حكم الاحتفال بالمولد النبوي

خالدالطيب

شخصية هامة
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على نبينا محمد و على اله و صحبه اجمعين

اما بعد

تمثل قضية الاحتفال بالمولد النبوي اخد اهم المرتكزات التي تركز عليها الصوفية قي الترويج لباطلها على المستوى الشعبي و تكتسب بها زخما اعلاميا و سياسيا و من هنا كان الاحتفال به لونا من الوان الظهور بالمظهر الشرعي المتلبس بمحبة النبي صلى الله عليه و سلم.
و قد اتفق المحققون على ان اول من احتفل بهذه البدعة هم العبيديون المنتسبون زورا و بهتانا لفاطمة رضي الله عنها و ذلك في سنة 361ه على يد المعز لدين الله. وظل هذا عند بني عبيد في مصر و بعض الشام الى ان انتهت دولتهم و كان الهدف الرئيس من احداث هذه الموالد هدفا سياسيا لتثبيت خكم بني عبيد و لم يكن لمحبة النبي صلى الله عليه و سلم و لا لمحبة ال بيته فيه اي نصيب.
و مع مرور الزمن بدات تفنن هذه الطقوس حتى وصلت الى ما نشاهده في العصر الحاضر من مظاهر احتفالية كبيرة و متنوعة في سائر ارجاء العالم الاسلامي تشمل الامور التعبدية_طبعا المبتدعة_ كما تشمل الدنيوية من اكل و شرب و لهو...الخ
و مما لا شك فيه ان كافة العلماء و المؤرخين اجمعوا على ان الصحابة و التابعين و اتباعهم و كذا الائمة الاربعة لم يعرف عنهم الاحتفال بالمولد النبوي.
و من اكثر العلماء تصنيفا و تشنيعا على هذا الاحتفال علماء المغرب و من خلاله يتبين للمنصف المتجرد من الهوى ان هذا الاحتفال بدعة عند المحققين من العلماء الربانيين و ان من يستحسن هذه البدعة انما يفعل ذلك اتباعا للهوى و ارضاء لعامة الناس و ليعلم القارئ ان المتاخرين من المغاربة الحقوا بالدين استحسانات ليس عليها دليل مما لو سمعها الائمة المتقدمين لتبرؤا منهم فنسال الله الهداية و الثبات.
و انني اضع بين يديك هذا البحث المتواضع لتقراه بعين البصيرة تقراه بغية الوصول للحق و تقراه بعيدا عن التعصب لعلماء بلدك او مذهبك او ما تعودت عليه

1-ابو الوليد سليمان بن خلف الباجي المالكي المتوفى سنة474 ه الف رسالة سماها "حكم بدعة الاجتماع في مولد النبي صلى الله عليه و سلم" و قد نشرت هذه الرسالة في مجلة الاصلاح المجلد الاول/العدد الخامس/ص278 انكر فيه الاحتفال بالمولد النبوي و حكم عليه بالبدعة.

2- ابو حفص تاج الدين عمر بن علي الفاكهاني المالكي المتوفى سنة731ه صنف "المورد في عمل المولد" و قد طبع بتحقيق الشيخ علي حسن الحلبي قال قي الصفحة 8_9 :«لا أعلم لهذا المولد أصلا في كتاب ولا سنة، ولا ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة، الذين هم القدوة في الدين،المتمسكون بآثار المتقدمين، بل هو بِدعة أحدثها البطالون، وشهوة نفسٍ اغتنى بهاالأكالون، بدليل أنَّا إذا أدرنا عليه الأحكام الخمسة قلنا: إما أن يكون واجباً، أومندوباً، أو مباحاً، أو مكروهاً، أو محرماً.وهو ليس بواجب إجماعاً، ولا مندوباً؛لأن حقيقة الندب: ما طلبه الشرع من غير ذم على تركه، وهذا لم يأذن فيه الشرع، ولافعله الصحابة، ولا التابعون ولا العلماء المتدينون- فيما علمت- وهذا جوابي عنه بين يدي الله إن عنه سئلت.
ولا جائز أن يكون مباحاً؛ لأن الابتداع في الدين ليس مباحاً بإجماع المسلمين.فلم يبق إلا أن يكون مكروهاً، أو حراماً».


