جميع دواوين الشعر العربى على مر العصور (( خالد الطيب ونور حياتى ))

  • تاريخ البدء
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ألا هَلْ للمتيَّمِ من مُجيرِ؟
ألا هَلْ للمتيَّمِ من مُجيرِ؟
رقم القصيدة : 22274
-----------------------------------
ألا هَلْ للمتيَّمِ من مُجيرِ؟
كئيبٍ ذي فؤاد مستطير
يقلِّبُه الأسى ظهراً لبطن
ويسلمه إلى حرِّ الزفير
وكيف يقرُّ بالزفرات صبٌّ
وفي أحشائه نار السعير
يعالج بالهوى دمعاً طليقاً
يصوبُ للوعة القلب الأسير
وكم في الحيّ من ليثٍ هصور
صريع لواحظ الرشأ الغرير
وكنت على قديم الدهر أصبو
بأشواقي لربات الخدور
وكنت إذا زأرت بأسد غيل
رأيت الأسدَ تفزع من زئيري
فغادرني الزمان كما تراني
عقيراً في يد الخطب العقور
فأغدو لا إلى خلٍّ أنيسٍ
وما لي غير همّي من سمير
فآهاً يا أميمة ثم آهاً
لما لاقيت من دهرٍ مبير
محا من أسرتي الأشراف منهم
كما مُحِيت حروفٌ من سطور
لقد بعد الكرام النجب عني
فليلي بعدهم ليل الضرير
على أنّي دفعت إلى زمان
يخاطر فيه ذو المجد الخطير
تشبهت الأسافل بالأعالي
وقد تاه الصغير على الكبير
وأمست هذه الدنيا تريني
حوادثها أعاجيب الأمور
ولا زالت تتوق لذاك نفسي
إلى يومٍ عبوسٍ فمطير
لعلّي أنْ أبُلَّ به غليلاً
ويهدأ بعض ما بي من زفير
أراني إنْ حللتُ بدار قوم
أساءَ ببعض أقوامٍ حضوري
وذي عجب أضرّ الجهل فيه
وأنفٍ مشمخّرٍ بالغرور
يرى من نفسه رب المعالي
ولا رب الخورنق والسدير
ضريت بوجهه وصددت عنه
كما صدَّ العظيم عن الحقير
وألقى المعجبين بكلِّ عُجْبٍ
وأسحبُ ذيل مختالٍ فخور
وكم رفع الزمان وضيع نفس
فنال الحظَّ بالباع القصير
وكم حطَّ القضاء إلى حضيض
وكان محلُّه فوق الأثير
أصونُ عن الأراذل عزَّ نفسي
وَصَوْنُ النفس من شِيَم الغيور
ولا أهديتُ منذ قرضت شعراً
إلى من لا يزال بلا شعور
وكم في الناس من حيٍّ ولكن
يرى في الناس من أهل القبور
أتيت البصرة الفيحاء أسعى
وحبَّكِ سعي مقدام جسور
أزور بها من العلماء شيخاً
حباه الله بالعلم الغزير
إلى علمٍ من الأعلام فردٍ
تفض علومه البحور
لأحمد نخبة الأنصار يغدو
مسيري إنْ عزمت على المسير
إذا ما عدّدت أعيان قوم
وقابلنا نظيراً بالنظير
فعين أولئك الأعيان منهم
وقلب في صدور بني الصدور
وإني مذ ركنت إلى علاه
كأنّي قد ركنت إلى ثبير
رغمتُ بودّه آناف قوم
رَمَوْني بالعتوّ وبالنفور
إذا أخذت يغاربهم يميني
أخذتُ بغارب الجد العثور
رعيت لديه روض العز غضاً
وأنهلني من العذب النمير
إلى منهاج شرعته ورودي
وعن مورود نائله صدوري
ركنت إلى المناحب الأعالي
ولم أركَنْ إلى وغدٍ شرير
أبار بنور تقوى الله وجهاً
وقد يزهو على القمر المنير
غنيٌّ عن جميع الناس عفٌّ
رؤوفٌ بالضعيف وبالفقير
ترى من وجهه ما قد تراه
على وجه الصّباح المستنير
يعدُّ من الأوائل في تقاه
وإن وافاك بالزمن الأخير
وهل يخفى على أبصار بادٍ
شموس علاه بادية الظهور
فخذ عنه العلوم فقد حباه
إله العرش بالفضل الشهير
ولم نظفره بمثل علاه يوماً
بمطلّع بصير بالأمور
فسل منه الغوامض مشكلات
فإنّك قد سقطت على الخبير
تحوم عليه أهل الفضل طراً
كما حام الظِماءُ على غدير
ولم يبرح لأهل العلم ظلاًّ
يقي بظلاله حرَّ الهجير
ويغنيني عن الأنصار مولى ّ
نصيري حين يخذلني نصيري
له محض المودَّة من خلوصي
ومحض الود إخلاص الضمير
سأجزيه على النعماء شكراً
بما يرضيه من عبد شكور
لمطبوع على كرم السجايا
ومحبول على كرم وخير
زهت في حسن مدحتك القوافي
كما تزهو القلائد في النحور
وطاب بك الثناء وإنَّ شعري
تضمَّخَ من ثنائك بالعبير
فدم واسلم على أبد الليالي
وعش ما دمت حيّاً في سرور

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> إلى العزّ خوري يا نياقي وأنجدي
إلى العزّ خوري يا نياقي وأنجدي
رقم القصيدة : 22275
-----------------------------------
إلى العزّ خوري يا نياقي وأنجدي
ويا همَّتي قومي إلى المجد واقعدي
فلا عزّ حتى أترك النوق ترتمي
بنا وجياد الخيل تكدم باليد
عليها من الفتيان كلُّ مجرَّدٍ
من الضيَّم أمضى من حسامٍ مجرَّد
يذود الكرى عن مقلة طمحت به
إلى شيم برق من فخار وسؤدد
تعوّد أنْ لا يشرب الماءَ بالقذى
ولم ترض نفس المرء ما لم تعودّ
فجرَّدَها مثلَ القسيّ حوانياً
لقطع الفياقي فدفداً بعد فدفد
يبيت الدجى ما بين نوم مشرد
لفقدان من يهوى ودمع مبدّد
يعالج همّاً بين جنبيه للعلى
ويَحْسِرُ عن باعٍ لأروع أصيد
رفضت الهوى بالكرخ واللّهو بالدمى
وأعرضت عن بيض من الغيد خرّد
وراح كعين الديك صفواً تديرها
نظيرة قدّ البانة المتأوّد
مورّدة في الكأس بعد مزاجها
كأنْ مزجت من ماء خدٍّ مورّد
تعاطيتها صرفاً ينمُّ أريجها
عليها فما استغنيتُ عن ريق أغيد
وما كان باقي الليل إلاّ كأنه
على خدق الآفاق آثارُ إثمد
ذكرتك يا ظمياءُ والنار في الحشا
ولولاك تلك النار لم تتوقد
وإني إذا مضّت بقلبي مضاضة
من الوجد داريت الأسى بالتجلّد
وما سرت عمّن سرت إلاّ لمطلب
أسُرّ به صحبي وأكبت حُسَّدي
وأصفر ذي وجهين من غير علَّة ٍ
يروح كما راح اللئيم ويغتدي
على وجهه من خالص اللؤم شاهد
متى استشهدتهُ رؤية العين تشهد
وشيبة سوءٍ أنبت الله شعرها
على عارضي وغدٍ ومستجهلٍ ردي
أعرّفه فضلي ويعلمُ أنَّني
أنا الشمس لا تخفى على عين أرمد
فهاتيك أخباري وتلك قصائدي
لها -نشرُ طيّ الذكر في كلّ مورد-
تمزق أعراض اللئام كأنها
تصول عليها بالحسام المهنّد
يروح عليها القوم عن نفثاتها
بها السُّمُّ مدحورٌ بخزي مؤبّد
تسير بها الركبان شرقاً ومغرباً
فمن منشدٍ يشدو بها ومغرّد
تركت لكم ـ أعيان بغدادَ ـ منزلاً
تجور عليه النائبات وتعتدي
ففيم مقامي عندكم ظامىء الحشا
ولا أنا بالواني ولا بالمقيّد
وإنّي عزيز النفس لو تعرفونني
ولي بيتكم ذل الأسير المصفّد
تمنَّون إذ تعفون عن غير مذنب
فتّبت يداً مغوٍ لكم غلَّ من يد
ظلمتم عباد الله حين رفعتم
أرذال قومٍ من خبيثٍ ومن ردى
وما البصرة الفيحاء من بعد فعلكم
بها غير أطلال ببرقة ثهمد
رفعتم على السادات منها أراذلاً
لهم في حضيض الذل أسوأ مَقْعَدِ
فعلتم كما تبغون لا فعلَ منصفٍ
وقلتم ولا عن رأي هادٍ ومرشد
هَبوا أنّكم لا تتقوها مآثما
فهلاّ اتقيم من ملام المفنَّد
بذلت لكم نصحي وما تجهلونه
ولكن لما في النفس من مترصّد
فقوضت والتقويض عن مثل أرضكم
إذا لم يطب عيشي ويعذب موردي
وقلت لعيسي أخذك الجد بالنوى
وإيّاك بعد اليوم أن تتبغددي
فأوردتها نهر المجرّة والعلى
تحدثني أنْ قرّبِ السيرَ وأبعد
فما أربى من بعد فهدٍ وبندر
من البصرة الفيحاء غير محمد
نجيب ابن أنجاب الزهير الذي به
أفاخر جمعَ الأكرمين بمفرد
فتى القوم من يأوي إلى ظل بيته
يعِشْ عيشة من فضله لم تنكد
فيا أيها الظامي وتلك شريعة
من الجود فاصدر حيثما شئت أوْ رِدِ
رفيع عماد المجد مستمطر الندى
أخو المنهل الصافي وذو المنهل الندي
وما حَمَلَتْهُ غيرُ أمٍّ نجيبة ٍ
وإن كان من قوم أغرّ ممجد
لئن قلّد النعماء من كان منعماً
فما غيره: في الناس كان مقلدي
تسبّب بالإحسان للحمد والثنا
ومن يتسبب للمحامد يُحْمَد
إذا نلت منه اليوم سابغ نعمة
ترقّبت أمثالاً لها منه في غد
على سنن الماضيين من غرّ قومه
بآبائه الغرّ الميامين يقتدي
هم القوم يروون المكارم عن أب
وجد عريق سيّداً بعد سيد
تسودهم نفس هناك أبيّة
فكانوا إذنْ ما بين نسرٍ وفرقد
وهزَّتهُمُ يوم الندى أريحيّة
كأنْ شربوا من كأس صهباء صرخد
تطرّبهم سجع الصوارم والقنا
بيوم الوغى لا ما ترى أمُّ معبد
إذا أوعدوا الطاغين بالبأس أرهبوا
وإنْ أحسنوا الحسنى فعن غير موعد
كرام إذا استمطرت وبل أكفّهم
أراقَتْه وبلاً من لجين وعسجد
يقال لمن يروي أحاديث فضلكم
أعدْ واستعد ذكر الكرام وردّد
ألذُّ من الماء النمير ادّكارهم
على الكبد الحّرى من لحائم الصدي
سقاهم وحيّاهم بصيبه الحيا
وجادهم من مبرق المزن مرعد
فكم تركوا في المادحين أخا ندى ً
قديم العلى يسعى الممجد ممجّد
إذا هم لا تثنيه عن عزماته
إلى المجد يوماً حيرة المتردد
يرى رأيه ما لا ترى عين غيره
وبالرأي قد يهدى المضلّ فيهتدي
ومن لا بسٍ بردَ الأبوة كلما
تقادم قالت نفسه ويك جدّد
بنوها ولكن بالسيوف معالياً
فكانت ولكن مثل طود موطد
وكم بذلوا من أنفسَ المال ما غلا
فلم يرغبوا إلاّ بذكر مخلّد
فهذا ابن عثمان المهذب بعدهم
يشيد على ذاك البناء المشيّد
فلا زال محفوظ الجناب ولا رمى
له غرضاً إلاّ بسهم مسدد
 

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> تنقلتَ مثل البدر يا طلعة البدر
تنقلتَ مثل البدر يا طلعة البدر
رقم القصيدة : 22276
-----------------------------------
تنقلتَ مثل البدر يا طلعة البدر
فمن منزلٍ عزٍّ إلى منزلٍ فخر
بأمر وليّ الأمر سرت ولم تزل
كما أنت تهوى صاحب النهي والأمر
دعاك إليه فاستجبت كأنّما
دعاك وزير العصر دعوة مضطرِّ
ومثلك من يُدعى لكلِّ مُلِمَّة ٍ
من الدهر مقدام على نوب الدهر
تعدّك للخطب الملوك ذخيرة
وأن الرجال الشوس من أنفس الذخر
فإمّا إلى حرب وقد شبّ جمرها
لها شرر ترمي به الجميع كالقصر
وإمّا إلى بأسٍ شديدٍ وقدرة
وإمّا إلى عالٍ رفيع من القدر
طلعت على بغداد يوماً فشاهدت
بوجهك يا مولى الورى طلعة البدر
تباشرت الأشراف حين تحقَّقت
قدومك بالإكرام والنائل الوفر
إذا قيل وافى بندر قال قائل
من البشر وافاكم إذَنْ وابل القطر
فأغمرتهم بالفضل حتى ملكتهم
ببّرك، إن الحرَّ يملكُ بالبر
قضت بك أعياد المسَرَّة والهنا
وهاتيك أعيادٌ تعدُّ من العمر
وشد وزيرٌ أزره بك فاغتدى
لعمري قويَّ الأزر منشرح الصدر
ولما نشرت العدل من بعد طيّه
وأحسنت طيَّ الجور في ذلك النشر
ذكرت لسلطان السلاطين كلّها
وقد قيل إنَّ الأذنَ تعشقُ بالذكر
فأهدى إلى علياك ما أنت أهله
فقارن بدر التّمَّ بالكواكب الدري
وأرغمت آنافاً وأكبتّ حُسَّداً
وحاق بأهل المكر عاقبة المكر
وقد جئت مسرور الفؤاد مؤيّداً
من الله بالتوفيق والفتح والنصر
تجرُّ ذيول الفخر تيهاً على العدى
ألا إنَّ خفض العيش من ذلك الجرِّ
تحفُّ بك الفرسان من كلِّ جانب
وتدعو لك الأملاك بالسرّ والجهر
ولما رأيت الماء طمَّ على القُرى
وأصبح في إفساده أبداً يجري
طغى والذي يطغى وقد مدَّ باعه
ليفسدَ أمسى مدهُّ منك في جزر
وما سال مثل اليل إلاّ رددته
وخليت منه سائل البحر في نهر
سلكت به النهج القويم لو اهتدى
لما ضلَّ هذا الماء في مهمه قفر
حشرت لسدّ الماء كلَّ قبيلة ٍ
لها وقفة ترضيك في وقفة الحشر
تسدُّ ثغوراً لا تسدُّ ولم يكن
سواك سداد في الحقيقة للثغر
فكيف إذَن بحر أضرَّ وإنَّما
فعلتَ بهذا البحر فعلك في البر
وما زلت مدعوَّ الجناب لمثلها
فتكشف ما قد حلّ بالناس من ضُرِّ
تدافع عن ملك العراق وأهله
مدافعة المغتار عن ربة الخدر
يضرب ظباً بيض تأجَّجُ بالرّدى
وطعن قناً سمرٍ أحرَّ من الجمر
وأنتم أباة الضيم ما ذلَّ جاركم
ولا نظرتكم أعين الضيم عن شزر
لكم والليالي حيث تمضي وتنقضي
على كل حال كان في العسر واليسر
بيوت على شط الفرات رفيعة
يرى نارها تبدو لمن حلّ في مصر
ولولا طروق الضيف من كل وجهة
لما بنيت إلاّ على الأنجم الزهر
وما ضلّ ساري الليل إلاّ اهتدى بها
كنور سنا الإسلام في ظلمة الكفر
إلى الغاية القصوى إلى الجود والندى
إلى منزلٍ رحب إلى نائل وفر
فللضيف فيها مشهد الحج في منى
وللنوق فيها للقرى مشهد النحر
مكارم قد أورثْتُموها قديمة ً
وتلك مواريث لآبائك الغر
سلكت بتلك الخيم ما سلكت به
وما سلكت إلاّ بمسلكها الوعر
تسلُّ السيوف البيض كفك للورى
فكفّك للجدوى وسيفك للقهر
وعلّمتها ضرب الرقابِ فأصبحت
تقدّ رقاب الفاجرين ولا تدري
ملأت فؤاد الضدّ رعباً ورهبة
وأوّل ما ترمي أعاديك بالذعر
فهابك من خلَّ العراقَ وراءه
فكيف بمن لا يستزل عن الوكر
ولم تنج من صمصام صولتك العدى
ولو أنها طارت بأجنحة النَّسر
لك الله ما شيدت بيتاً من العلى
على غير سمر الخطّ والقضب البتر
لك المدح منّا والثناء بأسره
على أنَّ في الأخرى لك الفوز بالأجر
عن النعم اللاّتي بلغنا بها المنى
وبيض أيادٍ منك في الأزمن الغبر
تجل عن التعداد إنْ هي أحصيت
فيا ليت شعري ما أقول من الشعر
عجزت بأن أقضي لها حقّ شكرها
فليس يعني نظمي بذاك ولا نثري

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> نَبَّهتِ الورقاءُ ذاتُ الجناحْ
نَبَّهتِ الورقاءُ ذاتُ الجناحْ
رقم القصيدة : 22277
-----------------------------------
نَبَّهتِ الورقاءُ ذاتُ الجناحْ
من غفلة الصحو إلى شرب راحْ
والليل قد أجفل من صبحه
فأكثر الديك عليه الصياح
مهفهف الأعطاف من قده
وطرفه الفتان شاكي السلاح
فقام يسقيها ويهدي إلى
روح الندامى بالمدام ارتياح
وما ألذَّ الراحَ من شادن
مهفهف القد وخود رداح
تستنطق العود لدى مجلس
ألسنة الأوراق فيه فصاح
والورق في الأوراق ألحانها
مطربة بين الغِنا والنواح
وربَّ يوم كان عيد المنى
نحرت فيه الذق نحر الأضاح
ورحت في الحب على سكرتي
بالغيّ لا أصغي إلى قول لاح
ومن يلمني بالهوى قوله
يمرّ بي مثل هبوب الرياح
فاصطلح القوم على أنَّه
ما بين عذّالي وبيني اصطلاح
يا صاح ما أنت وطيب الكرى
فبادر اللذات بالاصطباح
واشرب ولا تصغِ إلى قائل
هذا حرام ولهذا مباح
ما وجد الراحة إلاّ کمرؤ
أعرض عن عاذله واستراح
تنَّفسَ الصبح فقم قائماً
نحو صراحية ماء صراح
وابتسم الورد ودمع الحيا
في وجنة الورد وثغر الأقاح
فاقطع علاقات الأسى بالطلى
وَصِلْ بكاسات الغدوّ الرواح
وانفِق نفيس العمر في قهوة
تقضي على الهمّ قضاءً مناخ
مستنشقاً منها عبير الشذا
تفوح كالمسك إذا المسك فاح
مع كلّ ندمانٍ كبدر الدجى
ما افتض بكر الدن إلاّ سفاح
حَيَّ على الراح وقم هاتها
وقل لمن لاح الفلاح الفلاح
ولتكُ من ريقك ممزوجة
لا أشرب الراح بماء قراح
يا أيها الساقي الذي أثخنتْ
أحداقه في القلب مني الجراح
يشكو إليك القلب من ضعفه
فتور عينيك المراض الصحاح
ما خطر السلوان في خاطري
بلائمٍ فيه فسادي صلاح
يجدّ بالنصح فألهو به
وأدفع الجدّ ببعض المزاح
من سرّه شيء فما سرّني
في الدهر شيء كوجوه الملاح
أو فضح الصبُّ فكم مغرم
أسلمه الحب إلى الافتضاح
وما يرى كتمان سر الهوى
من كتم الحب زماناً وباح
إذا وضعت الشعر في أهله
فلي بزند الافتخار اقتراح
إنّي أرى المنصف في أهله
يمدح عبد الله أيّ امتداح
قد أثبت الوّدُّ بقلبي له
محبة لم يمحها قط ماح
فيا رعاه الله من ماجد
طاب به المغدى وطاب المراح
قيّدني في البرّ من فضله
فليس لي عن بابه من براح
أطرب إن شاهدته مطرباً
وما على المطرب فيه جناح
ولم أزل في القرب من ودِّه
أقرع بالأفراح باب النجاح
تالله ما شمتُ له بارقاً
إلاّ ولاح الجود من حيث لاح
يلوح لي في الحال من وجهه
بشر ميامين الندى والسماح
يفعل بالأموال يوم النَّدى
ما تفعل الأبطال يوم الكفاح
أغرّ صافي القلب مستبشر
بالأنس مرهوب الظبا والصفاح
قد خصّه الله وقد زانه
برفعة ِ القدر وخفض الجناح
لا يعرف الهمَّ سميراً له
ولا يلاقيه بغير انشراح
لم يُبقِ لي في أرَبٍ بغية ً
ولا على نيل الأماني اقتراح
من الذين افتخرت فيهم
بيض ظبا الهند وسمر الرماح
يُصانُ من لاذ بعلياهمُ
وما لهم من جودهم مستباح
لهم من العلياء إنْ سوهموا
سهم المعلّى من سهام القراح
محاسن المعروف يبدونها
وأوجُه الأيام سود قباح
كما استهلّت ديمة أمطرت
على الرّوابي قطرها والبطاح
تشقّ يوم الروع أيمانُهم
قلب الأعادي بصدور السلاح
ترعرعوا في حجر أمِّ العلى
وأرضعوا منها غريبَ اللقاح
وزاحموا الأنجم في منكب
يزيح في الأخطار ما لا يزاح
كم قدموا للحرب في موطن
فقرّبوا بين خطاها الفساح
وأعفوها من دماءٍ قناً
تُرمِدُ بالطعن عيون الجراح
أسدُ الوغى لا زال أسيافهم
تنحَرُ بالهيجاء كبش النطاح
من كل من تبعثه همة
تطمح للغايات كل الطماح
لم تنبُ في مضربها عزمة
منهم ولم تصلد لدى الاقتداح
آل زهير الأنجم الزهر في
سماءِ أفلاك العلى والسماح
إن أمسكوني فبإحسانهم
أو سرّحوني فجميل السراح
لا برحت تكسى بأمداحهم
ذات الغواني حسن ذات الوشاح

 

