الكونتيسةالمتمردة(كوليت خوري)

  • تاريخ البدء
كوليت خوري: الكونتيسة المتمرّدة



كوليت
الكونتيسةالمتمردة(كوليت خوري)
كوليت خوري
خوري: الكونتيسة المتمرّدة تحنّ إلى دمشق الستينيات
نشأت في بيت وطني عريق، وفيه التقطت لوثة الكتابة. الروائيّة التي لم تفتقر يوماً إلى الجرأة عاشت زمناً صاخباً، وقصص حبّ مطنطنة، وشرّعت أبواب الحريّة أمام الأدب النسائي. واقترن اسمها بمرحلة خصبة من التاريخ الثقافي لمدينتها. وتؤكّد مستشارة الرئيس السوري، أن صالونها الأدبي ما زال يتّسع لمثقّفي المعارضة خليل صويلح
اختارت أن تستقبلنا في مكتبها الجديد في حي «الشعلان» وسط دمشق. كانت كوليت خوري منهمكة في ترتيب الأثاث بنفسها. القاعة الكبيرة سوف تكون صالوناً أدبياً، تستقبل فيه المثقفين جرياً على تقليد اتّبعته في بيتها، منذ ستينيات القرن المنصرم. البيت الذي يقع في شارع يحمل اسم جدها في حي «باب توما»، كان محطة لمعظم المثقفين العرب، فزيارة دمشق لا تكتمل إلا بلقاء كوليت خوري. «المستشارة الأدبية» للرئيس السوري بشار الأسد، أخبرت الرئيس أنّ هذا الصالون سيكون «مكاناً لمثقفي السلطة والمعارضة. ابتسم الرئيس ولم يعترض على الفكرة».
نشأت كوليت خوري في بيت وطني عريق وتعلّمت بين جدرانه المزدحمة برفوف الكتب، أنّ الكلمة مقدسة، وأنّ الحرف هو حليفها الأوّل في التعبير عن ذاتها. الصبية العشرينية التي درست الأدب الفرنسي في الجامعة، واطّلعت على بلاغة اللغة العربية في القرآن، نشرت ديوانها الأول «عشرون عاماً» بالفرنسية. آنذاك نبّهها جدها فارس الخوري، أحد رجال الاستقلال، أنّ الكتابة ستوقعها في ورطة ومشكلات لا تحصى، وقال لها إنّ الإشاعات ستطاردها، وسيحاول الآخرون تحطيمها. لكنها كانت قد اتخذت قرارها: ستكون كاتبة! في مجلة خالها حبيب كحالة، صاحب «المضحك المبكي»، بدأت هواجسها وارتعاشاتها الأولى: «لا أحب الصراخ بحنجرتي، فصرخت بأصابعي وأصبحت كاتبة».
بصعود حزب البعث وتسلّمه السلطة (1963)، وجدت كوليت خوري نفسها منفية عن الوسط الثقافي، ومتهمة بأنها بورجوازية، وأنّ المرحلة تحتاج إلى مثقفين اشتراكيين: «نسي هؤلاء أن البورجوازية الدمشقية، هي مَن حقق الاستقلال». وتعلّق ضاحكة: «كنت يسارية في طبعي، قبل أن يخذلني اليساريون».
الشابة المتمردة لم تلتفت إلى الوراء، كانت تنظر إلى المستقبل، وهو لا يتحقق ـــــ كما تقول ـــــ إلا بأن تحصل على حقوقها كامرأة، مثلها مثل الرجل تماماً. هكذا كتبت روايتها الأولى «أيام معه» (1959)، وإذا بها تثير عاصفة من حولها بسبب ما ينطوي عليه النصّ من جرأة في التعبير والمكاشفة. أخيراً كاتبة سورية تدير ظهرها للحارة الدمشقية المغلقة، وتخرج إلى فضاء شوارع دمشق الجديدة، تختبر حياة أخرى عنوانها المغامرة والجسارة والافتتان برجل وسيم في علاقة حب عاصفة.
التهمة كانت جاهزة طبعاً: «ريم» بطلة الرواية ليست سوى كوليت الكاتبة، أما «زياد» الرجل الذي أحبّته، فهو بلا شك نزار قباني. لا تنكر كوليت خوري أنّها كانت على علاقة بشاعر المرأة، لكنّ الكتابة مسألة معقّدة. والكاتبة لا تنكر أنّها بمعنى ما موجودة في كل رواياتها، بل إنّها مزيج من بطلاتها: «أنا ريم في«أيام معه»، ورشا في «ليلة واحدة»، وسهير في «ومرّ صيف»، وأسمى في «أيام مع الأيام»». الرواية التي كانت أول نسمة حرية نسوية في الكتابة السورية، جوبهت بعنف على مستوى النقد، لكنّ نقاداً كباراً أنصفوها وفي مقدمتهم عباس محمود العقاد، وغالي شكري.
وتتذكّر كوليت بحنين دمشق الستينيات التي شهدت انطلاقتها، وتفتّح بذرة التمرد والتحدي في حياتها وكتاباتها... وترى أنّ المدينة تفتقده اليوم. «في تلك الأيام تعرّفتْ إلى كونت إسباني يحمل اسم رودريكو دوزياس، فتزوجته بدافع التحدي. أرفض المساومة على أنوثتي، وأرغب أن أكون في الحب حرّة كالرجل تماماً». أما علاقتها مع نزار قباني، فقد انتهت إلى حصار، أرغمها على السفر إلى أميركا، مثلما اضطر صاحب «قالت لي السمراء» للسفر إلى الصين. الرسائل المتبادلة بينهما كانت وسيلتهما لاختزال المسافة وعذابات الفراق. رسائل الشاعر الراحل في تلك الفترة، تفصح عن «إنسان عاطفي ينضح بالحزن، ولم يكن يفهمه أحد سواي».
اعترف نزار في أكثر من مناسبة، بأنّ كوليت كانت بالنسبة إليه هي دمشق. أما كوليت، فتقول: «كان نزار شاعر المرأة. أما أنا، فكنت المرأة الوحيدة التي أحبّها». وحين نسألها عن مصير هذه الرسائل، وهل تفكر في نشرها قريباً؟ تجيب «في حوزتي 35 رسالة من نزار قباني، كما تمكنت من استعادة 13 رسالة من رسائلي إليه عن طريق ابنته هدباء. أما البقية، فلا أعرف مصيرها». وتضيف: «لكن أين الناشر الذي يضمن حقوقي؟ أخشى أن يسرقني الناشرون بإعادة طبع الكتاب من دون علمي، مثلما يحصل في كتبي الأخرى».
هل تخشى كوليت خوري أن تثير هذه الرسائل ضجة بعد نشرها؟ تسارع إلى القول: «أبداً، لأنني سوف أنشر الرسائل مصوّرة كما هي إلى جانب النسخة المطبوعة. لن أزوّر الحقائق». نمازحها: «هل نبحث لك عن ناشر أمين لطباعة الكتاب؟»، فلا يتأخّر الجواب الملهوف: «نعم، أنا مستعدة. إذا نفّذ هذا الناشر شروطي، واحترم حقوقي الماديّة والمعنويّة».
في مطلع سبعينيات القرن المنصرم، بعد تأسيس «اتحاد الكتّاب العرب»، أتى وزير الإعلام أحمد اسكندر أحمد إلى مقرّ الاتحاد، في زيارة للتعرف إلى الكتّاب السوريين، وكانت كوليت خوري موجودة بين الحضور، وكانت كعادتها، بكامل أنوثتها. تأفّف الوزير من رائحة عطرها، واستغرب أن يشم عطراً فاخراً في مكان يجتمع فيه الكتّاب التقدميون. «حين قابلت الرئيس حافظ الأسد رويت له الحادثة فضحك قائلاً: امرأة من دون عطر ليست امرأة كاملة». وحين سألها لماذا لا تكتب في الصحف المحلية، قالت له إنّها ممنوعة من الكتابة، استغرب الأمر. أخبرته بالتهمة القديمة إياها: «أنا كاتبة بورجوازية»، فأمر أن تُخصص لها زاوية أسبوعية في صحيفة «البعث». «من وقتها استعدتُ مكانتي ككاتبة في بلدي».
اليوم، رغم مشاغلها الكثيرة، تمضي كوليت خوري ساعات طويلة وراء مكتبها في مراجعة أوراقها القديمة المتراكمة. فبعد انتخابها نائبة في مجلس الشعب، في دورتين متتاليتين، قرّرت أن تتفرّغ للكتابة، إذ تعكف منذ سنوات على جمع تراث جدها تحت عنوان «من أوراق فارس الخوري»، إضافة إلى كتابة المقالات الصحافية والقصص، وإعادة طباعة كتبها النافدة. فصاحبة «القلم الضوئي» كما لقّبها سعيد عقل يوماً، لا تؤمن بالعزلة، وترى أنّ «الحياة لا تعاش مرتين، والكتابة تجربة عيش أولاً وأخيراً. أنا أخاف شبح الموت فأتحداه بحروفي. أتوهّم أنّ الكتابة سوف تطيل حياتي، وإذا انقطعت عنها، فهذا يعني نهايتي».
بطاقة تعريف الكاتبة: كوليت خوري

