العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> لو كنتَ حاضرَ طرفه وفؤادهِ
لو كنتَ حاضرَ طرفه وفؤادهِ
رقم القصيدة : 22381
-----------------------------------
لو كنتَ حاضرَ طرفه وفؤادهِ
أشفقتَ من زفراتهِ وسهاده
قد كان يرجو أنْ يلمَّ ببرئه
لو أنَّ طيفك كان من عوّأده
عذَّبتَ طرفي بالسُّهاد ولم تبتْ
إلاّ وطرفك في لذيذ رقاده
مالي أعذبُ في هواك حشاشتي
وأذودُ حرَّ القلب عن إبراده
وإذا أخَذْتَ بما يبوح به الجوى
أَخَذَ الجوى َ إذ ذاك في إيقاده
هذا الغرامُ وما مرادك بعده
مما يحول جفاك دون مراده
من كنتُ أستصفي الحياة لقربه
أصْبَحْتُ أرتقب الردى لبعاده
أطلقتُ بعدكم الدموع وإنْ أكنْ
فيكم أسير الحب في أقياده
ولقد سددتُ عن العذول مسامعي
ورأيتُ أنّ الرأي غير سداده
يا من يلوم الهوى أهل الهوى
كيف أقتناءُ الصبر بعد نفاذه؟
هل أنتَ يوم البين من شهدائه
أمْ يومَ الجزع من أشهاده
من ذا يجيرك من لواحظ سربه
ويفكّ قلبك من يدي صيّاده
يا ربع بلّ لك الأوام متيمٌ
إنْ جفَّ ناظره بماء فؤاده
حكمتْ بما حكم الغرامُ بأهله
آرامُه فقَضَتْ على آساده
وكأنَّما كانتْ لذائذنا بها
ونفاسة الصمصام في إفرنده
لم أنس عهدكِ يا أميمة باللوى
فسقى الغمام العهد صوب عهاده
أيام أصطبحُ المراشف عذبة
ويفوزُ رائد لذّة ٍ بمراده
حيث الشبابُ قشيبة ٌ أبراده
إذ كنتُ أرفلُ منه في أبراده
ومضرَّج الوَجَنات من دم عاشقٍ
يسطو بذابل أسْمَرٍ ميّادِهِ
عاطيته ممّا يمجُّ لعابهُ
صَهْباء تكشِفُ عن صَميم فؤاده
يصفو بها عيشُ النديم كأنّما
أخذتْ عليه العهد من أنكاده
حتّى إذ ألقى الظلام رداءه
واستلّ سيف الصبح من أغماده
قلتُ اسمحنْ لي ما بخلت بزورة
وهل المحب بها على ميعاده
لا ذاق ريقك بعد ذلك إنْ صحا
أو كان يعثر غيُّه برشاده
فَسَدتْ معاملة الحسان لِمَفْرِقٍ
نزلَ البياضُ به مكان سواده
وثنى المشيب من الشباب عنانه
عن ودِّ زينته وعشق سعاده
ونفاشة الصمصام في إفرنده
لا في نفاسة غمده ونجاده
سالمت أيامي فقال لي العلى
إنْ كان عاداك الزمان فعاده
ولقد يعزّ على المعالي أنْ ترى
مثلي بهذا الدهر طوع قياده
صافيتُ أخلاقي الأبية دونه
فلينطو أبداً على احقاده
وأنا القويّ على شدائد بطشه
عاندته فرغكتُ أنفَ عناده
وأراه يمكر بي ويحسَبُ أنَّه
يضطرني يوماً إلى أوغاده
هيهات قد تربت بذاك فدون ما
قد رام هذا الدهر خرط قتاده
ولمن أراد من الأكارم بغية
ألفى أبا سلمان فوق مراده
بأسٌ يذوب له الحديد ونائلٌ
كالعارض المنهلّ في إرفاده
الناس مغتنمون في إبراقه
طوراً ومحترزون من إرعاده
مستنزل الإحسان صادق وعده
ومزلزل الأركان في إيعاده
حسدت مناقبه الكواكب في العلى
حتى رأيت البدر من حساده
أمّا العيال عليه فهي أماجد