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سؤالك هذا الربعَ أين جوابه؟
سؤالك هذا الربعَ أين جوابه؟
رقم القصيدة : 22278
-----------------------------------
سؤالك هذا الربعَ أين جوابه؟
ومن لا يعي للقول كيف خطابُهُ؟
وقفتِ وما يغنيكِ في الدار وقفة
سقى الدار غيث مستهل سحابة
غناؤكِ في تلك المنازل ناظر
بدمع توالى غربُه وانسكابه
إلى طلل أقوى فلم يك بعدها
بمغنيك شيئاً قربه واجتنابه
ذكرتِ كأيام الشبيبة عهده
وهل راجع بعد المشيب شبابه
وقد كان ذاك العيش والغصن ناعم
يروق ويصفو كالرحيق شرابه
وجدت لقلبي غير ما تجدينه
أسى ً في فؤادي قد أناخ ركابه
يفض ختام الدمع يا ميَّ حسرة
ذهاب شباب لا يرجّى إيابُه
ودهرٍ أعاني كل يوم خطوبه
وذلك دأبي يا أميم ودأبه
مسوقٌ إلى ذي اللب في الناس رزؤه
ووقفٌ على الحر الكريم مصابه
وحسبك مني صبر أروع ماجد
بمستوطن ضاقت بمثلي رحابه
يبيتُ نجيَّ الهم في كل ليلة
يطول مع الأيام فيها عتابه
قضى عجباُ منه الزمان تجلُّداً
وما ينقضي هذا الزمان عجابه
تزاد عن الماء النمير أسوده
وقد تلغ العذب الفرات كلابه
ألم يحزن الآبي رؤوس تطامنت
وفاخر رأس القوم فيها ذنابه
وأعظم بها دهياء وهي عظيمة
إذا اكتنف الضرغامَ بالذل غابه
متى ينجلي هذا الظلام الذي أرى
ويكشف عن وجه الصباح نقابه
وتلمع بعد اليأس بارقة المنى
ويصدق من وعد الرجاء كذابه
ومن لي بدهر لا يزال محاربي
تُفَلُّ مواضيه وتنبو حِرابُهُ
عقور على شِلوي يعضُ بُنابه
وتعدو علينا بالعوادي ذئابه
رمته الروامي بالسباب مذمَّة
وما ضرّ في عِرضِ اللئيم سبابُه
تصفحت إخواني فلم أر فيهمُ
قويماً على نهج الوفاء اصطحابه
ألإي الناس لا والله من في إخائه
تشدُّ على العظم المهيض عصابه
يساورني كاس الهموم كأنّما
يمجُّ بها السمَّ الزعاف لعابه
وأبعد ما حاولت حرّاً دنوُّه
دنوك مما يرتضي واقترابه
نصيبك منه شهده دون صابه
إذا كان ممزوجاً مع الشهد صابه
يريك الرضا والدهر غضبان معرض
وترجوه للأمر الذي قد تهابه
ورأيك ليست في المشارع شرعة
ولا منهل عذب يسوغ شرابه
وماالناس إلاّ مثلما أنت عارف
فلا تطلبنَّ الشيء عز طلابه
بَلَوتُ بهم حلوَ الزمان ومرَّه
فسيّان عندي عذبه وعذابه
كأنّي أرى عبد الغني بأهله
غريب من الأشراف طال اغترابه
يميّزه عنهم سجايا منوطة
بأروع من زهر النجوم سخابه
ثمين لئالي العقد حالية به
من الفضل أعناق الحجى ورقابه
إذا ناب عن صرب الغمام فإنه
إذا لم يصب صوب الغمام منابه
تألق فانهلّت عزاليه وارتوى
به حزن راجيه وسالت شعابه
أتعرف إلاّ ذلك القرم آبياً
على الدهر يقسو أو تلينُ صلابه
تسربل فضفاض الأبوة كلَّها
وزُرَّت على الليث الهصور ثيابه
ولم ينزل الأرض التي قد تطامنت
ولو أن ذاك الربع مسكاً ترابه
لقد ضربت فوق الرواسي وطنبتْ
على قُلَل المجد الأثيل قبابه
فأصبحت الشُّم العرانين دونه
وحلَّق في جوّ الفخار عُقابه
أبى الله والنفس الأبيّة أن يُرى
بغير المعالي همُّه واكتئابه
فدانت له الأخطار بعد عتوِّها
وذلّت له من كل خطب صعابه
ولو شاء كشف الضرّ فرّق جمعه
وما فارق العضب اليماني قرابه
ومجتهدٍ في كلّ علمِ أبيَّة ٍ
فلا يتعداها لعمري صوابه
بفكرٍ يرى ما لا يرى فكر غيره
يشقّ جلابيب الظلام شهابه
مقيم على أنْ لا يزال قطاره
يصوب وهذا صوبه وانصبابه
وإمّا خلا ذاك الغمام فمقلع
وعمّا قليل يضمحل ضبابه
وناهيك بالندب الذي إنْ ندبته
كفاك مهمّات الأمور انتدابه
ذباب حسام البأس جوهر عضبه
وما الصارم الهندي لولا ذبابه؟
عليم بما يقني الثناء وعامل
وداعٍ إلى الخيرَ العظيم مجابه
إذا انتسب الفعل الجميل فإنّما
يكون إلى رب الجميل انتسابه
هل الفضل والإحسان إلاّ صنيعه
أمْ الحمد والشكران إلاّ اكتسابه؟
وإنّي مكتى أخليت من ثروة الغنى
وأغلق من دون المطامع بابه
بدا لي أن أعشو إلى ضوء ناره
وأصبو إلى ذاك المريع جنابه
فأصدرني عنه مصادر وارد
من اليمّ زخّار النوال عبابه
وأصبحُ مرموق السعادة بعدما
خلتْ ثمَّ لا زالت ملاءً وطابه
إذا ذهب المعروف في كل مذهب
إليك برغم الحادثات مآبه
فلست تراني ما حييت مؤملاً
سواك ولم يعلق بي النذل عابه
ولا مستثيباً من دنيٍّ مثوبة ً
حرام على الحرِّ الأبيّ ثوابه
وغيرك لم أرفع إلى شيم برقه
ولا غرّني في الظامئين سرابه

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هنِّيتَ هنِّيتَ بالأقدام والظفر
هنِّيتَ هنِّيتَ بالأقدام والظفر
رقم القصيدة : 22279
-----------------------------------
هنِّيتَ هنِّيتَ بالأقدام والظفر
فاسلمْ ودُم سالماً بالعزِّ وافتَخِر
زلزلت بالسيف أركاناً مشيدة
تكاد تلحق بعد العين بالأثر
أنت المنيب إلى الله العزيز به
والمتّقي منه في أمنٍ وفي خطر
بطشتَ بطش شديد البأس منتقم
من بعد ما كنت قد بالغت في النذر
إنَّ الخوارج عن أمر أمرت به
جاءت إليك لعمري غير مفتقر
هم عاهدوك على أن لا تُمَدَّ لهم
يدٌ إلى شجر عدواً ولا عشر
ولا ينالون منها غير ما ملكت
أيمانهم بعدما يودى من العُشُرِ
لو أنهم صدقوك القول يومئذٍ
قبلت بالعفو عنهم عذر معتذر
كفى بمكا كان منك اليوم تبصرة
لو يعقلون لذي سمع وذي بصر
لبَّتك أبناء نجد إذ دعوتهم
فأقبلت زمراً تأوي إلى زمر
جاءت إليك كأسْدِ الغابِ عادية
على أعاديك تحمي البيض بالسمر
تهون دونك منهم أنفسُ كَرُمَتْ
في عزّة ِ الموت أو في لُجَّة الخطر
كأنما تنتضيها من عزائمهم
صوارماً طبعوها آفة العمر
والحرب قائمة منهم على قدم
والنفع يكحل عين الشمس بالحور
وللمدافع إرعاد وزمجرة
ترمي جهنَّنمها الطاغين بالشرر
إذا قضى الحتف من أبطالها وطراً
ففي سليمان منها لذة الوطر
بغلمة كسيوف الهند مصقلة
ما شيب منها صفاء الود بالكدر
لا ينزلون على كرهٍ بمنزلة
ولا يضامون في بدو وفي حضر
وكم جمعت وشجعّت الرجال وكم
علّمتها الحرب بعد الجبن والخور
وافاك من قومه الأعجام في نفر
حرب تشب بنار من لظى سقر
علّمتهم كيف يمضي السيف شفرته
وليس يغني حذار الموت عن قدر
سرت بهم نفحات منك تبعثهم
إلأى الشجاعة بعث النادر الحذر
وأنت وحدك فيهم عسكر لجب
سود الوقائع من راياتك الحمر
وأنت بالله لا بالجيش منتصر
فيا لمستنصر بالله منتصر
قد أفلح الناس باديها وحاضرها
من آمرٍ بالذي تهوى ومؤتمر
وأنت هادٍ لها في كل مشتورٍ
وأنتَ مقدامُها في كل مشتجر
وربَّ أمرٍ مهول من عظائمه
أنْ ليس ترنو إليه عين محتقر
فعلت بالرأي والتدبير يؤمئذ
ما ليس تفعله بالصارم الذكر
وإنّك العضب راع العين منتظراً
من صنعة الله لا من صنعة البشر
ترقّ للناس ما تصفو ضمائرها
برقّة ٍ كنسيم الروض في السحر
والغلّ يكمن من تلك الخوارج في
قلوبها ككمون النار في الحجر
عادوا فَعُدت إلى ما كنت تفعله
في حالك من ظلام النقع معتكر
والخيل تفعل بالقتلى سنابكها
لعب الصوالج يوم الروع بالأكر
وقمت تخطب في حد الحسام على
منابر الهام بالآيات والسور
والسيف أصدق ما تنبيك لهجته
بموجزم لسان الحال مختصر
دانوا لأمرك بعد الذل وامتثلوا
وكان عفوك عنهم عفو مقتدر
كم من يدٍ لهم طولى تطول على
سمر العوالي رماها الله بالقصر
ومنذ عادوا فقد عادوا لمهلكة
لما نهوا عنه من بغيٍ ومن وطر
في كل عام لهم حرب ومعترك
وموعد للمنايا غير منتظر
وهم متى شئت كانوا منك يومئذ
لدى المنيّة بين الناب والظفر
لا يبلغ الشر منهم مثل مبلغه
في عامهم ذلك الماضي ولم يثر
وربَّ أحمقَ معروفٍ لشهرته
وافاك قومه الأعجام في نفر
لا يعرفون وجوه الموت ترهقهم
ذلاً وتوسعهم طرداً إلى الغرر
أخزاهم الله في الأدبار إذ ذبحوا
قبل الخلائف ذبح الشاة والبقر
وفرّ قائدهم من خوفه هرباً
حتى تحجَّب بالحيطان والجدر
ليت المنيّة غالته بمهلكة
وقد أصيب لحاه الله من دير
إن الأباعد لم يُوثَقْ بخدمتهم
هم العدوُّ فكن منهم على حذر
أبْعِدْ عن العسكر المنصور منزلهم
فشرّهم غير مأمون من الضرر
لا يصلح الجاهل المغرور في نظر
إلاّ إذا كان مصروفاً عن النظر
المفسدون بأرض ينزلون بها
والبارزون بقبح الفعل والصور
لله درك لم تسبق بما فعلت
منك العزائم في ماض من العصر
بعث للبصرة الفيحاء تحفظها
بصارم البأس من أحداثها الغير
طهّرتها من فساد كان يكنفها
ولم تدع باغياً فيها ولم تذر
وصنتها عن شرار الناس قاطبة
صون الجنين لدى الإنفاق بالبدر
فعلتَ فعلاتك الأتي فعلتَ بها
تبقى مع الدهر في الأخبار والسير


 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أتى ببراهين غدا كلُّ جاحدٍ
أتى ببراهين غدا كلُّ جاحدٍ
رقم القصيدة : 22280
-----------------------------------
أتى ببراهين غدا كلُّ جاحدٍ
ببرهانه بين البرية مفحما
فألزمهُ بالحقّ والحقّ قوله
فأسْلَمَ من بعد الجحود وسلّما
فطوراً تراه للأمور مسدّداً
وطوراً تراه للعلوم معلما
فلله ما صنّفت كل مصنّف
سرى منجداً في العالمين ومتهما
ومن مشكلات بالعلوم عرفتها
فأعربت عما كان فيهن معجما
وأبكيت أقلام البراعة والنهى
فأرضيت حد السيف حتى تبسما
وما نلت عما شان بالمجد خالياً
وما زلت بالعلم اللّدنيّ مفعما
تفرَّدت في علم وفهم وحكمة
فها أنت والعلياء أصبحت توأما
وإن جئتنا في آخر الدهر رحمة
إذا عدَّت الأمجاد كنت المقدما
وحسبك ما في الناس مثلك سيد
أنال مقلاً أو تكرّم معدما
وكم نثرت نثراً بلاغتك التي
أردت بها دُرَّ المعالي منظما
وقد أخرستني من علاك فصاحة
ألبست تراني أخرس النطق أبكما

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أمنْ بعد الهمام القرم وادي
أمنْ بعد الهمام القرم وادي
رقم القصيدة : 22281
-----------------------------------
أمنْ بعد الهمام القرم وادي
تصوبُ غمامة ٌ ويسيل وادي
وهل يسقي الغمامُ بني زبيدٍ
فتنقع غلة ويبلّ صادي
لتصدى بعده الورّاد طرا
وأين الماء من غلل الصوادي
شديد البأس أروع مستشيط
يرد شكيمة الكرب الشداد
فكيف يقوده صرف المنايا
وكنت عهدته صعب القياد
قريباً كان مِمَّن يَرْتَجيه
رماه الحتفُ منّا بالبعاد
وذخر الأنجبين وكلّ ذخر
ستسلِمه الخطوبُ إلى النفاد
فقدنا صبحَ غرَّته بليل
كسا الأيام أردية السواد
وروّعت النجوم الزهر حتى
برزن من الدجنّة في حداد
كأنَّ له من الأحشاء قبراً
فؤادي لو شققت على فؤادي
يعزّ على العوالي والمعالي
وسمر الخط والخيل الجياد
أسيرٌ بين أيديها المنايا
فلا يُفدى وإن كثر المفادي
يغضّ الطرف لا عن كبرياء
ولم يشغل بمكرمة ودادي
فليس القول منه بمستعاد
وليس الجود منه بمستفاد
يبيت بلا أنيس بين قومٍ
نيامٍ لا تَهُبُّ من الرقاد
ولو يفدى فدته إذّن رجال
عوادٍ بالسيوف على الأعادي
وحالت دونه بيض حداد
شفعن بزرقة السمر الصعاد
ولاجتهدت بمنعته عقول
لها في الرأي حقّ الاجتهاد
ولكن قد أصيبَ بسهم رامٍ
قضى أن لا يرد عن المراد
وليس لما قضاه الله ردٌ
وأمرٌ الله يجري في العباد
أرى الآجال تطلبنا حثيثاً
ونحن من الغواية في تهاد
وأعمار تناكصُ بانتقاص
وآمال تهافت بازدياد
وقد غلبت لشقوتنا علينا
وكاد الغيٌّ يمكر بالرشاد
ونطمع بالبقاء وما برحنا
نروَّع بالتفرّق والبعاد
نودّع نائياً بالرغم منا
إلى سفر يطول بغير زاد
ونسلو عن أحبتنا ولسنا
بملتقيين إلاّ في المعاد
لقد عظم المصاب وجل رزاءٌ
بفقد المكرمين من البلاد
فقدنا وادياً فيها فقلنا
على الدنيا العفا من بعد وادي
وفلَّ الموت مضرب هندوانٍ
وأرزى بالحمائل والنجاد
أذوب عليك بالحزن إدّكاراً
وأشرق منك بالماء البراد
ولي نفسٌ تلهَّبُ عن زفيرٍ
كما طار الشَّرار عن الزناد
على ليث هزبر تكاد منه
ليوث الغاب تصفد في صفاد
يماط عن الثياب وكان يكسو
غداة الروع سابغة اللؤادي
قد انقشعت سحابة كلّ عافٍ
بوبل القطر في السنة الجماد
وكدرت المشارب بعد صفو
وما يجديك رفق من ثماد
هي الأيام لا تصفو لحيٍّ
ولا تبقي الموالي والمعادي
ألَمْ تنظر لما صنعت بعادٍ
وأقيالٍ مضت من بعد عاد
وما أدري على أيّ اتكال
وثقنا بالسلامة واعتماد
فكم نطأ الرماد ونحن ندري
ونعلم أنَّ جمراً في الرماد
وهبنا مثل نبت الزرع ننمو
فهل زرع يدوم بلا حصاد
وتهلِكُ أمَّة وتجيء أخرى
ويخفى ذا وهذا اليوم بادي
على هذا اطّراد الدهر قِدماً
فكيف نروم عكس الإطراد
لقد كانت بيوت بني زبيد
ولا أرمٌ بها ذات العماد
فراحت كالسوام بغير راع
وضلّت كالجمال بغير حاد
فمن للجود بعدك والعطايا
ومن للحرب يقدم والجلاد
فلا تستسقيا غيثاً مريعاً
وقرّي يا طوارم في الغماد
فقد فَقَدَ المكارم ناشدوها
فلا جود يؤمل من جواد
بربك هل سمعت لنا نداءً
وما يغني النداء ولا التنادي
أما أنتَ المجيب لكل هول
ببيض الهند والزرق الحداد
ومنتدب الكماة ومقتداها
إذا انتدب الفوارس للطرد
ووابل صوبها المنهل تندى
بنائله الروائح والغوادي
فمن يدعى وقد صمَّ المنادي
فوالهف الصريخ عن المنادي
بللتك بالنجيع نجيع دمعي
وأقلامي بمسود المداد
وقد قلت الرثاء وثَمَّ قولٌ
يثير لظى حشاً ذات اتقاد
فليتك كنت تسمع فيك قولي
وما أبديه من محض الوداد
تشق لها قلوب لا جيوب
ولو كانت أفظّ من الجماد
قوافٍ تقطر العبرات منها
وتستسقى لك الديم الغوادي
إذا ناحت عليك بكلّ نادٍ
بكينا المكرمات بكل ناد

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> وَقَفنا بالركائب يومَ سلعٍ
وَقَفنا بالركائب يومَ سلعٍ
رقم القصيدة : 22282
-----------------------------------
وَقَفنا بالركائب يومَ سلعٍ
على دارٍ لنا أمست خلاءا
نردد زفرة ونجيل طرفاً
يجاذبنا على الطلل البكاءا
وقفنا والنياق لها حنين
كأن النوق أعظمنا بلاءا
هوى ً إنْ لم يكن منها وإلاّ
فمن إلْفٍ لنا عنا تناءى
وقفنا عند مرتبع قديم
فجدَّدنا بموقفنا العزاءا
وقلت لصاحبي هل من دواء
فقد هاج الهوى في الركب داءا
ودار طالما أوقفت فيها
فغادرت الظِّماء بها رواءا
لها حق على المشتاق منا
فأسرع يا هذيم لها الأداءا
أرق يا سعد دمعك إنَّ دمعي
دمٌ إنْ كان منك الدمع ماءا
وما لك لا تريق لها دموعاً
وإنّي قد أرقت لها دماءا
تكاد تميتني الأطلال يأساً
بأهليها وتحييني رجاءا
هوى ً ما سرَّها إذ سرّ يوماً
وكم سرّ الهوى من حيث ساءا
كأن العيس تشجيها المغاني
فتشجينا حنيناً أو رغاءا
وقد عاجت مطايانا سراعاً
فما رحّلتها إلاّ بِطاءا
 

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> دعاه إلى الهوى داعي التّصابي
دعاه إلى الهوى داعي التّصابي
رقم القصيدة : 22283
-----------------------------------
دعاه إلى الهوى داعي التّصابي
فراح يذكر أيّام الشباب
يذيل مدامعاً قد أرسَلَتها
لواعج فرط حزن واكتئاب
وأبصره العذول كما تراه
بما قاسى شديد الاضطراب
وفي أحشائه وجدٌ كمينٌ
يغذّبه بأنواع العذاب
فلام ولم يصب باللّوم رشداً
وكان العذر أهدى للصواب
جفته الغانيات وقد جفاها
فلا وصل من البيض الكعاب
وكان يروعه من قبل هذا
هوى سلمى وزينب والرباب
يروع إلى الدمى صابٍ إليها
ويأنس في أوانها العراب
أعيدي النَّوح يا ورقاء حتى
كأنكِ قد شكوتكِ بعض ما بي
بكيت وما بكيت لفقد إلفٍ
على أني أصبتُ ولم تُصابي
وذكّرني وميض البرق ثغراً
برود الشرب خمري الرضاب
وما أظمأك يا كبدي غليلاً
إلى رشف الثنايات العذاب
أتنسى يا هذيم غداة عُجنا
على ربع نهاب للذهاب
فَأوْقَفْنا المطيَّ على رسوم
كآثار الكتاب من الكتاب
وأطلال لميَّة َ باليات
بكت أطلالَها مقلُ السحاب
نسائلها عن النائين عنها
فتعجز يا هذيم عن الجواب
هنالك كانت العبرات منا
خضاباً أو تنوب عن الخضاب
أمنّي النفس بعد ذهاب قومي
بما يرجو المفارق من إياب
ذريني يا أميم من الأماني
فما كانت خلا وعد كذاب
ذريني أصحبِ الفلوات إنّي
رأيتُ الجدَّ أوفقَ بالطلاب
فما لي يا أميمة في خمول
يطول به مع الدنيا عتابي
سقيم بين ظهراني أناسٍ
أروم بهم شراباً من سراب
يجنبّني نداهم صَون عرضي
وتركي للدنيّة واجتنابي
وكم لي فيهمُ من قارصات
وما نفدت سهام من جعابي
سأرسلها وإنْ كانت حثياً
عليها من أباة الضيم آبي
وإنّي مثلما علمت سعادٌ
وقورُ الجأش مِقْلاقُ الركاب
وأدَّرع القتام لكلّ هول
كما أغمدت سيفاً في قراب
وأصحبُ كلّ مُبْيض السجايا
وجنح الليل مسوّد الاهاب
ليأخذ من أحاديثي حديثاً
غنياً عن معاطاة الشراب
بمدح محمَّدٍ ربّ المعالي
ورائق صفوة الحسب اللباب
وها أنا لا أزال الدهر أثني
عليه بالثناء المستطاب
فأطرب فيه لا طرب الأغاني
وكأس الراح ترقص بالحباب
إذا دارٌ نَبَتْ بي رحَّلَتها
عزائم باسل عالي الجناب
أطرّزُ باسمه بُرْدَ القوافي
كوشي البرد طرز بالذهاب
وفيه تنزل الحاجات منا
وتنزل في منازله الرحاب
إذا آب الرجاءُ إليه لاقى
بساحة مجده حسن المآب
تواضع وهو عالي القدر سامٍ
ولا عجبٌ هو ابنُ أبي تراب
يشرفني إذا أدنيت منه
شريف من ذؤابة آل بيتٍ
وفيما بيننا والفضل قربى
من العرفان والنسب القراب
أهيم بمدحه في كل وادٍ
وأقرع في ثناه كل باب
إلى حضراته الأمداح تجبى
ومن ثم انتمى فيها لجابي
يرغّب فضله الفضلاء فيه
ويطمعهم بأيديه الرغاب
عطاء ليس يسبقه مطال
وقد يعطي الكثير بلا حساب
وينفق في سبيل الله مالاً
لأبناء السبيل وفي الرقاب
جزى الله الوزير الخير عنا
وأجزاه بأضعاف الثواب
فقد سَرَّ العراقَ ومَن عَليها
بقاضٍ لا يروغ ولا يحابي
وأبقى الله للإسلام شيخاً
به دفع المصاب عن المصاب
بمثل قضائه فصل القضايا
ومثل خطابه فصل الخطاب
أطلّوا بالعلاء على البرايا
كما طلّ الجبال على الروابي
ليهنك أنت يا بغداد منه
بطلعة حسن مرجوٍ مهاب
أقام العدل في الزوراء حتى
وجدنا الشاء يأنس بالذئاب
وأنى لا يطاع الحق فيها
ولا تجري الأمور على الصواب
وسيف الله في يد هاشميّ
صقال المتن مشحوذ الذباب
خروجك من دمشق الشام ضاهى
خروج العضب أصلت للضراب
وجئت مجيء سيل الطمّ حتى
لقد بلغ الروابي والزوابي
بعلم منك زخّار العباب
وفضل منك ملآن الوطاب
فمن هذا ومن هذا جميعاً
أتيت الناس بالعجب العجاب
فلا أفلتْ نجومك في مغيب
ولا حُجِبَتْ شموسُك في ضباب

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أكرم بطيف خيالكم من زائرِ
أكرم بطيف خيالكم من زائرِ
رقم القصيدة : 22284
-----------------------------------
أكرم بطيف خيالكم من زائرِ
ما زار إلاّ مُؤْذناً ببشائر
وافى على بُعد المزار وربما
بلَّ الغليل بغائب من حاضر
والنجم يصرف للغروب عنانه
حتى بصرت به كليل الناظر
وكأنَّ ضوءَ في أثرَ الدجى
إظهارُ حُجّة ِ مسلمٍ للكافر
لا تحسبوا أنّي سلوت غرامكم
هجراً فبعداً للمحب الهاجر
جمراك ذاك الوجد حشو جوانحي
وجمال ذاك الوجه ملء نواظري
أعِدِ ادّكارك يوم مجتمع الهوى
إنّي لأصبو عند ذكر الذاكر
أيام نرفل بالنعيم ونصطلي
نار المدامة من عصير العاصر
ولقد ذكرت العيش وهو كأنّما
برزت محاسنه بروض ناضر
ومليكه الأفراح في أقداحها
قد رصعت تيجانها بجواهر
صبغت بإكسير الحياة لجينها
فكأنها ملكت صناعة جابر
خلع العذار لها النزيف وبان في
جنح الظلام منادمي ومسامري
متجاهر يهفو إلى لذاته
أحبب إلى اللذات من متجاهر
ذهبت لذاذات الصبا وتصرّمت
أوقات أُنْسِكَ في الزمان الغابر
وإذا امرؤ فقد الشباب فما له
في اللهو بعد مشيبه من عاذر
ولقد أقول لطامع برجوعها
كيف اقتناصُك للغزال النافر؟
لله ما أورى بنا متلفت
يوم الفحيم بجيد أحوى الناظر
والركب مرتحل بكل غريرة
تبني الكناس بغاب ليث خادر
أرأيت ما فعل الوداع بمقلة
ما قرّحت بالدمع غير محاجري
وجَرَتْ على نَسَقٍ مدامعُ عبرة
شبّهتها باللؤلؤ المتناثر
شيعت هاتيك الظغون عشية
ورجعت بعدهم بصفقة خاسر
لا كان يوم وداعهم من موقف
وقف المتيم فيه وقفة حائر
والدمع يلحق آخراً في أوّلٍ
والبين يرفق أوّلاً في آخر
مَن ناصري منكم على مضض الهوى ؟
هيهات ليس على الهوى من ناصر
لا تعذلنّ فللغرام قضية
سدَّت عليَّ مسامعي ومناظري
يا سعد حين ذكرت شرقيّ الحمى
هل كان قلبي في جناحي طائر
كشفت لديك سريرة أخفيتها
فعرفت ثمة باطني من ظاهري
وجفا الخيال ولم يزرني بعدها
أين الخيال من الكئيب الساهر
يا أهل هذا الحي كيف تصبري
عنكم ومن لي بالفؤاد الصابر
ولقد طربت لذكركم فكأنني
بغداد يوم قدوم عبد القادر
وافى من الشام العراق بطلعة
شمنا بها برق الحيا المتقاطر
فزها بطلعته العراق وأهله
والروض يزهو بالسحاب الماطر
وتقدمته قبل ذاك بشارة
ما جاءت البشرى لها بنظائر
وافى فأشرق كل فجٍّ مظلم
فيه وأحيا كل فضل داثر
وضفا السور على أفاضل بلدة
سرُّوا بمحياه البهي الباهر
نعموا بوجه للنعيم نضارة
فيه وقرّت فيه عين الناظر
بأغرَّ أبيضَ تتجلى بجنبينه
ظلمات سجف ستائر لدياجر
يبتاع بالمال الثناء وإنّما
في سوقه ربحت تجارة تاجر
صعب على صعب الخطوب وجائر
أبداً على جور الزمان الجائر
إن كان ذا البأس الشديد فرأفة
فيه أرقّ من النسيم الحاجري
حُيّيتَ ما بين الورى من قادم
ونعمت بين أكارمة وأكابر
قد زعزعت بك عن دمشق أبوَّة ً
نتجت به أمُّ الزمان العاقر
وشحذت عزمك للمجيئ غرتره
ولرب عزم كالحسام الباتر
وطلعت كالقمر المنير إذا بدا
زاه بأنوار المحاسن زاهر
واخترتَ من بغداد أشرفَ منزلٍ
ما بين خير عصابة وأخاير
فانزل على سعة الوقار ورحبه
في منزل رحب وبيت عامر
بنيت قواعده على ما ينبغي
من سؤدد سامي العلى ومفاخر
فلئن تعبت فبعد هذا راحة
أو قيل ما قالوا فليس بضائر
ولسوف تبلغ بعد ذاك مآرباً
ما ليس يخطر بعضها بالخاطر
وكفاك ربك شر كل معاند
ركب الغرور فلا لعاً للعاثر
أبي جميلٍ إنَّني بجميلكم
ميزت بين الناس دون معاصري
إني لأفخر فيكم فيقال لي
لله شاعر مجدهم من شاعر
فلو کنني آتي بكل قصيدة
عذراء من غرر القصائد باكر
وجلوتها فكأنما هي غادة
حلّيتها من مدحكم بأساور
وإذا تناشدها الرواة حسبتها
أرواح انفاس النسيم العاطر
لم أقضِ حق الشكر من إحسانكم
لكن أطاوله بباع قاصر
عذبت لديكم في الأنام مواردي
حتّى رأيت من الغريب مصادري
هاتكم الأيدي التي لا ينقضي
مدح الجميل لها وشكر الشاكر