3- العلامة ابو عبد الله محمد بن محمد بن محمد العبدري الفاسي الشهير بابن الحاج المتوفى سنة737ه قال في كتابه المدخل (2/312) «فإن خلا - أي عمل المولد- منه - أي من السماع - وعمل طعاماً فقط، ونوى به المولد ودعا إليه الاخوان ,وسلم من كل ما تقدم ذكره - أي من المفاسد- فهو بدعة بنفس نيته فقط، إذ أن ذلك زيادة في الدين ليس من عمل السلف الماضين، وإتباع السلف أولى بل أوجب من أن يزيد نية مخالفة لما كانوا عليه، لأنهم أشد الناس إتباعا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعظيماً له ولسنته صلى الله عليه وسلم ، ولهم قدم السبق في المبادرة إلى ذلك، ولم ينقل عن أحد منهم أنه نوى المولد، ونحن لهم تبع، فيسعنا ما وسعهم... الخ»
وقال كذالك : «وبعضهم- أي المشتغلين بعمل المولد- يتورع عن هذا- أي سماع الغناء وتوابعه- بقراءة البخاري وغيره عوضاً عن ذلك، هذا وإن كانت قراءة الحديث في نفسها من أكبر القرب والعبادات وفيها البركة العظيمة والخيرالكثير، لكن إذا فعل ذلك بشرطه اللائق به على الوجه الشرعي لا بنية المولد، ألا ترى أن الصلاة من أعظم القرب إلى الله تعالى، ومع ذلك فلو فعلها إنسان في غير الوقت المشروع لها لكان مذموماً مخالفاً، فإذا كانت الصلاة بهذه المثابة فما بالك بغيرها»

4-العلامة ابو العباس القباب احمد بن قاسم الجذامي المتوفى مابعد 780ه جاء في" المعيار المعرب" للونشريسي (12/49) و قد سئل عن اشياء تقام في هذا اليوم كوقد الشمع و الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم و مدحه و غيرها فاجاب رحمه الله " جميع ما وصفت من محدثات البدع التي يجب قطعها و من قام بها او اعان عليها او سعى في دوامها فهو ساع قي بدعة و ضلالة و يظن بجهله انه بذلك معظم لرسول الله صلى الله عليه و سلم قائم بمولده و هو مخالف سنته مرتكب لمنهيات نهى عنها صلى الله عليه و سلم متظاهر بذلك محدث في الدين ما ليس منه و لو كان معظما له حق التعظيم لاطاع اوامره فلم يحدث في دينه ما ليس منه و لم يتعرض لما حذر الله تعالى منه حيث قال ( فليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب اليم) و اما ما ياخذه المعلم من ذلك فان كان انما يعطاه على القيام بهذه البدع و القيام بتلك الامور فلا خفاء بقبخ الماخوذ على هذا الوجه)

5- ابو اسحاق ابراهيم بن موسى الشاطبي المتوفى سنة 790ه قال كما في " المعيار المعرب" (9/252) " اقامة المولد على الوصف المعهود بين الناس بدعة محدثة و كل بدعة ضلالة و الانفاق على اقامة البدعة لا يجوز"

6- الشيخ العلامة ابو عبد الله محمد الحفار الغرناطي المتوفى سنة 811ه قال كما في" المعيار المعرب" للونشريسي (7/99-100) " ليلة المولد لم يكن السلف الصالح وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون لهم يجتمعون فيها للعبادة, ولا يفعلون فيها زيادة على سائر ليالي السنة ,لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعظم إلا بالوجه شرع فيه تعظيمه,وتعظيمه من أعظم القرب إلى الله ,لكن يتقرب إلى الله جل جلاله بما شرع، والدليل على أن السلف الصالح لم يكونوا يزيدون فيها زيادة على سائر الليالي أنهم اختلفوا فيها ,فقيل إنه صلى الله عليه وسلم ولد في رمضان وقيل في ربيع, واختلف في أي يوم ولد فيه على أربعة أقوال, فلو كانت تلك الليلة التي ولد في صبيحتها تحدث فيها عبادة بولادة خير الخلق صلى الله عليه وسلم, لكانت معلومة مشهورة لايقع فيها اختلاف ولكن لم تشرع زيادة تعظيم الا ترى ان يوم الجمعة خير يوم طلعت عليه الشمس و افضل ما يفعل في اليوم الفاضل صومه و قد نهى النبي صلى الله عليه و سلم عن صوم يوم الجمعة مع عظيم فضله فدل هذا على انه لا تحدث عبادة في زمان و لا في مكان الا ان شرعت و ما لم يشرع لا يفعل اذ لا ياتي اخر هذه الامة باهدى مما اتى به اولها.
ولو فتح هذا الباب لجاء قوم فقالوا يوم هجرته إلى المدينة يوم أعز الله فيه الإسلام فيجتمع فيه ويتعبد.
ويقول آخرون الليلة التي أسري به فيها حصل له من الشرف ما لايقدر قدره,فتحدث فيها عبادة.
فلا يقف ذلك عند حد, والخير كله في إتباع السلف الصالح الذين اختارهم الله له,فما فعلوا فعلناه وما تركوا تركناه, فإذا تقررهذا ظهر أن الاجتماع في تلك الليلة ليس بمطلوب شرعا , بل يؤمر بتركه."

