لوحات شعرية من التراث النابُلسي

نغم السماء

من الاعضاء المؤسسين
حبيت انقلكم 40 قصيدة شعر من التراث الفلسطيني للشاعر (وليد محمد الكيلاني)

ارجو ان تنال اعجابكم


من أَجلِ عَينكِ
من أَجلِ عَينكِ قَد سَهِرتُ لَيالي
وَحَمَلتُ مِن حُبي إليك لآلي
نابُلسُ إنكِ أنت أغنيتي التي
فيها ابتدأت وما انتهى موالي
نابُلسُ أنت حَبيبَتي فاضَ الهَوى

فأتيتُ أسعى طامعاً بوصالِ
ونَظَمتُ مِن شوقي إليك قصيدةً

وشَرحتُ فيها ما ألمَّ بِحالي
إني أباتُ على فراشي ساهِراً

وتمرُ أيامُ الوصالِ ببالي
لما هَمَمْتُ بأن أُجمِّع همَّتي

ألفيتُني مُتفكِكَ الأوصالِ
لملمتُ نفسي يومَ جئتُك زائراً

ما رَدَّني تَعَبٌ ولستُ بسالِ
قد عشتُ فيكِ طفولَتي ببراءةٍ

ولعبتُ مثلَ بقيَة الأطفالِ
وبلغتُ مرحَلةَ الشبابِ وعزَّها

حبُّ الشباب هوَ العزيزُ الغالي
لما رأيتكِ دَقَّ قلبي خافقاً

وَنَظَرتُ في شَوقٍ إلى عيبالِ
وصمتُّ لم يَنطِق لِساني حينَها

وَمَعي برأسي ألفُ ألفِ سؤالِ
وَسَجدتُ لما شُفتُ وجْهكِ شاكِراً

وخلَعتُ من قبلِ السجودِ نِعالي
ومشيتُ في الأسواقِ كنتُ محدِّقاً

أسترجِعُ التاريخَ في الأطلالِ
وَنَظرتُ في كلِ الوجوهِ لَعلَّني

ألقى من الأطفالِ بعض رجالِ
ورأيتُ أكوامَ التُرابِ تجمعت

فعلِمتُ أنكِ عِشتِ في زلزالِ
شاهدتُ في كل الدروبِ حَواجِزاً

لم تَحصَلي يوماً على استقلالِ
فالأرضُ قد ضاقَت على أحرارِها

لا أمنَ مثلُ العيشِ في الأدغالِ
والظلمُ أَصَبح سائداً مُتحكماً

مُتعدد الألوانِ والأشكالِ
العدلُ يربط دائما بين الورى

والظلمُ يهدِمُ كلَّ صرحٍ عالِ
والسلمُ يهزِمُ دائماً أعداءَه

والسيفُ ذو حدينِ يا متعالي
فإذا مَسكتَ به فحاذِر بطشهُ

فالدهرُ يَقلِبُ لا يدومُ لِحالِ
والكلُ يأتي للحياةِ زيارةً

ما دامَ إلا طيِّبُ الأعمالِ
هذي بلادي قد ولدتُ بأرضها

والمالُ مالي والحلالُ حلالي
واليومَ تطرُدني وتُغْلِقُ بابَها

أتريدُ قتلي أنتَ أم إذلالي
شردتني في كل أرضٍ تائهاً

عذبَتني جَوعت لي أطفالي
وإذا نَطَقتُ تقولُ أنتَ محرضٌ

أتريدُني أن لا أحسَّ بِحالي
إكذِبْ ولكن إن تُصدق كذبةً

لفَّقْتَها حَتْماً فأَنت ضَلالي
الليلُ مهما طالَ يوماً ينجلي

وستلتقي الأجيالُ بالأجيالِ
 

أحلام الشباب
لوحات شعرية من التراث النابُلسي


اتذكر أحلى أيام عشناها في نابُلسَ ولم ندرِ
كنا نمسك بنجوم الليل ونتكئُ على حرف القمر
ونتوه ونسبح خلف ا لمجهول وبعد حدود الفكر
احلام شباب حملتنا بخيال فوق بساط سحري
اتذكر لما كنا نخرج للشارع في وقت العصرِ
(ونكزدر) حتى (نخزق) قاع الأحذية المهري
نحمل كتب المدرسة نذاكر تمويها ونُوَرّي
نهلك أرجلنا ونعد خطانا نمشيها في حذر
ونبصبص بعيون تتحرك كعيون الصقر
نشتاق النظرة نحلم بالوصل وبالحب العذري
ننشد أشعار المجنون ونسرح بجدائل ليلي السُمر
ونردد ما كنا نحفظه من أبيات الغزل من الشعر
ونغني لحليمٍ «ظلموه» بصوت مكبوت منحشر
ذكرى أيام (تسوى) العمر وما بقى لنا من هذا العمر
لكن الصورة لف بها الفلم وتاهت في لوح القدر
صور نحن نسجلها ويمر العمر فَتُمسَحُ كلُّ الصور

 

عدة الشيخ نظمي
لوحات شعرية من التراث النابُلسي


اتذكر فرقة عمدة موسيقى نابلس المشهور الشيخ نظمي


تخرج من وسط الياسمينة في تشكيل موزون منتظم
تحمل بيرقها الأخضر مرفوعاً فوق عمود ذي رأس كالسهم
والشيخ (عوكل) يتمخطر كالقائد وسط الجيش المنتصر
بعمامته الخضراء ويبدو كالطاووس بجبته الكحلي
وباذني قرع طبول يتعالى بمطارق من سعف النخل
وأرى انصال سيوف تلمع في ضوء الشمس بوسط الحفل
والشيش يُسل من الغمد بحفلات الذكر ويغمد في الصدر
والله حيّ, شيخ نظمي شوف اللي بالطاقة, شايف وأغرش وعالنبي صلي



عدة الشيخ نظمي: فرقة موسيقى شعبية كان يرأسها الشيخ نظمي عوكل وكان يتبع طريقة صوفية وكانت فرقته تجتمع في زاوية تقع في حارة النوباني, إحدى الحارات في نابُلس. وكانت العدة تخرج إلى شوارع نابُلس في المناسبات الدينية والأعياد وأحيانا تشيع بعض المتوفين
 

بركة عجعج
وعودة الحَجَّارة

لوحات شعرية من التراث النابُلسي


اتذكر بركة عجعج, خضراءَ اللون, عليها الطُحلبُ فوق الماء يطوشْ
وطيوراً فوق الأشجار مساكنها, وضعت بيضاً, وبنت بين الأغصان عشوش
وبعض الاولاد يُقطِّعُ خساً, والبعض الآخر يصرخ إلْـــحَقْ سرقوك وحوش
وترتد الاولاد وتهرب مسرعة فوق الارض المبلولة والحقل المنكوش
والبستاني يلحق يسب ويتوعد أن يسلخ جلداً ويبط كروش
أتذكر عتمة نزلة حبس الدمْ وبيوتاً فوق العَقْد, وسقفَ الحوش
وضربَ الوتر على القوس بدكان التنجيد, يطارد اكوام القطن المنفوش
وخروجَ جموع الحجّارة في الصبح الباكر فوق ظهور حمير وجحوش
والصخر يفجر بالالغام ويُكسَّر بالمرزبَّةِ, ويُشَّكل بالازميل وبالشاكوش
والعودةُ بعد العصر الى البلد بمختلف الاشكال من الحجر المنقوش
وتحذير الحجَّارة للناس تردد (حا حا دي دي) حَرِّكْ حيلك ظهرك حَوِّدْ حوش
حجَّارٌ من رأس الجبلِ, ينادي الآخر في الوادي, في صوت عال وجروش
هل تسمعني يا حامدُ فيجيبُ نَعمْ أَسْمعُكَ أَنا لست بمطروش
فيقول له, هل تحضر سينما العاصي, كريوكا ترقص والوجه جميل وبشوش
فيجاوبه نعم, جهز تذكرتين, فيقول له حاضر, فيجاوبه خوش
أتذكر لكن أصبح في الصورة تقطيع وامتلأ الدسك غُباراً وخدوش
هذي لقطات من صور الماضي, انقلها للاجيال القادمة بدون رتوش