 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يا نائباً غابَ عنّي الصّبر مُذْ بانا
يا نائباً غابَ عنّي الصّبر مُذْ بانا
رقم القصيدة : 22285
-----------------------------------
يا نائباً غابَ عنّي الصّبر مُذْ بانا
هلاّ سألتَ عن المشتاق ما عانى ؟
ما راق في عينه شيء يروق لها
ولا اصطفى غير من صافيت إخوانا
ورلا إذا غرَّدت ورقاء في فنن
أملَت عليَّ من الأوراق أشجانا
وصرت في حال من لا يبتغي بدلاً
بالأهل أهلاً وبالجيران جيرانا
ما زلت أخصلُ أجفاني بأدمعها
إذا تدكَّرتُ أوطاراً وأوطانا

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> إنَّ الأكارمَ والمكارمَ
إنَّ الأكارمَ والمكارمَ
رقم القصيدة : 22286
-----------------------------------
إنَّ الأكارمَ والمكارمَ
والأفاضل والأماجدْ
فقدت محمَّده الأمين
فيا لمفقود وفاقدْ
وخَلَتْ معاهدُ للتُّقى
وتعطَّلتْ تلك المساجد
وبكت عليه مدارسٌ
من بعده وخلت مساجد
قد كان أعظمَ حجة ٍ
في الدين تُفْحِمُ كلَّ جاحد
ما في البرية كلِّها
أقوى وأعدل منه شاهد
بالله أقسمُ إنَّه
في ملّة الإسلام واحد
كانت موارد علمه
شِرَعاً شُرعن لكل وارد
قد كان للدين القويم
إذا نظرت يداً وساعد
يا واعظاً بوجوده
عِظمة ٌ تلين لها الجلامد
يا نائياً عن صحبه
هل أنت بعد النأي عائد
فلكم سددت على امرىء ٍ
بابَ المطالب والمقاصد
وأذَبْتَ دَمعاً كان لي
من قبل هذا اليوم جامد
أينَ الفرائدُ والشرائدُ
والعرائدُ والفوائدْ
ما كنت آمل أنَّني
أنعي على الأيام واجد
وألين بعد أحبّتي
للحادثات من الشدائد
لا ساعدي فيه القويّ
ولا على زمني مساعد
ولقد سئمت من الحياة
بما أشاهد أو أكابد
لما فقدت الصالحين
علمت أنَّ الدهر فاسد

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> مذْ سلَّ في العشاق الناظرِ
مذْ سلَّ في العشاق الناظرِ
رقم القصيدة : 22287
-----------------------------------
مذْ سلَّ في العشاق الناظرِ
وسطا كما يسطو بماضٍ باتر
جرح الفؤاد بصارم من لحظه
رشأ يصول بلحظ فاتر
ما كنت أعلمُ أنْ أرى صرف الردى
من أعيُنٍ تحكي عيون جآذر
ويلاه من لك العيون فإنها
فتكت بنا فتك الهزبر الثائر
تبدو العيون النجل في حركاتها
في زيّ مسحور وسيما ساهر
قمرَ إذا نظر العذول جماله
أضحى عذولي بالصبابة عاذري
يجفو ويوصل في الهوى لمشوقه
والصدّ من شيمَ الغزال النافر
أمسى يعاطيني مدامو ريقه
والنجم يلحظا بطرق ساهر
ما زلت ألثِمه وأرشف ثغره
حتى بلغت به مناء الخاطر
لله أيام الوصال فإنّها
مرَّت ولكن في جناحي طائر
وإذا ذكرت لبانة قضَّيتها
ولعت مدامع أعيني بمحاجري
وليالياً بالأبرقين تصرّمت
كان الحبيب منادمي ومسامري
إنْ غاب من أهوى وعز لقاؤه
فالقلب لم يبرح بوجد حاضر
لي حسرة ممن أودُّ ولوعة
وقدت لواعج نارها بضمائري
لم يبق لي أملٌ أرجّي نيله
إلاّ نوال يمين عبد القادر
وترى الركائب حاملات في الورى
أخبار حسن حديثه المتواتر
ذو همة وعزائم بين الملا
أغنتهُ عن حمل الحسام الشاطر
أحيا حديث الفضل بعد مماته
وجمال ذياك الزمان الغابر
والتارك العافي بجنَّة فضله
ترك المعادي في لحود مقابر
ودليل شيمته صفاء جنانه
والشي يرى من ظاهر
شِيَمٌ له نتلو بحسن ثنائها
كتبت محاسنها بكل دفاتر
يعفو عن الجاني ويغفر ذنبه
والعفو أحسنُ ما أتى من قادر
لم ألقَ بين الناس أكرمَ ماجد
لوفوده ولضده من قاهر
بالرأي آصفُ ما يحاول رأيه
يقف الدكيّ لديه وقفة حائر
هيهات أنْ يأتي الزمان بمثله
نتجت به أمُّ الزمان العاقر
يأتي من الدنيا بكل بديعة
ومن الفضائل في عجيب باكر
في وجهه آيات كل فضيلة
يلقى العفاة ترحباً ببشائر
إنّ الحياة لوفده بيمينه
وبسيفه قتل العدو الفاجر
ذو همة وشجاعة يوم الوغى
في الحرب يسطو كالعقاب الكاسر
من عصبة جمعوا الشجاعة والندى
نالوا المعالي كابراً عن كابر
وإذا أتيت لبابه في حاجة
أغناك في بذلك العطاء الوافر
بسط اليدين على الأنام تكرماً
ونوالها مثل السحاب الماطر
صَدَر المؤمّلُ عن موارد بحره
يروي أحاديث العطا عن جابر
متقمّصٌ بالمكرمات مؤزَّرٌ
من رريّه في عزّة ٍ ومفاخر
قَسَماً ببارق مرهف في كفه
حين النزال وبحره المتكاثر
لم ألق بين الناس قط مماثلاً
لجنابه العالي ولا بمناظر
غوث الصريح إذا دعى لملمَّة
في كشفه الأخطار أيّ مبادر
كم زارد نهر النضار ببابه
من فضله السامي وكم من صادر
يا أيّها المولى الذي أفضاله
في عاتقي وثناؤه في ضامري
خذها إليك قصيدة ٌ من أخرس
يثناك ينطق في لسان شاكر
هنِّيت بالعيد الجديد ولم تزل
سعد الكرام ورغم أنفِ الفاجر
لا زلت مسعود الجناب مؤيَّداً
وعِداك في ذلٍ وحالٍ بائر
 

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> انْظُرْ إلى الأشراف كيف تسودُ
انْظُرْ إلى الأشراف كيف تسودُ
رقم القصيدة : 22288
-----------------------------------
انْظُرْ إلى الأشراف كيف تسودُ
وإلى أباة الضَّيم أين تريدُ
إذ يدّعي بالملك منهو أهله
والحزم يقضي والسيوف شهود
يوم ثوى فيه ثويني في الثرى
يوم بسالم للبرية عيد
ماللذي عبد الصخور من الذي
عبد الآله ودينه التوحيد
قل للذي ذم الإمام بشعره
قد فاتك المطلوب والمقصود
ولقد عميت عن الهدى فيمن له
نظرُ بغايات الأمور حديد
السيّد السند الرفيع مقامه
ومقامه الممدوح والمحمود
أنى تحقّر بالفهاهة سيّداً
لما تيقّظ عزمه من غفلة ٍ
سخط الحسود بما به من سالم
رضي الالsه الواحد المعبود
من لام سالم في أبيه فلزمه
حمقٌ لعمري ما عليه مزيد
ما عَقَّ والِدَه ولا صدق الذي
نَسَبَ العقوقَ إليه وهو جحود
وافى تويني في الفراش حمامه
وأتى عليه يومه الموعود
هذا قضاء الله جلّ جلاله
لا والدٌ يبقى ولا مولود
رأي رأى فيه الإصابة سالمٌ
بالله أقسم إنَّه لسديد
فله يصحّ الاجتهاد بعلمه
في شأنه ولغيره التقليد
فيها عقول الجاهلين رقود
وأرابه أمرٌ يعمُّ وباله
وعلى عمان بما يسوء يعود
وليَ الأمور بنفسه فتصرَّمتْ
تلك الحوادث والخطوب السود
وأقرَّ هاتيك الممالك بعدما
كادت تمور بأهلها وتميد
ولقد حماها بالصوارم والقنا
فعمان غيل والرجال أُسُود
لا خير في ملك إذا لك يحمه
بأس يذوب له الحديد شديد
ماذا يفيد العذل والتفنيد
ولقد قضى نحباً أبوه وقد مضى
ما لامرئٍ في الكائنات خلود
خير من المفقود عند وفاته
هذا الإمام السالم الموجود
أبقى له الذكر الحميد فصيته
قد يخلق الأعمار وهو جديد
سفهاً لهنديّ أراد بنصحه
غِشّاً وكلّ مقاله مردود
نظم القريض ليستميل قلوبنا
عنه وذاك من المريد بعيد
خفيتْ على الغبيّ مقاصد
فيها وما عرف المرام بليد
متوعد الإسلام من أعدائه
ما ضمنه التقريع والتهديد
ليكيد فيها المسلمين بخدعة
لا يعرف الشيطان كيف يكيد
ليست عمان ولا صحار ومسقط
هنداً ولا العرب الكرام هنود
لو تقرب الأعداءُ منها لاصطلت
ناراً لها في الملحدين وقود
وإمام مسقط لا يروع جنابه
عند اللقاء بوارق ورعود
قد بايعته على عمان رجاله
أكْرِمْ بهم فهمُ الرجال الصيد
ووراءه ملك الملوك جميعها
عبد العزيز وظلُّه الممدود
ملك يقوم بنصره فتمده
أنى يشاء عساكر وجنود
ووراء ذلك أمة عربية
الدين فيها والتقى والجود
من كان عبد الله من أنصاره
آل السعود فإنه لسعيد
والله خير الناصرين ولم يكن
إلا لديه النصر والتأكيد

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> إنْ جئت آل سلمى أو مغانيها
إنْ جئت آل سلمى أو مغانيها
رقم القصيدة : 22289
-----------------------------------
إنْ جئت آل سلمى أو مغانيها
فاحفظ فؤادك واحْذَر من غوانيها
تلك المغاني معاني لائحة
منها لعينك فاشرح لي معانيها
معالم كلّما استسقت معاهدها
وبلاً من الدمع بات الوبل يسقيها
منازل وقف العاني بها فشكا
روّية كلما نادت بمعجزة
واحبس بها الركب أن تقضي حقوق ثرى ً
على المتيَّم حقٌ أنْ يؤديها
قف بي أصبّ بها أشيب دماً
فإنّما أنا صبّ الدار عانيها
ويلاه من كبد حرى أضرّ بها
منع الأحبة شرب الراح من فيها
لي مهجة والقدود السمر ما برحت
تميتها والصبا النجديّ يحييها
يأتي إليك هواها بالصبا سحواً
فهل عرفت الهوى من أين يأتيها
فما لهاتفة تشجي الخليّ جوى ً
وما رماها بسهم البين راميها
لله ما فعلت بي في تفنُّنها
ورقاءُ في الدوح تششجيني وأشجيها
وهيَّج البرق لما لاح وامضه
لواعجاً في هوى ميٍّ أعانيها
فعبّرت عبرات الدمع حين جرت
عن صبوة بت أخفيها وأُبديها
يا برقُ سلّم على حيٍّ بذي سلمٍ
وجُز بأحياء ميثاء وحييها
حيِّ حياة المعنّى في مواصلهم
كانوا منى النفس لو نالت أمانيها
قد طال عهدي بأحباب شغفت بها
ولا أرى طول هذا العهد ينسيها
ما للملامة تغريني ولي أذنُ
تملّها وأرى العذال تمليها
يا عاذلي كلّما أبصرت حال شجٍ
فخلّه فهو مشغوف وخلّيها
فلا تعذب أخيَّ اليوم مهجته
فإنّ ما لقيت في الحب يكفيها
لا تلحني فتزيد القلب صبوته
وربّما جرح العشاق آسيها
أقول للبرق إذ لاحت لوامعه
يحكي تبسم ذات الخال تشبيها
بالله كرّر أحاديث العُذَيب فما
بغيرها غلّة الأشواق ترويها
وارفق بمهجة مشتاق لقد رديت
وكلنفس هواها كان مرديتها
ويا نسيماً سرى من أرض كاظمة
يروي أحاديث نشر عن روابيها
احمل إلى الموصل الحدبا تحيّتنا
واقرا السلام على من قد سما فيها
وإنّما هو عبد الله عالمها
ومقتداها ومهديها وهاديها
الفاضل الفرد فيهم في فضائله
لا يستطيع حسودٌ أن يواريها
من عصبة برئت من كل منقصة
من الورى فتعالى الله باريها
منهم تبلَّجَ صبح الفضل وابتهجت
رياضه فزها بالحق زاهيها
علاهم سقم أكباد الحسود كما
تشقى صدور المعالي في عواليها
فلتفخر الموصل الحدباء إنّ لكم
نهاية الفخر قاصيها ودانيها
وللفضائل أهلٌ في الورى أبداً
وما برحتم مدى الأيام أهليها
صحف البلاغة قد أصبحت ناشرها
من بعدما كاد هذا الدهر يطويها
جزيت عن بني فكر بعثت بها
إلى محبيك تهديها فتهديها
فلو نجازيك عن معشار قيمتها
جوزيت إذ ذاك بالدنيا وما فيها
ما روضة من رياض الحزن باكرها
غيث فأضحكها إذ بات يبكيها
يوماً تضرَّج فيها الورد وجنته
حتى تبسَّم من عُجْبٍ أقاحيها
أبهى وأبهجَ من نظم نظمت به
زُهْرَ الكواكب نظماً في قوافيها
بيوت فضل حوت من كل نادرة
أحكمت في يدك الطولى مبانيها
رقتْ إلى أنْ تخيَّلنا النسيم سرى
منها ولم يسر إلاّ من نواحيها
تُملى على السمع أحياناً فتملأه
لنالئاً ومعانيها لئاليها
كأنّما طلعة الأٌمار مطلعها
والأنجم الزهر أمست من قوافيها
كم أسكرتنا ولم نسق كؤوس طلى ً
وإنّما الخمر معنى من معانيها
مصوغة من دموع العين صافية
ما زال ظاهرها يبدو كخافيها
من مظهر السحر من بادي روّيته
بصورة الشعر تخييلاً وتمويها
كم أبْهر العينَ حُسناً من سنى كلمٍ
بدا وتورية فيها تورّيها
وكيف نأتي لها يوماً بثانية
وأنت يا واحد الآحاد منشيها
لا زلت ما طلعت شمس وما غربت
مطالعاً المجد حاويها

 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> متى لاح رسمُ الدار من طلل قَفْر
متى لاح رسمُ الدار من طلل قَفْر
رقم القصيدة : 22290
-----------------------------------
متى لاح رسمُ الدار من طلل قَفْر
فلي زفرة ٌ تذكو ولي عَبْرة ٌ تَجري
ذكرت الهوى يوماً بمنعرج اللوى
ولا بد للمشتاق فيه إلى الذكر
سقى الله عهداً في النعيم وحاجر
وجاد على أرجائها وابلُ القطر
وحيّى بصوب المزن في الحيّ منزلاً
لي العذر فيه من رسيس الهوى العذري
وأيامنا الّلاتي قَضَت باجتماعها
تصبَّبَ من عينيَّ ما ليس بالنزر
وإنّي لمطويّ الضلوع من الجوى
على لاعج برحٍ احرَّ من الجمر
كأنَّ التهاب البرق يُبرِزُ لوعتي
ويُبْرِزُ للأبصار ما كان في صدري
ولم أدرِ ما هاج الحمام بنوحه
فهيَّجَ أشجان الفؤاد ولا يدري
كأنّي به يشكو الفراق على النوى
ولا غاب عن أنفٍ ولا طار عن وكر
أحبَّتَنا هل تذكرون ليالياً
لنا في الحمى كانت تعدُّ من العمر
تطوف علينا الكأسُ من كفِّ أغيد
كما ذكر قرن الشمس في راحة البدر
تحدِّثنا عن نار كسرى لعهده
قديمة ُ عهدٍ بالمعاصير بالعصر
فحيّى بها أحوى من الغيد أبلجٌ
مُذاباً من الياقوت تبسم عن درّ
وقلت لساقيها وريدك بالحشا
فقد زدتني بالراح سكراً على سكر
بربِّك هلْ أبصرت منذ شربتها
ألذَّ لطيب العيش من قدح الخمر
وندمان صدقٍ تشهد الراح أنَّهم
إذا سكروا أحلى من السكر المصري
هنالك أعطينا الخلاعة َ حقَّها
وقمنا إلى اللّذات نعثر بالسكر
إلى أنْ بدا للصبح خفقٌ بنوده
وطار غراب الليل عن بيضة الفجر
وغارت نجوم الليل من حسن معشر
خلائقهم أبهى من الأنجم الزهر
بَلَوْتُ الليالي عُسْرَة ً بعد يسرة
وكم ذقت من حلو المذاق ومن مر
فما أبلت الأيام جدَّة َ عزمتي
ولا أخَذَتْ تلك الحوادث من صبري
إذا لم تكن لي في النوائب صاحباً
فما أنتَ من خيري ولا أنتَ من شري
وليس تفي مثل الصوارم والقنا
إذا عبثت أيدي المودّات بالغدر
إذا أنا أنفيتُ الهوان بمنزلِ
تركت احتمال الضيم فيه إل غيري
وما العزُّ في الدنيا سوى ظهر سابح
يقرّب ما ينأى من المهمة القفر
سواءٌ لديه الوعرُ والسهل إنْ جرى
وَلَفَّ الرُّبا بالسَّهلِ والسَّهلُ بالوعر
تعوَّد جوبَ البيد فاعتاد قطعها
فأنْجَدَ في نجد وأغوَرَ في غور
عتيقٌ من الخيل الجياد كأنَّه
لشدته صخرٌ وما قدَّ من صخر
وناصيته ميمونة منه أعْلَنَتْ
بأنَّ لها فيه مقدمة النصر
وإنَّ جياد عندي هو الغنى
وليس الغنى بالمال والبيض والصفر
وأشْهَبَ يكسوه الصباح رداءَه
كما أشرقَ الإسلام في ملَّة الكفر
أبى أن يشقَّ اللاحقون غباره
فكالبرق إذ يهفو وكالريح إذ تسري
إذا ما امتطاه رفعتٌ وجرى به
رأت أعيني بحراً ينوف على بحر
أعدَّ له عند الشدائد عدَّة ً
وأرصده فيها إلى الكر والفر
فتى المجد من أهل الصدارة في العلى
وليس محل القلب إلاّ من الصدر
تناظرُ جدواه السحائب بالندى
وأنّى له جدوى أنامله العشر
إذا جئته مسترفداً منه رِفْدَه
فنل منه ما تهوى من النائل الغمر
وحسبُك من أيدٍ تدفَّق جَورُها
وناهيك من وجه تَهلَّل بالبشر
كما سقت المزن الرياض عشية ً
فأصبحَ زهر الروض مبتسم الثغر
بياض يدٍ تندى ومخضرّ مربع
تروق برغد العيش في الخطط الغبر
وما زال موصول الصلات ودأبه
من البرّ أنْ يسديه برّاً إلى بر
مكارمه لا تترك المال وافراً
وهل تركت تلك المكارم من وفر
وما ادّخرت للدهر مالاً يد امرئٍ
يُعدُّ الثناءَ المحض من أنفس
كما لم يَزَلْ يُرجى لكل ملمة
ويعرف فيه الأمن في مواطن الذعر
ولا خير في عيش الفتى وحياته
إذا لم يكن للنفع يرجى وللضرّ
له المنطق العذب الذي راق لفظه
رمى كل منطق من الناس بالحصر
فلا ينطق العوراءَ سُخطاً ولا رضى ً
قريبٌ من الحسنى بعيدٌ من الهُجْر
سواء إذا أثرى وأملَقَ جودُه
جواد على الحالين في العسر واليسر
صبورٌ على الأيام كيف تقلَّبت
جليدٌ شديدُ البأس فيها على الدهر
وقد أخْلَصَتْه الحادثات بسبكها
فكان بذاك السبك منخالص التبر
إذا ما حَمِدْنا في الرجال ابن أحمد
فعن خالص في الود بالسر والجهر
يعطّر أرجاءَ القوافي ثناؤه
وربَّ ثناءٍ كان أذكى من العطر
نشرنا له الصُّحفَ التي كان طيُّها
على طيب ذات فيه طيبة النشر
ولي في أبيه قبلَه وهو أهْلُها
محاسنُ أوصاف تضيق عن الحصر
فيا أيّها المولى الذي عمَّ فضله
لك الفضل فاسمع إن تكن سامعاً شعري
خدمتُك في حُرِّ الكلام مدائحاً
فقال لسان الحال يا لك من حر
وقد راق شعري في ثنائك كلُّه
ألا إنَّ بعض الشعر ضرب من السحر
فخذها منالداعي قصيدة أخرس
عليك مدى الأيام تنطق بالشكر
تريني لدى علياك ما قد يسُّرني
وترفع قدري فيك يا رفعت القر

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> لِلَّهِ دَرَّ أبي داود من رجلِ
لِلَّهِ دَرَّ أبي داود من رجلِ
رقم القصيدة : 22291
-----------------------------------
لِلَّهِ دَرَّ أبي داود من رجلِ
يستنزل العصمَ من مستعصم القلل
لو رام قلع الجبال الشمِّ ما تركت
والفائزون بما يرجون من أمل
له من الله في سلمٍ ومعترك
بأسُ الحديد وجُود العارض الهطل
شيخٌ حماها بفتيان إذا زأروا
تخوّفتهم أسودُ الغيل بالغيل
حفَّتْ به من بني نجد أُغَيْلِمَة ٌ
أعدَّهم لنزول الحادث الجلل
إذا دعاهم أبو داود يومئذٍ
جاؤوا إليه بلا مهلٍ على عجل
المدْرِكونَ بعون الله ما طلبوا
والفائزون بما يرحبون منأمل
كم فتكة ٍ لسليمان بهم فتكت
وما تقول بفتكِ الفارس البطل
لقد قضى الله بالنصر العزيز له
فيما قضاه من التقدير في الأزل
والله أعطاه في خَلْقٍ وفي خُلُق
الصدقَ بالقولِ والإخلاص بالعمل
جاءَ الصريخُ إليه يستجير به
مستنجداً منه بالخطيّة الذيل
فجهّز الجيش والظلماءُ عاكفة ٌ
والرعد والبرق ذو ومض وذو زجل
سرى إلى القوم في ليل يَضِلُّ به
سِربُ القطا وجبان القوم في الكلل
بحيث لا يهتدي الهادي بها سُبُلاً
يَهديهم الرأيُ منها أوضحَ السبل
فوارسٌ بلغت نجدٌ بهم شرفاً
يسمو وفي غير طعن الرمح لم ينل
فأدْرَكتْ من عِداكم كلَّ ما طلبَتْ
فصار يُضربُ فيها اليوم بالمثل
وصبَّحتهم ببيض الهند عادية ً
فأصْبَحتْ وهي حمرُ الحلّ والحلل
قتلٌ وأسرٌ وإطلاقٌ يمنُّ به
على العدو وإرسال بلا رسل
فكان عيدٌ من الأعياد سُرَّ به
أهلُ الحفيظة من حافٍ ومنتعل
إذ يحشر في ذاك النهار ضحى ً
والخيل قد أقْبَلَتْ بالشاء والإبل
هذا هو الفخر لا كأسٌ تدار على
شرب ولا نغمُ الأوتار بالغزل
فليهنك الظفرُ العالي الذي انقلبت
به أعاديك بعد الخزي بالفشل
وقرَّ عيناً فدتك الناس في ولد
يحيي المناقب من آبائك الأوَل
فأرَّخوه وقالوا يومَ مولده
يقرُّ عين سليمان الزهير علي
 

