الصحابة وآل البيت - محبة وألفة

HADI

الاعضاء
الصحابة وآل البيت - العلاقة بين الصحابة والقرابة
الكاتب: د. سليمان السحيمي
من المحبة المتبادلة بين آل البيت والخلفاء الراشدين رضي الله عنه الله عنهم أضيف في هذا المطلب جملة مما جاء بين بعض الصحابة وآل البيت وذلك نموذجاً لما بينهم رضي الله عنهم من محبة وإخاء .
ولقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يعترفون بحق علي وفضله وإمامته رضي الله عنه وكذلك بقية آل البيت .
فقد روى ابن أبي شيبة إلى عطية بن سعد قال : دخلنا على جابر بن عبد الله وهو شيخ كبير وقد سقط حاجباه على عينيه فقلت : أخبرنا عن علي بن أبي طالب قال : فرفع حاجبيه بيديه ثم قال : ذاك من خير البشر.
وقد أثنت عليه أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها وأنه قد سلك طريق الحق الحائد عن الضلال .
فقد روى الحاكم بإسناده إلى جرى بن كليب العامري قال لما سار علي إلى صفين كرهت القتال فأتيت المدينة فدخلت على ميمونة بنت الحارث فقالت : ممن أنت ؟ قلت : من أهل الكوفة ، قالت : من أيهم ؟ قلت : من بني عامر ، قالت رحباً على رحب وقرباً على قرب تجيء ما جاء بك ؟ قال : قلت : سار علي إلى صفين وكرهت القتال فجئنا إلى هاهنا قالت : أكنت بايعته ؟ قال قلت : نعم ! قالت : فارجع إليه فكن معه ، فوالله ما ضل ، و لا ضل به .
وقد أنكر ابن عمر على من يذكر علياً رضي الله عنه بسوء فقد روى ابن أبي شيبة بسنده أن ابن عمر كان جالساً فجاءه نافع ابن الأزرق فقام على رأسه فقال : والله إني لأبغض علياً قال : فرفع إليه ابن عمر رأسه فقال : أبغضك الله ، تبغض رجلاً سابقة من سوابقه خير من الدنيا وما فيها .
وقد مدحه ابن عمر بأوصاف حميدة تدل على مكانته وفضله ومنزلته عنده رضي الله عن الجميع .
فقد روى البخاري بإسناده إلى سعد بن عبيدة قال : جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن عثمان فذكر عن محاسن عمله قال : لعل ذلك يسؤك ؟ قال : نعم ، قال : فأرغم الله بأنفك ، ثم سأله عن علي فذكر محاسن عمله قال : هو ذاك بيته أوسط بيوت النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال : لعل ذلك يسؤك ؟ قال : أجل ، قال : فأرغم الله بأنفك ، قال : انطلق فاجهد عَليَّ جهدك .
قال ابن حجر في قوله : (( فأرغم الله بأنفك )) أي أوقع الله بك السوء ، واشتقاقه من السقوط على الأرض فيلصق الوجه بالرغام وهو التراب ، وقوله : (( فأجهد على جهدك )) أي أبلغ على غايتك في حقي ، فإن الذي قلته لك الحق ، وقائل الحق لا يبالي بما قيل في حقه من الباطل )) .
وقد شهد له معاوية بن سفيان رضي الله عنه بالعلم والفضل وأقر له بالسبق والخيرية .
قال ابن كثير : قال ابن جرير عن مغيرة قال : لما جاء نعي علي بن أبي طالب إلى معاوية وهو نائم مع امرأته فاختة بنت قرظة في يوم صائف ، جلس وهو يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، وجعل يبكي فقالت فاختة : أنت بالأمس تطعن عليه واليوم تبكي عليه ، فقال : ويحك إنما أبكي لما فقد الناس من حلمه وعلمه وفضله وسوابقه وخيره .
وقال ابن عبد البر : (( وكان معاوية يكتب فيما ينزل به ليسأل له علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن ذلك فلما بلغه قتله قال : (( ذهب الفقه والعلم بموت علي ابن أبي طالب ، فقال له أخوه عتبة : لا يسمع هذا منك أهل الشام ! فقال : دعني عنك )) .
فلم يمنع معاوية رضي الله عنه ما بينه وبين علي من الحروب أن بثني عليه ويعترف له بالفضل وسابقة الخير ، وهذا هو حال الصحابة جميعاً فلم يكن للغل محلاً في قلوبهم بل قد نزع الله من قلوبهم ذلك فكانوا إخواناً متحابين فرضي الله عنهم أجمعين ، وأرغم الله أنوف الحاقدين من روافض أو نواصب .
وقد نهج الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين هذا المنهج تجاه بقية آل البيت .
