فتاوى الأزهر الشريف

صيرورة المقبرة وقفا

المفتي
حسن مأمون .
ذو القعدة 1379 هجرية - 23 مايو 1960 م

المبادئ
تخرج المقبرة عن ملك صاحبها وتصير وقفا، ولا يجوز إرثها متى أذن بالدفن فيها ودفن فعلا

السؤال
بالطلب المقيد برقم 664 سنة 1960 المتضمن أن مقبرة من المقابر قد أذن بالدفن فيها ودفن فيها فعلا .
هل تعتبر هذه المقبرة ملكا لصاحبها وتورث عنه أولا

الجواب
إنه مادامت هذه المقبرة قد أذن بالدفن فيها ودفن فيها فعلا، فإنه تكون قد خرجت عن ملك صاحبها، وصارت وقفا، وتبقى وقفا خيريا أبدأ .
ولا يجوز إرثها . ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال .
والله أعلم


 
المقابر المندثرة

المفتي
أحمد هريدى .
جمادى الأولى 1380 ه- - 12 نوفمبر 1960 م

المبادئ
1 - المقبرة التى اندثرت ولم يبق فيها أثر للموتى، واستغنى الناس عنها بالدفن فى غيرها .
إن لم تكن هذه المقبرة موقوفة من أحد كانت أرضها لبيت المال، وتعتبر وقفا وإرصادا على الدفن .
وإن كانت قد وقفت من مالكها لتكون مقبرة فقد اختلف فقهاء الحنفية فى ذلك .
قال الإمام أبو يوسف ببقائها وقفا أبدا على هذه الجهة .
وقال الإمام محمد ببطلان وقفها حينئذ وعودها إلى ملك الواقف إن كان حيا، أو ورثته إن كان ميتا، وإلا أخذت حكم اللقطة، فتصرف للعاجز من الفقراء فقط على رأى، أو إلى المصالح العامة على رأى آخر .
2 - الأخذ برأى محمد أوفق وأرفق بالناس، لما فيه من تحقيق المصلحة لهم

السؤال
بالطلب المقيد برقم 1146 سنة 1960 المتضمن أن مقبرة داخل سكن البلد اندثرت ولا حجة بوقفها .
وقد ترك الدفن بها للاستغناء عنها بعمل مقابر أخرى خارج مساكن البلد .
وأنه لا يوجد بهذه المقبرة موتى أو رفاتهم بعد أن زال تخصيصها للدفن .
وطلب السائل الإفادة عن حكم أرض هذه المقبرة .
وهل تبقى بعد ذلك وقفا، أم تصير ملكا لصاحبها إن كان حيا ولورثته من بعده

الجواب
إذا لم تكن أرض هذه المقبرة موقوفة من أحد كانت أرضها لبيت المال، وبتصريح ولى الأمر بالدفن فيها وتخصيصها لتكون مقبرة للمسلمين تعتبر وقفا وإرصادا على هذا الدفن .
فقد نص الفقهاء على أن لولى الأمر أن يرصد أرضا من بيت المال على جهة عامة كمسجد ومقبرة أو لينتفع بها من يستحق فى بيت المال كالمدرسين والغزاة ونحوهم .
وقالوا إن مثل هذا الإرصاد يجب تأبيده لمصلحة الجهة المرصد عليها لأنه ليس وقفا من جميع الوجوه، إذ الأرض ليست مملوكة لمن رصدها فى الحقيقة، ولكن تأخذ حكم الوقف من أكثر الوجوه .
وإذا استغنى الناس عن الدفن فى هذه الأرض بما أنشئ لهم من مقبرة أخرى جاز لولى الأمر أن يحولها إلى جهة من جهات بيت المال العامة، إذا لم يبق فيها أثر للموتى ولا شئ من العظام، ولم يترتب على تحويلها إلى الجهة الأخرى نبش القبور وإخراج العظام لأن هذا غير جائز .
فالتصرف فى الأرض فى هذه الحالة من حق بيت المال .
أما إذا كانت أرض هذه المقبرة قد وقفت من مالكها لتكون مقبرة، ثم بطل الدفن فيها واستغنى الناس عنها بغيرها، واندثرت بحيث لم يبق فيها عظام ولا أثر للموتى، ولا يرجى الدفن فيها مستقبلا، فقد حصل خلاف بين فقهاء الحنفية فالإمام أبو يوسف يقول ببقائها وقفا أبدا على هذه الجهة كما فى المسجد إذا تخرب واستغنى الناس عنه، فإنه يقول ببقائه وقفا أبدا على تلك الجهة، والإمام محمد يقول ببطلان وقفها حينئذ وعودها إلى ملك الواقف إن كان حيا أو ورثته إن كان ميتا ن وإذا لم يكن له ورثة فتأخذ عنده حكم اللقطة - أى تصرف للعاجز من الفقراء فقط على رأى أو إلى المصالح العامة على رأى آخر .
فعلى رأى محمد فى المسجد يتخرب ويستغنى الناس عن الصلاة فيه إن لم يعرف بانيه، أو عرف ولا وارث له، واجتمع أهل المحلة أو القرية على بيعه والاستعانة بثمنه فى المسجد الآخر فلا بأس .
وأكثر العلماء على قول أبى يوسف . وقالوا إن الفتوى على مذهبه وصحح جماعة من الفقهاء مذهب محمد .
وعلى رأى الإمام محمد إذا لم يعرف واقف لأرض هذه المقبرة، أو عرف ولا وارث له جاز لأهل القرية أو المحلة أن يجتمعوا على بيعها، والاستعانة بثمنها فى إصلاح المقبرة التى أقيمت لهم واستغنوا بها ولا شك فى أنه يلزم على مذهب أبى يوسف تعطيل هذه الأرض، وتركها مهملة لا ينتفع بها، ولذلك كان مذهب محمد محققا للمصلحة، والأخذ به أوفق وأرفق بالناس .
وقد مشى عليه الخصاف فى المسجد الذى تخرب واستغنى الناس عنه .
فقال فى كتابه صفحة 322 إنه يعود إلى بانيه .
وبهذا علم الجواب عن السؤال . والله أعلم


 
جبانة المسلمين وقف لا يجوز التصرف فى جزء منها

المفتي
أحمد هريدى .
6 أغسطس 1962 م

المبادئ
1 - متى خصصت ارض المقبرة لدفن موتى المسلمين صارت وقفا على ما خصصت له على التأبيد .
2 - لا يجوز شرعا إخراج جزء منها عما رصدت له لدفن موتى الأقباط به

السؤال
طلب مجلس مدينة سمالوط بكتابه رقم 7599 بيان الحكم الشرعى فى تخصيص جزء من جبانة المسلمين لدفن موتى الأقباط بها

الجواب
إن أرض المقبرة إن كانت مملوكة لفرد أو أفراد، وخصصت لدفن موتى المسلمين - صارت وقفا على ما خصصت له .
وإن كانت من مال الدولة تكون بتصريح ولى الأمر بالدفن فيها وقفا وإرصادا على هذا الدفن .
ويلزم تأبيدها على الجهة المرصد عليها . ولما كانت المقبرة فى السؤال رصدت لدفن موتى المسلمين - فلا يجوز شرعا إخراج جزء منها عما رصدت له، وهو دفن موتى المسلمين .
وعلى ذلك فلا يجوز تخصيص جزء من جبانة المسلمين لدفن موتى الأقباط بها


 
دفن الرجال مع النساء فى مقبرة واحدة

المفتي
أحمد هريدى .
26 أكتوبر 1963 م

المبادئ
1 - المنصوص عليه شرعا أن الميت يدفن فى قبره لحدا إن كانت الأرض صلبة .
وشقا إن كانت الأرض رخوة - ولا يدفن معه غيره إلا عند الضرورة كضيق المقابر .
2 - يجوز دفن الرجال مع النساء فى مقبرة واحدة للضرورة، بشرط الحيلولة بين كل ميت بحائل من التراب

السؤال
من السيد / بالطلب المقيد برقم 716 سنة 1963 المتضمن أن السائل بنى مقبرة على أن يدفن فيها الرجال والنساء من أهله ، وقد أفاد البعض منهم أن دفن الرجال مع النساء لا يجوز .
وأنه فقير لا يستطيع بناء مقبرة ثانية حتى يخصص واحدة للرجال وواحدة للنساء .
وطلب بيان الحكم الشرعى فيما لو دفن الرجال والنساء فى هذه المقبرة

الجواب
المنصوص عليه شرعا أن الميت يدفن فى قبره لحدا إن كانت الأرض صلبة، وشقا إن كانت رخوة .
ولا يدفن معه غيره إلا عند الضرورة كضيق المقابر مثلا، فإنه يجوز دفن أكثر من واحد فى مقبرة واحدة على أن يدفن الرجل الأكبر من جهة القبلة ثم يليه الأصغر، ويقدم الرجال على النساء، ويحال بينهما بالتراب، ولا يكفى الكفن فى الحيلولة .
وعلى ذلك فإنه يجوز دفن الرجال والنساء فى مقبرة السائل للضرورة التى هى عجزه عن بناء مقبرة أخرى للنساء بالطريق المشروحة، بشرط أن يجعل بين كل ميت حائلا من التراب .
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال . والله أعلم


 
تحصيل رسم على دفن موتى المسلمين

المفتي
أحمد هريدى .
26 ديسمبر 1963 م

المبادئ
1 - تحديد رسوم لحفظ وصيانة ومقابل أجر الخفر وغيره لا مانع منه شرعا .
2 - أخذ قيمة تكاليف الحفر وغيره، لتهيئة المقبرة للدفن والمحافظة عليها جائز شرعا .
3 - لا يجوز شرعا تحصيل رسوم على الدفن فى ذاته .
4 - ما جمع من أموال لصيانة المقابر وحفرها يكون أمانة فى يد من قبضها، وعلى من يقوم بالإنفاق المحافظة عليها وإنفاقها فيما خصصت له .
5 - بتعديه عليها يكون آثما شرعا، ويجب عليه رد ما أخذه منها

السؤال
طلبت وزارة الأوقاف ( المدير العام للمكتب الفنى لوزير الأوقاف ) بكتابها رقم 3747 الخاص بالشكوى المقدمة من مسلمى مدينة الكاب .
الإفادة عن الحكم الشرعى فى مسألتين الأولى تحصيل رسم على دفن موتى المسلمين من جماعة يقومون بإدارة هذه المدافن، الثانية حكم الإسلام على هؤلاء الناس

الجواب
نفيد بأنه تبين من الاطلاع على دستور مجلس إدارة مقبرة المسلمين بمدينة الكاب، وعلى الأوراق المرافقة، أنه ليس بها ما يفيد أن الجمعية فرضت رسوما محددة بدستورها نظير الدفن .
وكل ما جاء بذلك الدستور فى الفقرة السادسة عشرة منه ما يأتى يمكن لمجلس الإدارة من وقت لآخر أن يصدر أحكاما وتنظيمات تهدف لبقاء المقبرة فى حالة جيدة، وبخصوص إعطاء التصاريح وتحديد الأماكن الخاصة بدفن الأعضاء، ومن أجل تنسيق وتقوية سور المقبرة أو عمل مقابر أخرى، أو صيانة الموجود فعلا، يمكنهم تحديد أو فرض رسوم أو مصاريف تتطلبها تلك المدافن وظاهر من تلك الفقرة أنه إن كانت هناك رسوم، حددها مجلس إدارة المقبرة ، فإنه جاء تنفيذا للفقرة المذكورة، وتكون تلك الرسوم نظير الحفر والصيانة والأعمال الأخرى المتعلقة بالمقبرة، وليست نظير الدفن .
وتحديد الرسوم على تلك الصورة لا مانع منه شرعا، مادامت الجمعية لا تمنع المسلمين من الدفن فى تلك المقبرة، التى صارت وقفا يدفن فيها عامة المسلمين بمجرد إعدادها لتكون مقبرة وإباحة الدفن فيها .
ومن حق كل مسلم الدفن فيها فى أى مكان منها لم يعد ويهيأ بالحفر للغير .
وإن دفن فيما أعد للغير ضمن قيمة الحفر شرعا .
جاء فى كتاب الاسعاف فى أحكام الأوقاف ( ولو حفر قبرا فى موضع يباح له الحفر فيه فى غير ملكه فدفن غيره فيه لا ينبش القبر، ولكن يضمن قيمة حفره، ليكون جمعا بين الحقين ومراعاة لهما ) فهذا النص يفيد أن للجمعية أخذ قيمة تكاليف الحفر وغيره لتهيئة المقبرة للدفن والمحافظة عليها .
ومن ذلك يتبين أن عمل الجمعية غير مناف لتعاليم الشريعة الإسلامية، مادامت الجمعية لا تمنع أحد من المسلمين من الدفن فى تلك المقابر .
وما دامت الرسوم التى تحصلها هى نظير حفر المقابر وصيانتها، والأعمال الأخرى، وليست أجرا على الدفن ، وأما الأموال التى فى عهدة الجمعية والتى حصلت من المسلمين لهذا الغرض، فإنها ليست ملكا للجمعية ولا لأحد فيها .
وإنما هى أموال تبرع بها المتبرعون لإنفاق على هذا المشروع الخيرى .
وعلى من يقوم بالإنفاق على هذا المشروع الخيرى .
وعلى من يقوم بالإنفاق أن يحافظ عليها، وينفقها فى وجوه الخير المخصصة لها .
وإن هو تعدى أو اغتال منها شيئا لنفسه، أو أعان الغير على ذلك كان آثما شرعا، ووجب عليه رد ما أخذه .
والله أعلم

