ الكَوَاكِبِ
وَزَعْزَعْنَ دَنبَاوَنْدَ منْ كلّ وِجْهَةٍ،
وَكَانَ وَقُوراً مُطمَئِنَّ الجَوَانِبِ
وَقَدْ أفِنَ الصّفّارُ، حتّى تَطَلّعتْ
إلَيْهِ المَنَايَا في القَنَا والقَوَاضِبِ
حَنَوْتَ عَلَيْهِ بَعدَ أنْ أشرَفَ الرّدَى
على نَفْسِ مُزْوَرٍّ عنِ الحَقّ ناكِبِ
تأنّيْتَهُ حتّى تَبَيّنَ رُشْدَهُ،
وَحَتّى اكتَفَى بالكُتبِ دونَ الكَتَائِبِ
بِلُطْفِ تأتٍّ مِنْكَ ما زَالَ ضَامِناً
لَنَا طَاعَةَ العَاصِي، وَسِلمَ المُحَارِبِ
فَعَادَ حُساماً عَنْ وَلِيّكَ ذَبُّهُ،
وَحَدَّ سِنَانٍ في عدُوّكَ نَاشِبِ
بَقيتَ، أميرَ المُؤمِنينَ، مُؤمَّلاً
لغَفْرِ الخَطَايَا، واصْطِنَاعِ الرّغَائِبِ
ومليت، عبد الله من ذي تطول
كريم السجايا هبرزي الضرائب
شَبيهُكَ في كلّ الأُمُورِ، وَلَنْ تَرَى
شَبيهَكَ إلاّ جَامِعاً للمَنَاقِبِ
أُؤمّلُ جَدْوَاهُ، وأرْجو نَوَالَهُ،
وَمَا الآمِلُ الرّاجي نَداهُ بِخَائِبِ

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> إيماضُ برقٍ أَم ثغورِ
إيماضُ برقٍ أَم ثغورِ
رقم القصيدة : 22800
-----------------------------------
إيماضُ برقٍ أَم ثغورِ
في ضمنها نُطَفُ الخمورِ
حلبُ الغمامِ رضابُها
وحديثُها حلبُ العصيرِ
لما نشرن لنا حديثَ
الوصلِ كالروض النضيرِ
ساقطن عن بَرَدٍ تنظّم
رائقَ الدر النثيرِ
سقياً لليلة لهونا
في ذلك الرشإِ الغريرِ
والكاسُ دائرة ٌ عليَّ
تعينها عينُ المديرِ
فمفاصلي وجفونه الـ
ـوسنا سواءٌ في الفتورِ
نشوات سكرٍ أَمكنتني
من محالات الأُمورِ
لو يعتفيني عندها
ربُّ الشويهة والبعيرِ
لَوَهبتُ من طربي له
ربَ الخورنق والسديرِ
الآن دع يا سعد قا
صرة َ الغواني للقصورِ
وانهض لبشرى طبّق
الدنيا بها صوتُ البشيرِ
بشفاء من عبرت معا
ليه على الشعرى العبورِ
كم عين داعٍ إذ شكى
شخصت إلى الملك القديرِ
واستوهبته شفاءَ بدر
المجد وهاب البدورِ
فأجاب دعوتَها وقال:
رجعتِ في جفنٍ قريرِ
فبهِ لك البشرى وفي
أعداه داعية الثبورِ
أقسمتُ ما لكفاية الأ
حرار فادحة الأُمورِ
إلاّ محّمد صالحٌ
ولنعم جارُ المستجيرِ
مولى ً غدت بشفائه الأ
يامُ باسمة َ الثغورِ
عَبِقٌ بعطفيه عبيرُ الـ
ـمجدِ لا عَبَقُ العبيرِ
نظر الزمانُ بأعين
أبداً إلى علياه صورِ
عدد النجوم جفانُه
والراسيات من القدورِ
تقف المكارمُ عنده
وتسير حيث يقول سيري
فإذا نظرت إلى الزمان
بعين منتقدٍ بصيرٍ
لم تلقه إلاّ صحيفة
مأثراتِ بني الدهورِ
وسوى مآثره الجميلة
ليس فيها من سطورِ
تغنيه أوَّل نظرة ٍ
في الرأي عن نظر المشيرِ
ويرى بعين وروده
في الأمر عاقبة َ الصدورِ
تغذو حلوبة ُ جودِه
العافينَ بالدَّرِ الغزيرِ
يتشطّرون ضروعَها
لا بالثلوث ولا الشطورِ
زرعوا رجاءَهم بجا
نب جودِه العذب النميرِ
فنما ورفَّ عليه مثلُ
النبت رفَّ على الغديرِ
لولا نظارة ولده
لحلفت عزَّ عن النظيرِ
إذ من بهاه بهاؤهم
وكذا الشعاع من المنيرِ
أو ما ترى للبدر ما
للشمس من شرفٍ ونورِ
خير الكِرام وفيهم
ما شئتَ من كرمٍ وخير
تروي قديمَ المجد
تسنده صغيراً عن كبيرِ
يا مَعشراً لولاهم
أضحى السماحُ بلا عشيرِ
قرَّت عيونكم بصحّة
صفوة الشرف الخطيرِ
وهناكم المنشور من
هذا السرور إلى النشورِ
 
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> طربَ الدهر فاستهلَّ منيرا
طربَ الدهر فاستهلَّ منيرا
رقم القصيدة : 22801
-----------------------------------
طربَ الدهر فاستهلَّ منيرا
يملأ الكون بهجة ً وسرورا
وسرت نفحة ٌ من البِشر فيه
ضمّخت خيمة َ السماءِ عبيرا
عُدنَ أوقاته رِقاق الحواشي
لك تَهدي بشاشة َ وحبورا
كلّ وقتٍ يمرُّ منه تراه
باردَ الظلِّ طيبا مستنيرا
فكأَن الهجيرَ كان أصيلاً
وكأَن العشيَّ كان بكورا
بوركت من صبيحة ٍ في ضُحاها
وَفَدَ اليمنُ بالسعود بشيرا
وإلى طلعة ٍ جلت كلَّ همٍّ
ببنان الإقبال أضحى مشيرا
فتأمل عقودَ هذي التهاني
كيف زانت بها الليالي النحورا
وتصفّح أيامها الغرّ وانظر
كيف قد وشحت بهنَّ الخصورا
فرحٌ من شعاعه اقتبس النورَ
محيّا الدنيا فشعَّ منيرا
فاقتبل عمرها جديداً وأيامَك
عيداً والعيشَ غضًّا نظيرا
طاب نشر الأفراح في بِشر قومٍ
لهم الفضلُ أوّلاً وأخيرا
عترة المجد أُسرة الشرف المحض
زكوا محتداً وطابوا حجورا
شرعٌ في العُلى وغير عجيبٍ
فلها رشّح الكبيرُ الصغيرا
معهم يولد النهى فترى اليا
فعَ كهلاً والكهلَ شيخاً كبيرا
خاطروا في العُلى فناهيك فيهم
شرفاً باذخاً ومجداً خطيرا
منهم يستضاءُ شرقاً وغرباً
بوجوهٍ تكسوا الكواكب نورا
فمع الشمس يشرقون شموساً
ومع البدر يُشرقون بدورا
أيها العصر لا أرى لكَ مِثلاً
زانك المصطفى فباهي العصورا
قبله هل مسحت غرّة صبحٍ
عن لثام الأسفار أبدت سفورا
شخصت نحوه العيونُ ولكن
عاد بعض يَقذى وبعضٌ قريرا
فبعينٍ شعاعهُ كان ناراً
وبعينٍ شُعاعه كان نورا
بلّغته الرضا عزيمة ُ نفسٍ
كبرت أن ترى الخطير خطيرا
كم طوى البيدَ باسطاً كفَّ جودٍ
نشرت ميّتَ الندى المقبورا
واستقلَّ البحورَ جوداً فأجرى
من أسارير راحتيه بحورا
مانحا بلدة َ بمسراه إلاّ
وأبت نحو غيرها أن يسيرا
إذا ذكره أطاف بأُخرى
كاد شوقاً فؤادها أن يطيرا
فأتى مشهداً لمن طافَ فيه
قد أعدَّ الإله أجراً كبيرا
فيه لطف الله الذي من يزره
زار في عرشه اللطيف الخبيرا
حازَ أجراً لو الورى اقتسمته
لغدا فيه كلّهم مأجورا
وبتلك الديار أبقى مزاياً
تستقلُّ المنظومَ والمنثورا
وانثنى راجعاً بأحشاء قومٍ
معه سافرت وعفنَ الصدورا
يا نديمي على الهنا زانك الله
ولقّاك نظرة ً وسرورا
قل لعبد الكريم بُشراكَ يا مَن
شاد بيتَ المكارم المعمورا
قد أقرَّ الإله عينيكَ فيمن
كان في غرّة لعينيك نورا
زار بغداد مَن بها ركز اليومَ
لواءَ المفاخر المنشورا
راقها منه طلعة ً بدرُ مجدٍ
لا رأت للغروب فيه نذيرا
ما تجلّى بباهر الضوء إلاّ
عاد طرفُ الحسود عنه حسيرا
حسدتها السما عليه وقالت
لمجلّيكِ ما حويتُ نظيرا
لو قبلتِ التعويضَ عنه لقايـ
ـتك حتّى هلاليَ المستنيرا
فهو يغني عمّن سواه ولكن
ليس يُغني سواه عنه نقيرا
من رآه يقري الضيوف ويسعى
للمعالي ويطلق المأسورا
قال: هذا محمدٌ ذلك الصا
لحُ قد عاد شخصه منشورا
ونعم لا تقل طوى الموت من لم
تفتقد منه سعيَهُ المشكورا
وكذا الشمس إن تغب فابنها البد
ر يجلّي بنورها الديجورا
يا بن من قد أتى على الجود حينٌ
فيه لولاه لم يكن مذكورا
بك قرَّت عينا أخيك كما طر
فُك قد عاد في أخيك قريرا
فلمن منكما أُهنّي تساوى
فيكما البشر زائراً ومزورا
إنّما أنت للمعالي يمينٌ
وهو قد كان سيفَها المشهورا
فإذا ما هزَزَتَهُ يوم فخرٍ
جاءَك الدهر مُذعناً مستجيرا
فرويداً مُراهنيه رويداً
لن تشقّوا غبارَه المستطيرا
خلفكم عن مدى ً يشقّ عليكم
ما ركبتم إليه إلاّ الغرورا
ما لعليا محمدٍ حسنِ الأخلاق
تلقى الشعرى العبور عبورا
ماجدُ النفس في اقتبال صباه
يلبس الفخر كلّ آن حبيرا
مستطيلٌ كم ابتدا مكرماتٍ
عاد باع الكرام عنها قصيرا
رفّ نبت المُنى بجانب جدوا
هُ فكانا خميلة َ وغديرا
كان تأريخ بيته أوّل الدهر
على جبهة العُلى مسطورا
عن أبيه عن جده المصطفى ير
وي حديث المكارم المأثورا
قد بنى في السماءِ قبّة مجدٍ
تخذ النيّرات فيها سميرا
من كرامٍ قد استرقّوا لباس الـ
ـحمد والناس تسترقّ الحريرا
لعلاها محمدٌ قد أعدتّه
جواداً على الثناء مُغيرا
كم جرى والصَبا بحلبة جودٍ
فغذا عنه شأوها محسورا
وجلا أُفقها محمدٌ الها
دي لمن نصّ في الظلام المسيرا
كوكبٌ عَزّ أن يرى فلك المجد
منيراً بمثله مستديرا
ولها من محمدٍ بأمينٍ
حفظت كنز فخرِها المذخورا
قد رقى حيثُ ليس ترقى الثريّا
وسقى الوافدينَ نوءاً غزيرا
وبعبد الحسين قد فاخروا الشمـ
ـس فودّت في الأُفق أن لن تُنيرا
هم بنو السؤدد القديم كما هم
إخوة المجد واحداً وعشيرا
فادع غريّد أُنسهم ثم أرّخ
رجعة المصطفى بها اسجع دهورا