والمجد لا ينفك عن أمجاده
يتطفَّلون على موائد فضله
يتبركون بمائه وبزاده
طرب الشمائل كلّما کستجديته
طرب الشجاع لحربه وجلاده
ولربّما أجرى اليراعَ فلاحَ لي
بيض الأيادي من سواد مداده
لله أبلجُ من ذؤابة هاشمٍ
لا زال حزبُ الله منْ أجتاده
عقل الحوادث أقلعتْ لهياجها
فكانّها مصفودة بصفاده
لمَ لا يؤمَّل للإغاثة كلّها
من كان قطب الغوث من أجداده
لحق الكرام الأولين ولم يزل
في حلبة النجباء سبق جواده
فكأنّما انتقب الصَّباح إذا بدا
إقباله منه على وفاده
لا تعجبوا لجمال آل محمد
نورُ النبيّ سرى إلى أولاده
بيتٌ قواعده قواعدٌ يذبلٍ
يتعثّرُ الحدثان في أوتاده
أطواد مجد في العلى لم ينزلوا
إلاّ على الشُرُفات من أطواده
من كلّ بحر يستفاض نواله
يا فوزَ من قد راح من ورّاده
قد تستمدّ العارفون وإنّما
استمدادها بالفيض من إمداده
يا أهل ذا البيت الرفيع عماده
وکنحطت الملوان دون عماده
أروي لكم خبر الثناء وطالما
أوقفت راويه على إسناده
مستعبد الحرّ الكريم بفضله
لا حرَّ في الدنيا مع استعباده
شاركت أبناء الرجال بما حَوَتْ
يمناك بين طريفه وتلاده
وإذا تفرَّدَ في الزّمان مهذّب
ألفيتك المعدودم إفراده
روضي ذوى ولوى الرجاء بعوده
فليجر منك الماء في أعواده
يفديك من ملكت يمينكُ رقَّه
ورآك ملجأ قصده ومراده
منع الوصول إلى ذراك بعيده
لا زلت أنْتَ العيد في أعياده
والحظّ يصلد في يديَّ زناده
إنّي أعيذك من صلود زناده
يا من نعمت به وأية نعمة
وسعدتُ بين الناس في إسعاده
تاجرت في شعري إليك وإنّما
نَفَقَ القريض لديك بعد كساده
ومن الكلام إذا نظرت جواهرٌ
يجبى إلى من كان من نقّاده
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سنا برقٍ تبلَّجَ واستنارا
سنا برقٍ تبلَّجَ واستنارا
رقم القصيدة : 22382
-----------------------------------
سنا برقٍ تبلَّجَ واستنارا
أثارَ من الصَّبابة ما أثارا
وهاج لي الغرام وهيّجت بي
فؤاداً يا أميمة مستطارا
فبرقاً شمته والليل داج
كما أَوْقَدْتَ في الظلماء نارا
كأنَّ وميضَه لمعانُ عَضبٍ
يشقّ من الدّجى نقهاً مثار
ذكرتُ به کبتسامك يا سُليمى
فأبكاني کشتياقاً وادّكارا
فما مرَّ الخيال إذنْ بطرفي
ولمْ أذقِ الكرى إلاّ غرارا
وذكرى ما مضى من طيب عيشٍ
سحبت من الشباب به إزارا
وعهد هوى ً لأيام التصابي
وإنْ كانَتْ لياليه قصارا
أخَذْتُ بجانب اللّذات منها
على طربي وعاقرتُ العقارا
وكم من لذّة ٍ بكُمَيْت راحٍ
أَغَرْناها فأَبْعَدْنا المغارا
منظمة الحباب كأنّ كسرى
أماطَ الطَّوق فيها والسّوارا
فلو طار السرور بمجتليها
على الندمان يومئذٍ لطارا
وقد كان الشباب لنا لبوساً
يَلَذُّ بُخَلْعِنا فيه العذارا
فواهاً للشبيبة كيف ولّتْ