لوحات شعرية من التراث النابُلسي

بركة عجعج
وعودة الحَجَّارة

لوحات شعرية من التراث النابُلسي


اتذكر بركة عجعج, خضراءَ اللون, عليها الطُحلبُ فوق الماء يطوشْ
وطيوراً فوق الأشجار مساكنها, وضعت بيضاً, وبنت بين الأغصان عشوش
وبعض الاولاد يُقطِّعُ خساً, والبعض الآخر يصرخ إلْـــحَقْ سرقوك وحوش
وترتد الاولاد وتهرب مسرعة فوق الارض المبلولة والحقل المنكوش
والبستاني يلحق يسب ويتوعد أن يسلخ جلداً ويبط كروش
أتذكر عتمة نزلة حبس الدمْ وبيوتاً فوق العَقْد, وسقفَ الحوش
وضربَ الوتر على القوس بدكان التنجيد, يطارد اكوام القطن المنفوش
وخروجَ جموع الحجّارة في الصبح الباكر فوق ظهور حمير وجحوش
والصخر يفجر بالالغام ويُكسَّر بالمرزبَّةِ, ويُشَّكل بالازميل وبالشاكوش
والعودةُ بعد العصر الى البلد بمختلف الاشكال من الحجر المنقوش
وتحذير الحجَّارة للناس تردد (حا حا دي دي) حَرِّكْ حيلك ظهرك حَوِّدْ حوش
حجَّارٌ من رأس الجبلِ, ينادي الآخر في الوادي, في صوت عال وجروش
هل تسمعني يا حامدُ فيجيبُ نَعمْ أَسْمعُكَ أَنا لست بمطروش
فيقول له, هل تحضر سينما العاصي, كريوكا ترقص والوجه جميل وبشوش
فيجاوبه نعم, جهز تذكرتين, فيقول له حاضر, فيجاوبه خوش
أتذكر لكن أصبح في الصورة تقطيع وامتلأ الدسك غُباراً وخدوش
هذي لقطات من صور الماضي, انقلها للاجيال القادمة بدون رتوش

بركة عجعج: تقع بركة عجعج في بداية طلعة جبل جرزيم تقريبا في الجزء الوسطي منه مقاربة لحبس الدم. وكانت البركة تستمد مياهها من الينابيع المتدفقة من جبل جرزيم, وكانت عبارة عن حوض لتجميع المياه لسقاية المزروعات من ناحية وللسباحة من ناحية أخرى. وكانت هي البركة الوحيدة للسباحة في نابُلس.
حبس الدم: سجن قديم في نابُلس كان يستخدم أيام العهد التركي. ويتكون من عدة غرف مبنية على شكل أقواس على نظام بناء العَقد.
وتر وقوس التنجيد: القطن المستخدم في الفراش والوسائد يتلبد نتيجة الاستخدام. وكان يتم تنفيشه بين الحين والآخر بواسطة المنجدين, الذين كانوا يستخدمون قوساً من الخشب عليه وتر, ويضربونه بمطرقة كبيرة من الخشب فيهتز الوتر ضاربا وطاردا القطن، وهذا يسبب تخلخله وتنفيشه, وقد استبدل هذا الاستخدام بالمعدات الكهربائية من مدة تزيد على أربعين سنة.
المرزبة: مطرقة ضخمة من الحديد يدها من الخشب تستخدم في تكسير الصخور الكبيرة. ومن المحلات المشهورة في التنجيد محلات الحج اسكندر الذي يرجع تاريخها إلى عام 1895
 

أعياد السُّمَرا
لوحات شعرية من التراث النابُلسي


اتذكر لما كنا نحتفل مع (السُّمَرا) في أعياد الطورْ
ونستمتعُ بترانيم الكاهن (صدقَهَ) يقرؤها في لوح منشور
يدعو أن يأتي العام القادم بالرزق وبالخير الموفور
والخِيَمُ تُدقُّ رواسيها في رأس الجبل, ويُبني في الأرض التنور
والكاهنُ يمُسِكُ قرنَ القربان وَيتكيه ويتمتِمُ وتُجزُّ نُحور
وَتَشْتعلُ بأكوام الخشب النيرانُ, وينبعث من النار النور
ويُشدُّ القربانُ على خشب الدولاب ويشوى ويُحمَّرُ ويدور
أَتذكرُ قصصَ التنجيم, وأوراقَ الحُجُبِ وفَكَّ السحر وحَرقَ البخور
كنا لا نتعصب للاديان ونعلمُ أن اللهَ رحيمٌ وغفور
نتسامح في المعتقدات كما أمر اللهُ ولا نتخطى المحظور
خلق الله الناس شعوباً لتعارف لم يعزلها بجدار أو سور

السمرا: طائفة تعيش في مدينة نابُلس من أكثر من ثلاثة آلاف عام, تتبع تعاليم الدين اليهودي, وتسكن جبل جرزيم (الطور) وتختلف في تعاليمها بعض الشئ عن الطوائف اليهودية الآخرى. ويقول السمرا عن أنفسهم أنهم فلسطينيون أصليون من عهود طويلة. وعلاقة هذه الطائفة مع أهل نابُلس علاقة حميمة. وبالإضافة إلى الأنشطة الاقتصادية العادية تتميز هذه الطائفة بتخصصات مثل التنجيم والتنبؤ وكتابة الحجب
 