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> حيّ تحتَ الدجى مُحيّاً أنارا
حيّ تحتَ الدجى مُحيّاً أنارا
رقم القصيدة : 22802
-----------------------------------
حيّ تحتَ الدجى مُحيّاً أنارا
فأحال الليلَ البهيمَ نهارا
واعتنق كالُلجينِ ناظرَ قدٍّ
لا يجيل الوشاحَ إلاّ نُضارا
وارتشف كالسُلاف ريقة َ ساقٍ
خلت منها أدار لي ما أدارا
سحراً زارنا وأرخى جُعوداُ
ذات نشر تعطّر الأسحارا
وجلاها ورديّة َ اللون فيها
خلتُ أن قد أذاب لي جُلّنارا
ما أنارت من جانب الكأس إلاّ
قال قلبي الكليم آنست نارا
يا نديمي على الطِلى عاطنيها
أُخت خدّيكَ رقّة َ واحمرارا
هاتها تُطلق النفوس من الأسر
كما تترك العقولَ أُسارى
وبها يا بن نشوة الكأس صرفاً
داوِ شوقي فقد مرضت انتظارا
وعلى الرشف قرّط السمعَ مني
نغماتٍ تحرّك الأوتارا
غنني باسم ناعمٍ حضنته
في ظلال النعيم بيضُ العَذارى
وغريرٍ حلا بعيني ومنها
قد حمى الجفنَ أن يذوق غِرارا
زار سرّاً وكان صدَّ جهاراً
فأراني نجومَ ليلي نَهارا
كم تعاطيتُ من مقبّله العذبِ
على ورد وجنتيه عُقارا
في رياضٍ جلت عرائسَ زهرٍ
كان طلّ الأنداء فيها نثارا
واكتستها ديباجة أَلحمَ القطرُ
وسدّى في نسجها وأنارا
كلما زرّ نورُها الغضّ جيباً
عنه حلّت يد الصَبا الأزرارا
خلعة ٌ من بهاءِ عرس غنيّ
كان حسناً بهاؤُها مستعارا
ماجدٌ قرّت العُلى فيه عيناً
واستهلّت بسعده استبشارا
وغنيّ بفخرها أطلعته
كوكباً في سمائها سيّارا
عُرسه غادر الحواسدَ بالأمـ
ـس سكارى وما هم بسكارى
وعلى قُطب دارة المجد زهواً
فلكُ اليمن بالسعود استنارا
ذلك المصطفى الذي للمعالي
إن جرى قيل سابقٌ لا يجارى
رقّ طبعاً وراق خَلقاً وخُلقاً
وزكى شيمة ً وطاب نِجارا
قد حمى حوزة َ العُلى في زمانٍ
غيره فيه ليس يحمي ذمارا
واستطالت به على الدهر كبراً
هممٌ تبذل الخطير احتقارا
بيته كعبة ُ الندى وحماه
لبني الدهر لم يزل مُستجارا
من أُناس بذكرهم أنجد المد
حُ على أوّل الزمانِ وغارا
هم أطالوا عمرَ السماح وأعما
رَ المواعيد قدّروها قِصارا
كلهم ينتمي لدوحة ِ مجدٍ
شرفاً أثمرت عُلاً وَفخارا
تلك أقمارُ سؤددٍ بل شموسٌ
وَلدت في سما العُلى أقمارا
فإذا بأهلوا السما بأبي الـ
ـهادي وقد أشرقت ترومُ افتخارا
رأت الأرض تستنير بوجهٍ
حسنٍ مثله بها ما استنارا
ودعت يا رفيعة القدرِ من أنـ
ـجمي الزهرِ خفّظي الأقدارا
لستِ إلاّ فدى ً لوجه كريمٍ
ليس يرضى بدارة الشمس دارا
ذو يمينٍ مبسوطة ٍ بالعطايا
لا تغبّ الوفّاد منها اليسارا
فلكم حرّرت أرقّاءَ دهرٍ
واسترقّت من الورى أحرارا
مستشارٌ وهل لعقدٍ وحلٍ
يجد القومُ مثله مُستشارا
هو أنكى رأياً لطارقة الخطب
وأذكى لطارق الضيف نارا
لستُ أدري إذا احتبى ناطقاً بالـ
ـكلمِ الفصل ناهياً أمّارا
أبصدر النادي توقّر رضوى
أم هو احتلّه فأرسى وَقارا
حصَّ قومٌ حرّ القريض فأضحى
واقعاً لا يرى لأُفقٍ مطارا
وهو قد راشه فرفَّ بجنحيه
اشتياقاً ونحو علياه طارا
يا بني المصطفى كفى نظراً للمجـ
ـد منكم بأن تهينوا النضارا
والمعالي ليُهنها أن تُقضّوا
طرباً في وِصالها الأوطارا
وليزوّد ربع المكارم زهواً
إنكم تعمرون منه الديارا
قد كُفيتم من غارة البخل لمّا
أن نهضتم مشمّرين غيارى
وهي لولاكم لطلّت دمَ الجود
وقالت قد ضعت فاذهب جُبارا
أينعت روضة ُ الهنا فاجتنينا
لكم التهنياتِ منها ثِمارا
وغفرنا ذنبَ الزمان وقلنا
قد أقلناكَ يا زمان العثارا
وأزرنا عقيلة الفكر ترخي
طرباً للنشيد منها الأزارا
يمّمتكم عَطرى البرود بذكرا
كم فناهيكم بها مِعطارا
إن جلت من عرائس اللفظ عُوناً
فالمعالي تزفّها أبكارا
هي غيظُ الحسود لم تجل إلاّ
زادَ أهلُ الكمالِ فيها ابتهارا
وغدّت تكثر القيام لأعجاب
بها والحسود يبدي ازورارا
كلما أُنشدت دعى المجد قامَ
القومُ إلاّ وللحسود أشارا
فأقيموا على السرور بعصرٍ
هو فيكم يفاخر الأعصارا
 
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> أرأيت كيفَ بدا يشيرُ
أرأيت كيفَ بدا يشيرُ
رقم القصيدة : 22803
-----------------------------------
أرأيت كيفَ بدا يشيرُ
بلحاظه الرشأُ الغَريرُ
خطّ ابن مُقلته الهوى
وارتاحَ يقرأهُ الضمير
في طُرس خدٍّ من خيال
الهدبِ لاحَ به سطورُ
فصحيفة ُ البشرى محيّاه
ورونقه البشير
حيّا بيوم كاد يقطر
من غضارته السرورُ
وأدار لامعة َ تشفُّ
كخدّه- بأبي- المديرُ
أهلاً وقد حدر اللثا
مَ كأنه القمرُ المنير
رشأٌ إذا كسر الجفونَ
فقلبُ عاشِقه الكسيرُ
والجفنُ أصرع ما يكون
غداة َ يصرعهُ الفتور
خِصر اللمى تحيى وتقـ
ـتل في تكسّرها الخصورُ
يا جاهلاً نبأَ اللحاظ
وذاكَ يعقله البصير
أفلا سقطتَ على الخبير
بوحيها فأنا الخبيرُ
إنّ الوجوهَ لكا الزجاجة
تستبينُ بها الأمور
وتشفّ عمّا خلفها
فله بها أبداً ظهورُ
وإذا القلوبُ تراسلت
فمن اللحاظ لها سفير

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> بشراك زرتك يقظة
بشراك زرتك يقظة
رقم القصيدة : 22804
-----------------------------------
بشراك زرتك يقظة
فالطيف طارقه غُرورُ
فدعوت لي فيه الهنا
ولغيري الجدّ العثور
أحبب إليك بهالة ٍ
فيها تنادمتِ البدورُ
هي جنّة لكن سقاة ُ
رحيقها المختوم حُور
بين الخدور ولا أُصرّحُ
باسم من حوت الخدورُ
بيضاء مطعمة ُ الهوى
شهدت بعفّتها الستور
كلفي بصائدة القلوب
ومن حبائلها الشعورُ
ما بين قرطيها إلى الخلـ
ـخال روض صباً نظير
والوجنتانِ شقيقة ٌ
ماء الشباب لها غديرُ
كيف الوصول لخدرها
ووراء كِلّتها الغيور
لامَ العذول بها وقالَ:
من الصَبابة لا غديرُ
لا تخدعنك غريرة ٌ
هي أمّها الدنيا الغرور
والعشقُ لا يملك فؤاد
ك فهو سلطانٌ يجورُ
كم مغرمٍ حكمت بمهجته
الترائبُ والنحور
ثم انثنت ولها حُشا
شة صدرِه وله الزفيرُ
قسماً بأيدي الرامياتِ
إلى مِنى عنقاً تسير

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> قلَّ الكرامُ وإنما
قلَّ الكرامُ وإنما
رقم القصيدة : 22805
-----------------------------------
قلَّ الكرامُ وإنما
بكم قليلهم كثيرٌ
ولكلّ عصرٍ أوّل
منهم لأوّلكم أخير
نفر إلى غير المساعي
العزّ ليس لكم نفير
للمجد كلكم بدور
فلك السعود بها يدورُ
وعلى ارتشاف طلى الهنا
أبداً نديمكم السرور
أصبا القريض قفي فقد
بلغَ المقامَ بك المسيرُ
حُطّي اللثامَ فهاهنا
روضُ المباكر والغدير
ومن القوافي فتّحي
زهراً به تبهى العصورُ
يبقى كما اشتهت العُلى
غظا تهاداه الدهور
سبحان من بالمصطفى
أسرى فطاب له المسير
حملته همّته وتلك
هي البراق به تطيرُ
 
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> للحجّ سار ومن رأى
للحجّ سار ومن رأى
رقم القصيدة : 22806
-----------------------------------
للحجّ سار ومن رأى
ركناً إلى ركن يسير
فالأرض تشهد كلها
لك إنكّ النوء الغزير
حيّت أغرّ كأن طلعـ
ـة َ وجهه قمرٌ منيرٌ

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> لا النَسرُ طار لها ولا
لا النَسرُ طار لها ولا
رقم القصيدة : 22807
-----------------------------------
لا النَسرُ طار لها ولا
عبرت بها الشعرى العبور
قِرّي شقاشق غيرها
فبذا النديّ لها الهديرُ

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> عش مُهنًّا فكلّ يومٍ يمرّ
عش مُهنًّا فكلّ يومٍ يمرّ
رقم القصيدة : 22808
-----------------------------------
عش مُهنًّا فكلّ يومٍ يمرّ
لك عيدٌ وللحواسد نحر
في سرورٍ جميعه لك لكِن
هو شطرٌ لنا وللدين شطر
إنّما العيد أن نراك مُطاعاً
لك نهيٌ على الزمان وأمر
ونرى الوجهَ منك يلمعُ بِشراُ
منك للدهر ملأ عينيه بدر
يرجع الطرفُ أن أراك عدوّاً
وكأَن مرّ بين جفنيه جمر
فلشمل السرور عندك نظمٌ
وعلى حاسديك للسوء نثر
أنت يا كعبة َ الهدى مشعرُ الحق
على رغم أنف مَن لا يقرّ
لك فسكرٌ يطالع الغيب حتى ّ
ليس من دونه عن الغيت ستر
وإليك الرياسة انتهت اليومَ
وفيها للدين عزّ ونصر
قمت فيها على التقى فتمنّى
كلُّ عصرٍ بأنّه لك عصر
مَن تُرى في ولائنا منك أولى ؟
ولك الودّ للرياسة أجر
أنت بحرٌ لكنّ جدواك مدّ
كلّ آن والبحر مدّ وجزر
أنت غيثٌ لكنّ جودك من أُولا
ه سكب وأوّل الغيث قطر
ذو بنانٍ بموضع الجود تسمى
وهي من مَرضع الغمامِ أدرّ
أتملاتٌ ما أتعبتها العطايا
ومتى أتعب الغمائمَ قطر
فاخرت أرَضها السماءُ فقلنا
لكِ لولا بيتٌ على الأرض فخر
فيه شمسُ الهدى وأربعة ٌ منه
بدور وفيكِ شمس وبدر
هم به للسماح خمسة أنهار
وذا فيك للمجرّة نهر
حرم باب عزّه مُستجارٌ
وهو دون اللاجي على الدهر حجر
لم يقع في حماه حِجرٌ على صيدٍ
ولا طار نحو علياه نَسر
ومُعارٍ بغلطة الحظّ عزّاً
قد ثنى العِطفَ منه زهوٌ وكبر
ظنّ أن الفخار قصرٌ منيف
وثياب عليه حمر وصفر
فتعاطى عُلاك وهو ابن خفضٍ
يزن الطود ضلّة وهو ذر
ثم أعيى وحطّه النقص عجزاً
أن يساوي بقدره لك قدر
قلت أقصر وحشو ثوبك خزيٌ
عن عُلا ملؤ برده منه فخر
جلّ قدراً فقبله ما رأينا
بَشَراً وِلدُهُ ملائكُ غرّ
هو بدر النهى وهم في علاه
أنجمٌ في مطالع الفضل زُهر
كلّ كاسٍ من الجميل ففخراً
نسج بردي علاه حمد وشكر
ماجد النفس في الخليقة حلوٌ
إن تذقه وفي الحفيظة مرّ
حفظوا حوزة العُلى في زمان
بين أنيابه دم المجد هدر
فهم أخوة المكارم فيهم
لا رأت عينها سوى ما يسر
 
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> أسقتك يا ربع الحبيب قطارَها
أسقتك يا ربع الحبيب قطارَها
رقم القصيدة : 22809
-----------------------------------
أسقتك يا ربع الحبيب قطارَها
ديمٌ إليك حدى النسيمُ عِشارها
من كلّ هاضبة ٍ تألّف برقُها
فأتتك تتبع عينها أبكارها
نفّاحة وسمت رُباك فروّضت
من بعد ما محت الصَبا آثارها
وبأيمين العلمين أمثال المها
لا يستطيع أخو الغرام مزارها
علّمن أغصان النقا فتمايلت
طرباً وعلّمت الشجى أطيارها
إن تمنع الأعرابُ روضة َ ريمها
عني وتأبى أن أشم عرارها
فلأعدلّن بصبوتي عنها إلى
فئة ٍ على الروحين أعهدُ دارها
حيّ من الأتراك بين خدورهم
هيفاءُ تمنح وصلها من زارها
وافت تبرقع وجهّها قمرَ الدجى
وتَزرّ في شهب السما زِنّارها
فصم السوار لفعمة من زندها
فكأَنّما كان الهلال سوارها
فدنوت منها لا أهِمُّ بريبة ٍ
فيها ولم تطرح لديّ أزارها
لكن ليقضي ناظري من حسنها
الأوطار لا أقضى لها أوطارها

العصر العباسي >> البحتري >> لا أرى بالبراق رسما يجيب
لا أرى بالبراق رسما يجيب
رقم القصيدة : 2281
-----------------------------------
لا أرى بالبراق رسماً يجيب
سكنت آيها الصبا والجنوب
خلف الجدة البلى في مغانيـ
ــها كما يخلف الشباب المشيب
أيبس العيش بعدهن، وقد يعـ
ــهد فيهن وهو غض رطيب
أسف غالب يحر جواه،
وعزاء متعتع معلوب
راعني ما يروغ من وافد الشيـ
ــب طروقاُ، ورابني ما يريب
شعرات سود إذا حلن بيضاً
حال عن وصلة المحب الحبيب
مر بعد السواد ما كان يحلو
مجتناه من عيشنا ويطيب
تلك أسماء إذ أجدت وداعاً
جلب الوجد بينها المجلوب
نظرت خلسة كما نظر الريـ
ــم، ومادت كما يميد القضيب
وإلى أحمد ابتعثنا المهاري
للبانات طالب ما يخيب
جنحاً في الظلام يحدين وهناً،
ومراسيل دأبهن الدؤوب
قاصدات مهذباً لم يشقق
في معالي فعاله التهذيب
إن تطلب شرواه فالغيث دفقاً
مثل من سماحه مضروب
وإذا ما الخظوظ أجرى إليها
محطئ من بغاتهم أو مصيب
بلد العاجز المزند فيها،
ومضى الأحوذي فيها النجيب
وأرى القوم حين خلوا مداه،
وتناهى جريهم والهيوب
حاجزوا سابقاً تمهل حتى
أحسر الريح شأوه المطلوب
ما لقينا من الحقوق اللواتي
تتشكى أوجاعهن القلوب
كل يوم حق يلم فيغلو
جزعاً، أو يشط بعداً قريب
فالتلقي له عقابيل خطب
ولفرط التشييع أيضاً خطوب
سقي الركب عامدين فلسطيـ
ــن ففيهم شخص إلينا حبيب
يشهد الأنس حين تشهد فينا،
ويغيب السرور حين يغيب
شيمة منك حرة يا أبا العبـ
ــاس وفاك نجرها أيوب
فآبق ما طرب الحمام، وما نا
زع شوقاً إلى محل غريب
 
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> ماتوا بغيظهم وليت نفوسهم
ماتوا بغيظهم وليت نفوسهم
رقم القصيدة : 22810
-----------------------------------
ماتوا بغيظهم وليت نفوسهم
فيها المنّية أنشبت أظفارها
ما مدَّ في أعمارهم لكرامة ٍ
لكنما كرهَ الأله جوارها