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> قلبٌ يذوب عليك وجدا
قلبٌ يذوب عليك وجدا
رقم القصيدة : 22292
-----------------------------------
قلبٌ يذوب عليك وجدا
وحشى ً توقَّدُ منك وقدا
وجفون صبٍّ لا تزال
بهذه العَبرات تَنْدى
من زفرة ٍ تحت الضلوع
تمدّ سيل الدمع مدّا
يا قامة الغصن الرطيب
ومقلة َ الرَّشأِ المفدى
وسيوف لحظك إنّها
قَد جاوزت في القتل حدّا
ساعات بينك لا أزال
أعدُّها للهجر عدا
وأقول هل يدنو الوصالُ
وتنجز الآمال وعدا
ما لي مراحٌ من هواك
ولا لهذا الشوق مغدى
كم عاذلٍ قد لامني
فسدَدتُ عنه السمع سدا
وعصيت عذّالي عليك
وقلت للوام بعدا
إنّي لأرعى عهدَ من
لم يرعَ لي في الحبّ عهدا
يا ويح نفسي قد حفظتُ
وضيَّع الأحباب ودّا
ولقد شربتُ هواهم
بالرُّوح قبل اليوم نقدا
وفَقَدتُ صبري بعدهم
لا ذاق من أهواه فقدا
وأنا الفداءُ لمالكٍ
بأجلّ من ولي الأمور
كالغصن قدّاً والبنفسج
عارضاً والورد خدّا
يا ظبي كم صرعت عيـ
ـونُك قبلَنا في الدهر أُسْدا
ورَمَت فلم تُخْطِ الفؤاد
بسهم ذاك اللحظ عمدا
وسقام هاتيك الجفون
لقد عداني بل تعدّى
ولقد ذكرتك والهموم
تمرُّ بي عكساً وطردا
والليل يقدح شهبه
في فحمة الظلماء زندا
فقضت دموعي واجبا
في مثل ذكرك أنْ يؤدّى
أحيَيْتُه بك حَسْرة ً
وقَضَيتُه أرقاً وسُهدا
هزل اصطباري في جفاك
وعاد هزل الوجد جدا
وألانني الدهر المشومُ
وهدَّني بالبين هدّا
لولاك كنتُ على الزَّمان
كما يريدُ الحزمُ صلدا
أمعذّبي من غير ذنبٍ
صبوة ً وجوى ً وصدّا
أنتَ الذي أغويتني
حتّى رأيت الغيَّ رشدا
وهواك أضناني فكـ
ـنتُ من الضنى عظماً وجلدا
أطْلَقْتَ دمعي بعدما
قيَّدتني بالوجد قيدا
وصَحِبتُ وجدي في هواك
فكان لي خصماً لدا
تالله لا أجدُ المدامَ
لذيذة ً والعيش رغدا
مذ قوَّضتْ عني الظعون
وأزمعتْ للبين سعدى
فهناك أظفر بالمنى
وأفوزُ في جدواه قصدا
حلو الفكاهة لو تذاق
وَجَدْتُهَا خمرا وشهدا
وأروح أزجر طائراً
في أسعدِ الأمراء سَعْدا
ما في الرجال نظيرُه
فيهم لهذا القرم ندا
لا زال يُكْبِتُ حاسداً
في مجده ويغيظ ضدا
فجواته وثوابه
قد أعجبا أخذاً وردا
ومناقب مأثورة
نظمت بجيد الدهر عقدا
وجادها حلاٌ وعقدا
بلغت به غاياتها
العليا ولم يبلغ أشدا
حملتْ يداه كالغمامة
للنَّدى برقاً ورعداً
فاستهدهِ في كلّ خير
إنَّه في الخير أهدى
وبذلك الخلق الحميد
وسعته شكراً وحمدا
الجامعُ الفضلَ الذي
أمسى وأصبح فيه فردا
غمرَ العفاة بنائلٍ
منه إلى العافين يسدى
من راح يُسقى من نداه
فلا أظن الدهر يصدى
وإذا تصدَّى للجميل
فثقْ به فيما تصدّى
يا من يُحيل سمومَها
إنْ شاءَ بعد الحرّ بردا
كم بشّر استبشاره
بالرفد قبل النيل رفدا
خُذها ولا الإبل الشوارد
بالثناءَ عليك تحدى
فاهنأ بعيدٍ لا يزال
كما تؤمل مستجدا
لا يحرمني منك ححظٌ
بالأبوَّة قد تردّى
ولقد أساء بما جنى
حتى امتلتُ عليه حقدا
أنّى وكيف وهل أرى
من كان حُرّ زمانه
كان الزمان عليه وغدا

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> لقدْ خَفَقَتْ في النّحر ألوية ُ النَّصْرِ
لقدْ خَفَقَتْ في النّحر ألوية ُ النَّصْرِ
رقم القصيدة : 22293
-----------------------------------
لقدْ خَفَقَتْ في النّحر ألوية ُ النَّصْرِ
وكانَ انمحاقُ الشَّرِّ في ذلك النّحر
وفتحٌ عظيمٌ يعلمُ الله أنَّه
ليستصغر الأخطار من نوب الدهر
عَلَتْ كلماتُ الله وهيَ عليَّة ٌ
بحدّ العوالي والمهنَّدة البيتر
تبلَّج دينُ الله بعدَ تَقَطُّبِ
ولاحت أسارير العناية والبشر
محا البغيَ صمصام الوزير كما محا
دُجى الليل في أضوائه مطلع الفجر
وكرّ البلا في كرباء فأصبحت
مواقف للبلوى ووقفاً على الضر
غداة أبادت مفسدي أهل كربلا
وكرَّت مواضيه بها أيَّما كرّ
فدانت وما دانت لمن كان قبله
من الوُزَراء السابقين إلى الفخر
وما أدركوا منها مراماً ولا مُنى ً
ولا ظفروا منها بلبٍّ ولا قشر
وحذَّرهم من قبل ذلك بطشه
وأمهلهم شهراً وزاد على الشهر
وعاملهم هذا الوزير بعدله
وحاشاه من جور
وأنذرهم بطشاً شديداً وسطوة ً
وبالغ بالرُّسلِ الكرام وبالنُّذر
ولو يصبر القوم الوزير عليهم
لقيل به عجز وما قيل عن صبر
وصال عليهم عند ذلك صولة
ولا صولة َ الضرغام بالبيض والسمر
وسار بجيش والخميس عرمرم
فكالليل إذ يسري وكالسيل إذ يجري
وقد أفسدوا شرّ الفساد بأرضهم
إلى أن أتاهم منه بالفتكة البكر
رمتهم بشهب الموت منه مدافعٌ
لها شررٌ في ظلمة كالقصر
رأوا هول يوم الحشر في موقف الردى
وهل تنكر الأهوال في موقف الحشر؟
فدمّرهم تدمير عادٍ لبَغْيهم
بصاعقة ٍ لم تُبْقِ للقوم من ذكر
ألم ترهم صرعى كأنَّ دماءهم
تسيل كما سالت متعقة الخمر
وكم فئة ٍ قد خامر البغيُ قلبَها
على أنَّها بأحبولة الحصر
فراحت بها الأجساد وهي طريحة ٌ
تداس على ذنب جنته لدى الوزر
فإنَّ مرادَ جارٍ على الورى
ولا بدّ أنْ يجرى ولا بد أن يجري
تجول المنايا بينهم بجنودها
بحيث مجال الحرب أضيق من شبر
تلاطمَ فيها الموجُ والموجُ من دمٍ
تلاطمَ موجِ البحر في لجَّة البحر
فلاذوا بقبر ابن النبيّ محمد
فهل سُرَّ في تدميرهم صاحب القبر
فإن تركوا لا تترك السيف قتلهم
وإن ظهروا باؤوا بقاصمة الظهر
ولا برحت أيّامه الغرُّ غرَّة ً
تضيءُ ضياء الشمس في طلعة الظهر
ولا زال في عيدٍ جديد مؤرِّخاً
فقد جاءَ يوم العيد بالفتح والنصر


 

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> متى يشفى بكَ الصُّب العَميد
متى يشفى بكَ الصُّب العَميد
رقم القصيدة : 22294
-----------------------------------
متى يشفى بكَ الصُّب العَميد
ويبلغُ من دنوّك ما يريدُ
شجٍ يُحييه وصلٌ من حَبيب
ويقلته التجنُّبُ والصُّدود
ونحن من المسرة في راضٍ
تُحاكُ من الرَّبيع لها برود
وبنتُ الكرم قد طلعت علينا
يكلّل تاجَها الدرُّ النضيد
معتَّقة ً تسرُّ النفس فيها
وقد طافت بها حسناءُ رود
وقد صَدَحَت على الأغصان وُرقٌ
فأغصان النقا إذ ذاك ميد
تُعيدُ عليَّ ما تُبدي غَرَاماً
فكم تُبدي الغرامَ وكم تُعيدُ
تجاوبها الغَواني بالأغاني
فيطربنا لها نايٌ وعود
فحينئذٍ يدارُ على الندامى
مُذابُ التبر والماء الجَمود
وَيُرجَم كلُّ شيطانٍ مريدٍ
بحيث الهمُّ شيطانٌ مريد
سقى أيامَ لهوٍ في زرود
وما ضمَّتْ معانيها زرود
نُجَدِّدُ ذكرها في كلّ يومٍ
وهل يبقى مع الذكر الجديد
فقد مَرَّتْ لنا فيها ليالٍ
كما نظمت قلائدها
ليالٍ لم نكنْ نصغي للاحٍ
أينقص بالملامة أم يزيد
فكم في الحبّ من لاح لصبٍ
يفيد بزعمه ما لا يفيد
أحِبَّتَنا لقد طال التنائي
وحالت بيننا بيدٌ فبيد
فيا زمنَ الصِّبا هَلْ من رجوع
ويا عهدَ الشباب متى تعود؟
سلامُ الله أحبابي عليكم
إلى بغداد يحملها البريد
يهيِّجُ لوعتي وجدٌ طريفٌ
لكم ويشوقني وجد تليد
فهل أخبرتم أنّي بحالٍ
يساءُ بها من الناس الحسود
تقرُّ البصرة الفيحاء عيني
بما يولي محمدُّها السعي
فتى ً لا زالُ يُوليني نداه
ويغمرني له كرم وجود
تدفَّق مَنهلاً عذباً فراتاً
فلي من عذب منهله ورود
ولولا برُّه طِبت نَفساً
ولم يخضَّر لي في الدهر عود
أشاهدُ منه إذ يبدو هلالاً
وبدراً من مطالعه السعود
وغيثً كلّما ينهلُّ جوٌّ
وليثاً كلّما خفقتْ بنود
فدته الناس من رجلٍ كريمٍ
تنبَّه للجميل وهم رقود
وشيَّد ما بنته من المعالي
له الآباء قِدماً والجدود
فتى ً من هاشم بيض الأيادي
بحيثُ حوادثُ الأيام سُودُ
رؤوف بالملِّمِّ له رحيمٌ
صديقٌ صادقٌ بَرٌّ وَدُود
ومَن آوى إليه وحلَّ منه
بأكرام ما تحلُّ به الوفود
فقد آوى إلى ركن شديد
وليس كمثله ركن شديد
همُ آلُ النبّي وكلُّ فضل
لديهم يستفيد المستفيد
هُمُ يوم النوال بحارُ جُود
وفي يوم النزال هم الأسُود
فمن جودٍ تصوبُ به الغوادي
ومن بأسٍ يلين له الحديد
همُ الأقطاب والأنجاب فينا
إذا دارت دوائرها الوجود
وإنْ عُرِضَت كرامتهم علينا
فما للمنكرين لها جحود
وما احتاج النهار إلى دليل
وقد شهدتْ به منه شهود
فمنها ما نشاهده عياناً
إذا ما النار أضرمها الوقود
وللأكفاء يومئذٍ عَلَيْهم
هبوطٌ في الحضيض ولا صعود
رجال كالجبال إذا اشمخرَّتْ
تَبيدُ الراسياتُ ولا تبيد
يخلّدُ ذكرهم في كل عصر
وما للمرءِ في الدنيا خلود
فيا بيت القصيد إليك تهدى
من العبد الرقيق لك القصيد
فيطربك النشيد وكلَّ حرٍّ
كريم الطبع يطربه النشيد
فأنّك والثناءُ عليك منّي
وما أملَيته طوق وجيد
كما خَدَمَتْ سواليها العبيد
فمثلك في الأكارم من يسود
وما استغنيتُ بكلِّ حال
وهل يغني عن الماء الصعيد؟
ونِلْتُ بك المرادَ من الأماني
فنلتَ من المهيمنِ ما تريد

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> إلى شعبانَ مَولايَ المفدى
إلى شعبانَ مَولايَ المفدى
رقم القصيدة : 22295
-----------------------------------
إلى شعبانَ مَولايَ المفدى
ربيعِ الفضلِ والروضِ النضير
إلى من لم تزل أيديه فينا
كأمثالِ القلائد في النحور
يعرّج بي الغرام وينثني بي
لأسباب تمرُّ من الخطور
وقد سأل الأميرُ الأمس عنّي
وعن سبب القعود عن المسير
ومن كرم السجايا والمزايا
إذا سأل الكبيرُ عن الصغير
وقالوا كيف لا تمضي إليه
فترجع بالسرور وبالحبور
فلم أكْشِفْ لهم عن كُنْهِ أمري
وأطْلِعْهم على ما في ضميري
وما تركي زيارته بقَصدي
ولا كان انقطاعي عن قصوري
وما استغنيتُ لا أبيك عنه
غنى الظامي عن الماء النمير
ولامن دون شرعته ورودي
ولا من غير مورده صدوري
نهاري عنده لمعانٌ برقٍ
وليلي بعده ليلُ الضرير
فظاظة حاجبٍ ورديّ حظٍ
يعوقُ العبدَ عن باب الأمير
وجَدْتُ ببابه البوابَ يعدو
أشَدَ عليَّ من كلبٍ عقور
وصار الكلبُ ينبَحُني بسبٍّ
ويُكثِرُ بالنبيح وبالهرير
وأكره أن أكونَ له مجيباً
وما أنا من مجاوبة الشرير
فهل أبصرتم كلباً يحامي
محافظة ً على الليث الهصور
لمن أشكو الحجاب ومن نصيري
وأبدي الاعتذار ومن عذيري

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> حُيِّيَت من قادم حَلَّ السُّرورُ به
حُيِّيَت من قادم حَلَّ السُّرورُ به
رقم القصيدة : 22296
-----------------------------------
حُيِّيَت من قادم حَلَّ السُّرورُ به
ومَا له عن مَقام العزِّ تأخيرُ
إنَّ الشدائدَ والأهوال قد ذَهَبَتْ
وللخطوب استحالات وتغيير
أرتك صدقَ مودّات الرجال بها
وبآن عندك صدق القولِ والزُّورُ
ولم تجدْ كسليمان لديك أخاً
عليك منه جميل الصنع مقصور
شكراً لأفعاله الحُسنى فإنَّ له
يداً عليك وذاك الفعل مشكور
لقد وفى لك واسترضى المشير فما
أبقى قصوراً ولا في الباع تقصير
إنَّ المشيرَ أعزَّ الله دولته
برّ رحيمٌ لديه الذنب مغفور
كأنني بك مغمورُ بنعْمَتِه
وأنت ملحوظ عين السعد منظور
أهدى إليك سلاماً من سعادته
لطُّف فيه إشارات وتفسير
فسوف يغنيك من سلطانه نظرٌ
وإنَّما نظر السلطان إكسير
قد كان ما كان والأقدار جارية ٌ
ولا يفيد مع الأقدار تدبير
حسب الفتى من قضاء الله معذرة
والمرء فيما قضاه الله معذور
وابشِرْ بما سوف تحظى من عنايته
وأنتَ منه بما يرضيك مسرور
والنصر فيك له والخير أجمعه
وإنَّما أنْتَ يا منصور منصور
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> نَعَمْ ما لهذا الأمر غيرك صالحُ
نَعَمْ ما لهذا الأمر غيرك صالحُ
رقم القصيدة : 22297
-----------------------------------
نَعَمْ ما لهذا الأمر غيرك صالحُ
وإنْ قيل هَلْ من صالحٍ قيل صالحُ
سَعَيْتَ إلى نيل العُلى غيرَ كادحٍ
وغيرك يسعى للعلى وهو كادح
وتاجرت للمجد الذي أنت أهله
وأنت بهاتيك التجارة رابح
فهنِّيتَ من بين الشيوخ بخلعة ٍ
شذاها بأقطار العراقين فائح
مطارُ فخار طار في الأرض صيته
فأنتَ مقيمٌ وهو في الأرض سائح
بعلياك قد شدّ الوزارة أزْرَها
وزيرٌ لأبواب الأبّوة فاتح
وإنَّ مشيراً قد أشار بما رأى
مشيرٌ لعمري في الحقيقة ناصح
رأى بابن عيسى بعد عيسى صلاحها
وفي صالح الأعمال تقضى المصالح
ورجح منك الجانب الضخم في العلى
وفي الناس مرجوح وفي الناس راجح
لعلّ بك النار التي شبّ جمرها
من القوم تُطفى وهو إذ ذاك لافح
وقد طوَّحَتْ من بعد عيسى وبندر
وفهدٍ بهاتيك الديار الطوائح
بَكَتْها وَقَد تبكي المنازل أعْيَنٌ
وناحَتْ على تلك الرسوم النوائح
وكانت أمورٌ قد أصابت فدَّمرت
وما حَسْنَتْ في العين منها المقابح
أمورٌ قضت إنْ لا يرى الأمن قاطنٌ
لديها ولم يفرح بما كان نازح
وَجَرَّت من الأرزاء كلّ جريرة
وسالت ولكن بالدماء الأباطح
وقد جرّدوها بعد آل محمد
مثقَّفة ً تدمى وبيض صفائح
وكانت حروب يعلم الله أنّها
سعيرٌ أهاجَتْه الرياح اللوافح
وما نفعت فيهم نصيحة ناصح
وهل نفعت في الجاهلين النصائح؟
فذلك مقتول وذلك قاتل
وذلك مجروح وذلك جارح
إلى أن بَلَغْتَ اليوم ما قد بلغته
وما هذه الأقسم إلاّ منائح
ولاحت لنا منك المعالي بروقها
وبرق المعالي من محياك لائح
وما أنت عمّا تبتغيه ببارح
وغيرك عنها لا محالة بارح
وإنْ أحجمَ المقدام عن طلب العلى
فإنّك مقدامٌ إليها وجامح
وإن غضَّ طرفٌ عن مكارم ماجد
فلا طرف إلاّ نحو جدواك طامح
نعم أنتم البحر الخضمُّ لوارد
وأينَ من البحر الخضم الضحاضح
منحت الذين استمطروك مكارماً
وكل كريم بالمكارم مانح
ليأْمَنَ في أيّامك الغرّ خائفٌ
ويصدَح في روض البشارة صادح
فخذها لدى علياك أولّ مدحة
ولي فيكم من قبل هذا مدائح

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أنا في هَواكم مُطْلَقٌ ومُقَيَّدُ
أنا في هَواكم مُطْلَقٌ ومُقَيَّدُ
رقم القصيدة : 22298
-----------------------------------
أنا في هَواكم مُطْلَقٌ ومُقَيَّدُ
وبقُرْبكم أجدُ الحياة َ وأفْقِدُ
إنْ تعطفوا فهو المنى أو تهجروا
فحسى ً تذوب ولوعة ٌ تتوقد
يا دمعَ عينيّ المراق له دمي
ما لي على الزفرات غيرك مسعد
ولقد وجدت الوجد غير مفارقي
وفقدت صبري وهو مما يفقد
لا تسألوا عن حالِ صبٍّ بعدكم
لا يومه يومٌ ولا غدهُ غدُ
لا دمعه يرقا ولا هذا الجوى
بفنى ولانار الجوانح تخمد
وأنا المريض بكم فهل من ممرض
غير الصبابة فلتعدني العوَّدُ
بنتم فما للمستهام على النوى
جلدٌ يقرّ بمثله المتجلد
هلاّ وقفتم يوم جدَّ رحيلكم
مقدارَ ما يتزود المُتَزَوِّد
أشكوكم ما بي وإن لم تسمعوا
وأريكُم وَجدي وإنْ لم تشهدوا
ولكم أقول لكم وقد أبعدتم
يا معبدون بحقكم لا تبعدوا
ساروا وما عطفوا عليَّ بلفتة ٍ
ولربّما انعطف القوم الأملد
أتبعتهم نظري فكان وراءهم
يقفو الأحبَّة أغوروا أو أنجدوا
يا أخت مقتنصِ الغزال لقد رمى
قلبي بناظره الغزال الأغيدُ
ومن القدود كما عليمت مثقف
ومن النواظر في الفؤاد مهند
لم أنسَ لا نسيت ليالينا التي
كان السرور بعودها يتجدد
والربع مبستم الأقاح تعجباً
منها وبانات النقا تتأوّد
لو أبصرتْ عيناك جامدَ كأسنا
لرأيت كيف يذاب فيها العسجد
في روضة ٍ سُقِيت أفاويق الحيا
فالبانُ يرقصُ والحمام يغرّد
تُملي من الأوراق في ألحانها
كقلائد العقيان فيه محاسن
يَحكي سَقيطُ الطلِّ في أرجائها
دُرَراً على أغصانها تَتَنَضَّد
يا دارنا سَحَبَتْ عليك ذيولها
وطفاءُ تُبرقُ ما سقتك وترعد
هل أنت راجعة كا شاء الهوى
والعيش أطيبُ ما يكون وأرغد
ذَهَبَتْ بأيام الشباب وأعْرَضَتْ
عنّي بجانبها الحسان الخرد
ويلُ أمّ نازلة ِ المشيب فإنَّها
كادَت يَشيبُ لها الغراب الأسود
ذهب الشباب فما يقول معنِّفٌ
في القلب منه حرارة لا تبرد
من بعدما طال المقام فأقصروا
عنّي الملام فصوّبوا أم صعّدوا
ذهب الزمان بحلوه وبمره
ومضى المؤَّمل فيه والمستنجد
فانظر بعينك هل يروقُك منظر
بعد الذين تفرقوا وتبددوا؟
إنَّ الجميلَ وأهله ومحلَّه
وأبو الجميل ابن الجميل محمد
حَدِّث ولا حرجٌ عليك فإنّما
خيرُ الكرام إلى أعلاه يسند
وأعِدْ حديثك وکشف في ترداده
قلباً يلذُّ إليه حين يردَّد
المسبغ النعماء ليس يشوبها
مَنُّ ولا فيما يؤمل موعد
هذا أبيُّ الضّيم وابنُ أباته
والبيض تركع والجماجم تسجد
يُهنِ القويّ بقوة من بأسه
وإلى الضعيف تحنن وتودد
تفري برأيك غير ما تفري الظبا
فالرأي منصلتٌ وسيفك مغمد
يعدُ الأماني من نداه بفوزها
ويريعُ منه الأخسدين تَوَعَّد
ممَّن إذا تُلِيَتْ عليه قصيدة ٌ
صدق القصيد وفاز فيه المقصد
كم قرَّبت لي فيه آمالي به
أملاً يشقُّ على سواه ويبعد
فرأيت من معرفة ما لابرى
وَوَجَدْت من معناه ما لا يوجد
وإذا أفادك جاهه أو ماله
فهناك عِزُّ يستفاد وسؤدد
شيدت معاليه وطال علاؤه
إنَّ المعالي كالبناء تشيّدُ
كم من يدٍ بيضاء أشكرها
نعمٌ تعدُّ ولم تزل تتعدد
ولكم وَرَدْتُ البحرَ من إحسانه
لا ماؤه ملحٌ ولا هو مزبد
فوردت أعذب فهلٍ من ماجد
لي مصدرٌ عن راحتيه ومورد
مستودع فيما يثيب مثابه
بخزائن الله التي لا تنفد
أمزيلَ نحس الوافدين بسعده
شقيتْ بك الحساد فيما تسعد
حتّى علمت ولم أكن بك جاهلاً
يا ثالثَ القمرين أنَّك مفرد
إنّي ربيبُ وأبيك وابن جميله
واللَّه يَعلم والخلائق تشهد
لي نسبة فيكم وأية نسبة
إنْ تولدوا من صلب أكرم والد
فكذلك الأخلاق قد تتولد
من محتد زاكي العناصر طيب
طابت عناصرهم وطاب المحتد
هم عوّدوا الناس الجميل وإنّهم
تجري عوائدهم على ما عوّدوا
إنّي لأعهد بعد فقد أبيهم
ما كنت منه قبل ذلك أعهد
قد كان عز المسلمين ومجدهم
وعياذهم وهو الأعزُّ الأمجد
ومخلّد الذكر الجميل إلى مدى ً
يبقى وما في العالمين مخلَّد
تُتلى مناقبه ويذكر فضله
كقلائد العقبان فيه محاسن
جيد الزمان بعقدها يتقلد
جاد الغمام على ثراه فإنَّه
لأبرُّ من صوب الغمام وأجود
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ألا منْ مبلغٌ سلامي
ألا منْ مبلغٌ سلامي
رقم القصيدة : 22299
-----------------------------------
ألا منْ مبلغٌ سلامي
رئيساً في العراق على النّظام
تحية مخلصٍ بالوُدّ يُبدي
صبابة َ ذي فؤاد مستهام
ويبلغه على البعد اشتياقاً
من الداعي إلى الشَّهم الهمام
لقد طلعت فائله علينا
طلوع البدر في جنح الظلام
سنشطره على ما كان منه
كشكر الروض آثاره الغمام
وما أسداه من كرم السجايا
وفاءٌ بالمودة والذمام
زهت في ناصر أبيات شعر
أتَتْ في المدح من حُرِّ الكلام
لقد أثنى الرئيسُ بها عليه
ثناءً باحترام واحتشام
تسرُّ بها لعمري أولياءٌ
وتعقد عنه السنة الخصام
وإنَّ الفضل يعرفه ذووه
به امتاز الكرام عن اللئام
رآه مدحت الدنيا حساما
وقد يغنيه عن حمل الحسام
فقدَّمه المشيرُ ليوم بُؤسٍ
يقدُّ من الخوارج كل هام
فيا لله من والٍ مشيرٍ
عظيم الشأن عالي القدر سامي
لئن باهتْ به الزوراء رأبتْ
بهمته على حلب وشام
إذ انتظم العراقُ به فأضحى
يفاخر غيره بالانتظام
ودمَّر بالصوارم مفسديها
وأوْرَدهم بها وِرْدَ الحمام
ومدَّ إلى الحَسا كفّاً فطالت
ونال بطولها صعب المرام
رمى من بالعراق عصاة َ نجدٍ
وزيرٌ ما رمى مرماه رامي
وأدّى خدمة عظمتْ وجلَّتْ
بهمته لسلطان الأنام

شعراء الجزيرة العربية >> غازي القصيبي >> مرثية فارس سابق
مرثية فارس سابق
رقم القصيدة : 223
-----------------------------------
عجباً ! كيف اتخذناكَ صديقاً ؟
وحَسبناك أخاً بَراً شقيقا ؟
وأخذناك إلى أضلاعنا
وسَقيناك مِن الحُبِّ رحِيقا
واقتسمنا كِسْرةَ الخُبز iiمعاً
وكتبنا بالدِّما عهداً وثيقا
وزرعناكَ على أجفانِنا
ونشرنا فوقكَ الهُدْبَ الورِيقا
وزَعَمْنَاك - ولم تَبْرقْ - iiسناً
وكسوناك - ولم تلمع - برِيقا
سَيفنا كنت تأملْ iiسيفنا
كيف اهدى قلبنا الجُرح العميقا
دِرعنا كنت! وهذا دِرعنا
حَربة في ظهرنا شبت حريقا
جيشنا كنتَ ! أجبْ يا جيشنا ii
كيفَ ضَيَّعْتَ إلى القدس الطريقا ؟!
ذلك العملاق ما iiأبشعه
في الدُّجى .. يغتال عُصفوراً رقيقا
مُسِخَ الفارسُ لصاً قاتلاً
مُسِخَ الفارسُ كَذَّاباً صَفِيقا
رحمةُ الله عليهِ !.. إنهُ
مات !.. هلْ عاشَ الذي خانَ الرَّفيقا ؟!
 