 
دفن المسلم وغير المسلم فى مقبرة واحدة غير جائز

المفتي
أحمد هريدى .
19 أبريل 1964 م

المبادئ
1 - لا يجوز دفن المسلم فى مقبرة غير المسلمين، كما لا يجوز العكس .
2 - موت النصرانية وهى حامل من مسلم يقتضى دفنها فى مقبرة بين مقابر المسلمين ومقابر النصارى

السؤال
بالطلب المقيد برقم 219 سنة 1964 أن أهالى سيدى سالم - محافظة كفر الشيخ - مسلمين ومسيحيين - اتخذوا مكانا واحدا لدفن موتاهم .
وتم ذلك فعلا . وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى ذلك

الجواب
المنصوص عليه فقها أنه يجب أن تخصص مقبرة لدفن موتى المسلمين ولا يجوز أن يدفن غير المسلم فى مقبرة المسلمين، ولا أن يدفن المسلم فى مقبرة غير المسلمين .
فقد ورد فى كتب الفقهاء فى مختلف المذاهب أنه إذا ماتت نصرانية وهى حامل من مسلم دفنت بين مقبرة المسلمين ومقبرة النصارى .
وهذا هو المختار والأحوط ، لأنها نصرانية لا تدفن فى مقبرة المسلمين ولأن ولدها مسلم لا يدفن فى مقابر النصارى ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال والله أعلم


 
الانتفاع بأرض الجبانات المندثرة

المفتي
أحمد هريدى .
12 يناير 1969 م

المبادئ
يجوز الانتفاع بأرض الجبانات المندثرة إذا بليت العظام التى بها ولم يبق لها أثر - سواء كانت تلك الأرض موقوفة أو مرصودة للمنفعة العامة، بشرط عدم نبش القبور أخذا بمذهب الإمام محمد

السؤال
بالطلب المقيد برقم 4 سنة 1969 المتضمن أنه يوجد بقرية المنشأة الكبرى مركز كفر شكر مقبرة للمسلمين .
وقد توقف الدفن بها منذ خمسين سنة .
ومنذ خمس سنين صرحت وزارة الصحة لأحد أهالى القرية المذكورة بنقل رفات الموتى الموجودة بها إلى مقبرة أخرى وتم ذلك .
كما قام أهل البلدة بتسويتها وأقيم ملعب رياضى عليها .
وأن أهل القرية يرغبون فى إقامة مدرسة إعدادية، وقد وقع اختيارهم لمكان المدرسة على أرض هذه المقبرة المذكورة .
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى إقامة هذه المدرسة وما يتبعها من دورات مياه وخلافه على ارض هذه المقبرة والحال كما تقدم بيانه

الجواب
المنصوص عليه شرعا أن الجبانة المندثرة إذا بطل الدفن فيها بالاستغناء عنها بأرض أخرى أو بأى سبب آخر، فإن كان لا يزال بها عظام فهى على ما هى عليه، لبقاء المنفعة التى من أجلها وقفت، إذ لا يجوز نبشها شرعا فى هذه الحالة .
وإن اندثرت بحيث لم يبق بها عظام أو لم يدفن فيها أو فى بعضها، ولا يرجى أن يعود الدفن فى وقت من الأوقات، فقد حصل خلاف بين أبى يوسف ومحمد .
فمحمد يقول ببطلان وقفها وتعود إلى ملك الواقف غن كان حيا أو إلى ورثته إن كان ميتا، وإن لم تكن له ورثة تكون لمصالح عامة المسلمين مطلقا .
وعند أبى يوسف تبقى وقفا أبدا على هذه الجهة، كما فى المسجد إذا تخرب واستغنى الناس عنه .
هذا إذا كانت الأرض موقوفة أو مرصودة، لأنه وإن لم يتحقق الوقف فيها إلا أنه يلزم تأييدها إلى الجهة المرصد عليها، وإذا كانت خاصة فإنها مثل الموقوفة يجوز الدفن فيها، لتحقق شرط التسليم على مذهب الإمام محمد .
وخلاصة القول أنه يجوز لولى الأمر سواء أكانت أرض الجبانات موقوفة أو مرصودة الانتفاع بها لأغراض المنافع العامة ما لم يترتب عليها نبش القبور .
وعلى ذلك فإنه يجوز الانتفاع بها لأغراض المنافع العامة ما لم يترتب عليها نبش القبور .
وعلى ذلك فإنه يجوز الانتفاع بأرض الجبانات التى اندثرت وبليت العظام بها ولم يبق لها اثر .
وذلك لتيسير الانتفاع ولتحقق المصالح الملائمة لقواعد الدين الإسلامى التى كلها يسر ورحمة لأن العمل بمذهب الإمام محمد أيسر وأوفق بمقاصد الدين السمحة .
وأما مذهب أبى يوسف فيجعل الأرض مهملة بدون انتفاع، فيترتب عليه ضرر بالمصالح التى عينها الواقف بتفويت المنفعة وفى حادثة السؤال المصلحة واضحة، ورؤى العمل بمذهب الإمام محمد فى هذا الشأن .
ومن ثم يجوز لولى الأمر أن يتصرف فى هذه المقبرة بما فيه المصلحة العامة للمسلمين، بإقامة المنشآت العامة عليها كالمدرسة بشرط أن لا يكون فيها شئ من رفات الموتى .
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال . والله تعالى أعلم


 
كيفية غسل الميت قاصرا أو بالغا

المفتي
محمد خاطر .
رمضان 1398 ه- - 28 أغسطس 1978 م

المبادئ
1 - يجب أن يوضع الميت على شئ مرتفع عند غسله .
2 - أن يبخر حال الغسل ثلاثا أو خمسا أو سبعا، ثم يجرد من ثيابه ما عدا ساتر العورة .
3 - يندب ألا يكون معه أحد سوى الغاسل ومن يعينه .
4 - يبدأ فى وضوئه بوجهه، وتنظيف الأسنان والمنخرين بخرقة يقوم مقام المضمضة والاستنشاق .
5 - يغسل رأسه ولحيته بمنظف كالصابون ونحوه إن كان عليهما شعر، وإلا فلا يغسلان كذلك .
6 - يضجع على يساره لغسل يمينه، ويصب الماء على شقة الأيمن من رأسه إلى رجليه ثلاث مرات، حتى يعم الماء الجانب الأسفل .
7 - لا يجوز كبه على وجهه لغسل ظهره، بل يحرك من جنابه حتى يعمه الماء، وهذا هو غسل الكفاية .
8 - أما غسل السنة فبزيادة غسلتين فى الأولى يجلسه الغاسل ويسنده إليه، ويمسح بطنه برفق ويغسل ما يخرج منه، بعد أن يضجعه الغاسل على يمينه، ويصب الماء على شقة الأيسر بالكيفية المتقدمة .
وفى الثانية يضجع على يساره، ويصب الماء على يمينه بالكيفية المتقدمة .
9 - يجفف الميت ويضع عليه الطيب .
ولا تشترط النية فى صحة الغسل، ولا فى إسقاط فرض الكفاية .
10 - الصبى الذى لا يعقل الصلاة يغسل بالكيفية السابقة فيما عدا الوضوء .
11 - بوصول الماء إلى جميع أجزاء الفم والأنف وسائر الجسد فى الغسل من الجنابة لا يلزم الوضوء للصلاة بعد ذلك

السؤال
بالطلب المقدم من السيد / ر م من دار السلام - التابعة لجمهورية تنزانيا - المقيد برقم 49 لسنة 1977 المتضمن أن السائل يريد بيان الحكم الشرعى فى الأمور الآتية : 1 - كيفية غسل الطفل الميت الذى لم يختتن بعد، أو الشخص البالغ قبل الدفن .
2 - إذا مر وقت إتمام الوضوء ريح قبل إكمال كل الأجزاء الضرورية من جسمه .
هل يجب أن يستمر فى تنظيف بقية الأجزاء أو يبدأ من جديد .
3 - فى حالة الجماع أو الاحتلام .
هل يكون من الضرورى إتمام الوضوء بعد الاستحمام الكلى لكل أجزاء الجسم قبل الصلاة .
4 - الآلات الموسيقية الصغيرة عادة تعزف عند سماع القساوسة أو مديح النبى .
كيف يحسب لهم . وهل يسمح من الناحية الدينية استخدام هذه الآلات بالنسبة للذين لم يختتنوا بعد

الجواب
1 - عن السؤال الأول المنصوص عليه فى فقه الحنفية فى كيفية غسل الميت هو أنه يوضع الميت على شئ مرتفع ساعة الغسل كخشبة الغسل، ثم يبخر حال غسله ثلاثا أو خمسا أو سبعا، بأن تدار المجمرة حول الخشبة ثلاث مرات أو خمسا أو سبعا، ثم يجرد من ثيابه ما عدا ساتر العورة ويندب ألا يكون معه أحد سوى الغاسل ومن يعينه .
ثم يلف الغاسل على يده خرقة يأخذ بها الماء ويغسل قبله ودبره - الاستنجاء - ثم يوضأ ويبدأ فى وضوئه بوجهه، لأن البدء بغسل اليدين إنما هو للأحياء الذين يغسلون أنفسهم فيحتاجون إلى تنظيف أيديهم، أما الميت فإنه يغسله غيره - ولأن المضمضة والاستنشاق لا يفعلان فى غسل الميت، ويقوم مقامهما تنظيف الأسنان والمنخرين بخرقة كما تقدم - ثم يغسل رأسه ولحيته بمنظف كالصابون ونحوه إن كان عليهما شعر، فإن لم يكن عليهما شعر لا يغسلان كذلك، ثم يضجع الميت على يساره ليبدأ بغسل يمينه ، فيصب الماء على شقه الأيمن من رأسه إلى رجليه ثلاث مرات حتى يعم الماء الجانب الأسفل ولا يجوز كب الميت على وجهه لغسل ظهره ، بل يحرك من جانبه حتى يعمه الماء - وهذه هى الغسلة الأولى .
فإذا استوعبت جميع بدنه حصل بها فرض الكفاية - أما السنة فإنه يزاد على هذه الغسلة غسلتان أخريان، وذلك بأن يضجع ثانيا على يمينه ثم يصب الماء على شقة الأيسر ثلاثا بالكيفية المتقدمة، ثم يجلسه الغاسل ويسنده إليه ويمسح بطنه برفق، ويغسل ما يخرج منه وهذه هى الغسلة الثانية، ثم يضجع بعد ذلك على يساره ويصب الماء على يمينه بالكيفية المتقدمة .
وهذه هى الغسلة الثالثة - وتكون الغسلتان الأوليان بماء ساخن مصحوب بمنظف كورق النبق والصابون .
أما الغسلة الثالثة فتكون بماء مصحوب بكافور، ثم بعد ذلك يجفف الميت ويوضع عليه الطيب كما تقدم .
هذا ولا يشترط لصحة غسل الميت نية، وكذلك لا تشترط النية لإسقاط فرض الكفاية على التحقيق وإنما تشترط النية لتحصيل الثواب على القيام بفرض الكفاية هذا بالنسبة للميت البالغ - أما الصبى الذى لا يعقل الصلاة فلا يوضأ وفيما عدا الوضوء فإنه يغسل بالكيفية السابقة .
2 - عن السؤال الثانى إذا كان المقصود من السؤال هو أن المتوضئ أثناء وضوئه وقبل أن يكمل وضوءه خرج منه ريح، هل يستمر فى وضوئه أم يبدأ الوضوء من جديد - إذا كان هذا هو مقصود السائل من سؤاله .
فإننا نجيب بأن الواجب على هذا الشخص أن يبدأ وضوءا جديدا، لأن خروج الريح منه نقض ما فعله من الوضوء قبل تمامه، فيجب عليه الوضوء من جديد إذ أن الريح ينقض جميع الوضوء، فينقض بعضه قبل تمامه كذلك أما إذا كان المقصود بخروج الريح ليس هو الحدث، وإنما هبت الريح من السماء عليه، فجف الماء من على أعضاء وضوئه التى تم غسلها، فتجيب بأن هذا الشخص لا يجب عليه وضوء جديد، وإنما يجب عليه أن يكمل وضوءه، لأن الموالاة بين الأعضاء ليست شرطا فى صحة الوضوء فى مذهب الحنفية .
3 - عن السؤال الثالث إذا كان هذا الشخص الذى حصلت له الجنابة من الجماع أو الاحتلام قد تمضمض واستنشق بحيث أصاب الماء جميع أجزاء فمه وأنفه، وغسل جميع أجزاء جسده بالماء، فليس بلازم له أن يتوضأ للصلاة بعد هذا الغسل، لأن هذا الغسل أزال الحدث الأكبر، فمن باب أولى يزيل الحدث الأصغر .
لأن النية ليست فرضا فى الوضوء أو الغسل عند الحنفية، بل هى سنة .
والأولى النية والوضوء قبل الغسل، لأن ذلك سنة .
4 - عن السؤال الرابع هذا السؤال ليس بواضح ولا محدد ولا يدرى ما هو المقصود به، ولذلك لا يمكننا الإجابة عليه .
فإن وضح وحدد أجبنا عليه .
ومن هذا يعلم الجواب عما جاء بالأسئلة إذا كان الحال كما ورد بها .
والله سبحانه وتعالى أعلم


