تعريف مصطلح الحديث + كتاب وصايا نبوية

kenzy*

الاعضاء

بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



أحبتنا حفظكم الرحمن
:

ينقسم موضوعنا إلى ثلاثة أقسام مهمة جداً جداً :

في القسم الأول سنتطرق إلى كتاب (( تعريف مصطلح الحديث وفائدته ))

في القسم الثاني سنتطرق إلى كتاب مهم جداً (( وصايا نبوية ))

في القسم الثالث سنقدم يومياً حديث نبوي شريف إن شاء الله


القسم الأول : تعريف مصطلح الحديث وفائدته. من ص 2 إلى ص 10

1-تعريف مصطلح الحديث وفائدته.

2-الفرق بين الحديث - الخبر - الأثر - الحديث القدسي

3-أقسام الخبر باعتبار طرق نقله إلينا

-أقسام الخبر باعتبار من يضاف إليه:

أ - المرفوع ب - الموقوف ج - المقطوع

2-الصحابي: أ - تعريف الصحابي ب - حال الصحابة ج - آخرهم موتاً وفائدة معرفته د - المكثرون من التحديث

3-المخضرم: أ - تعريفه ب - حكم حديثه

4- التابعي وتعريفه وحكم حديثه

5-الإسناد:أ - تعريفه ب - أقسامه ج - أصح الأسانيد

6-تدوين الحديث

7-طرق تصنيف الحديث

8-الأمهات الست

9-آداب العالم والمتعلم
ثم سنعرض لكم صحيح البخاري وصحيح مسلم .



القسم الثاني : كتاب وصايا نبوية من ص 11 إلى ص 70

اجازة ، تقديم ، تصدير المقدمه




فضل لا إله إلا الله

وصية عامة في التوحيد

فضل طلب العلم

إغاثة الملهوف

فضل السجود لله تعالى

فضل الصدقة

فضل ركعتي الضحى وصيام ثلاثة أيام من كل شهر

صلاة التسبيح

سلو الله العفو والعافية

فضل الصيام

فضل التوبة إلى الله

في أركان الإسلام

في بر الوالدين

المحافظة على الصلاة

في حسن الخلق

ما يقال دبر كل صلاة

في فضل الذكر

في أدب النفس

هجر المعاصي

في فضل ركعتي الفجر

في عدم الالتفات في الصلاة

فضل الإخلاص

لمن كانت له حاجة إلى الله

في آفات النفس

في السؤال بالله عزّ وجلّ

في فضل أمّ الكتاب

في فضل بعض سور

القرآن وآياته

في إحياء سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم

في الزهد في الدنيا

الجوار من النّار



رجل من أهل الجنة

صلاة الاستخارة

دعاء لتفريج الهم والغم بإذن الله

كثرة السجود يوصلك الجنة

في إطعام الطعام وإفشاء السلام وقيام الليل

في إكرام الجار

في حبّ المساكين

تعريف الغني والفقير

في الزهد في الدنيا

فضل تلاوة القرآن

طرق الإنفاق

دعاء لذهاب الهم وسداد الدين

دعاء يقال عند النوم

من أصابه أرَق بالليل

أفضل الناس

كفارة المجلس

في فضل التسبيح

سيد الاستغفار

غراس الجنّة

تعويذ من العقرب

دعاء لسداد الدين وسعة الرزق

الإنفاق في وجوه الخير

ماذا تقول إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا خرجت

لا تسأل عن الإمارة

باتخاذ المساجد في الدُّور

خاتمة الوصايا

النصائح العشر
 

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

فإن الله بعث محمداً بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، وأنزل عليه الكتاب والحكمة - فالكتاب هو: القرآن، والحكمة هي: السنة -؛ ليبيِّن للناس ما نزل إليهم، ولعلهم يتفكرون فيهتدون ويفلحون.

وتتبوأ السنة النبويه الشريفه منزلة عظيمة في الإسلام ، فهي التطبيق العملي لما في كتاب الله ، وقد جاءت عاضدة لآياته ، كاشفة لغوامضه ، مجلية لمعانيه ، شارحة لألفاظه ، موضحة لإبهامه ، كما أنها جاءت بأحكام لا توجد في كتاب الله ، ولم ينص عليها فيه ، وهي لا تخرج عن قواعده وغاياته ، فلا يمكن الاستغناء عنها بحال من الأحوال ، وذلك لأهميتها العظمى في فهم دين الله والعمل به .

فالكتاب والسنة هما الأصلان اللذان قامت بهما حجة الله على عباده، واللذان تنبني عليهما الأحكام الاعتقادية والعملية إيجاباً ونفياً. بل لا يمكن أن يفهم الكتاب بمعزل عن السنة ، وأي دعوة لفصل أحدهما عن الآخر إنما هي دعوة ضلال وانحراف ، وهي في الحقيقة دعوة إلى هدم الدين وتقويض أركانه والقضاء عليه من أساسه فالسنة مفسرة لكتاب الله مبينة له، كما قال الله :(وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ).

فكان علينا من منطلق قول رسول الله "اعقلوا أيها الناس قولي فقد بلغت وقد تركت فيكم أيها الناس ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا كتاب الله وسنة نبيه " أن نفرد للسنه النبويه والأحاديث الشريفه هذه الصفحات سائلين الله ان يوفقنا في تجميع كتب الأحاديث الصحاح وتبيين مراحل تدوين السيره النبويه الشريفه وكذلك توضيح العديد من الأحاديث الضعيفه والموضوعه المنتشره بين الناس لكي تكون مرجعا لمن أراد أن ينهل من علوم الحديث والتعرف على سنة النبي الكريم .

و أسأل الله أن يجعل عملنا خالصاً لوجهه، موافقاً لمرضاته، نافعاً لعباده إنه جواد كريم.

هذا والله الموفق



الأحاديث النبوية الشريفة
 
كتاب مصطلح الحديث




الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، وبعد:

فقد تكفل الله بحفظ هذا الدين، وأبى إلا أن يتمم نوره ولو كره الكافرون، ومن حفظه لهذا الدين أن هيأ له حفاظا وأئمة يذودون عنه، ويبذلون في سبيله كل غال وثمين، وقد انتظم التاريخ في صفحاته المضيئة نماذج لهم تفوق الوصف والخيال، ولسنا هنا بصدد الحديث عن تلك النماذج، ولكنا سنعرج على جهد من جهودهم في الحفاظ على بيضة الدين والذود عن حماه باللسان والقلم، وفي مجال واحد من مجالات العلم الواسعة، ألا وهو: مصطلح الحديث.


لقد ميز أهل السنة والجماعة بميزات كثيرة من أهمها علم الإسناد، ودراسة الرجال، ومن طالع ما كتبه القوم في هذا الباب ما وسعه إلا أن يسلم لهم راية التفوق والتميز على غيرهم من الفرق الأخرى، وهذا التفوق آكد دليل على موافقة الصواب بدون ارتياب، والله الموفق والهادي إلى سبيل الرشاد.

مصطلح الحديث علم من العلوم انتظم قواعد وقوانين بها يعرف الحديث من حيث القبول والرد، وهذه القواعد نتاج بحث طويل وتاريخ مشرق لسلفنا الصالح، استخلصت من خلال تجارب ميدانية واقعية بعيدا عن الظن والخيال، فأحكمت أيما إحكام وتناولتها أفهام الحذاق من المتأخرين زمنا فخلخلت وصفيت ونقيت من كل ما قد يعتورها من نقد وإجمال، وصيغت في قواعد مقتضبة واضحة، وخاصة في عصر الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى.