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> صبح الهنا اليومَ تجلى ّ أبيضا
صبح الهنا اليومَ تجلى ّ أبيضا
رقم القصيدة : 22811
-----------------------------------
صبح الهنا اليومَ تجلى ّ أبيضا
وبالمنى ربعُ التهاني روّضا
فقم إلى كأس التهاني واصطبح
فيها بنادٍ بسنا البِشر أضا
فانّ هذي فرحة ٌ من قبلها
لمثلها الزمانُ ما تعرّضا
من لم يكن يأخذ منها حظَّه
فليت شعري ما الذي تعوّضا
وكيف لا يدخل في كلّ حشاً
منها سرورٌ سرَّ أحشاء الرضا
أسخى الورى الناهض من ثقل الندى
بما به كلُّ الورى لن تنهضا
ذاك الذي من كرم النفس يُرى
ندبِ صلاة ِ وفده مُفترضا
ذاك الذي كلتا يديه رهمة ٌ
ربعيّة ٌ بها المُنى قد روّضا
ذاك الذي للمسنتين جودُه
رَقى إذا صلَّ الجدوب نضنضا
ذاك الذي سمت به همَّته
لغاية عنها السماك انخفضا
ذاك الذي لو لم يشيد للعُلى
بناءَها السامي إذاً لانتقضا
ذاك الذي للمجد كان جوهراً
وكان كلُّ الماجدين عَرضا
يُزين كلَّ الناس بعضُ فخرِه
لو أنه عليهم تبعَّضا
له سجاياً من أبيه حسُنت
وبسط كفٍ في الندى ما انقبضا
وغُرَّة من لمعها تحت الدجى
أعارتِ البرقَ السنا فأومضا
يصرِّح البِشرُ بها للمجتدي
بالنجح قبل أن يُرى معرَّضا
أحبب بدهرٍ جُلب البِشر به
وكان قبلَ جلبه مبغضا
إذ في ختان قرتي عين العُلى
سرَّ الأنام أسوداً وأبيضا
طاب الهنا فيه لهم فيا له
قطعاً به وصل الهنا تقيَّضا
فليهن في عبد الحسين ما شدت
في الأيك ورقاءُ وما برق أضا
وليزه في عبد العزيز فلقد
زها به جميع ما ضمَّ الفضا
واليوم في ختان كل أرِّخوا
بالزهو قد حوى محمد الرضا
 
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> عثر الدهرُ فاستقال سريعا
عثر الدهرُ فاستقال سريعا
رقم القصيدة : 22812
-----------------------------------
عثر الدهرُ فاستقال سريعا
رُبَّ عبدٍ عصى فآب مطيعا
زلَّ لكنه تراجع لما
ملأت هَيبة ً حشاه صدوعا
قرنَ الذنبَ بالإنابة َ واستشـ
ـعرَ من عظم ما جناه الخشوعا
وتمنى وإن هو استدرك الهفـ
ـوة َ لو قبلها تردّى صريعا
ورأى أنه أساءَ لِرجلٍ
شرفاً بالرؤوس تُفدى جميعا
وإلى منكبٍ عليه استقلّت
قبة ُ الدينِ، لا به الدين ريعا
راحتا جبرئيل منه تلقّت
منكب المصطفى تقيه الصُدوعا
وترقّى يبشر الملأ الأعلى
بمولى ً عليه خافوا الوقوعا
يا عيوناً سهرتِ بالأمس قرّي
أقبل اليوم مَن مَلاكِ هجوعا
وقلوباً رففتِ شوقاً إليه
لكِ وافى فلا تشقّي الضلوعا
قد أتى رافهاً بصحة جسمٍ
تركت قلبَ حاسديه وجيعا
وأتى الدهر تائباً وهو يدعو
مَن عذيري فقد أسأتُ الصنيعا
رافع الطرفِ نحو مَن لعُلاه
كسرت طرفَها الملوكُ خضوعا
وعلى كفّه رأى الصيدَ تهوي
طلب اللثم سجّداً وركوعا
فدنى لاثماً ثرى أخمصيه
لم يقدّم سوى البكاءِ شفيعا
ولسان المسيء أعطفُ شيء
لكريم بأن يكون دموعا
قد لعمري استقال أحلم مولى
كرماً يغفر الذنوبَ جميعا
حيّ مُستحفظَ العلومِ بعصرٍ
فيه لولاهُ أوشكت أن تضيعا
ذو بنانٍ حوالبُ المزن ودّت
أن تراها الورى لهنَّ ضروعا
فيه عمر الفيحاءِ قد عاد غضًّا
وزهت بالسرور فيه ربوعا
ولأن قيل جاءَ فاستقبلته
قمراً طالعاً وغيثاً مريعا
فهو من ردَّ كل ليلٍ نهاراً
بحماه وكلّ قيضٍ ربيعا
ولده الطيّبون أصلاً وفرعاً
علّم المسكَ خُلقُهم أن يضوعا
إخوة البيض ألسناً وبنو الشهب
وجوهاً آباؤهن طلوعا
سبقوا النّيراتِ منها وجوداً
ومشوا فوقها فرادى جميعا
كلّ عَفٍّ عن الهوى بتقاه
فطمً النفسَ يوم كان رضيعا
وُلعوا بالنهى على حين شبّوا
وسواهم باللهو شاب ولوعا
مِن سهام الزمان كم من صنيعِ
نسجوه على العفاف دروعا
علماء منها نضوا سيفَ فكرٍ
تركوا مَعطسَ الضلال جديعا
لا يزالوا معاً على حوزة الد
ين لأهل الإيمان سوراً منيعا

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> أُبشّر فيك العُلى والشرف
أُبشّر فيك العُلى والشرف
رقم القصيدة : 22813
-----------------------------------
أُبشّر فيك العُلى والشرف
وأهدي إلى المجد أسنى التحف
وأنظم فيك لجيد الفخارِ
لئالٍ تفوق لئالِ الصدف
وأجلو عليك بنادي السرور
عروسَ الثنا بالتهاني تُزف
أبا المصطفى أنتَ فخرُ الكرام
وأكرُم من بالفخار التَحف
وأزكى البريّة فرعاً نماهُ
من دوحة المجد عيص الف
لك الله أكملَ هذا السرورَ
بعزّ عليك لواه يرف
ولا زلت في آلك الأكرمين
ترى ما يُقرّ عيونَ الشرف
تروح على فرحٍ فيهم
وتغدو على فرح يؤتنف
جلا اليومَ بشرك وجه الزمان
فماء الغضارة فيه يَشف
نظمت بأيّامك الصالحات
شملَ المكارم حتى ائتلف
وقمت بأثقال هذا الزمان
وعنها أجلّهم قد ضَعُف
أقولُ لمن باتَ يُنضي الركاب
رويدك في السير لا تعتسف
أمل عن بني الدهر أعناقَها
فقد لئموا يوم كانوا نُطف
وبادر إلى ماجدٍ بيته
به للأكارم نعمَ الخلف
ترى علّة المكث للضيف فيه
طيبَ القِرى فهو لا ينصرف
إذا للإقامة فيه أتمّ
أجدَّ به نيّة َ فاعتكف
وحيّ به من أبي المصطفى
ربيع العفاة ِ إذا الضرعُ جف
أجل نظراً في مزايا عُلاه
وفي قومه خلفاً عن سلف
تجد فيه كلَّ صفاتِ الكمال
وفيهنَّ عبد الكريم اتصف
فتى ً وكفت كرماً كفُّه
فعلّمت الغيثَ حتّى وكف
ترى للمكارم والأكرمين
في مصطفى المجد نشراً ولف
إذا بسط الكفَّ يوم العطاءِ
طوى كلّمن نشرته الصحف
وزاد على كلّ حيّ به
عُلاً عنه يَقصِرُ من قد وصف
له حَلف الدهرُ أن لا يجيء
بمثل وقد برَّ فيما حلف
وكيف يساجله الأكرمون
وكلّهم من نَداه اغترف
ولو شاءَ جارى بصغرى بنان
أخيه من الأكرمين الأكف
وأبدا من الحسن المكرمات
مزاياً جمعنَ حِسان الضرف
هو الحسن الندبُ من في الكمال
أقرَّ الحسودُ له واعترف
تَبارى الصَبا كرماً راحتاهُ
وأخلاقه الغرّ منها أشف
بني المصطفى مَن يباهيكم
وأنتم نجومُ سماءِ الشرف
حللتم من المجد أوساطَه
وغيركم منه حلَّ الطرف
سبقتم إلى صهوات العُلا
فأعلى الورى خلفكم مُرتدف
ثقالُ الحلومِ فلو توزنون
برضوى إذاً لرجحتم وخف
يقرّ بعين الورى أن ترى
بيوتكم للعُلى مختلف
وإنّ عليهنّ طيرُ السعود
بأجنحة اليمنِ زهواً ترف
أُهنيكم بفتى ً ماجدٍ
حسان العُلى فيه تبدي الشغف
غدا عرسه روضة ً للهنا
وزَهر السرور بها يقتطف
به قد غفرنا ذنوبَ الزمانِ
وقلنا عفى الله عما سلف
وبتنا على طربٍ نستطيب
أرقَّ النشيدِ بنادي الظرف
نفضّ ختام رحيق السرور
ونرشف أعذب ما يُرتشف
نعمّكم ونخصّ الجوادَ
فيا بورك الفرح المنتصف
ليُهنَ بعرس هلالٍ له
ظلامُ الخطوبِ به ينكشف
إذا ما ادعى البدرُ أن قد حكاه
فقل خلّ يا بدر هذا الصلف
سباك محيّاه وهو الأغرّ
فغطّ بوجهك هذا الكلف
وتحكيه عندي لو انّ الجواد
أبوك فذلك شمس الشرف
جوادٌ جرى سابقاً للندى
وعن شأوهِ الدهر عجزاً وقف
فيا أُسرة المجد لا زلتم
ببشرٍ من الدهر لا ينصرف
 