 
جبانات ومقابر

المفتي
محمد عبده .
جمادى الثانية 1317 هجرية

المبادئ
1 - إذا كان الشارع من المنافع العامة سواء كان في مقبرة أو غيرها فلا يسوغ لأحد البناء فيه متى أضر ذلك بالمارة .
2 - للسلطان أو نائبه أن يمنع من البناء فيه إذا اقتضت المصلحة ذلك

السؤال
مقبرة معدة لدفن أموات المسلمين، يوجد بها شوارع عامة للمرور فيها، وبعض الناس بنى على جزء من هذه الشوارع .
فهل يجوز اعتبار الشوارع المذكورة من المنافع العمومية ومنع التعدى عليها بالبناء فيها وهل يجوز وضع مواسير مياه بها لتوصيل المياه منها للشرب والرش بالمقبرة وبجهات مجاورة لها لكون المصلحة العامة تقتضى ذلك أم لا

الجواب
ذكر أن المقبرة المعدة لدفن أموات المسلمين بها شوارع عامة للمرور فيها، وأن بعض الناس بنى على جزء منها فحصل ضيق بسبب ذلك البناء واستفهم هل يجوز شرعا اعتبار الشوارع المذكورة من المنافع العمومية ومنع التعدى عليها بالبناء فيها ، وهل يجوز أن توضع بها مواسير مياه للشرب وغيره لاقتضاء المصلحة العامة ذلك أم لا وحيث إن هذه الشوارع الموجودة بتلك المقبرة عامة للمرور فيها وقد سلكها الناس، فلا ريب تعد من المنافع العمومية، ولا يسوغ لأحد البناء فيها متى أضر ذلك بالمارة، ولسلطان أو نائبه أن يمنع من البناء فيها إن كان ذلك مصلحة للمسلمين، كما أن له أن يأذن بوضع مواسير المياه المذكورة بها إذا اقتضت المصلحة ذلك .
لما صرحوا به من أن للسلطان أو نائبه التصرف فى حق الكافة بفعل ما فيه المصلحة لهم واللّه أعلم


 
هدم قبة على قبر

المفتي
محمد عبده .
ذى الحجة 1319 هجرية

المبادئ
بناء بيت أو قبة على القبر مكروه، ولا بأس بهدم القبة التى على القبر بل هو الأولى إذا كانت تجتمع حولها القاذورات

السؤال
ضريح قديم عليه قبة فى شارع مطرق ليلا ونهارا معرضة للبول والأقذار .
وبجوار هذا الضريح مسجد منسوب لصاحبه، وفى هذا المسجد باب لذلك الضريح .
فهل يجوز هدم القبة ونقل الضريح إلى داخل المسجد أو يبقى فى محله

الجواب
المروى عن الإمام أبى حنفية أن بناء بيت أو قبة على القبر مكروه .
وهو يدل على أن لا بأس بهدم القبة المذكورة، بل إنه الأولى .
فإذا كانت تجتمع حولها القاذورات واعترضت فى الطريق تأكدت الأولوية .
أما موضع القبة وهو الضريح فيسوى بأرض الشارع، لأنه لو فرض أن تحته ميتا مدفونا فقد بلى، فيجوز استعمال أرضه فى غير الدفن .
واللّه أعلم


 
تسوية المقبرة وزراعتها

المفتي
بكرى الصدفى .
ذى القعدة 1324 هجرية

المبادئ
1 - يجوز لمالك المقبرة القديمة تسويتها وتقصيبها وزراعتها بدون نبش متى تحقق أن من فيها قد صار ترابا .
2 - لا يجوز كسر عظام الميت ولا تحويلها ولو كان ذميا

السؤال
من الدكتور ع .
فى أرض زراعية بها مقبرة قديمة منعت الصحة الدفن بها من مدة تبلغ نحو الأربعين سنة .
وفى هذا الزمان يغلب على الظن أن العظام قد بليت ( عظام الموتى المدفونين فيها ) فهل يجوز لمالك الأرض والمقبرة تقصيبها وزرعها بدون أن تنبش القبور وتخرج عظامها أفيدوا الجواب ولكم الثواب

الجواب
فى رد المحتار ما نصه وقال الزيلعى ولو بلى الميت وصار ترابا جاز دفن غيره فى قبره وزرعه والبناء عليه انتهى .
وفى شرح مراقى الفلاح ما نصه ولو بلى الميت وصار ترابا جاز دفن غيره فى قبره .
ولا يجوز كسر عظامه ولا تحويلها ولو كان ذميا . ولا ينبش وإن طال الزمان انتهى - فعلى ذلك يجوز لمالك أرض المقبرة المذكورة تسويتها وزراعتها بدون أن تنبش تلك القبور متى تحقق أن من فيها من الأموات صار ترابا على وجه ما ذكر .
واللّه تعالى أعلم


 
نقل الموتى

المفتي
بكرى الصدفى .
رجب 1326 هجرية

المبادئ
1 - يجوز نقل الميت قبل دفنه بمقدار ميل أو ميلين على ما هو ظاهر من مذهب أبى حنيفة .
2 - لا يجوز نقل الميت بعد دفنه مطلقا إلا لموجب شرعى، كأن تكون الأرض التى دفن فيها مغصوبة أو أخذت بالشفعة

السؤال
بخصوص نقل جثة من مقبرة إلى أخرى .
فما الحكم الشرعى فى ذلك

الجواب
علم ما تضمنته إفادة الحقانية الواردة لنا بتاريخ 26 سنة 908 نمرة 2347 بناء على ما ورد بها من نظارة الداخلية بتاريخ 18 منه نمرة 89 من طلب الإفادة عما يقتضيه الحكم الشرعى فيمن له حق الأولوية فى طلب نقل جثث المتوفين المسلمين من الأقارب وغيرهم على الوجه الذى تضمنته إفادة الداخلية - والإفادة عن ذلك .
أن نقل الميت قبل دفنه لا بأس به بقدر ميل أو ميلين على ما هو الظاهر من مذهب أبى حنيفة رحمه اللّه تعالى .
وأما نقله بعد دفنه فلا يجوز مطلقا إلا لموجب شرعى .
مثل أن تكون الأرض التى دفن فيها مغصوبة أو أخذت بشفعة .
ففى شرح مراقى الفلاح ولا يجوز كسر عظامه ولا تحويلها ولو كان ذميا .
ولا ينبش وإن طال الزمان انتهى ومثله فى كثير من الكتب .
ثم لا فرق فى عدم جواز نبش القبور ونقل من فيها من الموتى بين الأقارب وغيرهم .
فإن الأقرب والأبعد فى ذلك سواء واللّه سبحانه وتعالى أعلم


 
عدم جواز البناء على القبور

المفتي
بكرى الصدفى .
جمادى الأولى 1328 هجرية

المبادئ
لا يجوز البناء على المقابر ولا نبشها متى كانت الأرض موقوفة على دفن الموتى وإن اندثرت ولم يبق فيها أثر الموتى

السؤال
فى مقابر المسلمين المسبلة والموقوفة إذا درست ودثرت ولم يبق بها عظم الأموات ولا لحمهم .
هل يجوز البناء ونبشها أم كيف الحال

الجواب
لا يجوز البناء على المقابر المذكورة ولا نبشها والحال ما ذكر، ففى الاسعاف من فصل فى ذكر أحكام تتعلق بالمقابر والربط ما نصه - مقبرة قديمة لمحلة لم يبق فيها آثار المقبرة .
هل يباح لأهل المحلة الانتفاع بها قال أبو نصر رحمه اللّه تعالى لا يباح .
قيل له فإن كان فيها حشيش . قال يحتش منها ويخرج للدواب وهو أيسر من إرسال الدواب فيها انتهى - وفى الهندية من كتاب الوقف من الباب الثانى عشر فى الرباطات والمقابر ما نصه - سئل القاضى الإمام شمس الأئمة محمود الأوز جندى فى مسجد لم يبق له قوم وخرب ما حوله واستغنى الناس عنه، هل يجوز جعله مقبرة قال لا .
و سئل هو أيضا عن المقبرة فى القرى إذا اندرست ولم يبق فيها أثر الموتى لا العظم ولا غيره .
هل يجوز زرعها واستغلالها قال لا .
ولها حكم المقبرة كذا فى المحيط انتهى . وهذا لا ينافى ما قاله الزيلعى فى باب الجنائز من أن الميت إذا بلى وصار ترابا جاز زرعه والبناء عليه .
لأن المانع هنا كون المحل موقوفا على الدفن فلا يجوز استعماله فى غيره .
واللّه تعالى أعلم .
ے

 
نقل الميت

المفتي
بكرى الصدفى .
محرم 1328 هجرية

المبادئ
عدم جواز نبش القبور التى هى مسبلة لدفن الموتى ولا نقل من فيها وإن طال عليها الزمن، متى كانت الأرض موقوفة لدفن الموتى

السؤال
يوجد بين قبور أموات المسلمين بقرافات صحراء المقطم أضرحة لبعض الأولياء وقباب على قبور بعض الأمراء بناؤها متقن الصناعة ويعتبر من الآثار العربية التى يجب التحفظ عليها وصيانتها .
ولذلك قررت لجنة حفظ الآثار إخلاء جوانبها بعرض 40 مترا ومجلس مدينة القاهرة جعلها عشرين مترا .
وهذا يستدعى نقل القبور الموجودة فى موضعها .
وهذه القرافات أراض موقوفة لدفن موتى المسلمين .
فما رأى الشريعة الغراء فى ذلك

الجواب
وردت لنا إفادة سيادتكم بتاريخ 12 يناير الجارى سنة 1910 نمرة 265 تتضمن أنه يوجد بين قبور أموات المسلمين بقرافات صحراء المقطم أضرحة لبعض الأولياء .
وقباب على قبور بعض الأمراء .
بناؤها متقن الصناعة ومقبرة من الآثار العربية التى يجب التحفظ عليها .
وتعهدها بأعمال الصيانة ولذلك قررت لجنة حفظ الآثار العربية إخلاء جوانبها وترك مسافة خالية حول كل منها بعرض أربعين مترا من كل جهة فيكون بصفة ميادين عمومية وأن مجلس تنظيم مدينة القاهرة قرر هذه الميادين، ولكنه جعل عرض كل جهة منها عشرين مترا فقط وبما أن إنشاء الميادين المذكورة يستدعى نقل القبور الموجودة فى موضعها .
ومن المعلوم أن أراض القرافات بتلك الصحراء وقف لدفن موتى المسلمين .
ولكل مسلم الحق فى حفر القبور والدفن فيها ويراد قبل اعتماد هذا القرار الإفادة منا عما تقتضيه الشريعة الغراء فى ذلك والإفادة عن ذلك أن الذى تقتضيه أحكام الشريعة الغراء عدم جواز نبش القبور المذكورة التى هى مسبلة لدفن الموتى .
ولا نقل من فيها وإن طال عليها الزمن .
وللاحاطة لزم تحريره أفندم