وما استرجعتُ حليا مستعارا
تنافرتِ الظباء وبان سربٌ
ولم أنكرْ من الظبي النفارا
وشطّ مزارُ من أهواه عنّي
ومن لي أن أزورَ وَأَنْ أُزارا
إلام أسائل الرُّكبان عنهمْ
وأستقري المنازل والديارا
وقوفاً بالمطيِّ على رسومٍ
أُعاني ما تُعانيه البوارا
أرقرقُ عبرة وأذوبُ شوقاً
ويعدمني بها الشَّوقُ القرارا
وحنَّتْ أنيقي وبكَتْ رفاقي
وأَرسَلَتِ الدموع لها غزارا
أشوّقك العرارُ لأرض نجدٍ
ولا شيحاً شممتَ ولا عرارا
أضرَّ بك الهوى لا باختيار
وما كانَ الهوى إلاّ اضطرارا
سقتها المزنُ سّحاً من نياقٍ
وصبَّ على معالمها القطارا
وصَلْتُ بها المهامه والفيافي
وَجُبْتُ بها الفادفدَ والقفارا
معلَّلتي بممرضتي حديثاً
لقَد داويتِ بالخمرِ الخمارا
بمن لا زلت تحييني التفاتاً
وتقتلني صدوداً وازوارا
هي الحدق المراض فتكْنَ فينا
وألطف من ظبا البيض احورارا
فلولا فتكها ما بتُّ أشكو
بأحشائي لها جرحاً جُبارًا
كأنَّ جفونها بالسِّحر منها
سكارى والنفوس بها سكارى
بَلَوْتُ بني الزمان وعرفَتْني
تجاريبي سرائرهم جهارا
وإنَّك إنْ بلوت الناس مثلي
وَجَدْتَ الناس أكثرهم شرارا
وإنْ قِسْتَ الرجال وهم كبار
بمجد محمد كانت صغاراً
بأهداهم إلى المعروف برّاً
وأسرعهم إلى الحسنى بدارا
وكم لحقته في ميدان فضل
فما شقَّتْ له فيه غبارا
بروحي من إذا ما جار خطبٌ
فَرَرْتُ إليه يومئذٍ فرارا
يرى في ظلّه العافون عيشاً
يروقُ العينَ بهجته اخضرارا
ويُنفِقُ في سبيل الله مالاً
بهِ أدَّخر الثوابَ له ادخارا
ويرعى في صنائعهِ ذماراً
بجيلٍ قلَّ منْ يرعى الذّمارا
تبصَّر في الأمور وحنكته
التجاريب اختباراً واعتبارا
وحلَّته فضائله بحليٍ
لعمرك لن يباعَ ولنْ يعارا
وأبدْعَ بالمكارم والأيادي
فما يأتي بها إلاّ ابتكارا
وما زالت كرام بني زهير
خياراً تنتجُ القوم الخيارا
نجارُ أبوَّة ٍ ونتاج فخرٍ
فحيّا الله ذياك النجارا
هم الجبل المنيع من المعالي
يُجيرُ من الخطوب من کستجارا
وإنَّ محمداً أندى يميناً
وأوفرُ نائلاً وأعزُّ جارا
أبا عبد الحميد رفعتَ قدراً
وقد أوتيتَ حلماً واقتدارا
سَبَقْتَ الأوّلين فلا تُجارى
إلى أمدٍ العلاء ولا تبارى
فسبحان الذي أعطاك حلماً
فوازَنْتَ الجبالَ به وقارا
وألهمكَ الصوابَ بكلّ رأيٍ
يريك ظلامَ حندسهِ نهارا
عليك الناس ما برحتْ عيالاً
ولم تبرح لدائرها مدارا
تُشَيّدُ من عُلاك لهم مقاماً
وتوصحُ من سناك لهم منارا
لك النظر الدّقيق يلوح منهم
هُدى قومٍ به كانتْ حيارى
وفيك فطانة وثقوب ذهنٍ
يراكَ به المشيرُ المستشارا
لقد سارَتْ مناقبك السواري
فما کتخذت لها في الأرض دارا
تقلَّدتَ القوافي الغرَّ منها
بأحسن ما تقلَّدتِ العذارى
وما استقصتْ مدائحك القوافي
نظاماً في علاك ولا نثارا