حمامات نابلس
لوحات شعرية من التراث النابُلسي


حمامات نابلس كانوا كتار, القاضي والدرجة والسمرا والبيدر والخليلي والريش
وكانوا الناس يطلعوا عَلْحمَّاماتْ شطحة ويحملوا معاهم من المقلوبة للمناقيش
ويعملوا خلواتهم ويْسكّْروا الحمام ويعزموا كل حبايبهم ومعاهم البرابيش
وتزغرد وتطبل وترقص النسوان, ومافيش واحده من بينهم ما تغنيش
والعريس كانوا ياخدوه صحابه للحمام ويسلخوا جلده من كتر الفرك والتخييش
ويعملوا خلوه للعروس في الحمام ويطلعوها تضوي وتلمع من غير ورنيش
واجرة الحمام كانت ملاليم معروفة, ولو كترت وطارت بعض قروش
وفي ناس كانت تدفع اجرة الحمام نقداً وفي ناس كانت تقول اليوم معيش
وأهل نابلس جماعة محترمين بيتقوا ربهمْ وعلى الناس ما بيعتدوش
وبالكرم والشهامة معروفين وبحافظوا على الجار وعلى ضيوفهم ما بيبخلوش
لكن في منهم عندهم نهفات كتيره وشاطرين بكتر الحكي وشاطرين بالتنكيش
ولما يسمعولهم قصة صغيره بعملوها كبيره وبْحطُّولْها رتوش
وفي قصه عن زبون كان شايف حالة ودايماً عامل زي الطاووس منفوش
وطلباته كانت دايماً كتيره وصاحب الحمام بستتقل دمه وما بهضموش
ويصب على حاله طن ميه سخنه ودايماً حامل الطاسه والجرن ما يتركوش
وكان كل مره يحاول ياكل اجرة الحمام والدين اللي عليه كان ما يسدوش
وصار صاحب الحمام طالع دينه منه ومقبعه معاه والحاله صارت ما بتوفيش
وبدا في كل مرة يسمِّع الزبون كلام وصاروا الشغيلة يلَطْشوه بالكلام تلطيش
وفي يوم قال لشغيلته خلينا نخلص من هالسحنه ونطفشه من الحمام تَطفيش
وقالهم اجمعوا وخبَّولُهْ اواعيه وخَلُّولهْ بس العصاهْ والقَشَط والطربوش
ولما خلَّصْ أخينا من حمامه دوَّرْ على قُنبازهْ وسرواله لكن ما وَجدْهوش
وقال يا ولاد وين حطيطوا الاواعي يالله جيبوهم وما تتزانخوش
لكن صاروا كلهم يضحكوا عليه وسكتوا وداروا ظهورهم وما ردوش
قام لبس القشط على خصره على اللحم وحمل بايد عصاته وبالتانية الطربوش
وَعَرَّش حاله ودفع كرشه قدام جسمه وإيامها كانوا الناس بيتباهوا بالكروش
ووقف في نص دين الحمام كما ربه خلقه حالته حاله وشعره واقف ومنكوش
وخبَّط بعصاته عَبَلاطْ أرض الحمام وصار يصيح ويهدد زي الملطوش
وقال طيب بسيطه يا عكاريت راح اطلع خارج الحمام واصرخ بوسط الحوش
واقول يا أهل نابلس يا عالم الفرجه ببلاش تعالوا اتفرجوا ليش ما تتفرجوش
يا ناس اسمعوا الله بالعقل عرفوه يا إما بتصدقوني يا إما ما بتصدقوش
معقول أنا إجيت على الحمام هيك بالزلطْ بس صحاب الحمام جماعه ما بستحوش
قالوله هي سروالك وقنبازك ورجينا عرض كتافك وباب الحمام ما تعتبوش

حمامات نابُلس: كان في نابُلس مجموعة عديدة من الحمامات العامة تسمى حماما ت بلدية أو تركية. وكان يأتيها الماء من العيون التي تستمد مياهها من اليانبيع الطبيعية المتركزة في سفح جبل جرزيم. وأهم مصدر لتلك الينابيع هو ينبوع راس العين. وتسخن المياه في صهاريج كبيرة توقد النار من تحتها في موقد يسمى القميم, وهو غرفة صغيرة مغلقة, تجمع فيها القمامة وتستخدم وقوداً للتسخين, وكلمة القميم مشتقة من كلمة القمامة.
 

أفراح القرويين
لوحات شعرية من التراث النابُلسي


أتذكر حفلاتِ الأعراس وأفراحَ القرويينْ
وسرادق تنصب وسط القرية وكهارب تشعل للتزيين
وتدور القهوة للترحيب وتسكب وتقدم بفناجين
وتوزع للناس الشربات وتفتح علب التدخين
أتذكر طلعة جَمْع الزفَّة من بين الناس المجتمعين
وأناشيدَ الأعراَس ودَقَّ الطبل ومدحَ المداحين
والمُعْرِسْ يُحْمَلُ فوْقَ الأكتاف ويُقرصُ للتسخين
ويَنْشُرُ في الأفق البارودُ دخانا ويلعلعُ برنين
أتذكر حلقات الدبكة عند خروج جموع الدباكين
والشبَّابةُ تعزف وتدور الحلقة في الدبكة والرقاصين
والمنديل يُلَوَّحُ بالأيدي والأرجُلُ تُحدِثُ في الأرض رنين
والعرق يَشُرُّ ويُمسَحُ من حول الرقبة أو من فوق جبين
وتزغرد بعض النسوة في حيِّ ويُجاوبه الآخر في تلحين
لن ننسى أيام الماضي وحياة العز بأرض فلسطين
 

بئر النبي يعقوب

لوحات شعرية من التراث النابُلسي


قصة سيدنا يوسف وردت في التوراة وفي الانجيل وأيضاً في القرآنْ
أُلقى في البئر بنابُلسَ حين تآمر من غيرتهم وتخلا عنه الاخوان
جاؤا بقميص كذب يبكون عشاءاً ورواية بهتان
أكل الذئب أخانا يوسف لمَّا رحنا نستبق فيا للخسران
فبكى يعقوب من الحزن وجف الدمع بمقلته وابيضت منه العينان
لكن منَّ الله على يوسف فتعلق من أَعماق الجب بدلو الركبان
نقلوه إلى مصر وشراه عزيز القوم عسى ينفعه بالبخس من الاثمان
ما كان ليرضى يوسف بالفسق, وَحَفِظَ المعروف وصان العهد وما خان
اودِعَ في السجن فأَلهمَهُ الله الصبرَ واعطاه الحكمة ورعاه وصان
اكرمه فحباه القدرة في تفسير الاحلام فصار عليَّ الشآن
قَدْ قُدَّ قَميصُكَ من دُبُرٍ يا يوسُفُ والحقُ على الباطل قد ظهر وبان
وخزائن مصر أَضحت بيديك وصرت عليها القيِّمُ ولك السلطان
صَدَقَتْ رؤياك سجدوا لك اخوتك وقرت عينا أبويك وعُليت مكان
يا يوسف لو تدري ما أصبحت الاحوال عليه وما نحن نعيش به الآن
قد عم الظلم بكل مكان والباطل قد أصبح حقاً وانتشر البهتان
يا نابلس تبوأت مكاناً في اسفار التاريخ وفي السير وفي الأديان
وجبالك حملت كل الصبر مع الشوك وفاضت بالخير سهولك والوديان
يا بلد العز وبلد الخير حملتينا وعلى كتفيك رسا جبلان
لكن اليابس قد أكل الاخضر حتى جف الزرع ولم يبق من البقر سمان
ربٌ أحدٌ للناس جميعاً, هو خالقهم ما كان لهم يوماً ربان
فهو المانحُ والمانعُ والقادرُ والقهَّارُ الغفَّارُ الربُ الرحمن
وسيفنى كل الخلق ويبقى وجه الله الخالق أفلا يتعظ الانسان

عاش نبي الله يعقوب وأولاده في مرحلة من حياتهم في كنف مدينة نابُلس, ويقال أن النبي يعقوب كان يسكن قريباً من مكان جامع الخضر. ويوجد في نابُلس بئر النبي يعقوب ويقال أن المسيح عليه السلام طلب أن يستسقى من هذا البئر من السامرية. أما بئر سيدنا يوسف فهو حسب ما يعتقد خارج مدينة نابُلس في منطقة تسمى دوثان.
 