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ألِّما على لَوْمي وَجدّاً مُجَدَّداً
ألِّما على لَوْمي وَجدّاً مُجَدَّداً
رقم القصيدة : 22300
-----------------------------------
ألِّما على لَوْمي وَجدّاً مُجَدَّداً
فإنّي لأدري ما الضلال وما الهدى
فمن مبلغُ السلوان عنّي بأنني
فَنْيتُ وشَوقي لا يزال مُخَلَّدا
عذولي انتصاح منك لا أستفيده
ومن عَدَّه عدلاً فقد جار واعتدى
وما كان أدرى بالذي قد دَرَيْتُه
واخطأ ذاك العذل لما تعمّدا
أعلِّل نفسي بالعذيب وكلَّما
أرَدْتُ به إطفاءَ وَجدي تَوَقّدا
خليليَّ ضاع القلبُ هل تعرفانه
مشوق فؤادي عندما رحلوا فدى
وما أسفي إلا على عمر مغرم
قضاه ولكنْ في تبعدكم سُدى
ولم تدر أجفاني بكم سنة الكرى
وما زال طرفي في هواكم مسهدا
وآهٍ على يوم قضى الأنسُ نحبه
توسَّد عرفان الهوى إذ توسدا
ليالي فيها العيش كان اخضراره
رقيق الحواشي بالمطالب أوردا
أخلاّي كم جاد الزمان بنيلها
وهل كان طرف الدهر عنهنّ أرمدا
وأوْرَدَنا صفوَ المنى فكأنّه
على وجنة الأيام كان تورَّدا
قسا قلبكم عني ولا غرو حيث لي
حظوظٌ تعيد الماءَ إذ ذاك جلمدا
وما كنتُ لولا الحظّ أحظى لأنّني
قدحتُ زناد الجدّ فيكم فأصلدا
تمادى مداكم استمرَّ على الجفا
وقد كادَ أن يقضي مداكم على المدى
ومَن لعليل أنحفَ السقمُ جسمه
تردّى ولكن من ضنى وجده ردا
وإنَّ اصطباري بعد طول بعادكم
دعا جلداً منه يبين التجلدا
أعيدا لها ذكر الديار لعلها
تبلّغني تلك المعاهد مقصدا
ولما أتَتْ تلك الطلول ورسمها
غدت تشتكي شكوى الفراق كما غدا
أنادي الحمى بالنوح عن ساكن الحمى
فيا حبّذا لو أنَّه يسمع الندا
تكرُّ به الأشواق من كلّ جانب
إذا كرر الذكرى لديه ورددا
وما مر بالجرعاء إذ عاد ذكره
أعاد عليه وَجْدَه فتجددا
بياض محيّا ذلك العيش بعدكم
فما زال ذاك الوجه أغبر أسودا
رأى البين مجموعاً على القرب شملنا
فبدَّده منّا النوى فتبَّددا
شذا ورد ذاك الوصلم روض قربكم
هار اشتياقي كلما هب غردا
ونشواتكم ما قد أفاق ولا ارعوى
غدا مثل ما أمى اوأمسى كما غدا
وقد جاب وعر الشوق في بيد هجركم
ومن زاد تقواه عن العزل زوّدا
أضلُّ فإهدى في هواكم وينثني
إليَّ هوى ً يهدي عياناً ويهتدى
رشاد عبيد الله للحقّ إنّه
سنا نورِ رشدٍ فيه يستأنس الهدى
درى كل علم في الوجود وجوده
ولم تدر يمناه سوى السيف والندى
يحل عقود المشكلات برأيه
إذا أشكل المعنى الدقيق وعقدا
وأحيا دورس العلم درسه
بدت فيه آثار الفضائل مذ بدا
لعمرك فليفخر على السؤدد امرؤٍ
يرى السؤدد العلياء مجداً وسؤؤدا
وأفصحَ من نهج البلاغة منطقاً
تخرّ له الأقلام في الطرس سجّدا
به استسهلوا حزن العلوم ووعرها
وأيسرُ شيء عنده ما تشدّدا
إذ أضرمتْ أعداؤاه نارَ باطلٍ
أثار عليها الحقَّ يوماً فأخمدا
فلو رام أسباب السماء لنالها
وسار بمضمار المرام وما كدا
وما مال إلاّ للعبادة والتقى
كأنْ عنه شيطان الوساوس صُفِّدا
وماهو إلاّ قطب دائرة العلى
إمامٌ لأرباب الطريقة مقتدى
تنيل نوال اليمن يمناه بسطها
وما مدَّ إلا نحو خالقه يدا
ولم تبلغ الآمال في غير ماله
وفي غير ذاك العذب لا ينقع الصدى
ألا يا سحاباً أغرق الوفدَ غيثه
لظامي الندى كانت أياديه موردا
فلو حاول المجد الأثيل مقامه
لحاول ذاك المجد بالمجد أمجدا
مكارم طبع في علاه ظهورها
وكان لهاتيك المكارم موعدا
وأنْبتَّ بالتقوى بأحسن منبتٍ
وقد طاب أصلاً مثلما طاب محتدا
يقضي لعمر الله صوماً نهاره
ويحيي لياليه دعاً وتعبُّدا
ولما أدَّعى ما إنْ أتى الدهر مثله
فأتبع فيما يدّعيه وقلدا
وأشرع للشرع الحنيف مناهجاً
قواعد دين الله أضحى ممهدا
تصرّفه في باطن الحال باطن
إلى الرشد أصحاب الحقيقة أرشدا
ومتّبع شرعاً لما هو ذاهبٌ
ومَذْهَبُه ينحو طريقة أحمدا
وما كان إلاّ حين يسأل رده
بأسرع من حاك يجاوبه الصدى
وأدرك ممن فضله يملأ الفضا
تعد أياديه بألسنة العدى
ولله فيما قد أنالك حكمة
فأعدم فيك الجهل والعلمَ أوجدا
سَعَيْتَ ويجدي السعد بالسعي ربه
وأصبَحتَ في صدر السعادة أسعدا
فيا زهر روض أنتم زهر كمِّهِ
لقد ماس غصن الفخر فيكم تأوّدا
ظهرتم ولا يخفى ممن الشمس نورها
وحادي انتشار الذكر في ذكركم حدا
إذا ما مضى منكم عن المجد سيّدٌ
أقام لكم في موقف الفخر سيّدا
وذكرك حتى يقضي الله أمره
على طول ما طال الزمان تأبَّدا
أبَّرتْ على ما تدعيه يمينها
مَتى تقسم الأيام إنَّك مفردا
ولما دعاك الأصلُ يوماً لفرعه
وردتَ فما أبقيت للناس موردا
رواة المعالي عن جنابك أخبروا
حديثاً عنالعلياء صحّ وأسندا
ويورد عنك المدح والحمد كلّه
كمالك يروينا كما لك أوردا
غياث وغوث لا يجارى جواده
وملجأ من آويت كنت ومنجدا
ونلت بتوفيق العناية رتبة
عدوَّك يلقى دونها مورد الردى
وحسب الذي عاداك فيما يرومه
جعلت عليه ليل هجرك سرمدا
على رغم من عاداك قلت مؤرِّخاً
بفتوى عبيد الله لا زال يقتدى

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ليهنك ما بلغتَ من الأماني
ليهنك ما بلغتَ من الأماني
رقم القصيدة : 22301
-----------------------------------
ليهنك ما بلغتَ من الأماني
فلمْ تبرح بأيام التَّهاني
تسرُّ وقد تسرُّ الناس طرّاً
ببيضِ فعالك الغرّ الحسان
وفيما قَدْ فَعَلْتَ جُزيتَ خيراً
وهل تجزى سوى خلد الجنان
وَأولَمْتَ الوَلائم فاستَلَذَّتْ
لها الفقراءُ من قاصٍ ودانِ
وأكثَرْتَ الطعام بهنّ حتّى
لقدْ ضاق الطعام عن الجفان
وجاء الناس أفواجاً إليها
فلمْ يعرف فلان من فلان
شرابهم شررابٌ سكَّريٌّ
وممّا يشتهون لحوم ضان
لقد قيل الطعام فلم تدان
وقد قيل السماع فلم تدان
بذكر الله إنَّك قبل هذا
قد استغنيتَ عن كلّ الأغاني
وماتلهو عن السِّبع المثاني
بأصواتِ المثالثِ والمثاني
ختنتَ بنيك في أيام سعدٍ
بمعتَدِل الفصولِ من الزمان
وأربعمائة خُتِنَتْ وكانت
يتامى لم تسنَّنْ بالختان
كسوتهم الملابس فاخراتٍ
فراحوا مثلَ روض الأقحوان
فمن خضرٍ ومن صُفرٍ وحُمرٍ
كأمثال الشقيق الأرجواني
كازهار الرَّبيع لها ابتهاجٌ
وقد سُقيَت حيا المزن الهتان
أتيت بها من الصدقات بكراً
وما كانت لعمرك بالعوان
أرَدْتَ بذاكَ وجْهَ الله لا ما
يقالُ ويستفاض من اللسان
أُحبُّكَ لا لمالٍ أقْتَنيه
ولا طمعٌ بجود وامتنان
ولا أثني عليكَ الخيرَ إلاّ اعتـ
قاداً باللّسان وبالجنان
وكيفَ وأنْتَ للإسلام ركنٌ
تشاد به القواعد والمباني
أعزَّ الله فيك الدين عزّاً
ولم يَكُ قبلَ ذلكَ بالمُهان
فكنت الرَّوح والمعنى المعالي
فقلْ عن روح المعاني
تقول الحقَّ لا تخشى ملاماً
ولست عن المقالة بالجبان
ولا أدريتَ أو ما ريتَ قوماً
برفعة منصبٍ وعلوِ شان
ولم تحكمْ على أمرِ بشيءٍ
إلى أنْ يستبينَ إلى العيان
فتدرك ما تحاول بالتأني
وإنْ رمتَ الجميل فلا توان
محمّد الأمين أمِنْتَ مما
تحاذِرُه وإنَّك في أمان
كفاك الله ألسِنَة ً حداداً
لها وخزٌ ولا وخزُ السنان
ولم أسمع مقالاً فيك إلاّ
مقالَ الخير آناً بعد آن
بقيت لنا وللدنيا جميعاً
وكلٌّ غيرُ وجهِ الله فانِ

 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> بدا والصُّبحُ غَارَ على الظَّلامِ
بدا والصُّبحُ غَارَ على الظَّلامِ
رقم القصيدة : 22302
-----------------------------------
بدا والصُّبحُ غَارَ على الظَّلامِ
وعِقدُ النَّجم محلول النظامِ
فحيَّا بالرُّضاب وبالحميّا
فأحيا بالرّضاب وبالمدامِ
إذا ما الشيخ في الكأس احتساها
غدا في الحال أنشط من غلام
لئنْ علَّلتني يا صاح يوماً
بأحبابي فَعَلَّلْني بجام
دعا عنّي الملامة في التصابي
فقد روَّعتماني بالملام
ألا صاحبيَّ وبي غرام
أعيناني على داءِ الغرام
ويا ريح الصَّبا النجديّ بلِّغْ
سليمى يا صبا نجد سلامي
ومن لي بالكرى يوماً لعلي
أرى طيفَ المليحة بالمنام
وما أنسى لها في الركب قولي
وقد نظرت لأجفان دوامي
نحولي ما بخصرك من نحولٍ
وسقمي ما بطرفك من سقام
سقى الأثلاث في سلع سيولاً
فقد جَلَبَتْ حمائِمها حمامي
بكيتُ وما بكت في الدَّوح وُرْقٌ
تظنّ هيامها أبداً هيامي
ولو كان الهوى من غير دمع
قضينا بالغرام على الحمام
أداوي مهجة ً يا سعد جرحى
رماها من رماة الحسن رام
رمين قلوبنا غزلانُ سلع
فما أخطأت هاتيك المرامي
فبتّ جريح ألفاظ مراضٍ
ورحتُ طعين ذياك القوام
قدود البيض لا سمر العوالي
ولحظ السرب لاحد الحسام
كتمتُ الحبَّ متّهماً عليه
وما لي طاقة بالإكتتام
وكيفَ أطيقُ والعبرات منّي
تعبرّعن فؤاد مستهام
وما نقص اشتياق الصَّبِّ شيئاً
على وجه حكى بدر التمام
يدبُّ هواك يا سلمى بروحي
دبيبَ الصَّرخدية في العظام
وفيتُ بعهد من نقضت عهودي
وما لوفاء ميّ من دوام
فليتَ المالكّية حين صدَّت
رَعَيْتُ ذمامها وَرَعَتْ ذمامي
صبرتُ على الحوادث صبرَ حرٍ
يَرى بالصَّبرِ إبلاغ المرامي
وقلتُ معلِّلاً نفسي ولكنْ
مقالي كان أصدق من حذام
سأحْمد عند محمود السجايا
عواقبَ أمرِ أخطار عظام
واستغني به عَمّا سواه
كما يغني الركام عن الجهام
وأرجو أن تظفِّرني سريعاً
عنايَتُه بغايات المرام
لقد دَرَّتْ سحائبه إلى أنْ
زهتْ فيهنّ أزهار الكلام
فَحَدِّثْ عن مكارمه فإنّي
لتعْجِبُني أحاديثُ الكرام
إذا ما جئتني بحديث جودٍ
لقرم جوده كالغيث هامي
فما حَدَّثتُ إلاّ عن أشم
ولا أخبرت إلاّ عن همام
ذكاءٌ فيه أورى من زنادٍ
وكفٌّ منه أندى من غمام
وآراءٌ إذا نَفَذَتْ لأمرٍ
فهنّ اليوم أنفَذُ من سهام
يرى فعل الجميل عليه فرضاً
كمفترض الصَّلاة مع الصّيام
وقامَ له على الأعناق شكر
فلا يُقضى إلى يوم القيام
سريع الجود إنْ يُدْعَ لحسنى
وها هو ذا بطيء الانتقام
أياديه حَطَمْنَ المال جُودا
فما أبقتْ يداه من حطام
على أبوابه الآمال منّا
قَدْ ازدحمت لنا أيَّ ازدحام
تخيّرْ ما تشاء وسله تعطى
من ابن المصطفى خير الأنام
تيقَّنْ أن أمرك سوف يقضى
إذا ما شمت منه سنا ابتسام
أخو الهمم التي تحكي المواضي
وتفيك فتك خواض القتام
تسامى مجده فعلاً محلاً
وإنَّ مَحَلَّ أهلِ المجد سامي
جميلك قاطن في كلّ أرضٍ
وذكرك سار جوّان الموامي
طميتَ وأنْتَ يوم الجود بحر
وبحرك لا يزال الدهر طامي
ومن جدواك كم قد سال سيلٌ
فروّى سيلاُ جودك كل ظامي
لقد أوليتني نِعَماً جساماً
فما أهداك للنعم الجسام
دَعاك لأمره المولى عليٌّ
فكنْتَ وأنتَ في أعلى مقام
وعدتَ لديه يا عين المعالي
برأيك ناظراً أمر النظام
فتمّ لجيشه المنصور أمر
وإنَّ الأمر يحسن بالتمام

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> عدِّ عنْ منْ لجَّ في قالٍ وقيلِ
عدِّ عنْ منْ لجَّ في قالٍ وقيلِ
رقم القصيدة : 22303
-----------------------------------
عدِّ عنْ منْ لجَّ في قالٍ وقيلِ
أنا لا أصغي إلى قول العذول
وأعِدْ لي ذكر مَن صَحَّ الهوى
منه بالطَّرق وبالجسم العليل
فقدْ الصّبر مع الوجد فما
لاذ بالصبر عن الوجه الجميل
من قدودٍ طعنتْ طعن القنا
ولحاظٍ فتكتَ فتك النصول
دنفٌ لولا تباريحُ الجوى
ما قضى الوجد عليه بالنحول
كلّما شام سنا بارقه
جَدّ جدّ الوجد بالدمع الهمول
إنَّ ما أضرمَ في أحشائه
لا أرى المحنة كالحبّ ولا
وإذا هبَّت به ريحُ صبا
راح يستسفي عليلٌ بعليل
كبدٌ حرّى ودمعٌ واكفٌ
فهو ما بين حريق وسيول
لو تراه إذ نأتْ أحبابه
تَطَأ الأرض بوخد وذميل
لا تسل عن ما جرى كيف جرى
سائل الدمع على الخدّ الأسيل
أيّ يومٍ يوم سارت عيسُهم
ودعا داعي نواهم بالرحيل
وتراني بعدهم أشكو الأسى
يفلق الهام بريَّاً من فلول
وبرسم الدار من أطلالهم
ما بجسمي من سقام ونحول
بخلوا بالوصل لما أعرضوا
ومن البلوى نوال من بخيل
ليت شعري ولكَمَ أشكو إلى
باردِ الرِّيقة من حر الغليل
لا أرى المحبة كالحبّولا
كالهوى للصبّ من داء قتول
بأبي من أخَذَت أحداقه
مهجة الوامق بالأخذ الوبيل
وشفائي قُربُ من أسْقَمَني
بسقام الطرف والخصر النحيل
هل علمتم أنّ أحداق المهَا
خلقت حينئذٍ سحرَ العقول
يا دياراً لأحباءٍ نأت
ألناءٍ عنك يوماً من وصول؟
كان روض العيش فيها يانعاً
قبل أن آذن عودتي بالذيول
بمدامٍ أشرقَتْ أقداحها
بزغت كالشمس في ثوب الأصيل
وشَدَت وَرقاء في أفنانها
أوتيت علماً بموسقى الهديل
حبذا اللّهو وأيام الصّبا
وشمال وكؤوس من شمول
وندامى نظمتهم ساعة ٌ
وقعتْ منا بأحضان القبول
علِّلاني بعدها من عودها
بمرام غير مرجو الحصول
إذ مضت وهي قصيرات المدى
فلها طال بكائي وعويلي
جهل اللائم ما بي ورأى
أنْ يفيد العلم نصحاً من جهول
لا ينال الحمد في مدحي له
من يعد الفضل من نوع الفضول
وأراني والحجى من أربي
في عريض الجاه ذي الباع الطويل
كلّما أنظمها قافية
تنظم الإحسان في قول مقول
وعلى خِفَّتها في وزنها
تطأ الحساد بالقول الثقيل
بالغ في كلّ يوم مرَّ بي
من أبي عيسى نوالاً من منَيل
لا يريني العيش إلاّ رغداً
في نعيم من جميل ابن الجميل
ينظر النجم إلى عليائه
نظر المعجب بالطرف الكليل
يرتقيها درجات في العلى
فترى الحاسد منها في نزول
قصرت عن شأوه حساده
وانثنى عنهم بباع مستطيل
نُسِبَ الجود إلى راحته
نسبة السحر إلى الطرف الكحيل
وروى نائله عن سيبه
ما روى الريَّ عن الغيث الهطول
كاد أنْ تمزجه رقّته
بنسيم من صَبا نجدٍ بليلِ
أيُّها الآخذ عن آبائه
سنن المعروف بالفعل الجميل
عَجَزَتْ عنها فحول من فحول
هذه الناس التي في عصرنا
ما رأينا لك فيهم من مثيل
شرفٌ أوضَحُ من شمس الضحى
ليس يحتاج سناها لدليل
إنْ هززناك هززنا صارماً
أسأل الله لك العزَّ الذي
كان من أشرف آمالي وسولي
دائِمَ النعمة منهلَّ الحيا
مورد الظامي بعذب سلسبيل
فلنعمائِك عندي أثرٌ
أثرَ الوابل في الروض المحيل
لو شكرت الدهر ما خَوَّلتني
لا أفي حقَّ كثير من قليل
إنَّما أنتم غيوثٌ في الندى
وإذا كانت وغى ً آساد غيل
نجباءٌ من كرام نجُبٍ
وكسوني كلَّ فضفاض الذيول
وأرَوني العزَّ خفضاً عيشه
والردى أهونُ من عيش الذليل
زيِّنوا شعري بذكرى مجدهم
في أعاريضِ فعيل وفعول
إنَّهم فضلٌ وبأسٌ وندى
زينة الافرند للسيف الصقيل
وزكَتْ أعراقُهُم منذ نَمَت
بفروع زاكيات وأصول
في سبيل الله ما قد أنْفَقوا
لليتامى ولأبناء السبيل
أنفقوا أموالهم وادَّخروا
حسنات الذكر في المجد الأثيل
تخلق الدهر وتكسو جدّة
وتعيد الذكر جيلاً بعد جيل
يا نجوماً أشرقتْ في أفقنا
لا رماك الله يوماً بالأفول
أنتمُ الكنز الذي أدخره
للملمّات من الخطب الجليل
وإليكم ينتهي لي أمَلٌ
كاد أنْ يطمعني بالمستحيل
كم وكم لي فيكم من مِدَحٍ
رفعت ذكري بكم بعد الخمول
فمتى أغدو إلى إحسانكم
إنّما أغدوا إلى ظلٍّ ظليل
لم أزل أحظى لديكم بالغنى
والعطاء الجمِّ والمال الجزيل
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ضحك البرق فأبكاني دماً
ضحك البرق فأبكاني دماً
رقم القصيدة : 22304
-----------------------------------
ضحك البرق فأبكاني دماً
وجرى دمعي له وانسجَمَا
وأهاخَ الوجد في إيماضه
كبداً حرّى وقلباً مغرما
من سناً لاح ومن برق أضا
ما بكى الوامق إلاّ ابتسما
فكأنَّ البرق في جنح الدجى
ألبسَ الظلماء برداً معلما
باح في الحبّ بأسرار الهوى
وأبى سرُّ الهوى أنْ يكتما
يا أخلاّئي وهلْ من وقفة ٍ
بعدكم بالجزع من ذاك الحمى
أنشدُ الدار التي كنتم بها
ناشداً أطلالها والأرسما
يا دياراً بالغضا أعهدها
مَرْبَضَ الأسْدِ ومحراب الدمى
سوَّلتْ للدمع أن يجري بها
وقضت للوجد أنْ يضطرما
كان عهدي بظباء المنحنى
تصرعُ الظبية ُ فيه الضيغما
وبنفسي بين أسراب المها
ظالمٌ لم يَعْفُ عمَّن ظلما
إنَّ في أحداق هاتيك الظبا
صحة ً تورث جسمي سقما
ومليح بابليٍّ طرفه
ساحرِ المقلة معسول اللمى
حرّم الله دمي وهو يرى
أنَّه حلَّ له ما حرما
أشتهي عذبَ ثناياه التي
جرعتني في هواه العلقما
وصلت أيامه وانقرَضَت
أفكانت ليت شعري حلما
علِّلاني بعسى أو ربّما
فعسى تغني عسى أو ربّما
حار حكم الحب في الحبّ فما
أنصَفَ المظلومَ ممن ظلما
ليتَه يعدل في الحكم بنا
عدل داود إذا ما حكما
أيَّد الله به الدين امرؤ
كان للدين به مُستَعْصَما
بلغ الرشد كمالاً وحجى
قبل أنْ يبلغ فيها الحملا
ومباني المجد في أفعاله
قد بناهنّ البناءَ المحكما
ناشئ في طاعة الله فتى ً
لم يزل برَّاً رؤوفاً منعما
قد علا بالفضل فيمن قد علا
وسما بالعلم فيمن قد سما
كم وكم فيمن تولّى أمْرَه
أعين قرَّتْ وأنف أرغما
رجل لو ملك الدنيا لما
تركت أيديه شخصاً معدما
فإذا جاد فما وبل الحيا
وإذا جادل خصماً أفحما
بسطتْ أيديه بالجود فما
تركت مما اقتناه درهما
أظهر الحقَّ بياناً وجلا
من ظلام الشك ليلاً مظلما
سيّد من هاشم إذ ينتمي
لرسول الله أعلى منتمى
واعظٌ إنْ وعظ الناس اهتدت
لسبيل الرشد من بعد العمى
كلّما ألقى إلينا كلِماً
لفظت من فيه كانت حِكما
تكشف الران عن القلب وما
قوله الفصل وفي أحكامه
ما يريك الحكم أمراً مبرما
إنْ قضى بالدين أمراً ومضى
أذعنَ لأبي به واستسلما
يحسم الداء من الجهل وكم
حسم الجهل به فانحما
نجم العلم به إذ نجما
ونمى الفضل به منذ نمى
وبدين الله في أقرابه
لم أجدُ أثْبَتَ منه قدما
يدفع الباطل بالحق الذي
يُفلقُ الهامَ ويبري القمما
ووواكتفى بالسمر عن بيض الظبا
أغْمدَ السيف وأجرى القلما
وجدَ الفضل به مفتتحاً
لا أرى في فقده مختتما
علماء الدّين أعلام الهدى
كلُّ فرد كان منهم
إنّما انت لعمري واحد
ما رأينا لك فينا توأما
أنتَ أندى الناس إنْ تثرى ندى
يا غماماً سَحَّ يا بحراً طمى
إنَّ أيامَك أعيادُ المنى
حيث كانت للأماني موسما
سيّدي أنتَ وها أنت لنا الـ
ـعروة الوثقى التي لن تفصما
كلُّ فرد كان منهم علما
فتَقَّبلْ فيك ما قد نظما
ذاكراً من أنعم الله لكم
بنعماً تسدي إلينا النعما