لئن قصَّرتُ فيما جئتُ منها
فقد تتلى کقتصاراً واختصارا
لو كنتَ حاضرَ طرفه وفؤادهِ
رقم القصيدة : 22381
-----------------------------------
لو كنتَ حاضرَ طرفه وفؤادهِ
أشفقتَ من زفراتهِ وسهاده
قد كان يرجو أنْ يلمَّ ببرئه
لو أنَّ طيفك كان من عوّأده
عذَّبتَ طرفي بالسُّهاد ولم تبتْ
إلاّ وطرفك في لذيذ رقاده
مالي أعذبُ في هواك حشاشتي
وأذودُ حرَّ القلب عن إبراده
وإذا أخَذْتَ بما يبوح به الجوى
أَخَذَ الجوى َ إذ ذاك في إيقاده
هذا الغرامُ وما مرادك بعده
مما يحول جفاك دون مراده
من كنتُ أستصفي الحياة لقربه
أصْبَحْتُ أرتقب الردى لبعاده
أطلقتُ بعدكم الدموع وإنْ أكنْ
فيكم أسير الحب في أقياده
ولقد سددتُ عن العذول مسامعي
ورأيتُ أنّ الرأي غير سداده
يا من يلوم الهوى أهل الهوى
كيف أقتناءُ الصبر بعد نفاذه؟
هل أنتَ يوم البين من شهدائه
أمْ يومَ الجزع من أشهاده
من ذا يجيرك من لواحظ سربه
ويفكّ قلبك من يدي صيّاده
يا ربع بلّ لك الأوام متيمٌ
إنْ جفَّ ناظره بماء فؤاده
حكمتْ بما حكم الغرامُ بأهله
آرامُه فقَضَتْ على آساده
وكأنَّما كانتْ لذائذنا بها
ونفاسة الصمصام في إفرنده
لم أنس عهدكِ يا أميمة باللوى
فسقى الغمام العهد صوب عهاده
أيام أصطبحُ المراشف عذبة
ويفوزُ رائد لذّة ٍ بمراده
حيث الشبابُ قشيبة ٌ أبراده
إذ كنتُ أرفلُ منه في أبراده
ومضرَّج الوَجَنات من دم عاشقٍ
يسطو بذابل أسْمَرٍ ميّادِهِ
عاطيته ممّا يمجُّ لعابهُ
صَهْباء تكشِفُ عن صَميم فؤاده
يصفو بها عيشُ النديم كأنّما
أخذتْ عليه العهد من أنكاده
حتّى إذ ألقى الظلام رداءه
واستلّ سيف الصبح من أغماده
قلتُ اسمحنْ لي ما بخلت بزورة
وهل المحب بها على ميعاده
لا ذاق ريقك بعد ذلك إنْ صحا
أو كان يعثر غيُّه برشاده
فَسَدتْ معاملة الحسان لِمَفْرِقٍ
نزلَ البياضُ به مكان سواده
وثنى المشيب من الشباب عنانه
عن ودِّ زينته وعشق سعاده
ونفاشة الصمصام في إفرنده
لا في نفاسة غمده ونجاده
سالمت أيامي فقال لي العلى
إنْ كان عاداك الزمان فعاده
ولقد يعزّ على المعالي أنْ ترى
مثلي بهذا الدهر طوع قياده
صافيتُ أخلاقي الأبية دونه
فلينطو أبداً على احقاده
وأنا القويّ على شدائد بطشه
عاندته فرغكتُ أنفَ عناده
وأراه يمكر بي ويحسَبُ أنَّه
يضطرني يوماً إلى أوغاده
هيهات قد تربت بذاك فدون ما
قد رام هذا الدهر خرط قتاده
ولمن أراد من الأكارم بغية
ألفى أبا سلمان فوق مراده
بأسٌ يذوب له الحديد ونائلٌ
كالعارض المنهلّ في إرفاده
الناس مغتنمون في إبراقه
طوراً ومحترزون من إرعاده
مستنزل الإحسان صادق وعده
ومزلزل الأركان في إيعاده
حسدت مناقبه الكواكب في العلى
حتى رأيت البدر من حساده
أمّا العيال عليه فهي أماجد
والمجد لا ينفك عن أمجاده