شاعر الربابة
في مقهى الميناوي

لوحات شعرية من التراث النابُلسي


أتذكر مقهى الميناوي في وسط البلدة في شارع حطين
وصفوف أراجيل عمَّرها الجَرسون لمن يرغب بالتدخين
والشاعرُ يعزف بالليل ربابته, ويرحب بالمستمعين
يروي أخبار الماضي, ويحدِّثُ عن امجاد الابطال المنتصرين
من قصص الزير, وعنترة العبسي, وابي زيد, وصلاح الدين
يتحمس بعد السهره بعض الأبطال من الرواد المنسجمين
وتختلط عيارات النار باصوات الناس المحتفلين
اذكر ما كنا نسمعه عن قصص الثورة في الستة والثلاثين
لما كنا حزبين كما هي عادتنا منقسمين ومختلفين
ونردد لا نعرف ما تعنيه جملة «سيف الدين الحاج أمين»
وعبدنا الاشخاص, طفونا فوق السطح كما يطفو فوق الماء الفلين
كنا في واد, والعالم في واد, لا نعلم أنا كنّا منسيين
 

للرجال فقط
عملية تطهير «غير عرقي»

لوحات شعرية من التراث النابُلسي


أأنا بتذكر لما كنا ولاد صغار, عمنا الدكتور ابو مسعود شقير
كان بتاع كله دكتور سنان, ومطهر, ومجبر, وتمرجي, ومختار كبير
ومعلم أصلي عارف شغله, وايده مسحوره وخفيفه كتير
وكانت كل أَهل نابلس بتحبه, وما كان عنده غلاظه ولا تقصير
يحمل بالشنطه موس حلاقة ومشكه وابره وكلابه وما عنده تخدير
ولما يدق بقفا الولد الابرة يخليه يصرخ ويهرب مش عارف «وير»
وعند ما تدب في الولد الروح ويكبر يقولوا لازمله حسب السنة تطهير
ويحمل ابو مسعود العدة للبيت ويلبي دعوة الناس من غير تأخير
ويتنحنح ويخبط بخفة على الباب ويقول يا الله افتحولي دَسطور
ويسأل وين العريس هاتولي اياه وجيبولي ميه وشعلوا البابور
ويخرج عدته من الشنطة ويزبطها ويصفها جنب بعضها طابور
والأمُ من ورا فتحة الباب تتفرج والاب واقف عالولد ناطور
ويقول ابو مسعود للولد عمي خود هالملبسة وخليك عاقل وشطور
واتطلع شوف هون على إصبعي في السقف في حمامة بدها تطير
ويرفع الولد المسكين راسه وعلى نياته مش عارف شو راح يصير
وعلى المصطفى ابو مسعود يصلي ويكبر ويهلل ويشك الجلده بسيخ صغير
ويروح مستل من على الطاولة موسه وبلحظة يهف الفلتر من راس «الطير» ؟
ويصرخ الولد من حلاوة الروح وينزل يسب لكنه معذور
ويعرف انه ابو مسعود ضحك عليه ومفيش في السقف حمامة ولا عصفور
وياخذ ابو مسعود الاجره حسب القدره وما كان عنده فاتوره ولاتسعير
ويزفوا الولد بحفله كبيره طبله وزغروطه واغاني ورقص وتزمير
وبعض الناس يسموها عملية ختان والبعض يقولوا عليها تطهير
وهديك الايام ما كان عند الناس كمرات والمشهد كان يعدِّي من غير تصوير
والدنيا كانت ماشيه عالبركه كله مقبول ونعمه وماشي ويصير
ومن بعدها إجو خُبرا كتار وقالوا إِنه العملية عاوزه تطوير
وصاروا يقصوها على فتحة البيكار لكن ابو مسعود كان اشطر في التدوير
ومات ابو مسعود لما خلص عمره وعلى قبره هدت حمامه بيضه مش عاوزة تطير
 

نابُلسي في بيروت

إجا الدبور يقرص نحله
قالت له تِضرب أنا من زحَلَه
أنا بنت راجل أنا فحله
برميك من راس الدحله
جاوب وقال اسمي نافع
عليِّ الضمان أني مش راجع
لو غلوا مهرك أني دافع
حتى ولو ألفين (تُوله)
دبحتني عينيكِ والكَحله
قالت له أنا ساكنه بيروت
ومش رايحه اترك لو بتموت
روح حل عني يا هلفوت
احسن لا تاكل لك شلوط
جاوبها اني تاجر جمله
ما عندي عيبة ولا عله
أَنِي عندي دكه ومعي عمله
وبجيب لك الطرحة بْتُله
ومعاها ميت ورده وفُلِه
قالت له عقلك متحجِّرْ
باين عليك والله مأجِّرْ
إن كنت عاوز تتفجر
أَنا والله بمبه مشتعله
انا مش عبيطة ولا هبله
أنا حلوة بالأصل وبالصوره
ومعي شهادة دكتوره
وبحب بس البَنَدوره
جاوبها اوعك تتحدي
بس اعرفي أنِي شو قصدي
أنِي شريف وأنِي جدي
عاوز لي من حبك وصله
حني ولو حتى بقبله
وقولي لي يا أهْلِهْ وسهْلِهْ
قالت له أنا شايفا زيكَّ
كلمة أنِي لازقه بحلقك
باين نابلسي من حكْيَكْ
ورجيني عرض كتافك
ومد اجريك على قد لحافك
احسن لا تاكل لك أتله
جاوبها قال يابنت الناس
هذا كلام جرح الاحساس
اذا انت ما بدك هالكاس
أنِي راح أروح من زحله
وارجع على حارة الخله

 

أحبك يا نابلس
لوحات شعرية من التراث النابُلسي


من منكم يتذكرُ مثلي
أيام طفولته الأولى
فأنا أتذكر
أغلى أيامِ العمرِ
وأرويها
أتذكر يا نابلسُ بزوغ الشمس
وزقزقة العصفور الدوري
على أغصان الشجرِ
أتذكر لما كنا نلعب
بشوارعكِ (أم السبع حجار)
و(طابة الجور)
أتذكر لمّا كنا نلعب بالجُللِ
ونُغمِضُ عيناً نفتَحُ أخرى
وَنُنشِن بالجُلِ على الجُلِ
كنا لما ننزل للساحة في البيلِ
نصرخْ ونقولْ
يا قاتل يا مقتول
ومع الأيام كبْرنا
كِبرت معنا لعبتنا
لعبنا الهند وطاولة الزهر
* * *
أتذكر لما كنا نتسابق في إلقاء الشعرِ
ندق الصدر بايدينا
وبأنفي ما زلت أشُم
معاصر زيت الزيتون
وأشُم عصير السِمسمِ
والقزحة واللوز المقشور
وأرى حجر المعِصرة مع البغل يَدور
وعلى مدخلك أشم خَبيزَ الطابون
وأشُم بحاراتك تَخميرَ الصابون
ورائحةَ التمرية لما تطفو فوق السيرج وتعوم
وفوحةَ قرص الثوم
وتلمع في عينيَّ فروشُ التوت
محلات العمد: المخلل المكدوس والمكبوس
وأُبهةُ سلال التين
والكعك الطازج يعبق باليانسون
ويختلط برائحة النرجس والفل المكنون
ورائحةِ الحمص مع تتبيل الفول
وأقراص فلافل تَرتصُ على طوق الصاج المفتول
وتصطف بقاليل اللبن
على أطراف الجونة في ترتيب موزون
وأرى طلعة صدر كنافتك الوردي
كبدر مرسوم
مفروكاً بالسمن البلدي
ومحشواً بالجبن النابلسي
وبالقطر يعوم
أتذكر لما كنا ننتظر المدفع في رمضان
ونودع قرص الشمس
يتوارى خلف الجبل
ويغطسُ في قاع البحر
أتذكر رغوة إبريق السوسْ
وشرحات اللفت المكبوسْ
ورائحة الباذنجان المكدوسْ
وبهجة صحن الحمص تتجلى بالتزيين
منقوشاً بالفلفل والكمون
مدهوناً في الوسط وفي الطرف ثخين
ورائحة البطيخ الأحمرْ
يشقح ويباع على السكين
وقطايف نابلس المحشوة بالجبنة
والجوز محمرةٌ كالخد الوردي
عابقَةٌ بالعطرِ وغارقةٌ بالقطرْ
* * *
أتذكر بعد الإفطار
نجومَ سماءٍ صافيةٍ كالدررْ
أتذكر فرحتنا بطلوع القمرْ
أتذكر في رمضان طلعات السمرْ
وأغانينا (إنزلنا عالسوق نازلْ)
و(سلاسل وسلاسلْ)
نحمل في الليل قناديل الشمع مشاعلْ
توضع في قلب البطيخ المحفور
وانزلنا على السوق نازل