فقد روى الحاكم بإسناده إلى أبي هريرة رضي الله عنه أنه لقي الحسن بن علي فقال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قَبَّلَ بطنَك فاكشف الموضع الذي قَبَّلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أُقبله ، قال : وكشف الحسن فقبله .
وفي ذلك دليل على محبته للحسن رضي الله عنهم وإظهاره لفضيلته .
وروي أيضاً باسناده إلى أبي سعيد المقبري قال : كنا مع أبي هريرة رضي الله عنه فجاء الحسن بن علي بن أبي طالب فسلم علينا فرددنا عليه السلام ولم يعلم به أبو هريرة فقلنا له : يا أبا هريرة هذا الحسن بن علي قد سلم علينا فلحقه وقال : وعليك السلام يا سيدي ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( إنه سيد )).
وروى الإمام أحمد باسناده إلى معاوية رضي الله عنه قال : (( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمص لسانه أو قال : شفتيه – يعني الحسن بن علي – وأنه لن يعذب لسان أو شفتان يمصهما رسول الله صلى الله عليه وسلم )) .
وقال ابن كثير : كان الزبير يقول : (( والله ما قامت النساء على مثل الحسن بن علي )) .
وجاء عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أنه قال : من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى الحسين بن علي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله .
فهذه شهادة منه للحسين بن علي رضي الله عنه وأنه من أهل الجنة وبيان لمنزلته وفضله .
وقد أوصى معاوية رضي الله عنه ابنه يزيد بالرفق بالحسين وصلة رحمه وأنه من أحب الناس ، فقد ذكر الذهبي أنه لما حضر معاوية ، دعا يزيد ، فأوصاه وقال : انظر حسيناً فإنه أحب الناس إلى الناس ، فصل رحمه ، وارفق به فإن يك منه شيء ، فسيكفيك الله بمن قتل أباه ، وخذل أخاه .
وقد أنكر ابن عمر رضي الله عنهما ما فعل أهل العراق بالحسين بن علي رضي الله عنهما ، فقد روى البخاري باسناده إلى ابن عمر وقد سأله رجل من أهل العراق عن المحرم يقتل الذباب ، فقال رضي الله عنه : أهل العراق يسألون عن الذباب وقد قتلوا ابن ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( هما ريحانتاي من الدنيا )) .
قال ابن حجر : أورد ابن عمر هذا متعجباً من حرص أهل العراق على السؤال عن الشيء اليسير ، وتفريطهم في الشيء الجليل
وروى الذهبي باسناده عن العيزار بن حريث قال : بينما عمرو بن العاص في ظل الكعبة ، إذ رأى الحسن فقال : هذا أحب أهل الأرض إلى السماء اليوم .
وقد وصفت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فاطمة بصفات حميدة تبين قدرها ومنزلتها حيث أنها تشبه النبي صلى الله عليه وسلم هيئة وطريقة وسمتاً وخلقاً .
فقد روى الترمذي باسناده إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : ما رأيت أحداً أشبه سمتاً ودلاً وهدياً برسول الله صلى الله عليه وسلم في قيامها وقعودها من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ... الحديث .
كما وصفتها رضي الله عنها بالصدق ومن كان هذا حاله أوصل إلى طريق الجنة ونعيمها فقد روى الحاكم باسناده إلى عائشة رضي الله عنها أنها كانت إذا ذكرت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : ما رأيت أحداً كان أصدق لهجة منها إلا أن يكون الذي ولدها .
ومما جاء في حق حبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ما رواه ابن سعد باسناده إلى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : ما رأيت أحداً أحضر فهماً ولا آلب لباً ولا أكثر علماً ولا أوسع حلماً من ابن عباس ولقد رأيت عمر يدعوه للمعضلات ثم يقول : عندك قد جاءتك معضلة ثم لا يجاوز قوله وأن حوله لأهل بدر من المهاجرين والأنصار .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : (( ابن عباس أعلم الناس بما أنزل الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم )).
وقال طلحة بن عبيد الله : لقد اعطي ابن عباس فهماً ولقناً ، وعلماً ما كنت أرى عمر بن الخطاب يقدم عليه أحداً .