 
الاختلاف على دفن الميت

المفتي
بكرى الصدفى .
ربيع الثانى 1330 هجرية

المبادئ
1 - إذا اختلف أقارب الميت على دفنه فى مقبرة معينة فإن اتحدت المسافة بين المقبرتين كان حق الأولوية فى الاختيار لمن هو أقواهم قرابة بالمتوفى .
2 - إذا اختلفت المسافة فتراعى فى ذلك أقرب جهة

السؤال
فى بعض الأحيان يحصل اختلاف بين أقارب المتوفى على المحل الذى يدفن فيه .
بمعنى أن كلا منهم يريد دفنه فى المدافن المعتاد دفن موتاه فيها ويترتب على ذلك تأخير الدفن بضع ساعات وفى ذلك انتهاك حرمة الأموات وربما ينشأ عن تأخير الدفن ما يضر بالصحة خصوصا إذا حصل فى زمن اشتداد الحر .
فمن له حق الأولوية من الأقارب وغيرهم فى اختيار محل الدفن حسب ترتيبهم باعتبار جهة وقوة ودرجة القرابة والنسب

الجواب
علم ما تضمنته إفادة سعادتكم الواردة لنا بتاريخ 20 مارس سنة 1912 نمرة 3191 وصار الاطلاع على مكاتبة مصلحة الصحة المرفقة معها بخصوص أخذ رأينا فيمن له حق الأولوية من الأقارب فى اختيار محل دفن المتوفى عند حصول اختلاف بينهم على المحل الذى يدفن بمعنى أن كلا منهم يريد دفنه فى المدفن أو الجبانة المعتاد دفن موتى عائلته فيها، ويترتب على ذلك تأخير الدفن بضع ساعات وفى ذلك انتهاك حرمة الأموات مالا يخفى وربما ينشأ عنه ما يضر بالصحة خصوصا إذا حصل فى زمن اشتداد الحر والإفادة عن ذلك .
أنه ينبغى إذا تنازع أقارب الميت فى محل دفنه أن يكون من له حق الأولوية فى اختيار محل الدفن عند استواء المسافات هو أقواهم قرابة للمتوفى فيقدح الأخ على العم مثلا .
وأما إذا كانت المسافات مختلفة فيراعى فى ذلك جهة قرب المسافة .
هذا ما ظهر لى أخذا من كلام العلماء فى كتبهم ففى متن التنوير وشرحه ما ملخصه يندب دفن الميت فى جهة موته وتعجيله وأنه يقدم فى الصلاة عليه بعد السلطان ونائبه والقاضى وإمام الحى الولد بترتيب عصوبة الإنكاح إلا الأب فيقدم على الابن اتفاقا إلا أن يكون عالما والأب جاهلا فالابن أولى فإن لم يكن له ولى فالزوج .
وفى الجوهرة على القدورى ما نصه ويكره نقل الموتى من بلد إلى بلد لقوله عليه السلام عجلوا بموتاكم وفى نقله تأخير دفنه انتهى - وفى حواشى مراقى الفلاح ما نصه (انظر حكم ما إذا تعددت المقابر فى محل وأبيح الدفن فى كلها أو له فى كل قبر، هل يكون الدفن فى القربى أو يعتبر الجيران الصالحون يحرر) انتهى - وفى الدرر عن الخانية ما نصه ويستحب فى القتيل والميت دفنه فى المكان الذى مات فيه فى مقابر أولئك المسلمين، وإن نقل قبل الدفن إلى قدر ميل أو ميلين فلا بأس به انتهى - واللّه تعالى أعلم


 
زيارة القبور

المفتي
محمد بخيت .
ذى الحجة 1337 هجرية 22 سبتمبر 1919 م

المبادئ
1 - زيارة القبور فى ذاتها مندوبة للرجال والنساء للعظمة والاعتبار والترحم ولكنها مكروهة للشابات من النساء .
2 - يكره المبيت على القبور من الرجال والنساء أيام المواسم والأعياد والأكل والشرب إلخ، كما يكره النياح وقضاء الحاجة عند القبر، كما يكره وطؤه والجلوس والصلاة عليه .
3 - اختلاط الرجال بالنساء فى المقابر وما يحدث عندها من مفاسد ومنكرات لا يؤدى إلى ترك الزيارة لأن القربات لا تترك بالمنكرات وعلى الإنسان فعلها وإزالة البدع إن أمكنه ذلك .
4 - يجب منع المنكرات على اختلاف أنواعها فى المقابر وغيرها، أما شرب الخمر وارتكاب جريمة الزنا فى المقابر فهذا حرام ومنكر شنيع واجب منعه فى المقابر وغيرها بالإجماع

السؤال
هل يجوز للأمة أن تبيت على القبور أيام المواسم والأعياد وغير ذلك من النساء والرجال والأطفال والعائلات بأجمعها، ويأكلون ويشربون ويصنعون المنكرات على اختلاف أنواعها، ويصنعون المراحيض فى القبور ويتبولون وأغلبهم يشربون الخمر ويرتكبون جريمة الزنا ولا يخافون اللّه فهل هذا حرام أو حلال

الجواب
نفيد أن زيارة القبور فى ذاتها مندوبة للرجال والنساء لقوله عليه الصلاة والسلام (كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها) وأما قوله عليه الصلاة والسلام (لعن اللّه زائرات القبور) فهو إما منسوخ لحديث كنت نهيتكم أو محمول على ما إذا كانت زيارتهن للقبور لتجديد الحزن والبكاء والندب على ما جرت به عادتهن، وأما إن كانت زيارتهن للاعتبار والعظة والترحم من غير بكاء والتبرك بزيارة الصالحين فلا بأس بها من النساء إذا كن عجائز، ويكره إذا كن شواب لحضور الجماعة فى المساجد، قال ابن عابدين وهو توفيق حسن .
وأما المبيت على القبور أيام المواسم والأعياد من الرجال والنساء والأطفال والأكل والشرب فهو مكروه قال فى الفتح ويكره الجلوس على القبر ووطؤه .
وحينئذ فما يصنعه من دفن حول أقاربه خلق من وطء تلك القبور إلى أن يصل قبر قريبه مكروه .
ويكره النوم عند القبر وقضاء الحاجة بل أولى .
وكل ما لم يعهد من السنة، والمعهود منها ليس إلا زيارتها والدعاء عندها قائما .
وفى الأحكام عن الخلاصة وغيرها لو وجد طريقا إن وقع فى قلبه أنه محدث لا يمشى عليه وإلا فلا بأس .
وفى خزانة الفتاوى عن أبى حنيفة لا يوطأ القبر إلا لضرورة ومن أرض بعيد ولا يقعد وإن فعل يكره .
وقال بعضهم لا بأس بأن يطأ القبور وهو يقرأ أو يسبح ويدعو لهم .
وقال فى الحلية ويكره الصلاة عليه (أى القبر) وإليه لورود النهى عن ذلك .
ثم ذكر عن الإمام الطحاوى أنه حمل ما ورد من النهى عن الجلوس على القبر على الجلوس لقضاء الحاجة، وأنه لا يكره الجلوس لغيره جمعا بين الآثار، وأنه قال إن ذلك قول أبى حنيفة وأبى يوسف ومحمد، ثم نازعه بما صرح به فى النوادر والتحفة والبدائع والمحيط وغيره من أن أبا حنيفة كره وطء القبر والقعود أو النوم أو قضاء الحاجة عليه لأنه ثبت النهى عن وطئه والمشى عليه وتمامه فيها .
وقيد فى نور الإيضاح كراهة القعود على القبر بما إذا كان لغير قراءة قلت وتقدم أنه إذا بلى الميت وصار ترابا يجوز زرعه والبناء عليه، ومقتضاه جواز المشى فوقه ثم رأيت العينى فى شرحه على صحيح البخارى ذكر كلام الطحاوى المار ثم قال فعلى هذا ما ذكره أصحابنا فى كتبهم من أن وطء القبور حرام وكذا النوم عليها ليس كما ينبغى فإن الطحاوى هو أعلم الناس بمذاهب العلماء ولا سيما بمذهب أبى حنيفة .
قلت لكن قد علمت أن الواقعة فى كلامهم التعبير بلفظ الكراهة لا بلفظ الحرمة، وحينئذ فقد يوفق بأن ما عزاه الإمام الطحاوى إلى أئمتنا الثلاثة من حمل النهى على الجلوس لقضاء الحاجة يراد به نهى التحريم، وما ذكره غيره من كراهة الوطء والقعود الخ يراد به كراهة التنزيه فى غير قضاء الحاجة وغاية ما فيه إطلاق الكراهة على ما يشمل المعنيين هذا كثير فى كلامهم، ومنه قولهم مكروهات الصلاة وتنتفى الكراهة مطلقا إذا كان الجلوس للقراءة كما يأتى واللّه سبحانه أعلم انتهى - من رد المحتار بصحيفة 945 جزء أول طبعة أميرية سنة 1286، ونقل مثل هذا الخلاف فى الهندية بصحيفة 351 جزء خامس، وزاد نقلا عن ابن مسعود رضى اللّه عنه لأن أطأ على جمر أحب إلى من أن أطأ على قبر، وعن علاء الدين الترجمانى أنه قال يأثم بوطء القبور لأن سقف القبر حق الميت، وعن شمس الأئمة الحلوانى أن بعض العلماء رخص المشى على القبور انتهى - ونقول إن العلماء قد اختلفوا فى هذه المسألة كما ترى، والأحوط كراهة وطء القبور لما تقدم عن الفتح من أن كل ما لم يعهد من السنة مكروه، وأن المعهود منها ليس إلا زيارتها والدعاء عندها قائما، وقد بين ذلك فى الهندية فقال وإذا أراد زيارة القبور يستحب له أن يصلى فى بيته ركعتين يقرأ فى كل ركعة الفاتحة وآية الكرسى مرة واحدة والاخلاص ثلاث مرات ويجعل ثوابها للميت يبعث اللّه تعالى إلى الميت فى قبره نورا، ويكتب للمصلى ثوابا كثيرا ثم لا يشتغل بما لا يعنيه فى الطريق، فإذا بلغ المقبرة يخلع نعليه ثم يقف مستدبرا القبلة مستقبلا لوجه الميت ويقول السلام عليكم يا أهل القبور يغفر اللّه لنا ولكم أنتم لنا سلف ونحن بالأثر .
كذا فى الغرائب . وإذا أراد الدعاء يقوم يستقبل القبلة كذا فى خزانة الفتاوى .
وإن كان شهيدا يقول سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار، وإذا كانت قبور المسلمين مختلطة بقبور الكفار يقول السلام على من اتبع الهدى، ثم يقرأ سورة الفاتحة وآية الكرسى، ثم يقرأ سورة إذا زلزلت وألهاكم التكاثر كذا فى الغرائب .
من الهندية بصحيفة 350 جزء خامس .
فهذه هى كيفية الزيارة الشرعية للرجال والنساء .
وأما اختلاط الرجال بالنساء فقد قال ابن حجر فى فتاويه ولا تترك (أى الزيارة) لما يحصل عندها من منكرات ومفاسد كاختلاط الرجال بالنساء وغير ذلك لأن القربات لا تترك لمثل ذلك .
بل على الإنسان فعلها وإنكار البدع بل وإزالتها إن أمكن .
قلت ويؤيده ما مر من عدم ترك اتباع الجنازة وإن كان معها النساء والنائحات انتهى - من رد المحتار بصحيفة 942 جزء أول .
ومن ذلك يعلم أن الواجب منع المنكرات على اختلاف أنواعها مطلقا فى المقابر وفى غيرها .
كما أن الواجب منع اتخاذ المراحيض فى القبور والتبول فى المقابر، وأما شرب الخمر وارتكاب جريمة الزنى فهذا حرام ومنكر شنيع، ويجب منع كل ذلك فى المقابر وفى غيرها بإجماع المسلمين واللّه تعالى أعلم