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> طلعتَ كبدر دُجى تزفُّ سُلافها
طلعتَ كبدر دُجى تزفُّ سُلافها
رقم القصيدة : 22814
-----------------------------------
طلعتَ كبدر دُجى تزفُّ سُلافها
يا حيِّ طلعتَها وحيِّ زفَافَها
بيضاء ناعمة الشبيبة أقبلت
تُثني بنشوة ٍ دَلِها أعطافها
تطأ الحريرَ ولو تُطيقُ ذوو الهوى
فَرشتَ لها فوق الحرير شغافها
يُهنيك أنّ العامريَّة عن هوى ً
ألفت حِماكَ ونافرت أُلاّفَها
طرقتكَ زائرة ً بأسعدِ ليلة ٍ
قد كادَ يرفعُ نُورها أسدافها
وجلت بأنُمل فضَّة ٍ ذهبيَّة
خضبت بلون مدامها أطرافها
فاشرب على الورد الندي بخدّها
صهباءَ مُقلتِنا تُديرُ سلافَها
وتملُّ عيشك ناعماً بغريرة ٍ
كالريم أُرهفَ خِصرُها إرهافها
وبمسقط العلمين شائقة الهوى
ضربُوا على مِثل المَهاة ِ سِجافها
ثُعليّة ُ لكن لها من حاجب
قوسٌ غدا أهلُ الهوى أهدافها
نشأت مع الأرامِ إلاّ أنّها
لاشيحها ترعى ولا خِذرافها
وبذي الأراكة ِ ربعُها لكَ جنّة ٌ
غِيدُ الظِباءِ تفيأت ألفافَها
ألفته فارتبعت بأطيب ملعبٍ
منهُ وكان لطيبه مُصطافَها
أرجت بريّاه رُباهُ وقد مشت
عَطرى البرود فَضوّعت أخيافها
يا ربعَ شوقي هل تُضيفُ حشاشة ً
نزلت ظباكَ بربعها فأضافها
دِيست بأخفاف المطيِّ لأنّها
شوقاً إليكَ تقدَّمت أخفافها
حيّتكَ من نَور الثُريّا حُفّلٌ
حلبت عليك يدُ الصَبا أخلافَها
من كلّ صادقة ِ المخيلة ِ حلّقت
مِن نحوَ نجدٍ واغتديتَ مطافها
طارت بأجنحة النسيم وأقبلَت
تحدُو الرعودُ ثقالَها وخِفافَها
قد حلّلت كفُّ البروق نطاقها
فغدت تُريقُ بصِقوتَيكَ نطافها
نثرت عليك عشيّة َ بردَ الحيا
نثرَ اللئالىء فارَقَت أصدافَها
أمشبّباً بالغيد زِدني مازجاً
في وَسفِ مَجلسِ أُنسنا أوصافها
هو تحفة الدنيا لنا قد أحسنت
فيه بريحان الهوى إتحافَها
قد بتُّ أقطفُ من حديقة زَهرِهِ
أزهارَ بشرٍ ما ألذّ قطافها
ونديمتي هيفاءُ وُشّح خصرهُ
بمذّهبِ شغفت به وِصّافها
جلت المُدامَ لنا فقلت لصاحبي
منحتكَ ساقية ُ الطلى أسعافها
وَشَدَت وقد أرخت ثلاثَ ذوائبٍ
بيد الدلال فأطرَبت أُلاّفها
ودعوتُ يا بُشراك إنَّ لياليَ الـ
ـتشريقِ تلك فبادر استينافَها
وصدقتك البُشرى فعرسُ محمدٍ
عيدٌ على الدنيا أدارَ سُلافها
ضحكت بها الدنيا سروراً واكتست
للزهوِ من حبراتها أفوافها
فاليوم قرّت عينُ هاشمَ في الثرى
وسقته أنواءُ السرور نطافها
وسرت إلى أبناء عبد منافها
نفحاتُ بشر أطربت مُستافها
وصلتهم البُشرى بعرس مُهذَّبٍ
أحيت مآثرُ جدّه أسلافَها
ينميه من مهدّي آل محمد
هذا الذي نَعَشت يداه ضعافها
وَرِثَ الإمامة علَمها وصلاحَها
وسماحها وإباءها وعفافها
يتدارسُ الملأُ المقدَّسُ عنده
حِكماً بَهرنَ من الورى عُرّافها
ربّ القدورِ الراسياتِ موائلاً
كالبرك أرحب مالئاً أجوافها
هدّارة ً تحت الدجى فكأّنما
تدعو بحيّ على القرى أضيافها
ولو أنّ ياجوجاً ومأجوجاً أتت
مغناهُ تلتمس القِرى لأضافها
يا من مكارم شيبة الحمد انتهت
إرثاً إليه وزادَها إضعافها
علمت قريشٌ أنَّ قومك خيرُها
كرماً وإن منعتهُم إنصاقها
فإذا قريشٌ في المكارم طاولت
غلبت بطَولِ المُطعمينَ عِجافها
بالراحلين بها وقد أخذوا لها
عهد الأمان وسل بهم إيلافها
بالمنشقين أنوفها عزف العلا
والمرغمين على الهدى آنافها
مَن أعتقوها في المُحول وأرهنوا
في السبق حتى استعبدوا أشرافها
فبكم أعزَّ المؤمنينَ إلهُها
وكفا بواحد جمعكم آلاّفها
واليوم إن شكتِ الشريعة ُ قرحة ً
فسواك ليس بمدملٍ إقرافها
ما أيقنت ببقاءِ مهجتها لها
حتّى دعاكَ الله قم فتلافها
فمنعت حوزَتها وصنت حريمها
وحميتَ بيضتها وحِطتَ سِجافها
يابن النبي وتلك أشرفُ دعوة ٍ
طرباً تهزُّ لها العُلى أعطافَها
أنتَ الذي ارتضع النبوّة درّها
وله الإمامة مهدّت أكنافها
من حلَّ داركَ ظنَّ تربة َ قدسها
كافورة خلدية َّ فاستافها
ونعم هي الفردوسُ إلاّ أنها
رضوان بِشرك خازن إلطافها
هي باحة ُ الشرف المقدَّسة التي
ولدت بها منك العُلى أشرافها
ولدتهم علماءَ يكشفُ هديُهم
عن ذي القلوب الغافلات غِلافها
شّفوا طباعاً لا تميل مع الهوى
من حيث طهّرَ ربُّها شّفافها
فإذا بجعفرها ارتفدتَ وجدته
فرّاج كلِّ عظيمة كشافها
قمرٌ توسَّطْ دارة ً فلكيَّة ً
جمع الكمالُ على النهى أطرافها
لولا اكتسابُ الحاسدينَ بنعله
شرفاً لقال المجد طأ آنافها
حيث التفتّ وجدت ألسنة الثنا
والمدح تعلن في علاه هتافاً
وسعى الورى حلماً وأدّبَ جهلها
غضباً فآمن خوفها وأَخافها
وكفا بني الأمل السؤال وطالما
ملّت بساحة غيره إلحافها
هو سيدُ الكرماءِ إن ذكر السخا
وأخو المكارم إن غدوا أحلافها
زعم الأنامُ بنانُه أمّ الحيا
كذبوا وإن رضع الحيا أخلافها
لا قلتُ أنملَه ضروع غمامة
ومن الغمائم كم ذممت جفافها
وحمدتُ أنملَهُ لأنَّ لها الندى
طبع تنيلك دائماً إسعافها
قد قلت للبخلاءِ مذ عقروا الندى
وبنوا المكارم حرّمت إيجافها
كونوا ثمودَ فإنَّ جعفرَ صالحٌ
للوفد يغمرُ بالندى معتافها
هذا أبو الهادي الذي لو جاورت
يده الغيومَ ولبخلت وكافها
بين الإمامة والنبوّة رتبة
بعلى السيادة قد علا أعرافها
تقفُ الملائكُ دون نور جلالها
خُضُعاً فتكثر نحوه استشرافها
آباؤُه حمت الشريعة َ في ضُباً
لم يعد حاسم رأيه أوصافها
فكأَنَّ من أسيافها آراؤه
وكأَّنَ من آرائه أسيافها
رأَي يردُّ على الزمان سهامَه
حتى تبيتَ صروفُه أَهدافها
جذلانَ يبسط راحة لم يعقد الأ
مساكُ لمحة ناظرٍ أطرافها
ماذا حواسدُها تقولُ وقد رأَت
في المكرمات لوفرها أتلافها
أتقول مسرفة بلى هي تقتفي
بالجود في إسرافها أَسلافها
وكأَنّما فمه حوى نضناضة ً
للخصم ينفثُ في حشاه ذُعافها
هو في لسان المكرمات محمدٌ
ومحمدٌ هو جامعٌ أصنافها
مولى ً خلائقهُ حلت فلو أنّها
هو والحسينُ بمجده قمرا عُلاً
كلُّ عن الدنيا جلا أسدافها
سقيت رياض كماله ماءَ النهى
فبهرن في أزهارها قطافّها
فئة ٌ لها حسبٌ تكافا في العُلى
طرفاهُ قد وطّا معاً اكتافها
فلكم بني الوحي الرسالة في الورى
وعليكم مدَّ الإله طِرافها
إن تفضلوا شرفاً ملائكة َ السما
فالله أخدمَ جدكم أشرافها
لو لم يجئ في ذكر وصف علاكم
تالله ما عرف الورى أوصافها
ولكلّ آنٍ في الأنام إذا التوت
منكم إمام هدى ً يقيم ثقافها
وإمامُ هذا العصر قام أبوكم
فيها فراض برفقه أعسافها
لم تختلف علماؤُها في مُشكلٍ
إلاَّ وردّ إلى الصوابِ خلافها
يابن الأُلى ركبوا سوابقَ من عُلاً
عقدوا بناصية السهى أعرافها
وابن الذين إذا الجيادُ حملنهم
لوغى ً وقوا بصدورها أردافَها
خُذها كما اقترح الوفا مزفوفة ً
بجميل ذكرك تستطيب زفافها
تهدي التهاني جُهدَها ومن الحيا
تبدي رجاء قبولك استعطافها
أنت الذي زهرت مناقبُ مجده
بين النجوم وأشرفت إشرافها
نضت الشريعة ُ من لسانك مرهفاً
فمخيفها بالأمس ها هو خافها
ورأت بناثلك الوفود غناءها
من كلّ مَن طلبت لديه كَفافها
فإذا لغيرك ذمَّ موجفها السرى
حمدت إليك بنو السُرى إيجافها
فخلدت في الدنيا بعلمك في الورى
ونداكَ يملأُ صحفها وصحافها
 
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> حيَّتك من وَجَناتِها بشقيقها
حيَّتك من وَجَناتِها بشقيقها
رقم القصيدة : 22815
-----------------------------------
حيَّتك من وَجَناتِها بشقيقها
وجلت عليك مُدامة ً من رِيقها
وتبسَّمت لك عن ثناياً لم تَشِم
عينٌ كبارقها ولا كَعقيقها
وحبتكَ من رشفاتِها بسُلافة ٍ
ما فضَّ مُرتَشِفٌ خِتامَ رحيقها
وتعطّفت لك بانة ً غيرُ الصبا
لم يحضَ قبلك بانعطافِ رشيقها
ورنت بأجفانٍ إليك فَواترٍ
بأخي الهوى الدُنيا تضيق لُضيقها
يا أهلَ رامة َ ما الجمالُ وما الهوى
إلاّ لشائقٍ ريمكم ومَشوقها
نفحتكم بعبيرها ريحُ الصَبا
ونحتكم ديمُ الحيا ببروقها
فسقت ملاعِبَكم بأوطف تزدهي
منه بزهرِ رياضها وأنيقها
غيثٌ بسيب نَدى محمد صالحٍ
تشبيهُ واكفِ سحبهِ ودفوفها
هو خير من رضعَ المكارمَ درَّها
ورعى بها ـ مُذ كان ـ فرضَ حقوقها
مَن مثلُه وهو ابنها البرُّ الذي
ما همَّ لمحة َ ناظرٍ بعقوقِها
ملكٌ تجلّى للبريّة فخرهُ الـ
ـسامي تجلّي الشمسِ عند شروقها
فإذا تكرَّم كان فارجَ ضيقها
وإذا تكلَّم كان ضيقَ حلوقها
تفدي أنامله العريقة َ في الندى
أيدٍ من اللؤمِ انتساجُ عُروقها
ورثَ العُلى من سابقينَ لغاية ٍ
ما للبريّة مطمعٌ للحوقها
خُلقت كِراماً فهي تقتسم الثنا
والحمدَ بين جديرِها وخليقها
شرَعت طريقَ الجودِ وهو مشى به
فمشى الكرامُ وراءَه بطريقها
ولدتهُ مُمَّ «أبا الأمين» فأحرزت
بهما ثناء عدوّها وصديقها
بلغا السماءَ عُلاً وزادَ محمدٌ
شرفاً سما فيه على عيّوقها
أحيت أناملهُ العفاة َ ومن رأى
لُججاً يكون بها نجاة غريقها
كرمٌ كغادية السحاب تُزينهُ
لمعاتُ بشرٍ كالتماع بُروقها
يا من تفَّرعَ في الذرى من دوحة ٍ
تُجنى المكارمُ من ثمارِ وَريقها
من دوحة الشرفِ الذي بثرى العُلى
وَشَجَت قديماً سارياتُ عروقها
أهدى لك الفرحَ الإلهُ مخلَّداً
وكساكَ من حُلل الثنا برقيقها
هذي المسرَّة ُ كم أقرَّت أعيناً
ولأعينٍ كانت قذى ً في مُوقها
وعد الزمانُ بأن يزيلَ بها جوى
الأحشاء فاشاقت إلى تحقيقها
خَفقَت بها شَوقاً وحين وفى بها
سكنت وقرَّت بعد طول خُفوقها
وغدا الزمانُ وقد ترشَّف راحها
نشوانَ بين صَبوحِها وغَبوقِها
فليُهنينكَ سائغُ الطرب الذي
لك قد أغصَّ الحاسدينَ بريقها
واسعد بعرس محمدٍ حسن العُلى
وأخي النُهى عبد الحسين شقيقها
داما بظلّكَ رافهينَ ولم تزل
تَغلي حُشاشة ُ من أبى بحريقها
فبنوك ثمَّ بنو أخيك جميعهُم
تأوي الوَرى منهمِ لفارج ضيقها
فإذا الخطوبُ تراكمت فالمصطفى
يُرجى لدفعِ جَليلها ودقيقها
وإذا لياليها دَجَت فمحمدُ الـ
ـهادي بِطلعتهِ انجلاءُ غسوقها
ولدى أمين المجد حفظُ عهودِها
إن خانَها دهرٌ بحلّ وثيقها
أبني العُلى ارتشفوا سُلافة َ فرحة ٍ
أحلى من الصهباءِ في راووقها
طاب السرور بها فقلت مؤرخاً
وصل الأحبة َ عرسُكم برحِيقها