بشعلته الريحَ يغازلْ
أتذكر طبلة (أبو خمش) تقرع
وتهز الآذان تُصحِّينا
كي نتسحر عند السحر
وينادي (يا غافل يا نايم)
(قم وحد ربي الدايم)
أتذكر فرحتنا بمراجيح العيد
ورائحةَ حذاء الجِلْدِ جديد
يرقد في جانبنا طول الليل
وننتظر وإياه طلوع الفجر
ونذهب لصلاة العيد نُكَبِّـرُ
ونُهلِلُ وَنُوَحِدُ ونُعيد

طابع الكلاج: رائد العريض
ونرجع للبيت نُحلّي بالكلاج وبالمعمول
كل التاريخ تجمع في حاراتك
يا نابلس في الخله
والعامود والحَبله
والقريون وسوق البصل والقصبه
والياسمين وابو عصفورةَ في الغرب
والسايحُ في الشرق
وفي الوسط الصنصيل
والنشُ على الفحم وضربُ مواويل
ودخان النيرانِ يَعَجُ وَيُغري
واللحم المشوي على السيخ (يهبل تهبيل)
يا أمَّ اللخنة واللفت المحشي
وأم الزعتر والعكوب
ذوبت قلوباً يا نابُلْسُ حرقت قلوب
* * *
عانيت بحبك وتغربت سنين
حاولت ألاقي عُقلاءً
في هذا الزمن المجنون
فوجدت بأن المجنون هو العاقل
والعاقل قد أمسى مجنون
أتعبني مشواري ألقيت عصايَ
وحملت بكفي غصن الزيتون
البعض يراني إنساناً عاقل
وكثيرٌ قالوا عني مخبول
لكن الأمر تشعب والشرح يطول
فسلامٌ يا أبا موسى
وسلامٌ يا قرية روجيب
وسلامٌ يا زبلح يا إبراهيم
وسلامٌ ياعقلاء ونزلاء القميم
لوعشتم في عصر الردة هذا العصر الملعون
لغدوتم قادة هذا العالم وانتصف المظلوم
ولأصبح كلُ الناس سعداءً ومجانين
* * *
يا نابلس أنا والشمعة صنوان
فأنا مثل الشمعة أحترق من النيران
أنت حبيبة قلبي
وأنا في حبك ولهان
سأظل على ذكراك وأحمل
في قلبي الحب مع الأحزان
لا شيء يعادل حب الأوطان
فهنالك تولد روحُ الإنسان
سأقاوم لن يغلبني التعب ولا النسيان
فأنا في حبك مجنونٌ مرهون
أتبعُك وأشعر أنك
تجرين ورائي في إثْري
وأحس بروحك تسكن عمري
في حبك عانيت وعشت بحبك
أحلى أيامٍ في صغري
لو تدري أحجارك أني أهواها
أستغفر ربي من حبي للحجر
فسلام الله على عيبالَ جبلِ النارْ
وعلى جرزيم جبلِ الطورْ
وسلام يا رأس العين
إلى الياقوت في شجر الرمان
وسلام الله على طوباس وطمون
وطولكرمٍ وجنين
وجميع قرى نابلس فرادى أو مجتمعين
صدري يمتلئُ بعطر الأعشاب
في أوردتي
يجري ماؤك يا وادي البادان
وبعيني يلمع فرش العناب
روحي تسكن أعشاش الأطيار
نفسي تحترق بنار الشوق
تشتعل في رأسي الأفكار
تدمع عيني يخفق قلبي يبكي شعري
* * *
فسلامي لك يا وادي التفاح
وأنا مثلُكِ مجروحٌ يا نابلس
وجرحي لا يندمل ولا يرتاح
والحمل ثقيل صعبٌ أن ينزاح
هذا قدرك يا نابلس وهذا قدري
فأنا أصبحت أسيرك
وأسير المأسور
مزدوجٌ في القيد وفي الأسر
يا نابلس حبيبة عمري
لست أصدق أنك أصبحت لغيري
سأموت من اللوعة والقهر
قد طال العهد وروحي ستعود إليك
فأرجو أرجو أن تنتظري
 

العَــَّلامه قدري طوقان
لوحات شعرية من التراث النابُلسي


عاش بنابلس عــَّلامه كبير
إسمه قدري حافظ طوقان
كان ذكي ودمه خفيف كتير
زي خفة دم بقية آل طوقان
كان قصير وطوله على قد حاله
يضيع بين مقاعد الطلاب ولا يبان
لكن كان قلبه أكبر من حجمه
وبكل معنى الكلمة إنسان
وعقدة (جرافته) ربطتْها تخينه
بدل العقده الواحده ثنتان
وشعره دايماً منكوش وطاير
وشكله كان يشبه أنشتاين
وكان مثله بالرياضيات مشهور
ويحمل شهاده فيها من لبنان
وكان عقله أسرع من لسانه
وكان عنده لما يتكلم عقده في اللسان
ويتَأَتِىءْ مثل (مطور) سياره
طالعهَ طلعه وناقصها بوجيتان
وْدَرَّسْ قدري طلاب كتار
وعلى ايده خرج جيل فهمان
وانبنت مدرسة النجاح على كتافه
عملها مكانه كبيره وصارلها شهره وشان
وصارت من بعدها جامعه معروفه
وحملت اسم قدري تقدير وعرفان
كان قدري زي العلم على الجبل معروف
والرجال هيه الي بتصنع الأوطان
 