ولعل من أبرز الكتب في هذا المجال كتاب لفضيلة الشيخ العلامه محمد بن صالح العثيمين رحمه الله وسنقوم بتناول هذا الكتاب على جزأين


يتبع :
 
القسم الأول



من كتاب (مصطلح الحديث)


مصطلح الحديث :

أ - تعريفه ب - فائدته:

أ - مصطلح الحديث:

علم يعرف به حال الراوي والمروي من حيث القَبول والرد.

ب - وفائدته:

معرفة ما يقبل ويرد من الراوي والمروي.



الحديث - الخبر - الأثر - الحديث القدسي:

الحديث: ما أضيف إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم من قول، أو فعل، أو تقرير، أو وصف.

الخبر: بمعنى الحديث؛ فَيُعَرَّف بما سبق في تعريف الحديث.

وقيل: الخبر ما أضيف إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم وإلى غيره؛ فيكون أعم من الحديث وأشمل.

الأثر: ما أضيف إلى الصحابي أو التابعي، وقد يراد به ما أضيف إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم مقيداً فيقال: وفي الأثر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم.



الحديث القدسي: ما رواه النبي صلّى الله عليه وسلّم عن ربه - تعالى -، ويسمى أيضاً (الحديث الرباني) و(الحديث الإلهي)

مثاله : قوله صلّى الله عليه وسلّم فيما يرويه عن ربه - تعالى - أنه قال: "أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم"[1][1]

ومرتبة الحديث القدسي بين القرآن والحديث النبوي، فالقرآن الكريم ينسب إلى الله تعالى لفظاً ومعنىً، والحديث النبوي ينسب إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم لفظاً ومعنىً[2][2] ، والحديث القدسي ينسب إلى الله تعالى معنىً لا لفظاً، ولذلك لا يتعبد بتلاوة لفظه، ولا يقرأ في الصلاة، ولم يحصل به التحدي، ولم ينقل بالتواتر كما نقل القرآن، بل منه ما هو صحيح وضعيف وموضوع.



أقسام الخبر باعتبار طرق نقله إلينا:

ينقسم الخبر باعتبار طرق نقله إلينا إلى قسمين: متواتر وآحاد.
 
2 - والصحيح لغيره: الحسن لذاته إذا تعددت طرقه.

مثاله : حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمره أن يجهز جيشاً فنفدت الإبل، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: "ابتع علينا إبلاً بقلائص من قلائص الصدقة إلى محلها"[8][8] ؛ فكان يأخذ البعير بالبعيرين والثلاثة. فقد رواه أحمد من طريق محمد بن إسحاق، ورواه البيهقي من طريق عمرو بن شعيب، وكل واحد من الطريقين بانفراده حسن، فبمجموعهما يصير الحديث صحيحاً لغيره.

وإنما سمِّي صحيحاً لغيره، لأنه لو نظر إلى كل طريق بانفراد لم يبلغ رتبة الصحة، فلما نظر إلى مجموعهما قوي حتى بلغها.

3 - والحسن لذاته: ما رواه عدل خفيف الضبط بسند متصل وسلم من الشذوذ والعلة القادحة.

فليس بينه وبين الصحيح لذاته فرق سوى اشتراط تمام الضبط في الصحيح، فالحسن دونه.

مثاله : قوله صلّى الله عليه وسلّم: "مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم"[9][9] .

ومن مظان الحسن: ما رواه أبو داود منفرداً به، قاله ابن الصلاح[10][10] .

4 - والحسن لغيره: الضعيف إذا تعددت طرقه على وجه يجبر بعضها بعضاً، بحيث لا يكون فيها كذاب، ولا متهم بالكذب.

مثاله : حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا مد يديه[11][11] في الدعاء لم يردهما حتى يمسح بهما وجهه وأخرجه الترمذي، قال في "بلوغ المرام": وله شواهد عند أبي داود وغيره، ومجموعها يقضي بأنه حديث حسن.

وإنما سمي حسناً لغيره؛ لأنه لو نظر إلى كل طريق بانفراده لم يبلغ رتبة الحسن، فلما نظر إلى مجموع طرقه قوي حتى بلغها.

5 - والضعيف: ما خلا عن شروط الصحيح والحسن.

مثاله: حديث: "احترسوا من الناس بسوء الظن".

ومن مظان الضعيف: ما انفرد به العقيلي، أو ابن عدي، أو الخطيب البغدادي، أو ابن عساكر في "تأريخه"، أو الديلمي في "مسند الفردوس"، أو الترمذي الحكيم في "نوادر الأصول" - وهو غير صاحب السنن - أو الحاكم وابن الجارود في "تأريخيهما".

د - وتفيد أخبار الآحاد سوى الضعيف:

أولاً: الظن وهو: رجحان صحة نسبتها إلى من نقلت عنه، ويختلف ذلك بحسب مراتبها السابقة، وربما تفيد العلم إذا احتفت بها القرائن، وشهدت بها الأصول.

ثانياً: العمل بما دلت عليه بتصديقه إن كان خبراً، وتطبيقه إن كان طلباً.

أما الضعيف فلا يفيد الظن ولا العمل، ولا يجوز اعتباره دليلاً، ولا ذكره غير مقرون ببيان ضعفه إلا في الترغيب والترهيب؛ فقد سهّل في ذِكْره جماعة بثلاثة شروط:

1 - أن لا يكون الضعف شديداً.

2 - أن يكون أصل العمل الذي ذكر فيه الترغيب والترهيب ثابتاً.

3 - أن لا يعتقد أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قاله.

وعلى هذا فيكون فائدة ذكره في الترغيب: حث النفس على العمل المرغب فيه، لرجاء حصول ذلك الثواب، ثم إن حصل وإلا لم يضره اجتهاده في العبادة، ولم يفته الثواب الأصلي المرتب على القيام بالمأمور.

وفائدة ذكره في الترهيب تنفير النفس عن العمل المرهب عنه للخوف من وقوع ذلك العقاب، ولا يضره إذا اجتنبه ولم يقع العقاب المذكور.

 
شرح تعريف الصحيح لذاته:

سبق أن الصحيح لذاته: ما رواه عدل تام الضبط بسند متصل، وسلم من الشذوذ والعلة القادحة.

فالعدالة : استقامة الدين والمروءة.

فاستقامة الدين : أداء الواجبات، واجتناب ما يوجب الفسق من المحرمات.

واستقامة المروءة : أن يفعل ما يحمده الناس عليه من الآداب والأخلاق، ويترك ما يذمّه الناس عليه من ذلك

وتعرف عدالة الراوي بالاستفاضة كالأئمة المشهورين: مالك وأحمد والبخاري ونحوهم، وبالنص عليها ممن يعتبر قوله في ذلك.

وتمام الضبط : أن يؤدي ما تحمّله من مسموع، أو مرئي على الوجه الذي تحمله من غير زيادة ولا نقص، لكن لا يضر خطأ يسير؛ لأنه لا يسلم منه أحد.

ويعرف ضبط الراوي بموافقته الثقات والحفاظ ولو غالباً، وبالنص عليه ممن يعتبر قوله في ذلك.

واتصال السند : أن يتلقى كل راو ممن روى عنه مباشرة أو حكماً.

فالمباشرة : أن يلاقي من روى عنه فيسمع منه، أو يرى، ويقول: حدثني، أو سمعت، أو رأيت فلاناً ونحوه.

والحكم : أن يروي عمن عاصره بلفظ يحتمل السماع والرؤية، مثل: قال فلان، أو: عن فلان، أو: فعل فلان، ونحوه.

وهل يشترط مع المعاصرة ثبوت الملاقاة أو يكفي إمكانها؟

على قولين؛ قال بالأول البخاري، وقال بالثاني مسلم.