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> دعاك أميرُ المؤمنين وإنّما
دعاك أميرُ المؤمنين وإنّما
رقم القصيدة : 22305
-----------------------------------
دعاك أميرُ المؤمنين وإنّما
دعا مسرعاً فيما يروم مسابقاً
فلبيته لمّا دعاك ولم نجد
عن السَّير في تلك الإجابة عائقا
وقدمت للترحال عزمتك التي
تحثّ إلى المجد الجياد السوابقا
على ثقة منه بما أنتَ أهله
وما كان إلاّ في جنابك واثقا
فكان إذا ما اعتلَّ أمرٌ بملكه
رآك طبيباً للممالك حاذقا
برأي إذا هزَّ الأسنة واخز
وعزم إذا استل الظبا كان فالقا
نظرت بنور الله في كل غامض
بعيد المدى حتى عرفت الحقائقا
وفيك مع الإقدام واليأس في الوغى
خلائق ما زالت تَسُرُّ الخلائقا
صلابة دين ترغم الشرك أنفه
وتخذل أعلاجاً له وبطارقا
يسرّ بها من كان بالله مؤمناً
ويكبت فيها ملحداً ومنافقا
ولا غرو من كان الفتوح بوجهه
إذا استتتفتح الإسلام فيه المغالقا
إذا التقع وأمسى عارضاً متركماً
وأرسلتِ الشهبُ المنايا صواعقا
تحبل نهار الحرب أسود حالكاً
وسوسن أوراق الحديد شقائقا
فكم ناطق بالكفر أصبح أخرسا
وكم أخرسٍ بالشعر أصبح ناطقاً
جزيت جزاء الخير عن أهل بلدة ٍ
ببأسك تكفيها الخطوب الطوارقا
غَرَسْت من الإحسان فينا أيادياً
فأنْبَتْنَ بالذكر الجميل حدائقا
أجدتَ نظام الملك حتّى كأنَّه
من الحسن أضحى لؤلؤاً متناسقاً
وفارقتنا بالكرة منا ولم تزل
حميد السجايا مقبلاً ومفارقاً
فحقَّ لبغداد البكاء وكيف لا
وقد فارقت فخر الوزارة نامقا
وكنت بنا بَرّاً رؤوفاً ووالياً
عطوفاً وبحراً بالمكارم دافقاً
وعوّدنا منك الجميل عوايداً
إذا عدتْ العادات كن خوارقا
فدبَّرت منا رقعة ما تدبرت
وكم فرزنت أيديك فينا بيادقا
وفيما أراك الله إصلاح شأنها
سددتَ على أهل الفساد الطرائقا
تروق وتصفو إنْ كدرت سريرة
فلو كنت ماءً كنت إذ ذاك رائقا
فسرْ في أمانِ الله من كلّ طارق
مهمٍ فلا تخشى مع الأمن طارقا
إلى ملك تخطى لديه بحظوة
بنيت بها فوق النجوم سرادقا
تكون بمرآى من علاه ومسمع
فتتخذ البشرى رفيقاً موافقا
إذا كنت كنت من سلطاننا بمكانة
فقد أمِنَ السلطان فيك البوائقا
عليك ولا ريب بذاك اعتماده
كما اعتمد المرءُ الجبال الشواهقا
عزمت إليه بالرحيل وطالما
قطعت إلى الأمر المهم العوائقا
شة قك منه حضرة ملكية
وما كنتما إلاّ مشوقاً وشائقا
ستُرزق من ثمَّ السعادة كلَّها
فَتَحْمَد رزاقاً وتشكر خالقا
وفيك مع الإقدام والبأس سطوة
تعيدُ فؤادَ الدهر بالرعب خافقا
فما وجدا السلطان مثلك ناصحاً
ولا وجد السلطان مثلك صادقا
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> دَنِفٌ ذو مِهجة ٍ في الحبّ تَصْدا
دَنِفٌ ذو مِهجة ٍ في الحبّ تَصْدا
رقم القصيدة : 22306
-----------------------------------
دَنِفٌ ذو مِهجة ٍ في الحبّ تَصْدا
كُلّما زِيدَ ملاماً زاد وَحْدا
أمطرت أدمعه وبلَ الحيا
وهو يشكو من لظى الأشواق وقدا
مغرمٌ أخفى الهوى عن عاذل
في الهوى العذري ما أخفى وأبدى
فتكتْ أعْيُنُها الغيد به
وَرَمَتْه أسهُم الألحاظ عَمْدا
كيف يسطيعُ اصطباراً وهوَ لا
يجدُ اليوم من الأشواق بدا
لا تلمني فصابات الهوى
جعلت بيني وبين اللوم سَدّا
عَبرة أهرقتها من أعين
ألِفَتْ في هجرها الغمض سهدا
وبما قاسيتُ من حرِّ الجوى
في غرام مدّ سيل الدمع مدا
أنْحَلَ الحبُّ ذويه فاغتدتْ
من معاناة الضنى عظماً وجلدا
كُلَّما يقرب منّي عاذلٌ
فَتقبَّلْ ما إليك العبد أهدى
ربَّ ليلٍ أطبقت ظلماؤه
تحسب الشهب عيوناً فيه رمدا
وأواري عَبرتي أنْ تتبدى
أذكر الأغصان من بان النقا
كلّما أذكر من هيفاء قدا
ومع السرب الذي مرَّ بنا
رشأٌ يصرع بالألحاظ أسدا
مَن معيدٌ لي أياماً مضت
كان فيها الغيُّ لو انصفت رشدا
أهْصِرُ الغصن إذا ما كان قدّاً
وأشمُّ الوردَ إذا ما كان خدّا
كم أهاج الشوق من وجد بها
كلما جدَّده الذكر استجدا
وجرى دمعي من الوجد فما
يملك الطرف لجاري الدمع ردا
خبّراني بعد عرفاتي بها
كيف أقوت دار سعدى بعد سعدى
أينَ قِطانُك في عهد الصبا
يا مراحاً كان للهو مغدى
يوم سارت عنك للركب بهم
مشمعلاّت تقدّ السير قدّا
قد ذكرنا عهدكم من بعدكم
هل ذكرتم بعدنا للودّ عهدا
ولو أنَّ الوصل مما يشترى
وقصارى مُنية الصبِّ بكم
مطلبٌ جدَّ به الوجدُ فأكدى
فسقاكم وسقى أربُعَكم
من قطار حامل برقاً ورعدا
وإذا مرّت بكم ريحُ صباً
حملت ريح الصبا شيحاً ورندا
زارني الطيف فما أشكوى جوى ً
من حشا الصادي ولا نوّل رفدا
ما عليه لو ترشَّفْتُ لمى ً
مزجت ريقته خراً وشهدا
نسب التشبيب في الحب إلى
ذلك الحسن فكان الهزل جداً
وإلى عبد الحميد انتسَبَتْ،
غرر الشعر له شكراً وحمدا
عالم البصرة قاضيها الذي
لا ترى فيها له في الناس ندا
قوله الفصل وفي أحكامه
يجحض الباطل والخصم الأدا
إذ يريك الحقَّ يبدو ظاهراً
لازماً في حكمه لا يتعدى
أوجب الشكر علينا فضله
فمن الواجد عندي أن يؤدى
سيّدٌ إحسانه في برّه
لم يزل منه العافين يسدى
وبأمر الله قاضٍ إنْ قضى
كان أمضى من شفير السيف حدا
ثابت الجأش شديد ركته
إذ تخر الراسيات الشمّ هدّا
سيّدٌ من سيّدٍ إذ ينتمي
أكرم الناس أباً فيهم وحدا
آل بيت لبسوا ثوب التقى
تلبس الفخر نزاراً ومعداً
هم أغاظوا بالذي يرضونه
زمناً تشقى به الأحرار وغدا
ذلّلووا الصَّعب وقادوا للعلى
حيث ما انقادت لهم قوداً وجردا
هل ترى أبعد منه منظراً
أو ترى يومئذٍ أثقب زندا
باسطٌ أيديه لما خلقت
ديماً ما برحت بالجود تندى
عدّدا لي نعمة الله به
أنا لا أُحصي له النّعماء عدا
تركت بالبر حرّ القوم عبدا
حبذا البصرة في أيامه
لا أراها الله من علياه فقدا
وجميل الذكر من أخلاقه
سار في أقطارها غوراً ونجدا
توأم المجد فريد في الحجى
جامع الفضل براه الله فردا
بيمين الحقّ سيف صارم
يجعل الباطل في غريبه غمدا
طالما ألقت إليه كَلِماً
أورثت ما لم يرثه لنثر خلدا
فترنَّمت بها قافية ً
وكفاني صولة الهمّ امرؤ
جاعل بيني وبين الهم سدا
رغد العيش لمن في ظلِّه
عاش طول الدهر بالأفراح رغدا
كلّما يلحظني ناظره
عكس الأمر فكان النحس سعدا
بأبي أفديه من قاضٍ به
صرت في رأفته ممن يفدّى
إنَّ من أخلص فيكم وُدَّه
مخلص في حبّه الأمجاد ودا
ناظمٌ فيكم على طول المدى
مدحاً ترفع لي بالفخر مجدا
فهو مهديها إليكم عبدكم
فتقبَّل ما إليك البعد أهدى

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> اليومَ أصبح فيك الوقتُ منتظماً
اليومَ أصبح فيك الوقتُ منتظماً
رقم القصيدة : 22307
-----------------------------------
اليومَ أصبح فيك الوقتُ منتظماً
وهوَّنَ الله أمراً كان قد عظما
أمست عمان وأنت الشهم سيدها
لا يُستباح لها في الحادثات حمى
مدت إليها يد الجاني فما ظفرت
إلاَّ بما أعقب الخسران والندما
من بعد ما هاج شراً من مكانته
وكاد يوقد في أطرافها ضرما
تمسكاً بجبال الشمس من طمع
ومورداً من سراب لا يبلّ ظما
فلم يوفَّقْ إلى نجح يؤمِّله
والمرء إنْ فقد التوفيق أو عدما
لم يهده الرأي إلاّ للضلال ولا
يزيده عدم التوفيق غير عمى
أضلَّ مسعاه تركي في غوايته
كأنه اختار عن وجدانه العدما
نصحته وبذلتَ النصح تنذره
مستعملاً بالنذير السيف والقلما
فما ارعوى لك عن وهم توهمه
كأنَّ في أذنه عن ناصح صمما
أراد في زعمه أنْ يستطيل على
عمان قهراً فلم يظفر بما زعما
وكان غايته الحرمان يومئذٍ
ولو أطاعك واسترضاك ما حرما
خيَّرته قبل هذا اليوم في نعم
ولم يكن ثمَّ ممن يشكر النعما
وجاء يطلب مُلكاً منك ليس له
فقيل خصمان في إرث العلى اختصما
حتى ذا كان لا يصغي إلى حكم
حكمتما الصارم الهندي بينكما
قضى لك السيف فيما قد قضى ومضى
فيا له حكمٌ عدلٌ إذا حكما
وما تجاوزت الإنصاف شفرته
وما أضلَّ بمظلوم وإن ظلما
وقالت الناس باديها وحاضرها
ما جار سالم قفي حكم ولا ظلما
أنزلته من منيعات الحصون ولو
تركت تركي رهين الحصن مات ظما
أراد مستعصماً فيه ومعتصماً
وما رأى في منيع الحصن معتصما
ولم يجد سلَّما يرقى السماء به
ولو رمى نفسه في البحر لالتقما
وإنَّه قبلَ إعطاء الأمان له
ما استشعر الموت حتى استشعر الندما
وغرَّه مَن دعاه في خيانته
فجاءها عقبات الموت واقتحما
أذقته العفو حلواً عن جنايته
وكان عفوك عمَّن قد جنى كراما
عفَوْت عنه ولكن عفوَ مقتدرٍ
والعفو أقرب للتقوى كما علما
وما هتكت وأيم الله حرمته
وكان عندك حتى زال محترما
وربما لامك اللّوام عن سفهٍ
وقد يلومك بين الناس من لؤما
أما وربِّك لو أربى طغى وبغى
وما عفا مثلما تعفو بل انتقما
رحمته ولو استولى عليك لما
أبقى عليك ولم يلحق بمن رحما
أراد ربُّك أنْ تعفو بقدرته
ليظهر الفضل والتمييز بينكما
والله يَعْلَمُ والدنيا بأجمعها
لو نال من سالمٍ تركي لما سلما
لا زال يولي جميلاً من صنائعه
وهكذا كرم الشهم الذي كرما
من سيّدٍ بالغٍ رشد الشيوخ نهى ً
رضيع ثدي المعالي قبل أن فطما
تبارك الله ما أبهى سناه فتى ً
كالنجم يهدي سبيل الرشد مذ نجما
الثابت الجأش في سِلْم ومعترك
في موطن الفخر قد أرسى له قدما
الباسم الثغر والهيجاء عابسة
والسيف يقطر من هام الكماة دما
فمن صدور العوالي ما يرى وصباً،
ومن نفوس المعالي ما شفى سقما
تساهما هو والجد السعيد بما
حازاه من كرم الأخلاق واقتسما
ويا له ولد أعنيه من ولدٍ
أحيى له ذكره الماضي وإنْ قدما
تحفُّه من عمان سادة ٌ نجبٌ
تسمو لهم في سماوات العلاء سما
يحمون سيّدهم من كلّ نازلة
بفيصل يغلق الهامات والقمما
ولم يكن غيره الحامي لحوزتها
إذا أدلهمّ من الأخطار ما دهما
تبيت لا كملوك الهند تكلأها
ندعو من الله فيها فاغرين فما
لولا وجودك هذا الداء ما حسما
وذلك الصدع لولا أنت ما التأما
لطف من الله فيك أظهره
من بعد ما كان سر اللطف مكتتما
وافت إلينا فوافت بالسرور كما
سرّت بها البصرة الفيحاء وابتهجت
منها النفوس وأنف الصند قد رغما
بشارة عمَّت الدنيا مسّرتها
واهتز منها العلى والمجد وابتسما
قد يسَّرَ الله أمراً أنت فعله
وإن لله في تقديره حِكَما
لا زلت بالجود والإحسان مبتدراً
كالغيث حيث همى والبحر حيث طمى
فمن مزاياك ما تكسو النجوم سناً
ومن عطاياك ما قد يخجل الديما
ولم أزل كلماتي فيك أنظمها
كما تتابع قطر المزن وانسجما
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ما زلت أوَّلَ مُغْرَمٍ مفتونِ
ما زلت أوَّلَ مُغْرَمٍ مفتونِ
رقم القصيدة : 22308
-----------------------------------
ما زلت أوَّلَ مُغْرَمٍ مفتونِ
فتكت به حَدَقُ الظباء العينِ
وجنتْ عليه بما جنته لواحظ
تركته منها في العذاب الهون
ماذا يقيك من الموائس بالقنا
إنْ طاعتك قدودها بغصون
وسطت عليك جفونها بصوارمٍ
ما أغمدت أمثالها بجفون
إنَّ العيون البابليَّة طالما
جاءت بسحر للعقول مبين
لانت معاطف من تحب وإن قسا
قلباً فلم يكُ وَصْلُه بمدين
لا زال تشكو قسوة من لين
ويلي من اللحظات ما لقتيلها
قَودٌ وليس أمينها بأمين
والمسعدون من الغرام بمعزل
عني فهل من مسعدٍ ومعين
ظعن الذين أحبّهم فتناهبت
مهج القلوب حواجب بعيون
وتركْنَ أرباب الرجال كأنما
شربت زعاف السم بالزرجون
ما إنْ أطلْتُ إلى الديار تلفّتي
إلاّ أطلْتُ تلفّتي وحنيني
ولقد وقفت على المنازل وقفة
فقضيت للأطلال فرض ديون
وجرت بذياك الوقوف مدامعي
ومرت لهاتيك الديار شؤوني
فسقى مصاب المزن كلّ عشية
عهداً يصوب عليه كل هتون
يا سعد قد نفرت أوانس ربرب
بنوى ً يشطّ به المزار شطوني
فاسعد أخاك على مساعدة الجوى
إنْ كان دينك في الصبابة ديني
كانت منازلنا منازل صبوة
وديار وح علاقة وفتون
تتلاعب الآرام في عرصاتها
فيجدّ بي تلفي وفرط شجوني
جمعت فكانت ثمَّ مجتمع الهوى
ظبي الكتس بها وليث عرين
أيام كنت أديرها يا قوتة
حمراء بين الورد والنسرين
والروض متفق المحاسن زهره
بعد اختلاف الشكل والتلوين
وتَفَنُّنُ الورقاء في أفنانها
ينبيك أنَّ الورق ذات فنون
والكأس تبسم في أكُفِّ سقاتها
عن در مبتسم الحباب ثمين
ضمنت لشاربها السرور فحبذا
ذاك الضمان لذلك المضمون
ومهفهفٍ ينشقّ في غسق الدجى
من ليل طرته صباح جبين
وأنا الطعين بسمهريّ قوامه
يا للرجال لصبّه المطعون
قد بعته روحي ولا عوضٌ لها
ورجعت عنه بصفقة المغبون
علم الضنين بوصله في صدّه
أنّي ببذل الروح غير ضنين
قارعت أيامي لعمرك جاهداً
حتى انتضيت لها حسام الدين
جرّدته عضباً يلوح يمانياً
جادت بصيقله يمين القين
فإذا ركنت إلى نجيب لم يكن
إلاّ إلى ذاك الجناب ركوني
أعلى مقامي في عليّ مقامه
فرأيت منزلة الكواكب دوني
وظفرت منه بما به كان الغنى
عن غيره في العزّ والتّمكين
وصددتُ عن قوم كأنَّ نوالهم
مال اليتيم وثروة ُ المسكين
فتكاثرت نعم عليَّ بفضله
من فضله وأقلّها يكفيني
السيّد السند الذي صدقت به
فيما تحدّث عن علاه ظنوني
يمحو ظلام الشك صبحُ يقينه
والشكُّ ينفيه ثبوت يقين
متيقظ الأفكار يدرك رأيه
ما لم يكن بالظنّ والتخمين
من أسرة ٍ رغموا الأنوف وأصحبوا نزيلهم
ونوالهم بالبر غير مصون
اللابسون من الفخار ملابساً
ومن الوقار سكينة بسكون
إنّ الذي تجبت به أمُّ العلى
ظفرت به في الأكرمين يميني
ما زلت في ودّيب له متمسّكاً
أبداً بحبل من علاه متين
أنفكُّ أقسم ما حييت أليَّة ً
بالله بل بالتين والزيتون
لولاه ما فارقت من فارقته
وهجرت ثمة صاحبي وخديني
ووجدت من شغفي إليه زيارتي
ضرباً من المفروض والمسنون
وحثثت يومئذٍ ركائبي التي
لفّت سهول فدافد بحزون
كم من يد بيضاء أنهلني بها
ما أنهلّ من وبل السحاب الجون
ورأيت من أخلاقه بوجوده
ما أبدع الخلاق بالتكوين
ولكم تجلّى بالمسّرة فانجلى
صدأ الهموم لقلبي المحزون
حيث السعادة والرئاسة والعلى
تبدو بطلعة وجهه الميمون
يا من جعلت لما يقول مسامعي
أصداف ذاك اللؤلؤ المكنون
إنّي أهشُّ إذا ذُكِرتُ فأجتلي
راحاً تسرُّ فؤاد كل حزين
وإذا صحوت ففي حديثك نشوتي
وإذا مَرِضتُ فأنت من يشفيني
بفكاهة تشفي الصدور وبهجة
قرَّت بها في الأنجبين عيوني
أطلقتُ ألسنة الثناء عليك في
ما أبدعته بأحسن التنظيم
إنْ دوَّنوا فيك المديح فإنّما
مدح الكرام أحقُّ بالتدوين
فاسلم ودم أبداً بأرغد عيشة
تبقى المدى في الحين بعد الحين

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سطا بحسام مقلته وصالا
سطا بحسام مقلته وصالا
رقم القصيدة : 22309
-----------------------------------
سطا بحسام مقلته وصالا
كأنّي جئت أسأله الوصالا
وجار على المتيَّم في جفاه
وأجرى أدْمُعَ الصبّ انهمالا
ومهما ازددت بين يديه ذلاً
يَزد عزّاً ويتبعه دلالا
حكى البدرَ التمام له مُحَيَّاً
وشابه قدُّه الغصن اعتدالا
وأذَّن حسنه للوجد فيه
فشاهدنا بوجنته بلالا
بقلبي نار خدٍّ قد تلظَّتْ
فتورث في جوانحي اشتعالا
وفي جسمي سقام عيون خشف
عدت منها لي الداء العضالا
وما أنسى بذات الرمث عهداً
مضى لكن حسبناه خيالا
زماناً لم نحاذر فيه واشٍ
ولم نسمع لعذال مقالا
وكم قد زارني رشأ غرير
فأرشفني على ظمأٍ زلالا
وعهدي ليله أبداً قصير
فلما سار من أهواه طالا
وأنى يرتجي اللاحي سلُوّي
وقد ذابت حشاشتي انسلالا
أيهدي عن الشواق لاحٍ
وما قد زادني إلاّ ضلالا
فلا تسألْ وقيت الشرَّ دمعاً
إذا ما لاح برق الحيف سالا
أحَلَّتْ سربُ ذاك الربع قتلي
ولا يحوي ـ لبذل المال ـ مالا
ولو أبصَرتَ إذ رحلوا فؤادي
رأيت الصبر يتبّع الجمالا
ألا لله ما فعلت بقلبي
جفون لم تخل إلاّ نصالا
وربٍّ قد كسا الأحباب حسناً
كساني من صبابتها انتحالا
وإنّي في الغرام وفي التصابي
كمثل محمَّدٍ حزت الكمالا
فتى ً في العلم والإكرام بحرٌ
وكان وروده عذباً زلالا
له عزم حكى الشم الرواسي
وخُلقٌ قد حكى الريح الشمالا
ومرتاح إلى الإكرام طبعاً
أحبّ الناس في الدنيا لديه
فتى ً أبدى لنائله السؤالا
ويهوى المكرمات بكل آنٍ
ولن نلقى به عنها ملالا
وكان نداه للعافين وصلاً
وكان على أعاديه وبالا
كساه الله تاجاً من فخار
وألبسه المهابة والجلالا
فلو زالت جبال الله عنها
لكان وقاره فيها جبالا
نديّ الكفّ راحته غمام
فلو لمس الحصى فيها لسالا
وما بخلت له أبداً يمينٌ
بباعٍ من عزائمه لنالا
ويؤذن بشره بسحاب جود
وكانّ تبسم الكرماء خالا
لقد نلنا به صعب الأماني
فلم نعرف بساحته المحالا
وحبر العلم بل بحر غزير
أجلّ الناس في الدنيا نوالا
بدا منه محيّا ثم نور
فأمسى في ذوي الآمال فالا
ومدّ يمينه في البسط يوماً
فأغمرنا عطاءاً واتصالا
حباه الله في حسن السجايا
وتلك عطية الباري تعالى
خلال كالصوارم مرهفات
أجادتها محاسنه الصقالا
فإن قلتا لدى الدنيا جميل
عنينا حسن خلقك والخصالا
أتحصي المادحون له كمالاً
ومن ذا عدّ في الأرض الرمالا
وما غالت بك المُدّاح حَمْداً
إذا ما فيك أطنبَ ثمّ غالى
أعود ببأسه من كل خطب
فقد أضحى على الدنيا عقالا
وعزم يقهر الأعداء قهراً
وإنْ لم تلتق منه قتالا
فلو طاولَنه السمر العوالي
على نيل المرام إذن لطالا
وقد كمل العلوم وكل فخر
وقد زان المفاخر والكمالا
وما هو غير بدر في المعالي
فلا عجب إذا نال الكمالا
فلو شاهدت في التقرير منه
بياناً خلته السحر الحلالا
يهدي الله فيه الخلق رشداً
وفيه يكشف الله الضلالا
ولم يترك لأهل الفخر فخراً
ولم يترك لذي قول مقالا
فما خابت ظنون أخي مرام
أصارك في مطالبه مآلا
فخذها سيّدي منها قصيداً
وصيّر لي رضاك بها نوالا