ولدت في دمشق.
تلقت تعليمها الأولي في(مدرسة راهبات البيزانسسون)
وأتمت دراستها الثانوية في المعهد الفرنسي العربي في دمشق.
بعدئذٍ درست الحقوق في الجامعة اليسوعية في بيروت
ثم تابعت تحصيلها العالي في جامعة القديس يوسف ببيروت،
ثم في جامعة دمشق، ونالت الاجازة في اللغة الفرنسية وآدابها.
عضو جمعية القصة والرواية.
مؤلفاتها:
1-عشرون عاماً- شعر بالفرنسية- دمشق 1957.
2-أيام معه- رواية بيروت 1959.
3-رعشة- شعر بالفرنسية- دمشق 1960.
4-ليلة واحدة- رواية- بيروت 1960.
5-أنا والمدى- قصص- بيروت 1964.
6-كيان- قصص- بيروت 1966.
7-دمشق بيتي الكبير- قصة- دمشق1969.
8-المرحلة المرة- قصص- دمشق 1960.
9-الكلمة الأنثى- قصص- دمشق 1971.
10-قصتان- قصص- دمشق1975.
11-ومر صيف- رواية- دمشق 1975.
12-أغلى جوهرة في العالم- مسرحية- دمشق 1975.
13-دعوة إلى القنيطرة- قصة- دمشق 1976.
14-أيام مع الأيام- رواية دمشق 1979.
15-أوراق فارس الخوري- اعداد- دمشق 1993
خليل صويلح.الموضوع منقول
 
طرح مميز
ورااائع
سيد الكلمات
عوافي
 
الوسوم
الكونتيسةالمتمردة(كوليت خوري)
عودة
أعلى