قال النووي عن قول مسلم: أنكره المحققون، قال: وإن كنا لا نحكم على مسلم بعمله في "صحيحه" بهذا المذهب لكونه يجمع طرقاً كثيرة يتعذر معها وجود هذا الحكم الذي جوزه، والله أعلم[12][12] .

ومحل هذا في غير المدلِّس، أما المدلِّس فلا يحكم لحديثه بالاتصال إلا ما صرح فيه بالسماع أو الرؤية.

ويعرف عدم اتصال السند بأمرين:

أحدهما: العلم بأن المروي عنه مات قبل أن يبلغ الراوي سن التمييز.

ثانيهما: أن ينص الراوي أو أحد أئمة الحديث على أنه لم يتصل بمن روى عنه، أو لم يسمع، أو ير منه ما حَدَّث به عنه.



والشذوذ : أن يخالف الثقة من هو أرجح منه إما: بكمال العدالة، أو تمام الضبط، وكثرة العدد، أو ملازمة المروي عنه، أو نحو ذلك.

مثاله : حديث عبد الله بن زيد[13][13] في صفة وضوء النبي صلّى الله عليه وسلّم: أنه مسح برأسه بماء غير فضل يده، فقد رواه مسلم بهذا اللفظ من طريق ابن وهب، ورواه البيهقي من طريقه أيضاً بلفظ: أنه أخذ لأذنيه ماء خلاف الماء الذي أخذه لرأسه. ورواية البيهقي شاذة؛ لأن راويه عن ابن وهب ثقة، لكنه مخالف لمن هو أكثر منه. حيث رواه جماعة عن ابن وهب بلفظ رواية مسلم، وعليه فرواية البيهقي غير صحيحة، وإن كان رواتها ثقات؛ لعدم سلامتها من الشذوذ.



والعلة القادحة : أن يتبين بعد البحث في الحديث سبب يقدح في قبوله. بأن يتبين أنه منقطع، أو موقوف، أو أن الراوي فاسق، أو سيِّئ الحفظ، أو مبتدع والحديث يقوي بدعته، ونحو ذلك؛ فلا يحكم للحديث بالصحة حينئذٍ؛ لعدم سلامته من العلة القادحة.

مثاله : حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن"[14][14] . فقد رواه الترمذي وقال: لا نعرفه إلا من حديث إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة... إلخ.

فظاهر الإسناد الصحة، لكن أُعلّ بأن رواية إسماعيل عن الحجازيين ضعيفة، وهذا منها، وعليه فهو غير صحيح لعدم سلامته من العلة القادحة.

فإن كانت العلة غير قادحة لم تمنع من صحة الحديث أو حسنه.

مثاله : حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر"[15][15] . فقد رواه مسلم من طريق سعد بن سعيد، وأُعلَّ الحديث به، لأن الإمام أحمد ضعفه. وهذه العلة غير قادحة؛ لأن بعض الأئمة وثّقه، ولأن له متابعاً، وإيراد مسلم له في "صحيحه" يدل على صحته عنده، وأن العلة غير قادحة.
 
الجمع بين وصفي الصحة والحسن في حديث واحد:

سبق أن الحديث الصحيح قسيم للحديث الحسن، فهما متغايران، ولكنه يمر بنا أحياناً حديث يوصف بأنه صحيح حسن فكيف نوفق بين هذين الوصفين مع التغاير بينهما؟

نقول: إن كان للحديث طريقان فمعنى ذلك أن أحد الطريقين صحيح، والثاني حسن فجمع فيه بين الوصفين باعتبار الطريقين.

وإن كان للحديث طريق واحد فمعناه التردد هل بلغ الحديث مرتبة الصحيح أو أنه في مرتبة الحسن؟
 
منقطع السند:
أ - تعريفه ب - أقسامه ج - حكمه:

أ - منقطع السند:

هو الذي لم يتصل سنده، وقد سبق أن من شروط الحديث الصحيح والحسن أن يكون بسند متصل.



ب - وينقسم إلى أربعة أقسام:

مرسل ومعلق ومعضل ومنقطع.

1 - فالمرسل: ما رفعه إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم صحابي لم يسمع منه أو تابعي.

2 - والمعلق: ما حذف أول إسناده.

وقد يراد به: ما حذف جميع إسناده كقول البخاري: وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم يذكر الله في كل أحيانه[16][16]

فأما ما ينقله المصنفون كصاحب "العمدة" - مثلاً - منسوباً إلى أصله بدون إسناد؛ فلا يحكم عليه بالتعليق حتى ينظر في الأصل المنسوب إليه. لأن ناقله غير مسندٍ له، وإنما هو فرع، والفرع له حكم الأصل.

3 - والمعضل: ما حذف من أثناء سنده راويان فأكثر على التوالي.

4 - والمنقطع: ما حذف من أثناء سنده راوٍ واحد، أو راويان فأكثر لا على التوالي.

وقد يراد به: كل ما لم يتصل سنده، فيشمل الأقسام الأربعة كلها.

مثال ذلك: ما رواه البخاري؛ قال: حدثنا الحميدي عبد الله بن الزبير قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري قال: أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: "إنما الأعمال بالنيات ..."[17][17] إلخ.

فإذا حذف من هذا السند عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ سمي مرسلاً.

وإذا حذف منه الحميدي؛ سمي معلقاً.

وإذا حذف منه سفيان ويحيى بن سعيد؛ سمي معضلاً.

وإذا حذف منه سفيان وحده أو مع التيمي؛ سمي منقطعاً.


جـ - حكمه:

ومنقطع السند بجميع أقسامه مردود؛ للجهل بحال المحذوف، سوى ما يأتي:

1 - مرسل الصحابي.

2 - مرسل كبار التابعين[18][18] عند كثير من أهل العلم، إذا عضده مرسل آخر، أو عمل صحابي أو قياس.

3 - المعلَّق إذا كان بصيغة الجزم في كتابِ الْتُزِمت صحته "كصحيح البخاري".

4 - ما جاء متصلاً من طريق آخر، وتمت فيه شروط القَبول.



التدليس:

أ - تعريفه ب - أقسامه ج - طائفة من المدلسين د - حكم حديث المدلس:

أ - التدليس:

سياق الحديث بسند؛ يوهم أنه أعلى مما كان عليه في الواقع.



ب - وينقسم إلى قسمين:

تدليس الإسناد، وتدليس الشيوخ.

فتدليس الإسناد : أن يروي عمن لقيه ما لم يسمعه من قوله أو يره من فعله، بلفظ يوهم أنه سمعه أو رآه مثل: قال، أو فعل، أو عن فلان، أو أن فلاناً قال، أو فعل، ونحو ذلك.

وتدليس الشيوخ : أن يسمّي الراوي شيخه، أو يصفه بغير ما اشتهر به فيوهم أنه غيره؛ إما لكونه أصغر منه، فلا يحب أن يظهر روايته عمن دونه، وإما ليظن الناس كثرة شيوخه، وإما لغيرهما من المقاصد.

ج - والمدلسون كثيرون، وفيهم الضعفاء والثقات؛ كالحسن البصري، وحميد الطويل، وسليمان بن مهران الأعمش، ومحمد بن إسحاق والوليد بن مسلم، وقد رتبهم الحافظ إلى خمس مراتب:

الأولى - من لم يوصف به إلا نادراً؛ كيحيى بن سعيد.

الثانية - من احتمل الأئمة تدليسه، وأخرجوا له في "الصحيح"؛ لإمامته، وقلة تدليسه في جنب ما روى؛ كسفيان الثوري، أو كان لا يدلس إلا عن ثقة؛ كسفيان بن عيينة.