يتطفَّلون على موائد فضله
يتبركون بمائه وبزاده
طرب الشمائل كلّما کستجديته
طرب الشجاع لحربه وجلاده
ولربّما أجرى اليراعَ فلاحَ لي
بيض الأيادي من سواد مداده
لله أبلجُ من ذؤابة هاشمٍ
لا زال حزبُ الله منْ أجتاده
عقل الحوادث أقلعتْ لهياجها
فكانّها مصفودة بصفاده
لمَ لا يؤمَّل للإغاثة كلّها
من كان قطب الغوث من أجداده
لحق الكرام الأولين ولم يزل
في حلبة النجباء سبق جواده
فكأنّما انتقب الصَّباح إذا بدا
إقباله منه على وفاده
لا تعجبوا لجمال آل محمد
نورُ النبيّ سرى إلى أولاده
بيتٌ قواعده قواعدٌ يذبلٍ
يتعثّرُ الحدثان في أوتاده
أطواد مجد في العلى لم ينزلوا
إلاّ على الشُرُفات من أطواده
من كلّ بحر يستفاض نواله
يا فوزَ من قد راح من ورّاده
قد تستمدّ العارفون وإنّما
استمدادها بالفيض من إمداده
يا أهل ذا البيت الرفيع عماده
وکنحطت الملوان دون عماده
أروي لكم خبر الثناء وطالما
أوقفت راويه على إسناده
مستعبد الحرّ الكريم بفضله
لا حرَّ في الدنيا مع استعباده
شاركت أبناء الرجال بما حَوَتْ
يمناك بين طريفه وتلاده
وإذا تفرَّدَ في الزّمان مهذّب
ألفيتك المعدودم إفراده
روضي ذوى ولوى الرجاء بعوده
فليجر منك الماء في أعواده
يفديك من ملكت يمينكُ رقَّه
ورآك ملجأ قصده ومراده
منع الوصول إلى ذراك بعيده
لا زلت أنْتَ العيد في أعياده
والحظّ يصلد في يديَّ زناده
إنّي أعيذك من صلود زناده
يا من نعمت به وأية نعمة
وسعدتُ بين الناس في إسعاده
تاجرت في شعري إليك وإنّما
نَفَقَ القريض لديك بعد كساده
ومن الكلام إذا نظرت جواهرٌ
يجبى إلى من كان من نقّاده
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سنا برقٍ تبلَّجَ واستنارا
سنا برقٍ تبلَّجَ واستنارا
رقم القصيدة : 22382
-----------------------------------
سنا برقٍ تبلَّجَ واستنارا
أثارَ من الصَّبابة ما أثارا
وهاج لي الغرام وهيّجت بي
فؤاداً يا أميمة مستطارا
فبرقاً شمته والليل داج
كما أَوْقَدْتَ في الظلماء نارا
كأنَّ وميضَه لمعانُ عَضبٍ
يشقّ من الدّجى نقهاً مثار
ذكرتُ به کبتسامك يا سُليمى
فأبكاني کشتياقاً وادّكارا
فما مرَّ الخيال إذنْ بطرفي
ولمْ أذقِ الكرى إلاّ غرارا
وذكرى ما مضى من طيب عيشٍ
سحبت من الشباب به إزارا
وعهد هوى ً لأيام التصابي
وإنْ كانَتْ لياليه قصارا
أخَذْتُ بجانب اللّذات منها
على طربي وعاقرتُ العقارا
وكم من لذّة ٍ بكُمَيْت راحٍ
أَغَرْناها فأَبْعَدْنا المغارا
منظمة الحباب كأنّ كسرى
أماطَ الطَّوق فيها والسّوارا
فلو طار السرور بمجتليها
على الندمان يومئذٍ لطارا
وقد كان الشباب لنا لبوساً
يَلَذُّ بُخَلْعِنا فيه العذارا
فواهاً للشبيبة كيف ولّتْ
وما استرجعتُ حليا مستعارا
تنافرتِ الظباء وبان سربٌ