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> وصلت ورَيعانُ الشبيبة ِ مونقُ
وصلت ورَيعانُ الشبيبة ِ مونقُ
رقم القصيدة : 22816
-----------------------------------
وصلت ورَيعانُ الشبيبة ِ مونقُ
وجفت وقد لبس المشيب المفرقُ
والغيدُ طوعَ نسيمِ رَيعانِ الصِبا
يهتّزُّ غصن شبابهنَّ المورق
والشيبُ إن حطَّت عقابُ نهاره
فغرابُ ليلة ِ وصلهنَّ محلَّق
أدرت فتاة ُ الحيِّ أنّي مذ نأت
قلبي أسيرُ هوى ً ودمعي مُطلق
أنا والجوى والدمعُ وهي ومُهجتي
طوعُ البِعادِ مغرّبٌ ومشرّق
عافت أخا دمعي العقيق وثغرُها
أمسى يَضيءُ به أخوه الأبرق
لله موقفنا صبيحة َ أجمعت
بينا له جزعاً بريقي أشرق
ومسكتُ قلبي كي يقرَّ وإنّه
ليكادُ يلفظه الزفيرُ فيحرق
وكظمتُ أنفاسي الغداة َ وفوقَها
كادت مجامعُ أضلعي تتفرَّقُ
جاذبتُها فضلَ الرداءِ فأقبلت
بالعُنف تجمعُ ما جذبتُ وأرفق
ومذ استقلَّ بها الفراقُ دعوتُها
بالدمع إذ هو من لِساني أطلق
الله ياذات النظاقِ بواجمٍ
لسُنُ المدامعِ عن جواه تنطِق
وتذّكري عهدَ المودَّة ِ بيننا
أيّامَ أوقاتي بلهوِكِ تُنفق
متألّفين بحيث لاظلُ الهوى
صاحٍ ولا صفوُّ الودادِ مرنَّق
في روضة عذراءَ لم يبرح بها
يمري مذانبه الغمام المغدق
يسري النسيمُ عليلة ٌ أنفاسُه
فيها بنشرٍ من عبيرك يعبَق
وعيون نرجسُها المُندّى غازلت
منكِ المحيّا وو شمسٌ تشرق
فكأَنَّ في أجفانِهنَّ الطلَّ من
أنوار وجهكِ أدمعٌ تترقرق
ولهوتُ منكِ بذات خدرٍ زانَها
ثوبُ الشبابِ الغض لا الاستبرق
طوراً تعاطيني الحديثَ وتارة ً
راحاً بها شملُ الهمومِ يفرَّق
قالت وقد عاقرتُها من كفِّها
صرفاً لها نورٌ يروقُ ورونق
ألها نظيرٌ، قلت خلقُ «محمَّدٍ»
في لُطفه منها أرقُّ وأورق
خلقٌ لأبلجَ غير معقودِ الندى
ديمُ الغمامِ غدت به تتخلَّق
عذبتُ بفيه نعم فليس بغيرها
يلقى الذي من جُوده يسترزق
ويدّ أنَّ بكلّ منبتِ شعرهِ
منه بقول نعم لسانٌ ينطق
أثرى من الحسب الكريم وكلّ من
أثرى بلا حسبٍ مقلٌّ مملق
فانظر لمن عُرُبُ القوافي في الورى
تُنشى وأبكارُ المعاني تخلق
ما فيهم إلاّ محمَّد صالحٌ
بالمدح جيدُ علائِه يتطوَّق
المستجارُ من الزمان بظلِّه
إن جاءَ يرعدُ بالخطوب ويبرق
والمستضاءُ بوجهه إن يدجُ من
دًُهُم الحوادث ليلهنَّ الأورق
ومسدُد الآراءِ أسهُم رأيه
غرضَ القضايا الغامضاتِ تطبّق
يقضانَ قد سبرت تجارب حزمه
غورَ الزمانِ بأيِّ فنِّ يطرق
إن أبهمت يوماً مطالعُ شبهة ٍ
عمياءَ فيها الحقُّ لا يتحقّق
يغشى نُعاسُ الجهلِ تحت ظلامها
بصرَ القلوبِ المدركاتِ فتخفق
فعمودُ صبحِ بيانِه بضيائِه
غسقَ العمى لذوي البصائر يَفلِق
وإذا تحيّرت العقولُ بمشكلٍ
صعبٍ مجال الوهم فيه ضيّق
جَمعَ العقولَ على الصواب بحجّة ٍ
فيها احتمال الريبِ لا يتطرّق
فمن السكينة ِ والوقارِ سكوتُه
وله المقالُ الفصلُ ساعة َ سنطق
وعُلاؤه الآفاقُ ضِقنَ بعظمها
وبعظمِ معجزه البسيطة ُ أضيق
إمّا أقامَ فمنه طرفُ الناس في
قرّت بإنسانيهما عيناكما
وبأيّ أرضٍ قد سرى ففعاله
عن أهلها عين الحوادثِ تطبق
فالناسُ في جدواه شخصٌ واحدٌ
وبمدحه الدنيا جميعاً تنطق
ونداه لو سكتوا لنوَّه باسمه
إنَّ الندى لهو الخطيبُ المفلق
وإذا ترادفت المحولٌ تشعّبت
منه غمائمُ للبلاد تطبّق
وغدا يرفُّ على البريّة ظلُّها
وبرَّيق النعماءِ فيهم تغدق
حتّى تمجُّ الأرضُ ماءَ نعيمها
ريّا وبالعشب الثرى يتشقّق
فتبيتُ حالية َ بوشي ربيعها
ولساكنيها العيشُ غضًّا يونق
مننٌ تفوت الواصفينَ وإنّما
وصفُ الأنامِ ببعضها يستغرق
وإذا انتمى فلدوحة الشرف التي
تنمو على مرِّ الزمانِ وتورق
وشجت قديماً سارياتُ عروقها
حيث المجرّة ُ نهرُها يتدفّق
فاصولُها فوقَ السما وفروعُها
شرفاً إلى مالا نهايَة تبسق
وطريفُ علياهُ يريك تليدها
فمن المكذِّبُ والطريفُ مصدّق
لا كالذي بينَ البريّة أصلُه
خرٌ على عَلكِ اللسان يُلفَّق
مَلِكٌ على أُولى الزمانِ قبيلهُ
بذوائب الشرف الرفيع تعلّقوا
طلبوا سماءَ المجد فابتدرت بهم
تسموا قُدامى عزِّهم وتحلّق
حتى ارتقوا أفلاكها وغدا لهم
دون البريّة غربُها وتحلّق
وإلى انقطاعِ الدهرِ فخرُ علاهم
أبداً بهالتها الرفيعة محدق
فكفاهم فخراً بأنَّ عشيرَهم
فيه وفي عبد الكريم معرّق
فهما معاً كفّا نداً وُصِلا بِهم
وُهُم لتاج العزّ قدماً مِفَرق
فرعا عُلاهم في حديقة ِ مجدهم
ما أثمراه طيبٌ مستوسق
ضربا بعرقٍ واحدٍ في طينة ٍ
هي من سواها في المكارم أسبق
مَثَلانِ مهما راهنا في حلبة ٍ
فغبار شأوهما بها لا يُلحق
وبكفّ كلّ منهما ما برّزا
في السَبقِ رهنَ ذوي المعالي يغلق
كالعين تبلغُ أختُها الشأوَ الذي
بلغتهُ إن كلٌّ إلأيه تحدّق
يا نيّري فلكِ المعالي مَن غدا
لهما بكلّ سماءِ مجدٍ مَشرِق
وعلى القذى أغضى الحسودُ المحنق
فلقد تباشرتِ النفوسُ بأوبة "الـ
ـهادي" وجمَّع أُنسُها المتفرّق
وسما المكارمِ أشرقت لمّا بدا
نورُ «الحسينِ» بأُفقها يتألّق
قَدِما معاً والسعدُ طائرُ يمنه
غَرِدٌ يرفُّ عليهما ويرنّفق
ولئن تشوّقت البلادُ إليهما
فألى لقائِهما المعالي أشوق
لا مسَّ أيدي الرامياتِ إلى مِنى ً
نَصَبٌ ولا منها عُقِرنَ الأسوق
فلكعبة البيت الحرام بكعبتي
أملِ العفاة ِ سرت خفائف تُعنِق
وبثقل أجرهما ثقيلاتُ الخطا
صدرت كأَنَّ لها الرواسي أوسق
المُحرِمَينِ وإن أحلاّ دائماً
زهداً بما تهوى النفوس وتعشق
فكأَنَّ كلَّ مقامٍ احتلاّ به
حرمٌ وحجٌّكلَّ يومٍ يخلق
والركنُ يشهدُ أنَّ كفهما التي
استلمته لا إثمٌ بها متعلق
نحرا غداة َ النَفرِ هدياً قال لم
ي~~ُقبل سواي لو أنَّ هدياً ينطق
وسرينَ من حرم الأله جوانحاً
بهما إلى حرم البنيّ الأينق
بيتٌ لو البيت استطاعَ لجاءَه
بالركن يسعى سعيَ من يتملّق
فالدهرُ فيه محرِّمٌ فمقصِّرٌ
والفخرُ فيه طائفَّ فمحلِّق
عكفا به يتمسَّكانِ فناشقٌ
لَثَم الضريحَ ولاثمٌ يتنشَّق
واستقبلا حرمَ الوصيِّ وإنَّه
حرمُ الإله به الملائكُ تحدِق
وحمى ً يُجيرُ من السعير لأنَّه
فاستشفعا لله فيه ويميمّا
نادٍ بغير العزِّ ليسَ يُروَّق
رُفعت بأعلا "الكرخ" منه سُرادقٌ
بعلائها العيّوق لا يتعلّق
جمعَ الصلاحَ على التُقى أطرافهُ
وغدا لواءُ الفخرِ فيه يخفق
فلتلبس الزوراءُ حلَّة زهوِها
فالعيشُ رغدٌ والهنا مُستوسقِ
أوما ترى كأَس المسرّة تُجتلى
لعشيرة الشرفِ الرفيعِ وتُدَهق
عقدوا النديَّ وللوفاءِ محبُّهم
يُنشي المديحَ مُهنياً وينمّق
والزهرُ من أبنائهم ما بينها الـ
ـندبُ "الرِضا" في خُلقه تتخلّق
قد أحدقت منه بأزهدِها كما
تمسي بأزهرها الكواكب تُحدق
تسمو لو احظُهم إليه مُطرِقاً
وإذا سمت منه اللواحظُ تُطرِق
لو أنصفته الكاشحون بنعله
لتتوجوا ويبشعِها لتمنطقوا
عبِقت شمائله فما رَيّا للصَبا
ممطورة َ الأنفاسِ منها أعبق
وجلت محيّا الدهرِ بهجة ُ وجهه
فارتدَّ وهو من النضارة مُشرِق
وجهٌ يلوحُ عليه عنوانُ النُهى
ويروق فيه من الطلاقة ِ رَونَق
ومن الخلالِ الصالحات قد احتوى
مجموعَ ما هو في الورى مُتفرّق
فبعزّه صرفُ الزمانِ مقيدٌ
وبجوده جودُ العفاة ِ مطوّق
أمراهنيه في الفخار وراءكم
عمّن إذ ابتدرَ المدى لا يُلحق
ودعوا الندى فله محمدُ جعفرٌ
يسقي رياضَ المكرماتِ فتورِق
ضرغامُ هيجاءٍ إذا ذُكر اسمه
في يوم روعٍ للجموع تفرّقوا
خُلِقت أنامل راحتيه أبحراً
يروي بها طوراً وطوراً يغرِق
نشأت لهنَّ غمائم بين الورى
عشرٌ بوادقها تضيء وتحرق
في السلم وابلُها النُضار وإنّما
في الحرب وابلُها دمٌ يتدفّق
ولها تُبسمُه بريقٌ في الندى
وبسيفه يومَ الكريهة تَبرُق
لو قيلَ يومَ الروعَ من ترِبُ الوغى
لأشارَ من بُعدٍ إليه الفليق
أو قيلَ أيُّ الناسِ أسبقُ للندى
قلنا "محمدٌ الجواد" الأسبقُ
لججٌ أسرّة ُ راحتيه ووجهُه
منه سهيلٌ طالعٌ يتألّق
فاعجب لأنضاء الوفود وأُنسها
بسناه إن وردت وليست تفرُق
ملأَ الزمان فواضلاً وفضائلاً
بهما يكلُّ من الفصيح المَنطِق
يا مَن رباعُهم غدت مملوَّة ً
بالوفد من كلِّ الأماكنِ تُطرق
فتحوا لهم بابَ السماحِ بهنَّ في
زمنٍ به بابُ السماحة ِ مُغلق
قد زفَّ فكري من عقائِله لكم
عذراءَ ليس لِغيركم تتشوّق
أَضحت بجيب الدهرِ جَونَة عنبر
في نشر ذكركم تضوعُ وتعبق
جاءَت كما اقترح الوفاءُ وإن يكن
كثرُ القصيدُ فغيرُها لا يُعشق
وترى الوفا نفسُ الكريم لأهله
فرضاً ولو بأدائه هي تزهق
وتمجُّه نفسُ اللئيم ولو لَها
ما دُمتَ بالعسل المصفّى تُلعِق
 
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> أينَ في عصرنا نرى لك مِثلا
أينَ في عصرنا نرى لك مِثلا
رقم القصيدة : 22817
-----------------------------------
أينَ في عصرنا نرى لك مِثلا
جئتَ بعداً ففقتَ من جاء قبلا
كلّما قد بلغتَ غاية َ فضلٍ
زدت جِدّاً فزادكَ الله فضلا
وإذا قيلَ بعضُ جدِّك هذا
لك كلُّ الفضل انتهى قلت كلاّ
لم تزل هكذا تجدُّ إلى أن
قيلَ مهلاً لك انتهى الفضلُ كلاّ
نلتَ أقصى العُلى وتبغي مَزيداً
عزَّ مَن هكذا براكَ وجلاّ
لو على قدرِكَ اتخذتَ خليلاً
لا اتخذتَ الهلالَ في الأُفق خِلاّ
أيَّما خصلة ٍ من المجد عنَّت
لم تفز منم قِداحها بالمُعلّى
قد بحثتَ العلومَ فنًّا ففنًّا
وبها قد أحطتَ عقلاً ونقلا
وشحنتَ الزمانَ هدياً ونشكا
وقضيتَ الحقوقَ فرضاً ونفلا
فإلى أين عنك يبغي انحِرافٌ
ضلَّ من لا يراكَ لله ظِلاّ
أيّها المقتفي الأئمة َ لا تُخطئ
قولاً لهم ولم تعدُ فِعلا
قل لمن يدَّعي النيابة َ عنهم
هكذا عنهم يُنابُ وإلاّ
أنتَ ياكعبة َ إليها الرجا حجَّ
ويا قبلة ً لها المدحُ صلّى
مَشعر الحق مستجارُ ذوي الحقِ
وَمن لم يقل بما قلتُ ضلاّ
فيك لو أُعطيت مُناها الثُريّا
لتمنَّت بأن تُرى لكَ نعلا
يا وقور النديَّ جئت بجيلٍ
خيرهم في ندِّيه طاش جهلا
ما عسى أن يقولَ فيكَ مريبٌ
صقلت عَرضَكَ المكارمُ صقلا
لك أفدي مُعذَّباً بمعاليك
إليها يمدُّ باعاً أشلاّ
يتعالى بجهله وهو يدري
أنَّ مِن مفرقيه كعبَك أعلى
لو رأى الليثُ كيف رشّحت أشبا
لكَ لارتاح أن يُرى لك شِبلا
غُرراً قد نجلتها ليس ترضى
معها البدرَ ينتمي لكَ نجلا
طبتَ نسلا وكنتَ أزكى المجـ
ـدِ وما كلُّ مَن زكى طابَ نَسلا
سُرجاً للعُلى وَلدتَ وكلٌّ
كم له من نهار فخرٍ تجلّى
لك خلقٌ لو ذاقه مُجتني النحلِ
دعى ما جنيتُ ما عشتُ نحلا
ذاك للذائقين حلوٌ وهذا
في فم الذوقِ منه أَحلا وأَحلا
خفَّة الروح لا كأَخلاق قومٍ
أبداً في الأرواح تُحدِثُ ثِقلا
هو روضُ النهى وقد جعلَ الله
له منكَ رائقُ البشرِ طَلاّ
قد لعمري حملتَ أعباءَ جودٍ
لو بها الدهرُ يستقلُّ لكلاَّ
ومن الرمل لو عطاؤُك يُعطى
نفذ الرملُ من يديه وملاّ
لقد اختطَّ داركَ المجدُ للحمد
وفيها الندى ترعرعَ طِفلا
منه جيد المحبِّ يلبسُ طوقاً
ويدُ الكاشحين تحملُ غِلاّ
دُم شكيمَ المصاقِع اللّد واسلم
شرقاً للخصيم تنطقُ فصلا
بلسانٍ يُريه نَضَنَضَة َ الصلِّ
فَيُغضي كِيلا يساورُ صِلاّ
أمطرتنا يداكَ طلاًّ ووبلاً
فوردنا نداكَ نهلاً وعلاّ
بهدايا يديكَ أُقسم لا أيدي
الهدايا يرمينَ نحو المصلّى
لجديراً أراكَ في أن أُهنّيك
بمن نُبتَ عنه قولاً وفعلا
ولأحلا الأيام يومُ يدُ الله
به سلَّت الحسامَ المُحلّى
يومُ بعثٍ لمن سيُبعثُ فيه
مالئُ المشرقينِ قسطاً وعدلا
ذاكَ من كان قُربُه قابَ قوسينِ
من الله إذ دَنى فتدلَّى
والبشيرُ الذي به قسمَ الله
على العالمين لُطفاً وفضلا
هو للخير كانَ أصلاً وفرعاً
وله الخيرُ كان فرعاً وأصلا
أيها المجزلُ الوهوبُ سماحاً
هاكَ نظماً كجود كفّيك جزلا
بل كعلياك خُذهُ مُمتنعاً صعبَ
منالٍ ومثلَ خُلقِك سهلا
زفَّ بكراً كفاك فيها هديًّا
لك تجلى وحسبُها بك بعلا