الثالثة - من أكثر من التدليس غير متقيد بالثقات؛ كأبي الزبير المكي.

الرابعة - من كان أكثر تدليسه عن الضعفاء والمجاهيل؛ كبقية بن الوليد.

الخامسة - من انضم إليه ضعف بأمر آخر؛ كعبد الله بن لهيعة.

د - وحديث المدلس غير مقبول إلا أن يكون ثقة، ويصرح بأخذه مباشرة عمن روى عنه، فيقول: سمعت فلاناً يقول، أو رأيته يفعل، أو حدثني ونحوه، لكن ما جاء في "صحيحي البخاري ومسلم" بصيغة التدليس عن ثقات المدلسين فمقبول؛ لتلقي الأمة لما جاء فيهما بالقَبول من غير تفصيل
 
المضطرب:

أ - تعريفه ب - حكمه
:

أ - المضطرب:

ما اختلف الرواة في سنده، أو متنه، وتعذر الجمع في ذلك والترجيح.

مثاله : ما روي عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال للنبي صلّى الله عليه وسلّم: أراك شبت قال: "شيبتني هود وأخواتها"[19][19] . فقد اختلف فيه على نحو عشرة أوجه: فروي موصولاً ومرسلاً، وروي من مسند أبي بكر وعائشة وسعد، إلى غير ذلك من الاختلافات التي لا يمكن الجمع بينها ولا الترجيح.

فإن أمكن الجمع وجب، وانتفى الاضطراب.

مثاله : اختلاف الروايات فيما أحرم به النبي صلّى الله عليه وسلّم في حجة الوداع، ففي بعضها أنه أحرم بالحج، وفي بعضها أنه تمتع، وفي بعضها أنه قرن بين العمرة والحج، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ولا تناقض بين ذلك، فإنه تمتع تمتع قران، وأفرد أعمال الحج، وقرن بين النسكين العمرة والحج، فكان قارناً باعتبار جمعه النسكين ومفرداً باعتبار اقتصاره على أحد الطوافين والسعيين، ومتمتعاً باعتبار ترفهه بترك أحد السفرين[20][20] .

وإن أمكن الترجيح عمل بالراجح، وانتفى الاضطراب أيضاً.

مثاله : اختلاف الروايات في حديث بريرة رضي الله عنها حين عتقت فخيرها النبي صلّى الله عليه وسلّم بين أن تبقى مع زوجها أو تفارقه؛ هل كان زوجها حرًّا أو عبداً ؟[21][21]

فروى الأسود عن عائشة رضي الله عنها أنه كان حرًّا، وروى عروة بن الزبير والقاسم بن محمد بن أبي بكر عنها أنه كان عبداً، ورجحت روايتهما على رواية الأسود، لقربهما منها لأنها خالة عروة وعمة القاسم، وأما الأسود فأجنبي منها؛ مع أن في روايته انقطاعاً.


ب -
والمضطرب:

ضعيف لا يحتج به، لأن اضطرابه يدل على عدم ضبط رواته، إلا إذا كان الاضطراب لا يرجع إلى أصل الحديث، فإنه لا يضر.


مثاله : اختلاف الروايات في حديث فضالة بن عبيد رضي الله عنه أنه اشترى قلادة يوم خيبر باثني عشر ديناراً فيها ذهب وخرز، قال: ففصلتها فوجدت فيها أكثر من اثني عشر ديناراً، فذكرت ذلك للنبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: "لا تباع حتى تفصل". ففي بعض الروايات أن فضالة اشتراها، وفي بعضها أن غيره سأله عن شرائها، وفي بعض الروايات أنه ذهب وخرز، وفي بعضها ذهب وجوهر، وفي بعضها خرز معلقة بذهب، وفي بعضها باثني عشر ديناراً، وفي بعضها بتسعة دنانير، وفي بعضها سبعة[22][22] .

قال الحافظ ابن حجر: وهذا لا يوجب ضعفاً (يعني الحديث) بل المقصود من الاستدلال محفوظ لا اختلاف فيه؛ وهو النهي عن بيع ما لم يفصل، وأما جنسها أو مقدار ثمنها فلا يتعلق به في هذه الحال ما يوجب الاضطراب. اهـ.

وكذلك لا يوجب الاضطراب: ما يقع من الاختلاف في اسم الراوي أو كنيته، أو نحو ذلك، مع الاتفاق على عينه، كما يوجد كثيراً في الأحاديث الصحيحة.



 
الإدراج في المتن:

أ - تعريفه ب - مكانه مع التمثيل - ج - متى يحكم به:

أ - الإدراج في المتن:

أن يدخل أحد الرواة في الحديث كلاماً من عنده بدون بيان، إما: تفسيراً لكلمة، أو استنباطاً لحكم، أو بياناً لحكمة.



ب - مكانه مع التمثيل:

ويكون في أول الحديث ووسطه وآخره.

مثاله في أوله : حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "أسبغوا الوضوء"[23][23] "ويل للأعقاب من النار".

فقوله: "أسبغوا الوضوء" مدرج من كلام أبي هريرة، بينته رواية للبخاري عنه أنه قال: أسبغوا الوضوء؛ فإن أبا القاسم صلّى الله عليه وسلّم قال: "ويل للأعقاب من النار".

و مثاله في وسطه: حديث عائشة رضي الله عنها في بدء الوحي[24][24] برسول الله صلّى الله عليه وسلّم وفيه:

وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه - وهو التعبد - الليالي ذوات العدد.

فقوله: وهو التعبد مدرج من كلام الزهري، بيّنته رواية للبخاري من طريقه بلفظ: وكان يلحق بغار حراء فيتحنث فيه - قال: والتحنث: التعبد - الليالي ذوات العدد.

و مثاله في آخره: حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "إن أمتي يدعون يوم القيامة غرًّا محجلين من آثار الوضوء"، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل[25][25] .

فقوله: "فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل" ، مدرج من كلام أبي هريرة انفرد بها نعيم بن المجمر عن أبي هريرة وذكر في "المسند" عنه أنه قال: لا أدري قوله: "فمن استطاع..." ، من قول النبي صلّى الله عليه وسلّم، أو من قول أبي هريرة! وقد بيّن غير واحد من الحفاظ أنها مدرجة، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: لا يمكن أن تكون من كلام النبي صلّى الله عليه وسلّم.



ج - متى يحكم به:

ولا يحكم بالإدراج إلا بدليل إما من كلام الراوي، أو من كلام أحد الأئمة المعتبرين، أو من الكلام المدرج بحيث يستحيل أن يقوله النبي صلّى الله عليه وسلّم.
 
الزيادة في الحديث:

أ - تعريفها - ب - أقسامها وبيان حكم كل قسم مع التمثيل:

أ - الزيادة في الحديث:

أن يضيف أحد الرواة إلى الحديث ما ليس منه.





ب - وتنقسم إلى قسمين:

1 - أن تكون من قبيل الإدراج، وهي التي زادها أحد الرواة من عنده لا على أنها من الحديث، وسبق بيان متى يحكم بها.

2 - أن يأتي بها بعض الرواة على أنها من الحديث نفسه.

فإن كانت من غير ثقة لم تقبل؛ لأنه لا يقبل ما انفرد به، فما زاده على غيره أولى بالرد، وإن كانت من ثقة، فإن كانت منافية لرواية غيره ممن هو أكثر منه، أو أوثق لم تقبل لأنها حينئذٍ شاذة.

مثاله : ما رواه مالك في "الموطأ": أن ابن عمر رضي الله عنهما إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما دون ذلك[26][26] .