 
ترخيص ببناء أرض موقوفة لدفن موتى مسلمين لا يفيد ملكا

المفتي
عبد الرحمن قراعة .
شوال 1342 هجرية - 27 مايو 1924 م

المبادئ
1 - أرض القرافة التي بسفح جبل المقطم موقوفة من قبل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب على أن تكون مقبرة لدفن موتى المسلمين .
2 - عدم جواز تملكها أو تمليكها للغير .
3- من رخص له بالبناء عليها لا يملكها بذلك وإنما يملك البناء فقط

السؤال
من رجل .
فى أن أرض القرافة الكائنة بسفح جبل المقطم بمصر كالقرافة الصغرى، وقرافة الإمام الشافعى، وقرافة باب النصر، التى هى موقوفة على دفن الموتى من المسلمين .
هل لو تحصل أحد على رخصة من التنظيم ببناء حوش فى أرض فضاء، فهل تنقلب من وقف إلى ملك بسبب هذه الرخصة

الجواب
صرح العلماء بأن أرض القرافة التى بسفح جبل المقطم بمصر موقوفة من قبل أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه على أن تكون مقبرة لدفن موتى المسلمين، وجرى العمل على ذلك من عهده للآن .
وحيث كانت وقفا فلا يجوز تملكها ولا تمليكها للغير .
وبناء على ذلك لا تعتبر ملكا لحامل رخصة البناء، وإنما يملك البانى البناء


 
زيارة القبور، وحكم الموسيقى، وشرب الدخان

المفتي
عبد الرحمن قراعة .
شوال 1344 هجرية 12 مايو 1926 م

المبادئ
1 - زيارة القبور مندوب إليها دون مس ولا تقبيل ولا طواف .
2 - شرب الدخان لم يكن موجودا فى عهد النبى - صلى اللّه عليه وسلم - ولا فى عهد خلفائه الراشدين ولا الصحابة والتابعين لهم بإحسان وإنما حدث فى القرون الأخيرة .
3 - اختلف فيه العلماء اختلافا كثيرا فمنهم من قال بحومته ومنهم من ذهب إلى إنه مكروه .
ومنهم من قال بإباحته . وأعدل الأقوال هو القول بكراهته فينبغى تركه وعدم الإصرار على تعاطيه، فإن الإصرار على الصغائر يقبلها كبائر .
4 - أما الموسيقى فحكمها من جهة الإيقاع والاستماع حكم اللّهو واللعب والعبث، وهو الكراهة التحريمية .
ولم يستن إلا ضرب الدف فى الأعراس، والأعياد الدينية، وإلا ملاعبة الرجل زوجه، وتأديبه لفرسه ومناضلته بقوسه

السؤال
بخطاب سعادة وكيل الداخلية الرقيم 27 شوال سنة 1344 - 10 مايو سنة 1926 صورته .
نتشرف بأن نبعث لفضيلتكم برفق هذا صورة من التلغراف المرسل من حضرة صاحب الجلالة ملك الحجاز وسلطان نجد لحضرة صاحب الدولة وزير الداخلية .
رجاء الاطلاع عليه والتكرم بالإفادة عما تقضى به الشريعة الغراء نحو ما جاء به وتفضلوا فضيلتكم بقبول فائق احترامنا .
والمرجو التكرم أيضا بالإفادة عما إذا كان مع ما ذكره جلالة الملك ابن سعود فيما يتعلق بالموسيقى وشرب الدخان وزيارة القبور يباح الحج أولا وتفضلوا فضيلتكم بقبول وافر احترامى .
صورة التلغراف حضرة صاحب الدولة وزير الداخلية بمصر استلمت البرقيتين بشأن المحمل المصرى هذا العام .
قابلت جلالة ابن السعود وقرأت على مسمعه بحضور وزيريه كل رغبات الحكومة المصرية وسلمته كتابا حاويا كل ما جاء بالبرقية وصلى الرد الآتى حضرة صاحب العزة القائم بأعمال القنصلية المصرية بحدة السلام عليكم ورحمه اللّه وبركاته وبعد لقد تناولت كتابكم المؤرخ 19 شوال وإجابة لرغبة حكومة صاحب الجلالة ملك مصر .
نوضح لكم الحالة توضيحا تاما فيما يلى أولا أقدم شكرى الجزيل لحكومة مصر ومليكها لحسن تعطفاتها وتقديرها حسن مساعينا التى نبذلها لخدمة الحجاج والزوار واننا لا نحمل لمصر ومليكها إلا كل محبة وإجلال واحترام لما له من الأيادى البيضاء على الإسلام والعرب، ولقد سررت جدا لمقابلة حكومته قول أهل الإفك والبهتان بالاحتراس والحذر .
ثانيا إننا لم نقبل القيام بأعباء إدارة هذه البلاد إلا لإعلاء كلمة اللّه، والقضاء على البدع الباطلة، وتطهير بلد اللّه الحرام من كل أمر يخل بمركزها الدينى، وأن البلاد التى كانت مهبط الوحى ومبعث النور الإسلامى يجب أن ترجع لعهدها الأول، وأن مصر ذات المركز الممتاز فى العالم الإسلامى، والتى يدين لها المسلمون والعرب بالأفكار الناضجة والرغبة إلى الإصلاح إنى أعتقد أنها تكون أكبر مساعد وعضد فيما نريد من الإصلاح ثالثا إن الأمن ولله الحمد مستتب فى الحجاز كله، وأن الحجاج بفضل اللّه لم تتمتع بالأمن فى جميع حياتها مثل تمتعها الحالى، ولا بد أن مساعد أمير الحج المصرى البكباشى عبد الرحمن بك إبراهيم محدث حكومة مصر بما شاهد وسمع رابعا إن القوة المعتاد إرسالها مع الحمل والتى بينتموها فى كتابكم وما يتبعها من البعثات الطبية لا اعتراض لنا عليه، وسنقوم بواجبنا إزاءه من توفير وسائل الراحة له .
والمحافظة عليهم أنم محافظة، وإجلالهم واحترامهم فى كل مكان يحلون فيه وكذلك لا ترى حكومة الحجاز مانعا من اشتراك مندوبيها مع أمير الحج المصرى فى توزيع القمح والمرتبات على الفقراء والمستحقين، ونحن لا قصد لنا إلا إيصال الخير لأهله خامسا إننا لا نتداخل فى عقائد الناس فهم موكولون إلى خالقهم، ولكن ما يظهر من الأعمال التى تخالف أصول الشريعة، ولا تتفق مع تعاليم الأئمة المجتهدين وعمل السلف الصالح ندعو المخالف إلى الطريق القويم، ونرى أنفسنا مسئولين أمام اللّه عن سكوتنا على المعاصى وانتهاك الحرمات، وهذا بلا شك سيقابل من حكومة مصر وعلماء مصر ذوى الغيرة الدينية بكل ارتياح .
سادسا إننا لا نمنع أحدا من زيارة القبور على الوجه المعروف فى كتب السنة ، ولكن الغلو فى التمسح بالقبور والصلاة عندها والطواف عليها وغير ذلك مما يأتيه الجهلة وينكره عموم العلماء وعلى الأخص علماء مصر لا يسعنا إلا تنبيه الجهلة وإيقافهم عند حد الشريعة، وذلك قياما بما يفرضه علينا الدين من إبداء النصيحة لإخواننا المسلمين - سابعا أما مسألة الموسيقى والدخان فهى من المسائل التى أحب أن ألفت نظر حكومة صاحب الجلالة ملك مصر إليها والتى أود من صميم فؤادى أن تقابل بالموافقة والارتياح حفظا لأواصر الصداقة التى أحرص عليها كل الحرص وأن الآمال الكبيرة التى لنا فى مصر والغاية السامية التى يسعى إليها الجميع لا يصح أن تكون أمثال هذه المسائل عقبة فى طريقها، وعهدى بمصر وحكومتها الحكيمة، وبعد النظر وتقدير الظروف والزمن بما يناسبه أن الموسيقى يعتبرها فريق كبير من أهل نجد وغيرهم من الملاهى التى إن صح أن تكون مسلية للجند ومكملة لنظامهم فى السير، فلا يليق أن تستعمل فى أماكن العبادة مثل مكة ومنى وعرفات الأماكن التى يكثر فيها التلبية والذكر والنسك وأنا لا أحب أن تظهر حكومة مصر المحبوبة إلا بالمظاهر المتفقة مع مكانتها فى العالم الإسلامى، وليس لدى من مانع من استصحاب الموسيقى إلى جدة، وإنى لا أشك أن حكومة مصر التى نحرص كل الحرص على رضائها والتى ينظر إليها العرب نظرهم إلى الزعيم البعيد النظر لا نلاحظ شعور فريق من المسلمين بما يمس شرفها وكرامتها، بل بالعكس إن هذا الأمر مما يزيدنا محبة فى مصر، ويقوى مركزها، لا فى قلوب العرب فقط بل فى قلوب المسلمين أجمعين .
أما مسألة الدخان فهو من الشجر الخبيث الذى يجب أن تطهر منه البلاد المقدسة التى يجب أن يحرق فيها العود والصندل والسند .
ولذا فاحتراما لحرمة هذه البقاع منعنا شرب الدخان جهرا، وما ابتلى بشىء منه وتستر فى بليته فلا سبيل لنا عليه .
إن مصر أحرص منا على تطهير البلاد المقدسة من كل ما يدنسها، ولئن فات العامة بعض المصالح فالعلماء والحكومات الرشيدة لا يفوتها شىء من ذلك، إنى من أحرص الناس على المحافظة على العادات والتقاليد إلا ما خالف الشريعة منها، وإنى لعلى ثقة تامة من أن حكومة مصر التى أظهرت لها فى فرص مختلفة عظيم احترامى لها وشدة محبتى لأهلها وسعي فى اتحادى معها مما يرفع شأن الإسلام والمسلمين ستقابل ذلك بمثله .
واللّه يوفق الجميع لما فيه رضاه . هذا وتقبلوا فائق احتراماتى، ملك الحجاز وسلطان نجد 0 ختم جلالته - إنى يا صاحب الدولة ننتظر التعليمات بالبرق لنهو هذه المسألة بما يرضى حكومتنا بعد فحصها هذا البيان من حكومة الحجاز

الجواب
علم ما جاء بخطاب سعادتكم رقم 10 مايو سنة 1926 نمرة 91 إدارة المرافق له صورة من التلغراف المرسل من حضرة صاحب الجلالة ملك الحجاز وسلطان نجد لحضرة صاحب الدولة وزير الداخلية بمصر المطلوب به الإفادة منا عما تقضى به الشريعة الغراء فيما اشتملت عليه صورة التلغراف من الموضوعات والإفادة أيضا عما يتبع فى إقامة الحج أولا فى هذا العام مع ما ذكره صاحب الجلالة الملك ابن السعود - وبالنظر فيه وجدنا أن ما يصلح موضعا للاستفتاء هو ما جاء بالوجهين السادس والسابع مما يتعلق بزيارة القبور والموسيقى والدخان على الوجه المذكور بتلك الصورة .
فأما ما يتعلق بزيارة القبور فنقول إنها مندوب إليها شرعا بقوله صلى اللّه عليه وسلم (كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزورها) .
وكان النبى . صلى اللّه عليه وسلم يزور قبور المسلمين ببقيع الفرقد ويقول ( السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء اللّه لكم لاحقون .
اسأل اللّه لى ولكم العافية ) وكان يزور شهداء أحد على رأس كل حول ويقول (السلام عليكم بما صبر تم فنعم عقبى الدار) - ونقل محشى إمداد الفتاح عن القهستانى ما نصه قال فى الإحياء ( والمستحب فى زيارة القبور أن يقف مستدبر القبلة مستقبلا وجه الميت وأن يسلم ولا يمسح القبر ولا يقبله ولا يمسه ) وبين الفقهاء جملة مما يكره عند زيارة القبور ثم أجملوا ذلك بقولهم ( وكذا كل ما لم يعهد من غير فعل السنة) وهى قاعدة كلية ينبغى تطبيقها على أى فعل لم يعهد فى السنة وقد مثلوا له بالمس والتقبيل .
ومعلوم أنه لم يعهد من فعل السنة الطواف بغير الكعبة - وأما ما يتعلق بشرب الدخان فنقول إنه لم يكن موجودا فى عهد النبى صلى اللّه عليه وسلم ولا فى عهد خلفائه الراشدين ولا الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولا فى زمن الأئمة المجتهدين .
وإنما حدث فى القرون الأخيرة، واختلف العلماء فيه اختلافا كثيرا، فمنهم من قال بحرمته عملا بحديث أحمد المروى عن أم سلمة رضى اللّه تعالى عنها (نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر وقال إنه إن لم يكن مسكرا كان مفترا) وجنحوا مع هذا إلى نهى ولى الأمر عنه، والقواعد الفقهية تقضى أن ولى الأمر لو نهى عن مباح لمصلحة دينية حرم .
ومنهم من ذهب إلى أنه مكروه نظرا لما فيه من الضرر الظاهر للأبدان وإضاعة الأموال - ومنهم من لا يرى أنه مفتر فقال بإباحته أخذا بالقاعدة العامة، وهى أن الأصل فى الأشياء الإباحة أو التوقف .
ورد على من قال بالحرمة أو الكراهة بأنهما حكمان شرعيان لا يثبتان إلا بدليل ولم يوجد .
والذى يظهر أن أعدل الأقوال هو القول بالكراهة، فينبغى تركه وعدم الإصرار على تعاطيه .
فإن الإصرار على الصغائر يقلبها كبائر - وأما الموسيقى فحكمها من جهة الإيقاع والاستماع حكم اللّهو واللعب والعبث وهو الكراهة التحريمية .
فإن فقهاءنا نصوا على كراهة كل لهو كالرقص والسخرية والتصفيق وضرب الأوتار من الطنبور والبربط والرباب والقانون والمزمار والصنج والبوق .
فإنها كلها مكروهة تحريما ولم يستثن من ذلك إلا ضرب الدف فى الأعراس والأعياد الدينية وإلا ملاعبة الرجل زوجه وتأديبه لفرسه ومناضلته بقوسه .
هذا ونرى أن تأخذ حكومتنا السنية حرسها اللّه تعالى بتسهيل أمر الحج عن المسلمين .
والسلام عليكم ورحمة اللّه