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> زارت على رُقبة ِ عُذّالها
زارت على رُقبة ِ عُذّالها
رقم القصيدة : 22818
-----------------------------------
زارت على رُقبة ِ عُذّالها
فاقتبِل العمرَ باقبالها
طيّبة َ الأردان ما استجمرت
بالمندلِ الرطبِ كأمثالها
تُدني الجلابيبَ لتُخفي لها
ما رسمَ المشي بأذيالِها
وكيفَ تخفى وكثيبُ الحمى
يأرجُ من فضلة سِروالِها
فانعم بعطشى الخصرِ ريّا الصبا
مجدولة ِ الأعطافِ مكسالِها
وارشف كما شاء الهوى ريقة ً
كانت تمنّيك بسلسالِها
أحبب بها من شائقٍ والهٍ
أحيت مشوقاً بالحِمى والها
غيداءَ لو غنت لريم الفلا
ما بكرت تعطُو إلى ضالها
جاءَت ولكن كمجيىء الكرى
تُكاتِم الغيرانَ مِن آلها
يا طربَ الصبِّ لإنسانة ٍ
لم تكن الحِورُ بأبدالِها
كم زادَني العذلُ وُلوعاً بها
ما أولعَ النفسَ بقتّالها
يهزَّها الدلُّ فتختالُ عن
مُعتدلِ القامة ِ ميّالها
تُرقِصُ قلبَ الصبِّ مهما مشت
لكن على رنَّة ٍ خلخالها
ذات الجعود السود معقوصة ً
تحكي الأفاعي عند إرسالها
هل نثرت مِسكاَ على كُثبها
إذ عبقت دلاًّ بإِسبالها
أم علقت في خدِّها جمرة ٌ
فاحترق العنبرُ مِن خالها
يا هل طرقت الحيَّ قد حجّبت
معسولة ُ الريق بعسّالها
أُمّ رئالٍ بين أبياتهم
يا عجباً تُحمى برئبالها
تلك الخصورُ الهيفُ وارحمتا
لضعفها من ثقل أكفالها
هيّمت الصبَّ وقالت له
صِل الغديّاتِ بآصالها
نفسُك للإطراب دعها فقد
مالت إلى الزهو بآمالها
إجر بكفيك كُميتَ الطِلى
واجلِ صدى الهمِّ بجريالها
فَروضة ُ الأفراح قد طلَّها
ببشره "جعفرُ" إفضالها
مَن جمعت فيه العُلى هاشمٌ
وافترقت منه إلى آلها
قد وزنت قنطارَ أهلِ الندى
همّتهُ لكن بمثقالها
يبسط أختَ السحب لكن يداً
تهزءُ بالجود بهطّالها
إيهاً «أبا موسى » لأنت الذي
قد رشَّح الأُسدَ لأغيالها
ضرغامُ فهرٍ وحقيقٌ بأن
طُرًّا تهنّيك بأشبالها
لي من "حُسينٍ" أيُّ ريحانة ٍ
قد أينعت منك باخضالها
أنميتَ لي في عرسه نبعة ً
عنك ستروي طيب أفعالها
فاسمع فِداك الدهر من قائل
تهنية طابت كقوّالها
في عُرس «هاد» سبقت نعمة ٌ
بشرى لك اليوم بإكمالها
تلك التي قرَّت عيونُ العُلى
والفضلُ فيها يابنَ مِفضالها
وفي السما قد قامَ «جبريلُها»
يَهدي شذا البشر «لميكالها»
والأرضُ من نوء الهنا أغدقت
فرُوّضت من بعد إمحالها
فخراً جبالَ الحلمِ لولاكم
ما قرَّت الأرضُ لزلزالها
أُسرة ُ مجدٍ كوفئت في العُلى
أعمالُها الغرُّ بأخوالها
معذولة ُ الأيدي على جودها
والغيثُ فيه بعض عذّالها
تنمى إلى القائم بين الورى
برشدها أو حمل أثقالها
ما هو إلاّ آية ٌ للهدى
قد شُرّف الروحُ بأنزالها
بل هو في لأُمّة مهديُّها
وحبّه صالحِ أعمالها
للرشد أبوابٌ وأبناؤه
كانوا المفاتيحَ لأقفالها
هم أنجمُ العلم التي كم جلت
عن الورى ظلمة َ أشكالها
داموا ببالٍ فارهٍ في النهى
أبقى أعاديهم ببلبالها
 
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> فاخري أيّتها الدارُ النجوما
فاخري أيّتها الدارُ النجوما
رقم القصيدة : 22819
-----------------------------------
فاخري أيّتها الدارُ النجوما
هنَّ في الضوء، وفي الجوِّ الغيوما
ونعم أنتِ بآل المُصطفى
معدنُ الفخر حديثاً وقديما
لم تلد أمُّ المعالي منهم
فيكِ إلاّ واضحَ الوجه كريما
معشرٌ طابوا فروعاً في العُلى
وزكوا في طينة المجد أُروما
فُقدَ المعروف إلاّ عندهم
وغدا الدهرُ ـ وحاشاهم ـ لئيما
وكفاهم «بأبي المهديّ» فخراً
حيثُ أضحى لهم اليومَ زعيما
المحيّا عند بذل الجودِ وجهاً
صاحياً، والمُرتجى كفًّا مُغيما
تخجلُ المزنُ إذا ساجَلها
بيدٍ أرطبَ منهنَّ أديما
وتموتُ الشهبُ إن قابلها
بمحيًّا يكشفُ الليلَ البهيما
ليمَ في الجود، ولا جودَ لمن
لم يكن بين الورى فيه ملوما
وكريمُ الطبع مَن لم يتغيّر
طبعه في عذل من أضحى لئيما
ليس يثني الغيمَ عذلٌ فمتى
ينثني من علَّم الجودَ الغيوما
هممٌ لو عن مدى ً زاحمَها
منكبُ الدهرِ لردَّته حطيما
عادَ مرعى الفضل مخضرًّا به
وهو لولا جودُه كان هشيما
تُحمدُ الناسُ فان جاء به
لم نجد أحمدَهم إلاّ ذميما
ما بصلب الدهرِ يجري مثلُه
إذ على ميلاده صارَ عقيما
هو في أجفانه ثاني الكرى
قرَّة العينين منه أن يدوما
من أناسٍ ركبوا ظهرَ العُلى
وجروا في حلبة الفخر قديما
هم أقاموا عمدَ العليا وهمٍ
شرعوا فيها الصراطَ المستقيما
ذهبوا بيضَ المجالي طيبي
عُقدِ الأَزرِ مصاعيباً قُروما
وتبقّوا مِن بنيهم لعُلاهم
زينة َ في نحرها عِقداً نظيما
كأبي الهادي ذي الفضل ومَن
في معاليه لهم كان قسيما
ذلكَ الندب أخوه من برا
ه ربُّه من عنصر المجدِ كريما
ورضى العليا ومن غير الرضا
من عظيمٍ يدفعُ الخطبَ العظيما
ذكره بين الورى يهدي شذاً
عطّرت نفحة ُ ريّاه النسيما
وأخيه مصطفى الفخرِ الذي
لم تزل طلعتهُ تجلو الهموما
وكنجم الشرفِ الهادي إلى
بيتِ جدواه لمن نصَّ الرسوما
وأمينٍ ذي النهى َ من لم يزل
سالكاً نهجاً من التقوى قويما
كرماءٌ لا تُبارى كرماً
حُلماءٌ تزنُ الشمَّ حُلوما
كم دعتهم للقوافي ألسنٌ
تركت قلبَ أعاديهم كليما
يا نجوماً في سما المجد زهت
ويسرُّ المجدَ قولي يا نجوما
للعُلى أنتم مصابيحٌ كما
لشياطين العِدى كنتم رُجوما
قد أقرَّ الله منكم أعيناً
كم لحظتم بالغِنى فيها عديما
وحباهم فرحة ً تشملهم
والمحبين خصوصاً وعموما
ذهبَ الروع الذي غمَّ وقد
جاءت البشرى التي تنفي الغُموما
واستهلَّ السّعدُ في أبياتِكم
فاكتست من حُللِ الزهور قوما
بالفتى "عبد الكريم" المجتبي
وأمين الفضل من طاب أُروما
قد لعمري سُنن الحجّ لها
ما رأت مِثلهما أمسِ مُقيما
قيل نخشى لهما يدنو البلى
قلت لا يدنو وإن كان عظيما
فهما من أُسرة ٍ في برِّهم
يُدرءُ الخطبُ وإن كان جسيما
فحجيجُ البيتِ لمّا أنزل الله
فيهم ذلك الرجزَ الأليما
فعن الباقين منهم كرماً
بهما قد صرفَ الريحَ العقيما
فحطيمُ البيتِ لو لم يشهداه
كلُّ مَن قد أمّه أضحى حطيما
آل بيت المصطفى حيتكُمُ
غادة ٌ تجلو لكم وجهاً وسيما
أقبلت زهواً تهنّيكم بما
زاد مَن يحسدُ علياكم وجوما
فبقيتم في سرورٍ أبداً
ولكم لا برحَ السعدُّ نديما

العصر العباسي >> البحتري >> عاد للصب شجوه واكتئابه
عاد للصب شجوه واكتئابه
رقم القصيدة : 2282
-----------------------------------
عَادَ للصّبّ شَجْوُهُ وَاكْتِئَابُهْ،
بِبِعَادِ الذي يُرَادُ اقْتِرَابُهْ
رَشَأٌ، ما دَنَتْ بهِ الدّارُ إلاّ
رَجَعَ البُعْدَ صَدُّهُ، وَاجْتِنَابُهْ
كَمْ غَرَامٍ لَنَا، بألحَاظِ عَيْنَيْـ
ـهِ، شَهِيٍّ إلى النّفُوسِ عَذابُهْ
وَسُرُورٍ بِمَشْهَدٍ مِنْهُ وَالتّفّا
حُ خَدّاهُ، وَالمُدامُ رُضَابُهْ
كِدْنَ يَنْهَبْنَهُ العُيُونَ سِرَاعاً
فيهِ، لوْ أمكَنَ العُيونَ انْتِهابُهْ
هُبِلَ الغانِيَاتُ، كَمْ يَتَقاضَى
دَيْنَهُ مُعْلَقُ الفُؤادِ، مُصَابُهْ
كانَ خُلفاً ما قَد وَعَدْنَ، وَإن طا
لَ بذي الوَجدِ مَكثُهُ وَارْتقابُهْ
قُلْنَ أينَ الشّبابُ في عُقبِ فَوْتٍ،
منه قَوْلاً أعْيَا عَليّ جَوَابُهْ
وَيَمُوتُ الفَتَى، وَإنْ كانَ حَيّاً،
حينَ يَستَكمِلُ النّفادَ شَبَابُهْ
مَا نُبَالي يَدُ الوَزيِرِ اسْتَهَلّتْ،
أمْ رَأيتَ العَقيقَ سَالَتْ شِعابُهْ
وَسَوَاءٌ مُقَاوِمُ الحِلْمِ مِنْهُ،
وَرِعَانُ الرّيّانِ أرْسَتْ هِضَابُهْ
قَائِدُ الخَيلِ، مستقل عَلَيها
أسَلُ الخَطّ في الحَديدِ، وَغَابُهْ
وَوَليُّ التّدْبيرِ، لَيسَ ببِدْعٍ
عَجَبٍ أنْ يُبِرّ فيهِ صَوَابُهْ
بَينَ حَقٍّ يَنُوبُهُ يَصرِفُ الرّغْـ
ـبَ إلَيهِ، أوْ مُعتَفٍ يَنْتَابُهْ
ظَلّ إدْمَانُهُ التّطَوّلَ يُعْليـ
ـهِ، وَقَوْمٌ يَحُطُّهُمْ إغْبَابُهْ
مُبتَدئ الفِعلِ، إنْ تَباينَتِ الأفْـ
ـعَالُ بَانَ اقترابه، وَاغْتِرَابُهْ
وَالمَوَاعيدُ يَنْدَفِعنَ عَلى عَا
جِلِ نُجحٍ، وَشيكَةٍ أسْبَابُهْ
مِثلَ ما اهتَزّتِ العَبورُ فلَمْ يَكْـ
ـدِ نَشاصُ السّحابِ، ثمّ رَبَابُهْ
في نِظامٍ منَ المَحاسنِ، ما زَا
لَتْ تُضَاهي أخْلاقَهُ آدابُهْ
وَتَلالي وَجْهٍ، إذا لاحَ للطّا
لِبِ أمْسَى مَبلُوغَةً آرَابُهْ
سَوْمُ بَدْرِ السّماءِ وَفّتْ سَنَاهُ
فُرْجَةُ الغَيمِ، دونَهُ، وَانجيابُهْ
وَمَهيبٌ عِندَ المُنَاجينَ، لَوْلا
كرَمُ الأنسِ كانَ هوْلاً خِطابُهْ
لا يَزَلْ يُفتَدَى بأنْفُسِ قَوْمٍ،
نَقِيَتْ، مِنْ عُيوبهمْ، أثوَابُهْ
عَجَباً منهُ ما انطَوَى سَيبُهُ عَنّا
بعَوْقٍ، إذا طَوَاهُ حِجَابُهْ
لمْ يَكُنْ نَيْلُهُ الجَزِيلُ وَقَدْ رُمـ
ـنَاهُ صَعباً، فكَيفَ يَصْعُبُ بابُهْ
خابَ مَن غابَ عن طَلاقةِ وَجْهٍ
ضَوّأ الحَادِثَ المُضِبَّ شِهَابُهْ
ما رَأيتُ السّلطانَ مَيّلَ في أنّكَ
ظُفرُ السّلطانِ أغْنَتْ وَنَابُهْ
أتُرَاكَ الغَداةَ مُطْلِقَ رِبْقي،
مُؤذِنٌ بالرّحيلِ زُمّتْ رِكَابُهْ
صَادِرٌ عَنْ نَدَى يَدٍ مِنْكَ لا يُنْـ
ـصِفُها البَحرُ ومَوْجُةُ، وَعُبَابُهْ
حاجَةٌ لوْ أمَرْتَ فيها بِنُجْحٍ،
قَرّبَ النّازِحَ البَعيدَ مَآبُهْ
لَيسَ يَحلُو وُجودُكَ الشّيْءَ تَبغيـ
ـهِ التِماساً، حتّى يَعِزّ طِلابُهْ

 
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> يا جوهرَ المجدِ بل يا جوهَر الكرمِ
يا جوهرَ المجدِ بل يا جوهَر الكرمِ
رقم القصيدة : 22820
-----------------------------------
يا جوهرَ المجدِ بل يا جوهَر الكرمِ
أمنتَ من عرضِ الآلامِ والسَقمِ
ولا أصابَكَ داءٌ يا شفاءَ بَنيم
الآمالِ من مرضِ الإقتارِ والعُدمِ
أنتَ الذي تتداوى الناسُ قاطبة ً
في خصبِ نائله في شدة ِ القُحم
لا غروَ أن شَكَتِ الدُنيا وساكنُها
داءً أجارَكَ منهُ بارئُ النسم
فالدهرُ أنتَ له روحٌ مُدبِّرة ٌ
وُيؤلمُ الجِسمَ ما بالروحِ من ألمِ
واليومَ بُشرى لنا صحَّت بصحتِكَ الـ
ـدُنيا وزالت غَواشي الهمِّ والغُممِ
وأصبحت أوجهُ الأيامِ مُسفرة ً
من البشاشة ِ تجلو ثغرَ مُبتسمِ
نعم وعينُ المعالي قَرَّ ناظِرُها
إذ بُرءُ إنسانِها مِن أكبرِ النِعَم
بُرؤٌ ولكنَّه منَّا لكل حشاً
حَوت على الودِّ قلباً غيرَ مُتّهمِ
وصحَّة ٌ وشفاءٌ وانتعاشُ قوى ً
لكن لنَفسٍ العُلى والمجدِ والكرمِ
أَمَا ومجدِك يابنَ المصطفى قسماً
من عالمٍ إنَّ هذا أعظمُ القَسَمِ
لقد غدا بِشفاكَ الدينُ مبتهجاً
لعلمِه مالَهُ إلاّكَ من علمِ
للهِ بُرؤكَ من شكوى ً بها لكَ دا
مَ الأجرُ وهي بحمدِ الله لم تَدُمِ
آلُ النبي بِها كانوا أسرَّ أمِ النبيُ
بل شَرَعٌ هُم في سُرورِهمِ
وهل بدعوة ِ أهلِ الأرضِ أم بِدُعا
أهلِ السَما عنكَ زالَت أم بِكُلِّهِم