7- ابو العباس احمد بن يحى الونشريسي المتوفى سنة 914 ه قال رحمه الله في " المعيار المعرب " (8/255) " قيل و ان كان معظما عند المسلمين لكن و قعت فيه قضايا اخرجته الى ارتكاب بعض البدع من كثرة الاجتماع فيه اي اجتماع الات اللهو الى غير ذلك من البدع غير المشروعة و التعظيم له صلى الله عليه و سلم انما هو باتباع السنن و الاقتداء بالاثار لا باحداث بدع لم تكن للسلف الصالح"

8- العلامة محمد بن الحسن الحجوي الثعالبي المتوفى سنة1376ه الف "صفاء المورد بعدم القيام عند سماع المولد " حيث عبر فيه عن كراهية القيام عند ذكر مولد النبي صلى الله عليه و سلم.
قال في الصفحة 3 " و حقيقة قيام المولد انه عند سرد المولد الشريف و الوصول لذكر وضع امه له صلى الله عليه و سلم ينهض جميع من حضر وقوفا على الاقدام و يبقى الكل على تلك الحالة مدة ليست بقصيرة اكثر من مدة الصلاة على الجنازة بكثير و القارئ يقرا المولد و هم يصلون على النبي صلى الله عليه و سلم" و قد بلغ ببعض الحانقين عليه الى تكفيره.


9- العلامة محمد العابد السودي خطيب الحرم الاندلسي المتوفى سنة 1359ه له " مسامرة الاعلام و تنبيه العوام بكراهة القيام بذكر مولد خير الانام" و هو انتصار للعلامة الحجوي في انكاره لبدعة القيام في المولد النبوي.

10- الشيخ العلامة محمد المصوري الفاسي له كتاب "سوط الافهام و الافحام بما في روض الامنية و الاماني من الالحاد و التحريف و الاوهام" و هو رد على احد المصنفين الفاسيين الذي رد على الحجوي.

11- العلامة السلفي احمد الخريصي المتوفى ما بعد 1403ه الف " المتصوفة و بدعة الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه و سلم" تحدث فيه عن نشاة التصوف و تطوره عبر التاريخ و تسارع المتصوفة الى البدع و المبتدعات و اغراقهم في ذلك.
قال رحمه الله" لا بلية اصابت المسلمين في عباداتهم و عقائدهم اخطر من بلية المتصوفة اذ من بابهم دخلت على المسلمين تصورات و مفاهيم اجنبية غريبة لا عهد لهم بها في ماضيهم النقي المجيد و من بابهم دخلت الوثنية و بدعة اقامة الموالد و مواسم الاضرخة و المهرجانات على عقائد المسلمين مما سنقف على نماذج منها ان شاء الله تعالى" .
و قال "ان اعتقاد اليوم الثاني عشر من ربيع الاول كعيد ثالث اعتقاد خاطئ لا يستند الى دليل بل يعتبر اتخاذا لشرع لم ياذن به الله من تخصيص زمان بما لم يخصه به الله الذي يؤدي الى وقوع ما وقع فيه اهل الكتاب"


و ممن انكر من المعاصرين بدعة الاختفال بالمولد النبوي


12- الشيخ العلامة ابي اويس محمد الامين بوخبزة.


13- الشيخ الدكتور زين العابدين بلا فريج.


14- الشيخ الدكتور محمد بن عبد الرحمن المغراوي.

و غيرهم الكثير.

و في الختام نقول ان ذكرى الرسول صلى الله عليه و سلم تتجدد مع المسلم في كل اوقاته و يرتبط بها كلما ذكراسمه صلى الله عليه وسلم في الاذان والاقامة و الخطبة و كلما ردد المسلم الشهادتين بعد الوضوء و في الصلوات و كلما صلى على النبي صلى الله عليه و سلم في صلواته و عند ذكره و كلما عمل المسلم عملا صالحا واجبا او مستحبا مما شرعه الرسول صلى الله عليه و سلم فانه بذلك يتذكره...و هكذا المسلم دائما يحيي ذكرى الرسول صلى الله عليه و سلم و يرتبط به في الليل و النهار طول عمره بما شرعه الله لا في يوم المولد فقط و لا بما هو بدعة و مخالفة لسنته فان البدعة تبعد عن الرسول صلى الله عليه و سلم و الرسول صلى الله عليه و سلم غني عن هذا الاحتفال البدعي بما شرعه الله له من تعظيمه و توقيره و محبته كما في قوله تعالى (و رفعنا لك ذكرك) .

وفقنا الله و اياكم لسلوك الطريق المستقيم الذي ارتضاه لنا نبينا الكريم و الله الموفق و عليه المعتمد و الاتكال و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على اله و صحبه و سلم.


 
خالد

تسلم الأيادي وبارك الله فيك[font=&quot]
[/font]
دمتـ بحفظ الرحمن

 
الوسوم
الاحتفال النبوي بالمولد
عودة
أعلى