وجاء عن الشعبي أنه قال : ركب زيد بن ثابت فأخذ ابن عباس بركابه فقال : لا تفعل يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا ، فقال زيد : أرني يداك ، فأخرج يديه فقبلهما فقال : هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا )) .
وروى ابن سعد بسنده عن عكرمة قال لما مات عبد الله بن عباس : سمعت معاوية يقول : مات والله أفقه من مات ومن عاش )) .
وجاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما لما بلغه موت ابن عباس رضي الله عنهما قوله : (( مات اليوم أعلم الناس ، وأحلم الناس ، ولقد أصيبت به هذه الأمة مصيبة لا ترتق )) .
وقد وصف عروة بن الزبير رحمه الله أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رضي الله عنه بأنه من أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي ذلك دليل على منزلته عنده رضي الله عنهم .
فقد روى الحاكم باسناده إلى عروة بن الزبير أنه قال : (( أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رضي الله عنه كان من أحب قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان شديداً عليه فلما أسلم كان أحب الناس إليه.
وقد أنكر علي بن أبي طالب رضي الله عنه قتل الزبير بن العوام ورفض دخول قاتله عليه وقال بشروا قاتله بالنار .
فقد روى الإمام احمد بسنده عن علي رضي الله عنه أنه قال : عندما قيل له إن قاتل الزبير على الباب قال : (( ليدخلن قاتل ابن صفية النار )) سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( لكل نبي حواري وإن حواري الزبير بن العوام )) .
وفي رواية أنه آتى ابن عباس إلى علي فقال : إلى أين يدخل قاتل ابن صفية ؟ قال علي إلى النار .
وروى ابن سعد باسناده إلى جعفر بن محمد عن أبيه قال : قال علي : إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير من الذين قال الله في حقهم { ونزعنا ما في صدورهم من غلٍ إخواناً على سرر متقابلين }
فهذه منزلة طلحة والزبير عند علي رضي الله عنهم رغم ما حصل بينهم إذ الحقد لا طريق له إلى قلوبهم وهذا هو حال الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين .
بل كان علي رضي الله عنه يعاقب بالجلد والضرب على الكلام الذي فيه نيل من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهما فقد ذكر ابن الأثير أن رجلين وقفا على باب الدار الذي نزلت فيه أم المؤمنين بالبصرة فقال أحدهما : جزيت عنا أمنا عقوقاً ، وقال الآخر : يا أمنا توبي فقد أخطأت – فبلغ ذلك علياً – فبعث القعقاع بن عمرو إلى الباب فأقبل بمن كان عليه ، فأحالوا على رجلين من أزد الكوفة وهما عجلان وسعد ابنا عبد الله فضربهما مائة سوط وأخرجهما من ثيابهما .
وروى مسلم في صحيحه باسناده إلى عبد الله بن شداد قال : سمعت علياً يقول : ما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه لأحد غير سعد بن مالك ، فإنه جعل يقول له يوم أحد :ارم فداك أبي وأمي .
فقد أثبت علي رضي الله عنه لسعد هذه الفضيلة ، والمنزلة الجليلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي هذا دليل على منزلته عنده رضي الله عنهم أجمعين .
وقد أثنى رضي الله عنه على عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ووصفه بأنه أدرك من هذه الدنيا صفاءها ونقاءها وسبق كدرها وزيفها وفي هذا دليل على فضله ومدى منزلته عنده رضي الله عنهما .
فقد روى الحاكم باسناده إلى إبراهيم بن سعد قال : سمعت أبي يحدث عن أبيه قال : سمعت علياً رضي الله عنه يقول لعبد الرحمن بن عوف يوم مات اذهب يا ابن عوف فقد أدركت صفوها وسبقت رنقها .
فهذه نماذج من سيرة الصحابة وآل البيت مع بعضهم البعض محبة ومودة واحترام وتقدير ومعرفة للفضل وأهله ، فأرغم الله أنوف الحاقدين والمبغضين الذين يزعمون وجود البغض والفرقة بين خيار الأمة .
 

هااادى
---
يعطيك العافيه على الطرح القيم والرائع
جزاك الله كل الخير وجعله الله في ميزان حسناتك يوم القيامة
تسلم الأيادي وبارك الله فيك
دمتـ بحفظ الرحمن
 
البنوتة الحلوة

كنزى

كل التقدير لمروركم الكريم
خيتووووووو


مع تحياتي
 
مشكور اخي
خالد الطيب
للمرور الرائع
وتقبل الله دعائك وجزاك مثله
مع تحياتي
 
الوسوم
البيت الصحابة محبة وألفة
عودة
أعلى