 
التركيبة والبناء على القبر غير جائز شرعا

المفتي
عبد المجيد سليم .
محرم 1347 هجرية 2 يوليو 1928 م

المبادئ
1 - يحرم رفع البناء بتركيبة أو غيرها على القبر إذا كان ذلك للزينة ويكره إذا كان للإحكام بعد الدفن .
كما تكره الزيادة العظيمة من التراب على القبر لأن ذلك بمنزلة البناء .
2 - الوصية بأن يطين القبر أو يوضع عليه قبة باطلة إلا فى حالة ما إذا كان يخشى على الميت من سبع ونحوه فإن التطيين فى هذه الحالة يكون مباحا ولا شىء فيه .
3 - الوصية بمبلغ لشراء تركيبة ووضعها على القبر باطلة ويصرف المبلغ على الفقراء والمساكين إلا إذا كان بالوصية نص يقتضى الصرف إلى غيرهم

السؤال
من أحمد أفندى الحاضر عنه محمد أفندى فى أن الست عائشة والدتنا بنت عبد الرحمن وقفت وقفا وقررت فيه أنه بعد وفاتها يعمل تركيتين رخام من إيراد الوقف توضع إحداهما فوق قبرها والأخرى فوق قبر المرحوم على أفندى الدالى زوجها المتوفى قبلها وهو والدنا بمبلغ من 30 جنيه إلى أربعين جنيه للتركيبتين الرخام، وبصفتى ناظرا للوقف ومكلفا بالقيام بتنفيذ هذه الوصية سمعت همسا من أحد حضرات القضاة الشرعيين بأن هذا محرم وغير جائز شرعا وكيف يحصل التصرف فى المبلغ الذى تقرر لهذا العمل

الجواب
اعلم أنه يحرم رفع البناء على القبر لو للزينة، وبكره للإحكام بعد الدفن، بل تكره الزيادة العظيمة من التراب على القبر، لأنه بمنزلة البناء وهو منهى عنه، لما فى صحيح مسلم عن جابر قال نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يبنى عليه ا هجرية من الدر المختار وحاشيته رد المحتار وفى الفتاوى الهندية .
وإذا أوصى بأن يطين قبره أو توضع على قبره قبة فالوصية باطلة إلا أن يكون فى موضع يحتاج إلى التطيين لخوف سبع أو نحوه - وبناء على ذلك فوضع التركيبتين لا يجوز شرعا، ومتى كان الأمر كذلك بطل شرط الواقفة شراءهما بالمبلغ الذى عينته، ووجب صرف هذا المبلغ إلى الفقراء لأن ما بطل صرفه إلى الجهة التى عينها الواقف صرف إلى الفقراء، وهذا إذا لم يكن فى حجة الوقف التى لم يرسلها المستفتى إلينا ما يقضى بصرفه فى جهة أخرى غير الفقراء واللّه أعلم


 
ادعاء ملكية لجهة وقف دون سند لأرض بها جبانة للمسلمين

المفتي
عبد المجيد سليم .
جمادى الثانية 1348 هجرية - 16 نوفمبر 1939 م

المبادئ
1 - وضع اليد على عقار أو بعضه بصفة النظارة على وقف وضعا ظاهرا بنية الملك للوقف يجعل موضوع اليد وقفا على الجهة التى عينها الناظر .
2 - ليس للامام أن يخرج شيئا من يد أحد إلا بحق ثابت معروف .
3 - إقرار الرجل بأن الأرض كانت ملكا لرجل عينه وأنه وقفها لجهة معينة وجعله الناظر عليها فإن صدقه من قال إنه الواقف فى ذلك كان القول قوله وظلت الأرض فى يده، وإن أنكر ذلك كان القول قوله أيضا وللمنكر أخذها من يده ويحل ورثته فى ذلك ملحه إن كان ميتا، فإن لم يكن له ورثة كانت فى يد المقر ولا تخرج من يده حيث يقبل قوله فيما فى يده حتى يقوم خلافه .
4 - إقرار واضع اليد بأن الأرض ملك لرجل مجهول، وإنه وقفها على جهة معينة يكون القول قوله أيضا ولا تخرج من يده .
5 - تعتبر الأرض وقفا بإقراره هو بالنسبة لما فى يده منها وتكون وقفا على الجهة التى عينها بإقراره .
6 - إقراره بأنها موقوفة لدفن الناس عامة تكون كما ذكر، ولا يجوز له الرجوع فيه بأنها قاصرة على دفن طائفة خاصة من الموتى، لما فى ذلك من إبطال حق العامة الثابت بإقراره، ولما فيه أيضا من أن رجوعه من باب الإنكار بعد الإقرار وهو غير جائز، وإقراره ابتداء بأنها لدفن طائفة خاصة من الموتى يكون صحيحا ويعتد به، وتكون الأرض جبانة خاصة بالطائفة المذكورة .
7- يجوز تعيين ناظر على المقبرة ممن تكون له ولاية ذلك من واقف أو قاض غير أن ولايته تكون محدودة بالمحافظة على المقبرة وتنفيذ شرط الواقف فقط .
8- إبطال الدفن فى هذه الأرض للاستغناء عنها بأخرى لا يجيز نبشها شرعا إذا كان بها عظام موتى وتبقى على ما هى عليه لبقاء المنفعة التى وقفت من أجلها .
9- إذا اندثرت، ولم يبق بها عظام، ولم يدفن فيها من مدة، ولا يرجى الدفن فيها فى وقت من الأوقات .
يبطل وقفها على ذلك، وتعود إلى ملك الواقف إن كان حيا ولورثته إن كان ميتا عند محمد رحمه اللّه تعالى، فإن لم يكن له ورثة تصرف مصرف اللقطة تصرف إلى العاجز من الفقراء فقط على رأى، أو إلى المصالح العامة مطلقا على رأى آخر - وتبقى وقفا مؤبدا كالمسجد عند الإمام أبى يوسف رحمه اللّه تعالى .
10- إذا لم يثبت أن هناك وارثا للواقف، وقال صاحب اليد إن هذا وارث له، فإنها تكون لمن ذكره لأن القول فى بيان الورثة لقول صاحب اليد أيضا .
11- احتياج ولى الأمر إلى جزء منها للمنافع العامة يجيز له أخذ ذلك الجزء ما لم يترتب عليه بنش القبر، ولا يدفع عوضها عن ذلك سواء كانت الجبانة عامة أو خاصة، فإذا استغنى ولى الأمر عما أخذ منها رجع ذلك إلى ما كان عليه من جبانة أو مسجد .
12 - لو ضاق المسجد بأهله وبجواره ملك لأحد، وأريد توسيع المسجد يؤخذ ذلك الملك بقيمته ولو كرها .
إذا كانت الأرض المجاورة موقوفة فإنها تؤخذ بلا عوض إلا إذا فوت ذلك منفعة خاصة على الوقوف عليهم كأن كانت موقوفة للسكنى أو الاستغلال على أناس معينين فتدفع القيمة فى هذه الحالة على أن يشترى بها عينا أخرى بدل الأولى .
13- العبرة فيما ذكر باليد القديمة، ولا عبرة باليد الحديثة فإن لم تكن فى وضع يده قديما كانت لبيت المال .
14- لولى الأمر أن يرصد أرضا من بيت مال المسلمين على جهة عامة كمقبرة ومسجد وسقاية أو أرضا ينتفع بها من يستحق فى بيت المال وهذا ليس وقفا حقيقة لعدم ملك ولى الأمر للموقوف، ومع ذلك يلزم تأبيده على الجهة المرصد عليها .
15 - ما جاء بالسجلات من تأشيرات عماك فك الزمان وما جاء من تنازل الحكومة للناظر عن كل أو بعض هذه الأرض لا يعتبر حجة على أنها ليست لبيت المال، أو على أنها خرجت بالتنازل عن ملكية بيت المال لها لأن الحكومة لا تملك التنازل عنها لبيت المال لغير من هو مستحق فيه .
16 - مجرد التأشير بالسجلات ومجرد التنازل لا يعتبر إرصادا من الحكومة لهذه الأرض للدفن فيها .
لأن القصد من كل منهما هو الاعتراف بكونها تابعة لوقف معين وليس المقصود به إرصادا جديدا .
17- مجرد الدفن فى أرض ووجود مقابر بها، لا يدل بذاته على تبعيتها لوقف خاص، ولا يدل أيضا على أنها ليست المال