صورة من الطفولة

جاوزت الستين
لا أقدر أن أركض
أن أقفز كالأطفال
لكن قلبي
يقفز في صدري
عقلي يسبح في بحر خيال
كم أهوى أن أرجع للماضي
وأزور الذكرى
والأطلال
* * *
أتكلم عن مسقط رأسي
عن جبل النار
ويدعى أيضاً عيبال
جبلٍ قد خلف أطفالاً
أذكرهم
صاروا من بعد رجال
حملوا أحلى ذكرى
للجبل الشامخ
نظموا أشعاراً
غنوا موال
يا جبلاً حاكى الريح
وناطح سقف الغيم
يا جبلاً عال
ما زالت بحقول السفح
فرشاتٌ
وعصافير
ما زال الريح طليقاً
يصفر في رأسي تصفير
أشياءٌ....
يصعب أن أفهمها
ليس لها تفسير
صور الأطفال كما كانت
لقطة فلمٍ لحظة تصوير
تبقى عالقةً
بالعقل وبالروح
لا تقبل تغيير
* * *
يا جبل النار
ولا توجد نار
لكنك
تحمل هذا الاسم
من أشعلها ؟
من أطفأها ؟
من قلب الصورة
والوهم
يا جبلاً
مطبوعٌ حبك في صدري
وعلى قلبي وشم
يا أغلى شيء في نظري
يا جبلاً جباراً
يا جبلاً شهم
* * *
أبحث عنك بروحي
في الغربة
فتهبُ الذكرى
أشعر في قلبي سهم
أحمل في قلبي
فيضاً من حب
لحجارك وصرارك
أحمل حباً لشموخك
للطود الشامخ فيك
ولاصرارك
أسأل دوماً
عن أزهار البر وأشواك الصبر
وعن أسرارك
أبحث عن أسراب فراشٍ
ألحقها
تعلق في أزهارك
* * *
هل تذكرني يا جبل النار
يوم رحيلي إذ ودعتك
لأقيم هنا
بعد البُعد
وخلف العهد
لكن ما زلت مقيماً رهن إسارك
أجمع صورالماضي
بخيال يسعدني
يشقيني
أعلم أني هالك
لكني
أهوى صور الماضي
ونقاء الريح
وزهرات الورد الشائك
* * *
يا جبلاً يشمخ
ليس لدي عقار فيك
ولا أملاك
لكني أملك حباً
لحجارك لترابك
إني أهواك
أتذكر لمعان نجوم الليل
وضوء القمر الساطع
أتذكر صحو سماك
أتذكر صوت الديك
في الفجر صباحاً
يسبح مولاي ومولاك
* * *
أشتاق زيارة شجرات التين النادي
في الصبح الباكر
أشتاق سماع العصفور المختالِ
يغرد بالصوت الساحرْ
أشتاق إلى عطر الليمون الفواحِ
ورائحة الفل الزاهرْ
أشتاق إلى حبات العنب الشفافِ
على القطف الناضرْ
* * *
أهوى أن أرجع للماضي
وأزور الذكرى والأطلالْ
لكني أعرف
أن رجوع الماضي
شيء قد كان
وصار محالْ
 

يا مُوْقِدَ النارْ

يا مُوْقِدَ النارِ قد أذكيتَ لي ناري
عَذَّبتَ روحي بها قَربَّتَ أَقداري
بيني وَبينَكِ يا نابُلسُ مُفْترَقٌ
هل تسمعين إذا أَنشدتُ أَشعاري
فالبُعْدُ قد فَرق الاحبابَ كُلَّهمُ
أما أنا فبعيدٌ خلف أَسواري
وَمُوقِدُ النارِ في قلبي يُؤججهُ
حُبٌ يُعذبُني بالهَجرِ والنارِ
أَنا المُضيع في تيهي وقد عصرت
عمري السنينُ وهدَّ الحيلَ مِشواري
عبرتُ في رحلةِ التاريخ أروقةً
مشيت فيها على شوكٍ وأحجارِ
وتاه مني مساري عندما عَرَجت
بيَ الطريقُ وخَطَّ الدهرُ أَسفاري
قُلعتُ من بلدي قسراً وقد قُلِعتْ
من بعد قلعي بَساتيني وأَشجاري
حتى الطيورُ تَخلثْ عن مِواقِعها
هَوت عشوشٌ بأغصانٍِ وأَزهارِ
أَرضٌ من الهم قد شاب الترابُ بها
والزرع جفَّ بلا ماءٍ وآبارِ
شاخت كما شِخْتُ والأيامُ ظالمةٌ
لكن بَقيتُ على حُبي وإصراري
جحا يعلق مسماراً بحائطها
والدارُ داري وشاكوشي ومسماري
إني كما أَنت يا نابُلسُ لي قَدري
وأنت لم تملكي أمراً لتختاري
إني أتابع ما يجري ويؤْلمني
وأنت في السجن لا تدرين أَخباري
مَنْ الأسيرُ أنا أم أنت يا بلدي
أنا الطليقُ وأسري سجنُ افكاري
وإنما الأرضُ عزت في مَواقعها
وإن تغربْتُ من دارٍ إلى دارِ
قلبي سأَعزِفهُ حُباً وأقتُلُهُ
من شدةِ الوَجْدِ أَو تقطيعِ أوتاري
 

يا مبَيض طناجِر النحاسْ
لوحات شعرية من التراث النابُلسي
يا مبَيض طناجِر النحاس والصَواني
ياللي بتُرقُص وتهِز بقَلب الصدورْ
وياللي بتتحَرك عليَمين وعلَشمال
وبوَسط الطناجِر بتلِف وتدورْ
والدينا مُشْ على كيفي ولا كيفَك
واللي انكتب علينا فيها كان مَقدورْ
وأنا صغير كُنت أشوفك يا مبَيض
بحواري نابلِس وانت بتلمِِّع القدورْ
وأهل نابلِس طَبخوا بالطناجِر
مَحاشي ومخاشي وَعكوبْ ومَكمورْ
وطبَخوا كمان فيها وَرَق اللسينيهْ
وحَشوها برُز ولحمة راس عَصفورْ
ولفوا معها وَرق الزَعمَطوط
ويمكن “الطوط” جابوها من زامورْ
ولقَّطوا اللسينِيه من السليمية
ولقَّطوا معاها قَرن الغَزال والزهورْ
وأَهل نابلِس شاطرين بالحِلو والطَبيخ
وطناجِرهم على النار بتغلي وتفورْ
ومعروفين بالكَرَم وكُتْر العزايم
بعزموا الضيف وبمعيتُه جُمهورْ
وأهل قرى نابلِس كُرما كتير
ومسخنهُم على خُبز الطابون مَشهور
وبتتسخم الطناجِر من كثر الطبَايخ
ومن دُخَّان الحَطَب وجاز البابورْ
ونحمِلها للمبَيض علشان يبيِّضْها
ولما يجهِّزْها نَعطيه المَقدورْ
وينضِّف الزَنجَره ويمسح الشُحبار
من الطناجِر والمعالِق والشُّوَكْ والكفاكيرْ
ويشمر ويصحج بقلبْ الطناجِر
كأنُه زنبَركُه فالت بِهز وِبِدورْ
ويلمِّعْها بالرَماد مخلوط بالرمِلْ
حتى تصير تضوي زي البلورْ
ويولِع النار وينفخ عليها بالكور
ويخلِّيها حامية وهجها زَي السَعيرْ
وياخذ الطناجِر بعد التلميع
ويحطها فوق الجمر حتى تِحمى كتيرْ
ويقلِبها بملقَط البولاد فوق النار
عَكُل جوانبها وعَتَّازيرْ
ويمسَح بخرقَه عليها بمية النار
وبخرقه تانيه طَبَقه من بودرة القَصديرْ
ويفركها بالوَسَط وداير مايدور
ويخليها زي الفِّضَة إتشِع بالنورْ
والناس اليوم بُطبخوا بالستينلِس ستيل
لكن الطبخ بالنحاسْ كان أطيب بكتيرْ
وصار الطبيخ ينحرِق عَنَّار
لما إِنضبَّت طناجِر النحاسْ والقدورْ
ومبَيض النحاس شال العده واختفى
وصارت أواني النحاس تُعرَض "سُوقنيرْ"
وأنا بشكيلك اليوم يا مبَيض النحاس
لأنه حالتي حاله وكتير مَقهورْ
والناس أكلوا الدُّنيْا بالطول والعَرض
ومن الجَشع بلَعوا البَقَر والطورْ
وما بعملوا شيء للخير وِوَجه الله
وبحلموا بجنات عدن فيها الصبايا الحورْ
وما عمَّر على وجه الدُنيا إنسان
ولا عمَّرت فيها مَباني وِقصورْ
وسعادة الإنسانْ مَنبعها قلبه
مش الأموال اللي جَمَّعها والدورْ
واللي تعوَّدوا يعيشوا في الظلام
ما بقدروا يفتَحوا عيونُهم في النورْ
واللي بِمشي عطَّريق الصَحيح
ما بخاف من ظالمْ ولا دِكتاتورْ
ويا مبَيض الدنيا صارت آخر زَمن
والناس فرَّق ما بينهم إسمنت عالي وسورْ
وفي يوم راح يُنفَخْ بها الصورْ يا مبَيض
زي ما كُنت بتنُفُخ عنَّار بالكورْ
وجميع الناس راح ترجع لباريها
والكل راح يصُف قُدام ربُّه طابورْ
ووجَهك اللي كان أسود من الدخان
راح يصير أبيض يوم البَعث والنشورْ
وأَنْفك اللي تعبَّا بريحة الفَحم
راح تعبيِّه بعدين ريحة البخُّورْ
 