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> إن قلتَ عذراً لها ما أبطأت سَأَما
إن قلتَ عذراً لها ما أبطأت سَأَما
رقم القصيدة : 22821
-----------------------------------
إن قلتَ عذراً لها ما أبطأت سَأَما
فربَّ معتذرٍ يوماً وما اجترما
وكيف تسأمُ من إهداءِ تهنية ٍ
كم علَّلت قبلُ فيها المجدَ والكرما
كانت تَمنَّى على الله الشفا لأبي الـ
ـهادي لتملأَ أكبادَ العدى ضرما
بكلِّ سيّارة ٍ في الأرضِ ما فَتحت
بمثلها أبداً أُمُّ القريضِ فما
تشعُّ فهي لعينٍ كوكبٌ شرقٌ
وجمرة ٌ لحشاً في نادِها وُسِما
فهل تظنُ وربُّ العرشِ خوَّلها
ما قد تمنَّت وذاك الداءُ قد حُسما
ينامُ منها لسانُ الشكرِ عن سأمٍ
إذاً لسانيَ حتفاً نامَ، لا سَئما
سائِل بها الشرف الوضّاحَ هل كَفرت
نعماه أوَ عَبدت من دونِه صَنما
لا يَنقمُ المجدُ منها أنّها خَفِرت
في خيرِ عترتِه يوماً له ذِمَما
لكنَّها لهناة ٍ عن ولادتِها
طروقة ُ الفكرِ حالت، لا الوفا عَقُما
وقد تحيلُ لُقاحاً طالما نَتجت
واستقبلَ الحيُّ من إنتاجِها النِعما
بكرٌ من النظمِ لم يُثقبِ لئالئَها
فكرٌ ولا فوقَ نحرٍ مثلُها نُظما
مولودة ٌ في ثيابِ الحسنِ، قد رَضَعت
دَرَّ النُهى في زمان عنه قد فُطِما
قد أقبلت وطريقُ الحسنِ مُتِّسعٌ
تضيقُ خُطواً وإن لم تَقترف جُرما
ما قَدمت قدماً تبغي الوصولَ بها
إلاّ وأخَّرها تقصيرُها قَدَما
حتى ألمَّت بأكنافِ الذين بهم
عن الوليِّ يحطُّ الخالقُ اللَمَما
قومٌ يُؤدِّبُ جهلَ الدهرِ حلمُهم
حتى ترى الدهر بعدَ الجهلِ قد حَلُما
وجودُهم يتداوى المُسنَتوُنَ به
ما اعتلَّ بالجدبِ عامٌ بالورى أَزِما
فكيف مرَّت شكاة ٌ ساورت لَهُمُ
عضواً من المجدِ سُرَّ المجدُ إذ سَلِما
أبكَت وأضحكَت العَلياءَ والكرما
روعاءُ قَطّب فيها الدهرُ وابتسما
دجّت ببؤسٍ فلم تبَرح تضاحِكُها
بوارقُ اللُّطفِ حتى أمطرت نِعما
أمَّت قليلاً وهبَّت في جوانِحِها
مِن الدعاءِ قَبولٌ فانجلت أَمما
أضحي طَريفاً لنا نشر السرورِ بها
لنشرِنا ذلك البشرَ الذي قَدِما
مسرَّة ٌ لأبي الهادي أعادَ بها
بًرءُ الحسين لنا العهدَ الذي قدُما
إذ قد جنى الدهرُ ما لم تستطع مَعهُ
نشرَ المسرَّة ِ لكن راجَع الندما
فأتَبَع الفرحة َ الأُولى بثانية ٍ
لم تُبقِ في الأرضِ لا غمّاً ولا غُمما
فأرشفِ المجدَ في كلتيهما طَرباً
راحَ التهاني وقرِّط سمعه نَغَما
وقُل-وإن صُمَّ سمعٌ من أخي حَسدٍ
فسرَّني أنه ما فارق الصمما-
ليُهنِكَ النعمة ُ الكبرى أبا حسنٍ
في صحة ٍ لم تدع في مُهجة ٍ سَقما
أنت الذي رَمقت عينُ الرشادِ به
فما رأت بكَ يا إنسانَها ألَما
وقد صبرتَ وكان الصبرُ منك رضى
عن الإِله وتسليماً لما حَكما
أصالحٌ أنت أم أيوبُ بل قَسماً
بما تحمّلتَ من ضُرٍ: لأنتَ هُما
وهبكَ لم تكُ مَبعوثاً كما بُعثا
فقد ورثتَ بحمدِ الله ما عَلِما
سقمٌ وما مسّكَ الشيطانُ فيه لقد
حكيتَ أيوبَ صبراً عندما سَقُما
حتى علمنا بأنّ الابتلاءَ به
ما للنبيينَ عندَ الله للعلما
آلَ الألهِ أقرّ اللهُ أعينكمُ
بالمُبكِيَينِ عيونَ الحاسدين دما
بِشراً فتلك يدُ البُشرى ببُرئِهما
مَرّت على جُرحِ قلبِ الدين فالتحما
كانت ـ ولكن لقلبِ الدهرِ ـ مُوجعة ً
كادت مضاضتُها تستأصِلُ النَسما
قد ودَّ أهلُ السما والأرضِ أنَّ لكم
ثوابها وعليهم داؤُها انقسما
لقد أعاد على "الفيحاءِ" فضلكُمُ
شبابَها بعد ما قد عَنَّست هَرَما
كم ابن فهدٍ غدا فيها لعُدّة َ دا
عِيكم وكم لأياديكم من ابنِ نما
نَضيتُمُ للمقالِ الفصلِ ألسنة ً
لو تقرع السيفَ يوماً صدرُه انثلما
رياسة ٌ في الهدى أنتم أحقُّ بها
مَن كان جاذَبكم أبرادَها أَثِما
حيثُ الأمامة ُ من مهدِّيها نَصبت
لها النُبوّة ُ في أحكامِها عَلما
مِن قابض ورعاً عن كلِّ مُشتبهٍ
أناملاً لم تزل مبسوطة ً دِيَما
مولى ً هو الكعبة ُ البيت الحرامُ لنا
أضحى وأضحت بَنوه الأشهر الحرُما
قومٌ همُ عُلماء الدينِ سادة خلقِ
الله أكرُم من فوق الثرى شِيما
همُ البدورُ أنارَ اللهُ طلعَتها
لها الكواكبُ قلَّت أن تُرى خدَما
من طينة ٍ أبداً تبيضُّ عن كرمٍ
ما اسودَّ طينُ رجالٍ في الورى لؤما
اليكموها هداة َ الخلقِ باهرة ً
لسانُها قال فيكم بالذي عَلِما
إن أُنسِ فيكم زهيراً بالثناءِ لكم
فأنتم لي قد أنسيتم "هرما"
 
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> أسفرتِ الأيامُ عن مرأى حَسن
أسفرتِ الأيامُ عن مرأى حَسن
رقم القصيدة : 22822
-----------------------------------
أسفرتِ الأيامُ عن مرأى حَسن
وسعدُها الطالعُ باليمن اقتَرن
وأصبحَ الزمانُ وهو لابسٌ
نشوة َ زهوٍ ربَّحت عطفَ الزمن
وروضة ُ الأفراحِ في الكرخ زهت
فكلُّ مغنى ً من مغانيها أغن
وطائر البشرِ غدا مُغرِّداً
يبدي فنونَ سجعِه على فَنن
يا سعدُ ما أبهجها مَسرَّة ً
بها أقامَ السعدُ والنحسُ ظَعن
خصَّت زعيمَ آل بيتِ المصطفى
وعمَّت العالمَ من إنسٍ وجن
سرَّهم سرورُه كأنّما
لديهم بشراهُ من أعلى المِنن
لأنّه ـ دامَ علاهُ ـ في الوَرى
مُحبَّبٌ إذ كلُّ ما فيهِ حسَن
محمدٌ ليسَ سواهُ صالحٌ
على كنوزِ المكرماتِ يُؤتمن
لا تعدلنَّ عنه في قافية ٍ
وإن بها عَدلتَ عنه فَلِمَن
تاللهِ لولاهُ لما بضاعة ٌ
من القوافي نَفقَت بذا الزمن
يسني لها أثمانها مُستحيياً
ولو يميحُ نفسه معَ الثمن
هذا الذي تضمَّنت أبراده
منه فتى ً أطهرَ من ماءِ المُزن
هذا الذي تقوَّم المجدُ به
فشخصه والمجد روحٌ وبدن
أين بنو العَلياءِ من محلِّه
يا بُعدَ ما بين الوهادِ والقُنن
مولى ً غدا أمراه أحلى لذّة
حتى إلى عينِ العِدى من الوَسن
قد لُقِّبت راحته أمِّ الندى
لآنَّ منها كان ميلادُ المنن
ترتضعُ الآمالُ من أخلافِها
دَرَّ الندى الغزيرَ لا درَّ اللبن
فليُهنه اليومَ خِتان نجله
فانّه أيمن مولودٍ خُتن
قد وَلَدته كاملاً أمُّ العُلى
وفي زيادة ٍ ونقصٍ لم يشَن
ثمَّ فلم يختنه إلاّ سنَّة ً
أدامهُ الله لإحياءِ السنن
وليهنَ فيه عمُّه من لم تكن
بشأوهِ تَعلِق أمجاد الزمن
ندبٌ يعدُّ الفخرَ ثوب مدحه
إن عدَّه سواه ثوباً من عَدن
وليبتهج فيه الرضا شقيقهُ
مَن لا يشوبُ منَّه يوماً بمّن
ومَن كساه الفضلُ أبهى حلّة ٍ
رحيضة الأردان من كلّ درَن
وليزُه فيه مصطفى المجد الذي
بغير أبكار المعالي ما افتتن
مباركُ الطلعة ما صبَّحهُ
ذو محنة ٍ إلاّ جلا عنها المحن
وليسعد الهادي به من لم تحط
في وصف معناه دقيقاتُ الفِطن
مصدَّقُ الظنون حيثُ لا ترى
لآملٍ يصدِّقُ المأمولُ ظن
يا أيكة ً للفضل منها كم شدت
وِرقُ القوافى بالثنا على غُصن
لا برحت بيوتُ عليائكمُ
وهي لكم وللمسرّات وطَن
واليومَ لابتهاجِكم أبهجت الـ
ـدنيا وزال الكربُ عنها والحَزَن
وعاد وجهُ الكرخ حين أرّخوا
ختانَ أزهاها محمدٍ حسن

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> دارٌ بذي الأثلِ عَهدناها
دارٌ بذي الأثلِ عَهدناها
رقم القصيدة : 22823
-----------------------------------
دارٌ بذي الأثلِ عَهدناها
ما أطيبَ العيشَ بمغناها
فاسأل بها أروى الغوادي حياً
وروِّح القلب بذكراها
دارٌ بها كانت لأهل الهوى
تهدي بناتُ الشوقَ حوراها
ناشئة ُ الظلِّ تُربّى بها
عواطِفُ الصبوة ِ أبناها
من كلِّ عُذري الهوى ، قلبهُ
يرفُّ مارفَّ عِذاراها
آه لاحشاء على رامة
قد ذهبت إلا بقاياها
رقَّت إلى أن بين أيدي الجوى
تساقطت ضعفاً شظاياها
أيام تستقطر من لّمتي
ماءَ الصِبا الغضِ عذاراها
ووفرتي منها بأيدي المها
طاقة َ ريحانٍ تهاداها
يا حبّذا الغيدُ ودارٌ بها
في ريِّق العُمر علقناها
جرّت بها ضمياء أردانَها
فأرَّجت بالطيب أرجاها
حيثُ نشاوى بكؤوس الهوى
أماتها الشوقُ وأحياها
وافت وعمر الدهر في ليلة ٍ
فينا هي العمرُ عددناها
رقّت لنا فيها حواشي الدُجى
لكن ببرقٍ من ثناياها
ولائم، والراحُ من خدِّها
تُديرهُ للسكر عيناها
قال عليكَ الوزرُ في نعتها
قلتُ وخُذ أنتَ مُهنّاها
لا ذمّ للوردة عِندي سوى
عادة دهرٍ ما تعدّاها
لمجُتنيها شوُكها والشذا
منها لمن لم يدرِ مُجناها
يا دهرُ ما أطربها ليلة ً
عن غفلة ٍ منك سرقناها
فيها عقدنا مجلساً للهنا
لا لكؤوسٍ نتعاطاها
ننشرُ للأَشواق ديباجة ً
من غزلٍ رقّ، نسجناها
ونسمة ُ الأسحار قد فاكهت
بطيب أنفاس نداماها
فاردُد عليها من أحاديثها
ما نقلتهُ عن خُزاماها
وحيِّها ناقلة ً قد روت
عن خُلُق المهديِّ ريّاها
تُسند ما ترويه عن عبقة ٍ
من شيبة الحمدِ انتشقناها
للفضل أربابٌ وكلٌّ له
مزيّة ٌ يسمو بعلياها
والفضلُ كلُّ الفضل في عصرنا
لجامعٍ كلَّ مزاياها
للخلف ابن الحسن القائم الـ
ـمهديّ أتقى الخلق أهداها
يا واحدَ الدهرِ بلا مُشبهٍ
تركتَ كلَّ الناسِ أشباها
علمُك إلهامٌ وكلُّ الورى
كسبٌ ومن بيتكَ وافاها
كم لكَ من عارفة ٍ حرَّة ٍ
ألسِنَة ُ الشكرِ أرِقَّاها
جودُكَ طوفانٌ وسفن الرجا
باسمك مَجراها ومَرساها
مكارمٌ مسموعُها في الندى
أعظمُ منهُ فيهِ مرآها
لو قيل للغيثِ انتسب للورى
مثلَك جوداً ما تعدَّاها
لا شَرِقَت في دمِ أوداجها
عيديّة ٌ حنت لمسعاها
وارتَبعت في كلِّ مطلولة ٍ
خمائل الروضِ بجرعاها
تَخضِمُ أما شِيحة ً أو إلى
بَشامة ٍ تدنو فترعاها
جزاء ما خفَّت بتلك التي
قد ثقّلت بالأجرِ مسراها
كريمة ُ الشيخ إمامِ الهدى
خير كريماتِ الهُدى جاها
لا بَل هي الكعبة ُ في سترِها
تنقُلها نحوَ مُصلاّها
قد قالَ إكباراً لها إذ مَشت
لا صَغَّرَ الرحمنُ ممشاها
لو أنَّ حواءَ رأت زُهدَها
والزهدُ من بعضِ سجاياها
ودَّت على كُثرِ بناتٍ لها
أن لم تلد منُهنَّ إلاّها
لم تعلقِ الآثامُ فيها ولا
بالتَبعاتِ اغبرَّ كفّاها
طهَّرها الرحمنُ عِلماً بها
وبالتُقى والنُسكِ زكاّها
نزَّهتِ العِصمة ُ أفعالها
وكانت العصمة ُ تقواها
لو قَسمت صالحَ أعمالِها
بينَ بني الدُنيا لأغناها
كلُّ أَلوفِ الخدرِ في خدرِها
لم تعرفِ التخدِيرَ لولاها
باهِ بها أمَّ نجومِ السما
وفاخرِ الشهبَ بأبناها
إذ هيَ أمُّ الكلماتِ التي
آدمُ مِن قبلُ تلقَّاها
قد أوشَجت أعراقها في العُلى
من فاطمٍ أعراقُ علياها
نَمَت غُصوناً كلُّها أثمرت
علماً به اللهُ توخاّها
عن مثلِها ما انشقَّ يوماً ثرى
نبوّة ٍ فاسأل سجاياها
من طينة ِ المجد إلى المرتضى
وجعفرٍ يَضرِب عِرقاها
للجعفريَّين ابتنت دارها
بيض المساعي فوقَ خضراها
هم أنجمُ الدينِ وسبحان مَن
في أُفقهِ للرشدِ أبداها
أُسرة ُ مجدٍ شَرَعٌ كلُّها
أطربَها المجد وأطراها
حسبُهمُ فخراً بأنَّ العُلى
آخرُهم فيه كأُولاها
كأنّما أخلاقُهم روضة ٌ
باكَرَها الطلُّ فندَّاها
تَعبِقُ في المجلسِ ألفاظُهم
كأَنَّ نشرَ المسكِ معناها
القومُ لُطفُ الله في أرضِه
من رحمة ِ للخلقِ أنشاها
قد بسطَ الجودُ أكفًّا لهم
عاشت بنو الدنيا بنعماها
أهلُ الوجوهِ الزُهرِ لو قابلوا
بنورِها الشُهب لأطفاها
أقِسمُ أنَّ الدهرَ أجفانهُ
ما فُتِحت إلاّ لمرآها
وسمعتهُ ما شُقَّ حتى يعي
شيئاً سوى حُسنِ مزاياها
من طينة ٍ بيضاءَ قدسيّة ٍ
صَلصَلَها اللهُ وصفّاها
والطينة السوداءُ من خُبثِها
هيهاتَ تبيَضُّ سجاياها
جَرت لسبقٍ فتساوت بهم
سوابقُ الفضلِ بمجراها
هم فيهِ كالأعينِ يُمناها
بالرمش لا يَسبقُ يسراها
والقبض والبَسط استوت فيهما
البنانُ صُغراها وكُبراها
فيا بَني الوحيِ وآل الهدى
جبالَه، والله أرساها
اليكمُوها مِن بناتِ الثنا
غَرّاءَ قد راقَ مُحيّاها
تستوهبُ الصفحَ لنا منكم
من عَثرة ٍ فيها استقلناها
 