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ريدَ لوماً فزاد في الحبّ وجدا
ريدَ لوماً فزاد في الحبّ وجدا
رقم القصيدة : 22310
-----------------------------------
ريدَ لوماً فزاد في الحبّ وجدا
مستهامٌ تخيّل الغيَّ رشدا
مازج الحبَّ مرة فأراه
أنَّ هزل الغرام يصبح جدا
ورمى قلبه بجذوة نار
أوقدته بلاعج الشوق وقدا
من غرام رمى به كل مرمى
يتلظى فلم يجد عنه بدا
لوصغى للعذول ما كان أمسى
دنفاً في شؤونه يتردى
يسأل الركب عن منازل نجد
ناشداً منه خلّفتَ نجدا
يتشافى من عهدها بالأحاديـ
لازمٌ في أهليه لا يتعدى
فهو يقضي لها حقوقاً عليه
ويؤدي ما ينبغي أن يؤدى
يا ابن ودّي وأكثر الناس حقاً
في التصابي عليك أكثر ودّا
كفكف الدمع ما استطعت فإنّي
لست أستطيع للمدامع ردا
وإذا ما دعوت للصَّبر قلبي
كان لي يا هذيم خصماً ألدا
زارني طارق الخيال ووافى
من سليمى يجوب غوراً ووهدا
كيف زار الخيال في غسق اللـ
ـيل إلى أعيني وأني تسدى
وتوالى حر الحشا وتولّى
إذ تصدّى لمغرم ما تصدى
وشجتني والصبّ بالبنين يشجي
أنيق في ظعون ظيماء تحدى
ورسوم من آل ميٍ بوالٍ
أصبحت فيه أعين الركب تندى
بعدما كان للنياق مناخاً
ولعهد الهوى مراحاً ومغدى
زجر العيس صاحبي يوم أقبلـ
ـن عليها فقلت مهلاً رويدا
خَلَّنا والمطيّ نستفرغ الدمـ
ع لأطلالها ونذكر عهدا
ونعاني أسى ً لأرسم دار
شقيت من بعاد سلمى وسعدى
يا سقتها الماء وبل غوادٍ
حاملاتٍ للريّ برقاً ورعدا
كلَّما قطَّبتْ من الجوّ وجهاً
عاد فيها بياضه مسودّا
من نياق ضوامر جاوز الوجد
بأحشائها من الحبّ حدّا
أنت أعلى يداً وأطول باعاً
ذي الصفات العلى ذميلاً ووخدا
كلّما أصدرت أياديه وفداً
أوردت من غير جدواه وفدا
باذل من نفيس ما يقتنيه
من نوال ما يخجل الغيث رفدا
أريحيٌّ تهدى إليه القوافي
والقوافي لمثل علياه تهدى
ميرينا السحاب يمطر وبلاً
ونريه الرياض تنبت وردا
ينظم المجد من مناقب علياه
بجيد الأنام عقداً فعقدا
ولآبائه الكرام الأعالي
زادهم ربهم نعيماً وخلدا
حضرات تطوى إليها الفيافي
وتقّد البيداء بالسير قدا
إنْ سرت من ثنائهم نفحات
عاد فيها حر الهواجر بردا
فكأن السرّ الإلهي منهم
لازمٌ في أهليه لا يستعدى
يا عليّ الجناب وابن عليّ
أكرم الناس أحسن الناس جدا
أنت أعلى يداً باعاً
في المعالي وأنت أثقب زندا
هل تدانى برفعة وعلاء
أو تضاهى فلم نجد لك ندّا
مثلت لي أيديك وهي تهادي
مثل وبل الغمام بل هي أندى
لا أرى الورد بعد ظلك عذباً
لا ولا العيش بعد جودك رغدا
كلّما قلت أورد العدم نقصي
مدّني بالنوال جودك مدّا
يرتجي غيري الثراء وأرجو
منك بعد الثراء عزاً ومجدا
فإذا زدتُ من جنابك قرباً
زدت عن خطة النوائب بعدا
كل يوم أنال منك مراماً
من بلوغ المنى وأبلغ قصدا
فإذا كنت راضياً أنت عني
لا أبالي أنْ يضمر الدهر حقدا
إنَّ نعماك كلّما صيرتني
لك عبداً أرى لي الدهر عبدا
لست أقضي شكرانها ولو أنّي
أملأ الخافقين شكراً وحمدا
فاهنأ يا سيّدي بأشراف عيد
كل عام عليك يرزق عودا
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> مَن يحاول في الدهر مجداً أثيلا
مَن يحاول في الدهر مجداً أثيلا
رقم القصيدة : 22311
-----------------------------------
مَن يحاول في الدهر مجداً أثيلا
فليجّرد له الحسامَ الصقيلا
جعل السيف ضامناً وكفيلاً
لبني المجد فاتخذه مقيلا
وإذا ما سلكت ثم سبيلاً
فاجعل السيف هادياً ودليلا
عرّفتكم حوادث الدهر أمراً
كان من قبل هذه مجهولا
كشفت عن ضمائر تضمر الغدر
وتبدي وفاءها المستحيلا
وإذا لم تجد خليلاً دفياً
فاعلم أنَّ الحسام أوفى خليلا
طالما عرّف الزمان بقوم
بدّلتهم خطوبه تبديلا
لا تبلّ الغليل ما عشت منهم
أو يبلّ الصمصام فيهم غليلا
وإذا لم يكن لحلمك أهل
فمن الحلم أنْ تكون جهولا
لا أرى فعلك الجميل بمن لم
يرع عهداً من الجميل جميلا
رضي الله عنك أغضبت قوماً
ما أرادوا غير الفساد حصولا
فلبئس القوم الذين أرادوا
بك من سائر الأنام بديلا
وسعوا في خرابها فاستفادوا
أملاً خائباً وعوناً خذولا
ويميناً لو يملكوها علينا
تركوها معالماً وطلولا
إنّما حاولوا أمانيَّ نفس
حملتهم إذ ذاك عبئاً ثقيلا
ربما غرّت المطامع قوماً
غادرت منهم العزيز ذليلا
أمَّلوا والمحال ما أمّلوه
سؤدداً عنك فيهم لن يحولا
لم ينالوا ما نلت من رفعة القدر
ولو جيء بالجيوش قبيلا
أجمَعوا أمْرَهُم ولله أمرٌ
كان من فوق أمرهم مفعولا
ثم لما جاؤوا إليكم سراعاً
نزلوا عن مرابض الأسد ميلا
فعبرتم نهر المجرة مخلين
مكاناً لهم عريضاً طويلا
نزلوا منزل الشيوخ وتأبى
شفرة السيف أن يكونوا نزولا
ثم لم يلبثوا خلافك في الدار
كما يشتهون إلاّ قليلا
رحلتها عنهم سيوف حداد
ورجال تعبي الرجال الفحولا
إنْ تصادم بها قواعد رضوى
أوشكت في صدامهم أن تزولا
بذلت نفسها لديك ورامت
منك في بذلها الرضا والقبولا
كلّما استلت المهندة البيض
أسالت من الدماء سيولا
فتركت الأعداء ترتقب الموت
منالرعب بكرة وأصيلا
وملأت الأقطار بالخيل والرَّجل
صليلاً مريعة وصهيلا
إنّ يوماً عبرت فيه عليهم
فتنادت عنك الرحيل الرحيلا
هربوا قبل أن يروا صولة الليـ
يث وإن يشهروا دماً مطولا
يوم كان الفرار أهونَ من أنْ
تستبيح السيوف منها قتيلا
ذلّ من لا يرى المنيّة عزّاً
في سبيل العلى وعاش ذليلا
لو أقاموا فيها ولو بعض يوم
لأخذت الأعداء أخذاً وبيلا
ولأكثرت فيهم القتل والسَّبـ
ـي ومثّلتهم بها تمثيلا
وتركت النساء ثكلى أيامى
تكثر النوح بعدهم والعويلا
إنَّ لله حكمة ً حيّرت فيك
بلغتك الأقدار ما كنت تبغيه
وكفّت عدوّك المخذولا
وشفيت الصدور منا فقلنا
صحّ جسم العلى وكان عليلا
أيّد الله فارس بن عجيل
مثل ما أيّد الإله عجيلا
وبما رحمةة منالله حلّت
بلغ اليوم آمل مأمولا
أمِنَ الخائفون في ظلِّ قوم
منع الخطب بأسه أنْ يصولا
عاد للملك حافظاً ومن
على الناس ستره المسبولا
كلما كرّ كرّة ً بعد أخرى
بعث الرعب في القلوب رسولا
ما ثناه عن المكالام ثانٍ
وأبى أن يرى الكريم بخيلا
يقتفي إثْرَ جَدِّه وأبيهِ
وكذا تتبع الفروع الأصولا
فهنيئاً لكم معارج للمجد
شباباً تسمونها وكهولا
رفعة في العلاء أورثتموها
من قديم الزمان جيلاً فجيلا
والمعالي لا ترتضي حيث شاءت
غير أكفائها الكرام بعولا
إنَّ أسلافكم إذا خطبوها
جعلوا مهرها قناً ونصولا
قد بذلتم من النضار سيولا
وجررتم من الفخار ذيولا
لا تنال العداة منكم مراماً
افيرجون للنجوم وصولا
كيف تدنو منكم وأنتمْ أسودٌ
ما اتخذتم غير الأسنة غيلا
فإذا ما ادَّعيتم الفخر يوماً
فكفى بالقنا شهوداً عدولا
قد خلقتم صبابة في المعالي
صبوة الصب ما أطاع العذولا
فانتشيتم وللهوى نشوات
فكأني بكم سقيتم شمولا
لابرحتم مناهلاً ترد العا
فون من عذب وردها سلسبيلا
وبقيتم مدى الزمان وأبقيتم
حديثاً عن بأسكم منقولا

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> قَدِمتَ قدومَ الخير من بعد غيبة
قَدِمتَ قدومَ الخير من بعد غيبة
رقم القصيدة : 22312
-----------------------------------
قَدِمتَ قدومَ الخير من بعد غيبة
كما غاب بدرٌ ثم أشرقَ ونجلى
وأقبلت إقبال السعادة كلها
علينا فحيّا الله وجهك مقبلا
فكنت كصوب المزن صادف ممحلاً
وكنا بك الظمآن صادف منهلا
وشمنا سنا برق المنى غير خلّبٍ
تهلَّلَ يمري العارض المهتللا
تنقَّلت من دارٍ لدارٍ تنقّلاً
ومن عادة الأقمار أنْ تنقلا
وجئت إلى بغداد تكشف ما بها
من الضرّ حتّى ترجع الحال أولا
فأهلاً وسهلاً ما أقمتَ ومرحباً
عزيزاً بأكناف المعالي مجلا
بأصدق من وافى من الروم لهجة
ومن بعث السلطان عيناً وأرسلا
أمينٌ على العمّال تخذل ظالماً
وتنصر مظلوماً وتننقذ مبتلى
فقلنا غداة استبشر الناس كلهُّم
عسى هذه الأحوال أنْ تتبدلا
وفي ضمن لحن القول لولا موانع
دقائق لا تخفى على من تأمّلا
وكم فرج لله من بعد شدة
تعللنا فيه الأماني تعلُّلا
فنحن وإن لم يحسن الكشف حالنا
ولا شتتا خرقاء واهية الكلا
ومن نظر الأشياء نظرة عارف
رآها لديه مجملاً ومفصّلا
وحسب الفتى ذي اللب متن إشارة
يرى شرحها لو كان شرحاً مطوّلا
وما اختصك السلطان إلاّ لعلمه
بأنَّك لن ترشى ولن تتبرطلا
فمن فضله والله يجزي بفضله
علينا أميرَ المؤمنين تفضلا
لتذهب عنّا البغي جيئة راشد
ونحمد فيه آملاً ومؤملا
وننتظر العقبى فإنَّ وراءها
من اللطف ما يحظى به سائر الملا
فلا زال ظلّ الله يأتي بعدله
وما لي الأحكام إلاّ ليعدلا
ومن عدله أنْ يصطفيك لقربه
ويدينك من نيل الرياسة والعلى
ولم أر مثل الفضل يرفع أهله
ولا حلية كالصدق في القول من حلى
فقل ما تشا والقول في ما تقوله
جليٌّ ويأبى الله أن تتقوّلا
ودم وابق واسلم ترتقي كل منصب
إلأى قلة العلياء تعلو وتوقلا

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أقلِّبُ طرفي لا أرى غير منظرِ
أقلِّبُ طرفي لا أرى غير منظرِ
رقم القصيدة : 22313
-----------------------------------
أقلِّبُ طرفي لا أرى غير منظرِ
متى تختبره كان أَلأمَ مَخْبَرِ
فلم أدرِ والأيامُ ذاتُ تغيُّر
أيذهبُ عمري هكذا بين معشر
مجالسهم عاقَ الكريمَ حُلُولُها
أسفتُ على من ليس يرجى العودة
وكان يرى عوناً على كلّ شدة
قضى الله أنْ يقضي بأقرب مدة
وأبقى وحيداً لا أرى ذا مودة
من الناس لا عاش الومان ملولها
إذا الحُّر في بغداد أصبحَ مبتلى
وعاش عزيزُ القوم فيها مذللا
فلا عجبٌ إنْ رمتُ عنها تحوُّلا
وكيف أرى بغداد للحرُّ منزلا
إذا كانَ مفرَّ الأديم نزيلها
إلامَ المعالي يملك الرذل رقّها
لقد كنت لم أحفل بأيام عرسها
ولم يتبدل شههمها بأخسّها
فكيف بها إنْ سادها غيرُ جنسها
ويسطو على آسادها ابنُ عرسها
ويرقى على هام السماك ضئيلها
عجبتُ لندبٍ ثابت الجأش مفضل
يرى بدلاً من أرضه بمبدّل
ولم يك عن دار الهوان بمعزل
فما منزل فيه الهوان بمنزل
وفي الأرض للحرِّ الكريم بديلها
سأركلها يا سعد كلّ معدّة
أجوبُ عليها شدة بعد شدة
وإن مت ألفي البيد موتة وحدة
فلَلموتُ خيرٌ أن أقيمَ ببلدة
يفوق بها الصيدَ الكرام ذليلها
فكم قرصتني من عدى ً بقوارص
هوابط من أرض المساوي شواخص
ولاقيت صعب المرتقى غير ناكص
وأصعب ما ألقى رئاسة ناقص
مستويه إن عدّت كثيرٌ قليلها
أنَبِّهُ طرف الحظّ والحظّ راقد
وأنهض للعلياء والجدّ قاعد
وأنى أسودُ اليوم ولادهر فاسد
وما ساد في أرض العراقين ماجد
من الناس إلاّ فدمها ورذيلها
بلاد بقوم قد سَعَوا في خرابها
فليس شرابٌ يرتجى من سرابها
ولا لكريمٍ منزل في رحابها
فسر عن بلاد طوَّحت لا ترى بها
مقيل كريم للعثار مقيلها
فليس عليها بعد هذا مُعَوَّلُ
ولا عندها للآملين مؤمَّل
فيالك دار قد نبت بيَ منزل
بها الجود مذمومٌ بها الحرّ مهمل
بها الشحّ محمودٌ فهل لي بديلها
وربَّ أخ للمجد في المجد آلفُ
له في ربوع الألأمين مواقفُ
أقولُ له والقول كالسُّمِّ زاعف
ألا يا شقيق النفس عندي صحائف
لقومٍ لئامٍ هل لديك قبولها
صحائف ذي غيظ على الدهر واجد
عليها طوى قسراً جوانح حاقد
وأن لما يبدي لساني وساعدي
سأنشرها والهندوانيّ شاهدي
وأذكرها والسمهريّ وكيلها
فمن مبلغ عني كلاماً ملخَّصا
أهان به عرض اللئيم وأرخصا
أناساً يعيش الحرُّ فيهم منغَّصا
ولي كلمات فيهم تصدع الحصا
وإني على وهني لما قد أمضّني
فكم مهمة ٍ قفرٍ طَوَيْتُ مشافها
بها كل هول لم يزل متشابها
وواجهني ما لم يكن لي مواجهاً
عفا الله عني كم أجوب مهامها
من الأرض يستفّ التراب دليلها
طويت قيافيها ذهاباً وجية ُ
أكان عناءً طيّها أم بليّة ً
كمن يبتغيها منية ً أو منيَّة ٍ
لعلي ألاقي عصبة ً عبشمية ً
فروع مناجيبٍ كرام أصولها
إذا نطقوا بالقول فالقول مُفْلِقُ
وإنْ حاولوا مجداً فعزم محلّق
لهم أرج لم يكتتم فهم معبق
ينم بهم مجد رفيع ومنطق
وينبي عن الخيل العتاق صهيلها
لقد طالما قد بِتُّ أطوي وأنطَوي
على مضضٍ أمست على الضّيم تحتوي
فيا سعد قل لي إنْ نصحتَ فأرعوي
متى يلثم اللبات رمحي وترتوي
سيوف بأعناق اللئام صليلها
أحِنُّ إلى يوم عبوسٍ عصبصبِ
يبل غليلي منجب وابن منجب
فيا ليت شعري هل أرني بموكب
وحولي رجال من معدٍّ ويعرب
مصاليت للحرب العوان قبيلها
شفاء لنفسي يا أميمة حشرجت
أو الساعة الخشنا إلى الأمر أحوجت
فهل مثل آساد الشرى حين هيّجت
إذا أوقدوا للحرب ناراً تأججت
مجامرها والبيض تدمى نصولها
كهولٌ وشبابٌ بآيّهم
ظفرنا رأينا كهلهم كفتيهّم
حماة ٌ بماضيهم وفي سمريّهم
وبالسمر تحمي البيض شبان حيّهم
وبالبيض تحمي السّمر قسراً كهولها
من القوم ما زالت تطبّق سحبهم
وفي عدم الجدوى تفارط صوبهم
كرام بيوم الجدب يعرفُ خصبهم
يهشون للعافي إذا ضاق رحبهم
وجوهاً كأسياف يضيء صقيلها
نماهم أبٌ عالي الجناب سميذع
وعن أصل زاكي العنصرين تفرعوا
فإنّ يدّعوا العلياء كان كما ادَّعَوا
إلى خندقٍ ينمى علاهم إذا دُعوا
ومن خير أقيالٍ إذا عُدَّ قيلها
فمن لي بأبيات يروقك وصفها
يُهان معاديها ويُكرَمُ ضيفها
بحيث العلى والعزُّ مما يحضّها
وما العزّ إلاّ في بيوتٍ تلفّها
عذارى وأبكارُ المطيّ حمولها
تلمّ بها إنْ داهمتها ملّمة
رجال مساعيها إلى المجد جمّة ٌ
وإن هي زمّتها على السير أزمة
تحف بها من آل وائل غِلْمَة ً
لهم صولة في الحرب عال تليلها
وإنّي لأشكو عصبة ً ما تطأطأت
لرشد وغنْ تدعَ إلى الرشد أبطأت
لها الويل قد خَطّت ضلالاً وأخطأت
إلى الله أشكو عصبة قد تواطأت
إلامَ المعالي الرذل رقّها
ويمنعها من ظلمه مستحقَّها
ألا دعوة ٌ للمجد نَوْفُ صدقها
ألا غيرة ٌ تقضي المنازل حقّها
وتوقظ وسنان التراب خيولها
عوادي بميدان الوغى لمفاخر
بكل نزاريّ على الموت صابر
إذا أقْبَلَتْ من كلّ عوجاء ضامر
عليها رجال من نزارٍ وعامر
مطاعين في الهيجا كريم قتلها
إذا نحن لم نحمد بحال ذهابنا
إلى شرِّ جيلٍ شرّهم قد أنابنا
فَلِمْ لا نعاني حزننا واكتئابنا
كفى حزناً أنَّا نعنى ّ ركابنا
تركت ديار اللّهو والعقل تابعي
وبدَّلْتُ سكناها بسكنى المرابع
وما غرّني في الكون برق المطامع
إذا كانت العلياء حشو مسامعي
يريني المعالي سفحها وطلوعها
لقد خاب مسعاها إليهم وبئس ما
تقحّمتْ الأمرَ الخطير تقحَّما
تروح رواءً ترتمي أيَّ مرتمى
فترجع حَسْرى ظلّعاً شفّها الظما
فيا ليتها ضلتْ وساءَ سبيلها
لئن كان صحبي كلُّ أروع يجتري
على كل ليث في الكريهة قَسوَر
ترفَّعت عن رذل الصفات مصعّر
فلا ألوي للأنذال جيدي ومعشري
بهاليل مستن المنايا نزولها
إذا لم يكن ظلٌّ خليَّاً من الأذى
تلذذتُ في حرّ الهجير تلذُّذا
وبدّلت هذا بعد أن عفته بذا
رعى الله نفسي لم ترد مورد القذى
وتصدى وفي ظلّ الهجير ظليلها
يرى المجدَ مجداً من أغار وأنجدا
ولم يُبْق في جَوْب الفدافد فدفدا
إلى أنْ شكته البيد راح أو اغتدى
ومن رام مجداً دونه جرع الردى
شكته الفيافي وعرها وسهولها
رجال المعاني بالمعاني منالها
مناها إذا ما حان يوماً نزالها
هي المجد أو ما يعجب المجد حالها
وما المجد إلاّ دولة ورجالها
أسودُ الوغى والسمهرية غيلها
ديار بها نيطت عليَّ تمائمي
وكان العلى إذ ذاك عبدي وخادمي
فكيف أرى في اللهو لمعة شائم
إذا أبّرَقَتْ في السفح صوب الغنائم
وشاق لعين الناظرين همولها
وعاوَدَني ذكرى دمشق وأهلِها
يروقك مرآه إذا كنت رائدا
فكن لي على صوب الدموع مساعا
متى سمعت أذناك منّي رواعدا
تصوب عزاليها وتهمي سيولها
ذكرتُ زماناً قد مضى في رحابها
سقته عيون المزن حين انسكابها
لقد شاقني ظبيُ الكناس الذي بها
فكم مرة في بعدها واقترابها
تشافت من الأرض الجراز محولها
فأنبتَتِ الخضراءُ محمرَّ وَرْدها
وفاخرت البيداء في وشي بردها
ولما طغت في جزرها بعد مدِّها
سقى كلَّ أرضٍ صوبها فوق حدِّها
فيا ليت شعري هل أرى بعد دارها
من الغبر الورديّ موقد نارها
وهل ناشقٌ من رندها وعرارها
على أنّها مع قربها من مزارها
تلوح لعيني في البعاد تلولها
قضيت بها عيشاً على الرغم ناعما
أرى صادحاً في صفحتيه وباغما
فيوقظ من قد كان في الطيف حالما
ولم يستمع فيها عذولاً ولائما
إذا كانت الورقاء فيه عذولها
فكم راكب فوق الكميتِ وسابقِِ
بحَلبَة مجراه غدا غيرَ لاحق
إذا لمعت في الليل لمعة بارق
يذر عليه بالسنا ضوء شارق
فكن مسعدي يا سعد حين انقضائها
متى نفرت جيرانها من فنائها
وأقَفَرَ ذاك المنحنى من ظبائها
وحلّ سوادٌ في مكان ضيائها
وما أعْطِيَتْ عند التوسل سولها
فما العيش إلا مُنْيَة ٌ أو مَنِيَّة
به النفس ترضى وهي حريّة
فهذي برود نسجها سندسية
وما النفس إلاّ فطرة جوهرية
يروق لديها بالفعال جميلها
ففيها يكون المرء شهماً معظما
لدى كل من لاقا يغدو مكرَّما
فهذا تراه بالفخار معمّما
إذا المرء لم يجعل حلاها تحلّما
فقد خاب مسعاها وضلَّ مقيلها
فألطف آثار الحبيب طلولها
وأنفسُ أطرار السيوف نصولها
فهذي المزايا قلّ من قد يقولها
وأحسن أخلاق الرجال عقولها
وأحسن أنواع النياق فحولها
كمال الفتى يحلو بحسن صفاته
فيزهو لدى الأبصار لطف سماته
يفوق الفتى أقرانه في هباته
هل يقبل الإنسان نقصاً لذاته
إذا كان أنوار الرجال عقولها
فلا العرض من هذا الفتى بمدنس
إذا حلّ في ناد بخير مؤسّسِ
وهذا الذي قد فاز في كل أنفس
فكم أثمَرَتْ بالمجد أغصانُ أنفسِ
يُؤرِقُني في ذكرهم حين يعرض
نسيمُ الصَّبا يسري أو البرق يومضُ
أحبة قلبي حين صدّوا وأعرضوا
ويوحشني من بالرُّصافة قوّضوا
ولي عبرات في الديار أجيلها
أرى جاهلاً قد نال في جهله المنى
كذا عالماً عانى على علمه العنا
وذلك من جور الزمان وما جنى
ومن نكد الأيام أنْ يحرم الغنى
كريمٌ، ويحظى بالثراء بخيلها
أراني وأنياقي لإلفٍ وصاحبي
إلى أصبو وتصبو لجانب
فما بالنا لم نتفق في المذاهب
تحنُّ إلى أرض العراق ركائبي
وصحبي بأرض الشام طاب مقيلها
فهل تسمح الأيام لي برجوعها
فأحظى بأحبابٍ كرامٍ جميعها
لقد عاقني عنها نوى ً بنزوعها
وأخّرني عن جلّق وربوعها
علائق قد أعيا البخاتي حمولها
لقد عادت الأيام تزهو بوصلها
وإشراق محياها وأبيض فعلها
لأنتظر العقبى وربّي كفيلها
وعاندني ذكرى دمشق وأهلها
بكاء حمامات شجاني هديلها
شجتني وما قلب الشجيّ كقلبها
ولم تحكِ من عينيّ منهلّ صوبها
فما برحت من شجوها أو لجّها
تردد ألحاناً كأن الذي بها
من الوجد ما بي والدموع أُذيلها
منازل أشواقي ومنشا علاقتي
وسكر صباباتي بها وإفاقتي
حَلَفْتُ يميناً صادقاً جهد طاقتي
لئن بلّغتني رمل يبرين ناقتي
عليّ حرام ظهرها ومشيلها
ولم أنسَ لا أنستُ في كلِّ ضامر
وقوفي على ربع الظمياء داثر
بحسرة ملهوفٍ وصفقة خاسر
وكم لي على جيرون وقفة حائر
له عبرات أغرقتهُ سيولها
ألَمْ تنظرِ الأرزاء كيف تعدَّدَتْ
وساعدت النحسَ الشقيَّ وأسعدت
قعدنا وقامت أرذلونا فسُوِّدَتْ
وكم باسقاتٍ بالرُّصافة أقعدت
على عجزها حيث استطال فسيلها
لقد نالها دنياً دنيُّ تجبّرا
فتاه على أشرافها وتكبّرا
وكان أذلَّ العالمين وأحقرا
لحا الله دنياً نالها أحقرُ الورى
وتاه على القوم الكرام فسولها
لعلّ خطوباً قد أساءت تسرّني
عواقبها حتى أراها بأعيُني
سأحمل أعباء الخطوب وإنّني
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> بكت بدمٍ من بعد عيسى وبندر
بكت بدمٍ من بعد عيسى وبندر
رقم القصيدة : 22314
-----------------------------------
بكت بدمٍ من بعد عيسى وبندر
عيونُ ذوي الحاجات من كلّ معشر
أهرقت الدمع الغرير عليهما
لواعج حزن في الجوانح مضمر
فلم تبق منه زفرة ما تأججت
ولا عبرة من مقلة لم تحدّر
أقول لركب راح يرتاد منزلاً
لربع على نهر المجرّة مقفر
سرى ضارباً في الأرض ما بين منجد
يخدّ أخاديد الفلاة ومغور
أقيموا عل قبر ثوى بندر
صدور المطايا ما ثوى قبر بندر
ولا تسأموا من واكف الدمع وافرجوا
من الحزن مبيض الدموع بأحمر
ولا تندبوا غير المكارم والعلى
لعالٍ كما صدر القناة مشهر
بكيت فأكثرت البكاء وحقّ لي
بكائي على وفد من العز مكثر
وإنّي لمعذور إذا ما بكيته
بأكثر من قطر الغمام وأغزر
ولي عبرة لم ترقت عند ادّكاره
كما لي فيه عبرة المتفكر
وهيهات أنْ أسلوه يوماً وإنّني
خلا منه يوماً خاطري وتذكري
حسامٌ صقيل المتن أُغمِدَ في الثرى
ووارى ترابُ الأرض طلعة نيّر
وقد كان لم يحجب سناه بحاجب
ولم تستتر أضواؤه بمستّر
فوا أسفي إنْ كان يغني تأسُّفي
وما حَذَري إنْ كان يجدي تحذري
وكنت أراني في النوائب صابراً
فأعدمني صبري فأنى تصبّري
وإنّي لمقبول المعاذير في الأسى
ومن يعتذر مثلي إلى الصبر يُعذر
لقد ضقت ذرعاً بعد فقدان باسل
من الصيد مفتول الذراع غضنفر
وما سرّ نفسي بعده ما يسرّها
ولا راق ما قد راق شيء لمنظري
فيا عبراتي كلّ آن تحدّري
ويا نار أحشائي عليه تسعّري
فقد غاض بحر كلَّما مدّ راحة
إلى الوفد فاضت منه خمسة أبحر
فتسخر من ويل السحاب أكفُّه
بأبرعَ من وبل السحاب المسخّر
إلى الله خطب كل يوم يعاد لي
برزءٍ من الأرزاء يقطع إبهري
مصابٌ أُصيبَتْ فيه آل محمد
برغم العوالي من وشيج وسمهري
أصيبت بقوم ما أصيبت ولم تصب
به مضرُ الحمرا ولا آل حمير
أرتنا المنايا كيف تُصمي سهامها
وكيف تصول النائبات وتجتري
ولو أنَّه يُفدى فَدَتْهُ أماجدٌ
ترى الموت إلاّ فيه أربحَ متجر
ولو أنه يدعو الكماة لنصره
عليها أجابته بنصرٍ مؤزر
ولكنه اغتالته إذ ذاك غيلة ً
ولم تمنع عنه بجند وعسكر
خذي من تشائي بعد أخذك بندراً
من الناس من قد شئته وتخيّري
فما كان مفقود تشق جيوبها
عليه المعالي يوم مجد ومفخر
سقاك الحيا المنهلُّ يا قبر بندر
وحيّاك مهراقُ الغمام الممّطر
سألتك والأجفان يرفضّ ماؤها
عن الضيغم العادي فهل أنت مخبري
تدلّى عقيراً فيك والحتف صارم
لعمري متى يعقر به الليث يعقر
محاسنُ ذاك الوجه كيف تغيّرت
وكان على الأيام لم تتغيَّر
وكان يلاقي ضيفه متهلّلاً
بوجه صباحٍ بالمحاسن مسفر
وقد نُكّرت من بعد علمي بأنها
معارف للمعروف لم تتنكر
مضى لا مضى إلاّ إلى عفو ربه
ومسرح جنات ومورد كوثر
فهل وَدَّعَتْه المشرفيّة والقنا
وناحت عليه البيض في كل محضر
لمن ترك الخيل الجياد كأنها
عرائس ما زُفَّت لغير مظفر
صواهل يعشقن الطراد بموقف
تبيع الردى فيه الكماة وتشتري
دعونا للجدوى مراراً فلم يجب
دعاءً لنا عن عزّة وتكبّر
وكان من الداعي بمرآى ومسمعٍ
وفي منظر ما يروق ومخبر
قريب من الحسنى مجيب لمن دعا
زعيم بأخذ الفارس المتجبر
تراه سلانا بعد هذا بغيرنا
بأرغد عيشٍ أم بأكرم معشر
ألم يَدْر أنَّ المُلك أُهمل بعده
ليس سوى فهد له من مدبر
وأنَّ بني العلياء ضاقت صدورها
لفقدان ذاك السيّد المتصدر
ومن نَظَرَ الأيام معتبراً بها
رآها بعين الذاهل المتجر
تحذّرنا صرف المنون نزولها
وتنذرنا في كلّ يوم بمنذر
شراب ولا منها ورود لمصدر
ونبكي على الدنيا على غير طائل
وما أحدٌ من أهلها بمعمَّر
نؤمّل فيها أنْ يدوم لنا بها
حياة وما دامت لكسرى وقيصر
ونطمع منها بالمحال ولم تكن
أمانيُّنا إلاّ أحاديث مفتري
وهذي هي الآجال قد قدّرت لنا
ولم يَنَل الإنسان ما لم يُقدَّر
ولا بد أن يُمشى بنا فوق أرْبَعٍ
إلى حفرة لا مشية المتبختر
ولو أننا كنّا بقصرٍ مشيّدٍ
وحصن حصين بالحديد مسوّر
وإنَّ المنايا كائناتٌ لوقتها
إذا قدّمت للمرء لم تتأخر
ولا وزرٌ مما قضى الله عاصم
ولا يتّقى منه بدرع ومغفر
على أنها الدنيا إذا ما صفا لنا
بها العيش شابت صفوَه بمكدّر
ومن ترك الدنيا رآها بعينه
قصاصة ثوب أو قلامة أظفر