خان أبو مَشهور عامرْ
كان بِنابلِس خان للدَواب
مستأجرُه وبديرُه أبو مَشهور
والخانْ كان هوَّ الأُوتيل أيام زمان
والناس استعملوه من أقَدم العْصُور
وكانوا أَهل القُرى ينزلوا عنابلِس
ويحملوا القَمِح والزيتون والشْعير
ويحملوا معاهم جُبنِتهُم المَشهوره
اللي أعطت كنافِةْ نابلِس اسمها المَشهور
ويبيعوا البَضايعْ في الصُبُح عتُّجَّارْ
قادِري ومَصْري وأبوزَهرَه والمَشاهيرْ
وياخدوا غَلِّتْهُم ويروحوا للسوق
ويشتروا اللي لازم لبيوتهُم والبْذورْ
ويباتوا في الخان لما يتأخروا في البَلد
ويريحوا دَوابهم ويناموا بَكيرْ
ومراتْ يزوروا دُكان الفتفوتْ
ويحشوا الكنافِة بالكَعِك عالفْطورْ
وِيقُلّْهُم أولها إلكمْ وآخرها إلكمْ
يالله تعالوا كُلوها وامسحوا الصْدورْ
وواحد يطلَعِلهُم من المَعصرة ينادي
يالله ياكسِّيبه ونازل فيها تكويرْ
بياع ينادي وين راحت النَشامى
ياهَلا أهلا وسهلاً بالمَخاتيرْ
ونابلِس كانت عايشه عَقُراها
وقُرى نابلِس كان فيها الخير كتيرْ
وأهل نابلِس بِسَمُّوا الفَلاح أبو أحمد
كريم وقَلبه طيب وبشتري بالقافيرْ
وأهل نابلِس والقُرى زي النَسيج
مشدود عَبَعْضُه زي شدِّ الحَصيرْ
وأبو مَشهور كان إنسان طَيب
وشاطِر بالقِصَصْ والأمثال وعقلُه كبيرْ
وكان مُنخارُه مَعووج عَشْمال
بس كان رِجَّال صَحيح وحَسَن التَفكيرْ
وكان جِسمه نَحيف يلبِس طاقية وقُمبازْ
وضَهره مَحْني مِن الزَمَن والتَعتيرْ
وكانْ يقول آخر الدَوا الكَي
ويحمّي السيخ عَنَّار ويحمّرُه تحميرْ
ويعالج الخيلْ والبغالْ والجمالْ
ويكوي الحَمير لما يكون عِندها تَقصيرْ
طَبيب بَيطري علَّمتُه الخبرة والأيام
من غير شهاده في الطِب لكنْ خَبيرْ
وكان يحدي الخيل والحَمير والبغال
ينضِّف حوافرها ويدورها تَدويرْ
ويقُص الزَوايد ويحفها بالسكين
ويثبِّت الحَدوات عَلْحوافِر بالمَساميرْ
ويقطع الزايد من المسامير بالكماشه
ويُُبْردها حتى عِمُستوى الحوافِر تصيرْ
وبعدين لما مات العم أبو مَشهور
بطَّلت تيجي عَلْخان الدواب والبعيرْ
وتحوَّل الخان وصارْ مَنجرةْ خَشَب
وصارت تِنتِج سَراير وَخَزاين وَجواريرْ
لكن أهل نابلِس جَماعه مبتكرين
صاروا يبعتوا للمنجرة الجزر للتَقويرْ
وبعدها اختفى التاريخ من الشوارع
اللي تجمَّع خلال السَنوات والعُصُورْ
وما عاد بنابلِس قُمباز ولا عقال
ووجوه الناس صارَت مخدَّرة تَخديرْ
وفي أشياء شَباب اليوم ما بِعرفوها
وكتير من تاريخْ نابلِس صار مَغْمورْ
وكِترَت السيارات وازدحْمَت الشوارع
وين ما كان بتِسمع أصوات الزَواميرْ
وبطَّلوا القرويين ينزلوا للبَلَد
مِن كُتر الحَواجِز والمَحاسيم والسورْ
وبشوارِع نابلِس كانلنا ذكرياتْ
ومشينا فيها في الزمان مشاويرْ
لكن تغيَّـر علينا الزَمان يا نابلِسْ
ولما نِتذكر صُرنا نغنِّي "مَقاديرْ"
"مقاديرُ مِن جَفنيك غيَّرنَ حاليا"
وكيف بَعِدها بِدي أنام عَسْريرْ
ومشكلِتنا الله خَلقنا بني آدم
وأعطانا الأحاسيس ونعمَة التفكيرْ
وفي ناس بنابلِس بتنام عَلْحصيره
تكسرَّت منها الضلوع ونشَّفها الزَمهريرْ
ومش لاقيه لُقمة عيش تاكُلها
شافت الضَوَرْ من الجوعْ والتَضويرْ
والكبار ضَمرَت بطونهُم بالحَواري
ولما تسألهم بيقولوا رَبنا كْبيرْ
والعالم مَشغولين لكن ياعَجَب
برسْمْ المُربعات وَحَل الفَوازيرْ
ونازلين دايما يعقدوا اجتماعات
عاملين مُهتمين وبكتِبوا تَقاريرْ
وفي ناس مشغولين بالكلام والجدل
وناس نازلين بالعالَم نَقد وتكفيرْ
والحْلولْ مَعروفه لو أخلصت الناس
بس العالم ما عندُه أخلاق ولا ضَميرْ
وما عندُه نظرة ولا ذَرة عَدل
وبيهيلم عَلْحَق وتقرير المَصيرْ
ويا أهل نابلِس الله لا يعَسِرها
ولا يجبلها عاقَة وتُفرجْ الأمورْ
ويا أهل نابلِس صَبْركم والله طيِّب
بس منين نجيب الصَبر والتَصبيرْ
ويا بومَشهور راح زَمَن الدَوابْ
لكن البَهايم صارت بالجُملة والقَناطيرْ
والدّواب نالت حُريتها مِن زَمان
لكن كتير من الناس بِحاجة للتحريرْ
 