قال أبو داود: لم يذكر: (رفعهما دون ذلك) أحد غير مالك فيما أعلم. اهـ.

وقد صح عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه كان يرفع يديه حتى يجعلهما حذو منكبيه، إذا افتتح الصلاة، وعند الركوع، وعند الرفع منه؛ بدون تفريق[27][27] .

وإن كانت غير منافية لرواية غيره قبلت؛ لأن فيها زيادة علم.

مثاله : حديث عمر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: "ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ، أو فيسبغ الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبد الله ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء"[28][28] .

فقد رواه مسلم من طريقين وفي أحدهما زيادة: (وحده لا شريك له) بعد قوله: (إلا الله).



اختصار الحديث:

أ - تعريفه ب - حكمه:

أ - اختصار الحديث:

أن يحذف راويه، أو ناقله شيئاً منه.

ب - ولا يجوز إلا بشروط خمسة:



الأول - أن لا يخل بمعنى الحديث: كالاستثناء، والغاية، والحال، والشرط، ونحوها.

مثل قوله صلّى الله عليه وسلّم: "لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل"[29][29] .

"لا تبيعوا الثمر حتى يبدو صلاحه"[30][30] .

"لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان"[31][31] .

"نعم إذا هي رأت الماء" [32][32]؛ قاله جواباً لأم سليم حين سألته: هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟

"لا يقل أحدكم: اللهم! اغفر لي إن شئت"[33][33] .

"الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" [34][34].

فلا يجوز حذف قوله:

(إلا مثلاً بمثل)

(حتى يبدو صلاحه)

(وهو غضبان)

(إذا هي رأت الماء)

(إن شئت)

(المبرور)؛ لأن حذف هذه الأشياء يخلّ بمعنى الحديث.



الثاني - أن لا يحذف ما جاء الحديث من أجله.

مثل: حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً سأل النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: إنا نركب البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا! أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: "هو الطهور ماؤه، الحل ميتته"[35][35] .

فلا يجوز حذف قوله: (هو الطهور ماؤه)؛ لأن الحديث جاء من أجله، فهو المقصود بالحديث.
 
الثالث - أن لا يكون وارداً لبيان صفة عبادة قولية أو فعلية.

مثل حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "إذا جلس أحدكم في الصلاة فليقل: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله"[36][36] .

فلا يجوز حذف شيء من هذا الحديث؛ لإخلاله بالصفة المشروعة إلا أن يشير إلى أن فيه حذفاً.



الرابع - أن يكون من عالم بمدلولات الألفاظ، وما يخل حذفه بالمعنى وما لا يخل؛ لئلا يحذف ما يخل بالمعنى من غير شعور بذلك.


الخامس - أن لا يكون الراوي محلاً للتهمة، بحيث يظن به سوء الحفظ إن اختصره، أو الزيادة فيه إن أتمه؛ لأن اختصاره في هذه الحال يستلزم التردد في قَبوله، فيضعف به الحديث.

ومحل هذا الشرط في غير الكتب المدونة المعروفة؛ لأنه يمكن الرجوع إليها فينتفي التردد.

فإذا تمت هذه الشروط جاز اختصار الحديث، ولا سيما تقطيعه للاحتجاج بكل قطعة منه في موضعها، فقد فعله كثير من المحدثين والفقهاء.

والأَولى أن يشير عند اختصار الحديث إلى أن فيه اختصاراً فيقول: إلى آخر الحديث، أو: ذكر الحديث ونحوه.



رواية الحديث بالمعنى:

أ - تعريفها ب - حكمها:

أ - رواية الحديث بالمعنى:

نقله بلفظ غير لفظ المروي عنه.



ب - ولا تجوز إلا بشروط ثلاثة:

1 - أن تكون من عارف بمعناه: من حيث اللغة، ومن حيث مراد المروي عنه.

2 - أن تدعو الضرورة إليها، بأن يكون الراوي ناسياً للفظ الحديث حافظاً لمعناه. فإن كان ذاكراً للفظه لم يجز تغييره، إلا أن تدعو الحاجة إلى إفهام المخاطب بلغته.

3 - أن لا يكون اللفظ متعبداً به: كألفاظ الأذكار ونحوها.

وإذا رواه بالمعنى فليأت بما يشعر بذلك فيقول عقب الحديث: أو كما قال، أو نحوه، كما في حديث أنس رضي الله عنه في قصة الأعرابي الذي بال في المسجد قال: ثم إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دعاه فقال له: "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله عزّ وجل، والصلاة، وقراءة القرآن"[37][37] ، أو كما قال صلّى الله عليه وسلّم.

وكما في حديث معاوية بن الحكم - وقد تكلم في الصلاة لا يدري - فلما صلى النبي صلّى الله عليه وسلّم قال له: "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح، والتكبير، وقراءة القرآن"[38][38] ، أو كما قال صلّى الله عليه وسلّم.
 
الموضوع:

أ - تعريفه ب - حكمه ج - ما يعرف به الوضع د - طائفة من الأحاديث الموضوعة وبعض الكتب المؤلفة فيها هـ - طائفة من الوضاعين:

أ - الموضوع:

الحديث المكذوب على النبي صلّى الله عليه وسلّم.



ب - حكمه:

وهو المردود، ولا يجوز ذكره إلا مقروناً ببيان وضعه؛ للتحذير منه؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: "من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين"[39][39] . رواه مسلم.



ج - ويعرف الوضع بأمور منها:

1 - إقرار الواضع به.

2 - مخالفة الحديث للعقل، مثل: أن يتضمن جمعاً بين النقيضين، أو إثبات وجود مستحيل، أو نفي وجود واجب ونحوه.

3 - مخالفته للمعلوم بالضرورة من الدين، مثل: أن يتضمن إسقاط ركن من أركان الإسلام، أو تحليل الربا ونحوه، أو تحديد وقت قيام الساعة، أو جواز إرسال نبي بعد محمد صلّى الله عليه وسلّم، ونحو ذلك.

د - والأحاديث الموضوعة كثيرة منها:

1 - أحاديث في زيارة قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم.

2 - أحاديث في فضائل شهر رجب ومزية الصلاة فيه.

3 - أحاديث في حياة الخضر - صاحب موسى عليه الصلاة والسلام - وأنه جاء إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، وحضر دفنه.

4 - أحاديث في أبواب مختلفة نذكر منها ما يلي:

"أحبوا العرب لثلاث: لأني عربي، والقرآن عربي، ولسان أهل الجنة عربي"[40][40] .

"اختلاف أمتي رحمة"[41][41] .

"اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً"[42][42] .

"حب الدنيا رأس كل خطيئة"[43][43] .

"حب الوطن من الإيمان"[44][44] .

"خير الأسماء ما حمد وعبد"[45][45] .

"نهى عن بيع وشرط"[46][46] .

"يوم صومكم يوم نحركم"[47][47] .
 
وقد ألّف كثير من أهل الحديث في بيان الأحاديث الموضوعة؛ دفاعاً عن السنة، وتحذيراً للأمة مثل:

1 - "الموضوعات الكبرى" للإمام عبد الرحمن بن الجوزي المتوفى سنة 597هـ، لكنه لم يستوعبها وأدخل فيها ما ليس منها.

2 - "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة" للإمام الشوكاني المتوفى سنة 1250هـ، وفيها تساهل بإدخال ما ليس بموضوع.

3 - "تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة" لابن عراق المتوفى سنة 963هـ وهو من أجمع ما كتب فيها.