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> إحدى الغواني إلى الزوراءِ
إحدى الغواني إلى الزوراءِ
رقم القصيدة : 22824
-----------------------------------
إحدى الغواني إلى الزوراءِ
جاءتكَ تمشي على استحياءِ
جميلة ٌ من بناتِ الفكر
مكنونة ٌ في حِجاب الصدر
حيَّتك تبدي جميلَ العذر
فحيّ منها أَلوفَ الخدر
يا ساكناً مثلَها أحشائي
سيَّرتُها في سماء الحمدِ
زهرة َ مدحٍ لبدر السعدِ
لمن أياديه جلّت عندي
قد خفَّفت في ثقيلِ الرفدِ
عن كاهلي منّة َ الأنواء
معشوقة ً أقبلت للوصل
لسانُها ناطقٌ بالفصل
تغنيك عن غيرها بالنقل
غناءَ كفّيك لي بالمحل
حتى عن الديمة ِ الوطفاء
كم رقَّ ديباجُ نظمي وشيا
وراقَ صوغي القوافى حُليا
كجوهرٍ زان نحر العليا
ذاك الذي لم تلد في الدنيا
نظيرَه من بني حواءِ
ذو طلعة ٍ وهي أمُّ البشر
من شامَها قال بنتُ البدر
وراحة ٍ وهي أختُ البحر
كم قلَّدت للورى من نحر
بجوهر الرفدِ والنعماءِ
سماؤها لم تزل مُنهلّة َ
بها رياضُ المُنى مخضلَّه
وغيرُها ليس يشفي غُلّة
عن الندى لم تزل معتلَّه
بالبخلِ لا فارقت من داءِ
محمَّدُ الطيبُ الأخلاقِ
الحسنُ الماجدُ الأعراقِ
تباركت قدرة ُ الخلاّق
إذ أطلعت منكَ للأشراقِ
للأرض شمسَ السما للرائي
سبحانه ناشراً إحسانا
في حسنٍ طاوياً سحبانا
أنسى أخاها به ذبيانا
نسيانَه لي لأمرٍ كانا
حداه عني على الأعضاءِ
يا هل ترى مخلفاً للوعد
من لم يجد غيرَ بذلِ الجهد
إن كنتُ أبطأتُ عما عندي
فأنت يا مسرعاً بالصدّ
أعجلُ بالعتب من أبطائي
لا تشمتَن هجرنا بالوصل
ولا تسمّ عقدنا بالحلّ
فمثلُك اليوم خلاًّ مَن لي
ومَن لك اليوم خِلاًّ مثلي
ونحن كالماءِ والصهباءِ
أنت على النفس منها أغلا
وأنت في العين مِنها أحلى
وأنت أولى بقلبي كلاّ
ذاك الهوى لا تخله ملاّ
فمال عنهُ إلى الأهواءِ
لسانُكم للمقالِ الفصلِ
وكفُّكم للندى والبذلِ
فما لكم في الورى من مثلِ
هيهات مثلاً لروح الفضلِ
ما ظلّلت قُبّة ُ الخضراءِ

العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> عرَّفت ناسكة ً ذاتُ اللمى
عرَّفت ناسكة ً ذاتُ اللمى
رقم القصيدة : 22825
-----------------------------------
عرَّفت ناسكة ً ذاتُ اللمى
فرنت فاتكة ً في أضلعي
ولكم بالهدب راشت أسهما
فرمت شاكلِتي صبري معي
أنشقتني يومَ جمع عَرفَها
وعلى الخفيفِ حَمتني رشفَها
كحلَ الحسنُ لسحرٍ طرفَها
ما رنت للصبِّ إلاّ أقسما
ما كذا ترنو ضباءُ الأجرعِ
والغواني تَدّعي السحرَ وما
هو إلاّ تحت ذاك البُرقعُ
غادة ٌ أَقتَلُها لي كلُّها
مثلَ ما أحي لقلبي وصلُها
ذاتُ غنجٍ قد سباني دلُّها
طرقت وهناً فقالت أجرما
إذ رأتني بائتاً في الهجَّعِ
ونعم يا ريمُ طرفي هوَّما
طمعاً منك بطيفٍ مُمتعِ
دُمية ٌ نشرٌ الخزامى نشرُها
بفُتاتِ المسكِ يزري شعرُها
كم ليالٍ هي عندي بدرُها
قابلت فيهنَّ مرآة َ السما
بمحيّاها فقيل انطبعي
هي والظبية ُ من وادٍ كما
هي والبدرُ معاً من مَطلعِ
كلَّما ورَّد خديها الخجل
قطفت ذيّالك الوردَ المُقل
لا تسل عنيّ وعنها لا تسل
وقفت فاستوقفتني مسقما
وأفاضت فأفاضت أدمعي
عجباً راقبتُ فيها الحَرَما
واستحلّت صيدَ قلبي الموجعِ
كم قضت في سعيها من منسك
ما أضاعت فيه إلاّ نُسُكي
فلقد عدتُ بقلبٍ مُشركِ
في الهوى يعبدُ منها صنما
فهو في اللاّهين لا في الركّع
ظلّة يقرأ ـ قُل مَن حرَّما
زينة َ اللهِ- ولمَّا يقلعِ
لست أنسى بالمصلَّى موقفا
فيه يُرجى العفو عمَّا سَلفا
فبدت أحلا الغواني مَرشفا
تجرح النسكَ بلحظٍ إن رمى
سهمَه قَرطَسَ قلبَ الورع
وانثنت تطعنُ بالحجِ بما
قد حوى لينَ الرماحِ الشُّرَّع
يا سقى اللهُ ضحيّاتِ النقى
وكَساها الررضُ وشياً مونقا
كم أرت عينيَ وجهاً مُشرقاً
وجلت لي من فتاة ٍ مبسما
عن شتيتٍ واضحٍ ملتمع
فدعى دمعي ولكن رخمّا
فأجابت بعقيقٍ أدمعي
عجبت حين بدت في تربها
ورأتني بين صرعى حبِّها
ثمَّ قالت للّتي في جنبِها
هل وصلنَ الغيدُ قبلي مغرما
وسوى الشيبِ له لم يشفعِ
سُنَّة ٌ ما عَمِلت فيها الدُمى
وهي في دين الهوى لم تُشرَعِ
لا ومن أودع في خصري النُحول
ورمى نرجِسَ جفني بالذبول
لستُ أُحيي أشيباً واسمي قَتول
للذي ماءُ الصبا فيه نما
غصنه من ناشىء أو يَفِعِ
كلَّما استقطرتُ منه اللَّمما
قطّرت ماءً فبلَّت موضعي
قلتُ يا سالبتى طيبَ الوَسن
ما لمن تُصبي المُعنَّى والسُنن
فصلي الصبَّ الذي فيكِ افتتن
واجعلي وصلَك في هذا الحمى
بدعة ً جاءت كبعض البِدعِ
وأَلّمي كخيالٍ سَلّما
هوَّم الركبُ فحياّ مضجِعي
مَن رأى خدّيكِ قال العجبُ
كيفَ في الماءِ يشعُّ اللَهبُ
والتي طاب أبوها العنبُ
بالذي أودعها منكِ الفما
وبهِ حلّت بحلا موضعِ
ما الذي مَن يرتشفه أَثِما
هي أم فوكِ فزيدي ولعي
وحديثٌ تتهاداه الربى
طاب نشراً بين أنفاسِ الصَبا
عن بشيرٍ جاء يطوي السبسبا
تأرجُ البشرى عبيراً أَينما
حلَّ في الأربُعِ بعد الأربع
شعب شملَ العُلى فالتأما
ودعت قلبَ الحسود: انصدع
فأدر يا صاحبي كأَسَ الطرب
واطرّح في كأَسِها بنتَ العنب
قُم فشاركني بما سرَّ الحسب
بَشِّرِ المجدَ وَهنَّ الكَرما
وعلى هذا إلهنا باكِرْ معي
قد تجلَّى كلُّ أُفقٍ أَظلما
بسنا هذي البدورِ الطلّع
زُهرُ مجدٍ زَهَر المجدُ بهم
لا خلت أفلاكُه من شُهبِهم
كلّما خفَّ الهوى في صَبِّهم
وعلى المسرى إليهم عَزَما
ثَقُلت نهضتُه في المربع
في أمور طاريات كلّما
همَّ ينحو قصدَهم قُلنَ ارجعِ
لكَ يا عبدَ الكريمِ الفَرحُ
وُلحسادّكَ ذاك الترح
وَصَفت لابن أخيكَ المنحُ
مصطفى المجدِ بأزكى من نما
شرفٌ سامٍ لمجدٍ أرفع
كبدورِ التمِّ تنضو اللثُما
عن ثغورٍ كالبروقِ اللُّمعِ
قَرَّ طرفُ الفخرِ منها بالحسن
ذاك من قرَّت به عينُ الزمن
شخصُه والدهرُ روحٌ وبدن
فحياة ُ الدهرِ لمّا قَدِما
رجعت للناس أحلا مَرجعِ
ما براه الله إلاّ عيلما
لبني الآمالِ عذبَ المَشرعِ
ردَّ في صدرِ المعالي قلبَها
ولأفلاكِ المساعي قُطبَها
والقوافي سبَّحته ربَّها
وأتت تهدي إليه أنجما
ما حواها فلكٌ في مَطلعِ
دُرَراً وهي تُسمى كَلِما
مثلُها ما أنشدت في مجمعِ
شهدت للمجدِ أبهى محفل
فادّعت فخراً وقالت: هو لي
أيّها القالة ُ مثلي فَصلّي
من فريدِ المدح ما قد نُظِما
ثمَّ يا صاغة ُ مثلي رصّعي
أو فكفّي وأريحي القلّما
وبياضَ الطرسِ للطرس دعي
هذه الأفناءُ أفناءُ الشرف
مُنتدى الآدابِ فيها والظرف
لم يزل للمدح فيها معتكَف
مَن يَرد يهدي إلى هذي السما
يلتقط من هذه الزهرِ معي
ما وعاها الدهرُ إلاّ مغرما
قال أحسنتَ فقرّط مسمعي
دار مجدٍ مصطفى الفخرِ بها
كأَبيه حلمُه من هُضبِها
فالورى في شرقِها أو غربِها
كلُّها تلحظُ منه عَلَمَا
شامخاً هضبته لم تطلعِ
خيرُها مجداً وأعلى منتما
في العُلى من كلّ ندبٍ أروعِ
طاوَلَ الأمجادَ حتى ابتدرا
غاية ً جازَ إليها القمرا
وغدا جُوداً يُمير البشرا
بيدٍ أخجلَ فيها الدِيما
قائلاً: يا أيّها السحب اقلعي
ما أتاه الوفدَ إلاّ كرما
حلَّ منه في الجناب الممرعِ
يا عرانينَ المعالي والشرف
لكُم أهديتُها أسنى التحف
ولكم تُجلى عروساً وتُزف
فلها البشرُ بكم زهواً كما
لكم البشرُ بها في المجمعِ
والبسوا الأفراح ثوباً مُعلَما
عنكم طولَ المدى لم يُنزعِ
 
الوسوم
الشعر العربي العصور جميع دواوين
عودة
أعلى