السؤال
من حضرة صاحب السعادة رئيس لجنة قضايا الحكومة السؤال الآتى بكتابه رقم 356 المؤرخ أبريل سنة 1929 .
موضوع الفتوى أرض ليس لها أسانيد ملك ولا كتاب وقف بها جبانات للمسلمين .
(أ) منها مقدار نحو الأحد عشر فدانا فيه جبانات وطريق موصل لها حصرت فى أعمال فك الزمام بوصف أنها منافع عامة .
(ب) ومنها مقدار نحو الستة عشر فدانا حصرت بأنها وقف فلان وأخوته .
(ج) ومنها مقدار نحو الإثنى عشر فدانا حصرت باسم الحكومة على أنها فضاء رمال فساد يتخلله جبانات وطرق .
مع العلم بأن الأراضى ب، ج واردة فى خرط المساحة بلا حدود معينة، وكل ما فيها من التحديد أنها واقعة مع الأرض (أ) فى حوض معين معروف الحدود ومع العلم بأن الإشارات التى ترد فى أعمال فك الزمام أساسها أن عمال فك الزمام يقبلون ما يتلقونه من أقوال أصحاب الشأن وبأنه يغلب أن تكون هذه الأرض بأقسامها الثلاث أرض جبانات .
تظلم فلان بوصف أنه ناظر وقف من حصر الجبانات (أ) فى المنافع العامة ومن حصر ال 12 فدانا (ج) باسم الحكومة محتجا بأن كلا المقدارين تابع للوقف الذى هو ناظره .
وبناء على اعتراضه عدل قيد السجلات فقيد أرض الجبانات (أ) بأنها جبانات خصوصية لوقف فلان كما أضيفت الإثنى عشر فدانا (ج) إلى اسم وقف فلان .
(د) وقبل ذلك وإلى جانب هذا الحوض أراض همت الحكومة بتقسيمها قطعا معدة للبناء وبيعها .
فاعترض فلان المتقدم ذكره مدعيا بأن بعض القطع التى شملها التقسيم هى من أعيان الوقف المشمول بنظره الموقوفة على المقابر، وأن كتاب الوقف قد ضاع ومستدلا على دعواه بوجود مقابر تحت الأرض وبناء على ذلك اتفقت الحكومة معه على التنازل عن اعتبار القطع موضع الشكوى من أملاكها محتفظة بالحق فى إنشاء شارع يخترقها دون دفع تعويض عنه على أن ترد أرضه إلى الوقف فى حالة الاستغناء عنه .
1 - فهل ثمة مانع شرعا من أن الحكومة تعتبر التنازل المتقدم ذكره وإشارات السجلات مجرد تخصيص أرض من جانبها ليست ملكا ولا وقفا لأحد لأغراض الدفن شعورا منها بالحاجة إلى جبانة فى هذه الجهة واحتراما لما ألفه الأهالى من الدفن فى تلك الأرض .
وهل ثمة مانع أيضا من أن الحكومة بالزعم من استعمال وصف الوقف فى التنازل والسجلات المتقدم ذكرها تعتبر هذا التخصيص من نوع أعمال المنافع العامة مما تملك التصرف فيه وتحويله عن وجهه بحسب ما نملى عليها أسباب المصلحة العامة .
2 - فإن لم يستقم ذلك شرعا .
فهل تعتبر هذه الأرض جميعها المشار إليها فى أ، ب، ج، ه، د وقفا على الجبانات .
3 - فإن اعتبرت وقفا فما هو الضابط لهذه الصفة، وليس هناك كتاب وقف، أهو إقرار الحكومة وإشارات السجلات، أم هو طبيعة الأرض من حيث احتواؤها على آثار الدفن، أم هو دعوى من يوصف بأنه ناظر ذلك الوقف مع العلم بتداخل الجبانات فى الأراضى الفضاء .
4 - فإذا كانت وقفا على الجبانات .
فهل يمكن مع المساحة المتقدم ذكرها ومع أن الدفن فيها عام أن تكون جبانات خصوصية كما ورد فى بعض إشارات السجلات بمعنى أن يكون نفعها قاصرا على أسرة الواقف أو من يحملون اسمه أو هل هى جبانات عامة .
5 - وهل يكون لمثل ذلك الوقف ناظر وكيف تعين .
فإذا وصف أحد الناس بأنه ناظر ذلك الوقف، فما هى حقوقه وحدود ولايته والدفن فى الأرض حاصل .
6 - فإذا بطل الدفن فى بعض هذه الأرض بالفعل منذ زمن طويل وفى بعضها الآخر بأمر الحاكم، فماذا يكون حكم تلك الأرض أتستمر وقفا أم تعود ملكا (أ) فإذا استمرت وقفا فما هو حكمها من حيث الانتفاع بها أو التصرف فيها .
وماذا تكون حقوق الناظر وحدود ولايته وإذا احتاج الحاكم لبعض هذه الأرض (سواء كان ما يحتاج إليه مما ورد ذكره فى أ .
أو ب أو ج أو د ) لتوسيع الطريق أو لغير ذلك من أغراض المنافع العامة .
فهل يجب أن يدفع عن ذلك عوضا . هو ثمن الأرض .
ولمن يدفع . وفيم يستعمل مع العلم بأن الحاكم يأخذ على نفسه عرفا وفعلا أن يوفر للناس حاجاتهم فيما يتعلق بأراضى الدفن ، وأنه حين أبطل الدفن فى تلك الأرض أوجد تسهيلات لمن كانوا يدفنون فيها ليستعيضوا عنها بغيرها ومع العلم كذلك بأن تخصيص الأراضى للدفن أصبح يلحظ فيه اعتبارات صحية وعمرانية لا يترجم عنها غير الحاكم، فهو الذى يحدد مناطق الدفن، وهو الذى شرع السبيل اللازم لإيجاد الأراضى اللازمة لذلك، وأنشأ لجانا للقيام على أعمال الجبانات .
وبعبارة أخص هل يكون لناظر الوقف المشار إليه حق فى طلب ثمن الأرض التى تؤخذ للطريق العام .
وإذا كان له حق فى ذلك ففيم يستعمل ثمن البدل، ومن هو القيم على هذا الاستعمال إذا كان المحقق أنه لا محل لأن يستبدل بتلك الأرض أرضا غيرها للدفن .
وإذا كان يجب دفع ثمن البدل وتخصيصه لمنفعة عامة ففيم الدفع من جانب الحكومة إلى فرد من الأفراد .
أو ليست هى الأولى بأن تحبس الثمن بيدها ليكون شأنه شأن سائر الأموال العامة ما دامت وظيفة الحكومة انفاق الأموال العامة فى أغراض المنافع العامة .
فإذا كان لا يجب أن يدفع تعويض عما يأخذه الحاكم .
فهل ثمة مانع شرعا من أن يصدر الحاكم قرارا بجمع العظام فى هذه الأرض جميعها ونقلها إلى مكان آخر وتخصيص الأرض للسكنى إذا كانت قد أصبحت متداخلة فى أجراء مدينة عامرة وهل ثمة مانع مع وجود الناظر من أن يتولى الحاكم تقسم الأرض وبيعها، وصرف ثمنها فى أغراض المنافع العامة .
(ب) فإذا كان إبطال الدفن وزوال معالمه يعيدها ملكا، ففى ملك من تدخل هذه الأرض .
أفى ملك من يصفون أنفسهم بأنهم المستحقون (يلاحظ أنه لا يوجد كتاب وقف يحدد المستحقين) أو فى ملك ذرية وورثة من يقال إنه واقف هذه الأرض .
وهلا يجب . فى الحالين أن يثبت أصل الوقف وصحة نسبته إلى الواقف .
وأن يثبت الاستحقاق فى الحالة الأولى . وفى الحالة الثانية أن يثبت تسلسل الإرث بلا انقطاع حتى الورثة الحاليين .
وما هو الطريق شرعا إلى إثبات هذه المسائل المختلفة . 7 - وهل يمكن أن تكون أرض مخصصة للدفن، أو حصل فيها الدفن ملكا لمالك أو أن الدفن يجعلها بطبيعة الحال وقفا، وماذا تكون أحكام ذلك الوقف الخاص