هـ - والوضاعون كثيرون ومن أكابرهم المشهورين:

إسحاق بن نجيح الملطي، ومأمون بن أحمد الهروي ومحمد بن السائب الكلبي، والمغيرة بن سعيد الكوفي، ومقاتل بن سليمان، والواقدي بن أبي يحيى.

وهم أصناف فمنهم:

أولاً - الزنادقة الذين يريدون إفساد عقيدة المسلمين، وتشويه الإسلام، وتغيير أحكامه مثل: محمد بن سعيد المصلوب الذي قتله أبو جعفر المنصور، وضع حديثاً عن أنس مرفوعاً: "أنا خاتم النبيين لا نبي بعدي إلا أن يشاء الله"[48][48] .

ومثل عبد الكريم بن أبي العوجاء[49][49] الذي قتله أحد الأمراء العباسيين في البصرة، وقال حين قدم للقتل: لقد وضعت فيكم أربعة آلاف حديث، أحرم فيها الحلال، وأحلل فيها الحرام.

وقد قيل: إن الزنادقة وضعوا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أربعة عشر ألف حديث.



ثانياً - المتزلفون إلى الخلفاء والأمراء: مثل غياث بن إبراهيم دخل على المهدي، وهو يلعب بالحمام فقيل له: حدث أمير المؤمنين! فَسَاقَ سنداً وضع به حديثاً على النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: "لا سبق إلا في خفٍّ أو نصل أو حافر أو جناح"[50][50] فقال المهدي: أنا حملته على ذلك! ثم ترك الحمام، وأمر بذبحها.



ثالثاً - المتزلفون إلى العامة بذكر الغرائب ترغيباً، أو ترهيباً، أو التماساً لمال، أو جاه مثل: القصاص الذين يتكلمون في المساجد والمجتمعات بما يثير الدهشة من غرائب.

نقل عن الإمام أحمد بن حنبل ويحيى بن معين[51][51] أنهما صليا في مسجد الرصافة، فقام قاص يقص فقال: حدثنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، ثم ساق سنداً إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: "من قال لا إله إلا الله خلق الله من كل كلمة طيراً منقاره من ذهب وريشه من مرجان..."، وذكر قصة طويلة، فلما فرغ من قصصه، وأخذ العطيات، أشار إليه يحيى بيده، فأقبل متوهماً لنوال، فقال له يحيى: من حدثك بهذا الحديث؟ قال: أحمد بن حنبل ويحيى بن معين! فقال: أنا يحيى بن معين وهذا أحمد بن حنبل، ما سمعنا بهذا قط في حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم! فقال القاص: لم أزل أسمع أن يحيى بن معين أحمق ما تحققت هذا إلا هذه الساعة، كأن ليس فيها يحيى بن معين وأحمد بن حنبل غيركما! لقد كتبت عن سبعة عشر أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، فوضع أحمد كمه على وجهه وقال: دعه يقوم! فقام كالمستهزئ بهما.



رابعاً - المتحمسون للدين يضعون أحاديث في فضائل الإسلام، وما يتصل فيه، وفي الزهد في الدنيا، ونحو ذلك. لقصد إقبال الناس على الدين وزهدهم في الدنيا مثل: أبي عصمة نوح بن أبي مريم قاضي مرو، وضع حديثاً في فضائل سور القرآن سورة سورة وقال: إني رأيت الناس أعرضوا عن القرآن، واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي ابن إسحاق، يعني فوضع ذلك.

خامساً - المتعصبون لمذهب، أو طريقة، أو بلد، أو متبوع، أو قبيلة: يضعون أحاديث في فضائل ما تعصبوا له، والثناء عليه مثل: ميسرة بن عبد ربه الذي أقر أنه وضع على النبي صلّى الله عليه وسلّم سبعين حديثاً في فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
 
الجرح والتعديل:

الجرح:

أ - تعريفه ب - أقسامه - ج - مراتبه د - شروط قبوله:

أ - الجرح:

هو أن يذكر الراوي بما يوجب رد روايته من إثبات صفة رد، أو نفي صفة قبول مثل أن يقال:

هو كذاب، أو فاسق، أو ضعيف، أو ليس بثقة، أو لا يعتبر، أو لا يكتب حديثه.

ب - وينقسم الجرح إلى قسمين: مطلق ومقيد:

1 - فالمطلق: أن يذكر الراوي بالجرح بدون تقييد، فيكون قادحاً فيه بكل حال.

2 - والمقيد: أن يذكر الراوي بالجرح بالنسبة لشيء معين من شيخ، أو طائفة، أو نحو ذلك؛ فيكون قادحاً فيه بالنسبة إلى ذلك الشيء المعينّ دون غيره.

مثاله : قول ابن حجر في "التقريب" في زيد بن الحباب - وقد روى عنه مسلم -: صدوق يخطئ في حديث الثوري؛ فيكون ضعيفاً في حديثه عن الثوري دون غيره.

وقول صاحب "الخلاصة" في إسماعيل بن عياش: وثقه أحمد، وابن معين، والبخاري في أهل الشام. وضعفوه في الحجازيين؛ فيكون ضعيفاً في حديثه عن الحجازيين دون أهل الشام.

ومثل ذلك إذا قيل: هو ضعيف في أحاديث الصفات مثلاً فلا يكون ضعيفاً في رواية غيرها.

لكن إذا كان المقصود بتقييد الجرح دفع دعوى توثيقه في ذلك المقيد، لم يمنع أن يكون ضعيفاً في غيره أيضاً



ج - وللجرح مراتب:

* أعلاها: ما دل على بلوغ الغاية فيه مثل: أكذب الناس، أو ركن الكذب.

* ثم ما دل على المبالغة مثل: كذاب، ووضاع، ودجال.

* وأسهلها ليّن، أو سيِّئ الحفظ، أو فيه مقال.

وبَيْن ذلك مراتب معلومة.



د - ويشترط لقَبول الجرح شروط خمسة:

1 - أن يكون من عدل؛ فلا يقبل من فاسق.

2 - أن يكون من متيقظ؛ فلا يقبل من مغفل.

3 - أن يكون من عارف بأسبابه؛ فلا يقبل ممن لا يعرف القوادح.

4 - أن يبيِّن سبب الجرح؛ فلا يقبل الجرح المبهم، مثل أن يقتصر على قوله: ضعيف، أو يرد حديثه، حتى يبيّن سبب ذلك؛ لأنه قد يجرحه بسبب لا يقتضي الجرح، هذا هو المشهور، واختار ابن حجر - رحمه الله - قَبول الجرح المبهم إلا فيمن علمت عدالته، فلا يقبل جرحه إلا ببيان السبب. وهذا هو القول الراجح لا سيما إذا كان الجارح من أئمة هذا الشأن.

5 - أن لا يكون واقعاً على من تواترت عدالته، واشتهرت إمامته. كنافع، وشعبة، ومالك، والبخاري، فلا يقبل الجرح في هؤلاء وأمثالهم.



التعديل:
أ - تعريفه ب - أقسامه ج - مراتبه د - شروط قبوله:

أ - التعديل:

أن يذكر الراوي بما يوجب قَبول روايته: من إثبات صفة قَبول أو نفي صفة رد، مثل أن يقال: هو ثقة، أو ثبت، أو لا بأس به، أو لا يرد حديثه.
 
ب - وينقسم التعديل إلى قسمين: مطلق ومقيد:

1 - فالمطلق: أن يذكر الراوي بالتعديل بدون تقييد؛ فيكون توثيقاً له بكل حال.