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أترى في الوجود مثلَكَ عالِمْ
أترى في الوجود مثلَكَ عالِمْ
رقم القصيدة : 22315
-----------------------------------
أترى في الوجود مثلَكَ عالِمْ
يردُ الناسُ بحرَه المتلاطمْ
أنت من أشرف العوالم ذاتاً
إنما هذه الرجال عوالم
أظهر الله فيك للناس سرّاً
ما لذاك السرّ الربوبيّ كاتم
ولك الله ما برحت صراطاً
مستقيما وعارضاً متراكم
وكل ظامٍ على مناهل ما أو
تيت من فضل ربك حايم
تتلقى الأفهام منك وما تنـ
ـطق إلاّ بالحق والحقّ ناجم
كلمات كأنهن سيوف
أين من فضلك السيوف الصوارم
يا قوام الدين الحنيفيّ والـ
ـدين لعمري بمثل ذاتك قائم
إنّما أنتَ رحمة في الأر
ض على أمَّة ِ لها الله راحم
أنتَ للحق واليقين صباح
راح يجلو ليلاً من الشك فاحم
شهد الله أنَّها معجزات
لم تسلم بالحق من لا يسالم
حجج تفحم المجادل بالباطل
والجاحد الألّد المخاصم
وضعت للورى موازين بالقـ
ـسط وفيها لا زال دفع المظالم
طاوَلَتْ هذه السماء بأيدٍ
قصّرت دونها يدا كل ظالم
لا تبالي إذا حكمْتَ بأمر اللـ
ـدي جادت يمينه بالكرائم
آمرٌ بالمعروف ناهٍ عن المنكر
آتٍ بالحقّ ماضي العزائم
وإذا ما أمرتَ لله أمراً
لست تخشى في الله لومة لائم
لك جدُّ الكلام والكلم الطيّـ
ـب يؤني امرئٍ ما يلائم
نَبَّهتْ من أرَدْتَ من سِنة الغـ
ـفلة فاستيقظ الذي كان نائم
رجع المجرم الذي اقترف الذنـ
ـب منيباً فيها وأصبحَ نادم
أعرَبتْ عن بلاغة ٍ لك أقلا
م فِصاحُ الإعراب وهي أعاجم
غرّدت ما جرت بأيديك في
الطرس شبيهاً تغريدها بالحمائم
نافثات وهي الجدوال للفضل
بقلب العدى سموم الأراقم
اتَّبعنا بالحق ملّة إبراهيم حنيـ
ـفاً والحقُّ بالحقِّ قائم
واتَّخذناه قبلة ً وإماماً
ومشيد البيت الرفيع الدعائم
ـب يؤتي كل امرىء ٍ ما يلائم
سلكوا في الندى سبيل المكارم
نشروا ذكر ما طوته الليالي
قبل هذا من عهد كعب وحاتم
كتبولا فوق جبهة الدهر أنّ
الدهر عبدٌ لهم رقيق وخادم
دَرَّ دَرُّ الندى أعاد أكُفّاً
منأناسٍ أعداؤهن الدراهم
بأبي سادة الأنام جميعاً
من ليوث ضراغم وغيوث
وبحور سواهم وخضارم
قال منهم للمكرمات قؤول
هكذا هكذا تكون المكارم
يتعدى جميل فعلهم الناس
وإنْ كان ذلك الفعل لازم
طهّر الله ذاتهم واصطفاهم
قبل ما ينتجون من صلب آدم
دائم الفخر خالد الذكر ما غير
فخارٍ لكم مدى الدهر دائم
واردٌ شرعة العلوم التي ليس
عليها إذا وَرَدْتِّ مزاحم
لم ينلها سواك نعمة مولى
أنت فيها تحلّ طرق النعايم
طالما حثحث النياق حثيثاً
راغبٌ في بديع فضلك هائم
قد وفدنا على كريم إذا استُجـ
ووقفنا بموقف العلم والتد
ريس والفضل والندى والمكارم
وشهدنا معالم المجد فيها
قد تعالت فيا لها من معالم
ثم شِمْنا برق المكارم قد لا
ح سناه من بين تلك المباسم
ولثمنا يدي عظيم قريب
من عظيم تعدَّه للعظائم
كشفتْ غمَّة َ النوائب عنا
ثم نابت لنا مناب الغمائم
لم تزل تتبع الجميل جميلاً
فهي إذ ذاك ساجم إثر ساجم
هذه سيّدي عريضة داعيك
كانت عن الوداد تراجم
كلّما أثبتت مديحك فيها
كان إثباتها لمحو المآثم
أطلب العفو في مديحك والغفـ
ـران والصفح عن جميع الجرائم
فتقبّل مني وما زال قدماً
ناثراً في مديحك العبد ناظم
بقوافٍ على عداك عوادٍ
يا فدتك العدى ووجهك سالم

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يا ابن المخيزيم وافَتنا رسائلكم
يا ابن المخيزيم وافَتنا رسائلكم
رقم القصيدة : 22316
-----------------------------------
يا ابن المخيزيم وافَتنا رسائلكم
مشحونة ً بضروب الفضل والأدَبِ
جاءَت بأعذب ألفاظٍ منظمة
حتى لقد خلتها ضرباً من الضرب
زهتْ بأوصاف من تعنيه وابتهجت
كما زهت كأسها الصهباءُ بالحَبب
عَلَّلْتمونا بكتْبٍ منكُم وَرَدَتْ
وربَّما نفع التعليل بالكتب
فيها من الشوق أضعاف مضاعفة ٌ
تطوي جوانح مشتاقٍ على لهب
وربَّما عَرَضَتْ باللّطفِ واعترضت
دعابة هي بين الجدّ واللعب
قضيتُ من حسن ما أبدعته عجباً
وأنْتَ تقضي على الإحسان بالعجب
فنحن ممّا انتشينا من عذوبتها
ببنتِ فكرك نلهو لا ابنة ِ العنب
فأطربتنا وهزَّتنا فصاحتها
فلا بَرِحْت مدى الأيام في طرب
أمَّا النقيبان أعلى الله قدرهما
في الخافقين ونالا أرفع الرتب
الطاهران النجيبان اللّذان هما
من خير أمٍّ كنت أعراقها وأب
دامَ السَّعيد لديكم في سعادته
وسالم سالماً من حادث النوب
إنَّ الكويت حماها الله قد بلغت
باليوسفين السَّبعة الشُّهب
تالله ما سمعت أذني ولا بصرت
عَيْني بعزِّهما في سائرِ العربِ
فيوسُف بن صَبيح طيب عنصره
أذكى من المسك إن يعبق وإن يطب
ويوسُف البَدر في سعدٍ وفي شرف
بدر الأماجد لم يغرب ولم يغب
فخر الأكارم والأمجاد قاطبة
وآفة الفضّة البيضاء والذهب
من كلِّ من بسطت في الجود راحته
صوب المكارم من أيديه في وصب
لولا أمورٌ أعاقتنا عوائقها
جئنا إليكم ولو حبواً على الرّكب
 
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> تَذَكَّرَ في ربوع الضّال عَهْدا
تَذَكَّرَ في ربوع الضّال عَهْدا
رقم القصيدة : 22317
-----------------------------------
تَذَكَّرَ في ربوع الضّال عَهْدا
فزاد به وجودُ الذكر وَجْدا
وأضناه الهوى بغرام نجد
فأَصبحَ بالضّنى عظماً وجلدا
وشامت منه أعينه فأورى
وميض البرق في الأحشاء زندا
فمن لجوانح مُلِئَت غراماً
كما ملئت عيون الصَّبّ سهدا
وفي تلك المنازل كا قلبي
فمذ فقد الأحبة راح فقدا
سقى أطلال رامة في غوادٍ
تخدد ثم وجه الأرض خدا
وحيّاها حَياً يحكي دموعي
بها يسقي ها علماً ووهدا
وكيف سلوّ أهل الخفيف ودّي
ولم أسلُ لهم في البين ودّا
تصدّى ظبيُ لعل في تلافي
وأسلبني التصبّر حين صدّا
وظلم منه حرّم رشفِ ظلمٍ
سواه لا يريني الوجد بردا
أعينا مغرم العينين صبّاً
تَعدّته السّهام وما تعدّى
لعمرك ما الهوى إلاّ هوانٌ
ومَن رام الملاح وما تردّى ؟
وكم مولى ً تعرّض للتصابي
فصيّره الهوى بالرغم عبدا
خليليَّ اسلكا فينا حديثاً
لنجفو عنده سلمى وسعدى
وهاتا لي بمحمود مديحاً
وقولاً فيه مدحاً ما تودّا
به الرحمن أودع كلَّ فضلٍ
وفي برد الفضائل قد تردّى
إذا عدّوا أكابر كلّ قومٍ
ولم يعطف على دَنِفٍ كئيب
لقد زرع الجميل بكل قلب
فكلٌّ فاه في علياه حمدا
وحلّ له على الإسلام شكراً
فصار عليهم فرضاً يؤدّى
وَعَمَّ ثناؤه شرقاً وغرباً
وسَيَّر ذكره غوراً ونجدا
ويبسط راحة ً تنهلّ جوداً
أحبّ مكارم الكرماء وفدا
ونوردُ من يديه إذا ظمئنا
فيسقينا بذاك الكفّ شهدا
وندفع في عنايته خطوباً
إذا أضحت لنا خصماً ألدا
متى يممته تجدو نداه
أفادك من كلا البحرين رفدا
فهذا أعلم العلماء طراً
وأكرمُ من أفاد ندى ً وأجدى
وكم من حاسدٍ لعلاه يوماً
فمات بغيظه حسداً وحقدا
وأمَّل مجده فغدا كليلاً
ورام بلوغ همّته فأكدى
أردنا أنْ نعدّ له صفاتٍ
فما اسطعنا لذاك الفضل عدا
وحاولنا نروم له نظيراً
فان بعصرنا في الناس فردا
تقلّد منه هذا الدين شيفاً
وزيّن فيه هذا العصر عقدا
وقلنا كالحسام العضب عزماً
نفاق غراره قطعاً وحدا
وقسنا كفّه بالمزن جوداً
فكان يمينه من ذاك أندى
ويمزج لطفه آنا وقاراً
يذوب فكاهة ويشد وجدا
وصال بمحكم الآيات يوماً
وهدّ عقيدة الأغيار هدا
أبان لأهل إيران بياناً
فحيَّرهم بما أخفى وأبدى
دلائل ما استطاعوا ينكروها
وكيف الحقُ ينكر إذ تبدّى
وبحر ما له جزر ولكن
يكون له مدى الأيام مدا
يجرّد من سيوف الله بيضاً
ويركب من خيول العزم جردا
كفى أهل العراق به افتخاراً
فقد نالوا به عزاً ومجدا
فما ضلّت لعمر أبيك قوم
تروم بعلمه للحق رشدا
وما أرضى بها إلاّك يفدى
طلبت العلم لا طلباً لمال
فنلت بذاك توفيقاً وسعدا
ولو يعطي الرجال على حجاها
إليك من القليل الأرض تهدى
ولم لا منك تغتاظ الأعادي
وهم جيفٌ وشمّوا منك ندا
فظنوا قاربوك بكلّ شيءٍ
وهيهات التقارب صار بعدا
عليك أبا الثناء يبثّ عبد
مدى أيامه شكراً وحمدا
نعيد باسمك السامي قصيداً
ولا نبغي سوى المرضاة قصدا

العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> خذ بالمسرة واغنم لذَّة َ الطَّرب
خذ بالمسرة واغنم لذَّة َ الطَّرب
رقم القصيدة : 22318
-----------------------------------
خذ بالمسرة واغنم لذَّة َ الطَّرب
وزوِّج ابن سماءٍ بابنة ِ العنب
واشرب على نغم الأوتار صافية
مذابة في لجين الكأس من ذهب
ولا تضع فرصة ً جاد الزمان بها
ساعات أنسك بين المجد واللعب
أما ترى الروض قد حاكت مطارفه
أيدي الربيع وجادتها يد السحب
والورد قد ظهرت بالحف شوكته
وخضبت وجنتاه من دم كذب
وزان ما راق دمع الطل حين بدا
تبسّم الأقحوان الغض عن شنب
والراح منعشة الأرواح إن مزجت
صاغ المزاج لها تاجاً من الحبب
وإن بدت وظلام الليل معتكر
رمت شياطين هم المرء بالشهب
داو بها كلَّ ما تشكوه من وصب
ففي المدامة ما يشفي من الوصب
ودُر بحيث ترى الأقداح دائرة
فإنها لمدار الأنس كالقطب
يعود ما فات من عهد الشباب بها
يشبّ فيها معاطيها ولم يشب
يمجُّ منها فمّ الإبريق رائقة
تخالها إنها صيغت من اللهب
في جنة راق للأبصار رونقها
وأدمع المزن ما تنفك في صببو
الورق تملي من الأوراق ماخطبت
على منابر غصن الدوح من خطب
وما برحت لأيام مضت طرباً
داعي المسرة والأفراح يهتف بي
حتى إذا العيد وافانا بغرَّته
أقَرَّ شوال عيني في أبي رجب
بالسيد العلويّ الهاشميّ لنا
فوز يؤمَّل من قَصْدٍ ومن أرب
أحيت مكارمه ما كنت أعْرِفُها
من الأوائل في الماضي من الحقب
الله ألهمه فهماً ومعرفة
وحسن خلقٍ وحلماً غير مكتسب
إني أباهي به الأشراف أجمعها
بذلك النسب العالي الذي حسب
فداؤه كل ممقوت بشانئه
فلا إلى حسب يعزى ولا نسب
هو السعيد الذي يشقى العدو به
من ذا يعاديه في الدنيا ولم يخب
لما دعاه وليّ الأمر منتدباً
أجابه وأراه خير منتدب
دعاه مستنصراً في عسكر لجب
وقد ينوب مناب العسكر اللجب
فسار مستصحب التوفيق يومئذٍ
فسار أكرمَ مصحوبٍ ومصطحب
وصار تدبيره يغني عساكره
عن الكتائب بالأقلام والمتب
كم كربة نفّست للجيش همته
فحقّه أنْ يسمى كاشف الكرب
دعا إلى طاعة السلطان فاجتمعت
له القبائل من بعد ومن قرب
لقد أجابته وانقادت لطاعته
ولو دعاها سوى علياه لم تجب
أراعه ما أرهم من مكارمه
وجاء من بره المعروف بالعجب
تلك المزايا لأجدادٍ له سلفت
فأعقب الله ما للمجد من عقب
من سادة شرّف الله الوجود بهم
قد أورثوها علاءً من أبٍ فأب
فلم تجد من لسان غير منطلق
ولا فؤاداً إليهم غير منجذب
فلا تقسهم بقوم دونهم شرفاً
يوماً وكيف يقاس الرأس بالذنب
لقد كفى العسكر المنصور نائبة
تجثو لها نوب الدنيا على الركب
وقوّمت كل معوَجٍّ صوارمه
وسكنت منذ وافى كلّ مضطرب
وأسعد الله مولانا الفريق به
فكان ثابت سعد غير منقلب
وكان أعظم أسباب الفتوح له
فيا له سبب تاهيك من سبب
أما وربك لولاه لما خمدت
نار لها غير فعل النار بالحطب
دهياء تفغر فاهاً لا سبيل إلى
لا يسأمون من الإقدام في الطلب
وكان خيراً لهم لو أنهم رجعوا
عن غيّهم بعد ذاك الجهد والنصب
بَغوا لما نزغ الشيطان بينهم
والبغي يسلم أهليه إلى العطب
حتى إذا دبّروا للحرب أمرهم
وهم عن الرأي والتدبير في حجب
فأقبلت برجال لا عداد لها
وحيّر الترك ما لقت من العرب
لله درك ماذا أنت فاعله
بذلت نفسك فوق المال والنشب
والحرب قائمة والنار مُوْقدة
يقول منها جبانُ القوم واحربي
يساقط الموت من أبطالها جثثاً
كما يساقط جذع النخل بالرطب
برزت فيهم بروز السيف منصلتاً
من غمده وأخذت القوم بالرعب
كففت أيديهم عن ما تمد له
فما استفادوا سوى الخذلان في الغلب
وشتت الله ممن قد طغى وبغى
جمع الخوارج بين القتل والهرب
ودمّر الله في أقدامهم فئة
فكان أعدى إلى أخرى من الجرب
تعبتم فأحتم بعدها أمماً
كم راحة يجتنيها المرء من تعب
وعم فضلك ذاك القطر أجمعه
يا حسن ما أصبحت في مربع خصب
رأس الأكابر والأشراف من مضر
صدر الرئاسة فخر السادة النجب
ليهنك النصر والفتح المبين وما
بلغت من جانب السلطان من أرب
لئن حباك بنيشان تُسرُّ به
بطالع لقران السعد لم يغب
هذا المشير أعزّ الله دولته
أبان فضلك إعلاناً لكلّ غبي
وخذ إليك بقيت الدهر قافية
تلوح منك عليها بهجة الأدب
 
الوسوم
الشعر العربي العصور جميع دواوين
عودة
أعلى