الجواب
نفيد سعادتكم بأن هذه الأراضي المذكورة بالسؤال - إما أن تكون كلها أو بعضها فى يد فلان المذكور أولا (والمراد بكونها فى يده أن تكون اليد ظاهرة فى الدلالة على أنه له بأن لا يكون طارئة لما نص عليه الفقهاء من أنه لا اعتبار شرعا لليد الحادثة ) فإن لم تكن هذه الأرض فى يده بهذا المعنى كانت لبيت المال، وحينئذ فللحكومة أن تقفها وترصدها على جهة عامة يستوى فى الانتفاع بها عامة الناس .
فقد نص الفقهاء على أن لولى الأمر أن يرصد أرضا من بيت المال على جهة عامة كمسجد ومقبرة وسقاية أو يرصد أرضا لينتفع بها من يستحق فى بيت المال كالمدرسين والغزاة وغيرهم، وقالوا إن هذا النوع من الوقف والإرصاد ليس بوقف حقيقة لعدم ملك ولى الأمر للموقوف، ومن أجل ذلك لا يجب مراعاة شروطه وإنما يلزم تأبيده على الجهة المرصد عليها .
وعللوا وجوب التأبيد بأن فى تأبيده عونا للمستحق للوصول إلى حقه، وعلى هذا فالظاهر جواز تحويله إلى جهة أخرى إذا كانت الجهة المرصد عليها تستغنى بأرض أخرى أو بمال يعينه ولى الأمر لأن المقصود هو وصول المستحق إلى حقه أو توفير المصلحة على العامة .
وعلى هذا فإذا كانت هذه الأرض لم تكن تحت يد أحد من الناس لا فلان المذكور ولا غيره، كان لولى الأمر حينئذ أن يقفها للدفن فيها وله أن يحولها عن هذه الجهة إلى جهة أخرى من جهات المال العامة إذا استغنى الناس عنها بما أنشأه لهم من الجبانات الأخرى وهذا مالم يترتب على تحويلها بنش القبور وإخراج العظام منها، فإن هذا لا يجوز شرعا كما سيأتى بيانه ولا يمنع من كون هذه الأرض لبيت المال ما جاء فى السجلات من تأشيرات عمال فك الزمام، ولا تنازل الحكومة للناظر المذكور ، لأن هذه التأشيرات لا تعتبر حجة شرعا على أن هذه الأرض كلها أو بعضها ليست لبيت المال .
كما أنه لا يعتبر تنازل الحكومة للناظر المذكور مخرجا لها عن تبعيتها لجهة بيت المال، لأن الحكومة لا تملك شرعا التنازل عما لبيت المال لغير من يستحق فيه، لأن هذا تصرف أو إقرار مبطل لحق العامة وهى لا تملكه كما أنه لا يعتبر مجرد التأشيرات ولا التنازل إرصادا منها لهذه الأرض للدفن فيها، لما هو ظاهر من أن قصدها الاعتراف بأنها تابعة للوقف المذكور لا إرصاد ابتداء منها .
وخلاصة ما قلنا أن الناظر المذكور إذا لم يكن واضعا يده على جزء من هذه الأرض أو وضع يده عليها أو على بعضها وضعا حادثا كانت هذه الأرض لجة بيت المال .
فللحكومة أن تتصرف فيها التصرفات السائغة لها فى أموال بيت المال .
ولا يفوتنا أن نذكر أن مجرد الدفن فى هذه الأرض ووجود المقابر بها لا يدل على أنه تابعة لوقف خاص ولا على أنها ليست لبيت المال لأن الدفن كما يكون فى الأرض الموقوفة يكون فى غيرها كما سيأتى ذكره، هذا كله إذا لم يكن من يزعم أنه ناظر واضعا يده على جزء منها .
أما إذا كان واضعا يده عليها كلها أو بعضها بالمعنى الذى قلناه سابقا كان ما هو واضع يده عليه منها وقفا على الجهة التى عينها، وذلك لأن ذا اليد مقبول القول فى يده شرعا فيقبل قوله فى أنها لغيره ملكا أو وقفا .
ومن أجل ذلك فى الإمام أبو يوسف فى كتاب الخراج ليس للامام أن يخرج شيئا من يد أحد إلا بحق ثابت معروف .
وقال الخصاف فى كتابه أحكام الأوقاف ما نصه (قلت فإن أقر بأن هذه الأرض كانت لفلان رجل سماه معروف وأن ذلك الرجل وقفها فى وجوه سماها وجعله القيم بأمر هاو المفرق لغلتها فى الوجوه المسبلة فيها، قال إن كان الرجل الذى أقر بأنه وقفها حيا كان القول قوله إن أقر بمثل ما أقر به هذا الذى فى يديه، وإن أنكر ذلك كان القول وكان له أن يأخذها من يدى المقر، وإن كان الرجل ميتا وله ورثة فالقول قول الورثة فى ذلك، وإن لم يكن له ورثة لم أخرج الأرض من يدى المقر .
قلت فلم لا تجعلها لبيت المال ويبطل إقراره لأنه قد نسبها إلى مالك لها فلما نجد لذلك المالك وارثا جعلناها لبيت المال .
قال لأن القياس أن يقبل قوله فيما فى يديه حتى يصح خلاف ذلك وكذلك لو سمى رجلا مجهولا يعرف فقال كانت هذه الأرض له فوقفها على هذه الوجوه فإن القول قوله إلى آخر ما قاله فى صفحة 187 وما بعدها) وعلى ذلك فالمفيد لكونها وقفا فى هذه الحالة هو إقراره لأنه ذو اليد عليها، وذلك لا يعتبر هذا الإقرار إلا بالنسبة لما فى يده منها وتكون وقفا للدفن فيها إذا أقر بأنها لدفن الناس عامة كانت كذلك ولا يصح وجوعه بعد ذلك عن هذا الإقرار يجعلها قاصرة على دفن طائفة خاصة، لأن فى ذلك ابطالا لحق العامة الثابت بإقراره أولا .
أما إذا أقر ابتداء بأنها وقف لدفن طائفة خاصة غير عامة الناس فهو صحيح .
فقد جاء فى البحر ما نصه (وقف أرضا على أن يدفن فيها أقرباؤه فإذا انقطعوا فآخره للفقراء ودفن فيها من أقربائه حال حياته صح الوقف ) .
والظاهر من قول صاحب البحر صحة الوقف على هذه الجهة، وإنما اشترط أن يدفن فيها من أقربائه حال حياته ليتحقق شرط التسليم على مذهب محمد الذى يشترط فى لزوم الوقف التسليم وهو فى كل شىء بحسبه وهو فى المقبرة بالدفن فيها .
ومن هذا يعلم أنه يصح أن تكون جبانات خصوصية إذا أقر بذلك ولم يسبق منه إقرار بأنها جبانات عامة، ويصح أن يكون لهذا الوقف ناظر فقد جاء فى الهداية فى مبحث تسليم المسجد والخان من كتاب الوقف ما نصه (والمقبرة فى هذا بمنزلة المسجد على ما قيل لأنه لا متولى له عرفا، وقيل هى بمنزلة السقاية والخان فيصح التسليم إلى المتولى لأنه لو نصب المتولى يصح وإن كان بخلاف العادة) .
وقال فى الفتاوى الظهيرية (مقبرة فيها أشجار هل يجوز صرفها إلى عمارة المسجد قال نعم إن لم تكن وقفا على وجه آخر قيل له .
إن تداعت حيطان المقبرة إلى الخراب يصرف إليها أو إلى المسجد .
قال إلى ما هى وقف عليه إن عرف، وإن لم يكن للمسجد متول ولا للمقبرة فليس للعامة تصرف فيها بغير إذن القاضى) فعلم من هذا أنه يصح نصب ناظر على المقبرة، وتعيينه يكون ممن له ولاية التعيين من واقف أو قاض وحدود ولايته لا تتعدى المحافظة على المقبرة، وتنفيذ ما يكون قد شرطه الواقف فيها .
فليس له حق إبدال جزء منها أو إخراجها عن كونها مقبرة .
وإذا بطل الدفن فى هذه الأرض بالاستغناء عنها بأرض أخرى أو بأى سبب آخر فإن كن لا يزال بها عظام فهى على ما هى عليه لبقاء المنفعة التى من أجلها وقفت إذ لايجوز نبشها شرعا فى هذه الحالة .
وإن اندثرت بحيث لم يبق فيها عظام أو لم يدفن فى بعضها، ولا يرجى أن يعود الدفن فيها فى وقت من الأوقات فقد حصل خلاف فى هذه الحالة بين أبى يوسف ومحمد .
فمحمد يقول ببطلان وقفها حينئذ وعودها إلى ملك الواقف إن كان حيا أو إلى ورثته إن كان ميتا كما جاء بكتاب المنتقى، وإن لم يكن له ورثة فهى كاللقطة عنده تصرف مصرف اللقطة فتصرف للعاجزين الفقراء فقط على رأى، أو إلى المصالح العامة مطلقا على رأى آخر .
وأما عند أبى يوسف فتبقى وقفا أبدا على هذه الجهة كما فى المسجد إذا تخرب - واستغنى الناس عنه والسقاية والرباط وغير ذلك عنده .
وقد قالوا إن الفتوى على مذهب أبى يوسف وأنه الأوجه وعليه أكثر العلماء، وقد صحح قوم مذهب محمد على ما فى الفتاوى الخيرية .
فعلى مذهب أبى يوسف تبقى هذه الأرض وقفا على الجهة التى عينها الواقف وإن استغنى الناس عنها وعلى هذه الأرض إلى مالكها أو إلى ورثته، والقول فى ورثته لواضع اليد، إن لم يثبت وارث ببينة أنه وارث له فتكون له .
قال فى المبسوط فى صفحة 83 من الجزء الثلاثين ما نصه (ولو أن رجلا فى يده ألف درهم ورثها عن أبيه وهو مجهول النسب فأقر بأخ له من أبيه فقال المقر به أقررت أن هذا الألف تركها أبى وإنك تزعم أنك ابنه ولست ابنه فادفعها إلى .
فالقول قول الذى فى يده الألف، وللمقر به نصفها لأنه كان مستحقا لما بيده وإنما أقر للمقر به بنصفها ولا يأخذ أكثر من ذلك إلا أن يقيم البينة على نسبه، فحينئذ يأخذ الجميع لأنه أثبت سبب استحقاقه بالبينة وليس للآخر سبب مثله فلا يزاحمه، وفى الأول سبب استحقاقه بإقرار ذى اليد وهو ما أقر له إلا بالنصف، وصحة إقرار ذى اليد باعتبار كونه وارثا للميت إلى آخر ما قال ) .
والظاهر من كلام الفقهاء أنه على مذهب أبى يوسف لا يجوز الانتفاع بها بغير المنفعة التى حبست من أجلها فقد جاء فى الإسعاف ما نصه (مقبرة قديمة لمحلة لم يبق فيها آثار المقبرة .
هل يباح لأهل المحلة الانتفاع بها قال أبو نصر رحمه اللّه لا يباح قيل له فإن كان فيها حشيش قال يحش منها ويخرج للدواب وهو أيسر من إرسال الدواب فيها) وفى كتاب أحكام الجنائز للشيخ إبراهيم بن يوسف البولوى الموجود بدار الكتب الملكية سنة 197 وسئل هو أيضا (يعنى القاضى الإمام محمود الأوز جندى عن المقبرة فى القرى إذا اندثرت ولم يبق فيها أثر الموتى لا العظم واللحم هل يجوز زراعتها واستغلالها قال لا ولها حكم المقبرة نعم فى الزيعلى صفحة 246 من الجزء الأول ما نصه (ولو بلى الميت وصار ترابا جاز دفن غيره فى قبره وزرعه والبناء عليه ) .
وقد وفق بعضهم على ما جاء فى كتاب أحكام الجنائز المذكور بأن مافى الزيلعى محمود على الأرض المغصوبة أو المملوكة مطلقا لا المقبرة الموقوفة، إذ لا يجوز زرعها ولا البناء عليها .
وبمثل هذا التوفيق والمرحوم الشيخ البحراوى فيما كتبه على الفتاوى الهندية .
فعلم من هذا كله أنه على مذهب أبى يوسف تبقى المقبرة الموقوفة وقفا ولا ينتفع بها بالزرع ولا بالبناء ولا بغيره، ولا ريب أنه يلزم على مذهب أبى يوسف تعطيل هذه الأرض وتركها مهملة إذا لم يرج عود لدفن إليها وكان مذهب محمد أظهر من حيث المصلحة ولذلك مال إليه خير الدين الرملى فيما إذا تعينت المصلحة ومشى عليه الخصاف فى كتابه فى المسجد الذى تخرب واستغنى الناس عنه فقال إنه يعود إلى بانيه صفحة 322 ولو أن أبا يوسف أجاز الانتفاع بهذه الأرض إذا لم يترتب عليه نبش القبور التى يكون بها عظام باستغلالها وصرف غلتها إلى الفقراء كما أجاز الفقهاء على ما فى الخصاف استغلال الخان والرباط والدور الموقوفة بمكة لسكنى الحجاج عند استغناء من وقفت عليهم للسكنى وصرف غلتها لمرمة الموقوف وصرف ما يفضل بعد ذلك للفقراء، أو أجاز إبدال هذه الأرض بأرض أخرى يتيسر الانتفاع بها المنفعة التى عينها الواقف لو أنه أجاز هذا أو ذاك لكان مذهبه أقوى دليلا وملائما تمام الملاءمة لقواعد الدين الإسلامى التى أو ذاك لكان مذهبه أقوى دليلا وملائما تمام الملاءمة لقواعد الدين الإسلامى التى كلها يسرو رحمة، والتى ما شرعت إلا لجلب المصالح أو تكميلها أو درء المفاسد أو تقليلها ولكان مذهبه أقرب إلى غرض الواقف إذ لا يقصد الواقف بقاء ما وقفه مهملا بدون أن ينتفع به أية منفعة أخرى عند تعذر المنفعة التى عينها ألا يرى أن أبا يوسف أجاز إبدال الموقوف للاستغلال، وإن لم يشرط الواقف الإبدال، إذا كان فى الإبدال منفعة ومصلحة للموقوف عليهم، بل لو شرط الواقف ألا يبدل وقفه لم يعتبر شرطه على ما قاله الطرسوسى فى أنفع الوسائل .
وأرى أنه لا يبعد القول بجواز الإبدال فى هذه الحالة على مذهب أبى يوسف قياسا على الموقوف للغلة أو للسكنى لكنى لا أستطيع الجزم بجواز ذلك عنده، إذ لم أجد أحدا من الفقهاء صرح به أو أشار إليه بل ظاهر كلامهم هنا أن مذهبه بقاء الموقوف عند الاستغناء على حاله وعدم جواز إبداله كالمسجد الذى تخرب واستغنى الناس عنه على مذهبه وخلاصة القول أن مذهب أبى يوسف ليس فى الأخذ به مصلحة، إذا لم يجوز أحد الأمرين اللذين قلناهما .
ويكون الأخذ بقول محمد هو الأظهر، وأرى أن يرفع الأمر إلى القاضى الشرعى الذى جعل له فى الأوقاف التصرف فيها بحسب مايراه من المصلحة ليتصرف بما يراه محققا لها .
هذا وحقوق الناظر فى هذه الحالة لا تزيد على ما أسلفناه من المحافظة على العين، فليس له حق إبدالها وإذا جرينا على مذهب أبى يوسف من بقائها وقفا، واحتاج ولى الأمر لبعض هذه الأرض لتوسيع الطريق، أو لغير ذلك لأغراض المنافع العامة فذلك جائز ملم يترتب عليه نبش القبور .
والظاهر لنا أنه لا يدفع عن ذلك عوضا سواء أكانت خاصة أم عامة .
أما إذا كانت عامة فالأمر ظاهر لما نص عليه الفقهاء من أن لولى الأمر أن يوسع الطريق العام من المسجد، والمسجد من الطريق لأن الكل للعامة .
غاية الأمر أنه إذا استغنى عما أخذ رجع إلى ما كان عليه من طريق أو مسجد كما يؤخذ من جامع الفصولين .
وأما إذا كانت خاصة فكذلك لأنه إنما يستعاض عن المأخوذ مما وقف للسكنى أو للاستغلال ليشترى بالعوض عين أخرى ينتفع بها الموقوف عليهم كالانتفاع الذى فات بأخذ العين الموقوفة .
وهنا لم تفت منفعة على من أبيح لهم الدفن فى هذه الأرض لبطلان المنفعة قبل الأخذ والاستغناء عنها بما جعلته الحكومة من الجبانات العامة .
ويؤيد ما قاله فى جامع الفصولين ونصه (جعل شيئا من المسجد طريقا ومن الطريق مسجدا جاز وأرض الوقف لو كان بجنب مسجد يجوز أن يزيدوا بها فى المسجد بإذن القاضى، وكذا من الدور والحانوت، ولو كان ملك رجل وضاق المسجد على أهله تؤخذ أرضه بقيمته كرها) .
فقد نص على أخذ القيمة فى الأرض المملوكة، أما فى أرض الوقف فلم ينص على ذلك .
فهذه المقابلة بين الملك والوقف تفيد أن الوقف يؤخذ بدون قيمة .
نعم هذا ظاهر فى أرض وقف لم تفت بأخذها منفعة على الموقوف عليه كما هنا أما إذا فاتت منفعة كالموقوف للسكنى أو للاستغلال فالظاهر أخذ القيمة كما فى الملك ليشترى بهذه القيمة عين ينتفع بها بدل العين التى أخذت .
وهذا ما نستظهره وإن كنا لم نجد للفقهاء فيه نصا صريحا بعد البحث الدقيق كما أننا نستظهر أن ما يؤخذ من هذه الجبانة يبقى وقفا على حاله، وغاية مافى الأمر أنه ينتفع به العامة إلى أن يستغنوا عنه فيعود إلى جهة الوقف كما كانت .
ومما قلناه يعلم الجواب عن الفقرة الأخيرة تحت أ فلا يجوز نبش القبور وجمع العظام منها ولا إخراج تلك الأرض عما جعلت له فى هذه الحالة .
نعم إذا بليت العظام فلم يبق لها أثر فإنها تعود ملكا على مذهب محمد كما قدمنا .
وإذن تكون للواقف أو لورثته له ورثة وإلا فتصرف مصرف اللقطة كما قدمنا .
هذا ماظهر لنا . ومما قلناه يظهر الجواب عن جميع ما سئلنا عنه واللّه أعلم


 
الوسوم
الازهر فتاوى
عودة
أعلى