2 - والمقيد: أن يذكر الراوي بالتعديل بالنسبة لشيء معين من شيخ، أو طائفة، أو نحو ذلك؛ فيكون توثيقاً له بالنسبة إلى ذلك الشيء المعيّن دون غيره.

مثل أن يقال: هو ثقة في حديث الزهري، أو في الحديث عن الحجازيين، فلا يكون ثقة في حديثه من غير من وثق فيهم، لكن إذا كان المقصود دفع دعوى ضعفه فيهم، فلا يمنع حينئذٍ أن يكون ثقة في غيرهم أيضاً.





ج - وللتعديل مراتب:

* أعلاها: ما دل على بلوغ الغاية فيه مثل: أوثق الناس، أو إليه المنتهى في التثبت.

* ثم ما تأكد بصفة، أو صفتين مثل: ثقة ثقة أو ثقة ثبت، أو نحو ذلك.

* وأدناها: ما أشعر بالقرب من أسهل الجرح مثل: صالح، أو مقارب، أو يروى حديثه، أو نحو ذلك، وبين هذا مراتب معلومة.



د - ويشترط لقبول التعديل شروط أربعة:

1 - أن يكون من عدل؛ فلا يقبل من فاسق.

2 - أن يكون من متيقظ؛ فلا يقبل من مغفل يغتر بظاهر الحال.

3 - أن يكون من عارف بأسبابه؛ فلا يقبل ممن لا يعرف صفات القَبول والرد.

4 - أن لا يكون واقعاً على من اشتهر بما يوجب رد روايته: من كذب، أو فسق ظاهر، أو غيرهما.



تعارض الجرح والتعديل:

أ - تعريفه ب - أحواله:

أ - تعارض الجرح والتعديل:

أن يذكر الراوي بما يوجب رد روايته، وبما يوجب قبولها، مثل: أن يقول بعض العلماء فيه: إنه ثقة، ويقول بعض: إنه ضعيف.



ب - وللتعارض أحوال أربع:

الحال الأولى: أن يكونا مبهمين؛ أي: غير مبين فيهما سبب الجرح أو التعديل، فإن قلنا بعدم قَبول الجرح المبهم أخذ بالتعديل، لأنه لا معارض له في الواقع، وإن قلنا بقَبوله - وهو الراجح - حصل التعارض، فيؤخذ بالأرجح منهما؛ إما في عدالة قائله، أو في معرفته بحال الشخص، أو بأسباب الجرح والتعديل، أو في كثرة العدد.

الحال الثانية: أن يكونا مفسَّرين؛ أي: مبيناً فيهما سبب الجرح والتعديل، فيؤخذ بالجرح؛ لأن مع قائله زيادة علم، إلا أن يقول صاحب التعديل: أنا أعلم أن السبب الذي جرحه به قد زال؛ فيؤخذ حينئذٍ بالتعديل؛ لأن مع قائله زيادة علم.

الحال الثالثة: أن يكون التعديل مبهماً؛ والجرح مفسَّراً فيؤخذ بالجرح لأن مع قائله زيادة علم.

الحال الرابعة: أن يكون الجرح مبهماً، والتعديل مفسَّراً، فيؤخذ بالتعديل لرجحانه.
 
القسم الثاني

من كتاب (مصطلح الحديث)


الجزء الأول

بسم الله الرحمن الرحيم

أقسام الخبر باعتبار من يضاف إليه:

ينقسم الخبر باعتبار من يضاف إليه إلى ثلاثة أقسام: أ - المرفوع ب - الموقوف ج - المقطوع.



أ - فالمرفوع
:

ما أضيف إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم.

وينقسم إلى قسمين: مرفوع صريحاً، ومرفوع حكماً
.

1 -
فالمرفوع صريحاً
: ما أضيف إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم نفسه من قول، أو فعل، أو تقرير، أو وصف في خُلُقه، أو خِلْقَتِه.

مثاله
من القول: قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"[52][52] .

و
مثاله
من الفعل: كان صلّى الله عليه وسلّم إذا دخل بيته بدأ بالسواك[53][53] .

و
مثاله
من التقرير: تقريره الجارية حين سألها: "أين الله؟"[54][54] قالت: في السماء، فأقرها على ذلك صلّى الله عليه وسلّم.

وهكذا كل قول، أو فعل علم به النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم ينكره، فهو مرفوع صريحاً من التقرير.

و
مثاله
من الوصف في خُلُقه: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم أجود الناس وأشجع الناس، ما سئل شيئاً قط فقال: لا. وكان دائم البشر سهل الخلق، لين الجانب، ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما إلا أن يكون إثماً فيكون أبعد الناس عنه.

و
مثاله
من الوصف في خِلْقَتِه: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم ربعة من الرجال: ليس بالطويل، ولا بالقصير، بعيد ما بين المنكبين، له شعر يبلغ شحمة أذنيه، وربما يبلغ منكبيه، حسن اللحية، فيه شعرات من شيب.

2 - والمرفوع حكماً: ما كان له حكم المضاف إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو أنواع:

الأول - قول الصحابي
إذا لم يمكن أن يكون من قبيل الرأي ولم يكن تفسيراً، ولا معروفاً قائله بالأخذ عن الإسرائيليات، مثل أن يكون خبراً عن أشراط الساعة، أو أحوال القيامة، أو الجزاء.

فإن كان من قبيل الرأي فهو موقوف.

وإن كان تفسيراً فالأصل: له حكم نفسه، والتفسير موقوف.

وإن كان قائله معروفاً بالأخذ عن الإسرائيليات، فهو متردد بين أن يكون خبراً إسرائيلياً، أو حديثاً مرفوعاً، فلا يحكم فيه بأنه حديث للشك فيه.

وقد ذكروا أن العبادلة وهم: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمرو بن العاص، أخذوا عن أحبار بني إسرائيل: من كعب الأحبار، أو غيره.



الثاني - فعل الصحابي
إذا لم يمكن أن يكون من قبيل الرأي، ومثلوا لذلك بصلاة علي رضي الله عنه في الكسوف أكثر من ركوعين في كل ركعة.



الثالث - أن يضيف الصحابي
شيئاً إلى عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم يذكر أنه علم به. كقول أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها: ذبحنا على عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم فرساً، ونحن في المدينة فأكلناه[55][55] .



الرابع - أن يقول الصحابي عن
شيء بأنه من السنة. كقول ابن مسعود رضي الله عنه: من السنة أن يخفي التشهد، يعني في الصلاة[56][56] .

فإن قاله تابعي، فقيل: مرفوع، وقيل: موقوف. كقول عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: السنة أن يخطب الإمام في العيدين خطبتين يفصل بينهما بجلوس[57][57] .



الخامس - قول الصحابي: أمرنا أو نهينا أو أمر الناس ونحوه،
كقول أم عطية رضي الله عنها: أمرنا أن نخرج في العيدين العواتق[58][58] ، وقولها: نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا[59][59] ، وقول ابن عباس رضي الله عنهما: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت[60][60] ، وقول أنس رضي الله عنه: وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك فوق أربعين ليلة[61][61] .



السادس - أن يحكم الصحابي
على شيء بأنه معصية؛ كقول أبي هريرة رضي الله عنه فيمن خرج من المسجد بعد الأذان: أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلّى الله عليه وسلّم[62][62] .

وكذا لو حكم الصحابي على شيء بأنه طاعة. إذ لا يكون الشيء معصية أو طاعة إلا بنص من الشارع، ولا يجزم الصحابي بذلك إلا وعنده علم منه.