ولم أنكرْ من الظبي النفارا
وشطّ مزارُ من أهواه عنّي
ومن لي أن أزورَ وَأَنْ أُزارا
إلام أسائل الرُّكبان عنهمْ
وأستقري المنازل والديارا
وقوفاً بالمطيِّ على رسومٍ
أُعاني ما تُعانيه البوارا
أرقرقُ عبرة وأذوبُ شوقاً
ويعدمني بها الشَّوقُ القرارا
وحنَّتْ أنيقي وبكَتْ رفاقي
وأَرسَلَتِ الدموع لها غزارا
أشوّقك العرارُ لأرض نجدٍ
ولا شيحاً شممتَ ولا عرارا
أضرَّ بك الهوى لا باختيار
وما كانَ الهوى إلاّ اضطرارا
سقتها المزنُ سّحاً من نياقٍ
وصبَّ على معالمها القطارا
وصَلْتُ بها المهامه والفيافي
وَجُبْتُ بها الفادفدَ والقفارا
معلَّلتي بممرضتي حديثاً
لقَد داويتِ بالخمرِ الخمارا
بمن لا زلت تحييني التفاتاً
وتقتلني صدوداً وازوارا
هي الحدق المراض فتكْنَ فينا
وألطف من ظبا البيض احورارا
فلولا فتكها ما بتُّ أشكو
بأحشائي لها جرحاً جُبارًا
كأنَّ جفونها بالسِّحر منها
سكارى والنفوس بها سكارى
بَلَوْتُ بني الزمان وعرفَتْني
تجاريبي سرائرهم جهارا
وإنَّك إنْ بلوت الناس مثلي
وَجَدْتَ الناس أكثرهم شرارا
وإنْ قِسْتَ الرجال وهم كبار
بمجد محمد كانت صغاراً
بأهداهم إلى المعروف برّاً
وأسرعهم إلى الحسنى بدارا
وكم لحقته في ميدان فضل
فما شقَّتْ له فيه غبارا
بروحي من إذا ما جار خطبٌ
فَرَرْتُ إليه يومئذٍ فرارا
يرى في ظلّه العافون عيشاً
يروقُ العينَ بهجته اخضرارا
ويُنفِقُ في سبيل الله مالاً
بهِ أدَّخر الثوابَ له ادخارا
ويرعى في صنائعهِ ذماراً
بجيلٍ قلَّ منْ يرعى الذّمارا
تبصَّر في الأمور وحنكته
التجاريب اختباراً واعتبارا
وحلَّته فضائله بحليٍ
لعمرك لن يباعَ ولنْ يعارا
وأبدْعَ بالمكارم والأيادي
فما يأتي بها إلاّ ابتكارا
وما زالت كرام بني زهير
خياراً تنتجُ القوم الخيارا
نجارُ أبوَّة ٍ ونتاج فخرٍ
فحيّا الله ذياك النجارا
هم الجبل المنيع من المعالي
يُجيرُ من الخطوب من کستجارا
وإنَّ محمداً أندى يميناً
وأوفرُ نائلاً وأعزُّ جارا
أبا عبد الحميد رفعتَ قدراً
وقد أوتيتَ حلماً واقتدارا
سَبَقْتَ الأوّلين فلا تُجارى
إلى أمدٍ العلاء ولا تبارى
فسبحان الذي أعطاك حلماً
فوازَنْتَ الجبالَ به وقارا
وألهمكَ الصوابَ بكلّ رأيٍ
يريك ظلامَ حندسهِ نهارا
عليك الناس ما برحتْ عيالاً
ولم تبرح لدائرها مدارا
تُشَيّدُ من عُلاك لهم مقاماً
وتوصحُ من سناك لهم منارا
لك النظر الدّقيق يلوح منهم
هُدى قومٍ به كانتْ حيارى
وفيك فطانة وثقوب ذهنٍ
يراكَ به المشيرُ المستشارا
لقد سارَتْ مناقبك السواري
فما کتخذت لها في الأرض دارا
تقلَّدتَ القوافي الغرَّ منها
بأحسن ما تقلَّدتِ العذارى
وما استقصتْ مدائحك القوافي
نظاماً في علاك ولا نثارا
لئن قصَّرتُ فيما جئتُ منها
فقد تتلى کقتصاراً واختصارا