الفَتة وقرص التومْْ
لوحات شعرية من التراث النابُلسي

كُنا بنحلَمْ قبل النومْ
بصحنْ الفتة وقُرص التومْ
وكُنا ما نقدر ننسى
أو نتخلى عنهم يومْ
وكُنا في آخر رمضان
نستناهم يوم بيومْ
 

صانع التمريه
لوحات شعرية من التراث النابُلسي

عَجَنْ العَجنةَ دَحَّاها
وعلى الصينيَّةِ ألقاها
قسَّمها قِطعاً دائرةً
وأتي بالزيتِ وسقَّاها
بيَّتَها الليلَ يُرَيُّحُها
وبقطعةِ شاشٍ غَطاها
طبخَ البالوظةَ بِسميدٍ
والسكرِ والماءِ، غلاها
صبَّ البالوظةَ ساخنة
فوقَ الصينيةِ سوّاها
حتى إن أضحت باردةً
قسَّمها قِطعاً أشباها
ألقاها فوق بلاطتهِ
وبِطَرَفِ الراحَة رَحّاها
أحضر في الصبح عجينته
يسحبُها فاتسعَ مداها
كالقِشرة رقَّقَها وأتى
بالبالوظهْ وحشاها
وبحد السكينهْ شقحها
قطعاً يتشابه قُطْراها
ردَّ الأطراف على بعضٍ
كالبُقجة صارت طوَّاها
ثبَّتَ صُرَّتها بيديه
كي يلْحمَها وكفاها
بسَّطها حتى سطَّحها
فوق الصينيةِ خَلاها
فَغَدتْ كالوجه مدورةً
نطقت لو أنَّ لها فاها
وأتى بالزيتِ وأفرغهُ
فوقَ المِقلاةِ وحَمَّاها
ألقى التمريةَ فانتَفَخَت
من حمِّ الزيتِ بِمِقلاها
وطَفَت للسطح تعومُ به
والزيتُ يموجُ بأعلاها
وفقاعُ الزيتِ يطوِّقُها
ويحاصِرُ كُلَّ زواياها
ويكركِرُها بخواصِرِها
ويداعبها بِثناياها
صارت تتراقص مُعجبةً
تلبسُ شفَّافاً عَرَّاها
كلجينٍ غلَّفَه ذهبٌ
والحلوةُ تَزهو بِحُلاها
مسك الكفكيرَ وقَلَّبها
حتى يتحمَّر جنباها
قلاّها فتجلت نَضَجتْ
وإحمَّر حياءً خدَّاها
حملَ الكفكيرَ وصفَّفها
فوق المصفاةِ وصفَّاها
لَمَعَت كالتِبر بطلعتها
فصاحَ أللهََ اللهََ
وعلى الصينيةِ رتَّبها
وتغنى فيها وتَباهى
فكلوا التمريةَ ساخنةً
بودرةُ السكَّر تَغشاها
وكلوا التمرية باردةً
لا أحد يقدِرُ ينساها
إن التمرية أكلتُنا
لو غابت تَبقى ذِكراها
أمّ التمريةِ نابُلسٌ
ربي يحفَظُها يَرعاها
 
الكنافة النابُلسية
لوحات شعرية من التراث النابُلسي

صَدرُ الكُنافة طالعٌ كالبدر
متجلياً في الصُبح أو في العَصْر
يزهو كلونِ التبرِ أو كالجمر
ويشعُ مَعروضاً بشكلٍ مغري
وتفوح ريحتُهُ ويعبَقُ عطرُه
حلوٌ لذيذٌ طعمه في الثغرِ
رشَّ العجينةَ في المرايةِ فاستوت
وغدت خيوطاً مثل سمك الشَعرِ
ومضى يُلملِمُها فصارَت كومةً
تعلو كَتَلٍ ناصعٍ من تِبَرِ
وأتى بسمنٍ ثم قلبها به
وغدا يُفركُها ببالغِ صَبرِ
والجبن أحضَرَهُ وشرَّح بعضه
إذ راح ينقعُهُ بماء القدرِ
حتى إذا ما زال عنه ملحه
بيديه صفّى ماءه بالعصرِ
وأتى بمنقلِهِ المُدورِ رصَّه
بالفَحمِ أشعَلَه لهيبَ الجمرِ
وأتى بسمنٍ ثم سخَّنَه على
صدر النُحاس فساحَ وسط الصدرِ
فَرَد العجينةَ فوقَهُ في راقةٍ
بالجُبن غطاها وَزانَ بِقَدْرِ
وغدا براحتِه يَرصُ خَليطها
حتى الحرارةُ في الجوانب تَسري
وشوى الكُنافَةَ بارماً أطرافها
وغدا يدوِّر حرفها بالدَورِ
والجبنةُ البيضاءُ فاحت فوقها
والجبنُ في نابلُسَ مصدر فخرِ
ومضى يراقِبُها يَشُمُّ بُخارها
ويجُسُّها باللمسِ أو بالحَفرِ
ويهزها في الصدر يفحَص نُضجَها
ويظلُ يرقُبُ قَعْرها مُتحري
فإذا رآها أصبحت مُحمَّرةً
رفع الكِمامَ مشمراً للأمرِ
وأتى بصدر فارغٍ غَطى بهِ
صدر الكُنافةِ فاختفت في الخِدرِ
صدر على صدر وسال حليبها
من جبنها من حرها بالكمرِ
من ثم ثبَّتَ كفَّه من تحتها
وبكفه الأخرى بأعلى الصدر
وبخفة وبراعة وبسرعة
وبنزعة الفنان أو بالسحرِ
لف الصدور مقلباً في لحظة
فإذا الكُنافةُ وجْهُها للظَّهرِ
رَفَعَ الغِطَاءَ فأشرَقَتْ في وجهِه
ضَحِكَ الجَمالُ وما لَهُ مِن ثَغرِ
طَلَعتْ بلونٍ ساطعٍ متميز
و بحمرة لاحت كلون الخمر
فأتى بقطرٍ ثم سقّاها بِهِ
فترنَخت من شُربها للقَطرِ
بالفستُق الحَلَبي زيّنَ وجَهها
فتأَلقتْ تَبدو كوجهِ البدرِ
حمراءَ يُبهِرُ مَن رآها حُسنُهُا
ترنو وتنظُرُ بالعُيونِ الخُضرِ
تلك الكُنافةُ ما ألذَّ مذاقَها
نابُلسُ يا بلدَ الكُنافة عُمري
إن الكُنافة لا ينالُ وصَالَها
إلا محبٌ أو عظيمُ القدرِ
فاقصدْ أبا سيرٍ بجاطِ كُنافةٍ
أو ذُق حلاوةَ طعمِها في العَكْرِ
وإذا رغبتَ بأن تُنوع طَعمها
جرِّب أباظةَ والتقيَّ المصري
وبسيسُ كان من الأوائل رائداً
في صنعها وله جزيل الشكر
لكنما الفتفوتُ حصّل شهرة
بكُنافة تُبتاع بعد العصر
وَزُرِ الفَقيه مَعَ الصباحِ لكي ترى
رشَّ العجينةِ في المِراية يَجري
من اسم نابُلسَ الكُنافةُ سرُها
ولقد وصفتُ ولم أبُح بالسِّرِ
من أجل نابُلسَ الحبيبة إنني
أطلقتُ قيثاري وصادقَ شعري
 
الوسوم
التراث النابُلسي زغردت لوحات
عودة
أعلى