السابع - قولهم عن الصحابي: رفع الحديث أو رواية؛ كقول سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "الشفاء في ثلاث: شربة عسل، وشرطة محجم، وكيَّة نار، وأنهى أمتي عن الكي"[63][63] ، رفع الحديث، وقول سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه رواية: "الفطرة خمس، أو خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، ونتف الإبط، وتقليم الأظفار، وقص الشارب"[64][64] .

وكذلك لو قالوا عن الصحابي: يأثر الحديث، أو ينميه، أو يبلغ به ونحوه، فإن مثل هذه العبارات لها حكم المرفوع صريحاً، وإن لم تكن صريحة في إضافتها إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم لكنها مشعرة بذلك.
 
ب - والموقوف:

ما أضيف إلى الصحابي، ولم يثبت له حكم الرفع.

مثاله
: قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يهدم الإسلام زلة العالم وجدال المنافق بالكتاب، وحكم الأئمة المضلين.



ج -
والمقطوع
:

ما أضيف إلى التابعي فمن بعده.

مثاله
: قول ابن سيرين: إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم.

وقول مالك: اترك من أعمال السر ما لا يحسن بك أن تعمله في العلانية.



الصحابي:

أ - تعريف الصحابي ب - حال الصحابة ج - آخرهم موتاً وفائدة معرفته د - المكثرون من التحديث:

أ - الصحابي
:

من اجتمع بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، أو رآه مؤمناً به، ومات على ذلك.

فيدخل فيه: من ارتد ثم رجع إلى الإسلام: كالأشعث بن قيس؛ فإنه كان ممن ارتد بعد وفاة النبي صلّى الله عليه وسلّم، فجيء به أسيراً إلى أبي بكر، فتاب وقبل منه أبو بكر رضي الله عنه.

ويخرج منه: من آمن بالنبي صلّى الله عليه وسلّم في حياته، ولم يجتمع به: كالنجاشي، ومن ارتد ومات على ردته: كعبد الله بن خطل قتل يوم الفتح، وربيعة بن أمية بن خلف ارتد في زمن عمر ومات على الردة.

والصحابة عدد كثير، ولا يمكن الجزم بحصرهم على وجه التحديد، لكن قيل على وجه التقريب: أنهم يبلغون مئة وأربعة عشر ألفاً.



ب -
حال الصحابة
:

والصحابة كلهم ثقات ذوو عدل، تقبل رواية الواحد منهم وإن كان مجهولاً، ولذلك قالوا: جهالة الصحابي لا تضر.

والدليل على ما وصفناه من حال الصحابة: أن الله أثنى عليهم ورسوله في عدة نصوص، وأن النبي صلّى الله عليه وسلّم يقبل قول الواحد منهم إذا علم إسلامه، ولا يسأل عن حاله، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء أعرابي إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: إني رأيت الهلال: يعني رمضان فقال: "أتشهد أن لا إله إلا الله؟"، قال: نعم. قال: "أتشهد أن محمداً رسول الله؟"، قال: نعم. قال: "يا بلال أَذِّن في الناس فليصوموا غداً"[65][65] . أخرجه الخمسة وصححه ابن خزيمة وابن حبان.


 
ج - وآخر الصحابة موتاً على الإطلاق:

عامر بن واثلة الليثي مات بمكة سنة 110 من الهجرة، فهو آخر من مات بمكة.

وآخر من مات بالمدينة: محمود بن الربيع الأنصاري الخزرجي مات سنة 99هـ.

وآخر من مات بالشام في دمشق: واثلة بن الأسقع الليثي مات سنة 86هـ.

وفي حمص: عبد الله بن بسر المازني سنة 96هـ.

وآخر من مات بالبصرة: أنس بن مالك الأنصاري الخزرجي مات سن 93هـ.

وآخر من مات بالكوفة: عبد الله بن أبي أوفى الأسلمي مات سنة 87هـ.

وآخر من مات بمصر عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي مات سنة 89هـ.

ولم يبق منهم أحد بعد سنة عشر ومئة؛ لقول ابن عمر رضي الله عنهما: صلى بنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في آخر حياته فلما سلم قام فقال: "أرأيتكم ليلتكم هذه فإن رأس مئة سنة منها، لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد"[66][66] . متفق عليه. وكان ذلك قبل موته بشهر. كما رواه مسلم من حديث جابر.

وفائدة معرفة آخر الصحابة موتاً أمران
:

أحدهما: أن من تأخر موته عن هذه الغاية لم تقبل منه دعوى الصحبة.

الثاني: أن من لم يدرك التمييز قبل هذه الغاية فحديثه عن الصحابة منقطع.



د -
المكثرون من التحديث
:

من الصحابة من أكثروا التحديث فكثر الأخذ عنهم، والذين تجاوز الحديث عنهم الألف هم:

1 - أبو هريرة رضي الله عنه روي عنه (5374)

2 - عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، روي عنه (2630)

3 - أنس بن مالك رضي الله عنه، روي عنه (2286)

4 - عائشة رضي الله عنها، روي عنها (2210)

5 - عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، روي عنه (1660).

6 - جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، روي عنه (1540)

7 - أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، روي عنه (1170)

ولا يلزم من كثرة التحديث عن هؤلاء أن يكونوا أكثر أخذاً من غيرهم عن النبي صلّى الله عليه وسلّم. لأن قلة التحديث عن الصحابي قد يكون سببها: تقدم موته؛ كحمزة رضي الله عنه عم النبي صلّى الله عليه وسلّم، أو انشغاله بما هو أهم؛ كعثمان رضي الله عنه، أو الأمرين جميعاً؛ كأبي بكر رضي الله عنه فقد تقدم موته، وانشغل بأمر الخلافة، أو غير ذلك من الأسباب.





 
المخضرم:

أ - تعريفه ب - حكم حديثه:

أ - المخضرم:

من آمن بالنبي صلّى الله عليه وسلّم في حياته، ولم يجتمع به.

والمخضرمون طبقة مستقلة بين الصحابة والتابعين، وقيل: بل هم من كبار التابعين.

وقد أوصلهم بعض العلماء إلى نحو أربعين شخصاً فمنهم:

الأحنف بن قيس، الأسود بن يزيد، سعد بن إياس، عبد الله بن عكيم، عمرو بن ميمون، أبو مسلم الخولاني، النجاشي ملك الحبشة.

ب - وحديث المخضرم من قبيل مرسل التابعي فهو منقطع، وفي قَبوله ما في قَبول مرسل التابعي من الخلاف.



التابعي:

أ - التابعي: من اجتمع بالصحابي مؤمناً بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، ومات على ذلك.

ب - والتابعون كثيرون لا يمكن حصرهم، و هم ثلاث طبقات: كبرى وصغرى وبينهما.

فالكبرى: من كان أكثر روايتهم عن الصحابة مثل: سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وعلقمة بن قيس.

والصغرى: من كان أكثر روايتهم عن التابعين، ولم يلتقوا إلا بالعدد القليل من الصحابة مثل: إبراهيم النخعي، وأبي الزناد، ويحيى بن سعيد.

والوسطى: من كثرت روايتهم عن الصحابة وعن كبار التابعين مثل: الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، ومجاهد، وعكرمة، وقتادة، والشعبي، والزهري، وعطاء، وعمر بن عبد العزيز، وسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.



الإسناد:

أ - تعريفه ب - أقسامه ج - أصح الأسانيد:

أ - الإسناد - ويقال: السند -: رواة الحديث الذين نقلوه إلينا.

مثاله : قول البخاري: حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: "لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال"[67][67] .

فالإسناد: عبد الله بن يوسف، ومالك، وابن شهاب، وأنس بن مالك.
 
الوسوم
الحديث تعريف كتاب مصطلح نبوية وصايا
عودة
أعلى